وقد فسره أهل التعطيل بالثواب ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
وقوله سبحانه وتعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} [المائدة: 64] .
.... الشرح....
الصفة الثانية: اليدان: اليدان من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} [المائدة: 64] .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَمِينُ الله مَلْأى لا يَغِيضُها نَفَقَة سحَّاء اللَّيل والنَّهار" إلى قوله: "بِيَدِه الأُخْرى القَبْضُ يَرْفَعُ ويَخْفِض" رواه مسلم، والبخاري معناه 15.
وأجمع السلف على إثبات اليدين لله فيجب إثباتها له بدون تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وهما يدان حقيقيتان لله تعالى يليقان به.
__________
15 مسلم: كتاب الزكاة: باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف "993" "37".
وأما رواية البخاري فعنده في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي} [ص: 75] "7411" بلفظ "يد الله ملأى لا يغيضها نفقة ... ". من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
لا يغيضها: بِالغين المعجمة والضاد المعجمة الساقطة: أي لا ينقصها.
سحَّاء: بمهملتين مثقلا ممدودا: أي دائمة الصب، فتح الباري "395/13". =
888888888888888888888
وقد فسرها أهل التعطيل بالنعمة أو القدرة ونحوها ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة وبوجه رابع: أن في السياق ما يمنع تفسيرهما بذلك قطعًا كقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي} [ص: 75] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: "وَبِيَدِه الأُخْرَى القَبْضُ".
الأوجه التي وردت عليها صفة اليدين وكيف نوفق بينهما:
الأول: الإفراد كقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] .
الثاني: التثنية كقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] .
الثالث: الجمع كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً} [يس: 71] .
والتوفيق بين هذه الوجوه أن نقول الوجه الأول مفرد مضاف فيشمل كل ما ثبت لله من يد ولا ينافي الثنتين وأما الجمع فهو للتعظيم لا لحقيقة العدد الذي هو ثلاثة فأكثر وحينئذ لا ينافي التثنية على أنه قد قيل إن أقل الجمع اثنان فإذا حمل الجمع على أقله فلا معارضة بينه وبين التثنية أصلاً.
__________
= *فائدة:
قال الحافظ في الفتح "395/13" في الكلام على لفظ مسلم وروايته وأنها وقع فيها بدل يد الله "يمين الله" قال: "ويتعقب بها على من فسر اليد هنا بالنعمة وأبعد منه من فسرها بالخزائن وقال أطلق اليد على الخزائن لتصرفها فيها" أ. هـ.
قلت: وفي هذا دلالة على رد الحافظ على المؤولة!!
8888888888
وقوله تعالى إخباراً عن عيسى -عليه السلام- أنه قال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] .
.... الشرح....
الصفة الثالثة: النفس:
النفس ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] .
وقال عن عيسى -عليه السلام- إنه قال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِةِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِه" رواه مسلم 16، وأجمع السلف على ثبوتها على الوجه اللائق به فيجب إثباتها لله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
وقوله سبحانه: {وَجَاءَ رَبُّك} [الفجر: 22] .
وقوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّه} [البقرة: 210] .
__________
16 مسلم: كتاب الذكر والدعاء..: باب التسبيح أول النهار وعند النوم "2726" "79" من حديث جويرية رضي الله عنها.
88888888888
... الشرح....
الصفة الرابعة: المجيء:
مجيء الله للفصل بين عباده يوم القيامة ثابت بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّك} [الفجر: 22] . {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّه} [البقرة: 210] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حتى إذا لم يبق إلا من يعبد الله أتاهم رب العالمين" متفق عليه17. في حديث طويل وأجمع السلف على ثبوت المجيء لله تعالى فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وهو مجيء حقيقي يليق بالله تعالى.
وقد فسره أهل التعطيل بمجيء أمره ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
وقوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119] .
__________
17 البخاري: كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ , إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} "7439".
ومسلم: كتاب الإيمان: باب معرفة طريق الرؤية "183" "302" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
888888888888
... الشرح....
الصفة الخامسة: الرِّضَى:
الرِّضَى من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
قال الله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله لَيَرضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمِدَه عَلَيْهَا أو يَشْرَبَ الشَّرْبَة فَيَحْمِدَه عَلَيْهَا". رواه مسلم18.
وأجمع السلف على إثبات الرِّضَى لله تعالى فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
وهو رِضَى حقيقي يليق بالله تعالى.
وقد فسره أهل التعطيل بالثواب ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة.
وقوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} [المائدة: 54] .
__________
18 مسلم: كتاب الذكر والدعاء: باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب "2734" "79" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.