![]() |
|
قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية .. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() تشريف الإسلام للمرأة الكتاب: دروس الشيخ سيد حسين العفاني المؤلف: أبو التراب سيد بن حسين بن عبد الله العفاني مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية https://www.islamweb.net [ الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - 58 درسا] المرأة وعلو الهمة المرأة مصنع الرجال، ومنبع الأبطال، فبصلاحها يعم الخير الكثير، وبفسادها ينتشر الشر الوبيل، كيف لا تكون كذلك وهي الأم المربية، والأخت الناصحة، والزوجة المرشدة، والبنت الطائعة. وفي التاريخ الإسلامي الكثير والكثير من النماذج المشرقة لنساء صالحات مرشدات تائبات قانتات، أصلحن علاقتهن مع خالقهن ومع كل من حولهن. (1/1) تشريف الإسلام للمرأة المرأة نصف الأمة، ثم هي تلد لها النصف الآخر، فهي أمة بأسرها، يقول الشاعر وهو الشيخ يوسف القرضاوي: يا درة حفظت بالأمس غالية واليوم يرجونها للهو واللعبِ هل يستوي مَن رسول الله قائده دوماً وآخر هاديه أبو لهب وأين من كانت الزهراء أسوتها ممن تقفت خطا حمالة الحطب أختاه لست بنبت لا جذور له ولست مقطوعة مجهولة النسب أنت ابنة العُرْب والإسلام عشت به في حضن أطهر أم من أعزّ أبِ فلا تبالي بما يلقون من شُبه وعندك العقل إن تدعيه يستجب سليه من أنا ما أهلي لمن نسبي للغرب أم أنا للإسلام والعرب لمن ولائي لمن حبي لمن عملي لله أم لدعاة الإثم والكذب وما مكانيَ في دنيا تموج بنا في موضع الرأس أم في موضع الذنب هما سبيلان يا أختاه ما لهما من ثالث فاكسبي خيراً أو اكتسبي سبيل ربك والقرآن منهجه نور من الله لم يحجب ولم يغب في ركبه شرف الدنيا وعزتها ويوم نبعث فيه خير منقلب فإن أبيتِ سبيل الله فاتخذي سبيل إبليس رأس الشر والحرب إن ضياع الأمة الإسلامية قديماً وحديثاً كان بسبب المرأة، فهذه إيزابيلا زوجة فرديناند ملك إسبانيا، أسقطت حكم المسلمين في إسبانيا يوم أن كان آخر خلفاء المسلمين اسماً على مسمى: أبو عبد الله الصغير. فأضاع ملك المسلمين نظير أن يكون ملكاً من قبل فرديناند ملك إسبانيا، ويكون الملك لبنيه ولأحفاده من بعده، هناك رواية التاريخ الأسباني تسمى: إيزابيلا صاحبة القميص العتيق، فالأسبان يمجدون هذه المرأة التي أقسمت ونذرت ألا تخلع قميصها الداخلي، وألا تهنأ بزوج حتى يسقط ملك المسلمين من إسبانيا، وكان لها ما أرادت. ويوم أن أخرجت أبو عبد الله الصغير من ملكه في قصر الحمراء بكى أبو عبد الله كالصغار، فقالت له أمه عائشة: ابك كالنساء، ملكاً لم تحافظ عليه مثل الرجال. والمرأة التي أذاقت المسلمين في العصر الحديث الويلات، والتي ثأرت لدينها ولبني قومها باحتلال أرض العرب والمسلمين، هي غولدا مائير، وقد قال عنها بن غريون في مذكراته: سيذكر التاريخ يوماً من الأيام أن امرأة طافت أوروبا وأمريكا وجمعت ملايين الدولارات؛ من أجل إقامة إسرائيل، وسيذكر التاريخ أن غولدا مائير هي الرجل الوحيد في إسرائيل. (1/2) عناية الإسلام بالمرأة إن المرأة أمرها عظيم؛ لذا فقد شرفها الإسلام وكرمها، وجعلها هي والرجل من أصل واحد، فقال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء:1]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال)، وساوى الله تبارك وتعالى بين الرجل والمرأة في العمل وفي الأجر فقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء:124]، وقال تبارك وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97]. فالإسلام هو الذي شرف المرأة، ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والجار الصالح، والمركب الهنيء)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)، والطيب لا يحب إلا الطيب، يقول عليه الصلاة والسلام: (جعلت قرة عيني في الصلاة)، فيابن آدم! خل بينك وبين سيدك وداً وصلة تدخل عليه أنى تشاء. ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من الطيبات المرأة، ثم ذكر الطيب، ثم ذكر الصلاة، فجمع المرأة إلى الطيبات، إلى الطيب وإلى الصلاة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قلب شاكر، ولسان ذاكر، وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك، خير ما اكتسبه الناس). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل نفس من بني آدم سيد، فالرجل سيد أهله، والمرأة سيدة بيتها). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً). وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يوصيكم بالنساء خيراً). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة). وقال صلى الله عليه وسلم: (خياركم خياركم لنسائهم)، وقال صلى الله عليه وسلم: (خياركم خيركم لأهله). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي). وقال الأديب الرافعي: النساء منجم السعادة، فرجل واحد لا يكاد يمد يده حتى يضعها على الجوهرة المشرقة، ومائة رجل يغربلون حصى شارع؛ ليجدوا فيها جوهرة تلمع فما يجدونها. ولذلك المرأة لزوجها رزق من الله تبارك وتعالى، يقولون: كم من امرأة جميلة تراها أصفى من السماء، مثل النسيم العليل، ثم تثور يوماً فلا تدل ثورتها على شيء إلا كما يدل المستنقع على أن الوحل في قاعه، الخبيثات للخبيثين كما إن الطيبات للطيبين. قيل لأرض حصيبة -أرض ملؤها الحصى نكدة -: ما تشتهين أن يكون زوجك لو كنت امرأة؟ فقالت: الفأس، أي: حتى تقطعها من رأسها. وقال مصطفى صادق الرافعي أديب الإسلام يرحمه الله: المرأة ريحانة بيتها، إذا ضاقت الدار فلم تتسع فلم لا تتسع النفس التي فيها؟ المرأة وحدها هي الجو الإنساني لدار زوجها، فواحدة تدخل الدار تجعله روضة نضرة متروحة ساكنة، وإن كانت الدار قحطة ليس فيها كبير شيء، وامرأة أخرى تدخل الدار فتجعله مثل الصحراء، برمالها وقيظها وعواصفها، وإن كانت الدار في رياشها ومتاعها كالجنة السندسية، مثلما قال الحطيئة لأمه وزوجته: أغربالاً إذا استودعت سراً وكانوناً على المتحدثينا إنما تكون المرأة مع رجلها من أجله؛ لأنه زوجها، ومن أجل الأمة، فعليها حقان لا حق واحد، أصغرهما كبير، ولو إن المرأة عاشت بهذه الذات فإنها نصف الأمة، فإن أخبرها زوجها تقول: أعيش من أجل الجماعة الكبرى، فتكون المرأة مع رجلها من أجله ومن أجل الأمة معاً، فعليها حقان لا حق واحد أصغرهما كبير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يصلح للبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده! لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد، ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه) والحديث صحيح. فالإسلام العظيم كرم المرأة حين وضعتها الجاهلية الخبيثة القديمة، والجاهلية الحديثة في الحضيض. (1/3) إهانة الجاهلية الحديثة للمرأة في أمريكا في السبعينات كانت هناك إحصائية رسمية طلبت من المكتب الرسمي للإحصائيات، فقالوا: إن في أمريكا عشرين مليون لقيط، وكان ساعتها عدد أمريكا مائتين مليون، يعني: كان في أمريكا كل واحد من عشرين ابن حرام، هذا في السبعينات أما في هذا الوقت فكيف؟! وأيضاً في الثمانينات عملوا إحصائية، وجدوا فيها أن 46% من النساء يمارسن السحاق، وهذا في سنة ستة وثمانين. ورصدوا إحصائية: أن كثيراً من النساء يرضعن أولادهن مع الحليب المخدرات، من أجل أن ينام الطفل؛ حتى أصيب الأطفال الرضع بالإدمان، وهذا من كلامهم. كما أباحت الكنائس في أوروبا وفي أمريكا أن يتزوج الرجل بأمه وبأخته!! يقول الشيخ عبد الله عزام رحمه الله في كتابه مستقبل الإسلام: كنت أحتفظ في جيبي دائماً بصورة شاب في العشرين من عمره، وقد تزوج جدته وهي في السبعين من عمرها، في قرية بالقرب من لوس أنجلوس. فهذه الحضارة الأوروبية النكدة، وهذا ما يريدون للمرأة، علاوة على نوادي العراة، وحفلات الشذوذ الجنسي الجماعي، وتبادل الزوجات. ووجدوا أن من أخطر المجرمات في أمريكا عشر من النساء، ثلاث منهن من رائدات التحرر المثالي. (1/4) صور من إكرام الإسلام للمرأة الإسلام العظيم كرم المرأة حين صور بيتها تصويراً بديعاً يشع منه التعاطف والندى، ويفوح منه العبير. أي تكريم للمرأة فوق أن يسمي الله عز وجل سورة من كلامه في القرآن باسم النساء؟ وسورة أخرى باسم امرأة وهي مريم البتول رضي الله عنها؟! وأي تكريم للمرأة أجل من أن القرآن كان ينزل في مخدع عائشة؟! أي تكريم أعلى من أن الله ينزل قرآناً في براءة امرأة كما قالت: وبرأني الله من فوق سبع سماوات، وهي الصديقة بنت الصديق؟! أي تكريم أجل من أن يتولى الله بنفسه تزويج امرأة، وهي زينب بنت جحش فكانت تفتخر على أمهات المؤمنين فتقول: زوجكن آباؤكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات؟! فلا التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال وأكمل النساء تلك التي تنظر إلى الدنيا بعين متلألئة؛ بنور الإيمان، تقر في كل شيء معناه السماوي، فهذه المرأة كالمعبد، وكالقوة المسعدة لزوجها، فالمرأة الحق هي تلك التي خلقت لتكون خلف الرجل، مادة الفضيلة والصبر والإيمان تكون له إلهاماً وعزاء وقوة، وزيادة في سروره ونقصاً من آلامه، ولن تكون المرأة في الحياة أعظم من الرجل إلا بشيء واحد، وهي أن تجعل زوجها أعظم منها، فنحن لا نعرف اسم زوجة الشافعي، ولا زوجة البخاري، ولا من تكون أم سفيان الثوري، فهذه المرأة وأمثالها اختفت خلف زوجها وصنعت منه رجلاً عظيماً. (1/5) علو الهمم عند النساء تعال إلى علو الهمة لنحلق في آفاق عالية، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل في بيوتنا حظاً من هذه الهمة العالية. العلماء عندما يقارنوا بين السيدة خديجة وبين عائشة رضي الله عنهما يقولون: إن خديجة أفضل؛ لأن الله تبارك وتعالى سلم بنفسه عليها فقال: (أقرئ خديجة من ربها السلام)، أما عائشة فقد سلم عليها جبريل، يعني: الأولى سلم الله عليها بنفسه، وبلغها ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه سلم عليها جبريل فقط. فمن أمثلة علو الهمة عند النساء: (1/6) علو همة امرأة فرعون زوج فرعون مثال عال للاستعلاء على عرض الدنيا النتنة، فحينما تطل بكبرياء أهل الجنة على زخرف الأرض وتقول: لا أريده، قال الله تبارك وتعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنَ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم:11]، فهي لم يصدها طغيان الكفر الذي تعايشه في قصر فرعون عن طلب النجاة من ربها؛ وإنما تبرأت من قصر فرعون طالبة من الله بيتاً في الجنة، ولما حرمت من السكن في دار الدنيا تبرأت من صلتها بفرعون، وتبرأت من عمله، وخافت أن يلحقها شيء لأنها ألصق الناس به، وتبرأت من قوم فرعون وهي تعيش بينهم، فهذه المرأة السيدة الكاملة مثل للاستعلاء على عرض الدنيا في أبهى صوره، فلقد كانت امرأة فرعون الذي كان أعظم ملك في الأرض يومئذ، وكانت في قصره الذي يمثل أمتع مكان تجد فيه المرأة ما تشتهيه، فاستعلت على هذا بالإيمان وحده، واعتبرته شراً ودنساً وبلاء تستعيذ بالله منه، وطلبت النجاة منه. وهي امرأة واحدة في مملكة عريضة قوية، وهذا فضل آخر؛ فالمرأة أشد شعوراً بوطأة المجتمع وبتطوراته، وهذه المرأة كانت وحدها في وسط هذا المجتمع الكافر العريض، في وسط ضغط القصر وضغط الملك، وضغط الحاشية، والمقام الملوكي، ففي وسط هذا كله رفعت رأسها إلى السماء وحدها في خضم هذا الكفر الطاغي. وهي نموذج عال في التجرد لله عز وجل من كل هذه المؤثرات، ومن كل هذه الأواصر والمعوقات، ومن ثم استحقت أن تذكر في كتاب الله الخالد، الذي تتردد كلماته في جنبات النفوس. فهي امرأة عظيمة بحق، يذكرها الله عز وجل في كتابه العظيم. عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام). وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حسبك من نساء العالمين بأربع: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد رضي الله عنها). (1/7) علو همة مريم البتول ومريم البتول رضي الله عنها رمز للتجرد لله تبارك وتعالى وكمال العبادة، قال الله تبارك وتعالى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:37]، فقد كانت ولية من أولياء الله تبارك وتعالى، تأتيها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف. والكرامة ثابتة عند أهل السنة والجماعة للصالحين من عباد الله تبارك وتعالى. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه، إلا مريم وابنها)؛ ولذا قال الله عز وجل: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} [آل عمران:37]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان؛ فيستهل صارخاً من نخسة الشيطان، إلا ابن مريم وأمه). (1/8) فضل أم المؤمنين خديجة ولو لم يكن للنساء من فضل في هذه الأمة إلا أن أول مسلم كانت خديجة بإجماع المسلمين كما قال ابن الأثير، وأول شهيد في الإسلام سمية أم عمار. قال ابن الأثير: خديجة أول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين. ويقول سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم: (خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب)، ومعنى: (من قصب) أي: من عيدان اللؤلؤ، وعيدان اللؤلؤ مستقيمة مستوية، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (لا صخب فيه ولا نصب)، وكذا كل بيوت الجنة، كما قال الله عز وجل: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا} [الواقعة:25 - 26]، ولكن ينص النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الخاصية في بيت خديجة بالذات، وقد بشر عليه الصلاة والسلام خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب؛ وذلك لما دعاها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أجابته خديجة طوعاً، ولم تحتج إلى منازعة ولا تعب في ذلك، بل أزالت عن النبي صلى الله عليه وسلم كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه كل عسير، كما قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس). وهي التي واست النبي صلى الله عليه وسلم، وآزرته وقالت له: (أبشر فوالله! لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الحق)، فهي خاصية من جمل الخصائص التي تميزت بها السيدة خديجة على باقي أمهات المؤمنين! وما عارضت النبي صلى الله عليه وسلم في أمر، وهناك من يقول: الأولى للداعية أن يتزوج داعية أو عالمة فإن لم تتحل بالورع فستجعل حياته نكداً، فعندما يقول لزوجته الفقيهة -مثلاً- قال الشافعي أو قال مالك، فستقول له: أنا على رأي الأحناف، فإن لم يرزقها الله عز وجل ورعاً ستشعل بيته حريقاً. ولكن عندما تكون لا تعرف إلا أعمال البيت، وتصلي خمسها، وتصوم شهرها، وتحفظ فرجها، وتكون ذاكرة عادلة فهذا خير لها ولزوجها، فأنت لا تريد من المرأة إلا أن تحسن التبعل لك، فلا ترفع صوتها على صوتك، وأحلى وأعطر كلمة تقولها المرأة لزوجها: يا سيدي، تعطر بها فمها وتنال بها رضا ربها. فقد كانت رابعة بنت إسماعيل الشامية إذا طبخت قدراً من الطبيخ تقول لزوجها: كله يا سيدي، فوالله! ما نضج إلا بالتسبيح. وأم الدرداء كانت إذا ذكرت زوجها بعد موته، تقول: حدثني سيدي أبو الدرداء. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو تعلم المرأة حق الزوج لم تقعد ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ منه)، فنحن نقول: لو أن المرأة تعلم حق زوجها فسيكون عندها شيئاً كبيراً عظيماً، هو سيدها فلو أقرت لزوجها بالأمر هذا سيكون البيت أجمل ما يكون، ولو نظرت إلى زوجها وكأنه أقل منها في شيء فسيكون البيت دماراً. ونحن نعرف امرأة حاصلة على الدكتوراة في العلوم الشرعية، وهي متزوجة من مكنيكي لا يعرف إلا الصامولة ونحوها، ولكنه ملتزم، وبرغم هذا فهي من أسعد الزوجات وزوجها من أسعد الأزواج. فلا يصح أن تنظر المرأة لزوجها بعين النقص فتجعل البيت شجاراً ودماراً. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يركز على هذه النقطة فبشر خديجة ببيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. (1/9) صبر وتوكل هاجر والمرأة عظيمة في توكلها على الله عز وجل، فهذه أم إسماعيل زوج الخليل إبراهيم، لما أتى بها سيدنا إبراهيم إلى جبال فاران موضع مكة الآن، وهي لا ترى إلا رمال الصحراء، وهديرها الكالح، فتقول: يا إبراهيم! آلله أمرك بهذا؟ يقول: نعم، تقول: إذاً فلن يضيعنا. وهذا ليس بكلام عفوي، أي: يخرج تلقائياً، فلو لم يكن عندها يقين لما تركته يذهب، فهي تعلم - إن لم يكن عندها يقين بربها - أن في ذهابه موتها، فهو لمن سيتركها ورضيعها في الصحراء؟ ليس عندها إلا تمر، وجراب من ماء فقط، لكنها قالت له: اذهب؛ لأنه بقي عندها الزاد العظيم من التوكل، ولكنه بالله تبارك وتعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل)، أي: بطول الأمل. ولما ظلت تلهث بحثاً لرضيعها عن الماء سمعت صوتاً، فقالت لنفسها: صه، وكأنها تسمع نفسها، ثم قالت: أغث إن كان عندك غوث، وهنا تبدا لها جبريل أمين وحي السماء، وقال لها: من أنت؟ قالت: أنا أم إسماعيل وزوج إبراهيم، قال: إلى من وكلكما؟ قالت: إلى الله، فقال لها: وكلكما إلى خير كاف، لا تخشي الضيعة، إن الله لا يضيع أهله. (1/10) صبر ويقين أم موسى وأم موسى كان اليقين يملأ قلبها بما عند الله تبارك وتعالى، قال الله عنها: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} [القصص:10] أي: من كل شيء إلا من محبة ابنها فقد ملأت شغاف قلبها، وبرغم هذا ألهمها الله عز وجل بقوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} [القصص:7]، ومعلوم أن المرأة إذا خافت على ولدها تضمه إلى صدرها، فما بال أم موسى تلقيه إلى البحر؟! وذلك ليقينها بما عند الله عز وجل، فهي مثل عال في اليقين، وفي التوكل على الله عز وجل، وفي الثقة به سبحانه وتفويض الأمر إليه، وقال بعضهم: لا تدبر لك أمراً فأولوا التدبير هلكى سلم الأمر تجدنا نحو أولى بك منكا (1/11) فضل فاطمة بنت رسول الله وفاطمة عليها السلام، البضعة النبوية والجهة المصطفوية، يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية)، كانت رضي الله عنها تدير الرحى حتى ظهرت في يدها وفي كفها الثآليل - الفقاقيع - وحتى تأثرت يداها وأثرت الرحى في صدرها، وكانت تستعين على خدمة البيت بالتسبيح. وعن الشعبي رحمه الله أنه قال: لما مرضت فاطمة أتى أبو بكر فاستأذن، فقال علي: يا فاطمة! هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحب أن آذن له؟ فقال: نعم -قال الذهبي: عملت السنة رضي الله عنها، فلم تأذن في بيت زوجها إلا بأمره- قال: فأذنت له، فدخل عليها يترضاها، وكان هذا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، حتى رضيت. والإسناد صحيح. وكان مهرها درع علي الحطمية، ومن من النساء الآن تقبل هذا؟! فكيف نريد دولة إسلامية، أو خلافة على منهاج النبوة، ولا يوجد من النساء من تقبل هذا؟! قال: كان مهرها درع علي الحطمية، أهديت إليه، ومعها خميلة، ومرفقة من أدم حشوها من الليف، وقربة، ومنخل، وقدح، ورحى، وجرابان، ولم يكن لها فراش غير جلد كبش، ينامان عليه بالليل وتعلف عليه الناضحة بالنهار، والناضح يعني: الإبل التي تحمل الماء. وهي من هي، فهي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كنست وطحنت وأثرت الرحى في صدرها، واستعانت على خدمة البيت بالتسبيح، كما وصاها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن الجوزي: تالله! ما ضرها ذلك. أذهب الله عنها وعن سائر بيتها الرجس، وطهرها تطهيراً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويكرمها ويسر إليها، وكانت صابرة على شظف العيش مع زوجها علي رضي الله عنه، دينة خيرة صينة قانعة شاكرة لله. عن أبي البحتري: قال علي لأمه: اكفي فاطمة الخدمة خارجاً، وتكفيك هي العمل في البيت أي: من العجين والخبز. ونساءنا اليوم لا يعرفن الطحن أو الخبازة والعجين، بل لا يعرفن ما هو العجين، ولا ما هو الخبز، فليحمدن الله عز وجل على ذلك. وتجد المرأة في الستين من عمرها وهي تقول لمن هن دونها في السن: احمدن الله عز وجل، فأنتن في كامل الراحة، فاجعلوا بيوتكن جنات لأزواجكن، يكفي شظف العيش الذي يلاقيه الرجال. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نزل ملك من السماء فاستأذن الله أن يسلم علي لم ينزل قبلها، فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة)، وكل الأحاديث التي ذكرتها ذكرها الشيخ الألباني في صحيح الجامع. وكان الإمام أحمد إذا سئل عن علي وأهل بيته، قال: أهل بيت رسول الله لا يقاس بهم أحد. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة من فاطمة، إلا أن يكون الذي ولدها، يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1/12) قبسات من حياة أم المؤمنين عائشة أما الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجة نبينا في الدنيا والآخرة، الفقيهة الربانية، مات عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أقام معها تسع سنوات، وحين مات صلى الله عليه وسلم ما كانت قد بلغت بعد السنة التاسعة عشرة يعني: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم كان سنها ثماني عشرة سنة، على أنها ملأت أرجاء الدنيا علماً، فقد وعت من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما لم تعه امرأة من نسائه، وروت عنه ما لم يرو مثلها أحد من الصحابة إلا أبو هريرة وعبد الله بن عمر. قال الإمام الذهبي: لا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها. نشهد أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، وما نزل الوحي إلا والنبي صلى الله عليه وسلم في لحاف عائشة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها). وكانت رضي الله عنها من أنفس الناس رأياً في أصول الدين، ودقائق الكتاب المبين، وكان لها الاستدراكات العظيمة على الصحابة، فإذا علموا ذلك منها رجعوا إلى قولها. يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: ما أشكل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً. وقال مسروق: رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض. وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس. وقال الزهري: لو جمع علم الناس كلهم وعلم أمهات المؤمنين، لكانت عائشة أوسعهم علماً. ويبلغ مسند عائشة رضي الله عنها (2210) أحاديث. ولما ذكر الإمام ابن حزم أسماء الصحابة الذين رويت عنهم الفتاوى في الأحكام، على كثرة ما نقل قدم عائشة على سائر الصحابة في نقل الفتاوى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروت عائشة من جملة صحيح البخاري ومسلم مائتين ونيفاً وتسعين حديثاً، وحمل عنها ربع الشريعة بأكملها. قال عروة بن الزبير: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بخطب ولا بشعر من عائشة. يقول أيضاً: لقد صحبت عائشة -وهي خالته- فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآية نزلت، ولا بفريضة، ولا بسنة، ولا بشعر، ولا أروى للشعر، ولا بيوم من أيام العرب -أي: تاريخ العرب- ولا بنسب، ولا بقضاء منها. فهذا فضل عائشة رضي الله عنها. (1/13)
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
tags |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc