استشارات نفسية و اجتماعية - الصفحة 17 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

استشارات نفسية و اجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-09-06, 16:34   رقم المشاركة : 241
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف يربي أبناءه على الصلاح

السؤال


أجد صعوبة في تربية أبنائي وإصلاحهم , وفي أغلب الأحيان فأنا أغضب وأضربهم .

أرجو أن تنصحني في هذا الخصوص ، وأن تدلني على كتب مفيدة تتناول هذا الموضوع .


الجواب

الحمد لله

تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين ، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم

وقد قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون التحريم / 6 .

يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية :

يقول تعالى ذكره يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله قوا أنفسكم يقول : علموا بعضكم بعضا ما تقون به من تعلمونه النار وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله واعملوا بطاعة الله .

وقوله وأهليكم ناراً يقول : وعلموا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار.

" تفسير الطبري " ( 28 / 165 ) .

وقال القرطبي :

قال مقاتل : ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه ، قال إلكيا : فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغني عنه من الأدب وهو قوله تعالى : وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها

ونحو قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم : وأنذر عشيرتك الأقربين

وفي الحديث : " مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع " .

" تفسير القرطبي " ( 18 / 196 ) .

والمسلم - أي مسلم – داعية إلى الله تعالى ، فليكن أولى الناس بدعوته أولاده وأهله من الذين يلونه

فالله تعالى عندما كلف الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة قال له : وأنذر عشيرتك الأقربين الشعراء / 214 ، لأنهم أولى الناس بخيره ورحمته وبره .

وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤولية رعاية الأولاد على الوالدين وطالبهم بذلك :

عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة

راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن رعيته " .

رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .

ومن واجبك أن تنشئهم من الصغر على حب الله ورسوله وحب تعاليم الإسلام وتخبرهم أن لله ناراً وجنة ، وأن ناره حامية وقودها الناس والحجارة ، وإليك هذه القصة ففيها عبرة :

قال ابن الجوزي :

كان ملِك كثيرَ المال ، وكانت له ابنة لم يكن له ولد غيرها ، وكان يحبها حبّاً شديداً ، وكان يلهيها بصنوف اللهو ، فمكث كذلك زماناً

وكان إلى جانب الملك عابدٌ ، فبينا هو ذات ليلة يقرأ إذ رفع صوته وهو يقول يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة فسمعت الجارية قراءته

فقالت لجواريها : كفوا ، فلم يكفوا ، وجعل العابد يردد الآية والجارية تقول لهم : كفوا ، فلم يكفوا ، فوضعت يدها في جيبها فشقت ثيابها ، فانطلقوا إلى أبيها فأخبروه بالقصة

فأقبل إليها ، فقال : يا حبيبتي ما حالك منذ الليلة ؟ ما يبكيك ؟

وضمها إليه ، فقالت : أسألك بالله يا أبت ، لله عز وجل دار فيها نار وقودها الناس والحجارة ؟

قال : نعم ، قالت : وما يمنعك يا أبت أن تخبرني ، والله لا أكلتُ طيِّباً ، ولا نمتُ على ليِّنٍ حتى أعلم أين منزلي في الجنة أو النار .

" صفوة الصفوة " ( 4 / 437-438 ) .

وينبغي عليك أن تبعدهم عن مراتع الفجور والضياع وألا تتركهم يتربون بالسبل الخبيثة من التلفاز وغيره ثم بعد ذلك تطالبهم بالصلاح

فإن الذي يزرع الشوك لا يحصد العنب ، ويكون ذلك في الصغر ليسهل عليهم في الكبر وتتعوده أنفسهم ويسهل عليك أمرهم ونهيهم ويسهل عليهم طاعتك .

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " مروا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ".

رواه أبو داود ( 495 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 5868 ) .

ولكن ينبغي على المؤدب أن يكون رحيماً حليماً سهلاً قريباً غير فاحش ولا متفحش يجادل بالتي هي أحسن بعيداً عن الشتائم والتوبيخ والضرب

إلا أن يكون الولد ممن نشز عن الطاعة واستعلى على أمر أبيه وترك المأمور وقارف المحظور فعندئذٍ يفضَّل أن يستعمل معه الشدة من غير ضرر .

قال المناوي :

لأن يؤدب الرجل ولده عندما يبلغ من السن والعقل مبلغاً يحتمل ذلك بأن ينشئه على أخلاق صلحاء المؤمنين ويصونه عن مخالطة المفسدين ويعلمه القرآن والأدب ولسان العرب ويسمعه السنن

وأقاويل السلف ويعلمه من أحكام الدين ما لا غنى عنه ويهدده ثم يضربه على نحو الصلاة وغير ذلك

: خير له من أن يتصدق بصاع

لأنه إذا أدبه صارت أفعاله من صدقاته الجارية ، وصدقة الصاع ينقطع ثوابها ، وهذا يدوم بدوام الولد والأدب غذاء النفوس وتربيتها للآخرة قوا أنفسكم وأهليكم ناراً التحريم / 6 .

فوقايتك نفسك وولدك منها أن تعظها وتزجرها بورودها النار وتقيم أودهم بأنواع التأديب فمن الأدب الموعظة والوعيد والتهديد والضرب والحبس والعطية والنوال والبر فتأديب النفس الزكية الكريمة غير تأديب النفس الكريهة اللئيمة .

" فيض القدير " ( 5 / 257 ) .

والضرب وسيلة لاستقامة الولد ، لا أنه مرادٌ لذاته ، بل يصار إليه حال عنت الولد وعصيانه.

والشرع جعل نظام العقوبة في الإسلام وذلك في الإسلام كثير كحد الزاني والسارق والقاذف وغير ذلك ، وكلها شرعت لاستقامة حال الناس وكف شرهم .

وفي مثل هذا جاءت الوصية عن الرسول صلى الله عليه وسلم معلماً الأب ردع الولد :

عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه و سلم قال : " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ، فإنه أدب لهم " .

رواه الطبراني ( 10 / 248 ) .

والحديث : حسّن إسنادَه الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8 / 106 ) .

وقال الألباني في صحيح الجامع ( 4022 ) : حسن .

فتربية الأولاد تكون ما بين الترغيب والترهيب ، وأهم ذلك كله إصلاح البيئة التي يعيش بها الأولاد بتوفير أسباب الهداية لهم وذلك بالتزام المربيين المسؤولين وهما الأبوان .

ومن الطرق التي ينجح المربي بها في تربية أولاده استخدام جهاز المسجل لسماع المواعظ وأشرطة القرآن وخطب ودروس العلماء حيث هي كثيرة .

أما الكتب التي سألت عنها والتي يمكن الرجوع إليها في تربية الأولاد فنوصيك بما يلي :

تربية الأطفال في رحاب الإسلام .

تأليف : محمد حامد الناصر ، وخولة عبد القادر درويش .

كيف يربي المسلم ولدَه .

تأليف : محمد سعيد المولوي .

تربية الأبناء في الإسلام .

تأليف : محمد جميل زينو .

كيف نربي أطفالنا .

تأليف : محمود مهدي الإستانبولي .

مسئولية الأب المسلم في تربية الولد

تأليف : عدنان با حارث

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-09-06, 16:39   رقم المشاركة : 242
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

دور الآباء تجاه أبنائهم ، في وسط مجتمع لا يساعد على التربية ؟!!

السؤال

هناك ظاهرة شائعة بين الشباب في الغرب ، ألا وهي أن الآباء يتركون أبناءهم يفعلون بعض الأشياء الحرام ظانين أن ذلك يحميهم من السقوط فيما هو أشد

مثال ذلك : أن الآباء يقولون : إنهم يتركون أبناءهم يستمعون إلى الموسيقى بدلاً من خروجهم ومخالطتهم أصحاب السوء ، أو تركهم للمنزل بالكلية

ويخشى الآباء من تطبيق شرع الله في بيوتهم خشية فرار أبنائهم ، فما رأي الإسلام في ذلك ؟ .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

يختلف نجاح وفشل المسلم في تربية أولاده تبعاً لاختلاف اعتبارات كثيرة ، ومما لا شك فيه أن للبيئة التي يسكنون فيها دور كبير في نجاح تلك التربية وفشلها .

يرجى مراجعة إجابة السؤال القادم

ثانياً:

يجب أن يعلم الوالدان أن الله تعالى قد استرعاهم رعية ، ووجب عليهم أداء الأمانة كما أمرهم الله تعالى بذلك في محكم التنزيل ، وجاءت السنَّة النبوية مؤكدة لهذا الأمر في كثير من الأحاديث الصحيحة

كما جاءت نصوص الوحي بالوعيد لمن لم يحط رعيته بنصح ، ولمن فرَّط في الأمانة التي ائتمنه الله عليها .

عن مَعْقِلِ بْنِ يسار المُزنيِّ قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّة يَموتُ يَوْمَ يَمُوتُ وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللهُ عليه الجَنَّةَ ) .

وفي رواية : ( فَلَمْ يَحُطْها بِنَصِيحَةٍ إِلا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ ) رواه البخاري (6731) ومسلم (142) .

ثالثاً:

قد أمر الله تعالى أولياء أمور الأولاد بتربيتهم منذ صغرهم على الطاعة ، ومحبة الدِّين ، وهم وإن لم يكونوا مكلفين بسبب عدم بلوغهم : لكنه لا يُنتظر البلوغ لتوجيه النصح والإرشاد والأمر بالطاعة

لأن الغالب على هذا السن أنه لا يستجيب أصحابه إلا أن يكونوا على تربوا على ذلك وتعلموه من أهلهم في صغرهم ، ومن هنا جاء الأمر للأولياء بتعليم الأولاد الصغار الصلاة منذ سن السابعة

وبالضرب عليها في سن العاشرة ، وكان الصحابة يصوِّمون أولادهم الصغار ؛ تعويداً لهم على محبة الدين ، وشرائعه ، ليسهل عليهم تنفيذ الأوامر والابتعاد عن النواهي عند الكبَر .

عن عبد الله بن عمرو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ ) .

أبو داود ( 495 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ : أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتِى حَوْلَ الْمَدِينَةِ : ( مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ )

فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ.

رواه البخاري (1960) ومسلم (1136) .

وكما يربونهم على فعل الطاعات : فإنهم يمنعنونهم من المحرمات ، وفعل الولد للطاعة إنما يكون أجرها له ولمن علّمه وشجعه عليها

وأما فعل المعصية : فإن الصغير لا يأثم ، وإنما يأثم من مكَّنه منها ، وترك بابها مفتوحا أمامه ولم يغلقه ، وأما من دله عليها ، فهذا كمن فعل !!

ولذا فإنه ليس من التشدد في شيء أن يربي المسلم أولاده على الطاعة ، وأن يمنعهم من فعل المحرمات ، كلبس الذكر للذهب ، أو الحرير ، أو لبس الأنثى لثياب الذكور ، أو الكذب ، والسرقة ، والشتم

وغيرها من المعاصي ، كما أنه ليس من التشدد أن يربي المسلم ابنته على الحياء ، والعفاف ، وعدم الاختلاط ؛ لأنه من شبَّ على شيء يُخشى عليه الاستمرار عليه .

قال ابن القيم - رحمه الله -
:
والصبي وإن لم يكن مكلفاً : فوليُّه مكلَّف ، لا يحل له تمكينه من المحرَّم , فإنه يعتاده ، ويعسر فطامه عنه .

" تحفة المودود بأحكام المولود " ( ص 162 ) .

وقال - رحمه الله - :

فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه ، وتركه سدى : فقد أساء غاية الإساءة ، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبَل الآباء ، وإهمالهم لهم

وترك تعليمهم فرائض الدين وسنُنه ، فأضاعوهم صغاراً ، فلم ينتفعوا بأنفسهم ، ولم ينفعوا آباءهم كباراً .

" تحفة الودود " ( ص 229 ) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة :

بالنسبة لأولادي الصغار : هل تعليمهم آداب الإسلام ، وإلزام البنات منهم الصغار بالملابس الإسلامية ، هل يعتبر ذلك تشدداً ؟

وإذا كان فعْلي هذا صحيحاً : فما الدليل عليه من الكتاب والسنَّة ؟ .

فأجابوا :

ما ذكرتيه من إلزام البنات بالملابس الواسعة والساترة ، وتعودهن على ذلك من الصغر : هذا ليس من التشدد ، بل أنتِ على حق في تربيتهم التربية الإسلامية .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 25 / 285 ، 286 ) .

وفي كتابه " مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة "

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

يقول أهل العلم : إنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم إلباسه الكبير ، وما كان فيه صور : فإلباسه الكبير حرام ، فيكون إلباسه الصغير حراماً أيضاً ، وهو كذلك .

والذي ينبغي للمسلمين أن يقاطعوا مثل هذه الثياب ، والأحذية حتى لا يدخل علينا أهل الشر والفساد من هذه النواحي ، وهي إذا قوطعت فلن يجدوا سبيلا إلي إيصالها إلي هذه البلاد وتهوين أمرها بينهم .

وسئل – بعدها - :

هل يجوز لبس الأطفال الذكور مما يخص الإناث كالذهب والحرير أو غيره والعكس ؟ .

فأجاب :

هذه مفهومة من الجواب الأول ، قلت : إن العلماء يقولون إنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم إلباسه البالغ ، وعلى هذا فيحرم إلباس الأطفال من الذكور ما يختص بالإناث وكذلك العكس .

وسئل – بعدها - :

هل يدخل تحت هذا إسبال الثياب للأطفال الذكور؟ .

فأجاب :

نعم يدخل . انتهى

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-09-06, 16:43   رقم المشاركة : 243
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ابنها يقع في الفاحشة ، فهل تحاسب على أفعاله ؟

السؤال


يبلغ ابني من العمر 15 عاما ، وقد ولد في أمريكا ونشأ فيها . ابني له صديقات

وقد اكتشفت مؤخرا أنه يمارس الجنس مع إحداهن . وأنا أشعر بالذنب

لكني لا أعرف كيف أتصرف .

هل سيعاقبني الله جراء تصرفاته ؟.

الجواب

الحمد لله


ليس أعظم من المصيبة في الدين ؛ فهي المصيبة حقا ، نسأل الله السلامة منها ، وليس أكرم على الإنسان ـ بعد نفسه ـ من ولده ؛ فبهم سرور القلب وقرة العين

قال الله تعالى:( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ) الفرقان/74

لكن القلب لا يُسَرُّ ، والعين لا تَقَرّ إلا بذرية صالحة ، طائعة لله

قال الحسن البصري :

( هي والله أن يُري الله ُ العبدَ من زوجته ، من أخيه ، من حميمه طاعة الله ، لا والله ما شيء أحب من أن يرى ولدا ، أو والدا ، أو حميما ، أو أخا مطيعا لله عز وجل )

تحفة المودود لابن القيم ص 424

ولا شك أن أعظم ما يُسْأَل عنه الوالدان من حفظ أبنائهما ورعايتهم ، تربيتهم على طاعة الله تعالى ، وطردهم عن معصيته

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) التحريم/6

َقَالَ مُجَاهِد وغيره من السلف :

أَوْصُوا أَهْلِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّه وَأَدِّبُوهُمْ ، وقال قتادة : مُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللَّه وَانْهَوْهُمْ عَنْ مَعْصِيَته .

وفي الصحيحين من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما ،ُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ

فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ

أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) البخاري 2554 ومسلم 1829.

فقد دل هذا الحديث على أَنَّ الْمُكَلَّف يُؤَاخَذ بِالتَّقْصِيرِ فِي أَمْر مَنْ هُوَ فِي حُكْمه ، وتحت رعايته .

وقد نص الحديث على دخول الوالدين في هذا الأصل العام : ( وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ )

فالوالدان مسئولان عن أبنائهما ، لأَنَّهُا أُمِرَا أَنْ يَحْرِصا عَلَى وِقَايَتهمْ مِنْ النَّار , وَامْتِثَال أَوَامِر اللَّه

وَاجْتِنَاب مَنَاهِيه . فإذا قام الوالدان بما يجب عليهما من تربية أولادهما التربية الصحيحة ولم يقصرا في ذلك ، فإنه لا إثم عليهما في هذه الحال إذا انحرف أولادهما . قال الله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الأنعام/164

وإذا كان كل أحد يفهم من الشرع ، وببديهة عقله ، أنه إن فرط في واجب الأدب والتربية نحو أولاده

فإنه مسئول عما وقعوا فيه من انحراف ، فإن مسئولية الأسرة التي تعيش في الغرب نحو أبنائها مسئولية من لون آخر ، هي أعظم من ذلك كله ؛ إنها مسئولية من ألقى ثمرة فؤاده في اليم ، مكتوفا !! .

وفي حالة ولدكما ، ومثلها كثير ، كان ينبغي سد أبواب الفتنة قبل أن تستفحل وتشتعل نارها ؛ فليس في الإسلام علاقة صداقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه ، لاسيما في هذه المرحلة الخطيرة من عمر ابنكما .

لكن السؤال الأهم ، الآن ، فعلا هو : كيف نتصرف ؟

إن عليكما ، أنت وأبوه ، أن تتحيلا بكل حيلة سريعة لإبعاد ولدكما عن هذه العلاقات الآثمة

وقطع علاقاته بالنساء الأجنبيات ، حتى ولو تحققتما من أن هذه العلاقة لم تصل إلى أوحال الزنا ؛ فقد ذكرنا أن أصل هذه العلاقة مرفوض في الشرع .

وقد يكون من أهم الوسائل لإبعاده عن تلك العلاقات المحرّمة التعجيل في تحصينه بالزواج

ولذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء ٌ) متفق عليه

الباءة أي : تكاليف الزواج .

ومعنى وجاء أي : وقاية من الوقوع في الإثم .

لكنكما تعلمان أن إبعاد الشاب عن تلك العلاقات المحرمة ليس بالأمر السهل ، بل تكاد هذه المهمة تكون مستحيلة في البلاد التي تعيشون فيها ؛ فإن المحضن الغربي الذي تنمو فيه قلوب هذه الذرية وعقولها

ملوث بكل لون من فتن الشبهات والشهوات ، تلك الفتن التي أحالت

الجيل الثاني والثالث من أبناء المسلمين هناك ، إلى أجيال تتفلت يوما بعد يوم من شعائر الإسلام وشرائعه ، وتتشرب بدلا منها قِيَم الغرب وأخلاقه ، حتى لا يكاد يبقى لها في نهاية الأمر إلا " بركة " النسب !!

فيعود السؤال إليكما مرة ثانية : هل عندكما من القوة في أمر الله ، والخوف من إضاعة الأمانة نحو نفسيكما أولا ، ثم نحو ذريتكما ثانيا ، والرغبة في إصلاح ما فات

هل عندكما من ذلك كله ما يدفعكما للتضحية بمتاع الدنيا وزينتها في بلاد الغرب ، والعودة بأبنائكما إلى بلدكم ، أو إلى حيث تكونون أكثر أمنا على دينكم ، قبل أن يفوت الأوان

ويأتي الموت على هذه الحال ؛ فيقول قائل : ( رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ) المؤمنون/99-100 ، وقبل أن نرى تأويل ما فعلنا

أي : عاقبته : ( يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) الأعراف/99 ؟

أم إن المسؤولية لا تستحق هذه التضحية ؟!

وقد تقولون : إن أكثر بلاد المسلمين اليوم يعج بالفتن والمنكرات ، فلن تتوفر لنا البيئة الصالحة لتنشئة الذرية على الشرع النقي ، فما الفائدة من هذه النقلة ؟ !

فيقال : نعم ، وأنتم محقون إلى حد كبير ، لكن إذا لم نستطع جلب الخير كله ، فلنكسب أقصى ما نستطيع منه ، وإذا لم يمكن دفع الشر كله ، فلندفع أقصى ما يمكننا منه ، وبعض الشر أهون من بعض !!

والأمر فقط يحتاج إلى صدق مع النفس ، وصدق الله العظيم : ( بَلْ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) القيامة/14-15

والله يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-09-06 في 16:44.
رد مع اقتباس
قديم 2019-09-20, 16:11   رقم المشاركة : 244
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل تحذر أولادها من عمتهم التي لها سوابق

السؤال

أخت زوجي لها سوابق في الزنا بالمحرمات ، وقطعنا عنهم فترة 15 سنة ، ثم رجع زوجي يكلمهم ، فخفت على أولادي فطعنت بشرفها أمامهم ليبعدوا عنها ، قلت : إن عمتكم مارست الجنس مع خالها

فهل يجوز ذلك لأبعد أطفالي - مع أن أطفالي منقطعون عنها ، ولكن خفت من زوجي يؤثر عليهم - ؟

فتكلمت على شرفها ، هل يجوز ؟ . وجزاكم الله خيراً .


الجواب

الحمد لله

حفظت الشريعة المطهرة أعراض الناس من أن تنال بالسوء ، فشرعت لذلك حدَّ الزنى ، وحدَّ القذف ، حتى لا يجرؤ أحد على انتهاك أعراض الناس بالفعل وهو يعلم أن مصيره الجلد

أو الرجم حتى الموت ، إلا أن يكون مفضلاً للخزي والعار والموت ، على الطهارة والنقاء والسلامة

كما لا يجرؤ أحد على انتهاك أعراض الناس بالقول وهو يعلم أنه سيقام عليه حدُّ القذف ، وسترد شهادته ، ويكون من الفاسقين ، إلا أن يكون متجرِّئا على الباطل ، راضياً بالسوء والمنكر ، على طهارة اللسان وعفته .

وأنت أيتها الأخت السائلة : لا يخلو ما قلتيه في حق أخت زوجك من أمرين :

الأول : أن تكون الجريمة منها غير ثابتة عليها شرعاً ، وإنما هي أقاويل وافتراءات .

والثاني : أن تكون تلك الجريمة ثابتة عليها .

وثبوت تلك الجريمة لا يكون بادعاء الناس ، ولا بأقاويلهم المفتراة ، بل لا بدَّ من ثبوتها بإحدى الطرق الشرعية ؛ حماية للأعراض ؛ وحفظاً لها من طعن السفهاء ، ومن طرق ثبوت جريمة الزنى – بالمحارم وبغيرهم - :

1. شهادة أربعة رجال ، يرون الفرج في الفرج – كالميل في المكحلة - .

2. اعتراف الزانية على نفسها أنها فعلت تلك الجريمة .

ولا يعد اعتراف الطرف الآخر بينة على طرفه المقابل حتى يعترف هو بفعله .

وعليه :

فلو أن تلك الجريمة المدعاة على أخت زوجتك لم تكن ثابتة بشهادة الشهود

ولا باعترافها : فإن قولك لأبنائك عنها : يعد قذفاً تستحقين عليه الحدَّ الشرعي ، فيلزمك أن تتوبي وتستغفري ربك تعالى ، وتكذِّبي نفسك أمام أولادك .

قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/ 4 ، 5 .

وقال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النور/ 23 .

قال الإمام ابن جرير الطبري – رحمه الله - :

والذين يَشْتمون العفائف من حرائر المسلمين ، فيرمونهنّ بالزنا ، ثم لم يأتوا على ما رمَوْهن به من ذلك بأربعة شهداء عدول يشهدون عليهنّ أنهنّ رأوهن يفعلن ذلك : فاجلدوا الذين رموهن بذلك ثمانين جلدة

ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ، وأولئك هم الذين خالفوا أمر الله وخرجوا من طاعته ففسقوا عنها .

" تفسير الطبري " ( 19 / 102 ) .

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

قوله تعالى في هذه الآية : ( يرمون ) معناه : يقذفون المحصنات بالزنا صريحاً ، أو ما يستلزم الزنا

كنفي نسب ولد المحصنة عن أبيه ؛ لأنه إن كان مِن غير أبيه : كان مِن زنى ، وهذا القذف هو الذي أوجب الله تعالى به ثلاثة أحكام :

الأول : جلد القاذف ثمانين جلدة .

والثاني : عدم قبول شهادته .

والثالث : الحكم عليه بالفسق .

فإن قيل : أين الدليل من القرآن على أن معنى ( يرمون المحصنات ) في هذه الآية : هو القذف بصريح الزنى ، أو بما يستلزمه كنفي النسب ؟ .

فالجواب : أنه دلت عليه قرينتان من القرآن :

الأولى قوله تعالى : ( ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ) بعد قوله ( يَرْمُونَ المحصنات ) ، ومعلوم أنه ليس شيء من القذف يتوقف إثباته على أربعة شهداء إلا الزنى

ومن قال: إن اللواط حكمه حكم الزنى : أجرى أحكام هذه الآية على اللائط .

القرينة الثانية : هي ذكر ( المحصنات ) بعد ذكر الزواني في قوله تعالى ( الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً ) النور/ 3

وقوله تعالى : ( الزانية والزاني فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ) النور/ 2

فذِكْر المحصنات بعد ذكر الزواني : يدل على إحصانهن ، أي : عفتهن عن الزني ، وأّن الذين يرمونهن إنما يرمونهن بالزنى .

" أضواء البيان " ( 5 / 431 ) .

وأما إن كانت تلك الجريمة المنكرة قد ثبتت على أخت زوجك أنها فعلتها بشهادة أربعة عدول ، أو باعترافها : فإنها تكون مرتكبة لجريمة نكراء

وإذا كان الزنى من كبائر الذنوب : فإن الزنى بالمحارم أقبح منه ، وأشد إثماً ، وأعظم جرماً .

قال ابن نجيم الحنفي – رحمه الله - :

والزنا محرم بجميع أنواعه ، وحرمة الزنا بالمحارم أشد ، وأغلظ ، فيجتنب الكل .

" البحر الرائق شرح كنز الدقائق " ( 8 / 221 ) .

وقال ابن حجر الهيتمي – رحمه الله - :

وأعظم الزنا على الإطلاق : الزنا بالمحارم .

" الزواجر عن اقتراف الكبائر " ( 2 / 226 ) .

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن من زنى بمحرم من محارمه قتل

سواء أكان محصناً أم غير محصن ، وذهب جمهور الفقهاء إلى أن عقوبة الزنى بالمحارم هي عقوبة الزاني بالأجنبية ، فيجلد مئة جلدة إن كان غير محصن ، ويرجم حتى الموت إن كان محصناً .

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - :

قد اتفق المسلمون على أن من زنا بذات محرم فعليه الحد ، وإنما اختلفوا في صفة الحد هل هو القتل بكل حال

أو حده حد الزاني ، على قولين ، فذهب الشافعي ، ومالك ، وأحمد - في إحدى روايتيه - : إلى أن حدَّه حد الزاني ، وذهب أحمد ، وإسحق ، وجماعة من أهل الحديث إلى أن حدَّه القتل بكل حال .

" الجواب الكافي " ( ص 123 ) .

ومن آثار ثبوت تلك الجريمة على أخت زوجك : أنه لا يعد ما قلتيه في حقِّها قذفاً ، إلا إن كانت قد تابت من ذلك الفعل توبة نصوحاً ، أو أقيم عليها الحد الشرعي – إن كان الحد هو الجلد -

فإن ثبتت جريمتها ، ولم تتب منها ، ولم يقم عليها حد الجلد : جاز تحذير أولادك وغيرهم ممن يمكن أن يتأثروا بها ، أو تسوء أخلاقهم بمصاحبتها وزيارتها ، وليس هذا من الغيبة المحرمة ، بل هو من الغيبة الجائزة .

قال النووي – رحمه الله -
:
اعلم أنَّ الغيبةَ وإن كانت محرّمة : فإنها تُباح في أحوال ، للمصلحة ، والمُجوِّزُ لهَا غرض صحيح شرعي ، لا يمكن الوصولُ إليه إلا بها ، وهو أحد ستة أسباب :
...
الرابع : تحذير المسلمين من الشرّ ، ونصيحتهم .

" الأذكار للنووي " ( ص 792 ) .

على أن يكون ذلك التحذيرعلى وجه النصح ، لا لدافع شخصي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح ، وابتغاء وجه الله تعالى ، لا لهوى الشخص مع الإنسان ، مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية ، أو تحاسد ، أو تباغض

أو تنازع على الرئاسة ، فيتكلم بمساويه مظهراً للنصح ، وقصده في الباطن الغض من الشخص ، واستيفاؤه منه ، فهذا مِن عمل الشيطان ، و( إنما الأعمال بالنيات

وإنما لكل امرئ ما نوى ) ، بل يكون الناصح قصده أنَّ الله يصلح ذلك الشخص ، وأن يكفي المسلمين ضرره في دينهم ، ودنياهم ، ويسلك في هذا المقصود أيسر الطرق التي تمكنه .

" مجموع الفتاوى " ( 28 / 221 )
.
والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-09-20, 16:18   رقم المشاركة : 245
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تحرم عليه زوجته إذا زنى بأختها؟

السؤال

هل إذا زنى الرجل بأخت زوجته تحرم عليه زوجته ؟


الجواب

الحمد لله

حرم الله تعالى على الرجل أن يجمع بين الأختين

قال الله تعالى في ذكر المحرمات من النساء : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) النساء/23

واختلف العلماء فيمن زنى بأخت امرأته هل يكون الزنا كالزواج بها أم لا ؟

قال ابن قدامة في "المغني"

: " فإن زنى بأخت امرأته فقال أحمد : يمسك عن وطء امرأته حتى تحيض ثلاث حيض .

ويحتمل أن لا تحرم بذلك أختها , ولا أربع سواها ; لأنها ليست منكوحة , ومجرد الوطء لا يمنع, بدليل الوطء في ملك اليمين لا يمنع أربعا سواها" انتهى .

واستدل من منعه من جماع امرأته حتى تنقضي عدة المزني بها ، بحديثين :

1. ما رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ ) .

2. وما رُْوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَلْعُونٌ مَنْ جَمَعَ مَاءً فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ ) .

والحديثان لا أصل لهما ، فهما موضوعان .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

"لا أصل له باللفظين .

وقد ذكر ابن الجوزي اللفظ الثاني ، ولم يعزه إلى كتاب من كتب الحديث ، وقال ابن عبد الهادي: لم أجد له سنداً بعد أن فتشت عليه في كتب كثيرة" انتهى .

" التلخيص الحبير " ( 3 / 343 ) .

والقول الصحيح : أن زناه لا أثر له في تحريم زوجته ، والعدة واجبة عليها إن أرادت النكاح بعد توبتها ، ولا تعلق لعدتها بجماعه لزوجته .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"قال في "الروض المربع" لمؤلفه الشيخ منصور البهوتي الحنبلي : " ومَن وطئ أخت زوجته بشبهة ، أو زنا : حرمت عليه زوجته ، حتى تنقضي عدة الموطوءة " .

يعني : لو أن رجلاً زنا بأخت زوجته - والعياذ بالله - قلنا له : إن زوجتك حرام عليك حتى تنقضي عدة المزني بها

فلو قدر أن المزني بها حملت من هذا الوطء : فلا تحل له زوجته حتى تضع المزني بها حملها

ولو بقي في بطنها أربع سنوات !! لكن تقدم لنا القول الراجح أن الزنا لا أثر له ، ولا يمكن أن نجعل السفاح مثل النكاح الصحيح" انتهى .

" الشرح الممتع " ( 12 / 133 ، 134 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-09-20, 16:27   رقم المشاركة : 246
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

معنى ( الخبيثات للخبيثين ) وهل يمكن العثور على زوجة صالحة ظاهراً وباطناً ؟!

السؤال


كتبت هذه الرسالة بعد قراءتي لمقال وفي آخر المقال ذكر الموقف التالي: ساق اللالكائي بسنده أن الحسن بن زيد لما ذَكَرَ رجل بحضرته عائشة بذكر قبيح من الفاحشة ، فأمر بضرب عنقه ، فقال له العلويون

هذا رجل من شيعتنا ، فقال : معاذ الله ، هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم

قال الله عزّ وجلّ : ( الخبيثاتُ للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيِّباتُ للطّيِّبين والطَّيِّبون للطَّيِّبات أولئك مُبرَّئون ممّا يقولون لهم مَّغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ )

فإن كانت عائشة رضي الله تعالى عنها خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث ، فهو كافر ، فاضربوا عنقه ، فضربوا عنقه .

فما هو تفسير آية ( الخبيثاتُ للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيِّباتُ للطّيِّبين والطَّيِّبون للطَّيِّبات أولئك مُبرَّئون ممّا يقولون لهم مَّغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ ) ؟! وقد حدثت لي تجربة شخصية من عهد قريب

حيث تزوجت من فتاة كنت أعتقد فيها الصلاح ، وكان هدفي هو إقامة بيت مسلم أحاول فيه بكل جهدي أن أسير على نهج رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام

ومن بعده صحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين ، وبدون الكثير من التفاصيل فقد قصَّرت في حق نفسي ، ولم أُحسن السؤال عنها وعن أخلاقها

ووجدتها - غفر الله لي ولها - على جانب عظيم من الخبث ، وأكثر حديثها كذب وخداع ، ولم أشعر أن عندها أي حب للدين أو للالتزام

وقد طلقتها بعد أن أنجبتُ منها مرة واحدة بعدما يئستُ تماماً من الإصلاح ، وأنا في قلبي حب شديد للدِّين ، ولمن أراه من الصالحين ، وفي المقابل عندي بغض شديد لمن أراه غير ملتزم

وبالذات إن كان يصر على المعصية أو يجاهر بها ، المهم كانت تجربة زواجي وطلاقي أقسى وأمرّ ما مررت به في حياتي ، وأنا الآن خائف من تكرار التجربة

وهل سأجد من تعينني على الصلاح ، وكيف أطمئن طالما تعوَّد الناس على إظهار غير حقيقتهم وبالذات عند هذه الأمور ؟ لأني قبل أن أتزوج تلك الفتاة كنت قد استخرت الله كثيراً

وكنت أحيانا أبكي أثناء الصلاة ليرشدني الله ، وبالذات لما كنت أرى علامات منها ، أو من أسرتها لا تدل على الالتزام الحقيقي ، أنا لا أبرئ نفسي من الخطأ والتقصير ، ولا أزكى نفسي

ولكني - والله - أحب دينه ، وأغار عليه بشدة ، وأبغض الكذب بغضاً شديداً ، باختصار : فإني لست أظن مهما سألت أو جمعت المعلومات أو حاولت دراسة شخصية الفتاة قبل الارتباط بها - مع الضوابط الشرعية بالطبع

- أني سأحسن الاختيار ، إلا برحمة وفضل من الله ، كما أن الزواج أصبح شديد الصعوبة هذه الأيام ، وأصعب وأشد ما فيه هو كيف أجد هذه الزوجة الصالحة

فوالله إني لأظنه الآن من أصعب الأمور ، وأكاد أظنه من المستحيلات إلا بقدر الله وتوفيقه عز وجل ، وعندما أسمع أو أقرأ هذه الآية فإني بدون إرادتي أشعر بالحزن الشديد

فهل تعني هذه الآية أنني ما تزوجت هذه الفتاة إلا لأني أستحقها ؟ أعلم أنه بلاء من الله ، ولكني أبغي سماع رأي واضح في تفسير الآية ، وإن أمكن الرد على باقي ما ذكرته من الاستفسارات .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ )

النور/ 26 ، فقال بعضهم : هو الخبث والطِّيب في الأقوال

فيكون معنى الآية : الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال ، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من القول ، وكذا الكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس ، والطيبون من الناس للطيبات من القول .

وقال آخرون : هو الخبث والطيب من الأفعال

فيكون معنى الآية : الأفعال الخبيثات للخبيثين من الرجال ، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من الأفعال ، وكذا الأفعال الطيبات للطيبين من الناس ، والطيبون من الناس للطيبات من الأفعال .

والقول الثالث في الآية : أن الخبث والطيب هو من الأشخاص في النكاح

فيكون معنى الآية : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، وكذا الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء .

ولا مانع من حمل الآية على المعاني جميعها ، وإن كان أظهر الأقوال هو القول الأول ، وعليه الجمهور من المفسرين

ويليه : القول الثاني .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ) أي : كل خبيث من الرجال والنساء ، والكلمات ، والأفعال مناسب للخبيث ، وموافق له ، ومقترن به ، ومُشاكِل له ، وكل طيِّب من الرجال والنساء

والكلمات والأفعال مناسب للطيب ، وموافِق له ، ومقترن به ، ومشاكِل له ، فهذه كلمة عامة وحصر ، لا يخرج منه شيء ، من أعظم مفرداته : أن الأنبياء - خصوصا أولي العزم منهم

خصوصا سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي هو أفضل الطيبين من الخلق على الإطلاق - لا يناسبهم إلا كل طيب من النساء ، فالقدح في عائشة رضي الله عنها بهذا الأمر قدح في النبي صلى الله عليه وسلم

وهو المقصود بهذا الإفك من قصد المنافقين ، فمجرد كونها زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم يُعلم أنها لا تكون إلا طيبة طاهرة من هذا الأمر القبيح .

فكيف وهي هي ؟ صدِّيقة النساء ، وأفضلهن ، وأعلمهن ، وأطيبهن ، حبيبة رسول رب العالمين ، التي لم ينزل الوحي عليه وهو في لحاف زوجة من زوجاته غيرها

ثم صرح بذلك بحيث لا يُبقي لمُبطل مقالاً ، ولا لشك وشبهة مجالاً فقال :

( أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ) والإشارة إلى عائشة رضي الله عنها أصلا ، وللمؤمنات المحصنات الغافلات تبعا .
( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) تستغرق الذنوب .

( وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) في الجنة صادر من الرب الكريم .

" تفسير السعدي " ( ص 563 ) .

ثانياً:

ما نقلتَه بشأن قتل من قذف عائشة رضي الله عنها صحيح ، وهذا هو الذي ينبغي على الحكام المسلمين أن يفعلوه ، وهو قتل كل من قذف عائشة رضي الله عنها

لأن الطعن في عرض عائشة تكذيب للقرآن ، وطعن في النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل واحدٍ من هذين يوجب الكفر المخرج من الملة ، ويستحق فاعله القتل على الردة .

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 22 / 185 ) :

اتّفق الفقهاء على أنّ من قذف عائشة رضي الله عنها : فقد كذّب صريح القرآن الّذي نزل بحقّها

وهو بذلك كافر

قال تعالى - في حديث الإفك بعد أن برّأها اللّه منه - : ( يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ، فمن عاد لذلك : فليس بمؤمنٍ .

وهل تعتبر مثلها سائر زوجات النّبيّ صلى الله عليه وسلم ورضي اللّه عنهنّ ؟ .

قال الحنفيّة والحنابلة في الصّحيح واختاره ابن تيميّة : إنّهنّ مثلها في ذلك ، واستدلّ لذلك

بقوله تعالى : ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) .

والطّعن بهنّ يلزم منه الطّعن بالرّسول والعار عليه ، وذلك ممنوع .

والقول الآخر وهو مذهب الشّافعيّة والرّواية الأخرى للحنابلة : أنّهنّ - سوى عائشة - كسائر الصّحابة ، وسابّهنّ يجلد ، لأنّه قاذف .انتهى

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

قذْف عائشة بما برأها الله منه : كفر ؛ لأنه تكذيب للقرآن ، وفي قذف غيرها من أمهات المؤمنين قولان لأهل العلم ، أصحهما : أنه كفر ؛ لأنه قدح في النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن ( الخبيثات للخبيثين ) .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 5 / ص 86 ) .

ثالثاً:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ ) .

رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .

ليس من المستحيل أن يجد الرجل امرأة صالحة تعينه على طاعة الله ، وتقوم بخدمته ، وتربي أولاده ، وتحفظ ماله وبيته ، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بنكاح ذات الدِّين

ولولا أنه بمقدور الرجل واستطاعته أن يجد تلك المرأة المتدينة لما أوصاه نبيه صلى الله عليه وسلم بتزوجها ، وهو الذي أخبر في الحديث نفسه أن من الرجال من ينكح المرأة لجمالها ، ومنهم من ينكحها لحسبها

ومالها ، فالرجال يختارون من النساء كلٌّ حسب رغبته ، وعادته ، وعرفه ، والوصية لجميع المسلمين بأن يكون البحث عن ذات الدين ، والاقتران بها ؛ لأن في التزوج منها خيراً يراه الرجل في نفسه ، وفي بيته ، وعلى أولاده .

ولا ينبغي لك أخي السائل قطع الأمل من وجود امرأة صاحبة دين وخلق ، فما تزال أمة الإسلام بخير ، وما تزال بيوت المسلمين تربي أجيالاً من النساء يحملن أخلاق الإسلام ، ويتربين عليه .

ولا يعني فشل تجربة في الزواج أن الحكم سينساق ليشمل كل زواج بعده ، فلا يخرج ما حصل معك أولاً عن كونه عقوبة لك بسبب تقصيرك في السؤال والاستفصال عن المرأة التي تزوجتها .

والناس يعرف بعضهم بعضاً ، ويختلط بعضهم ببعض ، فلا يخفى حال الأسرة وأفرادها عن أقربائهم

وجيرانهم ، كما أن أفراد الأسرة يختلطون في المسجد ، والمدرسة ، والزيارات ، فتُعرف المرأة الصالحة من عكسها ، ويُعرف الرجل المتدين من عكسه ؛ وذلك بمحافظتهما على الصلاة

والالتزام بالشرائع الظاهرة ، والأخلاق في التعامل مع الآخرين ، وما يخفيه أحدهم في باطنه : فهذا مما لا يمكن لأحد معرفته

ولا يلام من اغتر بصلاح الظاهر وخفي عليه فساد الباطن ؛ إذ لم يكلفنا ربنا بشق بواطن الناس والاطلاع عليها .
ثم إن ما يجري على النساء اللاتي تبحث بينهن عن شريكةٍ لحياتك يجري عليك أيضاً

فما الذي يُدري الناس بحقيقة أمرك ، وعلم باطنك ؟! وقد أوصي الأولياء بأن يزوجوا أهل الدين والخلُق من الرجال ، وذلك بحسب ما يظهر منهم

مع السؤال والاستفصال من المقربين لهذا الخاطب ، وما قد يقع من الإيهام والخديعة من قبَل المرأة فإنه قد يقع مثله – بل وأضعافه – من الرجال ، فلا ينبغي لك أخي السائل أن تقلق وأن تغتم بسبب زواجك الأول

وكل ما عليك الآن هو البحث بأناة ، وسؤال أهل الخير عن الأسر الفاضلة الكريمة التي ربَّت بناتها على طاعة الله تعالى ، وعلى الأخلاق الفاضلة

ومن ثمَّ تخصص سؤالك عمن ترغب نكاحها من تلك الأسرة بسؤال صديقاتها وزميلاتها عن التزامها واستقامتها وعن أخلاقها وتعاملها ، وبذلك تكون حققت وصية النبي صلى الله عليه وسلم

والمرجو أن لا يخيب ظنك بها ، وأن لا تخيِّب أنت ظنهم بك .

ونسأل الله تعالى أن يوفقك لحسن الاختيار ، وأن يرزقك زوجة صالحة ، تعفُّك ، وتعفها ، وتُحسن إليها وتُحسن إليك ، وأن يرزقكم ذرية طيبة .

والله الموفق


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-14, 14:46   رقم المشاركة : 247
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل تحرم عليه زوجته إذا زنى بأختها؟


السؤال


هل إذا زنى الرجل بأخت زوجته تحرم عليه زوجته ؟

الجواب

الحمد لله

حرم الله تعالى على الرجل أن يجمع بين الأختين

قال الله تعالى في ذكر المحرمات من النساء : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) النساء/23

واختلف العلماء فيمن زنى بأخت امرأته هل يكون الزنا كالزواج بها أم لا ؟

قال ابن قدامة في "المغني"

: " فإن زنى بأخت امرأته فقال أحمد : يمسك عن وطء امرأته حتى تحيض ثلاث حيض .

ويحتمل أن لا تحرم بذلك أختها , ولا أربع سواها ; لأنها ليست منكوحة , ومجرد الوطء لا يمنع, بدليل الوطء في ملك اليمين لا يمنع أربعا سواها" انتهى .

واستدل من منعه من جماع امرأته حتى تنقضي عدة المزني بها ، بحديثين :

1. ما رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ ) .

2. وما رُْوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَلْعُونٌ مَنْ جَمَعَ مَاءً فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ ) .

والحديثان لا أصل لهما ، فهما موضوعان .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

"لا أصل له باللفظين .

وقد ذكر ابن الجوزي اللفظ الثاني ، ولم يعزه إلى كتاب من كتب الحديث ، وقال ابن عبد الهادي: لم أجد له سنداً بعد أن فتشت عليه في كتب كثيرة" انتهى .

" التلخيص الحبير " ( 3 / 343 ) .

والقول الصحيح : أن زناه لا أثر له في تحريم زوجته ، والعدة واجبة عليها إن أرادت النكاح بعد توبتها ، ولا تعلق لعدتها بجماعه لزوجته .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"قال في "الروض المربع" لمؤلفه الشيخ منصور البهوتي الحنبلي : " ومَن وطئ أخت زوجته بشبهة ، أو زنا : حرمت عليه زوجته ، حتى تنقضي عدة الموطوءة " .

يعني : لو أن رجلاً زنا بأخت زوجته - والعياذ بالله - قلنا له : إن زوجتك حرام عليك حتى تنقضي عدة المزني بها ، فلو قدر أن المزني بها حملت من هذا الوطء :

فلا تحل له زوجته حتى تضع المزني بها حملها ، ولو بقي في بطنها أربع سنوات !! لكن تقدم لنا القول الراجح أن الزنا لا أثر له ، ولا يمكن أن نجعل السفاح مثل النكاح الصحيح" انتهى .

" الشرح الممتع " ( 12 / 133 ، 134 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-14, 14:51   رقم المشاركة : 248
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

زوجها يحبها وصاحب دين ولكن هي لا تنجذب إليه

السؤال

تزوجت منذ فترة قصيرة ، ولكني لست سعيدة بهذا الزواج , ولا يوجد في زوجي عيب أو شيء منفِّر بل هو يحافظ على الصلاة في المسجد ، وصاحب أخلاق

ويحاول أن يتقي الله , المشكلة أنني لا أحبه ، مع أني كنت دائما أرغب بالزوج الملتزم ، قد أكون تسرعت في الموافقه لأنني لم أتعرف عليه جيداً قبل الزواج وكنت أحيانا وقت العقد أشعر بعدم القبول

أخاف من أن انفصل عنه من المستقبل المظلم ، ولكني مترددة ، الشيء الوحيد الذي يطمئني أنني استخرت الله قبل الموافقة عليه ، أنا لا أعلم ما أنا فيه وهل هذا ابتلاء حقا أم أنا التي صنعت هذا الهم لنفسها

وهل يمكن أن أكمل في زواجي هذا بهذا الشعور الداخلي وأنجب أولادا منه ، ويكبرون ، وتكون هذه حياتي مع شخص لست راضية به ، أم عليَّ أن أتناسى وأعيش هكذا بلا شعور مع زوجي ! .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

إن نعَم الله تعالى على الإنسان كثيرة وعظيمة ، وهو يعجز عن إحصائها ، فأنَّى يستطيع شكرها ؟!

ولذلك وَصف الله تعالى الإنسان بالظلم والجهل بعد بيان عظيم نعَم الله

قال تعالى : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم/ من الآية 34

فاعلمي أيتها الأخت أنك تتقلبين في نعم الله تعالى ، حيث رزقك الله بزوج صالح ، وبيت تأوين إليه ، في الوقت الذي ترتفع آهات كثيرة من نساء لا يجدن زوجاً

ومن وجدت فقد يكون ظالماً أو فاجراً ، وفي الوقت الذي تتشرد فيه الآلاف من النساء بسبب الفقر والحروب ، فاحرصي على شكر النعمة بالمحافظة عليها ، وأداء حقها ، واحذري من كفرانها ، وإلا سلبها الله منك

قال تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) إبراهيم/ 7 .

وحتى تعلمي عظم تلك النعم عليك انظري في حال من فقدها ، أو نقصت منه ، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لنا حتى لا يزدري أحدنا نعمة الله عليه .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ ) رواه مسلم ( 2963 ) .

ثانياً:

مما نعجب منه في رسالتك قولك " فأنا لم أتعرف على زوجي جيِّداً قبل الزواج " ! وهل تعتقدين أن ما يحدث قبل الزواج بين الرجل والمرأة هو شرعي أولاً ؟

وهل تظنين أنه بتلك العلاقة يتعرف الرجل على المرأة والعكس ؟

إن أكثر ما يحدث في فترة التعارف تلك ليس بشرعي ، بل هو مخالف للشرع ؛ حيث يكون التوسع في النظر والحديث ، والاختلاط المستهتر ، والخلوة المحرمة ، وغير ذلك من المنكرات الشرعية ، وهي مشهورة بين الناس .

وفي هذه الفترة لا يَظهر الرجل على حقيقته ، ولا المرأة كذلك ، بل يحاول كل واحد منهما أن يُظهر صفاتٍ جميلة ، وأخلاقاً عالية راقية ، ولا تظهر الحقائق إلا فيما بعد الزواج

وفي إحصائيات متعددة في دول مختلفة تبين أن الزواج الذي تسبقه علاقة " حب محرَّم " أفشل من ذلك الذي خلا من تلك العلاقة

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال القادم

وحسبنا تنبيهك أنه ليس ثمة حاجة لتلك الفترة لتتعرفي على زوجك ، وقد ذكرت من صفاته وأخلاقه ما يغنيك عن تلك الفترة للتعرف عليه .

إن الحب قبل الزواج قائم على المخادعة العاطفية ؛ إذ ليس في المرأة ما يجعلها محبوبة لزوجها إلا مظهرها الخارجي ! بخلاف الحب بعد الزواج فإن سببه المخالطة والمعاشرة

ولذا فإن الله تعالى يجعل بين الزوجين مودة ورحمة بعد زواجهما الشرعي ، لا قبله

كما قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/ 21 .

ثالثاً:

تقولين في سؤالك : " كنت دائما أرغب بالزوج الملتزم " ، ونقول لك : ها هي أمنيتك قد تحققت ، وها هي رغبتك قد تحصلت ، فقد رزقك الله زوجاً لا تعيبين عليه خلُقاً ولا دِيناً .

وقد استخرت الله تبارك وتعالى قبل إقدامك على هذا الزواج ، وهذا من أعظم أسباب توفيقك ، إن شاء الله

شريطة أن ترضي بما قسم الله تعالى وقدره لك

وتعلمي أن الله تعالى قد اختار لك الخير : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(البقرة : 216) .

ونحن معك في الخوف من المستقبل المجهول إذا ما فكرت في الانفصال عن هذا الزوج الصالح

وأنت تعلمين نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة ، ولو كانت امرأة صالحة ، وظلمت في زواجها الأول وهي نظرة خاطئة فكيف إذا عرف أنك انفصلت عن هذا الزوج الصالح ، من غير ما بأس ، ولا عيب فيه !!

بل إننا نخاف عليك ما هو أشد من ذلك.

ألم تسمعي إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم :

( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ ) رواه أبو داود (2226) وصححه الألباني .

وانظري جوابي السؤالين :الثاني و الثالث القادمين

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-14, 14:55   رقم المشاركة : 249
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الحب قبل الزواج أفضل

لسؤال

هل الزواج بعد قصة حب أكثر استقراراً في الإسلام أم الزواج الذي يرتبه الأهل ؟.

الجواب

الحمد لله

يختلف أمر هذا الزواج بحكم ما كان قبله ، فإن كان الحب الذي بين الطرفين لم يتعدَّ شرع الله تعالى ،

ولم يقع صاحباه في المعصية : فإنه يُرجى أن يكون الزواج الناتج من هذا الحب أكثر استقراراً

وذلك لأنه جاء نتيجة لرغبة كل واحدٍ منهما بالآخر .

فإذا تعلق قلب رجل بامرأة يحل له نكاحها أو العكس فليس له من حلٍ إلا الزواج لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لم نرَ للمتحابَّيْن مثل النكاح "

رواه ابن ماجه ( 1847 ) وصححه البوصيري والشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 624 ) .

قال السندي – كما في هامش " سنن ابن ماجه " - :

قوله " لم نر للمتحابين مثل النكاح " لفظ " متحابين " : يحتمل التثنية والجمع

والمعنى : أنه إذا كان بين اثنين محبة فتلك المحبة لا يزيدها شيء من أنواع التعلقات بالتقربات ولا يديمها مثل تعلق النكاح ، فلو كان بينهما نكاح مع تلك المحبة : لكانت المحبة كل يوم بالازدياد والقوة . انتهى .

وإن كان هذا الزواج جاء نتيجة علاقة حب غير شرعيَّة كأن يكون فيه لقاءات وخلوات وقبلات وما شابه ذلك من المحرَّمات : فإنه لن يكون مستقرّاً

وذلك لوقوع أصحابه في المخالفات الشرعيَّة والتي بنوْا حياتهما عليها مما يكون له أثره في تقليل البركة والتوفيق من الله تعالى ، لأن المعاصي سبب كبير لذلك

وإن ظهر لكثير من الناس بتزين الشيطان أن الحب بما فيه من تجاوزات يجعل الزواج أقوى .

ثم إن هذه العلاقات المحرَّمة التي كانت بينهما قبل الزواج ستكون سبباً في ريبة كل واحدٍ منهما في الآخر ، فسيفكر الزوج أنه من الممكن أن تقع الزوجة في مثل هذه العلاقة مع غيره

فإذا استبعد هذا تفكَّر في أمر نفسه وأنه قد حصل معه ، والأمر نفسه سيكون مع الزوجة ، وستتفكَّر في حال زوجها وأنه يمكن أن يرتبط بعلاقة مع امرأة أخرى ، فإذا استبعدت هذا تفكَّرت في أمر نفسها وأنه حصل معها .

وهكذا سيعيش كل واحدٍ من الزوجين في شك وريبة وسوء ظن ، وسيُبنى عليه سوء عشرة بينهما عاجلاً أو آجلاً .

وقد يقع من الزوج تعيير لزوجته بأنها قد رضيت لنفسها أن تعمل علاقة معه قبل زواجه منها ، فيسبب ذلك طعناً وألماً لها فتسوء العشرة بينهما .

لذا نرى أن الزواج إذا قام على علاقة غير شرعيَّة قبل الزواج فإنه غالباً لا يستقر ولا يُكتب له النجاح .

وأما اختيار الأهل فليس خيراً كلَّه ولا شرّاً كلَّه ، فإذا أحسن الأهل الاختيار وكانت المرأة ذات دينٍ وجمال ووافق ذلك إعجابٌ من الزوج ورغبة بزواجها : فإنه يُرجى أن يكون زواجهما مستقرّاً وناجحاً

ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الخاطب أن ينظر إلى المخطوبة ، فعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما "

رواه الترمذي ( 1087 ) وحسَّنه والنسائي ( 3235 ) .

قال الترمذي : ومعنى قوله " أحرى أن يؤدم بينكما " : أحرى أن تدوم المودة بينكما .

فإن أساء الأهل الاختيار ، أو أحسنوا ولم يوافِق عليها الزوج : فإنه سيُكتب لهذا الزواج الفشل وعدم الاستقرار غالباً ، لأن ما بني على عدم رغبة فإنه غالباً لا يستقر .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-14, 15:01   رقم المشاركة : 250
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحب الذي ينتهي بالزواج هل هو حرام ؟

السؤال

هل الحب الذي ينتهي بزواج حرام ؟.

الجواب

الحمد لله


أولاً : العلاقة التي تنشأ بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ، ويسميها الناس " الحب " هي مجموعة من المحرمات والمحاذير الشرعية والأخلاقية .

ولا يستريب عاقل في تحريم هذه العلاقة ، ففيها : خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية

ونظره إليها ، والكلام المليء بالحب والإعجاب مما يثير الغرائز ويحرّك الشهوات . وقد تصل هذه العلاقة إلى ما هو أعظم من ذلك . كما هو واقع ومشاهد الآن .

ثانياً :

أثبتت الدراسات فشل أكثر الزيجات المبنية على علاقة حبٍّ مسبق بين الرجل والمرأة ، بينما نجحت أكثر الزيجات التي لم تُبْنَ على تلك العلاقة المحرمة في الغالب ، والتي يسميها الناس "الزواج التقليدي" .

ففي دراسة ميدانية لأستاذ الاجتماع الفرنسي سول جور دون كانت النتيجة :

"الزواج يحقق نجاحاً أكبر إذا لم يكن طرفاه قد وقعا في الحب قبل الزواج".

وفي دراسة أخرى لأستاذ الاجتماع إسماعيل عبد الباري على 1500 أسرة كانت النتيجة أن أكثر من 75 % من حالات الزواج عن حب انتهت بالطلاق

بينما كانت تلك النسبة أقل من 5% في الزيجات التقليدية – يعني : التي لم تكن عن حبٍّ سابق .

ويمكن ذكر أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه النتيجة :

1- الاندفاع العاطفي يعمي عن رؤية العيوب ومواجهتها ، كما قيل : "وعين الرضا عن كل عيب كليلة" . وقد يكون في أحد الطرفين أو كلاهما من العيوب ما يجعله غير مناسب للطرف آخر ، وإنما تظهر تلك العيوب بعد الزواج .

2- العاشقان يظنان أن الحياة رحلة حب لا نهاية لها ، ولذلك نراهم لا يتحدثان إلا عن الحب والأحلام .. إلخ

أما المشكلات الحياتية وطرق مواجهتها ، فلا نصيب لها من حديثهم ، ويتحطم هذا الظن بعد الزواج ، حيث يصطدمان بمشكلات الحياة ومسؤولياتها .

3- العاشقان لم يعتادا على الحوار والمناقشة وإنما اعتادا على التضحية والتنازل عن الرغبة ، إرضاءً للطرف الآخر

بل كثيراً ما يحصل بينهما خلاف لأن كل طرف منهما يريد أن يتنازل هو ليرضي الطرف الآخر ! بينما يكون الأمر على عكس ذلك بعد الزواج

وكثيراً ما تنتهي مناقشاتهم بمشكلة ، لأن كل واحد منهما اعتاد على موافقة الطرف الآخر على رأيه من غير نقاش .

4- الصورة التي يظهر بها كل واحد من العشيقين للآخر ليست هي صورته الحقيقية ، فالرفق واللين والتفاني لإرضاء الآخر .. هي الصورة التي يحاول كل واحد من الطرفين إظهارها في فترة ما يسمى بـ "الحب"

ولا يستطيع الاستمرار على هذه الصورة طول حياته ، فتظهر صورته الحقيقية بعد الزواج ، وتظهر معها المشكلات.

5- فترة الحب مبنية غالباً على الأحلام والمبالغات التي لا تتناسب مع الواقع بعد الزواج . فالعاشق يَعِدها بأنه سيأتي لها بقطعة من القمر ، ولن يرضى إلا أن تكون أسعد إنسانة في الدنيا كلها .. إلخ .

وفي المقابل .. هي ستعيش معه في غرفة واحدة ، وعلى الأرض وليس لها أية طلبات أو رغبات ما دامت قد فازت به هو ، وأن ذلك يكفيها !! كما قال قائلهم على لسان أحد العاشقين : "عش العصفورة يكفينا"

و "لقمة صغيرة تكفينا" و "أطعمني جبنة وزيتونة" !!! وهذا كلام عاطفي مبالغ فيه . ولذلك سرعان ما ينساه الطرفان أو يتناسياه بعد الزواج

فالمرأة تشتكي من بُخل زوجها ، وعدم تلبيته لرغباتها ، والزوج يتأفف من كثرة الطلبات والنفقات .

فلهذه الأسباب - وغيرها - لا نعجب إذا صرّح كل واحد من الطرفين بعد الزواج بأنه خُدِع

وأنه تعجل , ويندم الرجل على أنه لم يتزوج فلانة التي أشار بها عليه أبوه ، وتندم المرأة على أنها لم تتزوج بفلان الذي وافق أهلها عليها ، غير أنهم ردوه تحقيقاً لرغبتها !

فتكون النتيجة تلك النسبة العالية جداً من نِسب الطلاق لزيجات كان يظن أهلها أنهم سيكونون مثالاً لأسعد الزيجات في الدنيا !!!

ثالثاً :

وهذه الأسباب السابق ذكرها أسباب حسية ظاهرة ، يشهد الواقع بصحتها ، إلا أننا ينبغي ألا نُهمل السبب الرئيس لفشل تلك الزيجات ، وهو أنها أقيمت على معصية الله – فالإسلام لا يمكن أن يقرّ تلك العلاقة الآثمة

ولو كانت بهدف الزواج - ، فكان العقاب الرباني العادل لأهلها بالمرصاد

. قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ) طـه/124 .

المعيشة الضيقة المؤلمة نتيجة لمعصية الله والإعراض عن وحيه .

وقال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) الأعراف/96

فالبركة من الله جزاء على الإيمان والتقوى ، فإذا عدم الإيمان والتقوى أو قلّ ، قلّت البركة أو انعدمت .

وقال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97

فالحياة الطيبة ثمرة الإيمان والعمل الصالح .

وصدق الله العظيم إذ يقول : ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ _ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) التوبة/109 .

فعلى من كان زواجه على هذا الأساس المحرم أن يسارع بالتوبة والاستغفار ، ويستأنف حياة صالحة قوامها الإيمان والتقوى والعمل الصالح .

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-14, 15:07   رقم المشاركة : 251
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

الصداقة والعشق بين الرجل والمرأة

السؤال

أنا شاب عمري خمسة عشر سنة وأعلم بأن اتخاذ عشيقة قد يدمر العائلة ولكن ماذا إذا كنا أصدقاء فقط بالسر ولا يدري بنا أحد ، بهذه الطريقة أضمن أن نبقى سويّاً ولا نقترف جريمة الزنا حتى موعد الزواج .

هل هناك حالة كهذه في قصص الحب القديمة ؟ .


الجواب


الحمد لله

أولاً :

ليس اتخاذ العشيقة مدمِّراً للأسرة فحسب ، بل هو مدمِّر للمجتمعات

وأهله متوعدون بعذاب الله وسخطه وانتقامه ، فالعشق مرضٌ يدمر قلب أهله ، ويقودهم إلى الفحشاء والمنكر ، ولا يزال الشيطان ينصب حبائله ويمهد الطرق حتى تقع الفاحشة فينال كل واحد مبتغاه من صاحبه .

وفي هذا الأمر من المحاذير الشيء الكثير ، فمنه الاعتداء على أعراض الناس ، وخيانة الأمانة

والخلوة ، والملامسة ، والتقبيل ، والكلام الفاحش ، ثم الفاحشة العظيمة التي تكون في نهاية هذا الطريق وهي فاحشة الزنا .

وقول السائل " ولا يدري بنا أحد " من العجائب ، فهل غفل عن ربه تعالى الذي يعلم السر وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ؟ .

فالنصيحة لك أخي السائل وأنت لا زلت في أول شبابك أن تلتفت لنفسك فتربيها على طاعة الله تعالى ومراقبته ، وأن تتقي الله في أعراض الناس

وأن تعمل ليومٍ تلقى فيه ربَّك بأعمالك ، وأن تتذكر فضيحة الدنيا والآخرة ، وأن تعلم أن عندك أخوات وسيكون عندك زوجة وبنات فهل ترضى لواحدة منهن ما تفعله أنت ببنات المسلمين ؟ الجواب : قطعا أنك لا ترضى

فكذلك الناس لا يرضون ، واعلم أنك قد ترى نتائج معاصيك هذه في بعض أهلك عقوبة لك من ربك تبارك وتعالى .

وعليك بالصحبة الصالحة ، وإشغال نفسك بما يحب الله ويرضى ، واهتمَّ بمعالي الأمور وعاليها ، ودعك من رذائل الأمور وسوافلها ، ولتستغل شبابك هذا في طاعة الله

وفي طلب العلم والدعوة إلى الله ، ولتعلم أن من كان في سنك بل وأصغر منه كانوا رجالاً يحفظون القرآن ، ويطلبون العلم ، ويبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم دعاةً إلى الله وإلى الدخول في دين الإسلام .

وننصحك بالزواج من امرأة صالحة متدينة تحفظ لك دينك وتحثك على الالتزام بشرع الله تعالى

وتحفظ لك أولادك وتربيهم على الخلق والدين ، ودع عنك من رضيت لنفسها أن تكون عشيقة لأجنبي عنها ، ومن رضيت لنفسها هذا فما الذي سيمنعها منه مستقبلاً ؟ .

وتذكر أنك تغضب ربك تعالى بمثل هذه المعاصي من الخلوة واللقاء والحديث والكلام ، وما بعد ذلك من الوقوع فيما هو أعظم .

واعلم أن الزنا ليس فقط زنا الفرج ، بل العين تزني ، والأذن تزني ، واليد تزني ، والرِّجل تزني

كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ذلك تمهيد لزنا الفرْج ، فلا يغرنك الشيطان ، فإنه عدو لك يريد لك الشر والسوء ويأمرك بالفحشاء والمنكر .

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :

التواصل بين المتحابين على غير وجهٍ شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل

ويقول إنه يرغب" في زواجها ، بل يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما .

وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل فهذا محل فتنة" .

" أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 868 ) .

ثانياً :

أما عن سؤالك عن وجود مثل هذه العلاقات المحرمة في قصص الحب القديمة فإنه على فرض وجودها عند السابقين لا يمكن أن يستدل بها على حكم شرعي

لأن الأحكام الشرعية المتعلقة بالتحريم والإباحة للشيء تؤخذ من الدليل الشرعي من الكتاب والسنة وما فيها من أمر أو نهي .

وبعض من نقلت عنه هذه القصص كان قبل الإسلام كعنترة وغيره

ويوجد مثل هذا في كل الثقافات الأخرى كما هو معلوم ، وهذا لا يمكن أن يؤخذ منه حكم شرعي لأن الإسلام جاء لإخراج النفس من شهوتها لعبودية الله رب العالمين .

نسأل الله لك الهداية والتوفيق .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-16, 15:42   رقم المشاركة : 252
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



متزوج ، وله مواهب متعددة ، ويعاني من التخبط والفوضوية

السؤال

مشكلتي أنني لا أعرف ما هي مشكلتي بالضبط !!!! أنا شاب قاربت الثلاثين من العمر ، متزوج ولدي بنت واحدة - ولله الحمد – المشكلة هي أنني شخص فوضوي لأبعد حدٍّ ، متخبط جدّاً

والمشكلة أني - ولله الحمد - متعدد المواهب ، فأنا شاعر ، وقاص ، ومبدع في التأليف ، والإخراج المسرحي والتلفزيوني ، وبارع في مجال الأدب والشعر ، وفي مجال التاريخ

وكذلك الثقافة العامة ، وفهم الواقع ، سريع الحفظ ، قوي الذاكرة , ومع ذلك فقد كنت مهملاً جدّاً في دراستي ، مع العلم أني كنت أستطيع التفوق ولكن ! أعشق النوم والكسل

نادراً ما أنجز شيئاً ، أحيانا طموحاتي تتجاوز حدود الخيال ، فأنا أريد أن أكون كل شيء ، فعندما أجد كتاباً في التاريخ

- مثلاً - : أجزم أني سأكون مؤرخاً كالطبري ، وعندما أشاهد عالِماً في التلفاز - مثلا - ويعجبني : أقرر بعدها أن أكون طالب علم يشار إليه بالبنان ، وبعد فترة أطالع قصيدة فأقول : سأكون شاعر الأمة الكبير

وهكذا تجدني في اليوم الواحد أقرر أن أكون أعظم رجل في العالم ، وأصل إلى كل شي ، وأكون ، وأكون ، والعجيب أني أحياناً أرسم ، وأضع خططاً وبرامج وأنا مبدع في ذلك

ولكنها حبر على ورق ، مع يقيني أني لو عملت ربع هذه الخطط لأصبحت أفضل بكثير مما أنا عليه الآن ، والأغرب من كل هذا أني متميز في مجال التربية ، والشباب ، والمراكز الصيفية

ولا يستطيع أحد أن يجاريني ، فالأسرة التي أكون أنا رئيسها في المركز : تكون الأولى في كل شيء ، ولكني لم أستطع أن أربي نفسي . أغراضي وملابسي دائما في فوضى

كل شي بعدي يكون فوضويّاً ، لا أعرف الترتيب ، ولا النظام ، أحس أن الأشخاص المنظمين أناس لا يستمتعون في حياتهم ، أحسهم كـ " الربورتات " التي تؤدي مهامها فقط . أنا كثير الأحلام والخيال

أما في الواقع : فلا شيء ، بصراحة وأنا الآن عاطل ، تركت الجامعة بعد سنوات طويلة ، فأنا متخرج من الثانوية قبل عشر سنوات تقريبا ، دخلت الجامعة وتنقلت بين عدة أقسام فيها ...

وفي مجال الأعمال الخيرية والتطوعية كنت الأبرز من بين الشباب ، وإذا استلمت عمل : أُبدع فيه ، ولكن سرعان ما أتركه حتى عُرف عني هذا الأمر

وأصبحت لا أُكلف بشي ، مع علمهم أنني أفضل من يقوم بأي أمر . عمري يقارب الثلاثين ، ولا يوجد لديَّ دخل ، مع أني متزوج

ولم أتعظ ، ولكني متضايق جدّاً من حالتي المزرية ، وأنا جاد في البحث عن الحل . والله المستعان .


الجواب


الحمد لله

نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى ، ونسأله تعالى أن ييسر أمرك ، ويفرِّج كربك ، ورسالتك تحمل في طياتها شعوراً صادقاً للبحث عن حلٍّ لما تعيشه من اضطرابٍ في التفكير

وخلل في التصور للأهداف الحياتية ، ولذا فسنحاول جهدنا الوصول بك إلى برِّ الأمان ، ونرجو أن تتعاون معنا بتحقيق ما نقوله لك في واقع العمل ، بعد أن تقرأه في واقع النظر .

1. إذا كنتَ مضطرباً في تحديد الهدف لحياتك فترى نفسك متنقلاً من مهنة إلى أخرى ، ومن عملٍ لآخر ، ومن موهبة لأختها : فلا ينبغي لك أن تتجاهل الغاية التي من أجلها خُلقت

بل خلق الإنس والجن من أجلها ، وهي توحيد الله وعبادته

قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/ 56 ، ومعرفتك لغاية واحدة خُلقت لأجلها ، وسيرك في هذه الحياة الدنيا من أجل تحقيقها هو أيضاً عامل مساعد قوي في حل مشكلتك

فإن نسيت أو غفلت أو ضيعتك هموم الدنيا فإياك أن تغفل عن غاية خلقك ، واعمل جاهداً لتحقيقها ، وسترى السعادة في الدنيا قبل الآخرة .

قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/ 97

. قال ابن القيم – رحمه الله - :

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدَّس الله روحه - يقول : إن في الدنيا جنَّة مَن لم يدخلها : لا يدخل جنة الآخرة .
وقال لي مرة : ما يصنع أعدائي بي ؟

أنا جنَّتي وبستاني في صدري ، إن رحتُ فهي معي لا تفارقني ، إن حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة .

" الوابل الصيب " ( ص 67 ) .

ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن غيره في " مجموع الفتاوى " ( 10 / 647 )

قوله : لقدْ كنت في حال أقول فيها : إن كان أهل الجنة في الجنة في مثل هذا الحال : إنهم لفي عيش طيب . انتهى

2. ونرى أن عندك جوانب إيجابية ينبغي لك استثمارها ، وجوانب سلبية ينبغي لك التخلص منها .

ومن الجوانب الإيجابية عندك :

أ. أنك متعدد المواهب ، فمثلك لا يجد صعوبة في الاستقرار على شيء ، والإبداع فيه .

ب. أنك سريع الحفظ ، وقوي الذاكرة ، وهاتان الميزتان لم تُذكرا إلا في تراجم قليلة من أهل العلم والأدب والإبداع ، فتستطيع أن تملأ صدرك بكتاب الله تعالى

وتستطيع أن تطلب العلم الشرعي فتكون من الحاملين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، والذابين عنه وعن دينه .

ج. أنك تملك طموحاً قويّاً ، وهذا يعني قوة الشخصية ، وقوة الإرادة .

د. تميزك في جانب الدعوة إلى الله ، وحفظ القرآن ، والقيام بالأعمال الخيرية ، وهذا يمكنك استثماره في تحقيق هدفك في الحياة ؛ لأن مثلك وقف على جوانب من الشرع من الآيات والأحاديث .

وأما الجوانب السلبية التي ينبغي لك التخلص منها فوراً ، ودون تردد :

أ. عشقك للنوم والكسل ، وهذا أمرٌ محزن أن يكون من مثلك ، فأنت مفعم بالحيوية والطاقة ، وتملك مواهب متعددة ، وعندك طموح قوي ، وكل ذلك لا يتناسب مع الكسل والنوم

وقد ذم الأطباء والعلماء والعقلاء كثرة النوم ، وجعلوها في سلسلة الأمراض التي تقتل الهمة والعمل وتمرض البدن .

قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - :

خصلتان تقسيان القلب : كثرة النوم ، وكثرة الأكل .

وقال ابن القيم - رحمه الله - :

وأما مفسدات القلب الخمسة : فهي التي أشار إليها : من كثرة الخلطة ، والتمني ، والتعلق بغير الله ، والشبع ، والمنام ، فهذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب .

" مدارج السالكين " ( 1 / 453 ) .

وشرح ما يتعلق بالنوم فقال - رحمه الله - :

المُفسد الخامس : كثرة النوم ؛ فإنه يميت القلب ، ويثقل البدن ، ويضيع الوقت ، ويورث كثرة الغفلة والكسل ، ومنه المكروه جدّاً ، ومنه الضار غير النافع للبدن ...
.
وبالجملة : فأعدل النوم وأنفعه : نوم نصف الليل الأول ، وسدسه الأخير ، وهو مقدار ثمان ساعات ، وهذا أعدل النوم عند الأطباء ، وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه .

" مدارج السالكين " ( 1 / 459 ) .

فانتبه لهذا الأمر ، والتزم بأنفع النوم وأعدله ، ودع عنك النوم الزائد عن الحاجة ، وانظر لما يسببه من آثار سيئة ، ولا ترضى لنفسك إلا بالكمال .

ب. يظهر لنا من رسالتك أنك تبحث عن المجد والشهرة ، ولا يهمك تحقيق ما تصبو إليه نفسك إلا من أجل أن تكون مميزاً ويشار إليك بالبنان – على حد تعبيرك -

وهذا أمرٌ خطير ، ويجب عليك التوقف عن هذه النية ، والتوقف عن السعي لتحقيق مجد وشهرة

فإن هذا من كبائر الذنوب ، وهو مُحبط للأعمال ، وهو مسبب للقلق والكآبة حتى وإن تعلق بأمر غير شرعي ؛ لأن سعيك لأن تكون شاعر الأمة

أو عالِماً ، أو أعظم رجلٍ في الدنيا : لن يأتي من مواهب متعددة ، وطموح جامح ، مع كثرة نوم ، بل يحتاج لكد وتعب وجد واجتهاد ، وسترى نفسك مع واقعك أنك لن تصبح كذلك

فتصاب بالإحباط والكآبة ، وهذا هو الواقع ، وأنت قد أخطأت خطأ عظيماً ، وإياك أن تبحث عن مجد نفسك وشهرتها ؛ فإن ذلك سيكون على حساب الأجور والثواب إن كان في أعمالك طاعات

وسيكون على حساب صحتك وعقلك وبدنك ووقتك إن كان في أعمالك أمور دنيوية

فاحذر هذا المرض الخطير ، وليكن طلبك للعلم وحفظك للقرآن من أجل الأجور التي عند الله ، وليكن تنافسك مع غيرك داعياً لك للعمل والاجتهاد ، دون نية إزاحة غيرك والجلوس مكانه .

ج. التخبط في الاستقرار على عملٍ معيَّن ، وأنت قد حباك الله مواهب متعددة ، وتملك مواصفات مميزة ، وهذا التخبط سببه هو : عدم الاستقرار على شيء واحد من مواهبك وأعمالك

فالذي ننصحك به : أن تنظر أي الأشياء أقرب لقلبك من الأعمال التي تتقنها ، اخترها ودع غيرها ، واعمل في حقلها ، وأبدع في صناعتها وإنتاجها وقيامها ، على شرط أن تكون موافقة للشرع

فوضوح الهدف عندك لتحقيق عمل معيَّن سيجعلك تصرف النظر عن غيره

واستقرارك على عملٍ واحد دون غيره : سيريح بالك ، ويجعلك تبدع في تحقيقه ، ولك أن تتصور كم سيكون ذلك مساهماً في حل مشكلتك ، وكم سيفرح ذلك زوجتك الصابرة على أفعالك وكسلك ونومك !

د. الفوضوية في ملابسك وترتيب أغراضك : أمر مخالف للفطرة والعقل ، ولا يمكن لإنسان حباه الله تعالى عقلاً سليماً ويستمتع بالفوضى وعدم الترتيب ، وهب أنك جئت مطعماً لتأكل فيه

ووجدته فوضويّاً كما هو حالك : فهل ستستمتع بالأكل فيه ؟ وهب أنك جئت محلا للبقالة لتشتري غرضاً فلم تجد رفوفاً ولا ترتيباً للمواد

ولا تصنيفاً لها ، وسألت صاحب المحل عن شيء منها ، فقال لك : ابحث في كل أغراض المحل فستجده بينها ! فأي عاقل يمكن أن يقول إن هذه الفوضى خير من الترتيب والتنظيم والتصنيف للمواد ؟!

وقل مثل ذلك في شئون حياتك كلها ، فالاستمتاع

– أخي الفاضل –

هو بوضع كل شيء في مكانه المناسب ، والاستمتاع بالنظافة ، والطهارة ، والترتيب ، وليس بعكس ذلك .

أخي الفاضل :

احرص على ما عندك من أمور إيجابية ، ونمِّها ، وقوِّها ، وتخلص مما عندك من سلبيات ، واعلم أنك مسئول عن نفسك ، وعن زوجتك ، وابنتك ، فأي زوج تحب أن تكون ؟

وأي أبٍ تود أن تراه ابنتك ؟

الأمر يرجع إليك في الانطلاق نحو الكمال ، وأن تدع عنك الكسل ، وتنهض لتقوم بعملٍ واحد شرعي ، تبدع فيه ، وتحقق آمالك بالعمل المستقر

والحياة الهانئة ، فتسعد ، وتسعد زوجتك ، وابنتك ، ولا تنس الهدف الأسمى الذي خُلقت من أجله ، وهو توحيد الله وعبادته ، فأكثر من الأعمال الصالحة

واستثمر ذاكرتك وقوة حفظك في إتمام حفظ كتاب الله تعالى ، والالتزام بحلقات العلم ، واسأل ربك تعالى أن يوفقك ، وأن يهديك لما فيه صلاح ، وصلاح أسرتك .

ننصحك بأن تبحث عن عمل وظيفي تلتزم به ، يكون متناسبا مع أقرب مواهبك إلى نفسك ، وأولاها عندك بالعطاء والإبداع ، ولو أمكن أن تعرض شيئا من أعمالك على بعض المجلات الإسلامية

أو المواقع الإلكترونية الإسلامية ، فربما تجد فرصة للعمل والعطاء عندهم ، وربما يجدون هم ـ أيضا ـ عندك من الموهبة والعطاء

ما يمكن أن ينفع الناس بما عندك من الخير ، وتستثمر فيه النعمة التي رزقك الله ، شريطة أن تكون جادا في الالتزام ، عازما على إصلاح نفسك وتغييرها .

والله الموفق









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-16, 15:46   رقم المشاركة : 253
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خطيبها يرفض أن تتحجب

السؤال


أنا بنت تونسية متدينة ، بس عندي مشكلة أن خطيبي رافض أن أتحجب - ولو الحجاب العصري -

أسأل هل أرتبط به أو أرفضه ؟

علما أن أغلبية التونسيين هكذا .


الجواب

الحمد لله

وصيتنا لك – أختنا الكريمة –

هي وصية الله تعالى للناس أجمعين ، للأولين والآخرين ، وصية جامعة لخيري الدنيا والآخرة

يقول الله تعالى فيها : ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) النساء/131

أي خير في الدنيا إذا كانت في سخط الرب تعالى ، وأي سعادة فيها إن لم تكن في طريق مرضاة الله عز وجل ، وهل يرضى المؤمن أن يعمر دنياه ويهدم آخرته .

يقول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

. لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ) الحشر/18-20

وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الرجل أن يختار المرأة صاحبة الدين ، فقد أمر المرأة وأولياءها أن يختاروا الرجل صاحب الدين أيضاً .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) رواه الترمذي (1084) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1022) .

والذي يمنع امرأته من ارتداء الحجاب ، ليس هو صاحب الخلق والدين الذي يستحق أن يزوج

بل غالب الظن أنَّ مَن يمنع امرأته من ارتداء الحجاب فإنه يتساهل في غير ذلك من الكبائر والموبقات ، وأكل الحرام ، وعدم تعظيم أحكام الله تعالى .

ومثل هذا ، كيف يحافظ على امرأته وبيته ، أم كيف يربي أولاده على طاعة الله وهو يعصيه ويأمر بمعصيته؟

جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/62) :

" ولا ينبغي للوليّ أن يزوّج موليته إلاّ التّقيّ الصّالح " انتهى .

وقال الشيخ صالح الفوزان في "المنتقى" (4/سؤال رقم/198) :

" يجب عند الزواج اختيار الأزواج الصالحين المتمسكين بدينهم ، الذين يرعون حرمة الزواج وحسن العشرة ، ولا يجوز أن يتساهل في هذا الأمر

وقد كثر التساهل في زماننا هذا ، في هذا الأمر الخطير ، فصار الناس يزوجون بناتهم ومولياتهم برجال لا يخافون الله واليوم الآخر ، وصرن يشتكين من مثل واقع هذا الزوج

ووقعن في حيرة من أمر هؤلاء الأزواج ، ولو أنهم تحروا قبل الزواج الرجل الصالح ليسر الله سبحانه وتعالى

ولكن هذا في الغالب ينشأ من التساهل وعدم المبالاة بالأزواج الصالحين ، ورجل السوء لا يصلح أبدًا ، ولا يجوز التساهل في شأنه لأنه يسيء إلى المرأة ، وربما يصرفها عن دينها ، وربما يؤثر على ذريتها" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى نور على الدرب" (النكاح/اختيار الزوج/سؤال رقم 16) :

"الواجب على ولي المرأة إذا تقدم إليها خاطب أن يبحث عن دينه وخلقه ، وإذا كان مرضيا فليزوجه ، وإذا كان غير مرضي فلا يزوجه

وسيسوق الله إلى موليته من يرضى دينه وخلقه إذا علم الله من نية الولي أنه إنما منعها هذا الخاطب من أجل أن يتقدم إليها من هو مرضي في دينه وخلقه ، فإن الله تعالى يوفر له ذلك " انتهى .

فالذي نراه لك عدم قبول هذا الخاطب ، وسيعوضك الله تعالى خيراً منه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-16, 15:57   رقم المشاركة : 254
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

لا تجزع من عدم إجابة الدعاء !!

السؤال

أود أن أسأل فضيلتكم سؤالاً ، وأرجو أن يتسع صدركم لي ، أنا مسلم عادي ، لا أنا بعظيم الإيمان ، ولا بضعيف الإيمان ,

فأنا أؤدي الفرائض مع بعض التقصير- أرجو الله أن يسامحني عليه - وأدرك اليسير من السنن ، وأؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره , منذ حوالي سبع سنين أصابني همٌّ عظيم بسبب مصيبة ما - لا أشغل فضيلتكم بها -

وأصدقكم القول أني في البداية جزعت ، وأصابني اليأس والإحباط ، ولكن بعد عام تقريباً هداني الله , وأعلمني أهل الخير أن ذلك فيه الخير بأمر الله ، وأخبروني إما أن تكون المصيبة بذنب ارتكبته

أو ابتلاء من الله , ونصحوني بالدعاء والاستغفار , وأن أسأل الله من فضله , وأن أتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا

وأن أكثر من عمل الخير , وبإذن الله لن يردَّ سؤالي ، فإن الله يستحيي من ذلك , وها أنا ذا قمت بكل هذا ، لا أقول على وجه الكمال ، ولكن على قدر استطاعتي ، فأكثرتُ من الدعاء

وأعمال الخير ، وتبت إلى الله توبة نصوحاً من جميع الذنوب ، وسألت الله أن يفرج كربي ، ويزيل همي , وقد استخرت الله في القيام ببعض الأمور في حياتي لكي أعيد تصحيح الأوضاع ,

ولكن بعد القيام بكل هذه الأمور ما ازددت إلا همّاً وغمّاً ، فزادت المصائب ، وكثرت الأحزان ، وفشلت كل خطواتي التي استخرت الله فيها ، بل وألحقت بي الأذى , وغلقت كل الأبواب في وجهي

, حاشا لله أن أكون أشكو الله لفضيلتكم إنما أشكو بثي وحزني إلى الله , ولكنى أريد أن أعرف لماذا لا يستجيب الله لي ؟ ولماذا لا أوفق في أي أمر من أمور الدنيا - رغم أني آخذ بالأسباب

وأتوكل على الله ، ولا أقوم بشيء إلا وقبله الاستخارة , فالله يوفق الكافر في دنياه الذي يأخذ بالأسباب , ولا آكل الحرام ، ولا أضمر الشرَّ لأحدٍ وأدعو للجميع بالتوفيق - ؟

وقد سمعت من أحد المشايخ وهو يحكي قصه فرعون أن الله قال لموسى : " وعزتي وجلالي لو استنجد بي لنجدته " ، وبدأت بعض الأسئلة تدور في نفسي

هل أنا أهون عند الله من فرعون رغم أني لم أرتكب ذنوبه ؟ وإذا لم أكن كذلك لماذا يبتليني الله بهذا الابتلاء رغم أني لست بعظيم الإيمان ؟ وإذا كان السبب هو الذنوب فإني تبت من جميع الذنوب

وأكثرت الدعاء ، وإن كان الله يريد أن يرفع به درجاتي في الجنة فكيف ذلك والله يعلم أني ليس لي طاقة بهذا البلاء ؟ .

أسئلة كثيرة تدور في رأسي , أتعبتني وأرهقتني ولم أجد لها إجابة , والحقيقة لقد بدأت عزيمتي تفتر ، وقوة إيماني تضعف ، وضاقت نفسي بالدنيا ، ولم أعد أقوى على تحمل هذه الكوارث ,

فقد طالت المدة ، وأصابني اليأس الشديد ، وتسرب الشك إلى قلبي , ولولا أن الله حرم قتل النفس لكنت فعلت وأرحت نفسي ، معذرة أني أطلت على فضيلتكم .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

نسأل الله تعالى أن يقبل توبتك ، ويغفر حوبتك ، وأن يوفقك لما يحب ويرضى .

ثانياً:

لا شك – أخي الفاضل – أن ثمة خللاً في تصورك لمسائل الدعاء والإجابة والابتلاء ، وما تعاني منه طبيعي إن كنتَ على غير بصيرة في تلك المسائل وغيرها مما يتعلق بها

ونحن شعرنا معك برسالتك ، وأحسسنا بآلامك ، فنرجو منك التنبه لما سنبينه لك ، والعمل به ، فنحن رأينا في رسالتك من الاستعداد للقبول ما شجعنا على أن نرد عليك ، ونوجهك لما فيه الخير لك دنيا وأخرى
.
ثالثاً:

يتصور كثير من الناس أنه بمجرد أن يعلن توبته وإنابته لربه تعالى ، أنه سينتقل مباشرة إلى النعيم ، فيرتفع عنه البلاء ، وتأتيه الأموال

ويعيش في رغد من العيش ! وكل ذلك غير لازم البتة ، بل إنه ثمة اختبار وابتلاء لتوبة هذا العبد ، هل هي صادقة أم لا ، وهل هي لله أم ليست له

وكل ذلك سيجعله في ابتلاء جديد ؛ بل إن مختصر هذه الحياة وحكمتها : أنها تجربة ابتلاء واختبار .

قال الله تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً) (الانسان:2) ؛ فإذا فهم هذه الحقيقة ، فهو حري أن يسلم له قلبه ، وإن لم تسلم له جوارحه

وظاهر عيشه ، أما بدون وعي ذلك والتنبه إليه ، فهو حري ألا يسلم له قلبه ، حتى وإن سلمت جوارحه ؛ ومن هنا جاء عن بعض السلف قولهم " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف "

وأي نعيم يقصد أولئك العظام ؟ إنه نعيم القلب ، يقينه بربه تعالى ، وفرحه بطاعته ، وسعادته بالتقرب إليه

ولو عاش في ضيق من الدنيا ، وهذا هو مقياس الحياة الطيبة

كما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم حين قال : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/ 97 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

فمَن جمع بين الإيمان والعمل الصالح : ( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) وذلك بطمأنينة قلبه ، وسكون نفسه ، وعدم التفاته لما يشوش عليه قلبه

ويرزقه الله رزقاً حلالاً طيِّباً من حيث لا يحتسب ، ( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ ) في الآخرة ( أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) من أصناف اللذات مما لا عين رأت

ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، فيؤتيه الله في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة . "

تفسير السعدي " ( ص 448 ) .

وأما الآخرون من الكفار والعصاة : فاسمع لقول الله تعالى في حقيقة حالهم حين قال : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه/ 124 .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي ) أي : خالف أمري ، وما أنزلته على رسولي ، أعرض عنه وتناساه ، وأخذ من غيره هداه : ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) أي : في الدنيا

فلا طمأنينة له ، ولا انشراح لصدره ، بل صدره ضيق حَرَج لضلاله ، وإن تَنَعَّم ظاهره

ولبس ما شاء ، وأكل ما شاء ، وسكن حيث شاء ، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى : فهو في قلق وحيرة ، وشك ، فلا يزال في ريبة يتردد ، فهذا من ضنك المعيشة .

" تفسير ابن كثير " ( 5 / 322 ، 323 ) .

فهل من الحكمة في شيء ، أو من العقل الصريح أن تترك ما فتح الله تعالى لك من أبواب العبودية

وشرفك به من الإيمان به ، لأجل اغترارك بحال أهل الكفر من السعة في الدنيا والرزق : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ)

ثم أنت تترك البينات الواضحات في كتاب الله وسنة رسوله في شأن الدعاء ، وعظم قدره ، وأسباب إجابته ، وتعلق حالك بمثل هذا الخبر : " وعزتي وجلالي لو استنجد بي لنجدته "

الذي يشبه كلام القصاص وأخبار بني إسرائيل .

وهب أنه صحيح ثابث ، هل مجرد حصول مطلوب العبد من الدنيا ، وسعة عيشه ، ووفور رزقه ، علامة على قبوله عند ربه .

قال الله تعالى : ( فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ) الآيات ،سورة الفجر .

وهب ـ أيضا ـ أن هذا الرزق إنما أتاه بعد دعاء دعاه ؛ أفيدل هذا ـ يا عبد الله ـ على أن هذا العبد مقبول مرضي الحال عند مولاه ؟!!

( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ

لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (يونس: 22-23)

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :

" عرفوا أنه الهلاك ، فانقطع حينئذ تعلقهم بالمخلوقين، وعرفوا أنه لا ينجيهم من هذه الشدة إلا الله وحده، فدَعَوُه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ووعدوا من أنفسهم على وجه الإلزام

فقالوا: لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أي: نسوا تلك الشدة وذلك الدعاء

وما ألزموه أنفسهم، فأشركوا بالله، من اعترفوا بأنه لا ينجيهم من الشدائد، ولا يدفع عنهم المضايق

فهلا أخلصوا لله العبادة في الرخاء، كما أخلصوها في الشدة؟!!

ولكن هذا البغي يعود وباله عليهم، ولهذا قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أي: غاية ما تؤملون ببغيكم، وشرودكم عن الإخلاص لله

أن تنالوا شيئًا من حطام الدنيا وجاهها النزر اليسير الذي سينقضي سريعًا، ويمضي جميعًا، ثم تنتقلون عنه بالرغم

ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ في يوم القيامة فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وفي هذا غاية التحذير لهم عن الاستمرار على عملهم "

انتهى ، تفسير السعدي (361) .

وتأمل معي قول الله تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا

* كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ) الإسراء : 18-21

لتعلم ـ يا عبد الله ـ أن القضية ليست بالحساب الذي تظنه : من نال حظه ، أو أجيب دعاؤه فهو أفضل ، ومن لم ينل فهو أقل وأرذل !! كلا ، ليست المسألة هكذا .

رابعاً:

ويخطئ كثير من الناس في مسألة الدعاء من وجوه كثيرة ، ويهمنا في سؤالك أخي الفاضل أن ننبهك على خطئين اثنين :

الأول : ظنك أن الدعاء يستجاب بمجرد أن تدعو ، وهو خطأ ؛ إذ للدعاء شروط لاستجابته

وموانع تمنع من استجابته .

وانظر تفصيل ذلك بتمامه وكماله في جواب السؤال القادم

وفي ذلك التفصيل بيان مانع من موانع الاستجابة عندك ، وهو تعجل الإجابة ، والاستحسار بعده .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ) رواه مسلم ( 2735 ) .

والثاني : ظنك أن الاستجابة نوع واحد وهي تحقيق المطلوب في الدعاء من مال أو ولد أو وظيفة

أو غير ذلك ، وهو خطأ ؛ إذ الاستجابة ثلاثة أنواع ، فهي إما أن تكون بتحقيق المطلوب في الدعاء ، أو أن يصرف عنه من السوء والشر بقدر دعائه ، أو يدَّخر ذلك له أجراً وثواباً يوم القيامة .

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ

وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ ) .

رواه أحمد ( 10749 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب ( 1633 ) .

خامساً:

تقصير المسلم في طاعته وعبادته ينبغي أن يُشعره بأنه ليس أهلاً لإجابة دعائه ، ولعل ذلك أن يدفعه لأن يعمل بطاعة الله أكثر ، ويزداد تقرباً إليه عز وجل

فإذا اعتقد الداعي أنه جاء بما يحب الله ويرضى عنه

وأنه أهلٌ للإجابة ولَّد ذلك عنده سوء ظنٍّ بربه تعالى ! وولَّد عنده شعور بالإحباط ، واليأس ، حتى إنه ليود التخلص من الحياة بالانتحار ! وكل ذلك – وللأسف – رأيناه – أخي الفاضل – في كلامك .

وهذا بخلاف من علم تقصيره في جانب ربه تعالى

فإن مثل هذا يتولد عنده سوء ظنٍّ بنفسه لا بربه عز وجل ، ويدفعه ذلك للابتعاد عن المنهيات ، والإتيان بالواجبات ، ويأخذ بالورع ، ويترك التوسع بالمباحات التي قد تلهيه عن طاعة ربه تعالى .

قال ابن رجب الحنبلي - رحمه الله تعالى - :

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " بالورع عما حرَّم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح "

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : " يكفي مع البِرِّ من الدعاء ، مثل ما يكفي الطعام من الملح " ، وقال محمد بن واسع : " يكفي من الدعاء مع الورع اليسير " …

وقال بعض السلف : " لا تستبطئ الإجابة وقد سددتَ طرقها بالمعاصي " ، وأخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال :
نحن ندعو الإله في كل كرب *** ثم ننساه عند كشف الكروب

كيف نرجو إجابة لدعاء *** قد سددنا طريقها بالذنوب

" جامع العلوم والحكم " ( 1 / 107 ، 108 ) .

وقال القرطبي – رحمه الله - :

وقيل لإبراهيم بن أدهم : ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟

قال : لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه ، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به ، وأكلتم نعم الله فلم تؤدوا شكرها ، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها

وعرفتم النار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا ، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس .

" تفسير القرطبي " ( 2 / 312 ) .

وتأمل ـ أخي الكريم ـ هذا الفصل البديع من كلام ابن الجوزي في هذه المسألة

قال رحمه الله :

" رأيت من البلاء أن المؤمن يدعو فلا يجاب ، فيكرر الدعاء و تطول المدة و لا يرى أثرا للإجابة ؛ فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر !!

وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب ؛ و لقد عرض لي من هذا الجنس

فإنه نزلت بي نازلة فدعوت فلم أر الإجابة ، فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده ، فتارة يقول : الكرم واسع ، والبخل معدوم ، فما فائدة التأخير ؟!!

فقلت له : اخسأ يا لعين ، فما أحتاج إلى تقاضي ، ولا أرضاك وكيلا !!

ثم عدت إلى نفسي فقلت : إياكِ و مساكنةَ وسوسته ، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو ، لكفي في الحكمة .

قالت : فسلِّني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة !!

فقلت : قد ثبت بالبرهان أن الله عز و جل مالك ، و للمالك التصرف بالمنع والعطاء ؛ فلا وجه للاعتراض عليه .

والثاني : أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة ، فربما رأيتِ الشيء مصلحةً ، والحكمة لا تقتضيه ، وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر ، يقصد بها المصلحة ، فلعل هذا من ذاك .

والثالث : أنه قد يكون التأخير مصلحة ، والاستعجال مضرة ، وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) .

الرابع : أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيكِ ؛ فربما يكون في مأكولك شبهة ، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة ، أو تزاد عقوبتك ، في منع حاجتك ، لذنبٍ ما صدقتِ في التوبة منه .

فابحثي [ يا نفس ] عن بعض هذه الأسباب لعلك تقعين بالمقصود ...

والخامس : أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب ؛ فربما كان في حصوله زيادة إثم ، أو تأخيرٌ عن مرتبة خير ، فكان المنع أصلح !!

وقد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو ، فهتف به هاتف : إنك إن غزوت أُسرت

وإن أُسرت تنصرت !!

والسادس : أنه ربما كان فقد ما فقدته سببا للوقوف على الباب واللجْء [ أي : اللجوء إلى الله ] ، وحصوله سببا للاشتغال به عن المسؤول

وهذا الظاهر ؛ بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجء ... وإنما البلاء المحض ما يشغلك عنه ، فأما ما يقيمك بين يديه ففيه جمالك !!

وإذا تدبرت هذه الأشياء تشاغلت بما هو أنفع لك من حصول ما فاتك ؛ من رفع خلل ، أو اعتذار من زلل ، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب !! " انتهى .

صيد الخاطر (59-60)
.
والله الموفق









رد مع اقتباس
قديم 2019-10-16, 16:03   رقم المشاركة : 255
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟

السؤال

لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى

: ( والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ، والساعد ساعد قوي

والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير )

الداء والدواء ص35 .

فيتبين من ذلك أن هناك أحوالا و آدابا و أحكاما يجب توفرها في الدعاء و في الداعي ، و أن هناك موانع و حواجب تحجب وصول الدعاء و استجابته يجب انتفاؤها عن الداعي و عن الدعاء ، فمتى تحقق ذلك تحققت الإجابة .

و من الأسباب المعينة للداعي على تحقيق الإجابة :

1 - الإخلاص في الدعاء ، وهو أهم الآداب وأعظمها وأمر الله عز و جل بالإخلاص في الدعاء

فقال سبحانه : ( وادعوه مخلصين له الدين )

والإخلاص في الدعاء هو الاعتقاد الجازم بأن المدعو وهو الله عز وجل هو القادر وحده على قضاء حاجته و البعد عن مراءاة الخلق بذلك .

2 - التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، فإن المعاصي من الأسباب الرئيسة لحجب الدعاء فينبغي للداعي أن يبادر للتوبة والاستغفار قبل دعائه قال الله عز وجل على لسان نوح عليه السلام

: ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) .

3 - التضرع و الخشوع و التذلل و الرغبة و الرهبة ، و هذا هو روح الدعاء و لبه و مقصوده ، قال الله عز وجل : ( ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين ) .

4 - الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل : ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين أو ثلاث و الاقتصار على الثلاث أفضل اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم

فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود و النسائي .

5 - الدعاء حال الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر و السعة ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) رواه أحمد .

6 - التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى و صفاته العليا في أول الدعاء أو آخره ، قال تعالى : ( و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .

7 - اختيار جوامع الكلم و أحسن الدعاء و أجمعه و أبينه ، و خير الدعاء دعاء النبي صلى الله عليه و سلم ، و يجوز الدعاء بغيره مما يخص الإنسان به نفسه من حاجات .

و من الآداب كذلك و ليست واجبة : استقبال القبلة و الدعاء على حال طهارة و افتتاح الدعاء بالثناء على الله عز و جل و حمده و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، و يشرع رفع اليدين حال الدعاء .

و من الأمور المعينة على إجابة الدعاء تحري الأوقات و الأماكن الفاضلة .

فمن الأوقات الفاضلة : وقت السحر و هو ما قبل الفجر ، و منها الثلث الآخر من الليل ، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة ، و منها وقت نزول المطر ، و منها بين الأذان و الإقامة .

و من الأماكن الفاضلة : المساجد عموما ، و المسجد الحرام خصوصا .

و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء : دعوة المظلوم ، و دعوة المسافر ، و دعوة الصائم ، و دعوة المضطر ، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب .

أما موانع إجابة الدعاء فمنها :

1- أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه ، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب مع الله عز و جل

و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعو الإنسان أن يخلده في الدنيا أو أن يدعو بإثم أو محرم أو الدعاء على النفس بالموت و نحوه .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .

2 - أن يكون الداعي ضعيفا في نفسه ، لضعف قلبه في إقباله على الله تعالى

. أما سوء الأدب مع الله تعالى فمثاله رفع الصوت في الدعاء أو دعاء الله عز و جل دعاء المستغني المنصرف عنه أو التكلف في اللفظ و الانشغال به عن المعنى ، أو تكلف البكاء و الصياح دون وجوده و المبالغة في ذلك .

3 - أن يكون المانع من حصول الإجابة : الوقوع في شيء من محارم الله مثل المال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة

و مثل رين المعاصي على القلوب ، و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب .

4 - أكل المال الحرام ، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا

و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) و قال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث

أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !! )

رواه مسلم . فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابة بسبب أكله للمال الحرام ، نسأل الله السلامة و العافية .

5 - استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .

6 - تعليق الدعاء ، مثل أن يقول اللهم اغفر لي إن شئت ، بل على الداعي أن يعزم في دعائه و يجد ويجتهد ويلح في دعائه قال النبي صلى الله عليه وسلم

: ( لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري و مسلم .

ولا يلزم لحصول الاستجابة أن يأتي الداعي بكل هذه الآداب و أن تنتفي عنه كل هذه الموانع فهذا أمر عز حصوله ، و لكن أن يجتهد الإنسان وسعه في الإتيان بها .

ومن الأمور المهمة أن يعلم العبد أن الاستجابة للدعاء تكون على أنواع : فإما أن يستجيب له الله عز وجل فيحقق مرغوبه من الدعاء ، أو أن يدفع عنه به شرا

أو أن ييسر له ما هو خير منه ، أو أن يدخره له عنده يوم القيامة حيث يكون العبد إليه أحوج

. والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc