تعامل أهل السنة مع أحاديث الشفاعة بخلاف تعامل المرجئة الضالة
مسألة في بيان تعامل أهل السنة مع حديث الشفاعة يعرفه صبيان المكتب في بلاد التوحيد بحمد الله لأنهم تربوا على عقيدة أهل السنة فهم راسخون ثابتون عليها بحمد الله لم تنتكس فطرهم ولم تدخل الشبهات إلى عقولهم وقلوبهم نسأل الله السلامة .
قلت : واستسلام أهل السنة لحديث الشفاعة يختلف عن استسلام أهل الإرجاء والجهمية لها فأهل السنة يقولون بأحاديث الشفاعة ولكن طريقتهم في ذلك هي جمع النصوص بعضها إلى بعض في مكان واحد على سبيل الاستقراء ويرجعون في هذا كله للعلماء المتقدمين الذين جمعوا النصوص لأنهم حفاظ وليسوا باحثين يدرسون العقيدة من جديد فما ظهر أخذوا به ولو كان دين المرجئة والجهمية عياذا بالله ووالله وبالله لأن يكون الإنسان على عقيدة عجائز نيسابور -كما كان يقال سابقا -أو على عقيدة العجائز في بلادنا فهو أفضل له مما عليه كثيرون اليوم ممن يدعون الدراسات الجديدة المحدثة التي لم تعرفها بلادنا هذه ولكن وفدت علينا من خارجها كما قاله شيخنا بقية السلف الفوزان حفظه الله شوكة في حلوق أهل البدع وأخيرا فإنا نسأل الله السلامة والعافية ونعوذ بالله من الحور بعد الكور واللهم غفرا اللهم غفرا .
على كل حال فقد جاءت ألفاظ تبين لنا أن أحاديث الشفاعة ليست لمن ترك العمل بالكلية بل لابد من عمل ولكن ليس على الكمال والتمام كما حكاه علماء الإسلام لاالمرجئة اللئام وسأذكر لفظين مهمين يدلان على ماقلت :
اللفظ الأول :
1-يقولون: ربَّنا إخواننا، كانوا يصلُّون معنا ويصومون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمانٍ، فأخرجوه ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم...
قلت : فيفهم منه أنهم كانوا يصلون إذا كان يوجد عن هؤلاء عمل .
لفظ آخر :
2-"فيعرفونهم في النَّار، يعرفونهم بأثر السُّجود؛ تأكل النَّار من ابن آدم إلا أثر السَّجُود، حرَّم الله على النَّار أن تأكل أثر السُّجود، فيخرجون من النَّار وقد امتحشوا، فيصبُّ عليهم ماء الحياة، فينبتون منه كما تنبت الحبَّة في حميل السَّيل، ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد .."
قلت أبو عاصم : وهنا أيضا لفظ يؤكد أنهم عملوا لكن كما قال ابن خزيمة لم يكن على سبيل الكمال والتمام فافهم هذا وعض عليه بالنواجذ .
وكذلك من طريقة أهل السنة أنهم يجمعون إلى أحاديث الشفاعة بطرقها ماجاء في أكفار تارك الصلاة متهاونا وعندها يخرجون بفهم سليم لها والحمد لله .
والخلاصة : أن أهل السنة حقا وصدقا يتعاملون مع أحاديث الشفاعة كما تعامل معها ابن خزيمة -رحمه الله- وابن عبد البر ومحمد بن نصر وغيرهم فيما سأقوم بتلخيصه هنا بمشيئة الله فأقول وبالله التوفيق :
قال ابن خزيمة -رحمه الله - : "حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً وَأَنَا أَقُولُ أُخْرَى قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ» ، قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ: وَهُوَ لَا يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الْجَنَّةَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ كُنْتُ أَمْلَيْتُ أَكْثَرَ هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَبَيَّنْتُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَأَنَّ مَعْنَاهَا لَيْسَ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الْمُرْجِئَةُ وَبِيَقِينٍ يَعْلَمُ كُلُّ عَالِمٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَوْ زَادَ مَعَ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شَهَادَةَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، غَيْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا آمَنَ بِشَيْءٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ، وَلَا بَعْثٍ وَلَا حِسَابٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لَا يُعَذَّبُ بِالنَّارِ، وَلَئِنْ جَازَ لِلْمُرْجِئَةِ الِاحْتِجَاجُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ ظَاهِرُهَا خِلَافُ أَصْلِهِمْ، وَخِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ وَخِلَافُ سُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَازَ لِلْجَهْمِيَّةِ الِاحْتِجَاجُ بِأَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا، اسْتَحَقَّ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا نَبِيُّهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِذَلِكَ لِسَانُهُ، وَلَا يَزَالُ يَسْمَعُ أَهْلَ الْجَهْلِ وَالْعِنَادِ، وَيَحْتَجُّونَ بِأَخْبَارٍ مُخْتَصَرَةٍ، غَيْرِ مُتَقَصَّاةٍ، وَبِأَخْبَارٍ مُجْمَلَةٍ غَيْرِ مُفَسَّرَةٍ، لَا يَفْهَمُونَ أُصُولَ الْعِلْمِ، يَسْتَدِلُّونَ بِالْمُتَقَصَّى مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى مُخْتَصَرِهَا، وَبِالْمُفَسَّرِ مِنْهَا عَلَى مُجْمَلِهَا، قَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظَةٍ لَوْ حَمَلَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا حَمَلَتِ الْمُرْجِئَةُ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَى ظَاهِرِهَا لَكَانَ الْعَالِمُ بِقَلْبِهِ: أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَحِقًّا لِلْجَنَّةَ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ بِلِسَانِهِ، وَلَا أُقِرُّ بِشَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِقْرَارِ بِهِ، وَلَا آمَنَ بِقَلْبِهِ بِشَيْءٍ أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَلَا عَمِلَ بِجَوَارِحِهِ شَيْئًا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَلَا انْزَجَرَ عَنْ شَيْءٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ، وَاسْتِحْلَالِ حَرَمِهِمْ فَاسْمَعِ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ، كَمَا حَمَلَتِ الْمُرْجِئَةُ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى ظَاهِرِهَا..."
وقال -أيضا- : "لَئِنْ جَازَ لِلْجَهْمِيِّ الِاحْتِجَاجُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ، أَنَّ الْمَرْءَ يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ، بِتَصْدِيقِ الْقَلْبِ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَبِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ قَائِمَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَيَتْرُكُ الِاسْتِدْلَالَ بِمَا سَنُبَيِّنُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ، لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَحْتَجَّ جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ دَيْنَ اللَّهِ، وَلَا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ، بِخَبَرِ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «مَنْ عَلِمَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ، دَخَلَ الْجَنَّةَ» فَيَدَّعِي أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ هُوَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ، وَلَا صَدَّقَ بِقَلْبِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالتَّصْدِيقِ بِهِ، وَلَا أَطَاعَ فِي شَيْءٍ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَلَا انْزَجَرَ عَنْ شَيْءٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ دَخَلَ الْجَنَّةَ، كَمَا أَخْبَرَ أَنَّ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ..."
وقال -أيضا- : وقد أورد هذا الحديث تحت باب : " ذكر الدليل أن جميع الأخبار التي تقدم ذكري لها إلى هذا الموضع في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في إخراج أهل التوحيد من النار إنما هي ألفاظ عامة مرادها خاص " : هذه اللفظة " : ( لم يعملوا خيرا قط ) من الجنس الذي يقول العرب ، ينفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام ، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل : لم يعملوا خيرا قط على التمام والكمال ، لا على ما أوجب عليه وأمر به ، وقد بينت هذا المعنى في مواضع من كتبي " انتهى. التوحيد : (2/732)
وقال ابن عبد البر -رحمه الله - مجيبا عن حديث الشفاعة في كتابه الاستذكار (3/95) : "هذا شائع في لسان العرب أن يؤتى بلفظ الكل والمراد البعض ، وقد يقول العرب: لم يفعل كذا قط ؛ يريد الأكثر من فعله".
وقال المروزي-رحمه الله - : " قال أبو عبد اللـه: أفلا ترى أن تارك الصلاة ليس من أهل ملة الإسلام الذين يرجى لـهم الخروج من النار ودخول الجنة بشفاعة الشافعين كما قال صلى اللـه عليه وسلم في حديث الشفاعة الذي رواه أبو هريرة وأبو سعيد جميعا رضي اللـه عنهما أنهم يخرجون من النار يعرفون بآثار السجود فقد بين لك أن المستحقين للخروج من النار بالشفاعة هم المصلون.
أو لا ترى أن اللـه تعالى ميز بين أهل الإيمان وأهل النفاق بالسجود فقال تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} وقد ذكرنا الأخبار المروية في تفسير الآية في صدر كتابنا، فقال اللـه تعالى: {وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ} ، {وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ} . أفلا تراه جعل علامة ما بين ملة الكفر والإسلام وبين أهل النفاق والإيمان في الدنيا والآخرة الصلاة. " تعظيم قدر الصلاة : ( 2/1010 )".
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: وأما ما جاء في الحديث –حديث أبي سعيد - أن قوماً يدخلون الجنة لَم يعملواخيراً قط فليس هو عامَّاً لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه, إنما هو خاص بأولئك لعذرمنعهم من العلم أو لغير ذلك من المعاني التي تلائم النصوص المحكمة وما أجمع عليهالسلف الصالح في هذا الباب. انتهى رقم الفتوى (21436) وتاريخ (8/1/1421هـ) رئاسة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمدآل الشيخ وعضويه كل من الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان والشيخ / بكر بن عبدالله أبوزيد .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : معنى قوله: "لم يعملوا خيراً قط" أنهم ما عملوا أعمالاً صالحة، لكن الإيمان قد وقر في قلوبهم، فإما أن يكون هؤلاء قد ماتوا قبل التمكن من العمل آمنوا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل وحينئذ يصدق عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط.وإما أن يكون هذا الحديث مقيداً بمثل الأحاديث الدالة على أن بعض الأعمال الصالحة تركها كفر كالصلاة مثلاً، فإن من لم يصلِّ فهو كافر ولو زعم أنه مؤمن بالله ورسوله، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين يوم القيامة وهو خالد مخلد في النار أبد الآبدين والعياذ بالله، فالمهم أن هذا الحديث إما أن يكون في قوم آمنوا ولم يتمكنوا من العمل فماتوا فور إيمانهم فما عملوا خيراً قط.وإما أن يكون هذا عاماً ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لا بد أن يعمل كالصلاة فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة ولا يخرج من النار.المصدر : مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني - باب اليوم الآخر .
وقال الشيخ الفوزان إجابة عن هذا الحديث وغيره : هذا من الاستدلال بالمتشابه ، هذه طريقة أهل الزيغ الذين قال الله سبحانه وتعالىعنهم : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَمِنْهُ ) ، فيأخذون الأدلة المتشابهة ويتركون الأدلة المحكمة التي تفسرها وتبينها .. فلا بد من رد المتشابهة إلى المحكم، فيقال من ترك العمل لعذر شرعي ولم يتمكن منه حتى مات فهذا معذور ، وعليه تحمل هذه الأحاديث .. لأن هذا رجل نطق بالشهادتين معتقداً لهما مخلصاً لله عز وجل ، ثم مات في الحال أو لم يتمكن من العمل ، لكنه نطق بالشهادتين مع الإخلاص لله والتوحيد كما قال صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله فقد حرم دمه وماله ) .. وقال : ( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ، هذا لم يتمكن من العمل مع أنه نطق بالشهادتين واعتقد معناهما وأخلص لله عز وجل، لكنه لم يبق أمامه فرصةللعمل حتى مات فهذا هو الذي يدخل الجنة بالشهادتين ، وعليه يحمل حديث البطاقة وغيرهمما جاء بمعناه ، والذين يُخرجون من النار وهم لم يعملوا خيراً قط لأنهم لم يتمكنوامن العمل مع أنهم نطقوا بالشهادتين ودخلوا في الإسلام، هذا هو الجمع بين الأحاديث. (مصدر الفتوى: مسائل في الإيمان - ص 28، 29 [ رقم الفتوى في مصدرها: 12]
وسئل الشيخ عبد المحسن العباد : هل يخرج من النار من ترك العمل بالكلية مع قدرته على العمل، فهل تنطبق عليه أحاديث الشفاعة؟فأجاب حفظه الله بقوله : لا؛ الإنسان الذي يدخل في الإسلام ويقول أنا مسلم ثم لا يصلي لله ركعة ولا يتقرب إلى الله بطاعة فهذا لا يفيده إلا إذا كان حصل منه ومات في الحال ولم يتمكن من العمل، أما إنسان يقول أنه مسلم ثم لا يصلي لله ركعة ولا تمس جبهته الأرض ولا يحصل منه عمل صالح فهذا كيف يقال أنه من أهل التوحيد وأهل الإيمان؟!!! لأن الصلاة نفسها من تركها فقد كفر ، ثم أيضاً الذي يحصل له السلامة هو الذي لم يتمكن من العمل ، أما إنسان عاش ولا يصلي ولا يحصل منه أي عمل صالح فهذا ليس له إلا النار.[بتاريخ: 12/11/1434هـ] . منقول من موقع الآفاق السلفية
ذكر بعض من خالف أهل السنة في فهمهم لنصوص أحاديث الشفاعة وهم الأشاعرة المرجئة الضالة وأكتفي هنا بذكر مثالين فقط :
1-"..أخذ الغزالي في إحياء علوم الدين من هذا الحديث أن العمل ليس ركناً في الإيمان , إذ الركن لا يحتمل السقوط إلا بانتفاء الحقيقة , وقد أخرج الله تعالى من النار قوماً جاءوا بالتصديق المجرد ..." وتابعه الزبيدي كما في شرحه الإحياء ، انظر بحث : "دراسة حديث الجهنميين " للسلمي
2- قال ابن حزم في ((المحلى)) (1 / 62، طبعة دار الكتب العلمية): ( و من ضيع الأعمال كلها فهو مؤمن عاص ناقص الإيمان لا يكفر).
-وقال في الفصل 4 / 90، طبعة عكاظ: ( و قد بين عليه السلام ذلك بأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال حبة شعير من خير ثم من في قلبه مثقال برة من خير، ثم من في قلبه مثقال حبة من خردل، ثم من في قلبه مثقال ذرة إلى أدنى أدنى أدنى من ذلك، ثم من لا يعمل خيراً قط إلا شهادة الإسلام، فوجب الوقوف عند النصوص كلها المفسرة للنص المجمل)
- وقال في كتاب الدّرّة بعد أن ناقش المرجئة في عدم اشتراط النّطق في الإيمان : ( وإنّما لم يكفر من ترك العمل وكفر من ترك القول ، لأنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم حكم بالكفر على من أبى من القول ، وإن كان عالماً بصحّة الإيمان بقلبه ، وحكم بالخروج من النّار لمن علم بقلبه وقال بلسانه وإن لم يعمل خيراً قط ) الدّرّة ص337ـ338 الطّبعة الأولى ، تحقيق أحمد بن ناصر الحمد ورفيقه . انظر بحث حول حديث الشفاعة تضمن الباب السابع وهو بعنوان :" توضيح ما اعتمدوا عليه من كلام ابن حزم..."
قلت : مرجع ابن حزم فيما سبق هو حديث الشفاعة وقد فهمه فهما خاطئا .
اكتفي بهذا والله أعلم وأحكم وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم .
الشيخ أبو عاصم حفظه الله