أصول عقيدة أهل السنة والجماعة - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أصول عقيدة أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-11, 17:25   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مصير أصحاب الكبائر إذا ماتوا وهم مصرون عليها

السؤال :


قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) ، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً)

وقال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .

فهؤلاء الذين يرتكبون مثل هذه الكبائر ولا يوجد من يطبق عليهم الأحكام وماتوا وهم غير تائبين، فما حكم الله فيهم يوم القيامة؟


الجواب:


الحمد لله


"عقيدة أهل السنة والجماعة : أن من مات من المسلمين مصرا على كبيرة من كبائر الذنوب كالزنى والقذف والسرقة يكون تحت مشيئة الله سبحانه إن شاء الله غفر له

وإن شاء الله عذبه على الكبيرة التي مات مصرا عليها، ومآله إلى الجنة

لقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النساء/48

وللأحاديث الصحيحة المتواترة الدالة على إخراج عصاة الموحدين من النار، ولحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا..

.. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب في ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له، ومن أصاب منها شيئا من ذلك فستره الله فهو إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) .

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/728) .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 17:32   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: شرح حديث: لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذر من إيمان

السؤال:

سمعت أنه لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.. فهل هذا صحيح؟

الجواب :

الحمد لله

الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة : أنه لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان

فالمسلم العاصي إذا مات ولم يتب من معصيته فأمره إلى الله ، إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه ، لكنه لا يخلد في النار بحال .

روى البخاري (44) ومسلم (193) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ).

وهذا المعنى جاء مقررا في أحاديث أخر ، وبألفاظ متقاربة .

وأما قولك : لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فهذا ثابت أيضا ، لكنه محمول عند أهل العلم على أنه : لا يدخلها دخول الكفار ، أي لا يخلد فيها ، مع أنه قد يدخلها

جمعا بين هذا وبين النصوص الكثيرة التي تدل على أن من عصاة المؤمنين من يدخل النار مع وجود الإيمان في قلوبهم ، ثم يخرجون منها بالشفاعة وبغيرها .

روى الترمذي (1999) وأبو داود (4091) وابن ماجه (59) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ .

قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنًا وَنَعْلِي حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ ). والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .

قال الإمام الترمذي رحمه الله عقب إيراد الحديث : " و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ ،

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَقَدْ فَسَّرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ هَذِهِ الْآيَةَ (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ) فَقَالَ : مَنْ تُخَلِّدُ فِي النَّارِ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ " انتهى .

وأما الجملة الثانية ، وهي قولك : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، فهذا ثابت أيضا ، كما في الحديث السابق ، وقد رواه مسلم مقتصرا على هذه الجملة (91)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ).

ومعنى الحديث : أنه لا يدخل الجنة دون تعرض لاحتمال المجازاة والعقاب ، فقد يعذب وقد يعفى عنه ، بخلاف المؤمن المطيع السالم من هذه الكبيرة فإنه يدخل الجنة دون تعرض لاحتمال دخول النار .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " بَلْ الظَّاهِرُ مَا اِخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة دُون مُجَازَاةٍ إِنْ جَازَاهُ .

وَقِيلَ : هَذَا جَزَاؤُهُ لَوْ جَازَاهُ , وَقَدْ يَتَكَرَّم بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيه , بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُل كُلّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّة إِمَّا أَوَّلًا , وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْد تَعْذِيبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ مَاتُوا مُصِرِّينَ عَلَيْهَا . وَقِيلَ : لَا يَدْخُل مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّل وَهْلَة " انتهى .

والحاصل :

أن ما سألت عنه هو نص حديث أو حديثين صحيحين ، وأن معناهما على ما ذكرنا ، فلا يصح أن يتوهم أحد أن من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان أنه يستحيل دخوله النار مهما أتى من الكبائر

ولا أن يتوهم أن المسلم الذي في قلبه ذرة من كبر يستحيل أن يدخل الجنة مهما كان معه من الإيمان .

وهذه النصوص ضل في فهمها فرقتان من الناس: الخوارج والمرجئة ، فالخوارج غلّبوا نصوص الوعيد كالحديث الثاني ، والمرجئة غلّبوا نصوص الوعد كالحديث الأول

وهدى الله أهل السنة للقول الحق الذي تجتمع به النصوص وتتآلف ولا تتعارض .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 17:37   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ما الحكم فيمن : يتلفظ بألفاظ كفرية والعياذ بالله مع تغيير بعض الألفاظ ؟

السؤال:

سؤالي عن بعض الضالين ببلدي : إنهم يتلاعبون بألفاظ في الكفر - والعياذ بالله - ، ويقولون : بأنه ليس كفرا ، ومثال على ذلك يلعن رئك أو يلعن الص أو يلعن رفك وهو تغير أحرف فقط فهل أنا محق بزجرهم أم لا ؟

واستغفر الله العلي القدير على كل شيء .


الجواب :


الحمد لله

لا شك أنك محقٌ في زجرهم ؛ لأنهم قاربوا الكفر بلفظهم ، وتغييرهم للحرف لا يزيل عنهم المحذور العظيم في اقترابهم من لفظ الكفر .

والدين له حِمَىً لا بد من حمايته ، والحذر من الوقوع فيه .

وهذا المقاربة اللفظية فيها انتهاكٌ لهذا الحِمَى ، وما بين المتكلم وبين الكفر إلا هذا الحرف الذي غيَّره ، وقد قال الله تعالى محذرا : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ) سورة آل عمران/167.

فالاقتراب من الكفر درجات ، ولا يجوز للمسلم أن يقترب من أيِّ درجةٍ منه

بل الواجب البعد التام عن هذه المقاربة .

ثم إنَّ مقاربة الكفر بهذه الألفاظ تُهَوِّنه في نفوس السامعين ، وربما ظنَّ بعضهم الحرفَ المغيَّر على صفته ، ولم ينتبه للتغيير .

وكذلك فإن تغيير هذا الحرف لا يلغي أثر الكلمة عند السامع ، فإن هذه اللفظة المغيَّرة تعدُّ رمزاً أو إشارةً إلى الكفر ، فكأن السامع يقول : عرفت قصدك وإشارتك .

والواجب على المسلم أن يحفظ لسانه ، فرُبَّ كلمة يتكلم بها الإنسان ، وهو لا يظن أن لها شأناً ، تكون سبب هلاكه وعذابه ، والعياذ بالله .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ) رواه البخاري (6477) ، ومسلم (2988).

وفي رواية الترمذي (2314) : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وعن بلال المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) رواه الترمذي (2319) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

ثم إن اللعن بحد ذاته كبيرة ، فكيف وقد انضم له ما يوهم الكفر ويقاربه .

وهذه المرجلة المزعومة عند بعض العامة - التي لا تحصل عندهم إلا بمثل هذا اللعن والشتم - : مرجلةٌ زائفةٌ وباطلة ، ولو كانوا رجالا حقيقةً لأثبتوا رجولتهم بغير هذا من الكلام الصادق الصحيح الذي يلتزمون به.

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-14, 05:00   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




هل الحكم فيمن يسب الدين عادة مثل حكم من يسب الدين اعتقادا؟

السؤال:

قرأت بشأن الذي سبّ الدين أنه : كافر ومرتدّ ، وعليه التوبة وإعلانها . لكن السؤال هو : هل التوبة تكون : بِنطق الشهادتين أمام أحد الذين سمعوه أثناء سبّه للدين ؟

أم يكفي أن يقول لأحد السامعين - الذين علموا بكفره - " أنّي تبت ولن أعود إلى هذا مرة أخرى" ، هل هذا يعتبر توبة كافية ويصبح مسلما ؟

وهل الذي يسب الدين اعتقادا وعمدا كالذي يسب الدين كعادة جرت على لسانه سواء عمدا أم ساهيا ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

من "سب الدين" ، وهو يعي أن ذلك سب لـ"دين الإسلام" ، سواء كان مازحاً أو جاداً ، معتقدا الكفر ، أو جرت عادته بذلك من غير اعتقاد للكفر وقصده لا شك أنه كافر خارج عن الملة

لعموم قوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة / 65 - 66 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -

: " إن سب الله أو سب رسوله كفرٌ ، ظاهراً وباطناً ، سواء كان السابُّ يعتقد أن ذلك محرم ، أو كان مستحلا له ، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده ، هذا مذهب الفقهاء ، وسائر أهل السنَّة القائلين بأن الإيمان قول وعمل "

انتهى من " الصارم المسلول " (ص512 ) .

وقال أيضا : " وبالجملة : فمن قال أو فعل ما هو كفر : كفر بذلك ، وإن لم يقصد أن يكون كافرا ؛ إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله " .

انتهى من "الصارم المسلول" (ص 184) ..

فمن سب الدين قاصدا متعمدا لذلك ، أو جرت به عادته : فهما في الحكم سواء ، ومن اعتاد سب الدين فصار يجري على لسانه عن قصد ودون قصد ، عامدا وساهيا أشد كفرا ؛ لأنه اتخذ من الكفر عادة .

ثانياً :

من سب "دين الإسلام" وجب عليه أن يتدارك نفسه بالتوبة إلى الله ، والتوبة من هذا تكون بنطق الشهادتين ، والندم على ما صدر منه ، والعزم على عدم العودة إليه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فإذا تاب الإنسان من أي ذنب - ولو كان ذلك سب الدين - : فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها " .

انتهى ملخصا من " فتاوى نور على الدرب ".

وإن كان سبه للدين علانية ، فيستحب أن يظهر التوبة أمام الناس ، ويعلن رجوعه إلى الله ويعترف بجرمه ؛ حتى يعلم الناس توبته ، ولا يتجرأ أحد على ما تجرأ عليه

فإن تاب فيما بينه وبين ربه توبة نصوحا : قبلت منه ، ولا يلزمه إعلانها أمام الناس.

ثالثاً:

من المهم في هذا المقام التفريق بين سب " دين الإسلام" ، وسب " دين الشخص " ، فالأول كفر بلا خلاف .

وأما الثاني ، وهو سب " دين الإنسان " فمحتمل ، لأن الساب قد يقصد بهذا القول دين الإسلام ، فيكون كافراً ، وقد يقصد به : حال الشخص المعين ، وطريقته في التدين

وما هو عليه من الخُلق ونحو ذلك ، وقد لا يقصد شيئا من ذلك أصلا ، وإنما هي كلمة ووصلة في كلام الجهال والسفهاء ، يتوصلون بها لتحقيق السب ، وتأكيده فلا يكفر الساب بشيء من ذلك .

وهذه حال كثير من العامة في البلدان ، أو أكثرهم .

جاء في " فتاوى البرزلي ":

" نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَزْدَرِي الصَّلَاةَ وَرُبَّمَا ازْدَرَى الْمُصَلِّينَ ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ مَلَأٌ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ... فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الِازْدِرَاءِ بِالْمُصَلِّينَ لِقِلَّةِ اعْتِقَادِهِ فِيهِمْ : فَهُوَ مِنْ سِبَابِ الْمُسْلِمِ

فَيَلْزَمُهُ الْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ، وَمَنْ يَحْمِلْهُ عَلَى ازْدِرَاءِ الْعِبَادَةِ ، فَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ رِدَّةٌ ا هـ .

قال شيخ المالكية في وقته :

"الشيخ عليش " معلقاً : " قُلْت : يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا : الْحُكْمُ فِيمَنْ سَبَّ الدِّينَ ، أَوْ الْمِلَّةَ ، أَوْ الْمَذْهَبَ ، وَهُوَ يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ بَعْضِ سَفِلَةِ الْعَوَّام كَالْحَمَّارَةِ وَالْجَمَّالَةِ وَالْخَدَّامِينَ ، وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِمْ .

وَذَلِكَ أَنَّهُ : إنْ قَصَدَ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ ، وَالْأَحْكَامَ الَّتِي شَرَّعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : فَهُوَ كَافِرٌ قَطْعًا .

ثُمَّ إنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ .

وَإِنْ قَصَدَ حَالَةَ شَخْصٍ وَتَدَيُّنَهُ : فَهُوَ سَبُّ الْمُسْلِمِ ؛ فَفِيهِ الْأَدَبُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ .

وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَصْدَيْنِ : بِالْإِقْرَارِ ، وَالْقَرَائِنِ .

وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْقَصْدَ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ " .

انتهى من " فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك" (5/252) .

وقد سألنا الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن هذه المسألة ، وعرضنا عليه كلام الشيخ عليش المالكي ، فأقره ، وقال بهذا التفصيل .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-14, 05:15   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل : لماذا أغلب أهل الأرض كفار ولماذا يرضى الله لهم بدخول جهنم ؟!

السؤال:

إني أتساءل : لماذا أغلب أهل الأرض غير مسلمين ؟

فعلى حد علمي أن حبَّ الله لخلقه يزيد على حب الوالدة لولدها بسبعين مرة ، فلماذا الأغلبية غير مسلمين ؟

وهل صحيح أنه لن يدخل الجنة إلا المسلمون ، وأهل السنَّة على وجه التحديد ؟

إذا كان هذا صحيحاً فإن معنى ذلك أنه لن يدخل الجنة إلا نسبة قليلة مقارنة بتعداد أهل الأرض كلهم ، فلماذا إذاً يرضى الله لأغلب خلقه أن يدخلوا النار ؟ .


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

ننبه في بداية الجواب إلى أن ما ذكره السائل مِن " أن حبَّ الله لخلقه يزيد على حب الوالدة لولدها بسبعين مرة " : لا أصل له في القرآن ولا في السنَّة

والله تعالى لا يحب الظالمين

ولا يحب الفاسقين

ولا يحب الكافرين

فكيف يُثبَت حبُّ الله تعالى لعموم خلقه والكثرة الكاثرة هم من تلك الأصناف ؟!

بل إنَّ الله تعالى يحب المحسنين

ويحب المتقين

ويحب التوابين

ويحب المتطهرين

ويحب الصابرين

ويحب المتوكلين

ويحب المقسطين – العادلين -

فهذه الأصناف مِن خلقه هم الذين أثبت الله تعالى حبَّه لهم ، ولن يكون هؤلاء – بطبيعة الحال – إلا موحِّدين له غير مشركين به .

لكن مع ذلك كله ، فمن أسماء الله سبحانه : الرحمن الرحيم ، ورحمته سبقت غضبه ، وعفوه سبق عقابه ، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها :

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ تَبْتَغِي ، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ

فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ ؟ قُلْنَا : لَا وَاللَّهِ ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا .

رواه البخاري (5999) ومسلم (2754) .

وهناك فرق بين الرحمة والمحبة ، فقد أنزل الله جل جلاله من رحمته قسطا يتراحم به الخلق ، ويرزق به عباده ، ويمهلهم ، ويحلم عليهم ، ويصبر على كفرهم وأذاهم سبحانه

وذلك كله في الدنيا ، وأما في الآخرة فرحمته خاصة بمن آمن به ، وأسلم وجهه إليه .

ثانياً:

أما السؤال : " لماذا أغلب أهل الأرض غير مسلمين ؟ " :

فالجواب عليه : لأنهم هم الذين اختاروا الكفر على الإسلام ، ودعنا هنا من المعذورين ممن لم تبلغهم الرسالة ، ولنسأل : ما بال من قرأوا عن الإسلام وبلغتهم الدعوة ورأوا الآلاف من أهل دينهم قد سبقوهم إلى الإسلام

ورأوا الملايين تدين بهذا الدين العظيم ، ورأوا الآيات البينات تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق دعوته وصدق القرآن وإعجازه

وسمعوا المناظرات التي ألجمت خصوم الإسلام ودحرت شبهاتهم ، ومع هذا كله – ومعه غيره كثير – لم يؤمنوا بالإسلام ولم يرضوه لأنفسهم دِيناً

بل رضي مليارات منهم بعبادة صليب صنعوه ، أو صنم نحتوه ، أو قبرٍ شيدوه ، أو بقرة يعبدونها من دون الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

إن الحقَّ واضح بيِّن ، وإن الآيات الدالات على عظمة الإسلام أكثر من أن تُحصر ، وإن الأدلة على بطلان ما يفعله أولئك الكفار لا يُجادل بها عاقل

وإن الفطرة السليمة والعقل الصريح ليرفضان تلك العبادات واتخاذ أولئك الآلهةَ أرباباً من دون الله الواحد الأحد ، فها قد بيَّن الله تعالى الحجة وأقام عليهم المحجة ، ومع ذلك أبى أكثر الناس إلا كفوراً

ولا تجد أكثر الناس شاكرين موحدين بل كافرين مشركين .

ثالثاً:

أما جواب السؤال : " فلماذا إذاً يرضى الله لأغلب خلقه أن يدخلوا النار ؟ "

: فهو أن الله تعالى لم يرض كفرَ أولئك ، ولا يحبه منهم ، ولكنهم رضوه لأنفسهم ، وأما الرب الجليل عز وجل فقد نصَّ في كتابه الكريم على عدم رضاه عن كفر الكافرين

فقال تعالى ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) الزمر/ 7 ،

فهذا نصٌّ جلي أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر ، بل يرضى لهم التوحيد والإسلام ، لكنَّهم هم الذين ارتضوا الكفر دينا لأنفسهم ، وأبوا الدخول في سلك الموحدين

والله تعالى لا يجبر أحداً على إسلام ولا على كفر ، بل هو عز وجل قد بيَّن طريقي الحق والباطل ، والصواب والخطأ ، والإسلام والكفر ، ثم جعل للخلْق أن يختاروا ،

مع وعده للمسلمين بالثواب ، ووعيده للكفار بالنار

قال تعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً . أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) الكهف/ 29 – 31

وقال تعالى ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا . إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا . إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا . إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا . عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) الإنسان/ 2 – 6 .

وهاك مثالاً على بيان هداية الله تعالى لقومٍ هداية دلالة وإرشاد بإرسال الرسول مع الآيات البينات واختيارهم للكفر على الإسلام ، وهم قوم ثمود

قال تعالى ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) فصِّلت/ 17 ، 18

وهؤلاء مثال ، ومثلهم كل قوم كفروا بربهم وكذبوا رسولهم ، فرضوا بالكفر في الدنيا والخلود في النار في الآخرة ، ولهؤلاء الكفار المعاصرين سلف

فقد جاءتهم رسل ربهم بالحق ، وجعل الله تعالى رسول كل قوم منهم ، يعرفونه بصدقه وأمانته ، وجعل الله تعالى مع كل واحد منهم آية على مثلها يؤمنها البشر

ومع ذلك فإنهم قالوا عن رسلهم ساحر أو مجنون ! وقد طلب كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية ليؤمنوا فأراهم انشقاق القمر فقالوا " سحر "

فصدق فيهم قول الله تعالى ( وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا ) الأنعام/ 25

ولم تكتف تلك الأقوام بتكذيب رسل ربهم بل تآمروا عليهم لقتلهم أو نفيهم من ديارهم

قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) إبراهيم/ 13

وقال تعالى – على لسان قوم إبراهيم عليه السلام – ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت/ 24

وقال تعالى – عن نبينا عليه السلام - ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) الأنفال/ 30

فإذا كان هذا هو حال من جاءه الرسول من ربه ممن يعرفه ، ورأى الآيات بعيني رأسه : فكيف سيكون حال هؤلاء الهنود والصينيين والأوربيين لو أنه جاءهم النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً ؟! .

ولما زعم بعض المشركين أن الله تعالى يرضى منهم الكفر ، وأنه لو لم يكن كذلك لصرفهم عنه : كذَّبهم ربنا تبارك وتعالى وبيَّن أنهم إنما يتبعون أهواءهم وآباءهم الضالين

قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا ) النحل/ 35

فردَّ الله تعالى عليهم بقوله ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) النحل/ 36 .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

"فأوضح في هذه الآية الكريمة أنه لم يكن راضياً بكفرهم ، وأنه بعث في كل أمَّة رسولاً ، وأمرهم على لسانه أن يعبدوا الله وحده ويجتنبوا الطاغوت

أي : يتباعدوا عن عبادة كل معبود سواه ، وأن الله هدى بعضهم إلى عبادته وحده ، وأن بعضهم حقَّت عليه الضلالة ، أي : ثبت عليه الكفر والشقاء .
\
وقال تعالى في آية الأنعام ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/ 149

فملكُه تعالى وحده للتوفيق والهداية هو الحجة البالغة على خلقه

يعني : فمن هديناه وتفضلنا عليه بالتوفيق : فهو فضل منَّا ورحمة ، ومَن لم نفعل له ذلك : فهو عدل منَّا وحكمة

لأنه لم يكن له ذلك ديْناً علينا ولا واجباً مستَحقّاً يستحقه علينا ، بل إن أعطينا ذلك ففضل ، وإن لم نعطه فعدل "

انتهى من " أضواء البيان " ( 7 / 95 ، 96 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-14, 05:15   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعاً:

قول السائل : " وهل صحيح أنه لن يدخل الجنة إلا المسلمون ، وأهل السنَّة على وجه التحديد ؟ " :

ففيه تفصيل :

أما بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : فنعم ، لن يدخل الجنة إلا مسلم ؛ لأن الإسلام نسخ الأديان السابقة كلها ، وأوجب الله تعالى على خلْقه كلهم الدخول في هذا الدِّين

وأخبر أنه لن يقبل من أحدٍ دِيناً غيره ، وأنه مَن لقيه منهم بدين آخر غيره فهو من الخاسرين

قال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .

ولأجل ذلك : أَمَرَ الني صلى الله عليه وسلم بِلاَلًا فَنَادَى بِالنَّاسِ : ( إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ) . رواه البخاري (3062) ومسلم (178) .

وأمَّا مِن الأمم السابقة : فإن الجنة يدخلها كل من آمن بنبيِّه وصدَّق رسوله ، وهؤلاء هم المسلمون في زمانهم .

قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/ 62 .

وأما أن الجنة هي لأهل السنَّة على وجه التحديد : فهو قول غير صحيح ، ومثل ذلك لا يقول به أحد من أهل العلم ؛ بل إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي أجابت دعوته كلهم سيدخلون الجنة

ولا يُحرم منها إلا من ارتد على عقبيه ، ونقض إسلامه بما يخرجه منه بالكلية ، وأهل البدع الذين خالفوا الشرع

وخاصموا أهل السنة ، هم كغيرهم من عصاة الموحدين : في مشيئة الله جل جلاله ؛ إن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم ، ثم إن مآل الواحد منهم إلى الجنة حتما ، إذا كان قد مات على التوحيد .

وهكذا من تلبس بشيء من المعاصي ، أو وقع في بدعة ، وكان من أهل السنة ، على وجه العموم ، هو أيضا في مشيئة الله جل جلاله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له

وإن كان القيام بالسنة ، والذب عنها ، والتحلي بها علما وعملا ، أرجى لصاحبه ، وأنجى له من عذاب الله وسخطه .

خامسا :

من فهم مِن حديث الافتراق ومن قوله صلى الله عليه وسلم في الفرَق الثنتين وسبعين المختلفة المخالفة لأهل السنَّة ( كُلُّها في النَّار ) أنهم مخلَّدون في نار جهنم : فقد أخطأ

وخالف إجماع المسلمين ، فضلال هذه الفرَق وتوعدها بالنار لا يعني خلودها فيها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

"ومَن قال إن الثنتين والسبعين فِرقة كل واحد منهم يكفر كفراً ينقل عن الملة : فقد خالف الكتاب والسنَّة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين

بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة ؛ فليس فيهم مَن كفَّر كلَّ واحد من الثنتين وسبعين فرقة".

انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 7 / 218 ) .

والتكفير للمخالفين هو من منهج أهل البدع والضلال ، لا من منهج أهل السنَّة والجماعة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

"والخوارج هم أول من كفَّر المسلمين ، يكفرون بالذنوب ، ويكفرون مَن خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه وماله ، وهذه حال أهل البدع ، يبتدعون بدعة ويكفرون مَن خالفهم فيها .

وأهل السنَّة والجماعة يتبعون الكتاب والسنَّة ، ويطيعون الله ورسوله ، فيتبعون الحق ويرحمون الخلق" .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 3 / 279 ) .

وقال – عن الفرق الثنتين والسبعين - :

"وإنما يكفِّر بعضُهم بعضاً ببعض المقالات"

.انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 7 / 218 ) .

سادساً:

من رحمة الله تعالى بعباده أنه لا يعذِّب بالنار من لم تصله دعوة الإسلام ، فالذين يعيشون في زماننا أو قبله ولم يصل لهم خبر الإسلام : فإنهم يختبرون يوم القيامة

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-14, 05:27   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يؤخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة؟

السؤال :


سمعت من يقول : إن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة ، لأنها تفيد الظن ، ولا تفيد اليقين . فما هو جوابكم على هذا؟


الجواب :


الحمد لله

"جوابنا على من يرى أن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة لأنها تفيد الظن والظن لا تبنى عليه العقيدة . أن نقول : هذا رأي غير صواب ؛ لأنه مبني على غير صواب ، وذلك من عدة وجوه :

1-القول بِأَن حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن ليس على إطلاقه ، بل في أخبار الآحاد ما يفيد اليقين إذا دلت القرائن على صِدْقه ، كما إذا تلقته الأمة بالقبول

مثل حديث عمر بين الخطاب رضي الله عنه : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) فإنه خبر آحاد

ومع ذلك فإننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله

وهذا ما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن حجر وغيرهما .

2-أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل الآحاد بأصول العقيدة ـ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ـ وإرساله حُجَّة مُلْزِمة ، كما بعث مُعَاذاً إلى اليمن ، واعتبر بَعْثَه حُجَّةً مُلْزِمَةً لأهل اليمن بقبوله .

3-إذا قلنا بأن العقيدة لا تثبت بأخبار الآحاد ، أمكن أن يُقال : والأحكام العملية لا تثبت بأخبار الآحاد ، لأن الأحكام العملية يصحبها عقيدة أن الله تعالى أمر بهذا أو نهى عن هذا

وإذا قُبل هذا القول تعطَل كثير من أحكام الشريعة ، وإذا رُدّ هذا القول فليردّ القول بأن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد إذ لا فرق كما بيّنا .

والحاصل :

أن خبر الآحاد إذا دلت القرائن على صِدْقه أفاد العلمَ ، وثبت به الأحكام العَملية والعِلمية ، ولا دليل على التفريق بينهما ، ومَنْ نَسَبَ إلى أحدٍ من الأئمِة التفريقَ بينهما فعليه إثباتُ ذلك بالسند الصحيح عنه . ثم بيان دليله المستَند إليه .

4- أن الله تعالى أمر بالرجوع إلى قول أهل العلم لمن كان جاهلاً فيما هو من أعظم مسائل العقيدة وهي الرسالة : فقال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) النحل/43 ، 44 .

وهذا يشمل سؤال الواحد والمتعدّد" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

"فتاوى العقيدة" (صـ 18) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-14, 05:40   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

جواب مجمل عن بعض المستهزئين بأحاديث البخاري

السؤال

أعيش في إحدى الدول الغربية ، حيث يوجد مجموعات من المسلمين لا بأس بها من مختلف التيارات والأجناس والألوان , ولكن بشكل عام يوجد جهل بالإسلام وأحكامه من مختلف الجوانب

, وقد لفت انتباهي بعض الإخوة هنا - هدانا الله وإياهم - ممن يشككون في الأحاديث النبوية ، وخاصةً التي وردت في صحيح البخاري

وفيها : (يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ فَيَبْقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا ) ، وأحاديث تجلي الله لعباده يوم القيامة

ورؤيتهم له ، وحديث ما جاء في النجوى : ( .. يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ

قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )

وحديث نكاح المتعة ، وحديث المرأة التي عرضت نفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!

أرجو منكم التكرم بإرسال الرد المناسب حتى يتسنى لنا الرد على هؤلاء الجهلة ممن يشككون ، وربما يضلون البعض من المسلمين .


الجواب

الحمد لله

ليس بعد الكفر ذنب ، والذي يبلغ به تفكيره أن يجعل مثل هذه الأحاديث الشريفة الصحيحة مثارا للتشكيك والاستهزاء فقد أضحك الناس على عقله ، والملحد يستهزئ بكل شيء

بالله ورسوله وملائكته وكتبه واليوم الآخر ، فليس من الصواب مناقشته في تفاصيل العقيدة ، وهو لم يؤمن بعد بأصولها الكبيرة .

ولو رحنا نتتبع كل من يسخر من الآيات أو الأحاديث لضاق بنا وبكم العمر الطويل ، ولما انتهينا من أصوات الحاقدين الناعقين بكل سوء وجهالة .

أما أولئك المنتسبون إلى الإسلام ، الذين يتنكرون لتراث الأمة وتاريخها وثقافتها وقيمها ، ويتسترون وراء ألقاب " العقلانية " ، و " التنويرية " فوالله لا نراهم إلا منادين على أنفسهم بالجهل والعمى

ومسلمين عقولَهم التي يتفاخرون بها لبعض المستشرقين الحاقدين ، فيكررون على ألسنتهم كل سوء وبذاءة فاهت بها ألسنتهم ، وهم واقعون تحت تخدير وهم "العقلانية"

حتى أصبح كل جاهل يريد أن يروج لبضاعته ينتسب إلى هذا الاسم ، وهو أبعد ما يكون عن العقل الصحيح .

وحاصل ما جاء في هذا السؤال من طعون تجتمع في مسائل ثلاثة :

الأولى : الطعن في الأحاديث الكثيرة التي جاءت بذكر تفاصيل ما يحصل للناس في المحشر ، وعند الصراط ، وفي عرصات – أي : ساحات - يوم القيامة .

ونحن نشير إلى الجواب المجمل أيضا عنها بالنقاط الآتية :

1- هذه الأحاديث كلها تتحدث عن عالم غيبي ، لا ندرك كنهه ولا حقيقته إلا رموزا يسيرة بينتها لنا الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الصحيحة

ومن استهزأ بها فلم يبعد أن يستهزئ أيضا بما جاء في القرآن الكريم من ذكر تفاصيل يوم القيامة ، كيف تُطوى السماوات ، وتسير الجبال سيرا

وتكون كالعهن المنفوش ، وبما جاء في القرآن الكريم من ذكر مجيئ الرب تعالى للحساب والفصل بين الناس ، وسؤاله لهم عن كل صغير وكبير

إلى غير ذلك الكثير الكثير مما لو استهزأ بشيء منه لظهر كفره للقاصي والداني ، وبان إلحاده ، ولكان لنا وله شأن آخر في المناظرة والمناقشة .

أما أن يعمد إلى أحاديث صحيحة ، رواها العشرات من الثقات والحفاظ ، وتناقلها العلماء والأئمة بالإقرار ، ثم يستهزئ بما جاء فيها ، بدعوى أنه اكتشف بعقله الفذ !! نقدا لم يكتشفه أحد قبله

فهذا تدليس على الناس وأعظم تدليس ، وإلا فليخبرنا عن الرب سبحانه وتعالى ، كيف هو على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم ، وكيف هو الأول الذي ليس قبله شيء

والآخر الذي ليس بعده شيء ، فإن أجاب بالتسليم لعجز العقل القاصر عن الخوض في الغيبيات ، قلنا له : وليسلم عقلك القاصر عن التفاصيل التي جاءت في السنة النبوية الصحيحة عن أحوال الآخرة ، وإلا كنت متناقضا .

2- ثم ما هو الشيء الذي يحيله العقل وتذكره هذه الأحاديث ، فما الذي يمنع من رؤية المؤمنين لله سبحانه وتعالى ، وما الذي يحيل أن يكشف لهم عن شيء من صفاته التي تليق بجلاله

كما أنه سبحانه بذاته وجلاله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .

وأين مثار السخرية في مرور الناس بالصراط ، وتجاوزهم على قدر أعمالهم ، أو في خروج العصاة من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

فليخبرنا من يدعي أن ذلك كله مستحيل ما وجه استحالة ذلك في منطق العقل السليم ، وليبين لنا ذلك بحجته الباهرة !! وليس بالكلام البذيء ولا بالاستهزاء بعقول القراء الكرام .

الشبهة الثانية : الاستهزاء بأحاديث جواز نكاح المتعة في بداية الإسلام .

ونحن نحب أن نبين لهذا المستهزئ الجاهل أن نكاح المتعة في بداية الإسلام كان نكاحا قائما على شروط وأركان

ولم يكن عبثا ولا فسادا مستترا ، فقد كان بموافقة الولي ، وحضور الشهود ، والإعلان ، ووجود المهر ، والرضا من كلا الطرفين ، وتبنى عليه أحكام الزواج الحقيقي جميعها

: من نسب ، وميراث ، ومحرمية ، وطلاق ، وعدة ، ونحوها ، تماما كأي نكاح شرعي يتم اليوم في عرف الناس وشرعهم .

يقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" من قال : المتعة أن يقول لها : أتزوجك يوماً - أو ما شابه ذلك - على أنه لا عدة عليك ، ولا ميراث بيننا ، ولا طلاق ، ولا شاهد يشهد على ذلك ؟! هذا هو الزنا بعينه ، ولم يُبَح قط في الإسلام " انتهى.

"الجامع لأحكام القرآن" (5/87)

غير أن الفارق الوحيد بينهما هو التأقيت والتحديد الزمني ، ليكون كل من الزوجين بعد هذه المدة بالخيار ، إن أحبا أن ينفصلا أو يستمر زواجهما إلى ما شاء الله

وقد كان لجوازه في بداية الإسلام ظرف خاص ، تعددت الروايات في شرحه وبيانه

وأقوى ما جاء فيه ما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله

: " فهذه أخبار يقوي بعضها ببعض ، وحاصلها أن المتعة إنما رخص فيها بسبب العزبة في حال السفر "

انتهى. "فتح الباري" (9/172)

وعلى كل حال فقد نسخ هذا النوع من النكاح ، ومنعته الشريعة بعد تجاوز الظرف الخاص الذي جاز فيه ، وصحت الكثير من الأحاديث في تحريمه

واتفق على المنع منه الأئمة الأربعة والعلماء جميعهم . بل في نفس الحديث الذي ذكره المعتر ض ، نص الإمام البخاري في روايته (5119) على نسخ هذا النكاح :

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَا : كُنَّا فِي جَيْشٍ فَأَتَانَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا ) ...

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ [ هو الإمام البخاري ] : وَبَيَّنَهُ عَلِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ .

وانظر : فتح الباري ، للحافظ ابن حجر ، رحمه الله .

3- حديث المرأة التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها. ونحن نتساءل عن الضير في ذلك

هل من العيب أو الخزي أو من مثارات السخرية أن تسأل إحدى النساء الصالحات المؤمنات العفيفات النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها

فتنال مرتبةً عظيمةً في الدين في صحبة سيد المرسلين ، وتكون مع خير الخلق زوجةً في الدنيا والآخرة ، هل تُلام المرأة إن أبدت رغبتها في الزواج الشرعي من خير الخلق وسيد الأولين والآخرين

أليس من حقها أن تبحث عما يسعد حالها ويرفع شأنها في الدنيا والآخرة ، أين هو المحرم أو الممنوع الذي وقعت فيه تلك المرأة الصالحة ، أم هو الطعن والاستهزاء لأجل التشويش والفتنة .

أما إيماننا بما في صحيحي البخاري ومسلم فليس من قبيل التقليد الأعمى ، أو التسليم الاعتباطي، بل هو إيمان مبني على دراسات استقرائية محكمة لجميع رواة وأسانيد ومتون هذين الصحيحين

استغرقت آلاف الصفحات ومئات السنين وعشرات العلماء ، منها القديم والمعاصر ، كلها تثبت - بما لا يدع مجالا للشك – صحة الإجماع الواقع تلقي الكتابين بالقبول

وترجيحهما على ما سواهما ، ومن أوائل هذه الدراسات مقدمة ابن حجر لكتابه فتح الباري، المسماة " هدي الساري "

فقد تكلم فيها بتطويل عن الأسس والأركان التي قام عليها صحيح البخاري ، والتي اقتضت التسليم له بالصحة والثبوت .
هذا جواب مجمل مختصر ، وأما الجواب المطول المفصل فيقتضي أن نعرف هوية المسيء بهذه الكلمات ، كي يكون جوابنا مناسبا لحاله واعتقاده

وإن كنا لا ننصح إخواننا المسلمين بالاشتغال بالرد على هؤلاء المتنطعين من المتكلمين ، حفظا لأوقاتهم وأعمارهم ، ولكن إذا اقتضى الأمر ضرورة المناقشة والمجادلة

فبالدليل والبرهان ، وليس بالتهويش والتهويل .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-16, 17:28   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يمكن أن يتوحد المسلمون مع اختلاف ما بينهم في العقيدة والمنهج؟

السؤال

هل يمكن أن يتوحد المسلمون مع اختلاف ما بينهم في العقيدة والمنهج ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً:

إن اختلاف الناس فيما بينهم في العقيدة والمنهج سنَّة كونية

وقد أخبر الله تعالى عن وقوعها في خلقه

وأخبر عن قدرته بتوحيدهم جميعاً على دين واحدٍ

لكنَّ الله تعالى له حكمة بالغة في عدم فعل ذلك

ليثيب الطائعين الموحدين

ويعاقب العاصين والمشركين

ولو جعل الله تعالى الناس أمة واحدة لم يظهر فضل التوحيد والموحدين

ولم يظهر قبح المعصية والعاصين

ولله تعالى أسماء وصفات اقتضت حكمته في الاختلاف أن تظهر في خلقه .

قال الله تعالى : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) هود /118 ، 119 .

قال ابن جرير الطبري – رحمه الله - :

يقول تعالى ذِكره : ولو شاء ربك ، يا محمد ، لجعل الناس كلها جماعة واحدة ، على ملة واحدة ، ودين واحد .

" تفسير الطبري " ( 15 / 531 ) .

وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :

يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كُلِّهم أمَّةً واحدة ، من إيمان أو كفران

كما قال تعالى : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ) يونس / 99

وقوله : ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ )

أي : ولا يزال الخُلْفُ بين الناس في أديانهم ، واعتقادات مللهم ، ونِحلهم ، ومذاهبهم ، وآرائهم .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 361 ) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

يخبر تعالى أنه لو شاء لجعل الناس كلهم أمة واحدة على الدين الإسلامي ، فإن مشيئته غير قاصرة

ولا يمتنع عليه شيء ، ولكنه اقتضت حكمته أن لا يزالوا مختلفين

مخالفين للصراط المستقيم

متبعين للسبل الموصلة إلى النار

كل يرى الحق فيما قاله ، والضلال في قول غيره .

( إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) فهداهم إلى العلم بالحق والعمل به

والاتفاق عليه

فهؤلاء سبقت لهم سابقة السعادة

وتداركتهم العناية الربانية والتوفيق الإلهي .

وأما من عداهم : فهم مخذولون ، موكولون إلى أنفسهم .

وقوله : ( وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) أي : اقتضت حكمته أنه خلقهم ، ليكون منهم السعداء والأشقياء ، والمتفقون والمختلفون ، والفريق الذين هدى الله

والفريق الذين حقت عليهم الضلالة ، ليتبين للعباد عدلُه ، وحكمتُه ، وليظهر ما كمن في الطباع البشرية من الخير والشر ، ولتقوم سوق الجهاد والعبادات التي لا تتم ولا تستقيم إلا بالامتحان والابتلاء .

" تفسير السعدي " ( ص 392 ) .

ثانياً:

وكيف سيتوحد المسلمون على شيء يجمعهم جميعاً غير التوحيد والعقيدة ؟! إن الناظر في أحوال المسلمين يجدهم مدارس وجماعات وأحزابا وأفكارا شتى

رضي كل واحد لنفسه طريقاً في فهم نصوص الوحي ، والعمل للإسلام ، فحصل الاختلاف ، والتفرق ، والتشتت ، ولو أنهم رضوا لأنفسهم منهجاً واحداً

واعتقاداً واحداً لاجتمعوا ، وصاروا أمة واحدة ، ولكنهم لم ينظر أكثرهم – وخاصة رؤوس الجماعات والأحزاب – للعقيدة الحقة أنها سبيل توحيد

بل رأوا أنهم تفرِّق المسلمين ! كما زعم بعض أقطابهم ، وهذه كلمة منكرة ، ولا يمكن أن يكون توحيد للمسلمين وفيهم أمثال هذا القائل ! .

جاء النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم أحزاب وجماعات وأمم وأفكار وأديان مختلفة ، وفيهم الأبيض والأسود ، والرجل والمرأة ، والعامي والمتعلم

والغني والفقير ، والسادة والضعفاء ، فلم يجمعهم على لغة ، ولا على أرض ، ولا على فكر بشر ، بل جمعهم على شيء معصوم ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، جمعهم على القرآن ، والتوحيد

وهذا هو السبيل الوحيد لأن يجتمع الناس كلهم على اختلاف مشاربهم وأهوائهم ولغاتهم وأماكنهم ، ولن يجدوا خيراً من هذا السبب في توحدهم

واجتماعهم وتآلفهم ، وأما عندما يراد تجميع الناس وتوحيدهم على فكر بشر قابل للنقض والرد والتعديل والحذف : فهذا ما لا يمكن أن يكون سبيلاً لتوحد المسلمين

وعندما يراد تجميع الناس وتوحيدهم على قضية سياسية : فهذا لا يمكن أن يجتمع عليه الناس ؛ لاختلاف أفهامهم وآرائهم فيها ، كما لا يمكن لأرض أن تجمع المسلمين ؛ لتعلق كل نفس بوطنها وأرضها

فلم يبق أمام المسلمين من سبيل لتوحدهم وتجمعهم إلا العقيدة الصحيحة ، والتي منبعها نصوص الوحي المعصومة ، ولن يَصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلَح به أولُّها .

ثالثاً:

بما أن أسباب تفرق المسلمين قائمة : فإن تفرقهم هو الثمرة ، وهو النتيجة ، وقد تنوع ذِكر الأسباب في كلام أهل العلم ، وقد جمعها الإمام الشاطبي في ثلاثة أسباب : الجهل ، والهوى ، واتباع الآباء والأشياخ على عمى .

قال الشاطبي – رحمه الله - :

كل خلاف على الوصف المذكور وقع بعد ذلك : فله أسباب ثلاثة ، قد تجتمع ، وقد تفترق :

أحدها : أن يعتقد الإنسان في نفسه ، أو يُعتقد فيه أنه من أهل العلم ، والاجتهاد في الدين ، ولم يبلغ تلك الدرجة ، فيعمل على ذلك

ويعد رأيَه رأياً ، وخلافَه خلافاً ، ولكن تارة يكون ذلك في جزئيٍّ ، وفرعٍ من الفروع ، وتارة يكون في كلِّي وأصلٍ من أصول الدين ، كان من الأصول الاعتقادية

أو من الأصول العملية ، فتارة آخذاً ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها حتى يصير منها ما ظهر له بادىء رأيه من غير إحاطة بمعانيها ولا رسوخ في فهم مقاصدها

وهذا هو المبتدع ، وعليه نبه الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقبض الله العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء

حتى إذا لم يَبقَ عالمٌ اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .

والثاني من أسباب الخلاف : اتباع الهوى ، ولذلك سمِّي أهلُ البدع أهل الأهواء ؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم ، فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها

والتعويل عليها حتى يصدروا عنها ، بل قدموا أهوءاهم ، واعتمدوا على آرائهم ، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك ، وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح

ومن مال إلى الفلاسفة ، وغيرهم ، ويدخل في غمارهم من كان منهم يخشى السلاطين لنيل ما عندهم ، أو طلباً للرياسة

فلا بد أن يميل مع الناس بهواهم ، ويتأول عليهم فيما أرادوا حسبما ذكره العلماء ونقله من مصاحبي السلاطين

فالأولون ردُّوا كثيراً من الأحاديث الصحيحة بعقولهم ، وأساؤوا الظن بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحسَّنوا ظنَّهم بآرائهم الفاسدة ، حتى ردوا كثيراً من أمور الآخرة وأحوالها ، من الصراط ، والميزان ، وحشر الأجساد

والنعيم ، والعذاب الجسمي ، وأنكروا رؤية الباري ، وأشباه ذلك ، بل صيَّروا العقل شارعاً جاء الشرع أو لا ، بل إن جاء فهو كاشف لمقتضى ما حكم به العقل إلى غير ذلك من الشناعات .

والثالث من أسباب الخلاف : التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت ، أو كانت مخالفة للحق

وهو اتباع ما كان عليه الآباء ، والأشياخ ، وأشباه ذلك ، وهو التقليد المذموم ؛ فإن الله ذم ذلك في كتابه بقوله : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة ) الآية

ثم قال : ( قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ) ، وقوله : هل يسمعونكم إذ تدعون . أو ينفعونكم أو يضرون ) فنبههم على وجه الدليل الواضح فاستمسكوا بمجرد تقليد الآباء

فقالوا : ( بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) وهو مقتضى الحديث المتقدم أيضا في قوله : ( اتخذ الناس رؤساء جهالاً ) إلى آخره ، فإنه يشير إلى الاستنان بالرجال كيف كان .

" الاعتصام " ( 1 / 421 – 423 ) باختصار .

وعليه : فإنه من المستحيل اتفاق المسلمين واجتماعهم على غير التوحيد والعقيدة ، وفي الإسلام مظاهر اجتماع واتفاق لا توجد في غيره ، كالقبلة الواحدة ، والقرآن

ومناسك الحج ، وغيرها ، فنرجو أن يتوحد المسلمون ويجتمعوا على اعتقاد واحد ، ومنهج واحد في فهم القرآن والسنَّة ، وما يحصل من خلافٍ محتمل بعد هذا فإن أمره يسير .

سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله-

ما هي المسائل التي يجوز الاختلاف فيها ؟ وتلك التي ينبغي التّوقُّفُ عن الخلاف فيها ؟ وما واجب المسلمين تُجاه دينهم ؟ .

فأجاب :

الاختلاف على قسمين :

القسم الأول : الاختلاف في مسائل العقيدة ، وهذا لا يجوز ؛ لأنّ الواجب على المسلمين اعتقاد ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة ، وعدم التّدخُّل في ذلك بعقولهم واجتهاداتهم

لأنّ العقيدة توقيفيّة ، ولا مجال للاجتهاد والاختلاف فيها .

القسم الثاني : اختلاف في المسائل الفقهيَّة المستنبطة من النُّصوص ، وهذا لابدّ منه ؛ لأنّ مدارك الناس تختلف ، ولكن يجب الأخذ بما ترجّح بالدّليل من أقوالهم ، وهذا هو سبيل الخروج من هذا الخلاف .

ويجب على المسلم أن يهتمَّ بأمور دينه ، ويحافظ على أداء ما أوجب الله عليه ، ويترك ما حرَّمَ الله عليه ، وأن يتحلَّى بالأخلاق الفاضلة مع إخوانه ، وأن يصدُقَ في معاملته ، ويحفظ أمانته ، ويكون قدوةً صالحةً لغيره .

ويجب أن يتربَّوا على التّمسّك بالدّين والأخلاق الفاضلة ، وأن يبتعدوا عن الأخلاق الرّذيلة وقرناء السُّوء ، وأن يهتمُّوا بما ينفعهم في دينهم ودُنياه ، وأن يكونوا قوَّة للإسلام والمسلمين . "

المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 1 / 407 ، 408 ، السؤال رقم 241 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-16, 17:46   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مختصر لمسائل العقيدة الصحيحة للمسلم وما يضادها من العقائد الباطلة

السؤال

ما هو المعتقد الحق ؟

وأريد معرفة بعض المعتقدات الباطلة ؟


الجواب


الحمد لله


1. معلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنَّة أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتُقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة ،

فإن كانت العقيدة غير صحيحة :

بطل ما يتفرع عنها من أعمال وأقوال

كما قال تعالى : ( وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة/ 5

وقال تعالى : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) الزمر/ 65 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .

2. وقد دل كتاب الله المبين وسنَّة رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم على أن العقيدة الصحيحة تتلخص في : الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله

واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، فهذه الأمور الستة هي أصول العقيدة الصحيحة التي نزل بها كتاب الله العزيز، وبعث الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم .

وأدلة هذه الأصول الستة في الكتاب والسنة كثيرة جدّاً

فمن ذلك قول الله سبحانه : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ) البقرة/ 177

وقوله سبحانه : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ) الآية البقرة/ 285

وقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ) النساء/ 136 .

أما الأحاديث الصحيحة الدالة على هذه الأصول فكثيرة جدّاً

منها : الحديث الصحيح المشهور الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله وعليه وسلم عن الإيمان

فقال له : الإيمان : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . الحديث ، وأخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة .

وهذه الأصول الستة يتفرع عنها جميع ما يجب على المسلم اعتقاده في حق الله سبحانه ، وفي أمر المعاد ، وغير ذلك من أمور الغيب .

3. الإيمان بالله سبحانه : ويشمل الإيمان بأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل ما سواه لكونه خالق العباد ، والمحسن إليهم

والقائم بأرزاقهم والعالم بسرِّهم وعلانيتهم ، والقادر على إثابة مطيعهم ، وعقاب عاصيهم، ولهذه العبادة خلق الله الثقلين وأمرهم .

وحقيقة هذه العبادة : هي إفراد الله سبحانه بجميع ما تعبّد العباد به ، من دعاء ، وخوف ، ورجاء ، وصلاة ، وصوم ، وذبح ، ونذر

وغير ذلك من أنواع العبادة ، على وجه الخضوع له ، والرغبة ، والرهبة ، مع كمال الحب له سبحانه ، والذل لعظمته .
ومن الإيمان بالله أيضاً : الإيمان بجميع ما أوجبه على عباده

وفرضه عليهم ، من أركان الإسلام الخمسة الظاهرة وهي : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمَّداً رسول الله ، وإقام الصلاة

وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً ، وغير ذلك من الفرائض التي جاء بها الشرع المطهر .

وأهم هذه الأركان وأعظمها : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمَّداً رسول الله ، فشهادة أن لا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله وحده

ونفيها عما سواه ، وهذا هو معنـى لا إله إلا الله ، فإن معناها : لا معبـود بحـق إلا الله ، فكل ما عبد من دون الله من بشر أو ملك أو جني أو غيـر ذلك

: فكله معبود بالباطل ، والمعبود بالحق هو الله وحده

كما قال سبحانه : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) الحج/ 62 .

ومن الإيمان بالله أيضاً : الإيمان بأسمائه الحسنى ، وصفاته العليا الواردة في كتابه العزيز ، والثابتة عن رسوله الأمين ، من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف

ولا تمثيل ، بل يجب أن تُمرَّ كما جاءت به ، بلا كيف ، مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظيمة التي هي أوصاف الله عز وجل ، يجب وصفه بها على الوجه اللائق به ، من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته

كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الشورى/ 11 .

4. الإيمان بالملائكة : ويتضمن الإيمان بهم إجمالاً ، وتفصيلاً ، فيؤمن المسلم بأن لله ملائكة خلقهم لطاعته ، ووصفهم بأنهم عبَاد مُكرَمون

لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/ 28 .

وهم أصناف كثيرة ، منهم الموكلون بحمل العرش ، ومنهم خزنة الجنَّة والنَّار ، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد .
ونؤمن على سبيل التفصيل بمن سمى الله ورسوله منهم : كجبريل

وميكائيل ، ومالك خازن النار ، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور ، وقد جاء ذكره في أحاديث صحيحة

وقد ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خُلقت الملائكة من نور ، وخُلق الجان من مارج من نار ، وخُلق آدم مما وصف لكم ) أخرجه مسلم في صحيحه .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-16, 17:47   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



5. الإيمان بالكتب : يجب الإيمان إجمالاً بأن الله سبحانه قد أنزل كتباً على أنبيائه ورسله لبيان حقه والدعوة إليه

كما قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) الآية الحديد/ 25 .

ونؤمن على سبيل التفصيل بما سمى الله منها ، كالتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والقرآن .

والقرآن الكريم هو أفضلها ، وخاتمها ، وهو المهيمن عليها ، والمصدق لها ، وهو الذي يجب على جميع الأمة اتباعه ، وتحكيمه ، مع ما صحت به السنَّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

؛ لأن الله سبحانه بعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى جميع الثقلين ، وأنزل عليه هذا القرآن ليحكم به بينهم وجعله شفاءً لما في الصدور ، وتبيانا لكل شيء

وهدى ورحمة للمؤمنين

كما قال تعالى : ( وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأنعام/ 155 .

6. الإيمان بالرسل : يجب الإيمان بالرسل إجمالاً ، وتفصيلاً ، فنؤمن أن الله سبحانه أَرسل إلى عباده رسلاً منهم مبشرين ومنذرين ودعاة إلى الحق

فمن أجابهم : فاز بالسعادة ، ومن خالفهم باء بالخيبة والندامة ، وخاتمهم وأفضلهم هو نبينا محمــد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم

كما قال الله سبحانه : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .

ومَن سمَّى الله منهم أو ثبت عن رسول الله تسميته آمنَّا به على سبيل التفصيل والتعيين ، كنوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، وغيرهم ، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة ، وأزكى التسليم .

7. الإيمان باليوم الآخر ، وأما الإيمان باليوم الآخر فيدخل فيه الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ما يكون بعد الموت

كفتنة القبر ، وعذابه ، ونعيمه ، وما يكون يوم القيامة من الأهوال ، والشدائد ، والصراط ، والميزان ، والحساب ، والجزاء ، ونشر الصحف بين الناس

فآخذٌ كتابه بيمينه ، وآخذٌ كتابه بشماله أو من وراء ظهره ، ويدخل في ذلك أيضاً : الإيمان بالحوض المورود لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بالجنَّة والنَّار

ورؤية المؤمنين لربهم سبحانه ، وتكليمه إياهم ، وغير ذلك مما جاء في القرآن الكريم والسنَّة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجب الإيمان بذلك كله

وتصديقه على الوجه الذي بيَّنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

8. الإيمان بالقدر ، وأما الإيمان بالقدَر فيتضمن الإيمان بأمور أربعة : العلم ، والكتابة ، والخلق ، والمشيئة

و يمكن النظر للتفاصيل علي الرابط التالي


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2135405

9. ويدخل في الإيمان بالله : اعتقاد أن الإيمان قول وعمل ، يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، وأنه لا يجوز تكفير أحد من المسلمين بشيء من المعاصي التي دون الشرك والكفر ، كالزنا ، والسرقة ، وأكل الربا ، وشرب المسكرات

وعقوق الوالدين ، وغير ذلك من الكبائر ، ما لم يستحل ذلك ؛ لقول الله : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) النساء/ 48

وما ثبت في الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يُخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان .

10. ومن الإيمان بالله : الحب في الله ، والبغض في الله ، والموالاة في الله ، والمعاداة في الله ، فيحب المؤمنُ المؤمنينَ ويواليهم ، ويبغض الكفار ويعاديهم .

وعلى رأس المؤمنين من هذه الأمة : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأهل السنة والجماعة يحبونهم ،

ويوالونهم ، ويعتقدون أنهم خير الناس بعد الأنبياء لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) متفق على صحته .

ويعتقدون أن أفضلهم : أبو بكر الصدِّيق ، ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان ذو النورين ، ثم علي المرتضى ، رضي الله عنهم أجمعين ، وبعدهم بقية العشرة المبشرين بالجنَّة

ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، ويمسكون عما شجر بين الصحابة ، ويعتقدون أنهم في ذلك مجتهدون ، من أصاب فله أجران

ومن أخطأ فله أجر ، ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين به ، ويتولونهم ، ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، ويترضون عنهم جميعاً .

ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويسبونهم ، ويغلون في أهل البيت

ويرفعونهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله عز وجل إياها ، كما يتبرؤون من طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل .

11. وجميع ما ذكرناه هو العقيدة الصحيحة التي بعث الله بها رسوله محمَّداً صلى الله عليه وسلم ، وهي عقيدة الفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة

التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله سبحانه )

وقال صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، فقال الصحابة : من هي يا رسول الله ؟

قال : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ) ، وهي العقيدة التي يجب التمسك بها ، والاستقامة عليها ، والحذر مما خالفها .

12. وأما المنحرفون عن هذه العقيدة ، والسائرون على ضدها فهم أصناف كثيرة ؛ فمنهم عبَّاد الأصنام والأوثان والملائكة والأولياء والجن والأشجار والأحجار وغيرها

فهؤلاء لم يستجيبوا لدعوة الرسل ، بل خالفوهم ، وعاندوهم ، كما فعلت قريش وأصناف العرب مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يسألون معبوداتهم قضاء الحاجات

وشفاء المرضى ، والنصر على الأعداء ، ويذبحون لهم ، وينذرون لهم ، فلما أنكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك

وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده : استغربوا ذلك وأنكروه ، وقالوا : ( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) ص/ 5 .

ثم تغيرت الأحوال ، وغلب الجهل على أكثر الخلق حتى عاد الأكثرون إلى دين الجاهلية ، بالغلو في الأنبياء ، والأولياء ، ودعائهم ، والاستغاثة بهم ، وغير ذلك من أنوع الشرك

ولم يعرفوا معنى لا إله إلا الله كما عرف معناها كفار العرب ، ولم يزل هذا الشرك يتفشى في الناس إلى عصرنا هذا بسبب غلبة الجهل ، وبُعد العهد بعصر النبوة .

13. ومن العقائد الكفرية المضادة للعقيدة الصحيحة ، والمخالفة لما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام : ما يعتقده الملاحدة في هذا العصر من أتباع " ماركس " ، و " لينين "

وغيرهما من دعاة الإلحاد والكفر ، سواء سموا ذلك " اشتراكية " ، أو " شيوعية " ، أو " بعثية " ، أو غير ذلك من الأسماء ، فإن من أصول هؤلاء الملاحدة : أنه لا إله

والحياة مادة ، ومن أصولهم : إنكار المعاد ، وإنكار الجنَّة والنَّار ، والكفر بالأديان كلها ، ومن نظر في كتبهم ودرس ما هم عليه : علَم ذلك يقيناً

ولا ريب أن هذه العقيدة مضادة لجميع الأديان السماوية ، ومفضية بأهلها إلى أسوأ العواقب في الدنيا والآخرة .

14. ومن العقائد المضادة للحق : ما يعتقده بعض الباطنية ، وبعض المتصوفة من أن بعض من يسمونهم بالأولياء يشاركون الله في التدبير ، ويتصرفون في شؤون العالم

ويسمونهم بالأقطاب ، والأوتاد ، والأغواث ، وغير ذلك من الأسماء التي اخترعوها لآلهتهم ، وهذا من أقبح الشرك في الربوبية ، وهو شرٌّ من شرك جاهلية العرب ؛ لأن كفار العرب لم يشركوا في الربوبية

وإنما أشركوا في العبادة ، وكان شركهم في حال الرخاء ، أما في حال الشدة : فيخلصون لله العبادة

كما قال سبحانه : ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) العنكبوت/ 65

أما الربوبية : فكانوا معترفين بها لله وحده

كما قال سبحانه : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) الزخرف/ 87

وقال تعالى : ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ) يونس/ 31 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .

15. ومن العقائد المضادة للعقيدة الصحيحة في باب الأسماء والصفات : عقائد أهل البدع ، من الجهمية ، والمعتزلة

ومن سلك سبيلهم في نفي صفات الله عز وجل ، وتعطيله سبحانه من صفات الكمال ، ووصفه عز وجل بصفة المعدومات ، والجمادات ، والمستحيلات ، تعالى الله عن قولهم علوّاً كبيراً .

ويدخل في ذلك : مَن نفى بعض الصفات وأثبت بعضها ، كالأشاعرة ، فإنه يلزمهم فيما أثبتوه من الصفات نظير ما فروا منه في الصفات التي نفوها وتأولوا أدلتها

فخالفوا بذلك الأدلة السمعية ، والعقلية ، وتناقضوا في ذلك تناقضاً بيِّناً .

باختصار من رسالة " العقيدة الصحيحة وما يضادها "

للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-16, 18:27   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نصوص من الوحي تفيد أن الإسلام دين رباني

السؤال

المرجو حصولي على نصوص قرآنية تفيد أن الإسلام ربّاني المصدر .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

لا فرق في الاستدلال والحجية بين القرآن الكريم وبين السنَّة النبويَّة

فكلاهما وحيٌ من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم

والسنة النبوية تفسر القرآن وتبينه

وقد أمر الله تعالى بالأخذ بما جاء به نبيه صلى الله عليه وسلم ، والانتهاء عما نهى عنه فقال : ‏( ‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏ )‏ ‏‏الحشر‏/‏7

والسنَّة هي " الحكمة " الواردة في كتاب الله تعالى في آيات كثيرة

منها قوله تعالى ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) البقرة/151

وقوله تعالى : ( وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة/231 .

والذي دعانا لهذا التنبيه ما جاء في السؤال من طلب نصوص قرآنية تفيد ربانية الإسلام ، ولو كان السؤال عن نصوص الوحي أو أدلة من القرآن والسنة لكان أولى وأفضل .

ثانياً :

الإسلام دين ربَّاني ، فهو وحيٌ من الله تعالى ، والقرآن الكريم والسنَّة المطهرة كلاهما من الله تعالى ، وقد جعل الله تعالى هذا الدين خاتماً للأديان ، وجعل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين .

وكل محاولة للقضاء على الإسلام ، أو لتحريفه أو تبديله من الكفار والملحدين فستبوء بالفشل والخسران ؛ لأن الله تعالى تكفَّل بحفظ دينه كتاباً وسنَّة .

ويكفي هذا دليلاً على ربانية الإسلام ، ومن اطلع على محاولات القضاء على الإسلام والنيل من القرآن وتحريف السنَّة ، واطلع على حفظ الله تعالى لدينه :

علم أن هذا الدين لو كان مصدره البشر وعقولهم وأفكارهم لكان الآن في المجهول ، لكن أبى الله تعالى إلا أن يتكفل بحفظ دينه ، بل بشرنا بظهوره على الأديان كلها ، وانتشاره في الآفاق .

وإليكِ بعض النصوص القرآنية التي تفيد أن الإسلام رباني المصدر :

1. قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) المائدة/3 .

2. قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحِجر/9 .

3. قال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران/81 .

4. قال تعالى : ( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) آل عمران/83 .

5. قال تعالى : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ) الأنعام/50 .

6. قال تعالى : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ . قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) يونس/15، 16 .

7. قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/44 ، وهذا دليل على أن السنة من مصادر التشريع الرباني .

8. قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحديد/25 .

9. قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ) النساء/174 .

10. قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يونس/57 .

11. قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ ) الشورى/52 ، 53 .

12- قال تعالى : ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم / 1-4

13- وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة/67

والآيات في بيان هذا الأصل كثيرة جدا ، ننصحك بأن تتدبري كتاب الله تعالى بنفسك ، أثناء قراءتك له ، وسوف تجدين في هذا ما تطلبين وأكثر إن شاء الله تعالى

مع استعانتك ببعض التفاسير الموثوقة ، كتفسير ابن كثير ، أو ابن سعدي ، ونحوهما .

وقد جاء في سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ربانية الإسلام ، وأن مصدره من الله عز وجل ، وأن النبي صلى الله عليه ليس إلا مبلغ عن ربه تعالى ما يوحيه له ، ومنها :

1. عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) رواه أبو داود (4604) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

2. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا أُعْطِيكُمْ وَلا أَمْنَعُكُمْ إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ ) .رواه البخاري ( 2949 ) .

3. عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ ؟ قَالَ : فَقَالَ : لا أَدْرِي ، فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ

: يَا جِبْرِيلُ أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ ؟ قَالَ : لا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ

فَانْطَلَقَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ سَأَلْتَنِي أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ فَقُلْتُ لا أَدْرِي ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ ؟ فَقَالَ : أَسْوَاقُهَا .

رواه أحمد ( 16302 ) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 325 ) .

4. عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ، ثُمَّ قَرَأَ ( إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ . لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ) ) .
رواه البخاري ( 2786 ) ومسلم ( 21 ) .

5- وفي حديث أبي سفيان الطويل مع هرقل ، وهو حديث جليل ، عظيم الفوائد ، وفيه أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ

وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟!

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا ؟

فَقَالَ : أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ !! )

وكان من جملة هذه الأسئلة الحكيمة التي طرحها هرقل على أبي سفيان أن قال :

( فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟! )

فقال أبو سفيان : ( قُلْتُ : لا !!)

وفي نهاية أسئلته ، بين هرقل لأبي سفيان مراده بكل سؤال سأله ، فقال في هذا السؤال :

( وَسَأَلْتُكَ : هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ : لا ؛ فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ .. )

رواه البخاري (7) ومسلم (1773) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-16, 18:33   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

العقيدة الإسلامية منهج عملي جاد

والكتب المهمة في العقيدة


السؤال


هل العقيدة الإسلامية منهج نظري أم منهج عملي جاد ؟

ما هي الكتب التي يرجع إليها لتعلم العقيدة ؟

كيف يمكن تطبيق العقيدة في ظل هذا الواقع ؟ ما هي طرق تعلم العقيدة ؟

هل عمل شيء من الإسلام وعدم عمل شيء آخر ( يصلي ولا يزكي أو لا يغض البصر وما ينتج عنه ) يعتبر هذا خللا في العقيدة ؟ هل المسلمون اليوم بحاجة إلى من يعلمهم العقيدة ؟

الرجاء بث بعض التعليمات لمن أراد أن يتعلم العقيدة الصحيحة على منهج الصحابة رضوان الله عليهم.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

العقيدة الإسلامية ليست منهجا نظريا فلسفيا ، بل هي منهج عملي جاد ، فالعمل ركن ركين في هذه العقيدة ، ولهذا اتفق أهل السنة على أن الإيمان قول وعمل ، أو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان .

فمن آمن بالله تعالى ربا وإلها ، عبده وأطاعه بالصلاة والزكاة ونحوها .

ومن آمن باليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء ، دعاه ذلك إلى فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه .

ومن آمن بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاده ذلك إلى طاعته وتطبيق سنته ، ونشر ملته .

وهكذا تترجم المبادئ التي يعتقدها الإنسان إلى أعمال وأقوال ، وسعي ، واجتهاد . وكلما زاد الإيمان في القلب زادت آثاره على الجوارح .

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) رواه البخاري (52) ومسلم (1599).

وقال الحسن البصري رحمه الله : " ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

( فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان علما وعملا قلبيا لزم ضرورةً صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق ، كما قال أئمة أهل الحديث : قول وعمل ، قول باطن وظاهر

وعمل باطن وظاهر ، والظاهر تابع للباطن لازم له ، متى صلح الباطن صلح الظاهر ، وإذا فسد فسد ، ولهذا قال من قال من الصحابة عن المصلى العابث : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ).

اهـ مجموع الفتاوى (7/187)

ثانياً :

وأما الكتب التي يرجع إليها في العقيدة فكثيرة ، وأعظمها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ففيهما العصمة والنجاة لمن تمسك بهما . وقد اهتم العلماء ببيان العقيدة الصحيحة ونشرها

وألفوا لذلك ما لا يحصى من الكتب ، ومن أشهر هذه المؤلفات

: السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل

والتوحيد لابن خزيمة

وشرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي

وعقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني

والعقيدة الواسطية لابن تيمية

والعقيدة الطحاوية وشرحها لابن أبي العز الحنفي

ولوامع الأنوار البهية للسفاريني

ومعارج القبول لحافظ حكمي

والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان ، وهذا الأخير كتاب سهل مبسط نافع .

ثالثاً :

وأما تطبيق العقيدة في هذا الواقع ، فيكون بتعلمها ، ونشرها ، والدعوة إليها ، والرد على مخالفيها بالحكمة والموعظة الحسنة ، فبهذا تنتشر العقيدة ، وتظهر آثارها ، وينعم الناس في ظلالها.

رابعاً :

وأما طرق تعلم العقيدة ، فبالتلقي المباشر عن أهلها العالمين بها ، العاملين بمقتضاها ، وهذا هو الطريق الأسلم والأنفع

لمن تيسر له ذلك . وأما من كان بعيدا عن أهل العلم فعليه الرجوع إلى شروحهم ومؤلفاتهم وأشرطتهم ، مع السؤال عما أشكل وغمض فهمه عليه .

خامساً :

إذا عمل الإنسان بعض شرائع الإسلام وترك البعض الآخر ، بأن ترك بعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات ، كان ذلك نقصا في إيمانه ، وضعفا في يقينه ومحبته لربه ودينه ، وهذا خلل في العقيدة ولا شك .

ولذلك كان من أصول أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وقد يكون هذا النقص والخلل مزيلاً للإيمان بالكلية ، فيصير صاحبه مرتداً عن الإسلام ، كما لو ترك الصلاة

وأما المعاصي التي لا تصل إلى حد الكفر ، كمنع الزكاة الواجبة ، أو إطلاق البصر المحرم ونحو ذلك فهذه ينقص بها الإيمان .

سادساً :

المسلمون بحاجة إلى من يوضح لهم العقيدة الصحيحة الصافية ، المبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، وذلك لوجود الجهل ، وانتشار البدع والخرافات ، والمذاهب الفكرية المنحرفة .

فالواجب على كل مسلم أن ينصح لنفسه أولا بتعلم العقيدة الصحيحة ، وتلقيها من مصادرها المأمونة ، ثم نشرها وتعليمها للناس

عن طريق الدروس والمحاضرات ، والكتب والنشرات والمجلات ، قياما بواجب البلاغ والبيان ، كما قال سبحانه : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) آل عمران/187

وقال : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/104

وقال : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف/108

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-19, 07:44   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




جهاد المنافقين


السؤال

لا تزال رؤوس المنافقين تطل بين الحين والحين ، كلما سنحت لهم الفرصة ، من أجل الطعن في شيء من ثوابت الأمة ، أو التشكيك في مسلماتها ، وسلخ المجتمع من هويته الإسلامية

فما واجبنا نحو هؤلاء ، وكيف نصون الأمة عن شرهم ؟.


الجواب

الحمد لله

لا ريب أن هذه البلية لا تزال الأمة تعاني منها في كل حين وحين ، ولا سيما حينما تحل المحن والنكبات بالأمة ، ويأمن هؤلاء المنافقون من أخذهم بالعقوبة إن هم طعنوا في أصول هذا الدين ، وأطلعوا رؤوس فتنتهم .

ولا شك أن ضرر هؤلاء أعظم من ضرر الكفار المعلنين بكفرهم ، كما قال الله تعالى في أمثالهم : ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المنافقون/4 .

ولأجل ذلك جاء الشرع بجهادهم ، والحث على الغلظة عليهم .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شأن النصيرية ، وفيهم من يظهر الكفر والإلحاد وفيهم من يظهر محبة آل البيت نفاقاً :

( لا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات ، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلا هؤلاء من جنس جهاد المرتدين

والصديق وسائر الصحابة بدؤوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين

وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه ، وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين ؛ وحفظ رأس المال مقدم على الربح .

وأيضا فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك ، بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب

وضررهم في الدين على كثير من الناس أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب ، ويجب على كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب

فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم ، بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ، ولا يحل لأحد أن يعاونهم على بقائهم في الجند والمستخدمين

ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله به ورسوله ، ولا يحل لأحد أن ينهى عن القيام بما أمر الله به ورسوله

فإن هذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى ، وقد قال الله تعالى لنبيه

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) التوبة/73 ، وهؤلاء لا يخرجون عن الكفار والمنافقين . والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى

فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم ، كما قال الله تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) آل عمران/110 .

قال أبو هريرة : كنتم خير الناس للناس ، تأتون بهم في القيود والسلاسل حتى تدخلوهم الإسلام [ البخاري 4557 بنحوه ] .

فالمقصود بالجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هداية العباد لمصالح المعاش والمعاد ، بحسب الإمكان فمن هداه الله سعد في الدنيا والآخرة ، ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره ) .

[ مجموع الفتاوى 35/159-160] .

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :

( الواجب على الأمة الإسلامية أن تقابل كل سلاح يصوب نحو الإسلام بما يناسبه ، فالذين يحاربون الإسلام بالأفكار والأقوال يجب أن يبين بطلان ما هم عليه بالأدلة النظرية العقلية

إضافة إلى الأدلة الشرعية ، حتى يتبين بطلان ما هم عليه .

والذين يحاربون الإسلام من الناحية الاقتصادية يجب أن يدافعوا ، بل أن يُهاجموا إذا أمكن بمثل ما يحاربون به الإسلام ، ويبين أن أفضل طريقة لتقويم الاقتصاد على وجه عادل هي طريقة الإسلام

والذين يحاربون الإسلام بالأسلحة ، يجب أن يقاوموا بما يناسب تلك الأسلحة ، ولهذا قال الله تعالى :

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) التوبة/73 .

ومن المعلوم أن جهاد المنافقين ليس كجهاد الكفار ، لأن جهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان ، وجهاد الكفار يكون بالسيف والسهام ) .

[ فتاوى علماء البلد الحرام ص 1733 ].









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-19, 07:50   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مراتب الدين الإسلامي

السؤال


هل للدين الإسلامي مراتب ، وما هي مراتبه ؟.


الجواب

الحمد لله

وبعد : فإن للدين الإسلامي ثلاث مراتب وهي : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان . وكل مرتبة لها معنى ، ولها أركان .

فالمرتبة الأولى : الإسلام وهو لغة : الانقياد والإذعان .

وأما في الشرع : فيختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :

الحالة الأولى : أن يطلق مفرداً غير مقترن بذكر الإيمان فهو حينئذ يراد به الدين كله أصوله وفروعه من اعتقاداته وأقواله وأفعاله ، كقوله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) آل عمران/19

وقوله تعالى : ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة/3 ، وقوله : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) آل عمران/85 .
ولذا عرفه بعض أهل العلم بقوله : هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله .

الحالة الثانية : أن يطلق مقترنا بالإيمان فهو حينئذ يراد به الأعمال والأقوال الظاهرة كقوله تعالى : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) الحجرات/14

وفي صحيح البخاري ( 27 ) ومسلم ( 150 ) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ سَعْدٌ :

فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ :

فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟

فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ "

فقوله صلى الله عليه وسلم : "أو مسلما " ؛ لما قال له سعد رضي الله عنه مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا : يعني أنك لم تطلع على إيمانه وإنما اطلعت على إسلامه من الأعمال الظاهرة .

والمرتبة الثانية : الإيمان وهو في اللغة : التصديق المستلزم للقبول والإذعان .

وفي الشرع : يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان أيضا :

الحالة الأولى : أن يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام فحينئذ يراد به الدين كله كقوله عز وجل : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) البقرة /257

وقوله تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) المائدة/23

وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون " أخرجه مسلم ( 114 ) . ولهذا أجمع السلف على أنه : " تصديق بالقلب ـ ويدخل فيه أعمال القلب

وقول باللسان ، وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية "

ولهذا حصر الله الإيمان فيمن التزم الدين كله باطنا وظاهرا

في قوله عز وجل : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) الأنفال/2-4

وقد فسر الله تعالى الإيمان بذلك كله

في قوله تعالى : ( ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) البقرة/177

وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كله في حديث وفد عبد القيس في صحيح البخاري ( 53 ) ومسلم ( 17 ) فقال : " آمركم بالإيمان بالله وحده قال : أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟

قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصيام رمضان ، وأن تؤدوا من المغنم الخمس " .

وقد جعل صلى الله عليه وسلم صيام رمضان إيمانا واحتسابا من الإيمان وكذا قيام ليلة القدر وكذا أداء الأمانة وكذا الجهاد والحج واتباع الجنائز وغير ذلك وفي صحيح البخاري ( 9) ومسلم ( 35 ) :

" الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " والآيات والأحاديث في هذا الباب يطول ذكرها .

والحالة الثانية : أن يطلق الإيمان مقرونا بالإسلام وحينئذ يفسر بالاعتقادات الباطنة كما في حديث جبريل وما في معناه وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الجنازة :

"اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان " أخرجه الترمذي ( 1024 ) وقال : حسن صحيح

وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي ( 1 / 299 ) وذلك أن الأعمال بالجوارح وإنما يتمكن منها في الحياة فأما عند الموت فلا يبقى غير قول القلب وعمله .

والحاصل أنه إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ بل كل منهما على انفراده يشمل الدين كله وإن فرق بين الاسمين كان الفرق بينهما بما ذكر ( وهو أي الإسلام يختص بالأمور الظاهرة على الجوارح والإيمان

بالأمور القلبية الباطنة ) وهو الذي دل عليه حديث جبريل الذي رواه مسلم في صحيحه ( 8 )

عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ

وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الإِسْلامِ ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
\
" الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَان ،َ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا . قَالَ : صَدَقْتَ . قَالَ : فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ .

قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِيمَانِ . قَالَ : " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " قَالَ : صَدَقْتَ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِحْسَانِ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ ؟ قَالَ : "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ" قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا ؟

قَالَ : " أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ " قَالَ : ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ، ثُمَّ قَالَ لِي:" يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ " ؟

قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"

والمرتبة الثالثة : الإحسان وهو في اللغة : إجادة العمل وإتقانه وإخلاصه .

وفي الشرع يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :

الحالة الأولى : أن يطلق على سبيل الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام والإيمان ، فيراد به الدين كله كما سبق في الإسلام والإيمان .

الحالة الثانية : أن يقترن بهما أو أحدهما فيكون معناه : تحسين الظاهر والباطن وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً لا يستطيعه أحد من المخلوقين غيره صلى الله عليه وسلم لما أعطاه الله من جوامع الكلم

فقال صلى الله عليه وسلم : " الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وهي أعلى مراتب الدين وأعظمها خطرا وأهلها هم السابقون بالخيرات المقربون في أعلى الدرجات .

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن مرتبة الإحسان على درجتين وأن للمحسنين في الإحسان مقامين متفاوتين :

المقام الأول وهو أعلاهما : أن تعبد الله كأنك تراه وهذا يسميه بعض العلماء (مقام المشاهدة ) وهو أن يعمل العبد كأنه يشاهد الله عز وجل بقلبه فيتنور القلب بالإيمان حتى يصير الغيب كالعيان فمن عبد الله عز وجل

على استحضار قربه منه وإقباله عليه وأنه بين يديه كأنه يراه أوجب له ذلك الخشية والخوف والهيبة والتعظيم .

المقام الثاني : مقام الإخلاص [والمراقبة ] وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى

لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله ، وإرادته بالعمل . وهذا المقام إذا حققه العبد سهل عليه الوصول إلى المقام الأول .

ولهذا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم تعليلا للأول فقال : " فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وفي بعض ألفاظ الحديث : " فإنك إلا تكن تراه فإنه يراك"

فإذا تحقق في عبادته بأن الله تعالى يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره ولا يخفى عليه شيء من أمره فحينئذ يسهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني

وهو دوام استشعار قرب الله تعالى من عبده ومعيته حتى كأنه يراه . نسأل الله من فضله العظيم .

يراجع معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي ( 2 / 20 – 33 ، 326 – 328 )

( المجموع الثمين 1 / 49 ، 53 ) ( جامع العلوم والحكم 1/ 106 ).









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
العقيدة الإسلامية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:38

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc