في العادة، تتحوّل شخصيات و حوادث إلى مادة إعلامية دسمة، تتناولها الأقلام الصحافية و تعرضها برامج (التوك شو)، حرصاً على تقديم مادة مُثيرة للمتلقّي.. لكن، أن يتحوّل بلد بعينه إلى مادة إعلاميّة عبرَ تخصيص قناة خاصة به؟ هذا ما يحملنا للسؤال.
بعد روتانا، التي خصخصت أقطار الدول العربية وقسّمتها إعلامياً بين خليجية ومصرية و ربّما (شاميّة) لا نعلم.. أتت قناة من المفترض أنها لكل العرب، أي الأم بي سي لتحذو حذو مجموعة روتانا ، وتُعلن عن إفتتاح قناة جديدة، هي (أم بي سي مصرية)
دونَ شك، أنّ مصر، بمشاكلها و تحوّلاتها و وسع قضايا وتداخل حيثيات المجتمع المصري وتفاصيله، تستحق أكثر من قناة، ليس قناة واحدة.. إنّما ما الّذي ستقّدمه القنوات العربيّة للمشاهد المصري مقارنةً بقنوات، دريم، الحياة، النهار و غيرها من القنوات المصرية الرائدة اليوم..؟ هل تقدّم مصر بصورة مختلفة للمشاهد المصري؟ أم تنلقها إلى عين المشاهد العربي؟ هل المشاهد المصري جاهز لأن يرى مجتمعهُ بعين جاره الخليجي؟ (أي روتانا و الأم بي سي)؟ ما تأثير ذلك على اللعبة السياسيّة التي يشترك فيها الإخوان العرب في منزل الأخ المنكوب؟
أسئلة كثيرة، تحتاج لنقاش موسَّع، لكن، ما يبدو جليّاً أن تجربة القناة المتخصصة بالشأن المصري، تجربة مكرّرة، شاءت الأم بي سي أم أبَت.. إستقطبت إليها الإعلامية وفاء الكيلاني، التي قيل أنها قدّمت نوّرت بشكل مؤقت بسبب تأجيل إنطلاقة القناة المصرية في حينها.. ومن ثمَّ نسمع عن مناوشات و دعاوٍ قضائية بين قناة دريم و الإعلامية منى الشاذلي التي قرّرت الإنتقال للأم بي سي قبل إنتهاء عقدها مع دريم.. وبالتالي.. وفاء الكيلاني ومنى الشاذلي والأم بي سي مصرية في كفّة.. و الإعلامية هالة سرحان و روتانا مصرية في كفّة ثانية .. كفّة مَن ستُرجّح يا ترى ؟ ومَن مِن الإعلاميين المصريين يعمل فعلاً لصالح بلده، أم تستهويهم العروض الخليجية؟ أين هُم من المشاهد المصري، أيتجاوز بحبه لهم، حب، عمرو أديب ومحمود سعد.. نعود للأسئلة دوماً.. والإجابات، لن ننتظرها إلاّ من أصحابها، ستكون مجرَّد تصريحات تحكمها عقود.. لأنّ العارف بمتاهات اللعبة الإعلامية، لا تتجاوز لديه إعتبارها تصريح..(الشمس ساطعة والناس قاشعة).. ومصر أم الدنيا، أمسَت إبنة التاجر والمموّل بقضاياها ومشاكلها وإبنة المُعلن الطامع بـ 80 مليون مُشاهد، ليس أكثر.. متى تعود؟ لا أحد يعلم؟ وإن عادت، فإنّا غائبون..غائبون حقاً!