مشكلة نظريات المؤامرة التي تتعلق بالمنظمات السرية و الحكومات الخفية و الخطط الشريرة أنها كثيرة , و كل شخص يحبك لنا سيناريوهات مثيرة و مدهشة و متناقضة مع بعضها و كل طرف على يقين ان ما يقوله هو الحقيقة الخطيرة التي اكتشفها بعقله الجبار . مسلسل القادمون , عمران حسين , جماعات تتهم الماسونية و اخرى المتنورون و اخرى تقحم بسكان الفضاء و نظريات شيعية و اخرى سنية و اخرى تغوص في عالم الجن و الشياطين و مواضيع كثيرة متناقضة و متشاكسة و متهافتة و لا تقوم على أي دليل و بيان غير الخيال الجامح الذي ينتقي و يقص و يزيد و ينقص و لا يشك لا يتراجع . و هذه من أعراض مرضى الوهم , حيث تتحول الخيالات في طرفة عين إلى حقائق ثابته تبنى عليها نظريات يؤمن بها صاحبها و ثلة قليلة من هواة الغرائب و العجائب . أما في الواقع فهذا النمط من التفكير لا يجد له مساحة في الاوساط العلمية الرصينة و النقدية لأنه ينهار بسهولة اما اول نقد جدي . و المشكلة اكبر عندما يحاول احدهم ان يجمع كل تلك النظريات في نظريو واحدة جامعة كما تحاول ان تفعل انت .
عودة لكلام الدكتور عمر عبد الكافي . و هو يقول كلام لا يدخل لعقل أبسط إنسان مفكر . يقول الدكتور أن كاتبا معينا اجرى دراسة و بحثا فتوصل إلى ان الحروب تندلع بسبب ايدي خفية و مؤامرات و ان هذه المؤامرات تقودها جماعة النورانيين . و لو كان الدكتور يقرأ لعَلِمَ ان النظريات في تفسير الحروب كثيرة و فللحروب اسباب إقتصادية و عرقية و دينية و قومية و قد تكون حروبا أهلية بين الإخوة و قد تكون حروب خلافة و قد تكون حروب إحتلال و توسع و بسط نفوذ و تموقع و غيرها من الاسباب و العاومل التي تعج بها كتب علم التاريخ و علم الإجتماع . ثم ماذا عن حروب البابليين و الأشوريين و المصريين و الحثيين و حروب الأخمينيين و حروب الإسكندر المقدوني و حرب البيلوبينيز بين أثينا وإسبرطة و الحرب البونية بين روما و قرطاج و حروب روما التوسعية و حروب القبائل الجرمانية و حروب الممالك الصينية القديمة و حروب أشوكا الهندي و حروب البارثيين و الساسانيين مع روماو بيزنطة و حرب البسوس و داحس و الغبراء و الفتوحات الإسلامية و الغزو المغولي , غيرها من الحروب التي لا يمكن إحصائها . هل هذه كلها حروب إندلعت بسبب مؤامرات و تخطيط محكم من اليهود أو جماعات سرية . . . هل غاب هذا الواقع عن الدكتور , ليقول ان الواقع يؤكد كلامه ؟؟؟
الا ترى أنه يمكن دحض فرضيات المؤامرة بكل بساطة عندما ننظر للواقع نظرة عامة بدل التركيز على جزء بسيط منه .