مصادر التشريع .. أصول الفقه - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مصادر التشريع .. أصول الفقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-13, 03:47   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

متى يكون الفعل خاصّاً بالنبي
صلى الله عليه وسلم دون أمَّته؟


السؤال

في بعض الأحيان يقول العلماء عن فعل فعَله الرسول عليه الصلاة والسلام إنه خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام ، مثل استماعه للجارية وهي تضرب على الدف ، فما الدليل والضابط في هذا الموضوع ؟ لأنه عندما نقول للمخالِف إن هذا خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام يقول : فما الدليل إذاً ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً:

ينبغي أن يُعلم أن الأصل فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أنه تشريع للأمة ، ولا يجوز القول بأنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا بدليل صحيح يدل على ذلك ؛ لقوله تعالى : ( لقَدْ كاَنَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) الأحزاب/ 16 ، وعملاً بهذا الأصل ، كان الصحابة رضي الله عنهم يقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما فعله ، ولم يكونوا يسألونه هل هذا الفعل خاص به أم لا ؟ ومما يدل على ذلك :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ ، فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : ( لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ ؟) فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا ، قَالَ : ( إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقْلِبْ نَعْلَهُ فَلْيَنْظُرْ فِيهَا ، فَإِنْ رَأَى بِهَا خَبَثًا فَلْيُمِسَّهُ بِالْأَرْضِ ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا ) .
رواه أحمد ( 17 / 242 ، 243 ) وصححه محققو المسند .

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم غضب من بعض أصحابه لمَّا نسبوا فعلاً فعله صلى الله عليه وسلم للخصوصية .

فعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا ، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ ) ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا ! قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ : ( وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّبِعُ ) .

رواه أبو داود ( 2389 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال ابن حزم رحمه الله :

"ولا يجوز أن يقال في شيء فعله عليه السلام أنه خصوص له إلا بنص في ذلك ؛ لأنه عليه السلام قد غضب على من قال ذلك ، وكل شيء أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حرام" انتهى .

" الإحكام في أصول الأحكام " ( 4 / 433 ) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

"الأصل : مشاركة أمته له في الأحكام ، إلا ما خصه الدليل ، ولذلك قالت أُمُّ سلمة رضي الله عنها : (اخرُجْ ولا تُكَلِّمْ أحدَاً حتى تَحْلِقَ رأسك وتنحر هَدْيك) ، وعلمت أن الناس سيتابعونه" انتهى .

" زاد المعاد " ( 3 / 307 ) .

وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :

ما الذي يبيِّن أو يثبت أن هذا الشيء خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ .

فأجاب :

"الأصل : أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عام ، له ، وللأمة ، إلا ما دل الدليل على اختصاصه به صلى الله عليه وسلم ، فالخصوصية لا بد لها من دليل ؛ لقوله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) الأحزاب/ 21"

انتهى ." المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 369 ) .

ثانياً:

من الأحكام الخاصة به صلى الله عليه وسلم : التزوج من غير مهر ولا ولي ، والتزوج بأكثر من أربع ، ووصال الصوم لأكثر من يوم .

قال ابن حزم رحمه الله :

"فلا يحل لأحد بعد هذا أن يقول في شيء فعله عليه السلام إنه خصوص له ، إلا بنص ، مثل: النص الوارد في الواهبة بقوله تعالى : ( خالصةً لك من دون المؤمنين ) ، ومثل : وصاله عليه السلام في الصوم ، وقوله ناهياً لهم : ( إني لست كهيئتكم ) ، ومثل نومه عليه السلام وصلاته دون تجديد وضوء ، فسُئِل عليه السلام عن ذلك ، فقال : ( عيناي تنامان ، ولا ينام قلبي ) .

فما جاء فيه بيان كما ذكرنا : فهو خصوص ، وما لم يأت فيه نص كما قلنا : فلنا أن نتأسى به عليه السلام ، ولنا في ذلك الأجر الجزيل ، ولنا أن نترك غير راغبين عن ذلك ، فلا نأثم ، ولا نؤجر" انتهى .

" الإحكام في أصول الأحكام " ( 4 / 433 ) .

وأما حديث ضرب الجارية بالدف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم : فليس خاصّاً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس في الحديث ما يدل على الخصوصية .

عن بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ رضي الله عنه قال : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي ، وَإِلاَّ فَلاَ ) فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ

فَأَلْقَتِ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا ، ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ ، إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتِ الدُّفَّ ) .

رواه الترمذي ( 3690 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وقال ابن القيم رحمه الله :

"حديث صحيح ، وله وجهان :

أحدها : أن يكون أباح لها الوفاء بالنذر المباح ؛ تطيباً لقلبها ؛ وجبراً ، وتأليفاً لها على زيادة الإيمان ، وقوته ، وفرحها بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والثاني : أن يكون هذا النذر قربة لما تضمنه من السرور والفرح بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم سالماً ، مؤيداً ، منصوراً على أعدائه ، قد أظهره الله ، وأظهر دينه ، وهذا من أفضل القُرَب ، فأُمرت بالوفاء به" انتهى .

" إعلام الموقعين عن رب العالمين " ( 4 / 320 ) .

وقال العراقي في "طرح التثريب" (6/56) :

"وقد يقترن بالضرب بالدف قصد جميل كجبر يتيمة في عرسها ، وإظهار السرور بسلامة من قد يعود نفعه على المسلمين ، ومن ذلك : ضرب هذه المرأة بالدف ، فهو مباح بلا شك" انتهى .

وقال زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (4/344) :

"وضرب الدف مباح في العرس والختان وغيرهما مما هو سبب لإظهار السرور كعيد وقدوم غائب .... وذكر حديث الجارية المتقدم" انتهى .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (4/93) تعقيباً على حديث الجارية : "وهذا نص في إباحة الغناء عند قدوم غائب تأكيداً للسرور" انتهى .

فأنت ترى هؤلاء العلماء أباحوا الضرب بالدف لقدوم غائب ، لا سيما إذا كان هذا الغائب كثير النفع للمسلمين .
ولكن تبقى هذه الإباحة مقيدة بالضرب بالدف فقط ، ولا تشمل غيره من الآلات الموسيقية ، ومقيدة بالأحوال التي وردت فيها فقط .

والله أعلم








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-13, 03:53   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السنة النبوية الصحيحة وحي من الله

السؤال

أولا : أعتذر عن إثارة مثل هذا السؤال ، ولكي لا أترك مجالا للشك في نيتي ، أقول : إنني أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله ، وإنني راض تمام الرضى بالله عز وجل ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا .

أسأل عن السنة ، لأنه توجد روايات كثيرة لحديث واحد ، فمثلا نجد في صحيح البخاري حديثا ما بأسلوب مخالف لما هو عليه في صحيح مسلم ، فلماذا لا تكون السنة مثل القرآن العظيم ؟ ما الفرق بين السنة المطهرة والقرآن العظيم ؟

هل السنة النبوية الشريفة هي من الوحي الذي يتنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، أم هي من أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم ؟ هل هي من خصائص النبوة أم ماذا ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

لا بد أن يستقر في عقل وقلب كل مسلم أن السنة - وهي ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير - هي أحد قسمي الوحي الإلهي الذي أُنزِل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والقسم الآخر من الوحي هو القرآن الكريم .

قال تعالى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىْ ) النجم/3-4

وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ وَمِثلَهُ مَعَهُ ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبعَان عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ : عَلَيكُم بِهَذَا القُرآنِ ، فَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ )
رواه الترمذي (2664) وقال : حسن غريب من هذا الوجه ، وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2870)

وهذا ما فهمه السلف الصالح رضوان الله عليهم من ديننا الحنيف :

يقول حسان بن عطية "الكفاية" للخطيب (12) :

" كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن " انتهى .

رواه الدامي في سننه (588) والخطيب في الكفاية (12) ، وعزاه الحافظ في الفتح (13/291) إلى البيهقي ، قال : " بسند صحيح " .

وأهمية السنة في كونها مبيِّنةً لكتاب الله وشارحةً له أوَّلًا ، ثم من كونها تزيد على ما في كتاب الله بعض الأحكام .
يقول الله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/44

يقول ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/190) :

" البيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين :

الأول : بيان المجمل في الكتاب العزيز ، كالصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر الأحكام .
الثاني : زيادة حكم على حكم الكتاب ، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها " انتهى .

ثانيا :

لما كانت السنة القسمَ الثانيَ من أقسام الوحي ، كان لا بد من حفظ الله تعالى لها ، ليحفظَ بها الدين من التحريف أو النقص أو الضياع .

يقول ابن حزم رحمه الله "الإحكام" (1/95) :

" قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9

وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ ) الأنبياء/45

فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي ، والوحي بلا خلاف ذِكْرٌ ، والذكر محفوظ بنصِّ القرآن ، فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل ، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء ، إذ ما حَفِظَ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء ، فهو منقول إلينا كله ، فلله الحجة علينا أبدا " انتهى .

ثالثا :

وإذا ثبت أن السنة من الوحي الإلهي ، لا بد من التنبه إلى أن الفرق بينها وبين القرآن يكمن في أمر واحد فقط ، وهو أن القرآن كلام الله تعالى ، نزل بلفظه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أما السنة فقد لا تكون من كلامه تعالى ، بل من وحيه فقط ، ثم لا يلزم أن تأتي بلفظها ، بل بالمعنى والمضمون .

ومِن فَهْمِ هذا الفرق ، يظهر أن العبرة في نقل السنة هو المعنى والمضمون ، وليس ذات الألفاظ التي نطق بها النبي صلى الله عليه وسلم ، والشريعة الإسلامية إنما حُفظت بحفظ الله تعالى للقرآن الكريم كاملا ، وبحفظه سبحانه للسنة النبوية في مُجمَلِها ، ومعناها ، وما بيَّنَتهُ من كتاب الله ، وليس في ألفاظها وحروفها .

ومع ذلك فإن علماء هذه الأمة على مدى القرون السالفة ، قد قاموا بحفظ الشريعة والسنة ، ونقلوا لنا ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم كما قالها ، وميزوا ما فيها من الصواب والخطأ ، والحق والباطل .

وما يراه السائل الكريم من تعدد الروايات للحديث الواحد لا يعني أبدا التقصير في حفظ السنة ونقلها ، وإنما اختلفت الروايات لأسباب عديدة ، إذا تبينت ظهر الجواب واضحا ، فيقال :

رابعا :

أسباب تعدد الروايات :

1- تعدد الحادثة :

يقول ابن حزم رحمه الله في "الإحكام" (1/134) :

" وليس اختلاف الروايات عيبا في الحديث إذا كان المعنى واحدا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صحَّ عنه أنه إذا كان يُحَدِّث بحديثٍ كَرَّرَه ثلاث مرات ، فينقل كل إنسان بحسب ما سمع ، فليس هذا الاختلاف في الروايات مما يوهن الحديث إذا كان المعنى واحدا " انتهى .

2- الرواية بالمعنى :

وهو أكثر ما يسبب تعدد الروايات للحديث الواحد ، فإن المهم في نقل الحديث أداء مضمونه ومحتواه ، أما ألفاظه فليست تعبديةً كالقرآن .

مثاله : حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) : فقد روي بلفظ ( العمل بالنية ) ولفظ ( إنما الأعمال بالنية ) وآخر ( الأعمال بالنية ) ، وهذا التعدد سببه الرواية بالمعنى ، فإن مخرج الحديث واحد ، وهو يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة عن عمر رضي الله عنه ، والملاحظ أن المعنى الذي يفهم من هذه الجمل واحد ، فأي ضرر في تعدد الروايات حينئذ ؟!

ولكي يطمئن العلماء أكثر إلى أن الراوي نقل المعنى الصحيح للحديث ، كانوا لا يقبلون الرواية بالمعنى إلا من عالم باللغة العربية ، ثم يقارنون رواية الراوي برواية غيره من الثقات ، فيتبين لهم الخطأ في النقل إن وقع ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، ليس هذا محلها .

3- اختصار الراوي للحديث :

أي أن يكون الراوي حافظا للحديث كله ، ولكن يكتفي بذكر جزء منه في حال ، ويذكره كاملا في حال أخرى .
مثاله : روايات حديث أبي هريرة في قصة نسيان النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين من صلاة الظهر ، فكلها جاءت عن أبي هريرة ، وهي قصة واحدة ، وذلك يدل على أن اختلاف الروايات سببه اختصار بعض الرواة .

انظر صحيح البخاري (714) (715) (1229)

4- الخطأ :

فقد يقع من أحد الرواة الخطأ ، فيروي الحديث على غير وجهه الذي يرويه الآخرون ، ويمكن معرفة الخطأ بمقارنة الروايات بعضها ببعض ، وهو ما قام به أهل العلم في كتب السنة والتخريج .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الجواب الصحيح" (3/39) :

" ولكن هذه الأمة حفظ الله تعالى لها ما أنزله ، قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9 ، فما في تفسير القرآن أو نقل الحديث أو تفسيره من غلط ، فإن الله يقيم له من الأمة من يبيِّنُه ، ويذكر الدليل على غلط الغالط وكذب الكاذب ، فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة ، ولا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة

إذ كانوا آخر الأمم ، فلا نبي بعد نبيهم ، ولا كتاب بعد كتابهم ، وكانت الأمم قبلهم إذا بدَّلوا وغيَّروا بعث الله نبيا يبين لهم ويأمرهم وينهاهم ، ولم يكن بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي ، وقد ضمن الله أن يحفظ ما أنزله من الذكر " انتهى .

والسنة ، على الوجه الذي ذكرناه أولا ، من كونها وحيا من عند الله تعالى : يبين للناس ما نُزِّل إليهم في كتاب الله تعالى ، ويعلمهم من الأحكام ما يحتاجونه في دينهم ، ولو يأت تفصيله ، أو أصله في كتاب الله تعالى ، نقول : السنة على هذا الوجه هي من خصائص النبوة ؛ فهذه الوظيفة هي من أجل وظائف النبوة

وما زال الناس يرون السنة على هذا الوجه ، بما تحمله الكتب ، أو الروايات الشفهية من اختلاف في بعض الألفاظ ، أو تعدد لسياقات الحديث ، ولم يكن في ذلك ما يدعو للتشكك في منزلتها ، أو القلق من حفظها ، أو التردد والخلاف في حجيتها وحاجة الناس إليها ، على كثرة ما اختلف الناس وتنازعوا في المسائل العلمية والعملية.

يقول العلامة الشيخ عبد الغني عبد الخالق ـ رحمه الله ـ :

" لا نجد في كتب الغزالي والآمدي والبزدوي ، وجميع من اتبع طرقهم في التأليف من الأصوليين ، تصريحا ولا تلويحا بأن في هذه المسألة خلافا ، وهم الذين استقصوا كتب السابقين ومذاهبهم ، وتتبعوا الاختلافات ، حتى الشاذة منها ، واعتنوا بالرد عليها أشد الاعتناء"

ثم نقل عن صاحب المُسَلَّم ، وشارحه : " أن حجية الكتاب والسنة والإجماع والقياس : من علم الكلام ، لكن تعرض الأصولي لحجية الإجماع والقياس ، لأنهما كثر التشغيب فيهما من الحمقى ، من الخوارج والروافض ( خذلهم الله تعالى ) ، وأما حجية الكتاب والسنة : فمتفق عليها عند الأمة ، ممن يدعي التدين كافة ، فلا حاجة إلى الذكر " انتهى .

انظر : حجية السنة ( 248-249) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-13, 04:02   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم من يرد الحديث الصحيح

السؤال


هل يكفر من يرد الحديث الصحيح ؟

حد الإخوة يرد بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في الصحيح : البخاري ومسلم وغيرها... بحجة أنها تعارض القرآن ، فما حکم من يرد الحديث الصحيح ، هل يکفر ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع ، فقد كان الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ، ومصداق ذلك قول الله تعالى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم/3-4.

وقد أوجب الله تعالى على المؤمنين التسليم التام لكلام النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه وحكمه ، حتى لقد أقسم بنفسه سبحانه أن من سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ثم رده ولم يقبل به : أنه ليس من الإيمان في شيء ، فقال عز وجل : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65.

ولذلك وقع الاتفاق بين أهل العلم على أنَّ مَن أنكر حجية السنة بشكل عام ، أو كذَّبَ حديث النبي صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم – فهو كافر ، لم يحقق أدنى درجات الإسلام والاستسلام لله ورسوله .

قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله :

" من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرٌ يُقرُّ بصحته ثم رده بغير تقية فهو كافر" انتهى.

وقال السيوطي رحمه الله :

" اعلموا رحمكم الله أنَّ مَن أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم - قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول - حجة كفر ، وخرج عن دائرة الإسلام ، وحشر مع اليهود والنصارى أو من شاء من فرق الكفرة " انتهى.

"مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" (ص/14)

وقال العلامة ابن الوزير رحمه الله :

" التكذيب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلم أنه حديثه كفر صريح " انتهى.

"العواصم والقواصم" (2/274)

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" :

" الذي ينكر العمل بالسنة يكون كافرا ؛ لأنه مكذب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين " انتهى.

"المجموعة الثانية" (3/194)


ثانيا :

أما مَن رَدَّ الحديث ولم يقبله ، مُنكِرًا أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا ليس كالقسم الأول ، ونحن ندرك أن أكثر أصحاب التيار " التنويري " الجديد ، هم الذين تصدوا للحكم على السنة النبوية من خلال آرائهم وتوجهاتهم ، وهؤلاء ـ في واقع الأمر ـ لم يأتوا بجديد ، وإنما هم امتداد لأهل البدع من قبلهم ، الذين حكى أهل العمل شبهاتهم ، وتولوا الردع عليها
.
ولهؤلاء ، وأمثالهم نقول :

المنهجية العلمية تقتضي النظر في أمور مهمة قبل رد الحديث وإنكار أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه الشروط هي :

الشرط الأول :

المناقضة التامة بين ما ورد في الحديث وما ورد في القرآن الكريم من نص واضح الدلالة غير منسوخ ، ونحن نؤكد هنا على قيد " المناقضة التامة "، وليس مجرد تعارض ظاهري يبدو في ذهن الناظر العجل ، ولعل أولئك الذين يخوضون في إنكار الأحاديث يوافقوننا على هذا التقييد

لأن غالب التعارض الظاهري الذي يعرض في أذهان كثير من الناس لا حقيقة له ، وإنما هو ظنٌّ قائمٌ في ذهن المعترض ، يمكن بالتأمل وتلمس أوجه اللغة والمعاني الجواب عليه ، وبيان موافقته لأصول الشريعة ومقاصدها ، ومن تأمل كتاب العلامة ابن قتيبة الدينوري ، المسمى " مختلف الحديث "

عرف قدر المجازفة التي جازفها كثيرون في إنكارهم الأحاديث بدعوى عدم موافقتها للقرآن ، أو عدم تصديق العقل بما فيها ، ثم إذا ذكر ابن قتيبة تفسير العلماء الصحيح لهذه الأحاديث تبين أن لها أوجها صحيحة موافقة للشريعة ، وأن توهم المعارضة للقرآن إنما هو ظنون فاسدة .

إننا نسأل هؤلاء وأمثالهم ممن يتجرأ على رد السنة ، والطعن في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، من غير منهجية علمية ، أو أصول نقدية مقبولة ، ومن غير أن يحكموا أصول العلم الذي يتحدثون فيه :

هل ترون أن مِن الممكن أن يناقض الحديثُ القرآن الكريم مناقضة تامة بحيث يجزم الناقد بأن هذا الحديث ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ونرى مع ذلك جميع علماء الإسلام ، من لدن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، متوافقين على قبول هذا الحديث وشرحه وتفسيره والاستدلال به والعمل بما جاء فيه ؟!

ألا يقضي العقل السليم – الذي يزعمون التحاكم إليه – باحترام اتفاق أهل التخصص على أمر هو في صلب تخصصهم ؟!
هل يجرؤ أحد على تخطئة علماء الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات أو علوم التربية أو الاقتصاد مثلا إذا اتفقوا وتواردوا على أمر معين

خاصة إذا لم يكن المعترض عليهم من أهل العلم بذلك التخصص ، وإنما غاية أمره أن يكون قد قرأ بعض المقالات حوله ، أو شيئا من كتب : تبسيط العلوم ، أو : العلم لكل الناس ؟!

الشرط الثاني :

وجود حلقة من حلقات الضعف الإسنادي ، التي تتحمل الخطأ الوارد في المتن :

ونظن – كذلك – أن هذا الشرط منهجي قويم ، لا ينبغي أن يخالف فيه من يفهم شيئا في أصول النقد العلمي ، وذلك أن إنكار المتن أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني وجود حلقة ضعيفة في السند هي التي أوهمتنا أن هذا الحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ـ فعليا ـ ليس كذلك .

يقول الإمام الشافعي رحمه الله ، وهو من هو في منازل العلم والإيمان ، وهو أول من صنف في علم أصول الفقه :
" الحديث إذا رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذلك ثبوته "

"اختلاف الحديث ـ ضمن الأم ـ (10/107) " .

ويقول :

" لا يُستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه ، إلا بصدق المُخْبِر ، إلا في الخاص القليل من الحديث " .

"الرسالة" : فقرة (1099) .

ويقول أيضا :

" المسلمون العدولُ : عدولٌ أصحاء الأمر فى أنفسهم ... ، وقولُهم عن خبر أنفسهم ، وتسميتُهم : على الصحة والسلامة ، حتى نستدل من فعلهم بما يخالف ذلك ، فنحترسَ منهم في الموضع الذي خالف فعلُهم فيه ما يجب عليهم "
.
"الرسالة" : فـ (1029-1030) ، وانظر : الأم (8/518-519) .

وبعد أن يحكي الإمام الشافعي رحمه الله بعض الأصول العلمية في هذا الباب ، وهو أمر تعرض له كثيرا في كتبه المختلفة ، يذكر لنا أن ما قرره ، مما نلقلنا بعضه هنا ، ليس اجتهادا فرديا ، أو مذهبا شخصيا له ، وإنما هي أصول أجمع عليها أهل العلم من قبله . يقول :

" فحكيت عامة معاني ما كتبت في صدر كتابي هذا ، لعدد من المتقدمين في العلم بالكتاب والسنة ، واختلاف الناس ، والقياس ، والمعقول ، فما خالف منهم واحدٌ واحدا ، وقالوا: هذا مذهبُ أهل العلم من أصحاب رسول الله ، والتابعين ، وتابعي التابعين ، ومذهبُنا ؛ فمن فارق هذا المذهب : كان عندنا مفارقَ سبيلِ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهلِ العلم بعدَهم إلى اليوم ، وكان من أهل الجهالة

وقالوا معا : لا نرى إلا إجماع أهل العلم في البلدان على تجهيل من خالف هذا السبيل ، وجاوزوا ، أو أكثرهم ، فيمن يخالف هذا السبيل ، إلى ما لا أبالي أن لا أحكيه " !!

" اختلاف الحديث" ـ الأم ـ ( 10/21) ، وانظر نحوا من ذلك في : الرسالة : فـ (1236-1249) .

إن أول ما يجب على من رد حديثا مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أن يبحث ويفسر من هو الراوي الذي أخطأ في نقله هذا الحديث ، فإذا لم يجد المُنكِرُ سببا إسناديا مقبولا لإنكاره الحديث فذلك علامة على خطأ منهجيٍّ ، وهو علامة أيضا على ضرورة مراجعة فهم الحديث والقرآن والمقاصد الشرعية .

فكيف إذا كان الحديث واردا بأصح الأسانيد على وجه الأرض ، بل كيف لو كان الحديث قد ورد بطرق كثيرة جدا – كما هو حال أكثر الأحاديث التي يردها " التنويريون " - ، وعن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم ؟!

الشرط الثالث :

نسبة الأمر كله إلى الاجتهاد المحتمل ، ونبذ أساليب الجزم والحسم واتهام المخالف والطعن في عقول المسلمين ، وهذا فيما إذا كان هناك وجه لهذا الاحتمال ، وكان من يتكلم في هذا مؤهلا ـ بأدوات البحث اللازمة ـ لإدراك ذلك والبحث فيه . فقد يبدو لأحد العلماء ضعف حديث معين لعلة معينة ، ولكنه لا يستعمل لغة الاتهام لكل من قبل الحديث .

فمن خالف هذه الشروط الثلاثة ، وأصر على إنكار الحديث وتكذيبه ، فهذا على خطر عظيم ، إذ لا يجوز للمسلم أن يتأول متهجما من غير شروط ولا ضوابط ، وإلا أثم ووقع في الحرج .

يقول الإمام أحمد رحمه الله :

" من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة " انتهى.

ويقول الحسن بن علي البربهاري :

" وإذا سمعت الرجل يطعن على الأثر ، أو يرد الآثار ، أو يريد غير الآثار : فاتّهمه على الإسلام ، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع .

وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده ويريد القرآن ، فلا تشك أنه رجل قد احتوى على الزندقة ، فقمْ من عنده وودّعه " انتهى.

"شرح السنة" (113-119) باختصار.

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" إن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه ، فإنه يجب الإيمان به ، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف ؛ لأنه الصادق المصدوق . فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به ، وإن لم يفهم معناه " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (3/41)

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 03:36   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



مصادر التشريع الإسلامي

السؤال

ما هي مصادر التشريع الإسلامي ؟


الجواب

الحمد لله

مصادر الدين الأصلية التي ترجع إليها جميع العقائد والمقاصد والأحكام تتمثل في الوحيين : الكتاب والسنة . وذلك مقتضى ربانية الدين الإسلامي ، أن أركانه مبنية على نصوص معصومة منزلة من السماء ، تتمثل في آيات القرآن الكريم ، ونصوص السنة النبوية الصحيحة .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

" ولا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما سواهما تبع لهما " انتهى.

"جماع العلم" (11) .

ثم استنبط العلماء من هذين المصدرين أصولا أخرى يمكن بناء الأحكام عليها ، أطلق عليها بعض العلماء - تجوزا - اسم " مصادر الشريعة " أو " مصادر التشريع الإسلامي" ، وهي : الإجماع والقياس .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

" وليس لأحد أبداً أن يقول في شيء : حَلَّ ولا حَرُم إلا من جهة العلم ، وجهة العلم : الخبر في الكتاب أو السنة ، أو الإجماع ، أو القياس " انتهى .

"الرسالة" (39) .

وقال ابن تيمية رحمه الله :

"إذا قلنا الكتاب والسنة والإجماع ، فمدلول الثلاثة واحد ، فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له ، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة ، فليس في المؤمنين إلا من يوجب اتباع الكتاب ، وكذلك كل ما سنَّه الرسول صلى الله عليه وسلم فالقرآن يأمر باتباعه فيه ، والمؤمنون مجمعون على ذلك ، وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون ، فإنه لا يكون إلا حقا موافقا لما في الكتاب والسنة" انتهى .

"مجموع الفتاوى" (7/40).

وقال الدكتور عبد الكريم زيدان :

"المقصود بمصادر الفقه : أدلته التي يستند إليها ويقوم عليها ، وإن شئت قلت : المنابع التي يستقي منها ، ويسمي البعض هذه المصادر بـ " مصادر الشريعة " أو " مصادر التشريع الإسلامي "، ومهما كانت التسمية فإن مصادر الفقه ترجع كلها إلى وحي الله ، قرآناً كان الوحي أو سنة ، ولهذا فإننا نرجح تقسيم هذه المصادر إلى : مصادر أصلية ، وهي : الكتاب والسنة . ومصادر تبعية أرشدت إليها نصوص الكتاب والسنة ، كالإجماع والقياس " انتهى .

"المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية" (ص/153) .

أما غير هذه المصادر الأربعة : كقول الصحابي ، والاستحسان ، وسد الذرائع ، والاستصحاب ، والعرف ، وشرع من قبلنا ، والمصالح المرسلة ، وغيرها ، فقد اختلف العلماء في حجيتها وصحة الاستدلال بها ، وعلى القول بحجيتها – كلها أو بعضها – فهي تابعة للكتاب والسنة وراجعة إليهما .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 03:42   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم تقليد الكفار ومعنى
" ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن "


السؤال


ما حكم الإسلام في مسألة تقليد الكفار في عاداتهم وتصرفاتهم ؟ وما ضوابط ذلك في الشريعة الإسلامية ؟

وهل كل تقليد لعمل من أعمال الكفار يعد تقليدا محرماً - علماً بأن هناك كثيرا من أعمال الكفار لا حرمة ولا ذم للشرع فيها ، ولا يقصد فاعلها مجرد التقليد للكفار ، وإنما وجدها حسنة ، وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن " - ؟ .

أفيدونا أكرمكم الله ، مع تركيزي على أن تفصلوا لي في الإجابة ، وذكر الضوابط لهذه المسألة.


الجواب


الحمد لله

أولاً :

ليس المسلمون بحاجة لتقليد أحدٍ من الأمم في شعائر الدين والعبادات ، فقد أكمل الله تعالى دينه ، وأتمَّ نعمته ، ورضي لنا الإسلام ديناً ، قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً ) المائدة/3

وقد نهى الشرعُ المسلمين عن تقليد الكفار وبخاصة اليهود والنصارى ، وهذا النهي ليس عامّاً في كل أمورهم ، بل هو فيما كان من أمور دينهم وشعائرهم وخصائصهم التي يتميزون بها .

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ والنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ ؟ ) رواه البخاري ( 1397 ) ومسلم ( 4822 ) .

ففي هذا الحديث نهيٌ عن تقليد اليهود والنصارى ، وذم من اتبعهم وسلك مسلكهم ، وقد أكد الشرع هذا النهي ؛ وذلك بوصف من يتشبه بالكفار بأنه منهم .

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبّه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود ( 3512 ) وصححه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 2691 )

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

وهذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم . " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 237 ) .

والمقلِّد للكفار يشعر بعقدة النقص ، ويتحلى بالانهزامية والتردي ، لذا يسارع إلى سد نقصه بتقليد من يعظمه ، ولو وقف هؤلاء على عظمة تشريعات الإسلام ، وعرفوا فساد تلك الحضارة التي يركضون خلفها لعلموا أنهم على خطأ ، وأنهم تركوا ما هو كمال وحق إلى ما هو نقص وفساد .

ثانياً :

وأوجه تقليدهم التي نهينا عنها كثيرة :

قال الشيخ صالح الفوزان :

ومن الأمور التي يجري تقليد الكفار فيها : تقليدهم في أمور العبادات، كتقليدهم في الأمور الشركية من البناء على القبور، وتشييد المشاهد عليها والغلو فيها. وقد قال صلى الله عليه وسلم " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " - البخاري ( 425 ) ، ومسلم ( 531 ) - ، وأخبر أنهم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه الصور ، وأنهم شرار الخلق - البخاري ( 417 ) ، ومسلم ( 528 ) - ، وقد وقع في هذه الأيام من الشرك الأكبر بسبب الغلو في القبور ما هو معلوم لدى الخاص والعام ؛ وسبب ذلك : تقليد اليهود والنصارى .

ومن ذلك : تقليدهم في الأعياد الشركية والبدعية كأعياد الموالد - كمولد الرسول صلى الله عليه وسلم - وأعياد موالد الرؤساء والملوك. وقد تسمى هذه الأعياد البدعية أو الشركية بالأيام أو الأسابيع – كاليوم الوطني للبلاد ، ويوم الأم وأسبوع النظافة – وغير ذلك من الأعياد اليومية والأسبوعية، وكلها وافدة على المسلمين من الكفار؛ وإلا فليس في الإسلام إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى. وما عداهما فهو بدعة وتقليد للكفار .

من خطبة " الحث على مخالفة الكفار "

وقد سبق النهي عن التشبه بالكفار في لباسهم الخاص بهم ، وفي ما اختصوا به من العادات كمشابهتهم في حلق اللحية .

ثالثاً :

وتحريم التشبه بالكفار إنما هو في عباداتهم وعاداتهم الخاصة بهم التي يتميزون بها ، دون ما يصنعونه ويخترعونه مما يمكن أن يُستفاد منه ، فلا حرج على المسلمين من مشاركتهم في هذا ، بل ينبغي للمسلمين أن يكونوا السباقين إليه والمبدعين فيه .

قال الشيخ ابن عثيمين :

وإذا قيل " تَشَبُّهٌ بالكفار " فلا يعني ذلك أن لا نستعمل شيئاً من صنائعهم : فإن ذلك لا يقوله أحد ، وقد كان الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده يلبسون ما يصنعه الكفار من اللباس ، ويستعملون ما يصنعونه من الأواني .

والتشبه بالكفار : هو التشبه بلباسهم ، وحلاهم ، وعاداتهم الخاصة ، وليس معناه أن لا نركب ما يركبون ، أو لا نلبس ما يلبسون ، لكن إذا كانوا يركبون على صفة معينة خاصة بهم فلا نركب على هذه الصفة ، وإذا كانوا يفصلون الثياب على صفة معينة خاصة بهم فلا نفصل على هذا التفصيل ، وإن كنا نركب مثل السيارة التي يركبونها ، ونفصل من نوع النسيج الذي يفصلون منه .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال 177 ) .

وقال :

مقياس التشبه أن يفعل المتشبِّه ما يختص به المتشبَّه به ، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئاً من خصائصهم ، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبهاً ، فلا يكون حراماً من أجل أنه تشبه إلا أن يكون محرماً من جهة أخرى ، وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال 198 ) .

رابعاً :

في حضارة غير المسلمين النافع والضار ، فلا نترك النافع منها ونأخذ الضار ، وقد لخَّص هذا الموقف الشيخ الشنقيطي – رحمه الله – فقال :

إن الموقف من الحضارة الغربية ينحصر في أربعة أقسام لا خامس لها :

الأول : ترك الحضارة نافعها وضارها .

الثاني : أخذها كلها ضارها ونافعها .

الثالث : أخذ ضارها دون نافعها .

الرابع : أخذ نافعها وترك ضارها .

فنجد الثلاثة الأولى باطلة بلا شك ، وواحداً فيها صحيحاً بلا شك وهو الأخير .

" أضواء البيان " ( 4 / 382 ) .

خامساً :

وأما قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن " ، فليس المراد منه التحسين العقلي المخالف للشرع ، فقد قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : " من استحسن فقد شرع " ، وليس المراد منه التحسين الذي يراه واحد من الناس دون عامتهم ، ، بل هذا الكلام يمكن حمله على أحد معنين ، كلاهما صحيح :

1- أن المراد بذلك العمل بالعرف الذي لا يخالف الشرع .

2- أن المراد بذلك حجية الإجماع ، فإذا أجمع المسلمون على استحسان شيء فهذا الإجماع حجة ، فيكون هذا الشيء حسناً في حكم الله تعالى ، وهذا قد يدل عليه قوله : " ما رآه المسلمون حسناً "

انظر المبسوط للسرخسي (12/138) ، الفروسية لابن القيم (ص298)

هذا إذا اعتبرنا كلام ابن مسعود رضي الله عنه عاماً في جميع المسلمين ، مع أنه قد يظهر من سياق كلامه أنه يعني بذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهم . ونص كلامه : ( إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ ) رواه أحمد ( 3418 ) وحسّنه الشيخ الألباني في " تخريج الطحاوية " ( 530 ) .

وعلى أي حال لا يصح الاستدلال بكلام ابن مسعود رضي الله عنه على استحسان ما حرمه الشرع كالتشبه بالمشركين .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 03:45   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الإسلام يساوي بين الرجل والمرأة

السؤال

هل هناك ذكر لمساواة المرأة بالرجل في القرآن الكريم ؟.

الحمد لله


أولا :

مصطلح - المساواة – الذي ينادي به كثير من المفكرين في الشرق والغرب في مجالات الحياة المتعددة مصطلح يقوم على اعوجاج وقلة إدراك لا سيما إن تحدث المتحدث ونسب المساواة للقرآن الكريم أو للدين الحنيف .

ومما يخطئ الناس في فهمه قولهم : الإسلام دين المساواة ، والصحيح أن يقولوا : الإسلام دين العدل .

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى - :

وهنا يجب أن نعرف أن من الناس من يستعمل بدل العدل المساواة وهذا خطأ ، لا يقال : مساواة ؛ لأن المساواة تقتضي عدم التفريق بينهما ، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون : أي فرق بين الذكر والأنثى ؟ سووا بين الذكور والإناث ، حتى إن الشيوعية قالت : أي فرق بين الحاكم والمحكوم ؟ لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد حتى بين الوالد والولد ليس للوالد سلطة على الولد ، وهلمَّ جرّاً .

لكن إذا قلنا بالعدل وهو إعطاء كل أحدٍ ما يستحقه : زال هذا المحذور ، وصارت العبارة سليمة ، ولهذا لم يأت في القران أبداً : " إن الله يأمر بالتسوية " لكن جاء : { إن الله يأمر بالعدل } النحل/90 ، { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } النساء/58 ، وكذب على الإسلام مَن قال : إن دين الإسلام دين المساواة ، بل دين الإسلام دين العدل وهو الجمع بين المتساوين والتفريق بين المفترقين .

أما أنه دين مساواة فهذه لا يقولها مَن يعرف دين الإسلام ، بل الذي يدلك على بطلان هذه القاعدة أن أكثر ما جاء في القرآن هو نفي المساواة : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } الزمر/9 ، { قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور } الرعد/16 ، { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا } الحديد/10 ، { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم } النساء/95 ، ولم يأت حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبداً إنما يأمر بالعدل

وكلمة العدل أيضا تجدونها مقبولة لدى النفوس فأنا أشعر أن لي فضلاً على هذا الرجل بالعلم ، أو بالمال ، أو بالورع ، أو ببذل المعروف ، ثم لا أرضى بأن يكون مساوياً لي أبداً . كل إنسان يعرف أن فيه غضاضة إذا قلنا بمساواة ذكر بأنثى . "

شرح العقيدة الواسطية " ( 1 / 180-181 ) .

وعليه : فالإسلام لم يساو بين الرجل والمرأة في الأمور التي لو ساوى بينهما لظلم أحدهما ؛ لأن المساواة في غير مكانها ظلم .

فالقرآن أمر المرأة أن تلبس غير الذي أمر به الرجل ، للفارق في فتنة كل من الجنسين بالآخر فالفتنة بالرجل أقل من الفتنة بالمرأة فكان لباسها غير لباسه ، إذ ليس من الحكمة أن يأمر المرأة أن تكشف من بدنها ما يكشف الرجل لاختلاف الفتنة في بدنها وبدنه – كما سنبينه - .

ثانياً :

هناك أمورٌ تختلف فيها المرأة عن الرجل في الشريعة الإسلامية ومنها :

1- القوامة :

قال الله تعالى : { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم } النساء/34 .

قال ابن كثير – رحمه الله تعالى - :

يقول تعالى { الرجال قوامون على النساء } أي : الرجل قيِّم على المرأة ، أي : هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت .

{ بما فضل الله بعضهم على بعض } أي : لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك المُلك الأعظم ، لقوله صلى الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ، وكذا منصب القضاء ، وغير ذلك .

{ وبما أنفقوا من أموالهم } أي : من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه وله الفضل عليها والإفضال فناسب أن يكون قيِّماً عليها كما قال الله تعالى { وللرجال عليهن درجة } الآية .

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { الرجال قوامون على النساء } يعنى أمراء عليهن أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله. .

" تفسير ابن كثير " ( 1 / 490 ) .

2- الشهادة : إذ جعل القرءان شهادة الرجل بشهادة امرأتين .

قال الله تعالى :{ واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } البقرة/282 .

قال ابن كثير :

وإنما أقيمت المرأتان مقام الرجل لنقصان عقل المرأة كما قال مسلم في صحيحه ….عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يا معشر النساء تصدقن ، وأكثِرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار ، فقالت امرأة منهن جزلة : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال : تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن ، قالت يا رسول الله : ما نقصان العقل والدين ؟ قال : أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين " .

" تفسير ابن كثير " ( 1 / 336 ) .

وقد يوجد بعض النساء أعقل من بعض الرجال ولكن ليس هذا هو الأصل ولا الأكثر والشريعة مبناها على الأعم الأغلب .

وليس نقص عقل المرأة يعني أنها مجنونة ولكن تغلب عاطفتها عقلها في كثير من الأحيان ، وتحدث لها هذه الحالة أكثر مما يحدث عند الرجل ولا يُنكر هذا إلا مكابر .

3- المرأة ترث نصف الرجل :

قال الله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } النساء/11 .

قال القرطبي :

ولأن الله تعالى أعلم بمصالحهم منهم فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم .

" تفسير القرطبي " ( 5 / 164 ) .

ومن ذلك أن الرجل عليه نفقات أكثر مما على المرأة فيناسب أن يكون له من الميراث أكثر مما للمرأة .

4- اللباس :

فعورة المرأة تكون في بدنها كله وأقل ما قيل في عورتها أنها لا تكشف إلا الكفين والوجه . وقيل لا تكشف شيئا من ذلك .

قال تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيماً } الأحزاب/59 .

والرجل عورته من السرة إلى الركبة

قيل لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رأيت منه ولا تحدثنا عن غيره وإن كان ثقة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما بين السرة إلى الركبة عورة " .

رواه الحاكم في المستدرك ( 6418 ) . وحسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " ( 5583 ) .

والأمثلة على سبيل التوضيح لا الحصر ,

وهناك فوارق أخرى بين الجنسين منها :

أن الرجل يتزوج أربع نسوة ، والمرأة ليس لها إلا زوج واحد .

ومن ذلك : أن الرجل يملك الطلاق ويصح منه ، ولا يصح منها الطلاق ولا تملكه .

ومن ذلك : أن الرجل يتزوج من الكتابية ، والمرأة المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً .

ومن ذلك : أن الرجل يسافر بلا زوجة أو أحد من محارمه ، ، والمرأة لا تسافر إلا مع محرم .

ومن ذلك : أن الصلاة في المسجد حتم على الرجال ، دون النساء ، وصلاة المرأة في بيتها أحب إلى الله .

وهي تلبس الحرير والذهب ، ولا يلبسه الرجل .

وكل ما ذُكر قائمٌ على اختلاف الرجل عن المرأة ؛ لأن الذكر ليس كالأنثى ، فقد قال الله تعالى : { وليس الذكر كالأنثى } آل عمران/36 ، فالذكر يفارق الأنثى في أمور كثيرة في قوته ، وفي بدنه ، وصلابته ، وخشونته ، والمرأة ناعمة لينة رقيقة .

ويختلف عنها في العقل إذ عُرف الرجل بقوة إدراكه وذاكرته بالنسبة إليها ، وهي أضعف منه ذاكرة وتنسى أكثر منه ، ويوجد بعض النساء أذكى من بعض الرجال وأقوى منهم ذاكرة ولكن هذا لا يُلغي الأصل والأكثر كما تقدم .

ومن ذلك أن الجهاد على الرجال ، والنساء ليس عليهن جهاد القتال ، وهذا من رحمة الله بهن ومن المراعاة لحالهن .

فحتم أن نقول : وليست أحكام الرجل كأحكام الأنثى .

ثالثاً :

سوّى الشرع بين المرأة والرجل في كثير من العبادات والمعاملات : فمن ذلك أنها تتوضأ كوضوء الرجل ، وتغتسل كغسله ، وتصلي كصلاته ، وتصوم كصيامه إلا أن تكون في حال حيض أو نفاس ، وتزكي كما أنه يزكي ، وتحج كحجه – وتخالفه في يسير من الأحكام - ويجوز البيع منها ويقبل ، وكذا لو تصدقت جاز منها ، ويجوز لها أن تعتق من عبيدها ما ملكت يمينها ، وغير ذلك كثير لأن النساء شقائق الرجال كما في الحديث :

عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما، قال: يغتسل ، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللاً ، قال: لا غسل عليه ، قالت أم سلمة : يا رسول الله هل على المرأة ترى ذلك غسل ؟ قال : نعم ، إن النساء شقائق الرجال .

رواه الترمذي ( 113 ) وأحمد (25663) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " ( 98 ) .

فالخلاصة :

أن المرأة تماثل الرجل في أمور وتفارقه في أخرى وأكثر أحكام الشريعة الإسلامية تنطبق على الرجال والنساء سواء ، وما جاء من التفريق بين الجنسين ينظر إليه المسلم على أنه من رحمة الله وعلمه بخلقه ، وينظر إليه الكافر المكابر على أنه ظلم ، ويركب رأسه ليزعم المساواة بين الجنسين فليخبرنا كيف يحمل الرجل جنيناً ويرضعه ويركب رأسه وهو يرى ضعف المرأة وما ينزل عليها من الدم حال الدورة الشهرية ، وهكذا يظل راكباً رأسه حتى يتحطم على صخرة الواقع ، ويظلّ المسلم مطمئناً بالإيمان مستسلماً لأمر الله ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك/14

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 03:48   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحكمة من التوجه للكعبة

السؤال


أرجو أن تتمكن من مساعدتي ، لقد أسلمت منذ عامين ، وعائلتي تجد أنه من الصعب عليها أن تقبل بالعبادات التي أمارسها ، وقد أثرت مشكلة مؤخراً بسبب الصلاة ، وأصررت على تأديتها ، وقد قبلتْ عائلتي أن أصلِّي ، والحمد لله ، بعد أن شاهد أفرادها أني أصبحت منزعجة وأصبت بالأرق لأني أعيش في بيت لا يُسمح أفراده لي بتأدية أركان الإسلام الأساسية ، وهم - ولله الحمد - يسألونني أسئلة ، منها :

" لماذا نتوجه – نحن المسلمين - إلى الكعبة ، إن كنا لا نعبدها ، حيث أننا نسجد في اتجاهها ؟

" ، وقد حاولت أن أشرح لهم أننا نسجد لله وليس للكعبة ، وأن الكعبة هي لأسباب التوحد ، ولأن ( الحرم ) هو أول بيت لله .

وسأكون مقدرة إذا ساعدتني في شرح المسألة بشكل مفصَّل ، حتى أحيط بها أنا شخصيّاً ، وأشرح ذلك لأفراد عائلتي ولغيرهم من الكفار ، كما أرجو منك أن تدعو بأن يهديهم الله الصراط المستقيم .


الجواب


الحمد لله

وبعد : فالحمد لله الذي هدانا للإسلام ، ونسأله أن يثبتنا عليه حتى نلقاه إنه سميع مجيب ، والحمد لله الذي وفقك أيتها الأخت المسلمة على الحرص على صلاتك ، وإظهار شعائر دينك ، ونسأل الله أن يهدي أهلك ويقر عينك بإسلامهم ..آمين

أما بالنسبة لتوجهنا ـ نحن المسلمين للكعبة ـ ؛ فاعلمي وفقك الله لهداه : أن هذا الكون ليس فيه إلا خالق ومخلوق ، وعابد ومعبود ، فالخالق والمعبود بحقٍّ هو الله وحده ، وما سواه فهو مخلوق عابدٌ إما طوعاً واختياراً - وهو حال أهل الإيمان - أو قهراً وهو حال أهل الكفر والعصيان ، وعبوديتهم لله هي خضوعهم لتصرفه بهم ، ولا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ، فالله هو الذي أحياهم ومتى شاء أماتهم ، وإن شاء الله أمرضهم ، وإن شاء شفاهم ، ويُغنيهم سبحانه متى شاء ، ويفقرهم متى شاء ، فسبحانه وبحمده لا رب سواه ولا معبود إلا إيَّاه .

أما عباده المؤمنون فهم مختَبرون ممتحنون في هذه الدنيا القصيرة الفانية ، فإن نجحوا وأفلحوا في إثبات عبوديتهم لربهم وإظهار أعلى درجات الخضوع له سبحانه : عوَّضهم عن ذلك ـ بكرمه وفضله ـ جنات عظيمة ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

ومن أنواع هذه الامتحانات : أن يأمرهم بأشياء لا تستطيع عقولهم معرفة الحكمة منها إلا التسليم والطاعة وهذا ليتبين الصادق في دعوى الإيمان من الكاذب ، فهو سبحانه خالق العقل ، وهو الذي أمر بالأمر، فمن استجاب وخضع وقال : سمعت وأطعت وإن لم أفهم الحكمة والعلة ؛ لأني مقر ببشريتي وضعفي وعبوديتي لله ؛ والله سبحانه لا يُسأل عما يفعل : فهو المؤمن الذي يرجى له الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة .

وهذا هو حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري ( 1597 ) ومسلم ( 1270 ) في " صحيحيهما " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أنه قال عن الحجر الأسود وهو يقبِّله : " والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبّلتك " ، فنحن المسلمين حين نصلِّي لجهة الكعبة نصلي إليها لأن الله أمرنا بذلك ، ولو أمرنا بالصلاة إلى غيرها لفعلْنا ولا بد ، وهكذا في كثير من العبادات فنصلي الظهر أربعاً والمغرب ثلاثاً والفجر ركعتين ؛ لأن الله أمرنا بذلك ، ونحن نطوف بالبيت سبعاً ، ونرمي الجمار سبعاً ولا يجوز لنا أن نزيد على ذلك بحال ، كل هذا لأن الله أمرنا بذلك .

وهكذا فمن كان يستشعر هذه المعاني وهو يؤدِّي مثل هذه العبادات فستزداد عبوديته لله ولا بد ، وهذا يزيده إيماناً وقرباً من ربِّه فيجد في قلبه لذةً عظيمةً وسعادةً غامرةً وراحةً بالغةً تجعله يشتاق إلى العبادة ويحبُّها ؛ لأنه يستشعر حين يؤدِّي العبادة أنَّه يؤدِّيها لله ولولا الله ما أداها ، فتصبح كلُّ عبادةٍ تقربه من ربه وتزيد في إيمانه حتى يلقى الله فيكرمه بما يُكرم به عباده الصالحين .

وأما مَن عاند واستكبر وقال لا أفعل حتى أفهم : فهذا فيه شبه من إبليس حين اعترض على الله فقال كما حكى الله عنه في القرآن { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } الإسراء/61 ، وهذا يكفي في بيان خطورة معاندة الشرع بالعقل ، بل إنَّ الله سبحانه جعل مِن أخصِّ صفات المؤمنين المتقين الإيمان بالغيب ، فقال سبحانه { ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } البقرة /2 ، 3 ، فجعل أول صفةٍ تميِّز المؤمنين عن غيرهم أنهم يؤمنون بما يغيب عن إدراكهم سواء كان هذا الإدراك بالحس أو بالعقل .

ومما ينبغي الإشارة إليه هنا أن صلاتنا تجاه الكعبة لا علاقة لها ببناء الكعبة ، إنما بمكانها ، وعليه : فلو فُرضَ هدمُها فإن الصلاة باقية لاتجاهها لا لبنائها .

ولذلك نجد المسلمين يصلون الآن في الطابق الثاني وفي السطح في حرم الله إلى جهة الكعبة ولو لم يكن البنيان أمامهم في المستوى وهكذا يفعل الملايين من المسلمين في العالم يصلُّون لاتجاه الكعبة وهم لا يرونها وهنا يتبين فارقٌ كبيرٌ بين تشريع الإسلام وبين فِعل المشركين الذين تزول عباداتهم لأصنامهم وأحجارهم وأشجارهم بزوالها ، فالمشرك إذا لم يَر معبوده وصنمه لم يتوجه إليه .

نسأل الله أن يرزقنا الإيمان الصادق ، وأن يثبتنا عليه حتى نلقاه .. آمين.

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 03:51   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: تطبيق قانون غير مذكور في القرآن والسنة

السؤال

هل كل قانون ليس مذكوراً في القرآن والسنة يكون تطبيقه كفر ؟.


الجواب

الحمد لله

قال الشيخ الشنقيطي :

اعلم أنه يجب التفصيل بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بخالق السموات والأرض وبين النظام الذي لا يقتضي ذلك ، وإيضاح ذلك أن النظام قسمان : إداري وشرعي ، أما الإداري الذي يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع : فهذا لا مانع منه ولا مخالف فيه من الصحابة فمَن بعدهم ، وقد عمل عمر – رضي الله عنه

من ذلك أشياء كثيرة ما كانت في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ككتابته أسماء الجند في ديوان من أجل الضبط ومعرفة من غاب ومن حضر كما قدمنا إيضاح المقصود منه في سورة " بني إسرائيل " في الكلام على العاقلة التي تحمل دية الخطأ مع أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يفعل ذلك ولم يعلم بتخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك إلا بعد أن وصل تبوك صلى الله عليه وآله وسلم وكشرائه –

أعني عمر رضي الله عنه – دار صفوان بن أمية وجعله إياها سجناً في مكة المكرمة مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يتخذ سجناًلا هو ولا أبو بكر ، فمثل هذا من الأمور الإدارية التي تفعل لإتقان الأمور ، كتنظيم شؤون الموظفين وتنظيم إدارة الأعمال على وجه لا يخالف الشرع ، فهذا النوع من الأنظمة الوضعية لا بأس به ولا يخرج عن قواعد الشرع من مراعاة المصالح العامة .

وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السموات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السموات والأرض كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف وأنهما يلزم استوائهما في الميراث وكدعوى أن تعدد الزوجات ظلم وأن الطلاق ظلم للمرأة وأن الرجم والقطع ونحوهما أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بالإنسان ونحو ذلك .

فتحكيم هذا النوع من النظام في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم : كفرٌ بخالق السموات والأرض ، وتمرد على نظام السماء الذي وضعه مَن خلق الخلائق كلها وهو أعلم بمصالحها سبحانه وتعالى عن أن يكون معه مشرِّع آخر علوّاً كبيراً ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/21

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ) يونس/59 ، وقد قدمنا جملة وافية من هذا النوع في سورة " بني إسرائيل " في الكلام على قوله تعالى : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم … ) الآية .

" أضواء البيان " ( 4 / 93 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 03:54   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا يوجد في الإسلام علوم شرعية سرية خاصة بالأولياء

السؤال

ما هو حكم من يدعي أن أحكام القرآن للأنبياء والعامة وأن العلم اللدني الباطني الذي تلقاه الأولياء هو للخاصة من الأولياء ؟.

الجواب


الحمد لله


قال الشنقيطي :

قال القرطبي – رحمه الله في تفسيره – ما نصه : "

قال شيخنا أبو العباس : ذهب قوم من زنادقة الباطنية إلى سلوك طريق تلزم هذه الأحكام الشرعية فقالوا هذه الأحكام الشرعية العامَّة إنما يحكم بها على الأنبياء والعامة وأما الأولياء وأهل الخصوص فلا يحتاجون إلى تلك النصوص بل إنما يراد منهم ما يقع في قلوبهم ويحكم عليهم بما يغلب عليهم من خواطرهم وقالوا وذلك لصفاء قلوبهم عن الأكدار وخلوها عن الأغيار فتتجلى لهم العلوم الإلهية والحقائق الربانية فيقفون على أسرار الكائنات ويعلمون أحكام الجزيئات فيستغنون بها عن أحكام الشرائع الكليات كما اتفق للخضر فإنه استغنى بما تجلى له من العلوم عما كان عند موسى من تلك الفهم وقد جاء فيما ينقلون " استفت قلبك وإن أفتاك المفتون " .

قال شيخنا رضي الله عنه : وهذا القول زندقة وكفر يقتل قائله ولا يستتاب لأنه إنكار ما علم من الشرائع فإن الله تعالى قد أجرى سنته وأنفذ حكمته بأن أحكامه لا تعلم إلا بواسطة رسله السفراء بينه وبين خلقه وهم المبلغون عنه رسالته وكلامه المبينون شرائعه وأحكامه اختارهم لذلك وخصهم بما هنالك

كما قال تعالى : ( الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس إن الله سميع بصير ) ، وقال تعالى : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) الأنعام/124 وقال تعالى : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ) البقرة/ 213 إلى غير ذلك من الآيات ، وعلى الجملة فقد حصل العلم القطعي واليقين الضروري واجتماع السلف والخلف على أن لا طريق لمعرفة أحكام الله تعالى التي هي راجعة إلى أمره ونهيه ولا يعرف شيء منها إلا من جهة الرسل فمن قال :

إن هناك طريقا أخرى يعرف بها أمره ونهيه غير الرسل بحيث يستغنى عن الرسل فهو كافر يقتل ولا يستتاب ولا يحتاج معه إلى سؤال ولا جواب ثم هو قول بإثبات أنبياء بعد نبينا عليه الصلاة والسلام الذي قد جعله الله خاتم أنبيائه ورسله فلا نبي بعده ولا رسول .

وبيان ذلك أن من قال يأخذ عن قلبه وأن ما يقع فيه حكم الله تعالى وأنه يعمل بمقتضاه وأنه لا يحتاج مع ذلك إلى كتاب ولا سنة فقد أثبت لنفسه خاصة النبوة فإن هذا نحو ما قاله عليه الصلاة والسلام : " إن روح القدس نفث في روعي . " الحديث ، انتهى من تفسير القرطبي .

وما ذكره في كلام شيخه المذكور من أن الزنديق لا يستتاب هو مذهب مالك ومن وافقه وقد بينا أقوال العلماء في ذلك وأدلتهم وما يرجحه الدليل في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " في سورة " آل عمران " .

" أضواء البيان " ( 4 / 174 ، 175 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 03:56   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

كيف تطور علم الفقه ؟.

الجواب

الحمد لله

كان المسلمون يتلقون الأحكام الشرعية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم منه مباشرة ، وكان القرآن ينزل مرشدا وموجها ومفتيا كما قال تعالى : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة …) ، وموضحا لما أشكل على النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ، كما في قصة المرأة التي استفتت النبي صلى الله عليه وسلم في ظهار زوجها لها فنزل بسبب ذلك صدر سورة المجادلة وهكذا.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث من أصحابه من يعلم المسلمين الجدد أحكام عباداتهم ويفتيهم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفسح لهم المجال للاجتهاد في فهم النصوص الشرعية ؛ فربما أقرهم وربما صوَّبَهُم . وكان يفتي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عدد من الصحابة ذكر بعض أهل العلم أنهم 14 نفساً ، والحق أنهم أكثر من ذلك . فكان النبي صلى الله عليه السلام أمام الناس ومعلمهم ، وكان اللسان العربي إذ ذاك مستقيما فلم يكن في ذلك العهد المبارك اختلافات متباينة ، وبالتالي كان موت النبي صلى الله عليه وسلم يُعَدُّ خسارةً كبيرة للأمة بفقدها لقائدها وموجهها والقدوة الكاملة لها .

فعَنْ أَنَس ابن مالك قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ فَقَالا لَهَا مَا يُبْكِيكِ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مَا أَبْكِي أَنْ لا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلا يَبْكِيَانِ مَعَهَا." رواه مسلم (2454) . لكنه صلى الله عليه وسلم لم يمت إلا وقد اكتمل الدين .

ومن خصائص هذا الدين - الذي اكتمل بنيانه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم - أنه يحوي الخصائص التي تؤهله للبقاء والاستمرار مدى الدهر.

وبالتالي فقد بقي الدين والفقه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى اليوم ، فاقتدى الناس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بهديه وهدي الخلفاء الراشدين من بعده ، وكان أبو بكر -رضي الله عنه - يقضي بينهم ويفتيهم بما وجده في القرآن والحديث ،" فإن أعياه خرج فسأل المسلمين فقال : أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول الله فيه قضاء . فيقول أبوبكر : الحمدلله الذي جعل فينا من يحفظ على نبينا . فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع رؤوس الناس وخيارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به "

وهكذا فعل عمر رضي الله عنه من بعده .

ثم إن الصحابة رضي الله عنهم تفرقوا في الأمصار معلمين ومجاهدين بعد أن اتسعت رقعة البلاد الإسلامية ، وكان كل منهم يفتي بما بلغه من القرآن أو السنة أو بعملٍ رأى أبابكر أو عمر يفعلانه أو بما أداه إليه اجتهاده. والمفتون من الصحابة أكثر من المائة ، المكثرون منهم -كما يقول ابن القيم - سبعة ، وهم : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبدالله بن مسعود ، وعائشة أم المؤمنين ، وزيد بن ثابت ، وعبدالله بن عباس ، وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم جميعا .

وكان عمر رضي الله عنه ، وابنه ، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم بالمدينة ، وتخرج بهم عدة تلاميذ من أمثال : سالم بن عبد الله بن عمر ، ونافع وغيرهما وانتهى علمهم إلى الفقهاء السبعة ثم إلى الإمام مالك بن أنس الأصبحي.

وكان ابن مسعود ثم علي رضي الله عنهما بالكوفة وقد استفاد منهما عدة من التابعين ، أمثال : علقمة والأسود ومسروق وشريح القاضي و صلة بن زفر وأمم غيرهم حتى انتهى ذلك إلى الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت.

وقد انتشر الفقه والعلم في الأمة عن أصحاب ابن مسعود ، وأصحاب زيد بن ثابت ، وأصحاب عبدالله بن عمر ، وأصحاب عبدالله بن عباس . وكان ذلك في الكوفة والمدينة ومكة على التوالي.وكان هؤلاء التابعون يُسْتَفْتَون وأكابر الصحابة حاضرون يُجَوِّزُون لهم ذلك .

فمثلا كان ابن عمر يقول عن سعيد ابن المسيب : إنه أحد المفتين أو المقتدى بهم .

وقال فيه : لو رآه النبي صلى الله عليه وسلم لَسُرَّ بِه.

ثم عن طريق هؤلاء انتشر العلم في الآفاق ، ثم دُوِّنت الأحاديث وكثر طلابها المشتغلون بحفظها وكتابتها وانتشر العلم في الأرض وكان الغالب على الناس الدين والورع ، وكان هذا يمنع من أن يتكلم أحدهم بغير علم أو أن ينصب نفسه لذلك وهو ليس له بأهل ، ثم كثر الخلاف ودخل في العلم من لو أمسك عنه لكان خيرا له فكان من حكمة الله تعالى أن يُضْبَطَ الدِّين ويُحْفَظ بأئمة مجمع على إمامتهم ودرايتهم وبلوغهم الغاية القصوى في مرتبة العلم بالأحكام والفتوى ، وأظهر الله ذكرهم ، ونشر في العالمين فضلهم ، وانثال عليهم الطلاب متعلمين متفهمين ودونت آراؤهم وكانت المذاهب الإسلامية السنية المتبعة للحق من الكتاب والسنة والنابذة للابتداع في الدين ، بحسب ما نقله التلاميذ من الأئمة الكبار ، فصارت مسائلُ وأحوالُ كلِ إمامٍ مذهباً متبعا .

والمشهور من هذه المذاهب اليوم إلا أربعة مذاهب منتشرة وهي : المذهب الحنفي ، والمذهب المالكي ، والمذهب الشافعي ، والمذهب الحنبلي . وهي مذاهب يتفق أصحابها في أكثر الأمور وأهمها من الدين ، والخلافات حصلت في فهمهم و ما وصل إليهم من الأدلة في بعض فرعيات المسائل وكلهم على خير رحمهم الله تعالى . ثم تطور كل مذهب منها بما يطول ذكره حتى وصل الأمر إلى ما الناس عليه اليوم من وجود كتب لكل مذهب يحوي مسائله وطرائق الاستنباط والاستدلال ، ووجد في الأئمة بحمد الله مجتهدون يستخرجون الأحكام في النوازل والمسائل العصرية والمستجدة بما آتاهم الله من الفقه والفهم مستعملين الاجتهاد والقياس وقواعد المصالح الشرعية وكلام العلماء السابقين وأصول الفقه الإسلامي .

فبقي الفقه غنياً بحمد الله ، مستوعباً لجميع مسائل الحياة التي يحتاجها المسلمون .

ولا يمكن أن يخلو عصر من العصور من قائم لله بالحجة يعرف الحق ويستنبطه ، وبعموم هؤلاء لا يمكن أن تجتمع الأمة على ضلاله . فنسأل الله أن يفقهنا في دينه ويرزقنا العلم والعمل الصالح . والله تعالى أعلم .

للاستزادة : يُراجع كتاب / الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي

وتاريخ الفقه الإسلامي لعمر بن سليمان الأشقر .

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 03:59   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

هل تجوز الفتوى بالتقليد ؟.


الجواب

الحمد لله

فيه أقوال :

قال ابن القيم :

أحدها : أنه لا يجوز الفتوى بالتقليد ؛ لأنه ليس بعلم ، والفتوى بغير علم حرام ، ولا خلاف بين الناس أن التقليد ليس بعلم ، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم ، وهذا قول أكثر الأصحاب وقول جمهور الشافعية .

والثاني : أن ذلك يجوز فيما يتعلق بنفسه ، فيجوز له أن يقلد غيره من العلماء إذا كانت الفتوى لنفسه ، ولا يجوز أن يقلد العالم فيما يفتي به غيره ، وهذا قول ابن بطة وغيره من أصحابنا ؛ قال القاضي : ذكر ابن بطة في مكاتباته إلى البرمكي : لا يجوز له أن يفتي بما سمع من يفتي ، وإنما يجوز أن يقلد لنفسه ، فأما أن يتقلد لغيره ويفتي به فلا .

والقول الثالث : أنه يجوز ذلك عند الحاجة وعدم العالم المجتهد ، وهو أصح الأقوال ، وعليه العمل ، قال القاضي : ذكر أبو حفص في تعاليقه قال : سمعت أبا علي الحسن بن عبد الله النجاد يقول : سمعت أبا الحسين بن بشران يقول : ما أعيب على رجل يحفظ عن أحمد خمس مسائل استند إلى بعض سواري المسجد يفتي بها .

" إعلام الموقعين " ( 1 / 37 ، 38 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 04:03   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

ما حكم ما فُعل في وقت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يطلع عليه ؟.

الجواب

الحمد لله

لعل الجزئيات إذا فُعلت ولا اطلع عليه لا تدخل في هذا ، أما الشيء الذي فشى فأصل حديث جابر : ( كنا نعزل والقرآن ينزل ) .

من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 04:05   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحديث الشريف

السؤال

لماذا يعتبر كلام النبي صلى الله عليه وسلم حجة ؟.

الجواب

الحمد لله


الحديث هو ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .

والحديث أما أن يكون مؤكداً لما في القرآن كالأمر بالصلاة و الزكاة ونحوهما أو يكون مفصلاً لما أجمل في القرآن كعدد ركعات الصلوات , وأنصبة الزكاة وصفة الحج ونحو ذلك أو يكون مبيناً لحكم سكت عنه القرآن كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في الزواج .

وقد أنزل الله القرآن على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأمره ببيانه للناس بقوله : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) النحل/44 .

وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وحي من ربه قال تعالى : ( ما ضل صاحبكم وما غوى ، وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) النجم/2-4 .

وقد بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ليدعو الناس إلى عبادة الله وحده والكفر بما سواه مبشراً بالجنة ومنذراً بالنار : ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ) الإسراء/105 .

والرسول صلى الله عليه وسلم حريص على هذه الأمة ما علم من خير إلا دل الأمة عليه وما علم من شر إلا وحذرها منه : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) التوبة/128 .

وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة إلى الناس كافة : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) الأنبياء/107 .

ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغاً عن ربه الوحي الذي أنزل عليه فقد وجبت طاعته , بل صارت طاعته طاعة لله : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) النساء/80 .

وطاعة الله ورسوله هي سبيل النجاة وطريق الفوز والسعادة في الدنيا والآخرة : ( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) الأحزاب/71 .

ومن هنا وجبت طاعة الله ورسوله على جميع الناس لأن فيها فلاحهم ونجاتهم : ( وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ) آل عمران/132 .

ومن عصى الله ورسوله فإنما يضر نفسه ولا يضر الله شيئاً : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين ) النساء/14 .

وإذا حكم الله ورسوله في أمر فليس لأحد أن يختار أو يعترض بل تجب الطاعة والإيمان بالحق : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ) الأحزاب/36 .

ولا يتم إيمان العبد إلا بمحبة الله ورسوله والمحبة تستلزم الطاعة ومن أراد أن يحبه الله ويغفر له ذنوبه فليتبع الرسول صلى الله عليه وسلم : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم , والله غفور رحيم ) آل عمران/31 .

محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ليست كلمات تردد بل هي عقيدة وسلوك تعني طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر أن لا يعبد الله إلا بما شرع .

ولما أكمل الله هذا الدين وبلغ الرسول رسالة ربه قبضه الله إلى جواره وترك الرسول صلى الله عليه وسلم الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) المائدة/3 .

وقد حفظ الصحابة رضي الله عنهم بفضل الله أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ثم جاء من بعدهم السلف الصالح فدونوها في كتب عرفت بالصحاح والسنن والمسانيد ومن أصحها صحيح البخاري وصحيح مسلم والسنن الأربع ومسند الأمام أحمد وموطأ مالك وغيرها .

وقد أكمل الله هذا الدين وما علم الرسول صلى الله عليه وسلم من خير إلا دل الأمة عليه وما علم من شر إلا حذرها منه فمن أحدث في دين الله شيئاً من البدع , والخرافات كسؤال الموتى , والطواف على قبورهم ودعاء الجن والأولياء وغير ذلك مما لم يشرعه الله ورسوله فذلك كله مردود غير مقبول كما قال عليه الصلاة والسلام : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه مسلم/1718 .

من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 04:08   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحكم بما أنزل الله

السؤال

هل يعتبر عادلاً من حكم بغير ما أنزل الله بدون أن يظلم الناس ؟.

الجواب

الحمد لله


الأمة الإسلامية أمة واحدة ذات عقيدة واحدة وشريعة واحدة , ولما كان لا بد لكل رعية من راع ولكل أمة إمام يقودها إلى الخير ويدفع عنها الشر , لذا أوجب الإسلام نصب حاكم على الأمة يختاره المسلمون يحكمهم بكتاب الله , وسنة رسول الله صلى الله عله وسلم .

وقد بعث الله رسله لإقامة شرع الله والحكم بالحق والعدل . كما قال سبحانه : ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) ص/26 .

ومهمة الحاكم حكم المسلمين بالكتاب والسنة وتطبيق العدل على الأمة كافة وإقامة الحدود ونشر الإسلام وحماية الأمة والجهاد في سبيل الله قال تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به ) النساء/58 .

والعدل أصل عظيم من أصول الإسلام , يتسع للمسلم وغيره : ( ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) المائدة/8 .

وحاكم المسلمين مسؤول عن رعيته يحكمهم بشرع الله ويتفقد أحوالهم ويأخذ بأيديهم إلى ما يسعدهم في الدنيا والآخرة قال عليه الصلاة والسلام ( ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته , فالأمير الذي على الناس راع ومسؤول عن رعيته ... الحديث ) رواه مسلم برقم 1829 .

والله خلق الناس وأنزل الوحي وبعث إليهم الرسل ليحكموهم بما أنزل الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فقد كفر كما قال سبحانه : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) المائدة/44 .

والحاكم إذا حكم بكتاب الله , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وجبت طاعته وحرمت مخالفته , أو الخروج عليه قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) النساء/59 .

وإذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله أو أمر بمعصية الله , فلا سمع ولا طاعة .. قال عليه الصلاة والسلام : (على المرء المسلم السمع والطاعة , فيما أحب وكره , إلا أن يأمر بمعصية , فلا سمع ولا طاعة ) رواه مسلم/1839 .

والحاكم أمين على الأمة يجب عليه أن يحكمهم بشرع الله ويرفق بهم وينصح لهم , فإن لم يفعل وجب نصحه فإن لم يستجب اختار المسلمون حاكماً غيره من الأتقياء الأقوياء .

وللحاكم المسلم العادل فضل عظيم ومقام كريم يوم القيامة قال عليه الصلاة والسلام : ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين , الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) رواه مسلم/1827 .

والحاكم إذا ظلم رعيته أو غشها ولم ينصح لها حرم الله عليه الجنة قال عليه الصلاة والسلام : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) رواه مسلم/142 .

وقال عليه الصلاة والسلام : ( ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة ) رواه مسلم/ ( كتاب الإمارة/22 ) .

والإسلام منهج عام لجميع الأمة فينبغي بل يجب أن يستوي جميع الأفراد في التلقي منه والعمل به والدعوة إليه والجهاد من أجله .

وقد توعد الله كل من حارب دين الله أو وقف لمن يجهر بكلمة الحق في بيوت الله أن يخزيه في الدنيا ويعذبه في الآخرة كما قال سبحانه : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) البقرة/114 .

وكل من فتن المسلمين في دينهم , أو آذاهم , أو خذلهم فهو في النار إن مات ولم يتب كما قال سبحانه : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) البروج/10 .

والصدع بكلمة الحق واجب على كل مسلم في كل زمان ومكان وقد أمر الله رسوله ببيان الحق وتكفل بحفظه من عدوه فقال سبحانه : ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ، إنا كفيناك المستهزئين ) الحجر/94-95 .

وأعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر .

والحاكم في الولايات العامة أو الخاصة مأجور إذا كان عالماً مجتهداً فإذا حكم فإن أصاب الحق فله أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة وإن أخطأ فله أجر واحد , أجر الاجتهاد كما قال عليه الصلاة السلام : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد , ثم أصاب فله أجران , وإذا حكم فاجتهد , ثم أخطأ فله أجر ) أخرجه مسلم/1716 .

من كتاب أصول الدين الإسلامي تأليف الشيخ محمد بن إبراهيم التويجري









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-16, 04:11   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجوز للمسلم اختيار القول الأسهل من أقوال العلماء

السؤال

عندما يكون هناك خلاف بين العلماء حول مسألة ما, أسمع الكثيرين من الناس يقولون: "حسنا, بما أن في المسألة خلاف, فسأختار أسهل الآراء بالنسبة لي". فهل هذا الفهم صحيح؟

إذا كان الجواب بلا, فكيف يمكن للشخص أن يختار رأيا ليأخذ به في الأمور الخلافية؟.


الجواب

الحمد لله


ليس بصحيح أن يختار المسلم أسهل الأقوال ، لأنه بهذه الطريقة يتنصَّل من التكاليف الشرعية أو جُلِّها ، لأنَّ أغلب المسائل العلمية مختلفٌ فيها سوى الأركان ، وقديماً قالوا _ من تتبع الرخص فقد تزندق _ وعلى الشخص أن يختار من أقوال العلماء أرجحها من حيث الدليل إن كان أهلاً للنظر والموازنة ، وإن لم يكن فعليه أن يُقلِّد أوثق العلماء في نفسه علماً ، وديناً ، وورعاً .

الشيخ عبد الكريم الخضير









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc