شعر النقائض [
1- تعريف شعر النقائض
النقيضة مصطلح مأخوذ في الأصل من نقَض البناء إذا هَدَمَه ، قال تعالى: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا" وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه , والمناقضة في القول أن يتكلم بما يتناقض معناه ، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ما قال خصمه , والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض .
تمثل النقائض مصطلحاً أدبياً لنمط شعري نشأ في العصر الاموي ، وهي عبارة عن معارك شعرية دارت رحاها بين عدد من الشعراء في العصر الاموي، وكان فرسانها الاخطل وجرير والفرزدق ، وكان الشاعر يكتب قصيدة في هجاء خصمه، فيرد الخصم (ناقضا) هذه القصيدة بقصيدة اخرى لها نفس الوزن والقافية ، و قد تركزت النقائض في العصر الاموي على غرض الهجاء تحديدا حيث كان الشاعر لايصبر على هجاء خصمه فيجيبه بقصيدة أخرى اكثر اقذاعا وافحاشاً .
نشأ فن النقائض في العصر الأموي واشتدت المهاجاة الشعرية بين الشعراء المتهاجين فلم يصمد في الميدان سوى ثلاثة من فحول الشعر هم : جرير والفرزدق والأخطل. وقد اشتهرت نقائض الفرزدق وجرير والأخطل ، وقد كان احدهم يتجه نحو خصمه بقصيدة هاجيًا ، فيعمد الآخر إلى الرد عليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًا البحر والقافية والرَّوِيَّ الذي اختاره الشاعر الأول , ومعنى هذا أنه لابد : - من وحدة الموضوع فخرًا أو هجاءً أو غيرهما , ولابد - من وحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذب إليه الشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول , ولابد كذلك - من وحدة الرَّوي لأنه النهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأول في ميدانه وبأسلحته نفسها. ونمو شعر النقائض له اسبابه الاجتماعية والعقلية وكان الناس يجدون فيه نوعا من التسلية والترويح ، اما النقائض بحد ذاتها فقد كانت تعبيرا واضحا عن نمو العقل العربي ومرانه على الحوار والجدل والمناظرة . الأصل في النقائض هو المقابلة والاختلاف ؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو ركيزة النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب القبلية ، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب.
2- العوامل الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى ظهور شعر النقائض :
أ- العوامل الاجتماعية :
إن الفتوحات الاسلامية الكبيرة في تلك الفترة ادت الى دخول المدنية والتمدن الى المجتمع البدوي والذي رافقه دخول الطرب والغناء واللهوا بالنسبة الى مكة والحجاز أما الكوفة والبصرة الذين تمسكا بالبدوية والذي بدوره جعل من سكان هذه المناطق يجدون في النقائض وسيلة لقضاء اوقات الفراغ والتسلية بما يلقيه الشعراء من شعر .
ب- العوامل السياسية :
وترجع إلى تشجيع الخلفاء أي حكّام بني أمية لهذا الفن ولهذا الشعر بغية صرف الناس عن التفكير في السياسة ، وقد كان لهذا الجانب مظاهر شتى وصور عديدة فمثلاً ما فعل بشر بن مروان بجمع الشعراء على جرير ويغر بهم به وما كان ذلك من بشر إلا تأييدأً لسياسة آل مروان.
الأغراض التي يتناولها :
1- المزج بين الفخر والهجاء .
2- الإشارة إلى ماضي القبائل وحاضرها .
3- التزام الوزن الواحد والقافية الواحدة .
4- قوة الأسلوب والمبالغة في الخيال