فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 38 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-03-17, 19:09   رقم المشاركة : 556
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود المذكورين في آية الصيام

السؤال

ما معنى قول الله تعالى : (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ

وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187.

ومعنى ذلك أن الله تعالى أباح للصائم الأكل والشرب ليلاً حتى يتبين له (أي يتيقن) طلوع الفجر .

والمراد من الخيط الأبيض النهار ، والخيط الأسود الليل .

قال الحافظ : وَمَعْنَى الآيَةِ حَتَّى يَظْهَرَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ , وَهَذَا الْبَيَانُ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ .

وَقَوْلُهُ : ( مِنْ الْفَجْرِ ) بَيَانٌ لِلْخَيْطِ الأَبْيَضِ , وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ بَيَانِ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ لأَنَّ بَيَانَ أَحَدِهِمَا بَيَانٌ لِلآخَرِ اهـ .

وقد فهم بعض الصحابة رضي الله عنهم الآية على خلاف معناها ، ففهموا أن المراد منها الخيط الحقيقي

فكان أحدهم يجعل تحت وسادته أو يربط في رجله خيطين أحدهما أبيض والآخر أسود ويظل يأكل حتى يتبين له أحدهما من الآخر

وسبب هذا الخطأ في فهم معنى الآية أن الله تعالى أنزل الآية أولاً بدون قوله : )مِنَ الْفَجْرِ )

ففهمها بعض الصحابة على المعنى المتبادر إلى الذهن من كلمة "الخيط" ثم أنزل الله تعالى بعد مدة

(قال بعض العلماء إنها سنة) أنزل قوله : ( مِنَ الْفَجْرِ ) فعلموا أن المراد بالخيط الأبيض ضوء الفجر (النهار) وبالخيط الأسود الليل .

روى البخاري (1917) ومسلم (1091) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : أُنْزِلَتْ ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) وَلَمْ يَنْزِلْ (مِنْ الْفَجْرِ)

فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ : (مِنْ الْفَجْرِ) فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ .

فهؤلاء الصحابة حَمَلُوا الْخَيْطَ عَلَى ظَاهِرِهِ , فَلَمَّا نَزَلَ (مِنْ الْفَجْرِ) عَلِمُوا الْمُرَادَ .

وقد فهم عدي بن حاتم رضي الله عنه الآية كما فهمها هؤلاء حتى صحح له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفهم وبين له المعنى المراد من الآية .

روى البخاري (1916) عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي

فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلا يَسْتَبِينُ لِي فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ. وفي رواية للبخاري (4510) : (إِنَّكَ لَعَرِيضُ) . وفي رواية أخرى له أيضاً (4509)

: ( إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ) . وفي أخرى (4510) : (إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا) .

وقصة عدي رضي الله عنه وقعت بعد نزول قوله تعالى : (مِنَ الْفَجْرِ) أي بعد حديث سهل السابق .

وقد اعتذر بعض العلماء عن خطأ عدي في هذا الفهم مع نزول قوله تعالى (مِنَ الْفَجْرِ ) بأن عديا لم يبلغه حديث سهل ، أو لم يكن من لغة قومه استعمال الخيط الأبيض والخيط الأسود للدلالة على الليل والنهار .

ولذلك ترجم ابن حبان لحديث عدي بقوله : "ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَرَبَ تَتَفَاوَتُ لُغَاتُهَا" وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ عَدِيًّا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ فِي لُغَتِهِ أَنَّ سَوَادَ اللَّيْلِ وَبَيَاضَ النَّهَارِ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِالْخَيْطِ الأَسْوَدِ وَالْخَيْطِ الأَبْيَضِ .

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : حَدِيث عَدِيٍّ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ سَهْلٍ , فَكَأَنَّ عَدِيًّا لَمْ يَبْلُغْهُ مَا جَرَى فِي حَدِيثِ سَهْلٍ ، وَإِنَّمَا سَمِعَ الآيَةَ مُجَرَّدَةً فَفَهِمَهَا عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ اهـ .

وقال الحافظ : وَأَمَّا عَدِيٌّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي لُغَةِ قَوْمِهِ اِسْتِعَارَةُ الْخَيْطِ لِلصُّبْحِ , أَوْ نَسِيَ قَوْلَهُ : (مِنْ الْفَجْرِ) حَتَّى ذَكَّرَهُ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ .

وقَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا للقاضي عِيَاضٍ : وَإِنَّمَا حَمَلَ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالأَسْوَدَ عَلَى ظَاهِرِهِمَا بَعْضُ مَنْ لا فِقْهَ عِنْدَهُ مِنْ الأَعْرَابِ كَالرِّجَالِ الَّذِينَ حُكِيَ عَنْهُمْ سَهْلٌ وَبَعْضُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي لُغَتِهِ اِسْتِعْمَالُ الْخَيْطِ فِي الصُّبْحِ كَعَدِيٍّ اهـ .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا)

فقد زعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك أنه فِيهِ غَبَاوَةٌ وَغَفْلَةٌ .

وادعى هؤلاء أن عُرْضَ الْقَفَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الغباوة, وَأَنْشَدَوا فِي ذَلِكَ شِعْرًا .

وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَثِيرٌ من العلماء مِنْهُمْ الْقُرْطُبِيُّ والقاضي عياض والنووي .

قال القرطبي :

"حَمَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الذَّمِّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْفَهْمِ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهُ نَسَبَهُ إِلَى الْجَهْلِ وَالْجَفَاءِ وَعَدَمِ الْفِقْهِ , وَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالُوهُ .

. وَإِنَّمَا عَنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ وِسَادَك إِنْ كَانَ يُغَطِّي الْخَيْطَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرَادَ اللَّهُ فَهُوَ إِذًا عَرِيضٌ وَاسِعٌ , وَلِهَذَا قَالَ فِي أَثَرِ ذَلِكَ : إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ ,

فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَكَيْفَ يَدْخُلَانِ تَحْتَ وِسَادَتِك ؟ وَقَوْلُهُ " إِنَّك لَعَرِيضُ الْقَفَا " أَيْ إِنَّ الْوِسَادَ الَّذِي يُغَطِّي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَرْقُدُ عَلَيْهِ إِلا قَفًا عَرِيضٌ لِلْمُنَاسَبَةِ اهـ باختصار .

وقَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْت تَحْت وِسَادك الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّه تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْل وَالنَّهَار فَوِسَادُك يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا , وَحِينَئِذٍ يَكُون عَرِيضًا

, وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَة الأُخْرَى فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ (إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا) وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَة الأُخْرَى : (إِنَّك لَضَخْمٌ) اهـ .

انظر : فتح الباري شرح حديث رقم (1917) ، (1916). ،

شرح مسلم للنووي حديث رقم (1090) ، (1091) .

ومن الأحكام المستنبطة من الآية الكريمة أن من شك في طلوع الفجر فله أن بأكل ويشرب حتى يتيقن طلوعه لأن الله تعالى قال : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) .

رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَحَلَّ اللَّهُ لَك الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مَا شَكَكْت. قال الحافظ : إِسْنَاده صَحِيحٍ.

وَرَوَى اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ عن أَبِي الضُّحَى قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ اِبْنَ عَبَّاسٍ عَنْ السُّحُورِ , فَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ : كُلْ مَا شَكَكْت حَتَّى لا تَشُكَّ . قَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ : وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ صَارَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ .

قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/247) .

"من أتى مفطرا ، وهو شاك في طلوع الفجر فصومه صحيح

لأن الله سبحانه وتعالى قال : ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187.

وضد التبين الشك والظن ، فما دمنا لم يتبين لنا فلنا أن نأكل ونشرب ، وهذه المسألة لها خمسة أقسام :

1- أن يتيقن أن الفجر لم يطلع ، مثل : أن يكون طلوع الفجر في الساعة الخامسة ، ويكون أكله وشربه في الساعة الرابعة والنصف فصومه صحيح .

2- أن يتيقن أن الفجر طلع ، كأن يأكل الساعة الخامسة والنصف فهذا صومه فاسد .

3- أن يأكل وهو شاك هل طلع الفجر أو لا ، ويغلب على ظنه أنه لم يطلع ؟ فصومه صحيح .

4- أن يأكل ويشرب ، ويغلب على ظنه أن الفجر طالع فصومه صحيح .

5- أن يأكل ويشرب مع التردد الذي ليس فيه رجحان فصومه صحيح" اهـ .

والله أعلم .








 


قديم 2019-03-17, 19:13   رقم المشاركة : 557
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

تفسير : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا)

السؤال

قال الله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ما معنى : أمة وسطا ؟

وما المقصود بالشهادة على الناس ؟.


الجواب

الحمد لله

قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) البقرة/143 .

جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية تبين أن المراد من قوله تعالى : ( أمة وسطاً )

أي : عدلاً خياراً . وأن المراد من الشهادة على الناس : الشهادة على الأمم يوم القيامة أن رسلهم قد بلغوهم رسالات الله . ولم تخرج كلمات المفسرين عن ذلك المعنى .

روى البخاري (4487) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُدْعَى نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ بَلَّغْتَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ؛ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَكُمْ ؟

فَيَقُولُونَ : مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ أَوْ مَا أَتَانَا مِنْ أَحَدٍ , قَالَ : فَيُقَالُ لِنُوحٍ : مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ,

قَالَ : فَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا )

قَالَ : الْوَسَطُ الْعَدْلُ ) وزاد أحمد (10891) : ( قَالَ : فَيُدْعَوْنَ فَيَشْهَدُونَ لَهُ بِالْبَلاغِ , قَالَ : ثُمَّ أَشْهَدُ عَلَيْكُمْ ) .

وروى الإمام أحمد (1164) وابن ماجه (4284)عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَجِيءُ النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ الرَّجُلُ , وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلانِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ :

هَلْ بَلَّغَكُمْ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : لا فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ ؟

فَيَقُولُ : نَعَمْ , فَيُقَالُ لَهُ : مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ؟

فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ؛ فَيُدْعَى مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ؛ فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَ هَذَا قَوْمَهُ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ؛ فَيُقَالُ : وَمَا عِلْمُكُمْ ؟

فَيَقُولُونَ : جَاءَنَا نَبِيُّنَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا , فَذَلِكَ قَوْلُهُ

: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) قَالَ : يَقُولُ : عَدْلا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2448) .

قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية :

" فمعنى ذلك : وكذلك جعلناكم أمة وسطاً عدولاً شهداء لأنبيائي ورسلي على أممها بالبلاغ أنها قد بلغت ما أمرت ببلاغه من رسالاتي إلى أممها ,

ويكون رسولي محمد صلى الله عليه وسلم شهيداً عليكم بإيمانكم به , وبما جاءكم به من عندي " انتهى .

"جامع البيان " (2/8) .

وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية :

" والوسط ههنا الخيار والأجود , كما يقال : قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي : خيارها ,

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه , أي أشرفهم نسباً , ومنه : الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي صلاة العصر كما ثبت في الصحاح وغيرها . . .

( لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ )

قال : لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم ، لأن الجميع معترفون لكم بالفضل " انتهى باختصار .

"تفسير ابن كثير" (1/181) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ومن فوائد الآية : فضل هذه الأمة على جميع الأمم ؛ لقوله تعالى : ( وسطاً ) .

ومنها : عدالة هذه الأمة ؛ لقوله تعالى : ( لتكونوا شهداء على الناس ) ؛ والشهيد قوله مقبول .

ومنها : أن هذه الأمة تشهد على الأمم يوم القيامة ؛ لقوله تعالى : ( لتكونوا شهداء على الناس ) ؛ والشهادة تكون في الدنيا ، والآخرة

فإذا حشر الناس ، وسئل الرسل : هل بلغتم ؟

فيقولون : نعم ؛ ثم تسأل الأمم : هل بُلِّغتم ؟

فيقولون : ما جاءنا من بشير ولا نذير ؛ ما جاءنا من أحد ؛ فيقال للرسول : من يشهد لك ؟

فيقول : ( محمد وأمته ) ؛ يُستشهدون يوم القيامة ، ويَشهدون ؛ فيكونون شهداء على الناس .

فإذا قال قائل : كيف تشهد وهي لم تر ؟

نقول : لكنها سمعت عمن خبره أصدق من المعاينة ، صلوات الله وسلامه عليه " انتهى .

"تفسير سورة البقرة" (2/115، 116) باختصار .

ونقل البغوي في تفسيره (1/122)

عن الكلبي أنه قال : ( وَسَطاً ) : "

يعني : أهل دين وسط ، بين الغلو والتقصير ، لأنهما مذمومان في الدين " .

وقال الشيخ السعدي في تفسيره (ص 66) :

" أي : عدلا خيارا . وما عدا الوسط , فالأطراف داخلة تحت الخطر . فجعل الله هذه الأمة وسطا في كل أمور الدين . وسطا في الأنبياء

, بين من غلا فيهم كالنصارى , وبين من جفاهم كاليهود , بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك .

ووسطا في الشريعة , لا تشديدات اليهود وآصارهم , ولا تهاون النصارى .

وفي باب الطهارة والمطاعم , لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بِيَعهم وكنائسهم ,

ولا يطهرهم الماء من النجاسات ,

وقد حرمت عليهم الطيبات , عقوبة لهم . ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئا , ولا يحرمون شيئا

بل أباحوا ما دب ودرج . بل طهارتهم أكمل طهارة وأتمها . وأباح الله لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح , وحرم عليهم الخبائث من ذلك . فلهذه الأمة من الدين : أكمله , ومن الأخلاق : أجلها ,

ومن الأعمال : أفضلها . ووهبهم الله من العلم والحلم والعدل والإحسان , ما لم يهبه لأمة سواهم . فلذلك كانوا ( أُمَّةً وَسَطًا ) كاملين معتدلين , ليكونوا ( شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط

, يحكمون على الناس من سائر أهل الأديان , ولا يحكم عليهم غيرهم . فما شهدت له هذه الأمة بالقبول , فهو مقبول , وما شهدت له بالرد , فهو مردود .

فإن قيل : كيف يقبل حكمهم على غيرهم , والحال أن كل مختصمين , غير مقبول قول بعضهم على بعض ؟

قيل : إنما لم يقبل قول أحد المتخاصمين , لوجود التهمة .

فأما إذا انتفت التهمة , وحصلت العدالة التامة

, كما في هذه الأمة , فإنما المقصود الحكم بالعدل والحق . وشرط ذلك : العلم والعدل , وهما موجودان في هذه الأمة , فقبل قولها " انتهى .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-03-18, 17:47   رقم المشاركة : 558
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



حديث توسل آدم بالنبي وتفسير : ( وابتغوا إليه الوسيلة )


السؤال

أرجو تفسير قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) المائدة/35

وذلك ردّاً على الصوفية في التوسل ، حيث إن بعضهم فسرها بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء

أما بالنسبة لحديث آدم لما اقترف الخطيئة فيقولون : إن البيهقي صحح الحديث ، وإن الذهبي أثنى على هذا الكتاب
.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

حديث اقتراف آدم للخطيئة وتوسله بالنبي صلى الله عليه وسلم حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آدم عليه السلام .

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال القادم

ونقلنا عن أهل العلم تبيينهم لكذبه ، ومن هؤلاء العلماء الإمام الذهبي رحمه الله .

والبيهقي رحمه الله لم يرو الحديث في سننه ، بل رواه في "دلائل النبوة" (5/489) وضعَّفه ، فقد قال بعد سياقه للحديث : " تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف " .

ومما يرجح نكارة المتن وبطلانه : أن الدعاء الذي قبِل الله به توبة آدم هو ما قاله الله في سورة الأعراف : ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الأعراف/23

فهذا هو الدعاء الذي دعا به آدم وحواء ، وفيه دعاء الله تعالى وحده ، والتوسل بأسمائه وصفاته ، والتوسل بذكر حالهم ، وهي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه ثم قالها فتاب الله تعالى عليه ،

كما قال تعالى : ( فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة/37 .

ثانياً :

أما تفسير لفظ " الوسيلة " في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة/35 :

فهي الطريق الموصلة إلى الله تعالى ، ولا طريق موصلة إليه عز وجل إلا الطريق التي يحبها الله ويرضى عنها ، وتكون بطاعته وترك معصيته .

قال ابن كثير رحمه الله :

" يقول تعال آمراً عباده المؤمنين بتقواه ، وهي إذا قرنت بطاعته كان المراد بها الانكفاف من المحارم وترك المنهيات ،

وقد قال بعدها : ( وابتغوا إليه الوسيلة ) قال سفيان الثوري عن طلحة عن عطاء عن ابن عباس : أي : القربة

وكذا قال مجاهد وأبو وائل والحسن وقتادة وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد

وقال قتادة : أي : تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه

وقرأ ابن زيد : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ) ، وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه .

والوسائل والوسيلة : هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (2/53، 54) .

وقال الشنقيطي رحمه الله :

" اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك لله تعالى

لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى ، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة .

وأصل الوسيلة : الطريق التي تقرب إلى الشيء ، وتوصل إليه وهي العمل الصالح بإجماع العلماء

لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جدّاً

كقوله تعالى : ( وَمَآ ءَاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ )

وكقوله : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى ) ، وقوله : ( قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بالوسيلة الحاجة . . .

وعلى هذا القول الذي روي عن ابن عباس فالمعنى : ( وَٱبْتَغُواْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ ) : واطلبوا حاجتكم من الله ؛ لأنه وحده هو الذي يقدر على إعطائها

ومما يبين معنى هذا الوجه قوله تعالى : ( إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ )

وقوله : ( وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ ) ، وفي الحديث : ( إذا سألتَ فاسأل الله ) .

ثم قال الشنقيطي رحمه الله :

التحقيق في معنى الوسيلة هو ما ذهب إليه عامة العلماء من أنها التقرب إلى الله تعالى بالإخلاص له في العبادة ، على وفق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتفسير ابن عباس داخل في هذا

لأن دعاء الله والابتهال إليه في طلب الحوائج من أعظم أنواع عبادته التي هي الوسيلة إلى نيل رضاه ورحمته .

وبهذا التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثير من ملاحدة أتباع الجهَّال المدعين للتصوُّف من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه : أنه تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين

وتلاعب بكتاب الله تعالى ، واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار

كما صرح به تعالى في قوله عنهم : ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ )

وقوله : ( وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَـٰؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى ٱلسَّمَـوَتِ وَلاَ في ٱلأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ )

فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الطريق الموصلة إلى رِضى الله وجنته ورحمته هي اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل ، ( لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِىِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ ) .

وهذا الذي فسرنا به الوسيلة هنا هو معناها أيضاً في قوله تعالى : ( أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ )

وليس المراد بالوسيلة أيضاً المنزلة التي في الجنة التي أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نسأل له الله أن يعطيه إياها ، نرجو الله أن يعطيه إياها ؛ لأنها لا تنبغي إلا لعبد ، وهو يرجو أن يكون هو " انتهى باختصار .

"أضواء البيان" (2/86– 88) .

والله أعلم .









قديم 2019-03-18, 17:49   رقم المشاركة : 559
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بطلان حديث توسل آدم بمحمد عليهما الصلاة والسلام

السؤال

قرأت هذا الحديث وأريد أن أعرف هل هو صحيح أو غير صحيح ؟

( لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي . فقال الله : يا آدم ، وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه ؟ قال : يا رب ، لأنك لما خلقتني بيدك ، ونفخت في من روحك، رفعت رأسي

فرأيت على قوائم العرش مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك . فقال الله : صدقت يا آدم ، إنه لأحب الخلق إلي ، ادعني بحقه ، فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك ).


الجواب


الحمد لله

هذا الحديث موضوع ، رواه الحاكم من طريق عبد الله بن مسلم الفهري

حدثنا إسماعيل بن مسلمة ، أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما اقترف آدم الخطيئة . .

. ثم ذكر الحديث باللفظ الذي ذكره السائل .

وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد اهـ .

هكذا قال الحاكم ! وقد تعقبه جمع من العلماء ، وأنكروا عليه تصحيحه لهذا الحديث ، وحكموا على هذا الحديث بأنه باطل موضوع ، وبينوا أن الحاكم نفسه قد تناقض في هذا الحديث .

وهذه بعض أقوالهم في ذلك :

قال الذهبي متعقبا على كلام الحاكم السابق : بل موضوع ، وعبد الرحمن واهٍ ، وعبد الله بن مسلم الفهري لا أدري من هو اهـ .

وقال الذهبي أيضاً في "ميزان الاعتدال" : خبر باطل اهـ .

وأقره الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" .

وقال البيهقي : تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، من هذا الوجه، وهو ضعيف اهـ . وأقره ابن كثير في البداية والنهاية (2/323) .

وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (25) : موضوع اهـ .

والحاكم نفسه –عفا الله عنه- قد اتهم عبد الرحمن بن زيد بوضع الحديث ، فكيف يكون حديثه صحيحاً ؟!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة" (ص 69) :

ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه ، فإنه نفسه قد قال في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم" :

عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه ، قلت : وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيراً اهـ .

انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني (1/38-47) .









قديم 2019-03-18, 17:51   رقم المشاركة : 560
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المقصود بالجنة والناس في سورة الناس

السؤال

ما المقصود بالجِنّة والنَّاس في سورة الناس ، هل هم شياطين الإنس والجن أم ماذا ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً :

قال الله تعالى : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس *ِ مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاس * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاس *ِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاس ) . سورة الناس

في هذه الآيات الكريمة أمر بالاستعاذة من الوسواس الخناس ، الذي يوسوس في صدور الناس .

وفيها بيان حال هذا الوسواس ، وأنه قد يكون من الجن ، وقد يكون من الإنس .

قال الحسن : هما شيطانان ، أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس ، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية .

وقال قتادة : إن من الجن شياطين ، وإن من الإنس شياطين ، فتعوذ بالله من شياطين الإنس والجن .

هذا هو الصحيح في معنى هذه الآية الكريمة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فالصواب في معنى الآية أن قوله : ( مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) بيان للذي يوسوس ،

وأنهم نوعان : إنس وجن ، فالجني يوسوس في صدور الإنس ، والإنسي أيضا يوسوس في صدور الإنس . . . .

ونظير اشتراكهما في هذه الوسوسة : اشتراكهما في الوحي الشيطاني

قال الله تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) الأنعام/112 .

فالشيطان يوحي إلى الإنسي باطله ، ويوحيه الإنسي إلى إنسي مثله ، فشياطين الإنس والجن يشتركان في الوحي الشيطاني ، ويشتركان في الوسوسة . . . .

وتدل الآية على الاستعاذة من شر نوعي الشياطين : شياطين الإنس وشياطين الجن " انتهى باختصار .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "تفسير جزء عم" :

" وقوله : ( مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاس )

أي : أن الوساوس تكون من الجن ، وتكون من بني آدم .

أما وسوسة الجن ؛ فظاهر ؛ لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم .

وأما وسوسة بني آدم ؛ فما أكثرَ الذين يأتون إلى الإنسان يوحون إليه بالشر ، ويزينونه في قلبه حتى يأخذ هذا الكلام بلُبِّه وينصرف إليه " انتهى .

والله أعلم .









قديم 2019-03-18, 17:55   رقم المشاركة : 561
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تدخل النساء في قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) ؟

السؤال

قال تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أمولكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا ) النساء/5 .

وحسب تفسير ابن كثير فإن " السفهاء " في هذه الآية يقصد بها النساء والأطفال ، وأشعر أن الآية تقول إنه يجب على الأزواج ألا يعطوا المال لزوجاتهم لينفقن أو ألا يعطوا دخلهم لزوجاتهم لينفقن منها لأنهن سفيهات وغير حكيمات

فهل هذا الفهم صحيح أم أني أخرجت المعنى عن السياق ؟

أرجو أن توضح معنى الآية حيث إني مشغولة بذلك كثيراً .


الجواب

الحمد لله

ذكر بعض المفسرين في الآية أن " السفهاء" هم النساء

وهذا القول غير صحيح

بل المراد بـ "السفيه" كل من لا يحسن التصرف في المال

ذكراً كان أم أنثى ، فيشمل : المجنون ، والصبي الصغير ، الرجل البالغ - وكذلك المرأة - الذي لا يحسن التصرف في المال ، بل يضيعه وينفقه على ما لا ينفعه .

وقد رد بعض المفسرين القول بأن المراد بذلك النساء ، واستبعدوه لغة وشرعاً .

أما لغة فقالوا : إنه لا يقال في النساء " سفهاء " بل " سفائه " ، و " سفيهات " .

وأما شرعاً فلتواتر النصوص القرآنية والنبوية المبينة لتملك النساء للمال ولتعاملهن بيعاً وشراءً وإجارة ، ولا يزال الأزواج يعطون نساءهم نفقة البيت للقيام على شئونه

ولما منع أبو سفيان النفقة عن زوجته واشتكت للنبي صلى الله عليه وسلم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف )

رواه البخاري (2097) ومسلم (1714) .

قال القرطبي :

واختلف العلماء في هؤلاء " السفهاء " من هم فعن سعيد بن جبير قال : هم اليتامى لا تؤتوهم أموالكم ، قال النحاس : وهذا من أحسن ما قيل في الآية

وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك قال : هم الأولاد الصغار لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها وتبقوا بلا شيء ، وروى سفيان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال : هم النساء

قال النحاس وغيره : وهذا القول لا يصح ، إنما تقول العرب في النساء " سفائه " أو " سفيهات " . .

. وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : السفهاء هنا كل من يستحق الحجر .

"تفسير القرطبي" (5/28) .

وذكر ابن جرير الطبري رحمه الله أقوال المفسرين في الآية – ومنها القول بأن المراد بذلك النساء – ثم قال :

" والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه عم بقوله : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) فلم يخصص سفيها دون سفيه

فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيها ماله صبيا صغيرا كان أو رجلا كبيرا ، ذكرا كان أو أنثى ، والسفيه الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله ، هو المستحق الحجر بتضييعه ماله وفساده وإفساده وسوء تدبيره ذلك . . .

وأما قول من قال : عنى بالسفهاء النساء خاصة ، فإنه جعل اللغة على غير وجهها " انتهى .

"تفسير الطبري" (3/249) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" السفهاء ، جمع " سفيه " وهو : من لا يحسن التصرف في المال ، إما لعدم عقله ، كالمجنون والمعتوه

ونحوهما ، وإما لعدم رشده ، كالصغير وغير الرشيد ، فنهى الله الأولياء أن يُؤتوا هؤلاء أموالهم خشية إفسادها وإتلافها

لأن الله جعل الأموال قياماً لعباده في مصالح دينهم ودنياهم ، وهؤلاء لا يُحسنون القيام عليها وحفظها " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص130، 131) .

فتبين بذلك أنه لا حرج على الرجل أن يعطي المال لزوجته لتنفق منه على البيت ، إذا كانت عاقلة رشيدة بحيث تحسن التصرف في المال .

والله أعلم .









قديم 2019-03-18, 17:59   رقم المشاركة : 562
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هم الولدان المخلدون ؟

السؤال

هل الولدان المخلدون هم أطفال المسلمين الذين ماتوا صغارا ؟؟ .

الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى في شأن أهل الجنة : ( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ) الواقعة /

17 وقال تعالى : ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً ) الإنسان/19

قال ابن كثير رحمه الله :

أي : يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة

مخلدون : أي : على حالة واحدة ، مخلدون عليها لا يتغيرون عنها ؛ لا تزيد أعمارهم عن تلك السن .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : غلمان لا يموتون .

قال ابن القيم رحمه الله

: قال أبو عبيدة والفراء : مخلدون : لا يهرمون ولا يتغيرون ؛ قال : والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط : إنه لمخلد ، وإذا لم تذهب أسنانه من الكبر قيل : هو مخلد .

وقوله تعالى في وصفهم ، في سورة الإنسان : ( إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا )

أي : إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة ، وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا ، ولا يكون التشبيه أحسن من هذا

ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن .

قال ابن القيم رحمه الله

: وشبههم سبحانه باللؤلؤ المنثور لما فيه من البياض وحسن الخلقة. وفي كونه منثورا فائدتان :

إحداهما : الدلالة على أنهم غير معطلين ، بل مبثوثون في خدمتهم وحوائجهم .

الثانية : أن اللؤلؤ إذا كان منثورا ، ولاسيما على بساط من ذهب أو حرير ، كان أحسن لمنظره وأبهى ، من كونه مجموعا في مكان واحد .

وقد اختلف العلماء فيمن يكون هؤلاء الولدان :

فروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والحسن البصري أن المراد بالولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة .

وروي عن سلمان رضي الله عنه أنه قال : أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة .

قال الحسن : لم يكن لهم حسنات يجزون بها ، ولا سيئات يعاقبون عليها ، فوضعوا في هذا الموضع .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

ولا أصل لهذا القول .

" مجموع الفتاوى " (4/279) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

وقد روى في ذلك حديث لا يثبت .

وقيل : إن هؤلاء الولدان أنشأهم الله لأهل الجنة ، يطوفون عليهم كما شاء ، من غير ولادة .

وهذا القول الأخير هو الذي ارتضاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى . فقد سئل رحمه الله : عن الولدان : هل هم ولدان أهل الجنة ؟

فأجاب : الولدان الذين يطوفون على أهل الجنة خلق من خلق الجنة ; ليسوا بأبناء أهل الدنيا بل أبناء أهل الدنيا إذا دخلوا الجنة يكمل خلقهم كأهل الجنة ؛

على صورة آدم أبناء ثلاث وثلاثين سنة ، في طول ستين ذراعا . وقد روي أيضا أن العرض سبعة أذرع .

انظر : مجموع الفتاوى : 4/312

واستظهر ابن القيم رحمه الله هذا القول أيضا . قال : والأشبه أن هؤلاء الولدان مخلوقون من الجنة ، كالحور العين ، خدما لهم وغلمانا ...

وهؤلاء غير أولادهم ؛ فإن من تمام كرامة الله تعالى لهم أن يجعل أولادهم مخدومين معهم ، ولا يجعلهم غلمانا لهم .

راجع أيضا : السؤال القادم

والله أعلم .









قديم 2019-03-18, 18:04   رقم المشاركة : 563
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مصير الأطفال الذين ماتوا صغارا في الجنة أم في النار

السؤال

هل جميع الأطفال الذين ماتوا قبل البلوغ سيدخلون الجنة أم الأطفال الذين آباؤهم مسلمون فقط ؟.

الجواب

الحمد لله


الكلام يكون إن شاء الله في مقامين :

الأول : مصير أطفال المسلمين .

والثاني : مصير أطفال الكفار .

= أما الأول : وهو مصير أطفال المسلمين :

فقد قال ابن كثير رحمه الله : فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي عن الإمام أحمد أنه قال : لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة . وهذا هو المشهور بين الناس

( أي عامة العلماء ) وهو الذي نقطع به إن شاء الله عز وجل

أ.هـ " تفسير القرآن العظيم " ( 3 / 33 ) .

وقال الإمام أحمد رحمه الله :

من يشك أن أولاد المسلمين في الجنة ؟!

وقال أيضا : إنه لا اختلاف فيهم . أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/ 83) .

وقال الإمام النووي : أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة ؛ لأنه ليس مكلفا .

أ.هـ " شرح مسلم " (16 / 207) .

وقال القرطبي :

إن قول أنهم في الجنة هو قول الأكثر ، وقال : وقد أنكر بعض العلماء الخلاف فيهم. "

التذكرة " (2/328) .

= وأما الثاني : وهو مصير أطفال الكفار :

فقد اختلف العلماء فيه إلى أقوال :

1. أنَّهم في الجنَّة - وبعضهم يقول : إنَّهم على الأعراف ، ومردُّ هذا القول أنَّهم في الجنَّة لأن هذا هو حال أهل الأعراف - . وهو قول الأكثر من أهل العلم كما نقله عنهم ابن عبد البر في "

التمهيد " (18/96) .

ودليلهم :

أ . حديث سمرة رضي الله عنه : أنه عليه السلام رأى مع إبراهيم عليه السلام أولاد المسلمين وأولاد المشركين . رواه البخاري (6640 ) .

ب . عن حسناء بنت معاوية من بني صريم قالت حدثني عمي قال قلت يا رسول الله من في الجنة قال النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة والوئيد في الجنة .

رواه الإمام أحمد ( 5/409 ) . ضعفه الألباني في " ضعيف الجامع " (5997) .

2. أنَّهم مع آبائهم في النار . وقد نسب القاضي أبو يعلى هذا القول لأحمد ! وغلَّطه شيخ الإسلام جدّاً .

انظر " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " (7/ 87) .

ودليلهم :

أ . عن سلمة بن قيس الأشجعي قال أتيت أنا وأخي النبي صلى الله عليه وسلم

فقلنا إن أُمّنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف وتصل الرحم وأنها وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث فقال الوائدة والمؤودة في النار إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فتسلم .

والحديث حسنه الحافظ ابن كثير في " التفسير " ( 3/ 33) ، ومن قبله ابن عبد البر في "

التمهيد " ( 18/120 ) .

ب . ولهم أحاديث أخرى ، لكنها ضعيفة .

3. التوقف فيهم . وهو قول حماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وإسحاق بن راهويه .

دليلهم :

أ . عن ابن عباس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين قال الله أعلم بما كانوا عاملين .

رواه البخاري (1383) ومسلم (2660) .

ب . ومثله من حديث أبي هريرة .

رواه البخاري (1384) ومسلم (2659).

4. ومنهم من قال : إنَّهم خدم أهل الجنَّة .

قال شيخ الإسلام رحمه الله : ولا أصل لهذا القول .

" مجموع الفتاوى " (4/279) .

قلت : وقد ورد ذلك في حديث عند الطبراني والبزار ، لكن ضعفه الأئمة ومنهم الحافظ ابن حجر في "

الفتح " ( 3/246) .

5. أنَّهم يُمتحنون في الآخرة ، فمن أطاع الله دخل الجنة ، ومن عصى دخل النار . وهو قول معظم أهل السنة والجماعة كما نقله عنهم أبو الحسن الأشعري

وهو قول البيهقي ، وطائفة من المحققين ، وهو الذي مال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية

وذكر أنه مقتضى نصوص الإمام أحمد ، وهو الذي رجحه الحافظ ابن كثير

وقال : وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض . "

التفسير " (3/31) .

دليلهم :

أ . عن أنس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يؤتى بأربعة يوم القيامة : بالمولود ، والمعتوه ، ومن مات في الفترة ، والشيخ الفاني ، كلهم يتكلم بحجته

فيقول الرب تبارك وتعالى لعُنُق من النار : أُبْرزْ ، ويقول لهم : إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم ، وإني رسول نفسي إليكم ، اُدخلوا هذه ( أي النار )

قال : فيقول من كتب عليه الشقاء : يا رب أنى ندخلها ومنها كنا نفرّ ، قال : ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعاً

قال : فيقول الله تعالى أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية ، فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار" .

رواه أبو يعلى ( 4224)

وله شواهد كثيرة ذكرها الحافظ ابن كثير في " التفسير ( 3 /29-31).

وقال ابن القيم رحمه الله :

وهذا أعدل الأقوال وبه يجتمع شمل الأدلة وتتفق الأحاديث في هذا الباب .

وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة كما في حديث سمرة ، وبعضهم في النار كما دل عليه حديث عائشة ، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على هذا ؛ فإنه قال : "الله أعلم بما كانوا عاملين إذْ خلقهم"

ومعلوم أن الله لا يعذبهم بعلمه فيهم ما لم يقع معلومه ، فهو إنما يعذب من يستحق العذاب على معلومه وهو متعلق علمه السابق فيه لا على علمه المجدد وهذا العلم يظهر معلومه في الدار الآخرة.

وفي قوله : "الله أعلم بما كانوا عاملين" : إشارة إلى أنه سبحانه كان يعلم ما كانوا عاملين لو عاشوا ، وأن من يطيعه وقت الامتحان كان ممن يطيعه لو عاش في الدنيا

ومن يعصيه حينئذ كان ممن يعصيه لو عاش في الدنيا فهو دليل على تعلق علمه بما لم يكن لو كان كيف كان يكون .

.. والله أعلم . أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/87 ) .

= وما جاء في بعض الأحاديث السابقة أنهم في الجنة أو النار لا يشكل على ما رجحناه

قال ابن كثير رحمه الله

: أحاديث الامتحان أخص منه فمن علم الله منه أنه يطيع جعل روحه في البرزخ مع إبراهيم وأولاد المسلمين الذين ماتوا على الفطرة ومن علم منه أنه لا يجيب فأمره إلى الله تعالى ويوم القيامة يكون في النار

كما دلت عليه أحاديث الامتحان ونقله الأشعري عن أهل السنة .

أ.هـ " التفسير " ( 3 / 33 ) .

= وما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم " الله أعلم بما كانوا عاملين " : لا يدل على التوقف فيهم .

قال ابن القيم رحمه الله :

وفيما استدلت به هذه الطائفة نظر والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُجِب فيهم بالوقف وإنما وكل علم ما كانوا يعملونه لو عاشوا إلى الله وهذا جواب عن سؤالهم كيف يكونون مع آبائهم بغير عمل وهو طرف من الحديث ….

والنبي صلى الله عليه وسلم وَكَل العلم بعملهم إلى الله ، ولم يقل الله أعلم حيث يستقرون أو أين يكونون ، فالدليل غير مطابق لمذهب هذه الطائفة.

أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/ 85 ) .

والله أعلم .

: الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2019-03-18, 18:11   رقم المشاركة : 564
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عنده إشكال في تفسير هذه الآية

السؤال

أود معرفة تفسير قول الله تعالى : ( إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) آل عمران /45

وهل معنى قوله تعالى : ( بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ) : بروح منه ، كما يدعي النصارى ؟.


الجواب

الحمد لله

اعلم أيها الأخ الكريم ، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه

أن الفرق بين ما أنزل الله في كتابه من الهدى ودين الحق

وبين ما يقوله النصارى في نبي الله عيسى عليه السلام ، هو الفرق بين الإيمان والكفر ، بين التوحيد والشرك ، بين الهدى والضلال

هو الفرق بين الظلمات والنور ، نسأل الله أن ينور لنا قلوبنا بتوحيده والإيمان به .

ثم اعلم أخانا أن الواجب على من أشكل معنى شيء من المتشابه في كتاب الله تعالى أن يفهمه في ضوء الآيات المحكمات ، التي هي معظم هذا الكتاب المبين ، وأكثر نصوصه

وهي الأصل الذي يرجع إليه في فهمه واستنباط أحكامه وعبره ، لا أن يعارض آية بأخرى

ولا أن يضرب بعض الوحي ببعض ، أو يتبع المتشابه الذي يشكل فهمه عليه أو على غيره من الناس ، ويترك الواضح المبين ، فتلك هي طريقة أهل البدع والضلال ، عافانا الله وإياكم

قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ

وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) آل عمران/7 .

وليست الآية التي ذكرتها مما يدل على قول النصارى في شيء ، بل الآية في سياقها ترد على النصارى ، وتبين ضلالهم وكفرهم برب العالمين .

قال الله تعالى : ( ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ *

إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنْ الصَّالِحِينَ

* قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ *

وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ

فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ * وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) آل عمران/44-51

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

ففي هذا الكلام وجوه تبين أنه مخلوق وليس كما يقوله النصارى :

منها : أنه بين مراده ، وأنه مخلوق حيث قال : ( كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) ، كما قال في الآية الأخرى

: ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) آل عمران/59 .

وقال تعالى في سورة مريم : ( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) مريم /35

وقال : ( اسمه المسيح عيسى بن مريم ) أخبر أنه ابن مريم ، وأخبر أنه وجيه في الدنيا والآخرة ومن المقربين ؛ وهذه كلها صفة مخلوق .

وقالت مريم : ( أنى يكون لي ولد ) فبين أن المسيح ، الذي هو الكلمة ، هو ولد مريم ، لا ولد الله سبحانه وتعالى .

وقال تعالى في سورة النساء : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ

وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا *

لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا *

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ) النساء/171-173

فقد نهى النصارى عن الغلو في دينهم ، وأن يقولوا على الله غير الحق ، وبين أن المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وأمرهم أن يؤمنوا بالله ورسله

فبين أنه رسوله ، ونهاهم أن يقولوا ثلاثة ، وقال ( انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد ) ؛ وهذا تكذيب لقولهم في المسيح : إنه إله حق ، من إله حق ، من جوهر أبيه .

ثم قال : ( سبحانه أن يكون له ولد ) فنزه نفسه وعظمها أن يكون له ولد كما تقوله النصارى .

ثم قال : ( له ما في السموات وما في الأرض ) فأخبر أن ذلك ملك له ، ليس فيه شيء من ذاته .

ثم قال : ( لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا الله ولا الملائكة المقربون )

أي : لن يستنكفوا أن يكونوا عبيدا لله تبارك وتعالى. فمع ذلك البيان الواضح الجلي ، هل يظن ظان أن مراده بقوله : ( وكلمته ) أنه إله خالق ، أو نحو ذلك من أقوالهم الكفرية .

وإنما خُصَّ عيسى عليه السلام باسم الكلمة

لأنه لم يخلق على الوجه المعتاد الذي خلق عليه غيره ، بل خرج عن العادة ، فخلق بأمر الله التكويني له : ( كن )

وهذا هو الكلمة المذكورة ، ولم يخلق من لقاح الذكر للأنثى ، كما هي سنة الله المعروفة في خلق البشر .

وكون عيسى عليه السلام كلمة من الله ، وروحا منه ، كما تدل عليه نصوص الوحي المبين ، لا يوجب أن يكون جزءا من الله تعالى ، قد خرج منه

وانفصل عن ذاته ، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، بل المراد بذلك أنه من عنده سبحانه وتعالى ، كما قال تعالى ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13

وقوله تعالى ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ) النحل/53 ، وقوله تعالى : ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) النساء/79 ،

وقال تعالى في شأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً ) البينة/1-2 فهذه الأشياء كلها من الله ، وهي مخلوقة .

وقوله عن المسيح وروح منه خص المسيح بذلك لأنه نفخ في أمه من الروح

فحبلت به من ذلك النفخ ، وذلك غير روحه التي يشاركه فيها سائر البشر ، فامتاز بأنها حبلت به من نفخ الروح فلهذا سمي روحا منه . [

انظر : دقائق التفسير : 1/324 وما بعدها ] .

ثم إن ما في هذه الآيات من التصريح بأن الله تعالى خلقه ، وكذلك يخلق سبحانه ما يشاء ، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء

وإخباره عليه السلام بأن ما جاء به من الآيات والمعجزات إنما هو من عند الله وبإذنه ، آية لهم على وحدانيته سبحانه وتعالى ، ثم ختم الآيات بالتصريح بالمقصود منها ، وهو أمرهم بعبادة الله رب عيسى

ورب من أرسل إليهم عيسى عليه السلام كذلك واضح الدلالة على بطلان ما يدعيه النصارى في عيسى عليه السلام وأمه ، وتصريح برد كفرهم وضلالهم .

وكما ذكرت هذه الآية أن عيسى كلمة من الله تعالى ، وفيها ما يدل على المراد ، قد ورد ذلك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم

وذلك ما رواه البخاري ( 3435 ) ومسلم ( 28 )

من حديث عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ، وَرُوحٌ مِنْهُ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ )

وفي لفظ مسلم : ( وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ )

قَالَ الْقُرْطُبِيّ رحمه الله : مَقْصُود هَذَا الْحَدِيث التَّنْبِيه عَلَى مَا وَقَعَ لِلنَّصَارَى مِنْ الضَّلال فِي عِيسَى وَأُمّه .

وَقَالَ غَيْره : فِي ذِكْر عِيسَى تَعْرِيض بِالنَّصَارَى وَإِيذَان بِأَنَّ إِيمَانهمْ مَعَ قَوْلهمْ بِالتَّثْلِيثِ شِرْك مَحْض , وَكَذَا قَوْله : " عَبْده " وَفِي ذِكْر " رَسُوله " تَعْرِيض بِالْيَهُودِ فِي إِنْكَارهمْ رِسَالَته وَقَذْفه بِمَا هُوَ مُنَزَّه عَنْهُ وَكَذَا أُمّه .

وَفِي قَوْله : " وَابْن أَمَته " تَشْرِيف لَهُ .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-03-18, 18:17   رقم المشاركة : 565
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل عن إعراب كلمة ( الصابئون ) وكيف نردّ على من يقول إنها خطأ نحوي في القرآن

السؤال


أريد إعراب كلمة "الصابئون" في سورة المائدة ، ولماذا جاءت بالواو ، مع أنها في آية أخرى جاءت بالياء ، وتشابه الكلام في الآيتين كبير

. وقد كان ذلك سببا في خلاف كبير بيني وبين شخص نصراني يقول : إن القرآن فيه أخطاء نحوية ، فقلت له : سأترك الإسلام إن كان هناك خطأ نحوي واحد في القرآن .

وقولي هذا عن قوه إيمان ، وعن ثقة بأن القرآن ، كلام الله سبحانه وتعالى ، منزه عن قول المفترين .


الجواب


الحمد لله


وردت كلمة " الصابئين " بياء النصب في سورتي البقرة والحج

في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/62

وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17

ووردت نفس الكلمة بواو الرفع في سورة المائدة

في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69

أما الآيتان الأوليان فلا إشكال في إعرابهما ؛ لأن الكلمة فيهما وقعت معطوفة بالواو على كلمة محلها النصب ، وهي " الذين " ؛ اسم إن ، فنصبت ، وعلامة نصبها الياء ، لأنها جمع مذكر سالم .

وإنما محل الإشكال هو الآية الثالثة ، آية سورة المائدة ؛ فقد وقعت في نفس موقعها في الآيتين الأوليين ، ومع ذلك جاءت مرفوعة .

وقد ذكر النحاة والمفسرون في توضيح ذلك الإشكال عدة وجوه ، وذكروا نظائرها المعروفة في لغة العرب ، ونكتفي هنا بثلاثة منها ، هي من أشهر ما قيل في ذلك :

الأول : أن الآية فيها تقديم وتأخير ، وعلى ذلك يكون سياق المعنى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى ، من آمن بالله ...فلا خوف عليهم ، ولاهم يحزنون ، والصابئون كذلك

فتعرب مبتدأً مرفوعا ،وعلامة رفعه الواو ، لأنه جمع مذكر سالم . ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :

فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وَقَيَّار ٌبها لغريب

وموطن الشاهد قوله "قيار" ، وهو اسم لفرسه ، أو جمله ؛ فقد جاءت هذه الكلمة مرفوعة على أنها مبتدأ ، ولم تجئ منصوبة على أنها معطوفة على اسم إن المنصوب وهو ياء المتكلم في قوله ( فإني )

الثاني : أن " الصابئون " مبتدأ ، والنصارى معطوف عليه ، وجملة من آمن بالله ... خبر "الصابئون" ، وأما خبر "إن" فهو محذوف دل عليه خبر المبتدأ "الصابئون" ، ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :

نحن بما عندنا ، وأنت بما عندك راضٍ ، والأمر مختلف

والشاهد فيه أن المبتدأ "نحن" لم يذكر خبره ، اكتفاء بخبر المعطوف "أنت" ؛ فخبره "راض" يدل على خبر المبتدأ الأول ، وتقدير الكلام : نحن بما عندنا راضون ، وأنت بما عندك راض .

الثالث : أن " الصابئون " معطوف على محل اسم " إن " ؛ فالحروف الناسخة ، إن وأخواتها ، تدخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر ، واسم إن محله الأصلي

قبل دخول إن عليه الرفع لأنه مبتدأ ، ومن هنا رفعت "الصابئون" باعتبار أنها معطوفة على محل اسم إن .

[انظر : أوضح المسالك ، لابن هشام

مع شرح محيي الدين ، 1/352-366 ,

تفسير الشوكاني والألوسي ، عند هذه الآية] .

وما ذكرته ، من قوة يقينك , وثقتك بكلام الله سبحانه ، هو الواجب على كل مسلم

قال الله تعالى : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82

قال الشيخ ابن عاشور ، رحمه الله في تفسيره :

( وبعد فمما يجب أن يوقَن به أن هذا اللفظ كذلك نزل ، وكذلك نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تلقاه المسلمون منه وقرؤوه ، وكتب في المصاحف

وهم عرب خُلَّص ، فكان لنا أصلا نتعرف منه أسلوبا من أساليب استعمال العرب في العطف ، وإن كان استعمالا غير شائع ، لكنه من الفصاحة والإيجاز بمكان ... ) اهـ

وتلمس ابن عاشور الفائدة البلاغية من الإتيان بلفظ " الصابئون " موفوعاً ، فقال ما معناه :

إن الرفع في هذا السياق غريب ، فيستوقف القارئ عنده : لماذا رفع هذا الاسم بالذات ، مع أن المألوف في مثل هذا أن ينصب ؟

فيقال : إن هذه الغرابة في رفع الصابئون تناسب غرابة دخول الصابئين في الوعد بالمغفرة ، لأنهم يعبدون الكواكب ، فهم أبعد عن الهدى من اليهود والنصارى

حتى إنهم يكادون ييأسون من الوعد بالمغفرة والنجاة فنبه بذلك على أن عفو الله عظيم . يشمل كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً وإن كان من الصابئين . [انظر تفسير آية المائدة من تفسير ابن عاشور ]

ولمعرفة من هم الصابئة ؟

انظر الإجابة على السؤال القادم

لكن يبقى لنا عِبَرٌ لا ينبغي تفويتها في هذا السياق :

أولا : ينبغي علينا الاهتمام بالعلم الشرعي ؛ فلا يكفي فقط أن يعتصم الإنسان بما عنده من يقين سابق

وإن كان ذلك أعظم ملجأ ومعاذ ، بل إذا ضم إلى ذلك العلم الشرعي كان ، إن شاء الله ، في مأمن من أن تهز إيمانه هذه الشبهات وأمثالها ، مما يثيره أعداء دينه .

ثانيا : ينبهنا مثل هذا الموقف إلى قدر من التفريط في واجب من أعظم واجباتنا نحو كتاب الله تعالى ، ألا وهو واجب التدبر والمدارسة

وليس مجرد التلاوة ، قال تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ص/29

قال الشيخ ابن سعدي ، رحمه الله :

" أي هذه الحكمة من إنزاله ، ليتدبر الناس آياته ، فيستخرجوا علمها ، ويتأملوا أسرارها وحكمها ، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه

وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة ، تدرك بركته وخيره ، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن

وأنه من أفضل الأعمال ، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود "

والدليل من هذا الموقف على ما ذكر هو أننا لو كنا نقوم بهذا الواجب حينا بعد حين لأوشكت مثل هذه الآيات أن تستوقفنا ، لنسأل عنها ، أو نبحثها ، قبل أن نواجه بالإشكال من أعدائنا .

ثالثا : إذا قمنا بالواجبين السابقين كنا مؤهلين لأخذ زمام المبادرة ، لندعو نحن غيرنا ، ونخبرهم بالحق الذي عندنا ، ونكشف لهم

بالتي هي أحسن ، الباطل الذي عندهم ، بدلا من أن نقف موقف الدفاع ، شأن الضعفة والمنهزمين .

والله الموفق .









قديم 2019-03-18, 18:23   رقم المشاركة : 566
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل عن الصابئة : من هم ؟

وما حقيقة مذهبهم ؟


السؤال

ورد ذكر الصابئة في عدة آيات من القرآن ، فمن هم ؟

وما الدين الذي يدينون به ؟.


الجواب

الحمد لله

ذكرت هذه الطائفة من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن

فأولها في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62

والثاني في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17

والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .

والصابئة جمع صابئ ، اسم فاعل من صَبَأ يصبَأ ، إذا خرج من دين إلى آخر .

قال الطبري

: ( والصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ، تسميه العرب : صابئا ... يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..)

انظر تفسير الطبري 2/145 ، لسان العرب صبأ

وأما مذهبهم

فقال ابن القيم ، رحمه الله

: ( وقد اختلف الناس فيهم اختلافا كثيرا ، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم ؛ فقال الشافعي رحمه الله تعالى : هم صنف من النصارى

وقال في موضع : ينظر في أمرهم ؛ فإن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين ، ولكنهم يخالفونهم في الفروع ، فتؤخذ منهم الجزية ، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية ....

وأما أقوال السلف فيهم فذكر سفيان عن ليث عن مجاهد قال : هم قوم بين اليهود والمجوس ليس لهم دين ، وفي تفسير شيبان عن قتادة قال : الصابئة قوم يعبدون الملائكة ... )

قال ابن القيم :

( قلت : الصابئة أمة كبيرة ، فيهم السعيد والشقي ، وهي إحدى الأمم المنقسمة إلى مؤمن وكافر ، فإن الأمم قبل مبعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نوعان : نوع كفار أشقياء كلهم

ليس فيهم سعيد ، كعبدة الأوثان والمجوس ، ونوع منقسمون إلى سعيد وشقي ، وهم اليهود والنصارى والصابئة ، وقد ذكر الله سبحانه النوعين في كتابه

فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون ) البقرة/62

وكذلك قال في المائدة

وقال في سورة الحج ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) فلم يقل هاهنا : من آمن منهم بالله واليوم الآخر

لأنه ذكر معهم المجوس والذين أشركوا ؛ فذكر ست أمم ، منهم اثنتان شقيتان ، وأربع منهم منقسمة إلى شقي وسعيد ، وحيث وعد أهل الإيمان والعمل الصالح منهم بالأجر ذكرهم أربع أمم ليس إلا ،

ففي آية الفصل بين الأمم أدخل معهم الأمتين ، وفي آية الوعد بالجزاء لم يدخلها معهم ، فعلم أن الصابئين فيهم المؤمن والكافر ، والشقي والسعيد .

وهذه أمة قديمة قبل اليهود والنصارى ، وهم أنواع : صابئة حنفاء ، وصابئة مشركون . وكانت حران دار مملكة هؤلاء قبل المسيح ، ولهم كتب وتآليف وعلوم

وكان في بغداد منهم طائفة كبيرة ، منهم إبراهيم بن هلال الصابئ صاحب الرسائل ، وكان على دينهم ويصوم رمضان مع المسلمين ، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها أصحاب المقالات .

وجملة أمرهم أنهم لا يكذبون الأنبياء ولا يوجبون اتباعهم ، وعندهم أن من اتبعهم [ يعني اتبع الأنبياء] فهو سعيد ناج وأن من أدرك بعقله ما دعوا إليه ، فوافقهم فيه وعمل بوصاياهم

فهو سعيد ، وإن لم يتقيد بهم ، فعندهم دعوة الأنبياء حق ، ولا تتعين طريقا للنجاة ، وهم يقرون أن للعالم صانعا مدبرا حكيما منزها عن مماثلة المصنوعات

ولكن كثيرا منهم ، أو أكثرهم ، قالوا : نحن عاجزون عن الوصول إلى جلاله بدون الوسائط ؛ والواجب التقرب إليه بتوسط الروحانيين المقدسين المطهرين عن المواد الجسمانية

المبرئين عن القوى الجسدية ، المنزهين عن الحركات المكانية والتغييرات الزمانية ، بل قد جبلوا على الطهارة ، وفطروا على التقديس .

ثم ذكر أنهم يعبدون هذه الوسائط ويتقربون إليها ، ويقولون : ( هم آلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة )

ثم قال ، رحمه الله : (

فهذا بعض ما نقله أرباب المقالات عن دين الصابئة وهو بحسب ما وصل إليهم ، وإلا فهذه الأمة فيهم المؤمن بالله وأسمائه وصفاته وملائكته ورسله واليوم الآخر وفيهم الكافر

وفيهم الآخذ من دين الرسل بما وافق عقولهم واستحسنوه ، فدانوا به ورضوه لأنفسهم .

وعقد أمرهم أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم ، ولا يوالون أهل ملة ويعادون أخرى ، ولا يتعصبون لملة على ملة . والملل عندهم نواميس لمصالح العالم

فلا معنى لمحاربة بعضها بعضا بل يؤخذ بمحاسنها وما تكمل به النفوس ، وتتهذب به الأخلاق ، ولذلك سموا صابئين كأنهم ، صبؤوا عن التعبد بكل ملة من الملل ، والانتساب إليها

ولهذا قال غير واحد من السلف : ليسوا يهودا ولا نصارى ولا مجوسا.

وهم نوعان صابئة حنفاء وصابئة مشركون ؛ فالحنفاء هم الناجون منهم وبينهم مناظرات ورد من بعضهم على بعض ، وهم قوم إبراهيم كما أن اليهود قوم موسى ،والحنفاء منهم أتباعه )

أحكام أهل الذمة 1/92-98

وما ذكره من انقسام الصابئة إلى موحدين ومشركين قرره شيخ الإسلام أيضا في غير موضع .

انظر الرد على المنطقيين [ 287-290،454-458]

منهاج السنة ، تعليق المحقق [1/5] .

وانظر أيضا بحث الشيخ ابن عاشور للمسألة عند تفسيره لآية البقرة .









قديم 2019-03-18, 18:27   رقم المشاركة : 567
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

حكم من يلازم الاستغفار لأجل أن يرزق بالولد

السؤال

في سورة نوح ورد فضل الاستغفار ، ما هي كيفية الاستغفار الصحيحة - حفظكم الله - ؟

وهناك تجربة إن صح التعبير لزميل لي في العمل حيث إنه لم يرزق بالذرية بعد مضي عام ونصف تقريبا ، وبعد ذلك داوم على الاستغفار ولازمه في جميع أوقاته وأحواله بعد ترك فضول الكلام وتحري الحلال

في جميع حوائجه ولم يكمل الشهر وإذا به - بحمد الله - يبشَّر بأن زوجته أصبحت حبلى ، حفظ الله هذا الزميل وحفظ ذريته وأهله . فسبحان الله هل ينطبق هذا المثال على من أراد الأموال والجنات ؟.


الجواب


الحمد لله

أولاً : لا بأس أن يكثر الإنسان من الاستغفار ليرزقه الله تعالى المال والولد .

قال الله تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10 - 12 .

قال القرطبي :

قوله تعالى ‏فقلت استغفروا ربكم‏ ‏ أي : سلوه المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان ‏.‏ ‏‏ إنه كان غفاراً ‏‏ أي : لم يزل كذلك لمن أناب إليه ‏.‏ وهذا منه ترغيب في التوبة‏ .‏

‏ ‏يرسل السماء عليكم مدراراً ‏‏ أي : يرسل ماء السماء ، و‏ ‏مدراراً ‏‏ ذا غيث كثير‏ .‏

‏( ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ‏)

قال الشعبي ‏:‏ خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ، فأُمطروا فقالوا ‏:‏ ما رأيناك استسقيت‏ ؟‏

فقال ‏:‏ لقد طلبتُ المطر بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر ؛ ثم قرأ‏ ‏استغفروا ربكم إنه كان غفاراً ‏.‏ يرسل السماء عليكم مدراراً ‏ ‏‏.‏

( بمجاديح ) جمع مِجْدَح وهو نجم كانت العرب تزعم أنها تمطر به . وأراد عمر رضي الله عنه تكذيب العرب في هذا الزعم الباطل ، وبَيَّن أنه استسقى بالسبب الصحيح لنزول المطر وهو الاستغفار وليس النجوم .

وشكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له ‏:‏ استغفر الله ‏،‏ وشكا آخر إليه الفقر فقال له ‏:‏ استغفر الله ‏،‏ وقال له آخر ‏:‏ ادع الله أن يرزقني ولداً

فقال له ‏:‏ استغفر الله‏ ،‏ وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له ‏:‏ استغفر الله‏ ،‏ فقلنا له في ذلك ‏؟‏

فقال ‏:‏ ما قلت من عندي شيئاً ؛ إن الله تعالى يقول في سورة نوح ( ‏استغفروا ربكم إنه كان غفاراً ‏.‏ يرسل السماء عليكم مدراراً ‏.‏ ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ‏) .

" تفسير القرطبي " ( 18 / 301 – 303 ) باختصار .

ثانياً :

أما صيغ الاستغفار : فأفضل ذلك ما ثبت في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله ، أو ما أوصى به الأمة أن تقوله .

1. عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .

قال : ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة .

رواه البخاري ( 5947 ) .

2. عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء " رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني

اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير " .

رواه البخاري ( 6035 ) ومسلم ( 2719 ) .

3. عن ابن عمر قال : إنْ كنَّا لنعدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " مائة مرة .

رواه الترمذي ( 3434 ) وعنده " التواب الغفور " وأبو داود ( 1516 ) وابن ماجه ( 3814 ) .

4. عن أبي يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَن قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف " .

رواه الترمذي ( 3577 ) وأبو داود ( 1517 ) .وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

5. عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي ،

قال : قل " اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " .

رواه البخاري ( 799 ) ومسلم ( 2705 ) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-03-19, 18:12   رقم المشاركة : 568
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



كيف همّ يوسف بامرأة العزيز مع أنه عفيف

السؤال

ما تفسير الآية : ( ولقد همّت به وهمّ بها ) في سورة يوسف ، مع أن يوسف عليه السلام " عفيف "

وقد رفض الانصياع لنزوة امرأة العزيز ، فكيف يهمّ بها ؟.


الجواب

الحمد لله

قال تعالى : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ ) يوسف/24

كان همها للمعصية ، أما يوسف عليه السلام فإنه لو لم ير برهان ربه لَهَمَّ بها - لطبع البشر - ولكنه لم يهم ؛ لوجود البرهان .

إذًا في الكلام تقديم وتأخير ، أي : لولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها .

قال أبو حاتم : كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة ، فلما أتيت على قوله : ( ولقد همت به وهم بها ) قال أبو عبيد : هذا على التقديم والتأخير ؛ كأنه أراد : ولقد همت به ، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها.

القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن 9/165 .

وقال الشنقيطي في أضواء البيان [ 3/58 ] .

" الجواب عنه من وجهين :

الأول : أن المراد بِهَمِّ يوسف خاطر قلبي صرفه عنه وازع التقوى

وقال بعضهم : هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى ، وهذا لا معصية فيه

لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف

كما في الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل

ثم يقول : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما لا أملك ) يعني ميل القلب . أبو داود ، السنن ، رقم الحديث 2134 .

ومثل هذا ميل الصائم إلى الماء البارد والطعام مع أن تقواه تمنعه من الشرب والأكل وهو صائم .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( من هم بسيئة فلم يفعلها كتبت له حسنة كاملة ) أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6491 ، ومسلم برقم 207 .

الجواب الثاني : أن يوسف عليه السلام لم يقع منه الهم أصلاً ، بل هو منفي عنه لوجود البرهان .

إلى أن قال : هذا الوجه الذي اختاره أبو حسان وغيره هو أجرى على قواعد اللغة العربية " اهـ .

ثم بدأ يستطرد الأدلة على ما رجحه ، وبناء على ما تقدم فإن معنى الآية والله أعلم أن يوسف عليه السلام لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، ولكنه لما رأى برهان ربه لم يهم بها ، ولم يحصل منه أصلاً .

وكذلك فإن مجرد الهم بالشيء دون فعله لا يعد خطيئة .

والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبيه الكريم .









قديم 2019-03-19, 18:16   رقم المشاركة : 569
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير ( فأينما تولوا فثم وجه الله )

السؤال


أرجو أن تشرح لي معنى الآية الواردة أدناه . إذا كان الله فوق الجنة ,

فكيف يكون وجه الله أينما تولي وجهك ؟

أطرح هذا السؤال لأني كنت أشرح لأحد الأشخاص أن الله فوق الجنة ,

لكنه استشهد بالآية أدناه ؛ ولم أتمكن من الرد عليه .

قال تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ) البقرة / 115 .


الجواب


الحمد لله


أولاً :

يجب علينا الإيمان بأن الله تعالى فوق العرش مستوٍ على عرشه استواءً يليق بجلاله لا كاستواء البشر .

وأن نؤمن بأن لله وجها لا كوجه المخلوق .

وبهذا يجب ألا نضل عند تفسير الآيات وتأويلها وأن نتَّبع بذلك قول السلف الصالح .

أما تفسير الآية ، فقد قال الشيخ ابن عثيمين :

فإن قلت : هل كل ما جاء من كلمة الوجه مضافاً إلى الله يراد به وجه الله الذي هو صفته .

الجواب : هذا هو الأصل

كما في قوله تعالى : ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه الأنعام / 52

وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى الليل / 19 – 21

وما أشبهها من الآيات .

فالأصل : أن المراد بالوجه وجه الله عز وجل الذي هو صفة من صفاته

لكن هناك آية اختلف المفسرون فيها وهي قوله تعالى : ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله البقرة / 115

..... فمنهم من قال : إن الوجه بمعنى الجهة لقوله تعالى : ولكل وجهة هو موليها البقرة / 148 .

فالمراد بالوجه : الجهة ، أي : فثمَّ جهة الله أي فثم الجهة التي يقبل الله صلاتكم إليها .

قالوا : لأنها في حال السفر إذا صلى الإنسان النافلة فإنه يصلي حيث كان وجهه .

ولكن الصحيح أن المراد بالوجه هنا : وجه الله الحقيقي ، إلى أي جهة تتجهون فثم وجه الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الله محيط بكل شيء

ولأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المصلي إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه

ولهذا نهى أن يبصق أمام وجهه ؛ لأن الله قِبَل وجهه فإذا صليت في مكان لا تدري أين القبلة واجتهدت وتحريت وصليت وصارت القبلة في الواقع خلفك فالله يكون قبل وجهه حتى في هذه الحالة .

وهذا معنى صحيح موافق لظاهر الآية والمعنى الأول لا يخالفه في الواقع .

وحينئذ يكون المعنيان لا يتنافيان .

واعلم أن هذا الوجه العظيم الموصوف بالجلال والإكرام وجه لا يمكن الإحاطة به وصفاً ، ولا يمكن الإحاطة به تصوراً ، بل كل شيء تُقَدره فإن الله تعالى فوق ذلك وأعظم . ولا يحيطون به علماً طه /110 .

وأما قوله تعالى : كل شيءٍ هالكٌ إلا وجهه القصص / 88

فالمعنى : " كل شيء هالك إلا ذاته المتصفة بالوجه "

شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ( 1 / 243 – 245 )

ونحن يجب علينا ألا نقيس الخالق بالمخلوق فنصفه بصفة المخلوق

فإن الله تعالى كما قال عن نفسه : ( ليس كمثله شيء ) الشورى / 11 .

فالله تعالى مستوٍ على عرشه ، وهو قِبل وجه المصلي ولا منافاة بينهما في حق الله تعالى .

وقد أشكل مثل هذا على بعض الناس في مسألة نزول الله تعالى في النصف الآخر من الليل إلى السماء الدنيا ، فقالوا : إن الليل غير متحد على الأرض فكيف ينزل الله في ليل ونهار معا.

قال الشيخ ابن عثيمين :

جاء المتأخرون الذين عرفوا أن الأرض كروية وأن الشمس تدور على الأرض .

قالوا : كيف ينزل في ثلث الليل ، وثلث الليل إذا انتقل عن المملكة العربية السعودية ذهب إلى أوروبا وما قاربها ؟ فنقول : أنتم الآن قستم صفات الله بصفات المخلوقين

أنت أو من أول بأن الله ينزل في وقت معين وإذا آمنت ليس عليك شيء وراء ذلك ، لا تقل كيف وكيف ؟ .

فقل : إذا كان ثلث الليل في السعودية فإن الله نازل وإذا كان في أمريكا ثلث الليل يكون نزول الله أيضاً .

إذاً موقفنا أن نقول أنا نؤمن بما وصل إلينا عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم . بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر من الليل ويقول من يدعوني ، فأستجيب له ومن يسألني ؟

فأعطيه من يستغفرني فأغفر له .

" شرح الواسطية " ( 2 / 437 ) .

والله أعلم .









قديم 2019-03-19, 18:21   رقم المشاركة : 570
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التكرار ، والتقديم و التأخير في القرآن وتفسير قوله تعالى : ( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا .. الآية )

السؤال

وردت في سورة البقرة الآيات 47-48 ثم وردت مره أخرى في الآيات 122-123 ونجد الاختلاف في كلمتي الشفاعة والعدل رغم أن الآيتين تتحدثان عن بني إسرائيل.

الجواب

الحمد لله


الجواب على هذا السؤال يتضمن عدة أمور :

الأول : تفسير قوله تعالى : وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ البقرة / 48

والآية الأخرى الشبيهة بها هي قوله تعالى : وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ البقرة / 123 .

قال ابن كثير رحمه الله ( 1 / 256 ) : 

لما ذكَّرهم تعالى بنعمه أولاً - يعني : قوله تعالى : يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ البقرة / 40

- عطَف على ذلك التحذير من حلول نقمه يوم القيامة فقال : واتقوا يوماً "

يعني : واحذروا يوم القيامة ، لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً أي : لا يغني أحد عن أحد كما قال ولا تزر وازرة وزر أخرى وقال :

لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وقال : يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والدٌ عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا فهذا أبلغ المقامات أن كلاًّ من الوالد وولده لا يغني أحدهما عن الآخر شيئاً .

وقوله تعالى : ولا يقبل منها شفاعة يعني : من الكافرين كما قال فما تنفعهم شفاعة الشافعين .

وقوله تعالى : ولا يؤخذ منها عدل أي : لا يقبل منها فداء

كما قال تعالى : إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به

وقال : إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تُقبل منهم ولهم عذاب أليم

وقال : فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم الآية

فأخبر تعالى أنهم إن لم يؤمنوا برسوله ويتابعوه على ما بعثه به ووافوا الله يوم القيامة على ما هم عليه فإنه لا ينفعهم قرابة قريب ولا شفاعة ذي جاه ولا يقبل منهم فداء ولو بملء الأرض ذهباً .

وقوله تعالى ولا هم ينصرون أي : ولا أحد يغضب لهم فينصرهم وينقذهم من عذاب الله كما تقدم أنه تعالى لا يقبل فيمن كفر به فدية ولا شفاعة ولا ينقذ أحدا من

عذابه منقذ ولا يخلص منه أحد ولا يجير منه أحد كما قال تعالى وهو يجير ولا يجار عليه وقال فيومئذٍ لا يُعذِّب عذابه أحدٌ ولا يوثِق وثاقه أحد .

قال ابن جرير الطبري :

وتأويل قوله ولا هم ينصرون يعني : أنهم يومئذٍ لا ينصرهم ناصرٌ كما لا يشفع لهم شافعٌ ولا يقبل منهم عدل ولا فدية ، بطلت هنالك المحاباة واضمحلت الرشى والشفاعات وارتفع من القوم التناصر والتعاون

وصار الحكم إلى الجبار العدل الذي لا ينفع لديه الشفعاء والنصراء فيجزي بالسيئة مثلها وبالحسنة أضعافها وذلك نظير قوله تعالى وقفوهم إنهم مسئولون . ما لكم لا تناصرون . بل هم اليوم مستسلمون أ.هـ .

وبهذا يعلم أن الشفاعة المنفية هنا هي شفاعة الكافرين أو الشفاعة في الكافرين .

الثاني : أن التكرار في القرآن الكريم يحصل كثيراً وذلك لحكمٍ كثيرةٍ عظيمةٍ قد نعرف بعضها ، ويخفى علينا كثيرٌ منها : -

1- أن كل جملةٍ مكررةٍ يختلف مدلولها ومعناها عن الجملة الأخرى لأنها تتعلق بما ذكر قبلها من كلام الله تعالى ، وبهذا لا يعد ذلك من التكرار في شيءٍ .

فمثلا : قوله تعالى في سورة المرسلات : ويل يومئذ للمكذبين تكررت عشر مرات ، وذلك أن الله تعالى أورد قصصاً مختلفة ،

وأتبع كل قصة بهذا القول فكأنه عقب على كل قصة : " ويل يومئذ للمكذب بهذه القصة " ، وكل قصة مغايرة للقصة الأخرى فأثبت الوعيد لمن كذب بها .

2- كما أن الله تعالى لا يخالف بين الألفاظ إلا لاختلاف المعاني ، وأن هذا لا يكون إلا لحكمة يعلمها سبحانه ، وقد يطلع عليها بعض خلقه بما يفتح عليهم من الفهم في كتابه ، وقد يحجبها عنهم ، وهو الحكيم العليم .

3- أن تكرار الكلام يضفي على المعنى الذي تضمنه أهمية ومكانة توجب له عناية خاصة ، ومنها تأكيد المعنى وبقدر ما يحصل التأكيد بقدر ما يدل على الاهتمام بالأمر والعناية به .

( للاستزادة يراجع قواعد التفسير 2 / 702 ) .

الثالث : هل تقديم شيء وتأخيره في القرآن له حِكَم معروفة أو قاعدة مطردة ؟

فيقال ـ والعلم عند الله تعالى ـ : إن التقديم والتأخير في القرآن ، بل وفي لغة العرب لا يجري على قاعدة مطردة ، فتارة يكون المقدم هو المتقدم في الوقوع ، وتارة يكون المقدم هو الأشرف

وتارة يصعب التعليل ، وعليه : فينبغي الحذر عند الكلام في هذا الباب ، فيبين ما ظهر له وجه تعليله من غير تكلف ، وما لم يظهر وجهه يوكل علمه إلى عالمه

والتقول على الله بلا علم من أعظم المحرمات كما لا يخفى ، فلا يجوز أن يُحَمّل كلام الله ما لا يحتمل .

على أنه يقال : إن العرب إذا ذكرت أشياء مشتركة في الحكم وعطفت بعضها على بعض بالواو المقتضية عدم الترتيب فإنهم لا يقدمون في الغالب إلا ما يعتنون به سواء كان بسب التشريف أو التعظيم

أو لأهميته أو قصد الحث عليه ، أو نحو ذلك .

" قواعد التفسير " د . خالد السبت ( 1 / 380 ) .

الرابع : في الحكمة من تكرار هذه الآية ، والحكمة من التقديم والتأخير فيها على وجه الخصوص :

إن التكرار هنا لتذكير بني إسرائيل ، وإعادةً لتحذيرهم للمبالغة في النصح .

وأيضاً : في الموضع الأول ذكَّرهم بالقيام بحقوق نعمه السابقة عليهم وهي التي ذكره قبل الآيات وبعدها ، وفي الموضع الثاني ذكَّرهم بنعمة تفضيلهم على العالَمين لإيمانهم بنبي زمانهم

ليحصلوا هذه الفضيلة بإيمانهم بنبي الإسلام الخاتم محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلم فيكونوا من الفاضلين ، ويتقوا بإيمانهم به من أهوال القيامة وخوفها ؛ كما اتقى من تابع موسى عليه السلام وآمن به من تلك الأهوال " .

" روح المعاني " للآلوسي ( 1 / 373 ) .

وأما سبب تقديم العدل على الشفاعة في الموضع الثاني وتأخيره عنها في الموضع الأول : فقد التمس بعض العلماء الحكمة فذكروا حكمتين :

1- أنه من باب التفنن في الكلام لتنتفي به سآمة الإعادة مع حصول المقصود من التكرير .

2- ومع هذا التفنن فهناك فائدة لطيفة وهي :

" أنه في الآية الأولى نفى قبول الشفاعة ، وفي الآية الثانية نفى قبول الفداء حتى يتم نفي القبول في كل منهما

ثم لما كان نفي قبول الشفعة لا يقتضي نفي أخذ الفداء ذكره في الآية الأولى بعد الشفاعة حتى لا يتوهم متوهم أنه إذا لم تقبل الشفاعة فقد يؤخذ الفداء ، ولما نفى في الآية الثانية قبول الفداء

وكان هذا النفي لا يتضمن نفي انتفاع الكافرين بالشفاعة أعقبه بنفي نفع الشفاعة حتى لا يتوهم متوهم أنه إذا لم يقبل الفداء قد تنفع الشفاعة

فتحصَّل من الآيتين نفي القبول عن الشفاعة وعن الفداء

لأن أحوال الناس في طلب الفكاك والنجاة مما يخافونه تختلف ، فمرة يقدمون الفداء فإذا لم يقبل قدموا الشفاعة ، ومرة يبدؤون بالشفاعة فإذا لم تقبل عرضوا الفداء ." أ.هـ .

بتصرف يسير من " التحرير والتنوير " لابن عاشور ( 1 / 698 ) .

وبعد :

فهذه اللطائف التي ذكرت هي مجرد استنتاج واستنباط ناتج عن اجتهاد بعض العلماء في هذه الآيات فقد يكون ما ذكروه من الحِكم

وقد لا يكون ، وما جاء في السياق القرآني فهو الأفصح والأليق ، سواءً صحَّ هذا الاستنباط أو لم يصح ، والمقصود الأعظم هو أخذ العبرة والعظة من هذه الآية :

وهي أن الإنسان في يوم القيامة لن ينفعه أحدٌ قريباً كان أو بعيداً ، وسينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قّدَّم

وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قّدَّم ، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار

فعليه أن يتقي النار بالعمل الصالح ولو كان ذلك العمل صدقة بشقِّ تمرة ؛ كما ورد معنى هذا في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه

كما رواه البخاري برقم ( 6058 ) ومسلم ( 1688 ) .

وأن الشفاعة لا تنفع أحداً من الخلق إلا بإذن الله ، ولن يأذن الله لأحد من الكافرين أن يَشفع أو يُشفع له في الخروج من النار .

فليتعلق العبد بربه دون سواه وليطلب منه أن يرزقه شفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:33

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc