الخوف من الله تعالى
هذا ما قاله العلماء حول موضوع الخوف من الله :
قال بعض العلماء: الخوف اضطراب القلب، وحركته من تذكر المخوف الذي تخاف منه.
كيف سيدنا عمر, حينما كان في المدينة يتفقد أحوال رعيته, رأى قافلة في ظاهر المدينة، ومعه عبد الرحمن بن عوف، قال: تعال يا عبد الرحمن نحرس هذه القافلة، سمع سيدنا عمر بكاء طفل، وقال لأمه: أرضعيه, أرضعته، ثم بكى، قال: أرضعيه، أرضعته، ثم بكى، فغضب، قال: أرضعيه، لعله قالها بقسوة، عندئذ غضبت الأم، وقالت له: وما شأنك بنا إنني أفطمه؟ فقال عمر: ولم؟ قالت له: لأن عمر - ولا تعلم أنه عمر- لا يعطينا العطاء إلا بعد الفطام، فيقال: إنه ضرب جبهته، وقال: ويلك يا بن الخطاب, كم قتلت من أطفال المؤمنين؟ وقيل: إنه ذهب إلى صلاة الفجر من شدة بكائه وخوفه من الله عز وجل, لم يفهم الصحابة وقد صلوا وراءه صوته، وكان يقول: يا رب هل قبلت توبتي فأهنئها, أم رددتها فأعزيها؟ لأنه اجتهد أن التعويض يعطى للمولود بعد الفطام، ثم أمر أن كل مولود يستحق عطاءه عند الولادة، إذا لم يكن في بالقلب خوف إطلاقاً, واللهِ هناك خلل كبير في الإيمان، وهناك مشكلة.
متى يفسد قلب المؤمن؟ :
أيها الأخوة, يقول بعض العلماء: الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، ما دمت خائفًا فأنت على طريق الله, على صراط مستقيم، كأن الخوف يحميك من أن تزل قدمك عن الطريق المستقيم، وقال بعض العلماء: ما فارق الخوف قلوبنا إلا كربت قلوبنا، وينبغي للقلب أن يغلب عليه الخوف، فإن غلب عليه الرجاء فسد.
شخص يغلب عليه الرجاء، لا تدقق، الله غفور رحيم، الله لن يحاسبنا، هو علي قدير، نحن ضعفاء، هذا يغلب عليه الرجاء، لكن رجاء السذاجة، والغباء، والتقصير، لكن بعض العلماء يقول: إن المؤمن يغلب عليه الخوف.
ما وظيفة الخوف من الله؟ :
بالمناسبة: لا يمكن أن يكون الخوف مقصوداً لذاته، الخوف وسيلة للبعد عن الحرام، ليس العبرة أن تخاف, بل أن يحملك على طاعة الله فقط، أن يحجزك خوفك عن أن تعصي الله، هذا الخوف المحمود، ليس الخوف هدفاً بذاته، بل هو وسيلة لذلك، فما دام ليس هدفاً بذاته, بالجنة, فلا يوجد خوف:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾
[سورة فصلت الآية: 30]
فالخوف في الدنيا وسيلة وليس هدفاً، وظيفة الخوف أن يحجزك عن محارم الله فقط.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، اللهم اجعلنا نخشاك حتى كأن نراك وأسعدنا بلقياك، اللهم بارك لنا في قضائك وفي قدرك، حتى لا نحب تعجيل ما أخرت وتأخير ما عجلت.
دعاء في أعلى درجة من الدقة, إذا آمنت بالقدر خيره وشره من الله تعالى، وأن كل شيء وقع أراده الله، وأن كل شيء أراده الله وقع، وأن إرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وأن حكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، لا تستعجل شيئاً أخره الله, ولا تستبطئ شيئاً يعجل الله به.
قد يقول قائل: لمَ سمح الله لهؤلاء أن يفعلوا ما فعلوا في الحادي عشر من أيلول؟ كنا في خير, الآن يوجد ضغط لا يعلمه إلا الله، لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، أنت حينما تؤمن بعلم الله المطلق، وبحكمته المطلقة، وبرحمته المطلقة, لا تتمنى تأخير ما عجل، ولا تعجيل ما أخر، هذا هو الإيمان الصحيح.