جريدةالقدس22/05/2008
علي أصدقاء واشنطن أن يلحظوا إن حليفهم لم يعد قادراً علي تلبية متطلباتهم، وهذه الفكرة ليست بجديدة فالإمبراطورية الأمريكية بدأ ت التقهقرعمليا ًمنذ هزيمتها في فيتنام، أي قبل انهيار الإتحاد السوفييتي السابق بعقود، ومنذ ذلك التاريخ يمكن رصد مسلسل التراجع الامريكي لجهة التخبط في الأداء والتقلص في النفوذ رغم الصورة المبهرة للقوة العسكرية التي تسود وتسيطر.
لقد ثبت بعد حقبة السبعينات من القرن الماضي إن الامريكيين فقدوا السيطرة في مناطق كانت تسمي مناطق نفوذ لهم وإن كانوا من حيث الشكل يسيطرون عليها بحكم الإحتلال المسلح، ونجحوا في تنصيب قيادات وحكومات حليفة فيها لكنهم لم ينجحوا في السيطرة علي الأرض فأضحي عملاؤهم أشبه بتماثيل شمعية في متحف السياسية العالمي، ليس هذا وحسب بل إن التجارب أيضا أكدت عبر عقود طويلة تخلّي الإدارة الامريكية عن حلفائها وقت الشدة، كما فعلت مع قادة كمبوديا وفيتنام الجنوبية في الهند الصينية ومع شاه إيران ومع عبد الحليم خدام وقبله رفعت الأسد وغيرهم، كلهم تخلت عنهم دون أن يرِّف لها جفن للمصير الذي آلوا إليه، لقد معستهم كما يمعس الكاوبوي الامريكي عقب سيجارته بكعب حذائه. أما أصدقاء أمريكا الحاليون فإن حالهم يدعو إلي الشفقة، فماذا يفعل كرازاي لأمريكا في أفغانستان أمام سيطرة طالبان؟ وماذا يفعل برويز مشرف في باكستان والمعارضة تحكم البلاد وتسيطر علي البرلمان؟ وماذا بيد أبو مازن أن يفعله فيما حماس تسيطر علي غزة وتستحوذ علي قلوب أهل الضفة؟ وماذا يفعل السنيورة في لبنان والمعارضة تملك كل أوراق اللعبة و تفرض شروطها كما تريد؟ ثم ماذا يفعل كثيرون من أصدقاء أمريكا بعد أن أصبحوا مجرد أدوات هلامية فلا هم يحكمون شعوبهم ولا هم يحظون باحترامهم.
امريكا في أواخر عهد الجمهوريين تكابر والرئيس بوش يسعي إلي استنهاض سمعته وهو لا يجد رافعة لها إلا في الوسط العربي للأسف رغم المآسي التي حملتها سنوات حكمه طيلة فترتين رئاسيتين، كان خلالهما عنوانا ًللكراهية التي يكنها للعرب والمسلمين وشَّن عليهم تحت رايتها حروبا ًدامية تارة بداعي محاربة الإرهاب ومرة تحت شعار نشر الديمقراطية والفوضي الخلاقة.
إن عهد بوش المشؤوم يمضي والإمبراطورية الامريكية نحو مزيد من التدهور، وهي لم تعد دولة عظمي إلا بنظر بعض العرب المهزومين للأسف الذين يمنحونها الاعتبار الذي لا تستحقه ويقدسون الرئيس جورج بوش رمز المرحلة الأكثر ظلاما ً في تاريخ تلك الإدارة.
الواقع إن ذهاب بوش والجمهوريين ومعهم المحافظون الجدد فرصة ذهبية لتصحيح العلاقات العربية ـ الامريكية، رغم يقيننا إنه لا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين فسجل كل منهما أسود مصبوغ بلون دماء آلاف الضحايا العرب والمسلمين الذين سقطوا بالسلاح الامريكي وإن كان بأيدي غير أمريكية لكنها تقتل بالوكالة، غير إن العالم قد يتغير بتقليم أظافر اللوبي الصهيوني الذي يدعم تلك الإدارة، بيد إن هذا لا يتم بزيادة إنتاج النفط لإنقاذ الاقتصاد الامريكي، إنما بتقليص حجم الإنتاج، ولا يتم بتجريد المقاومة اللبنانية من سلاحها بل بدعمها، وليس بحصارغزة وخنق أهلها ومقاومتها بل بفتح المعابر والسماح بحرية العبور دون شروط، وليس بالتطبيع مع إسرائيل بل بقطع العلاقات معها والعمل علي تنشيط مكتب مقاطعة إسرائيل.
من الواضح إن كل التنازلات العربية التي قدمت للإسرائيلي والامريكي ثبت عدم جدواها، وبينما تزداد إسرائيل ضعفا ًوتقهقراً في فلسطين ولبنان تزيدها بعض الأنظمة قوة بحجج وذرائع عدة، وكلما تراجعت القوة الامريكية وجدت من يعيد إليها الاعتبار بين العرب والمسلمين.
لم يعد من المقبول السكوت علي الإهانات والازدراء الذي تقابل به الإدارة الامريكية النظام العربي بأكمله دون أن يكون لهذا النظام وقفة احتجاجية ولو محدودة، وإلا بماذا نصف استقبال الرئيس بوش في أكبر عاصمتين عربيتين ومباشرة بعد أن فرغ لتوِّه من مشاركة الدولة العبرية بالذكري الستين لاغتصاب فلسطين؟
إن الحل الأمثل لمواجهة الصلف الامريكي هو بخلق توازن سياسي في المنطقة والتأكيد علي تصويب البوصلة نحو العدوالحقيقي للأمة وهو إسرائيل بالطبع حليف امريكا الرئيسي في المنطقة لا أن نفتش عن أعداء وهميين، وأن نخترعهم إن لم نجدهم لمجرد إن الامريكي أشار إليهم بالبنان
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2008-05-22, 02:19
هزائم متتالية لحلفاء واشنطن
العرض العادي
