![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 31 | ||||
|
![]()
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 32 | |||
|
![]() باب قول الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 33 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 34 | |||
|
![]() باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده في الصحيح عن عائشة: أن أم سلمة ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله""1". فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة الباب لكتاب التوحيد: هي بيان أن عبادة الله عند القبر وسيلةٌ إلى الشرك المنافي للتوحيد. ترجمة أم سلمة: هي أم المؤمنين هند بنت أمية المخزومية القرشية ماتت سنة 62هـ رضي الله عنها. ذكرتْ للنبي –صلى الله عليه وسلم-: أي: في مرض موته. كنيسة: بفتح الكاف وكسر النون: معبد النصارى. أولئك؛ بفتح الكاف وكسرها. الرجل الصالح أو العبد الصالح: هذا –والله أعلم- شكٌّ من الراوي. تلك الصور: أي: التي ذكرتْ أم سلمة. فهؤلاء... إلخ: هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، ذكره المصنف كالتوضيح لمعنى الحديث. المعنى الإجمالي للحديث: أن أمّ سلمة وصفت عند النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو في مرض الموت –ما شاهدته في معبد النصارى من صور الآدميّين. فبين –صلى الله عليه وسلم- السبب الذي من أجله اتخذوا هذه الصور؛ وهو الغلو في تعظيم الصالحين؛ مما أدى بهم إلى بناء المساجد على قبورهم ونصب صورهم فيها، ثم بيّن حكم من فعل ذلك بأنهم شرار الناس؛ لأنهم جمعوا بين محذورين في هذا الصنيع هما: فتنة القبور باتخاذها مساجد، وفتنة تعظيم التماثيل مما يؤدي إلى الشرك. مناسبة الحديث للباب: أن فيه الدلالة الواضحة على المنع من عبادة الله عند قبور الصالحين واتخاذها مساجد؛ لأن ذلك من فعل النصارى ومن فَعَله فهو من شرار الخلق. ما يستفاد من الحديث: 1- المنع من عبادة الله عند قبور الصالحين؛ لأنه وسيلة إلى الشرك وهو من فعل النصارى. 2- التحدث عما يفعله الكفار –ليحذره المسلمون. 3- التحذير من التصوير ونصب الصور؛ لأن ذلك وسيلةٌ إلى الشرك. 4- أن من بنى مسجداً عند قبر رجل صالح فهو من شرار الخلق وإن حسنت نيته. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "427" ومسلم برقم "528" وأحمد "6/51". ولهما عنها قالت: "لما نُزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم- طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذِّر ما صنعوا، ولولا ذلك أُبرز قبره، غير أنه خُشي أن يُتخذ مسجداً"1". أخرجاه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ولهما: أي: البخاري ومسلم، وهو يغني عن قوله في آخره: أخرجاه، فلعله سبق قلم. عنها: أي: عائشة –رضي الله عنها-. لما نُزل: بضم النون وكسر الزاي أي: نزل به ملك الموت. طفق: بكسر الفاء وفتحها أي: جعل. خميصة: كساءٌ له أعلام أي: خطوط. اغتم بها: أي: غمّته فاحتبس نفسُه عن الخروج. كشفها: أي: أزالها عن وجهه الشريف. فقال وهو كذلك: أي: في هذه الحالة الحرجة يقاسي شدة النزع. يحذّر ما صنعوا: أي: لعنهم تحذيراً لأمته أن تصنع ما صنعوا. ولولا ذلك: أي: لولا تحذير النبي –صلى الله عليه وسلم- مما صنعوا ولعنُه من فعَله. لأُبرز قبرُه: أي: لدُفن خارج بيته. خَشي: يُروى بفتح الخاء بالبناء للفاعل فيكون المعنى: أنّ الرسول –صلى الله عليه وسلم- هو الذي أمرهم بعدم إبراز قبره. ويُروى بضم الخاء بالبناء للمفعول فيكون المعنى: أن الصحابة هم الذين خشوا ذلك فلم يُبرزوا قبره. المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- حرصاً منه على حماية التوحيد وتجنيب الأمة ما وقعت فيه الأمم الضالة من الغلو في قبور أنبيائهم حتى آل ذلك بهم إلى الشرك جعل –صلى الله عليه وسلم- وهو في سياق الموت ومقاساة شدة النزع- يحذر أمته أن لا يغلو في قبره فيتخذوه مسجداً يصلون عنده؛ كما فعلت اليهود والنصارى ذلك مع قبور أنبيائهم، فصلى الله عليه لقد بلّغ البلاغ المبين. مناسبة الحديث للباب: أن فيه المنع من عبادة الله عند قبور الأنبياء واتخاذها مساجد؛ لأنه يُفضي إلى الشرك بالله. ما يستفاد من الحديث: 1- المنع من اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد يُصلى فيها لله، لأن ذلك وسيلة إلى الشرك. 2- شدة اهتمام الرسول –صلى الله عليه وسلم- واعتنائه بالتوحيد وخوفِه أن يعظّم قبره، لأن ذلك يفضي إلى الشرك. 3- جواز لعن اليهود والنصارى ومن فعل مثل فعلهم من البناء على القبور واتخاذها مساجد. 4- بيان الحكمة من دفن النبي –صلى الله عليه وسلم- في بيته، وأن ذلك لمنع الافتتان به. 5- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- بشرٌ يَجري عليه ما يجري على البشر من الموت وشدة النزع. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "435" ومسلم برقم "531". ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت بخمسٍ وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً. ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً. ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: 1- جندب هو: جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي صحابيٌّ مشهور، مات بعد الستين –رضي الله عنه-. 2- أبا بكر هو؛ أبو بكرٍ الصديق: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب التيمي خليفة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأفضل الصحابة بالإجماع، مات سنة 13 وله 63 سنة رضي الله عنه. بخمس: أي: خمس ليال. وقيل: خمس سنين. إني أبرأ: أي: أمتنع وأنكر. خليلاً؛ الخليل هو: المحبوب غاية الحب. ألا: حرف استفتاح وتنبيه. من كان قبلكم: يعني: اليهود والنصارى. يتخذون قبور أنبيائهم مساجد: بالصلاة عندها وإليها، وبناءِ المساجد والقباب عليها. المعنى الإجمالي للحديث: يتحدث –صلى الله عليه وسلم- قبيل وفاته إلى أمته بحديث مهمّ، فيخبر عن مكانته عند الله، وأنها بلغت أعلى درجات المحبة؛ كما نالها إبراهيم عليه السلام، ولذلك نفى أن يكون له خليلٌ غير الله؛ لأن قلبه امتلأ من محبته وتعظيمه ومعرفته؛ فلا يتسع لأحد. ولو كان له خليلٌ من الخلق لكان أبا بكر الصديق، وهو إشارةٌ إلى فضل أبي بكر واستخلافه من بعده. ثم أخبر عن غلو اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم حتى صيّروها متعبدات شركية، ونهى أمته أن يفعلوا مثل فعلهم. مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن اتخاذ القبور أمكنة للعبادة؛ لأنه وسيلة إلى الشرك. كما تفعل اليهود والنصارى وغيرهم من أهل البدع. ما يستفاد من الحديث: 1- النهي عن اتخاذ القبور أمكنة للعبادة يُصلى عندها أو إليها ويُبنى عليها مساجد أو قبابٌ، حذراً من الوقوع في الشرك بسبب ذلك. 2- سد الذرائع المفضية إلى الشرك. 3- إثبات المحبة لله سبحانه على ما يليق بجلاله. 4- فضل الخليلين: محمد وإبراهيم عليهما السلام. 5- فضل أبي بكر الصديق، وأنه أفضل الأمة على الإطلاق. 6- أنه دليل على خلافة أبي بكر الصديق. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه مسلم برقم "532". فقد نهى عنه وهو في آخر حياته، ثم إنه لعن وهو في السياق مَن فَعَلَه. والصلاة عندها من ذلك وإن لم يُبْنَ مسجد. وهو معنى قولِها: خشي أن يتخذ مسجداً. فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً. وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجداً، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجداً، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: "جُعِلت لي الأرض مسجداً وطهوراً""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، يوضح به ما تدل عليه الأحاديث السابقة في الباب. توضيح كلام ابن تيمية: فقوله: "فقد نهى عنه في آخر حياته": كما في حديث جندب. وقوله: "ثم إنه لعن وهو في السياق من فعله": كما في حديث عائشة. وقوله: "والصلاة عندها من ذلك" أي: من اتخاذها مساجد. وقوله: "وإن لم يُبن مسجدٌ" أي: الصلاة عند القبور من اتخاذها مساجد الملعون من فعله ولو بدون بناء مساجد. وقوله: "وهو معنى قولِها: خَشي أن يُتخذ مسجداً" أي: معنى قول عائشة في تعليل دفن النبي –صلى الله عليه وسلم- في بيته وعدم إبراز قبره. وقوله: "فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً" أي: لما علموا من تشديده –صلى الله عليه وسلم- في ذلك وتغليظه ولعنِ من فعله فيكون المقصود النهي عن الصلاة عندها. وقوله: "وكل موضع قُصدت الصلاة فيه فقد اتُخذ مسجداً"؛ لكونه أُعد للصلاة وإن لم يُبن. وقوله: "بل كل موضع يُصلى فيه يسمى مسجداً" أي: وإن لم يقصد بذلك بخصوصه، بل أوقعت فيه الصلاة عرضاً لما حان وقتها فيه. وقوله: كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" أراد به الاستدلال للجملة التي قبله، حيث سمى –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الأرض مسجداً، تجوز الصلاة في كل بقعة منها إلا ما استثناه الدليل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "335" ومسلم برقم "521". ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود –رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد""1" ورواه أبو حاتم في صحيحه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شرار الناس: بكسر الشين جمع شرّ، أفعل تفضيل. من تدركهم الساعة: أي: مقدماتها: كخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها. يتخذون القبور مساجد: أي: بالصلاة عندها وإليها. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- عمن تقوم الساعة عليهم وهم أحياءٌ أنهم شرار الناس، ومنهم الذين يصلون عند القبور وإليها ويبنون عليها القباب، وهذا تحذيرٌ لأمته أن تفعل مع قبور نبيهم وصالحيهم مثل فعل هؤلاء الأشرار. مناسبة الحديث للباب: أن فيه التحذير من اتخاذ القبور مساجد، يُصلى في ساحتها ويُتبرك بها؛ لأنه ذريعةٌ إلى الشرك. ما يستفاد من الحديث: 1- التحذير عن الصلاة عند القبور، لأنه وسيلةٌ إلى الشرك. 2- أن من اتخذ قبور الصالحين مساجد للصلاة فيها فهو من شرار الخلق، وإن كان قصده التقرب إلى الله. 3- أن الساعة تقوم على شرار الناس. 4- التحذير عن الشرك ووسائله وما يقرب إليه، مهما كان قصد صاحب تلك الوسائل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أحمد في مسنده "1/435"، وصححه ابن حبان في صحيحه برقم "340". باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيّرها أوثاناً تعبد من دون الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 35 | |||
|
![]() باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيّرها أوثاناً تعبد من دون الله روى مالك في الموطأ: أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد. اشتد غضبُ الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف رحمه الله لما حذر في الباب الذي قبله من الغلو في الصالحين أراد أن يبين في هذا الباب أن الغلو في القبور وسيلةٌ إلى الشرك المضاد للتوحيد وذلك بعبادة الأموات. كما أراد أيضاً التحذير من الغلو في القبور. ترجمة الإمام مالك: هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي –إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة توفي سنة 179 هـ رحمه الله تعالى. اللهم: منادى مبنيٌ على الضم في محل نصب، والميم المشددة زائدة. وثناً: هو المعبود الذي لا صورة له: كالقبور والأشجار والعُمد والحيطان والأحجار ونحوِها. المعنى الإجمالي للحديث: خاف –صلى الله عليه وسلم- أن يقع في أمته مع قبره ما وقع من اليهود والنصارى مع قبور أنبيائهم من الغلو فيها حتى صارت أوثاناً، فرغِب إلى ربه أن لا يجعل قبره كذلك. ثم نبّه –صلى الله عليه وسلم- على سبب لحوق شدة الغضب واللعنة باليهود والنصارى. أنه ما فعلوا في حق قبور الأنبياء حتى صيّروها أوثاناً تعبد، فوقعوا في الشرك العظيم المضاد للتوحيد. مناسبة الحديث للباب: أن الغلو في القبور يجعلها أوثاناً تُعبد؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد" وبيّن ذلك بقوله: "اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". ما يستفاد من الحديث: 1- أن الغلو في قبور الأنبياء يجعلُها أوثاناً تُعبد. 2- أن من الغلو في القبور اتخاذها مساجد، وهذا يؤدّي إلى الشرك. 3- إثبات اتصاف الله سبحانه بالغضب على ما يليق بجلاله. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه مالك في موطئه برقم "85" وأحمد في مسنده "2/246". ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19]. قال: كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره. وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: 1- ابن جرير هو: الإمام الحافظ محمد بن جرير الطبري، صاحب التفسير مات سنة 310 هـ رحمه الله. 2- سفيان: الأظهر أنه سفيان بن سعيد الثوري إمامٌ حجة عابد، مات سنة 161هـ. رحمه الله. 3- منصور هو: ابن المعتمر ثقةٌ فقيهٌ مات سنة 132هـ. رحمه الله. 4- مجاهد هو: ابن جبر ثقة إمام في التفسير، أخذ عن ابن عباس وغيره مات سنة 104هـ. رحمه الله. 5- أبو الجوزاء هو؛ أوس بن عبد الله الرّبعي ثقةٌ مشهورٌ مات سنة 83هـ. رحمه الله. يلت السويق: أي يخلطه بسمن ونحوه. عكفوا على قبره: أقبلوا وواظبوا واحتبسوا عليه. مناسبة الأثر للباب: أن سبب عبادة اللات هو الغلو في قبره حتى صار وثناً يُعبد. وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: "لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسُّرج""1" رواه أهل السنن. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أهل السنن: أي: أبو داود والترمذي وابن ماجه. ولم يروِه النسائي. زائرات القبور: أي: من النساء. والسُّرج: أي: الذين يوقِدون السرج على المقابر ويضيؤونها. معنى الحديث إجمالاً: يدعو –صلى الله عليه وسلم- باللعنة وهي الطرد والإبعاد عن رحمة الله للنساء اللاتي يزُرن القبور؛ لأن زيارتهن يترتب عليها مفاسد منا النياحة والجزع وافتتان الرجال بهن. ولَعن الذين يتخذون المقابر مواطن عبادة أو يضيؤونها بالسّرج والقناديل؛ لأن هذا غلوٌ فيها ومدعاة للشرك بأصحابها. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على تحريم الغلو في القبور؛ لأن ذلك يصيّرها أوثاناً تُعبد. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم الغلوّ في القبور باتخاذها مواطن للعبادة؛ لأنه يفضي إلى الشرك. 2- تحريم تنوير المقابر؛ لأن ذلك وسيلةٌ لعبادتها. 3- أن الغلو في القبور من الكبائر. 4- أن علة النهي عن الصلاة عند القبور هي: خوف الشرك، لا لأجل النجاسة؛ لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قرن بين اتخاذها مساجد وإسراجها ولعن على الأمرين. وليس اللعن على إسراجها من أجل النجاسة، بفكذا الصلاة عندها. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أبو داود برقم "3236" والترمذي برقم "320" وابن ماجه برقم "1575"، وأحمد في مسنده "1/229، 287، 324، 337". يتبع باب ما جاء في حماية المصطفى –صلى الله عليه وسلم- جناب التوحيد وسده كل طريق يوصّل إلى الشرك |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 36 | |||
|
![]() باب ما جاء في حماية المصطفى –صلى الله عليه وسلم- جناب التوحيد وسده كل طريق يوصّل إلى الشرك وقول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف رحمه الله لما بين في الأبواب السابقة شيئاً من حمايته –صلى الله عليه وسلم- لجناب التوحيد، أراد أن يبين في هذا الباب حمايته الخاصة. المصطفى: هو المختار. جناب: أي: جانب. جاءكم: يا معشر العرب. من أنفسكم: من جنسكم وبلغتكم. عزيز عليه: أي: شديد عليه جداً –وهو خبرٌ مقدم. ما عنتم: ما يشق عليكم ويلحق الأذى بكم من كفر وضلال وقتل وأسر و"ما" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأٌ مؤخر. حريص عليكم: أي: شديد الحرص والرغبة في هدايتكم وحصول النفع العاجل والآجل لكم. بالمؤمنين: أي: لا بغيرهم. رءوف: بليغ الشفقة. رحيم: بليغ الرحمة. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى عباده على سبيل الامتنان أنه بعث فيهم رسولاً عظيماً من جنسهم وبلغتهم، يشق عليه جداً ما يشق عليهم، ويؤذيه ما يؤذيهم، شديد الحرص على هدايتهم وحصول النفع لهم، شديد الشفقة والرحمة بالمؤمنين خاصة منهم. مناسبة الآية للباب: أن هذه الأوصاف المذكورة فيها في حق النبي –صلى الله عليه وسلم- تقتضي أنه أنذر أمته وحذّرهم عن الشرك الذي هو أعظم الذنوب؛ لأن هذا هو المقصود الأعظم في رسالته. ما يستفاد من الآية: 1- أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قد حذّر أمته من الشرك وباعدها منه وسد كل طريق يفضي بها إليه. 2- التنبيه على نعمة الله على عباده بإرسال هذا الرسول الكريم إليهم وكونه منهم. 3- مدح نسب الرسول –صلى الله عليه وسلم- فهو من صميم العرب وأشرفهم بيتاً ونسباً. 4- بيان رأفته ورحمته بالمؤمنين. 5- فيها دليلٌ على غلظته وشدته على الكفار والمنافقين. وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم""1" رواه أبو داود بإسناد حسن ورواته ثقات. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لا تجعلوا بيوتكم قبوراً: لا تعطّلوها من صلاة النافلة والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور. ولا تجعلوا قبري عيداً: العيد: ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان. أي: لا تتخذوا قبري محل اجتماعٍ تترددون إليه وتعتادونه للصلاة والدعاء وغير ذلك. فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم: أي ما ينالني منكم من الصلاة يحصل مع قربكم وبعدكم من قبري فلا حاجة بكم إلى المجيء إليه والتردد عليه. المعنى الإجمالي للحديث: نهى –صلى الله عليه وسلم- عن تعطيل البيوت من صلاة النافلة فيها والدعاء وقراءة القرآن فتكون بمنزلة القبور؛ لأن النهي عن الصلاة عند القبور قد تقرر عندهم فنهاهم أن يجعلوا بيوتهم كذلك، ونهى عن تكرار زيارة قبره والاجتماع عنده على وجهٍ معتاد لأجل الدعاء والتقرب؛ لأن ذلك وسيلةٌ إلى الشرك، وأمر بالاكتفاء عن ذلك بكثرة الصلاة والسلام عليه في أي مكان من الأرض؛ لأن ذلك يبلغه من القريب والبعيد على حدّ سواء، فلا حاجة إلى انتياب قبره. مناسبة الحديث للباب: أن فيه حسماً لمادة الشرك، وسداً للطرق الموصلة إليه؛ حيث أفاد أن القبور لا يصلَّى عندها، ونهى عن الاجتماع عند قبره واعتياد المجيء إليه؛ لأن ذلك مما يوصل إلى الشرك. ما يستفاد من الحديث: 1- سد الطرق المفضية إلى الشرك من الصلاة عند القبور والغلو في قبره –صلى الله عليه وسلم- بأن يجعل محل اجتماع وارتياد ترتب له زيارات مخصوصة. 2- مشروعية الصلاة والسلام عليه في جميع أنحاء الأرض. 3- أنه لا مزية للقرب من قبره –صلى الله عليه وسلم-. 4- المنع من السفر لزيارة قبره –صلى الله عليه وسلم-. 5- حمايته –صلى الله عليه وسلم- جناب التوحيد. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أبو داود برقم "3042" وأحمد في مسنده "2/367". وعن علي بن الحسين: أنه رأى رجلاً يجيء إلى فُرجة كانت عند قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- فيدخل فيها فيدعو فنهاه وقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً فإن تسليمكم يبلغني أينما –أو حيث- كنتم" رواه في المختارة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة علي بن الحسين: هو: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بزين العابدين أفضل التابعين مات سنة 93هـ. فرجة: أي: فتحة في الجدار. المختارة: اسم كتابٍ يشتمل على الأحاديث الجياد الزائدة على الصحيحين لمؤلفه ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي –رحمه الله-. مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن قصد قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- لأجل الدعاء عنده، فغيرُه من القبور من باب أولى؛ لأن ذلك نوعٌ من اتخاذه عيداً، وهو وسيلةٌ إلى الشرك. ما يستفاد من الحديث: 1- النهي عن الدعاء عند قبر النبي –صلى الله عليه وسلم-؛ حمايةً لحمى التوحيد. 2- مشروعية إنكار المنكر وتعليم الجاهل. 3- المنع من السفر لزيارة قبر الرسول –صلى الله عليه وسلم-؛ حمايةً للتوحيد. 4- أن الغرض الشرعي من زيارة قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- هو السلام عليه فقط؛ وذلك يبلغه من القريب والبعيد. يتبع باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 37 | |||
|
![]() باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف لما ذكر التوحيد وما ينافيه أو يُنقِصه من الشرك، ذكر هذا الباب أن هذا الشرك لا بد أن يقع في هذه الأمة، قصد بذلك الردّ على عُبّاد القبور الذين يفعلون الشرك ويقولون: لا يقع في هذه الأمة المحمدية شركٌ، وهم يقولون: لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله. الأوثان: جمع وثن، وهو ما قُصد بنوع من أنواع العبادة من القبور والمشاهد وغيرها. ألم تر: ألم تنظر. الذين أوتوا: أُعطوا وهم اليهود والنصارى. نصيباً: حظاً. يؤمنون: يصدقون. بالجبت: وهو كلمةٌ تقع على الصنم والكاهن والساحر. والطاغوت: من الطغيان وهو مجاوزة الحد، فكل من تجاوز الحد المقدار والحد فهو طاغوت، والمراد به هنا الشيطان. المعنى الإجمالي للآية: يقول الله لنبيه –صلى الله عليه وسلم- على وجه التعجب والاستنكار! ألم تنظر إلى هؤلاء اليهود والنصارى الذين أُعطوا حظاً من كتاب الله الذي فيه بيان الحق من الباطل، ومع هذا يصدقون بالباطل من عبادة الأصنام والكهانة والسحر، ويطيعون الشيطان في ذلك. مناسبة الآية للباب: أنه إذا كان الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت، فهذه الأمة التي أوتيت القرآن لا ينكرولا يستبعد أن تعبد الجبت والطاغوت؛ لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أخبر أنه سيكون في هذه الأمة من يفعل مثل فعل اليهود والنصارى موافقةً لهم ولو كان يبغضها ويعرف بُطلانها. ما يستفاد من الآية: 1- أنه سيكون في هذه الأمة من يعبد الأوثان كما حدث لليهود والنصارى. 2- أن الإيمان بالجبت والطاغوت في هذا الموضع معناه موافقةُ أصحابها ولو كان يبغضها ويعرف بُطلانها. 3- أن الكفر بالجبت والطاغوت واجبٌ في جميع الكتب السماوية. 4- وجوب العمل بالعلم، وأن من لم يعمل بعلمه ففيه شبهٌ من اليهود والنصارى. وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: 60]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قل: الخطاب لمحمد –صلى الله عليه وسلم-. هل أنبئكم: أخبركم. بشرّ من ذلك: الذي ذكرتم في حقّنا من الذم زوراً وبهتاناً من قولكم في حقنا: "ما رأينا شراً منكم". مثوبة عند الله: أي: جزاءً عنده يوم القيامة نُصب على التمييز، وهذا يصدق عليكم أنتم أيها المتصفون بهذه الصفات لا نحن. من لعنه الله: طرده وأبعده من رحمته. وغضب عليه: غضباً لا يرضى بعده. وجعل منهم القردة: وهم: أصحاب السبت من اليهود. والخنازير: وهم كفار مائدة عيسى من النصارى. وقيل كِلا المَسخين في أصحاب السبت من اليهود. فالشباب مُسخوا قردةً والشيوخ مُسخوا خنازير. وعبدَ الطاغوتَ: أي: وجعل منهم من عبد الشيطان أيْ: أطاعه فيما سوّل له. المعنى الإجمالي للآية: يقول تعالى لنبيه: قل لهؤلاء الذين اتخذوا دينكم هُزُواً ولعباً من أهل الكتاب: هل أخبركم بمن ينال شر الجزاء يوم القيامة عند الله؛ إنه من اتصف بهذه الصفات التي هي الإبعاد عن رحمة الله، ونيل غضبه الدائم، ومن مُسخت صورته ظاهراً بتحويله إلى قردٍ أو خنزير، وباطناً بطاعة الشيطان وإعراضه عن وحي الرحمن. وهذه الصفات إنما تنطبق عليكم يا أهل الكتاب ومن تشبه بكم لا علينا. مناسبة الآية للباب: أنه إذا كان في أهل الكتاب من عبَد الطاغوت من دون الله، فكذلك يكون في هذه الأمة من يفعل ذلك. ما يستفاد من الآية: 1- وقوع الشرك في هذه الأمة، كما كان في اليهود والنصارى من عبد الطاغوت. 2- محاجة أهل الباطل وبيان ما فيهم من العيوب إذا نبزوا أهل الحق بما ليس فيهم. 3- أن الجزاء إنما يكون على الأعمال، ويكون من جنس العمل. 4- وصف الله بأنه يغضب ويلعن العصاة. 5- أن طاعة الشيطان هي منشأ الشرك بالله. وقوله: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا} [الكهف: 21]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الذين غلبوا على أمرهم: أي على أمر أصحاب الكهف وهم أصحاب الكلمة والنفوذ. لنتخذن عليهم: حولهم. مسجداً: يُصلى فيه ويقصدهم الناس ويتبركون بهم. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى عن الذين غلبوا على أمر أصحاب الكهف على وجه الذم لهم أنهم قالوا لنتخذن حولهم مصلى يقصِده الناس ويتبركون بهم. مناسبة الآية للباب: أن فيها دليلاً على أنه سيكون في هذه الأمة من يتخذ المساجد على القبور، كما كان يفعله من كان قبلهم. ما يستفاد من الآية: 1- تحريم اتخاذ المساجد على القبور والتحذير من ذلك؛ لأنه يؤدي إلى الشرك. 2- أنه سيكون في هذه الأمة من يتخذ المساجد على القبور كما فعله من كان قبلهم. 3- التحذير من الغلو في الصالحين. 4- أن اتخاذ المساجد على القبور من الغلو في الصالحين. عن أبي سعيد –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القُذّة بالقُذَّة حتى لو دخلوا جُحر ضبّ لدخلتموه" قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمن""1" أخرجاه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سَنَنَ: بفتح السين أي: طريق. من كان قبلكم: أي الذين قبلكم من الأمم. حذو: منصوبٌ على المصدر أي: تحذون حذوهم. القُذّة: بضم القاف: واحدة القُذَذ وهي ريش السهم. وله قذّتان متساويتان. حتى لو دخلوا جُحر ضب: أي: لو تُصوِّر دخولهم فيه مع ضيقه. لدخلتموه: لشدة سلوككم طريق من قبلكم. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى: أي: أهم اليهود والنصارى الذين نتبع سننهم، أو تعني اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ استفهامٌ إنكاريٌّ أي: فمن هم غير أولئك. أخرجاه: أي: البخاري ومسلم. وهذا لفظ مسلم. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- خبراً معناه النهي عما يتضمنه هذا الخبر: أن أمته لا تدع شيئاً مما كان يفعله اليهود والنصارى إلا فعلته كلَّه، لا تترك منه شيئاً ولو كان شيئاً تافهاً. ويؤكد هذا الخبرَ بأنواع من التأكيدات، وهي اللام الموطئة للقسم، ونون التوكيد، ووصف مشابهتهم بأنها كمشابهة قذة السهم للقذة الأخرى، ثم وصفها بما هو أدق في التشبه بهم؛ بحيث لو فعلوا شيئاً تافهاً غريباً لكان في هذه الأمة من يفعله تشبُّهاً بهم. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على وقوع الشرك في هذه الأمة؛ لأنه وُجد في الأمم قبلنا، ويكون في هذه الأمة من يفعله اتباعاً لهم. ما يستفاد من الحديث: 1- وقوع الشرك في هذه الأمة تقليداً لمن سبَقها من الأمم. 2- علمٌ من أعلام نبوته حيث أخبر بذلك قبل وقوعه فوقع كما أخبر. 3- التحذير من مشابهة الكفار. 4- التحذير مما وقع فيه الكفار من الشرك بالله وغيره مما حرَّم الله تعالى. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "3456" ومسلم برقم "2669". ولمسلم عن ثوبان -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوي لي منها. وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض. وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسَنَة بِعَامَّة، وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة بعامة، وألا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضًا""1". ورواه البرقاني في صحيحه، وزاد: "وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حيٌّ من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئامٌ من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذَّابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ترجمة ثوبان: هو: مولى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- صحِبَه ولازمَه وسَكَنَ بعده بالشام، ومات بحمص سنة 54هـ. زوى لي الأرض: طواها وجعلها مجموعة كهيئة كفٍّ في مرآةٍ ينظره، فأبصر ما تملكه أمته من أقصى مشارق الأرض ومغاربها. ما زُوِيَ لي منها: يحتمل أن يكون مبنياً للفاعل، وأن يكون مبنياً للمفعول. الكنزين: كنزُ كسرى وهو ملكُ الفرس وكنز قيصرَ وهو ملكُ الروم. الأحمر: عبارةٌ عن كنز قيصر، لأن الغالب عندهم كان الذهب. والأبيض: عبارةٌ عن كنز كِسرى، لأن الغالب عندهم كان الجوهر والفضة. والأحمر والأبيضَ منصوبان على البدل. بسنة: السنة: الجدْب. بعامّة: صفةٌ لسنةٍ رُوي بالباء وبحذفها –أي: جدبٌ عامّ يكون به الهلاك العام. من سوى أنفسهم: أي: من غيرهم من الكفار. بيضتهم: قيل ساحتهم وما حازوه من البلاد، وقيل معظمهم وجماعتهم. حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً: أي: حتى يوجد ذلك منهم، فعند ذلك يسلِّط عليهم عدوَّهم من الكفار. الأئمة المضلين: أي: الأمراء والعلماء والعباد الذين يقتدي بهم الناس. وإذا وقع عليهم السيف: أي: وقعت الفتنة والقتال بينهم. لم يُرفع إلى يوم القيامة: أي: تبقى الفتنة والقتال بينهم. يلحق حيٌّ من أمتي: الحي واحد الأحياء وهي القبائل. بالمشركين: أي: ينزلون معهم في ديارهم. فئامٌ: أي: جماعات. خاتم النبيين: أي: آخر النبيين. حتى يأتي أمر الله: الظاهر أن المراد به: الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين. تبارك: كمُل وتعاظم وتقدَّس، ولا يقال إلا لله. وتعالى: تعاظم وكمُل علُوُّه. المعنى الإجمالي للحديث: هذا حديثٌ جليلٌ يشتمل على أمور مهمة وأخبار صادقة، يخبر فيها الصادق المصدوق –صلى الله عليه وسلم- أن الله سبحانه جمع له الأرض حتى أبصر ما تملكه أمته من أقصى المشارق والمغارب، وهذا خبرٌ وُجد مخبره، فقد اتسع ملك أمته حتى بلغ من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، وأخبر أنه أُعطي الكنزين فوقع كما أخبر، فقد حازت أمته ملكي كسرى وقيصر بما فيهما من الذهب والفضة والجوهر، وأخبر أنه سأل ربه لأمته أن لا يهلكهم بجدبٍ عامٍّ ولا يسلط عليهم عدواً من الكفار يستولي على بلادهم ويستأصل جماعتهم. وأن الله أعطاه المسألة الأولى، وأعطاه المسألة الثانية ما دامت الأمة متجنبة للاختلاف والتفرق والتناحر فيما بينها –فإذا وُجد ذلك سلط عليهم عدوهم من الكفار، وقد وقع كما أخبر حينما تفرقت الأمة. وتخوّف –صلى الله عليه وسلم- على أمته خطر الأمراء والعلماء الضالين المضلين؛ لأن الناس يقتدون بهم في ضلالهم. وأخبر أنها إذا وقعت الفتنة والقتال والأمة فإن ذلك يستمر فيها إلى يوم القيامة وقد وقع كما أخبر، فمنذ حدثتِ الفتنة بمقتل عثمان رضي الله عنه وهي مستمرة إلى اليوم. وأخبر أن بعض أمته يلحقون بأهل الشرك في الدار والديانة. وأن جماعاتٍ من الأمة ينتقلون إلى الشرك وقد وقع كما أخبر، فعُبدت القبور والأشجار والأحجار. وأخبر عن ظهور المدّعين للنبوة –وأن كل من ادعاها فهو كاذب؛ لأنها انتهت ببعثته –صلى الله عليه وسلم-. وبشّر –صلى الله عليه وسلم- ببقاء طائفة من أمته على الإسلام رغمَ وقوع هذه الكوارث والويلات، وأن هذه الطائفة مع قِلّتها لا تتضرر بكيد أعدائها ومخالفيها. مناسبة الحديث للباب: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخبر فيه أن جماعات من أمته ستعبد الأوثان؛ ففيه الرد على من أنكر وقوع الشرك في الأمة. ما يستفاد من الحديث: 1- وقوع الشرك في هذه الأمة والرد على من نفى ذلك. 2- علمٌ من أعلام نبوته –صلى الله عليه وسلم- حيث أخبر بأخبار وقع مضمونها كما أخبر. 3- كمال شفقته –صلى الله عليه وسلم- بأمته حيث سأل ربه لها ما فيه خيرها وأعظمُه التوحيد، وتخوّف عليها ما يضرها وأعظمُه الشرك. 4- تحذير الأمة من الاختلاف ودعاة الضلال. 5- ختم النبوة به –صلى الله عليه وسلم-. 6- البشارة بأن الحق لا يزول بالكلية وببقاء طائفة عليه لا يضرها من خذلها ولا من خالفها. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه مسلم برقم "2889". يتبع باب ما جاء في السحر |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 38 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 39 | |||
|
![]() باب بيان شيء من أنواع السحر
قال أحمد: حدّثنا محمد بن جعفر حدّثنا عَوف عن حَيَّان بن العَلَاء حدثنا قَطَن بن قَبِيْصة عن أبيه، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن العِيَافَة والطَّرْق والطِّيَرة من الجِبْت""1". قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يُخط بالأرض. والجبت قال: الحسن: رَنّة الشيطان. إسناده جيد. ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه المسنَدُ منه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف رحمه الله لما ذكر في الباب الذي قبل هذا السحر، ذكر في هذا الباب شيئاً من أنواعه؛ لكثرة وقوعها، وخفائها على الناس، حتى ظنّوها من كرامات الأولياء، وآل بهم الأمر إلى أن عبدوا أصحابها فوقعوا في الشرك العظيم. التراجم: 1- أحمد هو: الإمام أحمد بن حنبل. 2- محمد بن جعفر هو: المشهور بغُندُر الهُذَليّ البصري ثقةٌ مشهور. 3- عوف هو: ابن أبي جَميلة المعروف بعوفٍ الأعرابي ثقة. 4- عن أبيه هو: قبيصة بن المُخارق الهلالي صحابي مشهور. 5- الحسن هو: الحسن البصريّ. زجر الطير: التفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرّها. من الجبت: أي: من أعمال السحر. يُخط بالأرض: يخطه الرمالون ويدعون به علم الغيب. الجبت رنّة الشيطان: هذا تفسير للجبت ببعض أفراده. والرنة: الصوت، ويدخل فيه كل أصوات الملاهي، وأضافه إلى الشيطان لأنه يدعو إليه. ولأبي دواد... إلخ: أي: أن هؤلاء رَوَوا الحديث واقتصروا على المرفوع منه ولم يذكروا تفسير عوف. مناسبة الحديث للباب: بيان أن العِيافة والطرْق والطيَرة من الجبت الذي هو السحر المنافي للتوحيد. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم ادعاء علم الغيب؛ لأنه ينافي التوحيد. 2- تحريم الطيرة؛ لأنها تنافي التوحيد أو كماله. 3- تحريم الملاهي بأنواعها؛ لأنها تنافي طاعة الله وكمال توحيده. 4- أن الملاهي بأنواعها –من الأغاني والمزامير وسائر آلات اللهو- من رنّة الشيطان الذي شأنه كله الصد عن سبيل الله. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أحمد في المسند "3/477" وأبو داود برقم "3907"، وابن حبان كما في الموارد برقم "1426". وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زادَ ما زادَ""1" رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من اقتبسَ: من تعلّم. شعبة: طائفة وقطعة. شعبة من السحر: المعلوم تحريمه. زاد ما زاد: يعني: كلما زاد من علم النجوم زاد له من الإثم مثل إثم الساحر أو زاد من اقتباس شعب السحر مثل ما زاد من اقتباس علم النجوم. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- في هذ الحديث خبراً معناه النهيُ والتحذيرُ أن من تعلّم شيئاً من التنجيم فقد تعلّم شيئاً من السحر المحرّم، وكلما زاد تعلّمه التنجيم زاد تعلمه السحر؛ وذلك لأن التنجيم تحكمٌ على الغيب، بحيث إن المنجم يحاول اكتشاف الحوادث المستقبلة التي هي من علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه. مناسبة الحديث للباب: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخبر فيه أن التنجيم نوعٌ من أنواع السحر. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم التنجيم الذي هو الإخبار عن المستقبل اعتماداً على أحوال النجوم؛ لأنه من ادعاء علم الغيب. 2- أن التنجيم من أنواع السحر المنافي للتوحيد. 3- أنه كلما زاد تعلّمه للتنجيم زاد تعلّمه للسحر. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أبو داود برقم "3905" وابن ماجه برقم "3726"، وأحمد في مسنده "1/277، 311". وللنسائي من حديث أبي هريرة: "من عقد عُقدة ثم نفث فيها فقد سَحَر، ومن سحر فقد أشرك، ومَنْ تعلَّقَ شيئاً وُكل إليه""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من عقد عقدة: على شكل ما يفعله السحرة من عقدِ الخيوط ونحوها. ونفَث فيها: النفث هو: النفخ مع ريقٍ وهو دون التفل. فقد سحَر: أي: فعل السحر المحرم. ومن سحر فقد أشرك: لأن السحر لا يتأتى بدون الشرك؛ لأنه استعانة بالشياطين. ومن تعلّق شيئاً وُكل إليه: أي: من تعلق قلبه بشيء واعتمد عليه وكله الله إلى ذلك الشيء وخذله. معنى الحديث إجمالاً: يبين –صلى الله عليه وسلم- نوعاً من أنواع السحر وحكمَه، محذراً أمته من تعاطيه. فيقول: إن من أنواع السحر أن يعقد العقد في الخيوط ونحوها، وينفخ في تلك العُقد نفخاً مصحوباً بالريق؛ وذلك أن السحرة إذا أرادوا عمل السحر عقدوا الخيوط، ونفثوا على كل عقدةٍ حتى ينعقد ما يريدون من السحر، فتتكيف نفسه الخبيثة بالشر، ويستعين بالشياطين، وينفخ في تلك العقد، فيخرج من نفسه الخبيثة نفَسٌ مقترنٌ بالريق الممازج للشر، ويستعين بالشياطين فيصيب المسحورَ بإذن الله الكونيّ القدريّ. مناسبة الحديث للباب؛ أن فيه بيان نوع من أنواع السحر، وهو سحر العقد المسمى بالعزيمة. ما يستفاد من الحديث: 1- بيان نوع من أنواع السحر وهو ما كان بواسطة العقد والنفث. 2- أن السحر شركٌ؛ لأنه استعانة بالشياطين. 3- أن من اعتمد على غير الله خذله الله وأذله. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه النسائي، وللجزء الأخير من الحديث شواهد يتقوى بها أخرج الشاهد الترمذي برقم "2073" وأحمد "4/310، 311" والحاكم "4/216". وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا هل أنبئكم ما العَضْهُ؟ هي: النميمة القالةُ بين الناس""1". رواه مسلم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ألا: أداة تنبيه. أنبئكم: أخبركم. العضْهُ: بفتح العين وسكون الضاد مصدر عَضَه يعْضَهُ عضْهاً بمعنى كذَب وسحر والمراد به هنا: السحر. النميمة: نقل الحديث على وجه الإفساد. القالة: كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يُحكى للبعض عن البعض. المعنى الإجمالي للحديث: أراد –صلى الله عليه وسلم- أن يحذّر أمته عن السعاية بين الناس بنقل حديث بعضهم في بعض على وجه الإفساد، فافتتح حديثه بصيغة الاستفهام، ليكون أوقع في النفوس وأدعى للانتباه، فسألهم ما العَضْهُ –أي ما السحر- ثم أجاب عن هذا السؤال –بأن العضه هو نقل الخصومة بينهم؛ لأن ذلك يفعل ما يفعله السحر من الفساد وتفريق القلوب. مناسبة الحديث للباب: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- بيّن فيه أن النميمة نوعٌ من أنواع السحر. ما يستفاد من الحديث: 1- أن النميمة نوعٌ من أنواع السحر؛ لأنها تفعل ما يفعله السحر من التفريق بين القلوب والإفساد بين الناس –لا أن النمام يأخذ حكم الساحر من حيثُ الكفر وغيره. 2- تحريم النميمة، وأنها من الكبائر. 3- التعليم على طريقة السؤال والجواب، لأن ذلك أثبتُ في الذهن وأدعى للانتباه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه مسلم برقم "2606". ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن من البيان لسحراً""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ البيان: البلاغة والفصاحة. لسحراً: أي: يعمل عمل السحر، فيجعل الحق في قالب الباطل والباطلَ في قالب الحق، فيستميل قلوب الجهال. المعنى الإجمالي للحديث: يبين –صلى الله عليه وسلم- نوعاً آخر من أنواع السحر وهو: البيان المتمثل في الفصاحة والبلاغة؛ لما يُحدِثه هذا النوع من أثر في القلوب والأسماع؛ حتى ربما يصور الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق؛ كما يفعل السحر. والمراد ذمّ هذا النوع من البيان الذي يلبس الحق بالباطل ويموّه على السامع. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيانَ نوع من أنواع السحر وهو بعض البيان. ما يستفاد من الحديث: 1- بيان نوع من أنواع السحر وهو البيان الذي فيه التمويه. 2- ذمّ هذا النوع من البيان –وأما البيان الذي يوضح الحق ويقرره ويبطل الباطل ويدحضه فهو ممدوح. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "5146" ومسلم برقم "869". يتبع باب ما جاء في الكهّان ونحوهم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 40 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 41 | |||
|
![]() باب ما جاء في النُّشْرَة |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 42 | |||
|
![]() باب ما جاء في التطيُّر |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 43 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 44 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 45 | |||
|
![]() باب قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لمّا كانت محبته سبحانه هي أصل دين الإسلام، فبكمالها يكمل دين الإنسان، وبنقصها ينقص توحيد الإنسان، نبّه المصنف على ذلك بهذا الباب. أنداداً: أمثالاً ونظراء. يحبونهم كحب الله: أي: يساوونهم بالله في المحبة والتعظيم. والذين آمنوا أشد حباً لله: أي: من حب أصحاب الأنداد لله. وقيل: من حب أصحاب الأنداد لأندادهم. معنى الآية إجمالاً: يكذر تعالى حال المشركين في الدنيا، وما لهم في الآخرة من العذاب، حيث جعلوا لله أمثالاً ونظراء من خلقه يساوونهم بالله في المحبة والتعظيم. ويذكر سبحانه أن المؤمنين يخلصون المحبة لله كما يخلصون له سائر أنواع العبادة. ما يستفاد من الآية: 1- أن من اتخذ ندّاً تساوى محبته بمحبة الله فهو مشركٌ الشرك الأكبر. 2- أن من المشركين من يحب الله حباً شديداً ولا ينفعه ذلك إلا بإخلاص المحبة لله. وقوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ} إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ...} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الآية كاملة: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]. عشيرتكم: أقرباؤكم مأخوذ من العِشرة. اقترفتموها: اكتسبتموها. كسادها: فوات وقت نفاقها ورواجها. ومساكن: منازل. ترضونها: تعجبكم الإقامة فيها. أحب إليكم: أي: إن كانت هذه الأشياء أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله. فتربّصوا: أي: انتظروا ما يحل بكم من عقابه. معنى الآية إجمالاً: أمر الله نبيه أن يتوعد من أحب هذه الأصناف فآثرها أو بعضها على حب الله ورسوله وفعل ما أوجب الله عليه من الأعمال التي يحبها ويرضاها، كالهجرة والجهاد ونحو ذلك، فبدأ الله بالآباء والأبناء والإخوان وكذا الأصدقاء ونحوهم فمن ادّعى محبة الله وهو يقدم محبة هذه الأشياء على محبته فهو كاذب ولينتظر العقوبة. مناسبة الآية للباب: أن فيها وجوب تقديم محبة الله ومحبة ما يحبه الله من الأشخاص والأعمال على محبة ما سوى ذلك. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب محبة الله تعالى ومحبة ما يحبه. 2- وجوب حب النبي –صلى الله عليه وسلم-. 3- الوعيد على من كانت هذه الثمانية أو غيرها أحب إليه من دينه. عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين""1" أخرجاه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لا يؤمن أحدكم: أي: الإيمان الكامل. حتى أكون أحب إليه: بنصب أحب خبر أكون. والناس أجمعين: من عطف العام على الخاص. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن أحداً لن يؤمن الإيمان الكامل الذي تبرأ به ذمته ويستحق به دخول الجنة حتى يقدم محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم على محبة أقرب الناس إليه، وعلى محبة كل مخلوق، لأن بسببه –صلى الله عليه وسلم- حصول الحياة الأبدية، والإنقاذ من الضلال إلى الهدى، ومحبته –صلى الله عليه وسلم- تقتضي طاعته واتباع ما أمر به وتقديم قوله على قول كل مخلوق. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على وجوب تقديم محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم- على محبة كل مخلوق، وأن تحقيق الإيمان مشروط بذلك. ما يستفاد من الحديث: 1- وجوب محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وتقديمها على محبة كل مخلوق. 2- أن الأعمال من الإيمان؛ لأن المحبة عمل القلب وقد نُفي الإيمان عمّن لم يكن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أحب إليه مما ذُكر. 3- أن نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام. 4- أن الإيمان الصادق لا بد أن يظهر أثره على صاحبه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "15" ومسلم برقم "44". ولهما عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار". وفي رواية: "لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى ...""1" إلى آخره. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ولهما عنه: أي: وللبخاري ومسلم عن أنس. ثلاثٌ من كنّ فيه: أي: ثلاث خصال من وُجدن فيه. وجاز الابتداء بثلاث؛ وإن كانت نكرة لأنها على نية الإضافة. وجد بهن حلاوة الإيمان: لما يحصل له من لذة القلب ونعيمه وسروره. أحب إليه: منصوبٌ على أنه خبر يكون. مما سواهما: مما يحبه الإنسان بطبعه كالولد والأزواج ونحو ذلك. أن يحب المرء: الذي يعتقد إيمانه وعبادته. لا يحبه إلا الله: أي: لأجل طاعة الله. أن يعود في الكفر: أي: يرجع إليه. كما يكره أن يلقى في النار: يعني: يستوي عنده الأمران الإلقاء في النار أو العودة في الكفر. وفي رواية: أي: للبخاري. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن المسلم إذا توفّرت فيه ثلاث خصال هي: تقديم محبة الله ورسوله على محبة ما سواهما من أهل ومال. ويحب من يحبه من الناس من أجل إيمانه وطاعته لله لا لغرض دنيوي ويكره الكفر كراهيةً متناهيةً بحيث يستوي عنده الإلقاء في النار والرجوع إليه. من توفرت هذه الخصال الثلاث فيه ذاق حلاوة الإيمان فيستلذ الطاعات ويتحمل المشقات في رضا الله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه فضيلة تقديم محبة الله ورسوله محمد –صلى الله عليه وسلم- على محبة ما سواهما. ما يستفاد من الحديث: 1- فضيلة تقديم محبة الله ورسوله محمد –صلى الله عليه وسلم- على كل شيء. 2- فضيلة المحبة في الله. 3- أن المؤمنين يحبون الله تعالى محبة خالصة. 4- أن من اتصف بهذه الخصال الثلاث فهو أفضل ممن لم يتصف بها ولو كان المتصف بها كافراً فأسلم أو كان مذنباً فتاب من ذنبه. 5- مشروعية بغض الكفر والكافرين؛ لأن من أبغض شيئاً أبغض من اتصف به. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "16" ومسلم برقم "43". وعن ابن عباس رضي الله عنهما- قال: "من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبدٌ طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئاً""1" رواه بن جرير. وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} [البقرة: 166] قال: المودة"2". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من أحب في الله: أي: أحب المؤمنين من أجل إيمانهم بالله. ووالى في الله: أي: والى المؤمنين بنصرتهم واحترامهم وإكرامهم. وأبغض في الله: أي: أبغض الكفار والفاسقين لمخالفتهم لربهم. وعادى في الله: أي: أظهر العداوة للكفار بالفعل كجهادهم والبراءة منهم. ولاية الله: بفتح الواو تولّيه لعبده بالنصرة والمحبة. طعم الإيمان: ذوق الإيمان ولذته والفرح به. مؤاخاة الناس: تآخيهم ومحبة بعضهم لبعض. على أمر الدنيا: أي: لأجل الدنيا فأحبوها وأحبوا لأجلها. وذلك: أي: المؤاخاة على أمر الدنيا. لا يجدي على أهله شيئاً: لا ينفعهم أصلاً بل يضرهم. المعنى الإجمالي للأثر: يحصر ابن عباس رضي الله عنهما الأسباب التي توجب محبة الله لعبده ونصرته له في محبة أولياء الله، وبغض أعدائه، وإظهار هذه المحبة وهذه العداوة علانية بمناصرة المؤمنين ومقاطعة المجرمين وجهادهم. ويذكر أنه لن يذوق الإيمان ويتلذذ بطعمه من لا يتصف بذلك وإن كثُرت عبادته. ثم يذكر ابن عباس أن هذه القضية قد انعكست في وقته فصار الناس يتحابون ويباغضون من أجل الدنيا، وهذا لا ينفعهم بل يضرهم. ثم فسر هذه الآية الكريمة. {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} بأن المراد بها أن المحبة التي كانت بينهم في الدنيا تقطعت بهم يوم القيامة وخانتهم أحوج ما كانوا إليها، وتبرأ بعضهم من بعض، لما كانت هذه المحبة في غير الله. مناسبة الأثر للباب: أن فيه أن حصول محبة الله لعبده ونصرته له مشروطٌ بأمرين: أحدهما: محبة أولياء الله وبغض أعدائه بالقلب. ثانيهما: إظهار محبة أولياء الله وبغض أعدائه بالفعل من مناصرة أوليائه وجهاد أعدائه. ما يستفاد من الأثر: 1- بيان الأسباب التي تُنال بها محبة الله لعبده ونصرته لعبده. 2- وصف الله بالمحبة على ما يليق بجلاله. 3- مشروعية وفضيلة الحب في الله والبغض في الله، وأنه لا يُغني عنهما كثرة الأعمال الصالحة. 4- مشروعية مناصرة المؤمنين وإعانتهم، وبغض الكافرين وجهادهم. 5- بيان ثمرة الحب في الله والبغض في الله من ذوق طعم الإيمان والتلذذ به. 6- ذم الحب والبغض من أجل الدنيا وبيان سوء عاقبته. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه ابن المبارك في الزهد "رقم 353". "2" أخرجه الحاكم في المستدرك "2/272" وصححه ووافقه الذهبي. يتبع باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]. |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
�۞Җ۞Җ�ماذا, التوحيد, تعرف, ؟؟�Җ۞Җ۞� |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc