شروح الأحاديث - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-08, 16:45   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إذا كان عذاب الاستئصال قد رفع بعد نزول التوراة، فلماذا أرسل الله تعالى ملك الجبال ليعذب كفار مكة؟

السؤال

اشتهر عند المفسرين وأهل العلم أن الله عز وجل رفع عذاب الاستئصال بعد نزول التوراة ، واستبدله بالجهاد في سبيل الله ، فكيف نوفق بين هذا واستئذان ملك الجبال للنبي صل الله عليه وسلم ؟

وأيضا عندما طلبوا منه آية معينة ورد أنه قال لهم : سيصيبكم ما أصاب المكذبين من قبلكم ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

نص عدد من أهل العلم على أن بعد نزول التوراة لم يعذب الله تعالى الكفار بعذاب الاستئصال، بل شرع للمؤمنين جهاد هؤلاء الكفرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وكان قبل نزول التوراة يهلك الله المكذبين للرسل بعذاب الاستئصال، عذابا عاجلا يهلك الله به جميع المكذبين، كما أهلك قوم نوح، وكما أهلك عادا، وثمود، وأهل مدين، وقوم لوط، وكما أهلك قوم فرعون، وأظهر آيات كثيرة لما أرسل موسى ليبقى ذكرها وخبرها في الأرض، إذ كان بعد نزول التوراة لم يهلك أمة بعذاب الاستئصال "

انتهى. "الجواب الصحيح" (6 / 441 - 442).

وقد أوضح الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى مأخذ هذا القول من القرآن؛ أثناء تفسيره لقوله تعالى :

( ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ، فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ، فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ، وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ) المؤمنون (45 – 49).

فقال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:

" مر عليَّ منذ زمان طويل كلام لبعض العلماء لا يحضرني الآن اسمه، وهو أنه بعد بعث موسى ونزول التوراة، رفع الله العذاب عن الأمم، أي: عذاب الاستئصال، وشرع للمكذبين المعاندين الجهاد، ولم أدر من أين أخذه، فلما تدبرت هذه الآيات، مع الآيات التي في سورة القصص، تبين لي وجهه، أما هذه الآيات، فلأن الله ذكر الأمم المهلكة المتتابعة على الهلاك، ثم أخبر أنه أرسل موسى بعدهم، وأنزل عليه التوراة فيها الهداية للناس !!

ولا يرد على هذا، إهلاك فرعون، فإنه قبل نزول التوراة، وأما الآيات التي في سورة القصص، فهي صريحة جدا، فإنه لما ذكر هلاك فرعون قال: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) فهذا صريح أنه آتاه الكتاب بعد هلاك الأمم الباغية، وأخبر أنه أنزله بصائر للناس وهدى ورحمة .

ولعل من هذا، ما ذكر الله في سورة " يونس " من قولة: ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ ) أي: من بعد نوح ( رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ، ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ ) الآيات والله أعلم "

انتهى. "تفسير السعدي" (ص 552).








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 16:46   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


واستدل ابن كثير رحمه الله تعالى لهذا القول؛ بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمًا، وَلَا قَرْنًا، وَلَا أُمَّةً، وَلَا أَهْلَ قَرْيَةٍ مُنْذُ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، بِعَذَابٍ مِنَ السَّمَاءِ ؛ غَيْرَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الَّتِي مُسِخَتْ قِرَدَةً، أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهَدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ). ) .

رواه الحاكم في "المستدرك" (2 / 408) و

قال: " صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "

ووافقه الذهبي

وصححه الألباني في"السلسلة الصحيحة" (5 / 327).

ثانيا:

عن عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟

قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي

فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ) .

رواه البخاري (3231) ومسلم (1795).

وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ( سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا ، وَأَنْ تُنَحَّى عَنْهُمُ الْجِبَالُ ، فَيَزْرَعُوا فِيهَا .

فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ شِئْتَ آتَيْنَاهُمْ مَا سَأَلُوا ، فَإِنْ كَفَرُوا أُهْلِكُوا كَمَا أَهْلَكْتُ مَنْ قَبْلَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَسْتَأْنِيَ بِهِمْ لَعَلَّنَا نَسْتَحْيِي مِنْهُمْ ؟!

فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ: ( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) الآية. ) .

رواه الحاكم في "المستدرك" (2 / 362)

وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ "

ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "

ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ فهو على شرطهما " من "السلسة الصحيحة" (7 / 1160).

غير أنه اختلف في رفعه ووقفه ، وذكر الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (2/5) : أن "الأشبه وقفه" . وهو الأكثر في روايته .

ينظر : "السلسلة الصحيحة" الموضع السابق .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وقال تعالى: ( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ).

بين سبحانه أنما منعه أن يرسل بالآيات إلا تكذيب الأولين بها، الذي استحقوا بها الهلاك، فإذا كذب بها هؤلاء استحقوا ما استحقه أولئك من عذاب الاستئصال، وهذا المعنى مذكور في عامة كتب التفسير والحديث، وغيرها من كتب المسلمين، وهو معروف بالأسانيد الثابتة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان " انتهى. "الجواب الصحيح" (6 / 431 - 432).

وهذان الحديثان لا يظهر فيهما معارضة لما ذكره أهل العلم من رفع عذاب الاستئصال بعد نزول التوراة، ويبين عدم وجود التعارض أمران:

الأمر الأول: أن التعارض يُتَصوَّر لو أن نصوص الوحي نصت على أن الله أخبر بعدم وقوع عذاب الاستئصال بأهل الكفر مطلقا بعد نزول التوراة، على غرار خبر الله بعدم تعذيب هذه الأمة المسلمة بعذاب الأمم السابقة.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، عَنْ أَبِيهِ ـ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ رَاقَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا حَتَّى كَانَ مَعَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ جَاءَهُ خَبَّابٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَابُي أَنْتَ وَأُمِّي، لَقَدْ صَلَّيْتَ اللَّيْلَةَ صَلَاةً مَا رَأَيْتُكَ صَلَّيْتَ نَحْوَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجَلْ، إِنَّهَا صَلَاةُ رَغَبٍ وَرَهَبٍ ؛ سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا ثَلَاثَ خِصَالٍ،

فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُهْلِكَنَا بِمَا أَهْلَكَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَنَا، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْنَا عَدُوًّا مِنْ غَيْرِنَا، فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يَلْبِسَنَا شِيَعًا، فَمَنَعَنِيهَا ) رواه النسائي (1638) ، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي".

لكن نصوص الوحي التي أشارت إلى رفع عذاب الاستئصال عن الكفار– وهي حديث أبي سعيد والآيات التي نبه إليها الشيخ السعدي- هي تخبر عن واقع الأمر الحاصل ، ولم تنص على أن الله أخبر ، أو وعد ، أو أوجب على نفسه ذلك . فتأمل ذلك الفرق المهم بين البابين .

ومما يؤيد هذا أن حديث أبي سعيد نص على وقوع عذاب عام بأهل قرية بعد نزول التوراة حيث مسخوا قردة.

فالحاصل؛ أن الله تعالى لو أطبق الجبال على كفار مكة لما كان فيه معارضة لخبر سابق ، ولا خلف لوعد منه سبحانه وتعالى .

الأمر الثاني:

أهل العلم استنبطوا من نصوص الوحي أن عذاب الاستئصال رفع لأن الله جعل بدل الاستئصال للكفار جهاد المؤمنين لهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" المعروف عند أهل العلم أنه بعد نزول التوراة لم يهلك الله مكذبي الأمم بعذاب من السماء يعمهم، كما أهلك قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وفرعون، وغيرهم، بل أمر المؤمنين بجهاد الكفار؛ كما أمر بني إسرائيل على لسان موسى بقتال الجبابرة "

انتهى من "الجواب الصحيح" (2 / 251).

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقوله: ( مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى ) يعني: أنه بعد إنزال التوراة لم يعذب أمة بعامة، بل أمر المؤمنين أن يقاتلوا أعداء الله من المشركين "

انتهى. "تفسير ابن كثير" (6 / 239).

وهذا المعنى الذي لأجله رفع عذاب الاستئصال لم يكن موجودا في الفترة المكية من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يشرع الجهاد إلا في المدينة ؛ أما في مكة فكانوا مأمورين بكف الأيدي عن القتال.

قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره لقوله تعالى:

( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) البقرة (190).

قال رحمه الله تعالى:

" قوله تعالى: ( وقاتلوا ) هذه الآية أول آية نزلت في الأمر بالقتال .

ولا خلاف في أن القتال كان محظورا قبل الهجرة بقوله: ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )، وقوله: ( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ )، وقوله : ( وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا )، وقوله: ( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ )، وما كان مثله مما نزل بمكة.

فلما هاجر إلى المدينة أمر بالقتال فنزل: ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) "

انتهى. "تفسير القرطبي" (3 / 237).

فكان الكفار في الفترة المكية أشبه بالأقوام الذين عذبوا بعذاب الاستئصال ، حيث لم يكن المؤمنون حينئذ مأمورين بقتالهم، فناسب أن يواسي الله تعالى نبيه وينصره ، بأن يعرض عليه أن يعذب من كفر برسالته وسعى في إيذائه ، كما نصر الرسل السابقين كنوح وهود وصالح صلى الله عليهم وسلم.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 16:53   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الأحاديث الواردة في فضل اليمن يدخل فيها أهل إقليم حضرموت في اليمن ؟

السؤال

: يقول الرسول صلى عليه وسلم : (أتاكم أهل اليمن ......)

هل أهل حضرموت يشملهم هذا الحديث ، والأحاديث الأخرى في فضائل أهل اليمن، حيث يقال : إن حضرموت كانت كيانا منفصلا عن اليمن تماما ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

حضرموت إقليم من أقاليم اليمن من الناحية الجغرافية ، وهذا أمر متقرر لدى العرب من قديم .

قال ياقوت الحموي رحمه الله :

" قال الأصمعي: اليمن وما اشتمل عليه حدودها بين عمان إلى نجران ، ثم يلتوي على بحر العرب إلى عدن إلى الشحر حتى يجتاز عمان ، فينقطع من بينونة ، وبينونة بين عمان والبحرين ، وليست بينونة من اليمن .

وقيل: حد اليمن من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضرموت والشحر وعمان إلى عدن أبين وما يلي ذلك من التهائم والنجود واليمن تجمع ذلك كله " انتهى من

"معجم البلدان" (5/447) .

ونقل ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/1403) عن ابن إسحاق قوله :

" وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قسم اليمن على خمسة رجال: خالدُ بنُ سعيد على صنعاء، والمهاجرُ بن أبي أمية على كندةَ، وزيادُ بن لبيد على حضرموت، ومعاذُ بن جبل على الجند، وأبو موسى الأشعري على زَبيد، وزمعةَ، وعدن، والساحل " انتهى .

وقال الزبير بن بكار رحمه الله :

" حضرموت آخر اليمن "

انتهى من "الفتح" (6/171) .

وقال الشيخ عبد القادر العيدروس :

" حضرموت بلد باليمن "

انتهى من "النور السافر" (1/62).

وقد وقفنا على عدد من كتب البلدان ومعالمها والسيرة والتاريخ وشروح الأحاديث وغيرها تنص على أن حضرموت إقليم يمني ، أقصى اليمن ، وذلك كثير جدا .

ينظر "مطالع الأنوار على صحاح الآثار" (2/387)

"الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" للكرماني (14/175)

و"مصابيح الجامع" لابن الدماميني (1/285)

"فتح الباري" لابن حجر (1/106)

"عمدة القاري" للعيني ، و"شرح القسطلاني" (6/60) .

ثانيا :

أما الأحاديث الواردة في فضائل اليمن ، فهي أحاديث كثيرة .

ولكن هل تدخل جميع أقاليم اليمن في الأحاديث الواردة في فضل أهل اليمن ، أم هي مخصوصة بمن وردت فيهم كالأشعريين ؟

الجواب : هناك نوعان من الأحاديث :

أما الأحاديث العامة ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا) ، فهي لـ"جهة اليمن" كلها، وهذا أمر واضح .

وأما الأحاديث الواردة في سبب خاص كحديث "أتاكم أهل اليمن .

.." ، فمن أهل العلم من قال هي مختصة بأقوام من أهل اليمن قيلت فيهم ، ومنهم من خصها بأهل ذلك العصر ، ومن أهل العلم من قال بعموم اللفظ .

وسبق ذكر شيء من ذلك في جواب السؤال رقم (175077) ورقم (212956) فليراجع .

وأيا ما كان توجيه الحديث فإن توارد الأحاديث في فضائل أهل اليمن، يدل على مزية وفضل خاص لأهل اليمن من إقليم حضرموت وبقية الأقاليم ، يشرف به جميع المؤمنين المنتسبين إلى هذا القطر، ويغبطهم عليه أهل البلاد الأخرى، وحسبهم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالبركة .

وقد قال ابن حجر بعدما ذكر بعض الأقوال التي تُضيّق مفهوم (أهل اليمن) الوارد في الحديث :

" وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (الْإِيمَانُ يَمَانٍ) مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَا ذكره ابن الصَّلَاحِ .

وَحَاصِلُهُ : أَنَّ قَوْلَهُ (يَمَانٍ) : يَشْمَلُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْيَمَنِ بِالسُّكْنَى وَبِالْقَبِيلَةِ ، لَكِنْ كَوْنُ الْمُرَادِ بِهِ مَنْ يُنْسَبُ بِالسُّكْنَى أَظْهَرُ ، بَلْ هُوَ الْمُشَاهَدُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَحْوَالِ سُكَّانِ جِهَةِ الْيَمَنِ ، وَجِهَةِ الشِّمَالِ؛ فَغَالِبُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ رِقَاقُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ"

انتهى من "فتح الباري" (8/99).

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 17:00   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث : ( الإيمان يمان والحكمة يمانية )

السؤال:

أخبرني أحد الأشخاص أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل اليمن : ( الإيمان يمان والحكمة يمانية ) إنما كان المقصود به أهل البيت وليس أهل اليمن ، وذلك لأنه ورد في أحدى الروايات لهذا الحديث عبارة ( وأنا من اليمن )

أو ( وأنا يمان ) ، فنسب النبي نفسه إلى المعنيين في الحديث ، وأيضا لأن أهل البيت كانوا يسكنون الجهة اليمنى من المسجد النبوي ، وقرأت أيضا لبعض من ينسب هذا الحديث لأهل مكة والمدينة ، وأيضا قال لي هذا الشخص : بأنه على مر التاريخ لم يبرز من أهل اليمن في تلك الفترة من يتصفون بالحكمة

وإنما اتصفوا بالجهاد والفتوحات ، ولم يأت في التاريخ ما يدل على حكمتهم ؟

فهلا شرحتم هذا الحديث تفصيلا ؟

وأيضا : هل هناك ما يدل من التاريخ الإسلامي أو السيرة على أن اليمن يشمل المناطق الجنوبية من الجزيرة العربية ، أي من حضرموت شرقا حتى عدن وباب المندب غربا ، وليس فقط صنعاء وما يحيط بها ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى البخاري (4388) ومسلم (52) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا ، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ ) وفي رواية لمسلم (52) ِ: ( جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً ، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ )

وقال البخاري رحمه الله : " سُمِّيَتْ الْيَمَنَ لِأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَالشَّأْمَ لِأَنَّهَا عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ "

والمقصود بأهل اليمن في هذا الحديث أهل الإيمان والصلاح والتقوى من أهل اليمن ؛ ومن قال إنما عنى بذلك أهل مكة والمدينة ، أو عنى بذلك أهل البيت ، فقوله مخالف لظاهر الحديث ، كما يدل عليه قوله ( أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ ) ، ( جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ ) والواجب الأخذ بالظاهر ، ولا يجوز العدول عنه إلا ببينة ظاهرة .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِهِ : فَقِيلَ مَعْنَاهُ نِسْبَة الْإِيمَان إِلَى مَكَّة لِأَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْهَا , وَمَكَّة يَمَانِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَدِينَة ، وَقِيلَ : الْمُرَاد نِسْبَة الْإِيمَان إِلَى مَكَّة وَالْمَدِينَة وَهُمَا يَمَانِيَّتَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّامِ

بِنَاء عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَة صَدَرَتْ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حِينَئِذٍ بِتَبُوك , وَيُؤَيِّده قَوْله فِي حَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم " وَالْإِيمَان فِي أَهْل الْحِجَاز " , وَقِيلَ الْمُرَاد بِذَلِكَ الْأَنْصَار لِأَنَّ أَصْلهمْ مِنْ الْيَمَن ، وَنُسِبَ الْإِيمَان إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا الْأَصْل فِي نَصْر الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَى جَمِيع ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَة فِي " غَرِيب الْحَدِيث " لَهُ .

وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الصَّلَاح بِأَنَّهُ لَا مَانِع مِنْ إِجْرَاء الْكَلَام عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّ الْمُرَاد تَفْضِيل أَهْل الْيَمَن عَلَى غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمَشْرِق , وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ إِذْعَانهمْ إِلَى الْإِيمَان مِنْ غَيْر كَبِير مَشَقَّة عَلَى الْمُسْلِمِينَ , بِخِلَافِ أَهْل الْمَشْرِق وَغَيْرهمْ , وَمَنْ اِتَّصَفَ بِشَيْءٍ وَقَوِيَ قِيَامه بِهِ نُسِبَ إِلَيْهِ ، إِشْعَارًا بِكَمَالِ حَاله فِيهِ ,

وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ نَفْي الْإِيمَان عَنْ غَيْرهمْ , وَفِي أَلْفَاظه أَيْضًا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَقْوَامًا بِأَعْيَانِهِمْ فَأَشَارَ إِلَى مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ لَا إِلَى بَلَد مُعَيَّن , لِقَوْلِهِ فِي بَعْض طُرُقه فِي الصَّحِيح " أَتَاكُمْ أَهْل الْيَمَن , هُمْ أَلْيَن قُلُوبًا وَأَرَقّ أَفْئِدَة الْإِيمَان يَمَان وَالْحِكْمَة يَمَانِيَة , وَرَأْس الْكُفْر قِبَل الْمَشْرِق " وَلَا مَانِع مِنْ إِجْرَاء الْكَلَام عَلَى ظَاهِره وَحَمْل أَهْل الْيَمَن عَلَى حَقِيقَته .

ثُمَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ الْمَوْجُود مِنْهُمْ حِينَئِذٍ لَا كُلّ أَهْل الْيَمَن فِي كُلّ زَمَان , فَإِنَّ اللَّفْظ لَا يَقْتَضِيه .

قَالَ : وَالْمُرَاد بِالْفِقْهِ الْفَهْم فِي الدِّين , وَالْمُرَاد بِالْحِكْمَةِ الْعِلْم الْمُشْتَمِل عَلَى الْمَعْرِفَة بِاَللَّهِ " .

انتهى من " فتح الباري " (6/532) .

وقال النووي رحمه الله :

" الْحِكْمَة عِبَارَة عَنْ الْعِلْم الْمُتَّصِف بِالْأَحْكَامِ , الْمُشْتَمِل عَلَى الْمَعْرِفَة بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , الْمَصْحُوب بِنَفَاذِ الْبَصِيرَة وَتَهْذِيب النَّفْس , وَتَحْقِيق الْحَقّ , وَالْعَمَل بِهِ , وَالصَّدّ عَنْ اِتِّبَاع الْهَوَى وَالْبَاطِل . وَالْحَكِيمُ مَنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن دُرَيْدٍ : كُلُّ كَلِمَة وَعَظَتْك , وَزَجَرَتْك , أَوْ دَعَتْك إِلَى مَكْرُمَة , أَوْ نَهَتْك عَنْ قَبِيح , فَهِيَ حِكْمَة وَحُكْم "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (2/33) .

رابعا :

ما يذكر من نسبة هذا الكلام :( أنا من اليمن ) أو ( وأنا يمان ) للنبي صلى الله عليه وسلم لا أصل له فيما نعلم ، ولم نطلع عليه في كتب أهل الحديث

وإنما الثابت ما رواه البخاري (2486) ومسلم (2500)

عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ) .

قال الحافظ :

" أَيْ هُمْ مُتَّصِلُونَ بِي , وَتُسَمَّى " مِنْ " هَذِهِ الِاتِّصَالِيَّةِ كَقَوْلِهِ : " لَسْت مِنْ دَد " , وَقِيلَ : الْمُرَادُ فَعَلُوا فِعْلِي فِي هَذِهِ الْمُوَاسَاةِ . وَقَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَة فِي اِتِّحَادِ طَرِيقِهِمَا وَاتِّفَاقهمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى " انتهى .

خامسا :

اليمن يشمل جنوب الجزيرة العربية .

قال ياقوت الحموي رحمه الله :

" قال الأصمعي: اليمن وما اشتمل عليه حدودها بين عمان إلى نجران ، ثم يلتوي على بحر العرب إلى عدن إلى الشحر حتى يجتاز عمان ، فينقطع من بينونة ، وبينونة بين عمان والبحرين ، وليست بينونة من اليمن .

وقيل: حد اليمن من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضرموت والشحر وعمان إلى عدن أبين وما يلي ذلك من التهائم والنجود واليمن تجمع ذلك كله " انتهى من

"معجم البلدان" (5 /447) .

وقال الزبير بن بكار رحمه الله :

" حضرموت آخر اليمن " انتهى من "الفتح" (6/171) .

فهذا يدل على أن حدود اليمين تشمل جنوب الجزيرة العربية كله .

وقد روى البخاري (4311) ومسلم (2901)

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَنْ تَكُونَ أَوْ لَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهَا عَشْرُ آيَاتٍ : طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَالدَّجَّالُ وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَالدُّخَانُ وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ الْيَمَنِ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ ) .

فهذا يدل على أن ( عدن ) من اليمن .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 17:33   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

توجيه الأحاديث الواردة في تفضيل أهل اليمن !!

السؤال :

هل أهل اليمن أفضل من الصحابة ، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبا الصحابة رضي الله عنهم : ( أتاكم أهل اليمن ، أرق قلوبا منكم ) ، وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم

وقد أشار بيده نحو اليمن : ( الإيمان يمان .. ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين ، عند أصول أذناب الإبل ، حيث يطلع قرنا الشيطان ، في ربيعة ومضر ) ، مع أن أكثر الصحابة من مضر؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى البخاري (4388) ، ومسلم (52) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا ، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ ) .

وفي رواية لمسلم (52) ِ: ( جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً ، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ ) .

وروى أحمد (13212) عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَهُمْ أَرَقُّ قُلُوبًا مِنْكُمْ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (527) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمَوْجُودُ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ ، لَا كُلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ ، فِي كُلِّ زَمَانٍ ؛ فَإِنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِيهِ " انتهى .

ثانيا :

هؤلاء المذكورون في هذا الحديث من الصحابة أيضا ، فلا يصح أن يقال : أهل اليمن أرق قلوبا من الصحابة ؛ لأنهم منهم .
وإنما الصحيح أن يقال : إن هؤلاء الصحابة من أهل اليمن هم أرق قلوبا من غيرهم من الصحابة ، ولا يعني ذلك أنهم أفضل الصحابة مطلقا ؛ لأن تفضيل الجملة على الجملة ، لا يدل على تفضيل كل فرد من الجملة ، على كل فرد من الجملة الأخرى.

ثم إن التفضيل من وجه ، لا يقتضي التفضيل المطلق ، أو التفضيل من كل الوجوه ؛ فقد يكون فلان أرق قلبا من فلان ، فيفضل عليه في ذلك ، إلا أن المفضول في هذه الصفة يكون عنده من العلم

أو الجهاد ، أو النفقة ، ما يفضل به الأرق قلبا ، والألين عريكة ، إما في هذه الجوانب فقط ، فيكون كل منهما أفضل من الآخر ، بوجه من وجوه التفضيل ، وإما مطلقا ، لزيادة الفضيلة الناشئة عن مجموع هذه الصفات ، على فضيلة الآخر بجانب واحد ، وهذا واضح مفهوم ، إن شاء الله .

وقد روى البخاري (3447) ، ومسلم (2860) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى، يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ )

قال الحافظ رحمه الله :

" وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خُصُوصِيَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ ، تَفْضِيلُهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَمْتَازُ بِشَيْءٍ يُخَصُّ بِهِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْفَضِيلَةُ الْمُطْلَقَةُ " انتهى .

وروى أبو دود (4341) عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيه مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ) قيل : يا رسول الله أجر خمسين منهم ؟ قال : ( أجر خمسين منكم ) . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال ابن عثيمين رحمه الله :

" لا يلزم من هذا الفضل أن يكون أفضل من الصحابة رضي الله عنهم، فيجب التفريق بين الفضل المطلق ، والفضل المقيد.
فالشهيد وإن تميز بالشهادة في سبيل الله عز وجل ، لكن يكون على يد طالب العلم والعلماء من مصلحة الأمة ، ونشر الدعوة ما لا يكون في ديوان الشهيد " .

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (25/ 307) .

ثالثا :

روى البخاري (3302) ، ومسلم (51) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: " أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ اليَمَنِ فَقَالَ : ( الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلاَ إِنَّ القَسْوَةَ وَغِلَظَ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَوْلُهُ : ( الْفَدَّادِينَ ) قال أَبُو عُبَيْد : جَمْع فَدَّان ، وَالْمُرَاد بِهِ الْبَقَر الَّتِي يُحْرَث عَلَيْهَا ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْفَدَّان آلَة الْحَرْث وَالسِّكَّة ، فَعَلَى الْأَوَّل فَالْفَدَّادُونَ جَمْع فَدَّان ، وَهُوَ مَنْ يَعْلُو صَوْته فِي إِبِله وَخَيْله وَحَرْثه وَنَحْو ذَلِكَ ، وَالْفَدِيد هُوَ الصَّوْت الشَّدِيد . وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى أَنَّ الْفَدَّادِينَ هُمْ أَصْحَاب الْإِبِل الْكَثِيرَة

مِنْ الْمِائَتَيْنِ إِلَى الْأَلْف ، وَيُؤَيِّد الْأَوَّل لَفْظ الْحَدِيث الَّذِي بَعْده " وَغِلَظ الْقُلُوب فِي الْفَدَّادِينَ عِنْد أُصُول أَذْنَاب الْإِبِل ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس : الْفَدَّادُونَ هُمْ الرُّعَاة وَالْجَمَّالُونَ ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا ذَمَّ هَؤُلَاءِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِمُعَالَجَةِ مَا هُمْ فِيهِ عَنْ أُمُور دِينهمْ ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى قَسَاوَة الْقَلْب
.
وقوله : (فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ) أَيِ فِي الْفَدَّادِينَ مِنْهُمْ " انتهى كلامه باختصار .

وينظر : "عمدة القاري" (15/ 192)

و"شرح الزرقاني على الموطأ" (4/ 594) .

ومعنى ذلك : أن المخصوصين بالذم هنا في الحديث : هم الفدادون من ربيعة ومضر ، وليس كل البطنين العظيمين من بطون العرب ، ربيعة ومضر ، هم كذلك.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" مُعْظَمَ الْعَرَبِ يَرْجِعُ نَسَبُهُ إِلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ - يعني ربيعة ومضر - وَهُمْ كَانُوا أَجَلَّ أَهْلِ الْمَشْرِقِ ، وَقُرَيْشٌ الَّذِينَ بُعِثَ فِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُ فُرُوعِ مُضَرَ "

انتهى من "فتح الباري" (6/ 531) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 17:43   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

"السمندر" وما شابه الوزغ من السحالي هل يشمله الحديث في قتل الوزغ ؟

السؤال :

هناك حديث يأمر بقتل الوزغ... فما هو الوزغ؟ هل هو حيوان السمندر؟ وهل كان الوزغ يستطيع نفخ النار أم أن ذلك خرافة؟

الجواب :


الحمد لله


أولا :

جاء في الموسوعة الحرة " ويكيبيديا " أن السمندر ويسمى أيضا السلمندر : شبيهة بالوزغ ، معظمها يعيش في المياه طوال حياته ، وبعضها ينتقل للمياه بشكل متقطع ، والبعض الآخر يكون بريًّا تماما عند البلوغ .



ذوات الذيل أو السلمندر أو السمندل والجمع منها السمادل (الاسم العلمي: Urodela). هو الاسم الشائع لأكثر من 550 فصيلة حية من البرمائيات المذنبة [3]. عادة ما يكسبه جسمه الرفيع وأنفه القصير وذيله الطويل مظهراً أشبه بالسحالي. له أربعة أرجل، أطراف أمامية وخلفية متساوية في الطول، وذيل طويل.

وعادة ما يكون لحيوان السمندر أربعة أصابع في الأرجل الأمامية وخمسة في الأرجل الخلفية ويجبره جلده الرطب على العيش في المياه أو على مقربة منها أو في الأراضي الرطبة. تعيش بعض فصائل السمندر في المياه طوال حياتها وبعضها ينتقل للمياه بشكل متقطع والبعض الاخر يكون بري تماما عند البلوغ.

يتميز السمندر عن الفقاريات بإمكانية اعادة إنتاج الاوصال أو بعض أجزاء الجسد الأخرى عند فقدانها. ويعرف العديد من أعضاء عائلة السمندر بسمندل أو سمندر الماء الحفريات الأقدم المعروفة من السمندر وجدت في الطبقات الرسوبية في الصين وكازخستان ويرجع تاريخها إلى العصر الجوراسي الأوسط والذي ساد منذ أكثر من 164 مليون عام مضت.




الصفات الجسمانية

للسمندر البالغ جسم اسطواني ذو أربعة أطراف وذيل طويل وبعض الأنواع أطرافها الخلفية ضامرة أو شبه ضامرة مما يعطيها مظهر أقرب للأنقليس. لمعظم أنواع السمندر أربعة اصابع لا مخلبية في الأطراف الخلفية وخمسة في الأطراف الأمامية. الجلد غير حرشوفي واللسان ذو ملمس رطب ناعم ماعدا السمندر المائي

قد يكون جلده ذو نتوءات وجاف الملمس. ويكون الجلد باهت أو زاه اللون تغطيه الخطوط أو البقع. ويصبح ذكر السمندر المائي زاه اللون بشكل ملفت في موسم التزاوج. وينقص الأنواع الكهفية التي تعيش في المناطق

لمظلمة هذه الصبغات التي تكسب اللون ويكون جلدها قرمزي شبه شفاف. يتنوع حجم السمندر من الأنواع الدقيقة التي يبلغ طولها 2.7 سينتيمتر إلى الأنواع الصينية الضخمة التي يصل طولها إلى 1.8 متر ووزنها إلى 65 كيلوجرام ولكن أغلب الأنواع يتراوح طولها ما بين 10 و 20 سم.




علاقة النوع بالبيئة

يعيش السمندر في الأنهار والجداول في فتحات ضيقة ولا يصعد الا للتنفس.ويتنفس جزئيا عن طريق جلده مما يمكنه من البقاء طويلا في الماء.

معظم السمندرات تنمو وتبقى لتعيش في الماء وهي السمندرات المائية وتكون برمائية، وهذه السلمندرات تكون سامة.بعضها يكون غير سام ولون جلده يدل على ما إذا كان ساما ام غير سام.

وظائف الأعضاء

تختلف أنواع السمندر في طريقة التنفس فالأنواع اللارئوية تتنفس عن طريق الخياشيم والتي تكون في أغلب الحالات خياشيم خارجية تُرى كالخصل على أحد جانبي الرأس على الرغم من أن البرمائيات لها خياشيم داخلية وشقوق

خيشومية. بعض أنواع السمندر البري لها رئات تستخدمها في التنفس على الرغم من كونها بسيطة ولها مظهر كيسي بخلاف الأعضاء الأكثر تعقيدا الموجودة في الثدييات. ويوجد لكثير من الأنواع مثل "الاولم"

عند بلوغها رئات بالإضافة للخياشيم. و قد لا تحتوي أجسام بعض الأنواع البرية على رئات أو خياشيم لذلك تقوم بعملية تبادل غازي خلال الجلد حيث تتمدد المسام بحيث تعمل على امتصاص الأكسجين. وتستطيع الأنواع ذات الرئات أيضا بالتنفس بتلك الطريقة. يفرز جلد السمندر مادة مخاطية تساعده علي البقاء رطبا في حالات التواجد في مناطق جافة كما تساعده علي الحفاظ على توازن الأملاح حين تواجده في المياه بالإضافة الي امداده بالشحوم

خلال السباحة. كما يفرز السمندر سموما من الغدد الموجودة في الجلد كما أن لبعض الأنواع غدد اضافيه لافراز

فيرومونات. و يغير السمندر الطبقة الخارجية من جلده دوريا خلال مراحل نموه ثم يقوم بأكل هذه الطبقة. السمندر الذي يعيش تحت الأرض بشكل دائم يكون ذو أعين ضامرة وقد تكون مغطاة بطبقة من الجلد. وتحتوي يرقات السمندر وبعض الأنواع المائية على نظام استشعار شبيه بالموجود في الأسماك والذي يساعدها على اكتشاف التغيرات في طغط الماء. لا يوجد للسمندر أذن خارجية ولكنه فقط ذو أذن وسطى لاوظيفية.




التغذية

يصطاد السمندر المائي فريسته بمد لسانه اللزج بسرعة ليلتصق بالفريسة ويجذبها للفم وبالتزامن مع حركة الفم قد يندفع السمندر للأمام ممسكا بالفريسة بفكيه محاوطا لها بالأسنان الصغيرة على حواف الفكين.

في السمندر اللارئوي تنقبض العضلات المحيطة بالعظم اللامي لإنتاج ضغط لإطلاق العظمة اللامية خارج الفم مع اللسان. تتكون حافة اللسان من مادة مخاطية تكون نهاية لزجة تلتصق بها الفريسة. وتقوم العضلات

في منطقة الحوض لاعادة اللسان والعظمة اللامية لمكانها الطبيعي. و مع ذلك فان الكثير من أنواع السمندر المائية ليس لها عضلات في اللسان فلا تستخدمه في اصطياد الفريسة في حين تمتلك معظم الأنواع الأخرى لسان متحرك ولكن بلا وجود للعظم اللامي. ولمعظم أنواع السمندر أسنان صغيرة في كلا الفكين.

التكاثر

يتراوح عدد بيوضه التي تضعها الانثى ما بين 500 إلى 600 بيضه ويقوم الذكر بتخصيبها وحمايتها ل6 اسابيع.تفقس البيوض ويخرج الصغار ولها خياشم تضمر بمرور الوقت ويحل محلها الرئتان.يبلغ طولها سنتمترين ونصف وتصبح مثل والديها حتى بلوغها 3 سنوات. تبقى في معظم الوقت تحت الماء ولاتخرج حتى تكبر.




أسلوب الدفاع عن النفس

تستخدم بعض أنواع السلمندر آلية تسمي ب انشطار ذاتي للهرب من مهاجميها حيث يسقط الذيل ويستمر في التحرك لبعض الوقت بينما يهرب السلمندر أو يظل ساكنا لكي لا تتم ملاحظته من جانب الفريسة. يعيد السلمندر بشكل روتيني إنتاج الأنسجة فعند فقدان جزء من أحد الأطراف فانه بغضون اسابيع قليلة يكون قد تم إصلاح الجزء المفقود. كما يمكن للسمندر إنتاج مادة بيضاء سامة سائلة للدفاع عن نفسه.

تناقص الأعداد

أدى مرض فطري إلى تناقص في أعداد البرمائيات الحية مما أثر أيضا بشكل كبير على حيوان السمندر. وعلى الرغم من أن الباحثين لم يكتشفوا بعد ارتباطا مباشرا بين الفطريات وتناقص اعداد السمندر إلا أنهم يعتقدون انه قد لعب دور ما في ذلك. كما يعتبر الباحثون ازالة الغابات وتغير المناخ عوامل

مساعدة على هذا التناقص العددي. ويقوم هذا الاعتقاد على أساس دراسة بدأت في جواتيمالا في السبعينيات من القرن الماضي وما زالت مستمرة حتى الآن ووجد أن أكثر الأنواع تأثرا هي أنواع لارئوية والتي وجدت بوفرة في السبعينيات.



أساطير


نسجت العديد من الأساطير حول السمندر على مر القرون وارتبط الكثير منها بالنيران. ينبع هذا اللارتباط على الأرجح من ميل العديد من أنواع السمندر للسكن بداخل الاخشاب المتعفنة وعند اشتعال الحرائق يحاول السمندر الهرب مضفيا اعتقاد أن السمندر تكون من اللهب وهذا الاعتقاد هو ما أكسب السمندر هذا الاسم. فكرة ارتباط السمندر بالنار تتضح في كتابات أرسطو, بلينيوس الأكبر, التلمود, راي برادبري, باراسيلسوس, دافيد وبر, ليوناردو دا فينشي وجان جاك روسو.

تطبيق اعادة انتاج الأطراف المفقوده على الإنسان

قدرة السمندر على اعادة إنتاج أطرافه كانت ولازلت محط اهتمام بالغ من العلماء, تتردد في اللأوساط العلمية نظرية تفترض ان هذه الخاصية يمكن تخليقها صناعيا في الإنسان باستخدام الخلايا الجذعية.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 17:47   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وما أوردوه له من صور يبين أنه لا يدخل في حد الوزغ المأمور بقتله . فليس كل ما قارب الوزغ في الشبه ، كالسحالي ونحوها ، يعد منه ، ولا له حكمه ؛ فالوزغة مضرة خبيثة الطبع ، بخلاف كثير من السحالي التي تشبهها .

جاء في "الموسوعة العربية العالمية" : " السّمَنْدَرُ حيوان ضعيف غير ضار يشبه السحالي، وهو نوع من الزواحف " . انتهى .

فإذا لم يكن "السمندر" من الوزغ ، في أصل خلقته ، ولا هو يشببه في ضرره ، وخبث طبعه : فإنه لا يأخذ حكمه .

قال الدميري في "العِظَاءة" ، وهي سحلية تشبه الوزغ :

" هي دويبة ملساء تعدو وتتردّد كثيراً ، تشبه سام أبرص إلا أنها أحسن منه ، ولا تؤذي ، وتسمى شحمة الأرض ، وشحمة الرمل ، وهي أنواع كثيرة ، منها الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر وكلها منقطة بالسواد ، وهذه الألوان بحسب مساكنها ، فإن منها ما يسكن الرمال ، ومنها ما يسكن قريباً من الماء والعشب ، ومنها ما يألف الناس "

انتهى من " حياة الحيوان " (2/167) .

وقال التوربشتي الحنفي :

" الوزغ: الدويبة التي يقال لها: سام أبرص، والجمع وزغان ، وقيل: سمي وزغا لخفته وسرعة حركته .."

انتهى من " الميسر في شرح مصابيح السنة " (3/944).

ولذلك فإن بنات الرمل وتسمى اللحكاء والعظاءة ونحوهما – مع شبههما بالوزغ – إلا أنها ليست مثلها ، ولذلك لا يسن قتلها ، وقد كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد أمر بقتلها ، ولذلك قرر جمع من أهل العلم استحباب تركها لأنها غير مضرة .

قال الدميري الشافعي :

" وقال الأصحاب: ما لا يظهر فيه ضر ولا نفع، كالخنافس والدود والجعلان والسرطان والبغاث والرخمة والعظاءة والسلحفاة والذباب وأشباهها، يكره قتلها للمحرم وغيره .

هكذا قطع به الجمهور [ يعني : جمهور الشافعية ]...

وقد ثبت في صحيح مسلم عن شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ( إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) وليس من الإحسان قتلها عبثا "

انتهى من " حياة الحيوان " (1/430) .

ثانيا :

لعل السائل لم يعلم بإخبار الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن الوزغ بأنه كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام .

فقد ثبت في صحيح البخاري (3359 ) عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَالَ كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام" .

قال أبو عمر بن عبد البر :

" أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْفَأْرَةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ، وَقَتْلِ الْعَقْرَبِ والوزغ "

انتهى من " الاستذكار " (4/156) .

وقال أبو بكر ابن العربي رحمه الله :

" مسائل :

(الأولى) : الحيوان على ضربين : مؤذ ، وغير مؤذ .

فالمؤذي : يقتل . ومالا يؤذي : لا يقتل .

والوزغ مؤذ في الأصل لنفخه على نبي الله ؛ فدل على أن الإذاية جبلة له .

وله إذاية في الأطعمة ، بتقذيرها وإفسادها ، وقتل آكلها اذا وقعت فيه ؛ فوجب قتلها ، وقتل ما كان مثلها .

(الثانية) مالم يكن مؤذيا من الحيوان ولم يؤذن في قتله على ما يأتي تفضيله "

انتهى، من "عارضة الأحوذي" (6/276) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين: " رَغَّبَ الرسول صلى الله عليه وسلم في قتل الوزغ و (بأن أن الذي يقتله من أول مرة يكون له مائة حسنة) ما حكم قتل الوزغ وما حكم قتل الضفادع؟

فأجاب رحمه الله تعالى: " أما قتل الوزغ ، فإنه سنة ، وفيه أجر عظيم قد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أنه كان ينفخ النار على إبراهيم حين ألقي فيها) .

ثم إن فيه مضرة ، وأذى ، وأصواتا قبيحة مكروهة .

وأما الضفادع فلا تقتل إلا إذا آذت فإن آذت فلا بأس بقتلها ، لأن كل مؤذٍ يقتل كما قال الفقهاء رحمهم الله يسن قتل كل مؤذٍ. " . انتهى ، من "فتاوى نور على الدرب" .

والخلاصة :

أن هذه الدويبة – ليست من الوزغ - وإذا ثبت ضررها فإنها تقتل ؛ لا لأنها من الوزغ ، لكن لقطع إيذائها ، وإذا لم يثبت ضررها ، فيكره قتلها كبقية الحيوانات التي لا ضرر منها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 17:55   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم اقتناء السحالي والزواحف وتربيتها

السؤال:

ما هو حكم تربية أحد فصائل البرص (السحلية) الاستوائية ، كحيوان في حوض يمثل بيئته الاستوائية في البيت؟ علما بأنه ليس كالوزغ الصحراوي الذي ورد في الأحاديث التي حثت على قتله، وعائلة البرص كبيرة ، وتحتوي 7 أنواع من البرص تحتوي على مئات من الفصال. أمثلة للاستوائي منها





الجواب:


الحمد لله :

الأصل في اقتناء الحيوانات وتربيتها الجواز ، إلا ما خصه الدليل منها لنجاسته كالخنزير مثلاً، وكالكلب غير المأذون فيه، وكالحيوان المفترس العادي، أما ما لم ترد الشريعة بالنهي عن اقتنائه فلا بأس بالاحتفاظ به ، وقد ورد في السنة ما يدل على احتفاظ بعض الصحابة بحيوانات مباحة للرعاية والزينة أو اللعب المباح :

كما جاء عن أنس ابن مالك -رضي الله عنه - أنه كان له أخ صغير له نغر يلعب به - وهو طير صغير- فمات طائره فرآه النبي صلى الله عليه وسلم مهموما حزينا فداعبه بما مقتضاه إقراره له على اقتنائه لطائره الصغير هذا فقال له صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا عمير ما فعل النغير !!).

وأما إذا لم يكن في تربيتها حاجة معتبرة شرعاً، فالأفضل للمسلم أن لا يضيع وقته وماله في غير ما فائدة .
قال الرملي في نهاية المحتاج : " ويمتنع اقتناء الخنزير مطلقاً، ويحل اقتناء فهد وفيل وغيرهما مما فيه نفع ولو متوقعاً " انتهى. وفيه تقييد الجواز بما فيه نفع .

والذي يظهر لنا أن السحالي ونحوها مما لا نفع فيه ، ولا هو مما يقتنى للزينة ونحوها ؛ فينبغي ألا يُشتغل باقتنائها ، خاصة إذا كان فيها إضاعة للمال ، أو نوع انشغال بها ؛ إلا لمن كانت له حاجة فيها حاجة تعليمية ، أو نحوها .

وقد سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم اقتناء الحيوانات لإشباع الهواية أو لأغراض الزِّينة؛ ومِنها: الزواحف، مثل: الثعابين والسحالي.

فكان مِن ضمن الجواب: " من شروط صحة البيع كون العين المعقود عليها مباحة النفع من غير حاجة، والثعابين لا نفع فيها، بل فيها مضرة، فلا يجوز بيعها ولا شراؤها، وهكذا السحالي، وهي: السحابل، لا نفع فيها فلا يجوز بيعها ولا شراؤها"

انتهى من "فتاوى اللجنة" (13/ 38) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 17:59   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

فتح محل لبيع الزواحف والسباع

السؤال :

أود أن أتقدم لسماحتكم بسؤال عن حكم الشرع في الاتجار أو اقتناء الحيوانات التي تستخدم لإشباع الهواية أو لأغراض الزينة ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

1.طيور الزينة مثل : الببغاوات والطيور الملونة .

2.الزواحف مثل : الثعابين والسحالي .

3. المفترسات مثل : الذئاب والأسود والثعالب .. الخ .

حيث إنها تستخدم إما لأشكالها الجميلة أو لفرائها ، مع العلم بأنها غالية الثمن ، وتحفظ تحت الأسر ، والتجارة فيها لها مردود عالي جداً ؟ .


الجواب :

الحمد لله

أولاً

: بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل صوتها جائز لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح ، ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها

بل جاء ما يفيد جواز حبسها إذا قام بإطعامها وسقيها وعمل ما يلزمها ، ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث أنس قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً ، وكان لي أخ يقال له أبو عُمير قال : أحسبه فطيماً وكان إذا جاء قال : ( يا أبا عُمير ما فعل النُغير ؟ ) نغر كان يلعب به ) ..الحديث ، والنغر نوع من الطيور

قال الحافظ ابن حجر في شرحه ( فتح الباري )

في أثناء تعداده لما يستنبط من الفوائد من هذا الحديث قال : وفيه .. جواز لعب الصغير بالطير ، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به ، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات

وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه ، وقص جناح الطير إذ لا يخلو طير أبي عمير من واحد منهما ، وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم ، وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل في خشاش الأرض )

أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 100،152وأحمد 2/261 .

وإذا جاز هذا في الهرة جاز في العصافير ونحوها .

وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة حبسها للتربية ، وبعضهم منع ذلك ، قالوا : لأن سماع أصواتها والتمتع برؤيتها ليس للمرء به حاجة ، بل هو من البطر والأشر ورقيق العيش ، وهو أيضاً سفه لأنه يطرب بصوت حيوان صوته حنين إلى الطيران ، وتأسف على التخلي في الفضاء

كما في كتاب ( الفروع وتصحيحه ) للمرداوي 4/9 ، والإنصاف ( 4/275 )

ثانياً :

من شروط صحة البيع كون العين المعقود عليها مباحة النفع من غير حاجة ، والثعابين لا نفع فيها ، بل فيها مضرة فلا يجوز بيعها ولا شراؤها ، وهكذا السحالي ، وهي السحابل ، لا نفع فيها ، فلا يجوز بيعها ولا شراؤها .

ثالثاً :

لا يجوز بيع المفترسات من الذئاب والأسود والثعالب وغيرها من كل ذي ناب من السباع لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولما في ذلك من إضاعة المال ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته .

من فتاوى اللجنة الدائمة 13/38.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-14, 16:19   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




معنى "تعالى جدك" في دعاء الاستفتاح.

السؤال :

وصلني اليوم رسالة تقول بالنص : " أن أغلب المصلين يخطئون في دعاء الاستفتاح فيقولون "وتعالى جَدُك" بفتح الجيم وهذا خطأ كبير ، لأن الله سبحانه وتعالى لا والد له ولا ولد ولا جد ! .

والصحيح قول "جِدُك" بكسر الجيم ومعناها العظمى لله . " ما صحة هذا الكلام ؟

وما الصحيح في القول جَدك أم جِدك ؟


الجواب :


الحمد لله

روى مسلم في صحيحه (399) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ يَقُولُ: «سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» .

وقد روي ذلك مرفوعا ، وموقوفا على عمر ، وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

وينظر : "السنن" للدارقطني (2/58)

وما بعدها . سلسلة الأحاديث الصحيحة (2996)

وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ص93)

للألباني رحمه الله.

وقد ضبط العلماء من أهل الحديث والفقه واللغة وغيرهم (الجَدّ) هنا بفتح الجيم ، ولم يذكروا غيره.

و(الجَدُّ) هو العظمة .

فمعنى الحديث : تعالت عظمتك .

قال النووي رحمه الله في "تهذيب الأسماء واللغات" (3/331) :

"وقوله في دعاء الاستفتاح: (وتعالى جدك) مفتوح الجيم ، أي ارتفعت عظمتك .

وقيل : المراد بالجد: الغنى ، وكلاهما حسن، ولم يذكر الخطابي إلا العظمة، ومنه قوله تعالى إخبارًا عن الجن: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا) (الجن/3) أي عظمته" انتهى .

وقال البعلي في "المطلع على أبواب المقنع" (ص 46) :

"(وتعالى جدك) جدُّك، بفتح الجيم" انتهى .

وقال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (2/478) :

"( وَتَعَالَى جَدُّكَ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ ، أَيْ : عَلَا جَلَالُكَ ، وَارْتَفَعَتْ عَظَمَتُك" انتهى .

وفي حاشية ابن قاسم على "الروض المربع" (2/22) :

"و(جد) بفتح الجيم ، العظمة والحظ والسعادة والغناء، وتعالى: تعاظم، جاء على بناء السعة والمبالغة، فدل على كمال العلو ونهايته، أي : علا جلالك، وارتفعت عظمتك، وجلت فوق كل عظمة، وعلا شأنك على كل شأن، وقهر سلطانك كل سلطان" انتهى .

وفي "توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام" للبسام (2/169) :

"جدّك: بفتح الجيم وتشديد الدال، أي عظمتك وجلالك وسلطانك" انتهى .

وقد تكررت هذه الكلمة (جَد) بفتح الجيم في القرآن الكريم ، والسنة النبوية .

قال الله تعالى على لسان الجن : (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً ) الجن/3 .

قال السعدي رحمه الله (ص890) :

أي : تعالت عظمته ، وتقدست أسماؤه" انتهى .

وقال القرطبي رحمه الله (19/8) :

"(جد ربنا) أي : عظمته وجلاله" انتهى .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ) رواه البخاري (844) ، ومسلم (593).

قال العلماء أي : لا ينفع ذا الحظ والغنى والجاه، منك : حظُّه، وغناه، وجاهه .

قال ابن رجب في قوله صلى الله عليه وسلم : (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) :

"والجد -بفتح الجيم- المراد به في هذا الحديث: الغنى، والمعنى: لا ينفع ذا الغنى منك غناه.." انتهى من "فتح الباري لابن رجب" (7/417) .

وقال النووي في شرح صحيح مسلم :

"وَقَوْله : ( ذَا الْجَدّ ) الْمَشْهُور فِيهِ فَتْح الْجِيم، هَكَذَا ضَبَطَهُ الْعُلَمَاء الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ .

قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ . وَقَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيّ : هُوَ بِالْفَتْحِ ، قَالَ : وَقَالَهُ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكَسْرِ ، قَالَ : وَهَذَا خِلَاف مَا عَرَفَهُ أَهْل النَّقْل ، قَالَ : وَلَا يَعْلَم مَنْ قَالَه غَيْره .

وَضَعَّفَ الطَّبَرِيّ وَمَنْ بَعْده الْكَسْر ، قَالُوا : وَمَعْنَاهُ - عَلَى ضَعْفه - : الِاجْتِهَاد ، أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الِاجْتِهَاد مِنْك اِجْتِهَادُه ، إِنَّمَا يَنْفَعهُ وَيُنْجِيه: رَحْمَتُك .

وَقِيلَ: الْمُرَاد: ذَا الْجَدّ وَالسَّعْي التَّامّ فِي الْحِرْص عَلَى الدُّنْيَا .

وَقِيلَ : مَعْنَاهُ الْإِسْرَاع فِي الْهَرَب ، أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الْإِسْرَاع فِي الْهَرَب مِنْك هَرَبَهُ ، فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتك وَسُلْطَانك .

وَالصَّحِيح الْمَشْهُور: الْجَدّ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْحَظّ وَالْغِنَى وَالْعَظَمَة وَالسُّلْطَان ، أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الْحَظّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَالْوَلَد وَالْعَظَمَة وَالسُّلْطَان، مِنْك : حَظّه ؛ أَيْ لَا يُنْجِيه حَظّه مِنْك ، وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ وَيُنْجِيه الْعَمَل الصَّالِح ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك)" انتهى .

وبهذا يتبين أن ضبط الحديث (وتعالى جَدُّك) بفتح الجيم ، قولا واحدا ، وهو العظمة .

ولا يصح أن يقال بكسر الجيم (جِدُّك) فإن في هذا تحريفا لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه صلى الله عليه وسلم قاله بالفتح ، ولم يذكر أحد من العلماء – بعد البحث – وجها آخر في ضبط الحديث .

ولأنه بالكسر يتغير معنى الحديث ، فالجِدُّ بالكسر هو الاجتهاد في العمل ، وضد الهزل ، وهذا المعنى غير مراد من الحديث .

والواجب على من أراد أن ينبه الناس على خطأ يقعون فيه: أن يتأكد من صحة الكلام قبل نشره ، لاسيما إذا كان الأمر يتعلق بالأحكام الشرعية والأحاديث النبوية ، حتى لا يقع في الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث لا يشعر ، وحتى لا ينهى عن الصواب ويأمر بالخطأ ، فيكون من (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) الكهف/104.

والله أعلم .


ملخص الجواب :

ضبط الحديث (وتعالى جَدُّك) بفتح الجيم ، قولا واحدا ، وهو العظمة .

ولا يصح أن يقال بكسر الجيم (جِدُّك) فإن في هذا تحريفا لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه صلى الله عليه وسلم قاله بالفتح ، ولم يذكر أحد من العلماء – بعد البحث – وجها آخر في ضبط الحديث .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-14, 16:23   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفهم الأدق لحديث عدم المغفرة للمتشاحنين

السؤال :

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا) رواه مسلم. على ضوء هذا الحديث

أود أن أسأل عن حال المشاحن لأخيه ، هل يكون محجوبا من المغفرة حتى لو كان له ورد يومي ، كأن يستغفر كل يوم 1000 مرة ، وحتى لو صام يوم عرفة ، ويوم عاشوراء؟


الجواب :

الحمد لله


المقرر لدى جماهير العلماء أن التوبة الصادقة من بعض الذنوب دون بعض تقبل عند الله تعالى، ولا يشترط للتوبة من ذنب معين كشهادة الزور مثلا أن يتوب هذا الشاهد من كل إثم ومعصية أخرى وقع فيها، فرحمة الله واسعة، يتقبل التوبة عن عباده، ويجازي بالحسنة الحسنة وإن كانت مثقال ذرة، ولا يضيع أجر من أحسن عملا لأجل سيئة واحدة.

قال الإمام النووي رحمه الله:

"تصح التوبة من ذنب ، وإن كان مصرا على ذنب آخر، وإذا تاب توبة صحيحة بشروطها ، ثم عاود ذلك الذنب ، كتب عليه ذلك الذنب الثاني، ولم تبطل توبته . هذا مذهب أهل السنة .."

انتهى من "شرح النووي على مسلم" (17/ 59) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" وسر المسألة، أن التوبة هل تتبعض، كالمعصية، فيكون تائبا من وجه دون وجه، كالإيمان والإسلام؟

والراجح : تبعضها، فإنها كما تتفاضل في كيفيتها كذلك تفاضل في كميتها، ولو أتى العبد بفرض وترك فرضا آخر لاستحق العقوبة على ما تركه دون ما فعله، فهكذا إذا تاب من ذنب وأصر على آخر، لأن التوبة فرض من الذنبين، فقد أدى أحد الفرضين وترك الآخر، فلا يكون ما ترك موجبا لبطلان ما فعل، كمن ترك الحج وأتى بالصلاة والصيام والزكاة..." .

ثم قال بعد كلام له ، ونقاش لبعض الخلاف حول المسألة :

" والذي عندي في هذه المسألة أن التوبة لا تصح من ذنب، مع الإصرار على آخر من نوعه .

وأما التوبة من ذنب، مع مباشرة آخر لا تعلق له به، ولا هو من نوعه : فتصح، كما إذا تاب من الربا، ولم يتب من شرب الخمر مثلا، فإن توبته من الربا صحيحة .

وأما إذا تاب من ربا الفضل، ولم يتب من ربا النسيئة وأصر عليه، أو بالعكس، أو تاب من تناول الحشيشة وأصر على شرب الخمر، أو بالعكس : فهذا لا تصح توبته .

وهو كمن يتوب عن الزنا بامرأة، وهو مصر على الزنا بغيرها، غير تائب منها، أو تاب من شرب عصير العنب المسكر، وهو مصر على شرب غيره من الأشربة المسكرة : فهذا في الحقيقة لم يتب من الذنب، وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر، بخلاف من عدل عن معصية إلى معصية أخرى غيرها في الجنس .. "

انتهى ، من "مدارج السالكين" (1/284-285) .

وينظر : "الآداب الشرعية" لابن مفلح (1/56-58)

"مختصر الفتاوى المصرية" (137)

"مجموع الفتاوى" (10/23) .

ولهذا ؛ فعمل الصالحات ، والتوبة من السيئات : يتقبلها الله عز وجل

ولو كان صاحبها متلبسا بهجر أخيه، فذلك العمل الصالح شيء، ومعصية الهجران شيء آخر، لا علاقة بينهما تلازمية، بحيث لا يقبل العمل الصالح مطلقا حتى تزول الشحناء بين الأخوين ، ولا دليل ـ البتة ـ على أن هذه الشحناء ، تحبط عمل العبد الصالح

وليس هذا هو المقصود في الحديث الشريف: (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا) رواه مسلم (رقم/2565)

إذ لو فهمناه على هذا الوجه لسلكنا طريقا خاطئا يؤدي إلى غلق باب التوبة، وتيئيس العباد من الرحمة، واقتحام حرمة اللعن والطرد من الرحمة تحت ذريعة معصية الشحناء، كما اقتحمت هذه الحرمة من قبل باسم "التكفير" و"التضليل".

وإنما الذي يظهر في معنى الحديث الشريف : أن الذنوب التي لا تغفر بسبب استمرار "الشحناء" هي "نفس الشحناء" التي بين المتهاجرين فقط ، فإن الله لا يتفضل على المتشاحنين بمغفرة هذا الذنب ، إلا أن يتوبا عنه ، ويرجعا إلى ما كانا عليه .

ففي هذه المشاحنة ، والهجران ذنبان: ذنب يتعلق بحق الله سبحانه، وآخر يتعلق بحق العبد، فإذا اصطلحا وتسامحا غفر الله لهما ما يتعلق بحقه أيضا سبحانه، أما إذا لم يصطلحا ولم يتسامحا، لم يغفر لهما، لا من جهة حق العبد ولا من جهة حق الله عز وجل.

أما الذنوب الأخرى التي بين العبد وربه، فلا شأن لها بالشحناء، ولم يقصدها هذا الحديث الشريف.

يقول الإمام ابن عبد البر رحمه الله – "الاستذكار" (26/159) - :

" وَفِيهِ تَعْظِيمُ ذَنْبِ الْمُهَاجَرَةِ وَالْعَدَاوَةِ وَالشَّحْنَاءِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَأْمَنُهُمُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ، الْمُصَدِّقُونَ بِوَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ، الْمُجْتَنِبُونَ لِكَبَائِرِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ.

وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مَنْ وَصَفْنَا حَالَهُ، وَمَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

فَهَؤُلَاءِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَهْجُرَهُمْ، وَلَا أَنْ يُبْغِضَهُمْ، بَلْ مَحَبَّتُهُمْ دِينٌ، وَمُوَالَاتُهُمْ زِيَادَةٌ فِي الْإِيمَانِ، وَالْيَقِينِ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذُّنُوبَ بَيْنَ الْعِبَادِ ، إِذَا تَسَاقَطُوهَا ، وَغَفَرَهَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْهَا : سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: ( حَتَّى يَصْطَلِحَا ) ؛ فَإِذَا اصْطَلَحَا : غُفِرَ لَهُمَا ". انتهى .

وينظر أيضا : "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (21/ 263)

وقال القاضي ابن العربي رحمه الله:

"قال علماؤنا: في هذا الحديث دليلٌ على أنّ الذُّنوبَ بين العباد إذا تَسَاقَطُوهَا وغَفَرَهَا بعضُهُم لبعضٍ، أو خرجَ بعضُهُم لبعضٍ عمّا لَزِمَهُ منها، سَقَطَتِ المطالبةُ من الله بها، بدليل قوله في هذا الحديث: (حَتَّى يَصطَلِحَا) فَإِذَا اصطلَحَا غُفِرَ لَهُمَا"

انتهى من "المسالك في شرح موطأ مالك" (7/279)

والخلاصة : أن المتشاحن أو المتخاصم مع أخيه بغير وجه حق : لا يغفر له ذنب التخاصم حتى يصطلح معه؛ لأنه من حقوق العباد التي لا تغفر إلا بالتسامح بينهم.

وأما ذنوبه الأخرى : فالتوبة الصادقة تغفرها ، أو برحمة أرحم الراحمين ؛ ولو كان متخاصما مع أخيه، ولكن يخشى أن يحرم من المغفرة التامة ، أو ألا يوفق إلى التوبة النصوح .

فليخش المشاحن على نفسه ، وليبادر بإصلاح ذات البين .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-14, 16:29   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من كان بينه وبين أخيه شحناء هل تقبل توبته

السؤال :

إذا كان الشخص متشاحنا مع أحد لا يكلمه هل تقبل توبته إذا تاب من أي ذنب وهل إذا قال لهم السلام عليكم يكون قد تصالح معهم .

الجواب

الحمد لله

أولاً :

هجر المسلم لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل لرجل أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) رواه البخاري ( 5727 ) ومسلم ( 2560 ) .

ويستثنى من تحريم الهجر كما ذكر أهل العلم من كان في هجره مصلحة كصاحب المعصية إذا عُلم أن هجره فيه مصلحة له أو لغيره ، كأن يترك المعصية ، ولا يغتر به غيره .

والهجر يرتفع حكمه بالسلام ، فإذا سلم شخص على شخصٍ ، فقد زال الهجر؛ للحديث السابق " وخيرهما الذي يبدأ بالسلام

ثانياً :

من تاب من ذنبه تاب الله عليه ؛ كما قال سبحانه : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25، وقال تعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104.

والتوبة صالحة في كل وقت إلا عند الغرغرة ، وعند طلوع الشمس من مغربها ؛ لما روى الترمذي (3537) وابن ماجه (4253) عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" :

" وَقَدْ أَجْمَع الْعُلَمَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ عَلَى قَبُول التَّوْبَة مَا لَمْ يُغَرْغِر , كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث . وَلِلتَّوْبَةِ ثَلَاثَة أَرْكَان : أَنْ يُقْلِع عَنْ الْمَعْصِيَة وَيَنْدَم عَلَى فِعْلهَا وَيَعْزِم أَنْ لَا يَعُود إِلَيْهَا فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْب ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ لَمْ تَبْطُل تَوْبَته وَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْب وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِآخَر صَحَّتْ تَوْبَته ، هَذَا مَذْهَب أَهْل الْحَقّ . وَخَالَفَتْ الْمُعْتَزِلَة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ " انتهى .

وروى مسلم (2703) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ).

وأما ما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) ، فالذي يظهر أن هذا في بيان مغفرة الله لعباده تفضلا منه ، من غير توبة منهم .

ولا يعني عدم قبول توبة المشاحن من ذنوبه الأخرى ، فمن كان بينه وبين أخيه شحناء ، وتاب إلى الله تعالى من ذنب آخر كالكذب مثلا ، فإن الله تعالى يتوب عليه ، كما دلت النصوص .

وسبق في كلام النووي رحمه الله أن من تاب من ذنب وهو متلبس بآخر صحت توبته عند أهل السنة .

والله أعلم .:









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-14, 16:36   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إذا صالحت أختها ولم تقبل فهل يتقبل الله عملها؟

السؤال :


أختي لا تكلمني بعد شجار كانت هي الغلطانة علي مع ذلك أنا كلمتها وسلمت عليها فردت علي : أنا لا أريد أن أكلمك . هل أنا أعمالي لا تقبل ؟


الجواب


الحمد لله

إذا لم تكن الشحناء بسببك ، وسعيت للصلة والوصل ، وكان الصدّ من جهتها ، فلا شيء عليك ، وينبغي أن تستمري في الصلة والإحسان ما أمكنك ، وسلي الله تعالى أن يؤلف بينكما وأن يقيكما نزغات الشيطان .

وقد روى مسلم (2565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) وهذا حديث عظيم يبين خطر القطيعة والشحناء ، وأنها من موانع المغفرة .

قال ابن رسلان : " ويظهر أنه لو صالح أحدُهما الآخر فلم يقبل غفر للمصالِح "

انتهى نقلا عن شرح الزرقاني على الموطأ (4/335).

وروى البخاري (6237) ومسلم (2561) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ ).

قال ابن عبد البر

: " واختلفوا في المتهاجرَيْن يسلم أحدهما على صاحبه أيخرجه ذلك من الهجرة أم لا ؟

فروى ابن وهب عن مالك أنه قال : إذا سلم عليه فقد قطع الهجرة ، وكأنه والله أعلم أخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم : (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ).

وقال أبو بكر الأثرم قلت لأحمد بن حنبل : إذا سلم عليه هل يجزيه ذلك من كلامه إياه ؟ فقال : ينظر في ذلك إلى ما كان عليه قبل أن يهجره فإن كان قد علم منه مكالمته والإقبال عليه فلا يخرجه من الهجرة إلا سلام ليس معه إعراض ولا إدبار .
وقد روى هذا المعنى عن مالك ، قيل لمالك : الرجل يهجر أخاه ثم يبدو له فيسلم عليه من غير أن يكلمه ؟ فقال : إن لم يكن مؤذيا له لم يخرج من الشحناء حتى يكلمه ويسقط ما كان من هجرانه إياه "

انتهى من "التمهيد" (6/127).

وقال النووي في شرح مسلم :

" ( وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) : أي هو أفضلهما ، وفيه دليل لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجرة ويرفع الإثم فيها ويزيله . وقال أحمد وابن القاسم المالكي : إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجرته " انتهى .

والحاصل أن سلامك وكلامك مع أختك ، يرفع عنك إثم الهجر والقطيعة . ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-14, 16:49   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث (لا يزال أهل الغرب ظاهرين)

السؤال:

ما صحة هذا الحديث ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة)؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

الحديث المقصود في السؤال ثبت عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ) .

رواه الإمام مسلم في "صحيحه" رقم (1925) .

، والبزار في "البحر الزخار" (4/57)

وأبو يعلى في "المسند" (2/118)

ونعيم بن حماد في "الفتن" (2/601)

وابن الأعرابي في "المعجم" (1/174)

والشاشي في "المسند" (1/204) .

جميعهم من طريق داود بن أبي هند ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
وهذا إسناد صحيح ، لم نقف على مطعن فيه من قبل أحد من المتقدمين أو المتأخرين .

ولكن الرواة اختلفوا في لفظ الحديث على داود بن أبي هند:

فروي بلفظ (أهل الغرب) – كما سبق تخريجه من الكتب - عن:

1. (نعيم بن حماد، ويحيى بن يحيى) كلاهما عن هشيم، عن داود بن أبي هند

2. (نعيم بن حماد، محمد بن المثنى، محمد بن إسماعيل) ثلاثتهم عن عبد الوهاب، عن داود بن أبي هند.

3. (عمرو بن حكام) عن شعبة، عن داود
.
4. عمر بن حبيب ، عن داود .

وروي بلفظ (أهل المغرب)

أخرجه أبو عوانة في "المستخرج" (15/474)

وأبو العرب التميمي في "طبقات علماء إفريقية" (ص10)

وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (2/75)

رووه بهذا اللفظ عن:

1. (خضر بن محمد، سعيد بن منصور، سعيد بن سليمان، محمد بن الصباح) أربعتهم ، عن هشيم ، عن داود.

2. نعيم بن حماد ، عن عبد الوهاب ، عن داود .

3. عمرو بن حكام، عن شعبة، عن داود .

4. عمر بن حبيب، عن داود.

يقول أبو العباس القرطبي رحمه الله:

"وقد روى الدارقطني في "فوائده" حديث سعد بن أبي وقاص ، وقال فيه: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق في المغرب حتى تقوم الساعة) ، ورواه عبد بن حميد الهروي، وقال فيه: (لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة، أو يأتي أمر الله) ورواه بقي بن مخلد في "مسنده"

كذلك: (لا يزال أهل المغرب)"

انتهى من "المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم" (3/763)

ولم نقف على هذه الروايات فيما وقفنا عليه من الكتب التي سماها.

وهكذا نجد الأمر مشتبها بين اللفظين، يصعب الترجيح فيه بينهما، لما نراه من تشارك وتشابه كبيرين في الرواية عن الرواة أنفسهم، واختلاف التلاميذ في الطبقات المتأخرة يصعب معه الترجيح بين الألفاظ والأوجه.

إلا أن العلماء يميلون إلى الوجه الأول (أهل الغرب)، والسبب فيما يبدو اشتهار هذا اللفظ في كتب أصول السنن الأقدم والأكثر، كصحيح مسلم، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى، وغيرها

بل إن نعيم بن حماد في كتابه "الفتن" يرويه بلفظ (الغرب)، في حين أن من يروي الحديث من طريقه يحكيه عنه بلفظ (المغرب)! الأمر الذي يدل على خطئه.

يقول ابن حجر رحمه الله:

"وقع في بعض طرق الحديث (المغرب) بفتح الميم وسكون المعجمة، وهذا يرد تأويل الغرب بالعرب.

لكن يحتمل أن يكون بعض رواته نقله بالمعنى الذي فهمه، أن المراد الإقليم، لا صفة بعض أهله"

انتهى من "فتح الباري" (13/295) .

ويقول العلامة المعلمي رحمه الله:

"أما ما يحكى أن بعضهم قال "المغرب" فخطأ محض" .

انتهى من "آثار الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيي المعلمي اليماني" (12/ 181) .

ثانيا:

وقد اختلف العلماء في بيان (أهل الغرب) هؤلاء، وتحديد هويتهم والتعريف بهم، وذلك على أقوال:

القول الأول:

هم العرب، والعرب يوصفون بأنهم "أهل الغرب"، أي المشهورون باستعمال الدلاء الكبيرة في حاجاتهم المعيشية للمياه، والغرب هو الدلو الكبير. وقد نُقل هذا القول عن الإمام علي بن المديني.

قال يعقوب بن شيبة ، عن علي بن المديني: "الغرب هنا الدلو المذكورة، وأراد العرب؛ لأنهم أصحابها، والمستقون بها، وليست لأحد إلا لهم ولأتباعهم" .

انتهى من "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (2/ 130) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-14, 16:49   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القول الثاني:

هم المجاهدون، ومعنى (أهل الغرب) على هذا أي: أهل الحِدَّة، فالغرب هي الحدة هنا، أو كما نقل القاضي عياض: "أهل الغرب: أهل الشدة والجلد. وغرب كل شيء : حَده" .

انتهى من "إكمال المعلم" (6/348) والمجاهدون أهل جلد ومثابرة.

يقول ابن العربي المالكي رحمه الله:

"وقال قوم: هم المخصوصون بالجهاد، المثابرون عليه، [الذين] لا يضعون أسلحتهم، فهم أبداً في غرب، وهي الحدة. خرّج ذلك مسلم، وهذا يكون بجوْب القفار، وخَوْض البحار

تحقيقاً للموعد الحق المذكور حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتي عُرضوا علىَّ يرْكبُون ثَبَجَ هذَا الْبَحْرِ الأخْضَرِ غُزاةً في سَبِيلِ الله)، وهذا يدل على طلب تحقيق الموعد من وراء البحار، وقد علم صلى الله عليه وسلم بلوغ الدين هنالك"

انتهى من "القبس في شرح موطأ مالك بن أنس" (ص586).

ويقول العلامة المعلمي رحمه الله:

"قد قيل وقيل، وأقرب الأقوال أن المراد بالغرب الحدة والشوكة في الجهاد، ففي حديث جابر بن سمرة: (لا يزال هذا الدين قائما تقاتل عليه عصابة الخ). وفي حديث جابر بن عبد الله: (...طائفة من أمتي يقاتلون) ونحوه في حديث معاوية، وحديث عقبة بن عامر" .

انتهى من "آثار الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيي المعلمي اليماني" (12/ 181).

القول الثالث:

هم أهل الشام؛ لأن أهل المدينة كانوا يطلقون على الشام غربا؛ بحكم أن معظم بلاد الشام لا تسامت شمال المدينة في خط مستقيم مباشر، بل لا بد من الميل تجاه الغرب لبلوغ معظم أراضي بلاد الشام، كما أن العراق تميل إلى الشرق عن شمال المدينة المباشر.

واستدلوا عليه بأدلة ثلاثة:

1. حمل كلمة (أهل الغرب) على ظاهرها الغالب الاستعمال الذي يتحدث عن الاتجاه، وأنها غرب الأرض، أولى من حمله على معان أخرى كالحدة ونحوها.

2. الرواية الصريحة التي جاءت بلفظ (أهل المغرب) تدل على أن المقصود هو الاتجاه أيضا.

3. الأحاديث النبوية الأخرى التي تتحدث عن الطائفة الظاهرة إلى قيام الساعة، وهي أحاديث صحيحة مروية في الصحيحين

وقد جاء تفسيرها عن بعض الصحابة والتابعين بأن المقصود بهم أهل الحق في بلاد الشام أو في أكناف بيت المقدس، ففي هذا دليل على تفسير حديث (أهل الغرب) هذا، فالحديث يفسر بعضه بعضا.

قال الإمام أحمد بن حنبل – في تفسير (أهل الغرب)-:

"هم أهل الشام"

انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود- ت رضا" (ص: 228) .

ويقول ابن قدامة رحمه الله :

" ففسر أحمد الغرب في هذا الحديث بالشام ، وإنما فسره بذلك ؛ لأن الشام يسمى مغربا، لأنه مغرب للعراق ، كما يسمى العراق مشرقا، ولهذا قيل: ولأهل المشرق ذات عرق.

وقد جاء في حديث مصرحا به: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله . وهم بالشام) وفي الحديث، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، قال: وهم بالشام. رواه البخاري في "صحيحه". وفي خبر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة بدمشق ظاهرين) أخرجه البخاري في "التاريخ" . وقد رويت في الشام أخبار كثيرة"

انتهى من "المغني" (9/205) .

تنبيه : حديث أبي هريرة في ذكر "دمشق" : لا يثبت .

وأما قوله في الحديث : " وهم بالشام " ، فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هو من كلام معاذ بن جبل ، رضي الله عنه .

هذا وقد زاد بعض العلماء من أصحاب هذا القول فقالوا: المقصود أهل الشام، وما وراء بلاد الشام من الغرب كله من أهل الحق والخير. واقتصر آخرون على ذكر بلاد الشام.

يقول القاضي عياض رحمه الله:

"قيل: إنه على ظاهره، وإنما أراد غرب الأرض، قال معاذ في الحديث: "وهم بالشام"، وقد جاء مفسرًا في حديث رواه الطبري: (ببيت المقدس أو أكناف بيت المقدس). وقيل: هم أهل الشام وما وراء ذلك"

انتهى من "إكمال المعلم" (6/348) .

ويقول الطيبي رحمه الله:

"قيل: هم أهل الشام وما وراء ذلك، وفيه معجزة ظاهرة؛ فإن هذا الوصف لم يزل بحمد الله تعالى من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلي الآن، ولا يزال حتى يأتي أمر الله تعالي" .

انتهى من "شرح المشكاة" (8/ 2632).

ويقول ابن رجب رحمه الله:

"وقد فسر الإمام أحمد أهل الغرب في هذا الحديث بأهل الشام؛ فإن التشريق والتغريب أمر نسبي، والنبي صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قال هذا بالمدينة، وقد سمى النبي صلّى الله عليه وسلم أهل نجد والعراق : أهل المشرق، فلذلك كانوا يسمون أهل الشام أهل المغرب؛ لأن الشام تتغرّب عن المدينة، كما أن نجدًا تتشرّق عنها.

وكانوا يسمون البصرة هِندًا، لأنها من جهة الهند، ومنها يُسلك إِلَى الهند، ولهذا قال خالد لما عزله عمر عن الشام: إن عمر أمرني أن [آتي] الهند. قال الراوي: وكانت الهند عندنا البصرة.

وفسرت طائفة أخرى الغرب المذكور في هذا الحديث بالدلو العظيم، وقالوا: المراد بهم العرب؛ لأنهم يستقون [بالغرب]، وهذا قول علي بن المديني وغيره.

وقد وردت الأحاديث أن [العرب تهلك] في آخر الزمان، فلا يبقى منهم بقية إلا بالشام، فيرجع الأمر إِلَى تفسير الحديث بأهل الشام ... وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- التصريح بأن هذه الطائفة المنصورة بالشام"

انتهى باختصار من "مجموع رسائل ابن رجب" (3/ 204) .

ويقول أبو العباس القرطبي رحمه الله:

"وقد روى الدارقطني في "فوائده" حديث سعد بن أبي وقاص، وقال فيه: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق في المغرب حتى تقوم الساعة)، ورواه عبد بن حميد الهروي، وقال فيه: (لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة، أو يأتي أمر الله) ورواه بقي بن مخلد في "مسنده" كذلك: (لا يزال أهل المغرب) كذلك.

قلت: وهذه الروايات تدل على بطلان التأويلات المتقدمة، وعلى أن المراد به أهل المغرب في الأرض، لكن أول المغرب بالنسبة إلى المدينة - مدينة النبي صلى الله عليه وسلم - إنما هو الشام، وآخره: حيث تنقطع الأرض من المغرب الأقصى وما بينهما، كل ذلك يقال عليه: مغرب.

فهل أراد المغرب كله، أو أوله؟ كل ذلك محتمل، لا جرم قال معاذ في الحديث الآخر: (هم أهل الشام). ورواه الطبري وقال: (هم ببيت المقدس).

وقال أبو بكر الطرطوشي - في رسالة بعث بها إلى أقصى المغرب، بعد أن أورد حديثا في هذا المعنى

قال: هل أرادكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أراد بذلك جملة أهل المغرب؛ لما هم عليه من التمسك بالسنة والجماعة، وطهارتهم من البدع والإحداث في الدين، والاقتفاء لآثار من مضى من السلف الصالح" .

انتهى من "المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم" (3/763-764) .

ويقول ابن تيمية رحمه الله:

"النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهذا الكلام بمدينته النبوية، فغربه ما يغرب عنها، وشرقه ما يشرق عنها؛ فإن التشريق والتغريب من الأمور النسبية؛ إذ كل بلد له شرق وغرب؛

ولهذا إذا قدم الرجل إلى الإسكندرية من الغرب يقولون: سافر إلى الشرق. وكان أهل المدينة يسمون أهل الشام: أهل الغرب، ويسمون أهل نجد والعراق: أهل الشرق، كما في حديث ابن عمر قال: (قدم رجلان من أهل المشرق فخطبا) وفي رواية (من أهل نجد)، ولهذا قال أحمد بن حنبل: أهل الغرب: هم أهل الشام .

يعني : هم أول الغرب ، كما أن نجدا والعراق : أول الشرق، وكل ما يشرق عنها فهو من الشرق، وكل ما يغرب عن الشام ، من مصر وغيرها فهو داخل في الغرب.

وفي الصحيحين: أن معاذ بن جبل قال: في الطائفة المنصورة: (وهم بالشام). فإنها أصل المغرب، وهم فتحوا سائر المغرب، كمصر، والقيروان، والأندلس وغير ذلك.

وإذا كان غرب المدينة النبوية ما يغرب عنها ، فالبيرة ونحوها على مسامتة المدينة النبوية، كما أن حران والرقة

وسميساط ونحوها على مسامتة مكة، فما يغرب عن البيرة فهو من الغرب الذين وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم. وقد جاء في حديث آخر في صفة الطائفة المنصورة أنهم بأكناف البيت المقدس ، وهذه الطائفة هي التي بأكناف البيت المقدس اليوم.

ومن يتدبر أحوال العالم في هذا الوقت يعلم أن هذه الطائفة هي أقوم الطوائف بدين الإسلام: علما وعملا وجهادا عن شرق الأرض وغربها؛ فإنهم هم الذين يقاتلون أهل الشوكة العظيمة من المشركين وأهل الكتاب

ومغازيهم مع لنصارى ومع المشركين من الترك ومع الزنادقة المنافقين من الداخلين في الرافضة ، وغيرهم كالإسماعيلية ونحوهم من القرامطة : معروفة معلومة قديما وحديثا.

والعز الذي للمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها هو بعزهم، ولهذا لما هزموا سنة تسع وتسعين وستمائة دخل على أهل الإسلام من الذل والمصيبة بمشارق الأرض ومغاربها ما لا يعلمه إلا الله. والحكايات في ذلك كثيرة ليس هذا موضعها"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/531).

ويقول أيضا رحمه الله:

"كل بلد له غرب وشرق، والاعتبار في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم بغرب مدينته، ومن الفرات هو غرب المدينة، فالبيرة ونحوها على سمت المدينة، كما أن حران والرقة وسميساط ونحوها على سمت مكة.

ولهذا يقال: إن قبلة هؤلاء أعدل القبل، بمعنى أنك تجعل القطب الشمالي خلف ظهرك، فتكون مستقبل الكعبة، فما كان غربي الفرات فهو غربي المدينة إلى آخر الأرض، وأهل الشام أول هؤلاء"

انتهى من "منهاج السنة" (7/58).

ويقول السيوطي رحمه الله:

"ومما يؤيد أن المراد بالغرب من الأرض رواية عبد بن حميد، وبقي بن مخلد: (ولا يزال أهل الغرب) ورواية الدارقطني: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق في المغرب حتى تقوم الساعة)

قلت: لا يبعد أن يراد بالمغرب مصر؛ فإنها معدودة في الخط الغربي بالاتفاق، وقد روى الطبراني والحاكم وصححه عن عمرو بن الحمق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تكون فتنة أسلم الناس فيها الجند الغربي) قال ابن الحمق: فلذلك قدمت عليكم مصر. وأخرجه محمد بن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر، وزاد فيه: (وأنتم الجند الغربي). فهذه منقبة لمصر في صدر الملة

واستمرت قليلة الفتن، معافاة طول الملة، لم يعترها ما اعترى غيرها من الأقطار، وما زالت معدن العلم والدين، ثم صارت في آخر الأمر دار الخلافة، ومحط الرحال، ولا بلد الآن في سائر الأقطار بعد مكة والمدينة يظهر فيها من شعائر الدين ما هو ظاهر في مصر" .

انتهى من "شرح السيوطي على مسلم" (4/ 514) .

القول الرابع:

هم العلماء.

يقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" سمعت شيخنا الأستاذ المقرئ النحوي المحدث أبا جعفر أحمد بن محمد بن محمد القيسي القرطبي المعروف بابن أبي حجة رحمه الله، يقول في تأويل قوله عليه السلام: (لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة) إنهم العلماء.

قال: وذلك أن الغرب لفظ مشترك، يطلق على الدلو الكبيرة، وعلى مغرب الشمس، ويطلق على فيضة من الدمع. فمعنى (لا يزال أهل الغرب) أي: لا يزال أهل فيض الدمع من خشية الله عن علم به وبأحكامه ظاهرين، الحديث. قال الله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر: 28].

قلت [أي القرطبي]: وهذا التأويل يعضده قوله عليه السلام في صحيح مسلم: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة)، وظاهر هذا المساق أن أوله مرتبط بآخره. والله أعلم" .

انتهى من "تفسير القرطبي" (8/ 297) .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc