التوحيد .. سؤال وجواب - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التوحيد .. سؤال وجواب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-02-21, 03:00   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

ما حكم وصف القرآن بأنه كلام الله القديم؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

القرآن الكريم كلام الله تعالى : ألفاظه وحروفه ومعانيه ؛ منه بدأ ، وإليه يعود ، تكلم الله تعالى به ، وسمعه منه جبريل عليه السلام ، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم . قال سبحانه : ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الواقعة/77- 80 ، وقال : ( الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) السجدة/ 1، 2 ، وقال : ( تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) الزمر/ 1.

وهو من جملة كلامه ، الذي هو صفة من صفاته ، فمن قال : مخلوق ، فهو كافر ، هذا ما يعتقده أهل السنة والجماعة ، خلافا لما عليه أهل الزيغ والانحراف .

قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " وأن القرآن كلام الله ، منه بدأ بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق ككلام البرية. فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمّه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) فلما أوعد الله بسقر لمن قال : (إن هذا إلا قول البشر) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر " انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله : " ومن كلام الله سبحانه : القرآن العظيم ، وهو كتاب الله المبين ، وحبله المتين ، وصراطه المستقيم ، وتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين ، على قلب سيد المرسلين ، بلسان عربي مبين ، منزّل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو سور محكمات ، وآيات بينات ، وحروف وكلمات ، من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ، له أول وآخر ، وأجزاء وأبعاض ، متلو بالألسنة ، محفوظ في الصدور ، مسموع بالآذان ، مكتوب في المصاحف ، فيه محكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، وأمر ونهي { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت/ 42، وقوله تعالى : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } الإسراء/ 88 .










 


رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:00   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا : { لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ } سبأ /31 ، وقال بعضهم : { إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } المدثر/ 25، فقال الله سبحانه : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } المدثر/ 26 ... ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر ، وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف " انتهى

"لمعة الاعتقاد" ص (28-22) .

ومعنى قول أهل السنة : " منه بدأ " : أن الله تعالى تكلم به ، فظهوره وابتداؤه من الله تعالى .
ومعنى قولهم : " وإليه يعود " : أنه يرفع من الصدور والمصاحف في آخر الزمان ، فلا يبقى في الصدور منه آية ولا في المصاحف كما جاء ذلك في عدة آثار .

وللحافظ ضياء الدين المقدسي ( ت: 643هـ ) رحمه الله رسالة حول هذه المسألة ، بعنوان : " اختصاص القرآن بالعود إلى الرحمن " .

ولأهل البدع مقالات أخرى كثيرة مخالفة لما دل عليه صريح المعقول ، وصحيح المنقول في هذا الباب ، يمكن مراجعتها ومعرفة ردود أهل العلم عليها في كتب أهل السنة المصنفة في هذا الباب ، ومنها مصنفات خاصة بالرد على أهل البدع في صفة الكلام ، مثل : البرهان في مسألة القرآن ، وحكاية المناظرة في القرآن ، كلاهما لموفق الدين ابن قدامة ، صاحب المغني ، رحمه الله ، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتب ورسائل عديدة فيما يتعلق بصفة الكلام من مسائل ، فيمكن مراجعة المجلد الثاني عشر من مجموع فتاواه ، ومن كتبه المهمة في ذلك كتاب التسعينية ، رد على الأشاعرة بدعهم في صفة الكلام من نحو من تسعين وجها .

وأما المصنفات المعاصرة ، فقد أفرد هذه المسألة بالتأليف الشيخ عبد الله الجديع في كتابه : العقيدة السلفية في كلام رب البرية ، وهو كتاب نافع مفيد في بابه .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:02   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

ما حكم وصف القرآن بأنه كلام الله القديم؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

القرآن الكريم كلام الله تعالى : ألفاظه وحروفه ومعانيه ؛ منه بدأ ، وإليه يعود ، تكلم الله تعالى به ، وسمعه منه جبريل عليه السلام ، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم . قال سبحانه : ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الواقعة/77- 80 ، وقال : ( الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) السجدة/ 1، 2 ، وقال : ( تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) الزمر/ 1.

وهو من جملة كلامه ، الذي هو صفة من صفاته ، فمن قال : مخلوق ، فهو كافر ، هذا ما يعتقده أهل السنة والجماعة ، خلافا لما عليه أهل الزيغ والانحراف .

قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " وأن القرآن كلام الله ، منه بدأ بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس بمخلوق ككلام البرية. فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمّه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) فلما أوعد الله بسقر لمن قال : (إن هذا إلا قول البشر) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر " انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله : " ومن كلام الله سبحانه : القرآن العظيم ، وهو كتاب الله المبين ، وحبله المتين ، وصراطه المستقيم ، وتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين ، على قلب سيد المرسلين ، بلسان عربي مبين ، منزّل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو سور محكمات ، وآيات بينات ، وحروف وكلمات ، من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ، له أول وآخر ، وأجزاء وأبعاض ، متلو بالألسنة ، محفوظ في الصدور ، مسموع بالآذان ، مكتوب في المصاحف ، فيه محكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، وأمر ونهي { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت/ 42، وقوله تعالى : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } الإسراء/ 88 .

وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا : { لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ } سبأ /31 ، وقال بعضهم : { إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } المدثر/ 25، فقال الله سبحانه : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } المدثر/ 26 ... ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر ، وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف " انتهى

"لمعة الاعتقاد" ص (28-22) .

ومعنى قول أهل السنة : " منه بدأ " : أن الله تعالى تكلم به ، فظهوره وابتداؤه من الله تعالى .
ومعنى قولهم : " وإليه يعود " : أنه يرفع من الصدور والمصاحف في آخر الزمان ، فلا يبقى في الصدور منه آية ولا في المصاحف كما جاء ذلك في عدة آثار .

وللحافظ ضياء الدين المقدسي ( ت: 643هـ ) رحمه الله رسالة حول هذه المسألة ، بعنوان : " اختصاص القرآن بالعود إلى الرحمن " .

ولأهل البدع مقالات أخرى كثيرة مخالفة لما دل عليه صريح المعقول ، وصحيح المنقول في هذا الباب ، يمكن مراجعتها ومعرفة ردود أهل العلم عليها في كتب أهل السنة المصنفة في هذا الباب ، ومنها مصنفات خاصة بالرد على أهل البدع في صفة الكلام ، مثل : البرهان في مسألة القرآن ، وحكاية المناظرة في القرآن ، كلاهما لموفق الدين ابن قدامة ، صاحب المغني ، رحمه الله ، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتب ورسائل عديدة فيما يتعلق بصفة الكلام من مسائل ، فيمكن مراجعة المجلد الثاني عشر من مجموع فتاواه ، ومن كتبه المهمة في ذلك كتاب التسعينية ، رد على الأشاعرة بدعهم في صفة الكلام من نحو من تسعين وجها .

وأما المصنفات المعاصرة ، فقد أفرد هذه المسألة بالتأليف الشيخ عبد الله الجديع في كتابه : العقيدة السلفية في كلام رب البرية ، وهو كتاب نافع مفيد في بابه .











رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:02   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثانيا :

وصف القرآن بالقدم ، أو وصف كلام الله تعالى بأنه قديم ، يراد به معنيان :

الأول :

أنه غير مخلوق ، كما تقدم ؛ وأن جنس الكلام ، في حق الله تعالى ، قديم ، لم يزل متكلما ، متى شاء ، وكيف شاء ، ويكلم من عباده من شاء . وهذا حق ، وهذا هو مأخذ من أطلق " القِدَم " في حق القرآن ، أو في حق كلام الله تعالى عامة ، من أهل السنة .

ومن هؤلاء : أبو القاسم اللالكائي في كتابه " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة "

قال (2/224) : " سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مما يدل على أن القرآن من صفات الله القديمة " .

ثم قال (2/227) : " ما روي من إجماع الصحابة على أن القرآن غير مخلوق " .

وممن أطلق ذلك أيضا : ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في لمعة الاعتقاد . قال (15) :

" ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم يسمعه منه من شاء من خلقه ، سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة ، وسمعه جبريل عليه السلام ، ومن أذن له من ملائكته ورسله ، وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه ، ويأذن لهم فيزورونه ، قال الله تعالى : { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } [ النساء : 164 ] ، وقال سبحانه : { يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي } [ الأعراف : 144 ] ، وقال سبحانه : { مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ } [ البقرة : 253 ] ، وقال سبحانه : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } [ الشورى : 51 ] ، وقال سبحانه : { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى }{ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى } [ طه : 11 - 12 ] ، وقال سبحانه : { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي } [ طه : 14 ] ، وغير جائز أن يقول هذا أحد غير الله ... " انتهى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" السلف قالوا : القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وقالوا لم يزل متكلما إذا شاء . فبينوا أن كلام الله قديم ، أي : جنسه قديم لم يزل .

ولم يقل أحد منهم : إن نفس الكلام المعين قديم ، ولا قال أحد منهم القرآن قديم .

بل قالوا : إنه كلام الله منزل غير مخلوق .

وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن بمشيئته ، كان القرآن كلامه ، وكان منزلا منه غير مخلوق ، ولم يكن مع ذلك أزليا قديما بقدم الله ، وإن كان الله لم يزل متكلما إذا شاء ؛ فجنس كلامه قديم .

فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض "

انتهى مجموع الفتاوى (12/54) .

وقال ـ رحمه الله ـ أيضا :

" وكلام الله : تكلم الله به بنفسه ، تكلم به باختياره وقدرته ، ليس مخلوقا بائنا عنه . بل هو قائم بذاته ، مع أنه تكلم به بقدرته ومشيئته ، ليس قائما بدون قدرته ومشيئته .

والسلف قالوا : لم يزل الله تعالى متكلما إذا شاء ؛ فإذا قيل : كلام الله قديم ; بمعنى أنه لم يصر متكلما بعد أن لم يكن متكلما ، ولا كلامه مخلوق ، ولا معنى واحد قديم قائم بذاته ; بل لم يزل متكلما إذا شاء فهذا كلام صحيح .

ولم يقل أحد من السلف : إن نفس الكلام المعين قديم. وكانوا يقولون : القرآن كلام الله ، منزل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود .

ولم يقل أحد منهم : إن القرآن قديم ، ولا قالوا : إن كلامه معنى واحد قائم بذاته ، ولا قالوا : إن حروف القرآن أو حروفه وأصواته قديمة أزلية قائمة بذات الله ، وإن كان جنس الحروف لم يزل الله متكلما بها إذا شاء ; بل قالوا : إن حروف القرآن غير مخلوقة وأنكروا على من قال : إن الله خلق الحروف "

انتهى من الفتاوى (12/566-567) .

والمعنى الثاني : أن القرآن معنى ، أو معنى وحروف ، تكلم الله بها في الأزل ، ثم لم يتكلم بعدها ، وهذا من بدع الأشاعرة ومن وافقهم من أهل الكلام ، التي أرادوا بها الخروج من بدعة المعتزلة والجهمية القائلين بخلق القرآن .

فمن قال في القرآن ، أو غيره من صفات الله تعالى وأفعاله الاختيارية : إنه قديم ، وأراد ذلك فمراده باطل ، ثم إن اللفظ الذي أطلقه مجمل غير مأثور .

ولأجل هذا الاحتمال الباطل الذي يحتمله إطلاق هذا اللفظ ، ولأجل أنه غير مأثور ، كان الراجح هنا ألا يطلق لفظ القدم على القرآن ، بل يقال فيه ما قال السلف : القرآن كلام الله ، غير مخلوق .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وأتباع السلف يقولون : إن كلام الله قديم ، أي : لم يزل متكلما إذا شاء ، لا يقولون : إن نفس الكلمة المعينة قديمة كندائه لموسى ونحو ذلك .

لكن هؤلاء [ يعني : الأشاعرة ومن وافقهم ] اعتقدوا أن القرآن وسائر كلام الله قديم العين ، وأن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته . ثم اختلفوا :

فمنهم من قال :

القديم هو معنى واحد ، هو جميع معاني التوراة والإنجيل والقرآن ؛ وأن التوراة إذا عبر عنها بالعربية صارت قرآنا ، والقرآن إذا عبر عنه بالعبرية صار توراة : قالوا : والقرآن العربي لم يتكلم الله به ، بل إما أن يكون خلقه في بعض الأجسام ، وإما أن يكون أحدثه جبريل أو محمد ؛ فيكون كلاما لذلك الرسول ، ترجم به عن المعنى الواحد القائم بذات الرب ، الذي هو جميع معاني الكلام .

ومنهم من قال :

بل القرآن القديم هو حروف ، أو حروف وأصوات ، وهي قديمة أزلية قائمة بذات الرب أزلا وأبدا ...؛ إذا كلم موسى أو الملائكة أو العباد يوم القيامة فإنه لا يكلمه بكلام يتكلم به بمشيئته وقدرته حين يكلمه ، ولكن يخلق له إدراكا يدرك ذلك الكلام القديم اللازم لذات الله أزلا وأبدا .

وعندهم لم يزل ولا يزال يقول : { يا آدم اسكن أنت وزوجك } و : { يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك } و { يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي } ونحو ذلك وقد بسط الكلام على هذه الأقوال وغيرها في مواضع .

والمقصود أن هذين القولين لا يقدر أحد أن ينقل واحدا منهما عن أحد من السلف ؛ أعني الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين المشهورين بالعلم والدين ، الذين لهم في الأمة لسان صدق ، في زمن أحمد بن حنبل ولا زمن الشافعي ولا زمن أبي حنيفة ولا قبلهم . وأول من أحدث هذا الأصل هو أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ... "

الفتاوى (17/85)

وعليه فمن قال : القرآن قديم ، أو كلام الله قديم ، وأراد المعنى الأول : أن القرآن ، وسائر كلام الله تعالى ، منزل من عنده غير مخلوق ، ومع ذلك فهو متعلق بمشيئته واختياره، فمراده صحيح ، وإن كان الأولى والأسلم في ذلك أن يقتصر على الألفاظ الواردة عن السلف ، السالمة من الإجمال واحتمال المعاني الباطلة .

وإن أراد المعنى الثاني ونفى أن يتعلق كلام الله تعالى بمشيئته واختياره ، فمراده باطل ، واللفظ الذي أطلقه ـ أيضا ـ مبتدع .

وانظر أيضا : منهاج السنة النبوية ، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (5/419-421) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:04   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

لماذا لم يسم الله نفسه بالمتكلم ، مع أنه يتكلم ؟


الجواب :

الحمد لله

يمكننا – للتوضيح – أن نعبر عن السؤال بصيغة أخرى فنقول :

هل يجوز أن يُشتَقَّ من صفاتِ الله تعالى وأفعالِه التي أثبتها الله لنفسه أسماءً له عز وجل يتسمى بها ، ليدعوه بها عبادُه ، ويحصوها مع أسمائه حتى ينالوا الأجر المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه البخاري (2736) ومسلم (2677) ، أم أنَّ هناك ضابطًا في اشتقاق الأسماء الحسنى من الصفات والأفعال ؟

لا بد أولا من إرجاع الحكمة إلى الله تعالى ، فهو سبحانه صاحب الكمال المطلق ، يتسمى ويتصف بما هو أهل له ، والعباد إنما يتلمَّسون شيئا مما بينه لهم في كتابه من كماله وجلاله وعظمته ، فإليه يرجع الأمر كله ، وله الحكمة البالغة سبحانه وتعالى .

إلا أننا نحاول الوقوف على فقه أسمائه وصفاته من خلال ما ورد في الكتاب والسنة ، نتأمل في ذلك لعلنا نصل إلى ضابط في تحديد الأسماء الحسنى .

وقد اختلف العلماء فيما سأل عنه الأخ الكريم ، مما أدى إلى اختلافهم في تعداد أسماء الله الحسنى ووضع الضابط لها ، فقد جعل بعضهم الأمر تعبديا محضا ليس فيه شيء من معاني القياس أو الاجتهاد كما فعل ابن حزم ، وتوسع بعضهم فأجاز تسمية الله بالمتكلم والمريد وبكل اسم جاء وصف الله تعالى بمعناه في الكتاب أو السنة ، وهذا مذهب ابن العربي المالكي وغيره .

وتوسط بعض أهل العلم ، فتأملوا في موارد الأسماء الحسنى ، فوجدوا أن الصفة إذا كانت صفة مدح مطلق ولا تحتمل الذم بوجه من الوجوه : كالسمع والبصر ، فحينئذ يأتي في النصوص اشتقاق الاسم منها فيسمي الله نفسه بـ " السميع " و " البصير " .

أما إذا كانت الصفة تحتمل النقص والذم بإحدى الوجوه : كالكلام مثلا ، فإن الكلام قد يكون كذبا وظلما وسُوءًا ، فيكون نقصا يفضل السكوت عليه ، فحينئذ لا نجد اشتقاقا للاسم من هذه الصفة ، ولا نجد من أسماء الله : المتكلم .

وهذا هو تقرير العلامة ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وقول أكثر علمائنا المعاصرين .

يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في "شرح العقيدة الأصفهانية" (1/19-20) :

" وأما تسميته سبحانه بأنه مريد وأنه متكلم :

فإن هذين الاسمين لم يردا في القرآن ، ولا في الأسماء الحسنى المعروفة ، ومعناهما حق ، ولكن الأسماء الحسنى المعروفة هي : التي يدعى الله بها ، وهي التي جاءت في الكتاب والسنة ، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها .

والعلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك هي في نفسها صفات مدح ، والأسماء الدالة عليها أسماء مدح .
وأما الكلام والإرادة : فلما كان جنسه ينقسم إلى محمود : كالصدق والعدل ، وإلى مذموم : كالظلم والكذب ، والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم...فلهذا لم يجئ في أسمائه الحسنى المأثورة : المتكلم والمريد " انتهى .

ويقول أيضا رحمه الله في "بيان تلبيس الجهمية" (2/10-11) :

" وذلك أن الله سبحانه له الأسماء الحسنى ، كما سمى نفسه بذلك ، وأنزل كتبه ، وعلَّمه من شاء من خلقه ، كاسمه : الحق ، والعليم ، والرحيم ، والحكيم ، والأول ، والآخر ، والعلي ، والعظيم ، والكبير ، ونحو ذلك .

وهذه الأسماء كلها أسماء مدح وحمد ، تدل على ما يحمد به ، ولا يكون معناها مذموما ...
والله له الأسماء الحسنى ، ليس له مثل السوء قط ، فكذلك أيضا الأسماء التي فيها عموم وإطلاق لما يحمد ويذم ، لا توجد في أسماء الله الحسنى ؛ لأنها لا تدل على ما يحمد الرب به ويمدح " انتهى .

ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى كما في "مختصر الصواعق" (2/34)

" لم يأت في أسمائه الحسنى المريد والمتكلم ولا الفاعل ولا الصانع لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم ، وإنما يوصف بالأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم والعزيز والفعال لما يريد " انتهى .

ويقول أيضا رحمه الله في "مدارج السالكين" (3/415-416) :

" وما كان مسماه منقسما – يعني إلى كامل وناقص - لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى : كالشيء والمعلوم ، ولذلك لم يسم بـ " المريد " ، ولا بـ " المتكلم " ، وإن كان له الإرادة والكلام ؛ لانقسام مسمى " المريد " و " المتكلم " ، وهذا من دقيق فقه الأسماء الحسنى ، فتأمله وبالله التوفيق " انتهى .

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى "شرح الواسطية" (1/86) :

" ولهذا لم يسم الله نفسه بالمتكلم ، مع أنه يتكلم ؛ لأن الكلام قد يكون خيراً ، وقد يكون شراً ، وقد لا يكون خيراً ولا شراً ، فالشر لا ينسب إلى الله ، واللغو كذلك لا ينسب إلى الله ، لأنه سفه ، والخير ينسب إليه ، ولهذا لم يسم نفسه بالمتكلم ، لأن الأسماء كما وصفها الله عز وجل : ( ولله الأسماء الحسنى ) الأعراف/180 ، ليس فيها أي شيء من النقص ، ولهذا جاءت باسم التفضيل المطلق " انتهى .

وللتوسع انظر كتاب "معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى" للدكتور محمد بن خليفة التميمي (50-59)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:05   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

لماذا نقول عند الإشارة إلى الله فى القرآن والحديث " هو " ؟ فكيف لنا أن نعلم بأن الله يشار إليه بلفظ " هو " ؟ فقد أتت إليَّ إحدى الفتيات غير مسلمات وسألتني لماذا لا نقول " هي " عند الإشارة لله ؟ ولماذا نقول " هو " ؟ .

الجواب :

الحمد لله

لسنا ندري إلى من نوجه خطابنا أولا ـ أيتها السائلة ـ ؛ أنكلمك أنت ، وأنت التي وجهتِ السؤال إلينا ، أم نتوجه إلى تلك التي ظل الشيطان يتلاعب بها ، ويجرئُها على الله تعالى ، وهو يمهلها سبحانه ؛ فلم تكتف بالكفر به ، حتى راحت تلقي سخافات عقلها التي يأباها العاقل ، ولو كان كافرا مثلها ، وأنت ـ وتلك مصيبتك ـ تسمعين إليها ، وتظنين أنها قالت شيئا يستحق السؤال ، والقلق في الجواب ؟

على أية حال ، إنما يعنينا أنت الآن ، فلا هي سألتنا ، ولا هي من أهل ملتنا حتى نخاطبها بما عندنا ، وإن كنا نجيبك ـ إن شاء الله ـ بما يصلح في جوابها ـ أيضا ـ لو كانت من عقلاء قومها ؟

فاعلمي ـ أيتها السائلة الكريمة ـ أن سبب سؤال هذه السائلة إنما هو جهلها باللغة العربية التي نتحدث بها ، بل جهلها بشأن غيرها من اللغات .

قال العلامة اللغوي أبو الفتح ابن جني :

" باب فيما يؤمنه علم العربية من الاعتقادات الدينية .

اعلم أن هذا الباب من أشرف أبواب هذا الكتاب، وأن الانتفاع به ليس إلى غاية، ولا وراءه من نهاية ؛ وذلك أن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها ، وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه واستخف حلمه : ضعفُه في هذه اللغة الكريمة الشريفة، التي خوطب الكافة بها، وعرضت عليها الجنة والنار من حواشيها وأحنائها .. " انتهى .

الخصائص (3/248) .

فاعلمي ـ أيتها السائلة ـ أن من ضرورات الخطاب والتفاهم أن يُعبر عن كل أحد بما يخصه ويميز جنسه ، وهذه ظاهرة قديمة في اللغات البشرية . " غير أن هناك أشياء لا صلة لها بالجنس الحقيقي ، مثل الجمادات ، كالحجر والجبل ، والمعاني ، كالعدل والكرم ، وغير ذلك.

فمثل هذه الأمور لا يلحظ فيها تذكير ولا تأنيث ، بالمدلول الحقيقي الطبيعي لهاتين الكلمتين . وكان ذلك ـ فيما يبدو ـ هو السبب الذي جعل بعض اللغات تقسم الأسماء الموجودة فيها إلى ثلاثة أقسام : مذكر ومؤنث ، وقسم ثالث هو ما يسمى في اللغات الهندوأوربية " بالمحايد" NEUTER وهو في الأصل ما ليس مذكرا ولا مؤنثا .

ولكن اللغات البشرية لم تسر كلها هذا الشوط ، على نمط واحد ، فقد وزعت اللغات السامية ـ مثلا ـ أسماء القسم الثالث ، وهو المحايد ، على القسمين الآخرين ، وصارت الأسماء فيها إما مذكرة وإما مؤنثة ...

ومثل ذلك حدث في اللغة الفرنسية ؛ إذ ليس في أسمائها إلا التذكير والتأنيث ، وكانت الإنجليزية في ذلك أوغل من الفرنسية ... "

انظر : مقدمة د. رمضان عبد التواب ـ رحمه الله ـ لكتاب " البلغة في المذكر والمؤنث " ، لابن الأنباري (37-39) .

وإذا عرفنا أن تقسيم الأشياء إلى مذكر ومؤنث ـ حتى ما لا يوصف في واقع الأمر بذلك ـ هو من خصائص معظم اللغات ، خاصة الحية منها الآن ؛ وليس من خصائص اللغة العربية وحدها ، فلتعلمي أن الشيء ـ أي شيء ـ إذا دار بين أن يوصف في اللغة بالمذكر أو المؤنث ، ولم يكن مما يوصف في حقيقة أمره بذلك ، فإن اللغة ترجح الإخبار عنه بوصفه مذكرا ؛ لأنه أخف عندهم ، ولأنه الأصل ، فلا يحتاج إلى علامة ، ويتفرع عنه المؤنث ، بالعلامة الدالة عليه .

يقول إمام النحو سيبويه ، رحمه الله : " واعلم أن المذكر أخفّ عليهم من المؤنث لأن المذكر أول ، وهو أشد تمكناً ، وإنما يخرج التأنيث من التذكير ؛ ألا ترى أن " الشيء " يقع على كل ما أُخبر عنه ، من قَبْل أن يُعلم أذكر هو أو أنثى ، والشيء ذكر ؟! "

كتاب سيبويه (1/22) وانظر (3/241) منه .

وإذا كان الأمر يدور بين قسمين ، أو أمرين ، أحدهما أرجح من الآخر ، ولو بوجه ما ،
" وجب ضرورة اختصاص الرب بأشرف الأمرين وأعلاهما " [ الصواعق 4/1308] .

ولذلك تجد عامة من يؤمن بأن له في السماء إلاها ، يخبر عنه بذلك الضمير " هو " الذي هو لائق به سبحانه ، وهذا أمر فطري لا يحتاج إلى بحث ونظر أو دليل ، فلا تجد عالما أو جاهلا ، موحدا لله أو مشركا به ، إلا ويخبر بذلك عن الله سبحانه ، ولو قد تكلم أحد منهم بضمير المؤنث ، كما قالت لك تلك المسكينة ، لقاموا عليه جميعا ، وعرفوه بالجهل والضلال المبين .

فكيف إذا انضم إلى ذلك خبر الله تعالى عن نفسه ، في كتابه الكريم ، بل في كتبه المنزلة جميعا ، بمثل ذلك الضمير
.











رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:06   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:73) وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الروم:27) وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (الزخرف:84)

والآيات في ذلك أكثر من أن تحصى .

فكيف إذا كان الله تعالى قد عاب على المشركين أنهم يدعون عبادة الله الواحد الواحد القهار ، ويعبدون من دونه إناثا ، وذمهم على ذلك وبين قبيح عملهم . قال تعالى : ( إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مَرِيداً) (النساء:117) .

يقول الإمام الطبري رحمه الله :

" يقول جل ثناؤه: فحسب هؤلاء الذين أشركوا بالله، وعبدوا ما عبدوا من دونه من الأوثان والأنداد، حجّة عليهم في ضلالتهم وكفرهم وذهابهم عن قصد السبيل، أنهم يعبدون إناثًا ويدعونها آلهة وأربابًا، والإناث من كل شيء أخسُّه، فهم يقرون للخسيس من الأشياء بالعبودة، على علم منهم بخساسته، ويمتنعون من إخلاص العبودة للذي له ملك كل شيء، وبيده الخلق والأمر "

تفسير الطبري (9/211) ط محمود شاكر .

وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :

" أي: ما يدعو هؤلاء المشركون من دون الله إلا إناثا، أي: أوثانا وأصناما مسميات بأسماء الإناث كـ "العزى" و "مناة" ونحوهما .

ومن المعلوم أن الاسم دال على المسمى ؛ فإذا كانت أسماؤها أسماء مؤنثة ناقصة ، دل ذلك على نقص المسميات بتلك الأسماء ، وفقدها لصفات الكمال ، كما أخبر الله تعالى في غير موضع من كتابه ، أنها لا تخلق ولا ترزق ولا تدفع عن عابديها ، بل ولا عن نفسها نفعا ولا ضرا ، ولا تنصر أنفسها ممن يريدها بسوء ، وليس لها أسماع ولا أبصار ولا أفئدة ، فكيف يُعبد من هذا وصفه ، ويترك الإخلاص لمن له الأسماء الحسنى ، والصفات العليا ، والحمد والكمال ، والمجد والجلال ، والعز والجمال ، والرحمة والبر والإحسان ، والانفراد بالخلق والتدبير، والحكمة العظيمة في الأمر والتقدير ؟!!
هل هذا إلا من أقبح القبيح الدال على نقص صاحبه ، وبلوغه من الخسة والدناءة أدنى ما يتصوره متصور، أو يصفه واصف ؟!! " انتهى ،

من تفسير السعدي (203) .

على أننا ننبه أن الله تعالى لا يوصف بشيء من ذلك ، وإنما ذلك من ضرورات الخطاب في اللغة ، وما يحتاجه الناس في التفاهم ؛ فكل ذكر وأنثى مخلوق ، والله تعالى هو خالق الذكر والأنثى : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ) (النجم:45) .

وتعالى الله أن يكون له ند أو شبيه ، أو زوجة أو ولد : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنعام:101) .

وقال تعالى ، في خبره عن مؤمني الجن أنهم لما سمعوا القرآن آمنوا به ، وعرفوا ربهم سبحانه : ( وأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً) (الجـن:3) .

وما عليك أيتها السائلة إلا أن ترشديها إلى كتابها ، إن كانت تؤمن بأن لها إلاها ، أرسل رسولا ، وأنزل عليه كتابا ، فلتنظر فيه ، ولتعلم لماذا .

فإن كانت قد تفجرت غيظا أو لعلها اغتاظ قلبها ، لأنها الأنثى ، والله تعالى لا يوصف بما توصف به الأنثى ؛ فلقد بلغ الكفر من الناس في زماننا كل مبلغ ، فراحت الأنثى تطلب أن تنتصر لبني جنسها من الإناث ، بالحق وبالباطل ، كفعل أهل الجهل والنقص ، يشعر أحدهم بخسة نفسه ، ودناءة حاله ، فيريد أن يعوضه ولو بالباطل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الذي يعظّم نفسه بالباطل يريد أن ينصر كل ما قاله ، ولو كان خطأ " .

مجموع الفتاوى ( 10/292 ) .

فإن كان وصل بها الجهل والنقص إلى أن تشبه الله تعالى بخلقه ، بل بالإناث من خلقه ، فتلك حال لم يصلها جهال العرب في عبادتهم للأوثان ؛ فإنهم كانوا يعلمون أن الله الخالق الرازق هو أجل من أوثانهم هذه ، ولا يليق أن يكون مثلها .

فاحذري يا أمة الله من كل جاهل مارق ، واعلمي أن المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل .

( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:07   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

أنا من " بلغاريا " ، فهل يجوز لي عندما أقوم بترجمة أسماء الله سبحانه وتعالى أن أزيد أداة على الاسم في حالة الرفع ؟ فقد أخبرني أخ لي في الإسلام أنه لايجوز زيادة أداة على أسماء الله إلا فى حالة كونه مفعولاً ، وأن هذه قاعدة لغوية ، فهل هذا صحيح ؟ . رجاء راسلوني بأسرع ما يمكن ! بارك الله فيكم .

الجواب :

الحمد لله

أولاً:

لا يوجد في الشرع ما يمنع المسلم من ترجمة معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، لكن لا بدَّ من أن يكون القائم على الترجمة بصيراً باللغة العربية ، وبصيراً باللغة التي يريد الترجمة لها ، ولا بدَّ أن يكون أميناً في نقله وترجمته ، ولابدَّ أن يكون على علمٍ بالشريعة ، وأن يكون على اعتقاد أهل السنَّة والجماعة ، وإلا فإنه لا يؤمن على ترجمته أن يدس بها اعتقادات ضالة منحرفة .

وترجمة معاني أسماء الله وصفاته لا تخرج عما ذكرناه من الجواز ، ومن الشروط ، وعلى المسلم الذي يود القيام بهذه المهمة الجليلة أن يُكثر من قراءة كتب أهل السنة والجماعة المؤلفة في بيان معاني أسماء الله وصفاته ، قبل القيام بالترجمة ؛ لئلا يقع منه الخطأ في فهم الاسم أو الصفة ؛ وحتى يترجمه إلى المعنى اللائق به .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وأما مُخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ، ولغتهم : فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك ، وكانت المعاني صحيحةً ، كمخاطبة العجم من الروم والفُرس والتُّرك بلغتهم وعُرفهم ، فإنَّ هذا جائزٌ حسن للحاجة ، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يُحْتَجْ إليه .…

" درء تعارض العقل والنقل " ( 1 / 43 ) .

وقال – رحمه الله - :

وكذلك في الإثبات ، له الأسماء الحسنى التي يُدعى بها ...

[و]إذا أثبت الرجل معنًى حقّاً ، ونفى معنًى باطلاً واحتاج إلى التعبير عن ذلك بعبارة لأجل إفهام المخاطب لأنها من لغة المخاطب ، ونحو ذلك : لم يكن ذلك منهيّاً عنه ؛ لأن ذلك يكون من باب ترجمة أسمائه ، وآياته بلغة أخرى ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه ، وهذا جائز ، بل مستحب أحياناً ، بل واجب أحياناً ... إذا كانت المعاني التي تبيَّن لهم هي معاني القرآن والسنة ، تشبه قراءة القرآن بغير العربية ، وهذه الترجمة تجوز لإفهام المخاطب بلا نزاع بين العلماء ."

انتهى ـ مختصرا ـ من : " بيان تلبيس الجهمية " ( 2 / 389 ) .

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

هل يجوز ترجمة أسماء الله الحسنى إلى لغة غير عربية – يعني: أجنبية - ؟ .

فأجاب:

ترجمة أسماء الله سبحانه وتعالى لمن يريد أن يتفهمها : هذا لا بأس به ، بل قد يكون واجباً ؛ إذ إن الذي لا يعرف اللغة العربية يحتاج إلى فهم المعنى ، ولهذا قال الله عز وجل : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ) يعني : بِلُغتهم ( لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) إبراهيم/من الآية 4 .

فترجمتها لأجل التفهيم : لا بأس به .

أما لأجل التأسيس بمعنى أن نُحلَّ غير اللغة العربية محل اللغة العربية : فهذا لا يجوز ؛ لأنه طمسٌ للغة العربية .

" دروس الحرمين : دروس المسجد النبوي " الشريط 62 ، الوجه الثاني .

ثانياً:

والزيادة على أسماء الله تعالى باللغة المترجم إليها لا حرج فيه إن كان يؤدي إلى إيصال المعنى اللائق بالله تعالى ، ولا يلتفت المترجم إلى كون الاسم منصوباً أو مرفوعاً أو مجروراً في القرآن أو السنة ؛ فإن هذا لا يؤثر في الترجمة ، ولن يغير معنى الاسم وروده مرفوعاً أو منصوباً ؛ لأن تلك الحركات استحقها الاسم بحسب موقعه من الإعراب .

ومما نزكيه للأخ المترجم من كتب يقرؤها قبل قيامه بالترجمة :

1. " تفسير أسماء الله الحسنى " للشيخ عبد الرحمن السعدي ، منشور في " مجلة الجامعة الإسلامية " ( العدد 112 ) .

2. " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " للشيخ محمد بن صالح العثيمين .

3. " صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنَّة " للشيخ علوي بن عبد القادر السقَّاف .

4. " النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى " للشيخ محمد الحمود .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:08   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

أنا أؤمن أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق ، ولكن كيف نجمع بين هذا وبين الحديث القائل بأن سورة البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان تحاجان عن صاحبهما ، وهذا قطعاً ينفي كون تلك الغيايتين من ذات الله ، وكذلك الأحاديث الأخرى عن سورة تبارك في القبر ، وغيرها من سور القرآن التي تتمثل في صورة مخلوق يدافع عن العبد في الآخرة؟

الجواب :

الحمد للَّه

أولا :

يعتقد المسلمون أن القرآن الكريم كلام الله تعالى ، تكلم به كما يليق بجلاله وعظمته سبحانه .

يقول الله عز وجل :

( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ) التوبة/6

يقول الإمام الآجري في كتاب "الشريعة" (1/84) :

" اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم : أن قول المسلمين الذين لم تزغ قلوبهم عن الحق ، ووُفقوا للرشاد قديما وحديثا : أن القرآن كلام الله عز وجل ، ليس بمخلوق ؛ لأن القرآن من علم الله تعالى ، وعلم الله عز وجل لا يكون مخلوقا ، تعالى الله عز وجل عن ذلك ، دل على ذلك القرآن والسنة وقول الصحابة رضي الله تعالى عنهم وقول أئمة المسلمين رحمة الله تعالى عليهم ، لا ينكر هذا إلا جهمي خبيث ، والجهمية عند العلماء كافرة .

وقال الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) الأعراف/158 .

وهو القرآن .

وقال جل وعلا لموسى عليه الصلاة والسلام : ( قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ) الأعراف/188

ومثل هذا في القرآن كثير ، وقال عز وجل : ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ ) آل عمران/61 ، وقال عز وجل : ( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) البقرة/145

لم يزل الله تعالى عالما متكلما سميعا بصيرا بصفاته قبل خلق الأشياء ، من قال غير هذا فقد كفر .
وسنذكر من السنن والآثار وقول العلماء الذين لا يستوحش من ذكرهم : ما إذا سمعها من له علم وعقل زاده علما وفهما ، وإذا سمعها من في قلبه زيغ فإذا أراد الله هدايته إلى طريق الحق رجع عن مذهبه ، وإن لم يرجع فالبلاء عليه أعظم " انتهى .

فمن أحب التوسع فليرجع إلى ما ذكره الآجري من أدلة متواترة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق .











رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:09   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثانيا :

أصل القول بخلق القرآن ليس استدلالا من الكتاب والسنة ، وإنما بأدلة عقلية اضطرتهم إلى نفي الصفات عن الله تعالى ، وذلك حين قالوا بأن الصفات لا تقوم إلا في المخلوقات والحوادث ، وتوصلوا إلى هذه القاعدة عبر سلسلةٍ من المغالطات التي يسمونها "دليل حدوث العالم" ، ثم نظروا بعد ذلك في القرآن الكريم ، فحرَّفوا كل دلالة تُخَالفُ هذا المفهوم الذي توصلوا إليه ، وجمعوا كل شبهة يمكن أن تدل عليه ، فكان مما تشبَّثُوا به ما ذكره السائل الكريم ، مما جاء في السنة الآحادية الصحيحة – مع أنهم لا يحتجون في العقائد إلا بالمتواتر منها – أن القرآن يأتي يوم القيامة على هيئة معينة ليشفع لصاحبه ، قالوا وهذا يدل على أنه مخلوق ، فإنه لا يتصف بالمجيء والإتيان إلا المخلوق .

عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ) رواه مسلم (804)

الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه ، ( الفِرقان ) هما قطيعان وجماعتان من طير ( صواف ) جمع صافة : وهي من الطيور ما يبسط أجنحتها في الهواء . "شرح مسلم للنووي" (6/90)
وعن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي أَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَكَ ) رواه ابن ماجه (3781) وصححه البوصيري في الزوائد ، وابن حجر في "المطالب العالية" (4/66) ، وقال الألباني في ضعيف ابن ماجه : ضعيف يحتمل التحسين . وحسنه من حديث أبي هريرة في "السلسلة الصحيحة" (2829)
وهذه شبهة قديمة أجاب عنها الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة .

يقول ابن قتيبة رحمه الله في "تأويل مختلف الحديث" (258):

" أراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان ) أن ثوابهما يأتي قارئهما حتى يظله يوم القيامة ، ويأتي ثوابه الرجل في قبره ، ويأتي الرجل يوم القيامة حتى يجادل عنه ، ويجوز أن يكون الله تعالى يجعل له مثالا يحاج عنه ويستنقذه " انتهى .

وانظر : الرد على الزنادقة والجهمية ، للإمام أحمد ص (42-43) .

ويقول ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (5/476) :

" ثم إن الجهمية لجأت إلى المغالطة في أحاديث تأولوها ، موهوا بها على من لا يعرف الحديث ، وإنما عنى في هذه الأحاديث في قوله : ( يجيء القرآن وتجيء البقرة وتجيء الصلاة ويجيء الصيام ) يجيء ثواب ذلك كله ، وكل هذا مبين في الكتاب والسنة .

قال الله عز وجل : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) الزلزلة/7-8
فظاهر اللفظ من هذا أنه يرى الخير والشر ، وليس يرى الخير والشر ، وإنما ثوابَهما والجزاء عليهما من الثواب والعقاب .

كما قال عز وجل ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ) آل عمران/30

وليس يعني أنها تلك الأعمال التي عملتها بهيئتها وكما عملتها من الشر ، وإنما تجد الجزاء على ذلك من الثواب والعقاب .

فيجوز في الكلام أن يقال : يجيء القرآن ، تجيء الصلاة ، وتجيء الزكاة ، يجيء الصبر ، يجيء الشكر ، وإنما يجيء ثواب ذلك كله " انتهى .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (8/408) :

" ولما احتج الجهمية على الإمام أحمد وغيره من أهل السنة على أن القرآن مخلوق بقول النبى صلى الله عليه و سلم : ( تأتي البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف ) و ( يأتي القرآن فى صورة الرجل الشاحب ) ونحو ذلك .

قالوا : ومن يأتى ويذهب لا يكون إلا مخلوقا .

أجابهم الإمام أحمد : بأن الله تعالى قد وصف نفسه بالمجيء والإتيان بقوله : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ) الأنعام/158 ، وقال : ( وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ) الفجر/22 ، ومع هذا فلم يكن هذا دليلا على أنه مخلوق بالاتفاق ، بل قد يقول القائل جاء أمره ، وهكذا تقوله المعتزلة الذين يقولون القرآن مخلوق ، يتأولون هذه الآية على أن المراد بمجيئه مجيء أمره ، فَلِمَ لا يجوز أن يتأول مجيء القرآن على مجيء ثوابه ، ويكون المراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران ) بمجيء ثوابها ، وثوابها مخلوق ! وقد ذكر هذا المعنى غير واحد ، وبينوا أن المراد بقوله ( تجيء البقرة وآل عمران ) أي : ثوابهما ، ليجيبوا الجهمية الذين احتجوا بمجيء القرآن وإتيانه على أنه مخلوق " انتهى

وفي مجموع الفتاوى (5/398) :

" وأحمد وغيره من أئمة السنة فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجىء ثواب البقرة وآل عمران ، كما ذكر مثل ذلك من مجىء الأعمال فى القبر وفى القيامة ، والمراد منه ثواب الأعمال ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اقرؤوا البقرة وآل عمران فانهما يجيئان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو غمامتان أو فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما )

وهذا الحديث فى الصحيح ، فلما أمر بقرائتهما ، وذكر مجيئهما يحاجان عن القارىء ، علم أنه أراد بذلك قراءة القارىء لهما ، وهو عمله ، وأخبر بمجيء عمله الذى هو التلاوة لهما فى الصورة التى ذكرها ، كما أخبر بمجىء غير ذلك من الأعمال " انتهى .

يتبين مما سبق أنه لا يصح الاستدلال بهذه الأحاديث على خلق القرآن ، لأن المقصود بها ثواب قراءة القرآن ، كما أن المقصود بقوله تعالى ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) الزلزلة/7 ، أنه يرى ثواب الخير .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:10   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

أنا أود أن أصبح مخرجاً سينمائيّاً ، فهل هذا يتعارض مع الشريعة الاسلامية ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

إن معرفة واقع السينما اليوم يسهِّل علينا تعريفك بحكم التأليف والإنتاج والتمثيل والإخراج السينمائي ، فهو واقع مزرٍ ، ولا يكاد يخلو فيلم سينمائي – عربي أو أجنبي – من نشر للفاحشة والرذيلة والجريمة ، فالأفلام مليئة بمشاهد الحب والعري ، وشرب الخمور ، ومصادقة الأجنبيات وتقبيلهن والزنا بهن ، مع ما فيها من نشر جرائم الاغتصاب والسرقة والقتل ، وهو ما أثَّر في نفوس المشاهدين من الرجال والنساء والأطفال ، وقد ذكر أهل الاختصاص في تقاريرهم ما ينبئ عن خطر هذه الأفلام السينمائية على الخلق والدين والمجتمع والأسرة .

ولذا كانت المساهمة في ظهور هذه الأفلام مشاركة في الإثم والعدوان ، ولا يشك أحد له اطلاع على واقع هذه السينما في تحريم إنتاجها وتمثيلها وإخراجها .

وقد حاول بعض المفتين المعاصرين أن يضع ضوابط للسينما ! لكنها أشبه ما تكون بالخيال ، وهي بعيدة كل البعد عن الواقع العملي .

فقال صاحب كتاب " الحلال والحرام في الإسلام " – في ذِكر ضوابط السينما - :

1. أن تنزه موضوعاتها التي تعرض فيها عن المجون والفسق وكل ما ينافي عقائد الإسلام وشرائعه وآدابه .

2. أن لا تشغل عن واجب ديني أو دنيوي كالصلوات الخمس .

3. أن يتجنب مرتادها الملاصقة والاختلاط المثيرين بين الرجال والنساء الأجنبيات عنهم منعاً للفتنة ودرأ للشبهة . انتهى .

وقد ردَّ عليه كثيرون ، ومنهم الشيخ صالح الفوزان حفظه الله فقال :

"والجواب عن ذلك من وجهين :

الوجه الأول :

أن نقول : بعيد كل البعد أو قد يكون مستحيلاً في السينما أن تتوفر هذه الشروط التي ذكرها المؤلف وخلوها من هذه المحاذير لأنها لو خلت من هذه الأشياء وتمحضت للتوجيه النافع - على حد زعم المؤلف - لم يحصل الإقبال عليها من الناس ولم يكثر مرتادوها - ومهمة القائمين عليها استجلاب الناس إليها بشتى الوسائل ليحصلوا منهم على الكسب المادي لأنها أداة كسب في الغالب .

الوجه الثاني :

لو فرضنا خلوها من هذه المحاذير - فإنها لا تخلو من عرض الصور المتحركة ومشاهدتها - ولا شك أن التصوير لذوات الأرواح واستعمال الصور المحرمة محرم ، وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من دخول الكعبة حتى محى ما فيها من الصور وامتنع صلى الله عليه وسلم من دخول بيت عائشة رضي الله عنه من أجل نمرقة فيها تصاوير ، وامتنع من دخول بيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما رأى فيه تصاوير ، فدل ذلك على أنه لا يجوز مشاهدة الصور في البيت ولا في السينما ولا في غيرها ولا دخول مكان تعرض فيه .

وكشاهد على ما ذكرنا من أنه لا يمكن خلو السينما من المحاذير والشرور وأنها أداة شر : ننقل لك جملة من أقوال من عرفوا تلك الأضرار في السينما فحذروا منها :

قال في كتاب " النهضة الإصلاحية " صحيفة ( 357 ) وهو يعدد جملة من المنكرات قال : ومنها : وقوع نظر النساء على الصور المتحركة - السينما - ذلك أن تلك الشاشة البيضاء كما يسمونها لا تخلو أبدا من مناظر فاجرة تمثل الفسق والغرام والهيام المفرط الذي جاوز الحد ، ومعروف أن النفوس مجبولة على التقليد ، ولها من الإحساس ما يتحرك ويهيج إذا رأى المحرم المهيج ، وأي مهيج أقوى وأشد من هاتيك المناظر المتعمدة المقصودة للتهييج ، وكيف لا تسارع المرأة ناقصة العقل والدين كل المسارعة إلى تقليد ما ترى على الشاشة البيضاء من ترام في الأحضان وتضام وعناق وتقبيل وما يتلو ذلك .

إن من لا يقول إن المرأة تتأثر بهذه المناظر تأثراً خطراً يكون مريض العقل فاقد الإحساس عادم التقدير ، لا أتردد أنا في ذلك ، ولقد هيئت الفرص أن أتكلم في هذه النقطة مع سيدات ممن تعوَّدن الذهاب إلى حيث الصور المتحركة ، فلم يترددن في موافقتي على أن تلك المناظر تؤثر عليهن كل التأثير ، ولقد أخبرتني سيدة رأت في تلك الشاشة صورة حرب فيها كر وفر وتصادم وهجوم وطعن وضرب وإطلاق نيران وما إلى ذلك من فنون الحروب المهلكة تقول لي - وزوجها الذي يرغمها إلى الذهاب إلى تلك المناظر يسمع-: إني لم أقم من ذلك المكان بعد رؤية هاتيك الصور إلا وكلي رعب وفزع لا يتصل مني عضو بالآخر من شدة ما نزل من التأثر ، وهي تريد أن تقول لي بتلك الحكاية : إن كل منظر مؤذ يؤثر في موضوعه فإذا كان على الشاشة صور غرامية أثرت في النفوس للحد الذي يفهمه من يعرف قوة الطبيعة الحيوانية في الإنسان . ا.هـ .

وجاء في " مجلة الأزهر " ( 26 - 442 ) ما نصه :

( وبحْث مشكلة السينما في مصر متشعب النواحي فقد تبحث باعتبارها فنّاً من الفنون ، أو صناعة من الصناعات ، أو أداة ووسيلة حيوية لتوجيه الشعب وتثقيفه وإرشاده ، وهي الناحية التي سنعرض لها هنا لنتبين إلى أي مدى استطاعت السينما أن تحقق هذه الوظائف القومية في المجتمع المصري ، وإن من يتابع الأفلام المصرية ويشاهد منها الكثير والكثير - وهي وفيرة العدد - لَيخرج بحقيقة واحدة لا يستطيع عنها حوَلاً ، وإن أكثر من المشاهدة والتدقيق وتعب في الفحص والاختبار ، هذه الحقيقة الوحيدة هي : أن هذه الأفلام قد فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق الأهداف المذكورة ، وعجزت عجزاً تامّاً عن أداء الوظائف الحيوية في خدمة الإرشاد العام في المجتمع المصري ، مؤثرة عناصر التجارة على عنصر التوجيه ، ومطرحة لعنصر الفن ، وضاربة الصفح إلا عن ابتزاز الأموال . ا.هـ .

وجاء في صحيفة (517) من المجلد (26) من تلك المجلة أيضا : ( يندر أن يجد المدمن على مشاهدة الأفلام فيلما يخلو من قبلات ، حتى لقد أصبحت من لوازم هذه الأفلام ! إذا جلست في دار الخيالة تشاهد واحداً منها فلا بد أن تكون موطِّناً نفسك على أن تشهد منها الكثير والكثير بمناسبة وبغير مناسبة ، بل إن الكثير من المراهقين والشبان والفتيات ليدخلون دور الخيالة ليشهدوا هذه الطبعات التي يحلمون بها ويشتاقون إلى ذوق أمثالها ، وهنا بيت الداء ومبعث انتشاره . ا.هـ .

هذه شهادات ممن خبروا أضرار السينما وواقعها وما تجر على مشاهدها من أضرار وخسارة في الأخلاق والسلوك وأنها لا يمكن بحال خلوها من تلك المفاسد وأن القائمين عليها لا ينظرون في صالح الناس ، وإنما ينظرون إلى ما يمكنهم من ابتزاز الأموال .

وبالجملة فلا خير فيها بوجه من الوجوه وإن زعم من زعم أنها أداة إصلاح وتوجيه .













رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:11   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


خاتمة :

وأخيراً نقول : ليت فضيلة المؤلف التزم ما قرره في أول كتابه من قواعد كقوله : (ما أدى إلى الحرام فهو حرام) (اتقاء الشبهات خشية الوقوع في الحرام) (النية الحسنة لا تبرر الحرام) ليته التزم مقتضى هذه القواعد فأخلى كتابه من هذه الفتاوى التي خالف فيها الصواب ، وقلد في غالبها الأقوال الشاذة التي لا تستند إلى دليل ، ليته جعل كتابه مشتملاً على ما هو مفيد ونافع .

قال الأستاذ عبد الحميد طهماز في رده على المؤلف : ليت المؤلف وقف عند المبدأ الذي قرره في أول الكتاب أن الحلال ما أحله الله تعالى ، والحرام ما حرمه الله تعالى ، فلا يكون منه التفات إلى مثل هذه الآراء الضعيفة في ثبوتها .ا.هـ .

قال سليمان التيمي : لو أخذت برخصة كل عالم وزلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله .

وقال المحقق العلامة ابن القيم في " أعلام الموقعين " : (1-10-11) ولما كان التبليغ عن الله سبحانه وتعالى يعتمد العلم بما يبلغ والصدق فيه لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق فيكون عالما بما يبلغ صادقا فيه ويكون مع ذلك حسن الطريقة مرضي السيرة عدلا في أقواله وأفعاله متشابه السر والعلانية في مدخله ومخرجه وأحواله . وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره وهو من أعلى المراتب السنيات . فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات . فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعد له عدته وأن يتأهب له أهبته وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ولا يكون في صدره حرج من قول الحق والصدع به فإن الله ناصره وهاديه وكيف وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب . فقال تعالى (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ) وكفى بما تولاه الله بنفسه شرفا وجلالة . إذ يقول في كتابه : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ) وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه وليوقن أنه مسئول غدا وموقف بين يدي الله . ا هـ .

وإذ كان المؤلف قد بسط القول في جانب تحريم الحلال وحمل على الذين يحرمون من غير دليل وجب عليه أيضا أن لا ينسى خطورة الجانب الثاني وهو تحليل الحرام فهو لا يقل أهمية عن الجانب الأول والواقعون فيه أكثر والله تعالى قد نهى عن الجانبين على حد سواء فقال تعالى : (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ومعلوم أن من قواعد الشريعة (اتقاء الشبهات خشية الوقوع في المحرمات) . و (إذا تنازع حظر وإباحة غلب جانب الحظر) مما يدل على خطورة الوقوع في الحرام .
هذا وأسأل الله لنا وللمؤلف ولجميع المسلمين التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه" انتهى .

"الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام في الإسلام" ( التعقيب رقم 11 ) .

ثانياً :

من درَس الإخراج السينمائي ، أو يستطيع دراسته دون التعرض للآثام والمحرَّمات : فإنه يستطيع جعل مهنته في أعمال مباحة ، كإخراج الأفلام الوثائقية ، والمقابلات واللقاءات والندوات ، على أن يلتزم بكون المادة تخلو من حرام ، كوجود ممثلات ، أو معازف ، أو دعوة إلى بدعة أو معصية ، ويوجد في هذه الأيام مجال لمثل هذه العمل المباح مع قنوات فضائية تلتزم الضوابط الشرعية ، مثل " قناة المجد " ، فنرجو أن يكون العمل في هذا المجال خالياً من الإثم .

وعند الفتوى في موضوع السينما ذكرنا واقعها اليوم من حيث ممثليها ومادتها ، وقلنا إنها تدعو إلى المحرمات ، لكن لا يمنع هذا أن ندل على باب آخر للإخراج غير السينمائي ، وهو ما ذكرناه من الأفلام الوثائقية واللقاءات وغيرها .

ونسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شر أعدائهم ، وأن يوفقهم لأحسن الأخلاق والأقوال والأفعال ، ونرجو أن يبتعد من يرغب بمثل هذه الأعمال عن الفتن ، والسعيد من وُعظ بغيره ، والشقي من وُعظ الناس به ، والسلامة لا يعدلها شيء .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:12   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

هل اسم (الجواد) من أسماء الله الحسنى ؟ وهل يمكن أن نسمي به كأن نسمي (عبد الجواد) وإذا لم يكن من أسماء الله ، فهل هو صفة لله ؟ وهل يمكن التسمية به ؟ .

الجواب :

الحمد لله

الجواد اسم من أسماء الله تعالى ، كما دلت السنة ، فقد روى البيهقي في شعب الإيمان وأبو نعيم في الحلية من حديث طلحة بن عبيد الله وابن عباس رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى جواد يحب الجود ، ويحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها ) صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 1744 .

قال ابن القيم رحمه الله في النونية :

"وَهُوَ الجَوَادُ فَجُودُهُ عَمَّ الوُجُودَ جَمِيعَهُ بِالفَضْلِ وَالإحْسَانِ

وَهُوَ الجَوَادُ فَلا يُخَيِّبُ سَائِلاً وَلَوْ أنَّهُ مِنْ أُمَّةِ الكُفْرَانِ"

وقال الشيخ السعدي في (التفسير) (5/299) : " الرحمن الرحيم والبر الكريم الجواد الرؤوف الوهاب " ؛ هذه الأسماء تتقارب معانيها ، وتدل كلها على اتصاف الرب بالرحمة والبر والجود والكرم ، وعلى سعة رحمته ومواهبه التي عم بها جميع الوجود بحسب ما تقتضيه حكمته ، وخص المؤمنين منها بالنصيب الأوفر والحظ الأكمل " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه في سرد أسماء الله الحسنى : " ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم : الجميل الجواد الحكم الحيي " انتهى من "القواعد المثلى".

وانظر : "صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة" للشيخ علوي بن عبد القادر السقاف .

وبناء على ذلك فيجوز التسمي بـ "عبد الجواد" .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:13   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

خلق الله سبحانه وتعالى آدم بيديه ونفخ فيه من روحه ، فهل خلق الله بقية المخلوقات ـ من الملائكة والجن والكائنات الأخرى ـ بيديه أيضا ؟ وهل نفخ فيها من روحه جلا وعلا ؟ أم هذه ميزه خاصة ، ومكانه خاصة لآدم وحده ، دون بقية المخلوقات ؟ وجزاكم الله خيرا .

الجواب :

الحمد لله


أولا :

خص الله تعالى آدم عليه السلام ، فخلقه بيديه كما أخبر ، ولم يخلق ذا روح ٍ غيره بيديه .

قال سبحانه : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أََسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ص/75

وفي حديث الشفاعة : ( أَنَا سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَلْ تَدْرُونَ بِمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُبْصِرُهُمْ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي وَتَدْنُو مِنْهُمْ الشَّمْسُ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ إِلَى مَا بَلَغَكُمْ أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَبُوكُمْ آدَمُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا فَيَقُولُ رَبِّي غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَنَهَانِي عَنْ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ ...) الحديث ، رواه البخاري (3340) ومسلم (194) .

قال الإمام الدارمي رحمه الله : " وولي خلق آدم بيده مسيسا ، لم يخلق ذا روح بيديه غيره ، فلذلك خصه وفضله وشرف بذلك ذكره " انتهى من "نقض الدرامي على المريسي" ص 64

وروى الدرامي واللالكائي والآجري وغيرهم بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش والقلم وعدن وآدم ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ).

وروى الدارمي بسند حسن عن ميسرة أبي صالح مولى كندة ، أحد التابعين أنه قال : ( إن الله لم يمس شيئا من خلقه غير ثلاث : خلق آدم بيده ، وكتب التوراة بيده ، وغرس جنة عدن بيده ).

"نقض الدارمي" ص 99

وقال محققه الشيخ منصور السماري في مقدمته : " وقد روي عن غيره من التابعين مثل حكيم بن جابر ، ومحمد بن كعب القرظي بأسانيد صحيحة ذكرتها عند التعليق على الأثر في موضعه من الكتاب ".

فهذه أربعة أشياء خلقها الله بيده : العرش والقلم وجنة عدن وآدم ، وأما سائر الخلق ، فهم مخلوقون بالكلمة ( كن) فكانوا .

ثانيا :

وأما الروح ، فإن آدم وبنيه جميعا ، نفخ الله فيهم الروح ، وهي روح مخلوقة ، أضيفت لله من باب التشريف والتكريم .

قال الله عز وجل في حق آدم عليه السلام : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/29

وقال في حق عيسى عليه السلام : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) النساء/171

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-21, 03:14   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

يسأل بعض الملحدين أسئلة مثل إذا كان الله علي كل شئ قدير فهل يقدر أن يخلق إلها آخر مثله أو يخلق شيئا ثقيلا جدا لدرجة أنه لا يقدر علي رفعه ؟.

الجواب :

الحمد لله

أولا :

الملحد يحتاج إلى من يدعوه إلى الله تعالى ، ويذكره بآلاء الله ونعمه وآياته التي تدل على وجوده ، ووحدانيته ، وعظمته .

فالكون كله يدل على الله تعالى ، فوا عجبا ، كيف يجحده الجاحد ؟!

فيا عجبا كيف يُعصى الإلهُ أم كيف يجحده الجاحدُ

ولله في كل تحريكةٍ وفي كل تسكينة شاهدُ

وفي كل شيء له آيةٌ تدل على أنه واحدُ

وشبهات الملحدين والضالين ، لا يجوز الإصغاء إليها ، إلا لمن لديه أهلية للرد عليها ونقضها ، ولهذا فالحذر الحذر ؛ فالشبهة قد تعلق بالقلب ، ثم يصعب إخراجها منه .

ثانيا :

هذه الشبهة من شبهات الملحدين قديما ، ولأهل العلم جواب مشهور عليها ، وحاصله أمران :

الأول :

أن هذه المسألة من المحال ؛ لأن الآخَر لو كان إلها ، ما أمكن خلقه ؛ فافتراض أنه إله ، وأنه يُخلق ، محال .

قال في "الدرر السنية من الأجوبة النجدية" (3/265) : " وقد روي عن ابن عباس ، حكاية على غير هذا الوجه ، وهي : أن الشياطين ، قالوا لإبليس : يا سيدنا ، ما لنا نراك تفرح بموت العالِم ، ما لا تفرح بموت العابد ؟ ! والعالِم لا نُصيب منه ، والعابد نُصيب منه ؟ !

قال : انطلقوا ، فانطلقوا إلى عابد ، فأتوه في عبادته ، فقالوا : إنا نريد أن نسألك ، فانصرف ، فقال إبليس : هل يقدر ربك أن يخلق مثل نفسه ؟ فقال : لا أدري ؛ فقال : أترونه لم تنفعه عبادته مع جهله ؟ !

فسألوا عالماً عن ذلك ؟ فقال : هذه المسألة محال ، لأنه لو كان مثله ، لم يكن مخلوقاً ، فكونه مخلوقاً وهو مثل نفسه مستحيل ، فإذا كان مخلوقاً لم يكن مثله ، بل كان عبداً من عبيده ؛ فقال : أترون هذا يهدم في ساعة ما أبنيه في سنين ؟ ! والله أعلم " انتهى.

الثاني :

أن وجود إله آخر مع الله ، أمر مستحيل لذاته ، وقد دل على استحالته أدلة كثيرة ، أيسرها وجود هذا العالم المنتظم ، إذ لو كان هناك إله آخر ، لفسد نظام العالم ، لتنازعهما ، ورغبة كل منهما في العلو على الآخر ، كما قال سبحانه : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الأنبياء/22 .

وقوله : ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) المؤمنون/91 .

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " أي لو قدّر تعدد الآلهة لانفرد كل منهم بما خلق ، فما كان ينتظم الوجود ، والمشاهد أن الوجود منتظم متسق ، كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض في غاية الكمال ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه ، فيعلو بعضهم على بعض " انتهى .

وكذلك وجود شيء ثقيل ، لا يقدر الله على رفعه : أمر مستحيل ؛ لأن الله هو الذي خلقه ، وأوجده ، وهو قادر على إفنائه في أي لحظة ، فكيف لا يقدر على رفعه ؟!

والملحد إنما يريد أن يطعن في العموم الذي في قوله تعالى : ( إن الله على كل شيء قدير ) فيقول : إذا كان قادرا على (كل شيء) فلما ذا لا يقدر على هذا ؟

والجواب : أن هذا المستحيل (ليس بشيء) !

فالمستحيل المعدوم ، الذي لا يمكن وجوده ، ليس بشيء ، وإن كان الذهن قد يتخيله ويقدّره تقديرا ، ومعلوم أن الذهن يفرض ويقدر المستحيل ، فالذهن يقدّر اجتماع النقيضين ، ككون الشيء موجود معدوما في نفس الوقت .

فالآية تنص على قدرة الله على ( الأشياء ) فلا يدخل في ذلك الأمور المستحيلة لذاتها ، لأنها ليست بشيء ، بل عدم ، لا يمكن أن يوجد .

ولهذا نص غير واحد من العلماء على أن قدرة الله إنما تتعلق بالممكن ؛ لهذا السبب الذي ذكرناه ، وهو أن المعدوم المستحيل ليس بشيء .

قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وأما أهل السنة ، فعندهم أن الله تعالى على كل شيء قدير ، وكل ممكن فهو مندرج في هذا ، وأما المحال لذاته ، مثل كون الشيء الواحد موجودا معدوما ، فهذا لا حقيقة له ، ولا يتصور وجوده ، ولا يسمى شيئا باتفاق العقلاء ، ومن هذا الباب : خلق مثل نفسه ، وأمثال ذلك " انتهى من "منهاج السنة" (2/294).

وقال ابن القيم رحمه الله في "شفاء العليل" ص 374 : " لأن المحال ليس بشيء ، فلا تتعلق به القدرة ، والله على كل شيء قدير ، فلا يخرج ممكن عن قدرته البتة " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:20

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc