مفكرة الإسلام:
7 - 06- 2010
أسقطت الولايات المتحدة، معارضتها عودة "طالبان" إلى الحكم بأفغانستان بعد نحو تسع سنوات من الإطاحة بها، وأبدت استعدادًا للقبول بعودتها مجددًا إلى السلطة، بعدما اعترفت بصعوبة حسم المعركة لصالحها، في وقت تسجل فيه الخسائر في صفوف قوات الاحتلال ارتفاعًا متزايدًا، تحت وطأة هجمات المقاومة التي تقودها الحركة، وفي طريقها هذا العام إلى تحقيق رقم قياسي.
يأتي هذا في إطار التحركات الرامية إلى استكشاف إمكانية التوصل لتسوية من خلال المفاوضات للصراع منذ أن أعلن الرئيس باراك أوباما أن واشنطن ستبدأ في سحب قواتها ابتداء من يوليو 2011.
إلا أنه لا توجد أي مؤشرات على قبول "طالبان" للعرض في ظل بقاء الاحتلال الأمريكي للبلاد، بعد أن وصفت مؤتمر جيرجا بأنه عرض زائف أوعزت إليه الولايات المتحدة لإطالة أمد وجودها في البلاد.
حل نهائي
وقال ريتشارد هولبروك الدبلوماسي الأمريكي المسئول عن شئون أفغانستان وباكستان إن واشنطن تقبل بحركة طالبان "بعد إصلاحها" في الحكومة، كحل سياسي نهائي لأفغانستان، وإذا تم احترام خطوط حمراء معينة، دون أن يفصح عن طبيعة تلك الخطوط التي لا ينبغي تجاوزها وما إذا كانت تتعلق بأسلوب الحكم أو بإنهاء التحالف مع تنظيم "القاعدة".
وكان المؤتمر التقليدي لزعماء القبائل في أفغانستان (جيرجا) أصدر في ختام انعقاده الجمعة إعلانًا يدعو الحكومة الأفغانية و"طالبان" إلى إطلاق محادثات سلام بينهما، وطالب المشاركون الحكومة بتشكيل لجنة عليا للسلام يجب أن تضم ممثلين عن كل الأقاليم والمناطق للعمل بشأن عملية السلام.
واعتبر هولبروك أن المؤتمر الذي منح الرئيس الأفغاني حامد كرزاي تفويضًا للتفاوض مع المسلحين كان خطوة مهمة في الجهود الرامية إلى التواصل مع "طالبان"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تدعم هذه الجهود.
ترحيب أمريكي
وأبدى ترحيبًا ضمنيًا بالتفاوض مع كبار القادة مثل الزعيم الأعلى الملا محمد عمر الذي تدرجه الولايات المتحدة على قائمة أهم المطلوبين لديها، وترصد مكافأة مالية ضخمة لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليه.
واعترف هولبروك بصعوبة تحقيق انتصار عسكري حاسم في البلد الذي تمرس على مقاومة الاحتلال الأجنبي وخاض لسنوات طويلة صراعات داخلية، وقال في تصريح لوكالة "رويترز" الأحد، "دعوني أكون واضحًا في أمر واحد هو أن الجميع يفهمون أن هذه الحرب لن تنتهي بانتصار عسكري قاطع. لن تنتهي على سطح سفينة حربية مثل الحرب العالمية الثانية أو في دايتون بولاية أوهايو مثل حرب البوسنة".
وأعرب عن اعتقاده بأن الحرب على أفغانستان التي بدأت في أواخر 2001 "ستكون لها نهاية مختلفة فالتوصل إلى شكل ما من التسويات السياسية أمر ضروري.. لا يمكن التوصل إلى تسوية مع القاعدة ولا يمكنك التحدث معهم ولا يمكنك التفاوض معهم، أنه أمر غير وارد. ولكن من الممكن التحدث مع زعماء طالبان".
إلقاء السلاح
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي البارز الذي يزور مدريد لحضور مؤتمر دولي لبحث السبل غير العسكرية للمساعدة في إنهاء الحرب في أفغانستان أنه "إذا تبرأ عضو في طالبان من القاعدة وألقى سلاحه وعمل في إطار النظام السياسي للانضمام إلى الحكومة فلن يكون هناك خطأ في ذلك".
وأوضح أن الاجتماع المقرر يوم الاثنين لممثلين لأفغانستان وباكستان والذي سيواصل المناقشات التي بدأت في مؤتمر "اللويا جيرجا" أكبر تجمع من نوعه يضم مسئولين من أكثر من 30 دولة ومنظمة.
واعتبر أن المستوى المرتفع للمشاركة ولاسيما من العالم الإسلامي في الاجتماعات الدورية للمجموعة يتناقض بشكل كبير مع الوضع المضطرب جدًا الذي ورثته إدارة الرئيس باراك أوباما.
وتابع: "أود أن أقول: في رأي الشخصي إن الكلمة التي ألقاها الرئيس أوباما في القاهرة (في 4 يونيو من العام الماضي) كانت انفراجًا حقيقيًا، ومنذ ذلك أصبح من المثمر بشكل أكبر التواصل مع أصدقائنا في العالم الإسلامي".