شروح الأحاديث - الصفحة 26 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-11-21, 17:10   رقم المشاركة : 376
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجمع بين حديثي ( لأعلمن أقواماً يأتون بحسنات ) و ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين )

السؤال


كيف نستطيع الجمع بين الحديثين الشريفين: ( أناس من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال كجبال تهامة فيجعلها الله هباء منثوراً ) ، قيل : من هم يا رسول الله ؟

قال : الذين إذا خلو بمحارم الله انتهكوها ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، وبين قوله صلى الله عليه وسلم ( كل أمتي معافى إلا المجاهرون ) .


الجواب

الحمد لله


أولاً:

نص الحديثين موضع الإشكال :

أ. عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ) قَالَ ثَوْبَانُ

: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : ( أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ) .

رواه ابن ماجه ( 4245 ) ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .

الهباء في الأصل : الشَّيءُ المُنْبَثُّ الَّذي تَراه في ضَوْء الشمسِ .

محارم الله : هي كل ما حرَّمه الله تعالى من المعاصي ، الصغائر ، والكبائر .

ب. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ).

رواه البخاري ( 5721) ومسلم ( 2990 ) .

ثانياً:

قد استشكل كثير من الناس الجمع بين هذين الحديثين ، وتعددت أماكن سؤالهم عن ذلك الجمع ، ونذكر ما تيسر من أوجه الجمع بينهما ، سائلين الله تعالى التوفيق ، فنقول :

إن الذي دعا إلى استشكال الحديثين هو ما حواه معناهما مما ظاهره التعارض ، فإن الحديث الأول ليس فيه أن أصحاب المعاصي قد جاهروا بمعاصيهم ، وبمقتضى الحديث الثاني فهم " معافوْن "

فكيف تحبط أعمالهم ، ويتوعدون بالسخط والعذاب ؟! ومن هنا جاء الإشكال في ظاهر الحديثين ، فذهب العلماء في الجمع بينهما مذاهب شتَّى ، ومن ذلك :

1. القول بتضعيف حديث ثوبان ، وقد علَّله بعضهم فضعَّف سنده بالراوي " عقبة بن علقمة المعافري " ، وحكم على متنه بالنكارة .

أ. ويرد على تضعيف سنده :

بأن الراوي عقبة بن علقمة وثَّقه كثيرون ، وممن وثقه : ابن معين ، والنسائي ، ومن حكم على رواياته بالرد فإنما هو إذا روى عنه ابنه " محمد " ، أو روى هو عن " الأوزاعي "

وهذا قول الأئمة المحققين في حاله ، وليست روايته في هذا الحديث عن الأوزاعي ، ولا رواه عنه ابنه محمد ، فالسند حسن على أقل أحواله .

ب. ويرد على نكارة متنه بأن له نظائر معروفة ، كما في قوله تعالى : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ) النساء/ 108 .

وهو وإن لم يكن فيه حبوط أعمال أولئك بلفظ الآية ، إلا أنه يُعرف ذلك بمعناها .

قال ابن كثير رحمه الله:

هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس ؛ لئلا ينكروا عليهم ، ويجاهرون الله بها ؛ لأنه مطّلع على سرائرهم ، وعالم بما في ضمائرهم

ولهذا قال : ( وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) تهديد لهم ، ووعيد .

" تفسير ابن كثير " ( 2 / 407 ) .

2. أن حديث ثوبان في المنافقين ، وحديث أبي هريرة في المسلمين ، فلا تعارض بينهما ، لا سيما إذا حملنا النفاق هنا على النفاق العملي الذي لا ينافي أخوة الإيمان .

والواقع أن المتأمل في حال بعض من يقع في المنكرات هذه الأيام من أهل الخير والصلاح الظاهر ، وباعتراف من يتوب منهم يجد عجباً ، من ارتكاب ذنوب " الخلوات "

بشكل يمكن إطلاق وصف " انتهاك " عليه ! فمن هؤلاء من تكون خلواته في مشاهدة الفضائيات الفاسدة ، والنظر في الإنترنت إلى مواقع الجنس الفاضح

واستعمال أسماء مستعارة للمحادثة والمراسلة مع الأجنبيات ، ثم تجد هؤلاء لهم نصيب في الظاهر من الاستقامة ، في اللباس ، والصلاة ، والصيام

ومن هنا كان هذا الحديث محذِّراً لهؤلاء أن يكون حالهم حال المنافقين ، أو أن يكونوا أعداء لإبليس في الظاهر ، أصدقاء له في السرِّ ، كما قال بعض السلف .

قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله:

الكبيرة السادسة والخمسون بعد الثلاثمائة :

إظهار زي الصالحين في الملأ ، وانتهاك المحارم ، ولو صغائر في الخلوة : أخرج ابن ماجه بسند رواته ثقات عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لأعلمنَّ أقواماً مِن أمتي يأتون .... ) .

لأن من كان دأبه إظهار الحسن ، وإسرار القبيح : يعظم ضرره ، وإغواؤه للمسلمين ؛ لانحلال ربقة التقوى ، والخوف ، من عنقه .

" الزواجر عن اقتراف الكبائر " ( 2 / 764 ) .

3. قوله صلى الله عليه وسلم ( إِذَا خَلوا بِمَحَارِمِ الله ) لا يقتضي خلوتهم في بيوتهم وحدهم ! بل قد يكونون مع جماعتهم ، ومن على شاكلتهم ، فالحديث فيه بيان خلوتهم بالمحارم

لا خلوتهم مع أنفسهم في بيوتهم ، فليس هؤلاء بمعافين ، والمعافى الذي في حديث أبي هريرة الذي يظهر لنا أنه يفعل المعصية الغالبة عليه وحده ،

ولذا جاء في الحديث أنه شخص بعين ، وأن ربَّه قد ستره ، (يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ) ، وحديث ثوبان فيه الجمع ( قوْم ) و ( خَلَوا ) .

قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:

الذي يبدو أن ( خلوا بمحارم الله ) ليس معناها " سرّاً " ، وإنما : إذا سنحت لهم الفرصة انتهكوا المحارم ، فـ " خلَوا " ليس معناها " سرّاً " ، وإنما من باب " خلا لكِ الجو فبيضي واصفري " .

" سلسلة الهدى والنور " شريط رقم ( 226 ) .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 17:11   رقم المشاركة : 377
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



7. وصف هؤلاء المذكورون في حديث ثوبان بأنهم "ينتهكون" محارم الله ، وهو وصف يدل على استحلالهم لذلك ، أو مبالغتهم فيها في هذه الحال ، وأمنهم من مكر الله ، وعقوبته

وعدم مبالاتهم باطلاعه عليهم . فلذا استحقوا العقوبة بحبوط أعمالهم ، وليس الوعيد على مجرد الفعل لتلك المعصية ، ولعله لذلك سأل ثوبان رضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يجلِّي حال أولئك

وأن يصفهم ؛ خشية أن يكونوا منهم ، وهم لا يدرون ، ومثل هذا إنما هو طلب لمعرفة حال قلوب أولئك العصاة ، وليس لمعرفة أفعالهم مجردة .

قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :

أي : أن عندهم استهتاراً ، واستخفافاً بالله عز وجل ، فهناك فرق بين المعصية التي تأتي مع الانكسار

والمعصية التي تأتي بغير انكسار ، بين شخص يعصي الله في ستر ، وبين شخص عنده جرأة على الله عز وجل ، فصارت حسناته في العلانية أشبه بالرياء

وإن كانت أمثال الجبال ، فإذا كان بين الصالحين : أَحْسَنَ أيما إحسانٍ ؛ لأنه يرجو الناس ولا يرجو الله ، فيأتي بحسنات كأمثال الجبال

فظاهرها حسنات ، ( لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ) فهم في السر لا يرجون لله وقاراً ، ولا يخافون من الله سبحانه وتعالى

بخلاف من يفعل المعصية في السر وقلبه منكسر ، ويكره هذه المعصية ، ويمقتها ، ويرزقه الله الندم ، فالشخص الذي يفعل المعصية في السر وعنده الندم

والحرقة ، ويتألم : فهذا ليس ممن ينتهك محارم الله عز وجل ؛ لأنه - في الأصل - معظِّم لشعائر الله ، لكن غلبته شهوته ، فينكسر لها ، أما الآخر : فيتسم بالوقاحة

والجرأة على الله ؛ لأن الشرع لا يتحدث عن شخص ، أو شخصين ، ولا يتحدث عن نص محدد ، إنما يعطي الأوصاف كاملة .

مِن الناس مَن إذا خلا بالمعصية : خلا بها جريئاً على الله ، ومنهم من يخلو بالمعصية ، وهو تحت قهر الشهوة ، وسلطان الشهوة ، ولو أنه أمعن النظر وتريث : ربما غلب إيمانُه شهوتَه

وحال بينه وبين المعصية ، لكن الشهوة أعمته ، والشهوة قد تعمي وتصم ، فلا يسمع نصيحة ، ولا يرعوي ، فيهجم على المعصية فيستزله الشيطان

قال تعالى : ( إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ) آل عمران/ 155 ، فإذا حصل الاستزلال من الشيطان ، فزلت قدم العبد

لكن في قرارة قلبه الاعتراف بالمعصية ، والله يعلم أنه لما وقع في المعصية أنه نادم ، وأنه كاره لها ، حتى إن بعضهم يفعل المعصية وهو في قرارة قلبه يتمنى أنه مات قبل أن يفعلها

: فهذا معظِّم لله عز وجل ، ولكنه لم يرزق من الإيمان ما يحول بينه وبين المعصية ، وقد يكون سبب ابتلاء الله له أنه عيَّر أحداً ، أو أنه عق والداً

أو قطع رحمه ، فحجب الله عنه رحمته ، أو آذى عالماً ، أو وقع في أذية ولي من أولياء الله ، فآذنه الله بحرب ، فأصبح حاله حال المخذول ، مع أنه في قرارة قلبه لا يرضى بهذا الشيء ... .

فالذي يعصي في السر على مراتب : منهم من يعصي مع وجود الاستخفاف ، فبعض العُصاة تجده لما يأتي إلى معصية لا يراه فيها أحد : يذهب الزاجر عنه

ويمارسها بكل تهكم ، وبكل وقاحة ، وبكل سخرية ، ويقول كلمات ، ويفعل أفعالاً ، ولربما نصحه الناصح ، فيرد عليه بكلمات كلها وقاحة ، وإذا به يستخف بعظمة الله عز وجل ، ودينه

وشرعه ، لكنه إذا خرج إلى الظاهر صلى ، وصام ، وإذا خلا بالمعصية لا يرجو لله وقاراً - والعياذ بالله - فليس هذا مثل من يضعف أمام شهوة

أو يفتن بفتنةٍ يراها ، ويحس أن فيها بلاء ، وشقاء ، ويقدم عليها ، وقلبه يتمعر من داخله ، ويتألم من قرارة قلبه ، ثم إذا أصاب المعصية ندم .

فهذا الحديث – أي : حديث ثوبان - ليس على إطلاقه ، وإنما المراد به : من كانت عنده الجرأة - والعياذ بالله - ، والاستخفاف بحدود الله .

" شرح زاد المستقنع " ( رقم الدرس 332 ) .

نسأل الله أن يحبب إلينا الإيمان ، وأن يزينه في قلوبنا ، ونسأله أن يبغِّض إلينا الكفر ، والفسوق ، والعصيان .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 17:14   رقم المشاركة : 378
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل وقت النّزول الإلهي هو السدس الخامس من الليل ، أو ثلث الليل الأخير كله؟

السؤال

اطّلعت على فتاوي أرقام: وفهمت أن ثلث الليل الأخير هو وقت السّحر هو وقت النّزول الإلهي وقد ورد بالتّحديد في الفتوى رقم 34810: "وأول الثلث وآخره يعرف في كل زمان بحسبه فإذا كان

الليل تسع ساعات كان أول وقت النزول أول الساعة السابعة إلى طلوع الفجر". وهذا ينطبق علينا تماماً حيث أن آذان المغرب عند السّاعة الثّامنة وآذان الفجر عند السّاعة الخامسة

أي أن طول الليل 9 ساعات فيكون وقت النّزول ابتداءً من السّاعة الثّانية وحتى السّاعة الخامسة حسب الفتوى رقم 34810. ولكني قرأت في الفتوى رقم 132950 أن وقت جوف الليل الآخر

هو وقت النّزول وهو السّدس الخامس من أسداس الليل: (قال الحافظ ابن رجب : " جوف الليل إذا أُطلق فالمراد به : وسطه ، وإن قيل : جوف الليل الآخر ، فالمراد به وسط النصف الثاني

وهو السدس الخامس من أسداس الليل ، وهو الوقت الذي ورد فيه النزول الإلهي " انتهى "جامع العلوم والحكم" صـ

273) . فيكون وقت النّزول في مدينتنا حسب الفتوى السّابقة ابتداءً من السّاعة الثّانية وحتى السّاعة الثّالثة والنّصف (السّدس الخامس من أسداس الليل). فمتى وقت النّزول الإلهي : هل هو وقت جوف الليل الآخر ، أم ثلث الليل الأخير كله ؟


الجواب

الحمد لله


روى البخاري (1145) ومسلم (758) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ) .

وقد تظاهرت الروايات على تحديد وقت النزول الإلهي إلى السماء الدنيا بـ "ثلث الليل الآخر" ، كالذي ورد هنا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه . قال الإمام الترمذي رحمه الله : " وهو أصح الروايات" .

"سنن الترمذي" (2/309) .

ولا يمنع ذلك أن يقال : إن السدس الخامس من أسداس الليل هو وقت النزول الإلهي ؛ فإن الثلث الأخير هو عبارة عن السدسين : الخامس والسادس

وأول هذا الثلث هو السدس الخامس ؛ فلذلك يصح أن يقال : إن وقت النزول هو الثلث الأخير ، وهو أيضا : السدس الخامس .

فإذا عرفنا أن بعض الروايات صرحت بامتداد ذلك النزول إلى الفجر ؛ كما في رواية لمسلم (758) :

( فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ ) ؛ ازداد الأمر وضوحا ، وعرفنا أن النزول يبدأ في الثلث الآخر من الليل ، وهو أيضا : السدس الخامس ، ليشمل السدس السادس ـ أيضا ـ بعده .

على أنه قد يقال : إنه إذا كان لهذا السدس الخامس خصوصية ؛ فلعله أن يكون أرجى أوقات الإجابة في الليل ، كما في الحديث عن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ :

قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ : ( جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ) رواه الترمذي (3499) وحسنه الألباني .

هذا مع أن غير واحد من أهل العلم يعبرون عن جوف الليل الآخر بأنه الثلث الآخر ، وأنه ـ أيضا ـ السدس الخامس ، لما قد ذكرناه فيما سبق من أن السدس الخامس هو أول ذلك الثلث.

قال الخطابي رحمه الله :

" قوله ( أي الساعات أسمع ) ، يريد : أيها أوقع للسمع ، والمعنى أيها أولى بالدعاء ، وأرجى للاستجابة ؟ وهذا كقول ضماد الأزدي ، حين عرض عليه رسول الله الإسلام

قال : فسمعت كلاما لم أسمع قولا قط أسمع منه ؛ يريد أبلغ منه ولا أنجع في القلب .

وجوف الليل الآخر : إنما هو الجزء الخامس من أسداس الليل ، وهذا موافق للحديث الذي يروى أن الله يمهل حتى يبقى الثلث الآخر من الليل فينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى هل من تائب فيغفر له " انتهى .

"غريب الحديث"، للخطابي (1/134) .

وقال ابن الأثير رحمه الله :

" وفيه : ( قِيل له : أيُّ اللَّيل أسْمَعُ ؟ قال : جَوْف الليل الآخِرُ ) ، أي : ثُلثُه الآخِرُ ، وهو الجُزء الخامِس من أسداس الليل " انتهى . "النهاية" (1/841) .

وقال المرتضى الزبيدي رحمه الله :

" وجَوْفُ اللَّيْلِ : الآخِرُ في الحَدِيثِ وهو قَوْلُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا سُئِلَ : أَي اللَّيْلِ أَسْمَعُ ؟ قال : ( جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرِ ) أَي : ثُلُثُةُ الآخِرُ ، وهو الجُزْءُ الْخَامِسُ مِن أَسْدَاسِ اللَّيْلِ ؛ أَي لا نِصْفُه كما زَعَمَهُ بَعْضُهم

" انتهى . "تاج العروس" (23/108) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 17:17   رقم المشاركة : 379
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من الأحاديث الصحيحة الواردة في ذم الأسواق

السؤال

أرجو إرسال الحديث الخاص بالسوق ، وهل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالابتعاد عن الأسواق ؟

الجواب


الحمد لله


الأحاديث والآثار الصحيحة الواردة في ذم الأسواق ثابتة في كتب السنة الصحيحة ، ومن ذلك :

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا ، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا) رواه مسلم (671)

وتروى في مناسبة هذا الحديث قصة طويلة ، لكنها موضوعة لا تصح ، انظر "السلسلة الضعيفة" (6500) .

قال النووي رحمه الله :

"لأنها محل الغش ، والخداع ، والربا ، والأيمان الكاذبة ، وإخلاف الوعد ، والإعراض عن ذكر الله ، وغير ذلك مما في معناه ، والمساجد محل نزول الرحمة ، والأسواق ضدها" انتهى باختصار .

"شرح مسلم" (5/171) .

وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه : (لَا تَكُونَنَّ إِنْ اسْتَطَعْتَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ ، وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ ، وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ) رواه مسلم (2451) .

وقال ميثمٌ - رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - :

(بَلَغَنِي أَنَّ المَلَكَ يَغْدُو بِرَايَتِهِ مَعَ أَوَّلِ مَنْ يَغْدُو إِلى المَسْجِدِ ، فَلاَ يَزَالُ بِهَا مَعَهُ حَتَّى يَرْجِعَ ، فَيَدْخُلَ بِهَا مَنْزِلَهُ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَغْدُو بِرَايَتِهِ مَعَ أَوَّلِ مَنْ يَغْدُو إِلى السُّوقِ)

رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (5/183) وقال ابن حجر : "موقوف صحيح السند" انتهى . "الإصابة" (3/496) ، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" .

قال ابن بطال رحمه الله :

"هذا إنما خرج على الأغلب ؛ لأن المساجد يذكر فيه اسم الله تعالى ، والأسواق قد غلب عليها اللغط واللهو والاشتغال بجمع المال ، والكَلَب على الدنيا من الوجه المباح وغيره

وأما إذا ذُكر الله في السوق فهو من أفضل الأعمال" انتهى .

"شرح صحيح البخاري" (6/249) .

وقال القرطبي رحمه الله :

"في هذه الأحاديث ما يدل على كراهة دخول الأسواق ، لا سيما في هذه الأزمان التي يخالط فيها الرجال النسوان ، وهكذا قال علماؤنا ، لما كثر الباطل في الأسواق وظهرت فيها المناكر :

كره دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم في الدين ، تنزيها لهم عن البقاع التي يعصى الله فيها ، فحق على من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل محل الشيطان ومحل جنوده

وأنه إن أقام هناك هلك ، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته ، وتحرز من سوء عاقبته وبليته" انتهى .

"الجامع لأحكام القرآن" (13/16) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 17:19   رقم المشاركة : 380
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير حديث ( لو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين )

السؤال

. سؤالي يتعلق بحديث قرأته في تفسير ابن كثير ، في تفسيره للآية الواحدة والخمسين من سورة القلم ، والحديث يقول: ( نَعَمْ فَلَوْ كَانَ شَيْءٌ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْن )

وسؤالي هو : إذا كان الله عز وجل قد قدر لكل مخلوق ما سيكون ، وحفظ ذلك في اللوح المحفوظ ، وأن ما قدره سيحدث بكل تأكيد ، فكيف تتفوق العين الشريرة على القدر ؟

هل المقصود من هذا هو التأكيد على قوة العين الشريرة ؟

أرجو أن يكون السؤال واضحا .


الجواب


الحمد لله


هذا الحديث رواه الإمام مسلم (2188) في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الْعَيْنُ حَقٌّ ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ) .

وروى الترمذي (2059) عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت : (يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ الْعَيْنُ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ

فَقَالَ : نَعَمْ ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ) وصححه ابن عبد البر في "الاستذكار" (7/409) ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1252) .

وليس في هذا الحديث ما يدل على معارضة العين لقدر الله عز وجل ، بل هي من القدر ، وكل ما يصيب الناس من مصائب وابتلاءات إنما هي من أقدار الله

ولكن الحديث جرى مجرى المبالغة في إثبات أثر العين ، كي يندفع ما في قلوب بعض الناس من الشك في تأثير العين على الإنسان ، ففي هذا الحديث إثبات أثر العين

وتأكيد ذلك بأسلوب المبالغة في سرعة التأثير وقوته ، وفيه أيضا إثبات أن العين من قدر الله .

قال القرطبي رحمه الله :

"(ولو كان شيء سبق القدر لسبقته العين) : هذا تحقيق لإصابة العين ، ومبالغة فيه تجري مجرى التمثيل ، لا أنه يمكن أن يرد القدر شيء ، فإن القدر عبارة عن سابق علم الله تعالى ونفوذ مشيئته

ولا راد لأمره ، ولا معقب لحكمه ، وإنما هذا خرج مخرج قولهم : لأطلبنك ولو تحت الثرى . أو : لو صعدت إلى السماء ، ونحوه مما يجري هذا المجرى ، وهو كثير" انتهى بتصرف يسير .

"المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم" (5/566) .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

"وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( لو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين ) دليل على أن المرء لا يصيبه إلا ما قدر له ، وأن العين لا تسبق القدر ، ولكنها من القدر" انتهى .

"التمهيد" (6/240) .

وقال أيضا رحمه الله :

"وفي قوله : ( لو سبق شيء القدر لسبقته العين ) دليل على أن الصحة والسقم قد علمهما الله تعالى ، وما علم فلا بد من كونه على ما علمه ، لا يتجاوز وقته

ولكن النفس تسكن إلى العلاج والطب والرقى وكل سبب من أسباب قدر الله وعلمه" انتهى .

"الاستذكار" (8/403) .

وقال القاضي عياض رحمه الله :

"(لو سبق شيء القدر سبقته العين) : بيان أن لا شيء إلا ما قدره الله ، وأن كل شيء من عين وغيره إنما هو بقدر الله ومشيئته ، لكن فيه صحة أمر العين وقوة دائه" انتهى .

"إكمال المعلم" (7/85) .

قال النووي رحمه الله :

"(ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين) فيه إثبات القدر ، وهو حق بالنصوص وإجماع أهل السنة ، ومعناه أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى

ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله تعالى ، وسبق بها علمه ، فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى" انتهى .

"شرح مسلم" (14/174) .

وقال أبو الوليد الباجي رحمه الله :

"(لو سبق القدر شيء لسبقته العين) يقتضي أنه لا يسبق القدر شيء ... لكن لما كان تأثير العين تأثيرا متواليا بينا قال فيه صلى الله عليه وسلم هذا القول على معنى المبالغة فيه" انتهى .

"المنتقى شرح الموطأ" (7/258) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين ، لا أنه يمكن أن يرد القدر شيء ، إذ القدر عبارة عن سابق علم الله ، وهو لا راد لأمره ، أشار إلى ذلك القرطبي

وحاصله : لو فرض أن شيئا له قوة بحيث يسبق القدر لكان العين ، لكنها لا تسبق ، فكيف غيرها ؟!" انتهى .

"فتح الباري" (10/203-204) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 17:23   رقم المشاركة : 381
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ما معنى في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ؟

السؤال

اللهم متعنا بالنظر لوجهك الكريم ، في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة . ما معنى هذا الدعاء ؟

الجواب

الحمد لله

هذا الدعاء يرويه الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنه ، فيقول :

( أَمَا إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ فِيهِمَا – يعني في الركعتين - بِدُعَاءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ : اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي

أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا ، وَالْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ ، وَمِنْ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ )

رواه أحمد في " المسند " (30/265) وصححه محققو طبعة مؤسسة الرسالة ، ورواه النسائي في " السنن " (رقم/1305): وفي لفظه بعض الزيادة :

( أَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ

فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح النسائي " وكتب أخرى.

وقوله صلى الله عليه وسلم ( في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) احتراز عن أن يكون الشوق إلى لقاء الله سببه ضرر أو فتنة لحقت بالعبد ، بل يسأل الله شوقا إليه ، سبَبُهُ حبه سبحانه وتعالى ، ورجاءُ ما عنده من الفضل .

وقد شرح الحافظ ابن رجب جملا من هذا الدعاء في رسالة بعنوان : " شرح حديث لبيك الله لبيك " (ص/95)، فكان مما قاله :

" وإنما قال : ( من غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ) لأن الشوق إلى لقاء الله يستلزم محبة الموت ، والموت يقع تمنيه كثيرا من أهل الدنيا بوقوع الضراء المضرة في الدنيا

وإن كان منهيا عنه في الشرع ، ويقع من أهل الدين تمنيه لخشية الوقوع في الفتن المضلة ، فسأل تمني الموت خاليا من هذين الحالين

وأن يكون ناشئا عن محض محبة الله ، والشوق إلى لقائه ، وقد حصل هذا المقام لكثير من السلف ، قال أبو الدرداء : أحب الموت اشتياقا إلى ربي .

وقال أبو عتبة الخولاني : كان إخوانكم للقاء الله أحب إليهم من الشهد . وقالت رابعة : طالت عليَّ الأيام والليالي بالشوق إلى لقاء الله " انتهى.

ويقول الشوكاني رحمه الله في شرح هذا الدعاء :

" قوله : ( بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ) فيه دليل على جواز التوسل إليه تعالى بصفات كماله وخصال جلاله .

قوله : ( أحييني ) إلى قوله : ( خيرا لي ) هذا ثابت في الصحيحين من حديث أنس بلفظ : (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي )

وهو يدل على جواز الدعاء بهذا ، لكن عند نزول الضرر

كما وقع التقييد بذلك في حديث أنس المذكور المتفق عليه ، ولفظه : ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا فليقل : اللهم أحيني ) إلى آخره .

قوله : ( خشيتك في الغيب والشهادة ) أي : في مغيب الناس وحضورهم ؛ لأن الخشية بين الناس فقط ليست من الخشية لله ، بل من خشية الناس .

قوله : ( وكلمة الحق في الغضب والرضا ) إنما جمع بين الحالتين ؛ لأن الغضب ربما حال بين الإنسان وبين الصدع بالحق ، وكذلك الرضا ربما قاد في بعض الحالات إلى المداهنة وكتم كلمة الحق .

قوله : ( والقصد في الفقر والغنى ) القصد في كتب اللغة بمعنى : استقامة الطريق والاعتدال، وبمعنى ضد الإفراط ، وهو المناسب هنا ؛ لأن بطر الغنى ربما جر إلى الإفراط .

وعدم الصبر على الفقر ربما أوقع في التفريط ، فالقصد فيهما هو الطريقة القويمة .

قوله : ( والشوق إلى لقائك ) إنما سأله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه من موجبات محبة الله للقاء عبده ، لحديث : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ) ومحبة الله تعالى لذلك من أسباب المغفرة .

قوله : ( مُضِرَّة ) إنما قيد صلى الله عليه وآله وسلم بذلك لأن الضراء ربما كانت نافعة آجلا أو عاجلا ، فلا يليق الاستعاذة منها .

قوله : ( مُضِلَّة ) وصفها صلى الله عليه وآله وسلم بذلك لأن من الفتن ما يكون من أسباب الهداية ، وهذا بهذا الاعتبار مما لا يستعاذ منه . قال أهل اللغة : الفتنة الامتحان والاختبار " انتهى.

" نيل الأوطار " (2/333)

وينظر : " فيض القدير " للمناوي (2/184-185)

" فقه الأدعية والأذكار" (3/160-165).

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 15:25   رقم المشاركة : 382
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يجب علي أن أذكر الله في كل مجلس ؟

السؤال

ما معنى هذه الأحاديث الثلاثة : 1-( من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة , ومن اضطجع مضجعاً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة

) 2-( ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه

, ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة , فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم )

3- ( ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة )

هل يعني هذا أني لا بد أن أذكر الله دائماً ، وأصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم كلما تكلمت مع أي شخص ، وأني لو لم أفعل أثمت ؟.


الجواب

الحمد لله

تدل هذه الأحاديث وغيرها على استحباب إعمار المجالس بذكر الله تعالى ، وقضاء الأوقات في النافع المفيد ، كما تدل على التحذير من الوقوع فيما يؤدي إلى الندم يوم القيامة

لا نعني الندم بسبب الوقوع في المعاصي ، بل الندم بسبب عدم الاستكثار من الخير الذي يرفع الدرجات ، ويبلغ بالمؤمن أعلى المقامات .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

( مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ )

رواه أبو داود (4856) وبوب عليه بقوله : باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله .

وروى نحوه ابن حبان في " صحيحه " (3/133) وبوب عليه بقوله

: ذكر استحباب الذكر لله جل وعلا في الأحوال ، حَذَرَ أن يكون المواضع عليه ترة في القيامة .

وذكره المنذري في " الترغيب والترهيب " (2/262) تحت باب :

" الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلساً لا يذكر الله فيه ، ولا يصلى على نبيه محمد صلى الله عليه و سلم " انتهى.

ولفظ الترمذي للحديث : ( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ )

رواه الترمذي في السنن (رقم/3380)

وبوب عليه بقوله: باب في القوم يجلسون ولا يذكرون الله. وقال عقب الرواية : هذا حديث حسن ، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعنى قوله : ( ترة ) : يعني حسرة وندامة " انتهى.

فقد استدل العلماء بهذه الأحاديث على كراهة أن تخلو المجالس من ذكر الله ، وليس على تحريم ذلك ، فالحسرة لا يلزم أن تكون بسبب ترك الواجبات

بل يمكن أن تقع بسبب ترك المستحبات التي ترفع إلى أعلى الدرجات ، وقد جاء عن بعض السلف أنه قال

: يعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره ، فكل ساعة لم يذكر الله فيها تتقطع نفسه عليها حسرات .

كما نقل ذلك الحافظ ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " (ص/135).

وقوله في الحديث : ( إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم ) يدل بظاهره على وجوب الذكر في كل مجلس ، لأن العذاب والمغفرة لا يكون إلا عن ذنب

إما بترك واجب ، وإما بفعل محرم. قال ابن علان رحمه الله :

" (فإن شاء عذبهم) جزاء ما قصروا في ذلك بتركها ( وإن شاء غفر لهم ) ذلك النقص . وهذا يقتضي وجوب وجود الذكر والصلاة على النبي في المجلس

لأنه رتب العذاب على ترك ذلك وهو آية الوجوب ، ولم أر من ذكر عنه القول بوجوب ذلك في كل مجلس ، والحديث يقتضيه "

انتهى . دليل الفالحين شرح رياض الصالحين (6/127) .

والذي حمل أهل العلم الحديث عليه هو كراهة إخلاء المجلس من ذكر الله تعالى .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" يكره لمن قعد في مكان أن يفارقه قبل أن يذكر الله تعالى فيه ، لحديث أبي هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ...وذكر الحديث " انتهى.

" المجموع " (4/477-478) .

وأما المغفرة المذكورة فهي محمولة على ذنوب أخرى ، أو على التشديد في ترك ذلك .

قال الملا علي القاري رحمه الله :

" (إن شاء عذبهم) أي : بذنوبهم السابقة وتقصيراتهم اللاحقة .. قال الطيبى : قوله فإن شاء عذبهم ، من باب التشديد والتغليظ ، ويحتمل أن يصدر من أهل المجلس ما يوجب العقوبة " .

"مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (8/37) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 15:36   رقم المشاركة : 383
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى

السؤال


قمت بإهداء بضعة كتب إسلامية باللغة الفرنسية لشخص غير مسلم , من بين تلك الكتب كتاب 110 أحاديث قدسية ، نشر دار السلام , قال لي ذلك الشخص إنه مقتنع أن القرآن لا يمكن أن يكون إلا كلام الله ,

ولكن أبدى تحفظه ، ولم يفهم حديثا قدسيا في ذلك الكتاب ، والذي هو: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تحشر هذه الأمة على ثلاثة أصنافٍ

صنف يدخلون الجنة بغير حسابٍ ، وصنف يحاسبون حساباً يسيراً ثم يدخلون الجنة ، وصنف يجيئون على ظهورهم أمثال الجبال الراسيات ذنوباً ، فيسأل الله عنهم وهو أعلم بهم

فيقول : ما هؤلاء ؟

فيقولون : هؤلاء عبيد من عبادك ، فيقول : حطوها عنهم واجعلوها على اليهود والنصارى ، وأدخلوهم برحمتي الجنة ) قال لي : لماذا على اليهود والنصارى ؟

قلت له : اليهود والنصارى الذين خالفوا شرع الله ، وأضلوا الناس ، وقاتلوا الأنبياء ، وليس الذين اتبعوا شرع الله ، واتبعوا الأنبياء ! قال : لا لم يذكر هذا في الحديث ، ولكن جاء كلمة ( اليهود والنصارى )

. قلت له : هناك شرح لكل حديث سأخبرك عنه لاحقاً لأسأل بعض أهل الحديث , وللأسف أن بعض الكتب المترجمة لا تشرح لغير المسلم وتوضح له . أريد شرحا مفصلا ، أفيدوني بارك الله بكم ( أن لا تزر وازرة وزر أخرى )


الجواب

الحمد لله

أولا :

الحديث المذكور أخرجه الطبرانى كما فى مجمع الزوائد (10/343) ، قال الهيثمى : فيه عثمان بن مطر وهو مجمع على ضعفه . والحاكم (1/126 ، رقم 193)

وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وسكت عنه الذهبي .

وأصل الحديث رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَيَقُولُ هَذَا فِكَاكُكَ مِنْ النَّارِ )

وكان سعيد بن أبي بردة قد حدَّث بهذا الحديث أمام عمر بن عبد العزيز ، فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فحلف له .

وفي لفظ :

( لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا أَدْخَلَ اللَّهُ مَكَانَهُ النَّارَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا )

وكلها في صحيح الإمام مسلم رحمه الله من طريق أبي بردة عن أبيه حديث رقم : (2767)

وقد أخذ هذا الحديث عن أبي بردة أكثر من ثمانية من الرواة ، كما في " مسند أحمد " (4/391)، ومسند عبد بن حميد (537،540)، وسنن ابن ماجه (4291)، وغيرها

اختلفت ألفاظ بعضهم عن بعض ، إلا أنها متفقة في المعنى كلها ، تتحدث عن فداء المسلم من النار بواحد من اليهود والنصارى .

غير أن واحدا من هذه الألفاظ فيه اختلاف عن الباقي ، وهو ما يرويه غيلان بن جرير ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، بلفظ : ( يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ

فَيَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ ، وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى )

ثانيا :

ولما كان ظاهر هذا الحديث مخالفا لقول الله تعالى : ( وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الأنعام/164، كان للعلماء مسلكان في التعامل مع هذا الحديث :

المسلك الأول :

عدم قبوله وتضعيفه لسببين :

1- اختلاف الرواة عن أبي بردة في إسناد الحديث .

فمرة يقول بعضهم : عن أبي بردة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وأخرى يقول آخر : عن أبي بردة ، عن عبد الله بن يزيد.

ويقول آخر : عن أبي بردة ، عن رجل من أصحاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وجاء مرة عن أبي بردة ، عن رجل من الأنصار ، عن أبيه .

ومرة عن أبي بردة ، عن رجل من الأنصار ، عن بعض أهله .

كل هذه الأوجه نجدها في " التاريخ الكبير " للإمام البخاري رحمه الله (1/39)

ثم قال الإمام البخاري رحمه الله :

" والخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة ، وأن قوما يُعَذَّبُون ثم يخرجون أكثر وأبين وأشهر ... - ثم قال - : ألفاظهم مختلفة الا أن المعنى قريب " انتهى.

" التاريخ الكبير " (1/39)

وقال الإمام البيهقي رحمه الله :

" وقد علل البخاري حديث أبي بردة باختلاف الرواة عليه في إسناده ، ثم قال : الحديث في الشفاعة أصح " انتهى.

" البعث والنشور " (حديث رقم/ 86)

2- بسبب شك الراوي فيه ، فقد جاءت في رواية الإمام مسلم الأخيرة قول أحد رواة الحديث: ( ويضعها على اليهود والنصارى فيما أحسب أنا ) قال أبو روح حرمي بن عمارة أحد رواة الحديث : لا أدري ممن الشك .

قال البيهقي رحمه الله :

" اللفظ الذي تفرد بها شداد أبو طلحة بروايته في هذا الحديث . وهو قوله : ( ويضعها على اليهود النصارى ) مع شك الراوي فيه : لا أراه محفوظا . والكافر لا يعاقب بذنب غيره . قال الله عز وجل : ( لا تزر وازرة وزر أخرى )

وإنما لفظ الحديث على ما رواه سعيد بن أبي بردة ، وغيره ، عن أبي بردة " انتهى.

" البعث والنشور " (حديث رقم/86)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وفي حديث الباب وما بعده – وهي أحاديث تحت باب القصاص يوم القيامة - دلالة على ضعف الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية غيلان بن جرير ... - وذكر الحديث ونقل عن البيهقي تضعيفه - " انتهى باختصار.

" فتح الباري " (11/398)

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" رواه الجماعة عن أبي بردة دون تلك الزيادة – يعني لفظ ( ويضعها على اليهود والنصارى ) ، فهي عندي شاذة ، بل منكرة ، لوجوه :

أولا : أن الراوي شك فيها ، وهو عندي شداد أبو طلحة الراسبي

أو الراوي عنه حرمي بن عمارة ، و لكن هذا قد قال - و هو أبو روح -

: ( لا أدري ممن الشك )، فتعين أنه الراسبي، لأنه متكلم فيه من قبل حفظه وإن كان ثقة في ذات نفسه ، ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء "

وقال : قال ابن عدي : لم أر له حديثا منكرا . و قال العقيلي : له أحاديث لا يتابع

عليها . وقال الحافظ في " التقريب "

: صدوق يخطئ . وليس له في مسلم إلا هذا الحديث .

قال الحافظ في " التهذيب " : " لكنه في الشواهد " .

ثانيا : ولما كان قد تفرد بهذه الزيادة التي ليس لها شاهد في الطرق السابقة ، وكان فيه ما ذكرنا من الضعف في الحفظ ، فالقواعد الحديثية تعطينا أنها زيادة منكرة ، كما لا يخفى على المهرة .

ثالثا : أن هذه الزيادة مخالفة للقرآن القائل في غير ما آية : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) " انتهى باختصار.

" السلسلة الضعيفة " (حديث رقم/1316، ورقم/5399).









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 15:37   رقم المشاركة : 384
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



المسلك الثاني :

توجيه معنى الحديث بما يتوافق مع ظاهر القرآن الكريم :

قال الإمام البيهقي رحمه الله :

" ووجه هذا عندي - والله أعلم - أن الله تعالى قد أعد للمؤمن مقعدا في الجنة ومقعدا في النار كما روي في حديث أنس بن مالك ، كذلك الكافر كما روي في حديث أبي هريرة

فالمؤمن يدخل الجنة بعدما يرى مقعده من النار ليزداد شكرا ، والكافر يدخل النار بعد ما يرى مقعده من الجنة لتكون عليه حسرة ، فكأن الكافر يورث على المؤمن مقعده من الجنة

والمؤمن يورث على الكافر مقعده من النار ، فيصير في التقدير كأنه فدى المؤمن بالكافر " انتهى.

" البعث والنشور " (حديث رقم/85)

وذكر رحمه الله احتمالا آخر في شرح الحديث الذي بعده فقال :

" ويحتمل أن يكون حديث الفداء في قوم قد صارت ذنوبهم مكفرة في حياتهم ، وحديث الشفاعة في قوم لم تعد ذنوبهم مكفرة في حياتهم

ويحتمل أن يكون هذا القول لهم في حديث الفداء بعد الشفاعة ، فلا يكون بينهما اختلاف ، والله أعلم " انتهى.

وقال الإمام النووي رحمه الله :

" معنى هذا الحديث ما جاء في حديث أبى هريرة : ( لكل أحد منزل في الجنة ومنزل في النار ) فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار لاستحقاقه ذلك بكفره .

ومعنى : ( فكاكك من النار ) أنك كنت معرَّضا لدخول النار ، وهذا فكاكك ؛ لأن الله تعالى قدر لها عددا يملؤها

فإذا دخلها الكفار بكفرهم وذنوبهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين .

وأما رواية : ( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب ) : فمعناه أن الله تعالى يغفر تلك الذنوب للمسلمين ويسقطها عنهم ، ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم فيدخلهم النار بأعمالهم

لا بذنوب المسلمين ، ولا بد من هذا التأويل ، لقوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، وقوله : ( ويضعها ) مَجاز ، والمراد يضع عليهم مثلها بذنوبهم كما ذكرناه

لكن لما أسقط سبحانه وتعالى عن المسلمين سيئاتهم ، وأبقى على الكفار سيئاتهم ، صاروا في معنى من حمل إثم الفريقين لكونهم حملوا الإثم الباقي وهو إثمهم

ويحتمل أن يكون المراد آثاما كان للكفار سبب فيها ، بأن سنُّوها ، فتسقط عن المسلمين بعفو الله تعالى ، ويوضع على الكفار مثلها لكونهم سنوها ، ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها " انتهى.

" شرح مسلم " (17/85)

وقال رحمه الله :

" معنى ( فكاكك ) : أنك كنت معرضا لدخول النار ، هذا فكاكك ؛ لأن الله تعالى قدر للنار عددا يملؤها ، فإذا دخلها الكفار بذنوبهم وكفرهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين ، والله أعلم " انتهى.

" رياض الصالحين " (ص/534) .

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى

: ( أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) :

" قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سِنَان ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ، ومنزل في النار ، فإن مات فدخل النار وَرثَ أهل الجنة منزله ، فذلك قوله : ( أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ) ) - رواه ابن ماجه في السنن برقم (4341) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في

" فتح الباري " (11/451): إسناده صحيح. وقال البوصيري في " الزوائد " (3/327) : " هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين "، وصححه السيوطي في " البدور السافرة " (ص/456) -

وقال ابن جُرَيْج ، عن لَيْث ، عن مجاهد

( أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ) قال : ما من عبد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ، ومنزل في النار ، فأما المؤمن فيُبنَى بيته الذي في الجنة ، ويُهدّم بيته الذي في النار

وأما الكافر فيُهْدَم بيته الذي في الجنة، ويُبنى بيته الذي في النار .

وروي عن سعيد بن جُبَيْر نحو ذلك .

فالمؤمنون يرثون منازل الكفار ؛ لأنهم خلقوا لعبادة الله تعالى ، فلما قام هؤلاء المؤمنون بما وجب عليهم من العبادة ، وترَكَ أولئك ما أمرُوا به مما خُلقوا له - أحرزَ هؤلاء نصيب

أولئك لو كانوا أطاعوا ربهم عز وجل ، بل أبلغ من هذا أيضًا ، وهو ما ثبت في صحيح مسلم ، عن أبي بُردَةَ ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ...- ثم ذكر الأحاديث السابقة " انتهى باختصار.

" تفسير القرآن العظيم " (5/465)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وقال غيره – يعني غير البيهقي - يحتمل أن يكون الفداء مجازا عما يدل عليه حديث أبي هريرة بلفظ

: ( لا يدخل الجنة أحد إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا ..)

الحديث، وفيه في مقابله : (ليكون عليه حسرة) فيكون المراد بالفداء إنزال المؤمن في مقعد الكافر من الجنة الذي كان أعد له

وإنزال الكافر في مقعد المؤمن الذي كان أعد له ، وقد يلاحظ في ذلك قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا) ، وبذلك أجاب النووي تبعا لغيره .

وأما رواية غيلان بن جرير فأولها النووي أيضا تبعا لغيره : بأن الله يغفر تلك الذنوب للمسلمين ، فإذا سقطت عنهم وضعت على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم ، فيعاقبون بذنوبهم لا بذنوب المسلمين

ويكون قوله : ( ويضعها ) أي : يضع مثلها ؛ لأنه لما أسقط عن المسلمين سيئاتهم وأبقى على الكفار سيئاتهم صاروا في معنى من حمل إثم الفريقين لكونهم انفردوا بحمل الإثم الباقي وهو إثمهم .

ويحتمل أن يكون المراد آثاما كانت الكفار سببا فيها بأن سنوها ، فلما غفرت سيئات المؤمنين بقيت سيئات الذي سن تلك السنة السيئة باقية ، لكون الكافر لا يغفر له

فيكون الوضع كناية عن إبقاء الذنب الذي لحق الكافر بما سنه من عمله السيئ ، ووضعه عن المؤمن الذي فعله بما من الله به عليه من العفو والشفاعة

سواء كان ذلك قبل دخول النار أو بعد دخولها والخروج منها بالشفاعة . وهذا الثاني أقوى . والله أعلم " انتهى.

" فتح الباري " (11/398)

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (3/468) :

" أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فيغفرها للمسلمين ويضعها على اليهود والنصارى ) ، فهذا الحديث قد شك راويه فيه ، ولا يحتج به مع الشك ، ولكونه يخالف ظاهر القرآن الكريم

لكن إن صح عنه صلى الله عليه وسلم فهو لا يقول إلا الحق ، ويجب حمله على ما يوافق الأدلة الأخرى ، وذلك بحمله على اليهود والنصارى الذين كانوا سببا في وقوع المسلمين في الذنوب التي غفرت لهم

لقوله سبحانه : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ )، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( من دعا إلى ضلالة كان عليه مثل إثم من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا )

ولما جاء في معناه من الأحاديث " انتهى.

وانظر جواب السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 15:41   رقم المشاركة : 385
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى حديث وضع ذنوب المسلمين على كفار أهل الكتاب

السؤال

نرجو شرح الحديث القدسي الآتي الذي ورد ذكره في كتاب (110 حديث قدسي) ترجمة: سيد مسعود الحسن، راجعه وعلق عليه إبراهيم م قنا نشر دار السلام بالرياض 1996م/1417هـ.

الحديث الثامن من ص 19 - 20 يقول: روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن المسلمين ينقسمون يوم القيامة إلى 3 أقسام أحده يدخل الجنة بغير حساب والثانية يدخلون الجنة

بعد حساب قليل أما الثالثة فيأتون يحملون أوزاراً كثيرة فيسأل الله عنهم الملائكة -وهو أعلم بهم- من هؤلاء؟ فيقولون هؤلاء عبادك المساكين.

فيقول خذوا أوزارهم وضعوها على اليهود والنصارى وأبدلوهم حسنات وأدخلوهم الجنة. رواه الحاكم في المستدرك.

فما معنى هذا الحديث وما مدى صحته؟.


الجواب

الحمد لله

الحديث أصله في صحيح مسلم ( 2767 ) من حديث أبي موسى رضي الله عنه ، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال

فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى " . هذا من حيث صحته .

وأما معناه ، فقال النووي في شرحه : ( ومعنى هذا الحديث ، ما جاء في حديث أبي هريرة :

" لكل أحد منزل في الجنة ومنزل في النار " ، فالمؤمن إذا دخل الجنة خلَفَه الكافر في النار لاستحقاقه ذلك بكفره . ومعنى " فكاكك من النار "

: أنك كنت مُعَرَّضَا لدخول النار ، وهذا فكاكك لأن الله تعالى قدّر لها عددا يملؤها ، فإذا دخلها الكفار بكفرهم وذنوبهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين . وأما رواية :

" يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب " : فمعناه : أن الله تعالى يغفر تلك الذنوب للمسلمين ويُسقطها عنهم ، ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم

فيدخلهم النار بأعمالهم ، لا بذنوب المسلمين ، ولا بد من هذا التأويل ، لقوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) . ويحتمل أن يكون المراد :

آثاما كان للكفار سبب فيها بأن سنّوها ، فتسقط عن المسلمين بعفو الله تعالى ، ويوضع على الكفار مثلها لكونهم سنّوها ، ومن سنّ سنّة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها .

الشيخ سعد الحميد









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 15:49   رقم المشاركة : 386
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل لمن سلم عليه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فضل معين ؟

السؤال

أخي حين كان عمره (١٠) سنين في قريتنا رأى النبي الله صلي الله عليه وسلم ، وسلَّم عليه ، وعلى عمِّي ، وأمي ، وأخي ، وعليَّ أنا

وكان صفته كما ذكر في الحديث ، كما قال أخي ، وأخبره صلى الله عليه وسلم عن كنز بجانب الطريق الذي بجانب بيتنا . سؤالي حفظكم الله :

هل مَن سلَّمَ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تمسه النار ، كما سمعت من بعض الناس ، وما هو الكنز .

الجواب

الحمد لله


أولا :

رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام - إذا وقعت على صورته الحقيقية - فهي رؤيا حق وصدق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم

عن أبي هريرة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " مَن رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي " .

رواه البخاري ( 6592 ) ومسلم ( 2266 ) .

زاد البخاري : قال ابن سيرين إذا رآه في صورته .

وفي رواية عند أحمد ( 3400 ) : " فإن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي " .

ثانيا :

إذا رأى الرائي في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية ، ورآه في حالٍ مُبَشِّرٍ بالخير أو متكلِّمٍ به : فلا شك أن ذلك مِن عاجل البشرى ، ويُرجى لصاحبها الخير من ورائها ، إن شاء الله .

أما إن رآه على حال الغضب منه ، والإنكار عليه ، أو بما يُؤَوِّلُه المعبِّرُ العارف الصادقُ أنه أمارة شرٍّ في الرائي : فيجب عليه حينئذ أن يتَّعظ بهذه الرؤيا ، ويتدارك ما فرط وقصر .

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" إن رآه مقبلا عليه مثلا فهو خير للرائي وفيه – أي وخيرٌ فيه - ، وعلى العكس فبالعكس..

. - فمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم فقد - رأى الحق الذي قصد إعلام الرائي به ، فإن كانت على ظاهرها وإلا سعى في تأويلها ، ولا يهمل أمرها

لأنها إما بشرى بخير ، أو إنذار من شر ، إما ليخيف الرائي ، وإما لينزجر عنه ، وإما لينبه على حكم يقع له في دينه أو دنياه.... " انتهى.

" فتح الباري " (12/384)

ثالثا :

بذلك نعلم خطأ دعوى أنَّ كلَّ مَن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على أي حال كانت هذه الرؤيا أنه قد حرمه الله على النار

وبشره بدخول الجنة ، فهذا فَضْلٌ غيبيٌّ لا يجوز تصديقه إلا إذا جاء به دليل خاص من الكتاب والسنة الصحيحة ، وقد بحثنا عنه فلم نقف إلا على حديثين يَستدل بهما بعض الناس ، ولا يصح الاستدلال بهما على ذلك :

أما الحديث الأول :

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لَا تَمَسُّ النَّارُ مُسْلِمًا رَآنِي أَوْ رَأَى مَنْ رَآنِي )

رواه الترمذي (3858) وقال : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم . ولكنه حديث ضعيف ، وعبارة الترمذي تشير إلى تضعيف هذا الوجه ، وضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف الترمذي ".

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" وأما الحديث : ( من رآني فقد حرمت عليه النار ) فهذا لا أصل له ، وليس بصحيح " انتهى. باختصار.

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 445 ) و ( 25 / 126 ) .

وأما الحديث الثاني :

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي )

رواه البخاري (6993)، ومسلم (2266) ولفظه: ( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ - أَوْ لَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ - لَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي )

فذهب بعض العلماء – كما ذكره القاضي عياض وجها في تأويل الحديث - أن في قوله صلى الله عليه وسلم :

( فسيراني في اليقظة ) بشرى لكل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، أنه سيكون معه صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ويراه هناك ، وسينال شفاعته يوم القيامة .

والأقرب للصواب في تأويل الحديث هو ما توضحه رواية الإمام مسلم رحمه الله ، حيث جاء فيها ( لكأنما رآني في اليقظة )، يريد بذلك صلى الله عليه وسلم تأكيد

أن من رآه في المنام على صورته الحقيقية لا ينبغي له التشكك في صورته ووجهه ، كأنما رآه في اليقظة ، وهذا اللفظ هو الأكثر في روايات الحديث .

ينظر : " فتح الباري " (12/383)

" السلسلة الصحيحة " (رقم/2729) .

وأما رواية ( فسيراني في اليقظة )، فقد فسرها العلماء بما يتوافق مع ألفاظ الأحاديث الأخرى.

قال الإمام النووي رحمه الله :

" قال العلماء : إن كان الواقع في نفس الأمر : ( فكأنما رآني ) فهو كقوله صلى الله عليه وسلم : ( فقد رآني ) أو ( فقد رأى الحق ) كما سبق تفسيره .

وإن كان : ( سيراني في اليقظة ) ففيه أقوال :

أحدها : المراد به أهل عصره ، ومعناه أنَّ مَن رآه في النوم ولم يكن هاجر ، يوفقه الله تعالى للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عيانا .

والثاني : معناه أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة ؛ لأنه يراه في الآخرة جميع أمته : مَن رآه في الدنيا ومَن لم يره .

والثالث : يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته " انتهى.

" شرح مسلم " (15/26)

وينظر : " فتح الباري " (12/385)

فيض القدير، للمناوي (6/133) .

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (1/484) :

" معنى الحديث على هذه الرواية :

أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على صورته التي كان عليها في الدنيا فسيرى تأويل رؤياه ،

ووقوع ما أشارت إليه من الخبر في دنياه ؛ لأن رؤياه على صورته حق ؛ لما دل عليه قوله آخر الحديث : ( فإن الشيطان لا يتمثل بي ) " انتهى.

والحاصل : أننا نرجو أن تكون الرؤيا التي رآها الأخ السائل من مبشرات الخير له

ولكل من سلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، ولكننا لا نجزم بتحريم أحد على النار بسبب هذه الرؤيا ، كما لا نجزم في تفسير الكنز المذكور في المنام بشيء معين .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 15:52   رقم المشاركة : 387
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا)

السؤال

أريد شرح الحديث : (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا)

الجواب

الحمد لله

هذا الحديث من الأحاديث العظيمة الجليلة التي تكسو القلوب انكسارا بين يدي الله ، واعترافا بالفقر إليه ، ورجاء رحمته وعفوه وإحسانه ، فالأمر خطير جد خطير

والله سبحانه وتعالى يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) الحج/1-2 .

هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة وأبي هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهم ، وكذا رواه الإمام مسلم وغيره ، وذلك في أحاديث عدة ، ترد بمناسبات مختلفة، وسياقات متعددة ، كلها تتضمن هذه الجملة العظيمة : (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"والمراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله ، وانتقامه ممَّن يعصيه ، والأهوال التي تقع عند النزع ، والموت ، وفي القبر ، ويوم القيامة ، ومناسبة كثرة البكاء وقلة الضحك في هذا المقام واضحة ، والمراد به التخويف" انتهى .

"فتح الباري" (11/319) .

وقال النووي رحمه الله :

"لو رأيتم ما رأيتُ ، وعلمتم ما علمت مما رأيته اليوم وقبل اليوم لأشفقتم إشفاقا بليغا ، ولقلَّ ضحككم وكثر بكاؤكم" انتهى .

"شرح مسلم" (15/112) .

وقال القرطبي رحمه الله :

"وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ) : يعني ما يعلم هو من أمور الآخرة وشدة أهوالها ، ومما أعد في النار من عذابها وأنكالها

ومما أعد في الجنة من نعيمها وثوابها ، فإنه صلى الله عليه وسلم قد كان رأى كل ذلك مشاهدة وتحقيقا ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان ، قليل الضحك ، جُلُّه التبسم" انتهى .

"المفهم" (2/557) .

وقال المناوي رحمه الله :

"(لو تعلمون ما أعلم) أي : من عظم انتقام الله من أهل الجرائم وأهوال القيامة وأحوالها ما علمته لما ضحكتم أصلا

المعبر عنه بقوله (لضحكتم قليلا) إذ القليل بمعنى العديم على ما يقتضيه السياق ، لأن (لو) حرف امتناع لامتناع" انتهى .

"فيض القدير" (5/402) .

ومن أعظم سياقات هذا الحديث ما رواه الترمذي (2312)

عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ ، أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ

وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1722) .

قال المباركفوري رحمه الله :

"قوله : (إني أرى ما لا ترون) أي : أبصر ما لا تبصرون .

(أطَّت السماء) : أي : صوَّتت ، أي : أصدرت صوتاً . وأطيط الإبل : أصواتها وحنينها .

(وحُقَّ) أي : ويستحق وينبغي (لها أن تئط) أي : تصوت .

(ما فيها موضع أربع أصابع إلا ومَلَك) أي : فيه مَلَك .

(واضع جبهته لله ساجداً) قال القاري : أي منقاداً ، ليشمل ما قيل إن بعضهم قيام ، وبعضهم ركوع ، وبعضهم سجود ، كما قال تعالى حكاية عنهم : (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ)

أو خص السجود باعتبار الغالب منهم ، أو هذا مختص بإحدى السماوات .

(إلى الصُّعُدات) أي : الطرق . وقيل : المراد بالصعدات هنا البراري والصحاري .

(تجأرون إلى الله) أي : تتضرعون إليه بالدعاء ليدفع عنكم البلاء" انتهى باختصار .

"تحفة الأحوذي" (6/601-602) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 15:59   رقم المشاركة : 388
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التوفيق بين حديث ( لن تُغزى مكة بعد هذا العام ) وغزو الحجاج والقرامطة لها

السؤال

لي سؤال مرتبط بالحديث التالي من كتاب صحيح الجامع الصغير: ( لَنْ تُغزى مكةُ بعد هذا العام أبداً ) ، فيكف يكون فهمنا للحديث وهناك حوادث ،

مثل : غزو مكة على يد أبي طاهر من القرامطة ، والعراك الذي دار بين الحَجَّاج وعبد الله بن الزبير ؟


الجواب

الحمد لله

نص الحديث الذي سأل عنه السائل : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ أَخِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ

: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (لاَ تُغْزَى مَكَّةُ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ أَبَداً) رواه أحمد في "مسنده" (24/133) ، وحسَّنه المحققون .

وللحديث شاهد عند الترمذي ( 1611 ) عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَقُولُ : (لاَ تُغْزَى هَذِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وأما معنى الحديث فهو محمول على معنيين :

الأول : أن أهل مكة لا يَكفرون أبداً , ولا يُغزون على الكفر ؛ وهكذا فسَّره سفيان بن عيينة ، كما نقله عنه الطحاوي في " شرح مشكل الآثار " ( 4 / 162 ) .

ويشهد لذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا تَنْتَهِي الْبُعُوثُ عَنْ غَزْوِ هَذَا الْبَيْتِ حَتَّى يُخْسَفَ بِجَيْشٍ مِنْهُمْ) رواه النسائي (2878) ، وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .

والثاني : أنه إخبارٌ بمعنى النهي ، أي : لا يجوز لمسلم ، أو لجيش أن يتعرض لحرمتها .

ويشهد لهذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْقَتْلَ - أَوِ : الْفِيلَ - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنِينَ ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي

وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي أَلاَ وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) رواه البخاري (112) ومسلم (1355) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"وَمُحَصِّله : أَنَّهُ خَبَر بِمَعْنَى النَّهْي ، بِخِلَافِ قَوْله : ( فَلَمْ تَحِلّ لِأَحَدٍ قَبْلِي ) فَإِنَّهُ خَبَر مَحْض ، أَوْ مَعْنَى قَوْله : (وَلَا تَحِلّ لِأَحَدٍ بَعْدِي) أَيْ : لَا يُحِلّهَا اللَّه بَعْدِي ، لِأَنَّ النَّسْخ يَنْقَطِع بَعْده ؛ لِكَوْنِهِ خَاتَم النَّبِيِّينَ" انتهى .

"فتح الباري" (4/46) .

وعلى كلا الوجهين لا يرِد ما فعله الجنابي القرمطي

ولا الحجَّاج الظالم ، بالكعبة ، وأهلها ، فهم لم يغزوا مكة لأجل كفر أهلها ، بل الأول هو الكافر كفراً أشد من كفر أهل الكتاب ، والثاني لم يرد إلا إخضاع عبد الله بن الزبير لطاعة الخليفة المسلم .

وقد ذكر ابن كثير رحمه الله ما فعله أبو طاهر الجنابي بمكة وأهلها ، ثم قال :

"وقد سأل بعضهم ههنا سؤالاً فقال : قد أحلَّ الله سبحانه بأصحاب الفيل ,

وكانوا نصارى ما ذكره في كتابه , ولم يفعلوا بمكة شيئاً مما فعله هؤلاء ,

ومعلوم أن القرامطة شرٌّ من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ؛ بل ومن عبَدة الأصنام , وأنهم فعلوا بمكة ما لم يفعله أحد ؛ فهلا عوجلوا بالعذاب ، والعقوبة ، كما عوجل أصحاب الفيل ؟

وقد أجيب عن ذلك : بأن أصحاب الفيل إنما عوقبوا إظهاراً لشرف البيت , ولِما يراد به من التشريف العظيم بإرسال النبي الكريم من البلد الذي فيه البيت الحرام

فلما أرادوا إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها , وإرسال الرسول منها : أهلكهم سريعاً عاجلاً , ولم يكن شرائع مقررة تدل على فضله ، فلو دخلوه وأخربوه : لأنكرت القلوب فضله ,

وأما هؤلاء القرامطة : فإنما فعلوا ما فعلوا بعد تقرير الشرائع , وتمهيد القواعد ,

والعلم بالضرورة من دين الله بشرف مكة ، والكعبة , وكل مؤمنٍ يعلم أن هؤلاء قد ألحدوا في الحرم إلحاداً بالغاً عظيماً , وأنهم من أعظم الملحدين الكافرين

بما تبيَّن من كتاب الله وسنَّة رسوله ، فلهذا لم يحتج الحال إلى معالجتهم بالعقوبة ، بل أخرهم الرب تعالى ليوم تشخص فيه الأبصار , والله سبحانه يمهل ، ويُملي ، ويستدرج ، ثم يأخذ أخذ عزيزٍ مقتدرٍ" انتهى .

" البداية والنهاية " ( 11 / 162 ) .

والله أعلم

.









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 16:05   رقم المشاركة : 389
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المقصود بالنهي عن كثرة السؤال

السؤال

روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال) رواه البخاري (1407) ومسلم (593) .

فهل يعني كثرة السؤال هنا كثرة الطلب من الناس؟

وهل يتعارض هذا مع كثرة الطلب من الله ، فالله يقول في كتابه الكريم : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) غافر/60 ؟


الجواب


الحمد لله

أولا :

هذا الحديث من آداب الإسلام العظيمة ، إذا امتثله المسلم حفظ به عمرَه ، ومالَه ، وجهدَه ، ووقاه من شر النفس ونوازع التفريط والضياع .

وقد ذكر العلماء رحمهم الله في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم (وكثرة السؤال) أوجها عديدة ، كلها تدخل في إطلاق هذا اللفظ ، وهي :

1- سؤال الناس أموالهم ، وبذل ماء الوجه في سبيل ذلك .

2- سؤال العلماء عن المسائل العويصة التي لا تنفع المسلمين ، وإنما تفتح عليهم أبواب النزاع ، وتثير بينهم مكنون الشقاق .

3- السؤال عن المسائل التي يندر وقوعها أو يستحيل ، لما فيه من التنطع والتكلف .

4- كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان وتفاصيل الوقائع مما لا يقدم منفعة وإنما يضيع به الوقت .

5- كثرة سؤال إنسان بعينه عن تفاصيل حاله ، والدخول في خصوصيات حياته التي يكره أن يطلع الناس عليها ، فيقع في الضيق والحرج بسبب سؤاله عن ذلك .

6- سؤال السائل عما لا يعنيه ، ولا شأن له به .

وهذه أمور مذمومة كلها – كما ترى - فالأوجَهُ في تفسير الحديث حمله على إطلاقه ، واعتبار أن كل ما دل الشرع والأدب على كراهة السؤال عنه وكراهة طلبه فهو داخل في هذا الحديث .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"قوله : (وكثرة السؤال) هل هو سؤال المال ، أو السؤال عن المشكلات والمعضلات ، أو أعم من ذلك ؟ الأولى حمله على العموم .

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المراد به كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان ، أو كثرة سؤال إنسان بعينه عن تفاصيل حاله ، فإن ذلك مما يكره المسئول غالبا ، وقد ثبت النهي عن الأغلوطات

. أخرجه أبو داود من حديث معاوية . وثبت عن جمع من السلف كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة أو يندر جدا ، وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع والقول بالظن ، إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ" انتهى .

"فتح الباري" (10/407) .

وقال القرطبي رحمه الله :

"والوجه : حمل الحديث على عمومه ، فيتناول جميع تلك الوجوه كلها" انتهى .

"المفهم" (5/164) .

وقال النووي رحمه الله :

"وأما (كثرة السؤال) فقيل : المراد به القطع في المسائل ، والإكثار من السؤال عما لم يقع ولا تدعو إليه حاجة ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك

وكان السلف يكرهون ذلك ويرونه من التكلف المنهي عنه ، وفي الصحيح : (كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها) .

وقيل : المراد به سؤال الناس أموالهم وما في أيديهم ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك .

وقيل : يحتمل أن المراد كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان وما لا يعني الإنسان ، وهذا ضعيف ؛ لأنه قد عرف هذا من النهي عن (قيل وقال) .

وقيل : يحتمل أن المراد كثرة سؤال الإنسان عن حاله وتفاصيل أمره ، فيدخل ذلك في سؤاله عما لا يعنيه ، ويتضمن ذلك حصول الحرج في حق المسؤول

فإنه قد لا يؤثر إخباره بأحواله ، فإن أخبره شق عليه ، وإن كذبه في الأخبار أو تكلف التعريض لحقته المشقة ، وإن أهمل جوابه ارتكب سوء الأدب" انتهى .

"شرح مسلم" (12/11) .

وعلى هذا ، فمعنى (كثرة السؤال) أي : سؤال الناس .

وأما سؤال الله ودعائه فهو من أفضل العبادات ، فالله تعالى يحب من عباده أن يسألوه ، ويحب الملحين في الدعاء .
وبهذا يتبين معنى الحديث ، والفرق بين سؤال الناس الذين هم فقراء إلى الله ، وسؤال الله الغني الحميد .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-23, 16:07   رقم المشاركة : 390
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المراد بنفي الإيمان في حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)

السؤال

في الحديث : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) ، هل المقصود أن الشخص كافر - حتى لو أنه يؤمن بالقرآن والسنة - حتى يحب إخوانه ، أم المقصود أنه غير كامل الإيمان ؟

أرجو التوضيح .


الجواب

الحمد لله

يرد نفي الإيمان في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ويراد به تارةً : نفي أصل الإيمان

فيكون الشخص كافراً . ويراد به تارة أخرى : نفي كمال الإيمان ، فيكون الشخص معه أصل الإيمان ، فهو ليس كافراً ، غير أنه ناقص الإيمان .

والحديث المسؤول عنه هو من النوع الثاني .

قال النووي رحمه الله :

"قال العلماء رحمهم الله : معناه : لا يؤمن الإيمان التام ، وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة" انتهى .

"شرح مسلم" (2/16).

وقال القرطبي :

"معناه : أنه لا يتم إيمانُ أحد الإيمان التام الكامل ، حتى يضم إلى إسلامه سلامة الناس منه ، وإرادة الخير لهم ، والنصح لجميعهم فيما يحاوله معهم" انتهى .

"المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم" (1/224) .

وقال أيضا :

"أي : لا يكمل إيمانه ؛ إذ من يغش المسلم ولا ينصحه مرتكب كبيرة ، ولا يكون كافراً بذلك ؛ كما قد بَيَّنَّاه غير مرة .

وعلى هذا : فمعنى الحديث : أن الموصوف بالإيمان الكامل : من كان في معاملته للناس ناصحاً لهم ، مريداً لهم ما يريده لنفسه ، وكارهاً لهم ما يكرهه لنفسه" انتهى .

"المفهم" (1/227) .

ويدل على أن المراد من النفي في هذا الحديث نفي كمال الإيمان ، أنه قد جاء الحديث عند ابن حبان بلفظ : (لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1780) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"والمراد بالنفي : كمال الإيمان ...

وقد صرح ابن حبان - من رواية ابن أبي عدي عن حسين المعلم - بالمراد ولفظه : (لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان) ومعنى الحقيقة هنا الكمال ، ضرورة أنَّ مَن لم يتصف بهذه الصفة لا يكون كافراً" انتهى .

"فتح الباري" (1/57) .

وقال ابن رجب رحمه الله :

"(لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير) هذه الرواية تبين معنى الرواية المخرجة في الصحيحين ، وأن المراد بنفي الإيمان نفي بلوغ حقيقته ونهايته

فإن الإيمان كثيرا ما يُنفَى لانتفاء بعض أركانه وواجباته ، كقوله صلى الله عليه وسلم :

(لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) ، وقوله : (لَا يُؤْمِنُ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) " انتهى .

"جامع العلوم والحكم" (120) .

ومعنى نفي كمال الإيمان هنا : أي : الكمال الواجب ، فمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه كان مقصراً يما يجب عليه من الإيمان ، مرتكباً شيئاً محرماً ، يستحق عليه العقاب .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

"لمَّا نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، دل على أن ذلك من خصال الإيمان ، بل من واجباته ، فإن الإيمان لا يُنفَى إلا بانتفاء بعض واجباته

كما قال صلى الله عليه وسلم : (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) الحديث ، وإنما يحب الرجل لأخيه ما يحب لنفسه إذا سلم من الحسد والغل والغش والحقد ، وذلك واجب" انتهى .

"فتح الباري" (1/41) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc