الأحاديث صحيحة ؛ لكنها خارج نطاق الدعوى التي ادعاها هذا الصوفي الضال !
ذلك ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام - كما في نص الحديث - لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي ؛ وفي نص حديث هذا الضال عبارة ( وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ مَعَهُ جِبْرِيلَ ) وهي قاطعة بأن جبريل عليه السلام هو الذي يخبره عن الأمور الغيبية بأمر الله تعالى وتعليمه لجبريل ؛ وهذا نص الحديث :
عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:
خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ ، وَهُوَ غَضْبَانُ ، وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ مَعَهُ جِبْرِيلَ ، قَالَ : فَمَا رَأَيْت يَوْمًا كَانَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مُتَقَنِّعًا مِنْهُ ، فَقَالَ : سَلُونِي ، فَوَاللهِ لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ ، قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ , أَفِي الْجَنَّةِ أَنَا أَمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ : لاَ , بَلْ فِي النَّارِ ، قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ آخَرُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ , مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : أَبُوكَ حُذَافَةُ ، قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ آخَرُ ، فَقَالَ : أَعْلَيْنَا الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ ؟ قَالَ : لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ , وَلَوْ وَجَبَتْ مَا قُمْتُمْ بِهَا , وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا لَهَلَكْتُمْ ، قَالَ : فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً , يَا رَسُولَ اللهِ , كُنَّا حَدِيثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ , فَلاَ تُبْدِ سَوْآتِنَا ، وَلاَ تَفْضَحْنَا بِسَرَائِرِنَا ، وَاعْفُ عَنْا عَفَا اللَّهُ عَنْك ، قَالَ : فَسُرِّيَ عَنْهُ ، ثُمَّ الْتَفَتَ نَحْوَ الْحَائِطِ ، فَقَالَ : لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ, رَأَيْت الْجَنَّةَ وَالنَّارَ دُونَ هَذَا الْحَائِطِ .
وفي رواية : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ غَضْبَانُ ، فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ : لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ الْيَوْمَ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ ، وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ جِبْرِيلَ مَعَهُ ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا كُنَّا حَدِيثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ، مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : أَبُوكَ حُذَافَةُ ، لأَبِيهِ الَّذِي كَانَ يُدْعَى ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا كُنَّا حَديثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ، فَلاَ تُبْدِ عَلَيْنَا سَوْآتِنَا ، قَالَ : أَتَفْضَحُنَا بِسَرَائِرِنَا ، فَاعْفُ عَنَّا عَفَا اللَّهُ عَنْكَ ، رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، قَالَ : فَسُرِّيَ عَنْهُ ، ثُمَّ نَظَرَ ، فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، إِنَّهَا عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ دُونَ الْحَائِطِ ، فَمَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ مُقَنَّعًا مِنْ يَوْمِئِذٍ.
- وفي رواية : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ ، أَوْ مَرَّةً ؟ فَقَالَ : مَرَّةً , أَوْ كَلاَمٌ نَحْوَ هَذَا.
- وفي رواية : قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ ؟ قَالَ : لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا ، وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا عُذِّبْتُمْ.
أخرجه ابن ماجة 2885 قال : حدَّثنا مُحَمد بن عَبْد الله بن نُمَيْر ، حدَّثنا مُحَمد بن أَبي عُبَيْدَة ، عن أبيه , عن الأَعْمَش ، عن أَبي سُفْيان ، فذكره.
وأصله في ( صحيح البخاري ) برقم ( (6362) ومسلم برقم ( 6198) .
والحديث الثاني : صحيح كذلك ؛ وهو في البخاري ؛ وتوجيهه كتوجيه الذي قبله تماماً .
وأما الحديث الثالث : فضعيف ؛ فيه أسامة بن زيد الليثي ؛ وهو ضعبف : أخرجه أبو داود (4243) قال : حدَّثنا مُحَمد بن يَحيى بن فارس ، قال : حدَّثنا ابن أَبي مَرْيَم ، قال : أخبرنا ابن فَرُّوخ ، قال : أخبرني أُسَامة بن زَيْد ، قال : أخبرني ابنٌ لقَبِيصَة بن ذُؤَيْب ، عن أبيه ، فذكره.
والجواب عنه - لو صح - كالجواب عن غيره .
والحديث الرابع : حديث اختصام الملأ الأعلى صحيح ؛ والجواب كالجواب ؛ وبزيادة لا بد منها ؛ وهي أن ما علمه النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث هو مما شاء الله تعالى أن يطلعه عليه .
أما كلام الصحابي الأخير والشعر ؛ فلا يصح الحديث ؛ فإنه من مرسلات أو معضلات ابن إسحاق في ( السيرة ) !
ولو صح هذا ؛ فيكون كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لتلك المرأة التي قالت :
( وفينا نبي يعلم ما في غد ) !
والأخرى التي قالت :
وأهدي لها أكبش يبحبحن في المربد
وحبك في النادي ويعلم ما في غد
فقال لها : لا يعلم ما في غد إلا الله . وقال للأخرى : ( دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين ) .
و جزى الله خيرا من اعانني على معرفة صحة هده الاحاديث
و الحمد لله من قبل و من بعد