![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
كتاب أعلام وأقزام فى ميزان الإسلام
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 31 | ||||
|
![]() * من سقطات محمد جلال كشك في كتابه "أولاد حارتنا فيها قولان": الدفاع المبالغ فيه البعيد كل البعد عن الحقيقة. - يقول عن موقف اليسار من نجيب محفوظ: "وهم يبغضون منه النفس الإسلامي الذي يتضوع من أعماله" (ص 19) وهل يصدق هذا عاقل؟! وقال في (ص 138): "جريمة نجيب محفوظ أنه قدم وجهًا إِسلاميًّ (1/360) مشرقًا، مشرقًا في الزمن الرديء جدًّا .. وفي زمن بدا فيه المسلم قبيح المسلك قبيح الفكر". ويقول في (ص 58): "ولا شك أن قاسم يرمز إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - " فلينظر كل الناس إلى ما قاله نجيب عن قاسم. وقوله عن جمال الدين الأفغاني (ص 36): "المجاهد الشهيد أستاذ الأجيال جمال الدين الأفغاني .. شاهت الوجوه .. من فيهم له في خدمة الإسلام ما للأفغاني؟!! الأفغاني بلا جدال هو أعظم مسلم في القرن التاسع عشر هو الزعيم المفكر الذي جعل العالم الإسلامي ميدان نشاطه، متخطيًا بنجاح الحدود القومية والمذهبية" رأيت ردنا المفصل على فكر الأفغاني. وقال عن الأفغاني: "ولكنه بلا جدال أستاذ الجميع، وخير من خدم الإسلام في القرن التاسع عشر، ولولا شنشنة نعرفها من أخزم، لقلنا بل ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم" (ص37، 38)!! وقال (ص 41): "إن المسلم الذي يتعرّف على الله سبحانه وتعالى من معالم شخصية الجبلاوي، هو الذي يستحق الاستتابة، ويجب عليه أن يعيد تثقيف نفسه في علم التوحيد .. وهو مسلم ظن بالله الظنون ولم يقدر الله حق قدره .. والسموات مطويات بيمينه - سبحانه وتعالى عما يشركون" (1). - ونحن نحيل القارئ إلى ما قاله سكرتير لجنة الجائزة في حفل التسليم باستوكهولم عام 1988 حيث أشار في غضون إطرائه على الرواية إلى ما تضمنته من مفهوم (موت الإله)! (2). __________ (1) "أولاد حارتنا فيها قولان" لمحمد جلال كشك - الزهراء للإعلام العربي. (2) "الطريق إلى نوبل عبر حارة نجيب محفوظ" لمحمد يحيى ومعتز شكري (ص 6) - أمة برس للطباعة والنشر. (1/361) ونحيل القارئ إلى الكتاب الهام " الطريق إلى نوبل 1988 عبر حارة نجيب محفوظ " للأستاذين الدكتور محمد يحيى ومعتز شكري. * نجيب محفوظ والشيخ عبد الحميد كشك وأحمد عبد المعطي حجازي: "في صحيفة الأهرام الصادرة في 2/ 6/1999 شن أحمد عبد المعطي حجازي هجومًا ضاريًا على الشيخ عبد الحميد كشك -رحمه الله- مدعيًا أن الكتاب الذي كتبه الشيخ كشك عن نجيب محفوظ فيه دعوة لاغتيال نجيب محفوظ استجاب لها ولباها -كما يقول حجازي- "بعض القردة المتوحشين"، وانهالوا على عُنُق الكاتب بالخناجر والمُدى" ويمضي فيصف الشيخ كشك بأنه "واعظ محدود الثقافة!! لا علاقة له بدراسة الأدب" وبأنه: "واعظ نصف أمي" ويتساءل ساخرًا: "لماذا لا يُعيَّنْ الشيخ كشك أستاذًا في جامعة المنصورة، أو في جامعة القاهرة" (1). * في ميزان الحق: "وما ذكره حجازي يرفضه الحق وينقضه الواقع، فالذين اعتدوا على نجيب محفوظ لم يقرأ واحد منهم كتاب الشيخ كشك بل لم يسمع به، وهذا ما أثبتته التحقيقات والشيخ كان من حفظة القرآن المتعمقين في معانيه وأسراره، وكان ذا ثقافة موسوعية واسعة، ووهبه الله حنجرة قوية الأمر والتأثير، وكنت أتمنى أن يقرأ حجازي كتاب "النبي والفرعون" للكاتب العالمي الشهير "جيلز كيبل" وقد كتب فيه فصلاً عن الشيخ كشك من عشرين صفحة جاء فيه. "أنهم يستمعون لكشك في القاهرة، وفي الدار البيضاء، وفي حي المغاربة في مارسيليا .. فهو نجم الدعوة الإسلامية، وقد كان لكشك مقلّدوه، __________ (1) مقال " الغاية والدستور والزعيم والسبيل " (1 - 2) للدكتور جابر قميحة - مجلة آفاق عربية - الصفحة الأخيرة عدد (610) - 5 ربيع الآخر 1424 هـ - 5 يكونية 2003 م. (1/362) ولكن لم يتوافر لأحدهم أحباله الصوتية التي لا تُضاهَى، أو ثقافته الإسلامية الواسعة، أو قدرته غير العادية على الارتجال، أو روحه الجسور في نقده للأنظمة الظالمة، والدكتاتورية العسكرية، ولمعاهدة السلام مع إسرائيل". هذه سطور من شهادة كاتب غربي غير مسلم لرجل اتهمه حجازي بالأمية والتعصب وضيق الأفق .. " (1). * ونقول لأحمد عبد المعطي حجازي ضيق الأفق: قد تنكر العين ضوء الشمس من رَمَدٍ ... وينِكُرُ الفم طعم الماء من سقَم ونقول له: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء: 109]. والله الموعد. * عبد الرحمن الشرقاوي يشوِّه التاريخ الإِسلامي: سبق أن تكلمنا عن عبد الرحمن الشرقاوي وكتابه "محمد رسول الحرية" وردّ الشيخ محمد أبي زهرة علية (2)، يقول الأستاذ أنور الجندي تحت عنوان "أخطاء عبد الرحمن الشرقاوي في كتابه "السيرة والتاريخ": في كل كتاباته الإسلامية يظهر الغرض المبيت المدفون واضحًا: "محمد رسول الحرية -مسرحية الحسين ثائرًا- كتاباته عن الإمام علي". إن درجة الوعي الإسلامي الآن في فهم تيارات التغريب قد أصبحت عالية وما نعتقد أنها يمكن أن تخدع وهذه الأسماء معروفة الهوية ولذلك فهي لا تستطيع أن تكسب ثقة قارئ واحد من المؤمنين باليقظة الإسلامية ولعل هذا هو ما يزعج هؤلاء ومَن وراءهم، إن خطط التغريب والغزو الثقافي قد __________ (1) المرجع السابق. (2) وذلك في "زهر البساتين في مواقف العلماء الربانيين". (1/363) كشفت تمامًا فمهما حاولوا تغيير جلودهم ومهما خلطوا أوراقهم ومهما نشرت لهم الصحف الكبرى ومهما حالت بين مفترياتهم وبين تصحيحها، فلييئس هؤلاء تمامًا وسيرتد الكيد إلى نحور أهله. إنها محاولة لتحطيم الصحوة وللقضاء على الأصالة ولطرح مزيد من الشبهات والشكوك والسموم على الطريق الذي أصبح صالحًا ليسلك عليه المسلمون إلى إقامة المجتمع الرباني، إنها محاولات يائسة لإفساد الفكر ولتزييف التاريخ ولهدم القيم تحت أسماء إسلامية، ومن خلال صحف محتوية للتغريب والغزو الفكري، ففي روايته الحسين شهيدًا كان حريصًا على أن يصور المجتمع الإسلامي بعد أن اختار الرسول الرفيق الأعلى بنصف قرن في صورة بشعة، وكأن هذا المجتمع قد تداعى وتهاوى وصار مجتمع عربدة وفجور، ومجتمع شقاق ونفاق ومجتمع جبن وضعف ومجتمع خيانة ونكث للعهود، مع أن المجتمع كان لا يزال يزخر بعدد كثير من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه عدد ضخم من التابعين لهم بإحسان (وهذه متابعة لخطة طه حسين) التي جرى عليها في الهجوم على الصحابة وأتباعهم أما في دراسته عن الإمام علي فقد اعتمد على مراجع معينة أغلبها مشكوك في صحتها وفي مقدمتها الأغاني، وفي هذا تابع أهواء الدكتور طه وخطته حتى ليخيل إلي أنه امتداد حقيقي وتجديد استشراقي تغريبي لأفكار طه حسين المسمومة التي بثها في كتابه الفتنة الكبرى وعلي وبنوه في الأربعينات يجددها الشرقاوي في الثمانينات. فقد جرى وراء القصص البراق، واعتمد على المصادر المضلة وساير خصوم الشيخين أبي بكر وعمر من الباطنية وحاول أن يلحق الإساءة بالسيدة عائشة على هوى بعض الفرق. - ويمكن أن نقول بوضوح أن عبد الرحمن الشرقاوي القصاص الذي (1/364) يغلبه الخيال والبريق والرواية المثيرة لا يصلح مؤرخًا ولا يمكن أن يقبل منه كل ما كتب على أنه تاريخ وهو يمضي في سلك واحد مع جورجي زيدان أولا وطه حسين أخيرًا ومن العجيب أن أحدًا ممن نقدره لم يشر إلى متابعته لخطأ طه حسين في هذا المجال. - وفي الوقت الذي يأتي كتاب غربيون يشيدون بعظمة الإسلام ورسوله ورجاله ينحرف كتاب عرب لهم أسماء إسلامية عن هذا الخط ويخوضون إلى ما تحت ركبهم في الأعراض والقبائح. ولقد تأكد ما قاله الشيخ الشعراوي من أن الأهرام أصبحت وكرًا لأعداء الإسلام وأن موقف الأهرام من إغلاق الصحيفة على كتابها دون أن تسمح بوجهة النظر الأخرى هو من الآثام التي سوف تحاسب عليها الأهرام عندما يكتب تاريخ الصحابة، وما كانت هكذا تجري المعارك الأدبية في القديم حيث كان يسمح لكل طرف أن يعرض آرائه، وها هي الأهرام تستخدم من قبل توفيق الحكيم وزكي نجيب محمود، والشرقاوي لخدمة أعداء الإسلام. - ولقد صدق الشيخ محمد الغزالي حين وصف الشرقاوي بأنه يجمع القمامات من كتب التاريخ ويصدق أيضًا ما وصف بأنها مؤامرة لضرب الإسلام لحساب المسيحية ولضرب الصحوة التي أدخلت في الإسلام أعلامًا كبارًا أمثال جارودي (1) وبوكاي. ولعل أسوأ صفحات الشرقاوي هو أسلوبه في الحوار وإدخاله الإقذاع والسخرية فهو كاتب يمكن أن يوضع في صف الشعراء القدامى الذين تخصصوا في الهجاء المقذع الذي يرفضه الإسلام أسلوبًا للحوار فما بالك وصاحب الحق في الرد لا يمكن من أن يقول كلمته في نفس المكان، أي __________ظلم هذا" (1) (1) انظر رد الشيخ ابن باز على هذا في كتابي "زهر البساتين". (1/365) * مآخذ على كتابات الشرقاوي حول الإمام علي: أولاً: إن مصادر الكتابة عن الإمام علي - رفاقه ومنهج البحث في سيرة الصحابة تختلف عن المصادر ومنهج البحث في التاريخ العام، وهو لم يلتزم بهذا المنهج بل عمد لكتب التاريخ وغير كتب التاريخ فاستقى منها مادته وأخباره، فرجع إلى كتاب " الأغاني "، وهو مرجع لمؤرخي الأدب في العصر العباسي يجمع أخبار الشعراء والأدباء والمغنيين والمغنيات ومجالس الشراب والطرب، فإذا وجدت فيه معلومة عن صحابي أو تابعي فيجب الوقوف أمامها طويلاً، للبحث عما إذا كانت قد وردت في مصدر تاريخي أصيل مما تتكفل به أصول البحث العلمي، ومصطلح علم الحديث وأصول الرواية في معرفة حال الرواة وصحة المتن وطريق التحمل ولكن الشرقاوي سوى بين المصادر القديمة لقدمها ولم يفرق بينها ومن هنا وقع اللبس. - ومن مصادر الشرقاوي (الطبري) والطبري لا يشك أحد في صدقه ولكنه اعترف في كتابه أن الكتاب لا يخلو من الوقائع المكذوبة والأخبار المنحولة فلما هوجم الشرقاوي في هذا دافع عن مصدره وأهمل هذا التحذير الخطير الذي سجله الطبري في صدر كتابه. وهكذا فإن المصادر التي رجع إليها الشرقاوي لم تكن كلها كفئًا للموضوع فوقع في ورطة إذ لم يستجب لنصح الناصحين فيها. ثانيًا: "تناول أشخاصًا لهم بلاء وغناء وسبق إلى إلاسلام والجهاد في سبيل الله ووصفهم بما لا يليق بأمثالهم، فهم تلاميذ محمد - صلى الله عليه وسلم - والشوامخ __________ (1) "جيل العمالقة" (ص 250 - 251). (1/366) الذين هاجروا في الله بعد ما فتنوا وهاجروا وصبروا وقد قدم لنا الإمام علي في عماية فتنة وأعصار محنة، وقديمًا قرر الفقهاء والعلماء والسلف الصالحون ممن أدركوا الفتنة وجاءوا بعدها الإمساك عن الخوض فيها فإن الصحابة كلهم عدول بتعديل الله لهم ولكل منهم وجهة نظر واجتهاد والمخطئ فيه له أجر والمصيب له أجران. لم يتناول الكاتب دور اليهود في هذه الفتنة التي آثر الخوض فيها وما فعله عبد الله بن سبأ وأشياعه والمخدوعون به فهم أسبابها وما أشبه الليلة بالبارحة ولم ينهج نهج المحدثين وأهل الأثر من نقده الأخبار على مقتضى قوانين الرواية والجرح والتعديل الذي ميز الله به أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وراح يسوق الأخبار ومنها الملفقة كأنها حقائق مسلمة ويبني عليها اتهامات ويصدر أحكامًا قاسية وهي أخبار واهية لا تحل روايتها فضلاً عن اعتمادها في تقرير حكم أو توجيه لوم خاصة إذا كانت تحمل في ثناياها دليل بطلانها، ولم يشر إلى مرجع واحد من مراجعه التي اعتمد عليها، فإن كثيرًا من أئمة المؤرخين قد ينقلون الشائعات والأخبار التي لا تصدق، ولكن بأسانيدها اعتمادًا على أن الناس سيبحثون الأسانيد فيتقبلونها أو يرفضونها. (عن بحث الأستاذ عبد المعز عبد الستار بتصرف) ثالثًا: إلحاحه في قوله: "ليس لبني إسماعيل فضل على بني إسحاق ولا لبني إسحاق فضل على بني إسماعيل" والحق أنني ألمح منها كيدًا خفيًا من عمل اليهود وإفكًا افتروه، بعد أن عزلهم الله عن قيادة البشر وجعلها في العرب من بني إسماعيل فاليهود من يريدون أن يتساووا مع العرب والمسلمين ويستغلوا المبدأ ويقرروا أنهم يرتقون إلى مستوى المسلمين على ما بهم من بغي وكفر وقساوة قلب، وعلى أخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وقولهم: "ليس علينا في الأميين سبيل"، ونحن نقول: "بل (1/367) لبني إسماعيل اليوم فضل على بني إسحاق"، وللعرب فضل على اليهود بعد ما أثبت اليهود ببغيهم وعداوتهم أنهم على مدى التاريخ وراء كل فتنة وسبب كل محنة وأنهم كالمشركين لا يرقبون في مؤمن إِلاًّ ولا ذمةً. رابعاَّ: غرق عبد الرحمن الشرقاوي في أباطيل الرواة وفي "الروايات الضالة فأجرى على لسان (الإمام علي) عبارات ما كان يمكن أن تجري على لسانه، وتقوَّل عليه أخبارًا كاذبة كمثل ما نسب إليه من أنه قال أنه كان أولى من أبي بكر وعمر بالخلافة. خامسًا. انزلق عبد الرحمن الشرقاوي في أعراض الصحابة واندفع بهدف ونية مُبيتة وليس من باب الخطأ، أو عدم الإحاطة بالمصادر، ولا كانت هذه الفترة من تاريخ الإسلام شائكة، وكان هو غير متخصص في التاريخ وقليل الدراية، والعلم بالصحابة بحيث يجب أن يتناول تاريخهم بأسلوب مختلف، يقوم على احترامهم ومعرفة قدرهم وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا حين قال: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، ويقول. "لا تسبوا أصحابي، من سب أصحابي فقد سبني". وقد بدا القصد من سياق السرد وهو النيل من الآخرين ومن سابقته بالذات، وهي نقطة مهمة كان لا بد من إثارتها، وكانت عبارات الكاتب تستهدف التنقيص ممن قبله من الخلفاء - رضي الله عنهم - أجمعين. وقد قصد الكاتب إلى إثارة خلاف في هذه الآونة بين طائفتين أو أكثر من المذاهب الإسلامية وإيجاد بلبلة وتباغض بين تلك الأمم والمذاهب ومن هنا دخل في الخطر الكبير الذي جاء عنه التحذير في بعض الآثار: "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها". الأخطاء كثيرة وكأن بالرجل يرمي إلى شيء من وراء هذه المغالطات غير العلم فابتعد عن الحقائق، وماذا يقصد بأوصافه التي أتى بها خياله عن (1/368) ليلة زواج ذي النورين عثمان - رضي الله عنه - من نائلة، وهو الذي كانت تستحي منه ملائكة الرحمن، ومن أين له هذا الوصف البعيد كل البعد عن العلم وعن التاريخ وأقرب ما يكون إلى روايات الجنس، ثم كتاباته عن أم المؤمنين عائشة وعن الصحابة طلحة والزبير وغيرهم عندما وصفهم بغير أوصاف المؤمنين وهم المؤمنون حقًا. عن (عبد الله الأنصاري) بتصرف. سابعًا: بدأ الشرقاوي خطته بأن ألف كتابه "محمد رسول الحرية" على أساس أن الإسلام مظهر للصراع بين الطبقات وأن الأصنام تم صبها حول الكعبة لأسباب مادية وتم هدمها كذلك لأسباب اقتصادية ومضى في طريقه يفسر الوقائع بمعايير الفكر اليساري ويقرأ كتب التاريخ غير مميز بين حقيقة وشائعة، وبين صحيح وموضوع وغير مدرك لمكانة الرجال الذين يتحدث عنهم فجاءت كتاباته بعيدة كل البعد عن المنطق العلمي، كما جاءت بعيدة الأثر في الإساءة إلى الإسلام والصحابة وإلى الآمال المرجوة في الصحوة الإسلامية وجمع الشمل وقد ردد الشبهات والتقط النقاط المشكوك فيها التي تعينه على باطله، ومنها الخطبة المنسوبة إلى علي بأنه أولى بالخلافة من أبي بكر وعمر وهي خطبة تعني أن الخلفاء الثلاثة كانوا مغتصبين حقًّا ليس لهم وأنهم طلاب دنيا وعشاق رياسة وأن جمهور الصحابة جبن عن مظاهرة صاحب الحق المقرر، وهذا النسق يرمي إلى فتح الباب للطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. ودعواه أن بني النضير أسلموا باطل فما أسلم بنو النضير يومًا، وأنهم حاولوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما كان بينهم في بعض الشئون وهناك قضية وهب لها الشرقاوي فكره ونشاطه، ويريد أن يجر الإسلام إليها جرًا دون هوادة، هل للمسلم أن يدخر أو يكنز بعد أن يؤدي الحق المقرر عليه في ماله، (1/369) أم يجب إلا يمسك عنده شيئًا فوق حاجته وهو يؤكد أنه لا يجوز استبقاء شيء لصاحبه فوق نفقته العادية، إن هذا هو ميل إلى نظرية كارل ماركس (لكل حسب حاجته)، ولكنه يصور الرأي الذي ارتآه على أنه من الكتاب والسنة، وهو يحاول أن يجعل علي بن أبي طالب ضد رأس المال مهما أدى ما عليه من حقوق وهو يحاول أن يجعل عثمان كأحد الباشوات أو اللوردات الذين يشبعون شهواتهم ويرهبون المجتمع بفضول أموالهم ومن المقرر أن كتابات عبد الرحمن الشرقاوي لا تحكي تاريخًا إِسلاميًّا، فهو يساري يريد أن يجعل الإسلام وتاريخه مصبوغين باللون الأحمر والتفكير المادي ويسوق الحوادث سوقًا لخدمة هذا الغرض. فهل صحيح أن الصراع بين التوحيد والوثنية كان صراعًا طبقيًا كما يقول الأغنياء يدافعون عن وجودهم والفقراء عن حقهم في الحياة الكريمة، وعن أحلامهم في عالم أفضل، أي أحلام هذه وهل صحيح أن موسم الحج كان "يستثمر هؤلاء الأغنياء أموالهم في البيع والشراء والربا فيربحون ويربحون، وهذه الأصنام هي التي تمنحهم كل سلطاتهم على الأجراء والمعدومين والعبيد وأبناء السبيل وواجه محمد هذا كله بأن الأصنام ضلال مبين فهو يلعن الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، هكذا يقول الشرقاوي في تصوير الرسالة الإسلامية. صراع بين الغنى والفقر لا وجود له إلا في دماغ المؤلف. وآية عدم اكتناز الذهب والفضة نزلت بعد اثنتين وعشرين سنة من بدء الرسالة ولا صلة لها بعبادة الأصنام أو الحرب التي شنها الإسلام على الوثنية من أول يوم. حتى الهجرة إلى المدينة جعل لها الشرقاوي أسبابًا اقتصادية فإن المرابين في المدينة كان ضغطهم أقل، والهوان الذي يتعرض له المدينون كان أخف، تأمل قوله: هنا مجتمع آخر أكثر تقدمًا من مجتمع مكة، هنا علاقات (1/370) اجتماعية أخرى أكثر قابلية لتعاليم محمد، فالمرابي اليهودي لم يكن قادرًا على استعباد المدين العربي إذا عجز عن الوفاء كما كان يحدث في مكة، ولم يكن له الحق في أخذ امرأة المدين أو ابنته لإكراههما على البغاء كما كانت تفعل قريش، وأجير الأرض في المدينة أعلى درجة من عبيد مكة الذين كانوا يحرسون القوافل والمصارف إلخ. ليس في هذا الكلام كله ذرة من صدق، والقول بأن العرب كانوا يسترقون المدين المعسر، ويستوفون ديونهم من استرفاق امرأته وابنته وإرغامهما على الزنى، كلام مكذوب، ما كان شائعًا لا في مكة ولا في المدينة وبالتالي فلا صلة للهجرة بهذه الأوضاع المختلفة. إن هذا الكلام ليس تشويه تاريخ، بل هو تزوير تاريخ، أو كما يقال في مصر (سمك، لبن، تمر هندي) وليس في القرآن ولا في السنة المطهرة ولا في السير المؤلفة عن صاحب الرسالة ما يترك مثل هذا الانطباع الغريب، عن الجو الذي بدأت منه تعاليم محمد. كما يصف عبد الرحمن الشرقاوي الإسلام ونبيه وما نزل عليه من وحي وما تمخض عنه من حضارة. عن الشيخ (محمد الغزالي بتصرف) * مسرحية الحسين شهيدًا: الأصابع الحمراء تشوه حقائق المعارك الإسلامية وتشهر بالصحابة الأجلاء (أحمد الشرباصي، محمد الطيب النجار، زكي البنهاوي) نشرة الاعتصام - مايو 1975 عن هذه الدراسة للمسرحية تحت عنوان: "مسرحية الحسين شهيدًا". 1 - المسرحية تظهر شخصية الحسين وشخصية السيدة زينب - رضي الله عنهما - وهما من آل بيت الرسول الأعظم، وقد تكررت الفتوى من العلماء المسئولين بمنع (1/371) إظهار هذه الشخصيات الطاهرة. 2 - تردد في المسرحية التشهير بجماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم قدوة لنا وقد نوه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمكانة أصحابه في أكثر من حديث شريف ومن واجبنا أن نبرز مفاخرهم ونركز عليها ونهتم بها وألا نطيل الوقوف أمام ما نسب إليهم من خلاف أو أخطاء. 3 - ترددت في المسرحية عبارات الاتهام بالكفر والخروج عن الإسلام وعبارات اللعنة والتغريض الشنيع بالحرمان وهذا كله بين مجموعة تنتسب إلى الإسلام وجاءت فيها ألفاظ خارجة مثل (أبناء الأمهات الزانيات، يا ابن الفاعلة، يا ابن البرصاء، الدعي بن الدعي). 4 - صورت المسرحية العصر الأموي تصويرًا يجافي الحقيقة في بعض النواحي فوصفه بأنه عهد الإقطاع والأطماع وجردت الأمويين من كل خير ونحن لا ننكر أن هذا العصر فيه عيوب ومآخذ، ولكن هذا العصر شهد أيضًا فتوحات إسلامية كثيرة، وكان فيه جهاد ونضال فكيف نجرده من كل حسنة، ونبالغ في تصوير فساده كل هذه المبالغة. 5 - والعجب كل العجب أن يوجد "وحشي بن حرب" بين شخصيات هذه المسرحية؛ لأن أحداثها تدور في سنة ستين للهجرة ووحشي بن حرب قد مات سنة خمس وعشرين للهجرة في خلافة عثمان - رضي الله عنه - فوحشي إذن لم يدرك شيئًا من أحداث هذه المسرحية فكيف يضاف إلى أشخاصها. 6 - هناك نوع من القسوة في الحكم على معاوية مع أنه صحابي ومن كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد ذكرت المسرحية أنه عطل أصلاً من القرآن وزيف قاعدة الشورى وأهدر أحكام السنة إلى غير ذلك من التهم الشديدة التي يختلف في تحديدها المؤرخون والباحثون. 7 - جاء على لسان الحسين - رضي الله عنه - وأرضاه أنه ذهب حينما اشتدت المحنة (1/372) إلى قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال يخاطب النبي: جدى، أنا لا أعرف ما أصنع فأعني "والحسين خير من يعرف أن العون إنما يلتمس من الله تبارك وتعالى، وجد الحسين هو نفسه القائل: "إذا استعنت فاستعن بالله" فضلاً عن أن الواقعة لا نصيب لها من الصحة. 8 - ذكرت المسرحية أن (يزيد) قد فرح بمقتل الحسين - رضي الله عنه - وهذا يخالف الواقع؛ لأن التاريخ يذكر أن يزيد قد توجس شرًّا من قتل الحسين وأنه بكى حين رأى رأسه ولسنا ندري لمصلحة من يظهر يزيد وهو حاكم المسلمين على أقل تقدير - في مظهر حقير مثير لو كان أمرًا واقعًا لما كان من الحكمة إبرازه. فقد قدمت المسرحية عقب مقتل الحسين شخصًا يبدو مخمورًا والجواري تمتطين ظهره وينخسنه فيسير بهن كالحمار والتاريخ يذكر فيما يذكر أن يزيد كان متهمًا بالانحراف عن الآداب الدينية قبل المبايعة له فلما تولى الحكم انصرف عن هذا الانحراف أو على الأقل لم يجاهر بمثل ما كان يجاهر به من قبل. 9 - أن المسرحية مع الأسف كأنها تحرص على تصوير المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بنصف قرن فقط في صورة بشعة، وكأن هذا المجتمع قد تداعى وتهاوى، وصار مجتمع عربدة وفجور ومجتمع شقاق ونفاق ومجتمع جبن وضعف ومجتمع خيانة ونكث للعهود مع أن المجتمع كان لا يزال فيه عدد كبير من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه عدد ضخم من التابعين لهم بإحسان. 10 - تردد في المسرحية أكثر من مرة التعريض بنظام الجواري حيث تناول الأشخاص عبارات الاتهام باللهو والتمتع بالجواري، على سبيل التعريض والتهكم مثل هذه العبارات (ما يجيد سوى مصاحبة الجواري)، (تمتع بجواريك الأبكار الخرد)، (سوق الإماء). (1/373) 11 - تناثرت عبارات مأخوذة من جو غير إسلامي مثل هذه العبارات (ما جئت لألقي سيفًا) (جئت لألقي موعظة) (لأملأ كل بيت بالمحبة، جموع الفقراء) (يا مطفئ نور الحضارة). 12 - اختير لون السواد لطائفة من الممثلين والممثلات وهذا السواد شعار طائفي مذهبي خاص فهل من المصلحة إثارة مثل هذه الطائفية، وكذا بدا من قام بدور الحسين في ثياب تشعر بأنها إيحاء بشخصية غير إسلامية، وإن كانت شخصية لها مكانها في نظر المسلم. وكان هناك في نص المسرحية نواح وندب وتعديد وقد طال هذا وامتد فما مدى اتفاق ذلك مع تعاليم الدين. كذلك جاء على لسان أحد الأشخاص من أتباع الحسين - رضي الله عنه - ما يفيد، أن قتال المعارضين للحسين خير من قتال المشركين فهل يحكم على عقائد الناس بمثل هذه السهولة. * عبد الرحمن الشرقاوي شاعر الرؤية الخائنة ومسرحيته " وطني عكا ": لقد أيّد الشرقاوي خط الصلح الكامل مع إسرائيل الذي أنتهجه السادات، وكان موقفه هذا قد سبقه تقديمه لمسرحيته "وطني عكا" التي طرحها عام 1969، وكان عبد الرحمن الشرقاوي بكامل قواه العقلية والأيديولوجية متبنيًا لتلك المغالطات التي رددها الشيوعيون العرب حول قضية فلسطين وعلاقتنا بالكيان المغتصب وهي نظرة ومغالطات لحثالة من الشيوعيين شوهاء مجرمة ظلت تعتقد بوجود شعب طيب في "إسرائيل" تحكمه قلة رجعية لا تمثل الغالبية، وأنه لو تغير نظام إسرائيل -يقصدون الكيان الصهيوني- من الرأسمالية إلى الماركسية تنعدل الأمرر وتنتهي المشكلة. أي أن الشرقاوي كان يعبر -ولا شك أنه نجح في التعبير- عن رؤية خائنة شوهاء لمستقبل أهم وأوضح قضية من قضايانا على المستويين القومي والإسلامي. (1/374) ويبدأ الشرقاوي في تقديم افتراضات -ليس لها أي مبرر مادي- لنماذج من العسكرية الإسرائيلية، يفترسهم تأنيب الضمير صبيحة انتصارهم عام 1967! ويظهرون كلهم كضحايا تضليل الصهيونية (لاحظ الدس لايجاد شعور بأن هناك فارقًا بين الصهيونية وبين دولة إسرائيل! ). - وعندما نصل إلى المشهد الأخير يصور لنا الشرقاوي نضج وكثافة ما ادعاه -طوال المسرحية- من الأصوات الحرة التي ارتفعت داخل إسرائيل وتأثيرها في الموقف الحاسم، عندما يأمر الضابط الإسرائيلي "يعقوب" بنسف القرية العربية إذا لم تسلم الفدائيين، فيتقدم الضابط الإسرائيلي (الحر) "سلامسكي" معترضًا في غضب وثورة على أمر قائده "يعقوب" (ولا يضربه بالرصاص كما هو متبع في مخالفة الأمر العسكري أثناء معركة، بل يجادله بالحسنى! ) ونجد ضابطا إسرائيليًّا آخر (حرًا) كذلك اسمه "سعد هارون" من يهود فلسطين القدامى - يؤيد معارضة "سلامسكي" متخذًا أسلوبًا دينيًا كهنوتيًا في التعبير عن رفضه لأمر الضابط (يعقوب) بنسف القرية العربية. وفي هذه اللحظة نفسها -والشرقاوي يصور لنا الأصوات الحرة في إسرائيل تعارض وتمنع الذبح والنسف والقتل، وهي تبدو متغلبة ومنتصرة على التيار المعادي للعرب في هذه اللحظة بالذات يدخل الفدائي الفلسطيني (أبو حمدان) بالمفرقعات وبخدعة ساذجة يستطيع أن يقنع الفرقة العسكرية الإسرائيلية (والتي تبدو طيبة وإنسانية إلى درجة البراءة) يقنع الفرقة بالالتفاف حول صندوق المفرقعات فينفجر ويقتل الفرقة العسكرية كلها .. ويضاء المسرح ونرى الفرقة الإسرائيلية الإنسانية جثثًا مبعثرة على الأرض .. أشلاء الأصوات الإسرائيلية (الحرة) التي قتلها الفدائي الفلسطيني. - وبهذا يصل الشرقاوي بمدلول اللغة المسرحية المرسلة مع هذا المشهد - إلى أن المقاومة الفلسطينية، إنما تقتل بأعمال "العنف" الأصوات الحرة التي (1/375) نكسبها داخل معسكر الأعداء!! وبذلك يخلص حضرته إلى إدانة المقاومة. لصالح تلك الأصوات الحرة المزعومة، التي يدعي وجودها في داخل الكيان الصهيوني المعتدي، والتي تدعونا المسرحية إلى الأعتراف بها والتعاون والتعاطف معها، وفق خطة رؤية خائنة مضللة طيلة العرض المسرحي. لاحظ التخاريف الشرقاوية التي تقول أننا داخل الكيان الصهيوني ننجح في تشكيل تيار لصالحنا، ولعلنا لا ننسى المفارقة في أن الكيان اليهودي -للأسف- هو الذي نجح في تشكيل تيار عام داخلنا نحن لصالحه! ومن المفارقات أن تكرَّم هذه المسرحية من قبل بعض ممثلي المقاومة الفلسطينية الذين قدّم (أبو إياد) باسمهم درع المقاومة، جائزة تقديرية للمخرج كرم مطاوع والمؤلف عبد الرحمن الشرقاوي عن عملهما ذاك الشائن" (1). * مدحت باشا الخائن والمؤامرة على الخلافة في تركيا: المؤامرة على تركيا الخلافة مؤامرة على الإسلام بدؤها مدحت. ووسطها الاتحاديون. وختامها أتاتورك. لماذا هذا الحقد الشديد البالغ من أقلام عربية لكتاب مسلمين جغرافيًّا على الخلافة الإسلامية والجامعة الإسلامية والوحدة الإسلامية والتضامن الإسلامي الذي تشرق في هذه الأيام شمسه وتبدو علاماته وتعلو راياته بعد أن تعددت كتابات الكتاب عن الصحوة الإسلامية بأنه "ضربة موفقة"، أو قول أحد المؤرخين الشعوبيين: "وهكذا سقطت الخلافة الإسلامية إلى الأبد"!. وقد نسي هؤلاء وأولئك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون __________ (1) "الخديعة الناصرية" بتصرف يسير (ص 71 - 89). (1/376) ملكًا عاضًا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريًا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت" (1). وما ينطق الرسول عن الهوى. وهذا الحديث الصحيح يؤكد عودة الخلافة الإسلامية مرة أخرى على نحو أوثق صلة بحكم الله ونظامه الذي جاء به القرآن الكريم. ولقد كان سقوط الخلافة الإسلامية (حدثًا) خطيرًا لم يكتب عنه بعد، وكان له أثره في نفوس العاملين في حقل اليقظة الإسلامية. وقد كان مصدرًا لقيام المفهوم الصحيح للإسلام بوصفه منهج حياة أو نظام مجتمع. وما من دعوة إسلامية إلا وقد أخذت على أهلها العهد بالعمل لعودة الخلافة الإسلامية متى جاء أوانها، وما تزال الحركات الإسلامية كلها عاملة على هذا النهج، سائرة في هذا الطريق. ولا ريب أن قيام عدد من المنظمات الإسلامية العالمية هي بشائر الخير في هذا الطريق. فإن الدعوة إلى قيام الجامعة الإسلامية أصبح اليوم عملاّ ضروريًّا بعد أن فسدت الدعوات الاقليمية والقومية، وفي مقدمتها الجامعة العربية. ولا بد للمسلمين من أن يصلوا إلى الطريق الحقيقي لمواجهة تآمر الغرب والصهيونية والشيوعية عليهم وهو إحياء جامعتهم وإقامة خلافتهم. * معلومات مسمومة: ولست أدري لماذا هذا الاهتمام بإعادة طرح معلومات مسمومة كاذبة __________ (1) صحيح: رواه أحمد (4/ 273) ومن طريق أحمد رواه الحافظ العراقي في "محجة القرب إلى محبة العرب" (17/ 2)، وقال: هذا حديث صحيح، ورواه الطيالسي في "مسنده" (438)، وقال الهيثمي في "المجمع" (5/ 189): "رواه أحمد والبزار أتم منه"، والطبراني ببعضه في "الأوسط " ورجاله ثقات: وصححه الألباني في "الصحيحة" رقم (5). (1/377) مضللة انتشرت زمنًا وكانت أشبه بالمسلمات، روجها اليهود والمارون ثم تبين زيفها وتكشفت الحقائق التي تدحضها؟! لماذا العودة إلى الزيف بعد أن ظهرت الحقائق؟! ولماذا الادعاء بأن مدحت مصلح. وأن مصطفى كمال أتاتورك مجاهد؟!! - والحقيقة أن للرجلين ومن بينهما من رجال "الاتحاد والترقي" هم عملاء النفوذ الأجنبي والصهيونية. لقد تكشفت هذه الحقائق في العالم الإسلامي كله، ولم يعد في إمكان كاتب ما أن يضلل الناس بإعادة هذه الأكاذيب وصفِّها، وخداع الناس في أمر رجل كان والده حاخاما يهوديًّا مثل (مدحت) أو رجل هو من الدونمة أصلاً مثل (أتاتورك) إن الدعاوى الصهيونية والغربية قد خدعت المسلمين طويلاً بتزييف صفحة الدولة العثمانية، والسلطان عبد الحميد من أجل هدف معروف وواضح هو إسقاط هذا السلطان، وإزالة الدولة العثمانية، وهدم الخلافة الإسلامية لتمكين الصهيونية العالمية من الوصول إلى فلسطين، والاستقرار في القدس!! لقد كان أتاتورك والاتحاديون هم مادة تجربة جديدة فاسدة أُريد بها القضاء على النظام الإسلامي، وهدم الشريعة الإسلامية وإقرار نظام العلمانية والمادية والوثنية في المجتمع والتربية والسياسة في البلاد الإسلامية، ومحاولة لجعله مثلاً أعلى للتقدم والتجديد. ثم جاءت أحداث التاريخ بعد خمسين عامًا لتكشف زيف هذه المحاولة وفسادها بعد أن تعددت حلقات هذا الغزو التغريبي الذي تجئ الأحداث يومًا بعد يوم بمثابة الدليل الأكيد على فساد هذه التجربة وعلى سقوط هذا المنهج ومؤكدة بأن المجتمع الإسلامي الأصيل القائم على فكرة التوحيد الخالص منذ أربعة عشر قرنًا يرفض العضو الغريب، ويتأكد له بعد التجربة المتصلة مع الديمقراطية الغربية والاشتراكية الماركسية وفشلهما أن السبيل الوحيد أمامه هو المنهج الرباني الأصيل، وأن الذين (1/378) حرضوه طوال هذه السنين بالتماس المنهج الغربي (شرقية وغربية) سبيلاً للنهضة في العالم الإسلامي لم يكونوا صادقين في دعواهم فإن هذا الأسلوب في الاحتواء والعمل على صهر المسلمين في بوتقة الأممية الغربية كان من نتائجه سقوط الخلافة الإسلامية، والدولة العثمانية، وسقوط فلسطين والقدس في أيدي الصهيونية، والحيلولة دون امتلاك المسلمين لارادتهم وتطبيق شريعتهم الإسلامية والعمل على منعهم من أداء فريضة الجهاد، أو إمتلاك القوة القادرة على تجديد بناء الحضارة الإسلامية القائمة على العدل والرحمة والإخاء الإنساني. * مدحت باشا: إن الصورة التي رسمتها تلك الكتابات المسمومة لمدحت باشا كاذبة ومضللة. فلم يكن مدحت بطلاً قوميًّا ولكنه كان واحدًا من قوى المؤامرة التي أعدت بإحكام للقضاء على الخلافة الإسلامية والدولة العثمانية، وقد كان أمره مكشوفًا لدى السلطان عبد الحميد الذي كان قد وضع يده على مخطط الدونمة بالاشتراك مع أحرار الترك الذين كانوا قد جندوا لخطة إزالة الدولة العثمانية والخلافة الإسلامية من طريق الصهيونية بعد أن حققت قبل ذلك إزالة الجيتو بالثورة الفرنسية وما كان مدحت شهيدًا في الحقيقة؛ لأن الشهادة لا تكون للخونة، وما قتلوه في الحقيقة، ولكنه قتل نفسه بخيانته لوطنه وللإسلام، والعمل على تمكين اليهود من النفوذ، وهو من الدونمة الذين دخلوا في الإسلام تقية لإخفاء هويتهم، ولتدمير الدولة العثمانية من الداخل. وكان يعمل بتوجيه من المتآمرين المقيمين في باريس، والمتآمرين المقيمين في سالونيك. ولم يكن الدستور الذي دعا إليه مدحت إلا محاولة لإخراج الدولة العثمانية من النظام الإسلامي والشريعة الإسلامية وتغليب نفوذ العناصر المعادية للإسلام، وتمكينها من الانقضاض على الدولة. (1/379) - وكان السلطان عبد الحميد يعلم مدى ما تهدف إليه المخططات الصهيونية. ولقد شهد المؤرخون المنصفون بأن الدولة العثمانية الإسلامية قد تسامحت إلى أبعد حد مع العناصر غير الإسلامية، ومكنتهم من أداء عباداتهم وإقامة شعائرهم، وفتح المدارس وإقامة الجماعات إلى الحد الذي كان عاملاً من عوامل تمكنهم من التآمر على الدولة وإسقاطها. ولقد كان السلطان عبد الحميد هو نقطة المؤامرة في الحقيقة لأنه وقف أمام مطامعهم وأهوائهم، ورد (هرتزل) عن محاولاته ومؤامراته بالرد الحاسم وسمع من ممثل اليهود أن ذلك سيكلفه عرشه أو حياته فلم يتردد في تضحيته وقد كشف السلطان عبد الحميد في مذكراته دور الدونمة ورجال الاتحاد والترقي. * الانتقاص من قدر الخلافة الإسلامية: وإذا كانت هناك محاولة للانتقاص من قدر الخلافة الإسلامية، واتهامها بالتقصير، فإن هناك ما يؤكد كذب ذلك، وما أورده جمال الدين في حديثه إلى المخزومي باشا في كتابه (خاطرات جمال الدين) يكشف عن مدى قدرة السلطان عبد الحميد على فهم تيارات الغربيين، وقدرته على ضرب مخططاتهم وضرب بعضهم ببعض. ولقد قام السلطان عبد الحميد بإعلان تلك الصيحة المفزعة التي عجلت به. وهي قوله: "يا مسلمي العالم اتحدوا"، وكان هدفه أن يجمع المسلمين ممن هم خارج الدولة العثمانية (العرب والترك) تحت لواء الخلافة والوحدة. وفزع الغربيون واليهود من ذلك فزعًا شديدًا، فقد مضى إليه بُخطا حاسمة وحقق نتائج هامة. ولقد كان عقلاء المجاهدين المسلمين يؤمنون بأن المحافظة على الدولة العثمانية إحدى العقائد الإسلامية بعد التوحيد والنبوة. ومن ذلك محمد عبده وشكيب أرسلان ورشيد رضا وغيرهم. وقد كانت الدعوة الحقيقة هي محاولة إصلاح الدولة العثمانية من تحت مظلة الخلافة وتعديل تنظيمات الحكم دون (1/380) إسقاط الدولة، وكان ذلك فهم أحرار العثمانيين والعرب جميعًا، وقد كان هذا ممكنًا لولا ذلك الدور الذي قامت به الماسونية واليهودية العالمية في سبيل تحطيم نفوذ السلطان عبد الحميد، وإحلال نفوذ الاتحاديين وأعوانهم الذين تربوا في محافلهم. والذين سلموا لهم فلسطين، وسلموا للإيطاليين في طرابلس الغرب، وأدخلوا الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى ولا ناقة لها فيها ولا جمل حتى يحطموها ويقضوا عليها. * وحدة إِسلامية وليست عنصرية: كذلك فإن علاقة مصر والبلاد العربية بالدولة العثمانية لم تكن علاقة استعمار بل إن كلمة استعمار لا تطلق إلا على النظام الغربي الحديث، وإنما كانت علاقة ترابط تحت لواء الأخوة الإسلامية، واستعانة البلاد المستضعفة بالدولة القوية، والمصريون والجزائريون وغيرهم هم الذين طلبوا من الدولة العثمانية الارتباط بها خوفًا من تجدد مؤامرات الحروب الصليبية. * زيف ما في كتب الموارنة وأتباعهم: ولا شك أنه من أكبر أخطاء الباحثين هو إعادة نشر ما جاء في الكتب المدرسية والدراسات التاريخية السابقة لظهور "بروتوكولات حكماء صهيون" عن السلطان عبد الحميد وتركيا العثمانية. وهذا كله زائف ومن صنع الصهيونية وأعوانهم من الموارنة. أما اليوم فإن الرؤية التاريخية المنصفة قد اتسعت ومن الظلم أن يقف الباحثون عند الحملات الكاذبة المضللة وتجاهل الرؤية الصحيحة لإبعاد الواقع التاريخي، لقد حملت كتب جورجي زيدان وأحمد أمين وغيره صورة مضللة زائفة للسلطان عبد الحميد، وصورة براقة زاهية للاتحاديين الذين علقوا العرب على المشانق ومكنوا للصهيونية وحطموا الدولة العثمانية، وهم الذين تربوا في أحضان المحافل الماسونية. وعلى (1/381) والجديد يجلو الحقيقة، فما كتبه جواد رفعت ومحمد جميل، وعبد الله التل والعقاد وخليفه التونسي وعجاج نويهض وتوفيق برو فإن هذه الكتابات قد غيرت تلك الصورة الزائفة التي ما زال يعتمد عليها خصوم الإسلام. والقضية: أن اليهود عندما أحسوا بأن السلطان عبد الحميد قد وقف في طريقهم نهائيًّا عملوا على تصفيته، ومهدوا لذلك باتهامه بالاستبداد والفساد، وأذاعوا ذلك في صحف الموارنة في مصر مثل المقطم والهلال والمقتطف وغيرها. ثم جاء أحمد أمين وأمثاله فنقلوا منهم؛ لأن الحقائق لم تكن قد تكشفت بعد، ولم تكن البروتوكولات قد ترجمت. إلى العربية، فلماذا هذا التزييف بحجب مرحلة من الحقائق، والعودة إلى إذاعة ما قبلها من الضلال بإعلاء شأن مدحت وأتاتورك، وهما من هما في الخيانة والتبعية.
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 32 | |||
|
![]() * الرجل الصنم .. والخائن الأكبر مصطفى كمال أتاتورك الذي أسقط دولة الخلافة وأتى بالعلمانية: - قال هذا الزنديق في افتتاح البرلمان التركي عام 1923: "نحن الآن في القرن العشرين لا نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون" (1). * اصطناع البطل الوهمي أتاتورك: لقد كانت اللعبة العالمية تقتضي اصطناع (بطل) تتراجع أمامه جيوش __________ (1) "كلهم سلمان رشدي" (ص 27). (1/382) الحلفاء الجرارة! وتعلق الأمة الإسلامية اليائسة فيه أملها الكبير وحلمها المنشود، وفي أوج عظمته وانتفاخه ينقض على الرمق الباقي في جسم الأمة فينهشه ويجهز عليها إلى الأبد! وهذا أفضل قطعًا من كل الـ "مائة مشروع لتقسيم تركيا" (1) وهدم الإسلام. - وتمت صناعة البطل بنجاح باهر ووقف يتحدى الحلفاء وألقى باليونان في البحر (2)، ولم ير الحلفاء بدًا من التفاوض معه! وكانت ثمرة المفاوضات هي - الاتفاقية المعروفة باتفاقية "كيرزن" عام 1923 ذات الشروط الأربعة: "1 - إلغاء الخلافة الإسلامية نهائيًّا من تركيا. 2 - أن تقطع تركيا كل صلة مع الإسلام. 3 - أن تضمن تركيا تجميد وشل حركة جميع العناصر الإسلامية الباقية في تركيا. 4 - أن يستبدل الدستور العثماني القائم على الإسلام بدستور مدني بحت (3). - ويصف المؤرخ (آرمسترونج) خطوات تنفيذ الاتفاقية قائلاً: "انطلق كمال أتاتورك يكمل عمل التحطيم الشامل الذي شرع فيه وقد قرر أنه يجب عليه أن يفصل تركيا عن ماضيها المتعفن الفاسد، يجب عليه أن يزيل جميع الأنقاض التي تحيط بها، هو حطم فعلاً النسيج السياسي القديم، ونقل السلطنة إلى ديمقراطية، وحول الامبراطورية إلى قطر فحسب، وجعل __________ (1) عنوان كتاب ألفه جوفار ولخصه الأمير شكيب أرسلان في حاضر العالم الإسلامي. (2) الأبطال الحقيقيون لحرب الاستقلال ذكرهم مؤلف كتاب "الرجل الصنم" وعلى العموم، فإن شجاعة المجاهدين الاتراك هي التي مكنت أتاتورك من ركوب الموجة، انظر الفصل الرابع من الكتاب المذكور. (3) "المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام" لمحمد محمود الصواف (ص 174). (1/383) الدولة الدينية جمهورية عادية، إنه طرد السلطان (الخليفة) وقطع جميع الصلات عن الامبراطورية العثمانية، وقد بدأ الآن في تغيير عقلية الشعب بكاملها وتصوراته القديمة وعاداته ولباسه وأخلاقه وتقاليده وأساليب الحديث ومناهج الحياة المنزلية التي تربطه بالماضي" (1). - وامتدح توينبي عمله واعتبره أعظم من هتلر عبقرية في فن الهدم وقطع الصلة بالماضي، وقال: "إن الدولة القومية التركية التي أقامها مصطفى كمال على النسق الغربي تبدو -وقت كتابة هذه السطور- عملاً ناجحًا لم يتحقق مثله حتي ذلك الوقت في أي بلد إسلامي آخر" (2). - وامتدحه ولفرد كانتول سمث -على طريقته الخاصة- قائلاً: " .. رأينا تركيا في سبيل رفعة شأنها وخلق مثل عليا جديدة لم تتردد في سحق السلطات الدينية وألغت تعاليمها وحررت الإسلام وكشفت النقاب عن الدين الحق القويم!! " (3). نصب مصطفى كمال نفسه إلهًا من دون الله يشرع للأمة كما يشاء، فلفق قانونًا فريدًا يتكون أكثره من القانون السويسري والقانون الإيطالي وغيرهما وأكمل الباقي من عنده، ومع ذلك فهو يدعي أنه كله من عنده قائلاً: "نحن لا نريد شرعًا فيه قال وقالوا ولكن شرعًا فيه قلنا ونقول" (4). - ويصف أحد الكتاب الغربيين جلسة في مجلس النواب فيقول أن مصطفى كمال وقف قائلاً: __________ (1) "الصراع بين الفكرة الغربية والفكرة الإسلامية" (ص 16). (2) "مختصر دراسة التاريخ" لأرنولد توينبي (3/ 113). (3) "الإسلام والخلافة" لعلي الخربوطلي (ص 285). (4) "حاضر العالم الإسلامي" لستودارد (3/ 343). (1/384) "إن التشريع والقضاء في أمة عصرية يجب أن يكونا عصريين مطابقين لأحوال الزمان لا للمبادئ والتقاليد". - ثم اقتفاه وزير العدل شارحاً ومفسراً: "إن الشعب التركي جدير بأن يفكر بنفسه بدون أن يتقيد بما فكر غيره من قبله، وقد كان كل مادة من مواد كتبنا القضائية مبدوءة بكلمة قال المقدسة، فأما الآن فلا يهمنا أصلاً ماذا قالوا في الماضي بل يهمنا أن نفكر نحن ونقول نحن" (1). - ويعترض عليه مرة أحد القانونيين بقوله: "إن هذا النظام الذي تريدون وضعه لا يوجد في أي كتاب للقانون". فيتلقى الجواب التالي: - "إن النظم ليست إلا أشياء وأموراً تكيفت ومرت من التجارب .. على أن أنفذ ما أريد وعليكم أن تدرجوا ما أعمل في الكتب!! " (2). ونتيجة التطرف والغلو المفرط والأعمال التي لا مبرر لها إلا تنفيس الحقد الأوربي على الإسلام ومركب النقص الذي كان يستشعره الكماليون -اتخذت تركيا المتعلمة تدبيرات وإجراءات غريبة حقًّا: فقد ألغت بالعنف والإرهاب الكتابة التركية بالأحرف العربية ثم تجرأت فحرمت الأذان بالعربية، وكتبت المصحف أو ترجمته بلغتها الهجين، وحددت عدد المساجد وأقفلت كثيراً منها أو حولته إلى ما لا يتفق وقداسته كما فعلت بجامع أيا صوفيا، وألغت وزارة الأوقاف. وفرضت بقوة السلاح المسخ الفكري وحتى المظهري على الأمة لا سيما معركة القبعة الأوروبية التي __________ (1) المصدر السابق (3/ 344، 345). (2) "الرجل الصنم" لضابط تركي سابق (ص 205). (1/385) سالت لأجلها الدماء، وألغت الأعياد الإسلافية، وحطمت بصورة استبدادية مظاهر الحشمة والحياء الإسلافيين، فأكرهت النساء على تقليد المرأة الغربية في كل شيء وحاربت بشدة صارمة كل من اعترض طريقها من المتورعين وحتى المعتدلين شيئًا ما من الكماليين (1). ولذلك فإن حكومة تركيا العلمانية الكمالية -هي كما وصفها الأمير شكيب أرسلان- ليست حكومة دينية من طراز فرنسا وإنجلترا فحسب، بل هي دولة مضادة للدين كالحكومة البلشانية في روسيا سواء بسواء، إذ أنه حتى الدول اللادينية في الغرب بثوراتها المعروفة لم تتدخل في حروف الأناجيل وزي رجال الدين وطقوسهم الخاصة وتلغي الكنائس (2). والحقيقة المرة أن مصطفى كمال قد خلق نموذجًا صارخًا للحكام في العالم الإسلامي، وكان لأسلوبه الاستبدادي الفذ أثره في سياسات من جاء بعده منهم، كما أنه أعطى الاستعمار الغربي مبررا كافيًا للقضاء على الإسلام، فإن فرنسا مثلا ًبررت تنصير بلاد المغرب العربي وفرنجتها بأنه لا يجب عليها أن تحافظ على الإسلام أكثر من الأتراك المسلمين أنفسهم!! وليس أعجب من هذا الرجل وزمرته إلا من ينادون اليوم -من الزعماء- بإقامة حكومات علمانية في بلادهم ويقولون: أن مصطفى كمال هو قائدهم الروحي. * حقيقة أتاتورك: - يقول الأستاذ أنور الجندي: "إن أتاتورك في الحقيقة لم يكن مجاهدًا __________ (1) انظر "تاريخ الشعوب الإسلامية" لبروكلمان، فصل "تركية والإسلام في الغرب" جان بول رو: (181، 186)، و"الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية" (59 - 63). (2) "حاضر العالم الإسلامي" (3/ 336). (1/386) ولا مصلحًا، وإنما كان تتمة الاتحاديين لقد أخروا دوره في المرحلة الأولى قبل الحرب ليتولى الدور الثاني. فالاتحاديون أسقطوا الدولة العثمانية بأن أدخلوها الحرب لتصفي ماليتها ووجودها. وجاء أتاتورك ليفرض عليها اللون الغربي، وينقلها نقلة واسعة عن دولة الخلافة الإسلامية إلى دولة علمانية تكتب بالحروف اللاتينية، ويقضي على الإسلام تمامًا، ومعاهدته السرية المعروفة التي عرفت بمعاهدة لوزان تكشف ذلك في وضوح. وقد استطاع أتاتورك إخفاء وجهه الحقيقي حتى يؤدي دوره كاملاً فخدع المسلمين في المرحلة الأولى بالصلاة وإمساك المصحف، وطلب الدعاء منهم. أما دوره في الجهاد في أزمير فقد كشفت الوثائق أنه كان زائفًا، وأن غيره هو الذي قام بدور البطولة، وأنه استلب منهم هذا المجد وحطمهم ونسبه إلى نفسه. ولقد كان أتاتورك عميلاً غربيًا كاملاً، وعميلاً صهيونيًّا أصيلاً، وقد أدى دوره تمامًا، وأقام تلك التجربة المظلمة المريرة التي تركت آثارها من بعد على العالم الإسلامي كله، والتي كشفت الأحداث في الأخير فسادها، وتبرأ الأتراك المسلمون من تبعتها، وكانت ظاهرة عودتهم إلى الأصالة مرة أخرى دليل على أنها كانت تجربة زائفة مضادة للفطرة ولطبائع الأشياء، والدليل إن المسلمين لم يتقبلوها بل رفضوها، وقد كشف أكثر من مستشرق وفي مقدمتهم (هاملتون جب) أن العرب لن يقعوا في براثن هذه التجربة التي خرجت بهم عن الأصالة وعن الذاتية الإسلامية. ولقد كان من أكبر معالم اضطراب كمال أتاتورك أنه عندما أحس بدنو أجله أن دعا السفير البريطاني ليتولى بدلاً منه رئاسة الدولة التركية، كعلامة (1/387) من علامات الخسة والنذالة والخيانة!! وقد صفع المؤرخ العالمي آرنولد توينبي التجربة الكمالية التي يفخرون بها ويمجدونها الآن بعد أن رفضها أهلها وحكموا بفسادها. يقول توينبي: إن الأتراك كانوا عالة على الحضارة الغربية، وأنهم تغربوا ولم يقدموا أي شيء إلى هذه الحضارة، فكانوا عاجزين عن الإبداع في أي مجال من مجالات الإنتاج. والواقع أن مصطفى كمال أتاتورك لم يكن كما يدعي المدعون شيئًا جديدًا، ولكنه كان حلقة في المؤامرة بدأها مدحت، وكان وسطها رجال الاتحاد والترقي للقضاء على السلطان والدولة العثمانية. ثم ختمها أتاتورك بالقضاء على الخلافة الإسلامية، ولا ريب أن انتقاص قدر الدولة العثمانية وحكامها مجاف لواقع التاريخ، وهو من عمل أتباع التغريب والشعوبية، وقد جرى ضمن مخطط يرمي إلى إثارة الخلافات والخصومة بين عناصر الأمة الإسلامية، وكان دعوة للوقيعة بين العرب والترك والفرس، وهم عناصر الأمة الواحدة التي جمعها القرآن وقادها محمد - صلى الله عليه وسلم - وآمنت بأنه لا إله إلا الله مهما كانت هناك خلافات فرعية فإنهم جميعًا أمة واحدة، ولو كان هناك قليل من الإنصاف والأمانة التاريخية لدى كتابنا المزيفين لراجع الكاتب ما كتبه أستيورت وهو غربي في كتابه "حاضر العالم الإسلامي قبل أربعين عامًا"، وكيف تحدث عن عظمة الدولة العثمانية ودورها الذي قامت به في وجه الصليبية الغربية. - أما صيحة العناصر والأجناس التي حاول كاتب أخبار اليوم أن يجعلها قضية فإنها لم تكن كذلك في ذلك الوقت، وإنما هي المؤامرة التي عمد النفوذ الأجنبي بها إلى استغلال صيحة القوميات لتفكيك عرى الدولة العثمانية، أما المسلمون فلم يكونوا يعرفون مصرية وسورية وجزائرية وغيرها (1/388) ولا كلمة العروبة نفسها، ولكنهم كانوا مسلمين فحسب، وإنما ظهرت هذه الدعوات إلى الإقليميات والقوميات بتحريض عناصر غير مخلصة لتفكيك عرى الوحدة، وهدم هذه الجامعة الإسلامية التي كان الغرب يخشاها، ولإقامة قومية زائفة هي القومية الصهيونية. ولا ريب أن الأسلوب الذي اتخذ في إسقاط السلطان عبد الحميد هو أسلوب لم يعرفه النظام الإسلامي في تاريخه كله وهو من صنع المؤامرة الصهيونية التلمودية التي استطاعت أن تحمي وتحرك هذا الخداع عن طريق قوة عسكرية تتحرك هاتفة باسم السلطان خدعة ثم تكون في نفس الوقت متآمرة عليه لخدمة هدف غامض على كل الذين قاموا به، ولا يعرفه إلا القليل وهو إعادة اليهود إلى فلسطين. كذلك فإن ما قام به أتاتورك لم يكن نصرًا عسكريا أو سياسيًّا وإنما كان هناك إشارة بقبول التوجيه الغربي: وتوقيع ملحق معاهدة لوزان وهو الذي فتح الطريق إلى كل شيء، وبه حلت جميع المشاكل، وانسحبت كل الجيوش، وتحقق ما يسمى النصر والاستقلال، وكتبت على أثر ذلك آلاف الكتب في تمجيد البطل الذي لم يكن إلا عميلاً من عملاء الخيانة لحساب الصهيونية العالمية والنفوذ الغربي والشيوعية أيضًا، فإن الشيوعيين هم أول من عاونه لقاء موقفه من عداء الإسلام ". * عدوه الأكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان أتاتورك في فندق "بارك" وكان المؤذن يرفع الأذان في المسجد الصغير الكائن أمام الفندق مباشرة، يلتفت أتاتورك لمن حوله قائلاً: "من قال بأننا مشهورون؟ وما شهرتنا نحن؟ أنظروا إلى هذا الرجل (1) __________ (1) يقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (1/389) كيف أنه وضع اسمًا وشهرة بحيث أن اسمه يتكرر في كل لحظة، وفي جميع أنحاء العالم إذا أخذنا فرق الساعات بنظر الاعتبار؛ ليهدموا هذه المنارة".
وانظر إلى شذوذ هذا الزنديق وفجوره وسكره لتعلم أي قزم كان هذا الخائن - انظر إلى "الجزاء من جنس العمل" (1/ 399 - 405). أفتى خُزْعبلة وقال ضلالة ... وأتى بكفر في البلاد بُواحِ فلتسمعنَّ بكل أرض داعيا ... يدعو إِلى الكذاب أو لِسجاح ولتشهدن بكل أرض فتنة ... فيها يُباع الدين بيع سماح يُفتَى على ذهبِ المعِزِّ وسيفه ... وهوى النفوس وحقدها الملحاح (1) __________________________ (1) لأحمد شوقي -رحمه الله- في رثاء الخلافة. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 33 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 34 | |||
|
![]() * مناقشات بعض رجال القانون لواضع القانون المدني: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 35 | |||
|
![]() (1/415) |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 36 | |||
|
![]() * محمد أحمد خلف الله يزعم أن القرآن يحوى الأساطير؟!! |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 37 | |||
|
![]() (1/436) |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 38 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 39 | |||
|
![]() (1/443) |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 40 | |||
|
![]() (1/459) |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 41 | |||
|
![]() * الدكتور فؤاد زكريا والدعوة بكل قوة إلى العلمانية: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 42 | |||
|
![]() * دعاة الانفصال عن تركيا الخلافة ورافعي شعار القومية العربية كنعرة شعوبية تفت في عضد المسلمين: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 43 | |||
|
![]() (1/492) كتب جورجي زيدان "فتاة غسان"، و"عذراء قريش"، و"17 رمضان"، و"غادة كربلاء"، و"الحجاج بن يوسف"، و"فتح الأندلس"، و"شارل وعبد الرحمن"، و"أبو مسلم الخراساني"، و"العباسة أخت الرشيد"، و"الأمين والمأمون"، و"فتاة القيروان"، و"صلاح الدين ومكايد الحشاشين"، و"شجرة الدر". - إن إعادة النظر في كتابات جورجي زيدان تكشف بوضوح أنه يمثل اتجاه الاستشراق والتبشير والتغريب حاملاً شبهاته وسمومه وعاملاً على غرسها في أبحاث التاريخ الإسلامي، وقد كانت هذه الكتابات مجهولة المصدر إلى أن ترجمت دائرة المعارف الإسلامية، التي كتبها متعصبو المستشرقين، وتبين أنها تضاهيها من حيث وحدة المصدر. - ثم جاء بعد ذلك طه حسين وأحمد أمين وأمين الخولي وغيرهم، فأدخلوا التاريخ الإسلامي في مراحل جديدة أشد خطورة ثم جاءت بعد ذلك محاولات التفسير المادي للتاريخ الإسلامي التي حمل لواءها عبد الرحمن الشرقاوي وغيره. * روايات جورجي زيدان: أما المجال الذي استطاع جورجي زيدان أن يبث فيه سمومه، فهو مجال القصص فقد ألف عددًا من القصص تحت اسم روايات الإسلام، دس فيها كثيرًا من الدسائس والمؤامرات والأهواء، وحاول إفساد مفهوم الشخصية والبطولة الإسلامية حيث أساء إساءة بالغة إلى الأعلام من أمثال صلاح الدين الأيوبي، وهارون الرشيد، والسلطان عبد الحميد، وعبد الرحمن الناصر،(1/493) وعبد الرحمن الغافقي، وأحمد بن طولون، والأمين والمأمون، وعبد الرحمن الداخل، وشجرة الدر .. إلخ. - وما زالت هذه الروايات تظهر بين وقت وآخر مطبوعة طباعة فاخرة لتخدع الشباب بذلك الأسلوب القصصي المسموم، وقد أقام جورجي زيدان تصوره على أساس خطير: أولاً: تصويره للخلفاء والصحابة والتابعين بصورة الوصوليين الذين يريدون الوصول إلى الحكم بأية وسيلة، ولو كان على حساب الدين والخلق القويم مع تجريحهم واتهام بعضهم بالحقد وتدبير المؤامرات. ثانيا: تزييف النصوص التي نقلها عن المؤرخين القدامى وحولها عن هدفها تحويلاً أراد به السخرية والاستخفاف بالمسلمين وبني عليها قصصًا غرامية باطلة. ثالثا: استهدف من حشد العلاقات الغرامية، ذات المواقف المنبثة داخل روايات تاريخ الإسلام إثارة غريزة الشباب وتحريك شهوة المراهقين، مستغلاً ضعف ثقافة الكثيرين منهم، وجهلهم بالغاية التي يرمي إليها في رواياته مع الاستشهاد بالأبيات الشعرية المكشوفة الساقطة، التي تحرك الغرائز الدنيا. رابعًا: تبين من البحث الذي قدمه عالم أزهري درس باستفاضة روايات جرجي زيدان أن معظم الأحداث التاريخية في رواياته قد حُرفت وبنيت على أساس فاسد فقد ظل جرجي زيدان -على حد تعبير الباحث- ينقب وينقر ويجهد نفسه في مزج الحق بالباطل وتقديمه في أسلوب براق جذاب معتمدًا على فن أدبي ذي أثر بالغ، وذلك هو فن القصة والرواية، حيث لم يكن حريصًا على تحري الحقائق التاريخية قدر حرصه على الحبكة القصصية وخلق الحوادث المثيرة خلقًا، وقد عمل جاهدًا على طمس التاريخ الإسلامي وتشويه (1/494) معالمة بغية تنفير أبناء العرب والمسلمين من ماضي آبائهم المجيد. خامسًا: من أخطر شبهاته أنه قال ببشرية القرآن، وشكك في مصادر العربية الأول، ومدح بني العباس لأنهم أنزلوا العرب منزلة الكلب (على حد قوله) ونسب إحراق مكتبة الإسكندرية إلى عمر بن الخطاب. - وقد طبع اللبنانيون -ودار الهلال في مصر- روايات جرجي زيدان مزدانة بالصور الملونة والألوان الصارخة بقصد استهواء الشباب وحثهم على قراءة هذه الكتب التي لا تعطيهم إلا صورًا مشوهة لتاريخ أمتهم وأخبارًا ملفقة بغية التشكيك في ذلك التاريخ. سادسًا: أعطى نفسه الحرية المطلقة في تفسير أحداث التاريخ في معظم رواياته، استنادًا إلى ما يسمى موقف الأديب من التاريخ، وكانت تفسيراته متعسفه متكلفة، تخفي محاولة لإثارة مشاعر السخط في نفوس المسلمين. سابعًا: تفسيره لتصرفات هارون الرشيد مع أخته العباسة وجعفر البرمكي وما أثير حولهما من أخبار، بما لا يتفق مع ما عرف عن الرشيد من أنه كان يحج عامًا ويغزو عامًا، بل وبما لا يتفق مع أيسر قواعد التفكير والمنطق السليم وفي رواية (أرمانوسة المصرية) - والتي تحكي قصة فتح عمرو ابن العاص لمصر حاول أن يقول أن الحب بين أرمانوسة وأركاديوس قائد حصن الروم، هو السبب في هزيمة الروم وانتصار المسلمين، واتهم المسلمين بأنهم دخلوا البيوت ينهبون ويسلبون عندما فتحوا بلبيس، وهو مناقض تمامًا لما أورده المؤرخون المنصفون من المسلمين وغير المسلمين. * فتاة غسان: ثامنًا: في رواية "فتاة غسان" والتي تحكي فتوح الشام وبدء ظهور الإسلام أورد شبهة بأن النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أخذ تعاليمه من الرهبان، وتأثر (1/495) بتوجيهات الراهب بحيرا واتسمت كتابته بالسخرية والاستخفاف بوثائق العهد النبوي ووصف حادثة شق صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغرابة، وادعى أن هناك خصومة بين خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - وأخذ مصادره في هذا من كتب المستشرقين. تاسعًا: في رواية "عذراء قريش" والتي تناولت عصر الخلفاء الراشدين، أقام منطقه على تجريح الصحابة - رضي الله عنه - واتهام بعضهم بالحقد وتدبير المؤامرات، واتهم السيدة عائشة - رضي الله عنه - بالميل إلى سفك الدماء والنزوع إلى الشر. ووصف الخليفة عثمان - رضي الله عنه - بأنه رجل إمعة وذليل ومستسلم لابن عمه، وافترى على (علي بن أبي طالب كرم الله وجهه) وفسر الفتنة تفسيرًا مغرضًا واتهم عليًّا - رضي الله عنه - بالتهاون في المطالبة بدم عثمان. عاشراً: وفي رواية العباسة، التي تحكى قصة نكبة البرامكة - اتهم الرشيد بالاستهتار والمجون والاستبداد والظلم، وقدم تفسيرًا خاطئًا ومغرضًا لقتل بني برمك، وشوه شخصية العباسة أخت الرشيد. الحادي عشر: في رواية "شارل وعبد الرحمن" -والتي تحكي جزءًا من عصر الولاة بالأندلس- زعم بأن القواد وأمراء الجند من المسلمين كانوا مشغولين بحب فتيات النصارى وقد فتنوا بجمالهن، وأن هذا الحب قد صرفهم عن أمر الفتح، فتركوا جنودهم في ساحة القتال وادعى أنهم كانوا يهتمون بالغناثم أكثر من اهتمامهم بما عداها، وجرى على تصوير حروب الإسلام عن أنها حروب غنائم. الثاني عشر: أجرى على لسان أبي مسلم الخراساني من الافتراء، ما قال من أن العرب كانوا يحتقرون غير العرب، ويسومونهم سوء العذاب ثم يفتخرون عليهم بالنبوة، وطمس معالم التاريخ الإسلامي في هذه الرواية (1/496) بالدس والافتراء، وقدم صورًا باهرة للكنيسة ورهبانها، وأشاد بالأديرة والرهبان حيث جعلها ملجأ الضعفاء وملاذ التائهين والخائفين. - وفي رواية الأمين والمأمون كان واضح التحامل على العرب، واصفًا إياهم بالاستبداد وسوء التصرف مع الأجناس الأخرى التي تربطهم رابطة الإسلام قبل كل شيء. * وفتاة القيروان: الثالثّ عشر: في رواية، "فتاة القيروان" التي تحكي أخبار الفاطميين ومن عاصرهم - حاول التشكيك في أنساب الكثيرين من حكام المسلمين، وكذلك عمد إلى التشكيك في نسب الخليفة المعز لدين الله واعتمد في قصصه الغرامية على الخيال إذ لا يوجد ذكر لكل هذه المواقف في جميع كتب التاريخ وخاصة حاكم سلجماسة الأمير حمدون، بل إن صاحب سلجماسة في كتب التاريخ يختلف تمامًا عما جاء في رواية زيدان، مما يؤكد ميل زيدان إلى التزوير والتحريف. - بل إن صاحب سلجماسة هو محمد بن داسول، وليس الأمير حمدون، ولم يقل ابن الأثير أن له بنتًا شغلت القائد جوهر فخطبها لابنه، وقد أعطى زيدان لليهود في روايته دورًا إيجابيًا، وجعلهم أصحاب الفضل الأول في إزالة الدولة الإخشيدية، وإقامة دولة الفاطميين مقامها. الرابع عشر: في رواية صلاح الدين تلفيق وتزوير وإفساد للتاريخ فقد ذهب إلى أن الخليفة العاضد لما ضعف أمره استدعى صلاح الدين، وأوصاه بأهله خيرًا وأن صلاح الدين نقض هذا العهد بعد سويعات، وحاصر قصر الخليفة وأخذ كل ما فيه ومن فيه. ولا ذكر في كتب التاريخ لتلك الوصية والإشارة في كتب التاريخ إلى (1/497) سيرة الملك هذه. - وهذه الوصية التي ذكرها زيدان لم ترد في الكامل لابن الأثير ولا غيره فهي ملفقة مزورة، كذلك فقد زيف زيدان النصوص التي نقلها من ابن الأثير، وحولها تحويلاً أراد به السخرية والاستخفاف بالمسلمين وبنى عليها قصصا غرامية باطلة. ولم يعن المؤلف بالتصوير الحي لشخصية صلاح الدين، ولم يسجل مواقفه الحاسمة، وصرف الشباب عن الحديث عن الدور المهم الذي قام به صلاح الدين، بالحديث عن مكائد الحشاشين -الإسماعيلية- وتهديدهم لصلاح الدين، واعتمد على روايات طائفة الحشاشين، تلك الجماعة الضالة المنحرفة، وحاول أن ينسب إلى صلاح الدين قصصًا غرامية كاذبة. الخامس عشر: وفي رواية "شجرة الدر" والتي تحكي أحداث نهاية العصر الأيوبي وبداية المماليك في مصر - حاول أن يصور نساء السلطان الصالح نجم الدين أيوب بصورة النساء اللاتي يتاجرن بأعراضهن، في سبيل الحصول على ما يتطلعن إليه وليس معه أي دليل من التاريخ وهذه الدعاوى التي أوردها حول شجرة الدر تختلف عن الحقائق الواردة في الكتب التي أرخت لهذه الفترة من أمثال النجوم الزاهرة لأبي المحاسن والمواعظ والاعتبار في الخطط والآثار، وصبح الأعشى للقلقشندي. * التلاعب بالمراجع: السادس عشر: وخلاصة ما يصل إليه البحث حول روايات جرجي زيدان: 1 - تحوير مواقف الشخصيات التاريخية. (1/498) 2 - إثارة الشكوك حول البطولات الإسلامية. 3 - تعمد إغفال الحوادث التاريخية المهمة. 4 - إضفاء حالات مثالية على الأديرة والرهبان ودور النصارى واليهود في التاريخ الإسلامي. 5 - التلاعب بالمصادر والمراجع. * رأي مجلة الموسوعات: قالت مجلة الموسوعات 1899: لم يلتزم جرجي زيدان بتمحيص الحوادث التاريخية، فاختلق شخوصًا ونسب إلى بعض الشخصيات الإسلامية البارزة ما ليس فيها مما أثار جمهور المسلمين. - فعذراء قريش (أسماء) بطلة الرواية لا وجود لها، إلا في ذهن المؤلف، وقد يكون له بعض العذر التأليفي كقاص، ولكن الباطل أنه نسب لمحمد بن أبي بكر، المعروف عنه الزهد عشق هذه العذراء، بل إن صاحب الهلال بنى على هذا الباطل باطلاً، فاختلق سببًا من عنده ليس له أسانيد تاريخية في تفسيره بعض الأحداث وزعم أن عشق محمد بن أبي بكر (كان سببًا) في ازدياد هياجه على عثمان - رضي الله عنه -، ونسب إلى الحسين بن علي - رضي الله عنهما - عشقه لهذه العذراء الوهمية وغيرة محمد بن أبي بكر منه. وادعى أن الإمام عليًّا - رضي الله عنه - أعجب بعذراء قريش، عندما أدخلت عليه في زي رجل مع أن الدين كان يحث على عدم تشبه النساء بالرجال وقد عرف عن علي كرم الله وجهه تمسكه بالدين مما ينفي عنه أنه يعجب بمثل هذا. - وقد أقر جرجي زيدان بخطئه في هذه الوقائع (هلال مايو 1899) وحاول أن يدافع عن نفسه ولكن دفاع الطائر الذي وقع في شبكة الصياد. (1/499) - وهذه الملاحظة قد تكررت من الناقدين، وقد انتقدوه في شأن هذه القصص وما أورد فيها من أخباره الكاذبة، وثانيًا: بسبب نسبة العشق والغرام إلى رجال سلفنا الكرام، وقد أشارت جريدة المؤيد إلى ذلك في التعليق على قصة (الحجاج بن يوسف)، فقالت: الحوادث الغرامية لم تسند إلى أحد من رجال السلف العظام والأئمة الذين يجلون عن هذه الانحرفات، هذا فضلاً عن الأخطاء في الأمور التاريخية المشهورة. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 44 | |||
|
![]() (1/506) |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 45 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
ميزان, أعمال, الإسلام, وأقزام, كتاب |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc