مَلَفٌّ خَاصٌّ بِحُكْمِ الْمُظَاهَرَاتِ - الصفحة 6 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مَلَفٌّ خَاصٌّ بِحُكْمِ الْمُظَاهَرَاتِ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-11-17, 21:41   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
Like An Angel
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

المظاهرات وسيلة طارئة

والوسيلة لها حكم المقصد كما هو معروف عند أهل العلم

والقول أن المظاهرات بدعة حرام لأنها لم تكن على زمن السلف قول غير موفق

فليس من شرط الوسيلة ثبوت حصولها زمن السلف

ومن ذلك مثلا أسلوب الدعوة على الفضائيات :

صرنا نرى رموز الدعوة السلفية على الفضائيات .. رغم تحريم فتاوى التصوير الفوتوغرافي سابقا..ورغم حداثة هذا الأسلوب الدعوي

وهذا التغير في الموقف من وسيلة (الدعوة عبر البث الفضائي) دلالة على أن تلك الفتاوى هي اجتهاد بشري وفتاوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال.

وأما عن تحريم المظاهرات فلا دليل على حرمتها

ومن قال بحرمة المظاهرات بنوا ذلك على مظاهر تنفك عنها

مثل قولهم أن المظاهرات فيها اختلاط ..أو المظاهرات فيها تخريب وشغب

وتلك مظاهر ليس لزوما أن تلازم المظاهرات

أو مثل قولهم : أن المظاهرات هي خروج على ولي الأمر

وهذا ليس بلازم .. لأن ولي الأمر نفسه في بعض البلدان يبيح المظاهرات السلمية

كما أن الخروج على ولي الأمر ليس حراما دائما

بل له ضوابطه وأحكامه : فأحيانا يكون حراما ..وأحيانا مباحا جائزا ..وأحيانا واجبا ..

فالحاصل أن من حرّم المظاهرات لم يحرّمها بدليل صريح صحيح ..وإنما حرّموها من باب سدّ الذرائع

وتلك مسائل اجتهادية يسع فيها الخلاف









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-11-17, 22:21   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

<b>

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Like An Angel مشاهدة المشاركة
المظاهرات وسيلة طارئة
والوسيلة لها حكم المقصد كما هو معروف عند أهل العلم
والقول أن المظاهرات بدعة حرام لأنها لم تكن على عهد الصحابة قول غير سديد
فليس من شرط الوسيلة ثبوت حصولها زمن السلف
ومن ذلك مثلا أسلوب الدعوة على الفضائيات
صرنا نرى الدعوة السلفية ورموزها على الفضائيات .. رغم تحريم فتاوى التصوير الفوتوغرافي سابقا..ورغم عدم ثبوت هذا الأسلوب الدعوي
فهل الظهور على الفضائيات بدعة وحرام ؟
وهذا التغير في الموقف من وسيلة (الدعوة عبر البث الفضائي) دلالة على أن تلك الفتاوى هي اجتهاد بشري وفتاوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال.
أخي الفاضل المسمي نفسه"شبيه بالملاك" أرى أنك لم تظبط معنى البدعة عندك فلم تعد تفرق بين البدعة وبين المصلحة المرسلة ولا بين الوسيلة وبين الأسلوب !

أقول وبالله أستعين:
أولا: المظاهرات لها حكم البدع لأن البدعة هي ما لا أصل له في الشرع
فالبدعة ( عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه)(الإعتصام للشاطبي رحمه)
قال فقيه الجزائر العلامة أحمد حماني رحمه الله""فالبدعة خاصتها انها خارجة عما رسمه الشارع,وبهذه الخاصة ينفصل عنها كل ما يظهر لبادئ الرأي أنه مخترع مما هو متعلق بالدين ,فعلم النحو ,والصرف, واللغة,وأصول الفقه,وأصول الدين وكل العلوم الخادمة للشريعة ان لم توجد في الزمان الأول,فان أصولها موجودة ,فالنحو يتوصل للنطق الصحيح لألفاظ القرآن, وبعلوم اللسان يهتدي إلى الصواب في الكتاب والسنة,وبأصول الفقه يمكن استقراء كليات الأدلة لتكون نصب عين المجتهد والطالب.""

.
قلت: ومن هذا التعريف للبدعة سنجرم جزما لا شك فيه أن المظاهرات من البدع لأنها طريقة محدثة في إنكار المنكر لا أصل لها في الدين بل هي من فعل الخوارج الذين تظاهرو على عثمان رضي الله عنه فهي بدعة محدثة.وقد حدد الشرع المطهر الطرق الشرعية في التعامل مع مثل هذه الأحداث وخصص لكل عبد مسؤولية حسب مكانه وموقعه فإن كان حاكما فهو ملزم بالجهاد لنصرة إخوانه ودفع الظلم عنهم وإن كان محكوما واستنفره الإمام فوجب عليه الجهاد وإلا فقد اتصف بأوصاف المنافقين وإذا لم يستنفره فحسب طاقته وقدرته من إنفاق المال وتقديم الطعام وبدون أن ننسى أقوى سلاح ألا وهو الدعاء والمواضبطة عليه والتوكل على الله والصبر كما صبر أولو العزم من الرسل .
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد – حفظه الله تعالى - :
( ومن رحمة الله تعالى بعباده ، وبالغ حكمته في تشريعه لما يصلح الله به العباد والبلاد أنه – سبحانه – لما شرع الجهاد ، وشرع للأمة وسائل متعددة في ذلك ، ولم يجعلها إلى عقولهم ، بل أحالهم على ما شرعه لهم :
فالجهاد بالنفس ، والجهاد بالمال بالقوة ... والدفاع كذلك . وتغيير المنكر باليد وهذا لذي سلطان ، كرجال الحسبة وباللسان، ومثله القلم .
وبالقلب . والأمر بالمعروف كذلك . والنصيحة لائمة المسلمين وعامتهم بالتي هي أحسن : مناصحة بالكلمة ، ومناصحة بالكتابة ، وتذكير بأيام الله . والدعوة تكون بالوظائف المرتبة في الإسلام : خطب الجمع والعيدين ، والحج ، وبالتعليم ، ومجالس الذكر والإيمان . والصدع بكلمة الحق : ببيانها حتى يكشف الله الغمة عن الأمة . وبفتوى عالم معتبر ، بغير الله بها الحال إلى أحسن ، فتعمل ما لا تعمله الأحزاب في عقودٍ . وهكذا بعمل فردي من عالم بارع ، ينشر علمه في الأمة : في إقليم ، في ولاية ، في مدينة ، في قرية ... وهكذا . وبعمل جماعي على رسم منهاج النبوية لا غير ، كجماعة الحسبة ودور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ومراكز الدعوة ورابطة العلماء
)))


ثانيا:
هناك فرق بين الطريقة(الأسلوب)) في إنكار المنكر كالأنشايد البدعية والمظاهرات ,وبين الوسيلة المباحة التي تدخل في العادات كمكبر الصوت وكالأذان والفضائيات وغيرها.
والفرق بينهما يمكن فيما يلي:
1-القنوات الفضائية وسيلة والمظاهرات طريقة .
2-القنوت الفضائية لم يكن مقتضاه موجود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن بوسعهم معرفته أصلا فلم يكن عندهم دش ولا تلفاز ولا مكرفونات أما المظاهرات فكان مقتضاها موجود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن أصحابه ومع هذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر ولم يأمرنا بالمظاهرات مع أنهم كانوا يعرفونها.

كما قال تعالى:
﴿والملائكة بعد ذلك ظهير﴾.
قال ابن سيده:
وهذا كما حكاه سيبويه من قولهم للجماعة: هم صديق، وهم فريق.
وقال ابن عرفة في قوله عز وجل:
﴿وكان الكافر على ربه ظهيرا،
أي: مظاهرا لأعداء الله تعالى، كالظهرة بالضم، والظهرة بالكسر.


ثالثا: أما قولك أن الوسيلة لها حكم المقاصد فهذا ليس على إطلاقه وإلا لفتحنا الباب لكل بدعة! بل هي مقيدة بأن تكون الوسيلة مباحة شرعا وليس بدعة فالبدعة ليست لها أحكام المقاصد.
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله((إذن ماذكر من أن الغاية تبرر الوسيلة هذا باطل وليس في الشرع ، وإنما في الشرع أن الوسائل لها أحكام المقاصد بشرط كون الوسيلة مباحة أما إذا كانت الوسيلة محرمة كمن يشرب الخمر للتداوي فإنه ولوكان فيه الشفاء ، فإنه يحرم فليس كل وسيلة توصل إلى المقصود لها حكم المقصود بل بشرط أن تكون الوسيلة مباحة ليست كل وسيلة يظنها العبد ناجحة بالفعل يجوز فعلها مثال ذلك المظاهرات, مثلاً : إذا أتى طائفة كبيرة وقالوا: إذا عملنا مظاهرة فإن هذا يسبب الضغط على الوالي وبالتالي يصلح وإصلاحه مطلوب

والوسيلة تبرر الغاية نقول :هذا باطل ، لأن الوسيلة في أصلها محرمة فهذه الوسيلة وإن صلحت وإصلاحها مطلوب لكنها في أصلها محرمة كالتداوي بالمحرم ليوصل إلى الشفاء فثم وسائل كثيرة يمكن أن تخترعها العقول لاحصر لها مبررة للغايات وهذا ليس بجيد ، بل هذا باطل بل يشترط أن تكون الوسيلة مأذوناً بها أصلاً ثم يحكم عليها بالحكم على الغاية إن كانت الغاية مستحبة صارت الوسيلة مستحبة وإن كانت الغاية واجبة صارت الوسيلة واجب
ة.))


اقتباس:
وأما عن تحريم المظاهرات فلا دليل على حرمتها
أولا: الذين قالوا بالجواز هم المطالبون بالدليل وليس العكس لأن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل ,والمظاهرات تدخل في العبادات لأنها طريقة من طرق إنكار المنكر وهذه عبادة فأي طريقة في إنكار المنكر غير طريقة محمد صلى الله عليه وسلم فهي باطلة كما أن أي طريقة في الصلاة غير طريقة محمد صلى الله عليه وسلم فهي باطلة وأي طريقة في الحج غير طريقة محمد صلى الله عليه وسلم فهي باطلة وهكذا في كل العبادات.
ثانيا: ومع هذا أهديك بعض الأدلة تجدها في هذين الكتابين -لم أقرأ مثلهما في تحرير هذه المسألة-:


الكتاب الأول:


  1. حمل كتاب (المظاهرات والاعتصامات والإضرابات رؤية شرعية) : الدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس


    إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي. إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.

    محتويات الكتاب
    :
    المقدمة:
    المبحث الأول:تعريف المظاهرات والإعتصامات والإضرابات.
    المبحث الثاني:حول نشأة أسلوب المظاهرات كوسبة لتغيير المنكر في بلاد المسلمين.
    المبحث الثالث:صلة المظاهرات بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    المبحث الرابع:في حجج من قال بالمظاهرات كوسيلة لتغيير المنكر
    المبحث الخامس:حجج المانعين للماظهرات كوسيلة لتغيير المنكر
    المبحث السادس:مفاسد المظاهرات وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع
    المبحث السابع:مناقشة أدلة القائلين بالمظاهرات كوسيلة لتغيير المنكر
    المبحث الثامن:ذكر القول الراجح في مسألة المظاهرات
    المبحث التاسع:المظاهرات ليست وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله
    الخاتمة:في بيان خلاصة البحث وقد أوردت(الكلام لصاحب الكتاب) في نهاية الكتاب بعد الخاتمة مجموعة من فتاوى علماء الأمة المعتبرين ,مع أنني ذكرت أجزاء منها متفرقة في ثنايا الكتاب,ولكن رأيت تتميما للفائدة جمعها متوالية بتمامها في آخر الكتاب,حتى يتسنى لمن أراد الرجوع إليها مباشرة دون واسطة إذ أنها تتعلق بمسألة بمسائل النوازل التي تمس الحاجة إلى العلم بها.

    التحميل المباشر للكتاب:
    https://www.archive.org/download/Mudhahrat/Mudhahrat.pdf


    الكتاب الثاني:
المظاهرات في ميزان الشريعة الإسلامية :

عبدالرحمن بن سعد بن علي الشثري ، قدم له وعلق عليه وحث على طبعه د. صالح بن فوزان الفوزان ، ط 1 ، 1432 هـ ، 218 صفحة .


اقتباس:
ومن قال بالحرمة بنوا ذلك على مظاهر تنفك عن المظاهرات
مثل قولهم أن المظاهرات فيها اختلاط ..أو المظاهرات فيها تخريب وشغب
وتلك مظاهر ليس لزوما أن تلازم المظاهرات
كيف ليست لزوما وكل المظاهرات التي مرت علينا فيها ذلك!
1-حتى أصحاب الشر سيقولون مثلكم، مقاصدنا سلمية ثم من يضمن لكم ألا يخرج من بين هذه الجموع من يفسد ويخرب. وتنبه العلامة محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ لمثل هذه الشبهة فقال ردا عليها: "وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية" انظر: "الجواب الأبهر" لفؤاد سراج .

هذا مستحيل في هذا العصر فالإختلاط أصبح عادة عند الناس فكيف ستتحكمون فيهم؟

2- يرد عليكم بقاعدة سد الذرائع ففي مثل هذه الحالات نسد هذه الذرائع من أساسها أفضل من محاولة وضع ضوابط لا يمكن للجماهير الغفيرة اتباعها خاصة وأنها غير مقتنعة بها ولأخذنا بكلامكم لقلنا بجواز الخمر الذي يحتوي على نسبة ضئيلة من الكحول بضابط عدم الإكثار وهذا مالا يقوله أحد فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(ماكان كثيره مسكر فقليله حرام) ونفس الشيء يقال في المظاهرات.
3-لو كانت المظاهرات خالية من هذه المفاسد فهذا يعني أن المسلمون على عقيدة صحيحة وعلى تسمك بدينهم وهذا يعني بداهة النصر وهذا يعني أنهم لا حاجة للمظاهرات أصلا فلو كان المسلمين اليوم متمسكون بدينهم لما انهزموا أمام أعدائهم-إلا لحكمة أرادها الله تعالى- ولما إحتاجوا للمظاهرات أصلا
4-هناك مفسدتين لا يمكن تركهما إلا بترك المظاهرات ألا وهما:
-المظاهرات بدعة
-المظاهرات تشبه بالكفار.

اقتباس:
أو حرّموها بقولهم أن المظاهرات هي خروج على ولي الأمر
وهذا ليس بلازم .. لأن ولي الأمر نفسه أباح المظاهرات السلمية في بعض البلدان
وإن يكن ذلك فهي-المظاهرات- لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقد سئل العلامة العثيمين عن حكم المظاهرات إذا أذن بها الحاكم فأجاب((
عليك باتباع السلف، إن كان هذا موجود عند السلف فهو خير، وإن لم يكن موجود فهو شر، ولا شك أن المظاهرات شر، لأنها تؤدي
إلى الفوضى لا من المتظاهرين ولا من الآخرين،وربما يحصل فيها اعتداء إما على الأعراض وإما على الأموال، وإما على الأبدان لأن الناس في خضم هذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران ما يدري ما يقول ولا ما يفعل.فالمظاهرات كلها شر، سواء أذن بها الحاكم أو لم يأذن وإذن بعض الحكام بها ما هي إلا دعاية وإلا لو رجعت لما في قلبه لكان يكرهها أشد الكراهة، لكن يتظاهر كما يقولون إنه ديمقراطي. وأنه قد فتح باب الحرية للناس وهذا ليس من طريق السلف.

(عن شريط / لقاء الباب المفتوح ( الجلسة
الثانية)
اقتباس:
كما أن الخروج على ولي الأمر ليس حراما دائما
بل له ضوابطه وأحكامه : فأحيانا يكون حراما ..وأحيانا مباحا جائزا ..وأحيانا واجبا ..
إن قصدت بكلامك الحاكم الكافر فالحاكم الكافر يجب الخروج عليه إلا إذا لم تتوفر القدرة(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)).
وإن قصدت بكلامك الحاكم المسلم وإن ظلم وفسق فقد أبعدت النجعة بل لا يجوز الخروج على الحاكم المسلم وإن ظلم وفسق
قال النبي صلى الله عليه وسلم((
"إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك؟ قال: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْمتفق عليه، أخرجه البخاري حديث (3603)، ومسلم حديث (1843).
فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أطلعه الله على ما سيكون في هذه الأمة من جور الأمراء واستئثارهم بالأموال والمناصب وغيرها، ولما أخبر أصحابه بهذا الواقع الذي سيكون لا محالة، سأله أصحابه الكرام: كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك؟

فأجابهم -صلى الله عليه وسلم- بما يجنبهم الخوض في الفتن وسفك الدماء، فقال: "تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ".
ولم يقل -صلى الله عليه وسلم-: ثوروا عليهم وتظاهروا،، وطالبوا بحقوقكم، وامنعوهم حقهم كما منعوكم حقوقكم.
وقال -صلى الله عليه وسلم- للأنصار الكرام
: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حتى تَلْقَوْنِي على الْحَوْضِ"، أخرجه البخاري حديث (3792)، ومسلم (1845)
</b>









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:46   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

]المظاهرات وسيلة طارئة

والوسيلة لها حكم المقصد كما هو معروف عند أهل العلم

والقول أن المظاهرات بدعة حرام لأنها لم تكن على زمن السلف قول غير موفق

فليس من شرط الوسيلة ثبوت حصولها زمن السلف

بالصوت : (( حكم المظاهرات للشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله )) .

بالصوت : (( حكم المظاهرات للشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله





للتحميل

هنا









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:01   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جماع الكلام في المظاهرات على الحكام

الحمد لله الذي لم يدع للمسلمين في غير التزام دينه من البلاء مخرجاً، والصلاة والسلام على نبيه الذي بيَّن لنا من كل فتنة مخرجاً، ورضي الله عن أصحابه وأتباعهم الذين لا يجدون في الرجوع إلى كلام ربهم وهُدى نبيهم حرجاً، أما بعد:
فيقول محبكم: أبو بكر أسامة بن محمود الحريري عفا الله عنه:
لقد أحزننا -والله- ما يجري على أمة الإسلام وأن يتهاوى الناس في فتنة كهذه التي يشهدها العالم اليوم من خروج على السلاطين والحكام باسم المظاهرات والسلمية والمطالبة بالحقوق وغير ذلك من الشعارات التي لا يراد بها إلا لجم الأفواه لتسويغ نزع الناس يدهم من طاعة حاكمهم، فيقتل من المسلمين ما يقتل، ويهتك من الأعراض ما يهتك، وتنتهك الحرمات، وتسرق الأموال، وأعظم من ذلك أن يُذهب بالدين في بعض الأحيان.
ومن العجيب أن ذلك كله قد سبق أن انتشر عن الرافضة تخطيطهم له في بروتوكولاتهم الخمسينية، ولم يتأمل أحد من المسلمين ما سبب اختصاص دولٍ كتونس ومصر وليبيا والبحرين والسعودية وسوريا وغيرها من دول المنطقة بمثل هذا الخروج دون دولٍ حكامُها من أكفر أهل الأرض وأظلمهم على الإطلاق، أولم يتفكروا في مجرد احتمال كون هذه فتنة كيف لهم أن يتقوها إن كانت كذلك، أيتهافت الناس على النار تهافت الفراش حتى إذا ذبَّهم عنها ذابٌّ جعلوا يكيلون له الاتهامات وسيول اللعنات!!
لقد ذكرني هذا بالحديث الثابت عن حذيفة رضي الله عنه قال: ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها، وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا -صغيرة ولا كبيرة- إلا تتَّضع لفتنة الدجال"( ).
لقد بلغ الخلل في تفكير الناس إلى حدٍّ ذهبت معه عقولهم كما ورد في الحديث عن الحسن أن أسيد بن المتشمس قال: أقبلنا مع أبي موسى الأشعري من أصبهان فتعجلنا وجاءت عقيلة فقال أبو موسى: الا فتى ينـزل كنته قال: يعني أمة الأشعري، فقلت: بلى فأدنيتها من شجرة فأنزلتها ثم جئت فقعدت مع القوم، فقال: ألا أحدثكم حديثاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثناه؟ فقلنا: بلى يرحمك الله! قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا أن بين يدي الساعة الهرج، قيل: وما الهرج؟ قال: الكذب والقتل، قالوا: أكثر مما نقتُل الآن؟ قال: إنه ليس بقتلكم الكفار! ولكنه قتل بعضكم بعضاً حتى يقتل الرجل جاره ويقتل أخاه ويقتل عمه ويقتل ابن عمه!! قالوا: سبحان الله! ومعنا عقولنا؟! قال: لا ألا إنه ينـزع عقول أهل ذاك الزمان حتى يحسب أحدكم أنه على شيء وليس على شيء –وفي رواية: إنه لينـزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس يحسب أكثرهم أنه على شيء وليسوا على شيء-، قال أبو موسى: والذي نفس محمد بيده لقد خشيت أن تدركني وإياكم تلك الأمور، وما أجد لي ولكم منها مخرجاً فيما عهد إلينا نبينا صلى الله عليه وسلم إلا أن نخرج منها كما دخلناها لم نحدث فيها شيئاً –وفي الرواية الأخرى: لم نصب فيها دماً ولا مالاً-( ).
وإنما مرجع ذلك وأسبابه فيما بيّن لنا ربنا ونبينا صلى الله عليه وسلم في عدة أمور يجب على كل أحد الوقوف عليها قبل الكلام في هذه الفتن الواقعة في ديار الإسلام نسأل الله لنا وللمسلمين منها العافية.
وجماع هذه الأمور كلها يرجع إلى استقرار عقل الفرد وطريقة تفكيره واطمئنان قلبه تجاه ثلاثة أشياء:
1- الدنيا بما فيها من شهوات وملذات واحتياجات متنوعة ما بين ضرورات وحاجيات وتكميليات.
2- علاقة الحاكم والمحكوم، وما يحف هذه العلاقة من واجبات وحقوق ومخاطر خاصة وعامة.
3- علاقة الفرد بربه تبارك وتعالى، فالعبد يدور بين رغبات يرجو تحصيلها، ومخاوف يرجو نجاته منها.
فطريق الإسلام في الوصول إلى الأمن الشامل يتجلى أساسها في تحقيق الأمن الفكري للمجتمع واستقرار العقل واطمئنان القلب لأفراده؛ وهو يدور على هذه الأمور على النحو الآتي:
أولاً: تحقيق الأمن الفكري باستقرار الفكر واطمئنان القلب تجاه الدنيا:
ذلك أن الإسلام دفع الفرد إلى الراحة النفسية التامة تجاه شؤون الحياة الدنيا من خلال تركيزه على الأمور الآتية:
1- تكفل الله تعالى لعبد بتحقيق ما يسرُّ العبد في دنياه وتوسعة العطاء عليه من الأموال والأولاد والثمرات إذا التفت العبد عنها إلى طاعة ربه سبحانه وتعالى، وذلك ما تردد في العديد من آيات الكتاب العزيز، ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف : 96].
{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء : 66 - 70].
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} [المائدة : 65 ، 66].
2- حث الفرد على الزهد في الدنيا وعدم طلبها لذاتها، وبالتالي لا يكون تحصيلها شغله الشاغل، كما في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك( ).
3- قصر نظر الفرد على من هو دونه في شؤون الدنيا، وعلى من هو فوقه في شؤون الدين، مما يجعله شاكراً لنعمة ربه مقدراً لها حق قدرها، فلا يطلب المزيد منها بغير حقه ووسائله المشروعة، كما في الحديث عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس"( ).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء، فقال: "ما لي وللدنيا! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها"( ).
4- تبيين حال الدنيا وهوانها على الله تعالى وما ينبغي أن يكون حال العبد معها وما يكفيه منها، كما في الحديث عن عبيد الله بن محصن الخطمي الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا"( ).
ثانياً: تحقيق الأمن الفكري باستقرار الفكر واطمئنان القلب بين الحاكم والمحكوم:
وهذا أمر عظم خطره في الآونة الأخيرة وكثر خطأ الناس وانزلاقهم فيما يخالف المنهج الرباني فيه، فغلا أقوام في الحاكم فقدَّسوه وأطاعوه في معصية الله تعالى، وجفا عنه آخرون حتى تظاهروا وخرجوا عليه وحاربوه، والحق بين هؤلاء وأولئك كما سيتبين من منهج الإسلام في تحقيق الأمن الفكري جهة الحاكم وذلك بعرض الأمور الآتية في محورين اثنين:
المحور الأول: من جهة الحاكم نفسه، وذلك من خلال الآتي:
1- أمَر الله تعالى الحاكم أن يقوم للناس بالقسط والحق والعدل، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء : 58]، قال ابن كثير: "قوله: { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس؛ ولهذا قال محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب: إنما نزلت في الأمراء، يعني الحكام بين الناس. وقوله: { إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ } أي: يأمركم به من أداء الأمانات، والحكم بالعدل بين الناس، وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة"( ).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بالعدل: فهذان جماع السياسة العادلة، والولاية الصالحة"( ).
وقال ابن القيم: "وجميع هذه الولايات في الأصل ولايات دينية ومناصب شرعية، فمن عدل في ولاية من هذه الولايات وساسها بعلم وعدل؛ وأطاع الله ورسوله بحسب الإمكان، فهو من الأبرار العادلين، ومن حكم فيها بجهل وظلم، فهو من الظالمين المعتدين، و{إن الأبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفي جحيم}"( ).
وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: « إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا »( ).
كما جاء الوعيد الشديد لمن ولي فظلم وجار ولم يقم بحق الله عليه في ولايته، ففي الحديث عن معقل ابن يسار قال في مرضه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة »( ).
2- وجهت الشريعة الإسلامية الحاكم إلى أخذ الناس بالرفق فيما ليس فيه حدٌّ شرعي، كما في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: « اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به »( ).
المحور الثاني: معاملة المحكوم للحاكم المسلم، وذلك من خلال الآتي:
1- عدم طلب الإمارة أصلاً والتزهيد فيها والإقبال على شؤون المرء الخاصة وعلاقته مع ربه ليستكملها ولا ينشغل بالإمارة عنها مع ما فيها من المسؤولية، ففي الحديث عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال: « يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها »( ).
وفي الحديث عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة؛ وُكِلْتَ إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها؛ فكفر عن يمينك وَائْت الذي هو خير »( ).
وفي الحديث أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة، وبئست الفاطمة »( ).
2-
توجيه المسلم إلى التعامل الشرعي مع الحاكم، وقد سبق استعراض بعض النصوص في ذلك، وهي تدعو في مجملها إلى: الصبر على جوره، والسمع له، والطاعة في المعروف، وعدم نزع يدٍ من طاعة مهما صدر منه دون الكفر البواح، والنصيحة له في السِّرِّ وبرفق، وعدم الغل عليه أو الغش له، والدعاء له في السر والعلن بالصلاح والمعافاة، ونشر محاسنه بين الناس، وأداء حقوقهم علينا وإن تعدوا على حقوقنا( ).
وما فتئ علماء السنة سلفاً وخلفاً( ) يذكرون الدعاء للسلطان بالصلاح والمعافاة على أن سنة واتباع، وخلافُه شرٌّ وابتداع، معلِّلين ذلك بأن صلاحَه صلاحُ الأمة كما ورد في عدة أحاديث( )، وقد روى اللالكائي عن الفضيل بن عياض أنه قال: "لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام، لأنه إذا صلح الإمام أمِن البلادُ والعباد"( ). ورواه عنه أبو نعيم بلفظ: "لو أن لي دعوة مستجابة ما صيَّرتها إلا في الإمام، قيل له: وكيف ذلك يا أبا علي؟ قال: متى ما صيرتها في نفسي لمْ تَجُزْني، ومتى صيرتها في الإمام فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد" وفسَّرها، فقبَّل ابن المبارك جبهته وقال: يا معلم الخير! مَن يحسن هذا غيرك( ).
أما المظاهرات –وإن سلمية زعموا- فضلاً عن الخروج بالسيف فهي من سبيل الكفار وأهل البدع في مختلف الأزمان، كما نص عليه أئمة الإسلام، قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: "لما خرج أبو ذر رضي الله عنه إلى الرَّبَذة لقيه ركْبٌ من أهل العراق فقالوا: يا أبا ذر قد بلغَنا الذي صُنع بك فاعقد لواء يأتيك رجال ما شئت. فقال: مهلاً، مهلاً يا أهل الإسلام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون بعدي سلطان فأعزوه، من التمس ذله ثغر ثغرة في الإسلام ولم يقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت"( ).
قال ابن قيم الجوزية: "
لزوم جماعتهم مما يطهر القلب من الغل والغش ؛ فإن صاحبه - للزومه جماعة المسلمين – يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها، ويسوؤه ما يسوؤهم، ويسره ما يسرهم، وهذا بخلاف من انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذم، كفعل الرافضة والخوارج والمعتزلة وغيرهم؛ فإن قلوبهم ممتلئة غلاً وغشاً، ولهذا تجد الرافضة أبعد الناس من الإخلاص، وأغشهم للأئمة والأمة، وأشدهم بعداً عن جماعة المسلمين. فهؤلاء أشد الناس غلاً وغشاً بشهادة الرسول  والأمة عليهم، وشهادتهم على أنفسهم بذلك؛ فإنهم لا يكونون قط إلا أعواناً وظهراً على أهل الإسلام، فأي عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو وبطانته، وهذا أمر قد شاهدته الأمة منهم، ومن لم يشاهده فقد سمع منه ما يصم الآذان ويشجي القلوب"( ).
3-
مسؤولية الحكم العام على الأمة تقع حصراً على الحاكم دون المحكوم، وليس للناس أن يحاسبوه حتى لا ينتكس الوضع وينقلب الحاكم محكوماً والمحكوم حاكماً!، والحاكم وحده يتحمل مسئولية تصرفاته، والله يحاسبه عليها، كما قال صلى الله عليه وسلم: « إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه »( ).
وعن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم »( ).
وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم: «
أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم »( ).
4- تعريف المسلم بأن الشرع المطهر إنما كلَّف المسلم ببذل النصيحة للإمام إن قدر عليها أو السكوت
وعدم الخوض في جور الإمام ولا معاونته بأي شكل، كما في الحديث عن قتادة حدثنا الحسن عن ضبة بن محصن العنـزي عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع ». قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: « لا ما صلوا ». قال قتادة: أي: من كره بقلبه وأنكر بقلبه( ).
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفاً ولا شرطياً ولا جابياً ولا خازناً »( ).
5-
عدم الملالة من الصبر على جور الأئمة لأن ذلك من أوامر الشرع الكريم، ولأن الشرع مدَّ أَمَدَ الصبر إلى يوم القيامة، فلم يسمح بنفاد الصبر قبل ذلك، قال البخاري( ): "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار اصبروا حتى تلقوني على الحوض، قاله عبد الله بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم". ثم روى عن أنس بن مالك عن أسيد بن حضير أن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلاناً؟ قال: ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض( ). ثم روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: "إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني وموعدكم الحوض"( ).
ف
هذا أنس بن مالك الصحابي الذي عاصر الحجاج ينقل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل أظلم من الحجاج مضرب المثل في الظلم، وقد صرح أنس رضي الله عنه أن هذا الصبر أراد به مقابلة ظلم الحجاج فقد روى البخاري عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: "اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم"( ).
6-
الالتجاء إلى الله تعالى عند جور الأئمة وتقدير الله حق قدره وتحسين الظن به، لأنه هو وحده سبحانه القادر على تغيير حال الناس إلى خير منه، واستعجال الناس التغيير بغير الطريقة الشرعية يؤدي بهم إلى غضب ربهم وعكس مقصودهم، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [المؤمنون : 76 ، 77]، {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام : 42 - 44]، {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [الأعراف : 94 ، 95].
قال الحسن البصري: "لو أن الناس إذا ابتلوا من سلطانهم بشيء صبروا ودعوا الله لم يلبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، والله ما جاؤوا بيوم خير قط، ثم تلا هذه الآية {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف : 137]"( ).
وقد سبقه إلى هذا المعنى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم أولى بكل خير وأجدر ألا يفوتهم إلى من بعدهم، وإمامهم في ذلك المصطفى لا الرأي والهوى، فقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا؛ فإن الأمر قريب"( ).
قال الحافظ ابن حجر: "
وفي حديث عمر في مسنده للإسماعيلي من طريق أبي مسلم الخولاني عن أبي عبيدة بن الجراح عن عمر رفعه قال: أتاني جبريل فقال: إن أمتك مفتتنة من بعدك، فقلت: من أين؟ قال: من قبل أمرائهم وقرائهم يمنع الأمراء الناس الحقوق فيطلبون حقوقهم فيفتنون ويتبع القراء هؤلاء الأمراء فيفتنون، قلت: فكيف يسلم من سلم منهم؟ قال: بالكفِّ والصبر، إن أعطوا الذي لهم أخذوه، وإن منعوه تركوه"( ).
قال ابن كثير: "{ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } أي: يدعون ويخشعون ويبتهلون إلى الله تعالى في كشف ما نزل بهم. وتقدير الكلام: أنه ابتلاهم بالشدة ليتضرعوا، فما فعلوا شيئاً من الذي أراد الله منهم، فقلب الحال إلى الرخاء ليختبرهم فيه؛ ولهذا قال: { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ } أي: حولَّنا الحال من شدة إلى رخاء، ومن مرض وسقم إلى صحة وعافية، ومن فقر إلى غنى، ليشكروا على ذلك، فما فعلوا.
وقوله: { حَتَّى عَفَوْا } أي: كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم، يقال: عفا الشيء إذا كثر، { وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } يقول تعالى: ابتلاهم بهذا وهذا ليتضرعوا ويُنيبوا إلى الله، فما نَجَع فيهم لا هذا ولا هذا، ولا انتهوا بهذا ولا بهذا بل قالوا: قد مسَّنا من البأساء والضراء، ثم بعده من الرخاء مثل ما أصاب آباءنا في قديم الدهر، وإنما هو الدهر تارات وتارات، ولم يتفطنوا لأمر الله فيهم، ولا استشعروا ابتلاء الله لهم في الحالين. وهذا بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء، ويصبرون على الضراء"( ).
وقال الحسن البصري: "اعلم –عافاك الله- أن جور الملوك نقمة من نقم الله تعالى، ونِقم الله لا تلاقى بالسيوف، وإنما تُتقى وتُستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب"( ).
7- النظر إلى الحاكم على أنه مرآة لشعبه، كما قيل في المثل السائر: كما تَكُونوا يُولَّى عليكم، قال الطرطوشي في كتابه (سراج الملوك) في البابُ الحادي والأربعون: كما تكونوا يولى عليكم: لم أزل أسمعُ الناسَ يقولون : " أعمالكم عمالكم كما تكونوا يولى عليكم"؛ إلى أن ظفرتُ بهذا المعنى في القرآن، قال الله تعالى : {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا} [ الأنعام : 129 ].
قال السيوطي: "أخرج أبو الشيخ عن منصور بن أبي الأسود قال: سألت الأعمش عن قوله {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً} ما سمعتهم يقولون فيه قال: سمعتهم يقولون إذا فسد الناس أمر عليهم شرارهم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مالك بن دينار قال: قرأت في الزبور: إني أنتقم من المنافق بالمنافق ثم أنتقم من المنافقين جميعاً وذلك في كتاب الله قول الله {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون}"( ).
8-
ولذلك لم ينفع الشعب أن يكون حاكمهم رسولاً من أولي العزم من الرسل، فهؤلاء بنو إسرائيل لما نجاهم الله تعالى من الغرق وخلصهم بموسى من فرعون وجنوده أجمعين أول شيء وقعوا فيه الشركُ بالله تعالى! أفلا يقعون في غيره من المعاصي والظلم، كما قال تعالى حاكياً حالهم بعد إهلاك عدوه وعدوهم فرعون وجنوده: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف : 137 - 139]، ولذلك وقعوا في قتل الأنبياء والصالحين كما قال تعالى حاكياً حالهم: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة : 61]، فتأمل كيف تمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا، وما أصابهم عندما قالوا: لن نصبر، {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر : 2].
9-
إذا علم المرء ما تقدم ثم أصر على طلب الولاية برغم ذلك كله؛ فليعلم أنْ لا أمل له في أخذ مكان الحاكم إلا أن يشاء الله تعالى فليلجأ إليه وحده، ولا يسلكنَّ الطرق الملتوية للوصول إليها، وليتأمل كيف استأثر الله سبحانه وتعالى بنسبة التمكين في الأرض لنفسه، قال تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} [الأنعام : 6]، وقال: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص : 57 - 59]، وقال: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف : 21]، وقال: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف : 56 ، 57]، وقال: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف : 84 ، 85]، وقال: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} [القصص : 6]، وقال: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الأعراف : 10]، وقال: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج : 41]، وقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} [النور : 55 - 57].
فقطع سبحانه أنظار الأفراد عن الحكم بأن جعل التمكين في الأرض له وحده.
وقد ذكر أبو الحسن الأشعري خمسة وعشرين خارجاً كلهم من آل البيت! ولم يكتب لأحد منهم نصيب في الخروج!!! ( )
وروى ابن سعد قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد قال: ذَكر أيوبُ القراءَ الذين خرجوا مع ابن الأشعث فقال:
"لا أعلم أحداً منهم قتل إلا قد رُغب له عن مصرعه، ولا نجا فلم يقتل إلا قد ندم على ما كان منه"( ).
ويكفي من ذلك كله ما ثبت عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك السمع والطاعة، في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك، ولا تنازعِ الأمرَ أهلَه وإنْ رأيتَ أنَّ لكَ"( )، أي: "وإن اعتقدت أنّ لكَ في الأمر حقًّا؛ فلا تعمل بذلك الظن، بل اسمع وأطع إلى أن يصل إليك بغير خروج عن الطاعة"( ).
ثالثاً: تحقيق الأمن الفكري باستقرار الفكر واطمئنان القلب تجاه الله تبارك وتعالى:
ذلك أن المسلم يؤرقه خوفه من ربه تبارك وتعالى مما قد يؤول بالبعض أحياناً إلى القنوط من رحمة الله تعالى وهو ما حذر الله تعالى منه وحذر منه رسوله صلى الله عليه وسلم وأرشد إلى الإقبال على الله تعالى مع حسن الظن به من خلال الآتي:
1- كون الله تعالى حكم عدل لا يظلم مثقال ذرة، وكونه لا يحمل على كل نفس إلا عملها، ولا يهضمها حقها، ولا يثقل عليها بغير عملها، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء : 40]، وقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت : 46]، وقال تعالى: {قَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه : 111 ، 112].
2- إكثار الله تعالى من وصف نفسه بصفات الرحمة والعفو والمغفرة والود والرأفة وغيرها، وقرنها بصفات القوة والعزة وشدة العقاب ونحو ذلك، كما قال تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر : 2 ، 3]، وقال: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف : 167]، قال ابن كثير في تفسيره: "وهذا من باب قرن الرحمة مع العقوبة، لئلا يحصل اليأس، فيقرن الله تعالى بين الترغيب والترهيب كثيراً؛ لتبقى النفوس بين الرجاء والخوف"( ).
3- تأكيد الله سبحانه وتعالى على أنه يتجاوز عن الكثير مما يقع من العبد من الذنوب إذا تحرى العبد عدم إصابتها في الجملة، كقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء : 31]، بل وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء : 48]، وغيرها من جنسها، وفي الحديث عن أبي هريرة رذي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي"( ).
والله أعلم بما يُصلح عباده مع عفوه عنهم وتجاوزه عن خطاياهم، قال تعالى: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26) وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى : 26 - 30].
4- حث المؤمن على إحسان الظن بالله تعالى لأنه يجازي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها أو يعفو، بل ويعفو عن كثير، بل قد يبدل سيئات العبد إلى حسنات، كما قال تعالى: {مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان : 70].
وكلمة أخيرة أختم بها لمن كان له قلب فأقول:
إنما الحاكم رجل من الناس، له ذنوبه وأخطاؤه، وله حسناته ورجاؤه، فما بالنا نرجو لأنفسنا النجاة وله النار.
ولماذا يجزم البعض بأن الله لا يغفر لفلان لأنه حاكم، ويظن أنه قد غفر له هو ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
لماذا تعظم في عين الواحد من هؤلاء خطيئة الحاكم ولو صغرت؛ وتصغر في عينه خطيئته وإن كبرت.

ومما اشتهر من السنة حَدِيث: "تُبْصِرُ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَتَنْسَى الْجذَعَ فِي عَيْنِكَ"( ).
وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه قدم وافداً على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فقضى له حاجته ثم دعاه فأخلاه، فقال معاوية رضي الله عنه: يا مسور ما فعَل طعنُك على الأئمة ؟
فقال المسور رضي الله عنه: دعنا من هذا، وأحسِن فيما قدِمْنا له.
فقال معاوية رضي الله عنه: لا والله لتكلَّمن بذات نفسك والذي تعيب عَليَّ.
فقال المسور رضي الله عنه: فلم أترك شيئاً أعيبه عليه إلا بيَّنتُه له.
فقال معاوية رضي الله عنه: لا بريءٌ من الذنب، فهل تعدُّ يا مسور ما لي من الإصلاح في أمر العامة، فان الحسنة بعشر أمثالها، أم تعدُّ الذنوب وتترك الحسنات ؟
فقال المسور رضي الله عنه: لا والله ما نذكر إلا ما ترى من هذه الذنوب.
فقال معاوية رضي الله عنه: فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم يغفرها الله ؟
فقال مسور رضي الله عنه: نعم !
فقال معاوية رضي الله عنه: فما يجعلك أحق أن ترجو المغفرة مني ؟ فوالله لَمَا أَلِيْ من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكنْ والله لا أُخيَّر بين أمرين -بين الله وبين غيره- إلا اخترت الله تعالى على ما سواه. وإنا على دينٍ يقبل الله فيه العمل ويجزي فيه بالحسنات ويجزي فيه بالذنوب إلا أن يعفو عمن يشاء، فأنا أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها، وأوازي أموراً عظاماً لا أحصيها ولا تحصيها؛ مِن عَملٍ لله في إقامة صلوات المسلمين والجهاد في سبيل الله عز وجل والحكم بما أنزل الله تعالى، والأمور التي لست تحصيها وإن عددتُها لك، فتفكر في ذلك.
فقال المسور رضي الله عنه: فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر لي ما ذكر.
فلم يُسمع المسور بعد ذلك يذكر معاوية إلا استغفر له"
( ).
وعن الزبرقان قال: كنت عند أبي وائل فجعلت أسب الحجاج وأذكر مساويه. فقال: لا تسبه. وما يدريك لعله قال : اللهم اغفر لي فغفر له"( ).
قال أبو عبد الله محمد المناوي في كتابه "طاعة السلطان" (30): لا يتمنى زوال السلطان إلا جاهل مغرور أو فاسق يقع في كل محذور، فواجب على كل واحد من الرعية أن يرغب إلى الله بنصرة السلطان، وأن يبذل له نصحه بصالح دعائه؛ فإن في نصرته وصلاحه صلاح البلاد والعباد. والسلطان معذور لانتشار الأمور عليه وكثرة ما يكابده من ضبط جوانب المملكة، وقلة الناصح له، وكثرة المدلِّس عليه والطامع.اهـ
ثم تأمل كلمة هذا الإمام الهمام، يقول ابن القيم رحمه الله: "وتأمل حكمته تعالى في أنْ جعَل ملوكَ العباد وأمراءَهم وولاتهم من جنس أعمالهم، بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم، فإن استقاموا استقامت ملوكهم، وإن عدلوا عدلت عليهم، وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم، وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك، وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق وبخلوا بها عليهم، وإن اخذوا ممن يستضعفونه ما لا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم الملوك ما لا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف، وكلُّ ما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة، فعمَّالهم –يعني حكامَهم- ظهرت في صور أعمالهم".
ثم يقول: "وليس في الحكمة الإلهية أن يولى على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم، ولما كان الصدر الأول خيار القرون وأبرها؛ كانت ولاتهم كذلك، فلما شابوا شابت لهم الولاة، فحكمة الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز، فضلاً عن مثل أبي بكر وعمر، بل ولاتنا على قدرنا، وولاة من قبلنا على قدرهم، وكلٌّ من الأمرين مُوجب الحكمة ومقتضاها"( ).
فهذا دين الله وإن أبى مَن أبى، وهذا هُدَى نبيه وإن رغب عنه مَن رغب، وهذا منهج صحابته وتابعيهم سلفِ الأمة وأئمتها، فبهداهم اقتده؛ ولا تكن من الذين لا يهتدون.
{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء : 80 - 83].
{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 43، 44].
{يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود : 88 - 90].
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

الحواشي:
( ) أخرجه أحمد ج5، ص389، وابن حبان (1897). قال الألباني: إسناده صحيح ورجاله ثقات رجال الشيخين. انظر: قصة المسيح الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، محمد ناصر الدين الألباني، نشر: المكتبة الإسلامية - عمان – الأردن، ص51.
( ) أخرجه أحمد ج4، ص406، رقم (19653). وإسناده صحيح، والرواية الأخرى له ج4، ص414، رقم (19732) بنفس الإسناد.
( ) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، ج8، ص110، رقم (6416).
( ) رواه ابن ماجه، ج5، ص225، رقم (4102) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (944).
( ) رواه الترمذي، ج4، ص166، رقم(2377) وابن ماجه، ج5، ص229، رقم(4109)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
( ) رواه الترمذي ج4، ص574، رقم (2346) وابن ماجه، ج5، ص253، رقم (4141)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وحيزت: جمعت.اهـ
( ) تفسير القرآن العظيم، ج2، ص341.
( ) السياسة الشرعية، ص4.
( ) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص324.
( ) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، ج6، ص7، رقم (4825).
( ) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار، ج1، ص88، رقم (383)، وفي: كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، ج6، ص9، رقم (4836).
( ) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، ج6، ص7، رقم (4825).
( ) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، ج6، ص6، رقم (4823).
( ) رواه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، ج8، ص159، رقم (6622)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، ج5، ص86، رقم (4370).
( ) رواه البخاري، كتاب الأحكام، باب ما يكره من الحرص على الإمارة، ج9، ص79، رقم (7148).
( ) في ذلك أحاديث كثيرة جداً رواها أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها بأسانيد صحيحة. انظر –مثلاً-: الكتاب الرابع : في الخلافة والإمارة، من جامع الأصول في أحاديث الرسول، ج4، ص42 وما بعدها..
( ) انظر: مفهوم الجماعة والإمامة ووجوب لزومها وحرمة الخروج عليها في ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، أ.د سليمان بن عبد الله أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الثانية، 1428هـ-2007م، ص155-174.
( ) كما في الحديث عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيف من منى، فقال: نضر الله امرءاً سمع مقالتي فبلغها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لولاة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم. رواه ابن ماجه (3056).
( ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، هبة الله بن الحسن بن منصور أبو القاسم اللالكائي، تحقيق: د. أحمد سعد حمدان، نشر: دار طيبة - الرياض، 1402هـ، ج1، ص176.
( ) حلية الأولياء، ج8، ص91-92، وتاريخ دمشق، ابن عساكر، ج48، ص445، بسند صحيح. وانظر ما قالت حكماء العرب والعجم في الباب الثامن من كتاب: سراج الملوك، لأبي بكر الطرطوشي، وهو باب في منافع السلطان ومضاره.
( ) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (499رقم1079). وصححه الألباني في ظلال الجنة (499).
( ) مفتاح دار السعادة (1/277-278).
( ) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب في الإمام إذا أمر بتقوى الله وعدل كان له أجر، ج6، ص17، رقم (4878) عن أبى هريرة رضي الله عنه.
( ) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق، ج6، ص19، رقم (4888).
( ) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ج4، ص206، رقم (3455)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، ج6، ص17، رقم (4879).
( ) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع وترك قتالهم ما صلوا ونحو ذلك، ج6، ص23، رقم (4907). وبقول قتادة قال الإمام أحمد كما في رواية أبي داود عنه. انظر: جامع العلوم والحكم، زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، نشر: دار المعرفة – بيروت، الطبعة الأولى، 1408هـ، ص323.
( ) رواه ابن حبان، ج10، ص446، رقم (4586)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (790).
( ) كتاب المناقب، ج5، ص41.
( ) رقم (3792).
( ) رقم (3793).
( ) رواه البخاري كتاب الفتن، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه، ج9، ص61، رقم (7068).
( ) أخرجه ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في الدر المنثور في التفسير بالمأثور، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: مركز هجر للبحوث، نشر: دار هجر – مصر، 1424هـ ـ 2003م، ج6، ص534.
( ) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة ج2، ص474، رقم (1015) وابن عبد البر في التمهيد ج21، ص287، وعزاه في كنـز العمال ج5، ص780؛ لابن جرير، وإسناده جيد كما قال الألباني في ظلال الجنة ج2، ص217.
( ) فتح الباري، ج13، ص6.
( ) تفسير القرآن العظيم، ج3، ص449-450.
( ) آداب الحسن البصري، لابن الجوزي، تحقيق: محمد بن ناصر العجمي، نشر: دار النوادر، دمشق، 1426هـ، ص119.
( ) الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ج6، ص203.
( ) مقالات الإسلاميين، ج1، ص151-166.
( ) الطبقات الكبرى، ج7، ص188، رقم (9095). وانظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، ج8، ص75.
( ) رواه الإمام أحمد في مسنده، ج5، ص321، رقم (2787)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين وأصله فيهما دون قوله: (وإنْ رأيتَ أنَّ لكَ).
( ) فتح الباري، ج13، ص8.
( ) ج3، ص497.
( ) رواه البخاري كتاب التوحيد، باب {وكان عرشه على الماء}، ج9، ص153، رقم (7422).
( ) قال السخاوي في المقاصد الحسنة، ج1، ص249-250، رقم (314).: رواه البيهقي في الشعب والعسكري من حديث محمد بن حميد عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع أو الجذل في عينه"، ومن حديث أبي الأشهب عن الحسن البصري، أنه قال: "يا ابن آدم تبصر القذاة في عين أخيك، وتدع الجذع معترضاً في عينيك"، وللبيهقي في الشعب عن ابن عمر من قوله: "كفى من البغي ثلاث: أن تبصر من الناس ما يخفى عليك من نفسك، وأن تعيب عليهم فيما تأتي، وتؤذي جليسك بما لا يعنيك"، قال: وروي معناه عن عمر، ومما قيل:
أرى كل إنسان يرى عيب غيره... ويعمى عن العيب الذي هو فيه
ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه... ويعمى عن العيب الذي بأخيه
( ) أخرجه عبد الرزاق في المصنف، ج11، ص344، رقم (20717) والخطيب في تاريخه، ج1، ص208، بسند صحيح.
( ) أخرجه هناد السري في الزهد ج2، ص464، رقم (931) ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في الحلية ج4، ص102، بسند صحيح.
( ) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت، ج1، ص253.









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:06   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لشيخ عثمان الخميس حفظه الله: يوضح فتواه أن من مات في المظاهرات ليس شهيدا وتعليق على أحداث البحرين والرد على الديمقراطية الغربية

وضح الشيخ فتواه بأن من قتل في المظاهرات ليس شهيدا وبين حكم الدعوة للديمقراطية وحكم الخروج على الحكام:
من هنا


من هنا









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:09   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم المظاهرات لفضيلة الشيخ عبد المالك بن أحمد رمضاني حفظه الله تعالى

حكم المظاهرات لفضيلة الشيخ
عبد المالك بن أحمد رمضاني


بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله، وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن والاه.

لا يخفى على القارئ ما حصل في كثير من البلاد الإسلاميّة من القيام على حكّامهم بالمظاهرات للمطالبة بحقوقهم بل للمطالبة بسقوط الأنظمة الموجودة، وقد أيّدهم -إن لم نقل حرّكهم- على ذلك قوى عالميّة كبرى لمآرب لا تخفى على الأذكياء، وأصبح من النّاس من يقول: إنّ خروج النّاس في مظاهرات أو احتجاجات عامّة على أنظمتهم الجائرة من الوسائل الّتي ثبت نفعها؛ إذ كانت سببا في تغيير تلك الأنظمة، وضغطت على الحكّام حتّى يَعملوا لشعوبهم حسابَها ويُحسّنوا أوضاعَها، وهذه المظاهرات ما هي إلاّ إنكار عَلَنيّ للتّعبير عن التّسخّط على أولياء أمور المسلمين، فبأيّ حقٍّ تُنكَر وقد آتت ثمارها كما لا يخفى؟!

والجواب: يُنكِر العلماء المظاهرات المُخترَعة في هذا الزّمن بحقّين:

الأوّل: حقّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الطّاعة؛ فإنّ الأمر الّذي من أجله يقوم المتظاهرون هو طلب حقوقهم الشّرعيّة الّتي يرون أنّ السّلطان قصّر في أدائها لهم، فلو تكلّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن هذه الحالة لكان له حقّ الطّاعة في ذلك كما له حقّ الطّاعة في كلِّ ما أمر به ونهى عنه، وبعضُ المفتونين بالمظاهرات يَحرصون على تخريجها مخرَج المصالح المرسلة وأنّها من النّوازل، لكنّ الّذي يَمنع مِنْ إدراجها تحت المصالح المرسلة هو أنّه صحّ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخبر عن فتنة السّلاطين وأعطى أمّتَه المخرج منها، فقد تواتر عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه أنذر أمّته وُجودَ أمراءَ بعدَ زمنه يمنعون شعوبهم حقوقَهم، فأمر فيها بأمرين هما الدّعاء والصّبر، أمّا الدّعاء فثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((إنّها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله! كيف تأمر مَن أدرك منّا ذلك؟ قال: تؤدّون الحقّ الّذي عليكم، وتسألون الله الّذي لكم)) رواه البخاريّ ومسلم والتّرمذيّ، فقد ذكر صلّى الله عليه وسلّم أنّ هؤلاء الحكّام يستأثرون بحقوق الرّعيّة ولا يؤدّونها لهم، فأمر مع ذلك الرّعيّة بأداءِ حقوق السّلطان له وطلبِ حقِّها مِن الله، فما محلُّ المظاهرات مِنْ هذا الحديث الواضح؟! فهل نسيَها صلّى الله عليه وسلّم حتّى يستدركَ عليه مستدركٌ، أو غفلَ عنها حتّى يَفطنَ لها كفرةُ الغرب ويقلّدَهم فيها المستغربون مِن هذه الأمّة؟!
قال ابن تيمة في ((منهاج السّنّة)) (3/372): ((فقد أخبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ الأمراء يَظلمون ويَفعلون أمورًا منكَرة، ومع هذا فأمرنا أن نؤتيَهم الحقّ الّذي لهم ونسأل اللهَ الحقّ الّذي لنا، ولم يأذن في أخذِ الحقِّ بالقتال، ولم يُرخّص في ترك الحقِّ الّذي لهم)).
وقال النّوويّ في ((شرح مسلم)) (12/232): ((هذا مِن معجزات النّبوّة، وقد وقع هذا الإخبار متكرّرًا ووُجِد مخبرُه متكرّرًا، وفيه الحثّ على السّمع والطّاعة وإنْ كان المتولّي ظالمًا عَسوفًا فيُعطَى حقَّه مِن الطّاعة ولا يُخرَج عليه ولا يُخلَع، بل يُتضرّع إلى الله تعالى في كشف أذاه ودفع شرّه وإصلاحِه))، وروى مسلم (1846) عن وائل الحَضرميّ قال: ((سأل سَلمةُ بن يزيدَ الجُعفيُّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا نبيّ الله! أرأيتَ إنْ قامتْ علينا أمراء يسألونا حقّهم ويمنعونا حقَّنا فما تأمرُنا؟ فأعرضَ عنه، ثمّ سألَه فأعرضَ عنه، ثمّ سألَه في الثّانية أو في الثّالثة فجذَبه الأشعث بن قيسٍ وقال: اسمَعوا وأطيعوا؛ فإنّما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتم)).
قال النّوويّ في ((شرح صحيح مسلم)) (12/225): ((أي اسمَعوا وأطيعوا وإنِ اختصَّ الأمراء بالدّنيا ولم يوصِلوكم حقَّكم ممّا عِندَهم، وهذه الأحاديثُ في الحثِّ على السّمع والطّاعة في جميع الأحوال، وسببُها اجتماع كلمة المسلمين؛ فإنّ الخلاف سببٌ لفساد أحوالهم في دِينهم ودُنياهم)).
وأمّا الأمرُ بالصّبر فكَيلاَ يقولَ عَجِلٌ: إلى متَى نصبرُ على أثَرَة هؤلاء الجَوَرة؟! فقد روى البخاريّ (3792) ومسلم (1845) عنْ أُسَيْدِ بن حُضَيْر رضي الله عنه ((أنَّ رجلاً مِنَ الأنصار قال: يا رسول الله! ألا تستعملُني كما استعملْتَ فلانًا؟ قال: سَتلْقَوْنَ بعدي أثَرَةً، فاصبروا حتّى تلْقَوني على الحوض))، قال ابنُ حجَر في ((الفتح)) (8/52): ((أي يومَ القيامة، وفي رواية الزّهريّ: [أي في ((صحيح البخاريّ))؛ فإنّها عندَه (3161) عنْ أنَس رضي الله عنه.] ((حتّى تلقَوا اللهَ ورَسولَه، فإنِّي على الحوض)) أي اصبروا حتّى تموتوا؛ فإنّكم ستجدونَني عند الحوض فيحصُل لكم الانتصافُ ممّن ظلَمكم والثّوابُ الجزيلُ على الصّبر)).
هذا الدّاء والدّواء في حديثٍ واحدٍ، فهل يَحلُّ لطبيبٍ أنْ يَدخلَ بين النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأمّتِه بشيءٍ زائدٍ؟! وكلُّ مؤمِن يَعلمُ أنّ هذا الدّواء قرّره مَنْ قال الله فيه: وما ينطق عَنِ الهوى (3) إنْ هو إلاّ وَحْيٌ يُوحَى [النّجم: 3-4]؟!
فبأيِّ حقٍّ يُطاعُ الغربُ الكافرُ في اختراعِه المظاهرات لخلعِ الحكّام، ويُعصى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم الرّؤوف الرّحيم بأمّتِه النّاصحُ لهم بتمام نصحٍ وإحكامٍ؟! ومِنَ العجائب أنّ بعضَ المتظاهرين قالوا: إنّهم قاموا بسبب أنّ حكّامَهم لا يَحكمون بما جاءهم به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وهَا هم أنفسُهم لا يَحكمون بما جاءهم به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في مسألَة ظلم الحكّام!!
الثّاني: حقُّ السّلطان المسلم في طاعته في المعروف وتركِ جميع أسباب الخروج عليه؛ فإنّ المتجمِّعين ضدَّه قصدُهم منازَعتُه في منصِبِه وإحلال غيرِه محلَّه، وقد حرّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلَّم منازَعةَ السُّلطان في إمارَتِه ما دام مسلِمًا؛ قال عُبادَة بنُ الصّامت: ((دعانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبايَعْنَاه، فكان فيما أخَذَ علينا أنْ بايعنا على السّمع والطّاعة في منشَطِنا ومكْرَهِنا وعُسْرِنا ويُسْرِنا وأَثَرةٍ علينا، وأنْ لا ننازع الأمرَ أهلَه، قال: إلاَّ أنْ تَرَوْا كُفْرًا بواحًا عِنْدَكم فيه مِنَ الله برهانٌ)) رواه البخاريّ (7055)، ومسلم (1709)، فإنّ أخْذَ السُّلطانِ أموالَ رعيّتِه بغير حقٍّ ظلمٌ عظيمٌ ولكنَّه لا تَسْقُط به حُقوقُه مِن السّمع والطّاعة وتَرْك منازَعَتِه، هذا هو حُكْمُ رَسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسِياسَتُه الحكيمَة الّتي لا يرضى بها أصحاب المظاهرات القائلون: الحاكمُ الّذي لا يُؤدِّي إلينا حقوقَنا المادّيَةَ نُنازِعُه الحُكْمَ!! فأين ذهبَتْ عقولُ المسلمين مع هذه الأدلَّة الصَّريحةِ؟!
قال ابنُ تيمية رحمه الله في ((منهاج السّنّة)) (3/395): ((فهذا أمْرٌ بالطّاعة مع استئثار وليِّ الأمر وذلك ظُلْمٌ منه، ونَهى عنْ منازعة الأمر أهلَه، وذلك نهيٌ عن الخروج عليه؛ لأنّ أهلَه هم أولو الأمر الَّذين أمَرَ بطاعتِهم وهم الَّذين لهم سلطانٌ يَأمرون به، وليس المراد مَنْ يستحقُّ أنْ يُولَّى ولا المتولِّي العادِل؛ لأنَّه قد ذكَرَ أنّهم يَستأثرون، فدلَّ على أنَّه نهى عنْ منازعة وليِّ الأمر وإنْ كان مُستأثِرًا)).
وفي هذا ردٌّ مِنْه -رحمه الله- على مَنْ أرادَ أنْ يُعطِّلَ العملَ بالحديث زاعمًا أنَّ النّهيَ عنْ منازعة الأمر مَنْ كان أهلاً لأنْ يُوَلَّى مِنَ العُدولِ، فلْيُتأمَّل.
وأينَ هي دَعْوى محبّتِهم الرّسولَ صلّى الله عليه وسلّم وقد قال تعالى: قُل إنْ كنتم تُحبُّون اللهَ فاتَّبعوني يُحبِبْكم اللهُ ويَغفِرْ لكم ذنوبَكم والله غفور رحيم [آل عمران: 31]؟! أيكونُ النِّظامُ الدّيمقراطيُّ أهدى إلى استرجاع الحقوق مِنْ هَدْي رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم، والله سبحانَه وتعالى يقول: وإنْ تطيعوه تهتدوا [النّور: 54]؟! أيكونُ النّظام الدّيمقراطيُّ أرحمَ بمهضومي الحقوق وأرأفَ واللهُ يقول: لقد جاءكم رسولٌ مِنْ أنفُسِكم عزيزٌ عليه ما عَنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم [التّوبة: 128].
وأينَ هم ممَّا روى مسلم (1847) مِنْ حديث حُذَيفةَ رضي الله عنه أنَّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلَّم قال: ((يكونُ بعدي أئمَّةٌ لا يهتدون بِهُدايَ ولا يَستنُّون بسُنّتي، وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشّياطينِ في جُثمانِ إنس، قال: قلتُ: كيف أصنعُ -يا رسول الله!- إنْ أدركتُ ذلك؟ قال: تَسمَعُ وتُطيعُ للأميرِ وإنْ ضُرِبَ ظهْرُك وأُخِذَ مالُك فاسمعْ وأطِعْ))؟! ونحنُ قد أدركْنا هذا الّذي أخبرَ به النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في كثيرٍ مِنَ البلاد، فلماذا لا تَسَعُنا وصيّتُه صلَّى الله عليه وسلَّم هذه لِحُذيفةَ رضي الله عنه ولسائر الأمّة؟! وقد أمَر صلّى الله عليه وسلّم بالسّمع والطّاعة كما أمَرَ بالصّبر ولم يأمُر بالمظاهرات، فهلِ الكفّارُ أهدى مِنْه سبيلاً؟! وهلْ هُم بالحقِّ أقومُ قِيلاً؟!
مع أنّ مقوِّمات المظاهرات كانتْ متوفِّرةً في كلِّ عهدٍ، أقصِدُ البشرَ الَّذين يتجمَّعون، والأصوات الّتي بها يَصرُخون، والأرجلَ الّتي بها يمشون، والظّلمُ كان ينطحُ بقرنين، ويَمشي قائمًا على قدَمَين، يدعمُه كبراء قريش، حتّى منعوا خيرةَ أهل الأرض آنذاك الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابَه الكرام مِنَ الطّعام والشّراب والزَّواج حتَّى إنَّ أحدَهم ليفرحُ بجِلدِ بَعيرٍ جافٍّ يَجِدُه فيكونُ طعامَه ثلاثةَ أيّام!!! وقد مكثوا على مِثل هذا ثلاث سنين بشِعْب أبي طالبٍ لا يَفزعون إلى مظاهرةٍ ولا يتَتَرَّسونَ بديمقراطيَّة، فعدَمُ اتِّخاذِ الرّسولِ صلّى الله عليه وسلّم هذه الوسيلةَ ذات المقوّمات المتوفِّرةِ في وقته ألا يدلُّ دلالةً واضِحةً على عدَم مشروعيَّة المظاهراتِ، وأنَّه يَجبُ على المسلم المحبِّ له صلّى الله عليه وسلّم أنْ يتَّبِعَه ويقول: قد اختار لي الرَّسولُ النّاصحُ صلَّى الله عليه وسلّم السّمعَ والطّاعةَ والصّبرَ، فلنْ أستدركَ عليه؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: وما كان لمؤمِنٍ ولا مؤمِنَةٍ إذا قضى اللهُ ورسولُه أمرًا أنْ يكون لهم الخِيَرَةُ مِنْ أمرِهم ومَنْ يعصِ اللهَ ورسولَه فقد ضلّ ضلالاً مبينًا [الأحزاب: 36]، فإذا اختارَ الرّسولُ صلّى الله عليه وسلّم لأمّتِه المظلومة شيئًا أيَحِلُّ لأحَدٍ أنْ يختارَ غيرَ ما اختارَ أوْ يَستدْرِكَ عليه في هذا الاختيار؟! فإنَّها لا تعمى الأبصارُ ولكنْ تعمى القلوبُ الَّتي في الصُّدورِ [الحجّ: 46]!
قال ابنُ تيميةَ رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)) (13/62): ((فعَلَى كلِّ مؤمنٍ أنْ لا يتكلَّمَ في شيءٍ مِنَ الدِّين إلاَّ تَبَعًا لِما جاء به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ولا يتقدَّم بين يديه؛ بل ينظُرُ ما قالَ فيكونُ قولُه تَبَعًا لقولِه وعملُه تبعًا لأمرِه فهكذا كان الصَّحابةُ ومَنْ سلكَ سبيلَهم مِنَ التّابعينَ لهُم بإحسان وأئمّةِ المسلمين؛ فلهذا لم يكن أحدٌ منهم يُعارض النّصوصَ بمعقولِه ولا يُؤسِّسُ دينًا غيرَ ما جاء به الرّسولُ صلّى الله عليه وسلّم، وإذا أرادَ معرفةَ شيءٍ مِنَ الدّين والكلامِ فيه نظَرَ فيما قالَه الله والرَّسول صلّى الله عليه وسلّم، فمِنْهُ يَتعلّمُ، وبه يَتكلَّمُ، وبه يَنظُرُ ويَتفكَّرُ، وبه يَستدلُّ، فهذا أصلُ أهلِ السُّنَّة، وأهلُ البدعِ لا يَجعلون اعتمادَهم في الباطِنِ ونفسِ الأمرِ على ما تَلقَّوْهُ عنِ الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم؛ بلْ على ما رأوْهُ أوْ ذاقوه، ثمّ إنْ وَجَدُوا السُّنَّةَ توافِقُه، وإلاَّ لم يُبالوا بذلكَ، فإذا وجدوها تُخالِفُه أعرَضوا عنْها تفويضًا أوْ حَرَّفوها تأويلاً، فهذا هو الفرقان بين أهلِ الإيمان والسّنّة وأهلِ النّفاقِ والبدعةِ)).
وأمّا ما قيل في نجاح المظاهرات فإنَّه مِنْ تزيين الشّيطان؛ لأنّ مِنْ وظائفِه إضفاء المشروعيَّة على عملٍ ما بتحسينِ نتائجِه فيما يُظهِرُه للنّاس، ويُقنِعُهم بالنّتائج المزيَّنةِ حتّى يَصُدّهم عن البحث عن البيّنَة الّتي هي أصل المسألة، قال الله تعالى: وزيّنَ لهم الشّيطان أعمالَهم فصدَّهم عن السّبيل فهم لا يَهتدون [النّمل: 24]، ولا ريبَ أنَّ النّجاحَ الظّاهريَّ لا يُعدُّ نجاحًا إلاّ بشرطين هما:
الأوّل: أنْ يكونَ العاملون فيه يُريدُونَ وجهَ ربِّهم لا أنْ يَقوموا مِنْ أجل بُطونِهم.
والثّاني: أنْ يكونوا فيه مُتَّبعِين للرَّسول صلَّى الله عليه وسلّم لا مخالِفين له.
وممَّا سبَق فقد بان مخالفةُ المتظاهرين لهديِ نبيِّهم صلَّى الله عليه وسلّم، أمَّا مِنْ جِهة النّيَّة فقد علِمَ النّاس أنّ أكثر المتظاهرين قاموا طلبًا لِشِبعٍ، أو دفعًا لوجَعٍ، عَرَّاقون مرَّاقون [أي هم طلاّبُ مَرَق وطلاَّبُ عَرْق، وهو العظم عليه بقيَّةٌ من اللَّحم.]، إنْ أُعْطوا مِنْها رَضُوا وإنْ لم يُعطَوا مِنْها إذا هم يَسخَطون.
فالنَّظرُ النَّاقدُ الشَّرعيُّ لكلِّ مسألةٍ مِنْ مسائل القُرَب يَنطلقُ مِنْ هذين الشَّرطَين، وهما سرُّ النَّجاح في الدُّنيا والآخرة، ومَن كان ينطلِقُ في وَزنِ أمورِه من نتائجها اختلَّ ميزانُه ودخل على أحكامِه من الفساد ما لا يَنضبطُ معه شيء مِن الحلال والحرام، ولم يُصبِح يُفكِّر في الدّليل الشّرعيِّ، وهل بِدايَة التّحلّل مِن الدّين إلاَّ هذا؟!
وبهذا صارَ للكهَّان أتباعٌ؛ لأنّهم ربَّما أخبَروا بأمرٍ غيبيٍّ فوقَع كما أخبروا، فمَنْ كان ناظرًا إلى النّتائج تبِعَهم ولا بدَّ، وقد قالتْ عائشة رضي الله عنها: ((سأل أناسٌ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم عنِ الكُهَّانِ؛ فقال لهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لَيْسُوا بِشَيءٍ؛ قالوا: يا رسولَ الله! فإنَّهم يُحَدِّثون أحيانًا بالشَّيء يكونُ حقًّا؟ فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: تِلْكَ الكلمةُ مِنَ الحقِّ يَخطَفُها الجِنِّيُّ فيَقَرُّها في أُذُنِ وَلِيِّه قَرَّ الدَّجاجةِ، فيَخْلِطونَ فيها أكثرَ مِنْ مائةِ كَذْبَة)) رواه البخاريّ (6213)، ومسلم (2228).
وبهذا المنطلَق تَداوى مسلمون بالحرام، أليسَ قد جرَّب أناسٌ مِنْهم التّداويَ بالخمْرِ فظهَرَ لهم الشِّفاءُ بادِيَ الرَّأي؟! مع أنَّه قد جاء في ((صحيح مسلم)) (1984) أنَّ طارِقَ بنَ سويدٍ الجُعفيَّ: ((سألَ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلَّم عنِ الخمْرِ؛ فنهاه -أَوْ كَرِهَ- أنْ يصنعَها؛ فقال: إنّما أصنعُها للدَّواء؛ فقال: ((إنّه ليس بدواء، ولكنَّه داء)).
كما جرَّب كثير مِن النَّاس التَّعامُلَ بالرِّبا فوجَدوه نافعا لهم في ثراء أموالهم، فهل تكون هذه النَّتيجة دليلا شرعيّا لإباحة الرّبا؟! مع أنّ اللهَ نهانا أنْ ننخدع بالنّتيجة المادّيّة الّتي تحصل مِن المال الخبيث فقال: قل لا يَستوي الخبيثُ والطّيِّب ولو أعجبَك كثرةُ الخبيث فاتّقوا الله يا أولي الألباب لعلّكم تفلحون [المائدة: 100].
وجَرَّب الكفَّارُ الكفرَ فوجدوا أنفسَهم مُتحضِّرين أغنياءَ أقوياء، فهل ينبغي للنّاس أنْ ينسلخوا مِن دينِهم ويندفعوا نحوَ الكُفرِ كي يُحقِّقوا هذه النّتائج الثّلاثةَ: أنْ يَتحضَّرُوا ويَستغنُوا ويتقوَّوْا؟! وقد قال الله عزّ وجلّ: لايغُرَّنَّك تَقلُّبُ الَّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمَّ مأواهم جهنَّم وبئس المهاد [آل عمران: 196-197].

ونقول أخيرًا: إنَّ النتائجَ المستحسنة المؤسَّسةَ على مخالفة الشّريعة ندامةٌ وليستْ كرامةً؛ لأنَّها استدراجٌ مِن الله لعبادِه المنحَرفين عن الحقِّ بعدَ أنْ عرَّفَهم إيَّاه حتَّى إذا أخذَهم سبحانَه كادَهم بكيْدِه المتين، كما قال ربُّنا عزَّ وجلَّ: فذَرْني ومَنْ يُكذِّبُ بهذا الحديثِ سَنسْتدرِجُهم مِنْ حيثُ لايَعلمون (44) وأُمْلِي لهم إنَّ كَيْدي متينٌ [القلم: 44-45]، وعنْ عقبةَ بن عامرٍ عنْ رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم قال: ((إذا رأيتَ اللهَ يُعْطي العبدَ ما يُحِبُّ وهو مُقيمٌ على معاصِيه فإنَّما ذلك له مِنْه استدراجٌ، ثمَّ نَزَع هذه الآيةَ: فلمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِه فَتَحْنا عليهم أبوابَ كلِّ شيءٍ حتَّى إذا فَرِحُوا بما أُوتُوا أخَذْناهم بَغتةً فإذا هُم مُبلِسُون (44) فَقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الَّذينَ ظلمُوا والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ [الأنعام: 44-45])) أخرجَه أحمد (4/145)، والطَّبرانيُّ في ((الكبير)) (17/330)، وصحَّحَه الألبانيُّ في ((السِّلسلة الصَّحيحة)) (413).

لذَا؛ فلن يتعلَّقَ بالنَّتائج ولو خالفَتِ الهديَ النَّبويَّ إلاَّ مَنْ ضَعُفَ إيمانُه في نُصوصِ الوحي، وقلَّ يَقينُه فيها مِنَ المتَذَبْذِبين المتَرَدِّدِين المُرْتابين، وأمَّا أهلُ اليقين فإنَّ قلوبَهم معلَّقةٌ بالكتابِ والسُّنَّة ولوْ خالفَتْها المصالِحُ الظَّاهرةُ للخَلْق، ففي ((صحيح مسلم)) (1548) عنْ بعض الصَّحابة أنَّه قالَ: ((نهانا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عنْ أمْرٍ كانَ لنا نافِعًا، وطواعِيَةُ اللهِ ورسولِه أنفعُ لنا))، وفي ((صحيح البخاريِّ)) (5684) ومسلم (2217) عنْ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضيَ الله عنْه قالَ: ((جاءَ رجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالَ: إنَّ أخِي اسْتَطْلَقَ بَطنُه، فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: اسْقِهِ عَسَلاً، فسَقاهُ، ثمَّ جاءَهُ فقال: إنِّي سَقَيْتُه عسلاً فلَمْ يَزِدْهُ إلاَّ اسْتِطلاقًا! فقال له ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ جاءَ الرَّابِعةَ فقالَ: اسْقِه عَسلاً، فقالَ: لقدْ سَقَيْتُه فلَمْ يَزِدْهُ إلاَّ اسْتِطلاقًا! فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: صدقَ اللهُ، وكَذَبَ بَطْنُ أخيكَ! فسقاهُ فبَرَأَ)).
وقَدْ كنتُ بدأتُ في تأليفِ هذا الكِتابِ قبلَ أنْ يُصيبَ المسلِمينَ ما أصابَهُم مِنْ جرَّاءِ المظاهَراتِ والتَّوسُّلِ بها لإسقاطِ حُكَّامِهم، معَ أنَّهم لا يَدْرون شيئا عمَّنْ سَيَخْلُفهم: أيَخْلُفُهم بِتَحكيمِ شَريعَة الرَّحمنِ، أمْ يَخلُفهم بتحكيمِ قوانينِ الشَّيطان؟! ثمَّ شاءَ اللهُ أنْ يتأخَّر طَبْعُه إلى أنْ بلَغوا هذا الوضعَ مِنْ تقديسِ المظاهَراتِ والاستغاثَةِ بِشَرِّ البَرِيَّات، فأقولُ الآن:

إنَّ ممَّا نخشاه أنْ تَتْرُك الشُّعوبُ التَّأسِّيَ برَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما سبقَ وتتأسَّى بالشُّعوبِ الثَّائرة كثورانِ الشُّيوعيِّين والدِّيمقراطِيِّين، ويَحْمِيهم الكفَّارُ في مظاهَراتِهم ليَحرِموا البلادَ المسلمَةَ الاستِقرارَ وتدخُل الفَوضَى كلَّ بلَدٍ مُسلِمٍ، فيَكسبُ الكفَّارُ المُخَطِّطونَ لهذِه الفِتَن مرَّتَيْن: مرَّةً بتَحويلِ بلادِ المسلمين إلى ميادين تجارُبٍ (خُبْزِيَّة) نِهايَتُها صِراعاتٌ دمويَّةٌ تتَوسَّطُها تمزُّقاتٌ سياسيَّةٌ، كلَّما جاعَ فردٌ دبَّرَ له مِنْ أمثالِه مَنْ يَخرجُ على الدَّولةِ، وكلَّما خافوا أنْ يُمنَعوا استَغاثُوا بالكفَّارِ، ونادَوْا أربابَ الفِتَن ليَزيدُوهم حَطبًا على نار، فيَكسبُ الكفَّارُ حينئذٍ الثَّانيةَ الَّتي هيَ تعلُّقُ المسلِمينَ بهم، ولعلَّها تَتْبَعها ثالثةٌ وهيَ: أنَّه إذا أرادَ الكفَّارُ أنْ يُنصِّبوا أحدَ جُندِهم على المسلمين لم يَتعَبُوا، بلْ يَكفي لضَمانِ نجاحِ فِتنَتِهم أنْ يَدسُّوا للحَرَكِيِّين أوِ الدَّمَوِيِّين أوِ الغَوْغائيِّين عُمومًا مَنْ يَستفِزُّهم بسؤالٍ عنْ حُكمِ المظاهرات ليُسارِعوا إلى التَّأييدِ وهُم يَحسَبون أنَّهم يُحسِنون صُنعًا، مع أنَّهم جَوَّالون في الفِتَن، والأيدِي الخفيَّةُ الَّتي تُحَرِّكُهم تَزيدُهم مِحنًا على مِحَنٍ، دائِبَةٌ على تَفريقِ رِجالِها وإهلاكِ عِيالِها وشُرْبِ دِماءِ أجيالِها، تُحَرِّشُ بينَ الحاكِم والمحكومِ لتَضمَنَ عندَهم حياةً للفوضى السِّياسيَّةِ والاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ تَشغَلُهم بها، بَينما هي تتفرَّغُ لشُؤونِها الاستعماريَّة بلا رقيبٍ ولا مُشاكِس، وتَمضِي نحوَ التَّقدُّم بلا منافسٍ ولا معاكِسٍ، يُبدُونَ الغَيْرةَ على الشُّعوبِ وهم يُغِيرُونَ علَيها، ويَبكون عليها في المؤتَمراتِ وهُم يَأتمِرُون عليها!


على كُلٍّ، تِلْكَ هيَ سُنَّةُ المظاهرات! تُهَيِّجُ الفُسَّاقَ، وتُحَرِّكُ المُرَّاق، يَمرُقون عنِ الطَّاعة، ويَخرُجون عنِ الجماعة، وكيفما كان السُّلطانُ في ضَعفِه فإنَّهم بمظاهراتهم يُقِرُّون عينَ الكُفر، ويَذهَلون عنِ الشُّكر؛ لأنَّهم كانوا في أمْنٍ وأمانٍ، فزادوا جِراحاتِ الأمَّة بإثخان، وقد كانَتِ الفِتَنُ فيهم تَخْطُو، فصارتْ تَمْطُو، فكانوا كمَنْ يُعالِجُ الجُروحَ بالقُروح، ويَغسِلُ الرَّجيعَ بالنَّجيع.


إنَّ العلماءَ قد تكلَّموا على هذه الوسيلةِ الَّتي استَحدثَها النِّظامُ الدِّيمقراطيُّ المخالِفُ للإسلام وبيَّنوا فَسادَها، ومِنْ هؤلاءِ شيخُ الإسلام في وقتِه الشَّيخ عبد العزيز بنُ باز -رحمه الله-، فقد سُئِل في شعبان (1412هـ) بمدينة جدَّة مِنْ شريط سمعيٍّ وهو ضمن مجموع فتاوى لكثيرٍ مِنَ المشايخ معَه بعنوان: ((فتاوى العُلَماء في الاغتيالات والتَّفجيرات والعمليَّات الانتحاريَّة والاعتصامات والقنوت))، تَسجيل مِنهاج السُّنَّة بالرِّياض، وتسجيل دار ابنِ رجب بالمدينة، فكان السُّؤال الآتي:


هل المظاهراتُ الرِّجاليَّة والنِّسائيَّة ضدَّ الحكَّام والولاة تُعتَبر وسيلةً مِنْ وسائل الدَّعوة؟

وهلْ مَنْ يموتُ فيها يُعتَبَر شهيدًا أو في سبيل الله؟
فأجابَ -رحمه الله-: ((لا أرى المظاهرات النِّسائيَّةَ والرِّجاليَّةَ مِنَ العلاج، ولكن أنا أرى أنَّها مِنْ أسباب الفِتَن ومِنْ أسباب الشُّرور، ومِنْ أسباب ظُلْمِ بعض النَّاس، والتَّعدِّي على بعض النَّاس بغير حقٍّ، ولكن الأسباب الشَّرعيَّة: المكاتبةُ والنَّصيحة والدَّعوةُ إلى الخير بالطُّرُق الشَّرعيَّة، شَرَحَها أهلُ العلم، وشَرَحَها أصحابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأتباعُه بإحسانٍ: بالمُكاتَبة والمشافهةِ مع... [كلمة غير مفهومَة]، ومع الأمير ومع السُّلطان، والاتِّصال به، ومُناصَحته والمكاتبة له، دونَ التَّشهير على المنابر بأنَّه فعل كذا، وصارَ مِنْه كذا، والله المستعان)).

ومِنَ الفقهاء المبرِّزينَ في هذا العصر صاحبُ الفضيلَة العلاَّمة محمَّد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله-، سُئِل في المحَرَّم (1416هـ) عن المظاهرات والاعتصامات، فبيَّنَ في الأوَّل عدَم مَشروعيَّتها مِنْ جهة أنَّها خُروجٌ على وليِّ الأمْر وأنَّ مَنْ مات علَيها ماتَ ميتةً جاهليَّة؛ لأنَّه ماتَ ناقضًا لبيعةِ إمامِه، والرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم قد قال: ((مَنْ رأى مِنْ أميرِه شيئا يَكرَهُه فلْيَصبِر عليه؛ فإنَّه مَنْ فارَق الجماعةَ شِبْرًا فماتَ إلاَّ ماتَ ميتةً جاهليَّة)) رواه البخاريّ (7054)، ومسلم (1849)، وذَكَر أنَّ المأمون امتَحنَ العُلماءَ وعذَّبَهم لِيَقولوا كَلمةَ الكُفر وهي: (أنَّ القُرآن مخلوق)، ومِنهم الإمام أحمد -رحمه الله-، فلَمْ يَلجأ أحَدٌ مِنْهم إلى التَّأليب عليه ولا إلى المظاهرات ولا اعتصَمُوا بالمساجِد، بل كانوا يَنْهَون عنِ الخُروج علَيْه، ثمَّ ختمَ فَتواه بقولِه: ((لا نُؤيِّد المظاهراتِ أو الاعتصاماتِ أو ما أشبهَ ذلك، لا نُؤيِّدها إطلاقًا، ويُمكِنُ الإصلاح بدونِها، لكن لا بدَّ أنَّ هناكَ أصابعَ خفيَّةً أو خارجيَّة تُحاوِلُ بثَّ مثل هذه الأمورِ)). [جريدة ((المسلمون)) عدد (540) ص (10) - الجمعة (11 المحرَّم 1416هـ).]

وتأمَّلْ قولَه: ((لكن لابدَّ أنَّ هناكَ أصابعَ خفيَّةً أو خارجيَّة...)) فإنَّنا قدْ عَلِمناه في هذه السَّنَة سنة (1432هـ) حيثُ أصبحَت المظاهراتُ سُنَّةَ كُلِّ بلدٍ مُسلمٍ مع الأسَف الشَّديد، والأيدِي الخفيَّةُ قد أصبحَت جليَّة، لا تَسمعُ ببلدٍ مسلمٍ قامت فيه هذه الفَوضَى إلاَّ سارَعوا لدَعمِها وحمايَتِها، وهذا مِنْ فراسَة أهل العِلْم الأثرِيِّين، وأمَّا الحَرَكيُّون المُغفَّلون فهُم في سُباتِهم العميق، تُحَرِّكُهم الأيدي الخفيَّة وتَرمِي بهم في مكانٍ سحيقٍ، تُحَرِّكهم كما تشاءُ وهُم يُطبِّلون لفِتنَتهم، وما حَدَاهم لذلِكَ إلاَّ حِرصُهم على المُلْك وعِشْقُهم الرِّئاسةَ، وقد قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّكم سَتحرصُون على الإمارةِ، وسَتكونُ ندامةً يومَ القيامةِ، فنِعمَ المُرْضِعةُ وبِئسَتِ الفاطِمَةُ)) رواه البخاريّ (7148).
هذا، وقد اطَّلَعتُ على بحثٍ لأخينا قامِع أهلِ البِدَع فضيلةِ الشَّيخ عبدِ العزيز بن رَيِّس الرَّيِّس -حفظه الله- بعُنوان: ((كشف شُبهات مُجَوِّزِي المُظاهرات))، وقد وُفِّقَ فيه أيَّما تَوفيقٍ جزاهُ الله خيرًا، فأحببتُ أنْ أشرِكَ القارئَ في غُنْمِه، لخَّصتُ منه قولَه الآتي:

((فإنَّ فقدَ عُلماءِ السُّنَّة رَزِيَّةٌ، وتترتَّبُ علَيه مفاسِدُ جَلِيَّة، ومِنْ أعظمِها تَجاسُرُ أهلِ البدع في الدَّعوةِ إلى بِدَعِهم وضلالِهم، قال الآجُرِّيّ في كتابِه ((أخلاق العُلَماء)): ((فَهُمْ سِراجُ العِبادِ، ومَنارُ البلادِ، وقِوامُ الأمَّة، ويَنابيعُ الحِكمَة، همْ غَيْظُ الشَّيطانِ، بهم تحيَا قُلوبُ أهلِ الحقِّ، وتموتُ قلوبُ أهل الزَّيغ، مَثلُهم في الأرض كمثل النُّجومِ في السَّماء، يُهتَدى بها في ظُلُمات البرِّ والبَحر، إذا انطَمَستِ النُّجومُ تَحيَّروا، وإذا أسفَرَ عنها الظَّلامُ أبصَروا)).


ومِنَ الأمثِلة على ذلك: ما ذَكَرَه الذَّهبيُّ في ((سير أعلام النُّبلاء)) عن يحيَى بن أكثَم قال: ((قال لنا المأمون: لولا مكانُ يَزيدَ بن هارون، لأظهرتُ القرآنَ مخلوقٌ، فقِيل: ومَن يَزيدُ حتَّى يُتَّقى؟ فقال: وَيْحكَ؛ إنِّي لأرتضِيه لا أنَّ له سَلطنةً، ولكن أخافُ إنْ أظهرْتُه، فيردَّ عليَّ، فيَختلِف النَّاسُ، وتَكون فتنة)).

وفي هذا ما يدُلُّ على أنَّ حياةَ أئمَّةِ السُّنَّة حِمايَةٌ للشَّريعة ولعُموم البريَّة مِن البدَع والضَّلالاتِ الرَّديَّة، وهذه القصَّةُ -وإنْ كانتْ في ردِّ بِدعة مِن الحاكِم- فهيَ كذلك في عُموم أهل الضَّلالة، سَواء كانوا حكَّامًا أوْ محكومينَ، وبَعض مَنْ رُبِّيَ على الثَّورة والتَّحزُّبات البدعيَّة قَصُرَ فهمُه على أنَّ الشَّجاعةَ في الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكَر وقولِ كلِمَة الحقِّ أمامَ الحكَّام فقطْ دونَ غيْرِهم.

والواقِعُ أنَّ الأمرَ أعمُّ وأشمَل، بل إنَّ الشَّجاعةَ حقًّا في مُصابَرَة النَّفسِ على مُخالفَةِ الجماهير لنَصْرِ سُنَّة وقَمْعِ بدعةٍ، وما أكثَرَ الَّذينَ وجَدوا في مواجَهَةِ الحكَّامِ سُوقًا رائجًا في جَمْهَرةِ النَّاس حَولَهُم، وبَعضُهم اتَّخذَه سبيلاً لتَحقيقِ مَأربِه، فإذا تَجمهرَ النَّاسُ حولَه ساوَمَ الحكَّامَ تَصريحًا أوْ تَعريضًا على مصالِحَ مادِّيَّة ونحوِ ذلكَ.


وإنَّنا لمَّا فقدنا في هذا العصر أئمَّتَه الثَّلاثةَ الإمامَ عبدَ العزيز بن باز، والإمام محمَّد ناصر الدِّين الألبانيّ، والإمامَ محمّد بن صالح العثيمين رحمهم الله رحمة واسعة، أظهرَ كثيرٌ مِن أهل البدع والضَّلالة وغيرهم أقوالَهم الضَّالَّةَ بعدَ أن كانوا لها مُستَتِرين خوفا مِن شُهُب هؤلاء الأئمَّة الثَّلاثة.

وعلى إثرِ موتِ هؤلاءِ الأئمَّة الثَّلاثةِ وتَوالي الفِتَن، تقوَّى الحزبيُّون والمتأثِّرون بهم في إظهارِ القول بشرعيَّة المظاهرات، فلمَّا رَغِبوها واستحسنتها نفوسُهم أرادوا أَسْلمَتَها، فأخذوا يتكلَّفون للتَّدليل عليها بما فيه شبهةٌ للدَّلالة علَيها، وما لا شبهةَ فيه، فاعتقَدوا أوَّلاً، ثمَّ استماتوا للاستدلال عليها ثانيا، كما هي عادتُهم في كثير من الوسائل المُحدَثة، كالأناشيد المسمَّاة إسلاميَّة! والتَّمثيلِ المسمَّى إسلاميًّا! وهكذا...
وإليك الأدلَّةَ على حُرْمة المظاهرات:

إنَّ المظاهراتِ قسمان:

القسمُ الأوَّل: المظاهراتُ الَّتي يُرادُ منها أمورٌ شرعيَّةٌ دينيَّةٌ.
القسم الثَّاني: المظاهراتُ الَّتي يُرادُ مِنْها أمورٌ دُنيَويَّة، وهذِه نوعان:
النَّوع الأوَّل: المظاهراتُ لإسقاط حاكمٍ لدافعٍ دُنيَويٍّ لا دينيٍّ.
النَّوع الثَّاني: المظاهراتُ لتَحصيلِ ما سوى ذلكَ مِنْ أمور الدُّنيا.
أمَّ القسمُ الأوَّل: المظاهراتُ الَّتي يُرادُ مِن ورائها تَحقيق أمورٍ شرعيَّةٍ دينيَّةٍ، فهذه بدعةٌ في الدِّين؛ لأنَّها مُحدَثة، والقاعدة الشَّرعيَّة النَّبويَّة: أنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، كما أخرجَ ذلك مسلمٌ في ((صحيحِه)) عن جابرٍ مِن كلام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
فإنْ قيل: إنَّ هذه مِن الوسائل، والأصلُ في اتِّخاذِ الوسائل الجوازُ ما دامتْ مباحةً.
فيُقال: هذا حقٌّ، لكنْ في غير الوسائل المؤدِّيَة إلى العبادات، فإنَّ للوسائل أحوالاً ثلاثةً:
الحالةُ الأولى: الوسائلُ الملغاةُ، وهيَ الوسائلُ الَّتي جاءَ النَّهيُ عنها بدَليل خاصٍّ، ولا إشكالَ في بدعيَّةِ اتِّخاذِ هذه الوسائل، كاتِّخاذِ التَّمثيلِ وسيلةً مِنْ وسائلِ الدَّعوةِ؛ لأنَّه مُحَرَّمٌ؛ لكونِه مُتضمِّنًا الكذبَ.
الحالةُ الثَّانية: الوسائلُ المعتبَرَة، وهيَ الَّتي نصَّ الشَّرعُ على جَوازِها بنصٍّ خاصٍّ، مثلَ: جَعل الأذانِ وسيلةً للإعلامِ بدُخولِ وقت الصَّلاة، ولا إشكالَ في شرعيَّة هذه الوسائلِ.
الحالةُ الثَّالثة: الوسائل الَّتي لم يأتِ نصٌّ خاصٌّ بجوازِها ولا حُرْمتها، وهذه تتردَّدُ بينَ المصالحِ المرسَلةِ والبِدَع المحدَثة، والضَّابط في التَّفريقِ بينَ هذَين النَّوعَيْن دقيقٌ، حرَّرَه تحريرًا بديعًا شيخُ الإسلام ابن تَيمية، وكان يُردِّدُه كثيرًا العلاَّمةُ الألبانيُّ -رحمه الله-، وخلاصةُ ذلكَ أمرانِ:
الأوَّل: أن ينظُرَ في هذا الأمر المرادِ إحداثُه لكَونِه مصلحةً، هل المُقتَضِي لِفعلِه كانَ موجودًا في عهدِ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم والصَّحابةِ والمانعُ مُنتفيًا؟
أ- فإنْ كانَ كذلكَ فَفِعلُ هذه المصلحةِ المزعومةِ بدعةٌ؛ إذ لو كانت خيرًا لسَبَق القومُ إليه فإنَّهم بالله أعلمُ وله أخشى، وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِهم فِعلاً وتركًا.
ب- أمَّا لو كانَ المُقتَضي -أي السَّببُ المُحوِجُ- غيرَ موجودٍ في عهدِهم، أو كانَ مَوجودًا لكنْ هناك مانعٌ يَمنعُ مِن اتِّخاذِ هذه المصلحةِ، فإنَّه لا يكونُ مَصلحةً مُرسَلةً، وذلكَمِثلَ جَمعِ القرآنِ في عهدِ رَسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فإنَّ المُقتَضِيَ لِفِعلِه غيرُ موجودٍ؛ إذ هو بينَ أظهُرِهم لا يُخشَى ذهابُه ونِسيانُه، أمَّا بعدَ موتِه فخُشِيَ ذلكَ، لأجلِ هذا جَمَعَ الصَّحابةُ الكرامُ القرآنَ، ومِنَ الأمثلةِ أيضًا: الأذانُ في مُكَبِّراتِ الصَّوتِ وتَسجيلُ المُحاضراتِ في الأشرطةِ السَّمعيَّة وصلاةُ القِيامِ في رمضانَ جماعةً، فكلُّ هذه الأمورِ كانَ يوجَدُ مانعٌ في عَهدِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ فِعلِها، أمَّا الأمرانِ الأوَّلان: فعدمُ إمكانِه لعدَم وُجودِها في زمانِه، أمَّا الأمرُ الثَّالثُ: فإنَّه ترَكَ الفعلَ خشيةَ فَرضِه، وبعدَ موتِه لم يَكُنْ لِيُفرضَ شيءٌ لمْ يَكنْ مَفروضًا مِنْ قبلُ.
الثَّاني: إنْ كانَ المُقتَضِي غيرَ موجودٍ في عهدِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فيُنظَرُ فيه هل الدَّاعي له عندَنا بعضُ ذُنوبِ العبادِ؟ فمِثلُ هذا لا تُحدَثُ له ما قد يُسَمِّيه صاحِبُه مَصلحةً مُرسَلة، بل يُؤمرون بالرُّجوع إلى دين الله والتَّمسُّك به؛ إذ هذا المطلوبُ مِنهم فِعلُه، والمطلوبُ مِن غيرِهم دعوتُهم إليه، ويُمثَّلُ لهذا بتقديم الخُطبةِ على الصَّلاةِ في العيدَيْن لأجل حَبس النَّاس لسماع الذِّكْر، فمِثل هذا مِن البدَع المحدَثة لا مِن المصالح المرسَلة، وإليك كلامَ الإمام المحقِّق ابن تيميَّة في بيان هذا الضَّابط، قال ابنُ تيميَّة في ((اقتضاء الصِّراط المُستقيم)) (2/598): ((والضَّابطُ في هذا -والله أعلم- أنْ يُقالَ: إنَّ النَّاسَ لا يُحدِثونَ شيئًا إلاَّ لأنَّهم يَروْنَه مَصلحةً؛ إذ لو اعتقدوه مَفسدةً لم يُحدِثوه، فإنَّه لا يَدعو إليه عقلٌ ولا دِينٌ، فما رآه النَّاسُ مَصلحةً نُظِر في السَّبب المُحوِج إليه، فإن كانَ السَّبب المُحوِج أمرًا حدَثَ بعدَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن غيرِ تفريطٍ منَّا، فهُنا قد يَجوزُ إحداثُ ما تَدعو الحاجةُ إليه، وكذلكَ إنْ كانَ المُقتضِي لِفِعلِه قائمًا على عهدِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، لكن تَركَه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمُعارضٍ زالَ بموتِه.
وأمَّا ما لم يَحدُث سببٌ يُحوجُ إليه، أو كانَ السَّببُ المُحوِجُ إليه بَعض ذنوبِ العباد، فهنا لا يجوز الإحداثُ، فكلُّ أمرٍ يكونُ المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مَوجودًا لو كانَ مَصلحةً، ولم يُفعَلْ يُعلَمُ أنَّه ليس بمصلحةٍ، وأمَّا ما حدثَ المُقتَضي له بعد موته مِن غير معصيةِ الخلق، فقد يكونُ مصلحةً))، ثمَّ قال: ((فأمَّا ما كانَ المُقتَضِي لفعلِه موجودًا لو كانَ مَصلحةً، وهو مع هذا لم يَشرعْهُ، فوَضعُه تَغييرٌ لدينِ الله، وإنَّما دَخل فيه مَن نُسِب إلى تغيير الدِّين مِن الملوكِ والعُلماء والعُبَّاد، أو مَن زلَّ مِنهم باجتهادٍ، كما رُوي عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وغيرِ واحدٍ مِنَ الصَّحابة: ((إنَّ أخوفَ ما أخافُ عليكم: زلَّةُ عالِمٍ، وجِدالُ منافِقٍ بالقُرآن، وأئمَّةٌ مُضِلُّون)).
فمِثالُ هذا القِسم: الأذانُ في العيدَيْن، فإنَّ هذا لمَّا أحدَثَه بعضُ الأمراء أنْكَرَه المسلمون؛ لأنَّه بدعة، فلو لم يَكن كونُه بِدعةً كان دليلاً على كراهيتِه، وإلاَّ لقيل: هذا ذِكرٌ لله ودُعاءٌ للخلقِ إلى عبادة الله، فيَدخُل في العمومات كقولِه: اذكُروا اللهَ ذِكرًا كثيرًا(41) [سورة الأعراف] وقولِه تعالى: ومَنْ أحسَنُ قولاً مِمَّن دعا إلى اللهِ وعَمِلَ صالِحًا [فُصِّلَت: 33]... الخ اهـ.
وبعدَ هذا التَّحقيقِ البديعِ مِن شيخ الإسلام ابن تيميَّة، فإنَّ فِعالَ الصَّحابة والسَّلف دالَّة على دُخولِ البدَع في الوسائِل، كما تَدخلُ في الغاياتِ، ومَنْ نازَع في ذلكَ نازَعَ سلفَ الأمَّة وهُم خَصمُه، ومِنَ الأمثلة الدَّالَّة على ذلك:
ما روى البخاريُّ في قصَّة جَمْع المصحفِ وأنَّ عمرَ بن الخطَّاب أشارَ على أبي بكرٍ بالجمعِ، فقال له أبو بكرٍ: كيفَ تَفعلُ شيئًا لمْ يَفعلْهُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وبِمثلِ هذا أجابَ زيدُ بنُ ثابتٍ أبا بكرٍ الصِّدِّيق لمَّا عرض عليه جمعَ المصحف.
ففي هذا دلالة واضحة على أنَّ البدعَ تدخُل في الوسائل كما تدخل في العبادة ذاتِها؛ وذلك أنَّ جمعَ المصحف مِن الوسائل، ومع ذلك احتجُّوا بعدَم فعلِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فإنْ قيلَ: لماذا إذَن جمعوا المصحفَ مع أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يَفعلْه؟ فيُقال: لأنَّ مُقتَضى -أي: سَبب- الجمع وُجِد في زمان أبي بكر رضي الله عنه، ولم يَكن موجودًا في زمان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ إذ هو حيٌّ بينَ أظهُرِهم فَبِوُجُودِه لا يُخشى ذهابُ القرآن.

ومِن الأدلَّة أيضًا: ما ثبتَ عند الدَّارميِّ وابنِ وضَّاح أنَّ ابنَ مسعودٍ أنكرَ على الَّذين كانوا يَعدُّون تَكبيرَهم وتَسبيحَهم وتهليلَهم بالحصى، واحتجَّ علَيهم بأنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابَه لم يَفعلوا، مع أنَّ عدَّ التَّسبيح راجعٌ للوسائل.

وبعدَ أنْ تبيَّن أنَّ المظاهراتِ الَّتي تُفعَل لأمورٍ شرعيَّةٍ دينيَّةٍ بدعةٌ مُحدَثةٌ لم يَفعلْها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا صحابتُه مع إمكانِ فِعلها، فلا يصحُّ لأحدٍ بعدَ هذا أنْ يَعترِضَ بأنَّ الأصلَ فيها الإباحةُ فلا تُمنَعُ إلاَّ بدليلٍ؛ لأنَّها عبادةٌ، والأصلُ في العبادات الحُرمَة، وهذا مثل مَنْ لم يَقنَع بالمنع من الاحتفالِ بمولِد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بحجَّة أنَّه لا دليلَ يدلُّ على المَنع.
فيُقال: إنَّ الدَّليل على منعِها كَونُها عبادةً، ولا دليلَ على شرعيَّتِها، فتكونُ بدعةً؛ لأنَّ الأصلَ في العباداتِ الحظرُ والمنعُ، وانظُر بحثًا مُفيدًا لأخينا الشَّيخ حمَد العَتِيق بعُنوان: ((المظاهراتُ بين الاتِّباع والابتداع)) .
أمَّا القسمُ الثَّاني: المظاهراتُ الَّتي يُرادُ مِنْها تَحقيقُ أمورٍ دُنيَويَّةٍ، وهذه نوعان كما تقدَّم:
أمَّا النَّوعُ الأوَّل: وهي المظاهراتُ لإسقاط حاكمٍ لدافعٍ دُنيَويٍّ لا دينيٍّ، فهذه محرَّمةٌ بدلالةِ كلِّ نصٍّ على وُجوبِ السَّمع والطَّاعة للحاكم ولو كان فاسقًا غيرَ عدلٍ، فمع تكاثر الأدلَّة في حرمة هذا الفعل -وهذا كافٍ- فكذلك السَّلف أجمعوا على حرمة هذا الفعل وتَضليل مَن خالفَ فيه، ودونَكم ما شئتم مِنْ كُتُب الاعتقاد السَّلفيِّ، ومَن حاولَ المنازعةَ في هذا فقولُه مَردود، وهو ضالٌّ قد خالفَ ما عليه دلائل السُّنَّة وآثارُ السَّلف، وبمثلِه ضلَّل السَّلف أقوامًا.
وتزدادُ حرمةُ هذا النَّوع إذا فُعِل لأجلِ الدِّين أيضًا، فإنَّه بالإضافة إلى كونِه محرَّمًا يكونُ بدعةً، ثمَّ كلُّ ما سيأتي مِنَ الأدلَّة في النَّوع الثَّاني يَصلُح دليلاً على حُرمَة هذا القِسم، وللشَّيخ عبد السَّلام بن بَرْجَس آل عبد الكريم -رحمه الله- كتابٌ نفيسٌ فيما يتعلَّق بهذا النَّوع، قد أثنى عليه شيخُنا العلاَّمة ابنُ عثيمين في شرحِه على ((السِّياسة الشَّرعيَّة)) لابنِ تيميَّةَ، واسمُ الكتاب: ((مُعاملةُ الحُكَّام في ضوء الكتابِ والسُّنَّة)).

أمَّا النَّوع الثَّاني: المظاهراتُ لتَحصيلِ ما سوى ذلك مِنْ أمور الدُّنيا، فهيَ محرَّمةٌ لأوجُه كثيرة، مِنْها:

الوجْهُ الأوَّل: أنَّ المظاهراتِ -ولو كانتْ سِلميَّةً- خلافُ ما أمرَ به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِنَ الصَّبْر على جَوْر الحكَّام الَّذينَ اغتصبوا الحقوقَ، كما أخرج الشَّيخان عن ابن مسعودٍ أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ستكونُ أثَرَةٌ [قال الشَّيخ الرَّيِّس: أي حكَّامٌ يُؤثِرون أنفُسَهم علَيكم في أخذِ حُطامِ الدُّنيا.] وأمورٌ تُنكِرونَها [قال الشَّيخ: أي حكَّام عندَهم معاصٍ شرعيَّة.]، قالوا: يا رسولَ الله! فما تأمُرُنا؟ قالَ: تُؤدُّونَ الحقَّ الَّذي عليكم، وتسألونَ الله الَّذي لكم))، وفي ((الصَّحيحَيْن)) عن أُسَيْد بن حُضَيْر قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ستلْقَون بعدِي أثرةً، فاصْبِروا حتَّى تلْقَوني على الحَوْض))، فنحنُ مأمورونَ بالصَّبر، لا بالمظاهرات للضَّغطِ على الحُكَّام، وقد أمَرَ أئمَّةُ السُّنَّة بالصَّبْر وقالوا: ((حتَّى يَستريحَ بَرٌّ، أوْ يُستَراحَ مِنْ فاجِرٍ)).
الوجه الثَّاني: أنَّ فيها فتحَ بابِ شرٍّ بتحكيم الشُّعوب، فكلَّما أرادَ الشَّعبُ أمورًا تظاهَروا للمطالبةِ به، فإذا أرادَ أهلُ الشَّهواتِ أمرًا مِنْ أمورِ الشَّهواتِ المحرَّمة تظاهروا للمطالبةِ به، فاستُجيبَ لهم، وإذا أرادَ العلمانيُّونَ واللِّيبراليُّونَ أمرًا تظاهَروا للمطالبة به، فاستُجيبَ لهم، وهكذا... ومِنَ المعلوم أنَّ أهلَ الاستقامة والدِّيانةِ أقلُّ مِنْ غَيْرِهم بكثيرٍ في المجتمعات الإسلاميَّة؛ قالَ تعالى: فمِنْهُم مهتَدٍ وكثيرٌ مِنْهم فاسقون(26) [سورة الحديد].
الوجه الثَّالث: أنَّ أكثَرَ المظاهرات -إنْ لم يَكُنْ كلُّها- متَضَمِّنةٌ على اختلاط الرِّجالِ بالنِّساء، الاختلاط المحرَّم، وما خالَفَ ذلكَ فهو قليل لا حُكْمَ له، والواقعُ المُشاهَد خيرُ بُرهانٍ.
الوجهُ الرَّابع: أنَّ جَوْرَ الحكَّام بسَبَبِ ذنوبِ المحكومين، والذُّنوبُ لا تُرْفَع إلاَّ بالتَّوبة والاستكانة إلى الله لا بالمظاهرات، قال شيخُ الإسلام في ((منهاج السُّنَّة النَّبويَّة)) (4/315): ((وكانَ الحَسَن البصريُّ يقول: ((إنَّ الحجَّاج عذابُ الله، فلا تدفعوا عذابَ الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتَّضرُّع؛ فإنَّ الله تعالى يقول: ولقد أخذْناهم بالعذابِ فما استكانوا لربِّهم وما يَتَضَرَّعون(76) [سورة المؤمنون]))، وكانَ طَلْق بنُ حَبيب يقول: ((اتَّقوا الفتنةَ بالتَّقوى)) )).
هذه الأوجُه الأربعُ في المظاهراتِ الَّتي يقال سلميَّة!
أمَّا غيرُ السِّلميَّة فهيَ -زيادةً على ما تقدَّم- تحتوي على قتلٍ للنُّفوس وإهلاكٍ للأموالِ، وانتهاكٍ للأعراضِ، وغيرِ ذلكَ، وانظُر مقالاً لأخينا الشَّيخ عُمَر العُمَر بعنوان: ((عشرةُ أوجهٍ لبطلانِ المظاهرات)) .

وبعدَ هذا كُلِّه إليكَ شُبَه المجيزينَ للمظاهرات وكَشفَها، وأؤكِّدُ أنَّ واقِعَ حالِهم: اعتقدوا، ثمَّ سعَوْا لِيَستدِلُّوا، فتكلَّفوا وحرَّفوا نُصوصَ الشَّريعة.

الشُّبهة الأولى: ادَّعى مُجَوِّزو المظاهرات أنَّ فعلَ المتظاهرينَ قد دلَّت عليه السُّنَّة؛ فقد أخرجَ أبو نُعَيم في ((الحِلْيَة)) (1/40): ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم خرَجَ بعدَ إسلامِ عمرَ رضي الله عنه على رأس صفَّيْنِ مِنْ أصحابِه، وعلى الأوَّل مِنْهُما عُمَر رضي الله عنه، وعلى الثَّاني حَمزَة رضي الله عنه؛ رغبةً في إظهار قوَّة المسلِمينَ، فعلمتْ قُرَيْشٌ أنَّ لهم منَعةً.
وهذا لا دلالةَ علَيه مِن وجهَيْن: دِرايَةً، وروايةً:
الوجه الأوَّل رِوايَةً: فإنَّ إسناده ضعيف؛ لأنَّ فيه إسحاقَ بنَ فَرْوة، قال الإمام أحمد: لا تَحِلُّ عندي الرِّوايةُ عنه، وقال: ما هو بأهلٍ أنْ يُحمَل عنه، ولا يُروَى عنه، وقال الإمام ابنُ مَعِين عنه: كذَّاب ((تهذيب التَّهذيب)).
الوجه الثَّاني دِرايةً: أنَّه لا ولايةَ في مكَّة، وكان أعداؤهم حربيِّين، فلمَّا تقوَّوا استعملوا القوَّة في مقدار ما يستطيعون، فأين هذا مِنْ تجمُّع أناسٍ على حكَّامِهم لإظهار سخطِهم على فِعلٍ ما؟!
الشُّبهة الثَّانية: أنَّها -أي المظاهرات- وسيلةٌ قد جُرِّبَت فوُجِد نفعُها بأنْ حصلَ المطلوب.
وكَشفُ هذه الشُّبهة مِنْ وجهَيْن:

الوجه الأوَّل: أنَّها أيضًا جُرِّبَتْ في مواطِن كثيرة وكثيرةٍ جدًّا فلم تنفعْ، فهي وسيلةٌ مظنونة، وليس حدَثُ تظاهُرِ المسلمين في فرنسا ضدَّ قرار منع الحجابِ عنَّا ببعيدٍ، فلم يَنفع، والأمثلة كثيرة، وما كان كذلك فلا يُجَوَّز به المُحَرَّم، وقد تقدَّم ذكرُ الأدلَّة على منعِها وحُرْمَتها.

الوجه الثَّاني: أنَّه لو قُدِّر حصولُ النَّتيجة مِن هذه الوسيلة، فإنَّه لا يَدلُّ على حِلِّها ولا صِحَّتها بحالٍ، فإنَّ الغاية لا تُبَرِّر الوسيلةَ، وقد ذكرتُ دليل ذلك في مقال: ((أحداث تونس الحاليَّةُ بين الإفراط والتَّفريط)).

وأذَيِّلُ هذا المقال بنقل فتاوى جماعةٍ مِن عُلمائِنا في حُرمةِ المظاهراتِ ليُقارَن بينها وبينَ كلامِ الحَرَكيِّين والحماسيِّين العاطفيِّين في هذه المسألة الَّتي تذرَّعَ الحركيُّون الثَّوريُّون بها للتَّهييج على الولاةِ وإشاعةِ الفَوْضى مُستَغلِّين عاطفةَ عامَّةِ النَّاس:


قال الشَّيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: ((فالأسلوبُ الحسنُ مِنْ أعظمِ الوسائل لقَبولِ الحقِّ، والأسلوبُ السَّيِّء العنيفُ مِنْ أخطَر الوسائل في ردِّ الحقِّ وعَدَم قبولِه، أو إثارةِ القلاقل والظُّلم والعُدوان والمضاربات، ويُلحَق بهذا البابِ ما يَفْعلُه بعضُ النَّاس مِنَ المظاهرات الَّتي تُسَبِّب شرًّا عظيمًا على الدُّعاة، فالمسيرات في الشَّوارِع والْهُتافاتُ ليسَت هيَ الطَّريق للإصلاح والدَّعوة، فالطَّريقُ الصَّحيحُ بالزِّيارة والمكاتبات بالَّتي هي أحسنُ فتنصَحُ الرَّئيسَ والأميرَ وشيخَ القبيلةِ بهذه الطَّريقةِ، لا بالعُنْفِ والمظاهرَةِ، فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مكثَ في مكَّة ثلاثَ عشرةَ سنةً لم يَستعمل المظاهرات ولا المسيرات، ولم يُهَدِّدِ النَّاسَ بتخريبِ أموالِهم واغتيالِهم، ولا شكَّ أنَّ هذا الأسلوبَ يَضرُّ بالدَّعوةِ والدُّعاةِ، ويَمنَعُ انتشارَها، ويَحمِلُ الرُّؤساءَ والكبارَ على مُعاداتِها ومُضادَّتِها بكلِّ مُمْكِن، فهُم يُريدون الخيرَ بهذا الأسلوب، ولكن يَحصُل به ضدُّه، فكَونُ الدَّاعي إلى الله يَسلُك مسلكَ الرُّسل وأتباعِهم -ولو طالَت المدَّة- أولى به مِنْ عملٍ يضرُّ بالدَّعوة ويُضايِقُها أو يَقضِي عليها، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاَّ بالله)) مِنْ مجلَّة ((البحوث الإسلاميَّة)) العدد38 ص210.


وقالَ الشَّيخ الألبانيّ -رحمه الله- في ((سلسلة الهدى والنُّور)) شريط رقم210: ((صحيحٌ أنَّ الوسائلَ إذا لم تَكُن مُخالِفةً للشَّريعة، فالأصلُ فيها الإباحة، هذا لا إشكال فيه، لكن الوسائل إذا كانت عبارةً عن تقليدٍ لمناهج غيرِ إسلاميَّة، فمِنْ هنا تُصبِحُ هذه الوسائل غيرَ شرعيَّة، فالخُروجُ للتَّظاهُرات أو المظاهرات وإعلانُ عدمِ الرِّضا أو الرِّضا وإعلانُ التَّأييدِ أو الرَّفضِ لبعضِ القرارات أو بعضِ القوانين، هذا نظامٌ يَلتَقي مع الحُكْم الَّذي يقول: الحُكْم للشَّعب، مِنَ الشَّعبِ وإلى الشَّعب!! أمَّا حينما يكون المجتمع إسلاميًّا فلا يَحتاجُ الأمرُ إلى مُظاهراتٍ، وإنَّما يَحتاجُ إلى إقامةِ الحُجَّة على الحاكِم الَّذي يُخالِفُ شَريعةَ الله... أقولُ عن هذه المظاهرات: ليسَتْ وسيلةً إسلاميَّةً تُنْبِئُ عن الرِّضا أو عدَم الرِّضا مِنَ الشُّعوب المسلِمة؛ لأنَّ هناك وسائلَ أخرى باستطاعتِهم أنْ يَسلكوها...


وأخيرًا: هل صحيحٌ أنَّ هذه المظاهرات تغيِّر مِنْ نظامِ الحُكْم إذا كانَ القائمونَ مُصرِّينَ على ذلك؟ لا ندري! كَم وكَم مِن مظاهرات قامتْ، وقُتِل فيها قتلى كثيرون جدًّا، ثمَّ بقيَ الأمرُ على ما بقيَ عليه قبلَ المظاهرات، فلا نرى أنَّ هذه الوسيلةَ تَدخلُ في قاعدة أنَّ الأصلَ في الأشياء الإباحة؛ لأنَّها مِنْ تقاليد الغربِيِّين)).

وقال في ((سلسلة الأحاديث الضَّعيفة والموضوعة)) (14/74): ((لا تزالُ بعضُ الجماعات الإسلاميَّة تتظاهرُ بها، غافِلينَ عنْ كونِها مِنْ عادات الكفَّار وأساليبِهم الَّتي تتناسَبُ مع زعمِهم أنَّ الحكمَ للشَّعب، وتتنافى مع قولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((خيرُ الهُدَى هُدَى محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم)) )).
وسُئِلَ الشَّيخ محمَّد بن عثيمين -رحمه الله-: هل تُعتَبرُ المظاهراتُ وسيلةً مِنْ وسائل الدَّعوة الشَّرعيَّة؟
فقال: ((فإنَّ المظاهراتِ أمرٌ حادثٌ، لم يكُن معروفًا في عهدِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا في عهدِ الخُلَفاء الرَّاشِدين، ولا عهدِ الصَّحابة رضي الله عنهم.
ثمَّ إنَّ فيه مِنَ الفوضى والشَّغَبِ ما يَجعلُه أمرًا ممنوعًا؛ حيثُ يَحصُلُ فيه تكسير الزُّجاج والأبواب وغيرِها، ويَحصُل فيه أيضًا اختلاطُ الرِّجال بالنِّساء، والشَّباب بالشُّيوخ، وما أشبه ذلكَ مِنَ المفاسِد والمنكرات، وأمَّا مَسألةُ الضَّغط على الحكومة فهيَ إنْ كانتْ مُسلِمةً فيَكفيها واعظًا كتابُ الله وسُنَّة رسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا خيرُ ما يُعرَض على المسلِم، وإنْ كانتْ كافِرَةً، فإنَّها لا تُبالي بهؤلاء المتظاهِرين وسوفَ تُجامِلُهم ظاهرًا وهي ما هي عليه مِنَ الشَّرِّ في الباطِن، لذلكَ نرى أنَّ المظاهرات أمرٌ مُنكَر.
وأمَّا قولُهم: إنَّ هذه المظاهراتِ سلميَّة، فهيَ قد تكونُ سلميَّةً في أوَّلِ الأمر، أو في أوَّلِ مرَّة، ثمَّ تكونُ تخريبيَّةً، وأنصحُ الشَّبابَ أنْ يتَّبِعوا سبيلَ مَنْ سلَف؛ فإنَّ الله سبحانَه وتعالى أثنى على المهاجرينَ والأنصارِ وأثنى على الَّذينَ اتَّبعوهُم بإحسانٍ))، انظر: ((الجواب الأبهر)) (ص75).
وسُئِلَ الشَّيخ صالح الفوزان -حفظه الله-: هل مِنْ وسائل الدَّعوة القيامُ بالمظاهرات لحلِّ مشاكِل الأمَّة الإسلاميَّة؟ فقالَ: دينُنا ليس دينَ فوضى، دينُنا دينُ انضباط، دينُ نظامٍ ودينُ سكينةٍ؛ المظاهراتُ ليسَت مِنْ أعمالِ المسلمين وما كانَ المسلمونَ يَعرِفونَها، ودينُ الإسلامِ دينُ هُدوءٍ ودينُ رحمةٍ لا فوضى فيه ولا تشويش ولا إثارة فِتَن، هذا هو دينُ الإسلام، والحقوق يُتَوصَّل إليها دونَ هذه الطَّريقة بالمطالبة الشَّرعيَّة والطُّرُق الشَّرعيَّة، هذه المظاهرات تُحدِثُ فِتَنًا، وتُحدِثُ سفكَ دِماء، وتُحدِث تَخريبَ أموالٍ فلا تجوزُ هذه الأمور)) مِنْ ((الإجابات المهمَّة في المشاكل المُلِمَّة)) لمحمَّد الحصين (ص100).

وبعدَ معرِفةِ حُكمِ المظاهراتِ فلا تجوزُ ولو أذِنَ بها النِّظامُ؛ لأنَّها مُحَرَّمةٌ، ولا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق، هذا ما كانَ يُقرِّره شيخُنا العلاَّمة ابنُ عثيمين .

بل ولو كان الحاكمُ كافرًا والدَّولةُ كافرةً لم تَجُزْ؛ لأنَّها وسيلةٌ محرَّمة.

أسألُ اللهَ الرَّحمنَ الرَّحيمَ أنْ يَلطُفَ بحالِ المسلمين، ويَجمعَ كلمتَهُم على الهُدَى، وما عليه السَّلَف الماضون، ويرُدَّ كيدَ أعدائِهِم مِنَ الدَّاخِلِ والخارِج في نُحورِهم)).


انتهى مُلَخَّص مقالِ فضيلة الشَّيخ عبد العزيز الرَّيِّس -حفظه الله-، وبه أختِمُ بَحْثي هذا، واللهُ المسئولُ أنْ يَنصُرَ الإسلامَ والمسلِمينَ ويقمعَ المبتَدِعةَ والمنافِقين والعلمانيِّين وكلَّ مَنْ يُحارِبُ الدِّين.


كتَبَه عبد المالك بن أحمد رمضاني

منقول









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:16   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كلمة توجيهية للشيخ محمد ابن رمزان الهاجري ،حول المظاهرات

هذه كلمة توجيهية للشيخ محمد بن رمزان الهاجري ،حول المظاهرات .ذالمقطع الاول.هنا
هنامقطع التاني.هنا









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:20   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إنكار الشيخ مصطفى العدوي لمنكرات مظاهرات 25 يناير

إنكار الشيخ مصطفى العدوي لمنكرات مظاهرات 25 يناير

.هنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في مشايخنا وفي منتدانا
في هذه المحاضرة المشار إليها على الرابط إنكار الشيخ مصطفى العدوي لمنكرات مظاهرات 25 يناير ،
وها هي عناصر المحاضرة :
* رفع الهلال مع الصليب هذه راية كفر


المؤسف في هذه الأحداث وأشد شئ يُتأسف عليه التداخل الذي حصل بين أهل الكفر وأهل الإسلام حتى نرى زائغاً من الزائغين يرتدي زي رجال العلم في مصر يرفع الصليب مع آخر ، وهذا تكذيب لقوله تعالى : {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]


* نرى في ذات الوقت جماعة تُنسب إلى الإسلام تقول : إن الشعب هو مصدر السلطات ،


ويتغاضون تمام التغاضي عن الدين الذي هو شرعة الله الذي شرعها لعباده ، وهذا أسوأ ما في هذه الأحداث أن يتميع الدين بهذه الطريقة وتنحل عقدة الولاء والبراء


* تُخفت راية لا إله إلا الله ولا يرفعها رافع في خضم هذه الأحداث




* كذلك ما يخشى من الشر المستطير الذي يخشى أن ينزل بالمسلمين ، وهو إلغاء الشريعة كمصدر من مصادر التشريع


ودائما عهد من ميدان التحرير كل شر ، فهو الذي قامت فيه أيضاً الأفاكة الأثيمة المسماة بهدى شعراوي أو المسماة بصفية زغلول ، ونزعت الحجاب ونزعت الفضيلة عن أهل مصر في هذا الميدان



* المخرج من الفتن له وسائل ( الاعتصام بالله، والبحث عن السلامة في كتاب الله وسنة رسوله - تقوى الله - التوكل على الله - الإكثار من الاستغفار - الإكثار من الدعاء - ويلزم الرجوع إلى الله - الإقلاع عن الذنوب والمعاصي والجرائم ) وهذا يبدوا أن الناس لم يتفطنوا له الآن
، فما رجع راجع إلى الله لا حاكم ولا محكوم ، فهل الحاكم وعد أنه سيقيم في الناس أمر الله وسيقودهم بكتاب الله وسنة رسوله !!!! ، ولا المحكومون طالبوا بذلك ، فبئس الراعي وبئست الرعية



* لم أجد أي مطلب لرفع راية : "لا إله إلا الله ، نريد شرع الله" حتى جماعة من قبل كانت ترفع شعار "الإسلام هو الحل" خفضته في هذه الأيام ونادت بالمواطنة


فالدرس لم يستفد منه


* الهوية الإسلامية مغيبة في هذه الأوساط : أوساط الحكام وأوساط المحكومين




* سنعدل الدستور البند كم وسبعين وكم وسبعين أن الرئاسة لا تكون إلا ثلاث سنوات أو ستة


طيب أريد أن أقيم هذا شرعاً ، إن كان الحاكم ظالماً لا يبقى في الرئاسة يوماً واحداً - إن حاد عن الشرع - ، وإن كان صالحاً يبقى أبد الدهر ، هذا الذي رأيناه في سلفنا الصالح

فلا أبأس على هذا الذي قيل ، ولا أفرح ، فالأمر يستوي بالنسبة لنا

* أما الغوغائية والهمجية ، واختلاط الحابل بالنابل ، فكله غير مجدٍ وغير نافع




* وترون : بالأمس راقصة يطبل لها مطبل وتحتسي السيجارة ، وممثل من أفجر الفجار يقوم ويدلي برأيه ، وآخر صاحب شركة محمول جعلوه من حكماء مصر
- وهو على غير ملة الإسلام - الذين سيسنون للناس الدساتير ، يطالب بمناقشة لإزالة الشريعة الإسلامية



* وإن كانت حصلت إصلاحات دنيوية ، لكن الدين في خطر


فلزاماً أن يتفطن المسلمون لذلك ، وأن يرتبوا من الآن ترتيباً حاسماً ، ماذا نصنع إذا قام العلمانيون وقالوا نحذف بند الشريعة مصدر للتشريع ؟؟ ماذا نصنع إذا قالوا دولة لا دينية ؟؟؟ هل ستخنع وترضى ؟ أم ماذا ستصنع ؟



* الفتوى بأنهم شهداء فتوى بلا شك جائرة وخطل


الشهيد هو قتيل المعركة في حرب الكفار ، وهؤلاء مسلمون ، الشرطة مسلمة ، والمتظاهرون أكثرهم مسلمون ، وسبق وذكر أن هناك مفهومان مغلوطان :


* المفهوم الأول : أن هذا الحادث كلمة حق عند سلطان جائر ، والمقتول فيه شهيد

* ومفهوم يقول : أن هؤلاء خوارج ، خرجوا على أولي الأمر ويجب قتلهم ،


وكلا طرفي الأمور ذميم ،


* فأولاً : هل هؤلاء خوارج ، ويقتلوا ، ومن أتاكم وأمركم جميع على رجل فاقتلوه ،


طبعاً هذا التوصيف خطأ لأمور متعددة :

1- أنهم لم يخرجوا شاهرين سيفاً
2- لم يخرجوا إلا للنهي عن منكر - من وجهة نظرهم - ، فإذا فعل الحاكم منكراً فماذا نصنع ؟؟ وذهبت وقلت له حرام ، وأخذت معي شخصاً آخر ظاهرني - ظاهرني أي عاونني - وأخذت معنا ثالث ورابع وعاشر
وأصل المظاهرة المعاونة : {إِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } [التحريم: 4]
{فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: 17]
فإن كان التعاون في الخير فهو خير ، وإن كان التعاون في الشر فهو شر ، لكن النظر إلى التوابع ،
3- الحاكم الموجود أذن لهم بالمظاهرات ،
فخرجوا من كونهم خوارج

* وثانياً في المقابل الفهم المغلوط الآخر : وهو أنه كلمة حق عند سلطان جائر :


كلمات الحق التي يُقتل من أجلها الشخص لها ترتيب ولها أولويات ، أعظم كلمة حق عند سلطان جائر أن تقول : أنك غيبت شرع الله عنا ، ونريد شرع الله ، لكن :

أن تترك هذا المطلب الأسمى ، وتناقش ابني عايز له وظيفة - مش مسئولية ولي الأمر إن ابنك عايز له وظيفة - فقد يشتغل ، ابحث عن مطلب للرزق ،
مختلس ، حاكموه كمختلس

* تركوا الأعظم ، وهو : طلب إقامة الشرع فينا ، واتجهوا إلى أشياء دون ذلك بمئات المراحل ، ولم تثُر ثائرتهم لنصرة دينهم ، وثارت لنصرة دنياهم

منقول









آخر تعديل جواهر الجزائرية 2011-11-18 في 02:24.
رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:27   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نصيحة أهل الإسلام ببيان حقيقة موقف الخوارج من الإمام






الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
كثر الكلام في هذه الأيام حول الأحداث الجارية، أعني ما حصل في تونس وفي مصر وفي ليبيا واليمن وغيرها من بلاد المسلمين من مظاهرات -أي تجمعات لعموم الناس- مطالبين بخلع الحاكم وإزالة الحكومة، ودعوة إلى استحداث دساتير جديدة -أي قوانين وأحكام جديدة- ودعوة إلى فتح باب الحريات من غير معرفة ضابط في ذلك ولا قيود، ودعوة إلى فتح باب إنشاء الأحزاب -أي الفرق والتعصبات- من غير بيان قيد ولا ضابط، ودعوة إلى ممارسة الديمقراطية.
ولاشك أن كل مسألة من هذه المسائل تحتاج إلى مناقشة وبيان، لأن المسلم حريص على معرفة حكم الله تعالى فيما يجري حوله وفيما هو مقدم عليه أو فاعل له، ليعرف حقيقة حاله هل هو قائم بمقتضى العبودية لله رب العالمين ومستقيم على ما يريده منه سيده ومولاه؟! أم أنه معرض متبع لهواه؟! وفي هذه الكلمة سأقف مع القارئ وقفة تبين له إن شاء الله حقيقة ما يفعله هؤلاء الذين يتجمهرون مطالبين بعزل الإمام وإزالة الحكومة، هل هو مما أباحه الله ورسوله؟ وهل هو من هدي الإسلام أم هو من هدي أهل الأهواء والبدع؟
وعلى أي تقدير فإن كلام أهل العلم في بيان مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، وفي أن مذهبهم يقتضي السمع والطاعة للإمام وإن كان جائراً ظالماً، غير أنه لا يطاع في معصية، وفي أن مذهبهم هو بذل النصيحة بالحكمة والتي هي أحسن من غير تجريح ولا تعنيف ولا مجاهرة بذلك.
فلا ينبغي بعد ذلك لعاقل أن يقول أن مذهبهم يضاد أو ينافي العدل أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يزعم أنه يقتضي الرضا بالظلم أو الإعانة عليه.
والذي أريد بيانه في هذه الكلمة وهو ما سيجلي للقارئ حقيقة مذهب المخالفين لمنهج السلف، الذين يزعمون أن من حق الشعب أن يقف أمام الحكام الظالمين ويدعو إلى عصيانهم ومنابذتهم أو يسعى إلى عزلهم، مدعياً أنه بذلك يمارس حريته وحقاً من حقوقه، ويحافظ على كرامته ومقدراته وما شابه ذلك من الكلام العاطفي والإنشائي المفتقر إلى دليل صحيح يمكن الاعتماد عليه في معرفة الحكم الذي حكم به رب الشعب ورب الحكام في هذه المسألة وهذا المقام.
وأنا أدعو أخي القارئ أن يرجع إلى الحقائق التاريخية ليعرف من أين جاء هذا المبدأ ومن هو أول المنادين به والمروجين له أو المحسنين لهذه الطريقة المتبنين لها، هل هم أهل الإسلام وعلماء الدين؟ أم هم أهل البدع والخوارج المارقون؟
من المعلوم أن الخوارج هم أول أهل البدع والطوائف الخارجة عن الجماعة والمخالفة لهدي السلف الصالح، وقد كان مما أحدثوه وتميزوا به هو جحد حق الإمام في الطاعة في المعروف عند جوره أو فسقه ونبذ إمامته.
يقول الإمام أبو الحسن الأشعري وهو من علماء أهل السنة المتوفى عام (330) في كتابه "مقالات الإسلاميين" لما ذكر قول الخوارج: ”وأما السيف فإن الخوارج جميعاً تقول به وتراه، إلا أن الأباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف، ولكنهم يرون إزالة أئمة الجور، ومنعهم أن يكونوا أئمة بأي شيء قدروا عليه، بالسيف أو بغير السيف“[1].
ثم قال عن الخوارج: ”ولا يرون إمامة الجائر“[2] أي لا يرونها صحيحة نافذة، بل يجب عزله.
ويقول البغدادي (ت429) في كتابه "الفَرْق بين الفِرَق" لما ذكر المخازي التي يجتمع عليها الخوارج قال: ”قال شيخنا أبو الحسن الذي يجمعها إكفار علي وعثمان وأصحاب الجمل والحكمين ومن رضي بالتحكيم وصوب الحكمين أو أحدهما والخروج على السلطان الجائر“[3].
ويقول الإمام أبو محمد بن حزم في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل": ”وأما الخوارج فعمدة مذهبهم الكلام في الإيمان والكفر ما هما والتسمية بهما والوعيد والإمامة“[4].
فهذه المسائل هي عمدة مذهبهم وهي ما يميزهم عن أهل السنة أو عن غيرهم من الفرق الأخرى، ولذلك يقول ابن حزم: ”ومن وافق الخوارج في إنكار التحكيم وتكفير أصحاب الكبائر والقول بالخروج على أئمة الجور، وأن أصحاب الكبائر مخلدون في النار وأن الإمامة جائزة في غير قريش فهو خارجي“[5].
وهذا واضح أن القول بالخروج على الإمام الجائر هو أحد البدع والمقالات الفاسدة التي تميز بها الخوارج ودعوا إليها، فمن حَسّن هذا الفعل أو دعى إليه فهو موافق للخوارج في أشهر ضلالاتهم والعياذ بالله.
ويقول الشهرستاني في وصف مذهب هذه الفرقة الضالة التي أجمع الناس على أنها أول فرقة خرجت في الإسلام ومزقت كلمة المسلمين وشقت صفهم: ”وكبار فرق الخوارج ستة: الأزارقة والنجدات والصفرية والعجاردة والأباضية والثعالبة، والباقون فروعهم، ويجمعهم القول بالتبرؤ من عثمان وعلي ويقدمون ذلك على كل طاعة [أي أن ذلك عندهم من أعظم الأعمال الصالحة] ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك [أي لا يرون صحة عقد النكاح إلا لمن قال بذلك] ويكفرون أصحاب الكبائر، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقاً واجباً“[6].
فمن الذي يقول بأن عزل الإمام حق للرعية أو يقول إن منعهم من ذلك هو مصادمة للحرية أو لحقوق الشعب؟ هل هم أهل الإسلام والسنة أم أهل البدعة والهوى؟ أليسوا هم الخوارج الذين خرجوا على علي وعثمان وعلى من بعدهم من الأئمة وإلى يومنا هذا هم مستمرون على أفعالهم القبيحة الشنيعة ويحاولون أن يلبسوها لبوس الحقوق والحرية والكرامة.
يقول الشهرستاني في وصف المحكمة الذين خرجوا في الزمن الأول: ”وكل من ينصبونه برأيهم وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل واجتناب الجور كان إماماً، ومن خرج عليه يجب نصب القتال معه، وإن غير السيرة وعدل عن الحق وجب عزله أو قتله“[7].
فهل نرى هناك فرقاً بين أولئك المحكمة الخوارج الأول وبين فعل هؤلاء الناس اليوم؟؟ ألا فليتق الله من يحسن لهم صنيعهم ذلك وإن كان من المنتسبين إلى العلم فإن عليه وزراً عظيماً، فإن أولئك العوام ربما يجهلون أن فعلهم هذا محرم وأنه من الأمور المحدثة أومن جملة صفات الخوارج المذمومة التي ذمهم عليها وضللهم بها أهل العلم من قديم الزمن وحتى العصر الحاضر، يقول أحد علماء الأزهر وهو الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "تاريخ المذاهب الإسلامية" معنوناً: ”المبادئ التي تجمع فرق الخوارج: من الكلام السابق عرفنا عقلية الخوارج وقبائلهم، والآن نريد أن نعرف مبادئهم، والحق أن مبادئهم مظهر واضح لتفكيرهم وسذاجة عقولهم ونظرتهم السطحية ونقمتهم على قريش وكل القبائل المضرية.
أ‌- وأول هذه الآراء -وهو من بين آرائهم السديدُ المحكمُ[8]- أن الخليفة لا يكون إلا بانتخاب حر صحيح، يقوم به عامة المسلمين لا فريق منهم، ويستمر خليفة مادام قائماً بالعدل مقيماً للشرع، مبتعداً عن الخطأ والزيغ، فإن حاد وجب عزله أو قتله“[9].
ويقول أستاذ الدراسات الإسلامية الأستاذ ناصر بن عبد الكريم العقل في تعريف الخوارج: ”الخوارج هم الذين يكفرون بالمعاصي ويخرجون على أئمة المسلمين وجماعتهم، ويشمل ذلك الخوارج الأولين (المحكمة الحرورية) ومن تفرع عنهم من الأزارقة والصفرية والنجدات -وهذه الثلاثة انقرضت- والأباضية وهم باقون إلى اليوم.
كما يشمل اسم الخوارج كل من أخذ باصولهم وسلك سبيلهم كجماعات التكفير والهجرة في هذا العصر ونحوهم، وعلى هذا فإن الخوارج قد يخرجون في كل زمان“[10].
ولما ذكر أصول الخوارج وسماتهم العامة ذكر منها:
”2- الخروج على أئمة المسلمين اعتقاداً وعملاً غالباً أو أحدهما أحيانا ....
4- صرف نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى منازعة الأئمة والخروج عليهم وقتال المخالفين“[11].
وهذه الطريقة في التعامل مع النصوص وحملها على غير المراد منها راجع إلى جهلهم وفهمهم الخاطئ للنصوص وهذا ناتج عن اعتدادهم بأنفسهم وتجهيلهم للصحابة والسلف الصالح فضلوا هذا الضلال ولذلك وقفوا موقفهم ذلك من علي رضي الله عنه لما قالوا له حَكَّمْتَ الرجال والله تعالى يقول: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} ورتبوا على ذلك أنه لابد أن يقر ويعترف بكفره ثم يتوب منه، فلما لم يجبهم إلى ضلالهم نبذوه وقاتلوه، وهكذا هم دائماً أصحاب أفهام سقيمة وتحريف للنصوص، وهؤلاء أصحاب هذه المظاهرات مشابهون لهم، فإنهم سلكوا سبيلهم في الخروج على الأئمة وأخذوا طريقهم في الاستدلال بالنصوص استدلالاً باطلاً فزعموا أن عملهم نوع من إنكار المنكر أو النصيحة أو رفع الظلم أو تحقيق الحرية والعدل والكرامة.
فهل كان السلف والعلماء لا يعرفون تحقيق الحرية ولا رفع الظلم ولا إنكار المنكر؟ أم أن هؤلاء يسمون الأمور بغير اسمها إما جهلاً أو تمويهاً؟ لاشك أن الجواب هو هذا، فهم ما بين جاهل غُرر به وفُهِّم أن هذا من الحقوق ومن المطالبة بالعدل وإنكار المنكر ورفع الظلم، وما بين صاحب هوى ركب هذه الأمور لتحقيق مآربه ومطامعه، غير مكترث بما يصيب الناس والأمة من الخراب والدمار وسفك الدماء وضياع الحقوق والمقدرات.
يقول الأستاذ غالب بن علي العواجي في أسباب ظهور الخوارج:
”3- جور الحكام وظهور المنكرات: هكذا كان الخوارج يرددون في خطبهم ومقالاتهم، ان الحكام ظلمة والمنكرات فاشية، والواقع أنهم حينما خرجوا فعلوا أضعاف ما كان موجوداً من المظالم والمنكرات ....“[12].
إن القيام بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع الظلم له طرقه الكثيرة المعروفة والصحيحة شرعاً، ولكن ليس من طرقه هذه الطريقة المنكرة التي استحدثها واستحسنها الخوارج ثم تبعهم عليها غيرهم من أهل البغي والجهل.
ولو كان ذلك من الحق والهدى لبينه لنا صلى الله عليه وسلم، ولكن الواقع أن ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به هو على العكس تماماً من هذه الطريقة، فإنه عليه الصلاة والسلام لما ذكر الحكام الظلمة والطغاة الفسقة أمر بالصبر على جورهم وعدم منازعتهم، وأمر بطاعتهم فيما أمروا به ما لم يكن الأمر معصية، ففي صحيح مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم) قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قال: (لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعته)
والأحاديث في ذلك كثيرة جداً، ونصوص أهل العلم متوافرة، والمقصود أن ترك الطاعة والخروج على الأمراء والحكام صفة ذميمة وفعلة شنيعة، وإن كان الحكام على جور وظلم، فلم يأذن الشرع في ترك طاعتهم والخروج عليهم ولم يعتبر ذلك من طرق الإصلاح والعدل ورفع الظلم، وأول من زعم ذلك وفعل ذلك هم الخوارج الذين اتفقت كلمة العلماء على ذمهم بذلك، وأنه من صفاتهم التي خالفوا بها أهل السنة وسائر الفرق الأخرى، ثم شابههم في هذه الفعلة الشنيعة والفتن المنكرة البغاة.
الخوارج والبغاة يتفقون في منازعة الإمام والخروج عن حكمه وترك طاعته أو السعي في عزله.
ولكن البغاة يختلفون عن الخوارج من حيث أن الخوارج يدفعهم إلى ذلك اعتقاد التكفير بالذنوب والكبائر ويتدينون بفعلهم هذا وبخروجهم وقتالهم السلطان ومن معه من المسلمين.
أما البغاة فإنهم يخرجون عن الجماعة ويتركون الطاعة وينازعون السلطان لأجل مطالب دنيوية ومصالح يريدونها أويدعونها.
قال شيخ الإسلام موفق الدين ابن قدامة رحمه الله تعالى لما ذكر أصناف الخارجين عن طاعة الإمام وقبضته: ”.... الصنف الرابع: قوم من أهل الحق[13] يخرجون عن قبضة الإمام ويرومون خلعه لتأويل سائغ وفيهم مَنَعَةٌ، يحتاج في كفهم إلى جمع الجيش، فهؤلاء البغاة الذين نذكر في هذا الباب حكمهم، وواجبٌ على الناس معنونة إمامهم في قتال البغاة لما ذكرنا في أول الباب ولأنهم لو تركوا معونته لَقَهَرَهُ أهل البغي وظهر الفساد في الأرض“[14].
وهذا الأصل وهو قتال الخارج عن الجماعة والتارك للطاعة مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان)[15]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أعطى إماماً صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر)[16].
قال ابن قدامة رحمه الله: ”فكل من ثبتت إمامته[17] وجبت طاعته وحرم الخروج عليه وقتاله لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وروى عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وألا ننازع الأمر أهله، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتته جاهلية) رواه ابن عبد البر من حديث أبي هريرة وأبي ذر وابن عباس كلها بمعنى واحد، وأجمعت الصحابة رضي الله عنهم على قتال البغاة“[18].
وبهذه الأدلة والنقول يتبين لنا أن البغاة والخوارج يشتركون في الخروج عن طاعة الإمام وفي منازعته الإمامة وفي ذمهم بذلك وفي وجوب قتالهم وإعادتهم إلى حظيرة المسلمين وطاعة إمامهم وإن اختلفوا في أحكام أخرى.
والمقصود أن المظاهرات وإعلان العصيان وعدم الطاعة والسعي في عزل الإمام ليس نوعاً من الإصلاح ولا نوعاً من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا نوعاً من تحقيق العدالة ورفع الظلم في نظر الشرع واعتباره، وإن ادَّعاه الخوارج الذين أحدثوا ذلك في هذه الأمة أو ادَّعاه وزعمه غيرهم ممن أخذ ذلك عنهم، كالبغاة أو جهلة المسلمين وعوامهم، والإسلام يدعو إلى الإصلاح ورفع الظلم بطرق شرعها الله ومنها الصبر ومناصحة الإمام برفق مع الاستمرار في الطاعة في المعروف والتعاون على الخير، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة الذي يحقق أكبر عدد من المصالح ويدرأ أكثر ما يمكن من المفاسد، والحمد لله على نعمة الإسلام وشرائعه العظيمة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

كتبه: إسماعيل بن غصاب العدوي

ـــــــــــ
[1]مقالات الإسلاميين: (1/204).
[2]مقالات الإسلاميين: (1/204).
[3]الفرق بين الفرق للبغدادي ص: 79.
[4]الفصل في الملل والأهواء والنحل: (1/370).
[5]الفصل في الملل والأهواء والنحل: (1/370).
[6]الملل والنحل للشهرستاني ص: 107.
[7]الملل والنحل للشهرستاني ص: 108.
[8]هذا على سبيل التهكم بهم وبيان شدة انحرافهم، كما يفيده السياق، فتنبه.
[9]ص: 63.
[10]رسائل ودراسات في الأهواء والافتراق والبدع: (2/26).
[11]رسائل ودراسات في الأهواء والافتراق والبدع: (2/35).
[12] فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها: (1/74).
[13]أي ليسوا من أهل البدع كالخوارج الذي سبق ذكرهم.
[14]المغني: (12/242).
[15]رواه مسلم: (3/1479).
[16]رواه مسلم: (3/1472).
[17]أي بإحدى الطرق الثلاثة التي ذكرها العلماء، وهي: اختيار أهل الحل والعقد أو بعهد الإمام السابق للاحق أو بالقهر والغلبة حتى يستتب له الأمر.
[18]المغني: (12/238).










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-25, 03:12   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










456ty

<b>

بسم الله الرحمن الرحيم

الكتاب الأول:
  1. حمل كتاب (المظاهرات والاعتصامات والإضرابات رؤية شرعية) : الدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس


    إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
    إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
    محتويات الكتاب
    :

    المقدمة:

    المبحث الأول:تعريف المظاهرات والإعتصامات والإضرابات.

    المبحث الثاني:حول نشأة أسلوب المظاهرات كوسبة لتغيير المنكر في بلاد المسلمين.

    المبحث الثالث:صلة المظاهرات بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    المبحث الرابع:في حجج من قال بالمظاهرات كوسيلة لتغيير المنكر

    المبحث الخامس:حجج المانعين للماظهرات كوسيلة لتغيير المنكر

    المبحث السادس:مفاسد المظاهرات وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع

    المبحث السابع:مناقشة أدلة القائلين بالمظاهرات كوسيلة لتغيير المنكر
    المبحث الثامن:ذكر القول الراجح في مسألة المظاهرات

    المبحث التاسع:المظاهرات ليست وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله

    الخاتمة:في بيان خلاصة البحث وقد أوردت(الكلام لصاحب الكتاب) في نهاية الكتاب بعد الخاتمة مجموعة من فتاوى علماء الأمة المعتبرين ,مع أنني ذكرت أجزاء منها متفرقة في ثنايا الكتاب,ولكن رأيت تتميما للفائدة جمعها متوالية بتمامها في آخر الكتاب,حتى يتسنى لمن أراد الرجوع إليها مباشرة دون واسطة إذ أنها تتعلق بمسألة بمسائل النوازل التي تمس الحاجة إلى العلم بها.


    التحميل المباشر للكتاب:
    https://www.archive.org/download/Mudhahrat/Mudhahrat.pdf


    الكتاب الثاني:

المظاهرات في ميزان الشريعة الإسلامية :

عبدالرحمن بن سعد بن علي الشثري ، قدم له وعلق عليه وحث على طبعه د. صالح بن فوزان الفوزان ، ط 1 ، 1432 هـ ، 218 صفحة .


رابط مباشر :
https://www.archive.org/download/bza33/bza33.pdf
صفحة التحميل :
https://www.archive.org/details/bza33
رابط آخر :
https://www.pdfshere.com/up/index.php?action=viewfile&id=4 590



الكتاب الثالث:


قطع التراهات والتفاهات بدلائل بينات وحجج ساطعات على من أباح المظاهرات
(إعداد وجمع:جمال البليدي ستر الله عيوبه))

عناصر سلسلة الكتاب:

المقدمة

الفصل الأول: المظاهرات وأصلها
الفصل الثاني: الأدلة على تحريم المظاهرات
الفصل الثالث: فتاوى كبار أهل العلم في المظاهرات
الفصل الرابع: كشف الشبهات ورد الإعتراضات.

صورة الكتاب

إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.


رابط التحميل
اضغط هنا لتحميل



الكتاب الرابع:

رسالة شديدة الاختصار سريعة الفهم والاستعيبات بعنوان:

صوت الحكمة للخروج من الفتنة !!
..حـول.. ..أحداث.. ..مصر..

للأخ الفاضل:
أبو رقية الذهبي غفر الله له ولوالدية ولمن قال امين.

حَمِّلْ
المطوية بصيغة مصورة ( = PDF ) منسقة وجاهزة للطباعة
https://www.archive.org/download/Sawt...wtul7ekmah.pdf

تطبع الصفحات بورقة واحدة
على الوجهين بنظام الكراسة (المَلْزَمَة)؛ حتى تبدو كالمطوية
الوجه الأول = الصفحة الرابعة (يمين) يقابلها الصفحة الأولى (يسار)
= (الظاهر)
الوجه الثاني = الصفحة الثانية (يمين) يقابلها الصفحة الثالثة (يسار) = (الباطن)



</b>









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-25, 10:02   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
سفيان الثوري السلفي
محظور
 
إحصائية العضو










M001

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..اما بعد .. جزاكم الله خيرا اخي جمال جعل الله عملك هذا عملا خالصا لوجه الكريم ..اللهم وفقنا و مكنا الى تحكيم شرعك فوق ارضك يا رحمان يا رحيم .










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:31   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المظاهرات والثّورات والانتخابات شرٌ شرعاً وعاقبةً للشيخ العلامة سعد بن عبدالرحمن الحصين

المظاهرات والثّورات والانتخابات شرٌ شرعاً وعاقبةً
لفضيلة الشيخ العلامة سعد بن عبدالرحمن الحصين – حفظه الله –
بسم الله الرحمن الرحيم
أ – قبل أن تدخل هذه المصطلحات الشيطانية قاموس اللغة العربية العصرية وحياة مسلمي العصر : وسوس الشيطان وسوّلت الأنفس الأمّارة بالسوء لبعض مسلمي القرن الأول الهجري الخروج على وليّ الأمرهم الخليفة الراشد المهدي الثالث عثمان بن عفان – رضي الله عنه وأرضاه – الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة والشهادة والمغفرة من الله ، وأنه تستحي منه الملائكة ؛ خرج عليه أوائل الخوارج بالقول ثم بشرِ العمل فقتلوه بالتهمة التي يرددها الخوارج على ولاة أمرهم حتى اليوم وربما إلى يوم القيامة : توليته بعض أقاربه وغيرهم ، أو منحهم المال أو الأرض دون بعض ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي الواحد الوادي من الغنم ، ويقسم الذهبة في تربتها بين الثلاثة ، ويٌقطع الأرض من يشاء دون غيرهم ، وربما غضب بعض الصحابة فأرضاهم بتذكيرهم أن الناس يذهبون بالشاة والبعير ، ويذهبون هم وحدهم برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالهم ، وربما أرضى بعضهم بأنه يتألف غيرهم بالعطاء الدنيوي ويكلهم هم إلى إيمانهم ، وربما أعلن سلف الخوارج الخروج على الرسول بالقول ؛ ( إعدل يا محمد ) أو : ( أن كان ابن عمّتك ؟ ) ؛ تشابهت قلوبهم وألفاظهم .
ووسوس الشيطان وسوّلت الأنفس الأمّارة بالسوء لبعض مسلمي القرن الأول الهجري الخروج على الخليفة الراشد المهدي ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وعلى آله وصحبه ) ووليّه وصفيّه ( علي بن أبي طالب – رضي الله عنه وأرضاه - ) الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وبمحبة الله ورسوله ؛ خرج عليه أوائل الخوارج بالقول ثم بشرِ العمل فقتلوه بالتهمة التي يرددها خلف الخوارج حتى اليوم : ( الحكم بغير ما أنزل الله ) ، تشابهت قلوبهم وألفاظهم .
وإذا كان الشيطان قد خص غير الحزبيين بدعوى الخوارج على عثمان :
( عدم العدل في توزيع الوظائف والمنح والجوائز ) فقد جمع للحزبيين ( الموصوفين زوراً بالإسلامين ) دعوى الخوارج على عثمان ومعها دعوى الخوارج على علي – رضي الله عنهما وأرضاهما - : ( الحكم بغير ما أنزل الله ) وتولى كِبر هذا الأمر حزب الإخوان المسلمين الذي أسس من أول يوم على الخروج على ولاة الأمر صالحين أو دون ذلك ،
وشرع الله خلاف ذلك ، فلا يجوز الخروج على وليّ الأمر ولو ظلم ، ولو فجر ( إلا أن تروا كفراً بواحاً ) فيجوز لأهل الحلّ والعقد ( لا الغوغاء ) أن يقرروا كفره ، ويختاروا الأصلح لولاية الأمر ، أما ما دون الكفر الصريح البواح فقد شرع رسول الله بأمر الله تعالى له ( السمع والطاعة ) للأمير ، ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ، ولو كان الأمراء ( لا يستنون بسنته ولا يهتدون بهديه ) فيما دون الاعتقاد : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .
والإخوانيون لم يكونوا بعدين عن الشرك ( منذ حسن البنا وعمر التلمساني – رحمهما الله – لو ماتا على التوحيد ) ( أنظر كاب مذكرات الدعوة والداعية للبنا وشهيد المحراب للتلمساني ) ، وإلى رئيس حماس اليوم ) قولاً أو فعلاً أو تجنباً للأمر بالتوحيد في العبادة أو النهي عن الشرك بأوثان المقامات والمزارات والمشاهد ، ابتداءً من ضريح الحصافي ( شيخ طريقة البنا الصوفية ) إلى ضريح الخميني الأب الروحي لحماس ، كما أعلن رئيس حماس الحالي ، ولن تجد نهياً عن الشرك الأكبر في واجبات الإخواني ولا منجياته ولا مهلكاته ولا موبقاته ولا وصاياه ، كأنما يتعمد التلبس بهذه الجريمة أبداً .
ب – وجاءت الثورة الفرنسية الوحشية قبل 220 سنة قدوة جديدة للمتظاهرين والثّوار المحدثين ؛ جاءت تطالب بالعدالة والحرية والدستور وحقوق الإنسان والمواطن ( تشابهت قلوبهم وألفاظهم ) ؛ وفقد الناس – يومها ، بل أعوامها – الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والمواطن ، ومعها الأمن على الأرواح والأعراض ، وحاول لويس ( 16 ) أن يطفئ الثورة باعطاء ( الثائرين شيئاً مما يطلبون ، وكأنما كان هذا فاتحاً للشهية الثورية فكلما تحقق مطلب زادت مطالبهم ، فالمهم هو الثورة والمطلب مجرد ذريعة ، ثم تنادى الغوغاء للهجوم على قلعة الباستيل ( لتحرير السجناء السياسيين بزعمهم ) وتم لهم فتح القلعة وتحرير السجاء وعددهم سبعة من أعتى المجرمين القتلة لم يكن بينهم سحين سياسي واحد ، وبعد أن نجحت الثورة ثار بعض الثوار على رفقائهم في الثورة ، ويروى أن إحدى الثائرات اتهمت بالخيانة وعداوة الحرية ، وفي طريقها إلى المفصلة نادت نٌصٌبا للحرية : ( أيتها الحرية كم باسمك تٌقترف الآثام ) .
ثم تحولت الثورة إلى ثورات مضادة ودكتاتوريات شعبية ؛ اقتدت بها الثورة العراقية الوحشية على الهاشميين ، ثم على الثائرين الأوائل ، ثم على من بعدهم إلى حزب البعث وثورة رفيقٍ بعثيي على رفيقٍ بعثيي ... إلخ . كفى الله المسلمين شرهم .
ج – وسواء كانت الثورة سوقية كالثورة الفرنسية أو عسكرية كالثورات العربية والجنوب أمريكية ونحوها .
ومثلها المظاهرات والاعتصامات والانتخابات والاضرابات فإن قاسمها المشترك : الجهل بشرع الله ؛ فلا تجوز شرعاً ولا عقلاً ولا عاقبةً ، ولا يسوغها ظلم ولا فجور ، ولا زمان ولا مكان ولا حال ، فالأمر بطاعة ولاة الأمر والنهي عن معصيتهم مطلق في الكتاب والسنة ( في المنشط والمكره وعلى أثرة علينا ، وألا ننازع الأمر أهله ، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) ، ومن فضل الله أن جمع في الحديث بين الأمر بالطاعة والنهي عن المعصية والخروج ، وبين الأمر بقول الحق رغم لوم اللائمين ، لأن كثيراً من الخوارج الجهلة العصاة يستدلون بذلك الحديث على جواز الخروج بالقول على ولاة الأمر اتباعاً لمنهاج حزب الإخوان وفروعه : الإنكار على الحاكم ومداهنة المحكوم ابتغاء تأييده الغوغائي للحزب الضال فيما يظهر .
والاستثناء الوحيد من الأمر بطاعة وليّ الأمر والنهي عن معصيته والخروج عليه بالقول أو العمل : أن يرى أهل العلم الشرعي ( كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان ) ، وهذا الأمر بعيد عن متناول الفكريين والحركيين والحزبيين ، لا يجوز لهم ولا يقبل منهم القول فيه .
د – والانتخاب وحكم الأغلبية مخالف للشرع والعقل ، فأكثر الناس ( لا يعلمون ) و ( لا يؤمنون ) و ( لا يفقهون ) و ( لا يشكرون ) كما قال خالقهم تبارك وتقدس اسمه وتعالى جدّه .
ولو تنازل ولاة الأمر ( لنبض الشارع ) كما ينعق بعضه الصحفيين ، وللمتظاهرين والمعتصمين والمضربين والمنتخبين والصحفيين عن شيء مما ولاهم الله من قيادة الأمة إلى ما أراهم الله من الخير ؛ فالعاقبة : مخالفة شرع الله وسنة رسوله وسنة الخلفائه وفقه الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان ، ثم الضياع ؛ فلن يهدي إلى الخير ( من لا يهِدِّيِ إلا أن يٌهدَى ) ، ومن لا يهدي بهدي الله ورسوله ؛ وكل هؤلاء الغوغائيين منهم ، هداهم الله ، وكفى المسلمين شرهم .
وبلاد ودولة الدعوة إلى التوحيد والسنة ( بخاصة ) مصطفاة من الله ومميزة منه على جميع بلاد المسلمين والكافرين بتجديد الدين والدعوة في كل قرن من القرون الثلاثة الأخيرة بتحكيمها شرع الله في كل مسائل الاعتقاد والعبادة وجل مسائل المعاملات ، وبتطهيرها من أوثان المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة ، ومن معابد الأديان الباطلة ، وزوايا الصوفية ، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد راعت الأمم المتحدة تميزها ، فأقرت رفع رايتها إذا خفضت كل الرايات الأخرى ؛ فلتخرس الأصوات التي تطالبها بما يسمى زوراً : حق التظاهر والانتخاب وحرية التعبير والدين .
فلا حرية في بلد ودولة التوحيد والسنة إلا لما شرع الله .
1432 هـ .









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:34   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المظاهرات والثّورات والانتخابات شرٌ شرعاً وعاقبةً للشيخ العلامة سعد بن عبدالرحمن الحصين

المظاهرات والثّورات والانتخابات شرٌ شرعاً وعاقبةً
لفضيلة الشيخ العلامة سعد بن عبدالرحمن الحصين – حفظه الله –
بسم الله الرحمن الرحيم
أ – قبل أن تدخل هذه المصطلحات الشيطانية قاموس اللغة العربية العصرية وحياة مسلمي العصر : وسوس الشيطان وسوّلت الأنفس الأمّارة بالسوء لبعض مسلمي القرن الأول الهجري الخروج على وليّ الأمرهم الخليفة الراشد المهدي الثالث عثمان بن عفان – رضي الله عنه وأرضاه – الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة والشهادة والمغفرة من الله ، وأنه تستحي منه الملائكة ؛ خرج عليه أوائل الخوارج بالقول ثم بشرِ العمل فقتلوه بالتهمة التي يرددها الخوارج على ولاة أمرهم حتى اليوم وربما إلى يوم القيامة : توليته بعض أقاربه وغيرهم ، أو منحهم المال أو الأرض دون بعض ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي الواحد الوادي من الغنم ، ويقسم الذهبة في تربتها بين الثلاثة ، ويٌقطع الأرض من يشاء دون غيرهم ، وربما غضب بعض الصحابة فأرضاهم بتذكيرهم أن الناس يذهبون بالشاة والبعير ، ويذهبون هم وحدهم برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالهم ، وربما أرضى بعضهم بأنه يتألف غيرهم بالعطاء الدنيوي ويكلهم هم إلى إيمانهم ، وربما أعلن سلف الخوارج الخروج على الرسول بالقول ؛ ( إعدل يا محمد ) أو : ( أن كان ابن عمّتك ؟ ) ؛ تشابهت قلوبهم وألفاظهم .
ووسوس الشيطان وسوّلت الأنفس الأمّارة بالسوء لبعض مسلمي القرن الأول الهجري الخروج على الخليفة الراشد المهدي ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وعلى آله وصحبه ) ووليّه وصفيّه ( علي بن أبي طالب – رضي الله عنه وأرضاه - ) الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وبمحبة الله ورسوله ؛ خرج عليه أوائل الخوارج بالقول ثم بشرِ العمل فقتلوه بالتهمة التي يرددها خلف الخوارج حتى اليوم : ( الحكم بغير ما أنزل الله ) ، تشابهت قلوبهم وألفاظهم .
وإذا كان الشيطان قد خص غير الحزبيين بدعوى الخوارج على عثمان :
( عدم العدل في توزيع الوظائف والمنح والجوائز ) فقد جمع للحزبيين ( الموصوفين زوراً بالإسلامين ) دعوى الخوارج على عثمان ومعها دعوى الخوارج على علي – رضي الله عنهما وأرضاهما - : ( الحكم بغير ما أنزل الله ) وتولى كِبر هذا الأمر حزب الإخوان المسلمين الذي أسس من أول يوم على الخروج على ولاة الأمر صالحين أو دون ذلك ،
وشرع الله خلاف ذلك ، فلا يجوز الخروج على وليّ الأمر ولو ظلم ، ولو فجر ( إلا أن تروا كفراً بواحاً ) فيجوز لأهل الحلّ والعقد ( لا الغوغاء ) أن يقرروا كفره ، ويختاروا الأصلح لولاية الأمر ، أما ما دون الكفر الصريح البواح فقد شرع رسول الله بأمر الله تعالى له ( السمع والطاعة ) للأمير ، ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ، ولو كان الأمراء ( لا يستنون بسنته ولا يهتدون بهديه ) فيما دون الاعتقاد : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .
والإخوانيون لم يكونوا بعدين عن الشرك ( منذ حسن البنا وعمر التلمساني – رحمهما الله – لو ماتا على التوحيد ) ( أنظر كاب مذكرات الدعوة والداعية للبنا وشهيد المحراب للتلمساني ) ، وإلى رئيس حماس اليوم ) قولاً أو فعلاً أو تجنباً للأمر بالتوحيد في العبادة أو النهي عن الشرك بأوثان المقامات والمزارات والمشاهد ، ابتداءً من ضريح الحصافي ( شيخ طريقة البنا الصوفية ) إلى ضريح الخميني الأب الروحي لحماس ، كما أعلن رئيس حماس الحالي ، ولن تجد نهياً عن الشرك الأكبر في واجبات الإخواني ولا منجياته ولا مهلكاته ولا موبقاته ولا وصاياه ، كأنما يتعمد التلبس بهذه الجريمة أبداً .
ب – وجاءت الثورة الفرنسية الوحشية قبل 220 سنة قدوة جديدة للمتظاهرين والثّوار المحدثين ؛ جاءت تطالب بالعدالة والحرية والدستور وحقوق الإنسان والمواطن ( تشابهت قلوبهم وألفاظهم ) ؛ وفقد الناس – يومها ، بل أعوامها – الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والمواطن ، ومعها الأمن على الأرواح والأعراض ، وحاول لويس ( 16 ) أن يطفئ الثورة باعطاء ( الثائرين شيئاً مما يطلبون ، وكأنما كان هذا فاتحاً للشهية الثورية فكلما تحقق مطلب زادت مطالبهم ، فالمهم هو الثورة والمطلب مجرد ذريعة ، ثم تنادى الغوغاء للهجوم على قلعة الباستيل ( لتحرير السجناء السياسيين بزعمهم ) وتم لهم فتح القلعة وتحرير السجاء وعددهم سبعة من أعتى المجرمين القتلة لم يكن بينهم سحين سياسي واحد ، وبعد أن نجحت الثورة ثار بعض الثوار على رفقائهم في الثورة ، ويروى أن إحدى الثائرات اتهمت بالخيانة وعداوة الحرية ، وفي طريقها إلى المفصلة نادت نٌصٌبا للحرية : ( أيتها الحرية كم باسمك تٌقترف الآثام ) .
ثم تحولت الثورة إلى ثورات مضادة ودكتاتوريات شعبية ؛ اقتدت بها الثورة العراقية الوحشية على الهاشميين ، ثم على الثائرين الأوائل ، ثم على من بعدهم إلى حزب البعث وثورة رفيقٍ بعثيي على رفيقٍ بعثيي ... إلخ . كفى الله المسلمين شرهم .
ج – وسواء كانت الثورة سوقية كالثورة الفرنسية أو عسكرية كالثورات العربية والجنوب أمريكية ونحوها .
ومثلها المظاهرات والاعتصامات والانتخابات والاضرابات فإن قاسمها المشترك : الجهل بشرع الله ؛ فلا تجوز شرعاً ولا عقلاً ولا عاقبةً ، ولا يسوغها ظلم ولا فجور ، ولا زمان ولا مكان ولا حال ، فالأمر بطاعة ولاة الأمر والنهي عن معصيتهم مطلق في الكتاب والسنة ( في المنشط والمكره وعلى أثرة علينا ، وألا ننازع الأمر أهله ، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) ، ومن فضل الله أن جمع في الحديث بين الأمر بالطاعة والنهي عن المعصية والخروج ، وبين الأمر بقول الحق رغم لوم اللائمين ، لأن كثيراً من الخوارج الجهلة العصاة يستدلون بذلك الحديث على جواز الخروج بالقول على ولاة الأمر اتباعاً لمنهاج حزب الإخوان وفروعه : الإنكار على الحاكم ومداهنة المحكوم ابتغاء تأييده الغوغائي للحزب الضال فيما يظهر .
والاستثناء الوحيد من الأمر بطاعة وليّ الأمر والنهي عن معصيته والخروج عليه بالقول أو العمل : أن يرى أهل العلم الشرعي ( كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان ) ، وهذا الأمر بعيد عن متناول الفكريين والحركيين والحزبيين ، لا يجوز لهم ولا يقبل منهم القول فيه .
د – والانتخاب وحكم الأغلبية مخالف للشرع والعقل ، فأكثر الناس ( لا يعلمون ) و ( لا يؤمنون ) و ( لا يفقهون ) و ( لا يشكرون ) كما قال خالقهم تبارك وتقدس اسمه وتعالى جدّه .
ولو تنازل ولاة الأمر ( لنبض الشارع ) كما ينعق بعضه الصحفيين ، وللمتظاهرين والمعتصمين والمضربين والمنتخبين والصحفيين عن شيء مما ولاهم الله من قيادة الأمة إلى ما أراهم الله من الخير ؛ فالعاقبة : مخالفة شرع الله وسنة رسوله وسنة الخلفائه وفقه الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان ، ثم الضياع ؛ فلن يهدي إلى الخير ( من لا يهِدِّيِ إلا أن يٌهدَى ) ، ومن لا يهدي بهدي الله ورسوله ؛ وكل هؤلاء الغوغائيين منهم ، هداهم الله ، وكفى المسلمين شرهم .
وبلاد ودولة الدعوة إلى التوحيد والسنة ( بخاصة ) مصطفاة من الله ومميزة منه على جميع بلاد المسلمين والكافرين بتجديد الدين والدعوة في كل قرن من القرون الثلاثة الأخيرة بتحكيمها شرع الله في كل مسائل الاعتقاد والعبادة وجل مسائل المعاملات ، وبتطهيرها من أوثان المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة ، ومن معابد الأديان الباطلة ، وزوايا الصوفية ، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد راعت الأمم المتحدة تميزها ، فأقرت رفع رايتها إذا خفضت كل الرايات الأخرى ؛ فلتخرس الأصوات التي تطالبها بما يسمى زوراً : حق التظاهر والانتخاب وحرية التعبير والدين .
فلا حرية في بلد ودولة التوحيد والسنة إلا لما شرع الله .
1432 هـ .









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:40   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


تنبيهات على مقالٍ حول إباحة المظاهرات السلمية/ لفضيلة الشيخ عبد المحسن العباد
و بعد، فقد اطلعت على كلمة لأحد المشايخ بعنوان: ((نظرات شرعية في وسائل التعبير العصرية)) نشرت في 25/3/1432هـ بعد المظاهرات والأحداث التي حصلت في بعض دول شمال أفريقيا، وقد اشتملت على تأييد المظاهرات السلمية وأنها شرعية، وكان اطلاعي عليها بعد نصف شهر من نشرها، وقد نشر بعد هذه الكلمة إيضاحاً ذكر فيه أن صاحب الموقع الذي نُشرت فيه الكلمة اقترح عليه حذفها مخافة أن يستغلها أهل السوء والجهل من بعض الشباب والكتاب والصحفيين وأنه وافق على هذا الاقتراح، وقد أحسنا جميعاً في حذفها، ولكون الكلمة انتشرت في مواقع أخرى أعلق على بعض ما جاء فيها بما يلي:
1ـ قوله: ((وقد كثر الخوض في حكمها (المظاهرات السلمية) بعد الثورة الشعبية السلمية في تونس ومصر وليبيا وغيرها، وكل هذه الثورات لم يسفك المظاهرون فيها دما ولم يشهروا سلاحا ولم ينهكوا نفسا أو يفسدوا شيئا من الممتلكات))، لا يخفى أن هذه المظاهرات التي ذهب فيها دولتان صاحبها اختلال في الأمن وحصول مفاسد وترتب عليها سلب ونهب وسفك دماء وأقل أضرارها التضييق على الناس في طرقاتهم وحصول الرعب للآمنين ثم إن الذين يقومون بتصريف الأعمال في الفترة الانتقالية بين الماضي والمستقبل لم يجر على ألسنتهم ـ في ما علمت ـ ذكر أي شيء فيه السعي لتطبيق شريعة الله في هذين البلدين المسلمين وكل ما في الأمر عندهم هو الدندنة حول ترسيخ الديمقراطية المستوردة من الغرب المباينة لشريعة الإسلام وإذا لم يتم للمسلمين في تلك البلاد حكمهم بشريعة ربهم فأي مكاسب ينشدونها بعد تلك الثورات التي لا يعدو الحال فيها أن يجيء وجوه بدل وجوه مع بقاء حليمة على عادتها القديمة كما في المثل، والله المستعان.
2ـ قوله: ((إن حق المسلم في حرية التعبير عن رأيه أكثر الحقوق التصاقاً بحق الحياة ... إن التعدي على حرية التعبير ظلم وإهدار لكرامة الإنسان و تقييدها و إلزامه بتقليد الغير ووجوب التبعية له))، حرية التعبير للمسلم تكون في حدود ما هو سائغ شرعاً، وما أُطلق عليه تعبير سلمي كالمظاهرات والاعتصامات والمسيرات يُرجع في معرفة حكمه شرعاً إلى أهل العلم، ومن أبرز علماء الشريعة في هذا العصر شيخنا الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله وقد قال: ((فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبات بالتي هي أحسن فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم)) مجلة البحوث الإسلامية (38/210)، وكلامه واضح في منع المظاهرات السلمية وغير السلمية لا كما فهمه عنه صاحب المقال في قوله: ((فسماحته لم يعترض على المظاهرات السلمية وإنما منع المظاهرات غير السلمية وهي التي ينتج منها المفاسد والفتن وهذه حرام ولا شك))، قال ذلك تعليقاً على قول سماحته رحمه الله: ((إن العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أوصوا بتجنب المسيرات والمظاهرات التي تضر بالدعوة ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين)) مجموع الفتاوى (7/344)، ومنهم الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله فقد قال في لقاء الباب المفتوح (179) في جواب سؤال يتعلق بالمظاهرات؛ قال: ((عليك باتباع السلف، إن كان هذا موجوداً عند السلف فهو خير، وإن لم يكن موجوداً فهو شر، ولا شك أن المظاهرات شر؛ لأنها تؤدي إلى الفوضى لا من المتظاهرين ولا من الآخرين، وربما يحصل فيها اعتداء؛ إما على الأعراض، وإما على الأموال. ، وإما على الأبدان؛ لأن الناس في خضم هذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران ما يدري ما يقول ولا ما يفعل، فالمظاهرات كلها شر سواء أذن فيها الحاكم أو لم يأذن، وإذن بعض الحكام بها ما هي إلا دعاية، وإلا لو رجعت إلى ما في قلبه لكان يكرهها أشد كراهة، لكن يتظاهر بأنه كما يقولون: ديمقراطي وأنه قد فتح باب الحرية للناس، وهذا ليس من طريقة السلف))، ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله فقد وصف المظاهرات بأنها من عادات الكفار وأساليبهم التي تتناسب مع زعمهم أن الحكم للشعب وتتنافى مع قوله صلى الله عليه وسلم: ((خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم)) السلسلة الضعيفة (6531)، ومما جاء في بيان هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 1/4/1432هـ: ((وبما أن المملكة العربية السعودية قائمة على الكتاب والسنة والبيعة ولزوم الجماعة والطاعة فإن الإصلاح والنصيحة فيها لا تكون بالمظاهرات والوسائل والأساليب التي تثير الفتن وتفرق الجماعة، وهذا ما قرره علماء هذه البلاد قديماً وحديثاً من تحريمها، والتحذير منها، والهيئة إذ تؤكد على حرمة المظاهرات في هذه البلاد، فإن الأسلوب الشرعي الذي يحقق المصلحة، ولا يكون معه مفسدة، هو المناصحة وهي التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم وسار عليها صحابته الكرام وأتباعهم بإحسان))، وليس من اللائق بصاحب المقال تسويغه في مقاله قيام عدد من النساء قل أو كثر أمام وزارة الداخلية أو وزارة العدل أو المحكمة الشريعة أو دار الإفتاء يطالبن بتوظيفهن أو رفع ظلم أوليائهن ...، والطريق السليم أن تتقدم كل واحدة إلى الجهات المسئولة في حاجتها أو بيان مظلمتها وطلب رفع الظلم عنها.
3ـ قوله: ((إن حرية التعبير في الإسلام هي أساس الدعوة إلى الخير قال تعالى: «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»، وأصول المعروف والمنكر منصوصة كلها في الكتاب والسنة ولكن أصنافها وأنواعها وأعدادها تتكاثر وتتسارع بتكاثر البشر وتوالدهم قال تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»، والمظاهرة السلمية أحد مظاهر حرية التعبير لأنها تسعى لإعادة حقوق الشعب المسلوبة و المتعدى عليها ...))، ليس من اللائق إقحام ما يسمى بالمظاهرات السلمية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير لأنها مستوردة من الغرب ويترتب عليها مفاسد أقلها التضييق على الناس في طرقاتهم كما أشرت إلى ذلك آنفاً، وهي من جملة المظاهرات التي منع منها علماء هذه البلاد وغيرهم الذين نقلت كلامهم في ذلك.
4ـ جاء في المقال وصف ولي الأمر الذي يسمع له ويطاع بالعادل في ثلاثة مواضع، وهذا التقييد بالعدل خلاف ما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة التي أمرت بالسمع والطاعة للولاة مطلقاً ما لم يأمروا بمعصية، منها ما رواه مسلم في صحيحه (1846) من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: ((سأل سلمةُ بن يزيد الجعفي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبيَّ الله! أرأيتَ إن قامتْ علينا أُمراءُ يسألونا حقَّهم ويمنعونا حقَّنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا؛ فإنَّما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتُم))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ستكون أثرة وأمور تنكرونها، قالوا يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم)) رواه البخاري (3603) ومسلم (4775) عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّه يُستعمل عليكم أُمراءُ، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئَ، ومَن أنكر فقد سلِم، ولكن مَن رضي وتابع، قالوا: يا رسول الله! ألا نقاتلُهم؟ قال: لا! ما صلّوا)) رواه مسلم (1854) عن أمّ سلمة رضي الله عنها، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((خيارُ أئمَّتكم الذين تحبُّونهم ويحبّونكم، وتُصلُّون عليهم ويُصلُّون عليكم، وشِرارُ أئمَّتكم الذين تُبغضونهم ويُبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قالوا: قلنا: يا رسول الله! أفلا ننابذُهم عند ذلك؟ قال: لا! ما أقاموا فيكم الصلاةَ، لا! ما أقاموا فيكم الصلاةَ، ألا مَن وليَ عليه والٍ، فرآه يأتِي شيئاً مِن معصية الله، فليكره ما يأتِي مِن معصية الله، ولا ينزعنَّ يداً مِن طاعةٍ)) رواه مسلم (1855) عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)) رواه البخاري (7144) ومسلم (4763) واللفظ له عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: ((دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السَّمع والطَّاعة في مَنشَطِنا ومَكرَهِنا وعُسرِنا ويُسرِنا، وأثرَةٍ علينا، وأن لا نُنازع الأمرَ أهلَه، إلا أن ترَوا كفراً بَواحاً عندكم مِن الله فيه بُرْهانٌ)) رواه البخاري (7055) ومسلم (4771)، وهذان الحديثان عن عبد الله بن عمر وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم؛ ذكرهما صاحب المقال وهذا يشعر أن وصفه الوالي بالعادل سهو أو سبق قلم، وإنما نبهت على هذا لئلا يُفهم وصفه الوالي بالعادل فهماً خاطئاً.
5ـ ذكر أربعة أدلة لجواز المظاهرات السلمية قال عن أولها: ((الأصل فيها الإباحة والبقاء على البراءة الأصلية حتى يرد دليل خاص في المنع وهي وسيلة جديدة ولا يترتب عليها مفسدة لأنها سلمية بحتة ومتى ترتب عليها مفسدة فهي محظورة))، تقدم أن الأصل فيها استيرادها من الغرب وأنها لا تخلو من مفاسد وأضرار أقلها التضييق على الناس في طرقاتهم وأن كبار العلماء في هذه البلاد وكذا الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني قالوا بتحريمها لما يترتب عليها من أضرار، وقال عن ثانيها: ((جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات السلمية ...))، تقدم أنه ليس من اللائق إقحام المظاهرات السلمية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير وأيضاً فإن هذا الاستلال عليها من التكلف وهو خلاف ما فهمه كبار العلماء الذين أشرت إليهم، ودليله الثالث: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة الرجل الذي آذاه جاره وأرشده النبي صلى الله عليه وسلم أن يُخرج متاعه إلى الطريق، ولفظه عند أبي داود (5153) بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه يشكو جاره، فقال: اذهب فاصبر! فأتاه مرتين أو ثلاثاً، فقال: اذهب فاطرح متاعك في الطريق، فطرح متاعه في الطريق فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه فعل الله به وفعل وفعل، فجاء إليه جاره فقال له: ارجع لا ترى مني شيئاً تكرهه))، والحديث لا يدل على جواز المظاهرات المحدثة، وإذن الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل بإخراج متاعه حصل لصحابي، والصحابة أهل صدق، وليس كل من جاء بعدهم يرشد إلى ذلك؛ لأنه ليس كل من يدعي مثل هذا يكون صادقاً بل قد يكون مبطلاً مؤذياً لجاره، أما دليله الرابع: فحديث إياس بن عبد الله بن أبي ذباب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تضربوا إماء الله! فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قد ذئـر النساء فأمر بضربهن، فضربن فطاف بآل محمد صلى الله عليه وسلم نساء كثير، فلما أصبح قال: لقد طاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كل امرأة تشتكي زوجها، فلا تجدون أولئك خياركم)) وهو حديث صحيح رواه أبو داود (2145) وابن ماجه (1985) واللفظ له؛ قال في وجه الاستدلال بالحديث: ((فإذا كان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم خرجن جماعات أو فرادى يشتكين ضرر أزواجهن! أليست هذه مظاهرة سلمية؟))، ويجاب عنه بأن مجيء هؤلاء النسوة ليس من المظاهرات في شيء؛ لأن مجيئهن جميعاً لم يكن عن مواطئة ومواعدة بل كل واحدة جاءت على حدة فاتفق أن تلاقين عند بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، والغالب أن ذكر السبعين فيه للتكثير كقوله تعالى: «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ»، ونظير هذا التلاقي اتفاقاً عند بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم التقاء زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما التي جاءت تسأل عن الصدقة على الزوج بامرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتها مثل حاجتها رواه البخاري (1466) ومسلم (2318).
وأسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويوفقنا لاتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويوفقنا لاجتنابه وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
22/4/1432
هـ، عبد المحسن بن حمد العباد البدر










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-18, 02:49   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فتوى الشيخ محمد بن عبدالله الإمام حفظه الله على دعوة القرضاوي إلى دولة مدنية وبيان مفاسد المظاهرات

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:

هذا الكلام خطير جداً، فالعلماء الذين يعرفون سيرة القرضاوي في مناصرة كثير مما جاء به الأعداء لا يستغربون هذا؛ لما له من سوابق من مثل هذا الاتجاه، كالدعوة إلى حوار الأديان، التي حقيقتها وحدة الأديان ومؤاخاتها. مما جعل شيخنا الوادعي يقول: «القرضاوي قرض نصف الدين» وأنا أقول: «هو ساع في قرض النصف الباقي» فكلمة القرضاوي فيها أمران:


الأول: قوله: «توجهي لإقامة دولة مدنية» وقد ظنَّ من ظن أن القرضاوي جعل كلمة (دولة مدنية) بمقابل (دولة عسكرية) يعني: أنه لا يريدها دولة بحكم عسكري، وإنما بحكم مدني، ولكن لما القرضاوي مراده بكل إيضاح بقوله: «أنا ضد الدولة الدينية تماماً» زال هذا الظن وظهر المراد بدون لبس ولا خفاء، واقشعرت جلود المؤمنين من خطر هذه الكلمة.


والحاجة هنا ماسة إلى بيان ما هي الدولة المدنية؟


الدولة المدنية: أي: العلمانية على طريقة الغرب.


ولا ينسى القراء أن الأعداء يتحينون الفرص لفرض السيطرة على المسلمين، ففي الأمس كانت السيطرة للاتحاد السوفييتي، حتى إن كثيراً من الأحزاب في الوطن العربي كانت تجعل شعاراتها ناطقة بالانتساب للاتحاد السوفييتي، القائم على الشيوعية الاشتراكية، ففي جنوب اليمن: الحزب الاشتراكي اليمني، وفي العراق: حزب البعث الاشتراكي العربي، وفي سوريا: حزب البعث الاشتراكي السوري، أو تنتسب إليه بالمضمون كما حصل من قِبَل حزب جمال عبد الناصر، ولما سقط الاتحاد السوفييتي سعى الغرب الأمريكي والأوروبي بقيادة أمريكا إلى السيطرة على العالم الإسلامي خصوصاً العرب، ومعلوم أن الغرب الأوربي والغرب الأمريكي يسيران على العلمانية، فأراد الغرب أن يتحول انتساب وسير الدول العربية والإسلامية إلى العلمانية الغربية، وحتى لا يكون هذا التحول مفضوحاً؛ جعله الأعداء في مخططاتهم مبلسماً فقالوا: دول عربية مدنية، والتمدن المذكور قد نُص عليه في مؤامرة أمريكا الكبرى على العرب، المعروفة بمشروع الشرق الأوسط الكبير، كما في كتاب «مشروع الشرق الأوسط الكبير» (ص/98) وقد أوضحنا هذا في كتابنا «نفوذ التنصير في المسلمين بالأموال»


ومما يدل على أن المراد بالدولة المدنية (العلمانية على طريقة الغرب): أن العلمانيين الذين هم من صناعة الأعداء في الوطن العربي وغيره يقولون: «الدين لله، والوطن للجميع» والمراد بالدين عندهم: الصلاة والصيام. والمراد بالوطن للجميع: أن أمور المسلمين من سياسة واقتصاد وأخلاق وغير ذلك يحكمها العلمانيون، وهذا هو مضمون الشعار المعلوم (فصل الدين عن الدولة) وهو مضمون المادة في أغلب الدساتير العربية التي تنص على أن «الشعب مالك السلطة ومصدرها» وهو مضمون قول العلمانيين: الدين علاقة بين العبد وربه، والوطن للجميع، فكل هذه التعريفات والشعارات العلمانية اختصرت إلى (دول مدنية) ويؤكد أن المراد هذا قول القرضاوي: «أنا ضد الدولة الدينية» فهذا تأكيد وإيضاح للجملة التي قبلها لأن معناه: أنا لا أقبل دولة تحكم بالشريعة الإسلامية، ولكن أقبل دولة تحكم بالديمقراطية الغربية.


الثاني: قول القرضاوي: «أنا ضد الدولة الدينية» هذا يوافق قول العلمانيين: إن الشريعة الإسلامية لا تصلح لهذا العصر، فلماذا لا تريد يا قرضاوي الشريعة الإسلامية؟! ألم تؤلف يا قرضاوي كتاباً بعنوان «وجهاًَ لوجه.. الإسلام والعلمانية» وقررت فيه ما نصه: «الآن حصص الحق، ووضح الصبح لكل ذي عينين، وتبين لكل منصف أن العلمانية لا مكان لها في مصر، ولا في ديار العروبة والإسلام، بأي منطق أو بأي معيار، لا بمعيار الدين، ولا بمعيار المصلحة، ولا بمعيار الديمقراطية، ولا بمعيار الأصالة، وأن الشبهات التي أثارها العلمانيون لا تقوم على ساق ولا قدم» فما الذي دهاك إلى هذا القول الخطير؟! وما بالها قُبلت الآن عندك بالمعايير التي كنت ترفضها بالأمس.


وأما قول القرضاوي: «لكن بمرجعية إسلامية» فهذا لا يغيّر شيئاً من الدولة المدنية المذكورة أعلاه، فهو إما من باب ذر الرماد على العيون، أو من باب أن القرضاوي وأمثاله يريدون هذا كوجهة نظر، قد تُقبل، وقد لا تُقبل، لأن الدول المدنية غير معنية بهذا.


وأقول للقرضاوي: أين ذهبت الآيات القرآنية التي كنت أنت وبقية علماء حزب الإخوان المسلمين تنزلونها على حكام العصر


{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: 44]


{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }[المائدة: 45]


{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]


وقوله تعالى: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ }[الأنعام: 57]


وقوله تعالى: { وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}[الكهف: 26] وغير ذلك؟


فهل كنتم مقتنعين أن قولكم هذا من أجل الدين، أم من أجل الحزبية؟!


لأننا نرى هؤلاء - إذا كانت القضية متعلقة بحزب الإخوان المسلمين - خولوا لأنفسهم أن يقولوا حسب طلب قيادتهم، فأين هم من قوله تعالى:


{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) }[الحاقة: 44 – 47]


ومن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} [البقرة: 159 – 160]


فكم حقاً كتموه، وباطلاً أذاعوه.


وبما سبق ذكره من بيان اتضح أن القرضاوي قد طمأن الأعداء إلى حد كبير أن الدول الجديدة التي هي في المخاض الآن ستكون على العلمانية الغربية، ومعلوم أن القرضاوي مرجعية حزب الإخوان المسلمين وهو بهذا التحول سيصير حجة للعلمانيين، وأما بقية علماء حزب الإخوان المسلمين، فإما أن يوافقوا على ما قاله القرضاوي، وهنا يقعون فيما حذر الله منه أشد تحذير قال تعالى:


{ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}[الإسراء: 73 – 75]


وإما أن يخالفوه فسيكونون عند الحزب: هم الرجعيون السطحيون، الذين يستحقون الحرمان والهجر وغير ذلك، وهذا لن يضرهم، ونبشرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس»


وعلى هذا: فإني أدعوا الشيخ القرضاوي أن يتوب إلى الله من هذه الدعوة العلمانية.


وأما الإجابة عن بقية السؤال المتعلق بالمظاهرات لإسقاط دول، وجعلها جهاداً في سبيل الله؛ فقد سبق أن أصدرنا فتوى توضح أن المظاهرات المذكورة قد احتوت على جميع الشرور والفتن، فجعلها جهاد في سبيل الله من تقليب الحقائق، فكيف تكون في سبيل الله؟!! ومعلوم أن هذه المظاهرات من أجل الملك لا من أجل الدين، واللهث وراء الملك مرض خطير أبانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:


«ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حب المال والشرف لدينه» رواه الترمذي، وهو حديث صحيح قال الحافظ ابن رجب في «ذم الجاه والمال» (ص/29):


«وأما حرص المرء على الشرف فهو أشد هلاكاً من الحرص على المال، فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر على العبد من طلب المال، وضرره أعظم، والزهد فيه أصعب»


وأنى تكون المظاهرات جهاداً في سبيل الله وهي انتصار للحزبية التي حرمها الإسلام، وبرأ الله رسوله صلى الله عليه وسلم من أهلها قال تعالى:


{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)} [الأنعام: 159 ]


وعن أم سلمة قالت: «إن نبيكم قد برئ ممن فرق دينه واحتزب» وهو صحيح، أليس حزب الإخوان المسلمين من جملة الأحزاب السياسية وهو عندنا في اليمن من أحزاب المعارضة.


وأنى تكون في سبيل الله وهي مظاهرات قائمة على السب والشتم واللعن، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»


وقال: «لعن المسلم كقتله»


وكيف تكون في سبيل الله وفيها ترويع المسلمين وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:


«لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً»


وأنى تكون في سبيل الله وهي قائمة على التخريب، والسلب، والنهب، وسفك الدماء، وإزهاق الأرواح.


وأنى تكون في سبيل الله وقد اجتمع قطاع الصلاة والسكارى والراقصين والقتلة وغيرهم.


وأنى تكون في سبيل الله وهي تنفيذ لمطالب أعداء الله.


وكيف تكون في سبيل الله وهي قائمة على الغدر والمكر والكذب وغير ذلك.


وكيف تكون في سبيل الله والمتظاهرون تدفعهم أحزابهم إلى قتل الأنفس البريئة، وقد تتابع علماء حزب الإخوان في الدعوة إلى المظاهرات والتهييج إليها، ومنهم عبد المجيد الزنداني الذي فتن بدعوته هذه من فتن من المتظاهرين وجرأتهم على ارتكاب البوائق وتعاطي الفتك ولا حول ولا قوة إلا بالله.


ومن أنكر المنكرات وأعظم المفاسد في هذه الاعتصامات: تواجد النساء مع الرجال، فكفى بهذا الاختلاط مفسدة، فكيف إذا وُجدت الخلوة التي هي مدرجة هلاك.


فلو أنصف علماء حزب الإخوان لقالوا: إنها في سبيل الشيطان، وهي كذلك، فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في شاب خرج يكتسب: «إن كان خرج رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان»


فما بالك بمن خرج ليفعل ما ذكرنا، وأقول لعماء حزب الإخوان: لماذا ما أفتيتم بأن المظاهرات جهاد في سبيل الله إلا هذه الأيام؟!! مع العلم أن لها سنوات تقام، ولا يعرف الناس إلا أنها تقليد الكفار، فما هو السر في هذا التوقيت لهذه الفتوى؟! فما أظنه إلا أنكم ترون أنكم قد قربتم من الوثوب على الملك، فغيركم لا تفتونه بها؛ خشية أن يسبقكم إلى الملك فماذا يعني هذا؟!


وأما قولكم: «من قتل في المظاهرات إنه شهيد في سبيل الله»


فنقول لكم: هذه المسألة قد حسمها الرسول صلى الله عليه وسلم فجعل قِتلته جاهلية بقوله:


«من قتل تحت راية عمية يدعو لعصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية» رواه مسلم.


ولو أنصف علماء حزب الإخوان لوافقونا على أن قتلى المتظاهرين والمعتصمين ضحية الديمقراطية، لأن الأعمال التي يقوم بها المتظاهرون أكثرها تنفيذاً لديمقراطية الأعداء، فلا داعي لتوزيع الشهادات بالانتماء الحزبي.


وعلى كلٍ: علماء حزب الإخوان تغيرت فتواهم كثيراً إلى جهة الانحراف السياسي منذ قبلوا الحزبية السياسية - وإن كانت كل حزبية في الإسلام محرمة - حتى ركبوا الصعب والذلول، وأيضاً ضيعوا مكانتهم، وضيعوا الانتصار للإسلام حينما سلموا الأمور لقيادة الحزب السياسية، ولسنا نكفر حزب الإخوان المسلمين، ولكن نقول: زاد فيهم الانحراف منذ دخلوا في الحزبية السياسية، فقد حصل لهم مسخ خطير عما كانوا عليه قبل ذلك من خير، خصوصاً عندما قبلوا الدخول والتحالف مع الأحزاب العلمانية، ومن سار بسيرها.


وكون حزب الأخوان يريد الملك؛ فليأت الأمور من أبوابها، فلو اتقى الله، وتمسك بشرع الله صدقاً وإخلاصاً؛ لجعل الله له من القبول، ونفوذ القول بين المسلمين ما يفوق به غيره، أما هذا الطريق الذي سلكه فهو مؤد إلى خسارة في الدنيا وخسارة في الآخرة، ويكفيه عبرة ما قد حصل له في عشرات السنين من محاولات الوصول إلى الملك دون نجاح، إلى جانب ما يلحقهم من انتقامات تسببوا فيها، وإن نجحوا بهذه الطرق المشتملة على المخالفات لشرع الله، ومنها الغدر والمكر؛ فأخشى أن يسلط الله عليهم من يأخذ الملك عليهم، كما أخذوه على غيرهم بغير حق، فإن الجزاء من جنس العمل، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:


«إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» متفق عليه من حديث أبي موسى رضي الله عنه.ألا وإن تواطأهم في هذ المرة مع جهات كافرة لاستلاب الحكم من الحكومات القائمة لأمر جلل، وفتح باب فتنة لا تنتهي، وقد قال الله:


{إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81].












رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
(مُتَجَدِّدٌ), مَلَفٌّ, الْمُظَاهَرَاتِ, بِحُكْمِ, خَاصٌّ


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc