![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 46 | ||||
|
![]() باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه لما كان الخوف من أجمع أنواع العبادة التي يجب إخلاصها لله تعالى، نبّه المصنف بهذا الباب على وجوب إخلاصه لله. إنما: أداة حصر. الشيطان: علمٌ على إبليس اللعين. يخوِّف أولياءه: أي: يخوفكم بأوليائه ويوهمكم أنهم ذوو بأس شديد. فلا تخافوهم: أي: لا تخافوا أولياءه الذين خوفكم إياهم. وخافونِ: فلا تخالفوا أمري. إن كنتم مؤمنين: لأن الإيمان يقتضي أن تؤثروا خوف الله على خوف الناس. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى أن من كيد عدوّ الله أنه يخوّف المؤمنين من جنده وأوليائه؛ لئلا يجاهدوهم ولا يأمروهم بالمعروف ولا ينهوهم عن منكر. ونهانا أن نخافَهم، وأمرنا أن نخافَه وحده؛ لأن هذا هو مقتضى الإيمان، فكلما قوي إيمان العبد زال خوف أولياء الشيطان من قلبه، وكلما ضعُف إيمانه قويَ خوفه منهم. ما يستفاد من الآية: 1- أن الخوف عبادةٌ يجب إخلاصه لله. 2- أن صرف الخوف لغير الله شركٌ كأن يخاف من غير الله من وثن أو طاغوت أن يصيبه بما يكره. 3- التحذير من كيد الشيطان. وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 10]. ومن الناس: أي: بعض الناس. من يقول آمنا بالله: أي: يدعي الإيمان بلسانه. أوذي في الله: أي: لأجل الله جل وعلا. فتنة الناس: أذاهم ونيلهم إياه بالمكروه. كعذاب الله: أي: جعل أذى الناس الذي يناله بسبب تمسكه بدينه، كعذاب الله الذي يناله على ارتداده عن دينه، ففرّ من ألم أذى الناس إلى ألم عذاب الله فارتد عن دينه. نصرٌ من ربك: فتحٌ وغنيمة. إنا كنا معكم: في الدين فأشركونا في الغنيمة. بما في صدور العالمين: بما في قلوبهم من الإيمان والنفاق. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى عن الداخل في الإيمان بلا بصيرة أنه إذا أصابته محنة وأذى من الكفار جعل هذا الأذى –الذي لا بد أن ينال الرسل وأتباعهم ممن خالفهم- جعل ذلك في فراره منه وتركه السبب الذي ناله من أجله كعذاب الله الذي فرّ منه المؤمنون، ففرّ من ألم عذاب أعداء الله في تركه دينه إلى عذاب الله، فاستجار من الرمضاء بالنار. وإذا نصر الله جندَه وأولياءه قال: إني كنت معكم والله عليمٌ بما انطوى عليه صدره من النفاق. مناسبة الآية للباب: أنها أفادت أن الخوف من الناس أن ينالوه بما يكره بسبب الإيمان بالله من جملة الخوف من غير الله المستلزم لضعف الإيمان. ما يستفاد من الآية: 1- أن الخوف من أذى الناس بسبب الإيمان خوف من غير الله. 2- وجوب الصبر على الأذى في سبيل الله. 3- دناءة همة المنافقين. 4- إثبات علم الله تعالى. وقوله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18]. إنما يعمر مساجد الله: أي: إنما تستقيم عمارتها بالعبادة والطاعة. من آمن بالله... إلخ: أي: الجامعين للكمالات العلمية والعملية. ولم يخش إلا الله: الخشية هي: المخافة والهيبة، والمراد بالخشية هنا: أي خشية التعظيم والعبادة والطاعة. أما الخشية الجبلّية كخشية المحاذير الدنيوية فلا يكاد أحد يسلم منها. وينبغي أن يخشى في ذلك كله قضاء الله وتصريفه. فعسى أولئك: المتصفون بهذه الصفات. أن يكونوا من المهتدين: أي: أولئك هم المهتدون. وكلُّ "عسى" من الله فهي واجبة. المعنى الإجمالي للآية: لمّا نفى تعالى عمارة المساجد المعنوية بالعبادة عن المشركين في الآية التي قبلها، أثبت في الآية عمارتها بالعبادة للمؤمنين الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا بجوارحهم، وداوموا على إقام الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها، وأعطوا الزكاة مستحقيها، وأخلصوا لله الخشية وهي المخافة والهيبة. مناسبة الآية للباب: أن فيها وجوب إخلاص الخشية أي الخوف والهيبة التي هي أساس العبادة لله وحده. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب إخلاص الخشية لله وحده. 2- أن الشرك لا ينفع معه عمل. 3- أن عمارة المساجد إنما تكون بالطاعة والعمل الصالح لا بمجرد البناء. 4- الحث على عمارة المساجد حسيّاً ومعنوياً. وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على مالم يؤتك الله. إن رزق الله لا يجُرّه حرص حريص، ولا يرَدّه كراهية كاره""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ضعف: بضم الصاد وفتحها ضد القوة والصحة. اليقين: ضد الشك هو: كمال الإيمان. ترضي الناس بسخط الله: أي: تؤثر رضاهم على رضا الله. وأن تحمدهم: أي: تشكرهم وتثني عليهم. على رزق الله: أي: ما وصل منه إليك على أيديهم بأن تضيفه إليهم وتنسى المنعم المتفضِّل. وأن تذمّهم على ما لم يؤتك الله: أي: إذا طلبتهم شيئاً فمنعوك ذممتهم على ذلك. المعنى الإجمالي للحديث: يبين –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث ما ينبغي أن يكون عليه المسلم، من قوة الثقة بالله، والتوكل عليه، واعتقاد أن كل شيء بتدبيره ومشيئته، ومن ذلك الأسباب إذا شاء الله رتّب عليها نتائجها فأدّت المطلوب بها، وإن شاء منعها من أداء نتائجها –وكل ذلك راجعٌ إلى الله فهو المحمود على السراء والضراء والشدة والرخاء- وهذا هو كمال اليقين، وأما من تعلق قلبه بالناس ومالَ مع الأسباب فإن نال شيئاً من الخير على أيدي الناس مدحهم. وإن لم ينل مراده ذمّهم ولامهم فهذا قد ضعُف يقينه واختل توكّله على الله. ثم ختم –صلى الله عليه وسلم- الحديث بما يؤكد ويوضح ما قرره في أوله بأن العطاء والمنع يجريان بأمر الله وحسب حكمته ولا يرجعان إلى حرص العبد أو كراهته. مناسبة الحديث للباب: أن فيه وجوب تعلّق القلب بالله في جلب النفع، ودفع الضر، وخوفه وخشيته وحده، وعدم الالتفات إلى الخلق بمدحٍ أو ذمٍّ على ما يحصل من الإعطاء والمنع. ما يستفاد من الحديث: 1- وجوب التوكل على الله وخشيته وطلب الرزق منه. 2- إثبات القضاء والقدر. 3- عدم الاعتماد على الأسباب. 4- تقديم رضا الله على رضا المخلوق. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/106"، "10/41". والبيهقي في شعب الإيمان "رقم 203". وأخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي –صلى الله عليه وسلم-. انظر معجمه الكبير "10/215 –216 رقم 10514". وقال الهيثمي في مجمع الزوائد "4/71": فيه خالد بن يزيد العمري واتُّهم بالوضع وعن عائشة رضي الله عنها -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس. ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس""1" رواه ابن حبان في صحيحه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التمس: طلب. المعنى الإجمالي للحديث: يبين –صلى الله عليه وسلم- الطريق الذي يحصل به رضا الله، ورضا الناس، والطريق الذي يحصل به سخط الله، وسخط الناس. وذلك أن الناس لقصور معرفتهم بالعواقب وغلبة المؤثرات عليهم، قد تتعارض رغبتهم مع ما شرعه الله مما فيه صلاحهم عاجلاً وآجلاً، وهنا يتميز موقف المؤمن الصحيح الإيمان من موقفٍ مزعزع الإيمان. فالمؤمن يؤثر رضا الله على رضا الناس، فيستمر مع شرع الله لا تأخذه في الله لومة لائم، فيتولاه بنصره؛ لأنه قد اتقى الله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]. ومزعزع الإيمان يؤثر رضا الناس على رضا الله فيحقق لهم مطلوبَهم وإن كان مخالفاً لما شرعه الله، وهذا في الحقيقة قد خاف الناس ولم يخف الله، وسينعكس عليه مراده فينقلب حامده في الناس ذامّاً، ولن يغنوا عنه من الله شيئاً، فضر نفسه وضر من أراد نفعهم بمعصية الله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه وجوب خشية الله وتقديم رضاه على رضا المخلوق. ما يستفاد من الحديث: 1- وجوب خشية الله وتقديم رضاه على رضا خلقه. 2- بيان عقوبة من آثر رضا الناس على رضا الله. 3- وجوب التوكل على الله والاعتماد عليه. 4- بيان ما في تقديم رضا الله من العواقب الحميدة وما في تقديم رضا الناس على رضا الله من العواقب السيئة. 5- أن قلوب العباد بيد الله سبحانه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه ابن حبان كما في موارد الظمآن برقم "1541، 1542"، والترمذي برقم "2416". (13/261) يتبع باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 47 | |||
|
![]() باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أراد المصنف بهذا الباب بيان أن التوكل فريضة يجب إخلاصه لله؛ لأنه من أفضل العبادة وأعلى مقامات التوحيد. وعلى الله: أي: لا على غيره. فتوكلوا: اعتمِدوا عليه وفوِّضوا أموركم إليه. المعنى الإجمالي للآية: يذكر تعالى أن موسى عليه السلام أمر قومه أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم، ولا يرتدوا على أدبارهم خوفاً من الجبارين، بل يمضوا قُدُماً لا يهابونهم ولا يخشونهم، متوكلين على الله في هزيمتهم، مصدِّقين بصحة وعدِه لهم إن كانوا مؤمنين. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب التوكل على الله وحده سبحانه، وأن صرف التوكل لغير الله شركٌ؛ لأنه عبادة. 2- أن التوكل على الله شرطٌ في صحة الإيمان ينتفي الإيمان عند انتفائه. وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]. وجلت قلوبهم: خافت من الله. وعلى ربهم: لا على غيره. يتوكلون: يفوِّضون إليه أمورهم ولا يخشون ولا يرجون إلا إياه. المعنى الإجمالي للآية: يصف الله –جل وعلا- المؤمنين حق الإيمان بثلاث صفاتٍ عظيمةٍ هي: 1- الخوف منه عند ذكره، فيفعلون أوامره ويتركون زواجره. 2- زيادة إيمانهم عند سماع تلاوة كلامه. 3- وتفويض الأمور إليه والاعتماد عليه وحده. مناسبة الآية للباب: أنها تدل على أن التوكل على الله وحده من صفات المؤمنين. ما يستفاد من الآية: 1- مشروعية التوكل على الله وأنه من صفات المؤمنين. 2- أن الإيمان يزيد وينقص. فيزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. 3- أن الإيمان بالله يستدعي التوكل عليه وحده. 4- أن من صفات المؤمنين الخشوع والذل لله تعالى. وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:64]. وقوله: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حسبك الله ومن اتبعك: أي: كافيك الله وحده وكافي أتباعِك. فهو حسبه: أي: كافيه. المعنى الإجمالي للآيتين: يخبر الله سبحانه نبيه وأمته بأنه هو وحده كافيهم، فلا يحتاجون معه إلى أحد، فليكن توكّلهم ورغبتهم عليه وحده، كما جعل سبحانه لكل عملٍ جزاء، فجعل جزاء التوكل عليه كفايته للمتوكل، فإذا كان الله سبحانه كافياً المتوكل عليه وحسبَه وواقيه فلا مطمع فيه لعدو. مناسبة الآيتين للباب: أنهما يدلان على وجوب التوكل على الله؛ لأنه هو الكافي لمن توكل عليه. ما يستفاد من الآيتين: 1- وجوب التوكل على الله؛ لأنه من أعظم أنواع العبادة. 2- بيان فضل التوكل على الله وفائدته، وأنه أعظم الأسباب لجلب النفع ودفع الضر. 3- أن الجزاء من جنس العمل. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها إبراهيم –عليه السلام- حين ألقي في النار. وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم- حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}"1" [آل عمران: 173]. رواه البخاري والنسائي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حسبنا الله: أي: كافينا فلا نتوكل إلا عليه. نعم الوكيل: أي: الموكول إليه أمور عباده. المعنى الإجمالي للأثر: يروي عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- أن هذه الكلمة العظيمة: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها الخليلان إبراهيم ومحمدٌ –عليهما الصلاة والسلام في موقفين حرجين لقياهما من قومهما- وذلك حينما دعا إبراهيم قومَه إلى عبادة الله فأبوا وكسَّر أصنامهم فأرادوا أن ينتصروا لها فجمعوا حطباً وأضرموا له ناراً ورموه بالمنجنيق إلى وسطها، فقال هذه الكلمة. فقال الله للنار: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69]. وحينما أرسلت قريش إلى محمد –صلى الله عليه وسلم- تتوعده وتقول: إنا قد أجمعنا السير إليك وإلى أصحابك لنستأصلكم. فقال –صلى الله عليه وسلم- عند ذلك هذه الكلمة العظيمة: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174]. مناسبة الأثر للباب: أن فيه أن هذه الكلمة التي هي كلمة التفويض والاعتماد على الله، هي الكلمة التي تقال عند الكروب والشدائد. وهي تدل على التوكل على الله في دفع كيد الأعداء. ما يستفاد من الأثر: 1- فضل هذه الكلمة، وأنه ينبغي أن تقال عند الشدائد والكروب. 2- أن التوكل من أعظم الأسباب في حصول الخير ودفع الشر في الدنيا والآخرة. 3- أن الإيمان يزيد وينقص. 4- أن ما يكرهه الإنسان قد يكون خيراً له. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "4563، 4564". يتبع باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]. وقوله: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 48 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 49 | |||
|
![]() باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله وقول الله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]. قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلِّم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة علقمة: هو علقمة بن قيس بن عبد الله بن علقمة، ولد في حياة النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو من كبار التابعين وعلمائهم وثقاتهم، مات بعد الستين من الهجرة. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أراد المصنف بهذا الباب بيانَ وجوب الصبر على الأقدار وتحريم التسخط منها؛ لأن ذلك ينافي كمال التوحيد. الإيمان: في اللغة: التصديق الذي معه ائتمانٌ للمخبِر. وفي الشرع: نطقٌ باللسان واعتقادٌ بالقلب وعملٌ بالجوارح. الصبر: في اللغة: الحبس والكف –وشرعاً هو: حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي والسّخط، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب. ومن يؤمن بالله: فيعتقد أن المصيبة بقضائه وقدره، ويسترجع عندها. يهد قلبه: للصبر عليها. هو الرجل تصيبه... إلخ: هذا تفسيرٌ للإيمان المذكور في الآية. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى أن من أصابته مصيبةٌ فعلم أنها من قدر الله، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله، هدى الله قلبه، وعوّضه كما فاته من الدنيا هدىً في قلبه ويقيناً صادقاً، وقد يُخلِف عليه ما أُخذ منه أو خيراً منه. مناسبة الآية للباب: أن فيها دليلاً على فضيلة الصبر على أقدار الله المؤلمة. ما يستفاد من الآية: 1- فضيلة الصبر على أقدار الله المؤلمة كالمصائب. 2- أن الأعمال من مسمّى الإيمان. 3- أن الصبر سببٌ لهداية القلب. 4- أن الهداية من ثواب الصابر. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هما: أي: الاثنتان. بهم كفر: أي: هاتان الخصلتان كفرٌ قائم بالناس –حيث كانتا من أعمال الكفار. الطعن في النسب: أي: الوقوع فيه بالعيب والتنقص. والنياحة على الميت: أي: رفع الصوت بتعديد شمائله؛ لما في ذلك من التسخط على القدر. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أنه سيستمر في الناس خصلتان من خصال الكفر، لا يسلم منهما إلا من سلَّمه الله. الأولى: عيب الأنساب وتنقصها. الثانية: رفع الصوت عند المصيبة تسخطاً على القدر. لكن ليس من قام به شعبةٌ من شعب الكفر يكون كافراً الكفر المخرج من الملة حتى يقوم به حقيقة الكفر. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على تحريم النياحة؛ لما فيها من السخط على القدر وعدم الصبر. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم النياحة وأنها من خصال الكفر ومن الكبائر. 2- وجوب الصبر؛ لأنه إذا حرمت النياحة دل على وجوبه ضدها وهو الصبر. 3- أن من الكفر ما لا ينقل عن الملة. 4- تحريم الطعن في الأنساب وتنقصها. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه مسلم برقم "67". ولهما عن ابن مسعود –رضي الله عنه- مرفوعاً: "ليس منا من ضرب الخدود وشقّ الجيوب ودعا بدَعوى الجاهلية""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ليس منا: هذا من باب الوعيد ولا ينبغي تأويله. من ضرب الخدود: خص الخدّ؛ لأنه الغالب، وإلا فضرب بقية الوجه مثلُه. وشقّ الجيوب: جمع جيب وهو: مدخل الرأس من الثوب. دعوى الجاهلية: هي: الندب على الميت والدعاء بالويل والثبور. المعنى الإجمالي للحديث: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يتوعد من فعل شيئاً من هذه الأمور؛ لأنها مشتملة على التسخط على الرب وعدم الصبر الواجب، والإضرار بالنفس من لطم الوجه، وإتلاف المال بشق الثياب وتمزيقها، والدعاء بالويل والثبور، والتظلم من الله تعالى. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على تحريم التسخط من قدر الله بالقول والفعل، وأن ذلك من كبائر الذنوب. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم التسخط من قدر الله بالقول أو الفعل، وأنه من الكبائر. 2- وجوب الصبر عند المصيبة. 3- وجوب مخالفة الجاهلية؛ لأن مخالفتهم من مقاصد الشارع الحكيم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "1294"، ومسلم برقم "103". وعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضي، ومن سخط فله السخط""1". حسنه الترمذي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عظم الجزاء مع عظم البلاء: بكسر العين وفتح الظاء –أي: من كان ابتلاؤه أعظم فجزاؤه أعظم. فمن رضي: بما قضاه الله وقدّره عليه من الابتلاء. فله الرضا: من الله جزاء وفاقاً. ومن سخط: بكسر الخاء والسخط: الكراهية للشيء وعدم الرضا به. فله السخط: أي: من الله عقوبةً له. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن عظمة الأجر وكثرة الثواب مع عظم الابتلاء والامتحان الذي يجري على العبد في هذه الدنيا إذا صبر واحتسب، وأن من علامة محبة الله لعبده أن يبتليه؛ فإن رضي بقضاء الله وقدره عليه واحتسب الأجر والثواب وأحسن الظن بربه رضي الله عنه وأثابه، وأن تسخّط قضاء الله وجزِع لما أصابه سخط الله عليه وعاقبه. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيان علامة محبة الله لعبده وبيان حكمته فيما يُجريه عليه من المكاره. ما يستفاد من الحديث: 1- بيان علامة محبة الله لعبده وهي الابتلاء. 2- وصف الله بالمحبة والرضا والسخط على ما يليق بجلاله. 3- إثبات الحكمة لله في أفعاله. 4- أن الجزاء من جنس العمل. 5- الحث على الصبر على المصائب. 6- أ ن الإنسان قد يكره الشيء وهو خيرٌ له. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه الترمذي برقم "2398" وابن ماجه برقم "4021". وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا أراد الله بعبده الخير عجّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هذا الحديث والذي قبله رواهما الترمذي بسند واحد وصحابي واحد؛ ولذلك جعلهما المؤلف كالحديث الواحد. عجّل له العقوبة في الدنيا: أي: ينزل به المصائب لما صدر منه من الذنوب، فيخرج منها وليس عليه ذنب. أمسك عنه بذنبه: أي: أخّر عنه عقوبة ذنبه. يوافي به: بكسر الفاء مبنيٌّ للفاعل منصوبٌ بحتى أي: يجيء يوم القيامة مستوفرَ الذنوب فيستوفي ما يستحقه من العقاب. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن علامة إرادة الله الخيرَ بعبده معاجلته بالعقوبة على ذنوبه في الدنيا حتى يخرج منها وليس عليه ذنب يوافي به يوم القيامة؛ لأن من حوسب بعمله عاجلاً خفّ حسابه في الآجل. ومن علامة إرادة الشر بالعبد أن لا يجازى بذنوبه في الدنيا حتى يجيء يوم القيامة مستوفر الذنوب وافيها، فيجازى بما يستحقه يوم القيامة. مناسبة الحديث للباب: أن فيه الحث على الصبر على المصائب والرضا بالقدر؛ لأن ذلك في صالح العبد. ما يستفاد من الحديث: 1- علامة إرادة الله الخير بعبده معاجلته بالعقوبة على ذنوبه في الدنيا. 2- علامة إرادة الشر بالعبد أن لا يجازى بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة. 3- الخوف من الصحة الدائمة أن تكون علامة شرّ. 4- التنبيه على حسن الظن بالله ورجائه فيما يقضيه عليه من المكروه. 5- أن الإنسان قد يكره الشيء وهو خيرٌ له، وقد يحب الشيء وهو شرّ له. 6- الحث على الصبر على المصائب. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه الترمذي برقم "2398" وأحمد برقم "4/87"، والحاكم "1/349". يتبع باب ما جاء في الرياء |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 50 | |||
|
![]() باب ما جاء في الرياء وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]. مناسبة ذكر هذا الباب في كتاب التوحيد: أنه لما كان الرياء مخلاً بالتوحيد ومحبطاً للعمل الذي قارنه ناسب أن ينبه عليه المؤلف في هذا الباب. الرياء: مصدر راءى مراءاة ورياء وهو أن يقصد أن يرى الناس أنه يعمل عملاً على صفة وهو يضمر في قلبه صفة أخرى. قل: الخطاب للنبي –صلى الله عليه وسلم- أي: قل للناس. أنا بشر مثلكم: أي: في البشرية ليس لي من الربوبية ولا من الإلهية شيء. أنما إلهكم إله واحد: أي: معبودكم بحق الذي أدعوكم إلى عبادته معبودٌ واحدٌ لا شريك له. يرجو لقاء ربه: أي: يخاف المصير إليه ويطمع برؤيته يوم القيامة. عملاً صالحاً: هو: ما كان موافقاً لشرع الله مقصوداً به وجهه. ولا يشرك بعبادة ربه: أي: لا يرائي بعمله. أحداً: نكرة في سياق النفي، فتعم كل واحد كائناً من كان. المعنى الإجمالي: يأمر الله تعالى نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يخبر الناس أنه بشر مثلهم في البشرية ليس له من الربوبية والألوهية شيءٌ، وإنما مهمته إبلاغ ما يوحيه الله إليه، وأهم ما أوحي أليه أن المعبود حقاً معبودٌ واحد –هو الله- لا يجوز أن يشرك معه أحدٌ في العبادة، ولا بد من المصير إليه في يوم القيامة، فالذي يرجو النجاة في هذا اليوم من عذاب الله يستعد له بالعمل الخالص من الشرك الموافق لما شرعه الله. مناسبة الآية للباب: أن فيها الأمر بإخلاص العمل من الشرك الذي منه الرياء. ما يستفاد من الآية: 1- أن أصل الدين هو إفراد الله بالعبادة. 2- أن الرياء شرك. 3- أن الشرك الواقع من المشركين هو الشرك في العبادة. 4- أنه لا يجوز أن يُعبد مع الله أحدٌ لا من الأصنام ولا من الأنبياء والصالحين ولا غيرهم. وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- مرفوعاً: "قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عملاً أشرك معيَ فيه غيري تركته وشركه" رواه مسلم"1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أنا أغنى الشركاء عن الشرك: أي: عن مشاركة أحد، وعن عملٍ فيه شرك. أشرك معيَ فيه غيري: أي: قصد بعمله غيري من المخلوقين. تركته وشركه: أي: لم أقبل عمله بل أتركه لغير ذلك. معنى الحديث إجمالاً: يروي النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ربه عز وجل –وهو يسمَّى بالحديث القدسي- أنه يتبرأ من العمل الذي دخله مشاركةٌ لأحد برياءٍ أو غيره؛ لأنه سبحانه لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه. مناسبة ذكره في الباب: أنه يدل على عدم قبول العمل الذي داخله رياءٌ أو غيره من أنواع الشرك. ما يستفاد منه: 1- التحذير من الشرك بجميع أشكاله؛ وأنه مانعٌ من قبول العمل. 2- وجوب إخلاص العمل لله من جميع شوائب الشرك. 3- وصف الله بالغنى. 4- وصف الله بالكلام. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه مسلم برقم "2985" وأحمد "2/301، 435" وابن ماجه برقم "4202" وابن خزيمة برقم "938". وعن أبي سعيد –رضي الله عنه- مرفوعاً: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟" قالوا: بلى. قال: "الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزيّن صلاته، لما يرى من نظر رجل" رواه أحمد"1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أخوف: أفعل تفضيل أي: أشد خوفاً. المسيح: صحاب الفتنة العظمى، سُمِّي مسيحاً؛ لأن عينه ممسوحةٌ، أو لأنه يمسح الأرض أي: يقطعها بسرعة. الدجال: كثير الدجَل أي: الكذب. الشرك الخفي: سماه خفياً؛ لأن صاحبه يُظهر أن عمله لله وهو في الباطن قد قصد به غيرَه. يزيِّن صلاته: يحسِّنها ويُطيلُها ونحو ذلك. المعنى الإجمالي للحديث: كان الصحابة يتذاكرون فتنةَ المسيح الدجال ويتخوفون منها، فأخبرهم –صلى الله عليه وسلم- أن هناك محذوراً يخافه عليهم أشد من خوفِ فتنة الدجال وهو الشرك في النية والقصد الذي لا يظهر للناس، ثم فسَّره بتحسين العمل الذي يُبتغى به وجه الله من أجل رؤية الناس. مناسبة ذكر الحديث في الباب: أن فيه التحذير من الرياء، وفيه تفسيرُه. ما يستفاد من الحديث: 1- في الحديث شفقته –صلى الله عليه وسلم- على أمته ونصحُه لهم. 2- أن الرياء أخوف على الصالحين من فتنة الدجال. 3- الحذر من الرياء ومن الشرك عموماً. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه ابن ماجه برقم "4204". وأحمد في المسند 3/30. يتبع باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 51 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 52 | |||
|
![]() باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء: أقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وتقولون: قال أبو بكر وعمر"!. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة ذكر هذا الباب في كتاب التوحيد: لما كانت الطاعة من أنواع العبادة، نبّه المصنف –رحمه الله- بهذا الباب على وجوب اختصاص الخالق تبارك وتعالى بها، وأنه لا يطاع أحدٌ من الخلق إلا إذا كانت طاعته في غير معصية الله. أرباباً: أي: شركاء مع الله في التشريع. قال ابن عباس... إلخ: أي: قاله لمن ناظره في متعة الحج وكان هو يأمر بها؛ لأمر الرسول –صلى الله عليه وسلم- بها، فاحتج عليه المخالف بنهي أبي بكر وعمر عنها، واحتج ابن عباس بسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. يوشك: أي: يقرب ويدنو ويسرع. المعنى الإجمالي للأثر: أن ابن عباس –رضي الله عنهما- يتوقع أن ينزل الله عقوبة من السماء عاجلة شنيعة بمن يقدم قول أبي بكر وعمر –رضي الله عنهما- على قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، لأن الإيمان بالرسول –صلى الله عليه وسلم- يقتضي متابعته وتقديم قوله على قول كل أحد كائناً من كان. مناسبة ذكره في الباب: أنه يدل على تحريم طاعة العلماء والأمراء فيما خالف هدي الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأنه موجبةٌ للعقوبة. ما يستفاد من الأثر: 1- وجوب تقديم قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- على قول كل أحد. 2- أن مخالفة هدي الرسول –صلى الله عليه وسلم- توجب العقوبة. وقال أحمد بن حنبل: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان؛ والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]. أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك: لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: 1- أحمد هو: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، مات سنة 241هـ رحمه الله. 2- سفيان هو: أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري الإمام الزاهد العابد الثقة الفقيه، مات سنة 161هـ. قال أحمد: أي: لما قيل له: إن قوماً يتركون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان أو غيره من الفقهاء. عرفوا الإسناد وصحته: أي: عرفوا صحة إسناد الحديث؛ لأن صحة الإسناد تدل على صحة الحديث. يخالفون عن أمره: أي: أمر الله أو الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وعدّي الفعل بـ "عن" لتضمنه معنى الإعراض. أن تصيبهم فتنة: محنة في الدنيا. أو يصيبهم عذاب أليم: في الآخرة. لعله: أي: الإنسان الذي تصح عنده سنة الرسول –صلى الله عليه وسلم-. إذا رد بعض قوله: أي: قول النبي –صلى الله عليه وسلم-. من الزيغ: أي العدول عن الحق وفساد القلب. المعنى الإجمالي: ينكر الإمام أحمد على من يعرف الحديث الصحيح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يقلد سفيان أو غيره فيما يخالف الحديث، ويعتذر بالأعذار الباطلة؛ ليبرر فعله. مع أن الفرض والحتم على المؤمن إذا بلغه كتاب الله –تعالى- وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- وعلم معنى ذلك في أي شيء كان أن يعمل به ولو خالفه من خالفه، فبذلك أمرنا ربنا –تبارك وتعالى- وأمرنا نبينا –صلى الله عليه وسلم- ثم يتخوف الإمام أحمد على من صحت عنده سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ثم خالف شيئاً منها أن يزيغ قلبه فيهلك في الدنيا والآخرة، ويستشهد بالآية المذكورة، ومثلها في القرآن كثير كقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5]. مناسبة ذكر ذلك في الباب: التحذير من تقليد العلماء من غير دليل، وترك العمل بالكتاب والسنة أن ذلك شرك في الطاعة. ما يستفاد من الأثر: 1- تحريم التقليد على من يعرف الدليل وكيفية الاستدلال. 2- جواز التقليد لمن لا يعرف الدليل؛ بأن يقلد من يثق بعلمه ودينه من أهل العلم. عن عدي بن حاتم –رضي الله عنه- أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} [التوبة: 31]، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟" فقلت: بلى. قال "فتلك: عبادتهم""1". رواه أحمد والترمذي وحسَّنه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: عدي: هو عدي بن حاتم الطائي، صحابي شهير حسن الإسلام، مات سنة 68هـ وله 120 سنة –رضي الله عنه-. اتخذوا: جعلوا. أحبارهم: علماء اليهود. ورهبانهم: عباد النصارى. أرباباً من دون الله: حيث اتبعوهم في تحليل ما حرّم الله وتحريم ما أحلّ. لسنا نعبدهم: ظن أن العبادة يراد بها التقرب إليهم بالسجود ونحوه فقط. أليس يحرمون... إلخ: بيانٌ لمعنى اتخاذهم أرباباً. المعنى الإجمالي: حينما سمع هذا الصحابي الجليل تلاوة الرسول –صلى الله عليه وسلم- لهذه الآية التي فيها الإخبار عن اليهود والنصارى: بأنهم جعلوا علماءهم وعبّادهم آلهة لهم يشرعون لهم ما يخالف تشريع الله فيطيعونهم في ذلك، استشكل معناها، لأن يظن أن العبادة مقصورة على السجود ونحوه. فبين له الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن من عبادة الأحبار والرهبان: طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام، خلاف حكم الله –تعالى- ورسوله –صلى الله عليه وسلم-. مناسبة الحديث للباب: أن طاعة المخلوق في معصية الله عبادة له من دون الله، لا سيّما في تشريع الأحكام، وسنّ القوانين المخالفة لحكم الله. ما يستفاد من الحديث: 1- أن طاعة العلماء وغيرهم من المخلوقين في تغيير أحكام الله –إذا كان المطيع يعرف مخالفتهم لشرع الله- شركٌ أكبر. 2- أن التحليل والتحريم حقٌّ لله تعالى. 3- بيان لنوع من أنواع الشرك وهو شرك الطاعة. 4- مشروعية تعليم الجاهل. 5- أن معنى العبادة واسعٌ يشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه الترمذي برقم "3104" وذكره ابن كثير في تفسيره "2/458" وعزاه إلى أحمد والترمذي وابن جرير. وقال الترمذي: هذا حديث غريب. يتبع باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا...} الآيات. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 53 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 54 | |||
|
![]() باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات وقول الله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد: 30]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لما كان التوحيد ثلاثة أنواع: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وكان الإيمان بالله لا يحصل إلا بتحقق هذه الثلاثة؛ نبه المصنف بهذا الباب على هذا النوع؛ ليبين حكم من جحده. باب من جحد... إلخ: أي: أنه يكفر بذلك. وهم: أي: كفار قريش. يكفرون بالرحمن: أي: يجحدون هذا الاسم، مع إيمانهم بالله، فالرحمن اسمٌ من أسماء الله، والرحمة صفةٌ من صفاته. قل: يا محمد رداً عليهم في كفرهم بالرحمن. هو ربي: أي: الرحمن عز وجل ربي وإن كفرتم به. لا إله إلا هو: أي: لا معبود بحق سواه. عليه: لا على غيره. توكلت: فوضت أموري كلها إليه واعتمدت عليه. وإليه متاب: مرجعي وتوبتي. المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه وتعالى ينكر على مشركي قريش جحودهم لاسمه الرحمن، ويأمر رسوله محمداً –صلى الله عليه وسلم- أن يرد عليهم هذا الجحود ويعلن إيمانه بربه وأسمائه وصفاته، وأنه سبحانه هو الذي يستحق العبادة وحده، ويتوكل عليه ويُرجع إليه في جميع الأمور ويُتاب إليه من الذنوب. مناسبة الآية للباب: أن جحود شيء من أسماء الله وصفاته كفر. ما يستفاد من الآية: 1- أن جحود شيء من الأسماء والصفات كفر. 2- وجوب الإيمان بأسماء الله وصفاته. 3- وجوب التوكل على الله والتوبة إليه. 4- وجوب إخلاص العبادة لله. وفي صحيح البخاري: قال علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صحيح البخاري: أي الكتاب الذي جمع فيه البخاري الأحاديث الصحيحة. والبخاري هو الإمام محمد بن إسماعيل البخاري نسبة إلى بخارى بلدة في المشرق. وكتابه أصح كتاب بعد كتاب الله. المعنى الإجمالي للأثر: يرشد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- إلى أنه لا ينبغي أن يحدث عامة الناس إلا بما هو معروف ينفع الناس في أصل دينهم وأحكامه من التوحيد وبيان الحلال والحرام ويُترك ما يشغل عن ذلك؛ مما لا حاجة إليه أو كان مما قد يؤدي إلى رد الحق وعدم قبوله مما يشتبه عليهم فهمه، ويصعب عليهم إدراكه؛ وقد قال ذلك حينما كثر القصاص أي: الوعاظ في خلافته. مناسبة الأثر للباب: يأتي بيانها بعد ذكر الأثر الذي بعده. ما يستفاد من الأثر: أنه إذا خشي ضررٌ من تحديث الناس ببعض ما لا يفهمون؛ فلا ينبغي تحديثهم بذلك وإن كان حقاً. * * * "1" أخرجه البخاري برقم "127". وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس: "أنه رأى رجلاً انتفض لما سمع حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في الصفات؛ استنكاراً لذلك فقال: ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه" انتهى. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: 1- عبد الرزاق هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني الإمام الحافظ صاحب المصنفات مات سنة 211هـ رحمه الله. 2- معمر هو: أبو عروة معمر بن راشد الأزدي البصري ثقة ثبت مات سنة 154هـ رحمه الله. 3- ابن طاووس هو: عبد الله بن طاووس اليماني ثقة فاضل عابد مات سنة 132هـ رحمه الله. انتفض: أي: ارتعد. فقال: أي: ابن عباس. ما: استفهامية. فرق: بفتح الفاء والراء أي: خوف. هؤلاء: يشير إلى أناس يحضرون مجلسه من عامة الناس. رقة: ليناً وقبولاً. محكمه: ما وضح معناه فلم يلتبس على أحد. متشابهه: ما اشتبه عليهم فهمه. المعنى الإجمالي للأثر: ينكر ابن عباس –رضي الله عنهما- على أناس ممن يحضر مجلسه من عامة الناس يحصل منهم خوفٌ عندما يسمعون شيئاً من أحاديث الصفات ويرتعدون استنكاراً لذلك، فلم يحصل منهم الإيمان الواجب بما صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عرفوا معناه من القرآن وهو حق لا يرتاب فيه مؤمن، وبعضهم يحمله على غير معناه الذي أراده الله فيهلك بذلك. مناسبة الأثر للباب: بعدما ذكر المؤلف أثر عليّ –رضي الله عنه- الذي يدل على أنه لا ينبغي تحديث الناس بما لا يعرفون، ذكر هذا الأثر الذي يدل على أن نصوص الصفات ليست مما نهى عن التحديث به؛ بل ينبغي ذكرها وإعلانها؛ فليس استنكار بعض الناس لها بمعناه من ذكرها، فما زال العلماء قديماً وحديثاً يقرأون آيات الصفات وأحاديثها بحضرة العوام والخواص. ما يستفاد من الأثر: 1- أنه لا مانع من ذكر آيات الصفات وأحاديثها بحضرة عوام الناس وخواصهم من باب التعليم. 2- أن من رد شيئاً من نصوص الصفات أو استنكره بعد صحته فهو من الهالكين. 3- الإنكار على من استنكر شيئاً من نصوص الصفات. ولما سمعت قريشٌ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يذكر الرحمن، أنكروا ذلك، فأنزل الله: {... وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ...}. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعنى الإجمالي للأثر: يذكر الرحمن: يعني حين كتب: "بسم الله الرحمن الرحيم" في صلح الحديبية فقالوا: أما الرحمن، فلا نعرفه، ولا ندري ما الرحمن، ولا نكتب إلا: باسمك اللهم"1" فيكون هذا هو سبب نزول الآية، وقيل: قالوا ذلك حينما سمعوا الرسول –صلى الله عليه وسلم- يدعو في سجوده ويقول: "يا رحمن يا رحيم" فقالوا: هذا يزعم أنه يدعو واحداً وهو يدعو اثنين: الرحمن، الرحيم وهذا سبب آخر لنزول الآية ولا مانع أن تنزل الآية لسببين أو أكثر. وتقدمت هذه الآية وما يتعلق بها في أول الباب. ما يستفاد من الأثر: 1- ثبوت الأسماء والصفات لله عز وجل. 2- أن تعدد الأسماء لا يدل على تعدد المسمى. 3- مشروعية دعاء الله بأسمائه وصفاته. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "2731، 2732". يتبع باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا} الآية. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 55 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 56 | |||
|
![]() باب قول الله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22]. قال ابن عباس في الآية: "الأنداد هو: الشرك؛ أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا، لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار، لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلاناً؛ هذا كله به شرك". رواه ابن أبي حاتم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أنه لما كان من تحقيق التوحيد الاحتراز من الشرك بالله في الألفاظ، وإن لم يقصده المتكلم بقلبه؛ نبه المؤلف –رحمه الله- بهذا الباب على ذلك وبيّن بعض هذه الألفاظ لتجتنب هي وما ماثلها. فلا تجعلوا لله أنداداً: أي: أشباهاً ونظراء تصرفون لهم العبادة أو شيئاً منها. وأنتم تعلمون: أنه ربكم لا يرزقكم غيره ولا يستحق العبادة سواه. في الآية: أي: في تفسير الآية. دبيب النمل: مشيه. على صفاة: الصفا: الحجر الأملس. كليبة: تصغير كلبة وهي هنا: التي تُتخذ لحفظ المواشي وغيرها. اللصوص: جمع لصّ وهم: السراق. البطّ: جمع بطّة وهي: من طيور الماء تُتخذ في البيوت، فإذا دخلها غيرُ أهلها استنكرته وصاحت. لا تجعل فيها فلاناً: أي: لا تجعله في مقالتك فتقول: لولا الله وفلان، بل قل: لولا الله وحده. هذا كله به شرك. أي: هذه الألفاظ المذكورة وما شابهها شرك بالله أي: شرك أصغر. المعنى الإجمالي للآية: أن الله –تبارك وتعالى- ينهى الناس أن يتخذوا له أمثالاً ونظراء يصرفون لهم شيئاً من عبادته؛ وهم يعلمون أن الله وحده الخالق الرازق؛ وأن هذه الأنداد عاجزة فقيرة ليس لها من الأمر شيء. وما ذكره ابن عباس أمثلة لاتخاذ الأنداد؛ لأن لفظ الآية يشملها وإن كانت شركاً أصغر والآية نازلة في الشرك الأكبر؛ فالسلف يستدلون بما نزل في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر. ما يستفاد من الآية: 1- التحذير من الشرك في العبادة. 2- أن المشركين مقرون بتوحيد الربوبية. 3- أن الشرك الأصغر خفيّ جداً وقلّ من يتنبه له. 4- وجوب تجنب الألفاظ الشركية ولو لم يقصدها الإنسان بقلبه. وعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك""1" رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن عمر: صوابه عن ابن عمر. من حلف: الحلف: اليمين، وهي توكيد الحكم بذكر معظّم على وجهٍ مخصوص. بغير الله: أي: بأي مخلوق من المخلوقات. كفر أو أشرك: يحتمل أن يكون هذا شكاً من الراوي. ويحتمل أن تكون "أو" بمعنى الواو فيكون كفر وأشرك. والمراد الكفر والشرك الأصغران. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث خبراً معناه النهي: أن من أقسم بغير الله من المخلوقات فقد اتخذ ذلك المحلوف به شريكاً لله وكفر بالله؛ لأن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده، فلا يُحلف إلا به أو بصفة من صفاته. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على أنه من حلف بغير الله فقد اتخذ المحلوف به نداً لله. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه الترمذي برقم "1535" وأبو داود برقم "3251" والحاكم "4/297". ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم الحلف بغير الله وأنه شرك وكفر بالله. 2- أن التعظيم بالحلف حقّ لله سبحانه وتعالى فلا يحلف إلا به. 3- أن الحلف بغير الله لا تجب به كفّارة؛ لأنه لم يذكر فيه كفارة. وقال ابن مسعود: "لَأَن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لأن: اللام: لام الابتداء و"أن" مصدرية، والفعل بعدها منصوب في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء. أحب... إلخ: خبر المبتدأ. المعنى الإجمالي للأثر: يقول ابن مسعود –رضي الله عنه-: إقسامي بالله على شيء أنا كاذبٌ فيه أحب إلي من إقسامي بغير الله على شيءٌ أنا صادقٌ فيه؛ وإنما رجح الحلف بالله كاذباً على الحلف بغيره صادقاً؛ لأن الحلف بالله فيه هذه الحالة في حسنة التوحيد، وفيه سيئة التوحيد أعظم من حسنة الصدق. وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك. مناسبة الأثر للباب: أنه يدل على تحريم الحلف بغير الله. ما يستفاد من الأثر: 1- تحريم الحلف بغير الله. 2- أن الشرك الأصغر أعظم من كبائر الذنوب كالكذب، ونحوه من الكبائر. 3- جواز ارتكاب أقل الشرين ضرراً إذا كان لا بد من أحدهما. 4- دقة فقه ابن مسعود رضي الله عنه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" قال الهيثمي في مجمع الزوائد "4/177": رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. وعن حذيفة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان""1" رواه أبو داود بسند صحيح. وجاء عن إبراهيم النخعي: "أنه يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، ويجوِّز أن يقول: بالله ثم بك"، قال: "ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لا تقولوا: لا: ناهية والفعل بعدها مجزومٌ بها وعلامة جزمها حذف النون. ما شاء الله وشاء فلان: لأن العطف بالواو يقتضي الجمع والمساواة. ما شاء الله ثم شاء فلان: لأن العطف بثُمّ يقتضي الترتيب والتراخي. يكره: الكراهة في عُرف السلف يُراد بها التحريم. أعوذ: العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلق به. لولا: حرف امتناع لوجود، أي: امتناع شيء لوجود غيره. المعنى الإجمالي للحديث: ينهى –صلى الله عليه وسلم- أن يعطف اسم المخلوق على اسم الخالق بالواو بعد ذكر المشيئة ونحوها؛ لأن المعطوف بها يكون مساوياً للمعطوف عليه؛ لكونها إنما وُضعت لمطلق الجمع فلا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً؛ وتسوية المخلوق بالخالق شركٌ، ويُجوِّز –صلى الله عليه وسلم- عطف المخلوق على الخالق بثُمّ؛ لأن المعطوف بها يكون متراخياً عن المعطوف عليه بمهلة فلا محذور؛ لكونه صار تابعاً. والأثر المروي عن النخعي يفيد ما أفاده الحديث. ويختص هذا الحكم – وهو العوذ بالمخلوق – بالمخلوقين الأحياء الذين لهم قدرة، دون الأموات والعاجزين فلا يجوز أن يسند إليهم شيء. مناسبة الحديث والأثر للباب: أنهما يدلان على النهي عن قول: "ما شاء الله وشاء فلان" ونحو ذلك؛ لأنه من اتخاذ الأنداد لله الذي نهتْ عنه الآية التي في أول الباب على ما فسرها به ابن عباس. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم قول: "ما شاء الله وشئت"، وما أشبه ذلك من الألفاظ مما فيه العطف على الله بالواو؛ لأنه من اتخاذ الأنداد لله. 2- جواز قول: "ما شاء الله ثم شئت"، وما أشبه ذلك مما فيه العطف على الله بثُمَّ؛ لانتفاء المحذور فيه. 3- إثبات المشيئة لله، وإثبات المشيئة للعبد، وأنها تابعة لمشيئة الله تعالى. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أبو داود برقم "4980" وأحمد في المسند "5/384". يتبع باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 57 | |||
|
![]() باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تحلفوا بآبائكم من حلف بالله فليصدق، ومن حُلِف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله""1". رواه ابن ماجه بسند حسن. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن عدم الرضا بالحلف بالله ينافي كمال التوحيد؛ لدلالته على قلة تعظيم الرب جل جلاله. ما جاء فيمن... إلخ: أي: من الوعيد. الحلف: القسم. لا تحلفوا بآبائكم: نهيٌ عن القسم بالآباء؛ لأنه هو المعروف عندهم ولا مفهوم له؛ لتقدّم النهي عن القسم بغير الله مطلقاً. فليصدق: أي: وجوباً تعظيماً لليمين بالله، لأن الصدق واجب ولو لم يحلف بالله فكيف إذا حلف به!. فليرض: أي: وجوبا تعظيما لليمين بالله. وهذا عام الصدق واجب ولو لم يحلف بالل فكيف إذا حلف به!. فليس من الله: هذا وعيدٌ، أي: فقد برئ الله منه. معنى الحديث إجمالاً: ينهى –صلى الله عليه وسلم- عن الحلف بالآباء؛ لأن الحلف تعظيمٌ للمحلوف به، والتعظيم حقٌّ لله سبحانه، ثم يأمر من حلف بالله أن يكون صادقاً فيما يحلف عليه؛ لأن الصدق مما أوجبه الله على عباده مطلقاً، فكيف إذا حلفوا بالله! ويأمر –صلى الله عليه وسلم- من حُلف له بالله في خصومة أو غيرها أن يرضى باليمين؛ لأن ذلك من تعظيم الله، ثم يبين –صلى الله عليه وسلم- الوعيد الشديد في حق من لم يرض بالحلف بالله؛ لأن ذلك يدل على عدم تعظيمه لله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه الوعيد الشديد في حق من لم يقنع بالحلف بالله. ما يستفاد من الحديث: 1- الوعيد الشديد في حق من لم يقنع بالحلف بالله. 2- وجوب الصدق في اليمين. 3- تحريم الكذب في اليمين. 4- حسن الظن بالمسلم ما لم يتبين خلافه. 5- وجوب تصديق من حلف بالله إذا كان من أهل الإيمان. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه ابن ماجه برقم "2101". يتبع باب قول: ما شاء الله وشئت |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 58 | |||
|
![]() باب قول: ما شاء الله وشئت عن قُتَيلَة: أن يهودياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: إنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء ثم شئت""1" رواه النسائي وصححه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن هذا الباب داخلٌ في باب قول الله تعالى: {... فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً...} وقد سبق بيان مناسبته. التراجم: قُتَيلة: بضمِّ القاف وفتح التاء مصغّراً بنت صيفي الجهنيّة صحابية رضي الله عنها. قول: ما شاء الله وشئت: أي: ما حكم التكلم بذلك هل يجوز أم لا؟ وإذا كان لا يجوز فهل هو شرك أو لا؟ تشركون: أي: الشرك الأصغر. ما شاء الله وشئت: وهذا في تشريكٌ في مشيئة الله. وتقولون: والكعبة: وهذا قسمٌ بغير الله. المعنى الإجمالي للحديث: ذكر هذا اليهودي للنبي –صلى الله عليه وسلم- أن بعض المسلمين يقع في الشرك الأصغر حينما تصدر منه هذه الألفاظ التي ذكرَها، فأقره النبي –صلى الله عليه وسلم- على اعتبارها من الشرك، وأرشد إلى استعمال اللفظ البعيد من الشرك بأن يحلفوا بالله، وأن يعطفوا مشيئة العبد على مشيئة الله بثُمَّ التي هي للترتيب والتراخي، لتكون مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيان أن قول: "ما شاء الله وشئت" شركٌ. ما يستفاد من الحديث: 1- أن قول ما شاء الله وشئت، والحلف بغير الله شرك، لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أقر اليهودي على اعتبارهما من الشرك. 2- معرفة اليهود بالشرك الأصغر. 3- فهم الإنسان إذا كان له هوى. 4- قبول الحق ممن جاء به وإن كان عدواً مخالفاً في الدين. 5- أن الشرك الأصغر لا يخرج من الملة. 6- الابتعاد عن الألفاظ المخلة بالعقيدة واستبدالها بالألفاظ البعيدة عن الشرك بالله. 7- أن العالم إذا نهى عن شيءٍ فإنه يبين البديل الذي يُغني عنه إذا أمكن. 8- أن النهي عن الشرك عامٌّ لا يصلح منه شيء حتى بالكعبة التي هي بيت الله في أرضه فكيف بغيرها؟! 9- إثبات المشيئة لله، وإثبات المشيئة للعبد، وأنها تابعة لمشيئة الله. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه النسائي "7/6" برقم "3773" وأحمد "6/371- 372"، والبيهقي "3/216"، والحاكم "4/297"، وصححه ووافقه الذهبي. وله أيضاً عن ابن عباس: أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم-: ما شاء الله وشئت. قال: "أ جعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وله: أي: النسائي. أجعلتني: استفهام إنكار. نداً: أي: شريكاً. المعنى الإجمالي للحديث: أنكر –صلى الله عليه وسلم- على من عطَف مشيئة الرسول على مشيئة الله بالواو؛ لما يقتضيه هذا العطف من التسوية بين الله وبين المخلوق، واعتبر هذا من اتخاذ الشريك لله، ثم أسند المشيئة إلى الله وحده. مناسبة الحديث للباب: أن قول: "ما شاء الله وشئت" وما أشبه هذا اللفظ من اتخاذ الند لله المنهي عنه بقوله: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22]. ما يستفاد من الحديث: 1- النهي عن قول: "ما شاء الله وشئت" وما أشبهه مما فيه عطفُ مشيئة العبد على مشيئة الله بالواو وما أشبه ذلك. 2- أن من سوّى العبد بالله ولو في الشرك الأصغر فقد اتخذه نداً لله. 3- إنكار المنكر. 4- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد حَمى حِمى التوحيد، وسدّ طرق الشرك. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة برقم "988" وأحمد في المسند "1/214، 283، 347". ولابن ماجه عن الطفيل أخي عائشة لأمها، قال: "رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود، فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: عُزَير ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، ثم مررت بنفر من النصارى، فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فقال: "هل أخبرت بها أحداً؟" قلت: نعم. قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد؛ فإن طفيلاً رأى رؤياً أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله وحده""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: الطفيل هو: الطفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخْبرة الأزديّ صحابيٌّ رضي الله عنه، وليس له إلا هذا الحديث. على نفر: النفر: رهط الإنسان وعشيرتُه اسم جمعٍ يقع على الرجال خاصّة. لأنتم القوم: أي: نِعم القوم أنتم. لولا أنكم تقولون عزيرٌ ابن الله: أي: لولا ما أنتم عليه من الشرك بنسبة الولد إلى الله؛ وهذا لأن عُزيراً كان يحفظ التوراة عن ظهر قلب، فقالوا فيه هذه المقالة وقيل لأنه نبي. تقولون ما شاء الله وشاء محمد: عارضوه بذكر شيءٍ مما في بضع المسلمين من الشرك الأصغر. تقولون المسيح: أي: عيسى ابن مريم عليه السلام. ابن الله: فتشركون بالله بنسبة الولد إليه. وإنما قالوا هذا في عيسى؛ لأنه من أمّ بلا أب. حمِد الله وأثنى عليه: الحمد هو: الثناء على الجميل الاختياري من الإنعام وغيرِه، والثناء هو: تكرار المحامد. كان يمنعني كذا وكذا: هو الحياء كما في الرواية الأخرى؛ لأنه حينذاك لم يؤمر بإنكارها. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر الطفيل –رضي الله عنه- أنه رأى في منامه أنه مرّ على جماعة من أهل الملّتين، فأنكر عليهم ما هم عليه من الشرك بالله بنسبة الولد إليه –تعالى الله عن ذلك- فعارضوه بذكر ما عليه بعض المسلمين من الشرك الأصغر الوارد في بعض ألفاظهم، وعندما أصبح قصَّ هذه الرؤيا على النبي –صلى الله عليه وسلم- فأعلنها الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأنكر على الناس التكلم بهذه الكلمة الشركية، وأمرهم أن يتلفّظوا باللفظ الخالص من الشرك. مناسبة الحديث للباب: أنه أفاد أن التلفظ بما شاء الله وشاء محمد وما أشبهها من الألفاظ شركٌ أصغر كما سبق. ما يستفاد من الحديث: 1- الاعتناء بالرؤيا وأنها سببٌ لتشريع بعض الأحكام وقتَ حياة الرسول –صلى الله عليه وسلم-. 2- أن قول: "ما شاء الله وشاء فلان" وما أشبه ذلك شركٌ أصغر. 3- معرفة اليهود والنصارى بالشرك الأصغر، مع ما هم عليه من الشرك الأكبر من أجل الطعن بالمسلمين. 4- تقديمُ حمد الله والثناء عليه في الخطَب، وقول: أما بعد، فيها. 5- استحباب قصر المشيئة على الله، وإن كان يجوز أن يقول: ما شاء الله ثم شاء فلان. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه ابن ماجه برقم "2118" وأحمد "5/393". يتبع باب من سب الدهر فقد آذى الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 59 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 60 | |||
|
![]() باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ أخنع اسم عند الله رجلٌ تسمَّى ملِك الأملاك، لا مالك إلا الله"، قال سفيان: مثل شاهان شاه. وفي رواية: "أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه""1". قوله: أخنع: يعني: أوضع. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: بيان أن التسمّي باسمٍ فيه مشاركةٌ لله في التعظيم شركٌ في الربوبية. التراجم: سفيان هو: سفيان بن عيينة بن ميمون الهلاليّ، ثقة حافظ فقيه، وُلد بالكوفة سنة 107هـ وسكن مكة ومات فيه سنة 198هـ رحمه الله. ونحوه: أي نحو قاضي القضاة مثل: حاكِم الحكام، وسلطان السلاطين، وسيد السادات. في الصحيح: أي: في الصحيحين. يسمَّى: مبني للمجهول: أي يُدعى بذلك ويرضى به وفي بعض الروايات: تَسمّى بالتاء أي: سمّى نفسه بذلك. الأملاك: جمع ملِك بكسر اللام. لا مالك إلا الله: هذا ردٌّ على من فعل ذلك بأنه وضع نفسه شريكاً لله فيما هو من خصائصه. شاهان شاهٍ: هو عبارة عند العجَم عن ملك الأملاك، وهذا تمثيلٌ لا حصر. وفي رواية: أي: لمسلم في صحيحه. أغيظ رجل: الغيظ: مثل الغضب والبغض، أي: أنه يكون بغيضاً إلى الله. وأخبثه: أي: أبطله، أي: يكون خبيثاً عند الله مغضوباً عليه. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن أوضع الناس عند الله عز وجل من تسمّى باسمٍ يحمل معنى العظمة والكبرياء التي لا تليق إلا بالله، كملك الملوك؛ لأن هذا فيه مضاهاةٌ لله، وصاحبُه يدّعي لنفسه أو يُدّعى له أنه ندٌّ لله؛ فلذلك صار المتسمِّي بهذا الاسم من أبغض الناس إلى الله وأخبثهم عنده. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على تحريم التمسي بقاضي القضاة ونحوه قياساً على تحريم التسَمِّي بملك الملوك الوارد ذمُّه والتحذير منه. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم التسمِّي بقاضي القضاة ونحوه. 2- وجوب احترام أسماء الله تعالى. 3- الحث على التواضع واختيار الأسماء المناسبة للمخلوق والألقاب المطابقة له. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "6205، 6206"، ومسلم برقم "2143". يتبع باب احترام أسماء الله وتغيير الاسم لأجل ذلك |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
�۞Җ۞Җ�ماذا, التوحيد, تعرف, ؟؟�Җ۞Җ۞� |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc