في فلسطين قادة وأشباه قادة

[المعزلدين الله]

في فلسطين قادة وأشباه قادة
فريح أبو مدين

23/12/2009

اتيح لي أن احضر مناسبة تكريم السيدة كارين أبو زيد لانتهاء خدماتها كمفوض عام لـ'وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين'، وتوافق التكريم مع مرور ستين عاما على انشاء وكالة الغوث ونظم المناسبة الاخ علي جوهر رئيس الجالية الفلسطينية بمصر مشكورا.
يا ويلاه اكثر من ستين عاما من اقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره وتاريخه ليصبح لاجئا أينما حل وأينما ارتحل. لقد كان لـ'وكالة الغوث' الدور الكبير في الصمود الفلسطيني، والذي كان بدايته التعلم والتعليم، وبذلك خلقت معجزة البقاء والتجديد بهذا العامل قبل البندقية والتنظيم والفصيل.
لقد عادت بي الذاكرة الى معسكرات النصيرات والبريج والمغازي بالقطاع، حيث كنا نقطن بجوارها ونتعلم في خيام مدارسها التي لا تقي بردا ولا حرا وكيف كانت الامهات يبتدعن وسائل تدفئة لابنائهن، وذلك بوضع اوراق اكياس الاسمنت او اوراق الجرائد لمن يتيسر له جريدة آن ذاك تحت قمصان أبنائهن الرثة، لعل ذلك يجلب بعض الدفء وقد كان القاسم المشترك للتلاميذ عدم انتعال الاحذية لانعدامها حتى ظهر الشبشب (الزنوبة) كحذاء موحد للجميع. لقد كان ذلك الجيل جيل التحدي، حيث ان قلم الرصاص كان يستعمل حتى يصبح طوله سنتيمترا واحدا فقط، وكانت دفاتر الكتابة تمحى حتى تستعمل مرة ثانية، وكانت أرض الإسفلت وقضبان السكة الحديد هي السبورة التي يكتب عليها.
لقد كان والدي رحمه الله يعمل كمدير في وكالة الغوث منذ نشأتها وكنت أشاهده أحيانا وقد طار صوابه حينما تهب الرياح مقتلعة الخيام من فوق رؤوس النساء والأطفال وماذا يعني ذلك له كمسؤول عن المعسكرات الوسطى بالقطاع، وكيف كان يحمل الأوتاد والحبال يجري مع العمال لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
ولا أزال أذكر قطار الرحمة الذي سيرته مصر يحمل معونات من مصر وشعبها الى لاجئي القطاع كما لا زلت أذكر وفود الزوار يتوافدون من شتى بقاع الأرض لمشاهدة المأساة مجسمة على الارض وبعد الزيارة كانت تطل من عيونهم نظرات الشفقة والحزن ليس إلا.
حتى انبعثت الحركة الوطنية والفدائية بشقيها الفلسطيني والناصري، يا الله ماذا جرى خلال الستين عاما؟ أي مشهد سيريالي او شيطاني يطل علينا بعد هذا العمر؟ كم فنيت أجيال؟ وكم سقط شهداء؟ وكم من الاسرى دفعوا ولا يزالون ثمنا من اجل فلسطين.
هل ما نراه الآن على أرض فلسطين يبشر بالخير؟ بالقطع ولا أكاد أجزم بأن القضية قد رحلت الى أحفاد أبنائنا. فاسرائيل تريدها من البحر الى النهر، وقادتنا يريدونها تحت سقف هزيمة 1967، بين مفاوضة وتهدئة وهدنة.
وهنا أعود للسيدة كارين ابو زيد الامريكية التي ارتقت بكلمتها ومقالتها على لغة قادتنا، سيبقى الشعب الفلسطيني يذكر هذه السيدة ومن معها ومن سبقها وأخص بالذكر بيتر هانسن الاسكندنافي المستقيم الشجاع والسيد جون جينغ بطل حرب غزة الايرلندي المقدام وكلاوس وورم الالماني وليونل بريسون الفرنسي وغيرهم.
لقد فعلوا ما استطاعوا اليه سبيلا مع تعدد جنسياتهم الغربية التي تعني ان العالم بدأ يستفيق من وهم اسرائيل، وان هناك احتلالا شيطانيا ابشع من كل الاحتلالات في التاريخ. أقول لهم لقد كنتم نموذج للقادة والشجاعة في الذود عن شعبنا وفي نفس الوقت اشعر بالحزن والغيرة. ان قادتنا لم يرتقوا لقامتكم وشجاعتكم في القول والفعل وبئسا لمن لا يتبع سبيلكم.
ولا نامت أعين الجبناء.

' وزير العدل الفلسطيني (سابقا)

[mahdidou]

بارك الله فيك