بحوث منتقاة للدكتور أحمد الريسوني..موضوع متجدد - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بحوث منتقاة للدكتور أحمد الريسوني..موضوع متجدد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-11-03, 20:30   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

المسؤولية الجماعية والمصير المشترك من خلال حديث السفينة

أحمد الريسوني




عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".

الحديث في صحيح البخاري، كتاب الشركة، وكتاب الشهادات، وهو عند الترمذي في أبواب الفتن...


مضمون الحديث

هذا الحديث يصور المجتمع بفئاته المعتادة: فئة صالحة، وفئة صالحة مصلحة، وفئة مفسدة، وفئة لا مبالية...، يصورهم ويصور أدوارهم وعلاقاتهم من خلال مثل مختصر مبسط، وهو أن جماعة من المسافرين ركبوا سفينة في البحر. وهي ذات طابقين علوي وسفلي. فأجروا بينهم القرعة (استهموا)، فأعطت بعضهم الأعلى ولبعضهم الأسفل، فكان أصحاب الطابق السفلي يصعدون إلى سطح السفينة للأخذ من ماء البحر بواسطة دلائهم (الدلاء جمع دلو). فكانوا بهذا التنقل صعودا وهبوطا، مع السقي وتساقط الماء، يسببون أذى وإزعاجا لنزلاء الطابق العلوي الذين اشتكوا واعترضوا على هذه الإذاية (كما في بعض روايات الحديث).

فقال أصحاب السفل، أو بعضهم: الحل عندنا سهل ميسور، فنحن قريبون من الماء، وما علينا إلا أن نحدث ثقبا، ثم نتناول الماء بلا مشقة ولا عناء، ودون أن نؤذي من فوقنا، وهذا الثقب (أو الخرق) إنما سيقع في نصيبنا نحن).

وفي رواية للبخاري أن أحدهم بادر إلى تنفيذ الفكرة (فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة...".

إلى هنا ينتهي المثل المضروب، وتبقى تتمته مفتوحة على عدة احتمالات ومآلات، ملخصها في التعقيب النبوي الذي هو بيت القصيد: "فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".

وفي هذا الحديث الشريف ما فيه من البلاغة النبوية وسدادها ونفاذها؛ فهو يضرب مثلا يفهمه الجميع ويدرك مغزاه الجميع، ولكنه يحتوي وينطوي على قواعد وسنن كثيرة وعظيمة في الحياة البشرية وفي الاجتماع البشري.

ـ ففي الحديث أن المجتمعات والتجمعات البشرية يكون مصيرها ومآلها في النهاية مشتركا، فهلاكها يعم الجميع ونجاتها تعم الجميع، والضرر يصيب الجميع والنفع يستفيد منه الجميع. وشيوع الصلاح نعمة للصالح والطالح، ثم يوم القيامة يكون الحساب الفردي والجزاء الفردي.


وهذه السنة من سنن الله تعالى في خلقه قد نطقت بها أو نبهت عليها عدة نصوص قرآنية وحديثية، كقوله تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) سورة الأنفال،آية:24.


فالفتنة إذا حلت لا يقتصر لظاها وأذاها على الذين تسببوا فيها بظلمهم وبغيهم وفسادهم، بل تحرق الأخضر واليابس...


وكقوله صلى الله عليه وسلم ـ حين سئل: أنهلك وفينا الصالحون؟ ـ "نعم إذا كثر الخبث" والخبث لا يكثر إلا إذا سكت عنه الصالحون المتطهرون وتركوه ينبت ويَنبَثّ.



وإلى هذا المعنى يشير قوله عز وجل (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)سورة هود،آية:116.


ـ وفيه أن النجاة من فساد المفسدين ومما يجلبه من غرق وهلاك، لا تتم بمجرد اعتزالهم والتبرؤ من أفعالهم، ولا بمجرد الاحتجاج ضدهم والإنكار عليهم وإدانة أفعالهم، بل لابد من مزاحمتهم ومعاركتهم ومن الأخذ على أيديهم ومنعهم. وروايات الحديث كلها ناطقة بهذا. فعند البخاري "فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعا". وفي رواية الترمذي "فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا، وإن تركوهم غرقوا جميعا". ومثلها رواية الإمام أحمد في المسند (4/862).

ـ وفي الحديث أيضا أن المفسدين يجب الأخذ على أيديهم ومنعهم حتى ولو كانوا يتصرفون في حدود نصيبهم وممتلكاتهم و"شؤونهم الخاصة" إذا كان فسادهم يتسرب إلى مجتمعهم ومحيطهم، ولو بعد حين.

فأصحاب السفينة السفليون قالوا عندما فكروا في فعلتهم: "لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا..."، ومع ذلك وجب منعهم ومقاومتهم.

فالذين يمارسون الإفساد والخرق في مكاتبهم وبأموالهم وبتصرفاتهم وحياتهم "الشخصية" أو في بعض الأماكن "الخصوصية" وفي العلب المغلقة... هؤلاء وأمثالهم، شعارهم وشعار من يدافعون عنهم هو "لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا".

فهؤلاء جميعا إذا كان فسادهم ينتقل أو يتسرب ويرشح ويفوح، فضلا عما إذا كان يتم على الملأ، ويستعمل الممتلكات العمومية والمساحات المشتركة، فيجب التصدي لهم ومنعهم من فسادهم الذي هو خرق في سفينة المجتمع والجماعة، سيؤدي إلى تسرب الماء حالا، وإلى الغرق مآلا..

ـ وفيه كذلك أن حسن النية والقصد، أو انعدام سوء القصد لا يسوغ العمل إذا كان فيه أو في مآله ضرر وفساد. فأصحابنا الذين أرادوا الخرق في نصيبهم لم يقصدوا إلى إغراق السفينة ولا إلى الانتقام ممن فوقهم، وإنما أرادوا "بكل براءة وحسن نية" أن يأخذوا الماء لأنفسهم ويتجنبوا إزعاج جيرانهم! ولكن كل هذا لا يشفع لهم ولا يسمح بالتغاضي عنهم...


ـ وأخيرا، يستفاد من الحديث أن المفسد قد يسلك طريق الإفساد لكونه لم يجد حلا ولا مسلكا غيره. فيجب منعه من إفساده نعم، ولكن يجب ـ أيضاـ إيجاد بديل له وإيجاد طريق مشروع ينال به حقه ويصل منه إلى مبتغاه المشروع. فمثلا: الذين أرادوا الخرق في نصيبهم هم على كل حال مضطرون، ومن حقهم الحصول على الماد. فإما أن يصبر عليهم ويساعدهم جيرانهم الأعلون، وإما أن يتكلف هؤلاء أنفسهم بالسقي لهم، وإما أن يقترحوا عليهم ويتعاونوا معهم على فتح نوافذ لا يصلها الماء، أو أي حل آخر، بعبارة عامة: فإن منع الحرام يستلزم ولابد فتح أبواب الحلال وتيسرها على الناس، وإلا فإن أبواب الفساد ستفتح لا محالة









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-11-03, 20:35   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

العمل الإسلامي بين الصِّيَغ التنظيمية والمبادرات العفوية
الرجوع إلى الأصل أصل


* جاء الإسلام [كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ]. فنحن هنا أمام شجرة لها من أصولها وجذورها، ثم تمتد فروعها في السماء، ثم تؤتي ثمارها كل حين بإذن ربها.
* وهذه الشجرة وقع التعبير عنها بصيغة أخرى، أو بمرَكّـب آخر، يضم :
ـ الإسلام، وتحته الأركان الخمسة المعروفة.
ـ والإيمان، وتحته أركانه المعروفة كذلك .
ـ والإحسان، وهو يمتد في كل ما سبق: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيئ ...) كما جاء في الحديث النبوي الشريف.
* وحين نستحضر ما جاء في حديث ( بني الإسلام على خمس ... )، ندرك أن الإسلام عبارة عن بناء، يقوم على هذه الخمس.
* والأركان الخمسة (الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج)، هي أركان الدين عموما، ولكنها تمثل ـ بصفة خاصة ـ أركان الفروض العينية وأمهاتها. فكل واحد من هذه الأركان يُعتبرمستوى أساسيا ومحوريا في جـنسه، ثم يأتي بعده مستوى آخر دونه، ولكنه يكمله ويُحصِّـنه ويحوم حوله، ويشمل هذا المستوى الثاني كثيرا من التكاليف والأحكام، بعضها واجبات، وبعضها مندوبات، وبعضها مستحبات.
مما يميز هذين المستويين عن بعضهما، كون المستوى الأول يُطلب أداؤه دائما بصفة إلزامية، وجماعية، ومنظمة. وقد يُعترض هنا بكون (الشهادة) لا تؤدى على هذه الصفات، فهي عمل فردي، وليس له نظام معين ولا وقت معين. والجواب أن هذا الاعتراض إنما يصح عند الدخول الأول في الإسلام، فلكل واحد لحظة إسلامه الخاصة به، أو عند الأذكار الفردية . لكن إلى جانب ذلك، فإن الشهادة تؤدى أيضا بشكل جماعي منتظم، في كل من الأذان، والإقامة، والتشهد في الصلاة . فالأذان موجه للجميع ويتجاوب معه الجميع في أوقات موحدة، والإقامة تعم في آن واحد جميع المصلين في أي مسجد، فهي تتم لهم ونيابة عنهم . والتشهد يكون مرة أو مرتين في كل صلاة . ويكفي أن اسمه مأخوذ من الشهادة. فالتشهد إنما هو أداء للشهادة. ومع هذا، فإن الصفات الثلاث المذكورة، ( اللزومية والجماعية والتنظيم )، تبقى ثابتة ومطردة بشكل أكثر وضوحا، في أداء الأركان الأربعة الأخرى. ولا يُعـفى من ذلك سوى ذوي الأعذار والضرورات.
وغير خاف أن الأداء الإلزامي والجماعي والمنظم، هو الذي يعطي هذه الأركانَ الخمسة رسوخها ودوامها وفاعليتها، ويجعلها ((تؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا)) . وهو الذي يمَكِّن الدينَ والتدين من هذا التجذر والتجدد، على مر العصور وتوالي الأعاصير.
وبعد ذلك، فإن هذه الفرائض، بطبيعتها الإلزامية والجماعية والمنظمة، هي التي تثمر وتحرك غيرها من الأعمال، من نوافل وتطوعات ومبادرات وزيادات. على نحو ما يشير إليه الحديث القدسي: (وما تقرب إليّ عبدي بشيئ أحبَّ إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ..."
فالنوافل والتطوعات بدون فرائض، إنما هي بناء بغير أساس وفرع بدون أصل، فهي ـ لهذا ـ لاتسمن ولا تغني من جوع. كما جاء في الحكمة العامِّية، ومعناها : " كم تحتاج من التسبيح طيلة الليل إذا بِـتَّ بدون صلاة العشاء ؟! " . فمن سبح الليل كله ليعوض صلاة العشاء لا يكفيه ذلك.
وأصح من هذا وأصرح، ما جاء في الحديث الصحيح :"مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ".
وقـلْ مثل هذا فيمن يُكثرون الصدقات والنفقات ولكنهم لا يزكون، ومن يكثرون العمرة والزيارة ولكنهم لا يحجون، ومن يحيون ليالي الذكر ثم ينامون عن صلاة الفجر ...
فالفرائض هي المعول عليها أولا وأساسا، وهي الأحب إلى الله، والأسرع تقريبا إليه . وما ذلك إلا لكونها فرائض لازمة، ومنتظمة دائمة، وجماعية حازمة .
ولنا أن نفكرونتصور: لو أن هذه الفرائض جُرِّدت من صفاتها الثلاث، وخاصة لو جردت صفتي الأداء الجماعي والأداء المنظم، كيف يكون حالها ومآلها، وكيف يصير وضع الدين والتدين ...؟؟ الجواب عندي بلا شك هو : التبعثر والتلاشي .
والشاهد الفعلي على ذلك هو ركن الزكاة. فالمسلمون ما زالوا يعرفون أنها الركن الثالث من أركان الإسلام، وأنها الشقيقة التوأم للصلاة. وما زالوا يسمعون ويقرؤون الآيات والأحاديث والأحكام المتعلقة بها... ومع ذلك فإن وجودها الفعلي، وأداءها الفعلي، وأثرها الفعلي، هو ما نعرفه ولا يخفى على أحد، فكل ذلك يوجد في حالة تبعثر وتلاش. والسبب هو أنها، في معظم الدول الإسلامية، قد جردت من عناصر القوة والفاعلية والنفاذ. أي جردت من الأداء الإلزامي الجماعي المنظم . فالذين يؤدونها ـ ممن تجب عليهم ـ يتناقصون، وهم يؤدونها كيف شاؤوا ومتى شاؤوا ولمن شاؤوا. فأصبحت الزكاة صدقة تطوعية كبقية الصدقات التطوعية . فقدت عنصر الإلزام والمحاسبة، وفقدت عنصر الأداء الجماعي في مواسم منتظمة ومتتابعة ومتوازنة على مدار العام. وفقدت قوتها الكَمِّية الموحَّدة، فلم تعد كتلة مالية ضخمة ومؤثرة.
إذا أمكن أن نقول اليوم: إن أركان الصلاة والصوم والحج، تحافظ على تسعة أعشار فاعليتها وتأثيرها، فإن الزكاة ربما فقدت من ذلك تسعة أعشار أو أكثر. والسبب هو أن الأركان الثلاثة ما زالت تتمتع بخاصية الأداء الجماعي المنظم، بخلاف الزكاة .وسبب السبب، هو أن الأداء الجماعي المنظم للصلاة والصوم والحج، يرجع بالدرجة الأولى إلى الجمهور نفسه، بينما الأمر في الزكاة يرجع إلى الدولة. ودولنا اليوم ـ وهي كثيرة والحمد لله على كل حال ـ معظمها يتخذ سياسة الامتناع أو المنع، من الأداء الجماعي المنظم للزكاة. فلذلك أفقدوها قيمتها وأهميتها، وجعلوا منها (الركن المعاق).

بين الفرائض العينية والفرائض الكفائية
تحدثت آنفا عن أمهات الفرائض العينية ومدى تأثرها ـ سلبا وإيجابا ـ بطريقة الأداء وصفاته. وأما الفرائض الكفائية، فأُمَّهاتُها ترجع إلى خدمة الدين وحفظ مصالح المسلمين . وأركانها هي: الولايات العامة (الدولة ومؤسساتها)، والوظائف العامة (الدعوة، العلم والتعليم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الوقف ... ) . وهي كلها تتداخل وتتشابك فيما بينها. كما تتداخل فيها مؤسسات الدولة ووظائفها، مع مؤسسات المجتمع ووظائفها. وهذا هو الوضع السوي والصحي.
ما يعنيني الآن هو قضية الأداء الإلزامي الجماعي المنظم، للفرائض والوظائف الشرعية، عينية كانت أو كفائية. وقد وضحت نبذة عن ذلك فيما يخص فروض العين. وأما فروض الكفاية، فأقل ما يقال عنها هو ما قيل عن شقيقتها ونظيرتها العينية. بل هي في الحقيقة أشد احتياجا إلى الصفات المذكورة. غيرأن الشرع لم يضع لها صيغا محددة للإلزام والأداء الجماعي المنظم، على غرار الفرائض العينية. وتلك حكمة بالغة. ذلك أن فروض العين المذكورة تتعلق أساسا بالثوابت، والتغير فيها وفي وسائلها محدود جدا. أما فروض الكفايات المذكورة فتتعلق أساسا بالمتغيرات، مضمونا ووسيلة. والثبات فيها وفي وسائلها قليل جدا. فلذلك ناسبها أن تكون أكثر مرونة وأوسع مجالا للاجتهاد والتدبير البشري، بما يلائم الظروف والأحوال المتغيرة.
ومع ذلك فقد نص الشرع ـ من حيث المبادئ ـ على اعتماد الأداء الإلزامي الجماعي المنظم فيها. قال الله عز وجل (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).
فهنا نجد ـ أولا ـ فروض العين وفروض الكفاية في سياق واحد وخطاب واحد . وكلها ـ ثانيا ـ تعتمد على المسؤولية الجماعية للمؤمنين والمؤمنات، ويجب عليهم ـ ثالثا ـ أن يكون بعضهم لبعض ظهيرا ووليا ونصيرا، وخاصة في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
قال الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) قال: "يعني بذلك جل ثناؤه: ولتكن منكم أيها المؤمنون، أمة، يقول: جماعة يدعون الناس إلى الخير، يعني إلى الإسلام وشرائعه".
والجماعة ـ لكي تكون جماعة ولكي تبقى جماعة ـ تحتاج إلى تنظيم وتدبير والتزام وإلزام. وكل ذلك منوط بالتداول والتشاور، فلذلك جاءت قاعدة [ وأَمرُهُم شُورَى بَيْنَهُم ]
وفي الجهاد القتالي ضد الأعداء قال تعالى ( إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتلونَ في سبيلِهِ صَفّاً كأنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصًٌ)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سيَّر أصحابه إلى عمل جهادي يقول لهم : "َنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي".
وحتى في الجهاد التربوي، أمر الله تعالى بالانخراط في الجماعة ولزومها. قال تعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا). وهذا النوع من الجهاد، هو أعظم أباب الجهاد وآكدها في دين الله. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " وأَفْرَضُ الجهاد جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا. فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سُبُل رضاه الموصلة إلى جنته."

وخلاصة الأمر
أن إقامة الدين وخدمته، وإقامة أركانه وفرائضه، لاتكون ولا تنجح ولا تصمد، إلا بالأساس المتين والحصن الحصين، وهو العمل الإلزامي الجماعي المنظم. وعلى جنبات هذا العمل وفي ثناياه تأتي المبادرات والأعمال الصالحات، للأفراد والمجموعات. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وليتسابق المتطوعون. وهذا المستوى وهذا النوع من الأعمال له أهميته البالغة، في تعزيز العمل الأساس وإنجاحه . وأيضا في تحقيق مستوياتٍ وملء مساحات من التدين والبناء والإصلاح، لا تكتمل ولا تنهض إلا بسريان روح التطوع والمبادرة، في عموم جسم الأمة، أفرادا ومجموعات .










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-03, 20:38   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

حب المال والجاه ذئبان ضاريان

-أحمد الريسوني-




روى الأئمة أحمد والنسائي والترمذي وابن حبان، عن كعب بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما ذئبان جائعان ـ أو ضاريان ـ أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف.
والناس يعرفون ما يمكن أن يفعله الذئبان الضاريان الجائعان، إذا سلطا على قطيع غنم، من تقتيل وتمزيق وافتراس وإفساد.
فمثل ذلك، بل أشد، يفعله ذئبان من نوع آخر إذا تسلطا وخلي بينهما وبين الإنسان ودينه، إنهما يفترسان الدين ويعيثان فيه فسادا بأكثر وبأسوأ مما يفعله الذئبان الجائعان في غنم لا حارس لها ولا مدافع عنها.
إنهما الحرص على الغنى والمال، والحرص على الشرف والجاه.
فإذا أطلق الإنسان لنفسه العنان في طلب المال والجاه، وتمادى في الحرص عليهما والتعلق بهما، كان ذلك إيذانا بخراب قلبه وفساد دينه. ولو كان من خيرة العلماء العاملين وصفوة الدعاة والمجاهدين، ومن الأتقياء الورعين.
· فالدين يعلهم القناعة، وطلب المال يعلمه الشراهة.
والدين يعلمه الحرص على المباحات الطيبات، والحرص على المال يجره إلى الشبهات، ومنها إلى المحرمات.
والدين يريد المال وسيلة لا غاية، وحب المال والتمادي فيه يجعل منه غاية، وقد يصبح معبودا.
والدين يدعو إلى بذل الدنيا في سبيل الدين، والحرص على المال يدعو ويجر إلى بذل الدين لأجل الدنيا.
والدين يدعو إلى الرحمة والإيثار، وحب المال يعلم القسوة والاستئثار.
·وكذلك، فالدين يدعو إلى التواضع وخفض الجناح، وحب الجاه يدعو إلى طلب العلو والرفعة.
والدين يعلم الخوف من المناصب والإشفاق منها، وطلب الجاه يعلم السعي إليها والاستمساك بها.
والدين يعلمنا اتهام النفس ومخالفة هواها، وحب الشرف يجر إلى اتهام الغير والرضى عن النفس وركوب هواها.
والدين يعلمنا التعلق بثواب الله وما يجلبه من نعيم مقيم، وحب الجاه يعلم التعلق بثناء الناس وما يجلبه من تعظيم وتقديم.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الحرص على المال والشرف ذئبان مفترسان، أكثر فتكا وأشد خطرا من ذئاب الغنم.










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-03, 20:40   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

الدين للجميع.. فالدعوة للجميع

- أحمد الريسوني-




دين الله تعالى هو كرامته ورحمته الموجهة لعباده أجمعين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا). لذلك فإن الدعوة إلى هذا الدين ونشر عقائده وأخلاقه وأحكامه، وتربية الناس على ذلك، هي أعمال وجهود يجب أن تتوجه إلى الناس أجمعين وتفتح أبوابها للناس أجمعين بدون تمييز ولا تفضيل.
-فدين الله ودعوته حق للنساء بقدر ما هي حق للرجال.
-وهما حق للصغار مثلما للكبار.
-وهما حق للأميين على حد سواء مع المتعلمين والمثقفين.
-وهما حق لأهل البوادي بقدر ما هما حق لأهل الحواضر.
-وهما حق للفقراء والمساكين وللأثرياء والميسورين بقدر ما هما حق للمتوسطين.
-وهما حق للمنحرفين والمبتلين مثلما هما حق للمصلين المتدينين وللمريدين السالكين.
وبهذا يظهر الغلط الشنيع والخلل الفظيع حينما نجد بعض الدعاة والمهتمين بالدعوة والعاملين في صفوفها، يحصرون أعمالهم وجهودهم في أوساط الرجال دون النساء، أو يركزون على المثقفين والمتعلمين دون العوام والأميين، أو يهتمون بالشباب ويهملون الشيوخ والأطفال، أو يشتغلون في العالم الحضري وينسون من حوله من أهل العالم القروي ولو كانوا أعمامهم وأخوالهم وأصهارهم، أو يتوجهون إلى المتدينين ورواد المساجد ويسقطون من حسابهم رواد المقاهي والملاهي ولو كانوا إخوانهم وأقرباءهم وزملاءهم.
وإذا كان الناس من حقهم أن يشتكوا ويقاضوا من ظلموهم وهضموا حقوقهم في الدقيق والماء والكهرباء والعلاج والتشغيل.. فإن حقهم أحق وأعظم في أن يشكوا ممن ظلمهم وصرف عنهم دعوة الله ودينه، وهدايته ورحمته لخلقه، فحرمهم من التعليم والتفقيه، ومن التربية والتزكية، بينما قد صرف ذلك وأتاحه وبلغه إلى غيرهم (تلك إذن قسمة ضيزى).
وقصة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أم مكتوم قد أصبحت قصة خالدة بواقعتها وساطع دلالتها. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغولا مع أحد الكبراء يعرض عليه الإسلام ويشرح له دعوته ويرجو استجابته. وفي هذه الأثناء جاءه أحد ضعفة المسلمين ابن أم مكتوم الأعمى يسأل عن بعض أمور دينه، فتضايق منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه، واستمر في جهده مع الزعيم القبلي رجاء إسلامه الذي كان يفترض أن يكون له أثر كبير ونفع عميم، فأنزل الله هذه الآيات الخالدات يعاتب فيها نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم ويصحح له الوجهة الدعوية، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة عبس: (عبس وتولى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى، أو يذكر فتنفعه الذكرى، أما من استغنى، فأنت له تصدى، وما عليك ألا يزكى، وأما من جاءك يسعى، وهو يخشى، فأنت عنه تلهى) فكانت هذه عبرة بالغة وحكمة باقية، وهيأن دين الله للجميع وأن دعوة الله للجميع، وليس أحد أولى فيها و بها من أحد، إلا بمدى رغبته ومدى إقباله واستعداده.
فهذه هي الوجهة القويمة والسليمة لدعوة الإسلام، تتوجه للجميع وتتاح للجميع، بدءا بالأقرب فالذي يليه (وأنذر عشيرتك الأقربين) ثم (لتنذر أم القرى ومن حولها) ثم (ليكون للعالمين نذيرا)












رد مع اقتباس
قديم 2011-11-03, 20:49   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

العلوم الشرعية بين المدارسة والممارسة

المدارسة هي التعلمُّ دراسة وتدريساً وهي مذاكرة العلوم وتحصيلها من بطون الكتب أو تلقيها من أفواه العلماء في حلق العلم وغير ذلك من أساليب التعلّم وطرائقه.

وأما الممارسة فهي تنـزيل العلم النظري على الواقع وتطبيقه معالجةً لقضايا الواقع ونوازله وحوادثه ووقائعه.

ويدور هذا البحث حول مدارسة العلوم الشرعية ومدى حاجتها إلى الممارسة، فقد انصرف المهتمون بالعلوم الشرعية من العلماء والأساتذة والباحثين في الجامعات وغيرها من دور التعليم ومراكز البحث إلى الاكتفاء بالمدارسة دون الممارسة لذلك لابد من الدعوة إلى تصحيح هذا الوضع الذي أفرز سمات سلبية ثلاث هي:

السمة الأولى: طغيان المدارسة وندرة الممارسة بينما يفترض أن تكون الممارسة مواكبة ومتوازنة مع المدارسة النظرية. وسأقدم فيما بعد اقتراحات تعكس التوازن المطلوب بين الأمرين وترمي إلى إعادة الاعتبار إلى الممارسة.

السمة الثانية: الانغماس في التاريخ والانسلاخ من الواقع. فالدراسات الإسلامية، والعلوم الشرعية كما يجري تدريسها والتأليف فيها والكلام فيها، منغمسة أو منغمس أهلها في التاريخ منسلخون عن الواقع، فمثلا الفقه الإسلامي الذي يدرس اليوم هو في معظمه فقه تاريخي لا يعالج قضايا العصر ومشكلاته.

أنا لا أتحدث عن النصوص ومقتضياتها الواضحة واستنباطاتها الصحيحة، هذه نصوص شرعية لها مكانتها الدائمة، ولها أيضا صلتها بالتاريخ وتفاعلها معه. ولكني أتحدث عما وضعه الفقهاء والأمراء والقضاة عبر التاريخ، من مؤلفات وفتاوى وأحكام وتحليلات، وعما وضعوه من علاجات لمشكلات مجتمعاتهم وعصورهم، فهذا تاريخ… وحين نكثر منه أو نغرق فيه أو ننغمس فيه ونعتمد عليه، فنحن نعيش في التاريخ والعيش في التاريخ لا يعني أننا نحيا الحياة الإسلامية المطلوبة. فحينما نقرأ اليوم مثلا عنوانات أبواب الشركات، نجد الفقهاء أو مدرسي الفقه إلى اليوم يتحدثون عن صيغ البيوع وعن الشركات وأنواعها، كما وجدت قبل عشرة قرون أو أكثر، وكأن هذه الأشكال من البيوع والشركات نزل بها الوحي. كشركة العنان، وشركة المفاوضة، وشركة الذمم، وشركة الأعمال، والمزارعة، والمزابنة، والمحاقلة، والمخابرة، والمهايأة، وغيرها من أنماط المعاملات التجارية والزراعية التي هي حتى بأسمائها إنتاج تاريخي اجتماعي، فالفقهاء في زمانهم نظروا في معاملات الناس تلك بأسمائها وأشكالها وتفاصيل عقودها، فقالوا هذا يجوز وهذا لا يجوز، وهذا ممكن ويشترط فيه كذا…، ليصححوا ويوجهوا واقعا معيشا لا هم صنعوه ولكن صنعه المجتمع عبر التاريخ.

فإذا نحن اليوم أردنا أن نكون على منهاج أولئك الفقهاء حقاً، فعلينا أن نأتي إلى الشركات القائمة وإلى المعاملات المالية والتجارية القائمة وإلى المعاملات الفلاحية القائمة الآن. ننظر فيها وندرسها بمنطق العدل، وبمنطق النصوص، والنصوص في هذا المجال جماعها أنها تلغي الغرر وتلغي الظلم، وتمنع التخاصم والتظالم فهذا هو مرامها، فإذا وجدنا ما هو كائن يسود فيه الغرر والفساد من الناحية الشرعية فيجب أن نقدم حلولا وأشكالا جديدة وصياغات جديدة تحقق الصحة الشرعية والمقاصد الشرعية، هذا هو العيش في الواقع. وأما أن نأتي ونقول الشركة هي كذا، وفيها خمسة أنواع هي كذا وكذا… مما هو إنتاج مجتمعات قديمة، ومما هو اجتهاد وتأطير فقهي لفقهائنا المتقدمين، فهذا بعض ما أعنيه بالانغماس في التاريخ إلى درجة توهم الدارسين، وقد يكون إلى حد اليقين، أن هذا هو الإسلام وهذا هو الفقه الإسلامي الذي يجب علينا العمل به ومن خلاله. مرارا وجدت الفقهاء يدافعون عن هذه الأشكال من الشركات ومن المعاملات على أساس أنها هي الصيغ الإسلامية، وأنها هي نظم الحياة الإسلامية وأن العمل بها هو عمل بالشريعة الإسلامية، بينما هي إنتاج وإفراز عفوي تاريخي للحياة البشرية وللمجتمعات العربية والإسلامية، جاء الفقهاء والأمراء والقضاة والمجتهدون عموما فوضعوا الأحكام الشرعية التوجيهية لتلك المعاملات التي لم يصنعها الفقهاء ولا صنعها الإسلام ولا نزل بها. فدراستها ودراسة الاجتهادات الوقتية الخاصة بها هي بالدرجة الأولى دراسة للتاريخ. فهي اليوم تاريخ وليست شريعة دائمة لنا ولمن يأتي بعدنا. وهي ليست فقها لنا ولواقعنا. فالفقه الحقيقي هو ما ننتجه اليوم لواقعنا.

مثال آخر في هذا المجال، حينما نأخذ كتاب الأموال لأبي عبيد وأمثاله، وعامة كتب السياسة الشرعية.. يمكن أن تقرأها من أولها إلى آخرها، فلا تجد إلا عشر صفحات أو عشرين صفحة هي مقتضيات شرعية، إما نصوص وإما مقتضياتها الواضحة، أما الباقي فتفاصيل و وصف لما كانت عليه التدابير السياسية والمالية والتنظيمات الإدارية للدولة يومئذ، يصفونها ويناقشونها ويحكمون عليها بمقتضيات ثقافتهم وتجربتهم وواقعهم وحيثياتهم، بمعنى أنه إذا استثنينا من كل كتاب عشر صفحات أو عشرين، فنجد الباقي إنما هو تاريخ النظم الإدارية، تاريخ التجارب السياسية، التي نحن في حِلٍّ منها تماما، حتى ولو عدها المتقدمون صيغا شرعية ودائمة.

نموذج ثالث من الفكر التاريخي الذي ما زال يقدم للناس على أنه من صميم الإسلام ومن صميم عقيدة الإسلام، نقرأ مثلا في كتيب للعلامة الشيخ عبد العزيز بن باز عن (العقيدة الصحيحة)، حيث يقول رحمة الله عليه متحدثا عن عقيدة أهل السنة "ويعتقدون أن أفضلهم -أي الصحابة- أبو بكر الصديق، ثم الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم على المرتضى، رضي الله عنهم أجمعين، ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويعتقدون أنهم في ذلك مجتهدون…" وكل هذه "المعتقدات" ولّدها التمذهب الذي جاء فيما بعد وهي مجرد آراء وتقديرات، أو في أحسن الحالات استنتاجات واستنباطات قد يكون بعضها راجحا، ولكنه على كل حال لا يدخل في مسمى "العقيدة"، وإلا أصبحنا كالشيعة الذين أدخلوا الإمامة وعددا من أحكامها في باب العقيدة، وأي بأس على مسلم يرى -مثلا- أن عليا أفضل من عثمان؟ ولو أني أرى أن الخوض في مثل الشأن إنما هو تكلف وفضول.

وأي بأس كذلك على من خاض في نزاعات الصحابة رضي الله عنهم، مع كامل التقدير لهم والأدب معهم، وبموضوعية علمية نزيهة؟ هل هو مبتدع؟ هل هو خارج عن "العقيدة الصحيحة"؟! (ثم يتابع الشيخ رحمه الله حديثه عن أهل السنة وعقيدتهم فيقول: "ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون أصحاب رسول الله ? ويسبونهم ويغلون في أهل البيت…" وهذا أيضا مجرد إدخال للتاريخ في العقيدة، أو هو إدخال للعقيدة في التاريخ، وربما دخلت هنا حتى الجغرافية.(مجاورة الأقطار والمناطق الشيعية) وبالمناسبة فإن مصطلح العقيدة هو نفسه مصطلح تاريخي لا مصطلح شرعي!

وأنا أتساءل: هل الصحابة والتابعون الذين لم يعرفوا الروافض، هل عقيدتهم ناقصة؟، وهناك اليوم عشرات الملايين من المسلمين -وربما مئات الملايين- لم يسمعوا قط مصطلح الروافض ولا علموا عنهم شيئا، فهل يجب عليهم التبرؤ من الروافض حتى يدخلوا "في العقيدة الصحيحة التي بعث الله بها رسوله محمدا ? -والتي- هي عقيدة الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة…"؟ هل هؤلاء المسلمون ليسوا من أصحاب العقيدة الصحيحة الموصوفة !

ثم لو تركنا هذا المصطلح التاريخي (العقيدة) وغموضه وتشويشه، واستعملنا المصطلحات الشرعية مثل (الإيمان)، هل سيأتي من يقول لنا: إن الإيمان يدخل فيه تفضيل الصحابة بعضهم على بعض؟ ويدخل فيه الامتناع عن التحدث فيما شجر بين الصحابة؟ ويدخل فيه معرفة الروافض والتبرؤ منهم؟

لا أظن أحدا –حينئذ- يجرؤ على شيء من هذا، لأن "الإيمان" عرفه الشرع وفصله في آياته وأحاديثه!

السمة الثالثة: من سمات بعض العلوم الشرعية اليوم هي الانسياق خلف الذهنيات والابتعاد عن التطبيقات أو العمليات، أي الأمور العلمية. نجد العالم في مؤلفه أو في دروسه يسترسل مع مقتضيات الذهن التي قد يكون فيها شيء من الصواب ومن المنطق المجرد، ولكن أيضا قد يكون فيها -وهذا هو الواقع- من التسلسل الوهمي الشيء الكثير، لأن مصداقية التفكير ومصداقية الذهن ومصداقية المنطق المجرد هو الواقع، هو الحياة، هو الممارسة، وهو التطبيق. وحينما ينقطع التطبيق في أي قضية أو أي علم من العلوم نجد أن المفكرين أو العلماء أو الأساتذة أو الباحثين يمشون في دروسهم وفي مؤلفاتهم مع مقتضيات خيالية بعيدة عن الواقع. سأعطيكم بعض النماذج من المسارات الذهنية التي تنقطع عن الواقع وتبقى مستمرة حتى تأتي بالعجائب والغرائب. مثلا نقرأ في كتاب أبي الحسن الأشعري (مقالات الإسلاميين). وأبو الحسن الأشعري هو من هو، يقول في مسألة مصير البهائم يوم القيامة ما يلي: "قال قوم إن الله سبحانه يعوضها في المعاد وأنها تنعم في الجنة وتصور في أحسن الصور فيكون نعيمها لا انقطاع له (تسويتها مع أهل الجنة من البشر!)

وقال قوم: يجوز أن يعوضها الله سبحانه في دار الدنيا، ويجوز أن يعوضها في الموقف، ويجوز أن تكون في الجنة. وقال جعفر بن حرب والإسكافي: قد يجوز أن تكون الحيات والعقارب وما أشبهها من الهوام والسباع تعوض في الدنيا أو في الموقف ثم تدخل جهنم، فتكون عذابا على الكافرين والفجار. (أي لا تدخل في التعذيب ولكن تدخل ليعذب بها) ولا ينالهم من ألم جهنم شيء كما لا ينال خزنة جهنم.

القول الرابع في المسألة: قد نعلم أن لها عوضا ولا ندري كيف هو.

والقول الخامس: إنها تحشر وتبطل"

مثال آخر هو موضوع صفات الله تعالى الذي هو العمق الحقيقي لإيمان المؤمن والمجال الذي يتسامى فيه فقه المؤمن ويرتقي في معرفته الإيمانية، فكيف آل الأمر في معرفة الصفات؟ مباحث ومسائل طويلة عريضة في عامة كتب المتكلمين أو كتب ما يسمى بالعقيدة: الله تعالى هل هو جسم؟ أو هو ثابت أو متحرك؟ هل هو في مكان أو في غير مكان؟ أو في كل مكان؟ وكيف استوى على العرش؟ وهل في ذلك تماس بينه وبين العرش الذي استوى عليه؟ وهل حملة العرش يحملون الذي استوى على العرش؟! مثل هذه الأسئلة لا مكان لها إلا حينما يصبح الإنسان علمه علما ذهنيا أو خياليا. أيضا هل يدخل في قدرة الباري قدرته على الظلم؟ وهل هو عالم بعلم قائم بذاته، تام لا يزيد ولا ينقص، أم أن علمه يزيد ويتجدد بتجديد الإرادة والفعل والواقع إلى آخره…؟

فلولا الذهاب مع الذهنيات، والابتعاد عن الواقع، فهل هذه مشاكلات تشغل الناس في دينهم أو دنياهم؟ هذا هو السؤال. الإشكالات التي يجيب عنها العالم يجب أن تكون إشكالات حقيقية وتساؤلات حقيقية وقعت له أو وقعت للناس بشكل طبيعي لا مصطنع. فهل هذه أسئلة الناس عامة؟ لا أبدا. بل هذه من مختبرات المتكلمين، فهي التي أنتجت مثل هذه القضايا. حينما وضعوا مختبرات لصفات الله، ومختبرات للقضاء والقدر. ومختبرات للميزان والصراط، وحينما جعلوا هذه المختبرات مغلقة مظلمة، أنتجوا مثل هذه القضايا وغاصوا في متاهاتها. هذه السمة يمكن أن نعبر عنها بتعبير آخر وهو غلبة المنحى الجدلي على المنحى العملي. بل أكثر من هذا حل المنحى الجدلي محل المنحى العملي. وأعبر عن هذا الانحراف المنهجي تعبيرا يسهل حفظه ويسهل فهمه، وهو أن (منهج خَلق القرآن حل محل منهج خُلُق القرآن)، (الخاء الأولى بالفتح والثانية بالضم). حينما سئلت عائشة عن رسول الله ?، قالت كان خُلقه القرآن، إذن المنهج النبوي في التعامل مع القرآن هو (منهج خُلق القرآن) أي هي أخلاق القرآن لنتخلق بها. لكن المتكلمين أو المنهج النظري الذهني أعطانا (منهج خَلق القرآن) ما قيمة هذه القضية (قضية خَلق القرآن)، التي تصارع الناس حولها طويلا وعانى العلماء بسببها كثيرا وكانت محنة وفتنة في تاريخ المسلمين العلمي والثقافي وحتى السياسي؟ هذه قضية لا قيمة لها في الدين ولا وجود إلا في أذهان الذين غرقوا في مختبرات الجدل وسيطرت عليهم عقلية خَلْقِ القرآن بدلا عن عقلية خُلقُ القرآن.

فإذا بقينا على هذا المنوال فستتحول العلوم الشرعية إلى علوم متحفية تاريخية. فالعلوم الشرعية كما تُدْرَسُ وكما تُدَرَّسُ وتتداول، ذات طابع متحفي هو الغالب عليها. والحقيقة أن هذه العلوم المجردة والعلوم الذهنية البحتة لا مكان لها ولا شرعية لها في الإسلام إلا بمقدار ما يكون لها من أثر. ليس في الإسلام علم مجرد لا أثر له ولا عمل معه. ولذلك نجد المقولة التي يقولها علماؤنا منذ القديم "العلم إمام العمل" إذن هناك علم وعمل متلازمان. صحيح أن الأولوية للعلم والأسبقية لاقرأ، لأن "اقرأ" قبل "قم" فالعلم إمام العمل، لكن ليس هناك علم لا يؤم عملا ولا يقود عملا، العلم يقود ويوجه العمل ويضبط العمل، بل يطور العمل. إذن هناك دائما علم وعمل. ولكن أيضا مما ينبغي أن نلتفت إليه، أن العلم لا يستغني عن العمل من حيث هو علم. العلم الصحيح لا يستغني عن العمل. ولذلك العلم الذي ليس معه عمل لا يمكن أن يبقى علما حقيقيا. وحتى إذا كان في مرحلة معينة علما حقيقيا، يعني له قواعده القويمة وله منطق وله نمو وإنتاج، فإن هذه الصفات التي هي صفات العلم، تفقد إذا فقد العمل بذلك العلم. ويتحول العلم إلى خيال وأوهام وإلى علم متحفي، فإذا كان العلم إمام العمل، فالعمل أيضا محك العلم وموجه العلم وملهم العلم، أو محك النظر كما قال الإمام الغزالي.

يقول الإمام الشاطبي: "كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل دليل على استحسانه، وأعني بالعمل: عمل القلب وعمل الجوارح من حيث هو مطلوب شرعا". ثم يقول في موضع آخر: "روح العلم هو العمل وإلا فالعلم عارية وغير منتفع به" وينقل عن سفيان الثوري قوله: "العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل." يعني لم يبق علما، بل يصير وهما وجهلا وجدلا.

في مسألة كون العمل محك العلم، أنقل كذلك عن الإمام الشاطبي هذه الفقرة وأوضحها قليلا. يقول رحمه الله: "العلم المطلوب إنما يراد بالفرض، لتقع الأعمال في الوجود على وفقه من غير تخلف. أكانت الأعمال قلبية أو لسانية أو من أعمال الجوارح. فإن جرت في المعتاد على وفقه من غير تخلف فهو حقيقة العلم بالنسبة إليه. وإلا لم يكن بالنسبة إليه علما لتخلفه، وذلك فاسد لأنه من باب انقلاب العلم جهلا."

والمثال الذي جاء به لكي يبين كيف أن التطبيق والواقع محك ومختبر نختبر به التنظير العلمي، هو حينما كاتب أحد شيوخ المغرب (ولقد كنت بحثت في المعيار فإذا به هو أبو العباس القباب) فقال له هذا الشيخ المغربي: إن المريد أو السالك إذا كان في صلاته فشغله شيء من شو اغل الدنيا (ماله أو مزرعته أو تجارته أو دابته) فيجب عليه أن يتخلص منه لكي يصفي همته لصلاته ولربه.

الإمام الشاطبي يقول: هذا القول أشكل عليه، فراسل الشيخ المغربي مرة أخرى وقال له ما مفاده: يا سيدي هذا الكلام إذا أخذنا به وعملنا بمقتضاه، فإن على الناس أن يخرجوا -أي يتخلصوا- عن زوجاتهم وأولادهم وأموالهم. وهذا لا يمكن. إذن العمل نختبر به هذا القول الذي هو قول علمي نظري. نختبره بالعمل فنجده أمرا غير ممكن. غير قابل للتطبيق، غير مقبول حتى في الشرع، لأن هذا لم يفعله أحد من الأنبياء. ثم قال له في تمحيص أكثر، بل في تحد أكثر، قال له: أرأيت إن خرج من هذه الأمور كلها ثم جاء يصلي فشغله فقره وحاجته. وقال له إن كثيرا من الناس لا تشغلهم دوابهم وأملاكهم، بل يشغلهم في صلاتهم أن أولادهم لا يجدون ما يأكلون. فماذا يعملون؟ إذا هذه الفتوى غير قابلة نهائيا للتطبيق.

ومن الأمثلة التي أريد أن آتي بها فتوى بعض الناس الذين يفتون المسلمين في ديار الغرب،في أوربا و أمريكا،بحرمة الإقامة هناك. وبغض النظر عن بعض المستندات التي يعتمدون عليها ومدى سلامة فهمها و تطبيقها، لنأت إلى هذا الاختبار العملي الذي قاله الإمام الشاطبي. الآن إذا أردنا أن نطبق هذه الفتوى: فرنسا وحدها فيها من المسلمين خمسة ملايين. هذا التقدير الرسمي، والتقدير غير الرسمي يصل إلى ثمانية ملايين فأكثر. أما أمريكا فالمسلمون يصلون إلى سبعة ملايين وزيادة. وهكذا في الدول الغربية جميعاً ملايين المسلمين.

وأنا كنت في فرنسا قبل نحو عشرين سنة، وفي ذلك الوقت وجدت أحد الباحثين المغاربة المقيمين هناك يتحدث عن "أمة الإسلام" في فرنسا. وفعلا هناك أمة الإسلام في فرنسا، سواء من حيث العدد الضخم -بعض الأحياء السكنية في بعض المدن الفرنسية أصبحت مجتمعات عربية أو إسلامية. وهكذا في دول أخرى -أم من حيث مدى إمكانية قبول هؤلاء الملايين في بلدانهم و دولهم و مجتمعاتهم الأصلية، أم من حيث المصالح الضخمة التي لا تحصى لهؤلاء المهاجرين، دنيويا ودينيا… على كل حال يمكن أن نقول هناك عشرات المستحيلات إذا أردنا تطبيق هذه الفتوى، وهو تطبيق لا يفكر فيه وفي تداعياته ومتطلباته أصحاب الإفتاء النظري، أصحاب "العلم" المبتوت عن العمل وعن معيار العمل، أي أصحاب المدارسة من غير ممارسة.

الخلاصة

ما أريد أن أخلص إليه مما سبق، هو أن العلوم الشرعية لابد لنا في تناولها والتعامل معها من الجمع والمزج بين المدارسة والممارسة معا. لابد من إخراجها من الجدران المدرسية والأنفاق النظرية. فالعلوم الشرعية ليست فلسفة وعلوما فلسفية، وإن كانت الفلسفة نفسها اليوم بدأت تبحث وتجد لنفسها مسالك ومجالات عملية تطبيقية. أما العلوم الشرعية فهي بطبيعتها ومن بدئها جامعة بين النظر والتطبيق، بين القول والعمل، بين المدارسة والممارسة. فقد أنزل الله تعالى (اقرأ) متبوعة بـ(قم الليل..) و(قم فأنذر…). ولكي نعيد التوازن إلى التعامل مع العلوم الشرعية، ونعيد الاعتبار للممارسة والتطبيق، أدعو إلى الأخذ بجملة من الاقتراحات أقدمها فيما يلي:

في باب المدارسة

1. إبراز الصبغة العملية والأهداف العملية للعلوم الشرعية كافة، وذلك من خلال الدروس والمحاضرات والأبحاث والمؤلفات، فالإسلام لا يعرف علوما نظرية بحتة ولا يعترف بها.

2. جانب المدارسة في العلوم الشرعية يجب أن ينصب ويتركز على النصوص الشرعية المؤسسة والمؤطرة والموجهة لكل علم ولقضاياه، مع الاكتفاء من التراث بما يخدم مباشرة فهم النصوص وتحديد مدلولاتها.

3. دراسة المضامين العلمية التراثية، يجب أن تتركز على جوانبها المنهجية ونماذجها الإبداعية وما فيها من روح اجتهادية تجديدية.

4. يدرس تراثنا العلمي بمختلف فروعه وتخصصاته، وعبر مراحله وتطوراته وتفاعلاته التاريخية، في مادة أو مواد مستقلة اسمها (تاريخ العلوم الإسلامية). وذلك لكي يتاح لنا ولطلبتنا وضع هذا التراث العلمي والتعامل في إطاره وسياقه التاريخي.

في باب الممارسة

1. الاهتمام المستمر بقضية التطبيق وامتداداتها في الحياة الفردية والجماعية، وذلك داخل الحصص النظرية التعليمية وخارجها.

2. صرف المضامين التدريسية والبحثية والتأليفية – قدر الإمكان – إلى معالجة مشكلات الواقع وقضاياه. وحتى إذا كان لابد للموضوع من جوانب نظرية وتاريخية، فليكن ولكن لتكن النتيجة تصب في مجرى الحياة ومستجداتها ومتطلباتها…

3. الإكثار من إجراء البحوث الميدانية التي تصف الواقع وتحلله وتقومه وتدرس الأسباب والمسببات والآثار والمؤثرات، وذلك فيما يندرج في رسالة الإسلام وعلومه، حتى نبقى في دائرة العلوم الإسلامية.

4. الأمثلة التوضيحية للمسائل الفقهية والأصولية والعقدية والتربوية والتفسيرية يجب أن تكون مأخوذة ومستوحاة من الواقع المعيش بدل الانحباس في أمثلة التاريخ البائد أو الاستدلال بالمُثُل الخيالية والافتراضية.

5. انخراط أهل العلوم الشرعية في مجاري الحياة والدخول في مواقع التطبيق والممارسة، كالقضاء، والسياسة، والاقتصاد، والإعلام، والإفتاء، وكل ما يجعلهم يباشرون ويعاينون ويحتكون مع المجتمع ومع الناس ومع مواقع التدبير والتسيير. وحينئذ فإن علمهم سيزداد وسيتعمق ويختبر ويقوم، وسيأخذ -بإذن الله تعالى- طريقه إلى التأثير والنفاذ.









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-12, 18:46   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم هناك موعد اخر للتوسع في فقه هذا العالم الكبير فهو ضيف قناة الجزيرة في حصة الشريعة والحياة على الساعة الثامنة بتوقيت الجزائر










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-12, 19:43   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

من فاتته حصة اليوم يمكن ان يشاهد الحصة المعادة غدا على الساعة 12.00 بتوقيت الجزائر










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-12, 20:20   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

عفوا
الحصة غدا وليست اليوم فمعذرة للجميع










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-13, 13:28   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
رَكان
مشرف عـامّ
 
الأوسمة
المشرف المميز **وسام تقدير** وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام التميز وسام الحضور المميز في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جمال للإفادة الطيبة...










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-26, 16:46   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي



حوار مع الدكتور أحمد الريسوني
حاوره: زهير ريالات



الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني -الداعية والمفكر الإسلامي- مدرسة قائمة بذاتها في العلم والدعوة والتربية.. مدرسة قوامها الفكر العلمي الرائد، والمنهج الشرعي الراشد، والنظرالتربوي القاصد.. وأساسهاالاعتدال في الرأي، والوسطية في الفكر، والتوازن في الموقف..
أبدع بصورة خاصة في (فقه المقاصد)؛ حتى وُصِفَ بأنه (شاطبي هذا العصر). ومع أعمالهالدعوية ونشاطه في التأليف فهو أيضاً يمارس التدريس في الجامعات، وقد أشرف على العديد منالرسائل الجامعية.
ولضيفنا العديد من الأنشطة العلمية والدعوية، منها:
- عضو مؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو سابق بمجلس أمنائه.
- مستشار أكاديمي لدى المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
- رئيس رابطة المستقبل الإسلامي بالمغرب (1994-1996م).
- رئيس حركة التوحيد والإصلاح بالمغرب (1996-2003م).
- المدير المسؤول لجريدة (التجديد) اليومية بالمغرب (2000-2004م).
والآن يعمل لفترة مؤقتة بصفة خبير أول بمشروع (معلمة القواعد الفقهية)، الذي تشرف على إنجازه مؤسسة زايد للأعمال الخيرية، بتنسيق مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة.
أنتج عدة كتب في عدة فنون تبرز سعة علمه وجلاء فهمه لفقه الدعوة في عصره، ومن مؤلفاته:
- نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي (تُرجم إلى الفارسية والأرديةوالإنجليزية).
- نظرية التقريب والتغليب وتطبيقاتها في العلوم الإسلامية.
- من أعلام الفكر المقاصدي.
- مدخل إلى مقاصد الشريعة.
- الفكر المقاصدي - قواعده وفوائده
- الاجتهاد - النص والمصلحة والواقع (ضمنسلسلة حوارات لقرن جديد).
- الوقفالإسلامي - مجالاته وأبعاده.
- الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية.
التقيناه في المؤتمر القرآني الذي عقدته جمعية المحافظة على القرآن الكريم -في شهر آب الماضي- بعنوان: (فهم القرآن.. مناهج وآفاق)، فأسمعنا فُيوضاً من إشراقات عقله وفكره، وكان هذا اللقاء..

الفرقان: أشرتم في محاضرتكم في المؤتمر الذي عقدته الجمعية إلى أن القرآن الكريم يتضمن -من جهة- حقائق وأحكاماً محددة جاهزة للاهتداء بها والعمل مباشرةبمقتضياتها، ولكنه يتضمن أيضاً قواعد منهجية، تُمكِّن الإنسان من التفكير والنظر والفهم والاستنتاج، وتتيح له إدراك مزيد من المعارف والأحكام. هل لكم أن تحدثونا عن هذه القواعد؟
د. الريسوني: القرآن الكريم مليء بالقواعد المنهجية من مختلف الأصناف. وقد سبق أن كتبت كتاباً صغيراً سميته "الكليات الأساسية للشريعة الإسلامية". والكليات كلها قواعد: قواعد للفكر، وقواعد للسلوك، وقواعد للتشريع.
أما القواعد الخاصة بتسديد الفكر والعقل والنظر فأذكر منها على سبيل المثال:
أولاً: الدعوة إلى اعتماد الحجة والبرهان: وذلك بأن يكون الفكر والحكم في أي شيء قائماً على الحجة والبرهان والدليل. ولذلك دعا القرآن الكريم كل من يعتقد شيئاً، أو يؤمن بشيء، أو يحكم بشيء، أن يقدم على ذلك الحجة والبرهان: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:111]. وقد تكرَّر هذا المعنى كثيراً في القرآن الكريم.
ثانياً: الدعوة إلى استعمال العقل والحواس: والآيات القرآنية الداعية إلى استعمال العقل والسمع والبصر لأجل الفهم والعلم والتحقق من الأمور، كثيرة ومتنوعة في سياقاتها وتعابيرها. ومعلوم أن هذه النِّعَم الثلاث (العقل والسمع والبصر)، هي أهم وسائل الإنسان للعلم والبحث والفهم؛ فاستعمالها وتنميتها هو طريق العلم والهداية، وتعطيلها هو طريق الجهل والعماية.
ومن الآيات الواردة في هذا الشأن:
- قوله تعالى: {وَالله أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاّ الله إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 78-79].
- {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤولاً} [الإسراء:36].
ثالثاً: استنكار التبعية والانقياد الغبي: فنجد القرآن الكريم انتقد مراراً وبشدة، ما يقع فيه كثير من الناس من تعطيل لعقولهم، والانسياق والتبعية لغيرهم، دون تفكير ولا تمييز. ومن ذلك:
- قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ الله قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [البقرة:170].
- وقال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ الله وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [المائدة:104].
وهكذا في مبادئ وقواعد أخرى يطول الأمر لو استرسلت في ذكرها وبيانها.. فأكتفي بهذا القدر.
الفرقان: فضيلتكم يشغل خبير أول في مجمع الفقه الإسلامي،نرجو أن تُعرِّف بالمجمع من حيث البدايات والأهداف والإنجازات.
د. الريسوني: عملي محدد في مشروع (معلمة القواعد الفقهية)، مع مجموعة من الخبراء والباحثين، ومدير المشروع هو الدكتور جمال الدين عطية، وهو مشروع مشترك بين المجمع ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية.
أما مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، فهو منبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي. تأسس منذ حوالي ربع قرن، ومقره بمدينة جدة.
وهو يعقد دورة علمية له كل سنة أو في أكثر من سنة، حسب الظروف. وفي دوراته هذه يناقش القضايا والبحوث المدرجة في كل دورة، ويصدر فيها فتاواه وقراراته وتوصياته، وما لا يَستكمل دراسته ومناقشته من القضايا يُرجئه إلى دورة لاحقة، ثم يصدر حصيلة كل دورة في مجلته التي تحمل اسم مجلة (مجمع الفقه الإسلامي).
هذا أهم عمل يقوم به المجمع، وعمله -كما لا يخفى- محدود الأفق محدود الأثر. وذلك راجع بصفة عامة إلى ما تعانيه المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، من تواكل وتراخ و(لامبالاة) من طرف الدول المعنية، وراجع بصفة خاصة إلى كون الفقه الإسلامي ليس له شأن يذكر عند السادة المسؤولين في أغلب البلدان الإسلامية.
ولذلك فإن المجمع يجد صعوبة في تدبير نفقاته واحتياجاته، بل يجد صعوبة حتى في استضافة مؤتمره السنوي، كما هو شأن الدورة المقررة لهذه السنة؛ فهي ما زالت تبحث عن دولة مضيفة!
الفرقان: هناك خلط فيالساحة الدعوية بين الدعوة والفتوى.. فما الفرق بينهما، وما رأيكم بما اصطلح علىتسميته بـ(الداعية الإسلامي) بمعنى أنه يتكلم بالوعظ فقط أما الفتيا فيحيل الناسفيها إلى الفقهاء، وهل هناك شروط للمفتي؟
د. الريسوني: الفتوى هي بيان الحكم الشرعي لحالة معينة أو لشخص معين أو نازلة معينة. وهي قد تحتاج إلى اجتهاد، إذا كانت الحالة المستفتَى بشأنها جديدةً أو كان فيها عناصرُ جديدة. وقد تكون الفتوى مجرد بيان وتنزيل تطبيقي للحكم الشرعي المقرَّر سلفاً عند العلماء. وفي جميع الأحوال فإن الفتوى لا تكون إلا من العلماء الفقهاء، العارفين بحقيقة الواقعة والحالة التي يفتون فيها.
أما الدعوة فيقوم بها كل من له إلمام بالدين وببعض أحكامه وآدابه، سواء في العبادات أو المعاملات، أو في العقيدة أو في الأخلاق، أو فيما هو معلوم من الدين بالضرورة.. فكل من علم من الدين شيئاً يجب عليه أن يدعو إليه.
وقد يكون القائم بالدعوة عالماً فقيهاً، أو له معرفة وثقافة شرعية واسعة، فهذا أكمل وأنفع، ويجوز له أن يبين للناس ويجيبهم في كل ما هو على علم به. المهم أن لا يخوض الداعية فيما لا يحسنه، ولا يفتي فيما لم يحط به خُبْراً.
الفرقان: الاختلاف في الآراء والاجتهاداتمقبول، ولكن ما رأيكم في الاختلاف الحاصل على الفضائيات في الفتاوى؛ مما يشوِّشأفكار العوام الذين لا يعرفون أسباب اختلاف الفتاوى ومناهج العلماء في الاجتهاد، هلترون ضرورة توحيد المرجعية، أو على الأقل تقليص الفجوة الكبيرة بين الآراء؟
د. الريسوني: الإفتاء في الفضائيات له فائدته الكبيرة والعميمة، وقد حقَّق تقريبَ الدين من المتدينين ومن غير المتدينين، وسدَّ فراغاً هائلاً.. ولكن له بعض السلبيات التي يجب على كل المعنيين التنبيه إليها والسعي إلى معالجتها؛ من فقهاء مفتين، ومن إعلاميين، ومن مسؤولين على الأجهزة الإعلامية..
وأسوأ ما فيه هو ما ينجم عن السرعة والفورية في السؤال والجواب؛ فهذا يجر أخطاء وهفوات، ويوقع في ضعف البيان وعدم دقته. وبسبب هذا وذاك يكثر التضارب والاختلاف.
وقد قرأت عدة أبحاث، وحضرت بعض الندوات، التي تسعى إلى معالجة سلبيات الإفتاء الإذاعي والتلفزيوني، وخاصة منه الإفتاء الفوري المباشر، الذي لا يسمح للمفتي أن يتفهم القضية ولا أن يتأملها ويفكر فيها، ولا أن يراجعها في كتبه ومع زملائه.
المهم في نظري: لا بد من المحافظة على هذه المكتسبات الإيجابية، ثم نعمل جميعاً على تقليل آفاتها. وفي جميع الأحوال، فإن فائدتها أكثر بكثير من أضرارها.
الفرقان: مارأيكم بما يسمى (تجديد الفقه الإسلامي)؟
د. الريسوني: التجديد سنة من سنن الله تعالى في هذه الحياة، وهو ضرورة من ضرورات الدين والدنيا معاً، وكل ما لا يتجدد؛ فهو إلى انكماش وتلاشٍ.
ونحن بحاجة إلى تجديد كثير من جوانب حياتنا الدينية والدنيوية، ومن ضمنها الفقه الإسلامي، منهاجاً وإنتاجاً. وأنا ألحظ أن قدراً كبيراً ومتزايداً من التجديد يسري اليوم في الفقه الإسلامي، وحتى في أصول الفقه.
خذ مثلاً فقه المعاملات المالية.. لقد أصبح فقهاً يحكم ويوجه مئات المصارف والشركات عبر العالم، ويواكب تطوراتها ويلبي متطلباتها. وهذا كله تجدد وتجديد للفقه الإسلامي وللحياة الإسلامية، ولم يكن له أثر يذكر قبل ثلاثين أو أربعين سنة أو نحو ذلك.
الفرقان: موضوع الهجمة الشرسة على القرآن.. كيف نواجهها، نقاطع من، ونعادي من، وما دور الأفراد في ذلك؟
د. الريسوني: الهجمة الشرسة على القرآن الكريم، هي دليل قوته وتفوقه وفاعليته. وهل هناك هجمة على القرآن أشد من تلك التي تعرض لها وقت نزوله غضّاً طريّاً، وهي الهجمة التي سجلها وحكاها القرآن نفسه.. اقرؤوا إن شئتم:
- {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان:5].
- {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} [الأنبياء:5].
- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان:4].
- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت:26].
وأنا لا أحبذ كثرة الاهتمام بمن يهاجمون الإسلام والقرآن والرسول r، وكثرة الاشتغال بالرد عليهم. هذا قد يستحق منا اثنين أو ثلاثة بالمئة من جهدنا ووقتنا، والباقي نصرفه للبناء وللفعل لا لرد الفعل؛ بمعنى نستمر ونزيد فيما يغيظ الأعداء من خدمة للقرآن الكريم ونشر له وعمل به، وليشتغلوا هم بالسب والشتم ومحاولات التشكيك؛ فكل ميسر لما خلق له.
الفرقان: في ظلالتكالب على الإسلام.. ما هو تصورك لمستقبل المسلمين، وهل من كلمة للذينيشعرون بالإحباط النفسي من الواقع المؤلم للأمة والتحديات التي تواجهها؟
د. الريسوني: نحن أولاً يجب أن نكون مطمئنين إلى قدر الله تعالى، فهو مدبر الأمر لا نحن، ولا أحد من الخلق. ونحن يكفينا شرفاً وفخراً أن نكون في طريق الإسلام وفي خدمة الإسلام وفي ركاب نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام.
وأما الجواب على السؤال والطلب الوارد فيه؛ فهو قوله عز من قائل: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ . هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ . وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَالله لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 137-140].









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أصالتها, الحرية, الإسلام, وأصولها


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc