عودة رمضانيات - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الإبتدائي > قسم الأرشيف

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عودة رمضانيات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-07-17, 00:07   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










 


قديم 2014-07-17, 10:57   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تتمة لما جاء في مساهمة الأخت دعاء المحبوبة
ياصاحب الهم ان الهم منفرج ........ابشر بخير فان الفارج الله
اذا بليت فثق بالله وارض به.......ان الذي يكشف البلوىهوالله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
اليأس يقطع احيانا بصاحبه ...........لاتيأسن فان الفارج الله
ياصاحب الهم ان اهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
الله حسبك مماعذت منه به.........وأين امنع ممن حسبه الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة..........لاتجزعن فان الكافي الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج ......ابشر بخير فان الفارج الله
والله مالك غير الله من احد .......فحسبك الله في كل لك الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج......ابشر بخير فان الفارج الله
الحمدلله شكرا لاشريك له........ماسرع الخيرجدا حين يشاالله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج .....ابشر بخير فان الفارج الله
---------------------------------------










قديم 2014-07-17, 10:58   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تتمة لما جاء في مساهمة الأخت دعاء المحبوبة
ياصاحب الهم ان الهم منفرج ........ابشر بخير فان الفارج الله
اذا بليت فثق بالله وارض به.......ان الذي يكشف البلوىهوالله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
اليأس يقطع احيانا بصاحبه ...........لاتيأسن فان الفارج الله
ياصاحب الهم ان اهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
الله حسبك مماعذت منه به.........وأين امنع ممن حسبه الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج........ابشر بخير فان الفارج الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة..........لاتجزعن فان الكافي الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج ......ابشر بخير فان الفارج الله
والله مالك غير الله من احد .......فحسبك الله في كل لك الله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج......ابشر بخير فان الفارج الله
الحمدلله شكرا لاشريك له........ماسرع الخيرجدا حين يشاالله
ياصاحب الهم ان الهم منفرج .....ابشر بخير فان الفارج الله
---------------------------------------










قديم 2014-07-18, 16:16   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رُبّ دعوة غيّرت مجرى حياة.. اجتمعَ صيام مع فضل يوم الجمعة مع ساعة إجابة فارفع يديك لمن بيده الأمر وادع لنفسك وأهلك وأمتك..









قديم 2014-07-19, 09:24   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

https://im59.gulfup.com/SWHeTB.jpg










قديم 2014-07-19, 09:27   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2014-07-20, 09:00   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2014-07-21, 09:05   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ندوات تلفزيونية – قناة سوريا الفضائية – الايمان هو الخلق – الدرس (37-95) - مقومات التكليف : الشهوة ـ شهوة المال ـ التمويه في عالم الحيوان
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2006-09-18
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم وترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة من برنامجكم الإيمان هو الخلق .
ونستمر إن شاء الله في رحلتنا المديدة مع الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين في دمشق .
أهلاً وسهلاً سيدي الكريم .
بكم أستاذ علاء جزاكم الله خيراً .
الأستاذ علاء :
ملخَّصٌ تذكيريٌّ :
سيدي الكريم ، نحن في رحلة طويلة ، لكنها ممتعة ، هذه الرحلة التي تتحدث عن مقومات التكليف ، أن الله عز وجل استخلف الإنسان على هذه الأرض ، وحمله الأمانة ، وتحميل الأمانة للإنسان ، وهي أثقلُ شيء ، حيث ناءت بالجبال والسماوات والأرضون ، وحملها الإنسان ، كان في هذا التحميل ، وهذا التكليف مقومات ، وبدأنا في المقومات بالكون ، وأفردنا له الكثير ، والعقل ، ثم الفطرة ، ثم حططنا رحالنا عند الشهوة ، وتحدثنا بالتفصيل عن هذا المقوم من مقومات التكليف في أربع حلقات ، وربما نستغرق أكثر من ذلك في هذه المسألة ، تحدثنا عن الشهوة في اتجاهين ، الشهوة التي تتعلق بحب النساء ، الجنس ، والشهوة التي تتعلق بحب المال ، وتملك المال ، الله عز وجل يقول :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ﴾
( سورة آل عمران : 14)
إلى آخر الآية الكريمة .
إذاً : زين للناس الحبَّ ، إذاً : المحبة شيء من الفطرة التي أودعها الله في الإنسان .
الدكتور راتب :
في أصل خلق الإنسان .
الأستاذ علاء :
في أصل خلق الإنسان ، وتحدثنا أن الشهوة هي قوة كامنة ، هذه القوة إذا استطعنا أن نؤطرها ، وأن نُجريها في مجاريها الطبيعية ، وفي قنواتها الطبيعية كانت خلاّقة ، ودفعت بالإنسان ، وارتقت به ، و نمت الحياة ، وإذا انفجرت هذه القوة الدافعة خارج حجرة الانفجار النظامية التي كانت معدة للانفجار وللاستغلال أصبحت مهلكة .
تحدثنا سيدي الكريم عن الجنس ، ومررنا عليه بالتفصيل ، ثم تحدثنا في الحلقة السابقة عن المال، وقلت : إن المال قوام الحياة ، وهو محبب للنفس .
سيدي الكريم ، الله عز وجل أودع في نفوسنا حب المال ، والمال قوام الحياة ، وهو شيء يحب الإنسان أن يكون في مقدوره ، لكن كيف يستعمل هذا الحب ، وهذه الشهوة استعمالاً صالحا ؟
الدكتور راتب :
المال :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
1 – المال قوّةٌ حيادية :
أستاذ علاء ، أول فقرة أساسية في هذا اللقاء الطيب أن المال حيادي ، هو قوة كبيرة يمكن أن يوظف في الخير كما يمكن أن يوظف في الشر ، والشيء الذي يستخدم بطريقتين متعاكستين يسمى شيئاً حيادياً ، لذلك هذا المعنى الجليل تؤكده الآية الكريمة :
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ ﴾
( سورة الفجر : 15 )
فيقول هو :
﴿ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾
( سورة الفجر : 15 )
هذه مقولته ، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾
( سورة الفجر )
2 – المال يعطيه الله لمَن يحب ولمن لا يحب :
أستاذ علاء ، كلمة
( لا )
شيء ، وكلمةُ
( كلا )
شيء آخر ، لو أني سألت أخاً كريماً : هل تناولت طعام الفطور ؟ يقول : لا ، أما لو سألته ـ لا سمح الله ـ هل أنت سارق ؟ لا يقول : لا ، يقول : كلا ، لأن كلا أداة ردع وزجر ونفي ، فلذلك الله عز وجل يرد على مقولة الإنسان الواهمة أن كل إنسان أعطاه الله مالاً يتوهم الإنسان أن الله يحبه ، وقد يكون العكس ، لأن قارون أعطاه الله مالاً ، والشيء الذي يعطى لمن يحب ولمن لا يحب لا يعد مقياساً للمحبة ، مادام الله عز وجل قد أعطى سيدنا سليمان الملك ، وأعطى سيدنا عثمان بن عفان المال ، وأعطى سيدنا عبد الرحمن بن عوف المال الوفير ، وأعطى قارون المال الوفير ، مادام الشيء الواحد إذا أعطي لطرفين متعاكسين لا يمكن أن يكون قيمة موجهة في اتجاه خاص .
الأستاذ علاء :
سيدي الكريم ، أفهم من كلامك بأن المال لا يحمل قيمة كامنة توجه الإنسان باتجاه اليمين أو اليسار ، الخير أو الشر ، وإنما الإنسان هو الذي يوجِّهه .
الدكتور راتب :
3 – المال مادةُ امتحانٍ وابتلاءٍ :
لكنها حيادية ، يمكن أن ترقى بالإنسان إلى أعلى عليين ، ويمكن أن تهبط بالإنسان إلى أسفل سافلين ، ووقفنا عند الآية وقفة متأنية :
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ ﴾
( سورة الفجر : 15 )
وحيثما وردت كلمة
( الإنسان )
في القرآن الكريم فهي تعني الإنسان قبل أن يعرف الله في أصل فطرته ، قال تعالى :
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ ﴾
( سورة الفجر : 15 )
الابتلاء هو الامتحان ، والله عز وجل يقول :
﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾
( سورة المؤمنون)
الأصل أن الحياة الدنيا ابتلاء ، قال تعالى :
﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
( سورة هود : 7)
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ ﴾
( سورة الفجر : 15 )
أي امتحنه بالمال ، قد ينجح ، وقد يرسب ، وقد يرقى بالمال إلى أعلى عليين ، وقد يسقط به إلى أسفل سافلين ، قال تعالى :
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ ﴾
( سورة الفجر :15 )
على الشبكية أكرمه ببيت فخم ، مركبة فارهة ، زوجة جميلة ، دخل فلكي ، سفر ، رحلات ، تصدر في المجالس ، قال تعالى :
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ ﴾
( سورة الفجر :15 )
هو يتوهم أن الله يحبه فيقول :
﴿ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾
[ سورة الفجر ]
بالمقابل الإنسان ضعيف الإيمان الذي لم تتضح رؤيته بعد حينما يحرم من المال يظن أنه مهان عند الله ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :
(( كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))
[ الترمذي عن أنس ]
﴿ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾
( سورة الفجر )
الرد الإلهي : كلا يا عبادي ، ليس عطائي إكراماً ومحبة ، وليس منعي إهانة وازدراءً ، إن عطائي ابتلاء ، وحرماني دواء ، عطائي ابتلاء لهذا الإنسان ، فقد يرقى بالمال إلى أعلى عليين ، وقد يسقط بالمال إلى أسفل سافلين .
هذا الذي أوتي مالاً وفيراً ـ والله أستاذ علاء ـ أمامه من فرص العمل الصالح التي يرقى بها عند الناس وعند الله ما لا يوصف ، بالمال بإمكانك أن تؤسس مياتم ، مدارس ، معاهد ، مستشفيات ، أن تزوج الشباب ، أن تحل مشكلات الملايين ، أن تكون محبتك في قلوب جميع الخلق ، بإمكانك بالمال أن ترقى به إلى أعلى عليين .
إنفاق المال تطهير للغني والفقير :
حينما قال الله عز وجل :

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾
( سورة التوبة : 103)
تؤكد صدقهم في محبة الله .
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾
( سورة التوبة : 103)
تطهر الغني من الشح ، تطهر الفقير من الحقد ، تطهر المال من تعلق حق الغير به .
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾
( سورة التوبة : 103)
تزكو نفس الغني حينما يرى عمله قد ملأ القلوب محبة له ، وقد مسح الدموع من عيون الأطفال ، وقد حل مشكلات بعض الناس محبته في قلب الناس جميعاً ، يشعر بقيمته في الحياة ، يشعر أنه إنسان أدى دوراً إيجابياً ، كان في مستوى المهمة التي أوكله الله إياها .
إذاً : الغني تنمو نفسه حينما يرى آثار عمله ، ويكون من حوله حراساً له ، وليس يتوهم أنهم سينقضون عليه ، فرق كبير بين المحسن الذي كل من حوله حراس له ، وبين المسيء الأناني الذي يعيش لذاته ، ولا يعبأ بآلام البشر ، هؤلاء يظن الغني أنهم يتربصون به ، وبين أن يكون مطمئناً ، وبين أن تعيش قلقاً ، فلذلك الغني تنمو نفسه ، والفقير حينما يرى أن المجتمع مهتم به مهتم بصحته ، مهتم بمعيشته بأولاده بمسكنه .
الأستاذ علاء :
يتبرأ من الحقد .
الدكتور راتب :
الإنفاق سياسةُ تماسُكِ المجتمعِ :
وفي النهاية ، ولننتقل إلى موضع آخر ، يتماسك المجتمع ، وإذا تماسك المجتمع كان سداً منيعاً لا يخترق .
وقد يحسن أن ننتقل نقلة لطيفة من موضوع ديني إلى موضوع سياسي ، كيف ؟ عَنْ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ))
[ البخاري ]
كيف ؟ هذا الفقير إذا أطعمته إذا كان جائعاً ، إن كسوه إن كان عارياً ، إن آويته إن كان مشرداً ، إن علمته إن كان جاهلاً ، إن عالجته إن كان مريضاً ، إن أنصفته إن كان مظلوماً ، هذا الضعيف بإمكانك أن تسحقه ، أو أن تهمله ، أو لا تعبأ به ، ولكن حينما تهتم به ابتغاء وجه الله كي يرضى الله ، يكافئ الله الأمة التي تعتني بضعفائها بأن ينصرها على من هو أقوى منها ، أنت إذا نصرت مَن هو أضعف منك كافأك الله بأن ينصرك الله على مَن هو أقوى منك ، لذلك قال تعالى :
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾
( سورة التوبة : 103)
تؤكد صدقهم ، تطهرهم ، تطهر الغني من الشح ، والشح مرض خطير ، وكأنه على مستوى الجسم ورم خبيث ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
( سورة الحشر)
تطهر الفقير من الحقد ، تطهر المال من تعلق حق الغير به ، وتزكيهم ، تزكي نفس الغني حينما يشعر أنه في قلوب مَن حوله ، تزكي نفس الفقير حينما يشعر أن مجتمعه مهتم به ، تزكي المال ، المال يزداد بطريقتين ، بطريقة القانون الاقتصادي : أنك إذا أعطيت الفقير مالاً أصبح بيده قوة شرائية ، اشترى بها مِن عند الغني مرة ثانية ، فأحياناً الدول القوية والغنية تساعد الدول الضعيفة من أجل أن ترفع قوة شرائها منهم .
الأستاذ علاء :
وتعمل على رفع الدخل عند أفرادها لكي يكون القوة الشرائية لديهم بمستوى بضاعتهم وما ينتجون .
الدكتور راتب :
نموُّ المال وعلاقته بالعناية الإلهية :
شيء آخر ، أن المال أحياناً ينمو بطريقة لا نعرفها أنا أسميها العناية الإلهية ، أنت حينما تعطي من مالك يخضعك الله عز وجل لقانون آخر غير القانون المعروف عند الناس ، يحفظ لك مالك ، ينمي لك مالك .
إذاً : قضية المال حيادي ، إما أن يوظف بالخير ، أو أن يوظف في الشر ، أنا أعجب من هؤلاء الموسرين ، بإمكانهم أن يكونوا في أعلى عليين ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( لَا حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ ، وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ))
[ البخاري ومسلم ]
كلا يا عبادي ، ليس عطائي إكراماً كما تتوهمون ، عطائي ابتلاء ، المال قيمة موقوفة على طريقة إنفاقه .
الأستاذ علاء :
أو طريقة الاستخدام .
إذاً : أعود سيدي إلى مسألة .
الدكتور راتب :
أحياناً سكين تقطع بها الخضار والفواكه ، وقد يذبح بها إنسان ، السكين حيادية موقوفة على طريقة استخدامها .
الأستاذ علاء :
أعود إلى مسألة التطهر والتزكية ، وهي بمنزلة إعادة المناعة للجسد وللروح ، وبالتالي يستطيع هذا الجسد الذي هو مثال للأمة كما تفضلت التي تترابط كالبنيان المرصوص ، ليعيد المناعة إلى الجسد والروح ، أي على المجتمع بترابطه ، بتزكيته ، بانتفاء الحقد من بين ضلوع أبنائه ، وبالتالي يصبح هذا الجسد في مناعة تأبى الأمراض والأدواء ، وكل ما يصيب الجسد ، وكذلك الروح ، لذلك ننصر بالضعفاء ، والله عز وجل ينصرنا على أعدائنا بضعفائنا إن التفتنا إليهم .
نعود إلى المسألة التي تفضلت بأن المال حيادي ، وكل ما قدمت لنصل إلى مسألة هامة المال حيادي يوظف في الخير ويوظف في الشر .
الدكتور راتب :
الدنيا دار ابتلاء مؤقتة :
لكن لا بد تعقيب ، هو أن هذه الدنيا دار ابتلاء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، لأنه مؤقت ، ولم يحزن لشقاء ، لأنه مؤقت ، قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي ، الآن الحظوظ والمال موزعة في الدنيا توزيع ابتلاء ، وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء ، وفرق كبير بين الابتلاء والجزاء ، الابتلاء موقوف على طريقة إنفاقه ، أما الجزاء فأبدي ...
الأستاذ علاء :
لماذا يظن الإنسان بأن الحظوظ هي كما تفضلت جزاء في الدنيا ؟
الدكتور راتب :
أوهام بسبب ضيقِ الأفق :
لضيق أفقه ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾
( سورة الأعراف)
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾
( سورة الأنفال : 36)
لكن أستاذ علاء ، لو أن الإنسان عاش ستين عامًا ، وكان غنياً ، ولم ينجح في امتحان الغنى ، فتكبر ، واستعلى ، ونسي من حوله من الفقراء ، وقال : أنا قوي ، أنا غني ، الدراهم مراهم ، وهكذا ، وإنسان عاش ستين عاماً ، وكان فقيراً ، فنجح في امتحان الفقر ، تجمل وصبر ، وسعى جهده لرفع دخله ، فإذا لم يستطع قنع بما آتاه الله ، الآن تنتهي الستون عاما ، هناك الأبد ، فالذي نجح في امتحان الفقر ملِك الأبد ، والذي رسب في امتحان الغنى مصيره إلى النار ، فلذلك البطولة ليس ما في الدنيا ، هذا المعنى أشار إليه الإمام علي رضي الله عنه قال : << الغنى والفقر بعد العرض على الله >> ، فلا يسمى الغني غنياً في الدنيا ، ولا الفقير فقيراً ، الغنى والفقر بعد العرض على الله ، لذلك قضية الامتحان ، المال امتحان ، فإما أن يرقى بك إلى أعلى عليين ، وقد تنافس به كبار الدعاة وكبار العلماء ، لأن العلم قوة ، والمال قوة ، يوظف في الخير كما يوظف في الشر .
أستاذ علاء ، ما دمنا في هذا الموضوع لا بد من ملاحظة ، الإنسان في الأصل مخير ، وحينما نتوهم أنه مسير فقد ألغينا الأمانة ، ألغينا التكليف ، ألغينا كل هذه الندوات ، الإيمان هو الخلق ، ألغينا الثواب ، ألغينا العقاب ، ألغينا الجنة ، ألغينا النار ، أنت حينما تتوهم أن الإنسان مسير فقد ألغي كل شيء .
الأستاذ علاء :
كنت أتمنى أن نستمر في هذا الموضوع ، لكن وقت الفقرة العلمية حان ، وإن شاء الله نستمر في هذا في لقاء قادم إنشاء الله ، ماذا اخترت لنا سيدي في الفقرة العلمية ؟
الدكتور راتب :





الموضوع العلمي : ظاهرةُ التمويه عند الحيوانات :

1 – التخطيطات العسكرية الدفاعية والهجومية عند الحيوانات :
إنه موضوع في التمويه لا يصدق ، إن الله عز وجل خلق كل نوع من الكائنات الحية في الطبيعة بخصائص تميزه عن غيره ، فبحسب البيئة التي يعيش فيها يستخدم كل كائن هذه الخصائص الفطرية لحماية نفسه ، أو للتربص بفريسته ، فبعض الكائنات يخفي نفسه بتقنية تمويه عالية جداً ، وبعضها يتصنع ويمثل ، وبعضها يسلك التكتيك الذكي ، هذه السمكة نفخت نفسها فلم تستطع السمكة الأخرى أن تلتهمها .
أيها الإخوة المشاهدون ، تتابعون في هذا الفيلم الخصائص الخارقة للكائنات الحية ، وسوف نرى نماذج من خلق الله تعالى في الطبيعة ، التمويه واحد من عناصر الفن العسكري الذي لا يمكن الاستغناء عنه ، فالقدرة على التخفي عن أعين العدو ، والقدرة على الإخفاء في أثناء هجوم العدو مهمان إلى أقصى الدرجات ، العجيب من هذا الأسلوب المسمى بالتمويه ، والذي يستلزم تحضيراً مفصلاً أنه ليس محصوراً لدى الناس العقلاء ، بل هو مستخدم أيضاً من قِبَل الحيوانات العجماوات ، الحيوانات المموِّهة خلقت متناسقة تماماً مع البيئة التي وجدت فيها ، ووضعت تحت حماية خاصة بألوانها ونقوشها ، وبنية أجسامها ، حتى إن أجسام بعض الكائنات متناسقة مع بيئتها إلى حد يصعب تميزها عن النباتات المحيطة بها ، أفعى مع غصن كأنها غصن تماماً .
الإنسان بعقله يستخدم التمويه ، لكن الحيوان لا يملك عقلاً ، ولا يعرف ما الذي يحميه ، قال تعالى :
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾
( سورة طه )
2 – هداية الله العامةُ لجميع مخلوقاته :
هداه إلى مصالحه ، الحقيقة أن في هذه المشاهد آيات باهرات دالة على عظمة الله عز وجل ، بعض العنكبوت بنفس لون الزهرة كما رأينا قبل قليل ، وبعض الوحوش بلون النباتات المحيطة بها ، وبعض الفهود والأسود كلها تعيش أجواء البيئة التي هي فيها ، فكأنها جزء من النبات التي هي خلفه ، وهذا شيء عظيم جداً ، ويأخذ بالألباب ، كأن الله سبحانه وتعالى تولى هداية الكائنات إلى مصالحها ، هذه هداية الله العامة لكل الخلق ، كل مخلوق مهيأ ليواجه الأخطار المحدقة به ، كل مخلوق مهيأ كي يتلاءم مع البيئة التي خلق فيها ، من أكبر الوحوش إلى أصغر الوحوش إلى الفراشات إلى الكائنات الدقيقة جداً كلها آتاها الله نوعاً من التمويه كي تنجو من عدوها وكي تصل إلى غذائها .
3 – ظاهرة التمويه عند الطائر في أجواء الشتاء والثلوج :
الحقيقة أن المشاهد التي سوف نراها هي في الغابات ، لكن كيف أن هذا النمر ألوانه متناسقة مع البيئة التي يعيش فيها ، الآن سينقض على هذا الغزال ، على كل أحياناً تكون الأرض مجتمعاً كمجتمع الغاب كما نسمع ونرى كل يوم في الأخبار .
الآن تعيش في القطب كائنات عالية الكفاءة في التمويه ، تعيش قريباً من القطب في أبرد مناطق العالم كائنات ماهرة في فن التمويه ، بعد قليل نبحث عن قابلية الطائر الخارقة للتمويه الذي كان سبباً في بقائه في هذا الأقاليم ، الآن الموسم خريف ، المكان صخري ، تساقطت عليه الثلوج ، وطائران قطبيان مختفيان هنا ، هل بإمكان الإخوة المشاهدين رؤية هذين الطائرين ، هما كالبيئة تماماً ، يكاد من المستحيل التمييز بين الطائر والمكان الذي قبع فيه .
الحقيقة بوجود تمويه تام متقن في ريشهما يقلدان به الأرضية الطبيعية ، والآن لندقق أكثر طبقات الثلج ، هذه نسخة مطابقة لريش الطائر الأبيض ، والأرضية الترابية الظاهرة بين الثلوج أيضاً رسمت بعناية فائقة على ريش الطائر ، الأرضية ومظهر الطائر يكاد التمييز بينهما يكون مستحيلاً .
نحن الآن في الشتاء ، الموسم شتاء ، الثلج يغطي كل شيء ، يحصل تغير معجز في جسم الطائر القطبي ، يزول لون ريشه المشابه للأرض ، أما الريش الأسود الذي نراه في مقدمة رأسه فهو محيط بالعين ليحفظها من الإشعاعات العاكسة للثلج ، والتي قد تسبب العمى .
نحن أستاذ علاء ، قد لا نستطيع أن نمشي في الثلج من شدة الانبهار ، الآن الموسم ربيع ، بدأت الثلوج بالذوبان ، بين الثلوج الذائبة تخضر النباتات ، وأما ريش الطائر القطبي فيظهر ريش جديد بلون النباتات المخضرة ، له ريش في الثلج أبيض ، له ريش أخضر في الربيع .
4 – ظاهرة التمويه عند الطائر في أجواء الصيف :
الآن يدخل بعد قليل في موسم الصيف ، الموسم صيف ، غابت الثلوج تماماً ، واخضر الغطاء النباتي ، وأظهر الطائر القطبي تمويهاً فائقاً أيضاً ، إذا يلاحظ أن جسم الطائر تغيير لون ريشه تغيراً ثالثاً متناسقاً مع الفصل الذي هو فيه ، هذا من خلق الله عز وجل ، ومن عظمة آياته الدالة على وجوده ووحدانيته وكماله ، والطائر ليس عاقلاً ، كل مظاهر التمويه الخارقة تحتاج إلى تفسير طبعاً ، يستحيل على الطائر القطبي بالتأكيد تعيين لون ريشه بحسب وسطه الذي يعيش فيه ، فهو لا يملك ذلك العقل الذي يعرف به الفائدة التي يجنيها التمويه .
5 – رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى :
إذاً : فمن أعطى هذا الطائر قابلية التمويه الفائقة ؟ من يعرف احتياج الطائر إلى تمويه خاص بكل موسم ؟ من هذا الرسام الرائع الذي رسم على ريشه نقش البيئة ولونها ؟ هذه الأسئلة توصلنا إلى حقيقة واحدة ، هي أن هذا الطائر خلقه الله تعالى وقد وهبه الميزات التي هو عليها .
ومرة ثانية ، قال تعالى :
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾
[ سورة طه ]
والتفكر أسرع طريق ، وأقصر طريق لمعرفة الله ، وأوسع باب ندخل منه على الله ، لأن التفكر في خلق السماوات والأرض يضعنا أمام عظمة الله .
خاتمة وتوديع :
الحقيقة أننا كنا نتمنى أن يكون الوقت أكثر من ذلك لنستزيد من هذا العطاء الجميل ، ونحن في هذه الواحة الطيبة لا يسعنا أعزائي المشاهدين إلا أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق ، إنشاء الله نلتقي في الحلقة القادمة لنتم ما كنا قد بدأناه في موضوع المال من عناصر الشهوة التي هي مقوم من مقومات التكليف ، شكراً وإلى اللقاء .
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-21, 10:46   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
الرقم الصعب
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله
توكلت على الله
لا حول و لا قوة الابالله










قديم 2014-07-22, 09:46   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوعات إسلامية - موضوعات متفرقة - المحاضرة 038: ما يجري من أحداث في هذا العالم من منظور إسلامي .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-09-16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
في القرآن الكريم نماذج للأمم تتكرر و أوضح هذه النماذج قبيلة عاد :
أيها الأخوة المؤمنون: أحياناً ينشأ حدث خطير يُشد الناس إليه فإذا جاؤوا إلى المسجد ينتظرون أن يستمعوا إلى الحكم الشرعي، أو إلى وجهة نظر الدين إلى هذا الشيء، لذلك هذا الدرس سأخصصه للأحداث الكبيرة التي عمت الأرض في هذه الأيام.
أول شيء أتمنى أن يكون واضحاً لديكم أن الله جل جلاله لا يمكن أن يكون قرآنه كتاب تاريخ هو كتاب هداية، كتاب التاريخ ينبئك عن أقوام عاشوا وهلكوا وانتهى أمرهم لكن القرآن الكريم إذا أخبرك عن أقوام عاشوا وهلكوا هؤلاء الأقوام نموذج متكرر، الله قدم نموذجاً لذلك حينما تجد التفاصيل ضعيفة في القرآن الكريمة و قليلة، قال تعالى:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾
[ سورة الكهف: 83 ]
من هو؟ ما اسمه؟ في أي قرن عاش؟ في أي قارة عاش؟ هل هو الإسكندر المقدوني؟ حينما يغفل القرآن هذه التفصيلات ليشعرنا أن صاحب هذه القصة ليس معنياً، من المعني؟ النموذج التي تمثله هذه الشخصية. هذه قاعدة أساسية لا يمكن للقرآن الكريم أن يكون كتاب تاريخ لكن في القرآن الكريم نماذج بشرية، وفي القرآن الكريم نماذج للأمم تتكرر لعل من أوضح هذه النماذج قبيلة عاد، وحينما قال الله عز وجل:
﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى ﴾
[ سورة النجم: 50 ]
فكأن في هذه الآية إشارة أن هناك عاداً الثانية، عاد الأولى ما خصائصها الثابتة؟ دائماً في كل قرن، في كل عصر، في كل حقبة، نموذج كعاد الأولى يتكرر.
فعاد الأولى وصفها الله عز وجل بأنه لم يخلق مثلها في البلاد إطلاقاً، وقد يأتي آت من هذه البلاد ممتلئاً إعجاباً، الاقتصاد، الجامعات، المواصلات، الأبنية، النظام المحكم، العمل الناجح، التي لم يخلق مثلها في البلاد، أي هي متفوقة في شتى الميادين، هذه الصفة الأولى، تفوق في العلوم، تفوق في القوى العسكرية وفي الأبنية.
صفة ثانية أصحابها متكبرون متعجرفون، يقولون: من أشد منا قوةً؟ في تبجح، وغطرسة، وكبر، واستعلاء، وإحساس أنهم فوق الجميع، وأن مصالحهم فوق الجميع، وأن مصالحهم فوق مصالح الشعوب جميعاً، من أشد منا قوةً؟ ثم إنهم تفوقوا في العمران تفوقاً يفوق حدّ الخيال، قال تعالى:
﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾
[ سورة الشعراء: 128-129 ]
تفوق عمراني، وعندهم قوة عسكرية جبارة، قال تعالى:
﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾
[ سورة الشعراء: 130]
لم يخلق مثلها في البلاد، من أشد منا قوةً؟
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ* وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾
مستوى الذكاء عندهم مرتفع جداً لأنهم أخذوا أدمغة الشعوب، وقال تعالى:
﴿وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾
[ سورة العنكبوت: 38 ]
إظهار الله آياته للناس :
ثم يقول الله عز وجل:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾
[ سورة الفجر : 6-8]
﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾
[ سورة الفجر :9-12]
أحياناً لا تجد مكاناً في العالم إلا ويعرض أفلاماً مثيرة إلى درجة غير معقولة، إلى درجة أن الإنسان يفقد إنسانيته، في كل مكان في العالم من إنتاج مؤسسات للسينما هي القمة في العالم.
﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾
[ سورة الفجر :11-14]
عاد الأولى أي أن هناك عاداً الثانية، قال تعالى:
﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾
[ سورة الحاقة : 5-7]
وقد سلط الله عليهم الأعاصير، إعصار واحد كلف ثلاثين ملياراً، أرأيت إلى هذه الصفات؟ لكن أيها الأخوة مثل هؤلاء الأقوام لابد من أن يرتفعوا إلى درجة كبيرة جداً، ولابد من أن يظهر الله آياته، الذي هو جار في الحياة أن الله يقوي هذا الكافر، يقويه ويقويه ويتبجح ويستعلي ويتغطرس ويقول: أنا، يعيش وحده والناس جياع، يأكل وحده والناس جياع، يسكن وحده في أرقى البيوت والناس بلا مأوى، شيء غير معقول ثم يظهر الله آياته، حينما يقوى هذا الكافر يكاد ضعيف الإيمان يقول: أين الله؟ أين أنت يا الله؟ وحينما يظهر الله آياته يقول الكافر: لا إله إلا الله. الشيء الذي حصل بالخيال لا يقع، قال تعالى:
﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾
[ سورة الأنفال: 17]
اختلاف الناس في تفسير الأحداث :
لكن النقطة الدقيقة جداً أن الشيء إذا وقع لا أحد يشك في هذا الوقوع، الوقوع رآه رأي العين، لكن متى نختلف أو في أي موطن نختلف؟ نحن لا نختلف في وقوع هذا الحدث، الحدث سمع الناس به جميعاً، ومعظم الناس رأوه رأي العين، رأوه أثناء وقوعه، فالناس لا يختلفون في تصديق وقوعه أو عدم التصديق ولكنهم يختلفون في تحليله، وتفسيره.
كنت قد ضربت مثلاً أنه حينما تنشأ فرضاً حرب أهلية في بلد مجاور، هذه لها تفسيرات كثيرة ولنضرب على ذلك مثل ما جرى عند جيراننا، حرب أهلية دامت خمسة عشر عاماً أكلت الأخضر واليابس، ولم ينتصر في النهاية أحد، عادوا إلى ما كانوا عليه متعاونين متعايشين، هذا الحدث الذي دام خمسة عشر عاماً كيف يفسر؟ هناك تفسير دولي أن هذا البلد نما فيه المركز المالي نمواً كبيراً لدرجة أنه نافس مراكز أوربا فحطمه الأجانب، هذا تفسير دولي، يوجد تفسير عربي أن هذا البلد كان ساحة صراع عربية، وهناك تفسير طائفي أن هناك حرباً طائفية من عام ألف وثمانمئة وستين، ويوجد تفسير - كما يقال تفسير نسواني- حكمتها عين، أي تفسير ينبغي أن تأخذ ؟ التفسير القرآني، أنت كمؤمن لا تفسر إلا التفسير القرآني، قال تعالى:
﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
[ سورة النحل: 112]
أنا كمؤمن معي كتاب، معي وحي من الله، التفسير القرآني هو أصوب تفسير.
يوجد آية ثانية:
﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام:64- 65]
من فوقكم الصواعق والصواريخ، ومن تحت أرجلكم الزلازل والألغام، قديم وحديث، أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض، أرأيتم إلى هذا؟ هذا هو التفسير القرآني لما يجري.
توظيف الله عز وجل الشّر للخير المطلق :

نحن كما تكلمنا في درس الجمعة حينما تظن أن الذي وقع ليس بقضاء الله وقدره فهذا سوء ظن بالله، قال تعالى:
﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾
[ سورة آل عمران: 154]
وإذا أيقنت أن هذا الذي وقع وقع بقضاء الله وقدره ولكن لا حكمة فيه أيضاً أنت وقعت بسوء ظن بالله، ينبغي أن تعلم علم اليقين أن هذا الذي وقع وقع بأمر الله وقد سمح الله به، لكن بعضهم يقول: أيسمح الله بالشر؟ أيسمح الله بالقتل؟ الجواب: لا، لكن يوجد عندنا قاعدة أصولية أن الله أراد ولم يأمر، أراد ولم يرضَ، أليس هناك من يسرق؟ هل يستطيع إنسان أن يسرق إن لم يسمح الله له أن يسرق، يقول له: زل فيزول، يشله فجأةً، يموت فجأة، ما سرق السارق إلا وقد سمح الله له أن يسرق، لماذا سمح الله له أن يسرق؟ لأن الإنسان مخير في الأساس، بنيته بنية اختيار، هويته مخير.
أنت حينما تريد أن تعين موظفاً في صيدلية تمتحنه، تأتيه بأدوية تقول له: هذه أدوية منوعة ضع كلاً منها في مكانه الصحيح، هنا فيتامينات، هنا مضادات حيوية، هنا أدوية مسكنة، فإذا أمسك دواءً مسكناً ليضعه مع الفيتامينات لو منعته ما امتحنته، تسمح له أن يأخذ هذا الدواء ويضعه بمكان غير صحيح هذا معنى سمح، سمح ولم يأمر، سمح ولم يرضَ، فالشر المطلق لا وجود له في الكون بل إن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله، إما أن تؤمن بالله موجوداً واحداً كاملاً، وإما أن تؤمن أن في الكون شراً مطلقاً، أي الشر للشر، لكن الله جل جلاله يوظف الشر للخير المطلق.
قريبة لي أرادت أن تكون مدرّسةً، قدمت طلب طولبت بفحص صدر لها، ذهبت إلى مستشفى عام وفحصت صدرها، وفي اليوم التالي أخذت النتيجة أنها مصابة بمرض السل، بكت وبكت وبكت وانعزلت وأوت إلى غرفتها ولم تقابل أحداً وخاف أهلها أن تكون عدوى فامتنعوا عن معاملتها مباشرةً، صنعوا لها أدوات خاصة، وبعد أسبوعين أو ثلاثة أرادت أن ترجع إلى الله، وأن تتوب من ذنوبها، وأن تصلي، وأن تتحجب، وبعد أن تابت إلى الله واصطلحت معه ذهب أخوها إلى المستشفى ليستطلع ما الذي حدث، فإذا بالقائمين على المستشفى يخبرونه أن هذه النتيجة ليست لأختك لكنها بلغت خطأً، هي لإنسانة أخرى، هذا خطأ كبير بالمستشفى لكن ماذا فعل الله به؟ وظفه للخير المطلق، كانت توبتها عن طريق هذا الشيء.
سمعت عن مدرّسة ذهبت إلى السعودية هي تحمل ليسانس بالرياضيات، عينت في منطقة نائية، المديرة كلفتها أن تدرس التربية الإسلامية للقسم الثانوي، هذا ليس اختصاصها إطلاقاً، تفسير وحديث وشرح وعقيدة، قالت لها: هذا ليس اختصاصي أنا اختصاصي رياضيات، قالت لها: إن لم يعجبك هذا التدريس نستغني عن عقدك، فانصاعت، تقول هذه الأخت الكريمة: دخلت إلى الصف العاشر، والمادة تربية دينية والآيات من صورة النور متعلقة بالحجاب، قرأت فبكيت، القرآن له وهج، له نور. تخاطب نفسها كم كنت غافلة عن هذا القرآن في الدرس الأول قالت لطالباتها: اعذروني افعلوا ما شئتم وأمضت الساعة كلها تبكي على نفسها حينما قرأت هذه الآيات من صورة النور. فحمق المديرة كان سبب هدايتها.
تعلق إرادة الله بالحكمة المطلقة :
أول نقطة دقيقة: ليس في الكون شر مطلق، الشر المطلق لا وجود له في الكون بل إن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله هذا تمهيد، كل شيء وقع سمح الله به، وقد يكون الموقع غير حكيم، وقد يكون مخطئاً، وقد يكون مجرماً، لكن مادام الله سمح له أن يقع فهو خير، القاعدة لكل واقع حكمة، لذلك ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وانتهى الأمر، فالمؤمن مستسلم، ليتهم لم يفعلوا ذلك، أربكونا وأخافونا وعطلوا مصالح المسلمين، وأصبح كل مسلم مهدداً، وهناك حرب مدمرة ستأتي، لا تقل ذلك، قل: كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، لكن الشرح الدقيق لأن كل شيء متعلق بالخير المطلق وبالحكمة المطلقة الإنسان متى يكون غير حكيم؟ يكون غير حكيم إذا كان جاهلاً.
لي صديق اشترى سيارة حديثة يوجد مصباح أمامه تألق باللون الأحمر، وهو مصباح الزيت، هذا اللون خطير جداً يعني أن المحرك لا يوجد فيه زيت، فلو تابع السير احترق المحرك، ولو أضاف الزيت بثلاثمئة ليرة لنجا، احترق المحرك كلفه ثلاثين ألفاً، هو ظنه ضوءاً تزيينياً فتابع السير، ألم يرتكب حماقة كبيرة لماذا ارتكبها؟ لأنه يجهل حقيقة هذا المصباح.
مزارع عنده بيوت محمية اشترى سماداً ذواباً من أرقى مستوى، تعليمات المهندس الزراعي ضع لتراً في كل برميل، هو طموح يريد غلة مضاعفة فوضع ليترين في كل برميل فاسود المحصول كله، كل بيت بمئتي ألف، عنده ستة بيوت خسر مليون ومئتي ألف لأنه ضاعف الكمية أليست هذه حماقة؟ لماذا وقعت؟ لجهل المزارع.
أحياناً يأتي ضغط شديد تقول كلاماً لست قانعاً به كما يجري الآن في العالم كله، الكل ينافق، قد يأتي ضغط لا تستطيع أن ترده تقول كلاماً لست قانعاً به، من أين جاءت عدم الحكمة؟ من الضغط، وقد يكون إغراء شديد فتزل قدم الإنسان لأن الإغراء سيطر عليه، هل تصدق هذه الحالات الثلاث على الله عز وجل ممكن؟ مستحيل، إذاً أفعال الله متعلقة بالحكمة المطلقة، ذلك أن الله عز وجل هذا الذي وقع لو لم يقع لكان الله عز وجل ملوماً، لو أنه وقع على خلاف ما وقع لكان الله ملوماً، لو أن هذا الذي وقع لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، لذلك المؤمن برد وسلام، لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فالمؤمن مستسلم لكن كل أنواع الشر التي تبدو شراً لابد من أن تنتهي إلى الخير.
الله عز وجل ما أمرنا أن نعبده إلا بعد أن طمأننا :
كنت في مؤتمر وفي نهاية المؤتمر في حفل الختام جرت العادة أن ضيوف المؤتمر الذين يلقون المحاضرات يجلسون على منصة الخطابة مجتمعين، وكل واحد منهم يلقي كلمة لا تزيد عن دقيقة، محاضراته ساعات أما الآن فدقيقة، مندوب دولة مقهورة قال: والله لقد أصاب شعبي- يقصد الدولة التي هو منها- من الألم والذل والقهر والفقر والبؤس ما لم يصب به المسلمون في شتى أقطارهم في مئة عام وبكى، ثم قال: لكنهم ارتقوا في سلم الإيمان ما لم يرتقوا به في ثلاثمئة عام.
فما كان مني أن قلت: إن خطة الله استوعبت خطة هذه الدولة الماكرة. لا يوجد إلا الله، الإنسان يهدد، يتوعد، يقول: سأفعل، سأسحق، سأستأصل، سيكون انتقامي فعالاً ومستمراً وكاسحاً، قل ما شئت أنت عبد، هؤلاء العباد لهم رب، ولو أن الله أسلمهم لك لا يستحق أن نعبده، لو أن هؤلاء أسلمهم إلى إنسان حاقد قوي يفعل ما يريد لا يستحق الله أن نعبده، قال تعالى:
﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾
[ سورة هود: 123]
متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك، نحن في زمن صعب، في زمن هناك من يدعي الألوهية، هؤلاء الغربيون متألهون أي آتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب.
هناك طرفة وهي في الحقيقة طريفة جداً، لي أصدقاء دعاهم صديق لهم إلى مزرعة، فالمزرعة في مكان في جنوب دمشق، لها باب كبير وعليه قفل كبير، ولها حائطان، جاء المدعوون ومعهم طعامهم وفاكهتهم والبطيخ، لم يأتِ صاحب الدعوة فاضطروا أن يصعدوا على هذا السور العالي، وتمزقت ثيابهم وقعت البطيخة منهم فانكسرت، فلما نزلوا وجدوا أنه لا يوجد جدران مفاجأة كبيرة جداً كل هذا الباب والقفل لا يوجد جدران، طبعاً مفارقة حادة، هذا الدرع الصاروخي أين أصبح؟ أين الذي يتكلم عنه سنة؟ قال تعالى:
﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾
[ سورة الحشر: 2]
الحقيقة هناك من شاهد مشاهدات أعضاء الكونغرس، وجدوا علبة على الدرج تفرقوا وكأنهم أطفال من خوفهم، خوف في فرنسا وبريطانيا وبالشمال والجنوب من علبة، من ورقة، من تهديد، من اتصال هاتفي، خوف ملأ قلوب البشر في خمس قارات.
أيها الأخوة الكرام: يعنينا أن نعرف الله، يعنينا أن نفهم الأحداث فهماً قرآنياً صحيحاً، لأن هذه القوى الجبارة لو أنها استمرت جبارة هذا يتناقض مع وجود الله، يكون الله قد ألّهها، الناس قبل هذا الحدث لا يرون إلا هذه البلاد، هناك تفعل ما تريد، هم يؤلهونها، الله موجود، الله عز وجل موجود لا يتخلى عن المؤمنين وهذا محور درس البارحة، لا يمكن أن يتخلى عن المؤمنين، يقول لك: انتهى المسلمون في العالم، لا لم ينتهوا لكن رب ضارة نافعة.
المؤمن كريم رحيم :
أخواننا الكرام: لا تنسوا أن الآلام الشديدة التي ترافق الأمراض هي جزء من الشفاء، الآلام الشديدة التي ترافق الأمراض هي جزء من الشفاء، وأن الأمراض الخطيرة ليس لها آلام أبداً كالسرطان، ليس له آلام يتسلل تسللاً، فحينما يقسو الطرف الآخر و لا يكون منصفاً يكون جاحداً، لا يكون موضوعياً يكون متبلياً، لا يكون عادلاً يكون ظالماً، لا يستمع إلى نصيحة هذا ليس بإمكانه أن يفعل شيئاً:
﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
[ سورة الزمر: 62]
﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
[ سورة طه : 45-46]
إياك أن تتوهم أن الله يغفل، قال تعالى:
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 42]
أي ذاقوا ما يذوق العالم الثالث، وتألموا أشد مما يتألم العالم الثالث، والله لا نرضى أن يموت البريء، نحن إنسانيون، سيدنا صلاح الدين عندما فتح القدس لم يسفك دم إنسان واحد، امرأة جاءته ولقد فقدت ابنها وقف ولم يجلس حتى أعادوا لها ابنها، بينما الفرنجة عندما فتحوا القدس ذبحوا سبعين ألف إنسان مسلم في يوم واحد، المؤمن كريم، رحيم.
امتحان الله المسلمين في العالم كلّه :
الشيء التالي لا يمكن أن تؤمن بالله إلا إذا كفرت بالكفر، تقول: بلاد راقية، حقوق إنسان، مستوى راق، هذا كله كلام فارغ، هذا الإنسان البعيد عن الله قلبه كالحجر قاس، ألم تعلموا أن خمسمئة ألف طفل في العراق يموتون كل عام بسبب هذا الحصار؟ ما جرى بين العراق وإيران ذهب مليون إنسان، ما جرى في الشيشان قتل ثلاثمئة ألف أو أربعمئة، ما جرى في البوسنة والهرسك، ما جرى في ألبانيا، ما جرى في كوسوفو، ما جرى في الصومال، ما جرى في السودان، قال تعالى:
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 46]
﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾
[ سورة إبراهيم: 47]
ولكن.... أيها الأخوة: سأقول كلاماً خطيراً أبدأه بمثل والمثل معبر جداً، إنسان أنشأ بناء، وبنى شرفة، وجد في أسفل هذه الشرفة تشققات ماذا يفعل؟ أيهدمها؟ لعلها جيدة، أيبقيها؟ لعلها فاسدة، أخواننا المهندسون عندهم حلّ اسمه التحميل، يضعون في هذه الشرفة عشرة براميل، يملؤونها ماءً، فإذا وقعت فلا ردها الله معنى هذا أنها سيئة، وإذا صمدت معنى هذا أنها جيدة. كأن الله جل جلاله في هذه الأيام العصيبة يمتحن المسلمين في العالم كله ، يمتحنهم بهذا الأسلوب التحميل فإن صمدوا هم إذاً جيدون، وإن انهاروا وأشركوا وخافوا ونافقوا وتآمروا على بعضهم عندئذ هؤلاء لا خير فيهم، معنى هذا أنهم سقطوا.
لذلك نحن في دار ابتلاء لا في دار تكريم، أكبر خطأ وقع به المسلمون أنهم عكسوا الأمر هم في دار ابتلاء فجعلوها دار جزاء، هم في دار عمل فجعلوها دار أمل، هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي.
النصر لا يأتي إلا بالعودة إلى الله و مراجعة حساباتنا :
ماذا بقي علينا ؟ بقي علينا أن نتعاون، أن نعود إلى الله، لأن يوجد خطر حقيقي لا خطر موهوم، والمؤمن إن لم يتعاطف مع بقية المؤمنين والله يشك في إيمانه، ماذا ينجينا من هذا الخطر؟ أن نصطلح مع الله، أن نراجع حساباتنا، أن نراجع أوراقنا، أن ننظر في بيوتنا هل هناك معصية؟ هل هناك بنت تخرج بشكل لا يرضي الله؟ هل هناك زوجة لا تؤدي واجباتها تجاه الله؟ هل هناك في الدخل حرام؟ هل هناك علاقات آثمة في العلاقات العامة؟ فكل مؤمن عليه أن يضبط نفسه.
يروى أن الخديوي دخل في حرب مع السودان - قصة قديمة ذكرتها على المنبر- فسأل شيخ الأزهر ماذا أفعل؟ فقال له: نحن في العادة في مثل هذه الأزمات نكلف نخبة من العلماء الصالحين بقراءة كتاب البخاري، قال: افعلوا ذلك، فجاء العلماء وقرؤوا البخاري والهزائم تتلاحق، فجاء مرةً غاضباً قال لهم: إما أن هذا الكتاب ليس كتاب البخاري أو إنكم لستم علماء. كلهم خافوا، عالم شاب في المؤخرة قال له: أنت السبب، قال له: لماذا؟ قال: إن لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر يدعو صلحاؤكم فلا يستجاب لهم، فارتعب وخرج من الأزهر والعلماء عنفوا هذا الذي قال هذه الكلمة ولاموه لقد خربت بيوتنا، لعلنا نعاقب جميعاً من أجلك، بعد حين جاء طلب من القصر يطلب هذا الذي قال هذا الكلام، دخل على الخديوي فقال له: أعد على مسامعي هذا الذي قلت لي، قال: أنت السبب قال له: ولم؟ قال: أليس في القاهرة دور دعارة، ودكاكين للخمر، هذه المعاصي والآثام هي سبب تأخر النصر، قال له: ماذا أفعل؟ هكذا يريد الغرب مني، هذه حضارة، قال له: إذاً أنت تسمح للمنكر، ما ذنب شيوخ الأزهر والبخاري؟ ليس لهم ذنب والخطأ منك. وقد تابعت هذا الموضوع في كتب التاريخ إذا بهذا الخديوي يزيل هذه المنكرات بعدها انتصر، معنى هذا كلمة الحق مهمة جداً.
أيها الأخوة: لماذا المنافق في الدرك الأسفل من النار؟ لأنه أخذ ميزات المؤمنين، هو عند الله مسلم وتمتع بانحرافات المنحرفين، جمع بين ميزات الإيمان فهو عند الناس مؤمن وتمتع بما يتمتع به الكافر المتفلت فاستحق أن يكون في الدرك الأسفل من النار.
المشكلة كل هؤلاء المسلمين في العالم محسوبون على الله، ليسوا نماذج كاملة، يوجد كذب، يوجد بهتان، غيبة، نميمة، تفلت، كسب حرام، علاقات آثمة، نفاق، هؤلاء محسوبون على الله وهم ليسوا على ما يرضي الله، فكأن الله عز وجل أراد منهم أن يحددوا موقفهم إما أن تصطلحوا معي، إما أن تتوبوا إلى الله، عندئذ يتولى الله أن يدافع عنكم، وإلا أنتم وشأنكم، أنتم كهذه الأمم الشاردة يصيبكم ما يصيبها هكذا، الأمم الشاردة يأتيها زلازل، براكين، قهر، فقر، هكذا لأن الآية الدقيقة:
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[ سورة المائدة: 18]
لو أن الله قبل دعواهم لما عذبهم، لو أنه قبل دعواهم لما عذبهم، قال تعالى:
﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾
[ سورة المائدة: 18]
حينما لا نستقيم على أمر الله لا شأن لنا عند الله أبداً، نحن كهذه الأمم الشاردة يصيبنا ما يصيبها من فقر، وقهر، وإهانة، أما إذا كنا مع الله فيتولى الله أن يدافع عنا، ويتولى أن يوفقنا، وأن ينصرنا على أعدائنا، فالآن عملية فرز، قال تعالى:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
[ سورة آل عمران: 179]
أنت خذ موقفاً واضحاً هل أنت ولي لله؟



الولي مؤمن مستقيم :
مرة أحد الأغنياء بالعصر العباسي غارق في الشرب والنساء والغناء والجواري فطرق بابه صالح - ولي - خرج غلام له فقال له: قل لسيدك إن كان حراً فليفعل ما يشاء، وإن كان عبداً فما هكذا تصنع العبيد، فلما أبلغه الرسالة قال له: من هو ؟ قال: ذهب، تبعه حافياً وهذا بشر الحافي وصار من كبار العلماء.
ما الذي زلزله؟ هذه الكلمة، إن كنت حراً فافعل ما تشاء، وإن كنت عبداً فما هكذا تصنع العبيد.
الله لا يريدنا أن نرتدي ثياباً إسلامية، نتعطر بعطر مشايخ، مسواك في الجيب، وخاتم فضة، ومصحف في جيبنا، ومسبحة، وتمر امرأة فتقول: سبحان الله، ما هذه التلبسة و والزعبرة؟ الله لا يريدنا أن نفعل أعمالاً ظاهرة وبيوتنا ليست مسلمة لا يوجد فيها انضباط، لا يوجد فيها تربية، يوجد كذب، دجل، خداع، كسب مال حرام، غش، والله الغش الذي يفعله المسلمون يستحقوا عليه عذاب الله، لا يهمه النفاق والغش حتى يروج بضاعته، يجب أن يضع امرأة شبه عارية في التلفاز، مسلم من رواد المساجد، هذا النوع مرفوض، الآن الله عز وجل عمل أسلوب التحميل يحملنا، وإن شاء الله أن يكون التحميل ضمن طاقتنا، الدعاء: " ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به".
يوجد عدو شرس، قوي جداً، حاقد، نحن نحمل الآن، يجب أن تحدد هويتك أنت ولي بالمعنى القرآني وليس بالمعنى غير القرآني، إنسان رث الهيئة كلام خرافي هذا ولي، لا، هذا كلام فارغ، قال تعالى:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾
[ سورة يونس : 62-63]
هذا هو الولي مؤمن مستقيم. فأنت حدد هويتك:
(( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا قَلِيلٍ ))
[ مسلم عن أبي هريرة]
موت كعقاص الغنم لا يدري القاتل لم يقتل؟ ولا المقتول فيم قتل؟ يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى ولا يستطيع أن يغير، إن سكت استباحوه وإن تكلم قتلوه.
ما يجب على الإنسان عمله في زمن الفتن ؟
يا أيها الأخوة: نحن في زمن صعب، في زمن الفتن:
(( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ))
[ مسلم عن معقل بن يسار]
لابد من أن نحدد موقفنا مع الله، الدعاء: " اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض فيّ قضاؤك، نافذ في حكمك، أعوذ بنور وجهك التي أشرقت له السموات والأرض، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو أن تحل بي سخطك، ولك العتبى حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك و أنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". نحن في زمن صعب، وفي زمن فرز، قال تعالى:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
[ سورة آل عمران: 179]
أرجو الله أن يتمم بخير، وأن نعتصم بالله عز وجل، وأن نصلح بيوتنا، الله ما كلفك أن تقنع العالم الغربي أن يغير سياسته، هل تستطيع؟ هل تستطيع أن تقنع العالم الغربي المتغطرس أن يغير سياسته مع المسلمين؟ لا والله، لكن ماذا تستطيع أن تفعل؟ أن تقيم الإسلام في بيتك، هذا مملكتك، وفي عملك، كل إنسان يعاهد الله أن يكون مسلماً في بيته، وفي عمله، أديت الذي عليك انتظر أن تأخذ من الله الذي لك، أديت الذي عليك بقي لك أن تأخذ من الله الذي لك، أما نحن ففي زمن صعب، الأحاديث التي وردت عن آخر الزمان مخيفة:
(( كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: ما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف))
[ زيادات رزين عن علي بن أبي طالب ]
ويوجد أشد من ذلك.
من لم يكن على الحق فهو على الباطل :
فيا أيها الأخوة الكرام: هذا الذي حدث وقع بقضاء الله وقدره، وقد أراده الله بمعنى سمح به لأنه فرز للمؤمنين، لن يوجد بعد حين إلا أناس يؤمنون بالدنيا فقط وأناس يؤمنون بالآخرة، حضارة أناس سيطرة على الطبيعة، وحضارة المسلمين سيطرة على الذات، محسن ومسيء، منصف وجاحد، أخروي ودنيوي، شيطاني ورباني، لا يوجد غير هذا لأن الله تعالى قال:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
[ سورة القصص: 50]
إن لم تكن على الحق فأنت على الباطل قطعاً، أثنينية، خطان لا ثالث لهما إن لم تكن على الحق فأنت على الباطل، هذا كلام خطير، فالآن لا يعصمنا من أعدائنا إلا أن نكون مع الله، فإذا كان الله معك فمن عليك؟؟
أختم درسي هذا بهذا النص ورد في الأثر: " ما من عبد يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده أهل السموات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً، وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه، وقطعت أسباب السماء بين يديه".
فلنعتصم بالله، ولنحكم علاقتنا بالله، ولندع كل شهوة لا ترضي الله، ولنأمر بالمعروف ولننه عن المنكر، ولا نجامل ثم لنتق الله ولنصبر حتى يلغي الله شبحهم و وكسهم، الأواكس تلتغى إذا اعتصمنا بالله، لأن الله عز وجل قال:
﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئا﴾
[ سورة آل عمران: 120]
لا صواريخ، ولا مروحيات، ولا مكر، ولا أقمار صناعية، ولا تهديدات، إذا كان الله معك فمن عليك؟؟ أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد اقتربت من هذا الذي حدث، والذي اهتز له العالم ولكن من منظور إيماني، يوجد عدة زوايا أنا أعنى بزاوية القرآن، طبعاً أي منبر آخر له أن يقول ما يشاء، له أن يحلل ما يشاء، لكن في بيت الله لا يمكن أن يطرح إلا المنظور الإسلامي.
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-22, 09:47   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوعات إسلامية - موضوعات متفرقة - المحاضرة 038: ما يجري من أحداث في هذا العالم من منظور إسلامي .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-09-16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
في القرآن الكريم نماذج للأمم تتكرر و أوضح هذه النماذج قبيلة عاد :
أيها الأخوة المؤمنون: أحياناً ينشأ حدث خطير يُشد الناس إليه فإذا جاؤوا إلى المسجد ينتظرون أن يستمعوا إلى الحكم الشرعي، أو إلى وجهة نظر الدين إلى هذا الشيء، لذلك هذا الدرس سأخصصه للأحداث الكبيرة التي عمت الأرض في هذه الأيام.
أول شيء أتمنى أن يكون واضحاً لديكم أن الله جل جلاله لا يمكن أن يكون قرآنه كتاب تاريخ هو كتاب هداية، كتاب التاريخ ينبئك عن أقوام عاشوا وهلكوا وانتهى أمرهم لكن القرآن الكريم إذا أخبرك عن أقوام عاشوا وهلكوا هؤلاء الأقوام نموذج متكرر، الله قدم نموذجاً لذلك حينما تجد التفاصيل ضعيفة في القرآن الكريمة و قليلة، قال تعالى:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾
[ سورة الكهف: 83 ]
من هو؟ ما اسمه؟ في أي قرن عاش؟ في أي قارة عاش؟ هل هو الإسكندر المقدوني؟ حينما يغفل القرآن هذه التفصيلات ليشعرنا أن صاحب هذه القصة ليس معنياً، من المعني؟ النموذج التي تمثله هذه الشخصية. هذه قاعدة أساسية لا يمكن للقرآن الكريم أن يكون كتاب تاريخ لكن في القرآن الكريم نماذج بشرية، وفي القرآن الكريم نماذج للأمم تتكرر لعل من أوضح هذه النماذج قبيلة عاد، وحينما قال الله عز وجل:
﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى ﴾
[ سورة النجم: 50 ]
فكأن في هذه الآية إشارة أن هناك عاداً الثانية، عاد الأولى ما خصائصها الثابتة؟ دائماً في كل قرن، في كل عصر، في كل حقبة، نموذج كعاد الأولى يتكرر.
فعاد الأولى وصفها الله عز وجل بأنه لم يخلق مثلها في البلاد إطلاقاً، وقد يأتي آت من هذه البلاد ممتلئاً إعجاباً، الاقتصاد، الجامعات، المواصلات، الأبنية، النظام المحكم، العمل الناجح، التي لم يخلق مثلها في البلاد، أي هي متفوقة في شتى الميادين، هذه الصفة الأولى، تفوق في العلوم، تفوق في القوى العسكرية وفي الأبنية.
صفة ثانية أصحابها متكبرون متعجرفون، يقولون: من أشد منا قوةً؟ في تبجح، وغطرسة، وكبر، واستعلاء، وإحساس أنهم فوق الجميع، وأن مصالحهم فوق الجميع، وأن مصالحهم فوق مصالح الشعوب جميعاً، من أشد منا قوةً؟ ثم إنهم تفوقوا في العمران تفوقاً يفوق حدّ الخيال، قال تعالى:
﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾
[ سورة الشعراء: 128-129 ]
تفوق عمراني، وعندهم قوة عسكرية جبارة، قال تعالى:
﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾
[ سورة الشعراء: 130]
لم يخلق مثلها في البلاد، من أشد منا قوةً؟
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ* وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾
مستوى الذكاء عندهم مرتفع جداً لأنهم أخذوا أدمغة الشعوب، وقال تعالى:
﴿وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾
[ سورة العنكبوت: 38 ]
إظهار الله آياته للناس :
ثم يقول الله عز وجل:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾
[ سورة الفجر : 6-8]
﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾
[ سورة الفجر :9-12]
أحياناً لا تجد مكاناً في العالم إلا ويعرض أفلاماً مثيرة إلى درجة غير معقولة، إلى درجة أن الإنسان يفقد إنسانيته، في كل مكان في العالم من إنتاج مؤسسات للسينما هي القمة في العالم.
﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾
[ سورة الفجر :11-14]
عاد الأولى أي أن هناك عاداً الثانية، قال تعالى:
﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾
[ سورة الحاقة : 5-7]
وقد سلط الله عليهم الأعاصير، إعصار واحد كلف ثلاثين ملياراً، أرأيت إلى هذه الصفات؟ لكن أيها الأخوة مثل هؤلاء الأقوام لابد من أن يرتفعوا إلى درجة كبيرة جداً، ولابد من أن يظهر الله آياته، الذي هو جار في الحياة أن الله يقوي هذا الكافر، يقويه ويقويه ويتبجح ويستعلي ويتغطرس ويقول: أنا، يعيش وحده والناس جياع، يأكل وحده والناس جياع، يسكن وحده في أرقى البيوت والناس بلا مأوى، شيء غير معقول ثم يظهر الله آياته، حينما يقوى هذا الكافر يكاد ضعيف الإيمان يقول: أين الله؟ أين أنت يا الله؟ وحينما يظهر الله آياته يقول الكافر: لا إله إلا الله. الشيء الذي حصل بالخيال لا يقع، قال تعالى:
﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾
[ سورة الأنفال: 17]
اختلاف الناس في تفسير الأحداث :
لكن النقطة الدقيقة جداً أن الشيء إذا وقع لا أحد يشك في هذا الوقوع، الوقوع رآه رأي العين، لكن متى نختلف أو في أي موطن نختلف؟ نحن لا نختلف في وقوع هذا الحدث، الحدث سمع الناس به جميعاً، ومعظم الناس رأوه رأي العين، رأوه أثناء وقوعه، فالناس لا يختلفون في تصديق وقوعه أو عدم التصديق ولكنهم يختلفون في تحليله، وتفسيره.
كنت قد ضربت مثلاً أنه حينما تنشأ فرضاً حرب أهلية في بلد مجاور، هذه لها تفسيرات كثيرة ولنضرب على ذلك مثل ما جرى عند جيراننا، حرب أهلية دامت خمسة عشر عاماً أكلت الأخضر واليابس، ولم ينتصر في النهاية أحد، عادوا إلى ما كانوا عليه متعاونين متعايشين، هذا الحدث الذي دام خمسة عشر عاماً كيف يفسر؟ هناك تفسير دولي أن هذا البلد نما فيه المركز المالي نمواً كبيراً لدرجة أنه نافس مراكز أوربا فحطمه الأجانب، هذا تفسير دولي، يوجد تفسير عربي أن هذا البلد كان ساحة صراع عربية، وهناك تفسير طائفي أن هناك حرباً طائفية من عام ألف وثمانمئة وستين، ويوجد تفسير - كما يقال تفسير نسواني- حكمتها عين، أي تفسير ينبغي أن تأخذ ؟ التفسير القرآني، أنت كمؤمن لا تفسر إلا التفسير القرآني، قال تعالى:
﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
[ سورة النحل: 112]
أنا كمؤمن معي كتاب، معي وحي من الله، التفسير القرآني هو أصوب تفسير.
يوجد آية ثانية:
﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾
[ سورة الأنعام:64- 65]
من فوقكم الصواعق والصواريخ، ومن تحت أرجلكم الزلازل والألغام، قديم وحديث، أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض، أرأيتم إلى هذا؟ هذا هو التفسير القرآني لما يجري.
توظيف الله عز وجل الشّر للخير المطلق :

نحن كما تكلمنا في درس الجمعة حينما تظن أن الذي وقع ليس بقضاء الله وقدره فهذا سوء ظن بالله، قال تعالى:
﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾
[ سورة آل عمران: 154]
وإذا أيقنت أن هذا الذي وقع وقع بقضاء الله وقدره ولكن لا حكمة فيه أيضاً أنت وقعت بسوء ظن بالله، ينبغي أن تعلم علم اليقين أن هذا الذي وقع وقع بأمر الله وقد سمح الله به، لكن بعضهم يقول: أيسمح الله بالشر؟ أيسمح الله بالقتل؟ الجواب: لا، لكن يوجد عندنا قاعدة أصولية أن الله أراد ولم يأمر، أراد ولم يرضَ، أليس هناك من يسرق؟ هل يستطيع إنسان أن يسرق إن لم يسمح الله له أن يسرق، يقول له: زل فيزول، يشله فجأةً، يموت فجأة، ما سرق السارق إلا وقد سمح الله له أن يسرق، لماذا سمح الله له أن يسرق؟ لأن الإنسان مخير في الأساس، بنيته بنية اختيار، هويته مخير.
أنت حينما تريد أن تعين موظفاً في صيدلية تمتحنه، تأتيه بأدوية تقول له: هذه أدوية منوعة ضع كلاً منها في مكانه الصحيح، هنا فيتامينات، هنا مضادات حيوية، هنا أدوية مسكنة، فإذا أمسك دواءً مسكناً ليضعه مع الفيتامينات لو منعته ما امتحنته، تسمح له أن يأخذ هذا الدواء ويضعه بمكان غير صحيح هذا معنى سمح، سمح ولم يأمر، سمح ولم يرضَ، فالشر المطلق لا وجود له في الكون بل إن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله، إما أن تؤمن بالله موجوداً واحداً كاملاً، وإما أن تؤمن أن في الكون شراً مطلقاً، أي الشر للشر، لكن الله جل جلاله يوظف الشر للخير المطلق.
قريبة لي أرادت أن تكون مدرّسةً، قدمت طلب طولبت بفحص صدر لها، ذهبت إلى مستشفى عام وفحصت صدرها، وفي اليوم التالي أخذت النتيجة أنها مصابة بمرض السل، بكت وبكت وبكت وانعزلت وأوت إلى غرفتها ولم تقابل أحداً وخاف أهلها أن تكون عدوى فامتنعوا عن معاملتها مباشرةً، صنعوا لها أدوات خاصة، وبعد أسبوعين أو ثلاثة أرادت أن ترجع إلى الله، وأن تتوب من ذنوبها، وأن تصلي، وأن تتحجب، وبعد أن تابت إلى الله واصطلحت معه ذهب أخوها إلى المستشفى ليستطلع ما الذي حدث، فإذا بالقائمين على المستشفى يخبرونه أن هذه النتيجة ليست لأختك لكنها بلغت خطأً، هي لإنسانة أخرى، هذا خطأ كبير بالمستشفى لكن ماذا فعل الله به؟ وظفه للخير المطلق، كانت توبتها عن طريق هذا الشيء.
سمعت عن مدرّسة ذهبت إلى السعودية هي تحمل ليسانس بالرياضيات، عينت في منطقة نائية، المديرة كلفتها أن تدرس التربية الإسلامية للقسم الثانوي، هذا ليس اختصاصها إطلاقاً، تفسير وحديث وشرح وعقيدة، قالت لها: هذا ليس اختصاصي أنا اختصاصي رياضيات، قالت لها: إن لم يعجبك هذا التدريس نستغني عن عقدك، فانصاعت، تقول هذه الأخت الكريمة: دخلت إلى الصف العاشر، والمادة تربية دينية والآيات من صورة النور متعلقة بالحجاب، قرأت فبكيت، القرآن له وهج، له نور. تخاطب نفسها كم كنت غافلة عن هذا القرآن في الدرس الأول قالت لطالباتها: اعذروني افعلوا ما شئتم وأمضت الساعة كلها تبكي على نفسها حينما قرأت هذه الآيات من صورة النور. فحمق المديرة كان سبب هدايتها.
تعلق إرادة الله بالحكمة المطلقة :
أول نقطة دقيقة: ليس في الكون شر مطلق، الشر المطلق لا وجود له في الكون بل إن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله هذا تمهيد، كل شيء وقع سمح الله به، وقد يكون الموقع غير حكيم، وقد يكون مخطئاً، وقد يكون مجرماً، لكن مادام الله سمح له أن يقع فهو خير، القاعدة لكل واقع حكمة، لذلك ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وانتهى الأمر، فالمؤمن مستسلم، ليتهم لم يفعلوا ذلك، أربكونا وأخافونا وعطلوا مصالح المسلمين، وأصبح كل مسلم مهدداً، وهناك حرب مدمرة ستأتي، لا تقل ذلك، قل: كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، لكن الشرح الدقيق لأن كل شيء متعلق بالخير المطلق وبالحكمة المطلقة الإنسان متى يكون غير حكيم؟ يكون غير حكيم إذا كان جاهلاً.
لي صديق اشترى سيارة حديثة يوجد مصباح أمامه تألق باللون الأحمر، وهو مصباح الزيت، هذا اللون خطير جداً يعني أن المحرك لا يوجد فيه زيت، فلو تابع السير احترق المحرك، ولو أضاف الزيت بثلاثمئة ليرة لنجا، احترق المحرك كلفه ثلاثين ألفاً، هو ظنه ضوءاً تزيينياً فتابع السير، ألم يرتكب حماقة كبيرة لماذا ارتكبها؟ لأنه يجهل حقيقة هذا المصباح.
مزارع عنده بيوت محمية اشترى سماداً ذواباً من أرقى مستوى، تعليمات المهندس الزراعي ضع لتراً في كل برميل، هو طموح يريد غلة مضاعفة فوضع ليترين في كل برميل فاسود المحصول كله، كل بيت بمئتي ألف، عنده ستة بيوت خسر مليون ومئتي ألف لأنه ضاعف الكمية أليست هذه حماقة؟ لماذا وقعت؟ لجهل المزارع.
أحياناً يأتي ضغط شديد تقول كلاماً لست قانعاً به كما يجري الآن في العالم كله، الكل ينافق، قد يأتي ضغط لا تستطيع أن ترده تقول كلاماً لست قانعاً به، من أين جاءت عدم الحكمة؟ من الضغط، وقد يكون إغراء شديد فتزل قدم الإنسان لأن الإغراء سيطر عليه، هل تصدق هذه الحالات الثلاث على الله عز وجل ممكن؟ مستحيل، إذاً أفعال الله متعلقة بالحكمة المطلقة، ذلك أن الله عز وجل هذا الذي وقع لو لم يقع لكان الله عز وجل ملوماً، لو أنه وقع على خلاف ما وقع لكان الله ملوماً، لو أن هذا الذي وقع لم يقع لكان نقصاً في حكمة الله، لذلك المؤمن برد وسلام، لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فالمؤمن مستسلم لكن كل أنواع الشر التي تبدو شراً لابد من أن تنتهي إلى الخير.
الله عز وجل ما أمرنا أن نعبده إلا بعد أن طمأننا :
كنت في مؤتمر وفي نهاية المؤتمر في حفل الختام جرت العادة أن ضيوف المؤتمر الذين يلقون المحاضرات يجلسون على منصة الخطابة مجتمعين، وكل واحد منهم يلقي كلمة لا تزيد عن دقيقة، محاضراته ساعات أما الآن فدقيقة، مندوب دولة مقهورة قال: والله لقد أصاب شعبي- يقصد الدولة التي هو منها- من الألم والذل والقهر والفقر والبؤس ما لم يصب به المسلمون في شتى أقطارهم في مئة عام وبكى، ثم قال: لكنهم ارتقوا في سلم الإيمان ما لم يرتقوا به في ثلاثمئة عام.
فما كان مني أن قلت: إن خطة الله استوعبت خطة هذه الدولة الماكرة. لا يوجد إلا الله، الإنسان يهدد، يتوعد، يقول: سأفعل، سأسحق، سأستأصل، سيكون انتقامي فعالاً ومستمراً وكاسحاً، قل ما شئت أنت عبد، هؤلاء العباد لهم رب، ولو أن الله أسلمهم لك لا يستحق أن نعبده، لو أن هؤلاء أسلمهم إلى إنسان حاقد قوي يفعل ما يريد لا يستحق الله أن نعبده، قال تعالى:
﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ﴾
[ سورة هود: 123]
متى أمرك أن تعبده؟ بعد أن طمأنك، نحن في زمن صعب، في زمن هناك من يدعي الألوهية، هؤلاء الغربيون متألهون أي آتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب.
هناك طرفة وهي في الحقيقة طريفة جداً، لي أصدقاء دعاهم صديق لهم إلى مزرعة، فالمزرعة في مكان في جنوب دمشق، لها باب كبير وعليه قفل كبير، ولها حائطان، جاء المدعوون ومعهم طعامهم وفاكهتهم والبطيخ، لم يأتِ صاحب الدعوة فاضطروا أن يصعدوا على هذا السور العالي، وتمزقت ثيابهم وقعت البطيخة منهم فانكسرت، فلما نزلوا وجدوا أنه لا يوجد جدران مفاجأة كبيرة جداً كل هذا الباب والقفل لا يوجد جدران، طبعاً مفارقة حادة، هذا الدرع الصاروخي أين أصبح؟ أين الذي يتكلم عنه سنة؟ قال تعالى:
﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾
[ سورة الحشر: 2]
الحقيقة هناك من شاهد مشاهدات أعضاء الكونغرس، وجدوا علبة على الدرج تفرقوا وكأنهم أطفال من خوفهم، خوف في فرنسا وبريطانيا وبالشمال والجنوب من علبة، من ورقة، من تهديد، من اتصال هاتفي، خوف ملأ قلوب البشر في خمس قارات.
أيها الأخوة الكرام: يعنينا أن نعرف الله، يعنينا أن نفهم الأحداث فهماً قرآنياً صحيحاً، لأن هذه القوى الجبارة لو أنها استمرت جبارة هذا يتناقض مع وجود الله، يكون الله قد ألّهها، الناس قبل هذا الحدث لا يرون إلا هذه البلاد، هناك تفعل ما تريد، هم يؤلهونها، الله موجود، الله عز وجل موجود لا يتخلى عن المؤمنين وهذا محور درس البارحة، لا يمكن أن يتخلى عن المؤمنين، يقول لك: انتهى المسلمون في العالم، لا لم ينتهوا لكن رب ضارة نافعة.
المؤمن كريم رحيم :
أخواننا الكرام: لا تنسوا أن الآلام الشديدة التي ترافق الأمراض هي جزء من الشفاء، الآلام الشديدة التي ترافق الأمراض هي جزء من الشفاء، وأن الأمراض الخطيرة ليس لها آلام أبداً كالسرطان، ليس له آلام يتسلل تسللاً، فحينما يقسو الطرف الآخر و لا يكون منصفاً يكون جاحداً، لا يكون موضوعياً يكون متبلياً، لا يكون عادلاً يكون ظالماً، لا يستمع إلى نصيحة هذا ليس بإمكانه أن يفعل شيئاً:
﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
[ سورة الزمر: 62]
﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
[ سورة طه : 45-46]
إياك أن تتوهم أن الله يغفل، قال تعالى:
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 42]
أي ذاقوا ما يذوق العالم الثالث، وتألموا أشد مما يتألم العالم الثالث، والله لا نرضى أن يموت البريء، نحن إنسانيون، سيدنا صلاح الدين عندما فتح القدس لم يسفك دم إنسان واحد، امرأة جاءته ولقد فقدت ابنها وقف ولم يجلس حتى أعادوا لها ابنها، بينما الفرنجة عندما فتحوا القدس ذبحوا سبعين ألف إنسان مسلم في يوم واحد، المؤمن كريم، رحيم.
امتحان الله المسلمين في العالم كلّه :
الشيء التالي لا يمكن أن تؤمن بالله إلا إذا كفرت بالكفر، تقول: بلاد راقية، حقوق إنسان، مستوى راق، هذا كله كلام فارغ، هذا الإنسان البعيد عن الله قلبه كالحجر قاس، ألم تعلموا أن خمسمئة ألف طفل في العراق يموتون كل عام بسبب هذا الحصار؟ ما جرى بين العراق وإيران ذهب مليون إنسان، ما جرى في الشيشان قتل ثلاثمئة ألف أو أربعمئة، ما جرى في البوسنة والهرسك، ما جرى في ألبانيا، ما جرى في كوسوفو، ما جرى في الصومال، ما جرى في السودان، قال تعالى:
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 46]
﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾
[ سورة إبراهيم: 47]
ولكن.... أيها الأخوة: سأقول كلاماً خطيراً أبدأه بمثل والمثل معبر جداً، إنسان أنشأ بناء، وبنى شرفة، وجد في أسفل هذه الشرفة تشققات ماذا يفعل؟ أيهدمها؟ لعلها جيدة، أيبقيها؟ لعلها فاسدة، أخواننا المهندسون عندهم حلّ اسمه التحميل، يضعون في هذه الشرفة عشرة براميل، يملؤونها ماءً، فإذا وقعت فلا ردها الله معنى هذا أنها سيئة، وإذا صمدت معنى هذا أنها جيدة. كأن الله جل جلاله في هذه الأيام العصيبة يمتحن المسلمين في العالم كله ، يمتحنهم بهذا الأسلوب التحميل فإن صمدوا هم إذاً جيدون، وإن انهاروا وأشركوا وخافوا ونافقوا وتآمروا على بعضهم عندئذ هؤلاء لا خير فيهم، معنى هذا أنهم سقطوا.
لذلك نحن في دار ابتلاء لا في دار تكريم، أكبر خطأ وقع به المسلمون أنهم عكسوا الأمر هم في دار ابتلاء فجعلوها دار جزاء، هم في دار عمل فجعلوها دار أمل، هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، جعلها الله دار بلوى وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي.
النصر لا يأتي إلا بالعودة إلى الله و مراجعة حساباتنا :
ماذا بقي علينا ؟ بقي علينا أن نتعاون، أن نعود إلى الله، لأن يوجد خطر حقيقي لا خطر موهوم، والمؤمن إن لم يتعاطف مع بقية المؤمنين والله يشك في إيمانه، ماذا ينجينا من هذا الخطر؟ أن نصطلح مع الله، أن نراجع حساباتنا، أن نراجع أوراقنا، أن ننظر في بيوتنا هل هناك معصية؟ هل هناك بنت تخرج بشكل لا يرضي الله؟ هل هناك زوجة لا تؤدي واجباتها تجاه الله؟ هل هناك في الدخل حرام؟ هل هناك علاقات آثمة في العلاقات العامة؟ فكل مؤمن عليه أن يضبط نفسه.
يروى أن الخديوي دخل في حرب مع السودان - قصة قديمة ذكرتها على المنبر- فسأل شيخ الأزهر ماذا أفعل؟ فقال له: نحن في العادة في مثل هذه الأزمات نكلف نخبة من العلماء الصالحين بقراءة كتاب البخاري، قال: افعلوا ذلك، فجاء العلماء وقرؤوا البخاري والهزائم تتلاحق، فجاء مرةً غاضباً قال لهم: إما أن هذا الكتاب ليس كتاب البخاري أو إنكم لستم علماء. كلهم خافوا، عالم شاب في المؤخرة قال له: أنت السبب، قال له: لماذا؟ قال: إن لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر يدعو صلحاؤكم فلا يستجاب لهم، فارتعب وخرج من الأزهر والعلماء عنفوا هذا الذي قال هذه الكلمة ولاموه لقد خربت بيوتنا، لعلنا نعاقب جميعاً من أجلك، بعد حين جاء طلب من القصر يطلب هذا الذي قال هذا الكلام، دخل على الخديوي فقال له: أعد على مسامعي هذا الذي قلت لي، قال: أنت السبب قال له: ولم؟ قال: أليس في القاهرة دور دعارة، ودكاكين للخمر، هذه المعاصي والآثام هي سبب تأخر النصر، قال له: ماذا أفعل؟ هكذا يريد الغرب مني، هذه حضارة، قال له: إذاً أنت تسمح للمنكر، ما ذنب شيوخ الأزهر والبخاري؟ ليس لهم ذنب والخطأ منك. وقد تابعت هذا الموضوع في كتب التاريخ إذا بهذا الخديوي يزيل هذه المنكرات بعدها انتصر، معنى هذا كلمة الحق مهمة جداً.
أيها الأخوة: لماذا المنافق في الدرك الأسفل من النار؟ لأنه أخذ ميزات المؤمنين، هو عند الله مسلم وتمتع بانحرافات المنحرفين، جمع بين ميزات الإيمان فهو عند الناس مؤمن وتمتع بما يتمتع به الكافر المتفلت فاستحق أن يكون في الدرك الأسفل من النار.
المشكلة كل هؤلاء المسلمين في العالم محسوبون على الله، ليسوا نماذج كاملة، يوجد كذب، يوجد بهتان، غيبة، نميمة، تفلت، كسب حرام، علاقات آثمة، نفاق، هؤلاء محسوبون على الله وهم ليسوا على ما يرضي الله، فكأن الله عز وجل أراد منهم أن يحددوا موقفهم إما أن تصطلحوا معي، إما أن تتوبوا إلى الله، عندئذ يتولى الله أن يدافع عنكم، وإلا أنتم وشأنكم، أنتم كهذه الأمم الشاردة يصيبكم ما يصيبها هكذا، الأمم الشاردة يأتيها زلازل، براكين، قهر، فقر، هكذا لأن الآية الدقيقة:
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾
[ سورة المائدة: 18]
لو أن الله قبل دعواهم لما عذبهم، لو أنه قبل دعواهم لما عذبهم، قال تعالى:
﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾
[ سورة المائدة: 18]
حينما لا نستقيم على أمر الله لا شأن لنا عند الله أبداً، نحن كهذه الأمم الشاردة يصيبنا ما يصيبها من فقر، وقهر، وإهانة، أما إذا كنا مع الله فيتولى الله أن يدافع عنا، ويتولى أن يوفقنا، وأن ينصرنا على أعدائنا، فالآن عملية فرز، قال تعالى:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
[ سورة آل عمران: 179]
أنت خذ موقفاً واضحاً هل أنت ولي لله؟



الولي مؤمن مستقيم :
مرة أحد الأغنياء بالعصر العباسي غارق في الشرب والنساء والغناء والجواري فطرق بابه صالح - ولي - خرج غلام له فقال له: قل لسيدك إن كان حراً فليفعل ما يشاء، وإن كان عبداً فما هكذا تصنع العبيد، فلما أبلغه الرسالة قال له: من هو ؟ قال: ذهب، تبعه حافياً وهذا بشر الحافي وصار من كبار العلماء.
ما الذي زلزله؟ هذه الكلمة، إن كنت حراً فافعل ما تشاء، وإن كنت عبداً فما هكذا تصنع العبيد.
الله لا يريدنا أن نرتدي ثياباً إسلامية، نتعطر بعطر مشايخ، مسواك في الجيب، وخاتم فضة، ومصحف في جيبنا، ومسبحة، وتمر امرأة فتقول: سبحان الله، ما هذه التلبسة و والزعبرة؟ الله لا يريدنا أن نفعل أعمالاً ظاهرة وبيوتنا ليست مسلمة لا يوجد فيها انضباط، لا يوجد فيها تربية، يوجد كذب، دجل، خداع، كسب مال حرام، غش، والله الغش الذي يفعله المسلمون يستحقوا عليه عذاب الله، لا يهمه النفاق والغش حتى يروج بضاعته، يجب أن يضع امرأة شبه عارية في التلفاز، مسلم من رواد المساجد، هذا النوع مرفوض، الآن الله عز وجل عمل أسلوب التحميل يحملنا، وإن شاء الله أن يكون التحميل ضمن طاقتنا، الدعاء: " ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به".
يوجد عدو شرس، قوي جداً، حاقد، نحن نحمل الآن، يجب أن تحدد هويتك أنت ولي بالمعنى القرآني وليس بالمعنى غير القرآني، إنسان رث الهيئة كلام خرافي هذا ولي، لا، هذا كلام فارغ، قال تعالى:
﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾
[ سورة يونس : 62-63]
هذا هو الولي مؤمن مستقيم. فأنت حدد هويتك:
(( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا قَلِيلٍ ))
[ مسلم عن أبي هريرة]
موت كعقاص الغنم لا يدري القاتل لم يقتل؟ ولا المقتول فيم قتل؟ يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى ولا يستطيع أن يغير، إن سكت استباحوه وإن تكلم قتلوه.
ما يجب على الإنسان عمله في زمن الفتن ؟
يا أيها الأخوة: نحن في زمن صعب، في زمن الفتن:
(( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ))
[ مسلم عن معقل بن يسار]
لابد من أن نحدد موقفنا مع الله، الدعاء: " اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض فيّ قضاؤك، نافذ في حكمك، أعوذ بنور وجهك التي أشرقت له السموات والأرض، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو أن تحل بي سخطك، ولك العتبى حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك و أنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". نحن في زمن صعب، وفي زمن فرز، قال تعالى:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
[ سورة آل عمران: 179]
أرجو الله أن يتمم بخير، وأن نعتصم بالله عز وجل، وأن نصلح بيوتنا، الله ما كلفك أن تقنع العالم الغربي أن يغير سياسته، هل تستطيع؟ هل تستطيع أن تقنع العالم الغربي المتغطرس أن يغير سياسته مع المسلمين؟ لا والله، لكن ماذا تستطيع أن تفعل؟ أن تقيم الإسلام في بيتك، هذا مملكتك، وفي عملك، كل إنسان يعاهد الله أن يكون مسلماً في بيته، وفي عمله، أديت الذي عليك انتظر أن تأخذ من الله الذي لك، أديت الذي عليك بقي لك أن تأخذ من الله الذي لك، أما نحن ففي زمن صعب، الأحاديث التي وردت عن آخر الزمان مخيفة:
(( كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً ؟ قالوا: أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال: وأشد منه سيكون، قالوا: ما أشد منه ؟ قال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف))
[ زيادات رزين عن علي بن أبي طالب ]
ويوجد أشد من ذلك.
من لم يكن على الحق فهو على الباطل :
فيا أيها الأخوة الكرام: هذا الذي حدث وقع بقضاء الله وقدره، وقد أراده الله بمعنى سمح به لأنه فرز للمؤمنين، لن يوجد بعد حين إلا أناس يؤمنون بالدنيا فقط وأناس يؤمنون بالآخرة، حضارة أناس سيطرة على الطبيعة، وحضارة المسلمين سيطرة على الذات، محسن ومسيء، منصف وجاحد، أخروي ودنيوي، شيطاني ورباني، لا يوجد غير هذا لأن الله تعالى قال:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
[ سورة القصص: 50]
إن لم تكن على الحق فأنت على الباطل قطعاً، أثنينية، خطان لا ثالث لهما إن لم تكن على الحق فأنت على الباطل، هذا كلام خطير، فالآن لا يعصمنا من أعدائنا إلا أن نكون مع الله، فإذا كان الله معك فمن عليك؟؟
أختم درسي هذا بهذا النص ورد في الأثر: " ما من عبد يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده أهل السموات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً، وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه، وقطعت أسباب السماء بين يديه".
فلنعتصم بالله، ولنحكم علاقتنا بالله، ولندع كل شهوة لا ترضي الله، ولنأمر بالمعروف ولننه عن المنكر، ولا نجامل ثم لنتق الله ولنصبر حتى يلغي الله شبحهم و وكسهم، الأواكس تلتغى إذا اعتصمنا بالله، لأن الله عز وجل قال:
﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئا﴾
[ سورة آل عمران: 120]
لا صواريخ، ولا مروحيات، ولا مكر، ولا أقمار صناعية، ولا تهديدات، إذا كان الله معك فمن عليك؟؟ أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد اقتربت من هذا الذي حدث، والذي اهتز له العالم ولكن من منظور إيماني، يوجد عدة زوايا أنا أعنى بزاوية القرآن، طبعاً أي منبر آخر له أن يقول ما يشاء، له أن يحلل ما يشاء، لكن في بيت الله لا يمكن أن يطرح إلا المنظور الإسلامي.
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-23, 13:04   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوعات إسلامية - مقالات في صحيفة دنماركية - الدرس (01-12 ) : الجانب الإنساني في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-08-08
بسم الله الرحمن الرحيم
صفات النبي :
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وأجود الناس صدراً وأصدقهم لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرةً، لقد صدق ملك عمان حينما قال بعد أن التقى به: والله لقد دلني على هذا النبي الأمي، أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به، ولا ينهى عن شيء إلا كان أول تارك له، وأنه يغلب فلا يبطر، ويُغلب فلا يضجر، ويفي بالعهد، وينجز الوعد
لقد رأى أصحابه رأي العين، كل فضائله ومزاياه، رأوا طهره وعفافه، رأوا أمانته واستقامته، رأوا شجاعته وثباته، رأوا سمّوه وحنانه، رأوا عقله وبيانه، رأوا كماله كالشمس تتألق في رابعة النهار.
فالذين بهرتهم عظمته لمعذورون، وإن الذين افتدوه بأرواحهم لهم الرابحون، فأي إيمان، وأي عزم، وأي مضاء، وأي صدق، وأي طهر، وأي نقاء، وأي تواضع، وأي حب وأي وفاء.
قول الغرب في شخصية الرسول :

آ) : أحد كتاب السيرة الغربيين .
يقول أحد كتاب السيرة الغربيين: كان محمد عابداً متحنثاً و قائداً فذاً شيد أمة من الفتات المتناثر، وكان رجل حرب يضع الخطط ويقود الجيوش، وكان أباً عطوفاً، وزوجاً تحققت فيه المودة والرحمة والسكن، وكان صديقاً حميماً، وقريباً كريماً، و جاراً تشغله هموم جيرانه، وحاكماً تملأ نفسه مشاعر محكوميه، يمنحهم من مودته وعطفه ما يجعلهم يفتدونه بأنفسهم، ومع هذا كله فهو قائم على أعظم دعوة شهدتها الأرض، الدعوة التي حققت للإنسان وجوده الكامل، وتغلغلت في كيانه كله، ورأى الناس الرسول الكريم تتمثل فيه هذه الصفات الكريمة فصدقوا تلك المبادئ التي جاء بها كلها، ورأوها متمثلة فيه، و لم يقرؤها في كتاب جامد بل رأوها في بشر متحرك فتحركت لها نفوسهم، وهفت لها مشاعرهم، وحاولوا أن يقتبسوا قبسات من الرسول الكريم كل بقدر ما يطيق، فكان أكبر قدوة للبشرية في تاريخها الطويل، و كان هادياً ومربياً بسلوكه الشخصي قبل أن يكون بالكلم الطيب الذي ينطق به .
ب) : الباحث البريطاني كارييل .
يقول الباحث البريطاني كارييل: إن التشكيك في صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودينه يعد اليوم عاراً كبيراً و إن علينا الرد على مثل هذه الآراء غير الصحيحة، و الأقوال التي لا معنى لها، فعلى الرغم من مرور القرون على بعثة هذا النبي مايزال مئات الملايين من المسلمين في العالم يستضيئون بنور الرسالة .
ج) : أستاذ جامعي أميركي .
ويقول أستاذ جامعي أميركي : لقد أدرك محمد صلى الله عليه وسلم (نصلي عليه طبعاً) أهمية الاتحاد وعلو منزلة المجتمع الموحد في بعثته الإسلامية، وبذلك زرع بيديه بذور الاتحاد والمودة في نفوس المسلمين، وسقاها، وتعهدها بالرعاية حتى أعطت ثماراً حلوة المذاق .
د) : الكاتب البريطاني ميلر.
ويقول ميلر الكاتب البريطاني المعروف: إن بعض الديانات تهتم بالجوانب الروحية من حياة البشر وليس لديها في تعاليمها أي اهتمام بالأمور السياسية والقانونية والاجتماعية، و لكن محمداً ببعثته وأمانته الإلهية كان نبياً وكان رجل دولة ومقنناً أي واضعاً للقوانين وقد اشتملت شريعته على أحكام وقوانين مدنية وسياسية واجتماعية .
هـ) : الكاتب ريتين.
ويقول الكاتب والباحث الغربي ريتين: منذ بزوغ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وسطوع شمس الإسلام أثبت هذا النبي أن دعوته موجهة للعالمين، وإن هذا الدين المقدس يناسب كل عصر وكل عنصر وكل قومية، و أن أبناء البشر في كل مكان وفي ظل أية حضارة لا غنى لهم عن هذا الدين الذي تنسجم تعاليمه مع الفكر الإنساني .
و) : الكاتب السويسري المعاصر جان .
ويقول المسيو جان الكاتب والعالم السويسري المعاصر: لو أمعنا النظر في أسلوب حياة محمد صلى الله عليه وسلم و أخلاقه على الرغم من مرور أربعة عشر قرناً على بعثته لتمكنا من فهم كنه العلاقة التي تشد ملايين الناس في العالم لهذا الرجل العظيم، والتي جعلتهم وتجعلهم يضحون من أجله ومن أجل مبادئه الإسلامية السامية بالغالي والرخيص.
ز) : الفيلسوف الروسي تولستوي.
أما الفيلسوف الروسي تولستوي الذي أعجب بالإسلام وتعاليمه في الزهد و الأخلاق والتصوف فقد انبهر بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم وظهر ذلك واضحاً على أعماله فيقول في مقالة له بعنوان: من هو محمد؟ إن محمداً هو مؤسس ورسول، وكان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، و يكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء، وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة و رجل مثله جدير بالاحترام و الإجلال.
ويقول عنه أيضاً: ليس هناك من شك في أن محمداً صلى الله عليه وسلم قدم ببعثته خدمة كبيرة للبشرية فهي فخر وهدى للناس، وهي التي أرست دعائم الصلح والاستقرار والرخاء وفتحت طريق الحضارة والرقي للأجيال، وبديهي أن ما فعله محمد صلى الله عليه وسلم عمل عظيم لا يفعله إلا شخص مقتدر ذو عزم رصين، ومثل هذا الشخص وبلا شك يستحق كل إكرام و تقدير و احترام.
ح ) : قول آخر .
ويقول مفكر آخر رفع لواء أنه لا إله يقول: الحقيقة أن محمداً قد جاء برسالة لا يمكن إنكارها وهي خلاصة الرسالات السابقة بل وتعلو عليها، بناء على هذا فإن رسالته للعالم دستور ثابت، وما جاء به محمد وأقواله تنسجم وذوق البشر، وإدراك بني الإنسان في هذا العصر .
ط ) : العالم الإيطالي واكستون.
وكم هو جميل ما قاله العالم الإيطالي واكستون قال: لو سألني أحدهم فقال: من هو محمد الذي تمدحه كل هذا المديح ؟ لقلت له بكل أدب و احترام: إن هذا الرجل المشهور وإن هذا القائد الذي لا نظير له، وعلاوة على كونه مبعوثاً من الله هو رئيس حكومة إسلامية كانت ملجأ وملاذاً لكل المستضعفين والمسلمين، وحامية لمصالحهم الاجتماعية، فإن محمداً الذي يعد باني ومؤسس تلك الحكومة كان قائداً سياسياً لكل ما لهذه الكلمة من معنى .




ق ) : الكاتب الإفرنسي كورسيه.
ويقول الكاتب الإفرنسي كورسيه: عندما نهض محمد بدعوته وقبل وبعد انطلاق بعثته كان شاباً شجاعاً شهماً، يحمل أفكاراً تسمو على ما كان سائداً من أفكار في مجتمعه وقد تمكن محمد صلى الله عيه وسلم بسمو أخلاقه من هداية عرب الجاهلية المتعصبين الذين كانوا يعبدون الأصنام إلى عبادة الله الواحد الأحد، وفي ظل حكومته الديمقراطية الموحدة تمكن من القضاء على كل أشكال الفوضى والاختلاف والاقتتال التي كانت شائعة في جزيرة العرب، وأرسى بدل ذلك أسس الأخلاق الحميدة محولاً المجتمع العربي الجاهلي المتوحش إلى مجتمع راق و متحضر .
ل ) : المؤرخ الأوربي جيمس.
وهذا المؤرخ الأوربي جيمس يقول في مقال تحت عنوان الشخصية الخارقة عن النبي صلى الله عليه وسلم و قد أحدث محمد عليه السلام بشخصيته الخارقة للعادة ثورة في الجزيرة العربية وفي الشرق كله فقد حطم الأصنام بيده، وأقام ديناً خالداً يدعو إلى الإيمان بالله وحده .
م ) : الفيلسوف الإفرنسي كارديفو.
ويقول الفيلسوف الإفرنسي كارديفو: إن محمداً كان هو النبي الملهم والمؤمن ولم يستطع أحد أن ينازعه المكانة العالية التي كان عليها، إن شعور المساواة والإخاء الذي أسسه محمد بين أعضاء الكتلة الإسلامية كان يطبق عملياً حتى على النبي نفسه .
م ) : الفيلسوف البريطاني توماس كاريل.
ويقول الفيلسوف البريطاني توماس كاريل وقد خصص من كتابه فصلاً لنبي الإسلام بعنوان البطل في صورة رسول عدّ فيه النبي صلى الله عليه و سلم واحداً من العظماء السبعة الذين أنجبهم التاريخ وقد ردّ هذا المؤلف مزاعم المتعصبين فقال: يزعم المتعصبون أن محمداً لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية ومفاخر الجاه والسلطان، كلا والله لقد كانت في فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار والفلوات المتورد المقلتين، العظيم النفس، المملوء رحمة وخيراً وحناناً وبراً وحكمة وحجاً وإربة و نهياً أفكاراً غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة، والجاه، كيف لا وتلك نفس صامتة ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين .


م ) : مؤلف كتاب المئة الأوائل.
ويقول مؤلف كتاب المئة الأوائل في تاريخ البشرية وقد وضع محمد بن عبد الله على رأس المئة الأوائل في التاريخ البشري، هو الإنسان الأول من بين المئة الأوائل في تاريخ البشرية كلها من حيث قوة التأثير ومن حيث نوع التأثير ومن حيث امتداد أمد التأثير ومن حيث اتساع رقعة التأثير .
أقوال كتاب السيرة من المسلمين:
ويقول كتاب السيرة من المسلمين يصفون شخصية النبي التعاملية أي يصفون جانباً من شخصيته: لقد كان صلى الله عليه وسلم جمّ التواضع، وافر الأدب، يبدأ الناس بالسلام، ينصرف بكله إلى محدثه صغيراً كان أو كبيراً، يكون آخر من يسحب يده إذا صافح وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين، و إذا جلس جلس حيث ينتهي به المجلس، لم يرَ ماداً رجليه قط ، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق و يحمل بضاعته ويقول: أنا أولى بحملها، وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخسف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره ويكنس داره، وكان في مهنة أهله، و كان يأكل مع الخادم، و يقضي حاجة الضعيف والبائس يمشي هوناً خافض الطرف متواصل الأحزان، دائم الفكر، لا ينطق من غير حاجة، طويل السكوت، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم، وكان دمثاً ليس بالجاحد، ولا المهين، يعظم النعم وإن دقت، ولا يذم منها شيئاً، ولا يذم مذاقاً ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض بصره، وكان يؤلف ولا يفرق، يقرب ولا ينفر، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، يحسن الحسن و يصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، ولا يقصر عن حق ولا يجاوزه ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو ما يسره من القول، كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يخيب فيه مؤمله، كان لا يذم أحداً ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه.



والحديث عن شمائله صلى الله عليه وسلم حديث يطول لا تتسع له المجلدات ولا خطب في سنوات ولكن الله جل في علاه لخصها بكلمات فقال :
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
[سورة القلم: الآية 4]
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-25, 08:12   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوعات إسلامية - موضوعات متفرقة - المحاضرة 039: فرز المؤمنين في الزمن الصعب.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-09-23
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الإيمان شيء خطير جداً :
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في موضوع ساخنٍ جداً يحير المسلمين، ما الذي يثبت قلب المسلم؟ قال تعالى:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾
[ سورة إبراهيم: 27 ]
ما القول الثابت؟ القرآن الكريم، أضرب مثلاً: لو أن أمةً فيها عدل تام، أقام عليك إنسان قوي جداً دعوى، والقانون معك، وهناك اجتهاد لمحكمة النقض لصالحك، والقاضي نزيه، والاجتهاد واضح وثابت ويجب أن يأخذ به، لماذا تنام مطمئناً؟ لأن هذه الفقرة في القانون لصالحك، والقاضي ينبغي أن يأخذ بها، أنت مطمئن لكلمات، لحبر على ورق، والخصم قوي جداً، له حجم كبير، وأنت لاشيء، لكن هذه الكلمات من اجتهاد محكمة النقض لصالحك، والمحامي يعرفها، والقاضي نزيه، والبلد فيه عدل، سبب الطمأنينة أن هذا الكلام لصالحك، إذاً معنى قوله تعالى:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾
[سورة إبراهيم: 27]
أي مؤمن مستقيم على أمر الله، متوجهٌ إلى الله، يخاف أن يعصي الله، يقرأ القرآن:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾
[ سورة النحل: 97 ]
هذه الآية وحدها تملأ قلبه راحة، وتملأ قلبه سكينة، وتملأ قلبه ثقةً بالله عز وجل، لذلك الإيمان شيء خطير جداً، أنت إذا كنت مؤمناً حقاً فبقلبك من الأمن ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم، الخوف يرافق الشرك، أنت خائف بقدر ما أنت مشرك، وأنت مطمئن بقدر ما أنت مؤمن، أنا لا أجرؤ، ولا يجرؤ غيري على وجه الأرض أن يقول في الدين كلاماً من عنده، من أنا؟ من أنت؟ حتى تقول في الدين كلاماً من عندك، في الدين هناك مرجعان كبيران الكتاب والسنة، لذلك هذا الأمن الذي يتمتع به المؤمن مهما اشتدت الأمور، مهما كبرت، مهما بدا لغير المؤمن أن النصر محققٌ للكافر، سيبقى متمتعاً به، ما قولك ببطل ملاكمة في العالم أمام طفل صغير عمره أربع سنوات قام فصرعه أيعد هذا وسام شرف له؟ أي ممكن أقوى دولة في العالم أن تهيئ أسلحة إلى أضعف دولة في العالم، وأفقر دولة في العالم، ومصابة جفاف مدة ثلاث سنوات، ليس هذا نصراً أبداً، إن لم يكن الطرف الآخر نداً لك لا معنى لهذا النصر، هذا نصر الجبناء أساساً، يبدو أن الله عز وجل سيحقق هذه الآية:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
هذا فرعون العصر، نحن نسميه فرعون العصر، إن لم تكن معنا فأنت ضدنا، مقولة كافر، إن لم تكن معنا فأنت ضدنا، حدد موقفك، إذاً لو أن الله أراد منا أن نحدد موقفنا، حدد موقفك، أنت محسوب مسلم لم يستغنوا عنك، محسوب مؤمن ولست بمؤمن، مع أهل الدنيا.
﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾
[ سورة البقرة: 14 ]
أي مسلم عنده عواطف، عنده خلفية إسلامية، عاطفة إسلامية، ثقافة إسلامية، اهتمامات إسلامية، أرضية إسلامية، نزعة إسلامية لكن ما هو مسلم، لأن الإسلام منهج، سبحان الله، كيف مسخ الإسلام إلى خمس عبادات شعائرية، الإسلام صدق، الإسلام أمانة، الإسلام عفة، الإسلام إنجاز وعد، الإسلام وفاء بالعهد، الإسلام استقامة، الإسلام إنصاف، والله الذي لا إله إلا هو لو قست المسلمين بمقياس الإسلام لما كانوا مسلمين، لا والله، لكن المساجد ممتلئة، العبرة بالمستقيم، الله عز وجل قال:
﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾
[ سورة الكهف: 105 ]
الله عز وجل وليّ المؤمنين :
و عن ثَوْبَانَ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:
((يُوشِكُ الأُمَمُ أنْ تُدَاعِيَ عَليْكُم كَمَا تُدَاعِيَ الأكَلَةُ إلَى قَصْعَتِهَا، فقالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: بَلْ أنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثُيرٌ، وَلَكِنّكُم غُنَاءُ كَغُنَاءِ السّيْلِ))
[ أبو داود عن ثوبان]
كنت مرة في مؤتمر إسلامي في أبو ظبي، وهناك ندوة حول الجنس بقيت ثلاث ساعات، ورد أسئلة يندى لها الجبين، وكأن اهتمام العالم الإسلامي لا يزيد عن الجنس إطلاقاً، وكان من الممكن أن تلخص كل هذه الندوة بكلمتين، حرم الله شيئين في العلاقة الزوجية والباقي مباح، أما إذا المباح وردت عنه أسئلة يخجل الإنسان إذا كان وحده أن يتصورها فماذا بقي؟؟
أعيدت هذه الندوة على المحطات الفضائية ثلاث مرات ، حتى أن مجلة شاردة في مصر تناهض الدين سخرت من هؤلاء المسلمين، أنا قلت لكم سابقاً: والله لولا أن أخاً كريماً داعياً كبيراً خطيب مسجد محترماً جداً، قال لي ذلك من فمه إلى أذني لما صدقته، قال لي: كنت ببلد مسلم شرقي أوربا- هو من هناك- فاعتليت المنبر، أمامي عشرة آلاف مصلي، ألقيت خطبة رائعة جداً في أضخم مسجد حتى بكى الناس من شدة التأثر، من شدة تأثرهم أخرجوا بطحات عرق وشربوها في المسجد، وهم يبكون من هذا الخطيب، هذا نموذج من المسلمين، معاهد تستقبل طلاباً من بلاد إسلامية معها الفودكا في محافظها، أنا متأكد أن الله جل جلاله لا يمكن ومن سابع المستحيلات أن يتخلى عن المؤمنين، لكن أين المؤمنين؟ يبدو أن الله سبحانه وتعالى سيفرز المؤمنين الآن فرزاً، استمعوا إلى قوله تعالى:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
أنت انظر إلى الطلاب في المرحلة الثانوية كلهم يرتدون ثياباً تشير إلى أنهم طلاب، لكن من هو المجتهد منهم؟ من المقصر؟ من الذي يغيب أياماً وأياماً؟ من الذي يرتاد الملاهي والسينمات؟ من الذي يداوم؟ من الذي يدرس؟ لا بد من امتحان، ممكن توهم الناس أنك طالب جيد تسعة أشهر، لكن في يوم ما هناك امتحان، صفر أو ناجح، تأكدوا لا يمكن أن يدع الله الناس هكذا، كلنا مسلمون، كلنا مؤمنون، كلنا نحب الله عز وجل، يأتي الامتحان، الامتحان قد يكون شدة شديدة، الآن والله هناك شدة شديدة، والأخبار مخيفة، وحش حاقد وقوي، لا يرى شيئاً أمامه، يتصرف بعنجهية وحمق كبيرين، فنحن من لنا إلا الله؟؟
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
من كان مع الله كان الله معه :
أخواننا الكرام: ماذا نفعل؟ الله عز وجل قال:
﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ ﴾
[ سورة النجم: 59 ـ 60 ]
والله ينبغي أن ينتهي هذا الدرس، وأن تبدأ متاعبنا، كيف أصلح ما في بيتي؟ كيف أضبط زوجتي؟ كيف أضبط بناتي؟ كيف أحرر دخلي؟ كيف أتصل بالله؟ كيف أخشع في الصلاة؟ كيف أكون مستجاب الدعوة؟ كيف أكون من الفالحين؟ هذا شغل المؤمنين الشاغل وإلا هناك شدة شديدة، مع أنه ما من شدة إلا وراءها شدّ إلى الله، وما من محنة إلا وراءها منحة، المحنة وراءها منحة، والشدة وراءها شدة إلى الله، وأنا والله لست متشائماً لا والله، إني متفائل، لكن:
﴿وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً﴾
[ سورة الأنفال: 42 ]
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
***
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذلك لعمري في المقام شـنيـــع
لو كان حبك صادقاً لأطعتـــه إن المحب لمن يـحب يــــطيع
***
أحد التابعين كان يقرأ القرآن فإذا بقوله تعالى، الله عز وجل يصف قرآنه الكريم بأن فيه ذكرنا:
﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾
[ سورة الأنبياء: 10 ]
أي أنت كنموذج، هذا النموذج مذكور في القرآن، قرأ الآيات التي تتحدث عن الكافرين قال: لست هنالك، أنا لست كافراً والحمد لله، قرأ الآيات التي تتحدث عن المؤمنين، قال: والله لا تنطبق عليّ، أنت إذا قرأت قرآناً وهناك بالقرآن أوصاف المؤمنين، أليس هناك سؤال وجيه هل هذه الأوصاف تنطبق عليّ أم لا تنطبق؟ هذا سؤال مهم جداً، أنا الآن أضعكم أمام آيات عديدة، أقسم بالله العظيم أنني أقرؤها وأتلوها مئات المرات، لكن ما كنت أتوقع أن تكون هذه الأحداث الخطيرة التي يمر بها المسلمون هي الشفاء، تقرأ هذه الآيات وكأنها تتنزل الآن، وكأنها تنزلت في هذه الأحداث، وكأنها تتنزل أول مرة، قال: من هم المؤمنون؟ قال:
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾
[ سورة آل عمران: 173 ]
الإيمان بالله الذي بيده ملكوت كل شيء :
والله العدو يمارس علينا حرباً إعلامية تنهد لها الجبال، أي نحن مكشوفون بالأقمار الصناعية، أي حركة، أي سكنة، هناك حاملات طائرات، مئتان و خمسون طائرة عملاقة، أسلحة جرثومية، أسلحة غازية، قنابل خارقة حارقة، الآن يوجد قنابل إذا كان هناك ألف شخص بملجأ كيف نميتهم والملجأ سماكته متراً؟ إسمنت مسلح، هناك قنابل أول شيء تخرق هذه المسافة، متى تنفجر بعد خرقها ليموت كل هؤلاء، هذه القنابل خارقة حارقة، وهناك قنابل غازية، و قنابل عنقودية، و قنابل ذكية، و أشعة ليزر تركبها القنبلة تأتي في المدخنة بالضبط، هناك تفوق بالسلاح لا يصدق، وهذا كله الآن معدّ للمسلمين، كله معد لهؤلاء المسلمين الذين قالوا ربنا الله.
﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
[ سورة البروج: 8 ـ 9 ]
إذاً يوجد تخويف يفوق حدّ التصور، سألوا إنساناً معمراً بروسيا ما سر هذا العمر المديد؟ قال لهم: لأنني لا أسمع الأخبار أبداً، معه حق والله الأخبار مخيفة.
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً ﴾
[ سورة آل عمران: 173 ]
في هذه الأيام أنت بأمس الحاجة إلى الإيمان، الأمر بيد الله.

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ ﴾
[ سورة الزخرف: 84 ]
﴿الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾
[ سورة يس: 83 ]
﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
[ سورة الفرقان: 2 ]
﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾
[ سورة هود: 123 ]
﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ﴾
[ سورة السجدة: 4 ]
﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾
[ سورة الكهف: 26 ]
﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾
[ سورة الأنعام: 18 ]
والله الذي لا إله إلا هو كنت مرة في سفر فدخلت إلى مسجد، فإذا لوحة كبيرة جداً في صدر المسجد، فوق المحراب، بأكبر خطّ، بخطّ خطاط مستواه عال جداً، والله لما قرأتها اقشعر جلدي.
﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
[ سورة الفتح: 10 ]
مرة قرأت آية:
﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾
[ سورة الزخرف: 79 ]
أنتم خططوا، واتخذوا قرارات، بعضها علني، وبعضها سري.
﴿فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾
[ سورة الزخرف: 79 ]
أنا ملك الملوك، ومالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن هم عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخطة والنقمة، فهذا الذي يبدو لك قوياً، أنا أسميه فرعون العصر، فرعون العصر بيد الله، وأعوانه بيد الله، وهيئات أركانه بيد الله، وحاملات الطائرات بيد الله، والطائرات بيد الله، لكن نقول لهم: أنسيتم يوم ألقيتم على نكزاكي وهيروشيما قنبلتين ذريتين فمات خلال ثلاث ثواني ثلاثمئة ألف إنسان؟ كم ذهب لكم بهذه الأحداث ؟ ستمئة ألف كما يقولون، ثلاثمئة ألف ماتوا فوراً.
من لم يخف الله أخافه الله من كل شيء :
أيها الأخوة الكرام: أذكركم بهذه الآية:

﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
[ سورة آل عمران: 173 ]
بربك لو أن جندياً غراً التحق بلواء وكان قائد اللواء أباه، وفي هذا اللواء رتب من لواء ونازل، فجاء عريف بسبعة هدده، فصار يبكي أليس هذا الجندي فاقد العقل؟ كل هذه الرتب مهما علت بيد والده، كيف يبكي من تهديد مساعد في الجيش؟ معنى ذلك أن هذا الإنسان جاهل جهلاً مطبقاً، أنت إذا كنت مع الله لا ينبغي أن تخاف من غير الله، بعض الأدعية أدعو بها دائماً يوم الجمعة:" اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك" والله أيها الأخوة والله الذي لا إله إلا هو لو أنك لم تخف إلا من الله لا يمكن أن يخيفك الله من أحد، أما إذا لم تخف من الله فيما بينك وبينه أخافك الله من أحقر الناس، تجد شخصاً محترماً له مكانة بالسوق كبيرة، يأتي موظف فيقول لك هذا الشخص: و الله ارتعدت مفاصلي، لأن هناك حبساً مدة شهرين بعدرا، إذا كنت تغش الزبائن، وتعصي الله فيما بينك وبينه، وتملأ عينيك من الحرام، وتكذب في البيع والشراء، وتؤذي المسلمين في بيعهم، إذا دخل هذا الموظف عليك ينبغي أن تخاف، لكن من خاف الله خافه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء.
دققوا: من خاف الله خافه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء.
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
[ سورة آل عمران: 173 ]
الآن إذا إنسان وكل محامياً من الدرجة الأولى يمشي بالعرض أنا محاميّ فلان، فكيف إذا كان الله هو الذي سيدافع عنك؟ من أين هذا الكلام؟ من القرآن:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا﴾
[سورة الحج: 38 ]
وأحياناً جلت حكمته، وعلا قدره، ينجيك بسبب صغيرٍ جداً، رسول الله، أقرب إنسان إليه الصديق كانا في غار ثور، المطاردون وصلوا إلى غار ثور، ما الذي منعهم من الدخول؟ العنكبوت، العنكبوت أنقذ الدعوة الإسلامية كلها، في الخندق:
﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾
[ سورة الأحزاب: 10 ـ 12 ]
أحياناً يقول لك: هذا كله كان سحبة بسحبة، أين النصر؟ أحياناً الإنسان يمتحن، يريه الله أن الكافر قوي يفعل ما يريد، الحقيقة هذا شيء يحير، تجدهم غارقين بالجنس، غارقين بالربا، غارقين بالانحراف، باللواط، بالسحاق، مدينة بأكملها أجمل مدن أمريكا كلها لواط، إنسان فاسق، خمس و سبعون بالمئة منهم شاذون جنسياً، نساء مع نساء، ورجال مع رجال، لذلك أيها الأخوة:
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾
[ سورة آل عمران: 173 -174]
نحن في أمس الحاجة إلى الإيمان.
مهمة الشيطان إلقاء الخوف في قلوب المؤمنين :
الحقيقة هو من أين يبدأ الضعف؟ من الداخل، ماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:
((نُصِرْتُ بِالرّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ))
[ النسائي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ‏ ]
أمته حينما تركت منهجه هزمت بالرعب مسيرة عام، النصر يبدأ من الداخل، أنا أقول لكم دائماً أيها الأخوة: ليس من الخطأ ألا ننتصر، من الخطر الشديد أن نهزم من داخلنا، لذلك كأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يفرز المؤمنين.
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
كما قلت في بداية هذا الدرس أن فرعون العصر يقول: إن لم تكن معنا فأنت ضدنا، الإله العظيم لو أنه أراد أن يمتحن المؤمنين، أنت مع من؟ الله عز وجل قال:
﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾
[ سورة القصص: 50 ]
هناك طريقان لا ثالث لهما، أنت إن لم تكن على أحدهما فأنت على الآخر حتماً، دليل قطعي واضح.
﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾
[ سورة القصص: 50 ]
لذلك الآية الكريمة:
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران: 173 -175]
ماذا يفعل الشيطان؟ ليتك تقرأ الآيات المتعلقة بالشيطان مهمته الأولى أن يلقي في قلبك الخوف.
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
قال أحد كبار العلماء: معنى الآية الدقيق يخوف المؤمنين من أولياء طواغيت الكفر.
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
من ظنّ أن الله لن ينصر رسله والمؤمنين فقد ظنّ بالله غير الحق :
الآن الله عز وجل يقول لنا:
﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
كنت أقول سابقاً في قوله تعالى:
﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
[ سورة هود: 55 ـ 56 ]
إن خفت من الدواب فأنت مشرك، وإن خفت ممن يأخذ بناصية الدواب فأنت مؤمن موحد، أنت في حديقة حيوان، وحوش مخيفة كلها مربوطة بأزمة بيد جهة قوية عادلة، رحيمة، سميعة، بصيرة، أنت إن خفت من الوحش فأنت مشرك، وإن خفت ممن يملك زمام الوحش فأنت مؤمن، أنا علاقتي مع الله عز وجل، نحن في أمس الحاجة إلى هذه المعاني، نحن في أمس الحاجة إلى أن نعود إلى ديننا، أنا درس الجمعة الأول والثاني حول ماذا؟ حول الذين:
﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾
[ سورة الفتح: 6 ]
﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾
[ سورة فصلت: 23 ]
أحياناً الإنسان يظن بالله ظن السوء فيهلك، من ظنّ أن الله لن ينصر رسله والمؤمنين، فقد ظن بالله غير الحق، من ظن أن هذا الذي وقع ليس بقضاء من الله وقدر، فقد ظن بالله ظن السوء، ظن بالله غير الحق، ظن الجاهلية من ظن أن هذا الذي وقع بقضاء من الله وقدر ولكن من دون حكمة، الآن كم إنسان يقول: لو لم يكن هذا الحدث ما كنا في هذا الخطر؟ لا، لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطئه لم يكن ليصيبه.
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
أي يخوف المؤمنين من أوليائه، الله عز وجل يأمرنا، وأمر الله يقتضي الوجوب، في كل آية في كتاب الله.
﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
أنا لي كلمة أرددها كثيراً، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ لكن صدقوا أيها الأخوة أننا في هذه الحياة الدنيا كمسرح على خشبة، خشبة مسرح وهناك مقاعد للمشاهدين، إن كنت مستقيماً على أمر الله فلك مقعد مع المشاهدين، ترى عجباً، وإن لم تكن مستقيماً لا بد من أن تجر إلى خشبة المسرح، وأن تؤدب، وأن تغدو قصتك قصة ممتعة، نسأل الله السلامة.
الاتصال بين العبد و ربه اتصال مباشر :
في درس سابق ذكرت أيضاً أنه ليس بين الله وبين عباده وسيط.
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾
[ سورة البقرة: 219 ]
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾
[ سورة البقرة: 220 ]
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾
[ سورة البقرة: 222 ]
اثنتا عشرة آية تبدأ بـ يسألونك، ويأتي بين السؤال والجواب قل، إلا في آية واحدة.
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾
[ سورة البقرة: 186 ]
إذا كان لك وقت تناجيه، وقت تطلب حمايته، تطلب أن يدافع عنك، تطلب أن يحميك، والله ما كان يخطر في بالي أن من بعض الأدعية:" اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل" أحياناً يلبسونك تهمة، وأنت بريء منها.
العبرة في إهلاك الأمم لا في الأسباب الظاهرة ولكن في الأسباب الباطنة :
لكن أريد أن أقول شيئاً والله هو أهم ما في هذا الدرس، أرجو أن تستمعوا إلي جيداً والشيء خطير: دائماً عندنا أسباب ظاهرة، وأسباب بعيدة، الزلزال له سبب ظاهر، اضطراب بالقشرة الأرضية، لكن من هو مسبب الأسباب؟.
﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ﴾
[ سورة الكهف: 59 ]
في بلدة بالمغرب اسمها أغادير، أي بلد العراة، كلها نوادي عراة، وكلها منطقة سياحة، أنشئت من أجل أن تستجلب الأوربيين ليقضوا فيها متعهم الرخيصة، وينفقوا أموالهم الطائلة، هذه البلدة أصابها زلزال فاختفت في بضع ثوان، لو قلت: الزلزال سببه اضطراب القشرة الأرضية هذا كلام طيب، لكن أنت بقيت في السبب الظاهر، لو تعمقت.
﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ﴾
[ سورة الكهف: 59 ]
الآن الإنسان أحياناً يكذب بالآخرة، يظلم، يترف، يفسد، هناك عشرة أسباب في إهلاك الأمم من الكتاب والسنة، كل سبب له عدة آيات وعدة أحاديث، أسباب هلاك الأمم، لو أن أمة إسلامية استحقت الهلاك أو التأديب، هذا هو السبب الحقيقي، المباشر، قد تهلك بزلزال، وقد تهلك بفيضان، وقد تهلك بجفاف، وقد تهلك بحرب أهلية، وقد تهلك بعدوان خارجي، الظواهر متعددة، أما السبب الحقيقي فواحد.
﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 65 ]
﴿مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾
الصواعق والصواريخ ،
﴿مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾
الزلازل والألغام،
﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾
هذه الحروب الأهلية، إذاً السبب الحقيقي هو أننا وقعنا فيما يوجب هلاكنا، المباشر ما نعرف، قد يكون عدواناً داخلياً، عدواناً خارجياً، قد يكون حرباً أهلية داخلية، قد يكون زلزالاً، قد يكون جفافاً، قد يكون فيضاناً، قد يكون صواعق، لكن العبرة لا في الأسباب الظاهرة ولكن في الأسباب الباطنة.
أعراض الإعراض عن الله :
أيها الأخوة: أقول لكم هذه الحقيقة و هي خطيرة جداً، هناك في القرآن والسنة أسباب لهلاك الأمم والشعوب، هذه الأسباب هي الأسباب الحقيقية لما يصيب الناس، أما الأسباب المباشرة فتتنوع تنوعاً عجيباً، قد نهلك بالجفاف، كما في بعض البلاد، وقد نهلك بالفيضانات، وقد نهلك بالزلازل، وقد نهلك بمشكلات داخلية، كما يجري في بعض البلاد، وقد نهلك بعدوان خارجي، هذه كلها أسباب ظاهرة، ما السبب الحقيقي؟ الحقيقي أننا وقعنا فيما يوجب هلاكنا، لذلك من هو الطبيب الناجح؟ إذا جئت بطبيب وابنك حرارته مرتفعة فأعطاه خافض حرارة هل يكون طبيباً؟ أبداً، الحرارة عرض لمرض، فإن عالج هذا العرض ليس طبيباً، ينبغي أن يعالج المرض، لذلك أكثر ما نعانيه من المشكلات هي أعراض الإعراض عن الله، لعل الله سبحانه وتعالى بهذه الشدة نعود إليه، لكن ينبغي أن تعلموا أنكم إذا ظننتم أن هذا الذي حصل شر مطلق، فالشر المطلق يتناقض مع وجود الله، ولكن هذا شراً نسبياً، ظاهره مزعج لكن ينتهي إلى خير المسلمين، ينبغي أن تتفاءل، كلكم يعلم أن الذي يجري في فلسطين، هذه الشدة التي لا تحتمل، هذا فرعون فلسطين أيضاً، والله أترفع عن ذكر اسمه شهد الله لأن ذكره يعكر المجلس، أنا سميته ثوراً هائجاً مصاباً بجنون البقر، شدته وحدت الفلسطينيين، أليس كذلك؟ لم يكونوا موحدين أبداً، كانوا شطرين، شطر يعمل لصالحه وشطر آخر، هي ظاهرة شدة باهظة، هدم البيوت، وقتل النساء والأطفال، لكن أصبح هؤلاء كتلة واحدة، هذه الميزة الكبيرة تحتاج إلى سبب، ذكرت لكم مرات عديدة، أني رأيت ألماسة في استنبول تقدر بمئة و خمسين مليون دولار والألماس أساسه فحم، أحضر فحمة بحجمها كم تبيعها بسوق الفحم؟ خذ كيلو من الفحم ثم اختر أكبر فحمة كم تبيع هذه الفحمة؟ الألماس فحم لكن ما الفرق بين الألماس والفحم؟ هو الضغط، فكلما انضغطت أيها المؤمن تصبح ألماساً، لا تخف، الدنيا لا قيمة لها، الدنيا عرض زائل، يأكل منها البغي والفاجر، الله يعطي الدنيا لمن لا يحب، ويعطيها لمن يحب، إذا ليست مقياساً، ألم يعطِ الملك لفرعون؟ هل يحبه؟ لا والله، لكنه أعطى الملك لسليمان، هو نبي كريم، ألم يعطِ المال لقارون؟ هو لا يحبه، أعطى المال لسيدنا عثمان يحبه، ما دام الشيء يعطى لمن يحب و لمن لا يحب فليس مقياساً، أبداً.
الأمانة و العدل و الصدق أسباب نصر المؤمنين :
لذلك أيها الأخوة: البطولة قال لك ألا يتحقق فينا أسباب هلاك الأمم، ألا نظلم، أن نعود إلى الله، أن نتواضع، أن نتحرى الحلال، أن نضبط بيوتنا، نضبط أعمالنا، نضبط جوارحنا، أكاد أقول لكم: الإسلام مئة ألف بند، مسخ الإسلام إلى خمس عبادات شعائرية، يفعل كل شيء، رحلة عمل ذهب بها بعض الناس إلى بلد مسلم، كلهم من أبناء هذه البلدة، الذي فعلوه لا يصدق في هذه البلاد البعيدة الجميلة، لا يصدق، من شرب خمر، ومن زنى، وكلهم يرتادون بعض المساجد، أتريد أن ينزل نصر الله على هؤلاء؟ لا والله، والله لو فهم الصحابة الكرام الإسلام كما نفهمه نحن لما خرج الإسلام من مكة، كيف وصل إلى أطراف الدنيا؟ بالعدل، بالأمانة، بالصدق، بالعفة.
كنت مرة في تركيا التقيت مع جريدة زمان لإجراء حديث صحفي قلت لهم: أنتم وصلتم إلى فيينا، قال: صح، قلت له: في فيينا لوحة زيتية مشهورة تصور الجنود المسلمين العثمانيين وهم يشترون العنب من فتيات فيينا يغضون أبصارهم، ويعطونهم ثمن العنب، قلت لهم مازحاً: حينما غضضتم بصركم عن الفتيات الأجنبيات وصلتم إلى فيينا، أم حينما بحلقتم عدتم إلى ما كنتم عليه، فالقصة قصة طاعة لله.


﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
[ سورة الأحزاب: 71 ]
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-26, 08:26   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوعات إسلامية - موضوعات متفرقة - المحاضرة 039: فرز المؤمنين في الزمن الصعب.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-09-23
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الإيمان شيء خطير جداً :
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في موضوع ساخنٍ جداً يحير المسلمين، ما الذي يثبت قلب المسلم؟ قال تعالى:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾
[ سورة إبراهيم: 27 ]
ما القول الثابت؟ القرآن الكريم، أضرب مثلاً: لو أن أمةً فيها عدل تام، أقام عليك إنسان قوي جداً دعوى، والقانون معك، وهناك اجتهاد لمحكمة النقض لصالحك، والقاضي نزيه، والاجتهاد واضح وثابت ويجب أن يأخذ به، لماذا تنام مطمئناً؟ لأن هذه الفقرة في القانون لصالحك، والقاضي ينبغي أن يأخذ بها، أنت مطمئن لكلمات، لحبر على ورق، والخصم قوي جداً، له حجم كبير، وأنت لاشيء، لكن هذه الكلمات من اجتهاد محكمة النقض لصالحك، والمحامي يعرفها، والقاضي نزيه، والبلد فيه عدل، سبب الطمأنينة أن هذا الكلام لصالحك، إذاً معنى قوله تعالى:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾
[سورة إبراهيم: 27]
أي مؤمن مستقيم على أمر الله، متوجهٌ إلى الله، يخاف أن يعصي الله، يقرأ القرآن:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾
[ سورة النحل: 97 ]
هذه الآية وحدها تملأ قلبه راحة، وتملأ قلبه سكينة، وتملأ قلبه ثقةً بالله عز وجل، لذلك الإيمان شيء خطير جداً، أنت إذا كنت مؤمناً حقاً فبقلبك من الأمن ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم، الخوف يرافق الشرك، أنت خائف بقدر ما أنت مشرك، وأنت مطمئن بقدر ما أنت مؤمن، أنا لا أجرؤ، ولا يجرؤ غيري على وجه الأرض أن يقول في الدين كلاماً من عنده، من أنا؟ من أنت؟ حتى تقول في الدين كلاماً من عندك، في الدين هناك مرجعان كبيران الكتاب والسنة، لذلك هذا الأمن الذي يتمتع به المؤمن مهما اشتدت الأمور، مهما كبرت، مهما بدا لغير المؤمن أن النصر محققٌ للكافر، سيبقى متمتعاً به، ما قولك ببطل ملاكمة في العالم أمام طفل صغير عمره أربع سنوات قام فصرعه أيعد هذا وسام شرف له؟ أي ممكن أقوى دولة في العالم أن تهيئ أسلحة إلى أضعف دولة في العالم، وأفقر دولة في العالم، ومصابة جفاف مدة ثلاث سنوات، ليس هذا نصراً أبداً، إن لم يكن الطرف الآخر نداً لك لا معنى لهذا النصر، هذا نصر الجبناء أساساً، يبدو أن الله عز وجل سيحقق هذه الآية:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
هذا فرعون العصر، نحن نسميه فرعون العصر، إن لم تكن معنا فأنت ضدنا، مقولة كافر، إن لم تكن معنا فأنت ضدنا، حدد موقفك، إذاً لو أن الله أراد منا أن نحدد موقفنا، حدد موقفك، أنت محسوب مسلم لم يستغنوا عنك، محسوب مؤمن ولست بمؤمن، مع أهل الدنيا.
﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾
[ سورة البقرة: 14 ]
أي مسلم عنده عواطف، عنده خلفية إسلامية، عاطفة إسلامية، ثقافة إسلامية، اهتمامات إسلامية، أرضية إسلامية، نزعة إسلامية لكن ما هو مسلم، لأن الإسلام منهج، سبحان الله، كيف مسخ الإسلام إلى خمس عبادات شعائرية، الإسلام صدق، الإسلام أمانة، الإسلام عفة، الإسلام إنجاز وعد، الإسلام وفاء بالعهد، الإسلام استقامة، الإسلام إنصاف، والله الذي لا إله إلا هو لو قست المسلمين بمقياس الإسلام لما كانوا مسلمين، لا والله، لكن المساجد ممتلئة، العبرة بالمستقيم، الله عز وجل قال:
﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ﴾
[ سورة الكهف: 105 ]
الله عز وجل وليّ المؤمنين :
و عن ثَوْبَانَ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:
((يُوشِكُ الأُمَمُ أنْ تُدَاعِيَ عَليْكُم كَمَا تُدَاعِيَ الأكَلَةُ إلَى قَصْعَتِهَا، فقالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: بَلْ أنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثُيرٌ، وَلَكِنّكُم غُنَاءُ كَغُنَاءِ السّيْلِ))
[ أبو داود عن ثوبان]
كنت مرة في مؤتمر إسلامي في أبو ظبي، وهناك ندوة حول الجنس بقيت ثلاث ساعات، ورد أسئلة يندى لها الجبين، وكأن اهتمام العالم الإسلامي لا يزيد عن الجنس إطلاقاً، وكان من الممكن أن تلخص كل هذه الندوة بكلمتين، حرم الله شيئين في العلاقة الزوجية والباقي مباح، أما إذا المباح وردت عنه أسئلة يخجل الإنسان إذا كان وحده أن يتصورها فماذا بقي؟؟
أعيدت هذه الندوة على المحطات الفضائية ثلاث مرات ، حتى أن مجلة شاردة في مصر تناهض الدين سخرت من هؤلاء المسلمين، أنا قلت لكم سابقاً: والله لولا أن أخاً كريماً داعياً كبيراً خطيب مسجد محترماً جداً، قال لي ذلك من فمه إلى أذني لما صدقته، قال لي: كنت ببلد مسلم شرقي أوربا- هو من هناك- فاعتليت المنبر، أمامي عشرة آلاف مصلي، ألقيت خطبة رائعة جداً في أضخم مسجد حتى بكى الناس من شدة التأثر، من شدة تأثرهم أخرجوا بطحات عرق وشربوها في المسجد، وهم يبكون من هذا الخطيب، هذا نموذج من المسلمين، معاهد تستقبل طلاباً من بلاد إسلامية معها الفودكا في محافظها، أنا متأكد أن الله جل جلاله لا يمكن ومن سابع المستحيلات أن يتخلى عن المؤمنين، لكن أين المؤمنين؟ يبدو أن الله سبحانه وتعالى سيفرز المؤمنين الآن فرزاً، استمعوا إلى قوله تعالى:
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
أنت انظر إلى الطلاب في المرحلة الثانوية كلهم يرتدون ثياباً تشير إلى أنهم طلاب، لكن من هو المجتهد منهم؟ من المقصر؟ من الذي يغيب أياماً وأياماً؟ من الذي يرتاد الملاهي والسينمات؟ من الذي يداوم؟ من الذي يدرس؟ لا بد من امتحان، ممكن توهم الناس أنك طالب جيد تسعة أشهر، لكن في يوم ما هناك امتحان، صفر أو ناجح، تأكدوا لا يمكن أن يدع الله الناس هكذا، كلنا مسلمون، كلنا مؤمنون، كلنا نحب الله عز وجل، يأتي الامتحان، الامتحان قد يكون شدة شديدة، الآن والله هناك شدة شديدة، والأخبار مخيفة، وحش حاقد وقوي، لا يرى شيئاً أمامه، يتصرف بعنجهية وحمق كبيرين، فنحن من لنا إلا الله؟؟
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
من كان مع الله كان الله معه :
أخواننا الكرام: ماذا نفعل؟ الله عز وجل قال:
﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ ﴾
[ سورة النجم: 59 ـ 60 ]
والله ينبغي أن ينتهي هذا الدرس، وأن تبدأ متاعبنا، كيف أصلح ما في بيتي؟ كيف أضبط زوجتي؟ كيف أضبط بناتي؟ كيف أحرر دخلي؟ كيف أتصل بالله؟ كيف أخشع في الصلاة؟ كيف أكون مستجاب الدعوة؟ كيف أكون من الفالحين؟ هذا شغل المؤمنين الشاغل وإلا هناك شدة شديدة، مع أنه ما من شدة إلا وراءها شدّ إلى الله، وما من محنة إلا وراءها منحة، المحنة وراءها منحة، والشدة وراءها شدة إلى الله، وأنا والله لست متشائماً لا والله، إني متفائل، لكن:
﴿وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً﴾
[ سورة الأنفال: 42 ]
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
***
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذلك لعمري في المقام شـنيـــع
لو كان حبك صادقاً لأطعتـــه إن المحب لمن يـحب يــــطيع
***
أحد التابعين كان يقرأ القرآن فإذا بقوله تعالى، الله عز وجل يصف قرآنه الكريم بأن فيه ذكرنا:
﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾
[ سورة الأنبياء: 10 ]
أي أنت كنموذج، هذا النموذج مذكور في القرآن، قرأ الآيات التي تتحدث عن الكافرين قال: لست هنالك، أنا لست كافراً والحمد لله، قرأ الآيات التي تتحدث عن المؤمنين، قال: والله لا تنطبق عليّ، أنت إذا قرأت قرآناً وهناك بالقرآن أوصاف المؤمنين، أليس هناك سؤال وجيه هل هذه الأوصاف تنطبق عليّ أم لا تنطبق؟ هذا سؤال مهم جداً، أنا الآن أضعكم أمام آيات عديدة، أقسم بالله العظيم أنني أقرؤها وأتلوها مئات المرات، لكن ما كنت أتوقع أن تكون هذه الأحداث الخطيرة التي يمر بها المسلمون هي الشفاء، تقرأ هذه الآيات وكأنها تتنزل الآن، وكأنها تنزلت في هذه الأحداث، وكأنها تتنزل أول مرة، قال: من هم المؤمنون؟ قال:
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾
[ سورة آل عمران: 173 ]
الإيمان بالله الذي بيده ملكوت كل شيء :
والله العدو يمارس علينا حرباً إعلامية تنهد لها الجبال، أي نحن مكشوفون بالأقمار الصناعية، أي حركة، أي سكنة، هناك حاملات طائرات، مئتان و خمسون طائرة عملاقة، أسلحة جرثومية، أسلحة غازية، قنابل خارقة حارقة، الآن يوجد قنابل إذا كان هناك ألف شخص بملجأ كيف نميتهم والملجأ سماكته متراً؟ إسمنت مسلح، هناك قنابل أول شيء تخرق هذه المسافة، متى تنفجر بعد خرقها ليموت كل هؤلاء، هذه القنابل خارقة حارقة، وهناك قنابل غازية، و قنابل عنقودية، و قنابل ذكية، و أشعة ليزر تركبها القنبلة تأتي في المدخنة بالضبط، هناك تفوق بالسلاح لا يصدق، وهذا كله الآن معدّ للمسلمين، كله معد لهؤلاء المسلمين الذين قالوا ربنا الله.
﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
[ سورة البروج: 8 ـ 9 ]
إذاً يوجد تخويف يفوق حدّ التصور، سألوا إنساناً معمراً بروسيا ما سر هذا العمر المديد؟ قال لهم: لأنني لا أسمع الأخبار أبداً، معه حق والله الأخبار مخيفة.
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً ﴾
[ سورة آل عمران: 173 ]
في هذه الأيام أنت بأمس الحاجة إلى الإيمان، الأمر بيد الله.

﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ ﴾
[ سورة الزخرف: 84 ]
﴿الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾
[ سورة يس: 83 ]
﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
[ سورة الفرقان: 2 ]
﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾
[ سورة هود: 123 ]
﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ﴾
[ سورة السجدة: 4 ]
﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾
[ سورة الكهف: 26 ]
﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾
[ سورة الأنعام: 18 ]
والله الذي لا إله إلا هو كنت مرة في سفر فدخلت إلى مسجد، فإذا لوحة كبيرة جداً في صدر المسجد، فوق المحراب، بأكبر خطّ، بخطّ خطاط مستواه عال جداً، والله لما قرأتها اقشعر جلدي.
﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
[ سورة الفتح: 10 ]
مرة قرأت آية:
﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾
[ سورة الزخرف: 79 ]
أنتم خططوا، واتخذوا قرارات، بعضها علني، وبعضها سري.
﴿فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾
[ سورة الزخرف: 79 ]
أنا ملك الملوك، ومالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن هم عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخطة والنقمة، فهذا الذي يبدو لك قوياً، أنا أسميه فرعون العصر، فرعون العصر بيد الله، وأعوانه بيد الله، وهيئات أركانه بيد الله، وحاملات الطائرات بيد الله، والطائرات بيد الله، لكن نقول لهم: أنسيتم يوم ألقيتم على نكزاكي وهيروشيما قنبلتين ذريتين فمات خلال ثلاث ثواني ثلاثمئة ألف إنسان؟ كم ذهب لكم بهذه الأحداث ؟ ستمئة ألف كما يقولون، ثلاثمئة ألف ماتوا فوراً.
من لم يخف الله أخافه الله من كل شيء :
أيها الأخوة الكرام: أذكركم بهذه الآية:

﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
[ سورة آل عمران: 173 ]
بربك لو أن جندياً غراً التحق بلواء وكان قائد اللواء أباه، وفي هذا اللواء رتب من لواء ونازل، فجاء عريف بسبعة هدده، فصار يبكي أليس هذا الجندي فاقد العقل؟ كل هذه الرتب مهما علت بيد والده، كيف يبكي من تهديد مساعد في الجيش؟ معنى ذلك أن هذا الإنسان جاهل جهلاً مطبقاً، أنت إذا كنت مع الله لا ينبغي أن تخاف من غير الله، بعض الأدعية أدعو بها دائماً يوم الجمعة:" اللهم إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك" والله أيها الأخوة والله الذي لا إله إلا هو لو أنك لم تخف إلا من الله لا يمكن أن يخيفك الله من أحد، أما إذا لم تخف من الله فيما بينك وبينه أخافك الله من أحقر الناس، تجد شخصاً محترماً له مكانة بالسوق كبيرة، يأتي موظف فيقول لك هذا الشخص: و الله ارتعدت مفاصلي، لأن هناك حبساً مدة شهرين بعدرا، إذا كنت تغش الزبائن، وتعصي الله فيما بينك وبينه، وتملأ عينيك من الحرام، وتكذب في البيع والشراء، وتؤذي المسلمين في بيعهم، إذا دخل هذا الموظف عليك ينبغي أن تخاف، لكن من خاف الله خافه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء.
دققوا: من خاف الله خافه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء.
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
[ سورة آل عمران: 173 ]
الآن إذا إنسان وكل محامياً من الدرجة الأولى يمشي بالعرض أنا محاميّ فلان، فكيف إذا كان الله هو الذي سيدافع عنك؟ من أين هذا الكلام؟ من القرآن:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا﴾
[سورة الحج: 38 ]
وأحياناً جلت حكمته، وعلا قدره، ينجيك بسبب صغيرٍ جداً، رسول الله، أقرب إنسان إليه الصديق كانا في غار ثور، المطاردون وصلوا إلى غار ثور، ما الذي منعهم من الدخول؟ العنكبوت، العنكبوت أنقذ الدعوة الإسلامية كلها، في الخندق:
﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾
[ سورة الأحزاب: 10 ـ 12 ]
أحياناً يقول لك: هذا كله كان سحبة بسحبة، أين النصر؟ أحياناً الإنسان يمتحن، يريه الله أن الكافر قوي يفعل ما يريد، الحقيقة هذا شيء يحير، تجدهم غارقين بالجنس، غارقين بالربا، غارقين بالانحراف، باللواط، بالسحاق، مدينة بأكملها أجمل مدن أمريكا كلها لواط، إنسان فاسق، خمس و سبعون بالمئة منهم شاذون جنسياً، نساء مع نساء، ورجال مع رجال، لذلك أيها الأخوة:
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾
[ سورة آل عمران: 173 -174]
نحن في أمس الحاجة إلى الإيمان.
مهمة الشيطان إلقاء الخوف في قلوب المؤمنين :
الحقيقة هو من أين يبدأ الضعف؟ من الداخل، ماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:
((نُصِرْتُ بِالرّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ))
[ النسائي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ‏ ]
أمته حينما تركت منهجه هزمت بالرعب مسيرة عام، النصر يبدأ من الداخل، أنا أقول لكم دائماً أيها الأخوة: ليس من الخطأ ألا ننتصر، من الخطر الشديد أن نهزم من داخلنا، لذلك كأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يفرز المؤمنين.
﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾
[ سورة آل عمران: 179 ]
كما قلت في بداية هذا الدرس أن فرعون العصر يقول: إن لم تكن معنا فأنت ضدنا، الإله العظيم لو أنه أراد أن يمتحن المؤمنين، أنت مع من؟ الله عز وجل قال:
﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾
[ سورة القصص: 50 ]
هناك طريقان لا ثالث لهما، أنت إن لم تكن على أحدهما فأنت على الآخر حتماً، دليل قطعي واضح.
﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾
[ سورة القصص: 50 ]
لذلك الآية الكريمة:
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران: 173 -175]
ماذا يفعل الشيطان؟ ليتك تقرأ الآيات المتعلقة بالشيطان مهمته الأولى أن يلقي في قلبك الخوف.
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
قال أحد كبار العلماء: معنى الآية الدقيق يخوف المؤمنين من أولياء طواغيت الكفر.
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
من ظنّ أن الله لن ينصر رسله والمؤمنين فقد ظنّ بالله غير الحق :
الآن الله عز وجل يقول لنا:
﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
كنت أقول سابقاً في قوله تعالى:
﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
[ سورة هود: 55 ـ 56 ]
إن خفت من الدواب فأنت مشرك، وإن خفت ممن يأخذ بناصية الدواب فأنت مؤمن موحد، أنت في حديقة حيوان، وحوش مخيفة كلها مربوطة بأزمة بيد جهة قوية عادلة، رحيمة، سميعة، بصيرة، أنت إن خفت من الوحش فأنت مشرك، وإن خفت ممن يملك زمام الوحش فأنت مؤمن، أنا علاقتي مع الله عز وجل، نحن في أمس الحاجة إلى هذه المعاني، نحن في أمس الحاجة إلى أن نعود إلى ديننا، أنا درس الجمعة الأول والثاني حول ماذا؟ حول الذين:
﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾
[ سورة الفتح: 6 ]
﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾
[ سورة فصلت: 23 ]
أحياناً الإنسان يظن بالله ظن السوء فيهلك، من ظنّ أن الله لن ينصر رسله والمؤمنين، فقد ظن بالله غير الحق، من ظن أن هذا الذي وقع ليس بقضاء من الله وقدر، فقد ظن بالله ظن السوء، ظن بالله غير الحق، ظن الجاهلية من ظن أن هذا الذي وقع بقضاء من الله وقدر ولكن من دون حكمة، الآن كم إنسان يقول: لو لم يكن هذا الحدث ما كنا في هذا الخطر؟ لا، لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطئه لم يكن ليصيبه.
﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
أي يخوف المؤمنين من أوليائه، الله عز وجل يأمرنا، وأمر الله يقتضي الوجوب، في كل آية في كتاب الله.
﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة آل عمران: 175]
أنا لي كلمة أرددها كثيراً، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ لكن صدقوا أيها الأخوة أننا في هذه الحياة الدنيا كمسرح على خشبة، خشبة مسرح وهناك مقاعد للمشاهدين، إن كنت مستقيماً على أمر الله فلك مقعد مع المشاهدين، ترى عجباً، وإن لم تكن مستقيماً لا بد من أن تجر إلى خشبة المسرح، وأن تؤدب، وأن تغدو قصتك قصة ممتعة، نسأل الله السلامة.
الاتصال بين العبد و ربه اتصال مباشر :
في درس سابق ذكرت أيضاً أنه ليس بين الله وبين عباده وسيط.
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾
[ سورة البقرة: 219 ]
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾
[ سورة البقرة: 220 ]
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾
[ سورة البقرة: 222 ]
اثنتا عشرة آية تبدأ بـ يسألونك، ويأتي بين السؤال والجواب قل، إلا في آية واحدة.
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾
[ سورة البقرة: 186 ]
إذا كان لك وقت تناجيه، وقت تطلب حمايته، تطلب أن يدافع عنك، تطلب أن يحميك، والله ما كان يخطر في بالي أن من بعض الأدعية:" اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل" أحياناً يلبسونك تهمة، وأنت بريء منها.
العبرة في إهلاك الأمم لا في الأسباب الظاهرة ولكن في الأسباب الباطنة :
لكن أريد أن أقول شيئاً والله هو أهم ما في هذا الدرس، أرجو أن تستمعوا إلي جيداً والشيء خطير: دائماً عندنا أسباب ظاهرة، وأسباب بعيدة، الزلزال له سبب ظاهر، اضطراب بالقشرة الأرضية، لكن من هو مسبب الأسباب؟.
﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ﴾
[ سورة الكهف: 59 ]
في بلدة بالمغرب اسمها أغادير، أي بلد العراة، كلها نوادي عراة، وكلها منطقة سياحة، أنشئت من أجل أن تستجلب الأوربيين ليقضوا فيها متعهم الرخيصة، وينفقوا أموالهم الطائلة، هذه البلدة أصابها زلزال فاختفت في بضع ثوان، لو قلت: الزلزال سببه اضطراب القشرة الأرضية هذا كلام طيب، لكن أنت بقيت في السبب الظاهر، لو تعمقت.
﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ﴾
[ سورة الكهف: 59 ]
الآن الإنسان أحياناً يكذب بالآخرة، يظلم، يترف، يفسد، هناك عشرة أسباب في إهلاك الأمم من الكتاب والسنة، كل سبب له عدة آيات وعدة أحاديث، أسباب هلاك الأمم، لو أن أمة إسلامية استحقت الهلاك أو التأديب، هذا هو السبب الحقيقي، المباشر، قد تهلك بزلزال، وقد تهلك بفيضان، وقد تهلك بجفاف، وقد تهلك بحرب أهلية، وقد تهلك بعدوان خارجي، الظواهر متعددة، أما السبب الحقيقي فواحد.
﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾
[ سورة الأنعام: 65 ]
﴿مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾
الصواعق والصواريخ ،
﴿مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾
الزلازل والألغام،
﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾
هذه الحروب الأهلية، إذاً السبب الحقيقي هو أننا وقعنا فيما يوجب هلاكنا، المباشر ما نعرف، قد يكون عدواناً داخلياً، عدواناً خارجياً، قد يكون حرباً أهلية داخلية، قد يكون زلزالاً، قد يكون جفافاً، قد يكون فيضاناً، قد يكون صواعق، لكن العبرة لا في الأسباب الظاهرة ولكن في الأسباب الباطنة.
أعراض الإعراض عن الله :
أيها الأخوة: أقول لكم هذه الحقيقة و هي خطيرة جداً، هناك في القرآن والسنة أسباب لهلاك الأمم والشعوب، هذه الأسباب هي الأسباب الحقيقية لما يصيب الناس، أما الأسباب المباشرة فتتنوع تنوعاً عجيباً، قد نهلك بالجفاف، كما في بعض البلاد، وقد نهلك بالفيضانات، وقد نهلك بالزلازل، وقد نهلك بمشكلات داخلية، كما يجري في بعض البلاد، وقد نهلك بعدوان خارجي، هذه كلها أسباب ظاهرة، ما السبب الحقيقي؟ الحقيقي أننا وقعنا فيما يوجب هلاكنا، لذلك من هو الطبيب الناجح؟ إذا جئت بطبيب وابنك حرارته مرتفعة فأعطاه خافض حرارة هل يكون طبيباً؟ أبداً، الحرارة عرض لمرض، فإن عالج هذا العرض ليس طبيباً، ينبغي أن يعالج المرض، لذلك أكثر ما نعانيه من المشكلات هي أعراض الإعراض عن الله، لعل الله سبحانه وتعالى بهذه الشدة نعود إليه، لكن ينبغي أن تعلموا أنكم إذا ظننتم أن هذا الذي حصل شر مطلق، فالشر المطلق يتناقض مع وجود الله، ولكن هذا شراً نسبياً، ظاهره مزعج لكن ينتهي إلى خير المسلمين، ينبغي أن تتفاءل، كلكم يعلم أن الذي يجري في فلسطين، هذه الشدة التي لا تحتمل، هذا فرعون فلسطين أيضاً، والله أترفع عن ذكر اسمه شهد الله لأن ذكره يعكر المجلس، أنا سميته ثوراً هائجاً مصاباً بجنون البقر، شدته وحدت الفلسطينيين، أليس كذلك؟ لم يكونوا موحدين أبداً، كانوا شطرين، شطر يعمل لصالحه وشطر آخر، هي ظاهرة شدة باهظة، هدم البيوت، وقتل النساء والأطفال، لكن أصبح هؤلاء كتلة واحدة، هذه الميزة الكبيرة تحتاج إلى سبب، ذكرت لكم مرات عديدة، أني رأيت ألماسة في استنبول تقدر بمئة و خمسين مليون دولار والألماس أساسه فحم، أحضر فحمة بحجمها كم تبيعها بسوق الفحم؟ خذ كيلو من الفحم ثم اختر أكبر فحمة كم تبيع هذه الفحمة؟ الألماس فحم لكن ما الفرق بين الألماس والفحم؟ هو الضغط، فكلما انضغطت أيها المؤمن تصبح ألماساً، لا تخف، الدنيا لا قيمة لها، الدنيا عرض زائل، يأكل منها البغي والفاجر، الله يعطي الدنيا لمن لا يحب، ويعطيها لمن يحب، إذا ليست مقياساً، ألم يعطِ الملك لفرعون؟ هل يحبه؟ لا والله، لكنه أعطى الملك لسليمان، هو نبي كريم، ألم يعطِ المال لقارون؟ هو لا يحبه، أعطى المال لسيدنا عثمان يحبه، ما دام الشيء يعطى لمن يحب و لمن لا يحب فليس مقياساً، أبداً.
الأمانة و العدل و الصدق أسباب نصر المؤمنين :
لذلك أيها الأخوة: البطولة قال لك ألا يتحقق فينا أسباب هلاك الأمم، ألا نظلم، أن نعود إلى الله، أن نتواضع، أن نتحرى الحلال، أن نضبط بيوتنا، نضبط أعمالنا، نضبط جوارحنا، أكاد أقول لكم: الإسلام مئة ألف بند، مسخ الإسلام إلى خمس عبادات شعائرية، يفعل كل شيء، رحلة عمل ذهب بها بعض الناس إلى بلد مسلم، كلهم من أبناء هذه البلدة، الذي فعلوه لا يصدق في هذه البلاد البعيدة الجميلة، لا يصدق، من شرب خمر، ومن زنى، وكلهم يرتادون بعض المساجد، أتريد أن ينزل نصر الله على هؤلاء؟ لا والله، والله لو فهم الصحابة الكرام الإسلام كما نفهمه نحن لما خرج الإسلام من مكة، كيف وصل إلى أطراف الدنيا؟ بالعدل، بالأمانة، بالصدق، بالعفة.
كنت مرة في تركيا التقيت مع جريدة زمان لإجراء حديث صحفي قلت لهم: أنتم وصلتم إلى فيينا، قال: صح، قلت له: في فيينا لوحة زيتية مشهورة تصور الجنود المسلمين العثمانيين وهم يشترون العنب من فتيات فيينا يغضون أبصارهم، ويعطونهم ثمن العنب، قلت لهم مازحاً: حينما غضضتم بصركم عن الفتيات الأجنبيات وصلتم إلى فيينا، أم حينما بحلقتم عدتم إلى ما كنتم عليه، فالقصة قصة طاعة لله.


﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾
[ سورة الأحزاب: 71 ]
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-27, 09:29   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوعات إسلامية - موضوعات متفرقة - المحاضرة 040: الدروس المستفادة من الأحداث الجارية في العالم .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-09-30
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
لله في خلقه آيات ثلاث :
أيها الأخوة المؤمنون: إن لله في خلقه آيات ثلاث: له آيات كونية هي خلقه، وهذه ثابتة واضحة، السير في التفكر في آيات الله الكونية آمن وثابت، ولا مشكلة أبداً، وتفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا.
وإن لله في خلقه آيات تكوينية، أي أفعاله، زلزال، صواعق، براكين، حروب أهلية، اجتياح، تدمير، حروب، هذه أفعاله.
وله في خلقه آيات قرآنية: كلامه، أمر واضح كالشمس، خلقه وأفعاله وكلامه. تفكروا في خلقه ما شئتم، الطريق سالك وآمن إلى الله، ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا، لكن الله جل جلاله أمرنا أن ننظر في أفعاله، ننظر في أفعاله في ضوء أقواله.
الحقيقة التفكر في أفعال الله من دون أن تستنير بأقواله طريق فيه ألغام كثيرة، تجد شعوباً كثيرة مقهورة مضطهدة جاهلة، وشعوب غارقة في الآثام والمعاصي والإباحية وكل أنواع الفجور وهي قوية ومستعلية، إن نظرت إلى أفعاله من دون أن تهتدي بأقواله هناك مطب كبير جداً، النظر في خلقه من دون قيد أو شرط، لكن النظر في أفعاله يحتاج إلى أن تستنير بأقواله، تنظر إلى أفعاله من خلال أقواله، ولأن المسلم يعيش كغيره من الناس، هناك أحداث - طبعاً هذا هو الدرس الثالث الذي لم أستطع أن أنفك فيه عن الموضوع الساخن الذي حولنا، هذا الموضوع موضوع مصيري- قد يأتي قصف يدمر بلداً مسلماً بأكمله، وهناك بلاد إسلامية عديدة جداً معرضون للقصف ومستهدفون، لذلك حتى في هذا الدرس الثالث لم أستطع أن أنفك عن هذا الحدث الضخم الذي ألمّ بالعالم كله، لكن كما أقول دائماً: هناك ألف منبر إعلامي، صحيفة، مجلة، محطة فضائية.... القائمون على هذه المنابر لهم أن يقولوا ما شاؤوا، ولكنك إذا دخلت إلى بيت من بيوت الله لا يمكن إلا أن تستمع إلى ما في الكتاب والسنة من تفسير لما يجري، هنا مقيدون بمنهج، هنا مقيدون بحكم شرعي، هنا مقيدون بالوحيين الكتاب والسنة، هنا لا نستطيع أن نقول كلمة إلا وفق الكتاب والسنة، لكن لأن هذا الحدث ساخن جداً ولا يعفى أحد من التأثر به، عدو أو صديق، ولأن مستقبله خطير جداً، لابد من أن نبقى بهذا الحدث والموضوع الساخن .
التّولي و التّخلي :
أيها الأخوة: الإنسان من دون وحي - وأنا أقول هذا مراراً - كالذي يملك عيناً حادة البصر من دون نور، حكمه حكم الأعمى، والعقل البشري من دون وحي يدمر صاحبه، أول وهم كبير تلاشى أن القوة هي كل شيء، وأن القوة هي التي تصنع الحق عند هؤلاء، وأنه ما من حصن لك كأن تكون قوياً، وقد غاب عن هؤلاء الأقوياء ما في القرآن الكريم من تعقيب على هذه المقولة، قالت عاد:
﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾
[ سورة فصلت: 15 ]
لمجرد أن تقول: إنه ليس هناك من هو أقوى مني، سيريك الله جل جلاله أن قوتك لا شيء أمام قوته، لذلك هذه الآية:
﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾
[سورة الحشر: 2]
درس لنا، درس لكل مسلم على مستوى فردي، لا تقل: أنا متفوق، أنا متمكن، أنا عندي مال لا تأكله النيران، أنا مركزي قوي جداً في هذه الوظيفة، حينما تقول: أنا قوي تقع في مطب كبير، وقد يرتكب الذي يدعي هذه القوة حماقة ما بعدها حماقة، ويرتكب خطأ ما بعده خطأ، الحقيقة الله عز وجل أمرنا أن ننظر في أفعاله، أمرنا أن نتفكر في خلقه.
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
[سورة آل عمران: 190-191]
وأمرنا أن ننظر في أفعاله.
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾
[سورة الأنعام: 11]
الذين كذبوا بالوحي، وكذبوا بالدين، وآمنوا بالدنيا فقط، ونظروا بعين واحدة، وعينهم على الحياة الدنيا فقط، هؤلاء كيف أن الله يأتيهم من حيث لم يحتسبوا، وكيف أن الله يقذف في قلوبهم الرعب، القصص التي نسمعها عن انتشار الرعب والذعر في هذه البلاد العقل لا يصدقها، طائرة ضخمة جداً متوجهة من لوس أنجلوس إلى كندا فيها راكب يدخن، طلب منه أن يطفئ سيجارته فأبى، فخافوا منه، فرجعت الطائرة بعد أن أمضت ساعتين من الطيران، وحلقت إلى جانبها طائرتان عسكريتان خوفاً من أن تتجه إلى جهة، هاتف يأتي إلى مطار فرنسا أنه يوجد قنبلة، تغلق أبواب المطار تلغى الرحلات كلها، ساعتان تعطلت فيها حركة الطيران، والله أنا أستمع كل يوم إلى خبر لا يصدق يعيق حركة المطار عشر ساعات، راكب عنده دعابة جاءت المضيفة قال: هل يوجد إرهابي؟ قال: أنا إرهابي، وألغيت الرحلة وأخذوه إلى التحقيق ثلاث ساعات ! قال: أنا أمزح لا يوجد شيء من هذا.
فيا أيها الأخوة: أنا أريد أن أستفيد من هذا الذي وقع، يوجد آيات، والإنسان يقرأ الآيات فلا ينتبه إليها، إياك أن تقول: من أشد مني قوة؟ لا على مستوى جماعي، ولا على مستوى فردي، ولا على مستوى صاحب حرفة، لأنك تكون أول تاجر تصبح آخر تاجر، أنا أول مدرس تصبح آخر مدرس، أنا أول طبيب، يوجد طبيب تفوق تفوقاً يفوق حدّ الخيال، طبيب نسائي، و ذاع صيته، واعتز بعلمه، أثناء ولادة أراد أن يقطع المشيمة فقطع الرحم، وقطع الأمعاء، ولولا أنه أسعف هذه المريضة إلى مستشفى أخرى لسحبت منه شهادته، قائد فوج في الحج تفوق تفوقاً كبيراً فقدم له كتاب شكر، أذاع هذا الكتاب في الأوساط الدينية، في العام القادم كان فوجه أسوأ فوج! إياك أن تقول: أنا، الصحابة الكرام وفيهم رسول الله قالوا: لن نغلب من قوة فغلبوا في حنين.
﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ﴾
[سورة التوبة: 25]
من اعتمد على القوة وحدها فقد أخطأ الهدف :
إذاً أنا أيها الأخوة أدعوكم إلى التأمل فيما جرى لا في ضوء التحليلات التي تسمعونها، لأن الإعلام الغربي خطير جداً، ورد ذكره في القرآن الكريم، من يذكر الآية؟ الإعلام الغربي أخطر سلاح بيد الغرب قال تعالى:
﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى﴾
[سورة غافر: 29]
على لسان فرعون، أنت لا تستمع إلى خبر إلا إذا كان مستهدفاً من قبلهم، حتى تتحطم معنويات المسلم، حتى يخاف، حتى يستسلم، حتى يقعد، أنت إعلامك قرآني، فأول شيء من اعتمد على القوة وحدها فقد أخطأ الهدف، يجب أن تعتمد على الله وأن تسعى أن تكون قوياً.
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾
[ سورة الأنفال: 60 ]
أما هؤلاء الذين بلغوا ذروة النجاح في القوة فلأنهم اغتروا، إذاً قوتهم كانت سبب تدميرهم، لذلك الآن يطرح في الإعلام أن القوة وحدها لا تكفي لابد من أن يكون مع القوة حكمة، ولولا الحكمة مع القوة لكانت القوة مدمرة لصاحبها، أنا أرى أن درس بدر وحنين درسان خطيران في حياة المسلمين، لمجرد أن تقول: أنا، يتخلى الله عنك، لمجرد أن تقول: الله، يتولاك الله.
﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
[سورة التوبة: 25]
وفي بدر:
﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾
[ سورة آل عمران: 123 ]
أول درس نستفيده أن القوة وحدها لا تكفي، وأنها قد تؤدي إلى الغرور ومع الغرور الحمق.
النبي عليه الصلاة والسلام بالحكمة التي منحها الله إياها حوّل أعداءه إلى أصدقاء، والإنسان من دون حكمة يحول أصدقائه إلى أعداء، وأنا هذا أعده مقياساً دقيقاً، إذا كنت متفوقاً في تحويل كل صديق إلى عدو فojأنت بعيد عن حكمة الله بعد الأرض عن السماء، وإذا كنت متفوقاً في تحويل العدو إلى صديق فأنت تملك حكمة لا تقدر بثمن.
لا ينفع حذر من قدر :
الشيء الثاني: أنه لا ينفع حذر من قدر، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، مهما كنت محتاطاً، مهما غطيت كل الثغرات تغطية تامة، لا ينفع حذر من قدر، ولكن ينفع أن تستعين بالله، كلما أخذت احتياطات مشددة.
أنا أذكر قصة لا أنساها مضحكة: أخ عنده مزرعة دعا أصدقاءه إليها، فجاؤوا قبله، والمزرعة لها باب كبير وشامخ، وعليها قفل كبير وحائطان، أين يجلسون؟ صعدوا فوق الباب وتمزقت ثيابهم، والبطيخة انكسرت، فلما دخلوا إلى المزرعة لم يجدوا لها سوراً، وكان بالإمكان أن يدخلوها من طرف آخر مشياً، فنحن نفكر بهجوم بعيد جداً، درع صاروخي، أي صاروخ يأتينا قبل مئات الكيلو مترات يُفجر إلكترونياً، فالذي يعتد بقوته قد يؤتى من حيث لا يحتسب، هذا درس بليغ لنا، لا ينفع حذر من قدر ولكن ينفع الدعاء مما نزل ومما لم ينزل، الدرس الثاني إذاً القوة مدمرة من دون حكمة، المقولة التي سمعتها هناك كثيراً أثناء زياراتي أن القوة تصنع الحق.
على الإنسان ألا يتمتع بالحياة وحده :
أنا كنت أقول: الحق ما جاء به الوحيان ولكنه يحتاج إلى قوة، الآن يقال وأنا سمعت هذا بأذني أن القوة وحدها لا تكفي، لابد لها من حكمة، فإن لم يكن معها حكمة فهي قوة مدمرة، هذا درس لنا، لماذا أمرنا بدفع الزكاة؟ قال تعالى:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾
[ سورة التوبة: 103 ]
تطهرهم من ماذا؟ قال: تطهر الفقير من الحقد، والغني من الشح، أنت مستحيل أن تعيش وحدك، وأن تأكل وحدك، وأن ترتدي أجمل الثياب وحدك، أن تأتي لأولادك بكل ما لذّ وطاب، وأن تتغافل عمن حولك، الفقراء الجائعون المحتاجون، فإن لم تفعل غرست فيهم الحقد، وهذا الحقد سوف يصبح قوة مدمرة، ولا أبالغ إن ما تعانيه البشرية من هؤلاء المحرومين من دون إيمان عميق يمتلئون حقداً، فهناك ظلم عام، ألم يقل عليه الصلاة والسلام:
(( تُمْلَأُ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَجَوْرًا ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا ))
[ أحمد عن أبي سعيد]
ألم يقل عليه الصلاة والسلام:
(( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ))
[ مسلم عن أبي هريرة]
ألم يقل عليه الصلاة والسلام:
(( يوم يذوب قلب المؤمن في جوفه مما يرى ولا يستطيع أن يغير، إن تكلم قتلوه، وإن سكت استباحوه ))
[ابن ماجه وابن حبان والحاكم عن أبي ثعلبة الخشني ]
كم مأساة جرت في العالم ولم يعبأ بها الإعلام الغربي؟ هل تذكرون راوندا بإفريقيا ذبح خمسمئة ألف و لم يحركوا ساكناً، لكنهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على ستة آلاف، بجنوب أفريقيا ذبح خمسمئة ألف في يومين، حتى أن مياه النيل أصبحت حمراء! في الصرب ذبح عشرة آلاف من المدنيين ودفنوا في مقابر جماعية، لو ذهبت إلى أن أعدد ما يجري في العالم من مآسي في هورشيما ونكزاكي قتل ثلاثمئة ألف بثلاث ثوان بقنبلتين ذريتين! أينما ذهبت تجد مذابح و حروباً... الحرب العالمية الثانية خمسون مليون قتيل، فهناك مآس كبيرة، هذا المظلوم لابد من أن يحقد، وإذا حقد لا يملك شيئاً يخاف عليه، هنا قوته.
قصة قديمة: أذكر مرة إنساناً عمل عملاً استشهادياً في الأرض المحتلة وقتل سبعة عشر إسرائيلياً، وكان قد رفض في ذلك الوقت وزير الدفاع ذكر اسمه، فلما دخل إلى المجلس النيابي عندهم ضجّ النواب و بدؤوا يقرعونه فقال كلمة بليغة: ماذا أفعل بإنسان جاء ليموت؟ القوة أين تكمن؟ أن هذا الذي تهدد أن تقتله هو جاء طواعية، هذا الذي جاء ليموت يهدد أكبر قوة في العالم.
فلذلك أيها الأخوة عندما قال سيدنا علي: كاد الفقر أن يكون كفراً، فأنت أيضاً أيها الأخ درس ثان لا تتمتع بالحياة وحدك، وزّع، أطعم من حولك، ألبس من حولك، لا تكن أنانياً، يجب أن يعيش هذا المجتمع برفاه ما بعده رفاه، الطائرة الخاصة شيء طبيعي جداً، اليخت الخاص طبيعي جداً، مستوى المعيشة يفوق حدّ الخيال، الرقم فلكي، تجد الرجل معه ملايين، كل فرد له سيارة، لا يوجد بيت فوق بيت بكل أمريكا! كله فلل، والمساحات الخضراء أضعاف مساحة البيوت، و المسابح المدفأة، والمركبات الفارهة، والأسعار الرخيصة، والحاجات الميسورة، إذا كان في الأرض جنة فهي هناك، لكنهم ليسوا إنسانيين، بل هم عنصريون، بمعنى أنهم يمتعون شعبهم فقط على حساب بقية الشعوب، فأنت حينما تأكل وحدك، وتسكن وحدك، وتتمتع بالحياة وحدك، هذا الطرف الآخر سوف يحقد، وليس عنده شيء يخاف عليه، سوف يغدو قنبلة لك، هذا بالعمق، طبعاً لا يعنينِي مَن فعل هذا قبل أن تأتي التحقيقات، لكن يوجد ظلم عام بالأرض.
العنف لا يعالج بالعنف بل يعالج بالعدل :
أخواننا الكرام: توجد مقولة دقيقة جداً والله سمعتها منذ عشرين سنة: بدأت الحرب بالإنسان وانتهت بالإنسان، ماذا يفعل سلاح نووي تملكه أعظم دولة أمام إنسان إذا أراد أن يموت فسبب مشكلة لا تنتهي؟ أنا لا يعنيني في هذا الدرس لا أسماء بلاد ولا أسماء شعوب ولا أسماء دول، يعنيني حقائق مطلقة، أنا كمسلم رأيت وسمعت حدثاً كبيراً بالعالم قد يكون أكبر حدث كان له أثر كبير، يعنيني كيف أفهم هذا الحدث من كتاب الله، لذلك الله عز وجل عادل، يعطي الإنسان قوة، ويعطي الضعيف قوة من نوع آخر.
من التعليقات اللطيفة أن وحيد القرن عندهم قال: أيعقل أن ألقِي صاروخاً بلغت كلفته مليوني دولار على خيمة بلغت كلفتها عشرة دولارات؟ قوة الضعيف لا شيء عنده يخاف عليه، كلها بيوت من اللبن والخيم لا يوجد هدف اضربوا كما شئتم، الضعيف عنده قوة، أحياناً قوته كامنة في ضعفه، توجد حكمة إلهية كبيرة جداً، والإنسان المتغطرس يخشى أن يأتي إليه تردد عشرة أيام، فلذلك بدأت الحرب بالإنسان وانتهت بالإنسان، فمقابل القوى العاتية الجبارة مقابل التفوق التكنولوجي في الأسلحة يوجد إنسان يحب أن يموت في سبيل الله.
أعتقد أن في عام تسعة وستين كان هناك كتاب للمرحلة الثانوية مقرر، كتاب مشهور اسمه معذبو الأرض، وكان هذا الكتاب لإنسان مفكّر إفريقي، محور الكتاب أن العنف لا يلد إلا العنف، وكل إنسان يتاح له أن يؤذي، قبل يومين دخل إنسان إلى البرلمان السويسري وقتل ستة عشر شخصاً، لم يقولوا عنه إرهابياً قالوا: عنده مشكلة نفسية! انحياز لا يحتمل، هذا يعني أن أي إنسان ممكن أن يؤذي، مهما تحصنت، قد يؤتى الإنسان من مأمنه، فلذلك الحياة تستقيم بالعدل، متى يزول العنف؟ إذا زال الظلم فقط، مهما تحصنت، وأخذت احتياطات مشددة، الله عز وجل قد يأتي إلى هذا المتغطرس من مأمنه، يؤتى الحذر من مأمنه.
أنا أقول دائماً أيها الأخوة: الطبيب الناجح إذا رأى ارتفاع حرارة من الخطأ الفادح أن يعطي المريض خافضات للحرارة فقط، يجب أن يبحث عن أصل الداء، أصل الداء يوجد التهاب، ما لم يعالج الالتهاب لن يشفى المريض، وأنا أقول لكم الآن: ما يجري في العالم لا يُزال بضربة انتقامية، العنف لا يُزال بعنف مثله، قتل الأبرياء لا يعالج بقتل أبرياء، بل إن قتل الأبرياء إذا كان علاجاً لقتل أبرياء سيوقع شرخاً في العالم لا حدود له، يجب أن تبحث عن سبب هذا العنف، سببه ظلم عام على مستوى الشعوب لا على مستوى الأفراد.
ازدواج المعايير مشكلة كبيرة جداً :
أيها الأخوة: هناك نقطة دقيقة جداً الإنسان لو لم يرتد ثياباً شكله لا يحتمل، الله عز وجل جملنا بالثياب، و الإنسان حينما يكيل بمكيالين لا يحتمل أبداً، لا يحتمل، لو أن الأب يعامل ابنته غير ما يعامل زوجة ابنه، البنت مغفور ذنبها، أما الكنه فتعامل بقسوة بالغة، فإنه يكيل بمكيالين، أحياناً إنسان يعامل ابنه يتمناه أن يكون طبيباً، يدفع له ملايين الليرات كدروس خاصة، لكن إذا عنده صانع يتيم وطلب منه الذهاب قبل ربع ساعة من نهاية الدوام ليلتحق بمدرسة ليلية لا يسمح له، لأنه بنظره عندما يتعلم يخرج عنه، وكل إنسان يكيل بمكيالين ساقط من عين الله بشكل عام، أنا كنت مرة بمحل تجاري فيه صانع وهناك ابن صاحب المحل، هذا المحل هو محل أقمشة، حمّل الصانع أول توب وثاني توب وثالث توب لم يعد يحتمل قال: لم أعد أستطع، قال له: أنت شاب، ابنه حمل توباً واحداً قال له: بابا انتبه لظهرك! كم هذا الموقف بشع! كل إنسان يكيل بمكيالين تحتقره وتلعنه، والدنيا كلها تلعنه، يذبح ثلاثمئة ألف بالشيشان يقولون: شأن داخلي، تصبح مشكلة بأندونيسيا يقولون: حقوق الإنسان، لماذا هنا حقوق إنسان وهنا شأن داخلي؟ يعتدي المعتدي نقول للمعتدى عليه: اضبط نفسك، والمعتدي ندعمه.
الحقيقة العالم كله يشكو من الكيل بمكيالين، يصير حدث بمنطقة تجد الدول كلها تجمعت، يصيب منطقة ثانية كثيراً من المآسي تحت التعتيم الإعلامي، فالطرف الشارد عن الله يكيل بمكيالين.
سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قال:
((عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ))
[متفق عليه عن عائشة أم المؤمنين ]
لذلك أيها الأخوة: ازدواج المعايير مشكلة كبيرة جداً، نحن لا يعنينا الأمور الكبيرة، يعنينا أنت بحياتك اليومية في معاملتك لأصهارك وبناتك وأولادك لا تكيل بمكيالين، مكيال واحد، مقياس واحد، كلما كلت بمقياس واحد علوت في نظر الناس، وكلما كلت بمقياسين سقطت من عين الله.
وأقول لكم مرة ثانية وهذه والله قناعتي: قتل الأبرياء لا يقبله أحد لكن لا يعالج بقتل أبرياء، والعنف لا يعالج بالعنف، يعالج بالعدل.
التوحيد لا يلغي العدل و المسؤولية :
الفكرة الثالثة في هذا الدرس دقيقة جداً: الله عز وجل حينما يسمح لهذا الحدث أن يقع بصرف النظر عن مشروعية فاعله، هذا الذي تحدث عن السيدة عائشة ورماها بالزنى عمله مشروع؟ أجيبوني؟ لا، قال:
﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
[سورة النور: 11]
لكن لماذا سمح الله به؟ لحكمة كبيرة جداً فقال:
﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ﴾
[سورة النور: 11]
توجد آيتان، الآية الأولى:
﴿بَلْ هُوَ خَيْرٌ﴾
[سورة النور: 11]
توحيدياً، والآية الثانية:
﴿لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
[سورة النور: 11]
عدلاً، معنى ذلك التوحيد لا يلغي العدل، الفكرة دقيقة، مريض جاء للإسعاف والطبيب يقرأ جريدة، وأمامه ممرضة يغازلها، الآن انتظر فمات المريض، إذا قال: المريض مات بأجله يعاقب عليها، هو مات بأجله، لكن التوحيد لا يلغي العدل والمسؤولية، لأن هذا الذي حدث حدث بمشيئة الله وسمح الله به، ليس معنى هذا أن الذين فعلوه مغطون، لا هذا موضوع ثان، سآتيكم بالأدلة، لكن حينما يسمح الله لمثل هذه الأحداث أن تقع الهدف هو الفرز، بهذا الحدث كشف كل شيء، كشف العالم.
العالم فريقان حق و باطل :
العالم فريقان: حق وباطل، في بدر كشف المؤمنون، بالخندق ماذا قال ضعاف الإيمان؟
﴿مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾
[سورة الأحزاب: 12]
ماذا فعل أقوياء الإيمان؟ قال:

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾
[سورة الأحزاب: 23]
هذا يعني أنه فرز، لذلك:
﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ﴾
[سورة الأحزاب:10-11]
بالخندق فرزوا، وبأحد فرزوا، وبحنين فرزوا، وبالهجرة فرزوا، ونحن نفرز كل يوم، حق وباطل، أحياناً جامعو الأموال قد يأخذون أموال هؤلاء بالباطل، فضعاف الإيمان يلجؤون للبنوك، ما جرى في هذا البلد من خطأ جسيم من قبل جامعي الأموال كان فرزاً للناس، ضعيف الإيمان قال: البنك أفضل لنا لأنه آمن ولم يعبأ بتحريم الله له، فأنا أرى أنه ما من حدث يقع إلا وفيه فرز للمؤمنين، وهذا فيه فرز، نحن جميعنا مؤمنون والحمد لله، رواد المساجد كثر، صار الإنسان الذي يخاف مما سوى الله مشرك، و الذي خاف من الله وحده مؤمن، قال:
﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ﴾
[سورة آل عمران: 175]
هذا فرز، من يخاف من الله وحده هذا المؤمن الموحد، من يخاف مما سوى الله، من هذه القوى الجبارة، هذا مشرك.
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾
[سورة آل عمران: 173]
﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
[سورة آل عمران: 175]
في الفكرة الثانية موضوع الفرز، مثل هذه الأحداث الكبرى سمح بها من أجل أن يفرز الناس إلى فريقين، دققوا في هذه الآية هذه قالتها عاد الثانية.
﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾
[ سورة فصلت: 15 ]
ماذا ردّ الله عليهم؟ قال:
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾
[ سورة فصلت: 15 ]
وهذه الآية تنطبق انطباقاً تاماً على ما جرى، الإمام الشافعي له كلمة رائعة قال: " أنا على حق وخصمي على باطل وقد يكون محقاً" احتمال أي إنسان يتوهم أن الحق معه دائماً وكل من سواه على باطل، هذا إنسان أحمق، أصغ للآخرين، قرأت من يومين كلمة أعجبتني: إن أردت أن تعزل إنساناً عزلاً تاماً حتى يختل توازنه توجد طريقتان أن تضعه في المنفردة هذه واضحة، والطريقة الثانية: أن تحيطه بالمنافقين، كلما قال كلمة صدقوه، هذا عزلته عزلاً كاملاً، نوع من أنواع العزل، كل من حولك منافق، كلما قلت كلمة صدقوك لمصلحة يريدونها منك، فهذا عزل عن الحقيقة، لذلك عود نفسك أن تستمع للنقد الجارح، عود نفسك أن تقبل النقد وتدرس النقد، عود نفسك أن تكون جريئاً وتتفهم الحقيقة المرة، فكل إنسان لا يسمع إلا ما يحلو له، إنسان معزول منتهٍ.
طبعاً أنا مضطر أن أروي هذه الطرفة لأنها تحل مشكلة كبيرة: العالم الجليل الشيخ نور الدين الحسني معروف، كان مع إخوانه في نزهة في الغوطة والبستان مسقي فيه طين، جاء إنسان بعيد عن كل أنواع اللباقة راكب بغلاً، يسير سيراً يرمي بالطين على طرفي الطريق، والشيخ يمشي مع إخوانه وهو من كبار شيوخ الشام، فنبهوه انتبه انتبه لكن اتسخت ملابسه من الأعلى إلى الأسفل، فقام أخ فقتله حتى كاد أن يميته، سأله الشيخ: هل هذا صحيح ؟ ليس مغطى شرعاً ! قال: ما أفلح قوم لا سفيه لهم.
الابتعاد عن إحراج المسلمين :
لكن آخر فكرة في هذا الدرس وهي من أهم أفكاره قوله تعالى:
﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾
[سورة الممتحنة: 5]
الآية واسعة جداً، لو فرضنا دائرة أو مؤسسة فيها مسلم وغير مسلم، المسلم كذب، عمل تصريحاً كاذباً، أو لم يتقن عمله، أو أهمل عمله، والكافر كان منضبطاً، ماذا فعل المسلم بهذا الكافر؟ أوهمه أنه على حق، وأن كفره هو الحق، وأن هذا الذي فعله المسلم ينطلق من إسلامه، فحينما تجعل كافراً يتشبث بكفره، ويعتز به، ويرتضيه، ويتوهم أنه هو الأصل، وأن هذا الدين الذي فعله المسلم دين باطل، يكون الكافر تشبث بكفره بسبب خطأ المسلم، هذا الموضوع ليس له علاقة بما يجري، له علاقة بأعمالنا اليومية، أتقن عملك، فإذا كان هناك إنسان غير مسلم ورآك لا تتقن عملك يعزو عدم الإتقان إلى دينك لا إلى ذاتك، إذا أديت تصريحاً كاذباً وأنت مسلم ووقع هذا التصريح بيد إنسان غير مسلم يعزو كذبك إلى إسلامك، فأنت جهدك الكبير ألا تسبب حرجاً للمسلمين، وألا تسبب حرجاً لهذا الدين العظيم، وهذا الدعاء الشهير القرآني:
﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾
[سورة الممتحنة: 5]
لكلّ شيء حقيقة :
أيها الأخوة: آخر شيء أقوله في هذا الدرس: لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن لكل واقع حكمة، بصرف النظر عن الموقع كان حكيماً أو لم يكن حكيماً، والحكمة التي تستنبط من كل واقع متعلقة بالخير المطلق، والله عز وجل يوظف الشر النسبي إلى الخير المطلق، ونحن نرجو الله سبحانه وتعالى من أعماق قلوبنا أن يحفظ لنا بلادنا، ويحفظ لنا من معنا، وأولادنا، وذرياتنا، وأن يحفظ بلاد المسلمين جميعاً من كل سوء، وأن يتولى الله سبحانه وتعالى الدفاع عنا كما وعدنا، إن الله يدافع عن الذين آمنوا، لكن كما قلت: هذا اسمه حادث فرز، الهجرة فرز، الخندق فرز، حنين فرز، أحد فرز، وكل حدث كبير هو فرز بالحقيقة، والله عز وجل يلهمنا الصواب، والفهم الصحيح، نحن هنا في بيت من بيوت الله، ولا ينبغي أن يلقى فيه إلا ما جاء في الوحيين من الكتاب والسنة، والحمد لله رب العالمين.
أسئلة و أجوبة :
س : يقول أخ: ما قولك بالمثل الذي لا يخاف من الله خف منه ؟
ج: لا شيء فيه، إذا إنسان لا يخاف من الله هذا يعني أنه شرير فخذ حذرك منه.
س: أخ يقول: أنا شاب غافل عن الله، وأشكو مرض البعد عن الله، فأرجو منك نصيحة تغيرني إلى شاب من أهل الله، وقد كنت بعثت لك عدة أوراق أسألك فيها وأنت لا تجيبني، فأرجو الإجابة.
ج: بالدين لا يوجد شيء أن تقول كلمتين فتصبح لله، تحتاج إلى إرادة قوية، وإلى متابعة، وإلى التزام، لكن لا يوجد عندنا دواء سحري أن يكون الإنسان غافلاً شارداً مشتتاً يقول هذا الدعاء فيصبح ولياً، لا يوجد عندنا كهذا الشيء أبداً، عندنا من يبحث عن الحقيقة فيحضر دروس العلم، يستمع بوعي إلى ما قيل فيها، يطبقها، النبي الكريم كان يقول إذا دخل إلى المسجد: "اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، فإذا خرج منه يقول: "اللهم افتح لي أبواب فضلك"، جاء إلى بيت الله وتلقى التعليمات من الوحيين الكتاب والسنة وخرج من بيت الله ليعمل بما سمع، فلما الإنسان يؤدي الصلوات أداء متقناً، ويغض بصره عن محارم الله، ويغض أذنه عن الغناء، ويضبط لسانه عن كل غيبة ونميمة، وعن كل كلام فاحش، ويؤدي الحقوق، ويكسب المال الحلال، دون أن يشعر يجد نفسه مع الله، شيء سهل جداً، الله عز وجل قريب:
﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾
[سورة الأعراف: 56]
استقم على أمر الله، وأحسن إلى خلقه، تجد نفسك مع الله.
﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾
[سورة الكهف: 110]
والحمد لله رب العالمين










 

الكلمات الدلالية (Tags)
رمضنبات, عودت


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc