التوبة النصوح - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التوبة النصوح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-06-28, 09:06   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yasserhani
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي التوبة النصوح

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].


قال الإمام الطبري في تفسيره:

يقول - تعالى ذكره -: يا أيها الذين صدقوا الله ﴿ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ﴾ يقول: ارجعوا من ذنوبكم إلى طاعة الله، وإلى ما يرضيه عنكم، (تَوْبَةً نَصُوحًا) يقول: رجوعًا لا تعودون فيها أبدًا؛ انتهى.


وعند أهل اللغة في مادة: نصح:

نَصَحْتُكَ نُصْحًا ونَصاحَةً، والاسم: النَّصيحة، والنصيح: الناصِح، وقومٌ نُصَحاءُ، ورجلٌ ناصِحُ الجيب؛ أي: تقيُّ القلب. قال الأصمعيُّ: الناصِحُ: الخالص من العسل وغيره، مثل الناصع. وكلُّ شيء خَلَصَ فقد نَصَح، وانْتَصَحَ فلانٌ؛ أي: قَبِلَ النصيحة.


وقيل: النُّصْحُ والنَّصِيحةُ والمُنَاصَحةُ: إِرادةُ الخَيْرِ للغَيرِ وإِرْشَادُه له، وهي كلمةٌ جامعةٌ لإِرادةِ الخَيْر.


وفي النهاية: النَّصِيحَة كلمةٌ يُعبَّر بها عن جُملةٍ هي إِرادة الخيرِ للمَنصوح له، وليس يُمْكن أَن يُعبَّر عن هذا المعنَى بكلمةٍ واحدة تَجمَع مَعناه غيرها، وقال الخَطَّابيُّ: النَّصِيحَةُ: كلمةٌ جامعةٌ، معنَاهَا: حِيازةُ الحَظِّ للمَنصوح له.


والتوبة النصوح:

هي التوبة الصادقة التي عقدها العبد لله - جل وعلا - على باطنه وظاهره، جازمةً على أفعاله وأحاسيسه، نابعةً من قلبه، صادرةً من أعماقه، تمحو ما قبلها من السيئات، وتلملم ما تناثر من شعث التائب، وتجمع عليه ما ضاع منه في سالف عهده، وتكفه عما كان يرتكبه من الخطايا، وتزجره عن العودة لفعل مثلها.


والتوبة النصوح هي الندم بالقلب على ما فرط فيما فات، والاستغفار باللسان، والإقلاع عن الذنب، والاطمئنان إلى عدم العودة لمثله.


وقد أمرنا الله - سبحانه وتعالى - بالتوبة النصوح، ووعدنا عليها بتكفير السيئات ومحو الذنوب والتجاوز عنها، وثوابها غفران الذنوب والفوز بدخول الجنة.


قال ابن رجب الحنبلي:

قول الجمهور أنَّ الكبائر لا تُكَفَّر بدون التوبة؛ لأن التوبة فرض على العباد، وقد قال - عز وجل -: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].


وقد فسَّرَتِ الصحابة كعُمَر وعلي وابن مسعود التوبةَ بالندم، ومنهم من فسرها بالعزم على ألا يعود، وقد روي ذلك مرفوعًا من وجه فيه ضعف، لكن لا يُعلَم مخالفٌ من الصحابة في هذا، وكذلك التابعون ومَن بعدهم؛ كعمر بن عبدالعزيز، والحسن وغيرهما، وأما النصوص الكثيرة المتضمنة مغفرة الذنوب وتكفير السيئات للمتقين، كقوله تعالى: ﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ [الأنفال: 29]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [التغابن: 9]، وقوله: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]، فإنه لم يبين في هذه الآيات خصال التقوى ولا العمل الصالح، ومن جملة ذلك التوبة النصوح، فمن لم يتب فهو ظالم غير متَّقٍ، وقد بيَّن في سورة آل عمران خصالَ التقوى التي يَغفر لأهلها ويُدخلهم الجنة، فذكر منها الاستغفار وعدم الإصرار، فلم يَضْمَن تكفير السيئات ومغفرة الذنوب إلا لمن كانت هذه الصفة له، والله أعلم.


ومما يُستدلُّ به على أن الكبائر لا تُكَفَّر بدون التوبة منها، أو العقوبة عليها، حديث عُبادة بن الصامت، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، وقرأ عليهم الآية، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئًا فسترَه الله عليه، فهو إلى الله؛ إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له))؛ خرجاه في الصحيحين، وفي رواية لمسلم: ((من أتى منكم حدًّا فأقيم عليه، فهو كفارته))، فهذا يدل على أن الحدود كفَّارات، قال الشافعي: لم أسمع في هذا الباب أن الحد يكون كفارة لأهله شيئًا أحسن من حديث عبادة بن الصامت، وقوله: ((فعوقب)) يعم العقوبات الشرعية وهي الحدود المقدَّرة أو غير المقدرة كالتعزيرات، ويشمل العقوبات القدرية؛ كالمصائب والأسقام والآلام؛ فإنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا يصيب المسلمَ نصَبٌ ولا وَصَبٌ ولا هَمٌّ ولا حَزَنٌ حتى الشوكةُ يشاكُها، إلا كفَّر الله بها خطاياه))، وروي عن علي أن الحد كفارة لمن أقيم عليه، وذكر ابن جرير الطبري في هذه المسألة اختلافًا بين الناس، ورجَّح أن إقامة الحد بمجرده كفارة، ووهَّن القول بخلاف ذلك جدًّا، قلت: وقد روي عن سعيد بن المسيب، وصفوان بن سليم أن إقامة الحد ليس بكفارة، ولا بد معه من التوبة، ورجحه طائفة من المتأخرين، منهم البغوي وأبو عبدالله بن تيمية في تفسيريهما، وهو قول ابن حزم الظاهري، والأول قول مجاهد وزيد بن أسلم والثوري وأحمد، وأما حديث أبي هريرة المرفوع: ((لا أدري الحدود طهارة لأهلها أم لا؟))، فقد خرَّجه الحاكم وغيره، وأعلَّه البخاري وقال: لا يثبُتُ، وإنما هو من مراسيل الزهري، وهي ضعيفة، وغلط عبدالرازق فَوَصَلَهُ، قال: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحدود كفارات، ومما يَسْتَدِلُّ به من قال: الحد ليس بكفارة، قولُه تعالى في المحاربين: ﴿ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ﴾ [المائدة: 33، 34]، وظاهره أنه يجتمع لهم عقوبة الدنيا والآخرة، ويجاب عنه بأنه ذَكَر عقوبتهم في الدنيا وعقوبتهم في الآخرة، ولا يلزم اجتماعهما، وأما استثناء من تاب، فإنما استثناه من عقوبة الدنيا خاصة، فإن عقوبة الآخرة تسقط بالتوبة قبل القدرة وبعدها، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن أصاب شيئًا من ذلك فسترَه الله عليه، فهو إلى الله؛ إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له)) صريح في أن هذه الكبائر من لقي الله بها كانت تحت مشيئته، وهذا يدل على أن إقامة الفرائض لا تُكَفِّرها ولا تمحوها، فإن عموم المسلمين يحافظون على الفرائض، لا سيما مَن بايعهم النبي صلى الله عليه وسلم، وخرج من ذلك من لقي الله وقد تاب عنها، بالنصوص الدالة من الكتاب والسُّنة على أن من تاب إلى الله تاب الله عليه وغفر له، فبقي من لم يتب داخلاً تحت المشيئة، وأيضًا يدل على أن الكبائر لا تُكفِّرها الأعمالُ أن الله لم يجعل للكبائر في الدنيا كفارةً واجبة، وإنما جعل الكفارة للصغائر؛ انتهى.


وقال أيضًا: خرَّج مسلم في صحيحه من حديث معرور بن سُوَيد عن أبي ذرٍّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((يقول الله تعالى: من تقرَّب مني شبرًا، تقربْتُ منه ذراعًا، ومن تقرَّب مني ذراعًا، تقربتُ منه باعًا، ومن أتاني يمشي، أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئةً لا يشرك بي شيئًا، لقيتُه بقرابها مغفرة))، وخرَّج الإمام أحمد من رواية أخشن السدوسي، قال: دخلت على أنس، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((والذي نفسي بيده، لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله، لغفر لكم))، وقد تضمَّن حديث أنس المبدوء بذكره أن هذه الأسباب الثلاثة يحصل بها المغفرة؛ أحدها: الدعاء مع الرجاء؛ فإن الدعاء مأمور به وموعود عليه بالإجابة، كما قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وفي السنن الأربعة عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((إن الدعاء هو العبادة))، ثم تلا هذه الآية، وفي حديث آخر خرجه الطبراني مرفوعًا: ((من أُعطِيَ الدعاءَ، أُعطِيَ الإجابةَ))؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وفي حديث آخر: ((ما كان الله لِيفتحَ على عبد باب الدعاء ويُغلِقَ عنه باب الإجابة))، لكن الدعاء سبب مقتضٍ للإجابة مع استكمال شرائطه وانتفاء موانعه، وقد تتخلف الإجابة لانتفاء بعض شروطه، أو وجود بعض موانعه وآدابه، ومن أعظم شرائطه: حضور القلب، ورجاء الإجابة من الله تعالى، كما خرجه الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، وإن الله تعالى لا يقبل دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ))، وفي المسند عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن هذه القلوب أوعية، فبعضها أوعي من بعض، فإذا سألتم الله فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبدٍ دعاءً من ظهرِ قلبٍ غافلٍ))؛ ولهذا نهى العبد أن يقول في دعائه: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن لِيعزِمِ المسألةَ؛ فإن الله لا مُكْرِهَ له، ونهى أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة، وجعل ذلك من موانع الإجابة؛ حتى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة دعائه ولو طالت المدة، فإنه سبحانه يحب المُلِحِّين في الدعاء، وجاء في الآثار: ((إن العبد إذا دعا ربه وهو يحبه، قال: يا جبريل، لا تعجل بقضاء حاجة عبدي؛ فإني أُحِبُّ أن أسمع صوته))، وقال تعالى: ﴿ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56]، فما دام العبد يُلِحُّ في الدعاء ويطمع في الإجابة من غير قطع الرجاء، فهو قريب من الإجابة، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يُفتَحَ له، وفي مستدرك الحاكم عن أنس مرفوعًا: ((لا تَعجِزُوا عن الدعاء؛ فإنه لن يهلِك مع الدعاء أحدٌ)).


ومِنْ أَهَمِّ ما يسأل العبدُ ربَّه: مغفرةُ ذنوبه وما يستلزم ذلك؛ كالنجاة من النار ودخول الجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((حولها ندندن))؛ يعني: حول سؤال الجنة والنجاة من النار، وقال أبو مسلم الخَوْلانِيُّ: "ما عرضَتْ لي دعوة فذكرت النار إلا صرفْتُها إلى الاستعاذة منها"، ومن رحمة الله تعالى بعبده أن العبد يدعوه بحاجة من الدنيا فيصرفها عنه يُعَوِّضُه خيرًا منها؛ إما أن يصرف عنه بذلك سوءًا، أو يدَّخِرها له في الآخرة، أو يغفر له بها ذنبًا، كما في المسند والترمذي من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما من أحد يدعو بدعاءٍ إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم))، وفي المسند ومستدرك الحاكم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((ما من مسلم يدعو بدعوة ليس له فيها إثم أو قطيعةُ رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثٍ: إما أن يُعجِّل له دعوته، وإما أن يدَّخِرها له في الآخرة، وإما أن يكشف عنه من السوء مثلَها))، قالوا: إذًا نُكْثِر، قال: ((اللهُ أكثرُ))، وخرجه الطبراني، وعنده: ((أو يغفر له بها ذنبًا قد سلف)) بدل قوله: ((أو يكشف عنه من السوء مثلها))، وخرَّج الترمذي من حديث عبادة مرفوعًا نحو حديث أبي سعيد أيضًا، وبكل حال، فالإلحاح بالدعاء بالمغفرة مع رجاء الله تعالى، موجبٌ للمغفرة، والله تعالى يقول: ((أنا عند ظن عبدي بي، فليظنَّ بي ما شاء))، وفي رواية: ((فلا تظنوا بالله إلا خيرًا))، ويروى من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعًا: ((يأتي الله بالمؤمن يوم القيامة فيُقَرِّبُه حتى يجعله في حجابه من جميع الخلق، فيقول له: اقرأ، فيُعَرِّفه ذنبًا ذنبًا، أتعرف، أتعرف؟ فيقول: نعم، نعم، ثم يلتفت العبد يَمْنَة ويَسْرَة، فيقول الله تعالى: لا بأس عليك يا عبدي، أنت في ستري من جميع خلقي، ليس بيني وبينك اليوم أحد يطَّلِع على ذنوبك غيري، غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما أتيتني به، قال: ما هو يا رب؟ قال: كنت لا ترجو العفو من أحد غيري)).


فمن أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنب ذنبًا لم يرجُ مغفرَتَه من غير ربه، ويعلم أنه لا يغفر الذنوبَ ويأخذ بها غيره، وقوله: ((إنك ما دعوتَني ورجوتَني، غفرتُ لك ما كان منك ولا أبالي)) يعني: على كثرة ذنوبك وخطاياك، ولا يتعاظَمُني ذلك، ولا أستكثره.


وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((إذا دعا أحدكم، فلْيُعْظِمِ الرغبةَ؛ فإن الله لا يتعاظمه شيء))، فذنوب العبد وإن عظُمَت، فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم، فهي صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته، وفي صحيح الحاكم عن جابر أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يقول: واذنوباه، مرتين أو ثلاثًا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((قل: اللهم مغفرتُك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي))، فقالها، ثُمَّ قَالَ: ((عُدْ)) فَعَادَ، ثُمَّ قَالَ: ((عُدْ)) فَعَادَ، فَقَالَ: ((قُمْ، فَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ)).


وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
يا كبير الذنب عف
وُ الله من ذنبك أكبر
أعظَمُ الأشياء في جا
نبِ عفو الله تُغفَر


وقال آخر:
يا رَبِّ إن عظُمَتْ ذنوبي كثرةً
فلقَدْ علمْتُ بأن عفوكَ أعظمُ
إن كان لا يرجوكَ إلا مُحسِنٌ
فمن ذا الذي يدعو ويرجو المجرِمُ؟
ما لي إليك وسيلةٌ إلا الرَّجَا
وجميلُ عفوِك، ثُمَّ أنيَ مسلمُ


السبب الثاني للمغفرة: الاستغفار، ولو عظُمَت الذنوب، وبلغت الكثرة عَنان السماء، وهو السحاب، وقيل: ما انتهى إليه البصر منها، وفي الرواية الأخرى: ((لو أخطأتم حتى بلغَتْ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله، لغفر لكم)).


والاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها، وقد كثُر في القرآن ذكْرُ الاستغفار، فتارة يؤمَر به، كقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199]، وقوله: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ﴾ [هود: 3]، وتارة يمدح أهله؛ كقوله تعالى: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]، وقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135]، وتارة يذكر أن الله يغفر لمن استغفره، كقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]، وكثيرًا ما يُقرَن الاستغفار بذكر التوبة، فيكون الاستغفار حينئذٍ عبارةً عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإقلاع من الذنوب بالقلوب والجوارح، وتارة يُفردُ الاستغفارَ ويُرَتبُ عليه المغفرة كما ذُكِرَ في هذا الحديث وما أشبهه، فقد قيل: إنه أريد به الاستغفار المقترن بالتوبة، وقيل: إن نصوص الاستغفار كلها المطلقة تُقَيَّدُ بما ذكر في آية آل عمران من عدم الإصرار؛ فإن الله وعد فيها بالمغفرة لمن استغفره من ذنوبه، ولم يصِرَّ على فعله، فتُحمَل النصوص المطلقة في الاستغفار كلها على هذا القيد، ومجرد قول القائل: اللهم اغفر لي، طلبٌ منه للمغفرة ودعاءٌ بها، فيكون حكمه حكم سائر الدعاء، فإن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه، لا سيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب، أو صادف ساعة من ساعات الإجابة؛ كالأسحار، وأدبار الصلوات، ويُروَى عن لقمان أنه قال لابنه: يا بُني، عَوِّدْ لسانك: اللهمَّ اغفر لي؛ فإن لله ساعاتٍ لا يَرُدُّ فيها سائلاً، وقال الحسن: أكثِروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طُرُقِكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، وأينما كنتم؛ فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة، وخرَّج ابن أبي الدنيا في كتاب حُسْنِ الظن من حديث أبي هريرة مرفوعًا: بينما رجل مستلْقٍ إذ نظر إلى السماء وإلى النجوم، فقال: إني لأعلَمُ أنَّ لكِ ربًّا خالقًا، اللهم اغفر لي، فغفر له، وعن مُوَرِّقٍ قال: كان رجل يعمل السيئات، فخرج إلى البرِّيَّة فجمع ترابًا، فاضطجع مستلقيًا عليه، فقال: ربي، اغفر لي ذنوبي، فقال: إن هذا ليَعْرِفُ أن له ربًّا يغفر ويُعذِّب، فغفر له، وعن مغيث بن سمي قال: بينما رجلٌ خبيثٌ فتذكَّر يومًا، فقال: اللهم غفرانَك، اللهمَّ غفرانَك، ثم مات، فغُفِرَ له، ويشهد لهذا ما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن عبدًا أذنَبَ، فقال: ربِّ، أذنبتُ ذنبًا فاغفر لي، قال الله تعالى: علِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، غفَرْتُ لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبًا آخر)) فذكر مثلَ الأول مرتين أخريين، وفي رواية لمسلم: أنه قال في الثالثة: ((قد غفرْتُ لعبدي، فليعملْ ما شاء))، والمعنى: ما دام على هذا الحال كلما أذنب استغفر، والظاهر أن مراده الاستغفار المقرون بعدم الإصرار؛ ولهذا في حديث أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ما أصرَّ من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرة))؛ خرجه أبو داود والترمذي، والاستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب، هو دعاء مجرَّدٌ، إن شاء الله أجابه، وإن شاء ردَّه، وقد يكون الإصرار مانعًا من الإجابة، وفي المسند من حديث عبدالله بن عمر مرفوعًا: ((ويل للذين يُصِرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون))، وخرَّج ابن أبي الدنيا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه))، ورفْعُه منكَرٌ، ولعله موقوف، قال الضحاك: "ثلاثة لا يستجاب لهم، فذكر منهم: رجلاً مقيمًا على امرأة زنا قضى منها شهوته، قال: رب اغفر لي ما أصبتُ من فلانة، فيقول الرب: تحوَّل عنها وأغفرَ لك، وأما ما دمت عليها مقيمًا، فإني لا أغفر لك، ورجلاً عنده مالُ قومٍ يرى أهله فيقول: رب اغفر لي ما آكُلُ من فلان، فيقول تعالى: رُدَّ إليهم مالَهُم وأغفِرَ لك، وأما ما لم تَرُدَّ إليهم، فلا أغفر لك".


وقول القائل: أستغفر الله، معناه أطلُبُ مغفرته، فهو كقوله: اللهم اغفر لي، فالاستغفار التام الموجِب للمغفرة، هو ما قارن عدم الإصرار، كما مدح الله تعالى أهله، ووعدهم بالمغفرة، قال بعض العارفين: من لم يكن ثمرةَ استغفارِه تصحيحُ توبته، فهو كاذب في استغفاره، وكان بعضهم يقول: استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار كثير، وفي ذلك يقول بعضهم:
أستغفرُ الله مِنْ (أستغفرُ الله)
من لفظةٍ بدرتْ خالَفْتُ معناها
وكيف أرجو إجاباتِ الدعاء وقدْ
سَدَدْتُ بالذنب عندَ اللهِ مجراها


فأفضل الاستغفار ما قُرِنَ به تركُ الإصرار، وهو حينئذٍ يؤَمِّل توبة نصوحًا، وإن قال بلسانه: أستغفر الله، وهو غير مقلع بقلبه، فهو داعٍ لله بالمغفرة، كما يقول: اللهم اغفر لي، وهو حسَنٌ، وقد يرجى له الإجابة، وأما من تاب توبة الكذابين، فمراده أنه ليس بتوبة، كما يعتقده بعض الناس، وهذا حق؛ فإن التوبة لا تكون مع الإصرار، وإن قال: أستغفر الله وأتوب إليه، فله حالتان؛ إحداهما: أن يكون مُصِرًّا بقلبه على المعصية، فهو كاذب في قوله: وأتوب إليه؛ لأنه غير تائب، فلا يجوز له أن يخبر عن نفسه بأنه تائب، وهو غير تائب.


والثانية: أن يكون مُقلعًا عن المعصية بقلبه، فاختلف الناس في جواز قوله: وأتوب إليه، فكرهه طائفة من السلف، وهو قول أصحاب أبي حنيفة، حكاه عنهم الطحاوي، وقال الربيع بن خثيم يكون قوله: وأتوب إليه كذبةً وذنبًا، ولكنْ لِيَقُلْ: اللهم إني أستغفرك فتُبْ عليَّ، وهذا قد يُحمَل على من لم يقلع بقلبه، وهو بحاله أشبه، وكان محمد بن سوقة يقول في استغفاره: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأسأله توبة نصوحًا، ورُوي عن حذيفة أنه قال: يُحْسَبُ من الكذب أن يقول: أستغفر الله ثم يعودُ، وسمع مُطَرِّفٌ رجُلاً يقول: أستغفر الله وأتوب إليه، فتغيظ عليه، وقال: لعلك لا تفعل، وهذا ظاهره يدل على أنه إنما كره أن يقول: وأتوب إليه؛ لأن التوبة النصوح ألاَّ يعود إلى الذنب أبدًا، فمتى عاد إليه كان كاذبًا في قوله: وأتوب إليه، وكذلك سئل محمد بن كعب القُرَظِي عمن عاهد الله ألاَّ يعود إلى معصية أبدًا، فقال: مَنْ أعظَمُ منه إثمًا، يتألَّى على الله ألاَّ يُنَفِّذَ فيه قضاءه، ورجَّح قوله في هذا أبو الفرج بن الجوزي، ورُويَ عن سفيان بن عيينة نحو ذلك، وجمهور العلماء على جواز أن يقول التائب: أتوب إلى الله، وأن يعاهد العبد ربه على ألا يعود إلى المعصية، فإن العزم على ذلك واجبٌ عليه في الحال؛ لهذا قال: ((ما أصرَّ من استغفر، ولو عاد في اليوم سبعين مرة))، وقال في المُعاوِد للذنب: ((قد غفرْتُ لعبدي، فليعمل ما شاء))، وفي حديث كفَّارة المجلس: ((أستغفرك اللهم وأتوب إليك))، وقطع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدَيْ سارق، ثم قال له: ((استغفِرِ اللهَ وتب إليه))، فقال: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال: ((اللهم تُبْ عليه))؛ خرجه أبو داود، واستحب جماعة من السلف الزيادة على قوله: أستغفر الله وأتوب إليه، فرُويَ عن عمر رضي الله عنه أنه سمع رجلاً يقول: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال له: قل يا حُمَيْقُ، قُلْ: توبةَ من لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نُشورًا، وسئل الأوزاعي عن الاستغفار، يقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه؟ فقال: إن هذا لحَسَنٌ، ولكن يقول: ربِّ، اغفر لي؛ حتى يتِمَّ الاستغفارُ.


وأفضل أنواع الاستغفار أن يبدأ العبد بالثناء على ربه، ثم يثنِّي بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة، كما في حديث شدَّاد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((سيِّدُ الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت))؛ خرجه البخاري.


وفي الصحيحين عن عبدالله بن عمرو أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله، علِّمْني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهمَّ، إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم)).


ومن أنواع الاستغفار أن يقول العبد: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، وقد رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنَّ ((من قاله غفر له، وإن كان فرَّ من الزحف))؛ خرجه أبو داود والترمذي.


وفي كتاب اليوم والليلة للنَّسائي عن خباب بن الأرَتِّ، قال: قلت: يا رسولَ الله، كيف نستغفر؟ قال: قل: ((اللهم اغفر لنا وارحمنا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم)).


وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ما رأيتُ أحدًا أكثرَ أن يقول: أستغفر الله وأتوب إليه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


وفي الأربعة عن ابن عمر، قال: إنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائةَ مرةٍ يقول: ((ربِّ اغفر لي وتب عليَّ؛ إنك أنت التواب الغفور)).


وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثرَ من سبعينَ مرةً)).


وفي صحيح مسلم عن الأغر المُزَنِيِّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إنه لَيُغَانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائةَ مرةٍ)).


وفي المسند عن حذيفة، قال: قلت: يا رسول الله، إني ذَرِبُ اللسان، وإن عامة ذلك على أهلي، فقال: ((أين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائةَ مرةٍ)).


وفي سنن أبي داود عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((مَنْ أكثَرَ من الاستغفار، جعلَ الله له من كلِّ هَمٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب)).


قال أبو هريرة: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كلَّ يوم ألفَ مرة، وذلك على قدْرِ ديتي.


وقالت عائشة رضي الله عنها: طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا.


قال أبو المنهال: ما جاور عبدٌ في قبره مِنْ جارٍ أحبَّ إليه من استغفارٍ كثيرٍ.


وبالجملة فدواء الذنوب الاستغفار، ورُوِّينَا من حديث أبي ذرٍّ مرفوعًا: ((إن لكل داءٍ دواءً، وإن دواء الذنوب الاستغفارُ)).


قال قتادة: إن هذا القرآن يَدُلُّكم على دائكم ودوائكم؛ فأما داؤُكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار.


وقال بعضهم: إنما مُعَوَّل المذنبين البكاءُ والاستغفارُ، فمن أهمته ذنوبه، أكثرَ لها من الاستغفار؛[/color]

منقول للفائدة









 


رد مع اقتباس
قديم 2019-06-29, 22:11   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله و بركاته

اخي الفاضل

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc