"شيخ المؤرخين الجزائريين" الدكتور أبو القاسم سعد الله - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > تاريخ الجزائر > قسم شخصيات و أعلام جزائرية

قسم شخصيات و أعلام جزائرية يهتم بالشخصيات و الأعلام الجزائرية التاريخية التي تركت بصماتها على مرّ العصور

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

"شيخ المؤرخين الجزائريين" الدكتور أبو القاسم سعد الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-02-04, 12:34   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إكليل مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك يا أخي نعم يستحق الدكتور لقب شيخ المؤرخين بجدارة .فمنذ طفولتي كلما قرات كتابا و جدت على الهامش إسم الدكتور أبو القاسم سعد الله .
شكراً على مرورك أختي الكريمة








 


رد مع اقتباس
قديم 2014-02-04, 12:36   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الفضاء مشاهدة المشاركة
رحم الله شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور سعد الله
بارك الله فيك
شكراً على مرورك أخي الكريم









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-04, 12:45   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الفضاء مشاهدة المشاركة
رحم الله شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور سعد الله
بارك الله فيك
شكراً على مرورك أخي الكريم









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-04, 13:49   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
محمد بغداد


لقاء سعد الله... حكاية درس لن يُنسى

دامت لشهور متوالية مطاردتي له، وإلحاحي عليه، وترددي على كل مكان يكون فيه، واستعمال الوسائل للتأثير فيه، لعلي أحصل على موافقته التي طالما تمنيتها أن تكون، لكنه في كل مرة كان يرفض بأدب، ويمتنع بحياء، ويتهرب بدبلوماسية راقية، ويبحث عن المبررات والحجج، لكي يتجنب الموافقة، وفي كل مرة كان يحرص على ألا يصيبني بصدمة الرفض المباشر، ويسعى إلى إبعاد طلبي من طريقه بأرقى الأساليب، وأجود السبل، وعندما قطعت عنه كل طريق، وأفسدت عليه كل مجلس، أوصلتني الظروف إليه، قال لي بصراحة وبصوته الشجي النحيل، (لا تتعب نفسك، وأرحها من عناء المحاولة، أنا لي يمين لا أحنث به، لقد أقسمت ألا أدلي بأي حوار لأي وسيلة إعلامية مهما كانت، وهذا قرار لا رجعة فيه ولن أحنث.
استثناء البداية
جوابه الحاسم، وتمسكه به، كان بمثابة الصدمة التي فتحت أمامي سلسلة الأسئلة التي لم ينته توالدها، وأنا الذي كنت أراهن على مشروع ثقافي يطمح إلى النوعية والاستثنائية يستكمل جميل تراكمات ما سبق، فمشروع (ضيف الثالثة) حرصت على أن يكون أبو القاسم سعد الله وأربعة أسماء أخرى من شموع هذا الوطن في هذا العصر من ضيوفه ليتوجوا أهدافه التي رسمتها له منذ البداية، وأهمها صناعة قيم الاحترام الثقافي والفكري، وبناء السلوك الحضاري في العالم الجديد.
ورفضه المستميت يفضح تلك الصفحة المؤلمة فينا، فالآخرون يستنزفون تاريخنا، ويهربون هويتنا، ويستثمرون في إنجازاتنا، ويبنون بعباقرتنا الثروات والأمجاد بأسهل التكنولوجيات المتوافرة وأعقدها منسجمين مع عصرهم، وأجيالنا الجديدة تتابع تاريخها وهويتها تبث وتنشر لدى الآخرين، وهويتنا يرسمها من ليس من أبناء البلد، ونحن نتبختر في إنتاج التخلف والإحباط واليأس.
تطاول السنين
وبعدما كاد اليأس يتسلل إلى أعماقي، ويقنعني باستحالة إنجاز اللقاء، وعلى غير موعد سابق ساقني القدر إلى الالتقاء به في مدينة قسنطينة التي كان متواجدا بها للمساهمة النوعية، كما هي عادته في ملتقى دولي، فكررت المحاولة، واستعنت بظروف الملتقى لأجد نفسي في مواجهة رفض أقوى وأعلى من الذي سبقه ، لكنني استجمعت كل ما أملك من إمكانات الإقناع، وحضـّرت أدواتي التقنية في ظروف تصوير سيئة وصعبة.
وما أعلمه هو أن تمنع الرجل من اللقاءات الصحفية نابع من سببين، أولهما إدراكه العميق لأبعاد العملية الإعلامية ودورها في التاريخ وقدرتها الرهيبة على التأثير في الوعي الاجتماعي، والمتطلبات الرهيبة التي تفرضها على من يتورطون في الدخول في أتونها وهو الإدراك الذي يعي سعد الله جيدا أننا لم نعد له عدته، ولم نأخذه بعين الجد والتقدير، ولم نحضر له إمكاناته الفكرية والنفسية المناسبة، وإصرارنا المستميت على السير في طريق التخلف والغرق في أوحال الانحطاط بالرغم من مرور الأيام وتطاول السنين.
وثانيهما تعرضه لسلوك أحمق ومتعجرف كما جرت العادة من أحد الدخلاء والمغشوشين في عالم الممارسة الإعلامية، ما جعله يترفع عن الانخراط في مستنقعاته حتى يحفظ كرامته ويصون هيبته، وهو الذي خبر المشهد الإعلامي الثقافي، وعاين أمراضه المزمنة، وتجرع الألم ما جعله يتخذ من المواقف ما يناسب حجم عبثيته.
الامتحان العسير
عندما هممت بمباشرة إنجاز اللقاء وجدت نفسي ودون أن انتبه أقع في فخ المستجوب، وليس الذي يطرح الأسئلة، ودون سابق إنذار منه شرع أبو القاسم سعد الله في امتحاني، فأمطرني بسيل من الأسئلة استخدمها كآخر محاولة للتملص من التصوير، لتتمحور أسئلته حول ماذا قرأتَ من كتبي، وعن تواريخ صدورها والدُور التي نشرتها، وما اطلعت عليه من مقالاتي، وغيرها من الأسئلة، ولما أنقذتني ذاكرتي المتآكلة تحت سطوة ترهل العمر انتقل إلى الأسلوب الثاني ملوحا بأسئلة أخرى تعلقت بنوع الأسئلة التي حضرتها لتكون موضوع اللقاء، وكلما عرضت عليه سؤالا طلب الثاني باحثا عن الفائدة المرجوة منه، والهدف المراد تحقيقه.
وفي لحظات الامتحان العسير، جال بخاطري ما نتخبط فيه من أدران التخلف، وعبثية السلوكات، التي تدفع الممارسين للإعلام الثقافي منه على وجه الخصوص، للعبث بمقدسات المهنة، ويدوسون يوميا على كرامتها، فمن دون سابق إنذار تجرى الحوارات، ومن دون معرفة حقيقة بخلفيات المواضيع والأحداث، تنشر وتبث الأخبار، وبسرعة البرق تلمع الأسماء، وبكل عنجهية تهمش وتقصى الجودة والنوعية، ويختفي الإبداع وتزول الجودة، ويتهافت من يسمون أنفسهم زورا بالمثقفين، على أضواء الإعلام، ويتبجحون بكل وقاحة على الظهور دون أن يكون فيهم قلة حياء، أو نزر من شهامة، يتحدثون في كل شيء، ولا يقولون شيئا، وكم تمنيت لو ندخل جميعا ممن هم في ساحة الإعلام الثقافي، تحت وطأة هذا الامتحان، الذي مررت به علنا لنتعافى من بعض أسقامنا.
لذة زبائنية
إلى غاية آخر دقيقة، من مسلسل محاولاته التملص من اللقاء، وحلقات إصراري على الوفاء بدين قديم في ذمتي، تجاه أمثاله، اشترط شرطا، لعله يكون اعتماده في تحقيق ما أكرهته عليه، فلطلب أن يبث كلامه كاملا، دون أن ينقص منه شيء، ولا تحذف من الحوار كلمة واحدة، وبقدر ما كان يحرص على تنفيذ شرطه، الذي لم تكن غايته حرفيته، ولا شكليته الظاهرة، بقدر ما كان يستخدمه حجة، للتحلل من الظهور، لأن سعد الله كان تحت التزامات أخلاقية وأدبية نادرة اليوم، تفرض على المثقف أن تكون وجهة نظره، ومواقفه كاملة، غير منقوصة بعيدة عن التلاعب والاجتهادات، وأنه هو من يتحمل مسؤولية إنتاجها، وعليه أن يبلغها بطريقته وأسلوبه الخاص، لمن يهمه الأمر من الرأي العام، دون أن يعتمد على قدرات الآخرين في التعبير عنها، مهما بلغت مستويات من يعتمد عليه في تلك المهمة.
في تلك الأجواء، تزاحمت عليا كثير من المشاهد والسلوكات، التي أعيشها يوميا من جحافل النخب المغشوشة، ومن يناصرها، التي استسلمت للريوع، واستسهلت فتاتها، وهي تقدم يوميا أكثر مما تملك، على أمل أن يتم التكرم عليها بفضل الخدمة الدنيئة، والقيام بالواجبات العفنة، جاعلة نفسها ضحية زبائنية ضحلة، تدفع تكاليف الولاء الباهظة، ولا تنال سوى قليل الريوع، التي تلوث كرامتها، وتسلبها إنسانيتها، وتلوث صاحبها حد القذارة.

https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189326.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-04, 13:50   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الصورة المشوهة
تكرم العلامة سعد الله أبو القاسم بالاتصال بي، وقد بادرني باللوم والعتاب الرقيق، قائلا أني ورطته في الظهور، وأن الكثيرين هم الذين اتصلوا به، واقلقوا خلوته واخترقوا راحته، وقد شاركته نفس الموضوع، وأشهد أني تلقيت أكثر الاتصالات في عددين أو ثلاثة من البرنامج، حتى فقدت بطارية هاتفي قدرتها على مقاومة توالي الاتصالات، المعاتبة على قصر مدة اللقاء والمطالبة على أن تكون سلسلة طويلة، مع أبو القاسم سعد الله، علنا نرتقي إلى تدوين التاريخ الوطني، عبر الوسائط الإعلامية الاتصالية الحديثة.
عندها فهمت كيف يكون الإنسان إنسانا، ويبتعد عن دائرة الشخص فيه، عندما يراهن على الاحترام ويناضل من أجله، متجاوزا كل إغراءات الإعجاب، وأن الدخول في قلوب الناس، وكسب مودتهم ليس بالأمر اليسير، فدونه نزوات النفس، وعفن الواقع، وتخلف الذوق، وتقاصر الهمم.
وعندما حاولت أن أثير فيه عبر أسئلتي موضوع التاريخ الثقافي، وجدت منه استجابة مستفزة وتصورا يغري بالاقتحام، ومن إجابته، فهمت لماذا كان سعد الله الوحيد الذي تورط في التاريخ الثقافي، وعجز غيره عن الاقتراب منه، لأن الأمم تقاس قيمتها وتمتلك قدرات الانخراط في المستقبل، بقدر ما عندها من وعي حقيقي بهويتها الثقافية، وقدراتها في الاستثمار النوعي فيه.
وقد عجزت النخب الجزائرية عن مقارعة سعد الله، في مغامرته في التاريخ الثقافي، فانتقل به إلى الخارج، ليطبعه وينشره، لينتصر على ما يسمى وهما، مؤسسات تستهلك الأموال خيالية، وتضم جحافل الأفراد، من قيادات النخب المغشوشة، التي يفترض أن مهمتها تسويق صورة الجزائر في الخارج، والتي تمكنت من تشويه صورة البلاد، في أذهان الآخرين، ونجح سعد الله بمفرده، في تعريف الآخرين بالبلاد، وتحبيبهم فيها، ودفعهم إلى الاهتمام بها.

الانخراط في التاريخ
لقد كان الحوار في غاية الأناقة، وفي قمة روعة المعنى، قال فيه سعد الله، خلاصة مسيرته، وعبر عن نتائج جهوده، دون أن يخفي مرارة الألم، التي توارت في نفسه سنوات، إلا أن شهامته ورفعة نفسه، جعلته يتحدث مع الأجيال القادمة، التي سيكون سعد الله صديقها الوفي، ومنه تتعلم كيف تراهن على كسب الاحترام، وكيف تنقذ نفسها، وتحصل على الانخراط في التاريخ، عبر ما تتركه من خلفها من انجازات.
وقد أدركت اليوم، لماذا ترفعت الهيئات الثقافية على مجرد إعلان تعزية، عند رحيل سعد الله، ومارست الإهمال البارد، والتجاهل القاتل، للتعبير عن مستواها الحقيقي، وموقفها الصارم منه، ومن أمثاله، وإن كان الراحل الطاهر وطار، قد نشر مراسيم جناته حيا، فإن سعد الله، رق لحلنا، وستر عوراتنا، بوصيته الأخيرة.

https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189326.html










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-04, 13:51   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب:
بشير بلاح


هموم ومساهمات ثقافية في مسار الفقيد العلامة أبو القاسم سعد الله

عرّف أحد النّقّاد البريطانيين المعاصرين (Raymond Williams ) الثقافة بأنها "الطريقةُ الشّاملة للحياة". وللثقافة جانب ديناميكي فاعل تزداد أهميته باطّراد، يتضمن دورها في توجيه سلوك الإنسان، ركز عليه بعض المفكرين كـ"مالينوفسكي" (Malinowsky) الذي اعتبر "الثقافة جهازا فعّالا ينتقل بالإنسان إلى وضعٍ أفضل؛ وضع يواكبُ المشاكل التي تواجه الإنسانَ في هذا المجتمع أو ذاك، في بيئته، وفي سياق تلبيته لحاجاته الأساسية". فهي قدرةٌ خلاّقة تمكّن الإنسان من توسيع رِحابِ نفسه عن طريق النشاط الإبداعي الأصيل؛ باعتبار أنّه ليس مستهلكاً لتراثه الثقافي فحسب؛ بل إنه كذلك مستمرّ في الإبداع والزيادة على ما وصل إليه.
والمرحوم الدكتور أبو القاسم سعد الله من كبار المثقفين الجزائريين الذين حملوا هموم أمتهم ومجتمعهم في هذا الإطار، متسلّحين بالأصالة التي استمدّوها من الثقافة العربية الإسلامية؛ والفعالية التي اقتبسوها من المناهج الغربية الحديثة المُحْكمة، في ظل ظروف مثبّطة ومعاكسة، لم تمنعهم من الإبداع، والمساهمة في تنوير المجتمع والأمة وحل مشكلاتهما، وخدمة العلم والثقافة، وترقية الإنسانية.
طموح علمي ونحت في الصخر
يعتبر ارتفاع صرحِ المرحوم الدكتور سعد الله (المولود بڤمار عام 1927) الثقافي المهيب في صلب البيئة الجزائرية تصديقًا لآراء التيار الفردي من علم النفس الثقافي، الذي يذهب إلى أنَّ الكائن البشري نظامٌ متوازن تعمل آليات التوازن الداخلي لديه على تفتيت الثقافة واستيعابها وصناعتها، وأن الضغوط الاجتماعية السلبية لا تؤثر إلا على الأفراد الذين يمكّنونها من ذلك بضعفهم أو لا مبالاتهم، بخلاف الأقوياء الذين يغالبونها ويصمدون لها، ويبدعون داخل مجتمعات يسودها الاغتراب والجهل، ضاربين على ذلك مثَل أن المواقف الاجتماعية تقدّم الحبوب إلى مطحنة الفرد، لا أنها المطحنة التي تنتج عمله؛ وأن الفرد مبدعٌ ثقافيٌّ يضيف تجربته الفريدة إلى مجموع الأنماط والتوقعات الثقافية الجماعية، فتتغير الثقافة باستمرار من خلال هذا التفاعل بين الأفراد، وبينهم وبين الثقافة.
من أبلغ أمثلة الطموح العلمي التي عزّ نظيرها لدى المرحوم: تجاوزه لما سمّاه "النكبة الثقافية" التي ألمّت به عام 1988، ممثّلة في ضياع محفظته (في مطار هيثرو-لندن) المشتملة على الفصول الثلاثة الأخيرة من الجزء الأول من الحركة الوطنية (1830-1900)، أي قسمَه الثاني (مرحلة 1860- 1900)، وبطاقات ذلك الجزء جميعا، وقسم هام من الجزء الثالث من تاريخ الجزائر الثقافي، وجميع بطاقات جزأيه 3 و4. فرغم أنها زعزعته، إلا أنها لم تحبط مشروعه العلمي الذي اطّردَ بإخراج الجزء العاشر من التاريخ الثقافي سنة 2007، ثم جزءين آخرين من ذات التاريخ يؤرخان لما قبل 1500 سيصدران قريبا مع أعمال أخرى على الراجح.
مساهمات جُلّى في بعث التراث وإحياء الثقافة، وإرساء قواعد مدرسة تاريخية
لطالما تألم الراحل لواقع الثقافة العربية الإسلامية المأساوي في الجزائر (والعالم الإسلامي عامة) الذي تواطأ عليه عاملان: تفريط المجتمع، وخذلان النخب العصرية الحاكمة.
لذلك دعا الراحل إلى إنزال الثقافة العربية الإسلامية المنزلة التي تستحقُّها؛ وعضَدها بجهوده الملموسة الواعية، باستفراغ الجهد في إحياء تراثها الثقافي الإيجابي؛ وتنشيط الساحة الثقافية؛ وصيانة الذاكرة الجماعية للمجتمع الجزائري (والأمة بشكل عام) بملء الفراغ في مجال التاريخ الذي كان حكرًا على إنتاج المدرسة الاستعمارية.
1 . إحياء التراث
من أبرز الأمثلة على مساهمة الراحل في بعث رموز وذخائر التراث الجزائري: معلَمة "تاريخ الجزائر الثقافي" (1981- 1998) بأجزائها التسعة، ثم جزءها العاشر (2007)، التي تعكس ملكةً أدبية راسخة وقدرة على الاستقصاء والتقميش فائقة ومصابرة على البحث نادرة، وسدّت ثغرة كبيرة في هذا المجال. ولا غرور؛ فقد كتب عنه الشيخ البشير الإبراهيمي عام 1960 بأنه "مشغوف إلى حدّ الافتتان بالبحث عن الآثار الأدبية والعلمية لعلماء الجزائر في جميع العصور" (أبو القاسم سعد الله، محمد العيد آل خليفة (1961)، ص 3).
إلى جانب أعماله عن أمثال "محمد العيد آل خليفة رائد الشعر الجزائري في العصر الحديث" (1961)، و"القاضي الأديب: الشاذلي القسنطيني" (1974)، و"رائد التجديد الإسلامي: ابن العنابي" (1977)، و"الطبيب الرحالة: ابن حمادوش الجزائري" (1982)، و"شيخ الإسلام عبد الكريم الفكّون" (1986)، وتحقيقاته لكتابات أعلام الجزائر كـ"رحلة ابن حمادوش" (1983)، و"حكاية العشاق" (1983)، و"منشور الهداية" للفكون (1987)، و"رسالة الغريب إلى الحبيب"، للبجائي (1992)، و"تاريخ العدواني"، وغيرها. وفي هذا السياق أيضا تأكيدٌ على الوحدة الثقافية للشعب الجزائري، ككتابته عن كتاب "الحوض" لمحمد بن علي بن إبراهيم السوسي في الفقه المكتوب بالأمازيغية بحروف عربية، وعن "الأُفعول" في الحميرية والبربرية، وغير ذلك.
2 . إرساء قواعد المدرسة التاريخية الجزائرية
ساهم الراحل في بناء صرح التاريخ الوطني، بتأسيس قاعدتين:
- قاعدة تاريخ الجزائر السياسي والعسكري المعاصر: حيث يرى بأن العهد الاستعماري وتتبع مسيرة الصراع بين الجزائريين والفرنسيين خلاله لم يدرس بعدُ باستيعاب، ومن هنا طموحه إلى تقديم أرضية يمكن للباحثين اللاّحقين الاستفادة منها والانطلاق من حيث توقف هو - كما قال عام 1989 - رغم اعترافه مرارا بأنه لم يحقق كل ما عزم على إنجازه في ذلك المشروع.
- قاعدة أوسع لتاريخ الجزائر الثقافي، قرُبت أن تكون قصة حضارتها الحديثة والمعاصرة، خاصة أنه صرّح في الجزء الأول من "تاريخ الجزائر الثقافي"- وهو بيت القصيد - بالقول عام 1979: "كان هدفي من البحث إنتاج عمل يكشف عن مساهمة الجزائر في الثقافة العربية الإسلامية والإنسانية عبر العصور"، لولا أنه تجنّب تتويجها بحوصلة فلسفية تفسّر طابع الثقافة الجزائرية البياني- الوصفي- الاستِعادي، وتحدّد التيارات العميقة التي صاغت أفكارنا وحكمت أعمالنا وصنعت مصايرنا، لنقدها وتقويمها واستثمارها في معتركات التدافع والتداول والتجديد، ربما لأنه تحاشى - كما لاحظ الدكتور ناصر الدين سعيدوني - الوقوع في محاذير إخضاع الأحداث لنظرة خاصة قد تقلل من قيمة عمله وتثير حفيظة المخالفين (ناصر الدين سعيدوني، دراسات وشهادات مهداة إلى الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله (2000)، ص 583)، أو لأنه من المؤرخين الذين يعتقدون - على غرار المؤرخين البريطانيين - بأن معنى التاريخ ظاهر وواضح بذاته، فلا يكون موضوعًا استنتاجيّا؟ تلك "الاستنتاجية" التي يعتبرها بعض أعلام المؤرخين إكسير الحياة بالنسبة إلى التاريخ - فضلا عن الطموح إلى المساهمة في تصحيح أخطاء التاريخ، كما في قوله "هناك مواقف وتفاسير كثيرة في تاريخ المغرب العربي تحتاج إلى تصحيح وإعادة نظر"، يذكر منها مقاومة البربر "المزعومة" للعرب، وطبيعة وأعمال وتأثيرات بني هلال وبني سُليْم، والفتح العثماني، مما يُعرف بذهابه فيها عكس مذاهب المؤرخين الفرنسيين ومن سايرهم.
- ناهيك عن التطلّع إلى تقويم وإثراء الحياة الثقافية، حيث صرّح في كافة أعماله بغيرته على اللغة العربية وحرصه على خدمتها وإثرائها، ولا غرو، فتكوينه الأدبي والعلمي- التاريخي وفّرا له كافة المبررات والإمكانات.
إشكالية الوعي التاريخي
الوعي التاريخي هو الإدرك العميق لدور الخبرة التاريخية الذاتية والإنسانية الحيوي في بناء الوعي بسنن التسخير عامة، وسنن الأنفُس والهداية والتأييد منها خاصة، وما يوفّره ذلك لحركة التجديد من شروط ضرورية لضمان أصالة وفعالية واطّرادية مبادراتها على كافة الصُّعد؛ أو هو الوعي بمقومات الوجود التاريخي، والإمساك بتلك المقومات، وإعمال الإرادة لحمايتها. ولعل استعادة المجتمع والأمة هذا الوعي كفيل ببلورة وعيهما بسنن الاجتماع والتدافع البشريّيْن والتعجيل بالنهضة المنشودة، التي سعى إليها الراحل ومَن جايَلَه من المؤرخين والمثقفين العامِلين.
ويبدو أن أصول إشكالية الوعي التاريخي عند الأمة الإسلامية تتصل بمعركة صِفّين (37هـ/ 657م) والانحراف الذي تلاها كما يرى مالك بن نبي، الذي ذهب إلى أنّ الحضارة الإسلامية لم تنشأ-بسبب ذلك- عن مبادئ الإسلام، بل إنّ مبادئَ الإسلام هي التي توافقت مع سلطةٍ زمنيّة قاهرة. حتى استبدلت اسميْ "المُلك العاضّ" و"المُلك الجبري" الوارديِن في الحديث الشريف باسم "الخلافة"، وغدت نظريتُها السياسيةُ في مواجهة مجادلات الفِرَق-على سبيل المثال- مجرّدَ انعكاسٍ للوقائع التاريخية؛ أي صبغٌ لتاريخ الأمة بصبغة عقلية.
فغدا التاريخُ نفسُه أداةً للجدلِ المذهبي، وسبباً في الجمود الفكريّ؛ بدلاً من أن يكون وسيلةً للنقد الذّاتي، ومقاومة التعصّب والأوهام والغُثائية واللاّفعالية، وتأسيس الوعي الموضوعي والسُّننيّ التكامليّ، واستنباط وسائل ترشيد الفعل الثقافي والتربوي، لتحقيق الانبعاث الاجتماعي والحضاري؛ حتى ذهب بعض الباحثين إلى أنّ تلك "الأحكام السلطانية"، ومبدأ "طاعة المتغلّب"، وذلك التأويل العقلي للكتاب والسنّة؛ ليست سوى تسويغًا بعديًّا للوقائع التاريخية السابقة التي أقرّها الإجماع؛ لأنّ الأمّة من هذا المنظور لا يمكنها الوقوع في الإثم والخطأ، وإلاّ فقدت جدارتها حبطت أعمالها.
تتجلّى مساهمة الدكتور سعد الله في التأسيس لحلّ إشكالية الوعي التاريخي في دعوته إلى التسلّح بالمناهج العلمية الحديثة، وكتابة التاريخ العلمي الدقيق لا التاريخ الاستعراضي أو تاريخ المناسبات، واجتهاده في إظهار الحقائق، وإبراز قيمة الأبطال، خلافًا لما ينعاهُ على الجزائريين من الزهد في الكتابة، والركون إلى الأوهام، وتهوين قيمة الرموز.
على أنّ الراحل لم يكن -شأن كافة البشر- بمعزل عن تأثير العاطفة والانتماء الفكري، كما في تمجيده "التاريخ الرسمي" للأمة الإسلامية مثلا. ولا غرو؛ فتكوُّن أفكار المؤرخ مرتبط بتكوّن وعيه، الذي يتشكّل في حدود الفضاء الثقافي الذي يرتاده والتكوين الذي حصّله، ناهيك عن أن المؤرخ لا يهمّه من التاريخ إلا ما يرى فيه أداةً لحل إشكاليات الحاضر، كما تدلّ عليه عبارة المؤرخ الإيطالي "كروتشي" (Croce) الشهيرة: "التاريخ بأجمعه هو تاريخ معاصر"، التي تعني أن التاريخ يتألّف أساسًا من رؤية الماضي من خلال عيون الحاضر وعلى ضوء مشاكله.
مع ذلك نجح الدكتور سعد الله في هذا المضمار إلى حدّ بعيد في تخطيط معالم مدرسة تاريخية جزائرية، ذات منهج عصري، ولسان عربي، ومضمون أصالي ووطني؛ غدت موئلاً للباحثين عن صورة الجزائر الأصيلة، وملاذًا من عواصف التشكيك في الهوية وتفكيك عناصر الوحدة الاجتماعية الجزائرية؛ فساهم في تعميق وبلورة التوجّه الثقافي الساعي إلى فكّ الارتباط بالموروث الاستعماري والثقافة التقليدية الميّتة (وإن لم يشدّد على مواجهة الأخيرة مثلما فعل مالك بن نبي مثلا)، وتثبيت انتماء الجزائر العربي الإسلامي، بكيفية واعية بمقومات ذلك الانتماء، حريصة على حفظها وترقيتها بأصالة وفعالية. ومن المفيد ذكر جانب من ذلك:
1 - في بعث التراث الجزائري: لإبراز مساهمة الجزائر في الثقافة العربية الإسلامية وحفز المبادرات الإبداعية لدى أبناء الجيل، من خلال ما ذكرناه آنفا.
2 - في نصرة القضايا الوطنية الجزائرية وبيان حقائقها وحيثياتها: للحدّ من تأثير وجهة النظر الاستعمارية وتأويلاتها، وشحذ اعتزاز الأجيال بجهاد الآباء واستلهام دروس التاريخ، كما في: الحركة الوطنية الجزائرية، بأجزائه الثلاثة (1830- 1900 / 1900 - 1930 / 1930 - 1945) - أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، بأجزائه الثلاثة (1976، 86، 90) (ثم جزآن آخران: 1996، 2005)، وغيرها.
3 - في كتابة التاريخ الثقافي: لاستقصاء وتسجيل خلفيات الأحداث الباطنة وعوامل التغيير العميقة، وربط الجزائر بمحيطها الطبيعي العربي الإسلامي، ودرْء تيارات الاستلاب الجارفة والنزعات الانعزالية الهدّامة، خاصة في موسوعته "تاريخ الجزائر الثقافي" بمجلداتها العشرة، التي صدر جزآها الأوّلان عام 1981، ودراساته عن محمد العيد آل خليفة (1961)، والشاذلي القسنطيني (1974)، والمفتي ابن العنابي (77)، وشيخ الإسلام عبد الكريم بن الفكون (86)...
4 - في بحث قضايا الساعة في الفكر والمجتمع والسياسة، خاصة: منطلقات (1982)- أفكار جامحة (88) - قضايا شائكة (89) - في الجدل الثقافي (93) - هموم حضارية (93)- خارج السرب (2005) - حوارات (2005).
الخاتمة
كان الراحل سعد الله مثقفا أصيلا، أدّى دورًا ظاهرا في بلورة وإنعاش ورسم توجّهات الثقافة الجزائرية المعاصرة، خاصة في قضايا تأصيل التاريخ والتعريب والتربية، وقيم المجتمع المدني أيضا. كما كان عالِما نذر نفسه للحقيقة كما بلّغه تخصّصه واجتهاده، رغم أعاصير ومناورات أرباب المصالح الضيقة. مع حرصٍ على صرامة المنهج، واعتدالٍ وحذرٍ في المواقف العامة، وميلٍ إلى التآلف والتوافق. وهو أيضا ذاكرة جيل حلُمَ بالنهضة، لكنّ الذي تراءى له كذلك كان حركةَ وعيٍ وتعبئةٍ ودفاع عن الذات أمام تحديات الانحلال الداخلي والهيمنة الخارجية، أكثر منه نهضةً متكاملة تدرك الحاجات، وتتوفر لها الخبرات والقدرات. ويبدو أنّ النهضة المنشودة مَنوطة ابتداءً باستكمال الوعي التاريخي (المحقِّق لإدراك مقوّمات الوجود التاريخي والتمسّك بها) لدى نخبة المجتمع والأمة وجماهيرها على حدّ سواء، لتفعيل طاقاتها وحفزها إلى البناء والتجديد كما أسلفنا، ولطالما نبّه إلى ذلك الدكتور سعد الله وكافح من أجله، وإن لم ينظّر له بشكل مستقل. فهل تتضافر الجهود في هذه السبيل؟.


https://www.echoroukonline.com/ara/articles/189325.html









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-23, 15:36   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
belkhodja amina
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على هذا الكلام الطيب
ورحم الله شيخ المؤرخين واسكنه فسيح جناته










رد مع اقتباس
قديم 2014-12-28, 16:21   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة belkhodja amina مشاهدة المشاركة
شكرا على هذا الكلام الطيب
ورحم الله شيخ المؤرخين واسكنه فسيح جناته
شكراً على مرورك أختي الكريمة









رد مع اقتباس
قديم 2015-01-02, 13:01   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
Business.pro2100
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

قدمت لنا .. موضوع مفيد, بارك لله فيك أخي الكريم .










رد مع اقتباس
قديم 2015-07-01, 18:10   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
aminebio
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على المعلومة و جزاك خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2015-10-14, 13:44   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
piratack007
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2015-10-18, 17:21   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
نور97
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية نور97
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ربـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي يحــــــــــــــــــــــــــــفظكم ( اسماءالصحف والمجلات الناطة باسم الاتجاهات السياسة للحركة الوطنية) رانييي زاااربة بلييييوز دركا










رد مع اقتباس
قديم 2015-10-18, 17:26   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
نور97
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية نور97
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

:'( :'( :'(










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
"سيد, الله, المؤرخين, الجزائريين", الدكتور, القاسم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:24

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc