قصص في الظلم ... عبر وعظات
1- من القصص في الظلم التي حدثت في زمن الصحابة، قصة الرجل الذي ظلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فدعا عليه سعد وقد كان مستجاب الدعوة، فاستجاب الله دعاءه، وتفصيل القصة كما رواها البخاري في (صحيحه) عن جابر بن سمرة ، قال: (شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر , رضي الله عنه , فعزله , واستعمل عليهم عمارا ، فشكوا ، حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي ، فأرسل إليه , فقال : يا أبا إسحاق , إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي ؟ قال أبو إسحاق : أما أنا والله , فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما أخرم عنها ، أصلي صلاة العشاء ، فأركد في الأوليين ، وأخف في الأخريين ، قال : ذاك الظن بك يا أبا إسحاق , فأرسل معه , رجلا ، أو رجالا , إلى الكوفة ، فسأل عنه أهل الكوفة ، ولم يدع مسجدا إلا سأل عنه ، ويثنون معروفا ، حتى دخل مسجدا لبني عبس ، فقام رجل منهم , يقال له : أسامة بن قتادة , يكنى أبا سعدة ، قال : أما إذ نشدتنا , فإن سعدا كان لا يسير بالسرية ، ولا يقسم بالسوية ، ولا يعدل في القضية , قال سعد : أما والله لأدعون بثلاث ، اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا ، قام رياء وسمعة , فأطل عمره ، وأطل فقره ، وعرضه بالفتن ، وكان بعد إذا سئل يقول : شيخ كبير مفتون ، أصابتني دعوة سعد , قال عبد الملك : فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن) .
2- ومنها أيضاً: قصة سعيد بن زيد رضي الله عنه فقد روى مسلم في (صحيحه): ((أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم. فقال سعيد أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال وما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين . فقال له مروان لا أسألك بينة بعد هذا. فقال اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها واقتلها في أرضها. قال فما ماتت حتى ذهب بصرها ثم بينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت)) .
3- قصة أوردها الهيثمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) قال:
(وقال بعضهم : رأيت رجلا مقطوع اليد من الكتف وهو ينادي من رآني فلا يظلمن أحدا ، فتقدمت إليه وقلت له : يا أخي ما قصتك ؟ فقال يا أخي قصتي عجيبة ، وذلك أني كنت من أعوان الظلمة ، فرأيت يوما صيادا قد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني ، فجئت إليه فقلت : أعطني هذه السمكة ، فقال لا أعطيكها أنا آخذ بثمنها قوتا لعيالي ، فضربته وأخذتها منه قهرا ومضيت بها ، قال : فبينما أنا ماش بها حاملها إذ عضت على إبهامي عضة قوية فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت علي إبهامي وآلمتني ألما شديدا حتى لم أنم من شدة الوجع وورمت يدي فلما أصبحت أتيت الطبيب وشكوت إليه الألم فقال هذه بدو أكلة اقطعها وإلا تلفت يدك كلها فقطعت إبهامي ثم ضربت يدي فلم أطق النوم ولا القرار من شدة الألم ، فقيل لي اقطع كفك فقطعتها وانتشر الألم إلى الساعد وآلمني ألما شديدا ولم أطق النوم ولا القرار وجعلت أستغيث من شدة الألم ، فقيل لي : اقطعها من المرفق فانتشر الألم إلى العضد وضربت علي عضدي أشد من الألم فقيل لي : اقطع يدك من كتفك وإلا سرى إلى جسدك كله فقطعتها فقال لي بعض الناس : ما سبب ألمك فذكرت له قصة السمكة ، فقال لي : لو كنت رجعت من أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة فاستحللت منه واسترضيته ولا قطعت يدك ، فاذهب الآن إليه واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك .
قال : فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته فوقعت على رجليه أقبلهما وأبكي وقلت : يا سيدي سألتك بالله إلا ما عفوت عني ، فقال لي : ومن أنت ؟ فقلت أنا الذي أخذت منك السمكة غصبا ، وذكرت له ما جرى وأريته يدي فبكى حين رآها ثم قال : يا أخي قد حاللتك منها لما قد رأيت بك من هذا البلاء ، فقلت له : بالله يا سيدي هل كنت دعوت علي لما أخذتها منك ؟ قال : نعم .
قلت : اللهم هذا تقوى علي بقوته على ضعفي وأخذ مني ما رزقتني ظلما فأرني فيه قدرتك ، فقلت له : يا سيدي قد أراك الله قدرته في وأنا تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه) .
4- قصة تبين نهاية الظالمين، وهي أن أحمد ابن أبي دؤاد، ومحمد بن عبد الملك بن الزيات، وهرثمة، كانوا ممن ظلموا الإمام أحمد في محنة القول بخلق القرآن، فكانت نهايتهم كما ذكرها ابن كثير في (البداية والنهاية) قال: (دخل عبد العزيز بن يحيى الكتاني - صاحب كتاب الحيدة - على المتوكل وكان من خيار الخلفاء لأنه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإنهم أساؤوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة وغيرهم، فأمره أن ينزل جثة أحمد بن نصر ويدفنه ففعل، وقد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل إكراما زائدا جدا.
والمقصود أن عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة قال للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو ما رئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن.
فوجل المتوكل من كلامه وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر.
فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك فقال: قطعني الله إربا إربا إن قتله إلا كافرا.
ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافرا.
قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار.
وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال: يا معشر خزاعة هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه. فقطعوه إربا إربا. وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفالج - ضربه الله قبل موته بأربع سنين، وصودر من صلب ماله بمال جزيل جدا)