معنى اسم الله تعالي الرزاق
الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (الرَّزاق
أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 104 - 105).
الرَّزَّاقُ في اللغة مِنْ صيغِ المبالغةِ على وزن فعَّال منِ اسم الفاعل الرازِق، فعلُه رَزَقَ يَرْزقُ رِزْقًا، والمصدر الرِّزْقُ وهو ما يُنتَفعُ به والجمع أرزاق[
الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (1/ 278
ولسان العرب (10/ 115).
وحقيقةُ الرِّزْقِ هو العطاءُ المتجدّدُ الذي يأخذُهُ صاحبُه في كلِّ تقديرٍ يوميٍّ أو سَنويٍّ أو عُمُريٍّ فينال ما قُسِم له في التقديرِ الأزلي والميثاقي.
والرَّزَّاقُ سبحانه هو الذي يتولى تنفيذَ المقدَّرِ في عطاءِ الرِّزْقِ المَقسومِ
والذي يخرجُه في السماواتِ والأرضِ
فإخراجُه في السماواتِ يعني: أنه مقضيٌّ مكتوبٌ، وإخراجه في الأرض يعني أنه سَينفُذُ لا محالةَ
ولذلك قال الله تعالى في شأن الهدهدِ الموحِّدِ ومخاطبتهِ سليمانَ: ﴿ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [النمل: 25، 26]
فالرزقُ مكتوبٌ في السماءِ وهو وَعْدُ اللهِ وحُكمُه في القضاءِ قبل أن يكونَ واقعًا مقدورًا في الأرضِ.
قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22].
وقال عن تنفيذ ما قَسَمَهُ لكل مخلوقٍ فيما سبق به القضاء: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت: 60].
وقال تعالي: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، فالله يتولاَّها لحظةً بلحظةٍ تنفيذًا للمقسومِ في سابقِ التقديرِ.
فالرَّزَّاقُ سبحانه هو الذي يتولى تنفيذَ العطاء الذي قدَّرَهُ لأرزاقِ الخلائق لحظةً بلحظةٍ فهو كثيرُ الإنفاقِ
وهو المفيضُ بالأرزاق رِزْقًا بعد رزقٍ، مبالغةً في الإرْزاقِ وما يتعلَّقُ بقسْمَةِ الأرزاق وترتيبِ أسبابها في المخلوقاتِ، ألا ترى أن الذئبَ قد جعلَ اللهُ رِزْقَهُ في أَنْ يصيدَ الثعلبَ فيأكُلَهُ، والثعلبُ رزقُه أن يصيدَ القُنفذَ فيأكُلَه
والقُنفُذُ رزقُهُ أن يصيدَ الأفعى فيأكلَهَا، والأفعى رزقُهَا أن تصيدَ الطيرَ فتأكُلَه، والطيرُ رزقُه في أَنْ يصيدَ الجرادَ فيأكُلَه
المستطرف في كل فن مستظرف (2/ 230).
وتتوالى السِّلسةُ في أرزاقٍ متسلسلةٍ رتَّبها الرَّزَّاق في خلقِهِ...
فتبارك الذي أتقَنَ كلَّ شيءٍ في مُلكِهِ، وجعل رِزْقَ الخلائقِ عليه، ضَمِنَ رزقَهُم وسيؤدِّيه لهم كما وَعَدَ
وكل ذلك ليركنوا إليه ويعبدوه وحدَه لا شريكَ له قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]
شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص: 235)
وتفسير الأسماء للزجاج (ص: 38)
والمقصد الأسنى (ص: 79).
فالأرزاقُ مقسُومةٌ، ولَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ أَو يُؤخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ
وعند مسلمٍ من حَديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه؛ أنه قال: "قَالَتْ أُمُّ حَبيبَةَ زَوْجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ أَمْتعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَبأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبأَخي مُعَاوْيَةَ
فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ سَألْتِ اللَه لآجَالٍ مَضْرُوبَة، وأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أَوْ يُؤَخِّرَ شيْئًا عَنْ حِلِّهِ
وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَّابٍ في النَّارِ أَوْ عَذَابٍ في الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا وأَفْضَلَ
حَلِّهِ: بفتح الحاء وكسرها لغتان، ومعناه وجوبه وحينه.
مسلم في القدَر، باب بيان أن الآجال والأرزاق
وغيرها لا تزيد ولا تنقص (4/ 2050) (2663).
الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (الرَّازِق)
أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 94 - 95
الرَّازقُ في اللغة اسمُ فاعِلٍ، فعلُه رَزَقَ يرزُق رَزْقًا ورِزْقًا.
والرِّزْقُ هو ما يُنْتَفعُ به وجمعه أَرْزاقٌ، والرِّزْقُ هو العَطاءُ.
واسْتَرْزَقه يعني: طَلَبَ منه الرِّزق، وقد يُسمَّى المطرُ رزقًا لأن الرِّزْقَ يكون على أَثرِه
ومعني قولِ اللهِ تعالى: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة: 82]
أي: شُكْرَ رزْقِكُم؛ مثلُ قولهم: مُطِرنا بنَوْءِ الثُّرِيَّا أو بِنَوْءِ كذا وكذا.
والأرزاقُ نوعانِ: ظاهرةٌ كالأقوات للأبدانِ
وباطنة كالمعارفِ والإيمانِ للقلوبِ والنُّفوسِ
لسان العرب (10/ 115).
والرازِقُ سُبحانه هو الذي يَرزُقُ الخلائقَ أَجمعينَ، وهو الذي قَدَّرَ أَرْزاقَهم قَبْلَ خلْق العالمين
وهو الذي تَكفَّلَ باستكمالِها ولو بَعْدَ حينٍ، فلنْ تموتَ نفسٌ إلا باستكمالِ رزقِها كما أخبرنا الصادقُ الأمينُ صلى الله عليه وسلم.
روى ابنُ ماجه، وصححه الألبانيُّ من حديث جَابر رضي الله عنه؛ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
"أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا الله وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ؛ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقوا الله وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ؛ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ"
ابن ماجه في كتاب التجارات، باب الاقتصاد في طلب المعيشة (2/ 725) (2144)
وانظر تصحيح الشيخ الألباني للحديث في صحيح الجامع حديث رقم (2742).
ومِن حديثِ أبي أُمامةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
قال: "إِنَّ رُوحَ القُدسِ نَفَثَ فِي رُوعي أَنَّ نفسًا لنْ تموتَ حتى تستكمِلَ أَجلَها وتستوعبَ رِزْقَها، فاتقوا اللهَ وأجْمِلُوا فِي الطلبِ، ولا يحمِلَنَّ أحدَكُم استبطاءُ الرِّزقِ أَنْ يطلبَهُ بمعصيةِ اللهِ، فإنَّ الله تعالى لا يُنالُ ما عندَهُ إلا بطاعتِهِ"[
انظر مسند الشهاب (2/ 185) (1151)
وانظر صحيح الجامع رقم (2085).
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [فاطر: 3]
فالرَّازق اسمٌ يدلُّ على وَصْفِ الرِّزْقِ المقَارنِ للخلقِ فِي التقديرِ الأزلي والميثاقي
فالله سبحانه قَدَّرَ خلْقَهم ورِزْقَهُم معًا قبلَ وجودِهم، وكتبَ أرزَاقَهُمْ فِي الدُّنيا والآخرِة قبل إنشائِهم، فالرّزقُ وصفٌ عامٌّ يتعلقُ بعمومِ الكونِ فِي عالمِ الملكِ والملكوتِ.
قال ابنُ تيميةَ:
"والرِّزق اسمٌ لكل ما يَغتذِى به الإنسانُ، وذلك يعمُّ رزقَ الدُّنيا ورزقَ الآخِرَةِ...
فلا بُدَّ لكل مخلوقٍ من الرِّزقِ
قال اللهُ تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]
حتى إنَّ ما يَتناوله العبدُ من الحرامِ هو داخلٌ فِي هذا الرزقِ، فالكفارُ قد يُرزقون بأسبابٍ محرَّمةٍ ويُرزقون رزقًا حسنًا، وقد لا يُرزقون إلا بتكلُّفٍ
وأهل التقوى يَرزقُهم الله من حيثُ لا يحتسبون، ولا يكون رزقُهم بأسبابٍ محرمةٍ ولا يكون خبيثًا
والتقيُّ لا يُحرَمُ ما يحتاجُ إليه مِنَ الرِّزقِ، وإنما يُحمَى من فضولِ الدُّنيا رحمةً به وإحسانًا إليه، فإِنَّ توسيعَ الرِّزقِ قد يكونُ مَضَرَّةً على صاحبه، وتقديرَهُ قد يكونُ رحمةً لصاحبِهِ
مجموع الفتاوى (16/ 52)
وانظر في معنى الاسم أيضًا:
الأسماء والصفات للبيهقي (ص: 86)