هل كان يونس عليه السلام في بطن الحوت أم في فمه، ومعنى التقمه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل كان يونس عليه السلام في بطن الحوت أم في فمه، ومعنى التقمه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2020-01-21, 15:15   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 هل كان يونس عليه السلام في بطن الحوت أم في فمه، ومعنى التقمه

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

هل كان يونس عليه السلام في بطن الحوت أم في فمه، ومعنى التقمه

السؤال

قام أحد علماء الجيولوجيا المشاهير بتفسير الآية (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) ،

على أن الحوت لم يبتلع يونس ، وإنما بقي نبي الله في فم الحوت

وقال : إنه لو ابتلعه كما ورد في التوراة لهلك وضاع!

وقال: إن نبي الله يونس بعد أن لفظه الحوت ظلل الله عليه شجرة من يقطين

ولكن نص التوراة يقول: إن الشجرة هي العنب ،

وقال: اليقطين له خواص شفائية ، ولا تحوم حوله الحشرات كالعنب، وأكد العالم في تفسيره أن الحوت الأزرق الضخم هو الذي ابتلع سيدنا يونس ، وليس نوعا آخر من الحيتان .

سؤالي : هل يصح هذا التفسير بعد أن قال الله تعالى : (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) الآية.

وقوله سبحانه :( فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ ) ؟

ثم هل نحكم على مرويات أهل الكتاب بطريقة ترجيح نظرية علمية على أخرى ؟

وهل يجوز أن نجزم بما أبهمه الله في القرآن ؟

وكيف يمكن أن ننكر أن الله قادر على تعطيل الأسباب ؟

وهل تطلق العرب كلمة بطن على الفم ؟

ومامعنى التقمه في لغة العرب ؟

وعموما ماهي عيوب هذا التفسير الذي يطلق عليه الآن الإعجاز العلمي في القرآن ؟


الجواب

الحمد لله


أولا:

ذكر الله تعالى قصة يونس عليه السلام في مواضع من كتابه، وبين أن الحوت التقمه، وأنه كان في الظلمات، في بطن الحوت.

قال تعالى: إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)

فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ الصافات/ 139- 146 .

ومعنى "التقمه" في لغة العرب: ابتلعه.

قال في القاموس المحيط، ص1158: "والْتَقَمَه: ابْتَلَعَه" انتهى.

وقال في "تاج العروس" (33/ 430)

: "(والتقمه) التقاما: (ابتلعه) في مهلة" انتهى.

على أن من أهل اللغة من قال : إن اللقم وضع اللقمة في الفم دون بلع .

وهذا ليس تفسيرا للقم في الآية ، فإن غايته أن يكون وجها في بيان معن "اللقم" في اللغة، وهذا لا ينافي تفسير "اللقم" في الآية ، بأنه ابتلعه في بطنه؛ فإنه لم يبتلعه في بطنه، حتى "التقمه" بفمه، أولا.

والمعتمد في خصوص تفسير الآية ، أنه استقر في "بطنه" ، حتى على القول بأن "اللقم" هو مجرد الوضع في الفم ، كما دلت عليه الآية بعد ذلك ، ونصت عليه السنة ، من أن يونس استقر في بطن الحوت.

وعلى هذا سار المفسرون.

قال الطبري رحمه الله في تفسيره (21/ 107):

"وقوله ( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ ) يقول: فابتلعه الحوت; وهو افتعل من اللَّقْم...

( لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) يقول: لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، يوم يبعث الله فيه خلقه محبوسا، ولكنه كان من الذاكرين الله قبل البلاء، فذكره الله في حال البلاء، فأنقذه ونجَّاه" انتهى.

وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" (3/ 552):

"ومعنى التقمه: ابتلعه...

وفي قَدْر مكثه في بطن الحوت خمسة أقوال:

أحدها: أربعون يوماً، قاله أنس بن مالك، وكعب، وأبو مالك، وابن جريج، والسدي.

والثاني: سبعة أيام، قاله سعيد بن جبير، وعطاء.

والثالث: ثلاثة أيام، قاله مجاهد، وقتادة.

والرابع: عشرون يوماً، قاله الضحاك.

والخامس: بعض يوم، التقمة ضُحىً، ونبذه قبل غروب الشمس، قاله الشعبي" انتهى.

ومما يؤكد أن "التقم" بمعنى ابتلع، قوله تعالى: (للبث في بطنه) ؛ وهذا نص قاطع بأن يونس عليه السلام استقر في بطن الحوت.

وقد جاء هذا منصوصا عليه في السنة كذلك.

روى الترمذي (3505)، وأحمد (1462) عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

دَعْوَةُ ذِي النُّونِ ، إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ .

والحديث صححه أحمد شاكر في تحقيق المسند، والألباني في "صحيح الترمذي"، وهو صريح في أن يونس عليه السلام كان في بطن الحوت، لا في فمه.

وهذا المعنى أكده أيضا قوله: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) الأنبياء/87 .

فلو كان في فم الحوت، لما كان في ظلمة تامة؛ لأن الحوت يفتح فمه ويغلقه.

قال الماوردي في تفسيره (3/ 466):

" فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ فيه قولان: أحدهما: أنها ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة جوف الحوت، قاله ابن عباس , وقتادة.

الثاني: أنها ظلمة الحوت في بطن الحوت ، قاله سالم بن أبي الجعد" انتهى.

وأما رد المعنى الظاهر، المتفق عليه بين المفسرين، بأنه لو كان في بطنه لهلك، فهذا من العجب!

فهل هلك إبراهيم عليه السلام ، لما ألقي في النار؟ أو تراه يكذب بإلقاء الخليل في النيران؟ فأي ذلك كان من أمره، فهو عظيم شنيع؟

إن جوز أن يلقى إبراهيم عليه السلام، في النار، ويخرج منها، من غير أن يهلك، كما هو نص الكتاب المبين، والسنة الصريحة، ومعتقد المسلمين عامة؛ فما يمنع أن يكون يونس في بطن الحوت، ولم يهلك؟

فأي استبعاد لكون يونس عليه السلام يبقى في بطن الحوت فلا يضره ذلك! وتكون هذه معجزة ليونس عليه السلام ، كما كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم عليه السلام، معجزة له ، وآية على نبوته؟!

ومعلوم أن الأسباب تتخلف عن مسبباتها بإذن الله تعالى.

وهل البحث عن حوت يتنفس الأوكسجين، والزعم بأن يونس كان في فمه، إلا هروب من إثبات المعجزة الخارقة للعادة؟!

ثانيا:

لم نجد فيما ورد عند أهل الكتاب أن الذي نبت على يونس عليه السلام: العنب.

والمذكور عندهم اليقطين، لكن ليس بعد خروج يونس من الحوت مباشرة، بل بعد خروجه وذهابه إلى قومه، ثم خروجه من المدينة مغضبا.

ففي سفر يونان، الإصحاح الرابع: "6 فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلهُ يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلًا عَلَى رَأْسِهِ، لِكَيْ يُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ. فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحًا عَظِيمًا".

وهذا من تحريفهم ولا شك.

ثالثا:

المنقول عن أهل الكتاب له ثلاث حالات، سبق بيانها في جواب السؤال القادم

رابعا:

الكلام في الإعجاز العلمي له ضوابط لابد من مراعاتها، وقد سبق بيان ذلك في أجوبة عديدة.

ينظر: جواب السؤال الثاني و الثالث القادمين

والحاصل أن الرسالة المذكورة باطلة لا يجوز نشرها، لمخالفتها نص القرآن ، وصريح السنة ، مع ما تواردت عليه أقوال أهل اللغة والتفسير.

ولما يوهمه من إنكار المعجزة ، التي هي خرق للعادة وتعطيل للأسباب.

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد










 


رد مع اقتباس
قديم 2020-01-21, 15:18   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

الموقف من الإسرائيليات

السؤال

ما موقفنا من الإسرائيليات ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ الشنقيطي :

ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات في واحدة منها يجب تصديقه وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه ،

وفي واحدة يجب تكذيبه وهي إذا ما دل القرآن والسنة على كذبه ، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق … وهي ما إذا لم يثبت في كتابٍ ولا سنَّة صدقه ولا كذبه .

وبهذا التحقيق تعلم أن القصص المخالفة للقرآن والسنة الصحيحة التي توجه بأيدي بعضهم زاعمين

أنها في الكتب المنزلة يجب تكذيبهم فيها لمخالفتها نصوص الوحي الصحيح التي لم تحرف ولم تبدل والعلم عند الله تعالى .

" أضواء البيان " ( 4 / 203 ، 204 )









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-21, 15:52   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

السؤال

أثنى الله عز وجل في سورة آل عمران على الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض ، وقد أثبت العلم الحديث توافق أشياء كثيرة مع ما ذكر في القران

ولكن مع هذا هناك بعض الناس من يقول إنه ينبغي أن لا تنزل المكتشفات العلمية الحديثة على الحقائق التي في القرآن ؛ لأن العلم دائماً في تغير مستمر

بينما القرآن ثابت معجز في كل زمان ومكان ، فقد يكتشف العلم الحديث شيئاً ويسارع الناس لتنزيل هذا المكتشف على ما جاء في القران ، ثم ما يلبث هذا المكتشف أن يثبت عكسه

فيتأثر بذلك مَن في قلبه مرض . وقد قرأت مقالات لأحد العلماء يتحدث فيها عن العلم الحديث والقرآن

وأنه لا يمكن أن يتعارضا مع بعض ، ولكن مع هذا كله ما زال كثير من الناس يصرون على عدم استخدام هذه الحقائق العلمية حتى في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام .

فما هو رأيكم في ذلك ؟


الجواب

الحمد لله


النظر في قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، هو كغالب القضايا العلمية والفكرية : يكتنفه طرفان : إفراط وتفريط ، والتوسط بين هذين الطرفين عادة ما يكون هو الأوفق والأقرب للصواب :

1-فمن الخطأ والتقصير الظاهر عدم الاستفادة من حقائق العلم الحديث في تفسير كثير من الآيات الكونية في القرآن الكريم ، والأحاديث الصحيحة في السنة المطهرة

ونحن نؤمن أن خالق الكون ومنزل القرآن الكريم إله واحد ، فلا بد أن تتطابق التفاصيل الواردة فيهما ، والعلم الحديث خير معين على كشف هذا التطابق .

2-ومن الخطأ الظاهر أيضا المبالغة في هذا التوجه ، وتحميل الآيات ما لا تحتمل من أوجه المجاز المخالفة للسياق

أو المخالفة لما ثبت في السنة المطهرة من تفسير هذه الآيات ، أو التسرع في عرض الفرضيات والنظريات على أنها حقائق علمية .

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الإعجاز العلمي في الحقيقة لا ننكره ، لا ننكر أن في القرآن أشياء ظهر بيانها في الأزمنة المتأخرة ، لكن غالى بعض الناس في الإعجاز العلمي ، حتى رأينا من جعل القرآن كأنه كتاب رياضة ، وهذا خطأ .

فنقول : إن المغالاة في إثبات الإعجاز العلمي لا تنبغي

لأن هذه قد تكون مبنية على نظريات ، والنظريات تختلف ، فإذا جعلنا القرآن دالاًّ على هذه النظرية ثم تبين بعد أن هذه النظرية خطأ ، معنى ذلك أن دلالة القرآن صارت خاطئة ، وهذه مسألة خطيرة جدًّا .

ولهذا اعتني في الكتاب والسنة ببيان ما ينفع الناس من العبادات والمعاملات ، وبين دقيقها وجليلها حتى آداب الأكل والجلوس والدخول وغيرها ، لكن علم الكون لم يأتِ على سبيل التفصيل .

ولذلك فأنا أخشى من انهماك الناس في الإعجاز العلمي وأن يشتغلوا به عما هو أهم ، إن الشيء الأهم هو تحقيق العبادة ؛ لأن القرآن نزل بهذا ، قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) " انتهى.

" مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (26/28) .

وقد قام كثير من الباحثين والعلماء المعاصرين – جزاهم الله خيرا – بكتابة الأبحاث العلمية الرصينة المتزنة في هذا الباب ، وقامت لذلك هيئات علمية متخصصة ، ومؤتمرات دولية

ومجامع عامة يمكن أن تثمر فيما تثمره تقعيدا مؤصلا منضبطا لقضايا هذا العلم الجديد ، حتى يصل إلى درجة من الكمال الممكن ، كحال كل علم ينشأ غرسا صغيرا ، ثم يكبر ويثبت بدراسات العلماء الأفذاذ المتخصصين .

ونحن ننقل هنا بعض الضوابط المهمة للوصول إلى نتائج سليمة في هذا المنهج العلمي :

يقول الدكتور عبد الله المصلح حفظه الله :

" إن المراد بهذه الضوابط تلك القواعد التي تحدد مسار بحوث الإعجاز العلمي وفق الأصول الشرعية المقررة ، مع الالتزام بالجوانب الفنية والعلمية المطلوبة .

وتكمن أهمية هذه الضوابط في كونها مناط استرشاد للباحثين في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة

وخصوصا في هذا الوقت الذي كثر فيه إقبال الباحثين والكاتبين على هذا الموضوع لأهميته في الدعوة والإقناع ، وذلك لتميز هذا العصر بالعلم ومكتشفاته ، حتى أصبح العلم سمة من سماته .

وهذا الاهتمام من غير سير على ضوابط واضحة أوجد مزالق كثيرة حتى عند بعض المخلصين

وإسهاما في علاج ذلك جاءت هذه الضوابط علها أن تكون مانعا من الوقوع في تلك الأخطاء ، وحافزا للكتابة في هذا الموضوع الحيوي .

والتزام هذه الضوابط يساعد كذلك على إنهاء الخلاف الفكري بين المؤيدين لموضوع التفسير العلمي والمعارضين له ؛ لأن جوهر الخلاف بينهم يرجع سببه إلى تلك المظاهر الارتجالية التي لا يصدر أصحابها عن منهج صحيح .

وتلك الضوابط هي :

1- ثبوت النص وصحته إن كان حديثا ، لتواتر القرآن دون الحديث .

2- ثبوت الحقيقة العلمية ثبوتا قاطعا ، وتوثيق ذلك علميا متجاوزة مرحلة الفرض والنظرية إلى القانون العلمي .

3- وجود الإشارة إلى الحقيقة العلمية في النص القرآني أو الحديثي بشكل واضح لا مرية فيه .

فإذا تم ذلك أمكنت دراسة القضية لاستخراج وجه الإعجاز .

ويجب في أثناء تلك الدراسة مراعاة الضوابط التالية :

1-جمع النصوص القرآنية أو الحديثية المتعلقة بالموضوع ، ورد بعضها إلى بعض لتخرج بنتيجة صحيحة لا يعارضها شيء من تلك النصوص ، بل يؤيدها .

2-جمع القراءات الصحيحة المتعلقة بالموضوع إن وجدت ، وكذلك روايات الحديث بألفاظها المختلفة .

3-معرفة ما يتعلق بالموضوع من سبب نزول ونسخ ، وهل يوجد شيء من ذلك أو لا ؟

4- محاولة فهم النص الواقع تحت الدراسة على وفق فهوم العرب إبان نزول الوحي ، وذلك لتغير دلالات الألفاظ حسب مرور الوقت

ولهذا يقتضي الأمر الإلمام بمسائل تعين على فهم النص والتمكن من تقديم معنى على آخر ، وهي كالآتي :

أ-إن النص مقدم على الظاهر ، والظاهر مقدم على المؤول .

ب‌-إن المنطوق مقدم على المفهوم ، وإن المفاهيم بعضها مقدم على الآخر كذلك.

ت‌-أن يخضع في تناوله للنص لقاعدة : العام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والمجمل والمبين ، وأن العموم مقدم على الخصوص ، والإطلاق مقدم على التقييد

والإفراد على الاشتراك ، والتأصيل على الزيادة ، والترتيب على التقديم والتأخير ، والتأسيس على التأكيد ، والبقاء على النسخ ، والحقيقة الشرعية على العرفية ، والعرفية على اللغوية .

ث‌-مراعاة السياق والسباق وعدم اجتزاء النص عما قبله وما بعده .

ج‌- مراعاة قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

ح‌- معرفة معاني الحروف ، وعدم تفسير حرف أو حمله على معنى لا يقتضيه الوضع العربي .

خ‌- مراعاة أوجه الإعراب ، وعدم القول بتوجيه لا يسانده إعراب صحيح أو قرينة أخرى .

د‌- أن المشترك اللفظي يمكن حمله على واحد من معانيه دون نفي الآخر أو القطع بأن هذا الصواب وحده ما لم تكن هناك قرينة راجحة .

5- إظهار وجه الإعجاز : فإذا تم ذلك لم يبق على الباحث سوى أن يظهر الربط بين الحقيقة الشرعية والعلمية بأسلوب واضح مختصر .

6-أن هناك أمورا من قبيل المتشابه لا مجال لفهمها أو تناولها بالبحث .

7-عدم البحث في الأمور الغيبية، كموعد قيام الساعة ، وبداية الخلق ، والجنة والنار.

8-عدم الاعتماد على الإسرائيليات أو الروايات الضعيفة .

9- الاعتماد على المصادر المعتبرة في ذلك دون غيرها ، كأمهات التفسير والحديث وكتب غريب القرآن والسنة ، مع الإشارة إلى جهود الدراسات السابقة إن وجدت .

10-الابتعاد عن تسفيه آراء السلف من علماء التفسير والحديث ورميهم بالجهل ؛ لأن القرآن والسنة خطاب للبشرية في كل عصر ، والكل يفهم منها بقدر ما يفتح الله عليه

وبحسب ما يبذله من جهد وما هو متوفر لديه من وسائل ، ولن يحيط بفهم الوحي أهل عصر إلى قيام الساعة ، فلا مجال للتسفيه والتجهيل

وإنما هي الاستفادة والتكميل والدعاء لمن تقدم ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) الحشر/10

بل الواجب اتباع فهم السلف رضي الله عنهم ، وخصوصا الصحابة رضوان الله عليهم ؛ لأنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصالح

لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، وعبد الله بن عباس ، وابن مسعود رضي الله عنهم ، فهم العمدة والعدول بخبر الله تعالى ، وعنهم أخذ التابعون ، وعلى نهجهم ساروا

فمن عدل عن تفسيرهم إلى ما يخالفه كان مخطئا ، بل ومبتدعا ، لأنهم كانوا أعلم بتفسير كتاب الله من غيرهم ، وأورع ، وأتقى .

11-ينبغي أن تحصر الدراسة فيما تمكن القدرة عليه ، فالأفراد يمكن أن يقصروا بحوثهم فيما يتعلق بالاكتشافات

فيما هو خاضع لتجاربهم المخبرية ، ليصلوا من خلال ذلك إلى الحق ، وللجامعات والمراكز والدول مجالات أكثر وأكبر .

12-ينبغي أن يعلم الباحث في هذا المجال أن كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم صدق وحق ، ولا يمكن بحال أن يخالف حقيقة علمية ؛ لأن منزل القرآن هو الخالق العالم بأسرار الكائنات

قال تعالى : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/14

ومعرفة ذلك تقتضي منا التريث وعدم تحميل النص ما لا يحتمله من أجل أن يوافق ما نظنه حقيقة

فإذا لم يتيسر ذلك بشكل واضح فعلينا أن نتوقف دون نفي أو إثبات ، ونبحث عن موضوع آخر ، والزمن كفيل بانكشاف الحق بعد ذلك .

13-على الباحث أن يتحرى الصدق والصواب وأن يخلص نيته لله في تبيين الحق للناس من أجل هدايتهم ، وأن يعلم خطورة ما يتناوله ، ويعبر عنه ، فهو عندما يقول: هذا المعنى هو الذي يشير إليه قوله تعالى

: فهو يفسر كلام رب العالمين ، لذا يجب عليه أن يتذكر دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ) رواه الترمذي وقال

: هذا حديث حسن صحيح . (رقم/2950)، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي ".

14-ينبغي أن يتصف الباحث كذلك بالصبر ، مع توفر الكفاءة العلمية المكتسبة ، حتى يميز الحق من الباطل ، ويقبله ويلتزم بالموضوعية

ومعناها هنا : حصر المعلومات ودراستها من غير تحيز لفكرة أو رأي سابق ، مع التقيد بالمنهج العلمي في التوثيق والاقتباس والإحالات " انتهى.

" الإعجاز العلمي في القرآن والسنة تاريخه وضوابطه " (ص/30-37)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-21, 16:09   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

يسأل عما أسماه "تعديل تفسير القرآن"

السؤال

ما حكم تعديل تفسير القرآن. وما ضوابط هذا التعديل؟

الجواب

الحمد لله

لم يتبين لنا تحديد معنى "تعديل التفسير" الذي تقصده في سؤالك

فإن كنت تريد به تحقيق تفسير كلام الله بما لم يُسبق إليه المفسر

أو الاجتهاد في بيان كلام الله على الوجه المشتمل على إضافة جديدة، فهذا مبحث مناطه العلماء والمفسرون المتقنون، فكتاب الله لا تنقضي عجائبه

ولا يخلق عن كثرة الرد، وما زال أهل العلم يستخرجون ما فيه من العلوم والفوائد على مر التاريخ.

يقول العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله

– بعد أن قرر قولا معاصرا في تفسير إحدى الآيات -:

"فالآية الكريمة يفهم منها ما ذكرنا، ومعلوم أنها لم يفسرها بذلك أحد من العلماء، بل عبارات المفسرين تدور على أن الجند المذكور

: الكفار الذين كذبوه صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم سوف يهزمهم، وأن ذلك تحقق يوم بدر أو يوم فتح مكة.

ولكن كتاب الله لا تزال تظهر غرائبه ، وعجائبه متجددة على مر الليالي والأيام، ففي كل حين تفهم منه أشياء لم تكن مفهومة من قبل .

ويدل لذلك حديث أبي جحيفة الثابت في الصحيح أنه لما سأل عليا رضي الله عنه: (هل خصَّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ قال له علي رضي الله عنه: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة

إلا فهما يعطيه الله رجلا في كتاب الله، وما في هذه الصحيفة) الحديث.

فقوله رضي الله عنه: إلا فهما يعطيه الله رجلا في كتاب الله، يدل على أن فهم كتاب الله تتجدد به العلوم والمعارف التي لم تكن عند عامة الناس

ولا مانع من حمل الآية على ما حملها عليه المفسرون ، وما ذكرنا أيضا أنه يفهم منها ؛ لما تقرر عند العلماء من أن الآية إن كانت تحتمل معاني كلها صحيحة

تعين حملها على الجميع، كما حققه بأدلته الشيخ تقي الدين أبو العباس بن تيمية في رسالته في علوم القرآن"

انتهى من "أضواء البيان" (2/258) .

غير أن ثمة مجموعة من القواعد والضوابط المهمة التي يجب على كل مشتغل بالتفسير مراعاتها، سواء كان عمله التفسيري اجتهادا جديدا، أم نقلا لما تقرر من قبل.

ومن تلك الضوابط:

أولا:

التزام ما أجمع عليه الصحابة والتابعون وأئمة التفسير في بيان كلام الله تعالى، فإجماعهم حجة في فهم آيات الكتاب الحكيم، ولا يجوز للباحث عن "التعديل" أو "التجديد" في علوم التفسير أن ينقض موارد الإجماع،

أو يخالف الاتفاق، فقد قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء: 115].

والمقصود بهذا الضابط: عدم وقوع التناقض بين "التعديل"

وبين محل الإجماع، أما إذا لم يكن ثمة تناقض، وإنما أضاف التفسير الجديد بعدا آخر، أو احتمالا مكملا ومتمما لتفسير الآية ومعناها، فهذا لا بأس فيه، كما سيأتي مثاله.

ثانيا:

اقتفاء قواعد الدلالة اللغوية السليمة، بعيدا عن التكلف والتمحل في فهم النصوص

وبعيدا عن استعمال مناهج البحث الطارئة على لغتنا العربية الأصيلة، التي يراد من ورائها هدم قوانين اللغة، وطمس جميع الخطوط التي تنظم قواعد الفهم فيها وعلوم الدلالات.

ثالثا:

مراعاة الأدلة الشرعية الأخرى التي تضبط علومنا وأعمالنا، كي لا تخرج المحاولات "التجديدية" – التعديلية- عن المدارك الشرعية، والمعارف الإسلامية، فضلا عن الثوابت والمحكمات.

يقول الدكتور مساعد الطيار حفظه الله:

"كتاب الله تعالى نزل بلسان عربي مبين، وعَلِمَهُ جيل السلف مجتمعين

فلا يمكن أن يقال: إن آية منه لم يقع لهم فيها الفهم الصحيح، ومن قال: إن آية لم يفهمها هؤلاء، فإنه قد زعم النقص في البيان الرباني والنبوي على حدٍّ سواء، فالله سبحانه وتعالى

يقول: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف: 2]

ويقول: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الزخرف: 3]

ويقول: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [البقرة: 242]

ويقول: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الحديد: 17]

ويقول: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) [النساء: 82]

ويقول: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24]

ويقول: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَاتِ آبَاءَهُمْ الأَوَّلِينَ) [المؤمنون: 68]،

ويقول: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) [ص: 29]

وغيرها من الآيات التي تدل على أن الله قد بيَّن كلامه بياناً واضحاً لا لبس فيه ولا إلغاز، وأنه يسَّر للناس فهمَه

كما قال تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: 22]

وهذا التيسير لا يمكن أن يكون لجيل متأخر دون الجيل المتقدم من السلف.

إن معرفة تفسير السلف أصل أصيل من أصول التفسير، ومن ترك أقوالهم، أو ضعف نظره فيها، فإنه سيصاب بنقص في العلم، وقصور في الوصول إلى الحق في كثير من آيات القرآن.

وإن من استقرأ تاريخ السلف مع كتاب الله؛ وجد تمام عنايتهم بكتاب الله حفظاً وتفسيراً وتدبراً واستنباطاً، كيف لا؟!

وكتاب الله هو العصمة والنجاة، لذا لا تراه خفي على الصحابة شيء من معانيه، ولم يستفصلوا من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فبقي عليهم منه شيء غامضٌ لا يعرفونه.

وكذا الحال بالتابعين، الذين هم أكثر طبقات السلف في التفسير، وعددهم فيه كثير، لقد سألوا عن التفسير،

واستفصلوا فيما غمُض عليهم، ولهم في ذلك أقوال، ومن أشهرها ما رواه الطبري بسنده عن الشعبي، قال: والله ما من آية إلا سألت عنها، لكنها الرواية عن الله تعالى.

وروى بسنده عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية وأسأله عنها.

وبقي الحال كذلك في أتباع التابعين الذين كانوا أكثر طبقات السلف تدويناً للتفسير، وجمعاً لما روي عن الصحابة والتابعين، وفي عصرهم ظهر أول مدوَّن كاملٍ في التفسير

وكان لهم أقوال في التفسير، كما كان لهم اختيارات من أقوال من سبقهم

وهذا يعني أن من استقرأ تفسير السلف وجد أنهم قلَّما يتركون آية لا يتكلمون عنها، ويبينون ما فيها من المعاني، سواءٌ اتفقوا في تفسيرهم، أم كان اختلافهم فيه اختلاف تنوع

أو اختلاف تضادٍّ، والتضاد في تفسيرهم قليل.









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-21, 16:12   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

لكن مما يحسن ذكره هنا أن يعرف المفسر المعاصر أن اجتهاده في التفسير سيكون في أمرين:

الأمر الأول: الاختيار من أقوال المفسرين السابقين.

الأمر الثاني: الإضافة على ما قاله السلف، ولكن يحرص على أن يكون مضيفاً لا ناقضاً ومبطلاً لأقوالهم.

ومثال هذه المسألة في جملة: (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ)

من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) [الحج: 73]

فهذه الجملة واضحة المعنى من حيث التفسير، لكن المراد بيانه : هو ذلك المسلوب، ما هو؟

والمتقدمون يقولون: وإن يسلب الذباب الآلهة والأوثان شيئاً مما عليها من طيب أو طعام وما أشبهه

لا تقدر الآلهة أن تستنقذ ذلك منه، وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من السلف؛ منهم: عبد الله بن عباس، والسدي الكبير، وابن جريج، وعلى هذا المعنى سار المفسرون خلفاً.

وفي هذا العصر ظهر اكتشاف غريب في الذباب، وهو أنه إذا ابتلع شيئاً من الطعام، فإنه يتحول في جوفه إلى مواد أخرى لا يمكن استرجاعها إلى مادتها الأولية.

وهذا المعنى المذكور ينطبق على الوصف المذكور في الآية، وهو قوله تعالى: (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) [الحج: 73]

لكن من الذي لا يستطيع استنقاذه عند من يذهب إلى هذا التفسير؟

سواء أقال: لا تستطيع الآلهة، أو قال: لا يستطيع الناس، فإن الوصف صحيح منطبق على معنى الجملة، لكن السياق في الآلهة وليس في الناس كما ترى.

وهذا القول - إذا قيل به على أنه احتمال ثانٍ - مما تحتمله الآية، فإنه يصح تفسير الآية به على أنه مثال آخر من أمثلة ما لا يستطيعون استنقاذه ، مما يأخذه الذباب، وليس بمبطل لقول السلف.

وتفسير السلف أولى

لأن ما قالوه ظاهر لجميع الناس يدركونه بلا حاجة إلى مختبرات

بخلاف القول المعاصر الذي لم يره إلا النادر من الناس، ولا يدركه تمام الإدراك إلا القلة منهم، فليس كل الناس عندهم مختبرات يمكنهم أن يروا تحوُّل مادة الطعام التي يأكلها الذباب.

ومع هذا الترجيح يبقى ما قاله المعاصرون قولاً صحيحاً محتملاً يمكن القول به .

لكن القاعدة السليمة في ذلك: أن تثق بمعرفة السلف وتفسيرهم لجميع القرآن، وأنهم لم يخرجوا عن الفهم الصحيح في تفسيرهم، ثم تعرف ما يمكن لمن جاء بعدهم عمله من الاختيار أو الزيادة المقبولة.

وهذا المثال التطبيقي هو المنهج لمن أراد أن يزيد على تفسير السلف، وأن يأتي بجديد من المعاني أو الاستنباطات، فهو لا يترك ما قالوه، ولا يجمد عنده فلا يأتي بجديد.

فإن كل من يقول بقول جديد في تفسير الآية عموماً، وفي التفسير العلمي (أو الإعجاز العلمي) خصوصاً

فإنه يدخل من هذا الباب، وعليه أن يتبع الضوابط العلمية الصحيحة لمعرفة القول الصحيح من غيره، وستأتي هذه الضوابط.









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-21, 16:12   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الضابط الأول: أن يكون القول المفسَّر به صحيحاً في ذاته:

إن كل قول يقال في التفسير يمكن أن يُعلم صحيحه من خطئه، والقول الصحيح تُعلم صحتُه من وجوه:

1 - أن تدلَّ عليه لغة العرب، وذلك في تفسير الألفاظ أو الصيغ أو الأساليب.

وهذا يعني أن تفسير ألفاظ القرآن بمصطلحات علمية سابقة له، أو مصطلحات لاحقة ، لا يصحُّ البتة؛ لأن ألفاظه عربية، وتفسيرها يؤخذ من لسان العرب، ولغة القرآن، لا من هذه المصطلحات

كمن يفسر لفظ الأقطار في قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لاَ تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ) [الرحمن: 33]

بأنه القطر الهندسي، وهو الخط الهندسي المنصِّف للدائرة أو الشكل البيضاوي. والأقطار في اللغة جمع القُطْرُ بالضم، وهو الناحية والجانب، وهو المراد بآية سورة الرحمن.

2 - ألا يخالف مقطوعاً به في الشريعة.

فإن ما لا يوافق الشريعة ، لا يمكن أن تدل عليه آيات القرآن بحال، كمن يفسر العرش أو الكرسي بأحد الكواكب السيارة، وهذا مخالف لما ثبت في الشريعة من كون هذه المخلوقات

أي : العرش والكرسي ] فوق السموات، وأنها أكبر منها بكثير.

الضابط الثاني: أن تحتمل الآية هذا القول الحادث:

ويمكن معرفة ذلك بطرق، منها أن تدلَّ عليه بأي وجهٍ من وجوه الدلالة: مطابقةً أو تضمُّناً أو لزوماً،

أو مثالاً لمعنى لفظ عام في الآية، أو جزءاً من معنى لفظ من الألفاظ، أو غير ذلك من الدلالات التي يذكرها العلماء من أصوليين وبلاغيين ولغويين ومفسرين.

وهذا الضابط مهمٌّ للغاية، إذ قد يصحُّ القول من جهة وجوده في الخارج، لكن يقع الخلل في صحة ربطه بالآية، وهذا مجال كبير للاختلاف، بل هو مجال تحقيق المناط في كثير من القضايا

التي ثبتت صحتها من جهة الواقع، لكن يقع التنازع في كونها مُرادة في الآية، وهذا الاختلاف لا يصلح أن يكون محطّاً للانتقاص من الأطراف المختلفة.

الضابط الثالث: ألا يبطل قول السلف:

والمراد أن القول المعاصر المبني على العلوم الكونية أو التجريبية ، يُسقطُ قول السلف بالكلية، وقد سبقت الإشارة إلى هذا الموضوع، وذكرت لك الأصل الأصيل في هذا، وهو مبني على أمور:

الأول: أن تعلم أن تفسير السلف شامل للقرآن كله، ولا يمكن أن يخرج الحق عنهم، أو يخفى عليهم فلا يدركونه، ويدركه المتأخرون.

والمعنى أن كل القرآن كان معلوماً لهم بوجه من الوجوه الصحيحة، وأن ما زاده المتأخرون من الوجوه لا يعني نقص علمهم بالقرآن؛ لأن موجب ذلك القول الذي ظهر للمتأخرين لم يكن موجوداً في عصرهم كي يقال بجهلهم به.

وعلى هذا فإنه لا يوجد في القرآن ما لم يعلم السلف معناه، ولا يمتنع أن يظهر للمتأخرين وجوه صحيحة من التفسير؛ يجوز القول بها واعتمادها ، ما دامت لا تناقض قول السلف.

الثاني: أن العصمة لمجموعهم، وليست لفرد منهم، لذا يقع الاستدراك في التفسير فيما بينهم

فترى بعضهم يخطِّئ فهم الآخر، ويرد عليه، ولو كان لقول الواحد منهم عصمة ، لما قُبِل تخطيء من خطَّأ منهم، والعصمة للواحد منهم لم يَدَّعها أحد منهم.

الثالث: أن إضافة الأقوال الجديدة الصحيحة التي تحتملها الآية ممكن.

لكن المشكلة هنا إذا كان القول المعاصر مسقطاً لقول السلف بالكلية؛ لأنه يلزم منه أن آية من الآيات لم يُفهم معناها على مرِّ القرون ، حتى ظهر هذا المكتشَف العلمي المعاصر، وهذا اللازم ظاهر البطلان.

الضابط الرابع: ألا يقصر معنى الآية على ما ظهر له من التفسير الحادث:

وهذا الضابط يشير إلى الأسلوب التفسيري الذي يحسن بمن يريد بيان معنى جديد أن يسلكه

لأن الاقتصار على القول الجديد ، اقتصاراً يشعر بصحته وسقوط ما سبقه من الأقوال : يعتبر خطأ في طريقة التفسير.

وبعض هؤلاء لا يحرص على تفسير السلف، ولا على تفهُّمه ودرايته، بل أحسنهم حالاً من يرجع إلى تفاسير المتأخرين وينقل أقوالهم، حتى إنه ينقل أقوال المعاصرين من المفسرين على أنها أقوال المفسرين.

ولا شكَّ أن من يدرس التفسير على أصوله يعلم أن هذا الأسلوب فيه تقصير، لعدم الرجوع إلى تفسير الصحابة والتابعين وأتباعهم أولاً، ثم النظر فيمن وافقهم من المفسرين المتأخرين.

وإن التقصير في معرفة علومهم وأحوالهم كائن فينا نحن المسلمين ، في مجالات متعددة؛ كالتعبد والزهد والمتابعة وغيرها.

فإن قلت: لِمَ تُلزم بذكر أقوال السلف من المفسرين، وعمل الباحث المعاصر يقوم على إثبات ارتباط ذلك المكتشَف المعاصر بالآية؟

فالجواب: أني أطالب بأكثر من ذكر أقوالهم، وذلك بأن يتعرَّف المعاصر على أقوالهم ويفهمها على وجهها؛ لتتحصل له المعرفة بمرتبة القول الحادث على النحو الآتي:

الأول: أن يكون قوله المعاصر مناقضاً لما اتفقوا عليه، فيتوقف في ربطه بين قوله والآية، ولا يتعجل حتى يسأل أهل العلم

ليبينوا له صواب قوله من خطئه، فلا يجترئ على مخالفة الإجماع الذي هو أصل من أصول الدين، فالأمة لا يمكن أن تجمع منذ سالف دهرها على خطأ، ثم يظهر الصواب لشخص في الزمان المتأخر.

الثاني: أن يعرف أقوالهم المختلفة، ويتأمل قوله بينها، هل يدخل في أحد الأقوال، فإن وجد قوله يندرج تحت قول من الأقوال أدرجه تحته، وبيَّن ما زاد على ذلك القول من تفاصيل عنده.

الثالث: أن يكون قوله ـ مع اختلافهم ـ قولاً جديداً، لا يدخل في أحد هذه الأقوال، فينظر إلى صحته في الواقع، ومدى احتمال الآية له، فيقول به على سبيل الإضافة.

وههنا ملحظ مهم قد أشرت إليه، وهو أنه قد يكون القول الذي يقوله صحيحا في ذاته، لكن الخطأ الذي يقع : في صحة دلالة الآية عليه، فتراه يتعسَّف في حمل الآية عليه، ويجعله تفسيراً لها

وهو ليس كذلك، إذ لا يلزم أن يكون كل قول صحيح في هذه المكتشفات المعاصرة ، أن يوجد ما يشهد لها من الآية، فتفسَّر به، وهذا أمر مهم للغاية"

انتهى باختصار من "الإعجاز العلمي إلى أين" (ص109-159) .









رد مع اقتباس
قديم 2020-01-22, 19:32   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
محمد.114
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
ففي سفر يونان، الإصحاح الرابع: "6 فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلهُ يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلًا عَلَى رَأْسِهِ، لِكَيْ يُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ. فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحًا عَظِيمًا".

وهذا من تحريفهم ولا شك.
صدق الله في التوراه والانجيل والقرأن الكريم وعلية السلام سيدنا يونس

صدق الله في كتبة سبحانة وتعالي في التوراه والانجيل والقران الكريم

قال تعالي

{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران : 3]

قال تعالي

{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة : 44]


قال تعالي

{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} [المائدة : 66]

اقرأ وتمعن في هذا الاية


قال الله تعالي

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [المائدة : 68]

صدق الله العظيم


المقصود من التعليق هذا ان لا تنشر هذا العبارة ( وهذا من تحريفهم ولا شك ).

في مواضيعك عندما تذكر اية من التوراه ولا الانجيل قل صدق الله العظيم


قال الله تعالي علي الساجدين المسلمين العابدين واليهود العابدين والمسيحيين العابدين

بسم الله الرحمن الرحيم

{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح : 29]
صدق الله العظيم

بارك الله فيك استاذنا عبد الرحمن









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:15

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc