فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 27 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-03-02, 18:58   رقم المشاركة : 391
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تفسير قول الله تعالى : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )


السؤال

قال الله تعالى : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) . فما المقصود بأهل الذكر ؟

وهل تقتصر فقط على أهل العلم بالدين ، أم هي عامة تشمل أهل كل علم من علوم الدين و الدنيا ؟


الجواب


الحمد لله:

قال الشيخ السعدي رحمه الله

في تفسير قوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) :

"يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا

أي: لست ببدع من الرسل، فلم نرسل قبلك ملائكة ، بل رجالا كاملين ، لا نساء . نُوحِي إِلَيْهِمْ من الشرائع والأحكام ما هو من فضله وإحسانه على العبيد

من غير أن يأتوا بشيء من قبل أنفسهم، (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) أي : الكتب السابقة (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) نبأ الأولين ، وشككتم : هل بعث الله رجالا ؟

فاسألوا أهل العلم بذلك ، الذين نزلت عليهم الزبر والبينات ، فعلموها وفهموها، فإنهم كلهم قد تقرر عندهم أن الله ما بعث إلا رجالا يوحي إليهم من أهل القرى .

وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل. فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث ، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم

حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة، فدل على أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله، وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم، والاتصاف بصفات الكمال.

وأفضل أهل الذكر أهل هذا القرآن العظيم، فإنهم أهل الذكر على الحقيقة، وأولى من غيرهم بهذا الاسم

ولهذا قال تعالى: وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ أي: القرآن الذي فيه ذكر ما يحتاج إليه العباد من أمور دينهم ودنياهم الظاهرة والباطنة ، لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ

، وهذا شامل لتبيين ألفاظه وتبيين معانيه، وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ فيه ، فيستخرجون من كنوزه وعلومه بحسب استعدادهم وإقبالهم عليه

"انتهى من (تفسير السعدي - (1 / 441).

والله أعلم.








 


قديم 2019-03-02, 19:01   رقم المشاركة : 392
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحكمة من ذكر الغراب في قصة ابني آدم دون غيره من الحيوانات

السؤال

لماذا ذكر الغراب في قصة أولاد آدم (عليه السلام)

الجواب

الحمد لله

لما قتل ابن آدم أخاه لم يدر ماذا يصنع به

لأنه أول ميت مات من بني آدم ، فأرسل الله تعالى غراباً يثير الأرض ليدفن فيه غراباً آخر ميتاً ـ على ما قاله بعض المفسرين ـ

قال الله تعالى : (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ) المائدة/31 .

والحكمة من تخصيص الغراب : أن الغراب هو الذي يقوم بدفن الأشياء دون غيره من الحيوانات .

قال القاسمي رحمه الله

: "حكمة تخصيص الغراب : كون الغراب دأبه المواراة .

قال أبو مسلم : عادة الغراب دفن الأشياء . فجاء غراب فدفن شيئاً فتعلم ذلك منه"

انتهى من "محاسن التأويل"
.
وقال الألوسي رحمه الله :

" والغراب : طائر معروف . قالوا : والحكمة في كونه المبعوث دون غيره من الطيور أو الحيوان

لأنه يتشاءم به في الفراق والاغتراب ، أو لأن من عادة الغراب دفن الأشياء "

انتهى من "روح المعاني" (3/286) .

والله أعلم









قديم 2019-03-02, 19:05   رقم المشاركة : 393
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ)

السؤال

ماذا يعنى النسيء الذي حرم في الآيتين 37 من سورة التوبة ؟

وما هو نوع النسيء الذي كان موجودا فى الجزيرة العربية قبل تحريمه ؟


الجواب


الحمد لله

قال الله تعالى : (إنما النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) التوبة/37 .

وقد اختلف أهل العلم في المراد بـ (النسيء) في هذه الآية على عدة أقوال أشهرها:

الأول : أنهم كانوا يبدلون بعض الأشهر الحرم بغيرها من الأشهر ، فيحرمونها بدلها

ويحلون ما أرادوا تحليله من الأشهر الحرم إذا احتاجوا إلى ذلك ، ولكن لا يزيدون في عدد الأشهر الهلالية شيئا ، فكانوا يحلون المحرم

فيستحلون القتال فيه؛ لطول مدة التحريم عليهم بتوالي ثلاثة أشهر محرمة (وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم) ، ثم يحرمون صفر مكانه ، فكأنهم يقترضونه ثم يوفونه .

وهذه أصح الصور وأشهرها وأكثرها موافقة لمعنى الآية كما نص على ذلك جماعة من السلف

وهو اختيار ابن كثير وغيره من المحققين ، وذلك لموافقتها لقوله تعالى : (يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا) ولقوله : (لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ الله) .

وبهذه الصورة فسر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله النسيء في الآية .

المعنى الثاني : أنهم كانوا يحلون المحرم مع صفر من عام ويسمونهما صفرين ، ثم يحرمونهما من عام قابل ويسمونهما محرمين. وهذه صفة غريبة في النسيء ، كما يقول الحافظ ابن كثير.

المعنى الثالث : أنهم كانوا يحلون المحرم ، ويبقون صفر أيضاً حلالاً إذا احتاجوا إليه، ويجعلون مكانه ربيعاً . وقد استنكر الإمام أحمد هذا القول .

وأما نوع النسيء الذي كان موجودا في جزيرة العرب وأدركه الإسلام وحرمه ونهى عنه

فقد قال ابن كثير رحمه الله

: وقد تكلم الإمام محمد بن إسحاق على هذا في كتاب "السيرة" كلامًا جيدًا ومفيدًا حسنًا ، فقال : كان أول من نسأ الشهور على العرب

فأحل منها ما حرم الله ، وحرم منها ما أحل الله عز وجل ، "القَلمَّس"

وهو : حذيفة بن عبد مُدْرِكة فُقَيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خُزَيمة بن مدْرِكة بن إلياس بن مُضَر بن نزار بن مَعدَّ بن عدنان

ثم قام بعده على ذلك ابنه عَبَّاد ثم من بعد عباد ابنه قَلَع بن عباد ، ثم ابنه أمية بن قلع ، ثم ابنه عوف بن أمية ، ثم ابنه أبو ثمامة جنادة بن عوف

وكان آخرهم ، وعليه قام الإسلام . فكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه

فقام فيهم خطيبًا ، فحرم رجباً ، وذا القعدة ، وذا الحجة ، ويحل المحرم عاما ، ويجعل مكانه صفر ، ويحرمه عاما ليواطئ عدة ما حرم الله ، فيحل ما حرم الله ، يعني : ويحرم ما أحل الله .

وكان شاعرهم عمير بن القيس المعروف بجزل الطعان يفتخر بذلك ، ويقول :

لقد علمـت معــد أن قـومــي كرام النـاس إن لهــم كرامــا

ألسنا الناسئــين علـى معـــد شهور الحـل نجعلهــا حرامــا

وأي الناس لـم يــدرك بذكـــر وأي الناس لـم يعــرف لجامــا

انظر : "العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير" (5 / 439)

و "تفسير ابن كثير" (4/ 144) وما بعدها و (تفسير الطبري 14 / 235)

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-03-02, 19:11   رقم المشاركة : 394
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى : ( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان )

السؤال


في الآيات رقم: (19 – 22) من سورة الرحمن ، يشير الله سبحانه إلى بحرين يلتقيان ، ولكل منهما حدوده

فما الذي يعنيه ذلك ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

وردت في القرآن الكريم أربع آيات كريمات تذكر عظيم خلق الله عز وجل لكل من البحرين ، العذب والمالح ، وأنهما من عجيب آياته التي أبدعها سبحانه في هذا الكون ، وهذه الآيات هي:

( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ) الفرقان/53.

ويقول عز وجل : ( أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) النمل/61.

ويقول سبحانه : ( وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) فاطر/12.

ويقول جل وعلا : ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ . فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) الرحمن/19-21.

ثانيا :

الذي رأيناه عند أكثر أصحاب كتب التفسير أن المقصود بالبحرين هما النوعان المشهوران من المياه الموجودة على وجه الأرض :

النوع الأول : الأنهار العذبة .

والنوع الثاني : البحار المالحة .

والدليل على هذا التفسير قوله تعالى – في وصف البحرين - : ( هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ )

فالدليل ينصر ما ذهب إليه الأكثرون ، خلافا لمن قال هما بحران : بحر في السماء ، وبحر في الأرض ، أو بحر فارس والروم ، أو بحر المشرق والمغرب

أو غيرها من الأقوال الغريبة التي لا يصدق عليها أن أحدها عذب فرات ، والآخر ملحٌ أجاج .

ثالثا :

وأما البرزخ المذكور بين البحرين في هذه الآيات ، فللعلماء فيه قولان :

الأول : أن المقصود بالبرزخ الحاجز بين البحرين ( الأنهار والبحار ) هو الأراضي الواسعة التي تفصل الأنهار عن البحار ، بحيث لا تختلط المياه فيهما ، بل لكل منهما مجراه ومستقره الذي يستقل به عن الآخر .

وهذا هو التفسير الظاهري الذي وجدناه عند أكثر المفسرين .

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" ( وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا ) أي : بين العذب والمالح ، ( برزخا ) أي : حاجزاً ، وهو اليَبَس من الأرض ، ( وَحِجْرًا مَحْجُورًا ) أي : مانعاً أن يصل أحدهما إلى الآخر "

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (6/117)

ويقول أيضا رحمه الله :

" قوله : ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال ابن عباس : أي : أرسلهما .

وقوله : ( يلتقيان ) قال ابن زيد : أي : منعهما أن يلتقيا ، بما جعل بينهما من البرزخ الحاجز الفاصل بينهما .

والمراد بقوله : ( البحرين ) الملح والحلو ، فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس .

( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) أي : وجعل بينهما برزخا

وهو : الحاجز من الأرض ، لئلا يبغي هذا على هذا ، وهذا على هذا ، فيفسد كل واحد منهما الآخر ، ويزيله عن صفته التي هي مقصودة منه "

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (7/492)

ويقول العلامة السعدي رحمه الله :

" المراد بالبحرين : البحر العذب ، والبحر المالح ، فهما يلتقيان كلاهما ، فيصب العذب في البحر المالح ، ويختلطان ويمتزجان ، ولكن الله تعالى جعل بينهما برزخا من الأرض ، حتى لا يبغي أحدهما على الآخر

ويحصل النفع بكل منهما ، فالعذب منه يشربون وتشرب أشجارهم وزروعهم ، والملح به يطيب الهواء ويتولد الحوت والسمك واللؤلؤ والمرجان ، ويكون مستقرا مسخرا للسفن والمراكب "

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/830)

التفسير الثاني : أن بين البحرين ، العذب والفرات ، حاجزا لا يظهر للعيان، خلقه الله بقدرته

يمنع به اختلاط الماء العذب بالماء المالح رغم التقاء الماءين في نهاية مصب الأنهار ، نقله القرطبي عن ابن عباس ، وعزاه السيوطي لرواية عبد بن حميد عن قتادة

انظر " الدر المنثور " (6/371)

قال الإمام القرطبي رحمه الله :

" ( وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً ) مانعا من قدرته ؛ لئلا يختلط الأجاج بالعذب .

وقال ابن عباس : سلطانا من قدرته ، فلا هذا يغير ذاك ، ولا ذاك يغير هذا ، والحجز المنع "

انتهى من " تفسير القرطبي " (13/222)

ويقول العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" وهذا الحاجز هو اليبس من الأرض الفاصل بين الماء العذب ، والماء الملح على التفسير الأول .
وأما على التفسير الثاني : فهو حاجز من قدرة الله غير مرئي للبشر "

انتهى من " أضواء البيان " (6/66)

ويقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" جعل الحاجز بين البحرين من بديع الحكمة ، وهو حاجز معنوي حاصل من دفع كلا الماءين أحدهما الآخر عن الاختلاط به ، بسبب تفاوت الثقل النسبي لاختلاف الأجزاء المركب منها الماء الملح والماء العذب .

فالحاجز حاجز من طبعهما ، وليس جسما آخر فاصلا بينهما "

انتهى من " التحرير والتنوير " (20/13)

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" وقال بعض أهل العلم : بل البرزخ أمرٌ معنوي يحول بين المالح والعذب أن يختلط بعضهما ببعض .

وقالوا : إنه يوجد الآن في عمق البحار عيونٌ عذبة تنبع من الأرض ، حتى إن الغواصين يغوصون إليها ويشربون منها كأعذب ماء ، ومع ذلك لا تفسدها مياه البحار

فإذا ثبت هذا فلا مانع من أن نقول بقول علماء الجغرافيا وقول علماء التفسير ، والله على كل شيءٍ قدير "

انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (لقاء رقم/7)

ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" البرزخ : إما عازل بينهما ، وإما حاجز بينهما من الأرض ، وهذا من قدرة الله سبحانه وتعالى ، حيث إن هذه البحار تتجاور ويلتقي بعضها ببعض ولا يؤثر بعضها على بعض

لا المالح ينقلب إلى عذب، ولا العذب ينقلب إلى مالح، بل كل منهما يبقى بخصوصياته "

انتهى من " مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان " (1/179)

ولا مانع من اختيار كلا القولين في تفسير الآية ، إذ يصدق كل منهما ولا تعارض بينهما

فالحاجز يصدق على اليابسة التي فصلت بين الأنهار والبحار ، ويصدق على الحاجز المعنوي ( فرق الكثافة ) الذي يتحدث عنه علماء البحار اليوم ، وهذا من اختلاف التنوع وليس من اختلاف التضاد .

يقول الدكتور حسين الحربي
:
" النوع الأول من الخلاف ، وهو ما إذا كان جميع الأقوال محتملة في الآية

ونصوص القرآن والسنة شاهدة لكل واحد منها ... – وذكر أمثلة - فمثل هذا الخلاف محتمل ، وكل الأقوال فيه حق ، ولا يدخله ترجيح لكون الأقوال صحيحة ، وجميعها مراد من الآية ، والقرآن يشهد لكل واحد منها "

انتهى من " قواعد الترجيح عند المفسرين " (1/42-45)

والله أعلم .









قديم 2019-03-02, 19:19   رقم المشاركة : 395
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يزعم أن هناك تناقضا في القرآن بين آية ( وإن منكم إلا واردها ) ونصوص أخرى تنص على المغفرة والرحمة لمن قتل في سبيل الله

السؤال

طرح عليّ أحد المسيحيين هذا السؤال فأريد إجابة له حتى أرسله إليه : في سورة " مريم " ( وإن منكم إلا واردها .. )

بمعنى أن جميع الخلق سيدخلون جهنم لبعض الوقت بما في ذلك المسلمون دون استثناء

ثم نجد أنه يشير ضمناً في سورة " آل عمران " أن من قتل مجاهداً فإنه لا يجري عليه هذا الحكم ( ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة .. )

فأين الرأي الصحيح في هذين القولين ؟! .

فكيف أرد عليه في كل هذه الادعاءات ؟


أرجوا تزويدي بالإجابة مفصّلة .

الجواب


الحمد لله


ليس فيما ذكره من الآيات ، ولا في غيرها من آيات القرآن ـ بحمد الله ـ تناقض ولا اضطراب

وحاشا كلام الله من ذلك ، إنما ذلك يليق بكلام البشر ، لنقصهم ، وجهلهم ، وقصورهم ، وأما كلام العليم الخبير فمنزه عن كل عيب ونقصان ، إنما العيب في فهم الفاهم ، وذهن القائل

وقديما قال الشاعر :

وكم من عائِبٍ قولاً صحيحاً ...
وآفتُه من الفهْمِ السّقيمِ

ولكنْ تأخذُ الآذانُ منهُ ...
على قدْرِ القرائِحِ والعُلومِ

والجواب على ذلك : أن يقال له : إن آية " آل عمران " لا تُعارض آية " مريم " ولا تعني – البتة – عدم تحقق " الورود " الوارد ذِكره في " مريم " لأنه حق اليقين

وهو قطعي في الحصول من غير ريب ، ومما يدل على ذلك : ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ ) .

رواه البخاري ( 1193 ) ومسلم ( 2632 ) .

وقد فسَّر الإمام البخاري رحمه الله معنى ( تَحِلَّةَ الْقَسَمِ ) بقوله في نهاية الحديث : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) .

قال النووي – رحمه الله - :

" قال العلماء : ( تحلة القسم ) ما ينحل به القسم ، وهو اليمين ، وجاء مفسراً في الحديث أن المراد قوله تعالى ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) ، وبهذا قال أبو عبيد وجمهور العلماء ، والقسم مقدَّر

أي : والله إنْ منكم إلا واردها ، وقيل : المراد قوله تعالى ( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ) مريم/ 68 " .

انتهى من " شرح مسلم " ( 16 / 180 ) .

وإذا تبيَّن لنا أنه لا معارضة بين الآيات وأن " ورود النار " حق على كل الخلق حتى لو كانوا مسلمين ! فيبقى علينا معرفة ما معنى " الورود " المذكور في آية " مريم "

فنقول : أقوى ما قيل في معنى الورود المذكور في آية " مريم " قولان :

الأول : أنه ورود بمعنى الدخول ، وأنه سيسلم المتقون من حرِّها ولهيبها ، ويُبقي رب العالمين فيها الظالمين من الكفار والمستحقين للعذاب من المسلمين فيها

أما الكفار فعذاب إلى الأبد ، وأما المسلمون فعذاب إلى أمَد ، والدليل على ذلك ما جاء بعد تلك الآية

من قوله تعالى ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ) مريم/ 72

وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه ، ويرجحه الشيخ الشنقيطي ، فلينظر كلامه –

لمن أراد التوسع – في تفسيره " أضواء البيان " ( 3 / 478 – 481 ) .

الثاني : أنه ورود خاص بالموحدين من المسلمين سواء كانوا من أصحاب الطاعات أم من أصحاب المعاصي ، وهذا الورود ليس هو الدخول في النار بل هو المرور فوقها

ويكون ذلك المرور على " الصراط " ، وهو جسر يُنصب على جهنم يمر عليه المسلمون فقط فمِن ناجٍ ومن مكردس في النار

وأما الكفار فلا يمرون على الصراط لأنهم سيدخلون جهنم مباشرة قبله داخرين ، وهذا قول ابن مسعود رضي الله عنه ، ويرجحه كثير من المحققين .

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :

" واعلم أن الناس منقسمون إلى : مؤمن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا ، ومشرك يعبد مع الله غيره ، فأما المشركون : فإنهم لا يمرون على الصراط إنما يقعون في النار قبل وضع الصراط "

. انتهى من " التخويف من النار " ( ص 233 ) .

فالورود – على هذا القول الثاني – إن جاء في حق المسلمين –

كما في آية " مريم " حيث قال تعالى ( وإنْ مِنْكُم ) - فهو بمعنى المرور فوق جهنم ، وأما الورود الوارد في حق الكفار فهو بمعنى الدخول فيها .

فالورود ورودان ، ورود مع دخول في الشيء ، وورود مع مقاربة ووصول وإشراف من غير دخول في الشيء ، وكلا المعنيين جاء في كتاب الله تعالى

فأما الأول : فهو في حق أهل الوعيد من الكفار وأصحاب المعاصي

وفي هذا يقول تعالى ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ . لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ) الأنبياء/ 98 ، 99

ويقول تعالى – أيضاً – ( وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) هود/ 98 .

قال ابن رجب – رحمه الله -

: " فإن الإنسان إذا قُرن في العذاب بمن كان سبب عذابه كان أشد في ألمه وحسرته" .

انتهى من " التخويف من النار " ( ص 99 ) .

وأما الورود بالمعنى الثاني : فمنه قوله تعالى ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ) القصص 23

ومنه قوله تعالى ( وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ) يوسف/ 19 .

وبما أن آية " مريم " هي في حق الجميع من المسلمين فسيكون الورود فيها على المعنى الثاني ، وأما المعنى الأول فليس هو في حق جميع المسلمين

بل في حق من استحق منهم الدخول فيها ، ويشترك معهم في ذلك الكفار
.
قال الشيخ عمر سليمان الأشقر – حفظه الله -

: " ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بورود النار المذكور في قوله تعالى ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا ) مريم/ 71 هو دخول النار ، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه

وكان يستدل على ذلك بقول الله تعالى في فرعون ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ) هود/ 98

وبقوله ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) مريم/ 86

وقوله ( لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا ) الأنبياء/ 99

وروى مسلم الأعور عن مجاهد ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) قال : داخلها .

وذهب بعض أهل العلم إلى أن المراد بالورود هنا : المرور على الصراط ، يقول شارح الطحاوية :

" واختلف المفسرون في المراد بالورود في قوله تعالى ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) مريم/ 71 ما هو ؟

والأظهر والأقوى أنه : المرور على الصراط

قال تعالى ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) مريم/ 72 .

وفي " الصحيح " أنه صلى الله عليه وسلم قال ( وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَلِجُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ

) قالت حفصة : فقلت : يا رسول الله أليس الله يقول ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) فقال ( أَلَمْ تَسْمَعِيهِ قال ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) .

وأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن ورود النار لا يستلزم دخولها ، وأن النجاة من الشر لا تستلزم حصوله ، بل تستلزم انعقاد سببه ، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ولم يتمكنوا منه يقال : نجاه الله منهم

ولهذا قال تعالى ( وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا ) هود/ 58 ، ( فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا ) هود/ 66

( وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا ) هود/ 94

ولم يكن العذاب أصابهم ولكن أصاب غيرهم ، ولولا ما خصهم الله به من أسباب النجاة لأصابهم ما أصاب أولئك ،

وكذلك حال الوارد على النار ، يمرون فوقها على الصراط ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيّاً ، فقد بيَّن صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المذكور أن الورود هو الورود على الصراط " . انتهى .

والحق : أن الورود على النار ورودان : ورود الكفار أهل النار ، فهذا ورود دخول لا شك في ذلك

كما قال تعالى في شأن فرعون ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) هود/ 98

أي : بئس المدخل المدخول .

والورود الثاني : ورود الموحدين ، أي : مرورهم على الصراط على النحو المذكور في الأحاديث "

. انتهى من " القيامة الكبرى " ( ص 267 ، 268 ) .

وسواء قيل بالقول الأول أم بالثاني – وهو الأقرب عندنا للصواب – فليس ثمة تعارض بين نصوص الوحي ، والحمد لله رب العالمين .

والله أعلم
.









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-03-02 في 19:19.
قديم 2019-03-02, 19:22   رقم المشاركة : 396
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف يستثنى إبليس من الملائكة وهو ليس منهم؟

السؤال

أليس إبليس من الجن ، فكيف يكون من الملائكة ؟

الجواب

الحمد لله


إبليس من الجن

كما قال الله تعالى في سورة الكهف (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) الكهف/50

ولم يكن يوما من جنس الملائكة ، بل هو مخلوق من النار

كما جاء في قوله تعالى : (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) الأعراف/12 .

وإبليس له نسل وذرية ، والملائكة لا تتناسل ولا تتوالد .

وقد سبق بيان ذلك في جواب الاسئلة الثلاثة القادمة

ولعل السائل يشير إلى قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ) البقرة/34 .

واستثناء إبليس من الملائكة لا يعني أنه منهم ، لأن هذا الاستثناء يسميه العلماء استثناء منقطعاً ، والاستثناء المنقطع يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه ، ويمثل له علماء النحو بقولهم :

جاء القوم إلا حماراً ! ومعلوم أن الحمار ليس من جنس القوم ، ولعلهم أتوا بهذا المثال بالذات ليكون أوضح ما يكون على أن المستثنى هنا ليس من جنس المستثنى منه .

ويمكن أن نمثل بمثال آخر وهو : جاء الطلبة إلا المدرسَ ، ومعلوم أن المدرس ليس من الطلبة ، ويكون معنى الكلام : جاء الطلبة ، لكن المدرس لم يأت ، وهذا معنى الآية : فسجد الملائكة لكن إبليس لم يسجد .

والله أعلم









قديم 2019-03-02, 19:25   رقم المشاركة : 397
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إبليس ليس من الملائكة

السؤال

صديقي قال بأن الشيطان كان من الملائكة وزوجتي تقول بأن هذا غير صحيح .

هل يمكن أن تعطيني بعض المعلومات ؟.


الجواب

الحمد لله

لم يكن إبليس من الملائكة قطعاً ، ويدل على ذلك أشياء ثلاثة :

تصريح القرآن ، وصفات إبليس الخَلقية ، وصفاته الخُلُقية .

1. أما تصريح القرآن بذلك ، فقد جاء في قوله تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن الكهف /50 .

قال الحسن البصري : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين ، وإنه لأصل الجن ، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر .

رواه الطبري بإسناد صحيح

كما قال ابن كثير في " تفسيره " (3/89).

2. وأما الصفات الخَلقية ، فقد ذكر الله تعالى أنه خلق إبليس من نار ، فقال خَلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار الرحمن / 14،15 .

وثبت في صحيح مسلم (2996) من حديث عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم " .

المارج لهب النار الصافي ، أو الذي خالطه الدخان ، ( تفسير السعدي 7/248 ) ، ( لسان العرب 2/365 )

فتبين الفرق بين خلق الملائكة وبين خلق إبليس ، فعلم قطعاً أنه ليس منهم.

3. وأما الصفات الخُلُقية ، فإن إبليس قد عصى الله تعالى في عدم سجوده لآدم

وقد علِمنا من القرآن أن الملائكة لا يمكن لهم أن يعصون الله تعالى، قال الله عز وجل لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون التحريم / 6 .

وقد ورد عن بعض السلف آثار غير صحيحة منها أنه طاووس الملائكة ، وأنه من خزنة الجنة ..الخ

وقد علَّق على ذلك الإمام ابن كثير فقال :

وقد رُوي في هذا آثار كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات التي تُنقل لينظر فيها والله أعلم بحال كثير منها ، ومنها ما قد يُقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا

وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة ؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان ، وقد وضع فيها أشياء كثيرة

وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذي ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد

والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث وحرروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه وعرفوا الوضاعين

والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي

خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم .

أ.هـ " تفسير القرآن العظيم " ( 3/90).









قديم 2019-03-02, 19:30   رقم المشاركة : 398
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل إبليس من الجن أو من الملائكة

السؤال

هل إبليس ملك أم جني ؟

فإن كان ملكاً فكيف عصى الله والملائكة لا يعصون الله ؟

وإن كان جنياً فإن هذا يوضح أن له اختيار الطاعة أو المعصية. أرجو الإجابة.


الجواب

الحمد لله

إبليس - لعنه الله - من الجن ، ولم يكن يوماً ملكاً من الملائكة

ولا حتى طرفة عين ؛ فإن الملائكة خلق كرام لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وقد جاء ذلك في النصوص القرآنية الصريحة التي تدل على أن إبليس من الجن وليس من الملائكة ، ومنها :

1- قال الله تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ) الكهف / 50 .

2- وقد بيّن الله تعالى أنه خَلَقَ الجن من النار

قال تعالى : ( وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ) الحجر/27

وقال : ( وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ) الرحمن/15 .

وجاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" خُلِقَت الملائكة من نور ، وّخُلِقَ الجَّان من مارجٍ من نار ، وخُلِقَ آدم مما وُصِفَ لكم " رواه مسلم في صحيحه برقم 2996 ، ورواه أحمد برقم 24668 ، والبيهقي في السنن الكبرى برقم 18207 ، وابن حبان برقم 6155 .

فمن صفات الملائكة أنها خُلِقت من نور ، والجن خُلِق من نار ، وقد جاء في الآيات أن إبليس - لعنه الله - خُلِقَ من النار ، جاء ذلك على لسان إبليس لما سأله الله سبحانه وتعالى عن سبب رفضه السجود لآدم لمّا أمره الله بذلك

فقال - لعنه الله -: ( قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) الأعراف/12 ، ص/76 ، فيدل هذا على أنه كان من الجن .

3- وقد وَصَفَ الله عز وجل الملائكة في كتابه الكريم

فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم /6 .

وقال سبحانه : ( بَلْ عِبادٌ مُكْرَمون * لا يَسْبِقُوْنَهُ بالقَولِ وهُم بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) الأنبياء / 26 -27 .

وقال : ( وَلِلّهِ يَسجُدُ مَا فِي السَمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ والمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُوْنَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُوْنَ مَا يُؤْمَرُوْنَ ) النحل / 49 -50 .

فلا يمكن أن يعصي الملائكة ربهم لأنهم معصومون من الخطأ ومجبولون على الطاعة .

4- وكون إبليس ليس من الملائكة فإنه ليس مجبراً على الطاعة ، وله الاختيار ، كما لنا نحن البشر

قال تعالى : ( إناّ هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً )

وأيضاً فإن هناك المسلمين والكافرين من الجن ؛

جاء في الآيات من سورة الجن : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) الجن / 1-2 .

وجاء في نفس السورة على لسان الجن : ( وأنّا لمّا سمعنا الهدى آمنّا به فمن يُؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رَهَقاً * وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون .. ) الآيات .

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره :

( قال الحسن البصري : " ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين ، وإنه لأصل الجن ، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر " رواه الطبري بإسناد صحيح ) ج3/ 89 .

وقد قال بعض العلماء إن إبليس ملَكٌ من الملائكة ، وأنه طاووس الملائكة ، وأنه كان من أكثر الملائكة اجتهاداً في العبادة ..

إلى غير ذلك من الروايات التي معظمها من الإسرائيليات ، ومنها ما يُخالِف النصوص الصريحة في القرآن الكريم ..

وقد قال ابن كثير مبيّناً ذلك :

" وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف ، وغالبها من الإسرائيليات - التي تُنْقَلُ لِيُنْظَرَ فيها -

والله أعلم بحال كثير منها ، ومنها ما قد يُقْطَعُ بكذِبِهِ لمُخَالَفَتِهِ للحقّ الذي بأيدينا ، وفي القرآن أخبار غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة

لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان ، وقد وضع فيها أشياء كثيرة ، وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذي ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين

كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دَوّنوا الحديث وحرروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره

وموضوعه ومتروكه ومكذوبه وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه

كذب أو يحدث عنه بما ليس منه فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم "

تفسير القرآن العظيم ج 3/90 .

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-03-02 في 19:30.
قديم 2019-03-02, 19:36   رقم المشاركة : 399
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل إبليس من الملائكة أم من الجن

السؤال


هل كان إبليس من الملائكة أم من الجن

وهل الجن هم من الملائكة ؟.

الجواب

الحمد لله


قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمة الله تعالى عليه - :

وقوله في هذه الآية الكريمة : ( كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) الكهف/50

ظاهر في أن سبب فسقه عن أمر ربه كونه من الجن وقد تقرر في الأصول في مسلك النص ، وفي مسلك الإيماء والتنبيه : أن الفاء من الحروف الدالة على التعليل كقولهم : سرق فقطت يده

أي : لأجل سرقته

وسها فسجد أي لأجل سهوه

ومن هذا القبيل قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) المائدة/38

أي لعلة سرقتهما

وكذلك قوله هنا : ( كان من الجن ففسق )

أي : لعلة كينونته من الجن

لأن هذا الوصف فرق بينه وبين الملائكة

لأنهم امتثلوا الأمر وعصى هو ، ولأجل ظاهر هذه الآية الكريمة ذهبت جماعة من العلماء إلى أن إبليس ليس من الملائكة في الأصل بل من الجن

وأنه كان يتعبد معهم فأطلق عليهم اسمهم لأنه تبع لهم كالحليف في القبيلة يطلق عليه اسمها

والخلاف في إبليس هل هو ملك في الأصل فمسخه الله شيطاناً ، أو ليس في الأصل بملك ، وإنما شمله لفظ الملائكة لدخوله فيهم وتعبده معهم ، مشهور عند أهل العلم ، وحجة من قال : إن أصله ليس من الملائكة أمران :

أحدهما : عصمة الملائكة من ارتكاب الكفر الذي ارتكبه إبليس ، كما قال تعالى عنهم : ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون ) التحريم/6 ، وقال تعالى : ( لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) الأنبياء/27 .

والثاني : أن الله صرح في هذه الآية الكريمة بأنه من الجن ، والجن غير الملائكة ، قالوا : وهذا نص قرآني في محل النزاع .

وممن جزم بأنه ليس من الملائكة في الأصل لظاهر هذه الآية الكريمة :الحسن البصري ، ونصره الزمخشري في تفسيره .

وقال القرطبي في تفسير سورة " البقرة "

: " كونه من الملائكة هو قول الجمهور : ابن عباس وابن مسعود وابن جريج وبن المسيب وقتادة وغيرهم ، وهو اختيار الشيخ أبي الحسن ورجحه الطبري وهو ظاهر قوله : ( إلا إبليس ) . اهـ .

وما يذكره المفسرون عن جماعة من السلف كابن عباس وغيره ، من أنه كان من أشراف الملائكة ، ومن خزان الجنة ، وأنه كان يدبر أمر السماء الدنيا ، وأنه كان اسمه عزازيل ، كله من الإسرائيليات التي لا معول عليها .

وأظهر الحجج في المسألة ، حجة من قال : إنه غير ملك لأن قوله تعالى : ( إلا إبليس كان من الجن ففسق …) ، وهو أظهر شئ في الموضوع من نصوص الوحي

والعلم عند الله تعالى .

المصدر: " أضواء البيان " ( 4 / 130 – 132 )









قديم 2019-03-02, 19:53   رقم المشاركة : 400
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

شبهة لنصراني يزعم أن هناك تعارضاً في آيات القرآن بعضها يثبت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه وبعضها ينفي

السؤال

طرح عليّ أحد المسيحيين هذا السؤال فأريد إجابة له حتى أرسله إليه : في سورة " النجم " قوله ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) ، وفي " التكوير " قوله ( ولقد رآه بالأفق المبين ) ، وهذه آيات تدل على أن محمَّداً رأى ربه

في حين أنّا نجد ما ينافي ذلك في سورة " الأنعام " ( لا تدركه الأبصار .. )

وفي سورة " الشورى " ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً .. )

أليس هذا تناقضا واضطرابا في كتابكم ؟! .


الجواب

الحمد لله

ما رآه ذاك النصراني تناقضاً وتعارضاً بين آيات القرآن

: قوله : إن قوله تعالى ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) النجم/ 18

وقوله ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) التكوير/ 23

أنهما في إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه عز وجل في المعراج ! وأن هذا يتناقض ويتعارض

مع قوله تعالى ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الأنعام/ 103

ومع قوله ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الشورى/ 51 ! .

فالرد عليه من وجوه :

أ‌. قوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ .. ) إنما يستدل به على نفي إدراك الأبصار له ؛ فإذا قلنا إن المراد بالإدراك المنفي هنا : رؤية الأبصار

فهذه الرؤية المنفية لم تثبت في دار الدنيا ، لا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لغيره ، على ما سيأتي . وإذا قلنا إن الإدراك يختلف عن الرؤية ، كما ذهب إليه غير واحد من أهل العلم

وقالوا : إن الإدراك يدل على الإحاطة ، وهي منفية عن الله عز وجل ، فلا أحد يحيط بالله جل جلاله رؤية

ولا علما .. ؛ فلا إشكال أصلا ؛ لأننا لو افترضنا أن النصوص الأخرى تدل على رؤية النبي لربه ، فسوف يقال في الجمع بينهما إن نفي الإحاطة ، والإدراك ، لا يلزم منه نفي الرؤية .

غير أن الصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه بعينه في الدنيا ، وقد أخبر أصحابه أن هذا حكم عام . ففي صحيح مسلم - ( 7540 ) -

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ ) .

ب‌. ولما كان قوله : ( لن يرى أحد منكم .. ) لا يمنع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مستثنى من هذا الحكم

فقد سئل عن ذلك صراحة ، فأجاب بما ينفي رؤيته لربه بعينه . فعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟ "

قَالَ ( نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ ) رواه مسلم ( 178 ) .

قال ابن أبي العز الحنفي – رحمه الله - :

" لم يرد نصٌّ بأنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعين رأسه ، بل ورد ما يدل على نفي الرؤية ، وهو ما رواه مسلم في " صحيحه " عن أبي ذر رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟

فقال ( نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ ) ، وفي رواية ( رَأَيْتُ نُوراً )

وقد روى مسلم أيضا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ ، فَقَالَ ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ

يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ النُّورُ ، ( وَفِي رِوَايَةٍ : النَّارُ )

لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ )

فيكون - والله أعلم - معنى قوله لأبي ذر ( رَأَيْتُ نُوراً ) : أنه رأى الحجاب ، ومعنى قوله ( نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ ) النور الذي هو الحجاب يمنع من رؤيته ، فأنَّى أراه ؟

أي : فكيف أراه والنور حجاب بيني وبينه يمنعني من رؤيته ؟

فهذا صريح في نفي الرؤية ، والله أعلم "

. انتهى من " شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 163 ) .

وهذا هو التحقيق في المسألة ، فيكون من استدل بشيء من آيات القرآن الكريم على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه غير مصيب ، وليس ثمة تعارض بين نصوص الوحي ، والحمد لله رب العالمين .

ب. ظنَّ تابعي جليل – وهو مسروق – أن قوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) النجم/ 13 –

وقد استدل بها قبله ابن عباس كما سبق -

وقوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) التكوير/ 23 هما في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه تعالى

حتى أبانت له عائشة رضي الله خطأ كلامه وأنها هي بنفسها سألت النبي صلى الله عليه وسلم

عن الآيتين فقال لها ( إنما ذاك جبريل ) فعُلم خطأ من استدل بالآيتين على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه تعالى ، والعجيب أن عائشة رضي الله عنها قد ردَّت عليه بالآيتين اللتين ذكرهما ذاك النصراني !
.
عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ : يَا أَبَا عَائِشَةَ " ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ " قُلْتُ : مَا هُنَّ ؟

قَالَتْ : " مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ "

قَالَ : وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ ، فَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْظِرِينِي وَلَا تَعْجَلِينِي أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) ؟

فَقَالَتْ : " أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ) ، فقَالَتْ :

أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ ( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) ، أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) ؟

" . رواه مسلم ( 177 ) .

ج. وأما قوله تعالى ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) النجم/ 18 : فليس فيها مجال للاستدلال على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه ، بل لو قيل العكس لكان هو الصواب

فليس هناك ها هو أعظم من رؤية الله تعالى ، فكيف يُعدل عن ذكرها ليذكر رؤية آيات كبرى ؟! وأي الأمرين أولى بالتنصيص عليه ؟! .

قال ابن خزيمة - رحمه الله –

: " وليس هذا التأويل الذي تأوَّلوه لهذه الآية بالبيِّن ، وفيه نظر ؛ لأن الله إنما أخبر في هذه الآية أنه (

رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) ، ولم يُعلم الله في هذه الآية أنه رأى ربَّه جل وعلا ، وآيات ربِّنا ليس هو ربنا جل وعلا ، فتفهموا لا تغالطوا في تأويل هذه الآية " .

انتهى من " كتاب التوحيد " ( ص 296 ) .

وقال ابن كثير – رحمه الله -

: " وقوله ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) كقوله ( لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ) طه/ 23

أي : الدالة على قدرتنا وعظمتنا ، وبهاتين الآيتين استدل مَن ذهب مِن أهل السنَّة أن الرؤية تلك الليلة ـ يعني : ليلة المعراج ـ لم تقع ؛ لأنه قال ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى )

ولو كان رأى ربَّه لأخبر بذلك ، ولقال ذلك للناس " .

انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 7 / 454 ) .

د. وهل يسلم لعائشة رضي الله عنها استدلالها بالآيتين على عدم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه ؟!

هذا محل بحث ونظر ، والمهم في كلام عائشة رضي الله عنها نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرئي مرتين هو جبريل عليه السلام وهذا كافٍ لنقض استدلال من استدل بالآيات على رؤيته لربه تعالى

وكون استدلالها بالآيتين أنه لا يسلم لها له بحث آخر حيث لم يرتض ذلك منها طائفة من العلماء ، ومنهم الإمام ابن خزيمة كما ذكره في كتابه " التوحيد " ( 2 / 557 – 559 )

وإنما أردنا بذلك أن نبيِّن لذاك النصراني – ولغيره – أنه ليس ثمة تناقض ولا تعارض بين آيات القرآن

فليس في الآيتين الأوليتين إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس في الآيتين الأخريتين نفي للرؤية !

فالآية الأولى فيها نفي الإدراك ، هو الإحاطة ، وليس هو نفي مطلق الرؤية ، والصحيح أنها في رؤية المؤمنين ربَّهم يوم القيامة .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

" ( لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ ) لعظمته وجلاله وكماله

أي : لا تحيط به الأبصار وإن كانت تراه وتفرح بالنظر إلى وجهه الكريم ، فنفي الإدراك لا ينفي الرؤية ، بل يثبتها بالمفهوم ؛ فإنه إذا نفى الإدراك الذي هو أخص أوصاف الرؤية : دلَّ على أن الرؤية ثابتة

فإنه لو أراد نفي الرؤية لقال " لا تراه الأبصار " ونحو ذلك ، فعُلم أنه ليس في الآية حجة لمذهب المعطلة الذين ينفون رؤية ربهم في الآخرة ، بل فيها ما يدل على نقيض قولهم " .

انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 268 ) .

والآية الثانية هي في أنواع تبليغ الله تعالى لرسالاته ، وليس فيها نفي الرؤية

إذ لا يلزم من التبليغ بالوحي الرؤية ، ولا يلزم العكس كذلك ، وقد كان ذلك مجرد استنباط من عائشة رضي الله عنها كحالها مع الآية التي قبلها .

ويكفينا في النفي ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنها

والله الموفق .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-03-03, 17:41   رقم المشاركة : 401
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل رجع كل المنافقين قبل غزوة أحد أم شارك بعضهم فيها ؟


السؤال

أريد أن أعرف من هم الطائفة التي أهمّتهم أنفسهم ، يظنّون بالله غير الحق ظن الجاهلية ، ونحن نعلم من خلال التفاسير أن رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول لا يريد أن يقاتل مع المؤمنين في معركة أُحد

فرجع هو وثلث الجيش معه إلى المدينة ، وتابع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ومعه المؤمنون إلى المكان

حيث جرت معركة أحد مع الكفّار ، ولهذا أستبعد أن تكون الطائفة التي أهمّتهم أنفسهم يظنّون بالله غير الحق ظن الجاهلية هم من المنافقين ، علماً بأن المنافقين لم يشاركوا في القتال مع الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام

ولقد رجعوا من منتصف الطريق إلى المدينة بأمر من عبد الله بن أبي بن سلول

هل يعقل أن هذه الطائفة كانت مؤمنة من ثم اتسمت بالمنافقين ؟

من فضلكم أرجو الإيضاح ، وجزاكم الله خيراً .


الجواب

الحمد لله

نعم ، رجع عبد الله بن أبي سلول بثلث الجيش ، ولم يشاركوا في القتال في غزوة أحد

ولكن هذا لا يمنع أن يكون بعض المنافقين بقوا مع المسلمين ولم يرجعوا مع عبد الله بي أبي

وهذا هو الذي تدل عليه الآيات

قال الله تعالى : ( ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ

مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) آل عمران/154.

قال ابن كثير رحمه الله :

" - روى البيهقي بإسناده - عن قتادة ، حدثنا أنس بن مالك ؛ أن أبا طلحة قال :

غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد ، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه

ويسقط وآخذه ، قال : والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هم إلا أنفسهم ، أجبن قوم وأرعنه ، وأخذله للحق ( يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ) كذبة، أهل شك وريب في الله عز وجل .

هكذا رواه بهذه الزيادة ، وكأنها من كلام قتادة رحمه الله ، وهو كما قال

فإن الله عز وجل يقول : ( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم ) يعني : أهل الإيمان واليقين والثبات والتوكل الصادق ، وهم الجازمون بأن الله سينصر رسوله وينجز له مأموله .

ولهذا قال : ( وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ) يعني : لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف

( يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ) كما قال في الآية الأخرى :

( بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا ) الفتح/12، وهكذا هؤلاء

اعتقدوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفيصلة ، وأن الإسلام قد باد وأهله ، هذا شأن أهل الريب والشك إذا حصل أمر من الأمور الفظيعة تحصل لهم هذه الظنون الشنيعة .

ثم أخبر تعالى عنهم أنهم يقولون في تلك الحال : ( هل لنا من الأمر من شيء )

قال الله تعالى : ( قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك ) ثم فسر ما أخفوه في أنفسهم بقوله : ( يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا )

أي : يسرون هذه المقالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال محمد بن إسحاق بن يسار : فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير قال : قال الزبير : لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الخوف علينا

أرسل الله علينا النوم ، فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره ، قال : فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ، ما أسمعه إلا كالحلم ، يقول : ( لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ) فحفظتها منه ،

وفي ذلك أنزل الله تعالى : ( لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ) لقول معتب. رواه ابن أبي حاتم "

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (2/145-146)

والله أعلم .









قديم 2019-03-03, 17:52   رقم المشاركة : 402
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

آزر اسم أبي إبراهيم عليه السلام

السؤال

من الذي أشار إليه القرآن بأنه الأب الحقيقي لإبراهيم عليه السلام

وما هو الرأي الأرجح الموافق لأهل السنة والجماعة ، هل هو " آزر " أم " تارخ " ؟

الجواب

الحمد لله

اختلف العلماء في اسم والد خليل الله إبراهيم عليه السلام ، على قولين :

القول الأول : اسمه " تارح "، أو " تارخ "، وهو قول أكثر العلماء والمفسرين ، بل قال الزجاج :

" لا خلاف بين النسابين في أن اسم أبي إبراهيم تارح "

انتهى من " معاني القرآن " (2/265)

وقد اعترض الإمام القرطبي على نقل الإجماع بإثبات وجود الخلاف .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" جمهور أهل النسب - منهم ابن عباس - على أن اسم أبيه تارح ، وأهل الكتاب يقولون تارخ "

انتهى من " البداية والنهاية " (1/163)

وقد ورد ذلك في صريح كلام ابن عباس :

كما عند ابن أبي حاتم في " التفسير " (4/1324-1325) بإسنادين عنه .

وصريح كلام مجاهد أيضا : كما في " جامع البيان " للطبري (11/466)

وصريح كلام ابن جريج : أخرجه ابن المنذر بسند صحيح

كما قال السيوطي في " الدر المنثور " (3/300)

وفي " الحاوي " (2/259)

ومع شهرة هذا القول ، فلا نعلم له أصلا من كتاب الله ، أو السنة الصحيحة ، ولعل عمدة من قاله من أهل العلم أحاديث أهل الكتاب ، وأقوال النسابين الذين يستقون منهم .

ويبقى السؤال – بناء على هذا القول – ما المقصود بـ " آزر " إذن في الآية الكريمة : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) الأنعام/74.

فنقول ، اختلفوا في توجيه الآية إلى أقوال كثيرة :

1- قال بعض المفسرين : إن لوالد إبراهيم عليه السلام اسمين ، آزر ، و " تارح "، كما روى الطبري في " جامع البيان " (11/466) بسنده عن سعيد بن عبد العزيز قال : هو " آزر " ، وهو " تارح " ، مثل " إسرائيل " و " يعقوب " .

وقال كثير من المفسرين إن أبا إبراهيم اسمه بالسريانية تارح وبغيرها آزر .

2- وصرح بعضهم بأن " آزر " اسم صنم ، كما قال مجاهد : آزر لم يكن بأبيه ، إنما هو صنم . رواه الطبري في " جامع البيان " (11/466) من طريقين عنه

وخاض القائلون بهذا في إيجاد تأويلات معنوية وإعرابية للآية بما يطول على القارئ نقله ولا حاجة له به.

3- وقال آخرون : " هو سبٌّ وعيب بكلامهم ، ومعناه : معوَجٌّ ، كأنه تأوّل أنه عابه بزَيْغه واعوجاجه عن الحق "

انتهى من " جامع البيان " (11/467)

4- وجوز الطبري رحمه الله أيضا أن يكون " آزر " لقبا لوالد إبراهيم ، وليس اسما . ذكر ذلك في " جامع البيان " (11/469)، ونقله بعض المفسرين عن مقاتل بن سليمان، وفي معنى هذا اللقب " آزر " أقوال كثيرة .

إلى آخر التأويلات والتخريجات التي لا يقوم عليها دليل .

القول الثاني : اسمه " آزر "، أخذا بظاهر الآية الكريمة :

( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) الأنعام/74.

وبظاهر الحديث الشريف الذي يرويه الإمام البخاري رحمه الله في " صحيحه " (3350):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِنِي ؟

فَيَقُولُ أَبُوهُ : فَالْيَوْمَ لاَ أَعْصِيكَ . فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ

فَأَي خِزْىٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ ؟! فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ )

وأشهر من قال بهذا القول إمام المغازي والسير: محمد بن إسحاق

كما روى ذلك عنه ابن جرير الطبري بسنده في " جامع البيان " (11/466) قال :

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة بن الفضل قال ، حدثني محمد بن إسحاق قال : " آزر "، أبو إبراهيم ، وكان - فيما ذكر لنا والله أعلم - رجلا من أهل كُوثَى ، من قرية بالسواد ، سواد الكوفة.

ورواه الطبري في تفسيره (11/467) عن السدي .

واختاره الإمام الطبري فقال :

" أولى القولين بالصواب منهما عندي قولُ من قال : هو اسم أبيه ؛ لأن الله تعالى ذكره أخبر أنه أبوه ، وهو القول المحفوظ من قول أهل العلم ، دون القول الآخر الذي زعم قائلُه أنه نعتٌ "

انتهى من " جامع البيان " (11/468)

قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله – في تعليقه على تأويلات القول الأول:

" هذه الأقوال وغيرها مما ذهب إليه بعض المفسرين لا تستند إلى دليل ، وأقوال النسابين لا ثقة بها ، وما في الكتب السالفة ليس حجة على القرآن ، فهو الحجة

وهو المهيمن على غيره من الكتب ، والصحيح أن آزر هو الاسم العَلَم لأبي إبراهيم كما سماه الله في كتابه "

انتهى باختصار من تحقيق كتاب " المعرب " للجواليقي (ص/77).

ثم عقد الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في آخر تحقيقه للكتاب مبحثا خاصا بعنوان : " آزر تحقيق أنه اسم أبي إبراهيم عليه السلام " (ص/407-413)، وكان مما قال فيه :

" وبعد : فإن الذي ألجأهم إلى هذا العنت شيئان اثنان : قول النسابين ، وما في كتب أهل الكتاب .

أما قول النسابين فإن هذه الأنساب القديمة مختلفة مضطربة ، وفيها من الخلاف العجب – وذكر مثالا على اختلاف النسابين ، ثم قال -

وأما كتب أهل الكتاب فإن الله سبحانه وصف هذا القرآن فقال : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) المائدة/48. والمهيمن الرقيب

فهذا القرآن رقيب على غيره من الكتب ، وليس شيء منها رقيبا عليه .

والحجة القاطعة في نفي التأويلات التي زعموها في كلمة " آزر " وفي إبطال ما سموه قراءات تخرج باللفظ عن أنه علم لوالد إبراهيم ، الحديث الصحيح الصريح في البخاري – فذكر الحديث السابق

ثم قال - فهذا النص يدل على أنه اسمه العلم ، وهو لا يحتمل التأويل ولا التحريف .

ووجه الحجة فيه : أن هذا النبي الذي جاءنا بالقرآن من عند الله فصدقناه وآمنا أنه لا ينطق عن الهوى هو الذي أخبر أن آزر أبو إبراهيم ، وذكره باسمه العلم في حديثه الصحيح

وهو المبين لكتاب الله بسنته ، فما خالفها من التأويل أو التفسير باطل .

وهذه الأخبار عن الأمم المطوية في دفائن الدهور المتغلغلة في القدم قبل تأريخ التواريخ ، لا نعلم عنها خبرا صحيحا إلا ما حكاه النبي المعصوم ، إخبارا عن الغيب بما أوحى الله إليه في كتابه

أو ألقى في روعه في سنته وحيا أو إلهاما ، إذ لا سبيل غيره الآن لتحقيقها تحقيقا علميا تاريخيا ، وما ورد في كتب أهل الكتاب لم تثبت نسبته إلى من نسب إليه بأية طريق من طرق الثبوت ، فلا يصلح أن يكون حجة لأحد أو عليه .

وليس لمعترض أن يشكك في صحة الحديث الذي روينا ، فإن أهل العلم بالحديث حكموا بصحته ، وكفى برواية البخاري إياه في صحيحه تصحيحا

وهم أهل الذكر في هذا الفن ، وعنهم يؤخذ ، وبهم يقتدى في التوثق من صحة الحديث "

انتهى من تحقيق كتاب " المعرب " للجواليقي (ص/411-413)

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (4/216-217) :

" آزر هو أبو إبراهيم ، لقوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً )، وهذا نص قطعي صريح لا يحتاج إلى اجتهاد ، ورجح ذلك الإمام ابن جرير وابن كثير " انتهى.

عبد العزيز بن باز – عبد الرزاق عفيفي – عبد الله بن غديان – عبد الله بن قعود .

وبهذا يتبين أن " آزر " هو اسم والد إبراهيم الحقيقي كما هو ظاهر القرآن والسنة ، وهو القول الراجح إن شاء الله تعالى ، وذلك لا يعني نفي أن يكون " تارح " أيضا اسم علم له ، سواء في لغة أخرى

أو عند قوم آخرين ، خاصة وأن بعض الدارسين في اللسانيات يقررون أن اسم " آزر " هو نفسه اسم " تارح " وإنما طرأ عليه شيء من التغيير مع مرور الزمان وتغير اللهجات .

يقول الدكتور عبد الرحيم الهندي :

" وهناك احتمال آخر ، وهو أن لفظ آزر هو تارح ، طرأ عليه شيء من التغيير ، قد يبدو هذا غريبا ، ولكن الحقائق تؤيد هذا الاحتمال .

إن اسمه المذكور في التوراة (التكوين 11/26) (تيرح)، وفي ترجمة التوراة اليونانية المعروفة بالترجمة السبعينية كتب اسمه هكذا : (....) ونطقه : " ثرّا "

وقد حذفت منه الحاء ، ويرى " غيجر " أن " ثرا " بالقلب المكاني أصبح " آثر "، ثم " آزر " .

ومثل هذا التغيير جائز الوقوع ، ومثال آخر لذلك " عيسى "، وأصله بالعبرية " يشوع " فقد انتقلت فيه العين من آخر الكلمة إلى أولها ، وأصبحت الواو ياء "

انتهى من تحقيق " المعرَّب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم " للجواليقي (ت540هـ) (ص/135)

ومن مراجع التفسير : " زاد المسير " (2/46)

" الجامع لأحكام القرآن " (7/22-23)

" تفسير القرآن العظيم " (3/288-289)

" التحرير والتنوير " (7/310-312)

ولا يفوتنا التنبيه هنا إلى أن الاختلاف في اسم أبي إبراهيم عليه السلام ليس من مسائل العقيدة التي يبحث فيها عن قول أهل السنة والجماعة

بل هي مسألة علمية اجتهادية للاجتهاد فيها حظ واسع من النظر ، وقد قال بكلا القولين من كبار المفسرين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .

والله أعلم .









قديم 2019-03-03, 17:58   رقم المشاركة : 403
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كان يحيى عليه السلام معصوما من الذنوب

السؤال

هل سمع أحد أن نبي الله يحيى قد بلغ درجة الكمال كما كان عيسى عليه السلام ؟

وقد كان عيسى رجلا كاملا حيث لم يرتكب أية أخطاء أو ذنوب

فهل كان يحيى عليه السلام أو إلياس عليه السلام مثل عيسى في بلوغ الكمال؟

وماذا تعنى هذه الآية : (وسلام عليه يوم ولد) كما قال في حق عيسى؟


الجواب

الحمد لله


أولاً :

الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم في ذروة الكمال البشري ؛ فهم صفوة البشر

وهم أعلم الخلق بالله ، وأخوفهم منه ، وأتقاهم له ، وهم أطهر العباد قلوباً

ولهذا اصطفاهم الله تعالى وجعلهم أمناءه على وحيه ورسالاته

قال الله تعالى : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) الأنعام/124

وقال تعالى : (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ) الحج/75 .

قال السعدي رحمه الله :

"أي : يختار ويجتبي من الملائكة رسلاً ومن الناس رسلاً ، يكونون أزكى ذلك النوع وأجمعه لصفات المجد وأحقه بالاصطفاء ، فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق

والذي اختارهم واجتباهم ليس جاهلاً بحقائق الأشياء ، أو يعلم شيئاً دون شيء ، وإن المصطفي لهم السميع البصير ، الذي قد أحاط علمه وسمعه وبصره بجميع الأشياء

فاختياره إياهم عن علم منه أنهم أهل لذلك ، وأن الوحي يصلح فيهم ، كما قال تعالى : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) "

انتهى من "تفسير السعدي" (546) .

غير أن الكمال درجات ، والله تعالى جعل بعض الرسل أكمل من بعض ، وفَضَّل بعضهم على بعض

كما قال تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) الإسراء/55

وقال : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) البقرة/253 .

فالرسل هم أكمل البشر ، وأكملهم هم أولو العزم الخمسة ، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ، وأفضلهم الخليلان : إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام

وأفضلهما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

ثانياً :

أما عصمة يحيى عليه السلام من الذنوب وكونه لم يرتكب معصية ، فقد ورد في السنة ما يدل على ذلك، وفي القرآن ما يشهد له.

قال الله تعالى عن عبده ونبيه زكريا عليه السلام : ( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) آل عمران / 39 .

فقد ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى (حَصُورًا) هو الذي لا يأتي النساء ، وذهب آخرون إلى أنه المعصوم من الذنوب
.
قال السعدي رحمه الله :

"هذا المبشر به وهو يحيى ، سيد من فضلاء الرسل وكرامهم : و"الحصور" ، قيل : هو الذي لا يولد له ، ولا شهوة له في النساء ، وقيل : هو الذي عصم وحفظ من الذنوب والشهوات الضارة ، وهذا أليق المعنيين" انتهى .

وقال القاضي عياض رحمه الله : "معناه : أنه معصوم من الذنوب ، أي : لا يأتيها ، كأنه حُصر عنها ، وقيل : مانعا نفسه من الشهوات ، وقيل : ليست له شهوة في النساء"

انتهى من"الشفا" (1/88) .

وقد أثنى الله تعالى على يحيى عليه السلام ثناءً حسنا

فقال تعالى : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) مريم / 12 – 15 .

فقوله : ( وزكاةً ) قال ابن جرير رحمه الله : "هو الطهارة من الذنوب ، واستعمال بدنه في طاعة الله .

... ثم نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : (وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا) قال : "طهر فلم يعمل بذنب"

انتهى من"تفسير الطبري" (18/159) .

وروى الإمام أحمد (2294) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما من أحد من ولد آدم إلا قد أخطأ ، أو همّ بخطيئة

ليس يحيى بن زكريا) وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند ، والألباني في "الصحيحة" (2984) ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" :

"رواه البزار ورجاله ثقات"

وانظر : "التلخيص الحبير" (4/481) .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

"لا نعلم أحداً أعطي طاعة الله حتى لم يخلطها بمعصية إلا يحيى بن زكريا" .

انتهى من "مختصر تاريخ دمشق" (8 / 195) .

وينظر : و"سبل السلام" (4 / 180) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"ما من بني آدم إلا من أخطأ ، أو هم بخطيئة ، إلا يحيى بن زكريا"

انتهى من"مجموع الفتاوى" (14/461) .

وأما عيسى عليه السلام ، ففي حديث الشفاعة الطويل ، حينما يعتذر كل نبي عن الشفاعة عند ربه ، إجلالا له في هذا المقام ، وهيبة من نفسه أن يكون أهلا لذلك المقام :

( فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى

: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي ، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ،

فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ .. )

رواه البخاري(4712) ومسلم (194) .

فهذا يحتمل أنه لم يذكر ذنبا ، لأنه لا ذنب له ، كما هو الظاهر .

ويحتمل أنه لم يذكره في هذا المقام ، لأن الله تعالى أخبره بمغفرته لذنبه في الدنيا .

فالله أعلم .

ثالثا :

أما قوله تعالى : ( وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا )

فقال الطبري رحمه الله :

" يقول : وأمان من الله يوم ولد ، من أن يناله الشيطان من السوء ، بما ينال به بني آدم ، وذلك أنه رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (كُلُّ بَنِي آدَمَ يَأْتي يَوْمَ القِيامَةِ وَلَهُ ذَنْبٌ إلا ما كانَ مِنْ يَحْيَى بنِ زَكَريَّا) .

وقوله : (وَيَوْمَ يَمُوتُ) يقول : وأمان من الله تعالى ذكره له من فَتَّاني القبر

ومن هول المطلع (وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) يقول : وأمان له من عذاب الله يوم القيامة ، يوم الفزع الأكبر ، من أن يروعه شيء ، أو أن يفزعه ما يفزع الخلق"

انتهى باختصار من"تفسير الطبري" (18/160-161) .

وقال الشنقيطي رحمه الله :

"قال ابن جرير : وسلام عليه أي أمان له . وقال ابن عطية : والأظهر عندي أنها التحية المتعارفة ، فهي أشرف من الأمان ، لأن الأمان متحصل له بنفي العصيان عنه وهو أقل درجاته

وإنما الشرف في أن سلم الله عليه وحياه في المواطن التي الإنسان فيها في غاية الضعف والحاجة ، وقلة الحيلة والفقر إلى الله تعالى عظيم الحول .

انتهى كلام ابن عطية . ومرجع القولين إلى شيء واحد

لأن معنى سلام : التحية والأمان والسلامة مما يكره .

وإنما خص هذه الأوقات الثلاثة بالسلام التي هي وقت ولادته ، ووقت موته ، ووقت بعثه ، في قوله : (يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) ؛ لأنها أوحش من غيرها .

والظاهر أن سلام الله على يحيى في قوله : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ..) الآية ، أعظم من سلام عيسى على نفسه في قوله : (وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً) كما هو ظاهر"

انتهى مختصرا من"أضواء البيان" (3/381- 382) .

والسبب في أن السلام على يحيى كان أعظم من السلام على عيسى عليهما السلام ، أن السلام على يحيى كان من الله تعالى ، والسلام على عيسى كان من نفسه هو عليه السلام .

أما إلياس عليه السلام ، فهو نبي من بني إسرائيل ، قص الله علينا خبره في قوله عز وجل : (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ

* اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) الصافات/123 – 131.

والله تعالى أعلم
.









قديم 2019-03-03, 18:08   رقم المشاركة : 404
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه )

السؤال

هل يمكن أن تشرح الآية في سورة المائدة آية 48 وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه الآية ؟ .

الجواب

الحمد لله


قال الله تعالى : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [ المائدة / 48 ] .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله

في تفسيره لهذه الآية :

" يقول تعالى: وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ الذي هو القرآن العظيم، أفضل الكتب وأجلها.

بِالْحَقِّ أي: إنزالا بالحق، ومشتملا على الحق في أخباره وأوامره ونواهيه. مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ لأنه شهد لها ووافقها، وطابقت أخباره أخبارها، وشرائعه الكبار شرائعها، وأخبرت به، فصار وجوده مصداقا لخبرها.

وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ أي: مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة، وزيادة في المطالب الإلهية والأخلاق النفسية. فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، وحث عليه، وأكثر من الطرق الموصلة إليه.

وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين، وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة، والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول

وما شهد له بالرد فهو مردود، قد دخله التحريف والتبديل، وإلا فلو كان من عند الله، لم يخالفه.

فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ من الحكم الشرعي الذي أنزله الله عليك. وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ أي: لا تجعل اتباع أهوائهم الفاسدة المعارضة للحق بدلا عما جاءك من الحق فتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.

لكل منكم أيها الأمم جعلنا شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا أي: سبيلا وسنة، وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال، وكلها ترجع إلى العدل

في وقت شرعتها، وأما الأصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان، فإنها لا تختلف، فتشرع في جميع الشرائع. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً تبعا لشريعة واحدة، لا يختلف متأخرها ولا متقدمها.

وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فيختبركم وينظر كيف تعملون، ويبتلي كل أمة بحسب ما تقتضيه حكمته

ويؤتي كل أحد ما يليق به، وليحصل التنافس بين الأمم ، فكل أمة تحرص على سبق غيرها

ولهذا قال: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أي: بادروا إليها وأكملوها، فإن الخيرات الشاملة لكل فرض ومستحب، من حقوق الله وحقوق عباده، لا يصير فاعلها سابقا لغيره مستوليا على الأمر، إلا بأمرين:

المبادرة إليها، وانتهاز الفرصة حين يجيء وقتها ويعرض عارضها، والاجتهاد في أدائها كاملة على الوجه المأمور به.
ويستدل بهذه الآية، على المبادرة لأداء الصلاة

وغيرها في أول وقتها، وعلى أنه ينبغي أن لا يقتصر العبد على مجرد ما يجزئ في الصلاة وغيرها من العبادات من الأمور الواجبة، بل ينبغي أن يأتي بالمستحبات، التي يقدر عليها لتتم وتكمل، ويحصل بها السبق

إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا الأمم السابقة واللاحقة، كلهم سيجمعهم الله ليوم لا ريب فيه. فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من الشرائع والأعمال، فيثيب أهل الحق والعمل الصالح، ويعاقب أهل الباطل والعمل السيئ "

انتهى من "تفسير السعدي" (246) ط ابن الجوزي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية

في تقرير ما تضمنته هذه الآية من هيمنة القرآن على ما سواه :

" فالسلف كلهم متفقون على أن القرآن هو المهيمن المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب ، ومعلوم أن المهيمن على الشيء أعلى منه مرتبة

ومن أسماء الله " المهيمن " ويسمَّى الحاكم على الناس القائم بأمورهم " المهيمن " ...

وهكذ القرآن فإنه قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله وعن اليوم الآخر ، وزاد ذلك بياناً وتفصيلاً وبيَّن الأدلة والبراهين على ذلك

وقرَّر نبوة الأنبياء كلهم ورسالة المرسلين ، وقرَّر الشرائع الكلية التي بعث بها الرسل كلهم ، وجادل المكذبين بالكتب والرسل بأنواع الحجج والبراهين

وبيَّن عقوبات الله لهم ونصره لأهل الكتب المتبعين لها ، وبيَّن ما حُرف منها وبُدِّل ، وما فعله أهل الكتاب في الكتب المتقدمة

وبيَّن أيضاً ما كتموه مما أمر الله ببيانه وكل ما جاءت به النبوات بأحسن الشرائع والمناهج التي نزل بها القرآن ، فصارت له " الهيمنة " على ما بين يديه من الكتب من وجوه متعددة :

فهو شاهد بصدقها ، وشاهد بكذب ما حُرف منها ، وهو حاكم بإقرار ما أقره الله ، ونسخ ما نسخه ، فهو شاهد في الخبريَّات ، حاكم في الأمْريَّات"

انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 17 / 43 ، 44 ) .

والله أعلم









قديم 2019-03-03, 18:13   رقم المشاركة : 405
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المراد بالراسخين في العلم وما هي صفاتهم

السؤال

يقول الله تعالى في كتابه الكريم الآية 162 من سورة النساء ( والمقيمين الصلاة ) فمن هم المقصودون في هذه الآية

وهل هناك أوصاف أو شروط تنطبق عليهم ؟ وجزاكم الله كل خير


الجواب

الحمد لله :

أولا :

الآية المشار إليها هي قوله تعالى : ( لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء /162 .

قال الإمام الطبري رحمه الله :

" قال جل ثناؤه لعباده ، مبينًا لهم حكم من قد هداه لدينه منهم ووفقه لرشده

: ما كلُّ أهل الكتاب صفتهم الصفة التي وصفت لكم ؛ "لكن الراسخون في العلم منهم"، وهم الذين قد رَسخوا في العلم بأحكام الله التي جاءت بها أنبياؤه، وأتقنوا ذلك، وعرفوا حقيقته ...

والمؤمنون" يعني : والمؤمنون بالله ورسله : هم يؤمنون بالقرآن الذي أنزل الله إليك ، يا محمد ، وبالكتب التي أنزلها على من قبلك من الأنبياء والرسل، ولا يسألونك كما سألك هؤلاء الجهلة منهم أن تنزل عليهم كتابًا من السماء

لأنهم قد علموا بما قرأوا من كتب الله وأتتهم به أنبياؤهم، أنك لله رسول، واجبٌ عليهم اتباعك، لا يَسعهم غير ذلك، فلا حاجة بهم إلى أن يسألوك آية معجزة

ولا دلالة غير الذي قد علموا من أمرك بالعلم الراسخ في قلوبهم ، من إخبار أنبيائهم إياهم بذلك، وبما أعطيتك من الأدلّة على نبوتك، فهم لذلك من علمهم ورسوخهم فيه، يؤمنون بك وبما أنزل إليك من الكتاب

وبما أنزل من قبلك من سائر الكتب .. "

انتهى من "تفسير الطبري" (9/393).

وينظر أيضا : "تفسير الطبري" (6/206) .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله :

" لما ذكر معايب أهل الكتاب ، ذكر الممدوحين منهم فقال: لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أي: الذين ثبت العلم في قلوبهم ورسخ الإيقان في أفئدتهم فأثمر لهم الإيمان التام العام بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِن قَبْلِكَ

وأثمر لهم الأعمال الصالحة من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة اللذين هما أفضل الأعمال، وقد اشتملتا على الإخلاص للمعبود والإحسان إلى العبيد. وآمنوا باليوم الآخر فخافوا الوعيد ورجوا الوعد

أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا لأنهم جمعوا بين العلم والإيمان والعمل الصالح، والإيمان بالكتب والرسل السابقة واللاحقة "

انتهى من "تفسير السعدي" (1/214) .

ثانيا :

وورد وصف المؤمنين هنا بإقامة الصلاة بالياء ، مع أنه معطوف على اسم مرفوع ( الراسخون .. )

ومن حق المعطوف على مرفوع أن يرفع ، تنبيها على عظم هذه الصفة وجدارتها بالمدح ، وهذا تسميه العرب منصوب على المدح .

قال القرطبي رحمه الله :

" واختلف في نصبه على أقوال ستة ؛ أصحها قول سيبويه بأنه نصب على المدح ؛ أي : وأعني المقيمين ؛ قال سيبويه : هذا باب ما ينتصب على التعظيم ؛ ومن ذلك : ( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ .. )

قال النحاس : وهذا أصح ما قيل في : ( َالْمُقِيمِينَ ) .

.. وهذا مهيع في النعوت ، لا مطعن فيه من جهة الإعراب ، موجود في كلام العرب"

انتهى مختصرا من الجامع لأحكام القرآن (2/ 240 - 6/ 13 )

وهواختيار الحافظ ابن كثير في تفسيره ( 2 / 467 ) .

والمراد بإقامة الصلاة، المواظبة على أدائها في أوقاتها المحددة لها، مع استيفائها لأركانها وسننها وآدابها وخشوعها، ومع إخلاص النية عند أدائها لله تعالى

كما نقل معنى ذلك عن عدد من السلف .

قال ابن عباس: إقامة الصلاة: إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها.

وقال قتادة: إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها ووضوئها، وركوعها وسجودها.

وقال مقاتل بن حيان: إقامتها: المحافظة على مواقيتها، وإسباغ الطهور فيها ، وتمام ركوعها وسجودها ، وتلاوة القرآن فيها، والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا إقامتها.

ينظر : تفسير ابن كثير ( 1/ 168 ) .

كما أن من صفاتهم التي مدحوا بها في الآية : إيتاء الزكاة. والإيمان بالله، والإيمان باليوم الآخر .

ومن تتبع القرآن وجد صفات أخر مدح بها المؤمنون الذين يقيمون الصلاة

وذلك في مواضع متعددة من القرآن

كما في أول سورة البقرة، وفي أول سورة ( المؤمنون )

وفي سورة المعارج

وفي غيرها من السور.

فنوصي الأخ السائل وغيره بمراجعتها والتدبر فيها ، لعل الله أن ينفعها بها، ويجعله من أهلها.

والله أعلم .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:38

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc