شروح الأحاديث - الصفحة 5 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-14, 16:55   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف تجرأ شيطان على الاقتراب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخاف من عمر رضي الله عنه ؟

السؤال :

أريد توضيح النقطة التالية كيف تجرأ شيطان على الاقتراب من رسول الله وهو يخاف من عمر رضي الله عنه ؟

الجواب :

الحمد لله

الحديث المذكور في فضل عمر رضي الله عنه صحيح متفق عليه ، ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه :" (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ ) . رواه البخاري (3294) ، ومسلم (2396) .

وليس من شك أن حال النبي صلى الله عليه وسلم أكمل وأعلى وأجل من حال عمر رضي الله عنه ، وقد أمكن الله تعالى نبيه الأمين من شيطانه ، وأقدره عليه ، فأسلم ، وسلم النبي صلى الله عليه وسلم من شره وأذاه .

قال ابن القيم رحمه الله في "طريق الهجرتين" (ص228) :

" ولهذا كان حالُ النبي صلى الله عليه وسلم في قهره قرينه ، حتى انقاد وأَسلم له ، فلم يكن يأْمره إلا بخير : أكملَ من حال عمر ؛ حيث كان الشيطان إذا رآه يفر منه ، وكان إذا سلك فجا سلك ، غير فجه.

وبهذا خرج الجواب عن السؤال المشهور ، وهو: كيف لا يقف الشيطان لعمر ، بل يفر منه، ومع هذا قد تفلَّت على النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعرض له وهو في الصلاة ، وأَراد أن يقطع عليه الصلاة؟ ومعلوم أن حال الرسول أكمل وأقوى ؟

والجواب : ما ذكرناه ؛ أَن شيطان عمر كان يفر منه ، فلا يقدر أحدهما على قهر صاحبه، وأَما الشيطان الذى تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم : فقد أخذه وأسره ، وجعله في قبضته كالأَسير.

وأَين من يهرب منه عدوه ، فلا يظفر به ، إلى من يظفر بعدوه ، فيجعله في أَسره وتحت يده وقبضته ؟!". انتهى .

وهناك توجيه آخر ذكره الكلاباذي في "بحر الفوائد" (ص213) قال :

" ويجوز أن يكون الشيطان كان يخاف عمر ، ولا يخاف النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لو خاف النبي صلى الله عليه وسلم لم يخل خوفه منه وهيبته إياه من أحد وجهين : إما خوف إجلال وتعظيم ، وهو فضيله

والشيطان أبعد شيء من الفضائل ، أو يكون خوف عقوبة يحلها به ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعاجل بالعقوبة استخفافا به ، وقلة مبالاة ، إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم يخاف فتنته

ولا يهاب وسوسته ، وقد أيس الشيطان من ذلك ، فلا يوسوس إليه ، ولا يقرب منه ، وأمن عقوبته ، فلم يهبه اغترارا به ، وأمنًا من مكر الله ، وهما من صفاته ، أعني الاغترار بالله ، وأمن مكره .

وأما عمر رضي الله عنه فإنه كان يخاف الشيطانَ أن يفتنه ، ويوسوس إليه ، فكان يناصبه ، ويستعد له ، ويُنصر عليه ، فكان الشيطان يخافه لاستعداده له ، ومناصبته إياه ، فكان يترك فجه ، وسبيله حذرا منه .

وأما النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يبالي به ، ولا يتفكر فيه ، استخفافا به ، واستصغارا له ، كأنه ليس بشيء...

ألا ترى إلى ما روي في الحديث : ( إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله حصاص ) ، هذا فيمن لم يقصد ، فكيف بمن يقصد له ، ذاكرا لله ، مستعيذا به منه .

غير أن الأنبياء عليهم السلام ، والأكابر ممن دونهم لا يبالونه ، ولا يتفكرون فيه ، فهو يأمنهم اغترارا بالله ، فيدنو منهم يروم منهم ما يروم من غيرهم فلا يضرهم ، يضر نفسه ، كمثل الفراش يأمن النار فيدنو منها فيحرق نفسه ". انتهى .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-14, 17:03   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صفات عمر رضي الله عنه التي جعلت الشيطان يخافه ويفرّ منه .

السؤال:

ما الصفات التي جعلت من عمر بن الخطاب رضي الله عنه شخصاً فريداً يفر الشيطان منه ؟

وهل يمكن لأي مسلم في الوقت الحاضر أن يتحلى بتلك الصفات ؟


الجواب :

الحمد لله


روى البخاري (3294) ، ومسلم (2396)

عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَ: " اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الحِجَابَ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ

قَالَ : ( عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي ، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ ) ، قَالَ عُمَرُ : فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ ، أَتَهَبْنَنِي وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ ) .

وروى الترمذي (3691) وصححه

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ: ( يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي ) ، فَجِئْتُ فَوَضَعْتُ لَحْيَيَّ عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا بَيْنَ المَنْكِبِ إِلَى رَأْسِهِ

فَقَالَ لِي : ( أَمَا شَبِعْتِ ، أَمَا شَبِعْتِ ) ، قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا ؛ لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ ، إِذْ طَلَعَ عُمَرُ، قَالَتْ : فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا: قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ )

وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وروى الترمذي (3690) وصححه

عن بُرَيْدَةَ قال : " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي وَإِلَّا فَلَا ) ، فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ

ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلْقَتِ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا ، ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتِ الدُّفَّ )

وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

ولا شك أنه كان لعمر رضي الله عنه من خلال الخير وخصال الإيمان ما لم يبلغ أحد من هذه الأمة شأوه ، سوى صديق هذه الأمة الذي سبقه ، وفُضّل عليه ، وأما من سواه ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن بعدهم ، فما بلغوا في الولاية ، ولا خصال الإيمان منزلته ، ولا باراه أحد فيها .

ومع ما كان عليه عمر رضي الله عنه من عظيم الإخلاص ، والصدق ، وما أعطيه من منازل الخير والتقوى ، فالذي يظهر أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، من فرار الشيطان من عمر رضي الله عنه : كان كرامة له ، وخصوصية ، خصه الله بها ، لا يلزم أن يكون قد أعطيها لأجل عمل معين قام به

بل ربما كان ذلك لتكامل خصال الخير فيه ، أو لأمر معين ، لا نعلمه ، ولم يأتنا خبر من الصادق أن من فعل كذا ، فر الشيطان منه ، ولا نعلم أن تلك الكرامة قد حصلت لغيره من الأمة أصلا .

ولعل من أعظم تلك الخصال غيظا للشيطان ، وإعانة لعمر رضي الله عنه عليه ، حتى فر منه : صدق لهجته في الحق ، فلا يداهن ، ولا يداري ، وقوته في الأخذ به ، فلا يضعف عنه ، ولا يلين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -
:
" الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يَسْتَطِيلُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِهَوَاهُ ، وَعُمَرُ قَمَعَ هَوَاهُ " .

انتهى من " منهاج السنة النبوية " (6/ 55) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-14, 17:11   رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من الأفضل والأعلم أبو بكر وعمر أم علي ؟

السؤال:

إذا أردنا أن نكون حياديين بالنسبة لسيدنا على بن أبي طالب فهو أعلى منزلة من الصحابة ، فالحديث يمتدحه ليس فقط كمجاهد ولكن كشخص مثالي وبعلمه وفقهه

حتى إن أبا بكر وعمر دائماً يسألانه عما يشكل عليهما ولا يعرفان إجابته ، فكيف تكون مرتبتهما أعلى من مرتبته ؟.


الجواب :


الحمد لله

لا شك أن الصحابي الجليل على بن أبي طالب رضي الله عنه كان من أعقل الناس وأحزمهم ، وقد اشتهر بالشجاعة والإقدام، وهو أول من أسلم من الصبيان ، ثم لازم النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة ، وعند خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة بصحبة أبي بكر رضي الله عنه خلَفه فنام على فراشه

ومن مناقبه رضي الله عنه ما ثبت عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر : ( لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه ، فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى ، فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى ، فقال : أين علي ؟ فقيل يشتكي عينيه ، فأمر فدعي له ، فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأنه لم يكن به شيء )

رواه البخاري 2942 ، ومسلم 2406 .

وكما أن لعلي رضي الله عنه فضائل ومناقب ، فلغيره من الصحابة رضوان الله عليهم فضائل أخرى ومناقب ، فمن مناقب أبي بكر رضي الله عنه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري قال

: ( خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فقلت في نفسي ما يبكي هذا الشيخ ، إن يكن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد ، وكان أبو بكر أعلمنا

قال : يا أبا بكر ، لا تبك ، إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر ) رواه البخاري 466 ، ومسلم 2382 .

ومن مناقبه صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة ، كما قال تعالى { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم } التوبة / 40 .

ومنها ما ثبت عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل ، قال : ( فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك ؟ قال عائشة ، فقلت من الرجال فقال : أبوها ، قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر بن الخطاب ، فعد رجالا ) رواه البخاري 3662 ، ومسلم 2384

ومن مناقبه أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه في آخر حياته للصلاة بالناس في مرض موته صلى الله عليه وسلم ، وشدد على من اعترض عليه وقال : ( مروا أبا بكر فليصل بالناس ) رواه البخاري 683 ، ومسلم 418

ومن مناقبه ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال : ( اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) رواه البخاري 3675 ، وغير ذلك .

أما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فله مناقب وفضائل ثابتة أيضا ، فمن ذلك ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص ، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك ، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره ، قالوا فما أولت ذلك يا رسول الله قال الدين )

رواه البخاري 23 ، ومسلم 2390
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-15, 04:43   رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ومن ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب ، قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم ) رواه البخاري 82 ، ومسلم 2391

ومنه ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : ( قد كان في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم )

رواه مسلم 2398

إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على فضائل الصحابة رضوان الله عليهم ومناقبهم ، إلا أن تفضيل بعضهم على بعض وارد عقلا وثابت شرعا ، وليس ذلك بالتشهي أو الهوى ، وإنما مرد ذلك إلى الشرع ، كما قال تعالى { وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون } القصص / 68 .

ولنرجع إلى الأدلة الشرعية التي تبين مراتب الصحابة رضوان الله عليهم ومنازلهم ، فقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم "

رواه البخاري 3655

وفي رواية قال : " كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم "

البخاري 3697

فهذه شهادة الصحابة كلهم ينقلها عبد الله بن عمر على تفضيل أبي بكر رضي الله عنه على سائر الصحابة ، ثم تفضيل عمر رضي الله عنه بعده ، ثم عثمان .

ولندع المجال لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - نفسه ليدلي بشهادته ، فعن محمد بن الحنفية - وهو ابن علي بن أبي طالب - قال : ( قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر ، قلت ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان ، قلت ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين )

رواه البخاري 3671

وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال :

" لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري " ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد تواتر عنه أنه كان يقول على منبر الكوفة خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر روى ذلك عنه من أكثر من ثمانين وجها ورواه البخاري وغيره ولهذا كانت الشيعة المتقدمون كلهم متفقين على تفضيل أبي بكر وعمر كما ذكر ذلك غير واحد "

منهاج السنة 1 / 308

وعن أبي جحيفة : " أن عليا رضي الله عنه صعد المنبر ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، والثاني عمر رضي الله عنه

وقال يجعل الله تعالى الخير حيث أحب " رواه الإمام أحمد في مسنده 839

وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : " إسناده قوي "

فهذه أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة رضي الله عنهم كلها شاهدة على عقيدة أهل السنة والجماعة والتي لا خلاف بينهم عليها ، أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم عمر رضي الله عن الصحابة أجمعين .

أما كون أبي بكر وعمر يسألان عليا دائما ولا يعرفان ، فلم يثبت هذا في أثر مطلقا ، بل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يصلي أبو بكر رضي الله عنه بالناس في مرض موته

ولا يستخلف النبي صلى الله عليه وسلم إلا عالما بأحكام الصلاة ، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى أبا بكر رضي الله عنه على الحج قبل حجة الوداع ، ولا يولي النبي صلى الله عليه وسلم رجلا على هذا المقام إلا وهو أعلمهم به ، بل ثبت أن عليا تعلم بعض الأحاديث من أبي بكر رضي الله عنهما عن بعض المسائل

فعن أسماء بن الحكم الفزاري قال : " سمعت عليا يقول : إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به ،

وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته ، وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له

ثم قرأ هذه الآية { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم } إلى آخر الآية ) رواه الترمذي 406 ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .

وروى الترمذي (3682)

عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ ) .

صححه الألباني في صحيح الترمذي (2908) .

وقد سبق قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر : ( قد كان في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم )

فالحاصل أن اعتقاد أهل السنة والجماعة ، والذي أجمعوا عليه ، أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهم أجمعين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لم يقل أحد من علماء المسلمين المعتبرين : إن عليا أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر بل ولا من أبي بكر وحده ، ومدعي الإجماع على ذلك من أجهل الناس وأكذبهم ، بل ذكر غير واحد من العلماء إجماع العلماء على أن أبا بكر الصديق أعلم من علي

منهم الإمام منصور بن عبد الجبار السمعاني المروذي ، أحد أئمة السنة من أصحاب الشافعي ذكر في كتابه : " تقويم الأدلة على الإمام " إجماع علماء السنة على أن أبا بكر أعلم من علي

وما علمت أحدا من الأئمة المشهورين ينازع في ذلك ، وكيف وأبو بكر الصديق كان بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم يفتي ويأمر وينهي ويقضي ويخطب كما كان يفعل ذلك إذا خرج هو وأبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام ولما هاجرا جميعا ويوم حنين وغير ذلك من المشاهد والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت يقره على ذلك ويرضى بما يقول ولم تكن هذه المرتبة لغيره .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مشاورته لأهل العلم والفقه والرأي من أصحابه : يقدم في الشورى أبا بكر وعمر فهما اللذان يتقدمان في الكلام والعلم بحضرة الرسول عليه السلام على سائر أصحابه ، مثل قصة مشاورته في أسرى بدر ، فأول من تكلم في ذلك أبو بكر وعمر ، وكذلك غير ذلك

………. وفي صحيح مسلم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا معه في سفر فقال : ( إن يطع القوم أبا بكر وعمر يرشدوا ) ، وقد ثبت عن ابن عباس : أنه كان يفتي من كتاب الله ، فإن لم يجد فبما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يجد أفتى بقول أبي بكر وعمر ، ولم يكن يفعل ذلك بعثمان وعلي

وابن عباس حبر الأمة وأعلم الصحابة وأفقههم في زمانه ، وهو يفتي بقول أبي بكر وعمر مقدما لقولهما على قول غيرهما من الصحابة . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " .

مجموع الفتاوى 4 / 398

انظر

الفصل في الملل والنحل 4 / 212

بل ضللت ص 252

الشيعة الإمامية الإثنى عشرية ص 120




و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 15:48   رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



من الذنوب ما تجتمع فيه العقوبة الدنيوية والأخروية

السؤال:

كيف الجمع بين حديث ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .

و( إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم

القيامة ) خرجه الترمذي وحسنه . و" فَمَن وَفَى مِنكُم فَأَجرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَن أَصَابَ مِن ذَلِكَ شَيئًا فَعُوقِبَ فِي الدنيَا، فَهُوَ كَفارَةٌ لَهُ،) وبين حديث في سنن أبي داود مرفوعا: ( مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ ) اهـ.

فكيف الجمع بين قوله في الأول الأخذ بالعقوبة في الدنيا يعفي من عقوبة الآخرة، ثم هنا في الحديث الآخر قال: إنه يدخر له العقوبة في الآخرة، مع أخذه بعقوبة الدنيا ؟

فهل يعاقب المسلم بذنب في الدنيا والآخرة: أم هل من أخذ بذنبه بإيقاع العقوبة عليه في الدنيا عفي من عقوبة الآخرة في هذا الذنب ؟


الجواب :


الحمد لله

لا تعارض بين الحديثين، بل الحديث الأول عام، والحديث الثاني خاص، ولا تعارض بين عام وخاص.

وبيان ذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) -رواه الترمذي (2396)

وصححه الألباني في صحيح الترمذي- يفيد أن تعجيل العقوبة للعبد في الدنيا خير له، لأن العقوبة والبلاء يكفر الذنب، حتى لا يوافي ربه بذنبه .

ويستثنى من هذا بعض الذنوب التي ثبتت فيها العقوبة في الدنيا والآخرة، فإن عقوبتها في الدنيا لا تكفّرها، بل تبقى عقوبة الآخرة، إلا أن يتوب أو يتجاوز الله عنه برحمته.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" فإذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، إما بماله أو بأهله، أو بنفسه، أو بأحد ممن يتصل به .

المهم أن تعجل له العقوبة، لأن العقوبات تكفر السيئات ، فإذا تعجلت العقوبة وكفر الله بها عن العبد، فإنه يوافي الله وليس عليه ذنب ، قد طهرته المصائب والبلايا

حتى إنه ليشدد على الإنسان موته لبقاء سيئة أو سيئتين عليه، حتى يخرج من الدنيا نقيا من الذنوب، وهذه نعمة لأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة .

لكن إذا أراد الله بعبده الشر ، أمهل له واستدرجه وأدر عليه النعم ، ودفع عنه النقم، حتى يبطر ويفرح فرحاً مذموما بما أنعم الله به عليه .

وحينئذ يلاقي ربه وهو مغمور بسيئاته فيعاقب بها في الآخرة نسأل الله العافية.

فإذا رأيت شخصاً يبارز الله بالعصيان ، وقد وقاه الله البلاء وأدر عليه النعم، فاعلم أن الله إنما أراد به شراً لأن الله أخر عنه العقوبة حتى يوافي بها يوم القيامة "

انتهى من "شرح رياض الصالحين" (1/258).

ومن الذنوب التي تجتمع فيها العقوبتان، ولا تكون عقوبة الدنيا مكفرة لها: البغي، وقطيعة الرحم، والخيانة، والكذب.

روى أبو داود (4902) ، والترمذي (2511) ، وابن ماجه (4211)

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ) والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

ورواه الطبراني بلفظ: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من قطيعة الرحم والخيانة والكذب، وإن أعجل الطاعة ثوابا، لصلة الرحم ، حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة، فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا )

وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (10642).

قال المناوي رحمه الله:

"وفيه: أن البلاء بسبب القطيعة في الدنيا، لا يدفع بلاء الآخرة"

انتهى من "التيسير شرح الجامع الصغير" (2/698).

وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله

: " يعني: أنه تحصل له عقوبة في الدنيا والآخرة، فيجمع له بين العقوبة الدنيوية والأخروية، حيث يجعل له الله العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة، فيجمع له بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، والضرر الذي يحصل في الدنيا، والضرر الذي يحصل في الآخرة .

وهذا يدل على عظم وخطورة شأن البغي وقطيعة الرحم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن صاحبهما جدير بأن يحصل له هذا وهذا، وأن يجمع له بين هذا وهذا، وهذا يدل على خطورة أمر البغي وقطيعة الرحم"

انتهى من "شرح سنن أبي داود" (28/ 167) ترقيم الشاملة.

فالحاصل

: أن كون العقوبة الدنيوية خيرا للعبد لأنها تكفر ذنبه، ليست عامة في كل الذنوب، بل من الذنوب ما تجتمع فيه العقوبتان، ولا تكون الأولى مسقطة للثانية إلا أن يشاء الله .

على أننا ننبه هنا إلى أن العبد ليس له أن يتمنى من الله أن يعاقبه بذنبه في الدنيا

ولا أن يدعو الله بذلك ، بل يطمع في عفو الله وفضله ، وأن يرزقه العفو والعافية والمعافاة ، في الدنيا والآخرة؛ وفضل الله واسع ، ولا قبل لأحد بعذاب الله ، فلا يستفتحن العبد على نفسه ، ولا يتعجل البلاء ، ولا يتمناه ؛ فإنه لا يدري ما يكون حاله فيه .

روى مسلم في صحيحه (2688)

عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَادَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟»

قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُبْحَانَ اللهِ لَا تُطِيقُهُ - أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ - أَفَلَا قُلْتَ: اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ، فَشَفَاهُ.

قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله :

" فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ .. "

فذكر الحديث الأول :

" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا , وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ شَرًّا أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".

قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ , فَلِمَ لَحِقَ اللَّوْمُ مَنْ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا لِيَسْلَمَ مِنْهَا فِي الْآخِرَةِ؟ " .

قال الإمام الطحاوي رحمه الله :

" فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ: أَنَّ الَّذِي ذَكَرَ مِنَ الْحَدِيثِ الثَّانِي كَمَا ذَكَرَ , وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ , غَيْرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَارَ لِأُمَّتِهِ إِشْفَاقًا عَلَيْهِمْ , وَرَحْمَةً لَهُمْ , وَرَأْفَةً بِهِمْ , أَنْ يَدْعُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِالْمُعَافَاةِ فِي الدُّنْيَا مِمَّا مِثْلُ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِيهِ ,

وَأَنْ يُؤْتِيَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مَا يُؤَمِّنُهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ , وَهَذِهِ الْحَالُ فَهِيَ أَعْلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا , فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ , وَلَا اخْتِلَافَ , وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ "

انتهى ، من "تأويل مشكل الآثار" (5/291-292) .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 15:53   رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل عن ترك بعض الصلوات هل هو من الكبائر ؟

وعمن لم يجتنب الكبائر هل تكفر صغائره ما بين الجمعتين والرمضانين ؟


السؤال :

هل تكفر الصلاةُ الأعمال السيئة ، وترك بعض الصلوات حسب حديث الصلاة ، والجمعة ، ورمضان مكفرات لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر ؟ وإذا لم تجتنب

فهل تسجل الذنوب صغيرها وكبيرها ، أم كبيرها فقط ؛ لأن ترك بعض الصلوات ليس من كبائر الذنوب ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

اجتناب الكبائر يكفر الصغائر ؛ كما قال تعالى ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ) النساء / 31 .

وقال سبحانه ( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) الشورى / 37 .

وإذا اجتنب المسلم الكبائر وحافظ على الصلوات الخمس والجمعة وصيام رمضان ، فإن هذا أشد وأقوى في محو الصغائر ، وتكفيرها .

فإن لم يجتنب الكبائر ، فليس في الحديث ما يدل على أن هذه الأعمال الصالحة بمفردها تكفر الصغائر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( صيام يوم عرفة يكفر سنتين، وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة ) .

لكن إطلاق القول بأنه يكفر : لا يوجب أن يكفر الكبائر بلا توبة ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال في الجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان : ( كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) .

ومعلوم أن الصلاة هي أفضل من الصيام، وصيام رمضان أعظم من صيام يوم عرفة، ولا يكفر السيئات إلا باجتناب الكبائر، كما قيده النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف يظن أن صوم يوم أو يومين تطوعا ، يكفر الزنا والسرقة وشرب الخمر والميسر والسحر ونحوه ؛ فهذا لا يكون " .

انتهى، من "مختصر الفتاوى المصرية" (290) ، وينظر : ص (575) .

وقال ابن رجب رحمه الله ، بعد حكاية الخلاف في ذلك :

" والصَّحيح قول الجمهور: إنَّ الكبائر لا تُكفَّرُ بدون التوبة؛ لأنَّ التوبة فرضٌ على العباد، وقد قال -عز وجل-: (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) .

وقد فسرت الصحابة كعمر وعلي وابن مسعود التوبة بالندم ، ومنهم من فسَّرها بالعزم على أنْ لا يعود . وقد روي ذلك مرفوعاً من وجه فيه ضعفٌ ؛ لكن لا يعلم مخالفٌ من الصحابة في هذا، وكذلك التابعون ومَنْ بعدهم، كعمر بن عبد العزيز، والحسن وغيرهما.

وأما النصوص الكثيرة المتضمنة مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات للمتقين، كقوله تعالى: (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)

وقوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) ، وقوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً)

فإنَّه لم يُبين في هذه الآيات خصال التقوى، ولا العمل الصالح، ومن جملة ذلك: التوبة النصوح، فمَنْ لم يتب، فهو ظالم، غيرُ متّقٍ.

وقد بين في سورة آل عمران خصالَ التقوى التي يغفر لأهلها ويدخلهم الجنَّة، فذكر منها الاستغفار، وعدم الإصرار، فلم يضمن تكفيرَ السيئات ومغفرة الذنوب إلاَّ لمن كان على هذه الصفة، والله أعلم."

انتهى ، من "جامع العلوم والحكم" (2/507-508) .

وينظر: "فتح الباري" لابن رجب أيضا (4/221) وما بعدها .

وقال ابن القيم رحمه الله:

"يَقُول بَعْضُهُمْ : يَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ الْعَامِ كُلَّهَا ، وَيَبْقَى صَوْمُ عَرَفَةَ زِيَادَةً فِي الْأَجْرِ ، وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ ، أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَهِيَ إِنَّمَا تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ .

فَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ ، لَا يَقْوَيَان عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ ، إِلَّا مَعَ انْضِمَامِ تَرْكِ الْكَبَائِرِ إِلَيْهَا ، فَيَقْوَى مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ .

فَكَيْفَ يُكَفِّرُ صَوْمُ يَوْمِ تَطَوُّعٍ كُلَّ كَبِيرَةٍ عَمِلَهَا الْعَبْدُ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهَا ، غَيْرُ تَائِبٍ مِنْهَا ؟ هَذَا مُحَالٌ.

عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ مُكَفِّرًا لِجَمِيعِ ذُنُوبِ الْعَامِ عَلَى عُمُومِهِ ، وَيَكُونُ مِنْ نُصُوصِ الْوَعْدِ الَّتِي لَهَا شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ ، وَيَكُونُ إِصْرَارُهُ عَلَى الْكَبَائِرِ مَانِعًا مِنَ التَّكْفِيرِ ، فَإِذَا لَمْ يُصِرَّ عَلَى الْكَبَائِرِ تَسَاعد الصَّوْم وَعَدَم الْإِصْرَارِ ، وَتَعَاونَا عَلَى عُمُومِ التَّكْفِيرِ

كَمَا كَانَ رَمَضَانُ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَعَ اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ مُتَسَاعِدَيْنِ مُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ.

مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ قَالَ : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) سُورَةُ النِّسَاءِ/ 31 ؛ فَعُلِمَ أَنَّ جَعْلَ الشَّيْءِ سَبَبًا لِلتَّكْفِيرِ، لَا يَمْنَعُ أَنْ يَتَسَاعَدَ هُوَ وَسَبَبٌ آخَرُ عَلَى التَّكْفِيرِ، وَيَكُونُ التَّكْفِيرُ مَعَ اجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ، أَقْوَى وَأَتَمَّ مِنْهُ مَعَ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا ، وَكُلَّمَا قَوِيَتْ أَسْبَابُ التَّكْفِيرِ كَانَ أَقْوَى وَأَتَمَّ وَأَشْمَلَ"

انتهى من "الجواب الكافي" (ص13) .

ثانيا :

ترك صلاة من الصلوات المفروضة ليس من الصغائر كما يظن السائل ؛ بل هو من أكبر الكبائر .

قال ابن تيمية مبينا حدّ الكبائر

" كُلُّ ذَنْبٍ خُتِمَ بِلَعْنَةِ أَوْ غَضَبٍ أَوْ نَارٍ فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَكَذَلِكَ كُلُّ ذَنْبٍ تُوُعِّدَ صَاحِبُهُ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَشُمُّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَقِيلَ فِيهِ : مَنْ فَعَلَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَأَنَّ صَاحِبَهُ آثِمٌ . فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ"

انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/130) .

وقال الذهبي :

" مَّا فِيهِ حد فِي الدُّنْيَا كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة أَو جَاءَ فِيهِ وَعِيد فِي الْآخِرَة من عَذَاب أَو غضب أَو تهديد أَو لعن فَاعله على لِسَان نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ كَبِيرَة "

انتهى من "الكبائر" (ص:8) .

ونظمها ابن عبد القوي رحمه الله بقوله :

فما فيه حد في الدنا أو توعّدٌ * بأخرى فسمْ كبرى على نص أحمد

وزاد حفيد المجد أو جا وعيده * بنفي لإيمان ولعن لمبعد

وبهذا يتبين أن ترك صلاة واحدة ، نعم ، واحدة : يدخل في تعريف الكبيرة دخولا أوليا ، بل هو من أكبر الكبائر ، وأعظم العظائم ؛ فقد جاء فيها وعيد الآخرة ، ونفي الإيمان .

فمن الوعيد قوله تعالى ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) سورة مريم / 59 .

ونُفي الإيمان عن تاركها فسماه النبي صلى الله عليه وسلم كافرا في حديث جابر (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)

رواه الترمذي (2621) والنسائي (431)

وابن ماجه (1079)

وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2113) .

بل لا مقارنة بين ترك الصلاة وبين غيرها من كبائر الذنوب، فالنصوص الواردة في التغليظ على تارك الصلاة لا يوازنها شيء .

بل إن أكثر أهل العلم الذين قالوا بكفر تارك الصلاة ، إنما يحكمون بكفره ، إذا ترك صلاة واحدة .

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (16/302) :

"لا خلاف بين الفقهاء في أن من ترك الصلاة جحودا واستخفافا كافر مرتد، يحبس للاستتابة وإلا يقتل.

وقد ذكروا: أن ترك الصلاة يحصل بترك صلاة واحدة يخرج وقتها دون أدائها مع الإصرار على ذلك" انتهى .

وينظر : "المغنى" لابن قدامة (2/157)

"فتح الباري" لابن رجب (4/308) .

فكيف يظن الظان ، أو يتوهم متوهم أن ترك صلاة واحدة ليس من الكبائر؟ وهل هذا إلا من كيد الشيطان ، ونزغه ووسواسه ؟

بل إن ترك صلاة واحدة ، كبيرة ، وأي كبيرة !!

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:00   رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أسباب تكفير الذنوب

السؤال :

أنا مسلمة متزوجة . وقد وُلدت لعائلة مسلمة . لكني ، لم أكن أعلم عن أحكام الإسلام الشيء الكثير . وقد وقعت في الكثير من المعاصي الكبيرة ، مما جعلني أشعر وكأني أسوء إنسان في هذا العالم . والآن ، فأنا أحاول تحصيل العلم ، العلم المتعلق بهذا الدين العظيم ، وأن أطبق أحكامه . لكني ، لا أشعر بالسلام والراحة في قلبي . أنا دوما أتساءل : كيف لي أن أعرف ما إذا كان الله ، رب العالمين ، قد غفر لي أم لا ؟

ما هي الأمور الصالحة التي يمكنني فعلها كي تمسح ذنوبي العظيمة التي وقعت فيها سابقا ؟ كيف لي أن أتقرب من ربي ؟

يا الله ، أرني ما يدل على أنك رحمتني .

أنا لا أستطيع أن أنام بشكل جيد ، ولا أستطيع أن أرتاح ، ولا أستمتع بأي شيء . أنا أشعر دوما وكأني سأموت في أي وقت وسيسألني الله . كيف أجيبه سبحانه ، فأنا ليس عندي ما أقوله . أنا أبكي من داخلي دائما . يا الله ، أخبرني كيف أتخلص من جميع ذنوبي .

أنا أكتب لك لأني قرأت كتابك "أريد أن أتوب ، ولكن .." مرارا . وأشعر بعد قراءتها بشيء من الراحة عندما أقرأ قول الله تعالى : "لا تقنطوا من رحمة الله .." الآية 53 من سورة الزمر . وهذا هو الأمل الوحيد في حياتي .

هل تظن أن الله سيغفر لي وأنا تلك المرأة العاصية التي وقعت في كل معاصي ؟

لقد صليت صلاة التوبة وأنا أحاول أن أغير طريقة حياتي في جميع الجوانب ليرضى ربي علي . أتعهد بأن أتبع أحكام الإسلام فيما بقي من عمري .


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

الحمد لله الذي وفقك للتوبة ، وهداك بعد الضلال ، وأنار لك الطريق ، وحبب إليك الإيمان وزينه في قلبك ، فله الحمد أولاً وآخراً .

ثم هنيئاً لكِ أيتها السائلة على التوفيق للتوبة ، وهذه نعمة تحتاج إلى شكر ، فالله يتوب على من تاب .

ثانياً :

قولك : " كيف أعرف أن الله قد غفر لي أم لا ؟ "

اعلمي بأن من تاب توبة ً صادقة تاب الله عليه والله غفور رحيم ، وعد من تاب أن يغفرله ذنوبه فقال : ( قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 ، والله إذا وعد فإنه لا يخلف الميعاد .

وقال تعالى : ( إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/71 . ففي هذه الآية بين الله لنا أنه يبدل سيئات التائب إلى حسنات ، وهذا من فضائل التوبة .

ثالثاً : قولك : " كيف أتخلص من ذنوبي ؟ "

هذه مسألة مهمة ، وهي الأسباب التي تكفر الذنوب : قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب :

أحدها : التوبة ، وهذا متفق عليه بين المسلمين . قال تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )

وقال تعالى : { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم } ، وقال تعالى : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ) ، وأمثال ذلك .

السبب الثاني : الاستغفار كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا أذنب عبدٌ ذنباً فقال أي رب أذنبت ذنباً فاغفر لي ، فقال : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي .. الحديث " .

رواه البخاري (6953) ومسلم (4953) .

وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يذنبون ثم يستغفرون فيُغفَرُ لهم " ( التوبة/4936 ).

السبب الثالث :الحسنات الماحية ، كما قال تعالى : ( أقم الصلاة طرفي النهار وزُلَفَاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " رواه مسلم (344)

وقال : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غُفِرَله ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري (37) ومسلم (1268)

وقال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَله ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري (1768)

وقال : " من حجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " رواه البخاري (1690)

وقال : " فتنة الرجل في أهله وماله وولده تكفرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " رواه البخاري (494) ومسلم (5150)

وقال : " من أعتق رقبةً مؤمنةً أعتق الله بكل عضوٍ منها عضواً منه من النار ، حتى فرجه بفرجه " رواه مسلم (2777) . وهذه الأحاديث وأمثالها في الصحاح ،

وقال : " الصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئة كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ، والحسد يأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطبَ . "

والسبب الرابع الدافع للعقاب : دعاءُ المؤمنين للمؤمن ، مثل صلاتهم على جنازته ، فعن عائشة ، وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم

أنه قال : " ما من ميت يصلى عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شُفِعُوا فيه " رواه مسلم (1576)

وعن ابن عباس قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من رجلٍ مسلمٍ يموت ، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً ، إلا شفعهم الله فيه " رواه مسلم (1577) . وهذا دعاء له بعد الموت .

السبب الخامس : " ما يعمل للميت من أعمال البر ، كالصدقةِ ونحوها ، فإن هذا ينتفع به بنصوص السنة الصحيحة الصريحة ، واتفاق الأئمة

وكذلك العتق والحج ، بل قد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال : " من مات وعليه صيام صام عنه وليه ." رواه البخاري (5210) ومسلم (4670)

السبب السادس : شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة ، كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة ، مثل قوله في الحديث الصحيح : " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " صححه الألباني في صحيح أبي داوود (3965)

وقوله صلى الله عليه وسلم : " خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة ، فاخترت الشفاعة ..." انظر صحيح الجامع (3335) .

السبب السابع : المصائب التي يُكَفِرُ الله بها الخطايا في الدنيا ، كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم

أنه قال : " ما يُصيب المؤمن من وصبٍ ولا نصب ولا همٍ ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه " رواه البخاري (5210) ومسلم (4670) .

السبب الثامن : ما يحصل في القبر من الفتنة ، والضغطة ، والروعة ( أي التخويف ) ، فإن هذا مما يُكَفَرُ به الخطايا .

السبب التاسع : أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها .

السبب العاشر : رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد ."

المرجع مجموع فتاوى ابن تيمية ج7 ص " 487- 501 " .

رابعاً : قولك " هل تظن أن الله سيغفر لي ؟!! ... "

نعم ، لو تبتي توبة صادقة ، فإن الله وعد من تاب بالتوبة ، والأدلة على ذلك قد تقدمت . فإياك أيتها الأخت أن تقنطي من رحمة الله ، وتذكري قصة الرجل الذي قتل مئة شخص ، ثم تاب فتاب الله عليه ، وإليك القصة كما رواها الإمام مسلم في صحيحه في كتاب التوبة (2766) :

" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ ، فَأَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ

فَقَالَ : لا ، فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ ، فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ، انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا ؛ فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ .

فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ : جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ ، وَقَالَتْ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ : قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأرْضِ الَّتِي أَرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ " .

فيستفاد من هذا الحديث فوائد منها :

1- أن الله يغفرالذنوب كلها عن التائب مهما بلغت ، ويدل له قوله تعالى : ( قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .

2- أن على التائب أن يبتعد عن رفقة السوء الذين كانوا معه على المعصية ، وعليه أن يصاحب رفقةً صالحة ، تعينه على الخير ، وتدله عليه .

3- على المسلم أن يعيش في حياته بين الخوف والرجاء ، فهو يخاف ذنوبه ويخشى منها ، ولا يأمن مكر الله ولا يجزم لنفسه بدخول الجنة

فإن الصحابة رضوان الله عليهم رغم صلاحهم وتقواهم لم يكن هذا حالهم ، بل كانوا يخافون ربهم ويعبدونه رغباً ورهباً ، وخوفاً وطمعاً ، فالمسلم إذاً يعمل الطاعات ويتوب ويطمع في رحمة الله ويعلم أن الله يغفر لمن تاب ويتوب عليه فيرجو أن يغفر الله له

ويعلم أن الله يتقبل من عبده العمل الصالح ويحب ذلك منه فيجتهد في عمل الصالحات راجياً القبول ، فإذا عاش بهذه الحال : خائفاً من ذنوبه

راجياً رحمة ربه أصبح مجتهداً في الطاعة بعيداً عن المعصية يسأل الله أن يُثيبه على الصالحات حتى يلقاه وهو راضٍ عنه ، ويستعيذ بالله من أن يقلب قلبه أو يغير حاله ، كما كان يدعو عليه الصلاة والسلام : " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " .

نسأل الله لنا ولك الثبات على دينه ، والمزيد من فضله ، إنه سميع مجيب .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:04   رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التوبة

السؤال :

عملت ذنوباً كثيرة لا يعلمها إلا الله فماذا علي أن افعل حتى يتوب الله عليّ ؟.

الجواب :

الحمد لله

يضعف إيمان المسلم ويغلبه الهوى ..

ويزين له الشيطان المعصية .

. فيظلم نفسه ..

ويقع فيما حرم الله

.. والله لطيف بالعباد .

. ورحمته وسعت كل شيء ..

فمن تاب بعد ظلمه فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم .. ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) المائدة/39.

والله عفو كريم .. أمر جميع المؤمنين بالتوبة النصوح ليفوزوا برحمة الله وجنته فقال : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) التحريم/8.

وباب التوبة مفتوح للعباد , حتى تطلع الشمس من مغربها , قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم برقم 2759.

والتوبة النصوح ليست كلمة تقال باللسان .. بل يشترط في قبول التوبة أن يقلع صاحبها عن الذنب فوراً .. ويندم على ما فات .. ويعزم على أن لا يعود إلى ما تاب منه .. وأن يرد المظالم أو الحقوق إن كانت لأهلها .

. وأن تكون التوبة قبل معاينة الموت ..قال تعالى : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً - وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً ) النساء / 17 -18 .

والله تواب رحيم يدعو أصحاب الذنوب إلى التوبة , ليغفر لهم ( كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بِجَهَالَةٍ ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ) الأنعام / 54.

والله رؤوف بالعباد يحب التائبين .. ويقبل توبتهم كما قال سبحانه ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ) الشورى/25 .

وقال سبحانه : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) البقرة / 222.

والكافر إذا أسلم .. يبدل الله سيئاته حسنات .. ويغفر له ما سلف من ذنوب كما قال سبحانه ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) الأنفال/38.

والله غفور رحيم يحب التوبة من عباده , ويأمرهم بها ليغفر لهم ..

وشياطين الإنس والجن يريدون أن يميلوا بالناس من الحق إلى الباطل كما قال سبحانه : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ) النساء / 27.

ورحمة الله وسعت كل شيء .. فإذا عظمت ذنوب العبد .. وأسرف على نفسه في المعاصي , والآثام , ثم تاب ..

فإن الله يتوب عليه .. ويغفر ذنوبه مهما بلغت كما قال سبحانه : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) الزمر/53.

وقال عليه الصلاة والسلام ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثلث الليل الآخر , فيقول من يدعوني فأستجيب له , من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ) رواه البخاري (1077) ومسلم(758) .

والنفس ضعيفة .. فإذا أذنب الإنسان فعليه بالتوبة والاستغفار كل حين فإن الله غفور رحيم وهو القائل : ( ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً ) النساء /110.

والمسلم عُرضة للأخطاء والمعاصي .. فينبغي له الإكثار من التوبة والاستغفار .. قال عليه الصلاة والسلام ( والله إني لأستغفر الله , وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري برقم 6307.

والله يحب من عبده التوبة , ويقبلها , بل يفرح بها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( لَلَّه أفرح بتوبة عبده من أحدكم , سقط على بعيره , وقد أضله في أرض فلاة ) متفق عليه أخرجه البخاري برقم 6309.

من كتاب أصول الدين الإسلامي تأليف الشيخ : محمد بن ابراهيم التويجري.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:09   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرق بين الكبائر والصغائر

السؤال :


هل من الممكن أن تبينوا لي الفرق بين الكبائر والصغائر؟

الجواب :

الحمد لله

قال ابن القيم رحمه الله :

" الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر بنص القرآن والسنة وإجماع السلف وبالاعتبار " انتهى .

"مدارج السالكين" (1/315)

فمتى عرفنا الكبائر عرفنا الصغائر .

وقد تعددت أقوال العلماء في تعريف الكبيرة بعد التسليم بعدم إرادة الحصر في السبع :

قال الحافظ :

" قِيلَ : الكبيرة مَا يَلْحَقُ الْوَعِيدُ بِصَاحِبِهِ بِنَصِّ كِتَاب أَوْ سُنَّة .

وَقَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام : لَمْ أَقِف عَلَى ضَابِط الْكَبِيرَة يَعْنِي يَسْلَم مِنْ الِاعْتِرَاض , قَالَ : وَالْأَوْلَى ضَبْطُهَا بِمَا يُشْعِرُ بِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا إِشْعَارَ أَصْغَرِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا , قَالَ وَضَبَطَهَا بَعْضهمْ بِكُلِّ ذَنْب قُرِنَ بِهِ وَعِيد أَوْ لَعْن .

وَقَالَ اِبْن الصَّلَاح : لَهَا أَمَارَات مِنْهَا إِيجَاب الْحَدّ , وَمِنْهَا الْإِيعَاد عَلَيْهَا بِالْعَذَابِ بِالنَّارِ وَنَحْوهَا فِي الْكِتَاب أَوْ السُّنَّة , وَمِنْهَا وَصْف صَاحِبهَا بِالْفِسْقِ , وَمِنْهَا اللَّعْن .

وَقَدْ أَخْرَجَ إِسْمَاعِيل الْقَاضِي بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ قَالَ " كُلّ ذَنْب نَسَبَهُ اللَّه تَعَالَى إِلَى النَّار فَهُوَ كَبِيرَة "

وَمِنْ أَحْسَنِ التَّعَارِيفِ قَوْلُ الْقُرْطُبِيّ فِي الْمُفْهِم " كُلّ ذَنْب أُطْلِقَ عَلَيْهِ بِنَصِّ كِتَاب أَوْ سُنَّة أَوْ إِجْمَاع أَنَّهُ كَبِيرَة أَوْ عَظِيم أَوْ أُخْبِرَ فِيهِ بِشِدَّةِ الْعِقَاب أَوْ عُلِّقَ عَلَيْهِ الْحَدّ أَوْ شُدِّدَ النَّكِير عَلَيْهِ فَهُوَ كَبِيرَة " .

وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي تَتَبُّع مَا وَرَدَ فِيهِ الْوَعِيد أَوْ اللَّعْن أَوْ الْفِسْق مِنْ الْقُرْآن أَوْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَالْحَسَنَة وَيُضَمّ إِلَى مَا وَرَدَ فِيهِ التَّنْصِيص فِي الْقُرْآن وَالْأَحَادِيث الصِّحَاح وَالْحِسَان عَلَى أَنَّهُ كَبِيرَة .

وَقَالَ الْحَلِيمِيّ فِي " الْمِنْهَاج " مَا مِنْ ذَنْب إِلَّا وَفِيهِ صَغِيرَة وَكَبِيرَة , وَقَدْ تَنْقَلِب الصَّغِيرَةُ كَبِيرَةً بِقَرِينَةٍ تُضَمّ إِلَيْهَا , وَتَنْقَلِب الْكَبِيرَةُ فَاحِشَةً كَذَلِكَ , كَقَتْلِ النَّفْس بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنَّهُ كَبِيرَة

, فَإِنْ قَتَلَ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا أَوْ ذَا رَحِمٍ أَوْ بِالْحَرَمِ أَوْ بِالشَّهْرِ الْحَرَام فَهُوَ فَاحِشَة . وَالزِّنَا كَبِيرَةٌ , فَإِنْ كَانَ بِحَلِيلَةِ الْجَار أَوْ بِذَاتِ رَحِم أَوْ فِي شَهْر رَمَضَان أَوْ فِي الْحَرَم فَهُوَ فَاحِشَة .

وَسَرِقَة مَا دُون النِّصَاب صَغِيرَة , فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوق مِنْهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَفْضَى بِهِ عَدَمُهُ إِلَى الضَّعْف فَهُوَ كَبِيرَة "

انتهى كلام الحافظ ملخصا .

وينظر : "تفسير ابن كثير" (2/285-286)

وَسُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ . هَلْ لَهَا حَدٌّ تُعْرَفُ بِهِ ؟

فأجاب :

" أَمْثَلُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ : أَنَّ الصَّغِيرَةَ مَا دُونُ الْحَدَّيْنِ : حَدُّ الدُّنْيَا وَحَدُّ الْآخِرَةِ .

وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : مَا لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فِي الدُّنْيَا ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ : كُلُّ ذَنْبٍ خُتِمَ بِلَعْنَةِ أَوْ غَضَبٍ أَوْ نَارٍ فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ . وَمَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ : وَلَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فِي الدُّنْيَا وَلَا وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ أَيْ " وَعِيدٌ خَاصٌّ " كَالْوَعِيدِ بِالنَّارِ وَالْغَضَبِ وَاللَّعْنَةِ .

وَكَذَلِكَ كُلُّ ذَنْبٍ تُوُعِّدَ صَاحِبُهُ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَشُمُّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَقِيلَ فِيهِ : مَنْ فَعَلَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَأَنَّ صَاحِبَهُ آثِمٌ . فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ " انتهى باختصار.

"مجموع الفتاوى" (11/650- 652)

وينظر : "مجموع الفتاوى" (11/658-659)

"مدارج السالكين" لابن القيم (1/315-327) في بحث له نفيس .

وقد جاء ما يفيد بظاهره حصر الكبائر في سبع :

فروى البخاري (2767) ومسلم (89) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : ( الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ) .

وروى الطبراني في "المعجم الأوسط" (5709) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الكبائر سبع : الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وقذف المحصنة والفرار من الزحف وأكل الربا وأكل مال اليتيم والرجوع إلى الأعرابية بعد الهجرة ) وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (4606)

إلا أن الحصر في سبع غير مراد .

قال الحافظ في الفتح :

" أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قِيلَ لَهُ الْكَبَائِر سَبْع فَقَالَ : هُنَّ أَكْثَرُ مِنْ سَبْع وَسَبْع , وَفِي رِوَايَة عَنْهُ هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ , وَفِي رِوَايَة إِلَى السَّبْعمِائَةِ , وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْمُبَالَغَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ اِقْتَصَرَ عَلَى سَبْع " انتهى .

وها هنا ثلاثة أمور ينبغي الالتفات إليها والتفطن لها :

أولها : أن الإصرار على الصغيرة قد يجعلها كبيرة .

قالَ الْقَرَافِيُّ : الصَّغِيرَةُ لَا تَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ وَلَا تُوجِبُ فُسُوقًا , إلَّا أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهَا فَتَكُونُ كَبِيرَةً . .

. فَإِنَّهُ لَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ , وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ كَمَا قَالَ السَّلَفُ . . .

وَيَعْنُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ التَّوْبَةَ بِشُرُوطِهَا , لَا طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَزْمِ " انتهى .

"الموسوعة الفقهية" (34/156)

وقال ابن القيم رحمه الله :

" الإصرار على الصغيرة قد يساوي إثمه إثم الكبيرة أو يربى عليها " انتهى .

"إغاثة اللهفان" (2/151)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إذا أصر الإنسان على الصغيرة وصار هذا ديدنه صارت كبيرة بالإصرار لا بالفعل

مكالمة المرأة على وجه التلذذ حرام وليس بكبيرة ، ولكن إذا أصر الإنسان عليه وصار ليس له هم إلا أن يشغل الهاتف على هؤلاء النساء ويتحدث إليهن صار كبيرة ، فالإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة من حيث الإصرار ؛ لأن إصراره على الصغيرة يدل على تهاونه بالله عز وجل ، وأنه غير مبال بما حرم الله " انتهى بمعناه .

"لقاء الباب المفتوح" (172/5)

ثانيها :

أن الاستهانة بالصغائر مهلكة ؛ فقد روى أحمد (3808) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ) .

وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا : ( كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلَاةٍ فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا فَأَجَّجُوا نَارًا وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا ) . صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (2470)

واجتناب الكبائر مكفرة للصغائر .

أنه لا يخلو أحد من ذنب يأتيه في عيشه ، إما بينه وبين ربه ، وإما بينه وبين الخلق ، فليجتهد أن يطهر صحيفته دائما ، وليعلم أنه إذا اتقى المهلكات ، والكبائر والموبقات ، غفر الله له ما بين ذلك من اللمم .

قال الله تعالى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ) النساء/31 ، وقال سبحانه : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) النجم/32

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد بِاللَّمَمِ مَا ذَكَرَهُ اللَّه فِي قَوْله تَعَالَى : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) وَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ . وَقَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) فَيُؤْخَذ مِنْ الْآيَتَيْنِ أَنَّ اللَّمَم مِنْ الصَّغَائِر وَأَنَّهُ يُكَفَّر بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِر "

انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:14   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى اللمم

السؤال :

قال الله تعالى : ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) ما معنى اللمم في هذه الآية الكريمة ؟.

الجواب :

الحمد لله

هذه الآية الكريمة في سورة النجم ، وهي تذكر صفات المحسنين الذين هم أهل الجنة ، قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) النجم/31، 32 .

وقد اختلف المفسرون والأئمة في معنى اللمم على أقوال ، منها :

1- روي عن جماعة من السلف : أنه الإلمام بالذنب مرة ، ثم لا يعود إليه ، وإن كان كبيراً ، قال البغوي : هذا قول أبي هريرة ، ومجاهد ، والحسن ، ورواية عن ابن عباس .

2- وقال سعيد بن المسيب : هو ما ألم بالقلب . أي ما خطر عليه .

3- وقال الحسين بن الفضل : "اللمم" : النظر من غير تعمد ، فهو مغفور ، فإن أعاد اللمم : فليس بلمم ، وهو ذنب .

4- وذهبت طائفة إلى أن "اللمم" : ما فعلوه في الجاهلية قبل إسلامهم ، فالله لا يؤاخذهم به ، وذلك أن المشركين قالوا للمسلمين : أنتم بالأمس كنتم تعملون معنا ، فأنزل الله هذه الآية ، وهذا قول زيد بن ثابت ، وزيد بن أسلم .

5- وذهب جمهور العلماء إلى أن "اللمم" هو صغائر الذنوب .

روى البخاري (6243) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَمْ أَرَ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا ، أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) .

قَالَ الرَّاغِب : اللَّمَم مُقَارَفَة الْمَعْصِيَة ، وَيُعَبَّر بِهِ عَنْ الصَّغِيرَة .

وقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد بِاللَّمَمِ مَا ذَكَرَهُ اللَّه فِي قَوْله تَعَالَى : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) وَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ . وَقَالَ فِي الآيَة الأُخْرَى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) فَيُؤْخَذ مِنْ الآيَتَيْنِ أَنَّ اللَّمَم مِنْ الصَّغَائِر وَأَنَّهُ يُكَفَّر بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِر اهـ .

وذكر النووي رحمه الله كلام الخطابي ثم قال :

" هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي تَفْسِير اللَّمَم , وَقِيلَ : أَنْ يُلِمّ بِالشَّيْءِ وَلا يَفْعَلهُ , وَقِيلَ : الْمَيْل إِلَى الذَّنْب . وَلا يُصِرّ عَلَيْهِ , وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِظَاهِرٍ . وَأَصْل اللَّمَم وَالإِلْمَام الْمَيْل إِلَى الشَّيْء وَطَلَبَهُ مِنْ غَيْر مُدَاوَمَة . وَاَللَّه أَعْلَم " اهـ .

قال الحافظ :

وَمُحَصَّل كَلَام اِبْن عَبَّاس تَخْصِيصه بِبَعْضِهَا ( يعني : تخصيص اللمم ببعض الذنوب الصغار) , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة اللَّمَم أَوْ فِي حُكْم اللَّمَم اهـ .

وروى الترمذي (3284) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) . قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ تَغْفِرْ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .

قال في تحفة الأحوذي :

اخْتَلَفَت أَقْوَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ اللَّمَمِ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ صَغَائِرُ الذُّنُوبِ . . وَهو الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ اهـ .

وقال القرطبي رحمه الله :

‏"إلا اللمم" وهي الصغائر التي لا يسلم من الوقوع فيها إلا من عصمه الله وحفظه اهـ .

وقال ابن جرير :

" وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال "إلا" بمعنى الاستثناء المنقطع، ووجه معنى الكلام (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) بما دون كبائر الإثم ، ودون الفواحش الموجبة للحدود في الدنيا ، والعذاب في الآخرة ، فإن ذلك معفو لهم عنه

وذلك عندي نظير قوله جل ثناؤه : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما )
النساء/31 .

فوعد جل ثناؤه باجتناب الكبائر ، العفو عما دونها من السيئات ، وهو اللمم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لعينان تزنيان ، واليدان تزنيان

والرجلان تزنيان ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) وذلك أنه لا حد فيما دون ولوج الفرج في الفرج ، وذلك هو العفو من الله في الدنيا عن عقوبة العبد عليه ، والله جل ثناؤه أكرم من أن يعود فيما قد عفا عنه " اهـ

وقد ورد في السنة الصحيحة إطلاق اللمم على من يعمل الذنوب المرة ونحوها ، ولم يداوم على ذلك .

وهو موافق لمعنى اللمم في اللغة .

ففي حديث الإفك :

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ كُنْت أَلْمَمْت بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّه ) رواه البخاري (2661) ومسلم (2770) .

قال النووي : مَعْنَاهُ : إِنْ كُنْت فَعَلْت ذَنْبًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لَك بِعَادَةٍ , وَهَذَا أَصْل اللَّمَم اهـ .

وقد جمع السعدي رحمه الله في تفسيره بين المعنيين ، فقال (ص 976) :

" (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ) أي : يفعلون ما أمرهم الله به من الواجبات التي يكون تركها من كبائر الذنوب ، ويتركون المحرمات الكبار من الزنا وشرب الخمر وأكل الربا والقتل ونحو ذلك من الذنوب العظيمة (إِلا اللَّمَمَ) وهو الذنوب الصغار التي لا يصر صاحبها عليها

أو التي يُلِم العبد بها المرة بعد المرة على وجه الندرة والقلة ، فهذه ليس مجرد الإقدام عليها مخرجاً للعبد من أن يكون من المحسنين ، فإن هذه مع الإتيان بالواجبات وترك المحرمات تدخل تحت مغفرة الله التي وسعت كل شيء

ولهذا قال : ( إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) فلولا مغفرته لهلكت البلاد والعباد

ولولا عفوه وحلمه لسقطت السماء على الأرض ، ولما ترك على ظهرها من دابة ، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ) " اهـ .

وليس معنى الآية الإذن لهم في ارتكاب (اللمم) وهي الصغائر ، بل المعنى : أنهم يجتنبون الكبائر ، ثم ما وقع منهم من الصغائر - على سبيل الزلة والخطأ - فإنه يقع مغفوراً لهم باجتنابهم الكبائر .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:20   رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف نجمع بين النهي عن قول (اللهم اغفر لي إن شئت) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم للمريض (لا بأس طهور إن شاء الله) ؟

السؤال :

كيف يمكن أن نوفق بين الحديث الذي قال فيه النبي صلى "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، وليعزم في الدعاء فإن الله لا مُكرِه له". رواه البخاري حديث رقم 6339؛ ورواه مسلم حديث 2679.

والحديث الذي يقول فيه النبي إلى شخصٍ مريض" لا بأس طهور إن شاء الله".


الجواب :

الحمد لله

أولا :

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعليق الدعاء "بالمشيئة" ، وأرشد الداعي إلى أن يجزم في دعائه ، ويعظم رغبته إلى رب العالمين .

قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، : ( لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، لاَ مُكْرِهَ لَهُ ) رواه البخاري (7477) ، ومسلم (2679) .

قال أبو الوليد الباجي رحمه الله :

" مَعْنَاهُ : لَا يَشْتَرِطُ مَشِيئَتَهُ ، بِاللَّفْظِ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مُتَيَقَّنٌ : أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ هَذَا ؛ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْمَشِيئَةِ ، لِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَ دُونَ أَنْ يَشَاءَ ، بِالْإِكْرَاهِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَنَزَّهَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ .

وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ الْحَدِيثِ ، بِقَوْلِهِ : ( فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ ) .

وَمَعْنَى قَوْلِهِ : ( لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ) : أَيْ يُعْرِي دُعَاءَهُ وَسُؤَالَهُ مِنْ لَفْظِ الْمَشِيئَةِ ، وَيَسْأَلُ سُؤَالَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ .

وَأَيْضًا : فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ ( إنْ شِئْت ) : نَوْعًا مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ مَغْفِرَتِهِ ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ إنْ شِئْت أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا فَافْعَلْ ؛ لَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا إلَّا مَعَ الْغِنَى عَنْهُ . وَأَمَّا الْمُضْطَرُّ إلَيْهِ ، فَإِنَّهُ يَعْزِمُ مَسْأَلَتَهُ ، وَيَسْأَلُ سُؤَالَ فَقِيرٍ مُضْطَرٍّ إلَى مَا سَأَلَهُ. " ا

نتهى، من "المنتقى شرح الموطأ" (1/356) .

قال القرطبي رحمه الله:

"فِي قَوْلِهِ :" إِنْ شِئْتَ" نَوْعٌ مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ مَغْفِرَتِهِ وَعَطَائِهِ وَرَحْمَتِهِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا فَافْعَلْ، لَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا إِلَّا مَعَ الْغِنَى عَنْهُ ، وَأَمَّا الْمُضْطَرُّ إِلَيْهِ ، فَإِنَّهُ يَعْزِمُ فِي مَسْأَلَتِهِ ، وَيَسْأَلُ سُؤَالَ فَقِيرٍ مُضْطَرٍّ إِلَى ما سأله"

انتهى من" تفسير القرطبي " (2/ 312) .

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان ، حفظه الله :

" الدعاء عبادة للمدعو ، بالرغبة والرهبة، والذل والاستكانة والافتقار .

ولهذا صار صرفه لغير الله شركاً أكبر، لا يغفره الله إلا بالتوبة منه .

والله جل وعلا هو رب الخلق وإلههم، خلقهم وتعبدهم، وجعل مصيرهم إليه، وهو يملك كل شيء، حتى أفعالهم الاختيارية لا يمكن أن تقع إلا بمشيئته.

ويملك هداية قلوبهم وإزاغتها، وهو الذي يحبب الإيمان إلى من يشاء، ويكرهه إلى من يشاء، ويكره الكفر والفسوق والعصيان إلى من يشاء، ويحببه إلى من يشاء .

وبهذا يعلم شدة حاجة الإنسان إلى دعاء الله - تعالى - بصدق وإلحاح، وعزم قوي، ورغبة شديدة؛ لأنه فقير فقراً ذاتياً لا ينفك عنه لحظة واحدة إلى ربه، ولا خلاص له من العذاب السرمدي إلا إذا منّ الله عليه وتفضل بهدايته .

لذلك وجب أن لا يعلق الدعاء على مشيئته - تعالى -، فهذه علة النهي .

والعلة الثانية ما ذكره - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ( فإنه لا مستكره له ) ؛ فإن تعليق الدعاء بالمشيئة يشعر بأن الله - تعالى - يعطي ما لا يريد، كما يحصل لابن آدم، وهذا لا يجوز اعتقاده في الله.

والمقصود : أنه يحرم تعليق الدعاء بالمشيئة لعلتين:

إحداهما: إشعار ذلك باستغناء الداعي عما يدعو، وهو خلاف الواقع، وخلاف العبودية الواجبة على العبد.

والثانية: إشعار ذلك بأن الله قد يعطي ما يكره عطاءه .

فيجب على العبد أن يدعو ربه بعزم لا تردد فيه، وبرغبة وإلحاح وإظهار الافتقار والفاقة."

انتهى من "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" (2/256) .

ثانيا :

أما عن قول النبي صلى الله عليه وسلم للمريض حين زاره (لا بأس طهور إن شاء الله) فلا يعارض الأصل المتقدم ؛ فليس فيه إظهار استغناء ، ولا خشية استكثار ، فالمحذور غير وارد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله خبرا ؛ على سبيل الرجاء ، أو التبرك ؛ وإلا ، فليس المرض طهورا في حق كل أحد .

قال ابن بطال رحمه الله :

" وأما قوله للأعرابى: « لا بأس عليك طهور إن شاء الله » فإنما أراد تأنيسه من مرضه بأن الله يكفر ذنوبه، ويقيله، ويؤخر وفاته فوقع الاستثناء على ما رجا له من الإقالة والفرج؛ لأن المرض معلوم أنه كفارة للذنوب

وإن كان الاستثناء قد يكون بمعنى رد المشيئة إلى الله تعالى، وفى جواب الأعرابى ما يدل على ما قلناه، وهو قوله: حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور. أى ليس كما رجوت من الإقالة.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - : « فنعم إذًا » دليل على أن قوله: « لا بأس عليك » ، أنه على طريق الرجاء لا على طريق الخبر عن الغيب، وكذلك قوله: « إن الله قبض أرواحنا حين شاء، وردها حين شاء » ".

انتهى، من "شرح صحيح البخاري" (10/484)

وينظر : "التوضيح" لابن الملقن (3/397) .

وقال الملا علي القاري رحمه الله :

"(طَهُورٌ) " أَيْ: لَا مَشَقَّةَ وَلَا تَعَبَ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ بِالْحَقِيقَةِ ; لِأَنَّهُ مُطَهِّرُكَ مِنَ الذُّنُوبِ. (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) : لِلتَّبَرُّكِ أَوْ لِلتَّفْوِيضِ أَوْ لِلتَّعْلِيقِ، فَإِنَّ كَوْنَهُ طَهُورًا مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِ صَبُورًا شَكُورًا."

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (2/1123) .

وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

" ما حكم الاستثناء في الدعاء للغير؟ مثاله: غفر الله لك إن شاء الله، أو وفقك الله إن شاء الله ، وهل من ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمريض: (طهور إن شاء الله) ؟ " .

فأجاب :

"أما قول الداعي: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، فهذا محرم، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأما قوله: إن شاء الله فهو أقل رتبة لكن لا ينبغي.

وأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا بأس طهور إن شاء الله) فهذا من باب الرجاء؛ وذلك لأن المريض قد يكون مرضه طهورا له وقد لا يكون، فلو كان هذا المريض لم يصبر، وقلبه مملو

من التسخط على الله عز وجل لم يكن طهورا، فيكون إن شاء الله من باب الرجاء، يعني: أسأل الله أن يكون طهورا لك إذا صبرت واحتسبت الأجر"

انتهى من اللقاء (234) من "لقاءات الباب المفتوح" .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:25   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اشكال حول رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام للدجال وهو يطوف بالبيت

السؤال :

كيف نرد على من يقول أن النبي صلى الله وعليه وسلم قد رأى في منامه الدجال وهو يطوف بالكعبة

علما بأن رؤيا النبي حق كفلق الصبح

وأن الدجال لا يمكن أن يدخل مكة كما أخبر صلى الله عليه وسلم بارك الله فيكم


الجواب :

الحمد لله

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبِطُ الشَّعْرِ، بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً - أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً - قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ مَرْيَمَ .

ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ، جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ الْعَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الدَّجَّالُ، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ ) رواه البخاري (3441) ومسلم (171) .

ورواه البخاري (3440) بلفظ :

( وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ فِي المَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ.

ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطِطًا أَعْوَرَ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المَسِيحُ الدَّجَّالُ ) .

فظاهر هذه الرؤيا ، أن الدجال يدخل مكة ويطوف بالكعبة ؛ بينما صح أن الدجال يمنع من دخول مكة والمدينة .

عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلَّا مَكَّةَ، وَالمَدِينَةَ ... ) رواه البخاري (1881) ومسلم (2943) .

وهذا الإشكال قد أشار أهل العلم إلى جوابين عليه :

الجواب الأول :

أن المنع من دخول الدجال إلى مكة سيكون بعد ظهور فتنته ، أما قبلها أو في الزمن الماضي فلا يوجد من نصوص الشرع ما يدل على منعه من دخولها .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" وفيه – أي حديث ابن عمر السابق - دلالة على أن قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الدجال لا يدخل المدينة ولا مكة ) أي في زمن خروجه، ولم يرد بذلك نفي دخوله في الزمن الماضي والله أعلم " انتهى. "فتح الباري" (6 / 488 -489) .

ومما يؤكد هذا أن الأحاديث نصت بوضوح أن منع دخول الدجال إلى مكة والمدينة إنما يكون زمن فتنته .

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( لاَ يَدْخُلُ المَدِينَةَ رُعْبُ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ ) رواه البخاري (1879) .

ورعبه إنما يكون في زمن خروجه ، وظهور فتنته .

الجواب الثاني :

أن هذه رؤيا منام ، وكون رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وحيا ، وحقا : لا يلزم منه أن تكون دوما على ظاهرها ، فقد تأتي أحيانا على سبيل ضرب الأمثال وليس على ظاهرها .

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى :

" وأما طواف عيسى بالبيت : فإن كانت رؤيا عين فعيسى - عليه السلام - حىُّ لم يمت .

وإن كانت رؤيا منام ، كما بيَّنه ابن عُمرَ في حديثه : فهو محتمل، لما تقدَّم ، وللتأويل للرؤيا .

وعلى هذا يحمل ما ذُكر من طواف الدجال بالبيت ، وأن ذلك رؤيا ؛ إذ ورد في الصحيح أنه لا يدخل مكة ولا المدينة " انتهى . "اكمال المعلم" (1 / 522 - 523) .

ومعنى هذا أن الرؤيا قابلة للتأويل والتعبير .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" لا يلزم من كون المنام على ظاهره : أن لا يكون بعضه يفتقر إلى تعبير، فإن رؤيا الأنبياء حق ؛ يعني : ليست من الأضغاث سواء كانت على حقيقتها ، أو مثالا، والله أعلم " انتهى من "فتح الباري" (12 / 416) .

ومن أمثلة ذلك :

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي كَفِّي سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ، فَأُوحيَ إِلَيَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا، صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ اليَمَامَةِ ) رواه البخاري (4375) ومسلم (2274) .

وعن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، أنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ.

قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ: الدِّينَ ) رواه البخاري (23) ومسلم (2390) .

وعلى هذا يحتمل أن تكون رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم للدجال وهو يطوف بالبيت : هي من الرؤى القابلة للتعبير، وليس على ظاهرها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:31   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بيان المراد من أحاديث ذم وضع المال في البنيان

السؤال :

الرجاء شرح حديث ( شر ما ذهب فيه مال المرء المسلم البنيان ) حيث أقوم بشراء شقق وأجعلها للإيجار حتى يعود لي منها عائد شهري وشراء أراضي خشية وضعها في البنوك الربوية حتى لا أقع في الربا وجزاكم الله خيرا


الجواب
:

الحمد لله

أولا :

قد وردت أحاديث في ذم البنيان، منها ما هو صحيح ، أو حسن، ومنها ما ليس بصحيح .

فما كان منها حجة فهو محمول على ذم من فعل ذلك : للتباهي ، أو كان فيه إسراف وتبذير.

والحديث الذي ذكرت رواه أبو داود في المراسيل عن عطية بن قيسٍ قال: كان حُجَر أزْواجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بِجَريدِ النَّخْلِ، فَخرَج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مَغْزىً له، وكانت أمُّ سلَمَة موسِرَةً، فجَعلَتْ مكانَ الجريدِ لَبِناً، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا؟ ".

قالت: أَرَدْتُ أن أكُفَّ عنِّي أبصارَ الناسِ.

فقال: "يا أمَّ سلَمة! إنَّ شَّر ما ذَهَب فيه مالُ المرْءِ المسلمِ؛ البنيانُ".

والحديث ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1180).

وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ذكر جملة من هذه الأحاديث مع تخريجها والحكم عليها، فمن المناسب إيرادها هنا لأنها خلاصة وافية:

" س: أشكلت علي أحاديث قرأتها في كتب السنن، حيث إنه :

روى أبو داود مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا بد منه مما يستره من الحر والبرد والسباع ونحو ذلك» .

وفي رواية أيضا للطبراني بإسناد جيد مرفوعا «إذا أراد الله بعبده شرا خضر له في اللبن والطين حتى يبني» .

وفي رواية له أيضا «إذا أراد الله بعبده هوانا أنفق ماله في البنيان» ، وفي رواية أيضا «من بنى فوق كفايته كلف أن يحمله يوم القيامة» .

وروى الدارقطني والحاكم مرفوعا «وما أنفق العبد من نفقة فإن خلفها على الله والله ضامن إلا ما كان في البنيان أو معصية» .

وفي الترمذي أيضا «يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا التراب، وقال في البنيان» .

وروى الترمذي مرفوعا «النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء فلا خير فيه» .

وروى أبو داود وغيره «أن العباس بنى قبة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يهدمها، فقال يا رسول الله، إذن أتصدق بثمنها، فقال: لا، اهدمها» .

وروى أبو داود أيضا وابن ماجه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبة على باب رجل من الأنصار فقال: "ما هذه"؟ قالوا: قبة بناها فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ما كان هكذا فهو وبال على صاحبه"، فبلغ الأنصاري ذلك فوضعها، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد ظهرها فسأل عنها فأخبر أنه وضعها لما بلغه عنه، فقال: "يرحمه الله يرحمه الله» .

وفي رواية لابن أبي الدنيا عن عامر بن عمار مرفوعا: «إذا رفع الرجل بناءه فوق سبعة أذرع نودي يا أفسق الفاسقين إلى أين» ، انتهى.

الجواب: هذه الأحاديث التي ذكرتم نبين درجتها أولا ثم نتبع ذلك الجواب عما صح في هذا الباب. أما بيان درجة كل حديث منها فكما يلي:

1- حديث: «أما إن كل بناء وبال على صاحبه » : الحديث رواه أبو داود عن أنس، قال المناوي في [فيض القدير] نقلا عن ابن حجر أنه قال: رجاله موثقون إلا الراوي عن أنس، وهو أبو طلحة الأسدي: غير معروف، والشواهد عند الطبراني.

2- حديث: «إذا أراد الله بعبد شرا خضّر له في اللبن والطين ، حتى يبني» رواه الطبراني بإسناد جيد حسبما ذكرت في السؤال، ورمز له السيوطي في [الجامع الصغير] بالضعف.

قال المناوي -نقلا عن الهيثمي -: ورجاله رجال الصحيح غير شيخ البخاري ولم أجد من ضعفه، وقال المنذري: رواه في الثلاثة -يعني الطبراني - بإسناد جيد، وقال المناوي أيضا: عزاه جمع لأبي داود من حديث عائشة، قال العراقي: وإسناده جيد.

3- حديث: "إذا أراد الله بعبد هوانا" الحديث، قال السيوطي في [الجامع الصغير] : رواه البغوي والبيهقي في [شعب الإيمان] ، عن محمد بن بشير الأنصاري وما له غيره، وابن عدي في [الكامل] عن أنس، ورمز له السيوطي بالضعف

قال المناوي في رواية محمد بن بشير: قال الهيثمي: رواه عنه ابنه يحيى إن صح، وفيه سلمة بن شريح، قال الذهبي: مجهول، وقال المناوي: في راوية ابن عدي عن أنس في ترجمة زكريا المصري الوقاد قال: يضع الحديث، كذبه صالح جزره وغيره، ولما عزاه الهيثمي إلى الطبراني قال: فيه من لم أعرفهم.

4- حديث: «من بنى فوق كفايته» رمز له السيوطي في [الجامع الصغير] بالضعف، وقال المناوي: قال في [الميزان] : هذا حديث منكر، وقال الحافظ العراقي: إسناده فيه لين وانقطاع.

5- حديث: «وما أنفقه العبد من نفقة» ، الحديث ، رواه الدارقطني والحاكم وفي سنده عبد الحميد بن حسن الهلالي، وقد ضعفه جماعة.

6- حديث: «يؤجر الرجل في نفقته » ، الحديث ، عزاه السيوطي في [الجامع الصغير] للترمذي عن خباب، ورمز له السيوطي بالصحة، وسكت عنه المناوي .

وروى معناه البخاري ومسلم عن خباب موقوفا بلفظ: «إن المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب » وله حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال من جهة الرأي.

7- «النفقة كلها في سبيل الله » الحديث ، رواه الترمذي عن أنس، ورمز له السيوطي براموز الحسن، وقال الترمذي بعد روايته في أبواب صفة القيامة باب النهي عن تمني الموت، قال: غريب.

وقال المناوي: قال الصدر المناوي: وفيه محمد بن حميد الرازي وزافر بن سليمان وشبيب بن بشر ومحمد، قال البخاري: فيه نظر، وكذبه أبو زرعة، وزافر فيه ضعف، وشبيب لين.

8- حديث: "أن العباس بنى قبة" الحديث رواه أبو داود مرسلا عن أبي العالية، والمراسيل من جملة الأحاديث الضعيفة.

9- حديث أنه صلى الله عليه وسلم (مر بقبة) الحديث هذا هو سبب الحديث الأول، وقد مضى الكلام عليه.

10- (إذا رفع الرجل بناءه فوق سبعة أذرع. . . إلخ) وهذا أثر، ولم نقف على من صححه .

وقال الحافظ ابن حجر في [الفتح] ، (11 / 92) ما نصه:

" وقد ورد في ذم تطويل البناء صريحا ما أخرج ابن أبي الدنيا من رواية عمارة بن عامر: "إذا رفع الرجل بناء فوق سبعة أذرع نودي يا فاسق إلى أين" ، وفي سنده ضعف ، مع كونه موقوفا" . اهـ.

هذه الأحاديث وما جاء في معناها : منها ما هو صحيح، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما ليس بصحيح .

فما كان منها حجة فهو محمول على ذم من فعل ذلك للتباهي والإسراف والتبذير، فإن هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والأمكنة والأزمنة .

وقد ثبت في [صحيح مسلم] من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عن علامات الساعة: «وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاه يتطاولون في البنيان ».

قال ابن رجب في شرح هذا الحديث: والمراد أن أسافل الناس ، يصيرون رؤساءهم ، وتكثر أموالهم حتى يتباهون بطول البنيان وزخرفته وإتقانه .

وذكر النووي هذا المعنى في [شرح صحيح مسلم] حينما تكلم على هذا الحديث.

أما إذا طال البنيان لغرض شرعي، كتوفير المرافق والمساكن للمحتاجين ، أو لاتخاذها سبيلا للكسب ، أو لكثرة من يعول ونحو ذلك :

فلا شيء في ذلك ، فيما يظهر لنا، فإن الأمور بمقاصدها، قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى » . والحديث أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/ 485).

وصحح الشيخ الألباني رحمه الله الحديث الأول والسادس، ووجه ذلك بقوله:

" واعلم أن المراد من هذا الحديث والذي قبله - والله أعلم - إنما هو صرف المسلم عن الاهتمام بالبناء وتشييده فوق حاجته .

وإن مما لا شكَّ فيه : أن الحاجة تختلف باختلاف عائلة الباني ، قلَّة وكثرة ، ومَن يكون مضيافاً ، ومن ليس كذلك ، فهو مِن هذه الحيثية يلتقي تماماً مع الحديث الصحيح " فراش للرجل ، وفراش لامرأته ، وفراش للضيف ، والرابع للشيطان " .

رواه مسلم ( 6 / 146 ) وغيره ، وهو مخرَّج في " صحيح أبي داود " .

ولذلك قال الحافظ بعد أن ساق حديث الترجمة وغيره :

" وهذا كله محمول على ما لا تمسّ الحاجة إليه مما لا بدَّ منه للتوطن ، وما يقي الحرَّ والبرد " .

ثم حكى عن بعضهم ما يوهم أنَّ في البناء كله الإثم ! فعقَّب عليه الحافظ بقوله :

" وليس كذلك ، بل فيه التفصيل ، وليس كل ما زاد منه على الحاجة يستلزم الإثم .. فإن في بعض البناء ما يحصل به الأجر ، مثل الذي يحصل به النفع لغير الباني ؛ فإنه يحصل للباني به الثواب ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم "

. انتهى من " السلسلة الصحيحة " (6/ 802) حديث رقم 2831

ومن ذلك يتبين :

أنه لا حرج في بناء الشقق ، وتأجيرها، أو في شراء الأراضي لحفظ المال ، أو لاستثماره ؛ بل هو مقصد حسن معتبر ؛ فإن الله تعالى نهى عن إضاعة المال .

وأن المحذور : هو بناء التباهي والإسراف والخيلاء.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:34   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما معنى ( فَإِنَّهُ يُمْسي يَوْمئِذٍ وَقَد زَحزحَ نفْسَهُ عنِ النَّارِ ) في حديث خلق ابن آدم على ثلاثمائة مفصل ؟

السؤال :

ما معنى ( فَإِنَّهُ يُمْسي يَوْمئِذٍ وَقَد زَحزحَ نفْسَهُ عنِ النَّارِ ) في حديث خلق ابن آدم على ثلاثمائة مفصل ؟


الجواب :

الحمد لله


الجملة الواردة في سؤال ، من كلام النبي صلى الله عليه وسلم : " فإنه يمسي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ" ، وردت في حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (1007)

من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ ، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ ، وَحَمِدَ اللهَ ، وَهَلَّلَ اللهَ ، وَسَبَّحَ اللهَ ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ ،

وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةِ السُّلَامَى ، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ ) .

ومعنى هذا الحديث : أن في بدن الإنسان ثلاثمائة وستين مفصلا ، وهي السُّلَامَى التي جاء ذكرها في الحديث ، والمراد بها جميع عظام البدن ومفاصله .

قال الإمام النووي رحمه الله ، في "شرح مسلم" (5/233) :

" وَأَصْلُهُ عِظَامُ الْأَصَابِعِ ، وَسَائِرِ الْكَفِّ ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي جَمِيعِ عِظَامِ الْبَدَنِ وَمَفَاصِلِهِ ". انتهى .

وهذه المفاصل والعظام من عظيم نعمة الله على الإنسان ؛ فكان على المسلم شكر الله كل يوم على هذه النعم .

قال ابن بطال رحمه الله في "شرحه على صحيح البخاري" (8/98) :

" قال المهلب : على كل واحد منها صدقة لله ، من فعل الطاعة والخير كل يوم ، إذ كل موضع شعرة فما فوقها من جسد الإنسان : عليه فيه نعمة لله ، يلزمه شكره ، والاعتراف بها حين خلقه صحيحًا يتصرف في منافعه وإرادته ، ولم يجعل في ذلك الموضع داء يمنعه ألمه من استعماله والانتفاع به ". انتهى.

وهذا الشكر على هذه المفاصل على درجتين : منها الواجب ، ومنها المستحب .

قال ابن رجب رحمه الله في "جامع العلوم والحكم" (2/717) قال

:" وظاهرُ الحديث يدلُّ على أنَّ هذا الشُّكر بهذه الصَّدقة واجبٌ على المسلم كلَّ يوم ، ولكن الشُّكر على درجتين:

إحداهما: واجب ، وهو أنْ يأتي بالواجبات ، ويجتنب المحارم ، فهذا لابدَّ منه ، ويكفي في شكر هذه النِّعم ...

الدرجة الثانية من الشكر: الشكر المستحبُّ ، وهو أنْ يعملَ العبدُ بعد أداءِ الفرائض ، واجتنابِ المحارم بنوافل الطَّاعات ، وهذه درجةُ السَّابقين المقرَّبين". انتهى .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم :" فإنه يمسي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ " ؛ فمعناه أن نعمة هذه المفاصل لما استوجبت الشكر من العبد أصبح العباد على فريقين : شاكر ، وغير شاكر ، فمن شكر فقد أدى ما عليه ، ونجا من عذاب الله ، ومن غفل ولم يشكر فقد عرض نفسه لعذاب الله تعالى .

قال الطيبي رحمه الله في "شرح المشكاة" (5/1546) :" قوله: (وقد زحزح نفسه) : أي باعدها عن النار، يقال: زحزحه ، أي : نحاه عن مكانه وباعده منه .

أقول: قيَّدَ الفعل بالظرف [يعني قوله : يومئذ]، دلالة علي إيجاب الشكر في كل يوم ، وبالحال [يعني قوله: وقد زحزح ..] ؛ إشعارًا بأن غير الشاكر كائن في النار، ومنغمس فيها ، وبالصدقة يتخلص منها ، ويمضي وما عليه تبعة من ذلك". انتهى .

ومعنى ذلك :

أن العبد بفعله هذه الأعمال يكون قد أدى شكر نعمة الله عليه بهذه المفاصل ، وأعتقها من النار، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (3/308):" تَبَيَّنَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا شُرِعَتْ بِسَبَبِ عِتْقِ الْمَفَاصِلِ ، حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُمْسِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ". انتهى

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-19, 16:39   رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

‫هل الأحاديث التي ورد فيها ( خيركم ) و ( خير الناس ) وذكر فيها أعمال مختلفة ، متعارضة؟‬

السؤال:

قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله )

وقال رسول الله : ( خير الناس أنفعهم للناس )

وقال : ( خيركم من تعلم القران وعلمه )

وهناك أحاديث أخرى عن خير الناس ، وأنا الآن في حيرة من أمري ، من هو خير الناس ؟

وأنا أرى من خلال فهمي القصير أن الأحاديث متعارضة ظاهريا في بيان ذلك .


الجواب :

الحمد لله

اعلم – أيها الأخ الكريم – أنه لا تعارض على الحقيقة بين نصوص الشرع ، فإنها جميعا من مشكاة واحدة .

وأما ما ذكرته من الاختلاف الظاهري بين هذه الأحاديث التي ورد فيها خير الناس أو خيركم وهكذا ، فالحقيقة أنه لا تعارض بينها ، في حقيقة الأمر ، البتة ، وبيان ذلك كما يلي :-

أولا :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تختلف أجوبته على السؤال الواحد بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَاحْتِيَاجِ الْمُخَاطَبِينَ ، فربما يكون الزمان يستدعي الحث على عمل ما ، وربما يكون حال السائل خاصة ، هو الذي يستدعي ذلك .

قال الطيبي في "شرح المشكاة" (3/867):" ووجه التوفيق : أنه صلى الله عليه وسلم أجاب لكل بما يوافق غرضه ، وما يرغب فيه ، أو أجاب علي حسب ما عرف من حاله ، بما هو يليق به وأصلح له ؛ توفيقاً له على ما خفي عليه .

وقد يقول القائل : خير الأشياء كذا ، ولا يريد تفضيله في نفسه علي جميع الأشياء ، ولكن يريد أنه خيرها في حال دون حال، ولواحد دون آخر، وذلك مثل قولك في موضع يحمد فيه السكوت: لا شيء أفضل من السكوت، وقولك حيث يحمد الكلام: لا شيء أفضل من الكلام.

ولقد تعاضدت النصوص على فضل الصلاة على الصدقة ، ثم إن تجددت حال تقتضي مواساة مضطر، أو إصلاح ذات ، بين فتكون الصدقة حينئذ أفضل ... " . انتهى

ثانيا :

أن جملة خيركم أو خير الناس ، لا يلزم منها الخيرية المطلقة في كل موطن ، وإنما قد تكون هذه الخيرية مقيدة بوجه ما أو بحال دون حال ، فيكون تقدير الكلام : من خير الناس ، ومن خيركم

فيكون المعنى أن من اتصف بتلك الصفات فهو من خير الناس ، كما يقول أحدنا عن رجل كريم مثلا : أكرم الناس فلان ، فهذا لا ينفي الكرم عن غيره ، وقد سبق تقرير هذا الوجه في كلام الطيبي السابق نقله .

وقد نقل النووي أيضا عن الإمام القفال الكبير ، من أئمة الشافعية . :

" أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهَا بِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافُ جَوَابٍ جَرَى عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ خَيْرُ الْأَشْيَاءِ كَذَا ، وَلَا يُرَادُ بِهِ خَيْرُ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ ، وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ ؛ بَلْ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ .

وَاسْتَشْهَدَ في ذلك بأخبار ، منها : عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( حَجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِينَ غَزْوَةً ، وَغَزْوَةٌ لِمَنْ حج أفضل من أربعين حجة ) .

الوجه الثَّانِي : أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ كَذَا ، أَوْ مِنْ خَيْرِهَا ، أَوْ مِنْ خَيْرِكُمْ مَنْ فَعَلَ كَذَا ، فَحُذِفَتْ مِنْ وَهِيَ مُرَادَةٌ ، كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ أَعْقَلُ النَّاسِ وَأَفْضَلُهُمْ ، وَيُرَادُ : أَنَّهُ مِنْ أَعْقَلِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ .

وَمَنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ : خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ) ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ خِيرَ النَّاسِ مُطْلَقًا .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ : أَزْهَدُ النَّاسِ فِي الْعَالِمِ جِيرَانُهُ ، وَقَدْ يُوجَدُ فِي غَيْرِهِمْ مَنْ هُوَ أَزْهَدُ مِنْهُمْ فِيهِ .

هَذَا كَلَامُ الْقَفَّالِ رَحِمَهُ اللَّهُ" انتهى .

وأيده على ذلك الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/79) فقال :

" وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ لَفْظَةَ مِنْ مُرَادَةٌ ، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ أَعْقَلُ النَّاسِ ، وَالْمُرَادُ مِنْ أَعْقَلِهِمْ ، وَمِنْهُ حَدِيثُ : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ) ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ خَيْرَ النَّاسِ". انتهى

ثالثا :

أن يرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم على سبب ما ، أو حدث معين ، يستدعي من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرغب الناس في خصلة من خصال الخير .

فمن ذلك قوله :"خيركم خيركم لأهله " جاء سبب ذلك عند ابن حبان في صحيحه (4186) بإسناد جيد عن ابن عباس : " أن الرجال استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب النساء

فأذن لهم ، فضربوهن ، فبات فسمع صوتا عاليا ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : أذنت للرجال في ضرب النساء فضربوهن فنهاهم وقال : ( خيركم خيركم لأهله وأنا من خيركم لأهلي ) " .

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم :"خيركم أحسنكم قضاء " ؛ فقد جاء فيه عند البخاري (2305)

: " أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ ، فَأَغْلَظَ ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا ) ، ثُمَّ قَالَ ( أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّه ) ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ نَجِدُ إِلاَّ أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ ، فَقَالَ ( أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً).

وختاما : نسأل الله تعالى لنا وللسائل الكريم ولجميع المسلمين أن يجعلنا ممن له الحظ الأوفر من هذا الخير ، اللهم آمين .
والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc