فتاوى في العقيدة - 02 - متجدد - - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فتاوى في العقيدة - 02 - متجدد -

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-06-11, 21:45   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(225) وسئل فضيلته : هل يعذر الجاهل بما يترتب على المخالفة؟ كمن يجهل أن ترك الصلاة كفر؟
فأجاب بقوله : الجاهل بما يترتب على المخالفة غير معذور إذا كان عالماً بأن فعله مخالف للشرع كما تقدم دليله ، وبناء على ذلك فإن تارك الصلاة لا يخفى عليه أنه واقع في المخالفة إذا كان ناشئاً بين المسلمين فيكون كافراً وإن جهل أن الترك كفر . نعم إذا كان ناشئاً في بلاد لا يرون كفر تارك الصلاة وكان هذا الرأي هو الرأي المشهور السائد بينهم ، فإنه لا يكفر لتقليده لأهل العلم في بلده ، كما لا يأثم بفعل محرم يرى علماء بلده أنه غير محرم لأن فرض العامي التقليد لقوله-تعالى-: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ . (3) والله الموفق.
(226) سئل فضيلة الشيخ : ما العمل إذا أكره إنسان على الكفر؟
فأجاب بقوله : إذا أكره إنسان على الكفر ففي ذلك تفصيل :
أولاً : أن يوافق ظاهراً وباطناً فيكون بذلك كافراً مرتداً لقوله –تعالى-: ]ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم[(1).
ثانياً :أن يوافق ظاهراً لا باطناً ولكن يقصد التخلص من الإكراه فهذا لا يكفر لقوله –تعالى- : ]من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان[ (2)
ثالثاً : أن لا يوافق لا ظاهراً ولا باطناً ويصبر على القتل فهذا جائز وهو من الصبر.
لكن هل الأولى أن يصبر أولا ؟
فيه تفصيل :
أولاً : إذا كان الإكراه لا يترتب عليه ضرر في الدين للعامة فإن الأولى أن يوافق ظاهراً لا باطناً ، لا سيما إذا كان بقاؤه فيه مصلحة للمسلمين كصاحب المال ، أو العلم المنتفع بهما ، وما أشبه ذلك ، حتى وإن لم يكن فيه مصلحة ففي بقائه على الإسلام زيادة عمل صالح وهو خير، وقد رخص له بالكفر ظاهراً.
ثانياً : إذا كان في موافقته وعدم صبره ضرر على الدين فإنه يصبر ، وقد يجب الصبر ولو قتل ، لأنه من باب الصبر على الجهاد في سبيل الله، وليس من باب إبقاء النفس ، ولهذا لما شكا الصحابة للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، ما يجدونه من مضايقة المشركين ذكر لهم أنه كان فيمن قبلنا من يمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب ما يصرفه عن دينه.
ولو حصل من الصحابة –رضي الله عنهم- في ذلك الوقت موافقة للمشركين وهم قلة لحصل بذلك ضرر عظيم على المسلمين.
والإمام أحمد-رحمه الله-أوذي وصبر حين أبى أن يقول : القرآن مخلوق ولو وافقهم ظاهراً لحصل في ذلك مضرة على الإسلام.
(227) وسئل –حفظه الله -: عن حكم من حكم بغير ما أنزل الله؟
فأجاب قائلاً : أقول وبالله-تعالى- أقول وأسأله الهداية والصواب : إن الحكم بما أنزل الله – تعالىـ من توحيد الربوبية ؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته ، وكمال ملكه وتصرفه ، ولهذا سمى الله-تعالى-المتبوعين في غير ما أنزل الله –تعالى-أرباباً لمتبعيهم فقال-سبحانه-: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون[(1) فسمى الله ـ تعالى – المتبوعين أرباباً حيث جعلوا مشرعين مع الله –تعالى-، وسمى المتبعين عباداً حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله-سبحانه وتعالى-.
وقد قال عدي بن حاتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم . : إنهم لم يعبدوهم فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "بل إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم".
إذا فهمت ذلك فاعلم أن من لم يحكم بما أنزل الله ، وأراد أن يكون التحاكم إلى غير الله ورسوله وردت فيه آيات بنفي الإيمان عنه ، وآيات بكفره وظلمه ، وفسقه.
فأما القسم الأول:
فمثل قوله تعالى-: ]ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً . فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً.أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً.وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماُ.فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً[(1)
فوصف الله – تعالى – هؤلاء المدعين للإيمان وهم منافقون بصفات:
الأولى : أنهم يريدون أن يكون التحاكم إلى الطاغوت ، وهو كل ما خالف حكم الله –تعالى – ورسوله ، صلى الله عليه وسلم ، لأن ما خالف حكم الله ورسوله فهو طغيان واعتداء على حكم من له الحكم وإليه يرجع الأمر كله وهو الله قال الله –تعالى - : ]ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين[ (1) .
الثانية: أنهم إذا دُعُوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدوا وأعرضوا.
الثالثة: أنهم إذا أصيبوا بمصيبة بما قدمت أيديهم ، ومنها أن يعثر على صنيعهم جاؤوا يحلفون أنهم ما أرادوا إلا الإحسان والتوفيق كحال من يرفض اليوم أحكام الإسلام ويحكم بالقوانين المخالفة لها زعماً منه أن ذلك هو الإحسان الموافق لأحوال العصر.
ثم حذر –سبحانه- هؤلاء المدعين للإيمان المتصفين بتلك الصفات بأنه-سبحانه- يعلم ما في قلوبهم وما يكنونه من أمور تخالف ما يقولون ، وأمر نبيه أن يعظهم ويقول لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ، ثم بين أن الحكمة من إرسال الرسول أن يكون هو المطاع المتبوع لا غيره من الناس مهما قويت أفكارهم واتسعت مداركهم، ثم أقسم – تعالى – بربوبيته لرسوله التي هي أخص أنواع الربوبية والتي تتضمن الإشارة إلى صحة رسالته ، صلى الله عليه وسلم، أقسم بها قسماً مؤكداً أنه لا يصلح الإيمان إلا بثلاثة أمور:
الأول: أن يكون التحاكم في كل نزاع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن تنشرح الصدور بحكمه ولا يكون في النفوس حرج وضيق منه.
الثالث : أن يحصل التسليم التام بقبول ما حكم به وتنفيذه بدون توان أو انحراف.
وأما القسم الثاني: فمثل قوله –تعالى- :]ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون[ (1) وقوله : ]ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون[(2). وقوله: ] ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون[(3). وهل هذه الأوصاف الثلاثة تتنزل على موصوف واحد؟ بمعنى أن كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر ظالم، فاسق ، لأن الله –تعالى- وصف الكافرين بالظلم والفسق فقال-تعالى-: ]والكافرون هم الظالمون[(4) . وقال –تعالى-: ]إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون[ (5). فكل كافر ظالم فاسق ، أو هذه الأوصاف تتنزل على موصوفين بحسب الحامل لهم على عدم الحكم بما أنزل الله؟ هذا هو الأقرب عندي والله أعلم.
فنقول : من لم يحكم بما أنزل الله استخفافاً به، أو احتقاراً له ، أو اعتقاداً أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة ، ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجاً يسير الناس عليه، فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق ، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية ، والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهو يعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه. (( ومن لم يحكم بما أنزل الله وهو لم يستخف به، ولم يحتقره، ولم يعتقد أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق ، وإنما حكم بغيره تسلطاً على المحكوم عليه، أو انتقاماً منه لنفسه أو نحو ذلك ، فهذا ظالم وليس بكافر وتختلف مراتب ظلمه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم.
ومن لم يحكم بما أنزل الله لا استخفافاً بحكم الله ، ولا احتقاراً ، ولا اعتقاداً أن غيره أصلح ، وأنفع للخلق ، وإنما حكم بغيره محاباة للمحكوم له، أو مراعاة لرشوة أو غيرها من عرض الدنيا فهذا فاسق ، وليس بكافر ، وتختلف مراتب فسقه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-فيمن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله : إنهم على وجهين:
أحدهما : أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل ويعتقدون تحليل ما حرم ، وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر ، وقد جعله الله ورسوله شركاً.
الثاني:أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحليل الحرام وتحريم الحلال - كذا العبارة المنقولة عنه - ثابتاً لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصٍ فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب .
(228) وسئل: هل هناك فرق في المسألة المعينة التي يحكم فيها القاضي بغير ما أنزل الله وبين المسائل التي تعتبر تشريعاً عاماً؟
فأجاب بقوله : نعم هناك فرق فإن المسائل التي تعتبر تشريعاً عاماً لا يتأتى فيها التقسيم السابق وإنما هي من القسم الأول فقط ، لأن هذا المشرع تشريعاً يخالف الإسلام إنما شرعه لاعتقاده أنه أصلح من الإسلام وأنفع للعباد كما سبقت الإشارة إليه.
والحكم بغير ما أنزل الله ينقسم إلى قسمين :
أحدهما: أن يستبدل هذا الحكم بحكم الله –تعالى – بحيث يكون عالماً بحكم الله، ولكنه يرى أن الحكم المخالف له أولى وأنفع للعباد من حكم الله ، أو أنه مساو لحكم الله ، أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز فيجعله القانون الذي يجب التحاكم إليه فمثل هذا كافر كفراً مخرجاً عن الملة لأن فاعله لم يرض بالله رباً ولا بمحمد رسولاً ولا بالإسلام ديناً وعليه ينطبق قوله – تعالى-: ]أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون[ (1) وقوله – تعالى -: ]ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون[(2).
وقوله –تعالى-: ]ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم . فكيف إذ توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم . ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم[ (3) ولا ينفعه صلاة ، ولا زكاة ، ولا صوم ، ولا حج ؛ لأن الكافر ببعض كافر به كله قال الله ـ تعالى-: ]أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون[(4)
وقال سبحانه : ]إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً . أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً[ . (1)
الثاني: أن يستبدل بحكم الله – تعالى – حكماً مخالفاً له في قضية معينة دون أن يجعل ذلك قانوناً يجب التحاكم إليه فله ثلاث حالات :
الأولى: أن يفعل ذلك عالماً بحكم الله-تعالى – معتقداً أن ما خالفه أولى منه وأنفع للعباد ، أو أنه مساو له ، أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز فهذا كافر كفراً مخرجاً عن الملة لما سبق في القسم الأول.
الثانية : أن يفعل ذلك عالماً بحكم الله معتقداً أنه أولى وأنفع لكن خالفه بقصد الإضرار بالمحكوم عليه أو نفع المحكوم له ، فهذا ظالم وليس بكافر وعليه يتنزل قول الله – تعالى- : ]ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون[ .(2)
الثالثة : أن يكون كذلك لكن خالفه لهوى في نفسه أو مصلحة تعود إليه فهذا فاسق وليس بكافر وعليه يتنزل قول الله تعالى -: ]ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الفاسقون[ .(3)
وهذه المسألة أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله من المسائل الكبرى التي ابتلي بها حكام هذا الزمان فعلى المرء أن لا يتسرع في الحكم عليهم بما لا يستحقونه حتى يتبين له الحق لأن المسألة خطيرة –نسأل الله-تعالى-أن يصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانتهم –كما أن على المرء الذي آتاه الله العلم أن يبينه لهؤلاء الحكام لتقوم الحجة عليهم وتبين المحجة ، فيهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة ، ولا يحقرن نفسه عن بيانه ، ولا يهابن أحداً فيه فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. والله ولي التوفيق .
(229) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم طاعة الحاكم الذي لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب بقوله : الحاكم الذي لا يحكم بكتاب الله وسنة رسوله تجب طاعته في غير معصية الله ورسوله ، ولا تجب محاربته من أجل ذلك ، بل ولا تجوز إلا أن يصل إلى حد الكفر فحينئذ تجب منابذته ، وليس له طاعة على المسلمين.
والحكم بغير ما في كتاب الله وسنة رسوله يصل إلى الكفر بشرطين :
الأول : أن يكون عالماً بحكم الله ورسوله ، فإن كان جاهلاً به لم يكفر بمخالفته.
الثاني : أن يكون الحامل له على الحكم بغير ما أنزل الله اعتقاد أنه حكم غير صالح للوقت وأن غيره أصلح منه ، وأنفع للعباد ، وبهذين الشرطين يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً مخرجاً عن الملة لقوله ـ تعالى-: ]ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون[(1) ، وتبطل ولاية الحاكم ، ولا يكون له طاعة على الناس ، وتجب محاربته ، وإبعاده ، عن الحكم.
أما إذا كان يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن الحكم به أي بما أنزل الله هو الواجب ، وأنه أصلح للعباد ، لكن خالفه لهوى في نفسه أو إرادة ظلم المحكوم عليه ، فهذا ليس بكافر بل هو إما فاسق أو ظالم، وولايته باقية ، وطاعته (في غير معصية الله ورسوله) واجبة ، ولا تجوز محاربته أو إبعاده عن الحكم بالقوة ، والخروج عليه ، لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نهى عن الخروج على الأئمة إلا أن نرى كفراً صريحاً عندنا فيه برهان من الله –تعالى-.
(230) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم الذبح لغير الله؟ وهل يجوز الأكل من تلك الذبيحة؟
فأجاب قائلاً : الذبح لغير الله شرك أكبر لأن الذبح عبادة كما أمر الله به في قوله : ]فصل لربك وانحر[(1) . وقوله سبحانه : ]قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين[(2) فمن ذبح لغير الله فهو مشرك شركاً مخرجاً عن الملة - والعياذ بالله سواء ذبح ذلك لملك من الملائكة ، أو لرسول من الرسل ، أو لنبي من الأنبياء، أو لخليفة من الخلفاء ، أو لولي من الأولياء ، أو لعالم من العلماء ، فكل ذلك شرك بالله عز وجل ومخرج عن الملة والواجب على المرء أن يتقي الله في نفسه ، وأن لا يوقع نفسه في ذلك الشرك الذي قال الله فيه: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[(3).
وأما الأكل من لحوم هذه الذبائح فإنه محرم لأنها أهل لغير الله بها وكل شيء أهل لغيرالله به أو ذبح على النصب فإنه محرم كما ذكر الله ذلك في سورة المائدة في قوله تعالى-:]حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب[ (1) فهذه الذبائح التي ذبحت لغير الله من قسم المحرمات لا يحل أكلها .









 


قديم 2012-06-11, 21:49   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(231) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم الذبح لغير الله؟
فأجاب بقوله:تقدم لنا في غير هذا الموضع أن توحيد العبادة هو إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة بأن لا يتعبد أحد لغير الله تعالى بشيء من أنواع العبادة ، ومن المعلوم أن الذبح قربة يتقرب بها الإنسان إلى ربه لأن الله تعالى أمر به في قوله: ] فصل لربك وانحر[(2) وكل قربة فهي عبادة ، فإذا ذبح الإنسان شيئاً لغير الله تعظيماً له ، وتذللاً ، وتقرباً إليه كما يتقرب بذلك ويعظم ربه عز وجل كان مشركاً بالله-عز وجل- وإذا كان مشركاً فإن الله تعالى قد بين أنه حرم على المشرك الجنة ومأواه النار .
وبناء على ذلك نقول : إن ما يفعله بعض الناس من الذبح للقبور قبور الذين يزعمون بأنهم أولياء - شرك مخرج عن الملة ، ونصيحتنا لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله - عز وجل- مما صنعوا ، وإذا تابوا إلى الله وجعلوا الذبح لله وحده كما يجعلون الصلاة والصيام لله وحده ، فإنه يغفر لهم ما سبق كما قال الله تعالى - : ]قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف[ (1) بل إن الله تعالى يعطيهم فوق ذلك فيبدل الله سيئاتهم حسنات كما قال الله تعالى: ]والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً . إلا من تاب و آمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً[(2) .
فنصيحتي لهؤلاء الذي يتقربون إلى أصحاب القبور بالذبح لهم : أن يتوبوا إلى الله من ذلك ، وأن يرجعوا إليه ،وأن يخلصوا دينهم له سبحانه ،وليبشروا إذا تابوا بالتوبة من الكريم المنان ، فإن الله سبحانه وتعالى- يفرح بتوبة التائبين وعودة المنيبين.
(232) سئل فضيلة الشيخ : هل تقبل توبة من سب الله عز وجل- أو سب الرسول ، صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب حفظه الله بقوله : اختلف في ذلك على قولين :
القول الأول بقوله: أنها لا تقبل توبة من سب الله ، أو سب رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو المشهور عند الحنابلة ، بل يقتل كافراً ، ولا يصلى عليه ، ولا يدعى له بالرحمة ، ويدفن في محل بعيد عن قبور المسلمين.
القول الثاني: أنها تقبل توبة من سب الله أو سب رسوله، صلى الله عليه وسلم ، إذا علمنا صدق توبته إلى الله ، وأقر على نفسه بالخطأ ، ووصف الله -تعالى - بما يستحق من صفات التعظيم ، وذلك لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة كقوله تعالى -: ]قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً[ (1)ومن الكفار من يسب الله ومع ذلك تقبل توبتهم ، وهذا هو الصحيح إلا أن ساب الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، تقبل توبته ويجب قتله ، بخلاف من سب الله فإنها تقبل توبته ولا يقتل ؛ لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد ، بأنه يغفر الذنوب جميعاً . أما ساب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه يتعلق به أمران :
أحدهما : أمر شرعي لكونه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يقبل إذا تاب.
الثاني : أمر شخصي ، وهذا لا تقبل التوبة فيه لكونه حق آدمي لم يعلم عفوه عنه ، وعلى هذا فيقتل ولكن إذا قتل ، غسلناه ، وكفناه ، وصلينا عليه، ودفناه مع المسلمين.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقد ألف كتاباً في ذلك اسمه "الصارم المسلول في تحتم قتل ساب الرسول" وذلك لأنه استهان بحق الرسول ، صلى الله عليه وسلم، وكذا لو قذفه صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل ولا يجلد.
فإن قيل : أليس قد ثبت أن من الناس من سب الرسول صلى الله عليه وسلم ، في حياته وقبل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، توبته؟
أجيب:بأن هذا صحيح ، لكن هذا في حياته ، صلى الله عليه وسلم ، والحق الذي له قد أسقطه، وأما بعد موته فإنه لا يملك أحد إسقاط حقه،صلى الله عليه وسلم ، فيجب علينا تنفيذ ما يقتضيه سبه، صلى الله عليه وسلم ، من قتل سابه ، وقبول توبة الساب فيما بينه وبين الله تعالى .
فإن قيل:إذا كان يحتمل أن يعفو عنه لو كان في حياته ، أفلا يوجب ذلك أن نتوقف في حكمه؟
أجيب : بأن ذلك لا يوجب التوقف لأن المفسدة حصلت بالسب ، وارتفاع أثر هذا السب غير معلوم والأصل بقاؤه.
فإن قيل : أليس الغالب أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يعفو عمن سبه ؟
أجيب : بلى ، وربما كان العفو في حياة الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، متضمناً المصلحة وهي التأليف ، كما كان ، صلى الله عليه وسلم ، يعلم أعيان المنافقين ولم يقتلهم "لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" لكن الآن لو علمنا أحداً بعينه من المنافقين لقتلناه ، قال ابن القيم رحمه الله: " إن عدم قتل المنافق المعلوم إنما هو في حياة الرسول ، صلى الله عليه وسلم، فقط" . أ هـ .
(233) سئل فضيلة الشيخ - أعلى الله درجته في المهديين - عمن سب الدين في حالة غضب هل عليه كفارة؟ وما شرط التوبة من هذا العمل؟ وهل ينفسخ نكاح زوجته؟
فأجاب حفظه الله بقوله : الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر فإن سب الدين والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل- وبدينه وقد حكى الله عن قوم استهزؤوا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون : إنما كنا نخوض ونلعب فبين الله عز وجل- أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله وأنهم كفروا به فقال-تعالى-: ]ولئن سألتهم ليقول :ن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم[ (1) فالاستهزاء بدين الله ، أو سب دين الله ، أو سب الله ورسوله ، أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة.
ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه لقول الله-تعالى-: ]قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم[(2) فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت ، توبة نصوحاً استوفت شروط التوبة الخمسة ، فإن الله يقبل توبته. وشروط التوبة الخمسة هي:
الشرط الأول : الإخلاص لله بتوبته بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة ، أو خوفاً من مخلوق ، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه فقد أخلص لله-تعالى- فيها.
الشرط الثاني: أن يندم على ما فعل من الذنب بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ، ويراه أمراً كبيراً يجب عليه أن يتخلص منه.
الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه؛ فإن كان ذنبه ترك واجب قام بفعله وتداركه إن أمكن ، وإن كان ذنبه بإتيان محرم أقلع عنه وابتعد عنه ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين ، فإنه يؤدي إليهم حقوقهم أو يستحلهم منها.
الشرط الرابع: العزم على أن لا يعود في المستقبل بأن يكون في قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها.
الشرط الخامس أن تكون التوبة في وقت القبول فإن كانت بعد فوات وقت القبول لم تقبل، وفوات وقت القبول عام وخاص:
أما العام فإنه طلوع الشمس من مغربها فالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل لقول الله-تعالى-: ]يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً[ (1) .
وأما الخاص فهو حضور الأجل فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى- :
]وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار[ (2) .
أقول : إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب ولو كان ذلك سب الدين فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها ، ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره ، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب ، نقول له : إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ماذا تقول ولا تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه فإن هذا الكلام لا حكم له ولا يحكم عليك بالردة لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد ، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله -سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به يقول : الله تعالى في الأيمان: ]لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان[ (3). فإذا كان هذا المتكلم بكلمة الكفر في غضب شديد لا يدري ما يقول : ولا يعلم ماذا خرج منه فإنه لا حكم لكلامه، ولا يحكم بردته حينئذ ، وإذا لم يحكم بالردة فإن الزوجة لا ينفسخ نكاحها منه ، بل هي باقية في عصمته ، ولكن ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يحرص على مداواة هذا الغضب بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل فقال له : يا رسول الله أوصني قال: "لا تغضب فردد مراراً قال ؛ لا تغضب" فليحكم الضبط على نفسه وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وإذا كان قائماً فليجلس ، وإذا كان جالساً فليضطجع ، وإذا اشتد به الغضب فليتوضأ، فإن هذه الأمور تذهب غضبه وما أكثر الذين ندموا ندماً عظيماً على تنفيذ ما اقتضاه غضبهم ولكن بعد فوات الأوان.
(234) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم الاستهزاء بالله تعالى أو برسوله ، صلى الله عليه وسلم ، أو سنته ، صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب بقوله : الاستهزاء بالله-تعالى-أو برسوله ، صلى الله عليه وسلم أو بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كفر وردة يخرج به الإنسان من الإسلام لقول الله تعالى-: ]ولئن سألتهم ليقول :ن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم[(1) فكل من استهزأ بالله أو برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أو بدين رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فإنه كافر مرتد يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى-، وإذا تاب إلى الله فإن الله تعالى يقبل توبته لقوله تعالى- في هؤلاء المستهزئين : ] لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين[ (2) فبين الله تعالى أنه قد يعفو عن طائفة منهم ولا يكون ذلك إلا بالتوبة إلى الله عز وجل من كفرهم الذي كان باستهزائهم بالله وآياته ورسوله.
(235) وسئل -حفظه الله -: عن حكم من يمزح بكلام فيه استهزاء بالله أو الرسول ، صلى الله عليه وسلم، أو الدين؟
فأجاببقوله : هذا العمل وهو الاستهزاء بالله أو رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، أو كتابه أو دينه ولو كان على سبيل المزح ، ولو كان على سبيل إضحاك القوم كفر ونفاق ، وهو نفس الذي وقع في عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ،في الذين قالوا : "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ،ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء". يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه القراء فنزلت فيهم : ]ولئن سألتهم ليقول :ن إنما كنا نخوض ونلعب[(3) لأنهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: إنما كنا نتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق ، فكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، يقول لهم ما أمره الله به: ]أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون .لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم[ (1). فجانب الربوبية ، والرسالة ، والوحي ، والدين جانب محترم ، لا يجوز لأحد أن يعبث فيه لا باستهزاء بإضحاك ، ولا بسخرية فإن فعل فإنه كافر ؛ لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل ورسله وكتبه وشرعه وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل - مما صنع ، لأن هذا من النفاق فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ، ويصلح عمله ، ويجعل في قلبه خشية الله عز وجل وتعظيمه وخوفه ومحبته. والله ولي التوفيق .










قديم 2012-06-11, 21:52   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(236) وسئل فضيلته : عن حكم الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب قائلا : الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله تعالى- ورسوله ، صلى الله عليه وسلم، لكونهم التزموا بذلك محرم وخطير جداً على المرء، لأنه يخشى أن تكون كراهته لهم لكراهة ما هم عليه من الاستقامة على دين الله وحينئذ يكون استهزاؤه بهم استهزاء بطريقهم الذي هم عليه فيشبهون من قال الله عنهم : ] ولئن سألتهم ليقول :ن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم[(2) فإنها نزلت في قوم من المنافقين قالوا : "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء يعنون رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء" . فأنزل الله فيهم هذه الآية .
فليحذر الذين يسخرون من أهل الحق لكونهم من أهل الدين فإن الله- سبحانه وتعالى يقول : ] إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون . وإذا مروا بهم يتغامزون . وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين . وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون . وما أرسلوا عليهم حافظين . فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون . على الأرائك ينظرون . هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون[ (1) .
(237) وسئل أيضاً : عن حكم من يسخر بالملتزمين بدين الله ويستهزئ بهم ؟
فأجاب بقوله: هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله فيهم نوع نفاق لأن الله قال عن المنافقين : ]الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم [ (2) . ثم إن كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة ، والاستهزاء بالشريعة كفر ، أما إذا كانوا يستهزئون بهم يعنون أشخاصهم وزيهم بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفرون بذلك ؛ لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله ، لكنهم على خطر عظيم ، والواجب تشجيع من التزم بشريعة الله ومعونته ، وتوجيهه إذا كان على نوع من الخطأ حتى يستقيم على الأمر المطلوب.
(238) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله-: هل يجوز البقاء بين قوم يسبون الله- عز وجل ؟
فأجاب حفظه الله بقوله : لا يجوز البقاء بين قوم يسبون الله - عز وجل - لقوله تعالى: ]وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً[(1) والله الموفق.
(239) وسئل فضيلة الشيخ : عن حكم من سخر بصاحب اللحية ورافع ثوبه عن كعبيه؟
فأجاب قائلاً : من سخر بصاحب اللحية ورافع ثوبه عن كعبيه فإن قصد السخرية بعمله وهو يعلم أنه من شريعة الله- تعالى -، فقد سخر من شريعة الله - تعالى - ، وإن قصد السخرية بالشخص نفسه لدوافع شخصية فإنه لا يكفر بذلك.
(240) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم دعاء المخلوق؟
فأجاب- رعاه الله - بقوله: الدعاء ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول: جائز وهو أن تدعو مخلوقاً بأمر من الأمور التي يمكن أن يدركها بأشياء محسوسة معلومة ، قال ، صلى الله عليه وسلم ، في حقوق المسلم على أخيه : "وإذا دعاك فأجبه" . وقال ، صلى الله عليه وسلم: "وتعين الرجل في دابته" . الحديث .
الثاني : أن تدعو مخلوقاً مطلقاً سواء كان حياً أو ميتاً فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك أكبر، لأن هذا من فعل الله لا يستطيعه البشر مثل : يا فلان اجعل ما في بطن امرأتي ذكراً .
الثالث: أن تدعو مخلوقاً لا يجيب بالوسائل الحسية المعلومة كدعاء الأموات فهذا شرك أكبر أيضاً ، لأن هذا لا يقدر عليه المدعو ولا بد أن يعتقد فيه الداعي شيئاً سرياً يدبر به الأمور.
(241) سئل فضيلة الشيخ: عن رجل محافظ على الصلاة والصيام وظاهر حاله الاستقامة ، إلا أن له حلقات يدعو فيها الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، وعبد القادر ، فما حكم عمله هذا؟
فأجاب بقوله : ما ذكره السائل يحزن القلب ، فإن هذا الرجل الذي وصفه بأنه يحافظ على الصلاة والصيام ، وأن ظاهر حاله الاستقامة قد لعب به الشيطان وجعله يخرج من الإسلام بالشرك وهو يعلم أو لا يعلم ، فدعاؤه غير الله عز وجل شرك أكبر مخرج عن الملة ، سواء دعا الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، أو دعا غيره ، وغيره أقل منه شأناً وأقل منه وجاهة عند الله عز وجل فإذا كان دعاء رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، شركاً فدعاء غيره أقبح وأقبح من عبد القادر أو غير عبد القادر ، والرسول ، عليه الصلاة والسلام ، نفسه لا يملك لأحد نفعاً ولا ضراً قال الله تعالى آمراً له: ] قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً [ (1) وقال آمراً له : ] قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي[ (1) وقال-تعالى-آمراً له : ]قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون[ (2) . بل قال الله تعالى آمراً له : ] قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً[ (3) فإذا كان الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، نفسه لا يجيره أحد من الله فكيف بغيره ؟! فدعاء غير الله شرك مخرج عن الملة ، والشرك لا يغفره الله عز وجل إلا بتوبة من العبد لقوله تعالى-: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ (4) وصاحبه في النار لقوله تعالى-: ] إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[ (5) .
ونصيحتي لهذا الرجل أن يتوب إلى الله من هذا الأمر المحبط للعمل فإن الشرك يحبط العمل قال الله تعالى - : ] ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ (6).فليتب إلى الله من هذا ،وليتعبد لله بما شرع من الأذكار والعبادات، ولا يتجاوز ذلك إلى هذه الأمور الشركية وليتفكر دائماً في قوله تعالى-: ]وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين[ (1) .
(242) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم دعاء أصحاب القبور؟
فأجاب بقوله : الدعاء ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : دعاء عبادة ، ومثاله الصلاة ، والصوم وغير ذلك من العبادات فإذا صلى الإنسان ، أو صام فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له ، وأن يجيره من عذابه ، وأن يعطيه من نواله ، ويدل لهذا قوله- تعالى-: ]وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين[ (2) فجعل الدعاء عبادة ، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله فقد كفر كفراً مخرجاً عن الملة ، فلو ركع الإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود لكان مشركاً خارجاً عن الإسلام ، ولهذا منع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من الانحناء عند الملاقاة سداً لذريعة الشرك فسئل عن الرجل يلقى أخاه أينحني له؟ قال: "لا" . وما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك خطأ ويجب عليك أن تبين له ذلك وتنهاه عنه.
القسم الثاني: دعاء المسألة ، وهذا ليس كله شركاً بل فيه تفصيل:
أولاً :إن كان المدعو حياً قادراً على ذلك فليس بشرك ، كقولك :اسقني ماء لمن يستطيع ذلك، قال ، صلى الله عليه وسلم : "من دعاكم فأجيبوه" . قال الله تعالى-: ]و إذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه[ (1) فإن مد الفقير يده وقال : ارزقني أي : أعطني فهو جائز كما قال- تعالى - : ]فارزقوهم منه[ .
ثانياً : إن كان المدعو ميتاً فإن دعاءه شرك مخرج عن الملة . ومع الأسف أن في بعض البلاد الإسلامية من يعتقد أن فلاناً المقبور الذي بقي جثة أو أكلته الأرض ينفع أو يضر ، أو يأتي بالنسل لمن لا يولد له ، وهذا والعياذ بالله شرك أكبر مخرج عن الملة ، وإقرارهذا أشد من إقرار شرب الخمر ، والزنى ، واللواط ؛ لأنه إقرار على كفر ، وليس إقراراً على فسوق فقط فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين .










قديم 2012-06-11, 21:52   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(243) سئل فضيلة الشيخ : يقول : بعض الناس عند الشدة : "يا محمد أو ياعلي ، أو يا جيلاني" فما الحكم ؟
فأجاب بقوله : إذا كان يريد دعاء هؤلاء والاستغاثة بهم فهو مشرك شركاً أكبر مخرجاً عن الملة ، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل- وأن يدعو الله وحده ، كما قال تعالى- : ]أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله[ (2) وهو مع كونه
مشركاً ، سفيه مضيع لنفسه ، قال الله تعالى -: ]ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه[ (3) . وقال : ]ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون [(1) .
(244) سئل فضيلة الشيخ : هل عبادة الإنسان لصفة من صفات الله يعد من الشرك وكذلك دعاؤها؟
فأجاب بقوله : عبادة الإنسان لصفة من صفات الله ، أو دعاؤه لصفة من صفات الله من الشرك ، وقد ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لأن الصفة غير الموصوف بلا شك وإن كانت هي وصفه ، وقد تكون لازمة وغير لازمة ، لكن هي بلا شك غير الموصوف فقوة الإنسان غير الإنسان وعزة الإنسان غير الإنسان ، وكلام الإنسان غير الإنسان، كذلك قدرة الله عز وجل- ليست هي الله بل هي صفة من صفاته فلو تعبد الإنسان لصفة من صفات الله لم يكن متعبداً لله؛ وإنما تعبد لهذه الصفة لا لله عز وجل والإنسان إنما يتعبد لله عز وجل (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) (2). والله عز وجل موصوف بجميع صفاته فإذا عبدت صفة من صفاته لم تكن عبدت الله عز وجل لأن الله موصوف بجميع الصفات . وكذلك دعاء الصفة من الشرك مثل أن تقول : يا مغفرة الله اغفري لي ياعزة الله أعزيني ونحو ذلك.
245- وسئل أيضاً : هل قول الإنسان : "يا رحمة الله" يدخل في دعاء الصفة الممنوع؟
فأجاب بقوله : إذا كان مراد الداعي بقوله : "يا رحمة الله" الاستغاثة برحمة الله تعالى يعني أنه لا يدعو نفس الرحمة ولكنه يدعو الله سبحانه وتعالى أن يعمه برحمته كان هذا جائزاً ، وهذا هو الظاهر من مراده ، فلو سألت القائل هل أنت تريد أن تدعو الرحمة نفسها أو تريد أن تدعو الله عز وجل - ليجلب لك الرحمة؟ لقال : هذا هو مرادي.
أما إن كان مراده دعاء الرحمة نفسها فقد سبق جوابه ضمن جواب السؤال السابق.
(246)سئل فضيلة الشيخ : قلتم في الفتوى رقم "244" : إن عبادة صفة من صفات الله أو دعاءها من الشرك ، وقد جاء في شرح العقيدة الطحاوية إذا قلت : "أعوذ بعزة الله" فقد عذت بصفة من صفات الله ، ولم تعذ بغير الله . . فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه . . وقد قال ، صلى الله عليه وسلم : " أعوذ بعزة الله وقدرته . . " وقال: "أعوذ بكلمات الله التامات . . . " . وقال ، صلى الله عليه وسلم : "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك . . . " وقال صلى الله عليه وسلم : " ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا" . وقال : "أعوذ بنور وجهك . . . " ولا يعوذ ، صلى الله عليه وسلم ، بغير الله . فنأمل من فضيلتكم التكرم بالتوضيح؟ .
فأجاب بقوله : ما نقله السائل من كلام شارح الطحاوية لا ينافي ما ذكرناه فإن من المعلوم أنه لا توجد ذات مجردة عن صفة أبداً ولو لم يكن فيها إلا صفة الوجود ، وكونه واجباً أو ممكناً وكونها على صفة معينة من صغر أو كبر أو نحو ذلك لكان كافياً في الدلالة على أنه لا يمكن وجود ذات بلا صفة ما . ولكن إذا عبد الإنسان صفة من صفات الله أو دعاها فإن هذا يشعر بكون الصفة بائنة عن الله تعالى مستقلة عنه وهذا هو وجه كونه شركاً .
وأما ما جاء في الأحاديث التي ذكرها شارح الطحاوية مثل : "أعوذ بعزتك" "أعوذ بعظمتك" ، "أعوذ برضاك" ، "أعوذ بكلمات الله التامة" فحقيقته أنه استعاذة بالله متوسلاً إليه بهذه الصفات المقتضية للعياذ ،ولهذا قال شارح الطحاوية على ما نقله السائل : ولا يعوذ صلى الله عليه وسلم بغير الله . وإليك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في أن دعاء صفة من صفات الله كفر قال في الصفحة الثمانين من تلخيص كتاب الاستغاثة ما نصه :
"إن مسألة الله- تعالى بأسمائه وصفاته وكلماته جائز مشروع كما جاءت به الأحاديث وأما دعاء صفاته وكلماته فكفر باتفاق المسلمين فهل يقول : مسلم : يا كلام الله اغفر لي وارحمني وأغثني أو أعني أو يا علم الله أو يا قوة الله أو يا عزة الله أو يا عظمة الله ونحو ذلك أو سمع من مسلم أو كافر أنه دعا ذلك من صفات الله وصفات غيره أو يطلب من الصفة جلب منفعة أو دفع مضرة أو إعانة أو نصر أو إغاثة أو غير ذلك". ا هـ .
هذا والله أسأل أن يوفق الجميع لما فيه الخير لنا وللأمة.
(247) سئل فضيلة الشيخ : عن رجل يستغيث بغير الله ويزعم أنه ولي الله فما علامات الولاية؟
فأجاب : علامات الولاية بينها الله عز وجل- في قوله: ]ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين آمنوا وكانوا يتقون[ (1) فهذه علامات الولاية : الإيمان بالله ، وتقوى الله عز وجل "فمن كان مؤمناً تقياً ، كان لله ولياً" . أما من أشرك به فليس بولي لله بل هو عدو لله كما قال تعالى - : ] من كان عدوّاً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين[ (2) . فأي إنسان يدعو غير الله ، أو يستغيث بغير الله بما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل - فإنه مشرك كافر ، وليس بولي لله ولو ادعى ذلك ، بل دعواه أنه ولي مع عدم توحيده وإيمانه وتقواه دعوى كاذبة تنافي الولاية.
ونصيحتي لإخواني المسلمين في هذه الأمور أن لا يغتروا بهؤلاء ، وأن يكون مرجعهم في ذلك إلى كتاب الله ، وإلى ما صح من سنة النبي ، صلى الله عليه وسلم ،حتى يكون رجاؤهم، وتوكلهم ، واعتمادهم على الله وحده ، وحتى يؤمنوا بذلك لأنفسهم استقراراً وطمأنينة ، وحتى يحفظوا بذلك أموالهم أن يبتزها هؤلاء المخرفون ، كما أن في لزوم ما دل عليه الكتاب والسنة في مثل هذه الأمور في ذلك إبعاداً لهؤلاء عن الاغترار بأنفسهم ، هؤلاء الذين يدعون أنفسهم أحياناً أسياداً ، وأحياناً أولياء ، ولو فكرت أو تأملت ما هم عليه لوجدت فيهم بعداً عن الولاية والسيادة ، ولكنك تجد الولي حقيقة أبعد الناس أن يدعو لنفسه وأن يحيطها بهالة من التعظيم والتبجيل وما أشبه ذلك ، تجده مؤمناً ، تقياً ، خفياً لا يظهر نفسه ، ولا يحب الإشهار، ولا يحب أن يتجه الناس إليه ، أو أن يتعلقوا به خوفاً أو رجاء . فمجرد كون الإنسان يريد من الناس أن يعظموه ، ويحترموه ، ويبجلوه ، ويكون مرجعاً لهم ، ومتعلقاً لهم ، هذا في الحقيقة ينافي التقوى وينافي الولاية ، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيمن طلب العلم ليماري به السفهاء ، أو يجاري به العلماء ، أو ليصرف وجوه الناس إليه فعليه كذا وكذا من الوعيد ، فالشاهد في قوله : "أو ليصرف وجوه الناس إليه" فهؤلاء الذين يدعون الولاية ويحاولون أن يصرفوا وجوه الناس إليهم هم أبعد الناس عن الولاية.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن لا يغتروا بهؤلاء وأمثالهم وأن يرجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وأن يعلقوا آمالهم ورجاءهم بالله وحده.
(248)سئل فضيلته : عن رأيه فيمن تغيرت لديهم المفاهيم وصار عندهم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟ .
فأجاب – حفظه الله - بقوله : رأيي في هؤلاء الذين تغيرت عندهم المفاهيم حتى رأوا المعروف منكراً والمنكر معروفاً وصاروا لا ينكرون من المنكر شيئاً ولا يقرون من المعروف شيئاً ، رأيي أن هؤلاء انسلخوا من الدين والعياذ بالله- وذلك لأن من جعل المعروف الذي ، من شريعة الله عز وجل منكراً فقد كفر بالشريعة ، وكذلك من جعل المنكر معروفاً فقد آمن بالطاغوت ، والإيمان لا يتم إلا بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، فعلى هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم ويفكروا في أمرهم ويعرفوا أصلهم ومنتهى أمرهم فإن أصلهم العدم ومنتهى أمرهم الفناء من الدنيا ، قال تعالى - : ] هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً [(1) وقال- تعالى - : ]كل من عليها فان . ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام[ (2). وقال تعالى - :]كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة[ (3) . عليهم أن يفكروا أدنى تفكير فإن لم يفد فعليهم أن يفكروا التفكير العميق في الأمر وهم يشاهدون الناس يذهبون ويجيئون ، هذا يولد وهذا يموت وهذا يمرض وهذا يصح ، وهذا يصاب بماله وهذا يصاب بأهله ، ويعلموا أنه لا بقاء لأحدٍ في هذه الدنيا فليرجعوا إلى الله تعالى- وليعرفوا المعروف وينكروا المنكر ومن تاب تاب الله عليه.












(1) سورة النمل ، الآية "14" .

(2) سورة الإسراء ، الآية "102" .

(3) سورة الطور ، الآية "35" .

(1) سورة النساء ، الآية "115" .

(2) سورة التوبة ، الآية "115" .

(3) سورة الإسراء ، الآية "15" .

(1) سورة القصص، الآية "59" .

(2) سورة الإسراء ، الآية "15" .

(3) سورة التوبة ، الآية "115" .

(1) سورة النساء، الآيات "163-165" .

(2) سورة الإسراء، الآية "15" .

(3) سورة التوبة، الآية "115" .

(4) سورة الزخرف، الآية "22".

(5) سورة الزخرف، الآية "23".

(1) سورة القمر ، الآية "22" .

(1) سورة الكهف ، الآية "49" .

(1) سورة القصص، الآية "59" .

(2) سورة النساء ، الآية "165".

(3) سورة إبراهيم ، الآية "4" .

(4) سورة التوبة ، الآية "115".

(5) سورة الأنعام ، الآيات "155-157".

(1) سورة النساء ، الآية "115".

(3) سورة الأحزاب ، الآية "5" .

(1) سورة الأحزاب ، الآية "5" .

(2) سورة البقرة ، الآية " 286" .

(1) سورة الإسراء ، الآية "15" .

(2) سورة النساء ، الآية "165".

(3) سورة الأنبياء ، الآية "7" .

(1) سورة النحل ، الآية "106" .

(2) سورة النحل ، الآية "106" .

(1) سورة التوبة ، الآية "31ط .

(1) سورة النساء ، الآيات "60-65" .

(1) سورة الأعراف ، الآية "54".

(1) سورة المائدة ، الآية "44" .

(2) سورة المائدة ، الآية "45" .

(3) سورة المائدة ، الآية "47" .

(4) سورة البقرة ، الآية "254" .

(5) سورة التوبة ، الآية "84" .

(1) سورة المائدة ، الآية "50" .

(2) سورة المائدة ، الآية "44".

(3) سورة محمد ، الآيات "26-28" .

(4) سورة البقرة ، الآية "85" .

(1) سورة النساء ، الآيتان "150-151" .

(2) سورة المائدة ، الآية "45" .

(3) سورة المائدة ، الآية "47" .

(1) سورة المائدة ، الآية "47" .

(1) سورة الكوثر ، الآية "2" .

(2) سورة الأنعام ، الآيتان "162-163" .

(3) سورة المائدة ، الآية "72" .

(1) سورة المائدة ، الآية "3" .

(2) سورة الكوثر ، الآية "2" .

(1) سورة الأنفال ، الآية "38" .

(2) سورة الفرقان ، الآيتان "68-70" .

(1) سورة الزمر ، الآية "53" .

(1) سورة التوبة ، الآيتان "65، 66" .

(2) سورة الزمر ، الآية "53" .

(1) سورة الأنعام ، الآية "158" .

(2) سورة النساء الآية "18" .

(3)سورة المائدة ، الآية "89".

(1) سورة التوبة، الآيتان "65-66" .

(2) سورة التوبة ، الآية "66" .

(3) سورة التوبة ، الآية "65" .

(1) سورة التوبة ، الآيتان "65-66" .

(2) سورة التوبة ، الآيتان "65، 66" .

(1) سورة المطففين ، الآيات "29-36" .

(2) سورة التوبة ، الآية "79" .

(1) سورة النساء ، الآية "140".

(1) سورة الجن ، الآية "21" .

(1) سورة الأنعام ، الآية "50".

(2) سورة الأعراف ، الآية "188" .

(3) سورة الجن ، الآية "22".

(4) سورة النساء ، الآية "48".

(5) سورة المائدة، الآية "72".

(6) سورة الزمر ، الآية "65".

(1) سورة غافر ، الآية "60".

(2) سورة غافر ، الآية "60" .

(1) سورة النساء ، الآية "8".

(2) سورة النمل ، الآية "62" .

(3) سورة البقرة ، الآية "130".

(1) سورة الأحقاف ، الآية "5" .
(2) سورة الأنعام ، الآية " 162 " .

(1) سورة يونس ، الآيتان "62-63" .

(2) سورة البقرة ، الآية "98" .

(1) سورة الإنسان ، الآية "1" .

(2) سورة ، الرحمن ، الآيتان "26-27" .

(3) سورة آل عمران ، الآية "185" .










قديم 2012-06-20, 21:34   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السحـــــــــــــــــــــــــــــــــر


(249)سئل فضيلة الشيخ : عن قوم يضربون أنفسهم بالحديد والسلاح ولا يتأثرون ويزعمون أنهم أولياء الله؟
فأجاب بقوله :كون هؤلاء يضربون أنفسهم بالحديد أو غير الحديد ولا يتأثرون بذلك فإن هذا لا يدل على صدقهم ، ولا على أنهم من أولياء الله ، ولا على أن هذا كرامة لهم ، وإنما هذا من أنواع السحر الذي يسحرون به أعين الناس ، والسحر يكون في مثل هذا وغيره ، فإن موسى عليه الصلاة والسلام لما ألقى سحرة فرعون حبالهم وعصيهم صارت من سحرهم يخيل إليه أنها تسعى، وأنها حيات وأفاعٍ كما قال الله عز وجل : ]سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءو بسحر عظيم[ (1) فهذا الذي يفعلونه لا شك أنه نوع من أنواع السحر وأنه ليس بكرامة.
واعلم رحمك الله أن الكرامة لا تكون إلا لأولياء الله ، وأولياء الله هم الذين اتقوه واستقاموا على دينه وهم من وصفهم الله بقوله : ] ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين ءامنوا وكانوا يتقون[ (2) وليس كل من ادعى الولاية يكون ولياً ، وإلا لكان كل واحد يدعيها ، ولكن يوزن هذا المدعي للولاية بعمله ، إن كان عمله مبنياً على الإيمان والتقوى فإنه ولي ، لكن مجرد ادعائه أنه من أولياء الله ليس من تقوى الله عز وجل لأن الله تعالى يقول : : ] فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى[ (3). فإذا ادعى أنه من أولياء الله فقد زكى نفسه، وحينئذ يكون واقعاً في معصية الله وفيما نهاه الله عنه وهذا ينافي التقوى . وعلى هذا فإن أولياء الله لا يزكون أنفسهم بمثل هذه الشهادة ، وإنما هم يؤمنون بالله ويتقونه ويقومون بطاعته على الوجه الأكمل ، ولا يقرون الناس ويخدعونهم بهذه الدعوى حتى يضلوهم عن سبيل الله.

(250) سئل فضيلة الشيخ : عن السحر وحكم تعلمه ؟
فأجاب بقوله : السحر قال العلماء : هو في اللغة "عبارة عن كل ما لطف وخفي سببه" بحيث يكون له تأثير خفي لا يطلع عليه الناس ، وهو بهذا المعنى يشمل التنجيم ، والكهانة ، بل إنه يشمل التأثير بالبيان والفصاحة كما قال عليه الصلاة والسلام : "إن من البيان لسحراً " . فكل شيء له أثر بطريق خفي فهو من السحر.
وأما في الاصطلاح فعرفه بعضهم بأنه : "عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والعقول والأبدان فتسلب العقل ، وتوجد الحب والبغض وتفرق بين المرء وزوجه وتمرض البدن وتسلب تفكيره " .
وتعلم السحر محرم ، بل هو كفر إذا كانت وسيلته الإشراك بالشياطين قال الله - تبارك وتعالى -: ]واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقول :ا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق[ (1) فتعلم هذا النوع من السحر وهو الذي يكون بواسطة الإشراك بالشياطين كفر ، واستعماله أيضاً كفر وظلم وعدوان على الخلق ، ولهذا يقتل الساحر إما ردة وإما حداً فإن كان سحره على وجه يكفر به فإنه يقتل ردة وكفراً ، وإن كان سحره لا يصل إلى درجة الكفر فإنه يقتل حداً دفعاً لشره وأذاه عن المسلمين.

(251) سئل - حفظه الله ورعاه - : هل للسحر حقيقة؟
فأجاب قائلاً بقوله : للسحر حقيقة ولا شك وهو مؤثر حقيقة ، لكن كونه يقلب الشيء أو يحرك الساكن ، أو يسكن المتحرك هذا خيال وليس حقيقة انظر إلى قول الله- تعالى- في قصة السحرة من آل فرعون يقول الله تعالى -: ]سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءو بسحر عظيم [ (2) قال: ] سحروا أعين الناس واسترهبوهم[ كيف سحروا أعين الناس ؟ سحروا أعين الناس حين صار الناس ينظرون إلى حبال السحرة وعصيهم كأنها ثعابين تمشي كما قال الله - تعالى- : ] يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى[ (3) فالسحر في قلب الأشياء ، وتحريك الساكن ، أو تسكين المتحرك ليس له أثر ، لكن في كونه يسحر أو يؤثر على المسحور حتى يرى الساكن متحركاً والمتحرك ساكناً ، أثره ظاهر جداً ، إذاً فله حقيقة ويؤثر على بدن المسحور وحواسه وربما يهلكه.

(252) وسئل فضيلته : هل للسحر حقيقة ؟ وهل سحر النبي ، صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب بقوله : السحر ثابت ولا مرية فيه وهو حقيقة ، وذلك بدلالة القرآن الكريم ، والسنة .
أما القرآن الكريم فإن الله- تعالى ذكر عن سحرة فرعون الذين ألقوا حبالهم وعصيهم ، وسحروا أعين الناس ، واسترهبوهم حتى إن موسى ، عليه الصلاة والسلام ، كان يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى وحتى أوجس في نفسه خيفة فأمره الله تعالى أن يلقي عصاه فألقاها فإذا هي حية تسعى تلقف ما يأفكون،كما حكى الله عز وجل ذلك عنه فقال : ]قالوا ياموسى إما أن تلقي وإما أن تكون أول من ألقى . قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى . فأوجس في نفسه خيفة موسى . قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألقِ ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى [ (1) وهذا أمر لا إشكال فيه ، وأما السنة ففيها أحاديث متعددة في ثبوت السحر وتأثيره . وأما أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر فنعم فقد ثبت من حديث عائشة وغيرها أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سحر وأنه كان يخيل إليه أنه أتى الشيء وهو لم يأته ولكن الله تعالى أنزل عليه سورتي : قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فشفاه الله بهما .

(253) وسئل : عن حكم حل السحر عن المسحور "النشرة" ؟
فأجاب بقوله قائلاً : حل السحر عن المسحور "النشرة" الأصح فيها أنها تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون بالقرآن الكريم ، والأدعية الشرعية ، والأدوية المباحة فهذه لا بأس بها لما فيها من المصلحة وعدم المفسدة ، بل ربما تكون مطلوبة ؛ لأنها مصلحة بلا مضرة.
القسم الثاني : إذا كانت النشرة بشيء محرم كنقض السحر بسحر مثله فهذا موضع خلاف بين أهل العلم:
فمن العلماء من أجازه للضرورة.
ومنهم من منعه لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سئل عن النشرة فقال : " هي من عمل الشيطان" . وإسناده جيد رواه أبو داود ، وعلى هذا يكون حل السحر بالسحر محرماً ، وعلى المرء أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع لإزالة ضرره ، والله سبحانه وتعالى يقول : : ]وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان[ (1) .
ويقول : الله تعالى - : ] أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون[ (2) . والله الموفق .

(254) وسئل : عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر؟
فأجاب بقوله : هذا محرم ولا يجوز ، وهذا يسمى بالعطف ، وما يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضاً محرم وقد يكون كفراً وشركاً قال الله تعالى - : ]وما يعلمان من أحد حتى يقول :ا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق[ (1) .

(255)سئل فضيلة الشيخ : عن أقسام السحر ؟ وهل الساحر كافر؟
فأجاب بقوله : السحر ينقسم إلى قسمين :
الأول: عقد ورقى ، أي قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى الإشراك بالشياطين فيما يريد لضرر المسحور ، قال الله - تعالى - : ] واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر[ (1) . الآية .
الثاني : أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور ، وعقله ، وإرادته ، وميله وهو ما يسمى عندهم بالعطف ، والصرف ، فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء والصرف بالعكس من ذلك ، فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك ، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه ."
وكفر الساحر" اختلف فيه أهل العلم : فمنهم من قال : يكفر . ومنهم من قال : لا يكفر .
ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه يتبين به حكم هذه المسألة: فمن كان سحره بواسطة الشياطين فإنه يكفر ، ومن كان سحره بالأدوية والعقاقير فإنه لا يكفر ولكنه يعتبر عاصياً.

256- سئل فضيلة الشيخ : هل قتل الساحر ردة أو حد؟
فأجاب بقوله : قتل الساحر قد يكون حداً ، وقد يكون ردة بناء على التفصيل السابق في كفر الساحر فمتى حكمنا بكفره فقتله ردة ، وإذا لم نحكم بكفره فقتله حد.
والسحرة يجب قتلهم سواء قلنا بكفرهم أم لا ، لعظم ضررهم وفظاعة أمرهم ، فهم يفرقون بين المرء وزوجه ، وكذلك العكس فهم قد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء ويتوصلون بذلك إلى أغراضهم ، كما لو سحر امرأة ليزني بها ، فيجب على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة ، ما دام أنه حد ؛ لأن الحد إذا بلغ الإمام ، لا يستتاب صاحبه ، بل يقام بكل حال ، أما الكفر فإنه يستتاب صاحبه ، وبهذا نعرف خطأ من أدخل حكم المرتد في الحدود ، وذكروا من الحدود حد الردة ؛ لأن قتل المرتد ليس من الحدود لأنه إذا تاب انتفى عنه القتل ، ثم إن الحدود كفارة لصاحبها وليس بكافر ، والقتل بالردة ليس بكفارة وصاحبه كافر لا يصلى عليه ، ولا يغسل ولا يدفن في مقابر المسلمين.
فالقول بقتل السحرة موافق للقواعد الشرعية ؛ لأنهم يسعون في الأرض فساداً ، وفسادهم من أعظم الفساد ، وإذا قتلوا سلم الناس من شرهم ، وارتدع الناس عن تعاطي السحر.

(257) وسئل فضيلته : هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ، سحر؟
فأجاب بقوله : نعم ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي ، صلى الله عليه وسلم سحر ، لكن لم يؤثر عليه من الناحية التشريعية أو الوحي ، إنما غاية ما هنالك أنه وصل إلى درجة يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ، وهذا السحر الذي وضع كان من يهودي يقال له: لبيد بن الأعصم وضعه له ، ولكن الله تعالى أنجاه منه حتى جاءه الوحي بذلك وعوذ بالمعوذتين عليه الصلاة والسلام ،ولا يؤثر هذا السحر على مقام النبوة ؛ لأنه لم يؤثر في تصرف النبي، صلى الله عليه وسلم ، فيما يتعلق بالوحي والعبادات .
وقد أنكر بعض الناس أن يكون النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سحر ، بحجة أن هذا القول يستلزم تصديق الظالمين الذين قالوا : ] إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً[(1) . ولكن هذا لا شك أنه لا يستلزم موافقة هؤلاء الظالمين فيما وصفوا به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لأن أولئك يدعون أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، مسحور فيما يتكلم به من الوحي ، وأن ما جاء به هذيان كهذيان المسحور ، وأما السحر الذي وقع للرسول ، صلى الله عليه وسلم ، فلم يؤثر عليه في شيء من الوحي ولا في شيء من العبادات ، ولا يجوز لنا أن نكذب الأخبار الصحيحة بمجرد فهم شيء فهمه من فهمه.
--------------------------------------------
(1) سورة الأعراف ، الآية "116" .

(2) سورة يونس ، الآيتان "62-63" .

(3) سورة النجم ، الآية "32".

(1) سورة البقرة ، الآية "102" .

(2) سورة الأعراف ، الآية "116" .

(3) سورة طه ، الآية "66" .

(1) سورة طه ، الآيات "65-69" .

(1) سورة البقرة ، الآية "186".

(2) سورة النمل ، الآية "62" .

(1) سورة البقرة ، الآية "102" .

(1) سورة الإسراء ، الآية "47".









قديم 2012-06-28, 19:02   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكهانة و التنجيـــــــــــــــــــــــــــــم


(258) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم سؤال العراف؟
فأجاب بقوله : سؤال العراف ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يسأله فيصدقه ويعتبر قوله فهذا حرام بل كفر ؛ لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن.
القسم الثاني: أن يسأله ليختبره هل هو صادق أو كاذب ، لا لأجل أن يأخذ بقوله فهذا جائز ، وقد سأل النبي ، صلى الله عليه وسلم ابن صياد قال: "ماذا خبأت لك" ؟ قال:الدخ. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم : "اخسأ فلن تعدو قدرك" . فالنبي ، صلى الله عليه وسلم ، سأله عن شيء أضمره له لأجل أن يختبره لا ليصدقه ويعتبر قوله.
القسم الثالث: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، وهذا أمر مطلوب واجباً .
(259) وسئل جزاه الله خيراً : عن الكهانة؟ وحكم إتيان الكهان؟
فأجاب بقوله : الكهانة فعالة مأخوذة من التكهن ، وهو التخرص والتماس الحقيقة بأمور لا أساس لها ، وكانت في الجاهلية صنعة لأقوام تتصل بهم الشياطين وتسترق السمع من السماء وتحدثهم به ، ثم يأخذون الكلمة التي نقلت إليهم من السماء بواسطة هؤلاء الشياطين ويضيفون إليها ما يضيفون من القول ، ثم يحدثون بها الناس ، فإذا وقع الشيء مطابقاً لما قالوا اغتر بهم الناس واتخذوهم مرجعاً في الحكم بينهم ، وفي استنتاج ما يكون في المستقبل ، ولهذا نقول : الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل.
والذي يأتي إلى الكاهن ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله من غير أن يصدقه، فهذا محرم ، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال: "من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً أو أربعين ليلة" .
القسم الثاني: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ويصدقه بما أخبر به، فهذا كفر بالله-عز وجل- لأنه صدقه في دعوى علمه الغيب،وتصديق البشري دعوى علم الغيب تكذيب لقول الله -تعالى-: ]قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله[ (1). ولهذا جاء في الحديث الصحيح: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول : فقد كفر بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم" .
القسم الثالث: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ليبين حاله للناس ، وإنها كهانة وتمويه وتضليل ، وهذا لا بأس به ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أتاه ابن صياد ، فأضمر له النبي ، صلى الله عليه وسلم ، شيئاً في نفسه فسأله النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ماذا خبأ له؟ فقال: الدخ يريد الدخان . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "اخسأ فلن تعدو قدرك" . هذه أحوال من يأتي إلى الكاهن ثلاثة:
الأولى : أن يأتي فيسأله بدون أن يصدقه، وبدون أن يقصد بيان حاله فهذا محرم ، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين ليلة.
الثانية : أن يسأله فيصدقه وهذا كفر بالله عز وجل على الإنسان أن يتوب منه ويرجع إلى الله عز وجل وإلا مات على الكفر.
الثالثة: أن يأتيه فيسأله ليمتحنه ويبين حاله للناس فهذا لا بأس به .
(260) سئل فضيلة الشيخ : عن قول بعض الناس : تكهنت مصادر مطلعة بوقوع كذا وكذا؟ أو أتكهن أن فلاناً سيحضر؟
فأجاب بقوله : لا ينبغي إطلاق هذا اللفظ الدال على عمل محرم على أمر مباح ، فلا ينبغي أن يقول : أتكهن بكذا ونحوه ، ولكن يقول : أظن كذا ؛ لأن العامي الذي لا يفرق بين الأمور يظن أن الكهانة كلها مباحة بدليل إطلاق هذا اللفظ على شيء مباح معلوم إباحته.
(261) سئل فضيلة الشيخ : عن أقسام علم النجوم؟
فأجاب بقوله : علم النجوم ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : علم يستدل به على الحوادث الأرضية ، فهذا محرم ، فيستدل مثلاً باقتران النجم الفلاني بالنجم الفلاني على أنه سيحدث كذا وكذا ، ويستدل بولادة إنسان في هذا النجم أنه سيكون سعيداً ، وفي هذا النجم الآخر بأنه سيكون شقياً ، فيستدلون باختلاف أحوال النجوم على اختلاف الحوادث الأرضية ، والحوادث الأرضية ليس للنجوم بها علاقة ولهذا في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة على أثر سماء من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال : "هل تدرون ماذا قال ربكم" ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم . قال: " قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فمن قال : مطرنا بنوء كذا وكذا والباء للسببية فإنه كافر بي مؤمن بالكوكب ، ومن قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب" . فالنجوم لا تأتي بالمطر ولا الرياح ، ومنه نعرف خطأ الذين يقولون: إذا طلع النجم الفلاني ازداد هبوب الرياح لأن النجوم لا صلة لها بالرياح.
القسم الثاني: علم يستدل به على الجهات والأوقات ، فهذا جائز وقد يكون واجباً كما قال الفقهاء : "إذا دخل وقت الصلاة يجب على الإنسان أن يتعلم علامات القبلة من النجوم ، والشمس ، والقمر " . قال الله تعالى - : ] وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون[ (1). فلما ذكر الله عز وجل العلامات الأرضية انتقل إلى العلامات الأفقية فقال تعالى -: ] وعلامات وبالنجم هم يهتدون[ (2) . فالاستدلال بهذه النجوم على الأزمنة والأمكنة لا بأس به ، مثل أن يقال : إذا طلع النجم الفلاني دخل وقت المطر ، أو وقت الربيع، والعرب في الجاهلية يتشاءمون بالأنواء ويتفاءلون بها ، فبعض النجوم يقولون : هذا نجم نحس لا خير فيه ، وبعضها بالعكس يقولون : هذا نجم سعود وخير ، ولهذا إذا أمطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا ، ولا يقولون : مطرنا بفضل الله ورحمته ، مع أن النجم ليس سبباً للمطر. ألسنا نجد هذا النوء بعينه سنة يكون فيه مطر وفي سنة أخرى لا يكون فيه مطر؟! ونجد السنوات تمر بدون مطر مع وجود النجوم الموسمية التي كانت كثيراً ما يكون في زمنها الأمطار، فالنوء لا تأثير له فقولنا : طلع هذا النجم كقولنا : طلعت الشمس فليس له إلا طلوع وغروب ، والنوء وقت تقدير وهو يدل على دخول الفصول فقط .
(262)سئل فضيلة الشيخ : عن حكم تعلم علم النجوم؟ وما الحكمة من خلقها؟
فأجاب حفظه الله بقوله : علم النجوم على نوعين :
النوع الأول : علم التأثير وهذا النوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة ، بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث فهذا شرك مخرج عن الملة؛ لأنه جعل المخلوق خالقاً فادعى أن مع الله خالقاً آخر.
القسم الثاني : أن يستدل بحركاتها وتنقلاتها على ما يحدث في المستقبل مثل أن يعتقد أن فلاناً ستكون حياته شقاء ؛ لأنه ولد في النجم الفلاني ، ونحو ذلك فهذا قد ادعى علم الغيب ودعوى علم الغيب كفر مخرج من الملة لأنه تكذيب لقوله- تعالى - : ]قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله[ (1) وهذا من أقوى أنواع الحصر لأنه بالنفي والاستثناء ، فإذا ادعى علم الغيب فقد كذب القرآن.
القسم الثالث: أن يعتقد أنها سبب لحدوث الخير والشر أي إنه إذا وقع شيء نسبه إلى النجوم ، ولاينسب إلى النجوم شيئاً إلا بعد وقوعه فهذا شرك أصغر لأنه أضاف الحوادث إلى ما ليس سبباً لها شرعاً ولا حساً . فإن قيل : ينتقض هذا بما ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده" فمعنى ذلك أنهما علامة إنذار.
فالجواب :
أن هذا لا يدل على أن للكسوف تأثيراً في الحوادث من الجدب والقحط والحروب ولذلك قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته" . لا في ما مضى ، ولا في المستقبل ، وإنما يخوف الله بهما العباد لعلهم يرجعون.
النوع الثاني : علم التسيير بأن يستدل بسيرها على شيء ما فهذا على قسمين :
القسم الأول : أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية فهذا مطلوب ، وإذا كان على مصالح دينية واجبة كان ذلك واجباً ، كما لو أراد أن يستدل بالنجوم على جهة القبلة ، فالنجم الفلاني يكون ثلث الليل قبلة ، والنجم الفلاني يكون ربع الليل قبلة فهذا فيه فائدة عظيمة.
القسم الثاني: أن يستدل بها على المصالح الدنيوية وهذا لا بأس به وهو نوعان :
النوع الأول:أن يستدل بها على الجهات،كمعرفة أن القطب يقع شمالاً،والجدي وهو قريب منه يدور حوله شمالاً وهكذا ، فهذا جائز قال تعالى -: ] وعلامات وبالنجم هم يهتدون[ (1) .
النوع الثاني: أن يستدل بها على الفصول؛وهو ما يعرف بتعلم منازل القمر،فهذا كرهه بعض السلف،و أباحه آخرون،والذين كرهوه قالوا:يخشى إذا قيل طلع النجم الفلاني فهووقت الشتاء ، أن بعض العامة يعتقد أنه هو الذي يأتي بالبرد،أو بالحر،أو بالرياح . والصحيح عدم الكراهة.
أما الحكمة من خلقها فالله عز وجل- قد خلق هذه النجوم لحكم كثيرة منها :
الأولى: زينة للسماء قال تعالى - : ]ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين[(1) ولا يلزم من ذلك أن تكون النجوم مرصقة في السماء .
فإن قيل : فما الجواب عن قوله تعالى - : ] ولقد زينا السماء الدنيا [ (2) قلنا : إنه لا يلزم من تزيين الشيء بالشيء أن يكون ملاصقاً له ، أرأيت لو أن رجلاً عمر قصراً وجعل حوله ثريات من الكهرباء كبيرة وجميلة وهي حول القصر وليست على جدرانه فالناظر إلى القصر من بعد يرى أنها زينة له وإن لم تكن ملاصقة له.
الثانية: أنها رجوم للشياطين،أي لشياطين الجن الذين يسترقون السمع،فهم لهم قوة عظيمة نافذة قال تعالىعن عملهم لسليمان: ]والشياطين كل بناء وغواص . وآخرين مقرنين في الأصفاد[ (3)وقال تعالى- :] قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك[ (4) أي من سبأ إلى الشام،وهوعرش عظيم لملكة سبأ فهذا يدل على قوته،وسرعته ونفوذه.قال
تعالى-عن الجن:] أنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً[(1) .
الثالثة : علامات يهتدى بها قال- تعالى - : ] وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون . وعلامات وبالنجم هم يهتدون[ (2) . فالعلامات : تشمل كل ما جعل الله في الأرض من علامة كالجبال ، والأنهار والطرق وهن علامات أرضية ، ثم ذكر العلامة الأفقية في قوله تعالى - : ] وبالنجم هم يهتدون[ (3) . والنجم اسم جنس يشمل كل ما يهتدى به ولا يختص بنجم معين ؛ لأن لكل قوم طريقة في الاستدلال بهذه النجوم على الجهات سواء جهة القبلة ، أو المكان براً أو بحراً ، وهذه نعمة من الله أن جعل أشياء علوية لا يحجب دونها شيئ لأنك في الليل لا تشاهد جبالاً ، ولا أودية ، ولا رملاً وهذا من تسخير الله تعالى-. قال- تعالى- : ] وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه[ (4) .
(263) وسئل فضيلته : عن التنجيم وحكمه ؟
فأجاب بقوله : التنجيم مأخوذ من النجم ، وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية ، بمعنى أن يربط المنجم ما يقع في الأرض ، أو ما سيقع في الأرض بالنجوم بحركاتها ، وطلوعها ، وغروبها ، واقترانها ، وافتراقها وما أشبه ذلك ، والتنجيم نوع من السحر والكهانة وهو محرم ، لأنه مبني على أوهام لا حقيقة لها ، فلا علاقة لما يحدث في الأرض بما يحدث في السماء ، ولهذا كان من عقيدة أهل الجاهلية أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم ، فكسفت الشمس في عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم رضي الله عنه فقال الناس : كسفت الشمس لموت إبراهيم ، فخطب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الناس حين صلى الكسوف وقال : "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته " فأبطل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ارتباط الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية ، وكما أن التنجيم بهذا المعنى نوع من السحر والكهانة فهو أيضاً سبب للأوهام والانفعالات النفسية التي ليس لها حقيقة ولا أصل ، فيقع الإنسان في أوهام ، وتشاؤمات ، ومتاهات لا نهاية لها .
وهناك نوع آخر من التنجيم وهو أن الإنسان يستدل بطلوع النجوم على الأوقات ، والأزمنة ، والفصول ، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه ، مثل أن نقول إذا دخل نجم فلان فإنه يكون قد دخل موسم الأمطار، أو قد دخل وقت نضوج الثمار وما أشبه ذلك ، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه.
(264) سئل فضيلة الشيخ : ما العلاقة بين التنجيم والكهانة ؟ و؟أيهما أخطر ؟
فأجاب قائلاً : العلاقة بين التنجيم والكهانة أن الكل مبني على الوهم والدجل ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وإدخال الهموم والغموم عليهم وما أشبه ذلك.
وبالنسبة لخطرهما على المسلمين فهذا ينبني على شيوع هذا الأمر بين الناس فقد يكون في بعض البلاد لا أثر للتنجيم عندهم إطلاقاً ولا يهتمون به ولا يصدقون به ، ولكن الكهانة منتشرة بينهم فتكون أخطر ، وقد يكون الأمر بالعكس . لكن من حيث واقع الكهانة والتنجيم فإن الكهانة أخطر.
(265) سئل فضيلة الشيخ رعاه الله - : عن حكم الاستسقاء بالأنواء ؟ .
فأجاب بقوله : الاستسقاء بالأنواء ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : شرك أكبر وله صورتان .
الصورة الأولى: أن يدعو الأنواء بالسقيا ، كأن يقول: يا نوء كذا اسقنا أو أغثنا وما أشبه ذلك، فهذا شرك أكبر قال الله - تعالى -: ] ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون[ (1) . وقال الله تعالى - : ]وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً [ (2) . وقال عز وجل -: ]ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين[(3) وهذا شرك في العبادة والربوبية.
الصورة الثانية : أن ينسب حصول الأمطار إلى هذا النوء ولو لم يدعها على أنها هي الفاعلة لنفسها دون الله ، بأن يعتقد أنها هي التي تنزل المطر دون الله فهذا شرك أكبر في الربوبية.
القسم الثاني : شرك أصغر وهو أن يجعل هذه الأنواء سبباً ، والله هو الخالق الفاعل ، وإنما كان شركاً أصغر لأن كل من جعل سبباً لم يجعله الله سبباً لا بوحيه ، ولا بقدره ، فهو مشرك شركاً أصغر.
(266) وسئل حفظه الله - : عن حكم ربط المطر بالضغط الجوي والمنخفض الجوي ؟ .
فأجاب قائلاً : تعليق المطر بالضغط الجوي ، والمنخفض الجوي - وهو وإن كان قد يكون سبباً حقيقياً ولكن لا ينبغي فتح هذا الباب للناس ، بل يقال : هذا من رحمة الله ، هذا من فضله ونعمته ، قال الله تعالى - : ] ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله [ (1) وقال عز وجل -: ] الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله[ (2) فتعليق المطر بالمنخفضات الجوية من الأمور الجاهلية التي تصرف الإنسان عن تعلقه بربه.
وليعلم أن النسبة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول : نسبة إيجاد وهذه شرك أصغر .
القسم الثاني : نسبة سبب وهذه شرك أكبر .
القسم الثالث : نسبة وقت وهذه جائزة . والله أعلم.

----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) سورة النمل ، الآية "65" .

(1) سورة النحل ، الآية "15" .

(2) سورة النحل ، الآية "16".

(1) سورة النمل ، الآية "65".

(1) سورة النحل ، الآية "16".

(1) سورة الملك ، الآية "5" .

(2) سورة الملك ، الآية "5" .

(3) سورة ص ، الآيتان "37-38" .

(4) سورة النمل ، الآية "39" .

(1) سورة الجن ، الآية " 9 " .

(2) سورة النحل ، الآيتان " 15-16" .

(3) سورة النحل ، الآية "16" .

(4) سورة الجاثية ، الآية "13".

(1) سورة المؤمنون ، الآية "117" .

(2) سورة الجن ، الآية "18" .
(3) سورة يونس ، الآية " 106 " .

(1) سورة النور ، الآية " 43" .

(2) سورة الروم ، الآية "48" .










قديم 2012-06-30, 19:10   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الطاغوت و الشرك


(267) وسئل أعلى الله درجته في المهديين-: عن حكم اتباع العلماء أو الأمراء في تحليل ما حرم الله أو العكس؟
فأجاب بقوله:اتباع العلماء أوالأمراء في تحليل ما حرم الله أو العكس ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول : أن يتابعهم في ذلك راضياً بقولهم مقدماً له ساخطاً لحكم الله ، فهو كافر لأنه كره ما أنزل الله ، وكراهة ما أنزل الله كفر لقوله تعالى - : ] ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم [ (1) ولا تحبط الأعمال إلا بالكفر فكل من كره ما أنزل الله فهو كافر.
القسم الثاني : أن يتابعهم في ذلك راضياً بحكم الله ، وعالماً بأنه أمثل واصلح للعباد والبلاد ، ولكن لهوى في نفسه تابعهم في ذلك فهذا لا يكفر ولكنه فاسق.
فإن قيل : لماذا لا يكفر ؟
أجيب : بأنه لم يرفض حكم الله ، ولكنه رضي به وخالفه لهوى في نفسه فهو كسائر أهل المعاصي .
القسم الثالث: أن يتابعهم جاهلاً يظن أن ذلك حكم الله فينقسم إلى قسمين:
القسم الأول : أن يمكنه معرفة الحق بنفسه فهو مفرط أو مقصر فهو آثم ؛ لأن الله أمر بسؤال أهل العلم عند عدم العلم.
القسم الثاني: أن يكون جاهلاً ولا يمكنه معرفة الحق بنفسه فيتابعهم بفرض التقليد يظن أن هذا هو الحق فلا شيء عليه ، لأنه فعل ما أمر به وكان معذوراً بذلك،ولذلك ورد عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "أن من أفتى بغير علم فإنما إثمه على من أفتاه" . ولو قلنا بإثمه بخطأ غيره ، للزم من ذلك الحرج والمشقة ولم يثق الناس بأحد لاحتمال خطئه.
(268) سئل فضيلة الشيخ : عن تعريف الطاغوت؟
فأجاب بقوله : الطاغوت مشتق من الطغيان ، والطغيان مجاوزة الحد ومنه قوله تعالى - : ] إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية[ (1) يعني لما زاد الماء عن الحد المعتاد حملناكم في الجارية يعني السفينة .
واصطلاحاً أحسن ما قيل في تعريفه ما ذكره ابن القيم رحمه الله أنه أي الطاغوت -: "كل ما تجاوز به العبد حده من معبود ، أو متبوع أو مطاع". ومراده بالمعبود والمتبوع والمطاع غير الصالحين، أما الصالحون فليسوا طواغيت وإن عبدوا ، أو اتبعوا ، أو أطيعوا فالأصنام التي تعبد من دون الله طواغيت وعلماء السوء الذين يدعون إلى الضلال والكفر ، أو يدعون إلى البدع ، وإلى تحليل ما حرم الله ، أو تحريم ما أحل الله طواغيت والذين يزينون لولاة الأمر الخروج عن شريعة الإسلام طواغيت ، لأن هؤلاء تجاوزوا حدهم ، فإن حد العالم أن يكون متبعاً لما جاء به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ، لأن العلماء حقيقة ورثة الأنبياء ، يرثونهم في أمتهم علماً ، وعملاً ، وأخلاقاً ، ودعوة ، وتعليماً ، فإذا تجاوزوا هذا الحد وصاروا يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام بمثل هذه النظم فهم طواغيت ؛ لأنهم تجاوزوا ما كان يجب عليهم أن يكونوا عليه من متابعة الشريعة.
وأما المطاع في قوله رحمه الله فيريد به الأمراء الذي يطاعون شرعاً ، أو قدراً، فالأمراء يطاعون ، شرعاً إذا أمروا بما لايخالف أمر الله ورسوله فالواجب على الرعية إذا أمر ولي الأمر بأمر لا يخالف أمر الله الواجب عليهم السمع والطاعة ، وطاعتهم لولاة الأمر في هذه الحال بهذا القيد طاعة الله عز وجل ولهذا ينبغي أن نلاحظ حين ننفذ ما أمر به ولي الأمر مما تجب طاعته فيه أنا في ذلك نتعبد لله تعالى ونتقرب إليه بطاعته ، حتى يكون تنفيذنا لهذا الأمر قربة إلى الله عز وجل وإنما ينبغي لنا أن نلاحظ ذلك لأن الله تعالى يقول : : ] يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ (1) .
وأما طاعة الأمراء إذا قدراً فإن الأمراء كانوا أقوياء في سلطتهم فإن الناس يطيعونهم بقوة السلطان وإن لم يكن بوازع الإيمان ، لأن طاعة ولي الأمر تكون بوازع الإيمان وهذه هي الطاعة النافعة ، النافعة لولاة الأمر ، والنافعة للناس أيضاً ، وقد تكون الطاعة بوازع السلطان بحيث يكون قوياً يخشى الناس منه ويهابونه لأنه ينكل بمن خالف أمره.
ولهذا نقول : إن الناس مع حكامهم في هذه المسألة ينقسمون إلى أحوال أربع.
الحالة الأولى : أن يقوى الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أكمل الأحوال وأعلاها .
الحالة الثانية : أن يضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أدنى الأحوال وأخطرها على المجتمع ، على حكامه ومحكوميه ؛ لأنه إذا ضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني حصلت الفوضى الفكرية والخلقية ، والعملية .
الحالة الثالثة : أن يضعف الوازع الإيماني ويقوى الرادع السلطاني وهذه مرتبة وسطى لأنه إذا قوي الرادع السلطاني صار أصلح للأمة في المظهر فإذا اختفت قوة السلطان فلا تسأل عن حال الأمة وسوء عملها .
الحالة الرابعة : أن يقوى الوازع الإيماني ويضعف الرادع السلطاني فيكون المظهر أدنى منه في الحالة الثالثة لكنه فيما بين الإنسان وربه أكمل وأعلى .
والمهم أننا نقول : إنه ينبغي لنا عند تنفيذ أوامر السلطان أن نعتقد أننا نتقرب إلى الله عز وجل بذلك . وإنما قال ابن القيم : إن الطاغوت "ما تجاوز به العبد حده من معبود ، أو متبوع ، أو مطاع " لأن الأمير الذي يطاع قد يأمر بما يخالف أمر الله ورسوله فإنه حينئذ لا سمع له ولا طاعة ، ولا يجوز لنا أن نطيعه في معصية الله سبحانه وتعالى لأن الله تعالى جعل طاعتهم تابعة لطاعته وطاعة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، كما يفهم من سياق الآية : ] يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[(1). ولم يقل: " وأطيعوا أولي الأمر منكم" فدل هذا على أن طاعتهم غير مستقلة بل هي تبع لطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم،وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الطاعة في المعروف" أي فيما أقره الشرع ، وأما ما أنكره فلا يجوز أن يطاع فيه أي مخلوق حتى لو كان الوالد أو الوالدة؛ لأن طاعة الله مقدمة على كل طاعة ، فإذا أطاع الإنسان أميره أو ولي أمره في معصية الله فقد تجاوز به حده.
(269) سئل فضيلة الشيخ : عمن يدعي أنه ينفع ويضر وحكم تصديقه؟
فأجاب قائلاً : هؤلاء الذين يدعون أنهم ينفعون ، أو يضرون كذبة لا يجوز لأحد أن يصدقهم، ولا أن يسألهم ، ويجب على من علم بهم أن يبلغ ولاة الأمور ليتخذوا اللازم ، فلا أحد يملك النفع والضرر إلا الله وحده لا شريك له حتى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال الله له :
] قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً . قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً[(1). وأمره أن يقول : ] لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله[ (2) ومن زعم أن أحداً يملك الضرر ، أو النفع بغير أسباب حسية معلومة ، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ؛ لأنه مكذب لله- تعالى ولرسوله ، صلى الله عليه وسلم.
وإني أقول لهؤلاء الذين يتوهمون صدق ما قاله هؤلاء الدجاجلة أقول لهم :اثبتوا على دينكم وإيمانكم ، واعلموا أنه لا يملك أحداً الضرر والنفع إلا الله وحده لا شريك له ، وقد ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم، أنه قال لابن عباس رضي الله عنهما - : "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك" . وفي القرآن الكريم لما ذكر الله السحرة قال: ] وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله[ (1) فالمهم أن هؤلاء كذبة فيما ادعوه من كونهم يملكون النفع والضرر ، فإن ذلك إلى الله وحده لا شريك له ، وعليهم أن يتوبوا إلى الله من هذا العمل ، وأن يعترفوا بقصورهم وتقصيرهم ، وأنهم ضعفاء أمام قدرة الله ، وأنهم لا يملكون دفع الضرر عن أنفسهم فضلاً عن غيرهم ، كما لا يملكون لأنفسهم جلب نفع فضلاً عن جلبه لغيرهم إلا ما شاء الله سبحانه وتعالى وعلى من يتوهم صدقهم أن يتوب إلى الله من تصديقهم وأن يعلم أنهم كذبة،ولا حق لهم ولا حظ لهم في مثل هذه الأمور.
(270) سئل فضيلة الشيخ : عن أنواع الشرك ؟
فأجاب بقوله : سبق في غير هذا الموضع أن التوحيد يتضمن إثباتاً ونفياً ، وأن الاقتصار فيه على النفي تعطيل ، والاقتصار فيه على الإثبات لا يمنع المشاركة فلهذا لا بد في التوحيد من النفي والإثبات ، فمن لم يثبت حق الله عز وجل على هذا الوجه فقد أشرك.
والشرك نوعان : شرك أكبر مخرج عن الملة ، وشرك دون ذلك.
النوع الأول : الشرك الأكبر وهو : "كل شرك أطلقه الشارع وهو يتضمن خروج الإنسان عن دينه" مثل أن يصرف شيئاً من أنواع العبادة لله عز وجل لغير الله ،كأن يصلي لغير الله ، أو يصوم لغير الله ، أو يذبح لغير الله ، وكذلك من الشرك الأكبر أن يدعو غير الله عز وجل مثل أن يدعو صاحب قبر ، أو يدعو غائباً ليغيثه من أمر لا يقدر عليه إلا الله عز وجل وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم .
النوع الثاني : الشرك الأصغر وهو : "كل عمل قولي ، أو فعلي أطلق عليه الشرع وصف الشرك ولكنه لا يخرج من الملة" مثل الحلف بغير الله فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك". فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله تعالى من العظمة ما يماثل عظمة الله فهو مشرك شركاً أصغر ، سواء كان هذا المحلوف به معظماً من البشر أم غير معظم ، فلا يجوز الحلف بالنبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا برئيس ، ولا وزير ، ولا يجوز الحلف بالكعبة ، ولا بجبريل ، وميكائيل ، لأن هذا شرك ، لكنه شرك أصغر لا يخرج من الملة .
ومن أنواع الشرك الأصغر : الرياء مثل أن يقوم الإنسان يصلي لله - عز وجل- ولكنه يزين صلاته لأنه يعلم أن أحداً من الناس ينظر إليه فيزين صلاته من أجل مراءاة الناس فهذا مشرك شركاً أصغر ؛ لأنه فعل العبادة لله لكن أدخل عليها هذا التزيين مراءاة للخلق ، وكذلك لو أنفق ماله في شيء يتقرب به إلى الله لكنه أراد أن يمدحه الناس بذلك فإنه مشرك شركاً أصغر ، وأنواع الشرك الأصغر كثيرة معلومة في كتب أهل العلم.
(271) وسئل فضيلة الشيخ : هل قوله تعالى - : ]إن الله لا يغفر أن يشرك به[ (1) يشمل الشرك الأصغر؟
فأجاب قائلاً : اختلف في ذلك أهل العلم : فمنهم من قال : يشمل كل شرك ولو كان أصغر كالحلف بغير الله فإن الله لا يغفره ، وأما بالنسبة لكبائر الذنوب كالخمر والزنى فإنها تحت المشيئة إن شاء الله غفرها وإن شاء أخذ بها.
وشيخ الإسلام اختلف كلامه ، فمرة قال: الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر ، ومرة قال : الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر.
وعلى كل حال يجب الحذر من الشرك مطلقاً ؛ لأن العموم يحتمل أن يكون داخلاً فيه الأصغر لأن قوله : ] أن يشرك به [] أن[ وما بعدها في تأويل مصدر تقديره "إشراكاً به" فهو نكرة في سياق النفي فتفيد العموم.
(272) سئل فضيلة الشيخ : عن الجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم ، : "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة" . وكذلك ما وقع إبان ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وقوله ، صلى الله عليه وسلم : "إن الشيطان يئس أن يعبد في جزيرة العرب" ؟
فأجاب فضيلته بقوله : الجمع بين النصوص المذكورة أن يأس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب لا يقتضي عدم الوقوع لأنه لا يعلم الغيب ، فالشيطان لما رأى تخليص الجزيرة من الشرك وتوطيد دعائم التوحيد ظن أن لا شرك في الجزيرة بعد هذا ، ولكن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الذي ينطق بالوحي من الله تعالى -، أخبر أنه سيكون ذلك . وأما وقوع ذلك في الجزيرة إبان ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله تعالى فلا يخلو إما أن يكون لقلة العلماء،أو لعجزهم عن الإصلاح لغلبة الجهل وكثرة الجهال.والله أعلم بحقيقة الحال.
(273) سئل فضيلة الشيخ : ما معنى قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان يئس أن يعبد في هذه الجزيرة" ؟
فأجاب قائلاً : يأس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب لا يدل على عدم الوقوع ؛ لأنه لما حصلت الفتوحات وقوي الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً أيس أن يعبد سوى الله في هذه الجزيرة . فالحديث خبر عما وقع في نفس الشيطان ذلك الوقت ولكنه لا يدل على انتفائه في الواقع .
(274) سئل فضيلته : عن حكم الرياء؟
فأجاب قائلاً : الرياء من الشرك الأصغر ، لأن الإنسان أشرك في عبادته أحداً غير الله ، وقد يصل إلى الشرك الأكبر ، وقد مثل ابن القيم رحمه الله للشرك الأصغر بـ" يسير الرياء" وهذا يدل على أن كثير الرياء قد يصل إلى الشرك الأكبر.
قال الله تعالى - : ] قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً[ (1) والعمل الصالح ما كان صواباً خالصاً ، والخالص ما قصد به وجه الله ، والصواب : ما كان على شريعة الله . فما قصد به غير الله فليس بصالح ، وما خرج عن شريعة الله فليس بصالح ويكون مردوداً على فاعله
لقول النبي صلى الله عليه وسلم ، : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" وقال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" . الحديث . قال بعض العلماء : هذان الحديثان ميزان الأعمال فحديث النية ميزان الأعمال الباطنة والحديث الآخر ميزان الأعمال الظاهرة.
(275) سئل فضيلة الشيخ- أعلى الله درجته في المهديين -: عن حكم العبادة إذا اتصل بها الرياء؟
فأجاب قائلاً : حكم العبادة إذا اتصل بها الرياء أن يقال : اتصال الرياء على ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس من الأصل كمن قام يصلي لله مراءاة الناس من أجل أن يمدحه الناس على صلاته فهذا مبطل للعبادة.
الوجه الثاني: أن يكون مشاركاً للعبادة في أثنائها : بمعنى أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله ، ثم طرأ الرياء في أثناء العبادة ، فهذه العبادة لا تخلو من حالين :
الحال الأولى: أن لا يرتبط أول العبادة بآخرها فأولها صحيح بكل حال، وآخرها باطل. مثال ذلك رجل عنده مائة ريال يريد أن يتصدق بها فتصدق بخمسين منها صدقة خالصة ، ثم طرأ عليه الرياء في الخمسين الباقية ، فالأولى صدقة صحيحة مقبولة ، والخمسون الباقية صدقة باطلة لاختلاط الرياء فيها بالإخلاص.
الحال الثانية: أن يرتبط أول العبادة بآخرها فلا يخلو الإنسان حينئذ من أمرين:
الأمر الأول: أن يدافع الرياء ولا يسكن إليه بل يعرض عنه ويكرهه ، فإنه لا يؤثر شيئاً لقوله، صلى الله عليه وسلم : "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم".
الأمر الثاني: أن يطمئن إلى هذا الرياء ولا يدافعه ، فحينئذ تبطل جميع العبادة لأن أولها مرتبط بآخرها . مثال ذلك أن يبتدئ الصلاة مخلصاً بها لله- تعالى ثم يطرأ عليها الرياء في الركعة الثانية فتبطل الصلاة كلها لارتباط أولها بآخرها.
الوجه الثالث : أن يطرأ الرياء بعد انتهاء العبادة فإنه لا يؤثر عليها ولا يبطلها لأنها تمت صحيحة فلا تفسد بحدوث الرياء بعد ذلك. وليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته ؛ لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة ، وليس من الرياء أن يسر الإنسان بفعل الطاعة ، لأن ذلك دليل إيمانه قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن" . وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك فقال : "تلك عاجل بشرى المؤمن" .
(276) سئل فضيلة الشيخ : يتحرج بعض طلبة العلم الشرعي عند قصدهم العلم والشهادة فكيف يتخلص طالب العلم من هذا الحرج؟
فأجاب بقوله : يجاب عن ذلك بأمور :
أحدها : أن لا يقصدوا بذلك الشهادة لذاتها ، بل يتخذون هذه الشهادات وسيلة للعمل في الحقول النافعة للخلق ؛ لأن الأعمال في الوقت الحاضر مبنية على الشهادات ، والناس لا يستطيعون الوصول إلى منفعة الخلق إلا بهذه الوسيلة وبذلك تكون النية سليمة.
الثاني: أن من أراد العلم قد لا يجده إلا في هذه الكليات فيدخل فيها بنية طلب العلم ولا يؤثر عليه ما يحصل له من الشهادة فيما بعد.
الثالث: أن الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين حسنى الدنيا ، وحسنى الآخرة فلا شيء عليه في ذلك لأن الله يقول :: ] ومن يتق الله يجعل له مخرجاً .ويرزقه من حيث لا يحتسب[ (1) . وهذا ترغيب في التقوى بأمر دنيوي.
فإن قيل : من أراد بعمله الدنيا كيف يقال : بأنه مخلص؟
أجيب : أنه أخلص العبادة ولم يرد بها الخلق إطلاقاً فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم على عبادته بل قصد أمراً مادياً من ثمرات العبادة فليس كالمرائي الذي يتقرب إلى الناس بما يتقرب به إلى الله ويريد أن يمدحوه به ، لكنه بإرادة هذا الأمر المادي نقص إخلاصه فصار معه نوع من الشرك وصارت منزلته دون منزلة من أراد الآخرة.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أن بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية فمثلاً يقولون: في الصلاة رياضة وإفادة للإعصاب ، وفي الصيام فائدة لإزالة الفضلات وترتيب الوجبات ، والمفروض ألا تجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل لأن ذلك يؤدي إلى إضعاف الإخلاص والغفلة عن إرادة الآخرة ، ولذلك بين الله تعالى في كتابه عن حكمة الصوم مثلاً أنه سبب للتقوى ، فالفوائد الدينية هي الأصل ، والدنيوية ثانوية ، وعندما نتكلم عند عامة الناس فإننا نخاطبهم بالنواحي الدينية ، وعندما نتكلم عند من لا يقتنع إلا بشيء مادي فإننا نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية ولكل مقام مقال.
(277) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله - : عندما يهم الإنسان بعمل الخير ، يأتي الشيطان فيوسوس له ويقول : : إنك تريد ذلك رياء وسمعة . فيبعد عن فعل الخير ، فكيف يمكن تجنب مثل هذا الأمر؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : يمكن تجنب مثل هذا الأمر بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، والمضي قدماً في فعل الخير ، ولا يلتفت إلى هذه الوساوس التي تثبطه عن فعل الخير ، وهو إذا أعرض عن هذا واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم زال عنه ذلك بإذن الله.
(278) سئل فضيلة الشيخ : جاء في الحديث "إنه لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شر منه" ولكن ماذا يقال : عن أن هناك أزمنة انتشر فيها الشرك والبدع والجهل ثم أتى زمن من بعدها كان خيراً منها حيث محي الشرك أو تقلص وزالت البدع وانتشر العلم ومن أمثلة ذلك الفترة التي سبقت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ثم الفترة التي رافقت دعوته؟ .
فأجاب بقوله : هذا الحديث قاله أنس بن مالك رضي الله عنه- حين شكا الناس إليه ما يجدون من الحجاج الثقفي فحدثهم بهذا الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، "إنه لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شر منه حتى تلقوا ربكم". والإنسان لا ينظر إلى جهة من الأرض أو إلى جيل من الناس وإنما النظر للعموم، فإذا قدر أن هذه الجهة من الأرض زال عنها الشرك والفتن بعد أن كان حالاً فيها فلا يعني ذلك أنه رفع عن جميع الأرض أو خف في جميع الأرض ، وهذا النص يقصد به العموم لا كل طائفة أو كل جهة من الأرض بعينها ، وقد يقال : إن هذا الحديث بناء على الأغلب ، فما وقع من خير بعد الشر ولو كان عاماً فإنه يكون مخصصاً لهذا الحديث.
------------------------------------------------
(1) سورة محمد ، الآية "9" .

(1) سورة الحاقة ، الآية "11" .

(1) سورة النساء ، الآية "59" .

(1) سورة النساء ، الآية "59" .

(1) سورة الجن ، الآيتان "21-22" .

(2) سورة الأعراف، الآيتان "188".

(1) سورة البقرة ، الآية " 102".

(1) سورة النساء ، الآية "48" .

(1) سورة الكهف ، الآية "110" .

(1) سورة الطلاق، الآيتان "2-3" .










قديم 2012-07-01, 21:16   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــف

( 279) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم حلف بالمصحف؟
فأجاب قائلاً : هذا السؤال ينبغي أن نبسط الجواب فيه وذلك أن القسم بالشيء يدل على تعظيم ذلك المقسم به تعظيماً خاصاً لدى المقسم ، ولهذا لا يجوز لأحد أن يحلف إلا بالله تعالى بأحد أسمائه ، أو بصفة من صفاته مثل أن يقول : والله لأفعلن ، ورب الكعبة لأفعلن ، وعزة الله لأفعلن ، وما أشبه ذلك من صفات الله- تعالى- .
والمصحف يتضمن كلام الله ، وكلام الله تعالى -من صفاته وهو أعني كلام الله صفة ذاتية فعلية ؛ لأنه بالنظر إلى أصله وأن الله لم يزل ولا يزال موصوفاً به لأن الكلام كمال فهو من هذه الناحية من صفات الله الذاتية إذ لم يزل ولا يزال متكلماً فعالاً لما يريده ، وبالنظر إلى آحاده يكون من الصفات الفعلية لأنه يتكلم متى شاء قال الله تعالى -: ] إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول : له كن فيكون[ (1) فقرن القول بالإرادة وهو دليل على أن كلام الله يتعلق بإرادته ومشيئته سبحانه وتعالى والنصوص في هذا متضافرة كثيرة وأن كلام الله تحدث آحاده حسب ما تقتضيه حكمته ، وبهذا نعرف بطلان قول من يقول : إن كلام الله أزلي ، ولا يمكن أن يكون تابعاً لمشيئته ، وأنه هو المعنى القائم بنفسه ، وليس هو الشيء المسموع الذي يسمعه من يكلمه الله عز وجل فإن هذا قول باطل حقيقته أن قائله جعل كلام الله المسموع مخلوقاً.
وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتاباً يعرف باسم "التسعينية بين فيه بطلان هذا القول من تسعين وجهاً.
فإذا كان المصحف يتضمن كلام الله ، وكلام الله تعالى من صفاته فإنه يجوز الحلف بالمصحف بأن يقول الإنسان : والمصحف ويقصد ما فيه من كلام الله عز وجل وقد نص على ذلك فقهاء الحنابلة رحمهم الله - ومع هذا فإن الأولى للإنسان أن يحلف بما لا يشوش على السامعين بأن يحلف باسم الله عز وجل فيقول : والله ، ورب الكعبة ، أو والذي نفسي بيده وما أشبه ذلك من الأشياء التي لا تستنكرها العامة ولا يحصل لديهم فيها تشويش ، فإن تحديث الناس بما يعرفون وتطمئن إليه قلوبهم خير وأولى ، وإذا كان الحلف إنما يكون بالله وأسمائه وصفاته فإنه لا يجوز أن يحلف أحد بغير الله لا بالنبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا بجبريل ، ولا بالكعبة ، ولا بغير ذلك من المخلوقات ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت". وقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" . فإذا سمع الإنسان شخصاً يحلف بالنبي ، أو بحياة النبي ، أو بحياة شخص آخر فلينهه عن ذلك ، وليبين له أن هذا حرام ولا يجوز ، ولكن ليكن نهيه وبيانه على وفق الحكمة حيث يكون باللطف واللين والإقبال على الشخص وهو يريد نصحه وانتشاله من هذا المحرم ؛ لأن بعض الناس تأخذه الغيرة عند الأمر والنهي فيغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه وربما يشعر في هذه الحال أنه ينهاه انتقاماً لنفسه فيلقي الشيطان في نفسه هذه العلة ، ولو أن الإنسان أنزل الناس منازلهم ودعا إلى الله بالحكمة واللين والرفق لكان ذلك أقرب إلى القبول وقد ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : "إن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف". ولا يخفى على الكثير ما حصل من النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في قصة الأعرابي الذي جاء إلى المسجد فبال في طائفة منه فزجره الناس ، وصاحوا به ، فنهاهم النبي ، صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فلما قضى بوله دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر وإنما هي للتكبير والتسبيح وقراءة القرآن" . أو كما قال، صلى الله عليه وسلم ، ثم أمر أصحابه أن يصبوا على البول ذنوباً من ماء ، فبهذا زالت المفسدة وطهر المكان ، وحصل المقصود بالنسبة لنصيحة الأعرابي الجاهل، وهكذا ينبغي لنا نحن في دعوة عباد الله إلى دين الله أن نكون داعين إلى الله سبحانه وتعالى فنسلك الطريق التي تكون أقرب إلى إيصال الحق إلى قلوب الخلق وإصلاحهم والله الموفق.
(280) وسئل فضيلة الشيخ : عن حكم الحلف بغير الله-تعالى ؟ وهل منه ما روي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من قوله : "أفلح وأبيه إن صدق" أفتونا مأجورين؟
فأجاب بقوله : الحلف بغير الله عز وجل مثل أن يقول : وحياتك ، أو وحياتي، أو والنبي أو والسيد الرئيس، أو والشعب، أو ما أشبه ذلك ، كل هذا محرم بل هو من الشرك ؛ لأن هذا النوع من التعظيم لا يصلح إلا لله عز وجل- ومن عظم غير الله بما لا يكون إلا لله فهو شرك ، لكن لما كان هذا الحالف لا يعتقد أن عظمة المحلوف به كعظمة الله لم يكن الشرك شركاً أكبر بل كان شركاً أصغر، فمن حلف بغير الله فقد أشرك شركاً أصغر، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "لا تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" . وقال ، صلى الله عليه وسلم : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك". فلا تحلف بغير الله أيّاً كان المحلوف به حتى لو كان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أو جبريل ، أو من دونهما من الرسل من الملائكة ، أو البشر ، أو من دون الرسل فلا تحلف بشيء سوى الله عز وجل - .
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق" فهذه الكلمة "وأبيه" اختلف الحفاظ فيها :
فمنهم من أنكرها وقال : لم تصح عن النبي ، صلى الله عليه وسلم وبناء على ذلك فلا إشكال في الموضوع لأن المعارض لا بد أن يكون قائماً وإذا لم يكن المعارض قائماً فهو غير مقاوم ولا يلتفت إليه.
وعلى القول بأنها ثابتة فإن الجواب على ذلك : أن هذا من المشكل ، والنهي عن الحلف بغير الله من المحكم ، فيكون لدينا محكم ومتشابه وطريق الراسخين في العلم في المحكم والمتشابه أن يدعوا المتشابه ويأخذوا بالمحكم قال الله- تعالى - : ] هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقول :ون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب[ (1) .
ووجه كونه متشابهاً أن فيه احتمالات متعددة:
1- قد يكون هذا قبل النهي.
2- قد يكون هذا خاصاً بالرسول ، عليه الصلاة والسلام ، لبعد الشرك في حقه.
3- قد يكون هذا مما يجري على اللسان بغير قصد.
ولما كانت هذه الاحتمالات وغيرها واردة على هذه الكلمة إن صحت عن الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، صار الواجب علينا أن نأخذ بالمحكم وهو النهي عن الحلف بغير الله.
ولكن يقول : بعض الناس إن الحلف بغير الله قد جرى على لساني ويصعب علي أن أدعه فما الجواب؟
نقول: إن هذا ليس بحجة بل جاهد نفسك على تركه والخروج منه وحاول بقدر ما تستطيع أن تمحو من لسانك هذه الكلمة لأنها شرك والشرك خطره عظيم ولو كان أصغر حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول : : "الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر" . وقال ابن مسعود رضي الله عنه-: "لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً". قال شيخ الإسلام : وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة.
(281) وسئل أيضاً : عن حكم الحلف بغير الله؟ والحلف بالقرآن الكريم؟
فأجاب بقوله : الحلف بغير الله أو بغير صفة من صفاته محرم وهو نوع من الشرك ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" . وجاء عنه ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" . رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم . وثبت عنه ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : "من قال واللات والعزى فليقل : لا إله إلا الله". وهذا إشارة إلى أن الحلف بغير الله شرك يطهر بكلمة الإخلاص لا إله إلا الله .
وعلى هذا فيحرم على المسلم أن يحلف بغير الله- سبحانه وتعالى لا بالكعبة ، ولا بالنبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا بجبريل ،ولا بولي من أولياء الله، ولا بخليفة من خلفاء المسلمين ، ولا بالشرف ، ولا بالقومية ، ولا بالوطنية كل حلف بغير الله فهو محرم وهو نوع من الشرك والكفر.
وأما الحلف بالقرآن الكريم فإنه لا بأس به ، لأن القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى تكلم الله به حقيقة بلفظه مريداً لمعناه وهو سبحانه وتعالى- موصوف بالكلام فعليه يكون الحلف بالقرآن الكريم حلفاً بصفة من صفات الله سبحانه وتعالى وذلك جائز.
(282) وسئل : عن حكم الحلف بغير الله؟ والحلف بآيات الله؟
فأجاب قائلاً : الحلف لا يجوز إلا بالله سبحانه وتعالى أو صفة من صفاته ، أما الحلف بغير الله فهو شرك سواء كان المحلوف به وجيهاً عند الله عز وجل-أم كان من سائر العباد، ولهذا لا يجوز لنا أن نحلف بالنبي ، أو أن نحلف بجبريل ، أو بالكعبة ، أو بأي شيء من المخلوقات قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" . وقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" . والنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، هو نفسه لا يرضى أن يحلف به ولما قال له رجل : ما شاء الله وشئت قال: "أجعلتني لله نداً بل ماشاء الله وحده" .
فيحلف المرء بالله عز وجل فيقول :والله، والرحمن، ورب العالمين ، ومجري السحاب ، ومنزل الكتاب وما أشبه ذلك ، وكذلك يحلف بصفاته سبحانه وتعالى مثل وعزة الله ، وقدرة الله ، وما أشبه ذلك ، ويحلف بالمصحف لأنه كلام الله ، لأنه لا يريد الحلف بالورق والجلود وإنما يريد الحلف بما تضمنته هذه الأوراق.
وأما قول السائل: هل يجوز الحلف بآيات الله بأن يقول الإنسان: وآيات الله أو بآيات الله لأفعلن كذا؟ فنقول في الجواب: إن قصد بالآيات الآيات الشرعية وهي القرآن الكريم فلا بأس، وإن قصد بالآيات الآيات الكونية كالشمس ، والقمر والليل والنهار فهذا لا يجوز . والله أعلم.
(283) وسئل فضيلته عن حكم القسم بقول: "وحياة الله" ، وقول المرأة لزوجها : "حرام علي ربنا أن تفعل كذا" ، وقولهم : "حد الله بيني وبينك" ؟
فأجاب بقوله : أما صيغة القسم بقول الإنسان : "وحياة الله" فهذه لا بأس بها ؛ لأن القسم يكون بالله سبحانه وتعالى- وبأي اسم من أسمائه ، ويكون كذلك بصفاته كالحياة ، والعلم ، والعزة والقدرة وما أشبه ذلك فيجوز أن يقول الحالف : وحياة الله، وعلم الله ، وعزة الله ، وقدرة الله، وما أشبه هذا مما يكون من صفات الله سبحانه وتعالى كما يجوز القسم بالقرآن الكريم لأنه كلام الله ، وبالمصحف لأنه مشتمل على كلام الله سبحانه وتعالى-.
أما قول تلك المرأة : "حرام على ربنا" فإذا كانت تقصد أن الله حرام عليها فهذا لا معنى له ، ولا يجوز مثل هذا الكلام ، فما معنى هذا التحريم ؟ هل معناه عبادة الله حرام عليها ؟ لا أدري مامعنى هذا الكلام .
أما إذا كانت تريد حرام علي هذا الشيء ، وحرام علي أن لا تفعل أنت هذا الشيء وتقصد بربنا أي يا ربنا فهذه صيغة لتحريم الشيء ، والشيء إذا حرم وقصد به الإنسان الامتناع عنه صار بمنزلة اليمين كما قال الله عز وجل-: ]يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم .قد فرض الله لكم تحله أيمانكم [ (1) .فجعل الله هذا التحريم يميناً وقال: ] قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم [ (2) فالإنسان إذا قال : هذا حرام علي، أو حرام علي إن لم أفعل كذا وقصده بذلك الامتناع عن هذا الشيء فحكمه حكم اليمين بمعنى أن نقول كأنك قلت : "والله لا أفعل هذا الشيء ،أو والله لا ألبس هذا الثوب ، أو والله لا آكل هذا الطعام" فإذا حنث كفر كفارة يمين .
وأما بالنسبة للصيغة الثالثة: "حد الله بيني وبينك" فهذا كأنه من باب الاستعاذة بالله عز وجل- والاستعاذة بالله أمر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن يجاب الإنسان عليها بمعنى أنه إذا استعاذ الرجل بالله عز وجل وجب علينا أن نعيذه ، إلا إذا كان ظالماً في هذه الاستعاذة فإن الله سبحانه وتعالى لا يجيره إذا كان ظالماً مثل لو أردنا أن نأخذ الزكاة من شخص لا يؤديها فقال: أعوذ بالله منكم ، فإننا لا نعيذه لأن إعاذته مقتضاها إقراره على معصية الله عز وجل- والله- سبحانه وتعالى- لا يرضى ذلك فإذا كان الله لا يرضاه فنحن لا نوافقه عليه ، فالمهم أن من استعاذ بالله سبحانه وتعالى- فإننا مأمورون بإعاذته وتجنبه ما لم يستعذ بالله من أمر واجب عليه يخاف أن نلزمه به فإننا لا نعيذه في هذه الحال. والله المستعان.
(284) وسئل حفظه الله تعالى -:عن حكم الحلف بالنبي، صلى الله عليه وسلم، والكعبة ؟ والشرف والذمة ؟ وقول الإنسان "بذمتي" ؟
فأجاب بقوله : الحلف بالنبي ، عليه الصلاة والسلام ، لا يجوز بل هو نوع من الشرك ، وكذلك الحلف بالكعبة لا يجوز بل هو نوع من الشرك ، لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، والكعبة كلاهما مخلوقان والحلف بأي مخلوق نوع من الشرك.
وكذلك الحلف بالشرف لا يجوز ، وكذلك الحلف بالذمة لا يجوز ، لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" . وقال ، صلى الله عليه وسلم : "لا تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت".
لكن يجب أن نعلم أن قول الإنسان : "بذمتي" لا يراد به الحلف ولا القسم بالذمة ، وإنما يراد بالذمة العهد ، يعني هذا على عهدي ومسؤوليتي هذا هو المراد بها ، أما إذا أراد بها القسم فهي قسم بغير الله فلا يجوز ، لكن الذي يظهر لي أن الناس لا يريدون بها القسم إنما يريدون بالذمة العهد والذمة بمعنى العهد.
(285) وسئل : عن قول الإنسان : "والله وحياتك" ؟
فأجاب قائلاً : قوله : "والله وحياتك" فيها نوعان من الشرك:
الأول : الحلف بغير الله.
الثاني: الإشراك مع الله بقوله : " والله وحياتك " وضمها إلى الله بالواو المقتضية للتسوية .
والقسم بغير الله إن اعتقد أن المقسم به بمنزلة الله في العظمة فهو شرك أكبر وإلا فهو شرك أصغر.
(286) وسئل فضيلته : عن حكم القسم بصفة من صفات الله تعالى ؟
فأجاب قائلاً : القسم بصفة من صفات الله تعالى جائز مثل أن تقول : وعزة الله لأفعلن ، وقدرة الله لأفعلن وما أشبه ذلك ، وقد نص على هذا أهل العلم حتى قالوا : إنه لو أقسم بالمصحف لكان جائزاً لأن المصحف مشتمل على كلام الله وكلام الله من صفاته.
(287) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم عن من لم يقتنع بالحلف بالله؟
فأجاب قائلاً : من لم يقتنع بالحلف بالله فلا يخلو ذلك من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون ذلك من الناحية الشرعية فإنه يجب الرضا بالحلف بالله فيما إذا توجهت اليمين على المدعى عليه فحلف فيجب الرضا بهذا الحكم الشرعي.
الأمر الثاني: أن يكون ذلك من الناحية الحسية ، ففي هذا تفصيل:
أولاً : إذا كان الحالف موضع صدق وثقة فإنك ترضى بيمينه.
ثانياً : إذا كان غير ذلك أن ترفض الرضا بيمينه ،ولهذا لما قال النبي ،صلى الله عليه وسلم ، لحويصة ومحيصة : "تبرئكم يهود بخمسين يميناً" قالوا : كيف نرضى يا رسول الله بأيمان اليهود؟ فأقرهم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، على ذلك.
(288) وسئل فضيلة الشيخ : عما يقول :ه بعض الناس : "أنا نصراني لو فعلت كذا . . " ؟
فأجاب بقوله : هذا من باب اليمين فحكمه حكم اليمين ، إذا حنث فيه يكفر كفارة يمين إذا تمت شروط الكفارة ، لكن ينبغي للإنسان أن يحلف بالله عز وجل لأن بعض الناس يظن أن هذه العبارة أوكد من الحلف بالله ، فيريد أن يؤكد ما يقول بمثل هذه العبارة،ولكننا نقول: يفعل ما أرشد إليه النبي،عليه الصلاة والسلام، في قوله:"من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت".







(1) سورة يس ، الآية "82" .

(1) سورة آل عمران ، الآية "7".

(1) سورة التحريم ، الآيتان "1-2".

(2) سورة التحريم ، الآية "2" .










قديم 2012-07-02, 21:13   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القبــــــــــــــور

( 289) سئل فضيلة الشيخ: عمن يعبد القبور بالطواف حولها ودعاء أصحابها والنذر لهم إلى غير ذلك من أنواع العبادة؟ .
فأجاب بقوله : هذا السؤال سؤال عظيم ، وجوابه يحتاج إلى بسط بعون الله عز وجل فنقول : إن أصحاب القبور ينقسمون إلى قسمين :
القسم الأول:قسم توفي على الإسلام ويثني الناس عليه خيراً فهذا يرجى له الخير، ولكنه مفتقر إلى إخوانه المسلمين يدعون الله له بالمغفرة والرحمة وهو داخل في عموم قوله تعالى - : ] والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم[ (1). وهو بنفسه لا ينفع أحداً إذ إنه ميت جثة لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الضر ولا عن غيره ، ولا أن يجلب لنفسه النفع ولا لغيره فهو محتاج إلى نفع إخوانه غير نافع لهم.
القسم الثاني من أصحاب القبور: من أفعاله تؤدي إلى فسقه الفسق المخرج من الملة كأولئك الذين يدعون أنهم أولياء ، ويعلمون الغيب ويشفون من المرض ، ويجلبون الخير والنفع بأسباب غير معلومة حساً ولا شرعاً ، فهؤلاء الذين ماتوا على الكفر، لا يجوز الدعاء لهم ولا الترحم عليهم لقول الله تعالى - : ] ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم . وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم[(1) وهم لا ينفعون أحداً ولا يضرونه ولا يجوز لأحد أن يتعلق بهم ، وإن قدر أن أحداً رأى كرامات لهم مثل أن يتراءى له أن في قبورهم نوراً ، أو أنه يخرج منها رائحة طيبة أو ما أشبه ذلك وهم معروفون بأنهم ماتوا على الكفر فإن هذا من خداع إبليس وغروره ليفتن هؤلاء بأصحاب هذه القبور.
وإنني أحذر إخواني المسلمين من أن يتعلقوا بأحد سوى الله عز وجل فإنه سبحانه وتعالى هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله ، ولا يجيب دعوة المضطر إلا الله ، ولا يكشف السوء إلا الله ، قال تعالى - : ] وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون[ (2) . ونصيحتي لهم أيضاً أن لا يقلدوا في دينهم ولا يتبعوا أحداً إلا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لقول الله تعالى - : ] لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً[ (3) ولقوله تعالى - : ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله[(4).
ويجب على جميع المسلمين أن يزنوا أعمال من يدعي الولاية بما جاء في الكتاب والسنة فإن وافق الكتاب والسنة فإنه يرجى أن يكون من أولياء الله وإن خالف الكتاب والسنة فليس من أولياء الله وقد ذكر الله في كتابه ميزاناً قسطاً عدلاً في معرفة أولياء الله حيث قال : ]ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين آمنوا وكانوا يتقون[ (1) فمن كان مؤمناً تقياً كان لله وليّاً ، ومن لم يكن كذلك فليس بولي لله، وإن كان معه بعض الإيمان والتقوى كان فيه شيء من الولاية، ومع ذلك فإننا لا نجزم لشخص بعينه بشيء ولكننا نقول على سبيل العموم: كل من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً .
وليعلم أن الله عز وجل قد يفتن الإنسان بشيء من مثل هذه الأمور فقد يتعلق الإنسان بالقبر فيدعو صاحبه أو يأخذ من ترابه يتبرك به فيحصل مطلوبه ويكون ذلك فتنة من الله عز وجل لهذا الرجل لأننا نعلم أن هذا القبر لا يجيب الدعاء وأن هذا التراب لا يكون سبباً لزوال ضرر أو جلب نفع نعلم ذلك لقول الله تعالى - : ] ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون . وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءا وكانوا بعبادتهم كافرين[ (2) وقال تعالى - : ] والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون .أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون[ (3) . والآيات في هذا المعنى كثيرة تدل على أن كل من دعي من دون الله فلن يستجيب الدعاء ولن ينفع الداعي ، ولكن قد يحصل المطلوب المدعو به عند دعاء غير الله فتنة وامتحاناً ونقول : إنه حصل هذا الشيء عند الدعاء أي عند دعاء هذا الذي دعي من دون الله لا بدعائه وفرق بين حصول الشيء بالشيء ، وبين حصول الشيء عند الشيء فإننا نعلم علم اليقين أن دعاء غير الله ليس سبباً لجلب النفع أو دفع الضرر بالآيات الكثيرة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه ولكن قد يحصل الشيء عند هذا الدعاء فتنة وامتحاناً ، والله- تعالى قد يبتلي الإنسان بأسباب المعصية ليعلم ، - سبحانه وتعالى من كان عبداً لله ومن كان عبداً لهواه ، إلا ترى إلى أصحاب السبت من اليهود حيث حرم الله عليهم أن يصطادوا الحيتان في يوم السبت فابتلاهم الله عز وجل فكانت الحيتان تأتي يوم السبت بكثرة عظيمة وفي غير يوم السبت تختفي فطال عليهم الأمد ، وقالوا : كيف نحرم أنفسنا من هذه الحيتان ثم فكروا وقدروا ونظروا فقالوا : نجعل شبكة ونضعها يوم الجمعة ونأخذ الحيتان منها يوم الأحد، فأقدموا على هذا الفعل الذي هو حيلة على محارم الله فقلبهم الله قردة خاسئين قال الله تعالى - : ] واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون[ (1) وقال عز وجل-: ] ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين . فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين[ (2) . فانظر كيف يسر الله لهم هذه الحيتان في اليوم الذي منعوا من صيدها فيه ولكنهم والعياذ بالله لم يصبروا فقاموا بهذه الحيلة على محارم الله.
ثم انظر إلى ما حصل لأصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حيث ابتلاهم الله تعالى وهم محرمون بالصيود المحرمة على المحرم فكانت في متناول أيديهم ولكنهم رضي الله عنهم لم يجرؤوا على شيء منها قال الله تعالى - : ] يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم[ (1). كانت الصيود في متناول أيديهم يمسكون الصيد العادي باليد وينالون الصيد الطائر بالرماح فيسهل عليهم جداً ، ولكنهم رضي الله عنهم خافوا الله عز وجل فلم يقدموا على أخذ شيء من الصيود. وهكذا يجب على المرء إذا هيئت له أسباب الفعل المحرم أن يتقي الله عز وجل وأن لا يقدم على فعل هذا المحرم وأن يعلم أن تيسير أسبابه من باب الابتلاء والامتحان فليحجم وليصبر فإن العاقبة للمتقين.
(290) وسئل - جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء : عن حكم النذر والتبرك بالقبور ، والأضرحة؟ .
فاجاب حفظه الله تعالى- بقوله : النذر عبادة لا يجوز إلا لله عز وجل وكل من صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله فهو مشرك كافر ، قد حرم الله عليه الجنة ، ومأواه النار ، قال الله تعالى - : ] إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ، ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[(2) .
وأما التبرك بها : فإن كان يعتقد أنها تنفع من دون الله عز وجل فهذا شرك في الربوبية مخرج عن الملة ، وإن كان يعتقد أنها سبب وليست تنفع من دون الله فهو ضال غير مصيب ، وما اعتقده فإنه من الشرك الأصغر ، فعلى من ابتلي بمثل هذه المسائل أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يقلع عن ذلك قبل أن يفاجئه الموت ، فينتقل من الدنيا على أسوأ حال ، وليعلم أن الذي يملك الضر والنفع هو الله سبحانه وتعالى وأنه هو ملجأ كل أحد ، كما قال الله تعالى - : ] أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون[ (1)[1]، وبدلاً من أن يتعب نفسه في الالتجاء إلى قبر فلان وفلان ، ممن يعتقدونهم أولياء ، ليلتفت إلى ربه- عز وجل- وليسأله جلب النفع ودفع الضر ، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يملك هذا.
(291) سئل فضيلة الشيخ : كيف نجيب عباد القبور الذين يحتجون بدفن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في المسجد النبوي؟.
فأجاب بقوله :الجواب عن ذلك من وجوه :
الوجه الأول : أن المسجد لم يبن على القبر بل بني في حياة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، .
الوجه الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد حتى يقال : إن هذا من دفن الصالحين في المسجد؛ بل دفن ، صلى الله عليه وسلم ، في بيته.
الوجه الثالث: أن إدخال بيوت الرسول ، صلى الله عليهم وسلم ، ومنها بيت عائشة مع المسجد ليس باتفاق الصحابة بل بعد أن انقرض أكثرهم ، وذلك في عام أربعة وتسعين هجرية تقريباً ، فليس مما أجازه الصحابة ؛ بل إن بعضهم خالف في ذلك وممن خالف أيضاً سعيد بن المسيب .
الوجه الرابع: أن القبر ليس في المسجد حتى بعد إدخاله ، لأنه في حجرة مستقلة عن المسجد فليس المسجد مبنياً عليه، ولهذا جعل هذا المكان محفوظاً ومحوطاً بثلاثة جدران ، وجعل الجدار في زاوية منحرفة عن القبلة أي إنه مثلث، والركن في الزاوية الشمالية حيث لا يستقبله الإنسان إذا صلى لأنه منحرف ، وبهذا يبطل احتجاج أهل القبور بهذه الشبهة.
(292) سئل فضيلة الشيخ:عن رجل بنى مسجداً وأوصى أن يدفن فيه فدفن فما العمل الآن؟.
فأجاب بقوله : هذه الوصية أعني الوصية أن يدفن في المسجد غير صحيحة ، لأن المساجد ليست مقابر ، ولا يجوز الدفن في المسجد ، وتنفيذ هذه الوصية محرم ، والواجب الآن نبش هذا القبر وإخراجه إلى مقابر المسلمين.
(293) وسئل فضيلته : عن حكم البناء على القبور؟ .
فأجاب بقوله : البناء على القبور محرم وقد نهى عنه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لما فيه من تعظيم أهل القبور وكونه وسيلة وذريعة إلى أن تعبد هذه القبور وتتخذ آلهة مع الله كما هو الشأن في كثيرمن الأبنية التي بنيت على القبور فأصبح الناس يشركون بأصحاب هذه القبور، ويدعونها مع الله تعالى ودعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم لكشف الكربات شرك أكبر وردة عن الإسلام. والله المستعان.
(294) وسئل الشيخ حفظه الله تعالى : عن حكم دفن الموتى في المساجد؟ .
فأجاب قائلاً : الدفن في المساجد نهى عنه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ونهى عن اتخاذ المساجد على القبور ولعن من اتخذ ذلك وهو في سياق الموت يحذر أمته ويذكر ، صلى الله عليه وسلم ، أن هذا من فعل اليهود والنصارى ، ولأن هذا وسيلة إلى الشرك بالله عز وجل- لأن إقامة المساجد على القبور ودفن الموتى فيها وسيلة إلى الشرك بالله- عز وجل- في أصحاب هذه القبور فيعتقد الناس أن أصحاب هذه القبور المدفونين في المساجد ينفعون أو يضرون أو أن لهم خاصية تستوجب أن يتقرب إليهم بالطاعات من دون الله سبحانه وتعالى فيجب على المسلمين أن يحذروا من هذه الظاهرة الخطيرة وأن تكون المساجد خالية من القبور مؤسسة على التوحيد والعقيدة الصحيحة قال الله تعالى- : ]وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً[ (1) فيجب أن تكون المساجد لله- سبحانه وتعالى خالية من مظاهر الشرك تؤدى فيها عبادة الله وحده لا شريك له هذا هو واجب المسلمين . والله الموفق .










قديم 2012-07-02, 21:16   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(295) وسئل : عن حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر؟
فأجاب بقوله : إذا كان هذا المسجد مبنياً على القبر فإن الصلاة فيه محرمة ويجب هدمه لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعن اليهود والنصارى حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد تحذيراً مما صنعوا.
وأما إذا كان المسجد سابقاً على القبر فإنه يجب إخراج القبر من المسجد ويدفن فيما يدفن فيه المسلمون ، ولا حرج علينا في هذه الحال إذا نبشنا هذا القبر لأنه دفن في مكان لا يحل أن يدفن فيه فإن المساجد لا يحل دفن الموتى فيها.
والصلاة في المسجد إذا كان سابقاً على القبر صحيحة بشرط ألا يكون القبر في ناحية القبلة فيصلي الناس إليه لأن النبي ، صلى عليه وسلم ، نهى عن الصلاة إلى القبور وبالإمكان إذا لم يتمكنوا من نبش القبر أن يهدموا سور المسجد.
(296) وسئل فضيلة الشيخ : عن المراد بقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً"؟ .
فأجاب بقوله : اختلف في المعنى المراد بقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً" على قولين:
القول الأول : أن المعنى لا تدفنوا فيها موتاكم وهذا ظاهر اللفظ ، ولكنه أورد على ذلك دفن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في بيته . وأجيب بأنه من خصائصه .
القول الثاني: أن المعنى لا تجعلوا البيوت مثل المقابر لا تصلون فيها ؛ لأنه من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها ، ويؤيده ما جاء في بعض الطرق "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ، ولا تجعلوها قبوراً" .
وكلا المعنيين صحيح فإن الدفن في البيوت وسيلة إلى الشرك ، ولأن العادة المتبعة من عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إلى يومنا أن الدفن مع المسلمين ، ولأنه يضيق على الورثة وربما يستوحشون منه، وقد يحدث عنده من الأفعال المحرمة ما يتنافى مع مقصود الشارع وهو تذكير الآخرة. وفي هذا الحديث دليل على أن المقابر ليست محلاً للصلاة ؛ لأن اتخاذ المقابر مكاناً للصلاة سبب للشرك .
والحديث يدل أيضاً على أن الأفضل أن المرء يجعل من صلاته في بيته ، وذلك جميع النوافل لقوله ، صلى الله عليه وسلم : "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" إلا ما ورد في الشرع أن يفعل في المسجد مثل صلاة الكسوف ، وقيام الليل في رمضان ، حتى ولو كانت في مكة أو المدينة فإن صلاة النافلة في بيتك أفضل لعموم الحديث ، ولأن النبي ، صلى الله عليه وسلم، قال ذلك وهو في المدينة.
(297) وسئل أيضاً : عن حكم إضاءة مقامات الأولياء ونذر ذلك؟ .
فأجاب فضيلته : إضاءة مقامات الأولياء والأنبياء التي يريد بها السائل قبورهم هذه الإضاءة محرمة وقد ورد عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعن فاعليها فلا يجوز أن تضاء هذه القبور وفاعل ذلك ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعلى هذا إذا نذر الإنسان إضاءة هذا القبر فإن نذره محرم وقد قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "من نذر أن يعصي الله فلا يعصه" . فلا يجوز له أن يفي بهذا النذر.
ولكن هل يجب عليه أن يكفر كفارة يمين لعدم وفائه بنذره أو لا يجب؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم ، والاحتياط أن يكفر كفارة يمين عن عدم وفائه بهذا النذر . والله أعلم.
(298) وسئل فضيلة الشيخ : عن حكم إسراج المقابر؟ .
فأجاب بقوله : المقبرة التي لا يحتاج الناس إليها كما لو كانت المقبرة واسعة ، وفيها موضع قد انتهى الناس من الدفن فيه فلا حاجة إلى إسراجه، أما الموضع الذي يقبر فيه فيسرج ما حوله فقد يقال : بجوازه لأنها لا تسرج إلا بالليل فليس في ذلك ما يدل على تعظيم القبر بل اتخذت للحاجة . ولكن الذي نرى المنع مطلقاً للأسباب الآتية :
السبب الأول : أنه ليس هناك ضرورة .
السبب الثاني : أن الناس إذا وجدوا ضرورة لذلك فيمكنهم أن يحملوا سراجاً معهم.
السبب الثالث: أنه إذا فتح هذا الباب فإن الشر سيتسع في قلوب الناس ولا يمكن ضبطه فيما بعد.
أما إذا كان في المقبرة حجرة يوضع فيها اللبن ونحوه ، فلا بأس بإضاءتها لأنها بعيدة عن القبور ، والإضاءة داخلة لا تشاهد.
(299) وسئل فضيلته : عن حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ؟
فأجاب بقوله : شد الرحال إلى زيارة القبور أيّاً كانت هذه القبور لا يجوز لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم يقول : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى" والمقصود بهذا أنه لا تشد الرحال إلى أي مكان في الأرض لقصد العبادة بهذا الشد ، لأن الأمكنة التي تخصص بشد الرحال هي المساجد الثلاثة فقط وما عداها من الأمكنة لا تشد إليها الرحال فقبر النبي ، صلى الله عليه وسلم، لا تشد الرحال إليه وإنما تشد الرحال إلى مسجده فإذا وصل المسجد فإن الرجال يسن لهم زيارة قبر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأما النساء فلا يسن لهن زيارة قبر النبي ، صلى الله عليه وسلم، والله الموفق.
(300) سئل فضيلة الشيخ : هناك مسجد في اليمن يقال : إنه مسجد معاذ بن جبل المشهور بمسجد الجند ، ويأتي الناس لزيارته في الجمعة من شهر رجب من كل سنة رجالاً ونساء فما حكم هذا العمل وما نصيحتكم لهؤلاء؟ .
فأجاب بقوله : هذا غير مسنون لأمور:
أولاً : لأنه لم يثبت أن معاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه النبي ، صلى الله عليه وسلم،إلى اليمن اختط مسجداً له هناك ، وإذا لم يثبت ذلك فإن دعوى أن هذا المسجد له دعوى بغير بينة ، وكل دعوى بغير بينة فإنها غير مقبولة.
ثانياً : لو ثبت أن معاذ بن جبل اختط مسجداً هناك فإنه لا يشرع إتيانه وشد الرحل إليه ، بل شد الرحل إلى مساجد غير المساجد الثلاثة منهي عنه ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد :المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى" .
ثالثاً : أن تخصيص هذا العمل بشهر رجب بدعة أيضاً فإن شهر رجب لم يخص بشيء من العبادات لا بصوم ولا بصلاة وإنما حكمه حكم الأشهر الحرم الأخرى ، والأشهر الحرم هي : رجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم . هذه الأشهر التي قال الله تعالى عنها في كتابه : ] إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم[ (1) ولم يثبت أن شهر رجب خص من بينها في شيء لا بصيام ولا بقيام ، فإذا خص الإنسان هذا الشهر بشيء من العبادات من غير أن يثبت ذلك عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كان مبتدعاً لقوله ، صلى الله عليه وسلم : "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة" . فنصيحتي لإخوتي هؤلاء الذين يقومون بهذا العمل في الحضور إلى المسجد الذي يزعم أنه مسجد معاذ في اليمن أن لا يتعبوا أنفسهم ويتلفوا أموالهم ويضيعوها في هذا الأمر الذي لا يزيدهم من الله إلا بعداً ونصيحتي لهم أن يصرفوا همهم إلى ماثبتت مشروعيته في كتاب الله وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم ، وهذا كافٍ للمؤمن ، والله الموفق.
(301) سئل فضيلة الشيخ : هل استجاب الله دعوة نبيه ، صلى الله عليه وسلم ، بأن لا يجعل قبره وثناً يعبد أو اقتضت حكمته غير ذلك؟ .
فأجاب بقوله : يقول : ابن القيم : إن الله استجاب له فلم يذكر أن قبره ، صلى الله عليه وسلم ، جعل وثناً ، بل إنه حمي قبره بثلاثة جدران فلا أحد يصل إليه حتى يجعله وثناً يعبد من دون الله ، ولم نسمع في التاريخ أنه جعل وثناً .
صحيح أنه يوجد أناس يغلون فيه ، ولكن لم يصلوا إلى جعل قبره وثناً . ولكن قد يعبدون الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، ولو في مكان بعيد .
(302) وسئل فضيلته : عن رجل توفي وبعد مدة رآه رجل في المنام وطلب منه أن يخرجه من القبر ويبني له مقاماً ففعل فما حكم هذا العمل؟ .
فأجاب قائلاً : الحكم في هذا أنه فعل محرم ، وأن المرائي التي ترى في المنام إذا كانت مخالفة للشرع فإنها باطلة ، وهي من ضرب الأمثلة التي يضربها الشيطان ومن وحي الشيطان فلا يجوز تنفيذها أبداً ، لأن الأحكام الشرعية لا تتغير بالمنامات ، والواجب عليهم الآن أن يهدموا هذا المقام الذي بنوه له وأن يردوه إلى مقابر المسلمين.
ونصيحتي لهؤلاء وأمثالهم أن يعرضوا كل ما رأوه في المنام على الكتاب والسنة ، فما خالف الكتاب والسنة ، فمطروح مردود ولا عبرة به، ولا يجوز للإنسان أن يعتمد في أمور دينه على هذه المرائي الكاذبة ؛ لأن الشيطان أقسم بعزة الله عز وجل أن يغوي بني آدم إلا عباد الله المخلصين ، فمن كان مخلِصاً لله ومخلَصاً له، متبعاً لدينه مبتغياً لدينه فإنه يسلم من إغواء الشيطان وشره ، وأما من كان خلاف ذلك فإن الشيطان يتلاعب به في عبادته ، وفي اعتقاداته ، وفي أفكاره ، وفي أعماله ، فليحذره يقول : الله عز وجل - : ] إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوّاً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير[ (1).










قديم 2012-07-02, 21:18   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(303) سئل فضيلة الشيخ: عن مقبرة قديمة أصبحت طريقاًَ للناس والبهائم كيف يعمل بها؟
فأجاب بقوله : أود أن أبين بهذه المناسبة أن لأصحاب القبور حقوقاً لأنهم مسلمون ، ولهذا نهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن يوطأ على القبر وأن يجلس عليه وقال : "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخرق ثيابه فتمضي إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر" وكما نهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن امتهان القبور فإنه نهى أيضاً عن تعظيمها بما يفضي إلى الغلو والشرك ، فنهى أن يجصص القبر ، وأن يبنى عليه ، وأن يكتب عليه . وهذه القضية التي ذكرت في السؤال المقبرة القديمة التي أصبحت ممراً وطريقاً للمشاة والسيارات ومرعى للبهائم يجب أن يرفع أمرها إلى ولاة الأمور لاتخاذ اللازم في حمايتها وصيانتها وفتح طرق حولها يعبر الناس منها إلى الجهات الأخرى.
(304) سئل فضيلة الشيخ : هل يشرع للإنسان أن يقول : :
"اللهم اجعلني لقبر نبيك محمد، صلى الله عليه وسلم ، من الزائرين" أو يقول : : "لمسجد نبيك محمد،صلىاللهعليهوسلم، من الزائرين؟" .
فأجاب قائلاً : المشروع أن يقول : لمسجده ، صلى الله عليه وسلم ، من الزائرين ؛ لأن مسجده هو الذي تشد إليه الرحال وليس قبره ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى".
وها هنا نقطة أحب أن أنبه عليها وهي : أن كثيراً من الناس يتشوقون إلى زيارة قبر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أكثر مما يتشوقون إلى زيارة مسجده،بل أكثر مما يتشوقون إلى زيارة الكعبة ،بيت الله عز وجل وهذا من الضلال البين ،فإن حق النبي ،صلى الله عليه وسلم ، لا يشك أحد أنه دون حق الله تعالى فالرسول ، عليه الصلاة والسلام ، بشر مرسل من عند الله ، ولولا أن الله اجتباه برسالته ،لم يكن له من الحق هذا الحق الذي يفوق حق كل بشر، أما أن يكون مساوياً لحق الله- عز وجل- أو يكون في قلب الإنسان محبة لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،تزيد على محبة الله ، فإن هذا خطأ عظيم ، فمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبة الله ، وتعظيمنا له ، صلى الله عليه وسلم ، تابع لتعظيم الله عز وجل وهو دون تعظيم الله تعالى ولهذا نهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن نغلو فيه وأن نجعل له حقاً مساوياً لحق الله عز وجل فقد قال له رجل مرة : ما شاء الله وشئت . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم، : "أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده" .
والخلاصة : أنه يجب على الإنسان أن يكون تعظيم الله تعالى ومحبته في قلبه أعظم من محبة وتعظيم كل أحد ، وأن تكون محبة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وتعظيمه في قلبه أعظم من محبة وتعظيم كل مخلوق، وأما أن يساوي بين حق الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، وحق الله تعالى فيما يختص الله به فهذا خطأ عظيم.
(305) وسئل حفظه الله تعالى : عن رجل حفر لتأسيس بيته فوجد عظاماً فأخرجها فما حكم عمله هذا؟ .
فأجاب قائلاً :إذا تيقن أو غلب على ظنه أنها عظام موتى مسلمين فإنه لا يجوز له نقل العظام، وأصحاب القبور أحق بالأرض منه ، لأنهم لما دفنوا فيها ملكوها ، ولا يحل له أن يبني بيته على قبور المسلمين ، ويجب عليه إذا تيقن أن هذا المكان فيه قبور أن يزيل البناء ، وأن يدع القبور لا بناء عليها . وفي مثل هذه الحال الواجب مراجعة ولاة الأمور.
( 306) وسئل رعاه الله بمنه وكرمه : هل ترد أرواح الموتى إليهم يومي الاثنين والخميس ليردوا السلام على الزوار؟ .
فأجاب بقوله : هذا لا أصل له وزيارة المقابر مشروعة كل وقت لقول النبي ، صلى الله عليه وسل،: "زوروا القبور فإنهم تذكركم الآخرة" . وينبغي للزائر أن يفعل ما كان يفعله النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من السلام عليهم دون القراءة فقد كان مما يقوله ،صلى الله عليه وسلم: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم للاحقون يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم" . ولا تنبغي القراءة على القبر لأن ذلك لم يرد عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وما لم يرد عنه فإنه لاينبغي للمؤمن أن يعمله .
واعلم ان المقصود بالزيارة أمران:
أحدهما : انتفاع الزائر بتذكر الآخرة والاعتبار والاتعاظ ، فإن هؤلاء القوم الذين هم الآن في بطن الأرض ، كانوا بالأمس على ظهرها وسيجري لهذا الزائر ما جرى لهم ، فيعتبر ويغتنم الأوقات والفرص ، ويعمل لهذا اليوم الذي سيكون في هذا المثوى الذي كان عليه هؤلاء .
وثانيهما : الدعاء لأهل القبور بما كان الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يدعو به من السلام وسؤال الرحمة ، وأما أن يسأل الأموات ويتوسل بهم فإن هذا محرم ومن الشرك ؛ ولا فرق في هذا بين قبر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وقبر غيره فإنه لا يجوز أن يتوسل أحد بقبر النبي ، عليه الصلاة والسلام ، أو بالنبي ، صلى الله عليه وسلم ، بعد موته فإن هذا من الشرك
لأنه لو كان هذا حقاً لكان أسبق الناس إليه الصحابة- رضي الله عنهم- ومع ذلك فإنهم لا يتوسلون به بعد موته فقد استسقى عمر رضي الله عنه ذات يوم فقال:"اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" ثم قام العباس رضي الله عنه فدعا وهذا دليل على أنه لا يتوسل بالميت مهما كانت درجته ومنزلته عند الله تعالى وإنما يتوسل بدعاء الحي الذي ترجى إجابة دعوته ؛ لصلاحه واستقامته في دين الله عز وجل فإذا كان الرجل ممن عرف بالدين والاستقامة وتوسل بدعائه، فإن هذا لا بأس به كما فعل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه - ، وأما الأموات فلا يتوسل بهم أبداً ، ودعاؤهم شرك أكبر مخرج من الملة قال الله تعالى - : ] وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين[ (1).
(307) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله - : هل المسلم إذا ألقى السلام على الميت في قبره يرد الله عليه روحه ويرد السلام؟
فأجاب -حفظه الله- بقوله : هذا الذي ذكره السائل جاء فيه حديث مرفوع صححه ابن عبد البر وهو أنه "ما من مسلم يمر بقبر رجل مسلم كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد عليه روحه فرد عليه السلام" .
(308) وسئل فضيلة الشيخ حفظه الله -: عن حكم زيارة المقابر ؟ وحكم قراءة الفاتحة عند زيارتها ؟ وحكم زيارة النساء للقبور؟.
فأجاب بقوله: زيارة القبور سنة أمر بها النبي ، صلى الله عليه وسلم ،بعد أن نهى عنها كما ثبت ذلك عنه ، صلى الله عليه وسلم ، في قوله : "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة" رواه مسلم. فزيارة القبور للتذكر والاتعاظ سنة ، فإن الإنسان إذا زار هؤلاء الموتى في قبورهم ، وكان هؤلاء بالأمس معه على ظهر الأرض يأكلون كما يأكل ، ويشربون كما يشرب ، ويتمتعون بدنياهم وأصبحوا الآن رهناً لأعمالهم إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر فإنه لا بد أن يتعظ ويلين قلبه ويتوجه إلى الله عز وجل بالإقلاع عن معصيته إلى طاعته.
وينبغي لمن زار المقبرة أن يدعو بما كان النبي ، صلى الله عليه وسلم يدعو به وعلمه أمته: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم" يقول : هذا الدعاء.
ولم يرد عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يقرأ الفاتحة عند زيارة القبور وعلى هذا فقراءة الفاتحة عند زيارة القبور خلاف المشروع عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ،.
وأما زيارة القبور للنساء فإن ذلك محرم لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج، فلا يحل للمرأة أن تزور المقبرة هذا إذا خرجت من بيتها لقصد الزيارة ، أما إذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة فلا حرج عليها أن تقف وأن تسلم على أهل المقبرة بما علمه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أمته ، فيفرق بالنسبة للنساء بين من خرجت من بيتها لقصد الزيارة ،ومن مرت بالمقبرة بدون قصد فوقفت وسلمت، فالأولى التي خرجت من بيتها للزيارة قد فعلت محرماً وعرضت نفسها للعنة الله عز وجل وأما الثانية فلا حرج عليها .
(309) وسئل فضيلة الشيخ : هناك من يزور القبور ويدعو الأموات وينذر لهم ويستغيث بهم ويستعين بهم لأنهم كما يزعم أولياء لله فما نصيحتكم لهم؟ .
فأجاب بقوله : نصيحتنا لهؤلاء وأمثالهم أن يرجع الإنسان إلى عقله وتفكيره ، فهذه القبور التي يزعم أن فيها أولياء تحتاج:
أولاً : إلى إثبات أنها قبور إذ قد يوضع شيء يشبه القبر ويقال : هذا قبر فلان كما حدث ذلك مع أنه ليس بقبر.
ثانياً : إذا ثبت أنها قبور فإنه يحتاج إلى إثبات أن هؤلاء المقبورين كانوا أولياء لله لأننا لا نعلم هل هم أولياء لله أم أولياء للشيطان.
ثالثاً : إذا ثبت أنهم من أولياء الله فإنهم لا يزارون من أجل التبرك بزيارتهم ، أو دعائهم ، أو الاستغاثة بهم ، والاستعانة بهم ، وإنما يزارون كما يزار غيرهم للعبرة والدعاء لهم فقط ، على أنه إن كان في زيارتهم فتنة أو خوف فتنة بالغلو فيهم ، فإنه لا تجوز زيارتهم دفعا للمحظور ودرءاً للمفسدة.
فأنت أيها الإنسان حكم عقلك ، فهذه الأمور الثلاثة التي سبق ذكرها لا بد أن تتحقق وهي:
ا- ثبوت القبر.
ب- ثبوت أنه ولي .
ج- الزيارة لأجل الدعاء لهم.فهم في حاجة إلى الدعاء مهما كانوا فهم لاينفعون ولا يضرون ، ثم إننا قلنا : إن زيارتهم من أجل الدعاء لهم جائزة مالم تستلزم محظوراً.
أما من زارهم ونذر لهم وذبح لهم أو استغاث بهم ، فإن هذا شرك أكبر مخرج عن الملة ، يكون صاحبه به كافراً مخلداً في النار.
(310) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله - : عن حكم الدين في بناء المقابر بالطوب والأسمنت فوق ظهر الأرض؟ .
فأجاب -حفظه الله بقوله : أولاً أنا أكره أن يوجه للشخص مثل هذا السؤال بأن يقال :: ما حكم الدين، ما حكم الإسلام وما أشبه ذلك لأن الواحد من الناس لا يعبر عن الإسلام إذ قد يخطئ ويصيب ونحن إذا قلنا : إنه يعبر عن الإسلام معناه أنه لا يخطئ ، لأن الإسلام لا خطأ فيه ، فالأولى في مثل هذا التعبير أن يقال : ما ترى في حكم من فعل كذا وكذا أو ما ترى فيمن فعل كذا وكذا ، أو ما ترى في الإسلام هل يكون كذا وكذا حكمه ، المهم أن يضاف السؤال إلى المسؤول فقط.
أما بالنسبة لما أراه في هذه المسألة فهو أنه لا يجوز أن يبنى على القبور فقد ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، " أنه نهى عن البناء على القبور ونهى أن يجصص القبر وأن يبنى عليه" . فالبناء على القبور محرم لأنه وسيلة إلى أن تعبد ويشرك بها مع الله عز وجل- .
(311) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله : عندنا عدد من المساجد بأسماء الأنبياء مثل جامع النبي يونس وغيره من الجوامع ويوجد داخل المسجد مرقد ذلك النبي ويذهب الناس ويصلون في داخل هذه المساجد وفي الحديث الذي ما معناه "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ما حكم عملهم هذا؟ .
فأجاب حفظه الله بقوله : تسمية المساجد بأسماء الأنبياء لا ينبغي لأن هذا إنما يتخذ على سبيل التقرب إلى الله-عز وجل- أو التبرك بأسماء الأنبياء ،والتقرب إلى الله بما لم يشرعه ، والتبرك بما لم يجعله الله سبباً للبركة لا ينبغي ، بل هو نوع من البدع .
وأما كون قبور الأنبياء في هذه المساجد فإنه كذب لا أصل له فلا يعلم قبر أحد من الأنبياء سوى قبر النبي، صلى الله عليه وسلم ،وقبور الأنبياء كلها مجهولة فمن زعم أن مسجد النبي يونس كان مرقد يونس أو كان قبر يونس فإنه قد قال قولاً بلا علم ، وكذلك بقية المساجد أو الأماكن التي يقال عنها : إن فيها شيئاً من قبور الأنبياء فإن هذا قول بلا علم وأما صحة الصلاة في المساجد التي بنيت على القبور فإن كان القبر سابقاً على المسجد بأن بني المسجد على القبر فإن الصلاة فيه لا تصح ويجوز هدم المسجد لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ،قال: " قاتل الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، يحذر ما صنعوا" وأما إذا كان المسجد سابقاً على القبر بأن كان المسجد قائماً مبنياً ثم دفن فيه أحد فإنه يجب أن ينبش القبر وأن يدفن فيما يدفن فيه الناس.
والصلاة في هذا المسجد السابق على القبر صحيحة إلا إذا كان القبر تجاه المصلين فإن الصلاة إلى القبور لا تصح كما في صحيح مسلم من حديث أبي مرثد الغنوي أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها" .
(312) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله - : عن حكم التبرك بالقبور والطواف حولها بقصد قضاء حاجة أو تقرب وعن حكم الحلف بغير الله ؟ .
فأجاب بقوله : التبرك بالقبور حرام ونوع من الشرك وذلك لأنه إثبات تأثير شيء لم ينزل الله به سلطاناً ولم يكن من عادة السلف الصالح أن يفعلوا مثل هذا التبرك فيكون من هذه الناحية بدعة أيضاً وإذا اعتقد المتبرك أن لصاحب القبر تأثيراً أو قدرة على دفع الضرر أو جلب النفع كان ذلك شركاً أكبر إذا دعاه لجلب المنفعة أو دفع المضرة . وكذلك يكون من الشرك الأكبر إذا تعبد لصاحب القبر بركوع أو سجود أو ذبح تقرباً له وتعظيماً له قال الله تعالى : ]ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برها ن له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون[ (1) قال تعالى : ] فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً[(2) والمشرك شركاً أكبر كافر مخلد في النار والجنة عليه حرام لقوله تعالى: ] إنه من يشرك باله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[ (3) .
وأما الحلف بغير الله فإن كان الحالف يعتقد أن للمحلوف به منزلة مثل الله تعالى فهو مشرك شركاً أكبر وإن كان لا يعتقد ذلك ولكن كان في قلبه من تعظيم المحلوف به ما حمله على أن يحلف به دون أن يعتقد أن له منزلة مثل منزلة الله فهو مشرك شركاً أصغر لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" .
ويجب الإنكار على من تبرك بالقبور أو دعا المقبور أو حلف بغير الله وأن يبين له أنه لن ينجيه من عذاب الله قوله : هذا شيء أخذنا عليه فإن هذه الحجة هي حجة المشركين الذين كذبوا الرسل وقالوا: ] إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون[ (1) فقال لهم الرسول: ]أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون[ (2) قال الله تعالى : ]فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين[(3).
ولا يحل لأحد أن يحتج لباطله بكونه وجد عليه آباءه أو بكونه عادة له ونحو ذلك ولو احتج بهذا فحجته داحضة عند الله تعالى لا تنفعه ولا تغني عنه شيئاً . وعلى الذين ابتلوا بمثل هذا أن يتوبوا إلى الله وأن يتبعوا الحق أينما كان وممن كان ومتى كان وأن لا يمنعهم من قبوله عادات قومهم أو لوم عوامهم فإن المؤمن حقاً هو الذي لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يصده عن دين الله عائق.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه وحمانا عما فيه سخطه وعقوبته.








(1) سورة الحشر ، الآية "10" .

(1) سورة التوبة ، الآيتان "113-114" .

(2) سورة النحل ، الآية "53" .

(3) سورة الأحزاب ، الآية "21".

(4) سورة آل عمران ، الآية "31" .

(1) سورة يونس ، الآيتان "62-63".

(2) سورة الأحقاف ، الآيتان "5 6".

(3) سورة النحل ، الآيتان "20-21".

(1) سورة الأعراف ، الآية "163".

(2) سورة البقرة ، الآية "65-66" .

(1) سورة المائدة ، الآية "94" .
(2) سورة المائدة ، الآية " 72 " .

(1) سورة النمل ، الآية " 62 " .

(1) سورة الجن ، الآية "18" .

(1) سورة التوبة ، الآية "36" .

(1) سورة فاطر ، الآية "6".

(1) سورة غافر ، الآية "60".

(1) سورة المؤمنون ، الآية "117" .

(2) سورة الكهف ، الآية " 110".

(3) سورة المائدة ، الآية "72" .

(1) سورة الزخرف ، الآية "23".

(2) سورة الزخرف ، الآية "24".

(3) سورة الزخرف ، الآية "25".










قديم 2012-07-03, 18:46   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التصويــــــــــــــــــــــــــــٍ


(313) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم التصوير؟ وحكم اقتناء الصور وحكم الصور التي تمثل الوجه وأعلى الجسم؟ .
فأجاب- حفظه الله بقوله : التصوير نوعان :
أحدهما : تصوير باليد .
والثاني : تصوير بالآلة .
فأما التصوير باليد فحرام بل هو كبيرة من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، لعن فاعله ، ولا فرق بين أن يكون للصورة ظل أو تكون مجرد رسم على القول الراجح لعموم الحديث ، وإذا كان التصوير هذا من الكبائر ، فتمكين الإنسان غيره أن يصور نفسه إعانة على الإثم والعدوان فلا يحل .
وأما التصوير بالآلة وهي (الكاميرا) التي تنطبع الصورة بواسطتها من غير أن يكون للمصور فيها أثر بتخطيط الصورة وملامحها فهذه موضع خلاف بين المتأخرين فمنهم من منعها ، ومنهم من أجازها فمن نظر إلى لفظ الحديث منع لأن التقاط الصورة بالآلة داخل في التصوير ولولا عمل الإنسان بالآلة بالتحريك والترتيب وتحميض الصورة لم تلتقط الصورة ، ومن نظر إلى المعنى والعلة أجازها لأن العلة هي مضاهاة خلق الله ، والتقاط الصورة بالآلة ليس مضاهاة لخلق الله بل هو نقل للصورة التي خلقها الله تعالى نفسها فهو ناقل لخلق الله لا مضاه له ، قالوا: ويوضح ذلك أنه لو قلد شخص كتابة شخص لكانت كتابة الثاني غير كتابة الأول بل هي مشابهة لها ولو نقل كتابته بالصورة الفوتوغرافية لكانت الصورة هي كتابة الأول وإن كان عمل نقلها من الثاني فهكذا نقل الصورة بالآلة الفوتغرافية (الكاميرا) الصورة فيه هي تصوير الله نقل بواسطة آلة التصوير. والاحتياط الامتناع من ذلك ، لأنه من المتشابهات ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، لكن لو احتاج إلى ذلك لأغراض معينة كإثبات الشخصية فلا بأس به ، لأن الحاجة ترفع الشبهة لأن المفسدة لم تتحقق في المشتبه فكانت الحاجة رافعة لها.
وأما إقتناء الصور فعلى نوعين :
النوع الأول: أن تكون الصورة مجسمة أي ذات جسم فاقتناؤها حرام وقد نقل ابن العربي الإجماع عليه نقله عنه في فتح الباري ص 388 ج10ط . السلفية قال : "وهذا الإجماع محله في غير لعب البنات كما سأذكره في باب من صور صورة" وقد أحال في الباب المذكور على كتاب الأدب وذكره في كتاب الأدب في باب الانبساط إلى الناس ص 527 من المجلد المذكور على حديث عائشة رضي الله عنها- قالت : كنت ألعب بالبنات عند النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي.
قال في شرحه: "واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن ، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور وبه جزم عياض ونقله عن الجمهور ، قال : وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ وخصه بعضهم بالصغار" .
وإن المؤسف أن بعض قومنا الآن ، صاروا يقتنون هذه الصور ويضعونها في مجالسهم أو مداخل بيوتهم ، نزلوا بأنفسهم إلى رتبة الصبيان مع اكتساب الإثم والعصيان نسأل الله لنا ولهم الهداية.
النوع الثاني : أن تكون الصورة غير مجسمة بأن تكون رقماً على شيء فهذه أقسام :
القسم الأول : أن تكون معلقة على سبيل التعظيم والإجلال مثل ما يعلق من صور الملوك ، والرؤساء، والوزراء، والعلماء، والوجهاء، والآباء، وكبار الإخوة ونحوها ، فهذا القسم حرام لما فيه من الغلو بالمخلوق والتشبه بعباد الأصنام والأوثان ، مع أنه قد يجر إلى الشرك فيما إذا كان المعلق صورة عالم أو عابد و ونحوه.
القسم الثاني : أن تكون معلقة على سبيل الذكرى مثل من يعلقون صور أصحابهم وأصدقائهم في غرفهم الخاصة فهذه محرمة فيما يظهر لوجهين :
الوجه الأول: أن ذلك يوجب تعلق القلب بهؤلاء الأصدقاء تعلقاً لا ينفك عنه وهذا يؤثر تأثيراً بالغاً على محبة الله ورسوله وشرعه ويوجب تشطير المحبة بين هؤلاء الأصدقاء وما تجب محبته شرعاً وكأن قارعاً يقرع قلبه كلما دخل غرفته. انتبه .انتبه. صديقك صديقك وقد قيل:
أحبب حبيبك هوناً ما * فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما.
الوجه الثاني : أنه ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي طلحة رضي الله عنه- قال سمعت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : : "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة" وهذه عقوبة ولا عقوبة إلا على فعل محرم.
القسم الثالث: أن تكون معلقة على سبيل التجميل والزينة ، فهذه محرمة أيضاً لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : قدم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل، فلما رآه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،هتكه وقال : "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" . قالت : فجعلته وسادة أو وسادتين رواه البخاري . والقرام : خرقة تفرش في الهودج أو يغطى بها يكون فيها رقوم ونقوش ، والسهوة بيت صغير في جانب الحجرة يجعل فيه المتاع .
وعن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية قالت : فقلت : أتوب إلى الله ماذا أذنبت؟ قال : "ما هذه النمرقة؟" قلت : لتجلس عليها وتوسدها فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم :أحيوا ما خلقتم وإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه الصورة" .رواه البخاري .النمرقة:الوسادة العريضة تصلح للاتكاء والجلوس.
القسم الرابع : أن تكون ممتهنة كالصورة التي تكون في البساط والوسادة ، وعلى الأواني وسماط الطعام ونحوها ، فنقل النووي عن جمهور العلماء من الصحابة والتابعين جوازها ، وقال : هو قول الثوري ومالك وأبي حنيفة والشافعي، وهو كذلك مذهب الحنابلة . ونقل في فتح الباري- ص 391- ج 10ط . السلفية حاصل ما قيل في ذلك عن ابن العربي فقال : حاصل ما في اتخاذ الصور ؛ أنها إن كانت ذات أجسام حرم بالإجماع ، وإن كانت رقماً فأربعة أقوال:
الأول : يجوز مطلقاً على ظاهر قوله في حديث الباب : " إلا رقماً في ثوب" .
الثاني : المنع مطلقاً حتى الرقم .
الثالث: إن كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل حرم ، وإن قطع الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز قال : وهذا هو الأصح .
الرابع : إن كان مما يمتهن جاز وإن كان معلقاً لم يجزأ . هـ .
والذي صححه هو ظاهر حديث النمرقة ، والقول الرابع هو ظاهر حديث القرام ويمكن الجمع بينهما بأن النبي، صلى الله عليه وسلم ، لما هتك الستر تفرقت أجزاء الصورة فلم تبق كاملة بخلاف النمرقة فإن الصورة كانت فيها كاملة فحرم اتخاذها وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "أتاني جبريل فقال : أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل ،وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل ، وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي على باب البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطأان ، ومر بالكلب فليخرج" ففعل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، رواه أهل السنن وفي رواية النسائي "إما أن تقطع رؤوسها أو تجعل بسطاً توطأ" . ذكر هذا الحديث في فتح الباري ص 392من المجلد العاشر السابق وزعم في ص390 أنه مؤيد للجمع الذي ذكرناه وعندي أن في ذلك نظراً فإن هذا الحديث ولا سيما رواية النسائي تدل على أن الصورة إذا كانت في شيء يمتهن فلا بأس بها وإن بقيت كاملة وهو رأي الجمهور كما سبق .
القسم الخامس: أن تكون مما تعم به البلوى ويشق التحرز منه كالذي يوجد في المجلات والصحف وبعض الكتب ولم تكن مقصودة لمقتنيها بوجه من الوجوه بل هي مما يكرهه ويبغضه ولكن لا بد له منها والتخلص منها فيه عسر ومشقة وكذلك ما في النقود من صور الملوك والرؤساء والأمراء مما ابتليت به الأمة الإسلامية فالذي يظهر لي أن هذا لا حرج فيه على من وقع في يده بغير قصد منه إلى اتخاذه من أجل صوره بل هو يكرهه أشد الكراهة ويبغضه ويشق عليه التحرز منه فإن الله تعالى لم يجعل على عباده في دينهم من حرج ولا يكلفهم شيئاً لا يستطيعونه إلا بمشقة عظيمة أو فساد مال ، ولا يصدق على مثل هذا أنه متخذ للصورة ومقتن لها .
وأما سؤالكم عن الصورة التي تمثل الوجه وأعلى الجسم ، فإن حديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه يدل على أنه لا بد من قطع الرأس وفصله فصلاً تاماً عن بقية الجسم ، فأما إذا جمع إلى الصدر فما هو إلا رجل جالس بخلاف ما إذا أبين الرأس إبانة كاملة عن الجسم ، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله - : الصورة الرأس . وكان إذا أراد طمس الصورة حك رأسها وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما- أنه قال: الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فليس هو صورة . فتهاون بعض الناس في ذلك مما يجب الحذر منه . نسأل الله لنا ولكم ولإخواننا المسلمين السلامة والعافية مما لا تحمد عقباه إنه جواد كريم.
(314) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم التصوير ؟ .
فأجاب بقوله : التصوير على أنواع:
النوع الأول : أن يصور ماله ظل وجسم على هيئة إنسان أو حيوان ، وهذا حرام ولو فعله عبثاً ولو لم يقصد المضاهاة ؛ لأن المضاهاة لا يشترط فيها القصد حتى لو وضع هذا التمثال لابنه لكي يهدئه به.
فإن قيل : أليس المحرم ما صور لتذكار قوم صالحين كما هو أصل الشرك في قوم نوح؟ .
أجيب : إن الحديث في لعن المصورين عام ، لكن إذا انضاف إلى التصوير هذا القصد صار أشد تحريماً .
النوع الثاني: أن يصور صورة ليس لها جسم بل بالتلوين والتخطيط ، فهذا محرم أيضاً لعموم الحديث ، ويدل له حديث النمرقة حيث أقبل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إلى بيته فلما أراد أن يدخل رأى نمرقة فيها تصاوير فوقف وتأثر ، وعرفت الكراهة في وجهه ، صلى الله عليه وسلم ،فقالت عائشة رضي الله عنها- : ما أذنبت يا رسول الله ؟ فقال : "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يقال لهم : أحيوا ما خلقتم" فالصور بالتلوين كالصور بالتجسيم على الصحيح ، وقوله في صحيح البخاري : "إلا رقماً في ثوب" إن صحت الرواية هذه فالمراد بالاستثناء ما يحل تصويره من الأشجار ونحوها ليتفق مع الأحاديث الأخرى.
النوع الثالث: أن تلتقط الصورة التقاطاً بأشعة معينة بدون أي تعديل أو تحسين من الملتقط فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين على قولين:
القول الأول : أنها صورة وإذا كان كذلك فإن حركة هذا الفاعل تعتبر تصويراً إذ لولا تحريكه إياها ما انطبعت هذه الصورة على هذه الورقة ونحن متفقون على أن هذه صورة فحركته تعتبر تصويراً فيكون داخلاً في العموم .
القول الثاني : أنها ليست بتصوير ، لأن التصوير فعل المصور ، وهذا الرجل ماصورها في الحقيقة وإنما إلتقطها بالآلة ، والتصوير من صنع الله، ومثال ذلك : لو أدخلت كتاباً في آلة التصوير ثم خرج من هذه الآلة فإن رسم الحروف من الكاتب الأول لا من المحرك بدليل أنه قد يحركها شخص أمي لا يعرف الكتابة إطلاقاً أو أعمى.
وهذا القول أقرب ، لأن المصور يعتبر مبدعاً ، ومخططاً ، ومضاهياً لخلق الله تعالى وليس هذا كذلك.
(315) سئل فضيلة الشيخ : هل يجب إتلاف الرأس في الصور لزوال التحريم؟ أو يكفي فصله عن الجسم؟ وما حكم الصور التي في العلب والمجلات والصحف ورخص القيادة والدراهم ؟ وهل تمنع من دخول الملائكة؟ .
فأجاب بقوله : إذا فصل الرأس عن الجسم فظاهر الحديث " مر برأس التمثال فليقطع" أنه لا يجب إتلاف الرأس ، لأنه لم يذكر في الحديث إتلافه وإن كان في ذلك شيء من التردد.
وأما الجسم بلا رأس فهو كالشجرة لا شك في جوازه.
أما بالنسبة لما يوجد في العلب والمجلات والصحف من الصور: فما يمكن التحرز منه فالورع تركه ، وأما ما لا يمكن التحرز منه ، والصورة فيه غير مقصودة فالظاهر أن التحريم يرتفع فيه بناء على القاعدة الشرعية ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ (1) والمشقة تجلب التيسير والبعد عنه أولى.
وكذلك بالنسبة لما يوجد في رخص القيادة ، وحفائظ النفوس ، والشهادات والدراهم ، فهو ضرورة لا إثم فيه ، ولا يمنع ذلك من دخول الملائكة.
وأما قوله ، صلى الله عليه وسلم ، : "وأن لا تدع صورة إلا طمستها" ففيه احتمال قوي ؛ أن المراد كل صورة مقصودة اتخذت لذاتها لا سيما في أوقاتهم ، فلا تجد صورة في الغالب إلا مقصودة لذاتها. ولا ريب أن الصور المقصودة لا يجوز اقتناؤها كالصور التي تتخذ للذكرى أو للتمتع بالنظر إليها أو للتلذذ بها ونحو ذلك.
(316) وسئل جزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء: عن حكم صنع التماثيل؟ .
فأجاب قائلاً : صنع التماثيل المجسمة إن كانت من ذوات الأرواح ، فهي محرمة لا تجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت أنه لعن المصورين وثبت أيضاً عنه أنه قال: قال الله عز وجل: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي) وهذا محرم . أما إذا كانت التماثيل ليست من ذوات الأرواح فإنه لا بأس به وكسبها حلال ؛ لأنها من العمل المباح . والله الموفق.










قديم 2012-07-03, 18:47   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(317) وسئل : عن حكم رسم ذوات الأرواح وهل هو داخل في عموم الحديث القدسي {ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة}؟
فأجاب قائلاً : نعم هو داخل في هذا الحديث ، لكن الخلق خلقان خلق جسمي وصفي وهذا في الصور المجسمة ، وخلق وصفي لا جسمي وهذا في الصور المرسومة.
وكلاهما يدخل في الحديث المتقدم فإن خلق الصفة كخلق الجسم ، وإن كان الجسم أعظم لأنه جمع بين الأمرين الخلق الجسمي والخلق الوصفي ، ويدل على ذلك - أي العموم- وأن التصوير محرم باليد سواء كان تجسيماً أم كان تلويناً عموم لعن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، للمصورين فعموم لعن النبي صلى الله عليه وسلم للمصورين يدل على أنه لا فرق بين الصور المجسمة والملونة التي لا يحصل التصوير فيها إلا بالتلوين فقط ، ثم إن هذا هو الأحوط والأولى بالمؤمن أن يكون بعيداً عن الشبه ولكن قد يقول قائل : أليس الأحوط في اتباع ما دل عليه النص لا في اتباع الأشد؟.
فنقول : صحيح أن الأحوط اتباع ما دل عليه النص لا اتباع الأشد ، لكن إذا وجد لفظ عام يمكن أن يتناول هذا وهذا فالأحوط الأخذ بعمومه ، وهذا ينطبق تماماً على حديث التصوير ، فلا يجوز للإنسان أن يرسم صورة ما فيه روح من إنسان وغيره ؛ لأنه داخل في لعن المصورين . والله الموفق .
(318) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم التصوير الفوتوغرافي؟.
فأجاب حفظه الله تعالى بقوله : الصور الفوتوغرافية الذي نرى فيها ؛ أن هذه الآلة التي تخرج الصورة فوراً ، وليس للإنسان في الصورة أي عمل ، نرى أن هذا ليس من باب التصوير ، وإنما هو من باب نقل صورة صورها الله عز وجل بواسطة هذه الآلة ، فهي انطباع لا فعل للعبد فيه من حيث التصوير ، والأحاديث الواردة إنما هي في التصوير الذي يكون بفعل العبد ويضاهي به خلق الله ، ويتبين لك ذلك جيداً بما لو كتب لك شخص رسالة فصورتها في الآلة الفوتوغرافية ، فإن هذه الصورة التي تخرج ليست هي من فعل الذي أدار الآلة وحركها ، فإن هذا الذي حرك الآلة ربما يكون لا يعرف الكتابة أصلاً ، والناس يعرفون أن هذا كتابة الأول، والثاني ليس له أي فعل فيها ، ولكن إذا صور هذا التصوير الفوتوغرافي لغرض محرم ، فإنه يكون حراماً تحريم الوسائل.
(319) وسئل : أيضاً عن حكم التصوير؟ وكيف يفعل من طلب منه التصوير في الامتحان؟ وما حكم مشاهدة الصور التي في المجلات والتلفزيون؟ .
فأجاب بقوله : سؤالكم عن التصوير فالتصوير نوعان:
أحدهما : أن يكون التصوير غير ذوات الأرواح كالجبال والأنهار والشمس والقمر والأشجار فلا بأس به عند أكثر أهل العلم ، وخالف بعضهم فمنع تصوير ما يثمر كالشجر والزروع ونحوها ، والصواب قول الأكثر.
الثاني: أن يكون تصوير ذوات الأرواح وهذا على قسمين :
القسم الأول : أن يكون باليد فلا شك في تحريمه وأنه من كبائر الذنوب لما ورد فيه من الوعيد الشديد مثل حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً فتعذبه في جهنم" . رواه مسلم . وحديث أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي ، صلى الله عليه وسلم: "لعن آكل الربا وموكله ، والواشمة ، والمستوشمة ، والمصور"، رواه البخاري . وحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله". رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية مسلم : "الذين يشبهون بخلق الله" . وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي ،صلى الله عليه وسلم، يقول : : "قال الله تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي فليخلقوا ذرة ، أو ليخلقوا حبة ، أو ليخلقوا شعيرة". رواه البخاري ومسلم . والتصوير المذكور ينطبق على التصوير باليد بأن يخطط الإنسان الصورة بيده حتى يكملها فتكون مثل الصورة التي خلق الله- تعالى لأنه حاول أن يبدع كإبداع الله- تعالى ويخلق كخلقه وإن لم يقصد المشابهة لكن الحكم إذا علق على وصف تعلق به ، فمتى وجد الوصف وجد الحكم ، والمصور إذا صنع الصورة تحققت المشابهة بصنعه وإن لم ينوها والمصور في الغالب لا يخلو من نية المضاهاة ، ولذلك تجده يفخر بصنعه كلما كانت الصورة أجود ، وأتقن . وبهذا تعرف سقوط ما يموه به بعض من يستسيغ التصوير من أن المصور لا يريد مشابهة خلق الله لأننا نقول له: المشابهة حصلت بمجرد صنعك شئت أم أبيت ولهذا لو عمل شخص عملاً يشبه عمل شخص آخر لقلنا نحن وجميع الناس : إن عمل هذا يشبه عمل ذاك وإن كان هذا العامل لم يقصد المشابهة.
القسم الثاني: أن يكون تصوير ذوات الأرواح بغير اليد، مثل التصوير بالكاميرا التي تنقل الصورة التي خلقها الله تعالى على ما هي عليه، من غير أن يكون للمصور عمل في تخطيطها سوى تحريك الآلة التي تنطبع بها الصورة على الورقة ، فهذا محل نظر واجتهاد لأنه لم يكن معروفاً على عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وعهد الخلفاء الراشدين والسلف الصالح ومن ثم اختلف فيه العلماء المتأخرون : فمنهم من منعه وجعله داخلاً فيما نهي عنه نظراً لعموم اللفظ له عرفاً ، ومنهم من أحله نظراً للمعنى ، فإن التصوير بالكاميرا لم يحصل فيه من المصور أي عمل يشابه به خلق الله-تعالى وإنما انطبع بالصورة خلق الله تعالى على الصفة التي خلقه الله- تعالى عليها ونظير ذلك تصوير الصكوك والوثائق وغيرها بالفوتوغراف ، فإنك إذا صورت الصك فخرجت الصورة لم تكن الصورة كتابتك بل كتابة من كتب الصك انطبعت على الورقة بواسطة الآلة . فهذا الوجه أو الجسم المصور ليست هيئته وصورته وما خلق الله فيه من العينين والأنف والشفتين والصدر والقدمين وغيرها ، ليست هذه الهيئة والصورة بتصويرك أو تخطيطك بل الآلة نقلتها على ما خلقها الله تعالى -عليه وصورها ، بل زعم أصحاب هذا القول أن التصوير بالكاميرا لا يتناوله لفظ الحديث كما لا يتناوله معناه فقد قال في القاموس : الصورة الشكل قال: وصور الشيء قطعه وفصله . قالوا وليس في التصوير بالكاميرا تشكيل ولا تفصيل وإنما هو نقل شكل وتفصيل شكله وفصله الله تعالى قالوا :والأصل في الأعمال غير التعبدية الحل إلا ما أتى الشرع بتحريمه كما قيل:
والأصل في الأشياء حل وامنع عبادة إلا بإذن الشارع

فإن يقع في الحكم شك فارجع للأصل في النوعين ثم اتبع
والقول بتحريم التصوير بالكاميرا أحوط ، والقول بحله أقعد لكن القول بالحل مشروط بأن لا يتضمن أمراً محرماً فإن تضمن أمراً محرماً كتصوير امرأة أجنبية ، أو شخص ليعلقه في حجرته تذكاراً له ، أو يحفظه فيما يسمونه (البوم) ؛ ليتمتع بالنظر إليه وذكراه ، كان ذلك محرماً لأن اتخاذ الصور واقتناءها في غير ما يمتهن حرام عند أهل العلم أو أكثرهم ، كما دلت على ذلك السنة الصحيحة.
ولا فرق في حكم التصوير بين ما له ظل وهو المجسم ، وما لاظل له لعموم الأدلة في ذلك وعدم المخصص.
ولا فرق أيضاً في ذلك بين ما يصور لعباً ولهواً وما يصور على السبورة لترسيخ المعنى في أفهام الطلبة كما زعموا وعلى هذا فلا يجوز للمدرس أن يرسم على السبورة صورة إنسان أو حيوان.
وإن دعت الضرورة إلى رسم شيء من البدن فليصوره منفرداً ، بأن يصور الرجل وحدها ، ثم يشرح ما يحتاج إلى شرح منها ثم يمسحها ويصور اليد كذلك ثم يمسحها ويصور الرأس وهكذا كل جزء وحده فهذا لا بأس به إن شاء الله تعالى - .
وأما من طلب منه التصوير في الامتحان فليصور شجرة أو جبلاً أو نهراً؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، مع أني لا أظن ذك يطلب منه إن شاء الله - تعالى - .
وأما مشاهدة الصور في المجلات والصحف والتلفزيون فإن كانت صور غير آدمي فلا بأس بمشاهدتها ، لكن لا يقتنيها من أجل هذه الصور وإن كانت صور آدمي؛ فإن كان يشاهدها تلذذاً أو استمتاعاً بالنظر فهو حرام ، وإن كان غير تلذذ ولا استمتاع ولا يتحرك قلبه ولا شهوته بذلك ،فإن كان ممن يحل النظر إليه كنظر الرجل إلى الرجل ونظر المرأة إلى المرأة أو إلى الرجل أيضاً على القول الراجح فلا بأس به لكن لا يقتنيه من أجل هذه الصور، وإن كان ممن لا يحل له النظر إليه كنظر الرجل إلى المرأة الأجنبية فهذا موضع شك وتردد، والاحتياط أن لا ينظر خوفاً من الفتنة وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال: "لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها" والنعت بالصورة أبلغ من النعت بالوصف إلا أن هذا الحديث رواه الإمام أحمد من وجه آخر بلفظ: "لتنعتها لزوجها" وذكر في فتح الباري ص 338 ج 9 الطبعة السلفية أن النسائي زاد في روايته : "في الثوب الواحد" وهو مفهوم من قوله: "لا تباشر" ومجموع الروايات يقتضي أن الزوجة عمدت إلى مباشرة المرأة لتصف لزوجها ما تحت الثياب منها ، ومن أجل هذا حصل عندنا الشك والتردد في جواز نظر الرجل إلى صورة المرأة في الصحف والمجلات والتلفزيون والبعد عن وسائل الفتن مطلوب والله المستعان.
(320) سئل فضيلة الشيخ : جاء في الفتوى السابقة رقم "319" فيما يتعلق بمشاهدة الصور ما نصه : "وإن كان ممن لا يحل له النظر إليه كنظر الرجل إلى المرأة الأجنبية فهذا موضع شك وتردد والاحتياط أن لا ينظر خوفاً من الفتنة" فهذا يفهم منه أن فضيلتكم لا يرى بأساً في نظر الرجل إلى الصورة ولو كانت صورة امرأة أجنبية فنرجو التوضيح؟
فأجاب فضيلته بقوله: النقطة التي أشار إليها السائل وهي أنه يفهم من كلامنا أننا لا نرى بأساً في نظر الرجل إلى الصورة ولو كانت صورة امرأة أجنبية فنقول هذه النقطة فيها تفصيل:
فإن كانت امرأة معينة ونظر إليها نظر تلذذ وشهوة فهذا حرام ، لأن نفسه حينئذ تتعلق بها وتتبعها وربما يحصل بذلك شر وفتنة ، فإن لم ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة وإنما هي نظرة عابرة لم تحرك له ساكناً ، ولم توجب له تأملاً فتحريم هذا النظر ، فيه نظر فإن إلحاق نظر الصورة بنظر الحقيقة غير صحيح ، لما بينهما من الفرق العظيم في التأثير ، لكن الأولى البعد عنه لأنه قد يفضي إلى نظر التأمل ثم التلذذ والشهوة ، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم : "لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها" رواه البخاري ، ورواه أحمد وأبو داود بلفظ : "لتنعتها لزوجها" . واللام للتعليل . وأما إن كانت الصورة لامرأة غير معينة فلا بأس بالنظر إليها إذا لم يخش من ذلك محظور شرعي.
(321) وسئل فضيلة الشيخ : عن تهاون كثير من الناس في النظر إلى صور النساء الأجنبيات بحجة أنها صورة لا حقيقة لها؟
فأجاب حفظه الله تعالى بقوله : هذا تهاون خطير جداً وذلك أن الإنسان إذا نظر للمرأة سواء كان ذلك بواسطة وسائل الإعلام المرئية ، أو بواسطة الصحف أو غير ذلك ، فإنه لا بد أن يكون من ذلك فتنة على قلب الرجل تجره إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة ، وهذا شيء مشاهد . ولقد بلغنا أن من الشباب من يقتني صور النساء الجميلات ليتلذذ بالنظر إليهن ، أو يتمتع بالنظر إليهن ، وهذا يدل على عظم الفتنة في مشاهدة هذه الصور، فلا يجوز للإنسان أن يشاهد هذه الصور، سواء كانت في مجلات أو في صحف أو غير ذلك ، إن كان يرى من نفسه التلذذ والتمتع بالنظر إليهن ، لأن ذلك فتنة تضره في دينه ، وفي اتجاهاته ، ويتعلق قلبه بالنظر إلى النساء فيبقى ينظر إليهن مباشرة.
(322) سئل فضيلة الشيخ: لقد كثر عرض الصور الكبيرة والصغيرة في المحلات التجارية وهي صور إما لممثلين عالميين أو أناس مشهورين . وذلك للتعريف بنوع أو أصناف من البضائع . وعند إنكار هذا المنكر يجيب أصحاب المحلات بأن هذه الصور غير مجسمة وهذا يعني أنها ليست محرمة وهي ليست تقليداً لخلق الله باعتبارها بدون ظل ويقولون: إنهم قد اطلعوا على فتوى لفضيلتكم بجريدة "المسلمون" مفادها أن التصوير المجسم هو المحرم وغير ذلك فلا. فنرجو من فضيلتكم توضيح ذلك؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : من نسب إلينا أن المحرم من الصور هو المجسم وأن غير ذلك غير حرام فقد كذب علينا ، ونحن نرى أنه لا يجوز لبس ما فيه صورة سواء كان من لباس الصغار أو من لباس الكبار ، وأنه لا يجوز اقتناء الصور للذكرى أو غيرها إلا ما دعت الضرورة أو الحاجة إليه مثل التابعية والرخصة . والله الموفق.










قديم 2012-07-03, 18:48   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رســـــــالة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين ، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : فقد كثر السؤال حول ما نشر في المقابلة التي جرت بيني وبين مندوب جريدة "المسلمون" يوم الجمعة 29/11/1410هـ بالعدد 281 حول حكم التصوير "الفوتوغرافي" وذكرت في هذه المقابلة أني لا أرى أن التصوير "الفوتوغرافي" الفوري- الذي تخرج فيه الصورة فوراً دون تحميض داخل في التصوير الذي نهى عنه الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، ولعن فاعله .
وذكرت علة ذلك ثم قلت : ولكن ينبغي أن يقال : ما الغرض من هذا العمل؟
"إذا كان الغرض شيئاً مباحاً صار هذا العمل مباحاً بإباحة الغرض المقصود منه ، وإذا كان الغرض غير مباح صار هذا العمل حراماً لا لأنه من التصوير ، ولكن لأنه قصد به شيء حرام" .
وحيث إن الذي يخاطبني رجل صحفي ، ذكرت مثالاً من المحرم يتعلق بالصحافة ، وهو تصوير النساء على صفحات الجرائد والمجلات ، ولم أستطرد بذكر الأمثلة اكتفاء بالقاعدة الآنفة الذكر ، وهي أنه متى كان الغرض مباحاً كان هذا العمل مباحاً ، ومتى كان الغرض غير مباح كان هذا العمل حراماً.
ولكن بعض السائلين عن هذه المقابلة رغبوا في ذكر المزيد من الأمثلة للمباح والمحرم . وإجابة لرغبتهم أذكر الآن من الأمثلة المباحة:
أن يقصد بهذا التصوير ما تدعو الحاجة إلى إثباته كإثبات الشخصية ، والحادثة المرورية والجنائية ، والتنفيذية مثل أن يطلب منه تنفيذ شيء فيقوم بهذا التصوير لإثباته.
ومن الأمثلة المحرمة :
1- التصوير للذكرى ، كتصوير الأصدقاء ، وحفلات الزواج ، ونحوها ، لأن ذلك يستلزم اقتناء الصور بلا حاجة وهو حرام ، لأنه ثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة . ومن ذلك أن يحتفظ بصورة ميت حبيب إليه كأبيه وأمه وأخيه يطالعها بين الحين والآخر لأن ذلك يجدد الأحزان عليه ، ويوجب تعلق قلبه بالميت.
2- التصوير للتمتع النفسي أو التلذذ الجنسي برؤية الصورة، لأن ذلك يجر إلى الفاحشة.
والواجب على من عنده شيء من هذه الصور لهذه الأغراض ، أن يقوم بإتلافها لئلا يلحقه الإثم باقتنائها.
هذه أمثلة للقاعدة الآنفة الذكر، ليست على سبيل الحصر ، ولكن من أعطاه الله فهماً فسوف يتمكن من تطبيق بقية الصور على هذه القاعدة . هذا وأسأل الله للجميع الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى.
(323) سئل فضيلة الشيخ : يحتاج بعض الطلبة إلى رسم بعض الحيوانات لغرض التعليم والدراسة فما حكم ذلك؟ .
فأجاب بقوله : لا يجوز أن تصور هذه الحيوانات لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعن المصورين وقال : أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" وهذا يدل على أن التصوير من كبائر الذنوب لأن اللعن لا يكون إلا على كبيرة والوعيد بشدة العذاب لا يكون إلا على كبيرة ، ولكن من الممكن أن تصور أجزاء من الجسم كاليد والرجل وما أشبه ذلك ؛ لأن هذه الأجزاء لا تحلها الحياة ، وظاهر النصوص أن الذي يحرم ما يمكن أن تحله الحياة لقوله في بعض الأحاديث : " كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ" .
(324) سئل فضيلة الشيخ : يطلب من الطالب في بعض المدارس أن يرسم صورة لذات روح ، أو يعطى مثلاً بعض دجاجة ويقال : : أكمل الباقي، وأحياناً يطلب منه أن يقص هذه الصورة ويلزقها على الورق ، أو يعطى صورة فيطلب منه تلوينها فما رأيكم في هذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي أرى في هذا أنه حرام يجب منعه ، وأن المسؤولين عن التعليم يلزمهم أداء الأمانة في هذا الباب ، ومنع هذه الأشياء ،وإذا كانوا يريدون أن يثبتوا ذكاء الطالب بإمكانهم أن يقولوا : اصنع صورة سيارة أو شجرة ، أو ما أشبه ذلك مما يحيط به علمه ، ويحصل بذلك معرفة مدى ذكائه وفطنته وتطبيقه للأمور ، وهذا مما ابتلي به الناس بواسطة الشيطان ، وإلا فلا فرق بلا شك في إجادة الرسم والتخطيط بين أن يخطط الإنسان صورة شجرة ، أو سيارة ،أو قصر ، أو إنسان.
فالذي أرى أنه يجب على المسؤولين منع هذه الأشياء ، وإذا ابتلي الطالب ولا بد فليصور حيواناً ليس له رأس.
(325) وسئل الشيخ : قلتم حفظكم الله- في الفتوى السابقة : "إذا ابتلي الطالب ولا بد فليصور حيواناً ليس له رأس" ولكن قد يرسب الطالب إذا لم يرسم الرأس فما العمل؟ .
فأجاب قائلاً : إذا كان هذا فقد يكون الطالب مضطراً لهذا الشيء ، ويكون الإثم على من أمره وكلفه بذلك ، ولكني آمل من المسؤولين ألا يصل بهم الأمر إلى هذا الحد ، فيضطروا عباد الله إلى معصية الله.
(326) وسئل حفظه الله تعالى- :عن حكم لبس الثياب التي فيها صورة حيوان أو إنسان؟ فأجاب بقوله : لا يجوز للإنسان أن يلبس ثياباً فيها صورة حيوان أو إنسان، ولا يجوز أيضاً أن يلبس غترة أو شماغاً أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان وذلك لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ثبت عنه أنه قال : "إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة" .
ولهذا لا نرى لأحد أن يقتني الصور للذكرى كما يقول :ون ، وأن من عنده صور للذكرى فإن الواجب عليه أن يتلفها ؛ سواء كان قد وضعها على الجدار ، أو وضعها في ألبوم ، أو في غير ذلك ؛ لأن بقاءها يقتضي حرمان أهل البيت من دخول الملائكة بيتهم . وهذا الحديث الذي أشرت إليه قد صح عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم.
(327) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم إلباس الصبي الثياب التي فيها صور لذوات الأرواح؟ .
فأجاب قائلاً : يقول : أهل العلم : إنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم إلباسه الكبير ، وما كان فيه صور فإلباسه الكبير حرام ، فيكون إلباسه الصغير حراماً أيضاً ، وهو كذلك ، والذي ينبغي للمسلمين أن يقاطعوا مثل هذه الثياب وهذه الأحذية حتى لا يدخل علينا أهل الشر والفساد من هذه النواحي ، وهي إذا قوطعت فلن يجدوا سبيلاً إلى إيصالها إلى هذه البلاد وتهوين أمرها بينهم.
(328) سئل فضيلة الشيخ : هل استثناء بعض العلماء لعب الأطفال من التصويرصحيح؟ وهل قول الشيخ ..بجواز الصور التي ليس لها ظل وإنما هي نقوش بالألوان قول صحيح؟ .
فأجاب بقوله : استثناء لعب الأطفال صحيح ، لكن ما هي اللعب المستثناة أهي اللعب التي كانت معهودة من قبل وليست على هذه الدقة في التصوير، فإن اللعب المعهودة من قبل ليس فيها تلك العيون والشفاه والأنوف كما هو المشاهد الآن في لعب الأطفال أم إن الرخصة عامة فيما هو لعب أطفال ولو كان على الصور المشاهدة الآن؟ .
هذا محل تأمل والاحتياط تجنب هذه الصور الشائعة الآن والاقتصار على النوع المعهود من قبل.
وأما الصور التي ليس لها ظل وإنما هي نقوش بالألوان فإن دعوى الجواز فيها نظر حيث استند في ذلك إلى أنه كان ممنوعاً ثم أجيز ؛ لأن من شروط النسخ تعذر إمكان الجمع بين النصين ، والعلم بتأخر الناسخ ، وأما مع إمكان الجمع فلا تقبل دعوى النسخ ، لأن الجمع يكون فيه العمل بالدليلين والنسخ يكون فيه إبطال أحد الدليلين ثم إن طريق العلم بالمتأخر ليس الاستنتاج والتخمين ، بل النقل المجرد هو الطريق إلى العلم بالمتأخر ثم إن قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : "إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة" خبر والخبر لا يدخله النسخ إلا إذا أريد به الإنشاء وليس هذا مما أريد به الإنشاء. نعم الخبر يدخله التخصيص فينظر هل هذا الحديث مخصص بالصور التي ذكرها؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم ، فمنهم من يرى أن هذا الحديث مخصص بقوله: "إلا رقماً في ثوب" وبحديث عائشة- رضي الله عنها- في الستر الذي فيه تمثال طائر وقد ذكر الشيخ . . . . . أن حديث "إلا رقماً في ثوب" رواه الخمسة وقد رواه البخاري ومسلم أيضاً ومن العلماء من يرى أن هذا الترخيص في الرقم في الثوب وتمثال الطائر كان في أول الأمر ثم نهي عنه على العكس من قول الشيخ . . .
والذي يظهر لي أن الجمع ممكن وهو أن يحمل قوله : "إلا رقماً في ثوب" على ما ورد حله مما يتكأ عليه ويمتهن فيكون الرقم في الثوب المراد به ما كان في مخدة ونحوها لأنه الذي ورد حله وأن زيد بن خالد ألحق به الستر ونحوه وهو إلحاق غير صحيح لأن حديث عائشة رضي الله عنها في السهوة صريح في المنع منه حيث هتكه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وتلون من أجله وجهه.
وأما حديث مسلم في تمثال الطائر فيحمل على أنه تمثال لا رأس فيه وعلى أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كرهه لا من أجل أنه صورة ولكن من أجل أنه من باب الترف الزائد ولهذا قال: "حوليه فإني كلما دخلت ورأيته ذكرت الدنيا" . ويؤيد هذا الحمل ما رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : إن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، خرج في غزاته فأخذت نمطاً فسترته على الباب فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه وقال : "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين" . وعلى هذا فتكون النتيجة في هذا تحريم اقتناء الصور المجسمة والملونة والمنقورة والمزبورة إلا الملونة إذا كانت في شيء يمتهن كالفراش ونحوه فلا تحرم لكن الأولى التنزه عنها أيضاً لما في الصحيحين من حديث عائشة أنها اشترت نمرقة للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، فيها تصاوير ليقعد عليها ويتوسدها ، فلما رآها قام على الباب ولم يدخل وعرفت الكراهية في وجهه ثم أخبر أن أصحاب هذه الصور يعذبون يقال : أحيوا ما خلقتم ثم قال: "إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة" . والله الموفق.
(329) سئل فضيلة الشيخ : هناك أنواع كثيرة من العرائس منها ما هو مصنوع من القطن، وهو عبارة عن كيس مفصل برأس ويدين ورجلين ، ومنها ما يشبه الإنسان تماماً ، ومنها ما يتكلم أو يبكي أو يمشي ، فما حكم صنع أو شراء مثل هذه الأنواع للبنات الصغار للتعليم والتسلية؟ .
فأجاب قائلاً : أما الذي لا يوجد فيه تخطيط كامل وإنما يوجد فيه شيء من الأعضاء والرأس ولكن لم تتبين فيه الخلقة فهذا لا شك في جوازه وأنه من جنس البنات اللاتي كانت عائشة رضي الله عنها تلعب بهن.
وأما إذا كان كامل الخلقة وكأنما تشاهد إنساناً ولا سيما إن كان له حركة أو صوت فإن في نفسي من جواز هذه شيئاً ، لأنه يضاهي خلق الله تماماً ، والظاهر أن اللعب التي كانت عائشة تلعب بهن ليست على هذا الوصف، فاجتنابها أولى ؛ ولكني لا أقطع بالتحريم نظراً لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور ، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي ، وليس مكلفاً بشيء من العبادات حتى نقول: إن وقته يضيع عليه لهواً وعبثاً ، وإذا أراد الإنسان الاحتياط في مثل هذا فليقلع الرأس أو يحميه على النار حتى يلين ثم يضغطه حتى تزول معالمه.
(330) وسئل فضيلة الشيخ : هل هناك فرق بين أن يصنع الاطفال تلك اللعب وبين أن نصنعها نحن لهم أو نشتريها لهم؟ .
فأجاب فضيلته بقوله : أنا أرى أن صنعها على وجه يضاهي خلق الله حرام ، لأن هذا من التصوير الذي لا شك في تحريمه ، لكن إذا جاءتنا من النصارى أو غيرهم من غير المسلمين فإن اقتناءها كما قلت أولاً .
لكن بالنسبة للشراء بدلاً من أن نشتريها ينبغي أن نشتري أشياء ليست فيها صور كالدراجات أو السيارات أو الرافعات وما أشبهها.
أما مسألة القطن والذي ما تتبين له صورة على الرغم مما هناك من أنه أعضاء ورأس ورقبة ولكن ليس فيه عيون ولا أنف فما فيه بأس ، لأن هذا لا يضاهي خلق الله .
(331) وسئل فضيلته : عن حكم صنع ما يشبه هذه العرائس بمادة الصلصال ثم عجنها في الحال؟ .
فأجاب بقوله : كل من صنع شيئاً يضاهي خلق الله فهو داخل في الحديث ، وهو لعن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، المصورين . وقوله : "أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" لكن كما قلت : إنه إذا لم تكن الصورة واضحة أي ليس فيها عين أو أنف ولا فم ولا أصابع فهذه ليست صورة كاملة ولا مضاهية لخلق الله- عز وجل-.
(332) سئل فضيلة الشيخ : كثير من الألعاب تحوي صوراً مرسومة باليد لذوات الأرواح والهدف منها غالباً التعليم مثل هذه الموجودة في الكتاب الناطق فهل هي جائزة؟.
فأجاب قائلاً : إذا كانت لتسلية الصغار فإن من أجاز اللعب للصغار يجيز مثل هذه الصور ، وأما من منع هذه الصور على أن هذه الصور ليست أيضاً مطابقة للصورة التي خلق الله عليها هذه المخلوقات المصورة كما يتضح مما هو أمامي . والخطب في هذا سهل.
(333) سئل فضيلة الشيخ : ما حكم صور الكرتون التي تخرج في التلفزيون؟ وما قولكم في ظهور بعض المشايخ فيه؟ وما حكم استصحاب الدراهم التي فيها صور؟ .
فأجاب قائلاً : أما صور الكرتون التي ذكرتم أنها تخرج في التلفزيون فإن كانت على شكل آدمي فحكم النظر فيها محل تردد ، هل يلحق بالصور الحقيقية أو لا؟ .
والأقرب أنه لا يلحق بها . وإن كانت على شكل غير آدمي فلا بأس بمشاهدتها إذا لم يصحبها أمر منكر من موسيقى أو نحوها ولم تله عن واجب .
وأما ظهور بعض المشايخ في التفزيون فهو محل اجتهاد إن أصاب الإنسان فيه فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ، ولا شك أن المحب للخير منهم قصد نشر العلم وأحكام الشريعة؛ لأن التلفزيون أبلغ وسائل الإعلام وضوحاً ، وأعمها شمولاً ، وأشدها من الناس تعلقاً فهم يقولون: إن تكلمنا في التفزيون وإلا تكلم غيرنا وربما كان كلام غيرنا بعيداً من الصواب ، فننصح الناس ونوصد الباب ونسد الطريق أمام من يتكلم بغير علم فيضل ويضل.
وأما استصحاب الرجل ما ابتلي به المسلمون اليوم من الدراهم التي عليها صور الملوك والرؤساء فهذا أمر قديم ، وقد تكلم عليه أهل العلم ، ولقد كان الناس هنا يحملون الجنيه الفرنجي وفيه صورة فرس وفارس ، ويحملون الريال الفرنسي وفيه صورة رأس ورقبة وطير. والذي نرى في هذا أنه لا إثم على من استصحبه لدعاء الحاجة إلى حمله إذ الإنسان لا بد له من حمل شيء من الدراهم في جيبه ومنع الناس من ذلك فيه حرج وتعسير وقد قال الله -تعالى - : ] يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ (1) وقال تعالى - : ] ما جعل عليكم في الدين من حرج[ (2) وصح عن النبي ، صلى الله عليه وسلم، أنه قال : "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا" . رواه البخاري . وقال لمعاذ بن جبل وأبي موسى عند بعثهما إلى اليمن : "يسرا ولا تعسرا ، وبشرا ولا تنفراً وقال للناس حين زجروا الأعرابي الذي بال في المسجد: "دعوه فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" رواهما البخاري أيضاً.
فإذا حمل الرجل الدراهم التي فيها صورة ، أو التابعية ، أو الرخصة وهو محتاج إليهما أو يخشى الحاجة فلا حرج في ذلك ولا إثم إن شاء الله - تعالى إذا كان الله تعالى يعلم أنه كاره لهذا التصوير وإقراره وأنه لولا الحاجة إليه ما حمله.
والله أسأل أن يعصمنا جميعاً والمسلمين من أن تحيط بنا خطايانا وأن يرزقنا الثبات والاستقامة على دينه إنه جواد كريم.
(334) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إقامة مجسم لقلب إنسان لأجل التذكير بقدرة الله وعظمته- عز وجل-؟ .
فأجاب فضيلته : صورة القلب أو غيره من الأجزاء ليس من الصور المحرمة لأنه بعض صورة وعلى هذا فيجوز رسم القلب ، أو اليد ، أو الرجل أو الرأس كل واحد على حدة ، ولكن المشكل في السؤال صرف الأموال في مثل هذا لأن النفع الحاصل به لا يساوي الأموال المصروفة فيه ولا يقرب منها فجواز صرف الأموال في هذا محل نظر والسلامة أسلم . والله تعالى الموفق .
(335) سئل فضيلة الشيخ : كيف نجمع بين قول النبي ،صلىاللهعليهوسلم: "إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" وبين كون المشرك أشد الناس عذاباً يوم القيامة؟ .
فأجاب حفظه الله بقوله : ذكر في الجمع بينهما وجوه:
الوجه الأول : أن الحديث على تقدير "من" أي إن من أشد الناس عذاباً بدليل أنه قد جاء بلفظ "إن من أشد الناس عذاباً" فيحمل ما حذفت منه على ما ثبتت فيه.
الوجه الثاني: أن الأشدية لا تعني أن غيرهم لا يشاركهم بل يشاركهم غيرهم قال- تعالى- :
]أدخلوا آل فرعون أشد العذاب[ (1) فيكون الجميع مشتركين في الأشد.
ولكن يرد على هذا أن المصور فاعل كبيرة فقط فكيف يسوى بمن هو كافر مستكبر؟ .
الوجه الثالث: أن الأشدية نسبية يعني أن المصورين أشد الناس عذاباً بالنسبة للعصاة الذين لم تبلغ معصيتهم الكفر لا بالنسبة لجميع الناس. وهذا أقرب الوجوه والله أعلم .
(336) وسئل : عن حكم تعليق الصور على الجدران؟ .
فأجاب بقوله : تعليق الصور على الجدران ولا سيما الكبيرة منها حرام حتى وإن لم يخرج إلا بعض الجسم والرأس ، وقصد التعظيم فيها ظاهر وأصل الشرك هو هذا الغلو كما جاء ذلك عن أبن عباس رضي الله عنه أنه قال في أصنام قوم نوح التي يعبدونها : إنها كانت أسماء رجال صالحين صوروا صورهم ليتذكروا العبادة، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم .
(337) وسئل أيضاً : عن حكم إقتناء الصور للذكرى؟.
فأجاب الشيخ بقوله: اقتناء الصور للذكرى محرم لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ، وهذا يدل على تحريم اقتناء الصور في البيوت . والله المستعان.
(338) سئل فضيلة الشيخ : هل يلزم الإنسان طمس الصورة التي في الكتب؟ وهل وضع خط بين الرقبة والجسم يزيل الحرمة؟ .
فأجاب حفظه الله تعالى بقوله : لا أرى أنه يلزم طمسها لأن في ذلك مشقة كبيرة، ولأنها أي هذه الكتب ما قصد بها هذه الصورة إنما قصد ما فيها من العلم.
ووضع خط بين الرقبة والجسم هذا لا يغير الصورة عما هي عليه.

339- سئل فضيلة الشيخ : عن حكم تصوير المحاضرات والندوات بأجهزة الفيديو؟
فأجاب قائلاً : الذي أرى أنه لا بأس بتصوير المحاضرات والندوات بأجهزة الفيديو التلفزيونية إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو اقتضته المصلحة لأمور:
أولاً : أن التصوير الفوتوغرافي الفوري لا يدخل في مضاهاة خلق الله كما يظهر للمتأمل.
ثانياً : أن الصورة لا تظهر على الشريط فلا يكون فيه اقتناء للصورة.
ثالثاً: أن الخلاف في دخول التصوير الفوتوغرافي الفوري في مضاهاة خلق الله وإن كان يورث شبهة فإن الحاجة أو المصلحة المحققة لا تترك لخلاف لم يتبين فيه وجه المنع . هذا ما أراه في هذه المسألة . والله الموفق .
(340) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله عن معنى جملة : "إلا رقماً في ثوب" التي وردت في الحديث هل تدل على حل الصور التي في الثوب؟
فأجاب حفظه الله- بقوله : إن رأينا في الحديث : "إلا رقماً في ثوب" من النصوص المتشابهة والقاعدة السليمة : يرد إلى المحكم . ولقوله تعالى - : ] منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقول :ون آمنا به كل من عند ربنا[(1) .
ويرد المتشابه إلى المحكم ولا يبقى فيه اشتباه.
فهذا الحديث : "إلا رقماً في ثوب" يحتمل أنه عام ، رقماً : يشمل صورة الحيوان وصورة الأشجار وغير ذلك ، فإنه كان محتملاً لهذا فإنه يحمل على النصوص المحكمة التي تبين أن المراد برقم الثوب ما ليس بصورة حيوان أو إنسان حتى تبقى النصوص متطابقة متفقة.
ونحن لا نرى ذلك والتفصيل فيما له ظل وما ليس له ظل لأن حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- في صحيح مسلم أنه قال : "يا أبا الهياج ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا صورة إلا طمستها" .
(341) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله - : عن التصوير باليد؟ .
فأجاب حفظه الله بقوله: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، التصوير باليد حرام بل هو من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصورين واللعن لا يكون إلا على كبيرة من كبائر الذنوب وسواء رسم الصورة يختبر إبداعه أو رسمها للتوضيح للطلاب أو لغير ذلك فإنه حرام ، لكن لو رسم أجزاء من البدن كاليد وحدها أو الرأس وحده فهذا لا بأس به.

(342) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله : عن التصوير بالآلة الفوتوغرافية الفورية؟ .
فأجاب حفظه الله بقوله : التقاط الصورة بالآلة الفوتوغرافية الفورية التي لا تحتاج إلى عمل بيد فإن هذا لا بأس به ؛ لأنه لا يدخل في التصوير ، ولكن يبقى النظر ، ما هو الغرض من هذا الالتقاط : إذا كان الغرض من هذا الالتقاط هو أن يقتنيها الإنسان ولو للذكرى صار ذلك الالتقاط حراماً وذلك لأن الوسائل لها أحكام المقاصد ، واقتناء الصور للذكرى محرم لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أخبر أن " الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة" وهذا يدل على تحريم اقتناء الصور في البيوت ، وأما تعليق الصور على الجدران فإنه محرم ولا يجوز والملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة.
(343) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله - : عما ابتلي به الناس اليوم من وجود الصور بأشياء من حاجاتهم الضرورية؟ .
فأجاب حفظه الله بقوله :ما ابتلي به الناس اليوم من وجود الصور بأشياء من حاجاتهم الضرورية ، فأرى أنه إذا أمكن مدافعتها فذاك ، وإن لم يكن فإن فيها من الحرج والمشقة والعسر مما ارتفع عن هذه الأمة ، بمعنى أنه يوجد في بعض المجلات وفي بعض الصحف التي يقتنيها الإنسان لما فيها من المنافع والإرشاد والتوجيه فأرى أن مثل هذا ما دام لم يقصد الصورة نفسها فلا بأس أن يقتنيها لا سيما إذا كانت الصورة مغلقة لا تبرز ولا تبين.
(344) سئل فضيلة الشيخ- حفظه الله عن نشر صور المشوهين الأفغان؟ .
فأجاب حفظه الله بقوله : نشر صور المشوهين الأفغان مصلحة في الحقيقة وهي أنها توجب اندفاع الناس بالتبرع لهم ، لكن أقول : إن هذا قد يحصل بدون نشر هذه الأشياء أو ربما يمكن أن نضع شيئاً على الوجه بحيث لا يتبين الرأس لأن الرأس إذا قطع لا تبقى صورة كما جاء في الحديث "ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً إلا سويته" وهذا ظاهره أن المراد بالصورة حتى صورة التلوين وإن لم يكن لها ظل لأنه لم يقل : إلا كسرتها ، والطمس إنما يكون لما كان ملوناً .
وكذلك أيضاً حديث عائشة في البخاري حينما دخل عليه الصلاة والسلام فوجد نمرقة فيها صورة فوق على الباب وعرفت في وجهه الكراهية، وقال ، عليه الصلاة والسلام : "إن أصحاب هؤلاء الصور يعذبون" ، فهذا دليل على أنه يشمل الصورة التي لها ظل والتي ليس لها ظل وهذا هو الصحيح.


رســــالة
بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد الصالح العثيمين إلى أخيه المكرم الشيخ . . . . . حفظه الله - تعالى - ، وجعله من عباده الصالحين، وأوليائه المؤمنين المتقين ، وحزبه المفلحين ، آمين.
وبعد فقد وصلني كتابكم الذي تضمن السلام والنصيحة ، فعليكم السلام، ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله عني على نصيحتكم البالغة التي أسأل الله- تعالى أن ينفعني بها.
ولا ريب أن الطريقة التي سلكتموها في النصيحة هي الطريقة المثلى للتناصح بين الإخوان ، فإن الإنسان محل الخطأ والنسيان ، والمؤمن مرآة أخيه ، ولا يؤمن أحد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
ولقد بلغت نصيحتكم مني مبلغاً كبيراً بما تضمنته من العبارات الواعظة والدعوات الصادقة ، أسأل الله أن يتقبلها ، وأن يكتب لكم مثلها.
وما أشرتم إليه- حفظكم الله- من تكرر جوابي على إباحة الصورة المأخوذة بالآلة : فإني أفيد أخي أنني لم أبح اتخاذ الصورة والمراد صورة ما فيه روح من إنسان أو غيره إلا ما دعت الضرورة أو الحاجة إليه ، كالتابعية ، والرخصة ، وإثبات الحقائق ونحوها.
وأما اتخاذ الصورة للتعظيم ، أو للذكرى، أو للتمتع بالنظر إليها ، أو التلذذ بها فإني لا أبيح ذلك ، سواء كان تمثالاً أو رقماً وسواء كان مرقوماً باليد أو بالآلة ، لعموم قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، -: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة " . وما زلت أفتي بذلك وآمر من عنده صور للذكرى بإتلافها ، وأشدد كثيراً إذا كانت الصورة صورة ميت.
وأما تصوير ذوات الأرواح من إنسان أو غيره فلا ريب في تحريمه وأنه من كبائر الذنوب ، لثبوت لعن فاعله على لسان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهذا ظاهر فيما إذا كان تمثالاً أي مجسماً أو كان باليد ، أما إذا كان بالآلة الفورية التي تلتقط الصورة ولا يكون فيها أي عمل من الملتقط من تخطيط الوجه وتفصيل الجسم ونحوه ، فإن التقطت الصورة لأجل الذكرى ونحوها من الأغراض التي لا تبيح اتخاذ الصورة فإن التقاطها بالآلة محرم تحريم الوسائل ، وإن التقطت الصورة للضرورة أو الحاجة فلا بأس بذلك.
هذا خلاصة رأيي في هذه المسألة ، فإن كان صواباً فمن الله وهو المان به ، وإن كان خطأ فمن قصوري أو تقصيري ، وأسأل الله أن يعفو عني منه، وأن يهديني إلى الصواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




(1) سورة الحج، الآية "78" .

(1) سورة البقرة ، الآية "185" .

(2) سورة الحج ، الآية "78" .

(1) سورة غافر ، الآية "46" .

(1) سورة آل عمران ، الآية "7" .









قديم 2012-07-05, 21:25   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

البدعــــــــــــــــــــــــــة


(345) سئل فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى -: عن البدعة؟
فأجاب قائلاً : البدعة قال فيها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار". وإذا كان كذلك فإن البدع سواء كانت ابتدائية أم استمرارية يأثم من تلبس بها لأنها كما قال الرسول، عليه الصلاة والسلام : "في النار"؛ أعني أن الضلالة هذه تكون سبباً للتعذيب في النار ، وإذا كان الرسول ، عيه الصلاة والسلام حذر أمته من البدع فمقتضى ذلك أنها مفسدة محضة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ، عمم ولم يخص قال: "كل بدعة ضلالة" .
ثم إن البدع في الحقيقة هي انتقاد غير مباشر للشريعة الإسلامية ؛ لأن معناها أو مقتضاها أن الشريعة لم تتم،وأن هذا المبتدع أتمها بما أحدث من العبادة التي يتقرب بها إلى الله كما زعم.
فعليه نقول: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، والواجب الحذر من البدع كلها وألا يتعبد الإنسان إلا بما شرعه الله ورسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ليكون إمامه حقيقة لأن من سلك سبيل بدعة فقد جعل المبتدع إماماً له في هذه البدعة دون رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، .
(346) وسئل : عن معنى البدعة وعن ضابطها؟ وهل هناك بدعة حسنة ؟ وما معنى قول النبي ،صلىاللهعليهوسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة؟
فأجاب بقوله : البدعة شرعاً ضابطها" التعبد لله بما لم يشرعه الله" ، وإن شئت فقل : "التعبد لله تعالى بما ليس عليه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا خلفاؤه الراشدون" فالتعريف الأول مأخوذ من قوله- تعالى-: ]أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله[ (1) . والتعريف الثاني مأخوذ من قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور" فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه. أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعرف فهذه لا تسمى بدعة في الدين وإن كانت تسمى بدعة في اللغة ، ولكن ليست بدعة في الدين وليست هي التي حذر منها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، .
وليس في الدين بدعة حسنة أبداً ، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع ، وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها، أو يبعثها بعد تركها ، أو يفعل شيئاً يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به فهذه ثلاثة أشياء:
الأول : إطلاق السنة على من ابتدأ العمل ويدل له سبب الحديث فإن النبي، صلى الله عليه وسلم ، حث على التصدق على القوم الذين قدموا عليه ، صلى الله عليه وسلم ، وهم في حاجة وفاقة ، فحث على التصدق فجاء رجل من الأنصار بصرة من فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي ، عليه الصلاة والسلام ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم ، : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" فهذا الرجل سن سنة ابتداء عمل لا ابتداء شرع.
الثاني : السنة التي تركت ثم فعلها الإنسان فأحياها فهذا يقال عنه: سنها بمعنى أحياها وإن كان لم يشرعها من عنده.
الثالث: أن يفعل شيئاً وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب فهذا لا يتعبد بذاته ولكن لأنه وسيلة لغيره فكل هذا داخل في قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" . والله أعلم.
(347) وسئل فضيلة الشيخ : كيف يتعامل الإنسان الملتزم بالسنة مع صاحب البدعة؟ وهل يجوز هجره؟ .
فأجاب بقوله : البدع تنقسم إلى قسمين :
بدع مكفرة ، وبدع دون ذلك وفي كلا القسمين يجب علينا نحن أن ندعو هؤلاء الذين ينتسبون إلى الإسلام ومعهم البدع المكفرة وما دونها إلى الحق؛ ببيان الحق دون أن نهاجم ما هم عليه إلا بعد أن نعرف منهم الاستكبار عن قبول الحق لأن الله تعالى قال للنبي ، صلى الله عليه وسلم : ]ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم[ (1) فندعو أولاً هؤلاء إلى الحق ببيان الحق وإيضاحه بأدلته ، والحق مقبول لدى كل ذي فطرة سليمة ، فإذا وجد العناد والاستكبار فإننا نبين باطلهم ، على أن بيان باطلهم في غير مجادلتهم أمر واجب.
أما هجرهم فهذا يترتب على البدعة ، فإذا كانت البدعة مكفرة وجب هجره ، وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره ؛ إن كان في هجره مصلحة فعلناه ، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنبناه ، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "لا يحل لرجل مؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث" فكل مؤمن وإن كان فاسقاً فإنه يحرم هجره مالم يكن في الهجر مصلحة ، فإذا كان في الهجر مصلحة هجرناه ، لأن الهجر حينئذ دواء ، أما إذا لم يكن فيه مصلحة أو كان فيه زيادة في المعصية والعتو، فإن ما لا مصلحة فيه تركه هو المصلحة.
فإن قال قائل : يرد على ذلك أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، هجر كعب بن مالك وصاحبيه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك؟
فالجواب : أن هذا حصل من النبي، صلى الله عليه وسلم ، وأمر الصحابة بهجرهم لأن في هجرهم فائدة عظيمة ، فقد ازدادوا تمسكاً بما هم عليه حتى إن كعب بن مالك رضي الله عنه- جاءه كتاب من ملك غسان يقول : فيه بأنه سمع أن صاحبك يعني الرسول، صلى الله عليه وسلم - قد جفاك وأنك لست بدار هوان ولا مذلة فالحق بنا نواسك . فقام كعب مع ما هو عليه من الضيق والشدة وأخذ الكتاب وذهب به وأحرقه في التنور . فهؤلاء حصل في هجرهم مصلحة عظيمة ، ثم النتيجة التي لا يعادلها نتيجة أن الله أنزل فيهم قرآناً يتلى إلى يوم القيامة قال- تعالى - : ] لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم . وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم[(1) الآيتان.
(348) وسئل فضيلة الشيخ : كيف نرد على أهل البدع الذين يستدلون على بدعهم بحديث "من سن في الإسلام سنة حسنة . . . . " إلخ؟ .
فأجاب بقوله : نرد على هؤلاء فنقول : إن الذي قال : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" . هو الذي قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار". وعلى هذا يكون قوله: "من سن في الإسلام سنة حسنة" . منزلاً على سبب هذا الحديث، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الصدقة للقوم الذين جاؤوا من مضر في حاجة وفاقة فجاء رجل بصرة من فضة فوضعها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" . وإذا عرفنا سبب الحديث وتنزل المعنى عليه تبين أن المراد بسن السنة سن العمل بها ، وليس سن التشريع لأن التشريع لا يكون إلا لله ورسوله ، وأن معنى الحديث من سن سنة أي ابتدأ العمل بها واقتدى الناس به فيها، كان له أجرها وأجر من عمل بها ، هذا هو معنى الحديث المتعين، أو يحمل على أن المراد "من سن سنة حسنة" من فعل وسيلة يتوصل بها إلى العبادة واقتدى الناس به فيها، كتأليف الكتب، وتبويب العلم ، وبناء المدارس ، وما أشبه هذا مما يكون وسيلة لأمر مطلوب شرعاً. فإذا ابتدأ الإنسان هذه الوسيلة المؤدية للمطلوب الشرعي وهي لم ينه عنها بعينها ، كان داخلاً في هذا الحديث.
ولو كان معنى الحديث أن الإنسان له أن يشرع ما شاء ، لكان الدين الإسلامي لم يكمل في حياة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولكان لكل أمة شرعة ومنهاج ، وإذا ظن هذا الذي فعل هذه البدعة أنها حسنة فظنه خاطئ لأن هذا الظن يكذبه قول الرسول ، عليه الصلاة والسلام : "كل بدعة ضلالة" .
(349) وسئل حفظه الله- : عن حكم إظهار الفرح والسرور بعيد الفطر وعيد الأضحى؟ وبليلة السابعة والعشرين من رجب؟ وليلة النصف من شعبان؟ ويوم عاشوراء؟.
فأجاب فضيلته بقوله: أما إظهار الفرح والسرور في أيام العيد عيد الفطر أو عيد الأضحى فإنه لا بأس به إذا كان في الحدود الشرعية ومن ذلك أن يأتي الناس بالأكل والشرب وما أشبه هذا وقد ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل-" يعني بذلك الثلاثة الأيام التي بعد عيد الأضحى المبارك وكذلك في العيد فالناس يضحون ويأكلون من ضحاياهم ويتمتعون بنعم الله عليهم ، وكذلك في عيد الفطر لا بأس بإظهار الفرح والسرور مالم يتجاوز الحد الشرعي.
أما إظهار الفرح في ليلة السابع والعشرين من رجب ، أو ليلة النصف من شعبان أو في يوم عاشوراء، فإنه لا أصل له وينهى عنه ولا يحضر الإنسان إذا دعي إليه لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، : "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" . فأما ليلة السابع والعشرين من رجب فإن الناس يدعون أنها ليلة المعراج التي عرج بالرسول ، صلى الله عليه وسلم ، فيها إلى الله عز وجل وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية وكل شيء لم يثبت فهو باطل ، والمبني على الباطل باطل ثم على تقدير ثبوت أن ليلة المعراج ليلة السابع والعشرين من رجب ، فإنه لا يجوز لنا أن نحدث فيها شيئاً من شعائر الأعياد أو شيئاً من العبادات؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه فإذا كان لم يثبت عمن عرج به ولم يثبت عن أصحابه الذين هم أولى الناس به وهم أشد الناس حرصاً على سنته وشريعته، فكيف يجوز لنا أن نحدث مالم يكن على عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في تعظيمها ولا في إحيائها ، وإنما أحياها بعض التابعين بالصلاة والذكر لا بالأكل والفرح وإظهار شعائر الأعياد.
وأما يوم عاشوراء فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سئل عن صومه فقال: "يكفر السنة الماضية" يعني التي قبله وليس في هذا اليوم شيء من شعائر الأعياد وكما أنه ليس فيه شيء من شعائر الأعياد فليس فيه شيء من شعائر الأحزان أيضاً فإظهار الحزن أو الفرح في هذا اليوم كلاهما خلاف السنة ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم إلا صيامه. مع أنه ، صلى الله عليه وسلم ، أمر أن نصوم يوماً قبله أو يوماً بعده حتى نخالف اليهود الذين كانوا يصومونه وحده.
(350) وسئل فضيلة الشيخ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء : عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فأجاب قائلاً : أولاً : ليلة مولد الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، ليست معلومة على الوجه القطعي ، بل إن بعض العصريين حقق أنها ليلة التاسع من ربيع الأول وليست ليلة الثاني عشر منه، وحينئذ فجعل الاحتفال ليلة الثاني عشر منه لا أصل له من الناحية التاريخية.
ثانياً : من الناحية الشرعية فالاحتفال لا أصل له أيضاً لأنه لو كان من شرع الله لفعله النبي ، صلى الله عليه وسلم، أو بلغه لأمته ولو فعله أو بلغه لوجب أن يكون محفوظاً لأن الله تعالى يقول :] إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ (1) فلما لم يكن شيء من ذلك علم أنه ليس من دين الله ، وإذا لم يكن من دين الله فإنه لا يجوز لنا أن نتعبد به لله عز وجل ونتقرب به إليه ، فإذا كان الله تعالى قد وضع للوصول إليه طريقاً معيناً وهو ما جاء به الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، فكيف يسوغ لنا ونحن عباد أن نأتي بطريق من عند أنفسنا يوصلنا إلى الله؟ هذا من الجناية في حق الله عز وجل- أن نشرع في دينه ما ليس منه، كما أنه يتضمن تكذيب قول الله عز وجل-: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي[ (2)
فنقول :هذا الاحتفال إن كان من كمال الدين فلا بد أن يكون موجوداً قبل موت الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، وإن لم يكن من كمال الدين فإنه لا يمكن أن يكون من الدين لأن الله تعالى يقول : ] اليوم أكملت لكم دينكم[ ومن زعم أنه من كمال الدين وقد حدث بعد الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، فإن قوله يتضمن تكذيب هذه الآية الكريمة، ولا ريب أن الذين يحتفلون بمولد الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، إنما يريدون بذلك تعظيم الرسول ،عليه الصلاة والسلام، وإظهار محبته وتنشيط الهمم على أن يوجد منهم عاطفة في ذلك الاحتفال للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، وكل هذا من العبادات ؛ محبة الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، عبادة بل لا يتم الإيمان حتى يكون الرسول، صلى الله عليه وسلم ، أحب إلى الإنسان من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين ، وتعظيم الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، من العبادة ، كذلك إلهاب العواطف نحو النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من الدين أيضاً لما فيه من الميل إلى شريعته ، إذاً فالاحتفال بمولد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من أجل التقرب إلى الله وتعظيم رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، عبادة وإذا كان عبادة فإنه لا يجوز أبداً أن يحدث في دين الله ماليس منه ، فالاحتفال بالمولد بدعة ومحرم ، ثم إننا نسمع أنه يوجد في هذا الاحتفال من المنكرات العظيمة مالا يقره شرع ولا حس ولا عقل فهم يتغنون بالقصائد التي فيها الغلو في الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، حتى جعلوه أكبر من الله والعياذ بالله- ومن ذلك أيضاً أننا نسمع من سفاهة بعض المحتفلين أنه إذا تلا التالي قصة المولد ثم وصل إلى قوله " ولد المصطفى" قاموا جميعاً قيام رجل واحد يقولون : إن روح الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، حضرت فنقوم إجلالاً لها وهذا سفه ، ثم إنه ليس من الأدب أن يقوموا لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، كان يكره القيام له فأصحابه وهم أشد الناس حبّاً له وأشد منا تعظيماً للرسول ، صلىالله عليه وسلم، لا يقومون له لما يرون من كراهيته لذلك وهو حي فكيف بهذه الخيالات؟!
وهذه البدعة أعني بدعة المولد حصلت بعد مضي القرون الثلاثة المفضلة وحصل فيها ما يصحبها من هذه الأمور المنكرة التي تخل بأصل الدين فضلاً عما يحصل فيها من الاختلاط بين الرجال والنساء وغير ذلك من المنكرات.
(351) وسئل فضيلة الشيخ :عن الفرق بين ما يسمى بأسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى والاحتفال بالمولد النبوي حيث ينكر على من فعل الثاني دون الأول؟
فأجاب بقوله : الفرق بينهما حسب علمنا من وجهين :
الأول : أن أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لم يتخذ تقرباً إلى الله عز وجل وإنما يقصد به إزالة شبهة في نفوس بعض الناس في هذا الرجل ويبين ما من الله به على المسلمين على يد هذا الرجل.
الثاني: أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لا يتكرر ويعود كما تعود الأعياد، بل هو أمر بين للناس وكتب فيه ما كتب ، وتبين في حق هذا الرجل ما لم يكن معروفاً من قبل لكثير من الناس ثم انتهى أمره.
(352) وسئل : عن حكم إقامة الأسابيع كأسبوع المساجد وأسبوع الشجرة؟.
فأجاب بقوله : هذه الأسابيع لا أعلم لها أصلاً من الشرع وإذا اتخذت على سبيل التعبد وخصصت بأيام معلومة تصير كالأعياد فإنها تلتحق بالبدعة ؛ لأن كل شيء يتعبد به الإنسان لله عز وجل وهو غير وارد في كتاب الله ولا في سنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، فإنه من البدع . لكن الذين نظموها يقول :ون : إن المقصود بذلك هو تنشيط الناس على هذه الأعمال التي جعلوا لها هذه الأسابيع وتذكيرهم بأهميتها . ويجب أن ينظر في هذا الأمر وهل هذا مسوغ لهذه الأسابيع أو ليس بمسوغ؟
(353) وسئل أيضاً : عن حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم؟
فأجاب قائلاً : إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضاً ، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى - ، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام ؛ وهي عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، وعيد الأسبوع "يوم الجمعة" وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة ، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله - سبحانه وتعالى- لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ، : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" . أي مردود عليه غير مقبول عند الله وفي لفظ "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" . وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم ، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد ؛ كإظهار الفرح والسرور وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك ، والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حده الله تعالى- ورسوله ، صلى الله عليه وسلم ، في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه ، والذي ينبغي للمسلم أيضاً ألا يكون إمعة يتبع كل ناعق بل ينبغي أن يكون شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى- حتى يكون متبوعاً لا تابعاً ، وحتى يكون أسوة لا متأسياً ، لأن شريعة الله والحمد لله - كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى-: ] اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[(1). والأم أحق من أن يحتفى بها يوماً واحداً في السنة، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها، وأن يعتنوا بها،وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان.
(354) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إقامة أعياد الميلاد للأولاد أو بمناسبة الزواج؟
فأجاب بقوله : ليس في الإسلام أعياد سوى يوم الجمعة عيد الأسبوع ، وأول يوم من شوال عيد الفطر من رمضان ، والعاشر من شهر ذي الحجة عيد الأضحى وقد يسمى يوم عرفة عيداً لأهل عرفة وأيام التشريق أيام عيد تبعاً لعيد الأضحى.
وأما أعياد الميلاد للشخص أو أولاده ، أو مناسبة زواج ونحوها فكلها غير مشروعة وهي للبدعة أقرب من الإباحة.
(355) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم أعياد الميلاد؟
فأجاب بقوله : يظهر من السؤال أن المراد بعيد الميلاد عيد ميلاد الإنسان ، كلما دارت السنة من ميلاده أحدثوا له عيداً تجتمع فيه أفراد العائلة على مأدبة كبيرة أو صغيرة.
وقولي في ذلك أنه ممنوع لأنه ليس في الإسلام عيد لأي مناسبة سوى عيد الأضحى ، وعيد الفطر من رمضان ، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة وفي سنن النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:كان لأهل الجاهلية، يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي ، صلى الله عليه وسلم، المدينة قال : "كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد بدلكم الله بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم الأضحى" . ولأن هذا يفتح باباً إلى البدع مثل أن يقول : قائل : إذا جاز العيد لمولد المولود فجوازه لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أولى وكل ما فتح باباً للمنوع كان ممنوعاً . والله الموفق .
(356) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إقامة حفل توديع للكافر عند انتهاء عمله؟ وحكم تعزية الكافر؟ وحكم حضور أعياد الكفار؟ .
فأجاب بقوله : هذا السؤال تضمن مسائل :
الأولى : إقامة حفل توديع لهؤلاء الكفار0 لا شك أنه من باب الإكرام أو إظهار الأسف على فراقهم ، وكل هذا حرام في حق المسلم قال النبي ، صلىالله عليه وسلم : " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ". والإنسان المؤمن حقاً لا يمكن أن يكرم أحداً من أعداء الله تعالى والكفار أعداء الله بنص القرآن قال الله تعالى-: ] من كان عدوّاً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين[(1) .
المسألة الثانية : تعزية الكافر إذا مات له من يعزى به من قريب أو صديق . وفي هذا خلاف بين العلماء فمن العلماء من قال : إن تعزيتهم حرام ، ومنهم من قال : إنها جائزة . ومنهم من فصل في ذلك فقال : إن كان في ذلك مصلحة كرجاء إسلامهم ، وكف شرهم الذي لا يمكن إلا بتعزيتهم ، فهو جائز وإلا كان حراماً .
والراجح أنه إن كان يفهم من تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حراماً وإلا فينظر في المصلحة.
المسألة الثالثة (1): حضور أعيادهم ومشاركتهم أفراحهم ، فإن كانت أعياداً دينية كعيد الميلاد فحضورها حرام بلا ريب قال ابن القيم رحمه الله -: لا يجوز الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله، وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم. والله الموفق.










 

الكلمات الدلالية (Tags)
متجدد, العقدية, فتاوى


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:08

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2025 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc