صلاة الاستخارة... دراسة فقهية (حلقات) - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

صلاة الاستخارة... دراسة فقهية (حلقات)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-11-03, 12:43   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
hani_dj4
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية hani_dj4
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا








 


قديم 2008-11-04, 02:41   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا أخي الكريم هاني ونفع الله بك









قديم 2008-11-04, 07:08   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
جادي ج
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية جادي ج
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حفظك الله ورعاك










قديم 2008-11-04, 21:36   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكور أخي الكريم جادي على مرورك

الله يحفظنا وإياك من كل سوء









قديم 2008-11-05, 20:34   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


المسألة الثامنة:
هل تجوز قراءة دعاء الاستخارة من كتاب أم لابد من حفظ هذا الدعاء؟


إن بعض الناس قد يحتج لتركه صلاة الاستخارة بعدم حفظه لدعائها وأنه لا يستطيع حفظه لطوله.


ويقال لمثل هذا: إن استطعت أن تحفظ الدعاء فذلك خير لك وأنفع، وإن لم تستطع حفظه، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويجوز لك أن تقرأ الدعاء من كتاب مفتوح من كتب الأدعية وهي متوفرة، أو تكتبه في ورقة تقرأ منها بعد الصلاة، فالأمر فيه سعة ولله الحمد على تيسيره.


ومع كثر تطبيق هذه السنة وتكرارها يحفظ الدعاء تلقائياً مع مرور الأيام.

وبجواز قراءة دعاء الاستخارة من كتاب ما، أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فقد سئلت اللجنة سؤالاً نصه:

(س):
بالنسبة إلى صلاة الاستخارة لعمل ما، أو حاجة ما أو أي شيء؛ هل يشترط أن أحفظ الدعاء الوارد عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام (دعاء الاستخارة) أم يمكن قراءته في الكتاب فقط وبعد أداء الصلاة؟


فكان الجواب كما يلي:

( إن حفظت الدعاء للاستخارة أو قرأته من الكتاب فالأمر في ذلك واسع، وعيك الاجتهاد في إحضار قلبك والخشوع لله، والصدق في الدعاء..) (33).

المسألة العاشرة: هل تجزئ صلاة الاستخارة بعد الفريضة؟


المراد بهذه المسألة: إن صلى الفرض كصلاة الفجر مثلاً ثم دعاء بدعاء الاستخارة فهل يجزئ ذلك ويجوز أم لا؟


ويقال في تفصيل هذه المسألة: إن دعا بدعاء الاستخارة بعد أداء صلاة الفرض فلا يجزئه ذلك، ومعنى لا يجزئ: أي: لم يقع منه الفعل الصحيح للعبادة، فلم تقبل منه.

والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في صفة صلاة الاستخارة: ( فليركع ركعتين من غير الفريضة).

فقوله:
( من غير الفريضة) قال بدر الدين العيني - رحمه الله -: ( دليل على أنه لا تحصل سنة صلاة الاستخارة بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة لتقييد ذلك في النص بغير الفريضة) (34).


وقال العلامة محمد بن عبد الرحمن المباركفوري رحمه الله في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(من غير الفريضة):

( فيه دليل على أنه لا تحصل سنة صلاة الاستخارة بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة) (35).

وقال الحافظ ابن حجر: ( فيه احتراز عن صلاة الصبح مثلاً) (36).


الحواشي:

(33) فتاوى اللجنة الدائمة (8/161).
(34) عمدة القارئ (1/233).
(35) تحفة الأحوذي (2/482).
(36) فتح الباري (11/221)، وانظر مرقاة المفاتيح (3/402).


ـ يتبع ـ









قديم 2008-11-06, 19:29   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



المسألة التاسعة: هل هناك آيات أو سور معينة مخصوصة لصلاة الاستخارة؟


لا يوجد دليل ما يدل على قراءة سور أو آيات معينة مخصوصة بصلاة الاستخارة؛ لذا فالصحيح في المسألة أن المسلم إذا صلى الاستخارة يقرأ الفاتحة في الركعتين ثم ما تيسر له من القرآن، فيقرأ ما يحفظ من كتاب الله دون تحديد أو تقييد لشيء معين فيه، فهذا هو الصواب.

واستحب النووي رحمه الله أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد) (37).

قال العراقي: ( ما ذكره النووي مناسب ، لأنهما سورتا الإخلاص فناسب الإتيان بهما في صلاة المراد منها إخلاص الرغبة ، وصدق التفويض ، وإظهار العجز ) (38).

واستحب بعض السلف أن يزيد على القراءة بعد الفاتحة في الركعة الأولى بقوله تعالى:

(وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون * وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون * وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) الآيات في سورة القصص، وفي الركعة الثانية بقوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا) الآية في سورة الأحزاب. (39 ).

قال ابن حجر: ( والأكمل أن يقرأ في كل منهما السورة والآية الأوليين في الأولى والأخريين في الثانية ) (40)، فكأنه رحمه الله رأى الجمع بين القولين ، لأنه مناسب وإن لم يرد.

وهذا الذي استحبه بعض أهل العلم من آيات أو سور معينة لا يلتفت إليه، لأنه لا يجوز تقييد ما أطلقه الشرع، ولا تخصيص العموم إلا بدليل، والاستحباب حكم شرعي يحتاج لدليل.

قال العلامة زين الدين العراقي - رحمه الله -: ( لم أجد في شيء من طرق أحاديث الاستخارة تعيين ما يقرأ فيها) (41).

قال ابن حجر رحمه الله: ( قال شيخنا في شرح الترمذي: لم أقف على دليل ذلك ولعله ألحقهما بركعتي الفجر والركعتين بعد المغرب ).(42)

ولما سئل العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله عن صفة صلاة الاستخارة قال: ( وصفتها أنها تصلى ركعتين مثل بقية صلاة النافلة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن ثم يدعو) (43).

تأمل قوله - رحمه الله-: ( فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن) فإنه في غاية الأهمية والحكمة.

وقال أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله وقد سئلوا:

هل تقرأ سور أو آيات معينة في صلاة الاستخارة؟

قالوا: ( أما القراءة فيها بالفاتحة وما تيسر بعدها من القرآن سورة كاملة أو بعض سورة) (44).


خلاصة: إن عدم تقييد صلاة الاستخارة بسورة أو آيات معينة - سوى الفاتحة - هو الذي يناسب حكمة الشرع وسهولته ويسره؛ وذلك لأن هذه الصلاة مطلوب تطبيقها والاعتناء بها من كل الناس، والناس درجات: منهم من يحفظ القرآن ومنهم من يحفظ آيات أو سوراً معينة من قصار السور، فلو حددها الشرع وقيدها بسور معينة قد لا يكون كل الناس يحفظون هذه الآيات أو السور المخصوصة بهذه الصلاة، وحينئذ يحرم كثير من الناس تطبيق هذه السنة العظيمة والتي يوفق الله بها كثيراً من البشر إلى الخير، ولكن لما شرعت هذه الصلاة وترك أمر القراءة فيها مفتوحاً للناس دل على تيسير الأمر لهم، فكل منهم يقرأ ما يحفظ ليمكنه تطبيق هذه السنة واستخارة الله عز وجل في شؤون الحياة.


فتقييد صلاة الاستخارة بآيات معينة فيه نوع تضييق على المسلمين، والدين العبادات فيه مبناها على اليسر والسهولة، فالله عز وجل الذي أوحى إلى نبيه تشريع هذه الصلاة والدعاء كان قادراً على تقييدها بآيات معينة لكنه سبحانه بحكمته وتيسيره للناس، ورحمة بهم ترك الأمر لهم يختارون ما يشاءون من كتابه، فلله الحمد والمنة، فتأمل.

الحواشي:

(37)- "الأذكار" ص(180).
(38)- "الفتوحات الربانية" (3/354).
(39)- "تفسير القرطبي" (13/307) والموسوعة الفقهية (3/245).
(40)- فتح الباري (11/185).
(41)- عمدة القاري (7/235).
(42)- فتح الباري (11/185).
(43) مجموع فتاوى ابن باز(2/236).
(44) فتاوى اللجنة الدائمة (8/161).

ـ يتبع ـ









قديم 2008-11-07, 16:28   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


المسألة الحادية عشرة: ما حكم صلاة الاستخارة في أوقات النهي؟


هناك أوقات معينة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها، فهل يجوز أداء صلاة الاستخارة في مثل هذا الوقت المنهي عنه؟


وجاءت هذه الأوقات الثلاثة في حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال:
( ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب) (41).

ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع) أي: أول ما تطلع، فالوقت وقت نهي إلى أن ترتفع قيد رمح، وكذلك بعد صلاة الفجر وقت نهي عن الصلاة إلى أن ترتفع قيد رمح، حينها يجوز التنفل كصلاة الضحى والاستخارة.

ومعنى قوله:
(حين يقوم قائم الظهيرة) أي: حين تكون الشمس في كبد السماء أي وسطها عند الظهيرة حتى تزول وتميل بعدها يدخل وقت الظهر.

ومعنى قوله:
(حين تضيف الشمس للغروب) أي: تميل للغروب. (42). فبعد صلاة العصر وقت منهي عنه، وكذلك حين تبدأ الشمس في الغروب يكون النهي ساعتها آكد.

فهذه الأوقات نهي عن الصلاة فيها إلا لضرورة، كمن نام عن صلاة العصر أو الفجر واستيقظ في هذه الأوقات المنهي عنها جاز له أن يصلي لأن هذا الوقت بالنسبة له وقت أداء الصلاة المفروضة عليه.

فالأفضل للمسلم أن لا يؤدي صلاة الاستخارة في هذه الأوقات المنهي عنها كبعد العصر أو الفجر، ولكن إن اضطر إلى صلاة الاستخارة بأن كان الأمر عاجلاً لا يمكن ولا يحتمل التأخير جاز له الاستخارة وإن كان الوقت وقت نهي؛ كأن يحتاج إلى شراء سيارة بعد صلاة العصر ولا يستطيع التأجيل إلى بعد غروب الشمس فحينئذ يجوز له الاستخارة لأنها تكون حينئذ من ذوات الأسباب التي يشرع فعلها في وقت النهي مثل تحية المسجد وصلاة الجنازة، وكسوف الشمس، فلو مات ميت واحتجنا إلى الصلاة عليه بعد العصر ودفنه حينئذ جاز الصلاة عليه، ولو كسفت الشمس بعد صلاة العصر جازت صلاة الكسوف وإن كان الوقت وقت نهي؛ لأن هذه الصلوات من ذوات الأسباب، أي: التي لها سبب يدفع لفعلها في وقت النهي؛ وكذلك صلاة الاستخارة إذا كان الذي يستخير لأجله يفوت بانتهاء وقت الكراهة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (ذوات الأسباب تفعل في وقت النهي، فقد كتبنا فيما تقدم في الإسكندرية وغيرها كلاماً مبسوطاً في أن أصح قولي العلماء وهو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه، اختارها أبو الخطاب).(43)


ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ( وذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي مثل: سجود التلاوة، وتحية المسجد وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة (44).

إذن فإذا كان الذي يستخير له يفوت عليه إن أخرت الصلاة حتى ينتهي وقت النهي جاز له الاستخارة في وقت النهي، والله أعلم.

الحواشي:

(40) فتح الباري (11/221)، وانظر مرقاة المفاتيح (3/402).
(41) أخرجه مسلم واللفظ له برقم (1926)، وأبو داود برقم (2192)، والترمذي برقم (1030)، والنسائي برقم (559)، وابن ماجة برقم (1519).
(42) شرح النووي على مسلم (6/354). المعنى الأخير فقط.
(43) يعني: عند طلوع الشمس وعند غروبها، وانظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/210)
(44) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/210، 213 - 214، 215).









قديم 2008-11-07, 22:35   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
أختكم في الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أختكم في الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بــــــــــــــارك الله فيك يا أخي وجعله في ميزان حسناتك










قديم 2008-11-07, 23:03   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على مرورك أختي الكريمة

نفع الله بك وعساك على الخير والقوة









قديم 2008-11-11, 22:10   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المسألة الثانية عشرة: ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة؟



معنى المسألة: هل يبني اختياره على المنام، أم على انشراح الصدر، أم يُمضي ما اتفق له؟

يعتقد كثير من الناس أو بعضهم أن المستخير إذا استخار ربه في شيء عليه أن ينتظر حتى يرى مناماً في نومه، وبناء على الرؤيا التي يراها يفعل أو لا يفعل، وهذه خرافة لا أصل لها من الدين، ولا تبنى الأحكام الشرعية على المنامات، فمتى استخرت الله لعمل ما، توكل على الله واستمر وأقدم على ما تريد.


أما انشراح الصدر للمضي في الأمر بعد الاستخارة فقد اختلف فيه العلماء:

1ـ فمنهم من منعه مطلقا كالإمام عز الدين ابن عبد السلام حيث قال: (يفعل ما اتفق) (1)، واستدل بأحد طرق حديث ابن مسعود: ((ثم ليعزم)) ومعناه: يمضي في الأمر فإن تيسر له وسهل فهو مختار له، وإلا صرف عنه إلى غيره.

وممن منع انشراح الصدر محمد بن علي كمال الدين الزملكاني - رحمه الله- حيث قال: (إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر، فليفعل بعدها ما بدا له، سواء انشرحت نفسه له أم لا، فإن فيه الخير وإن لم تنشرح نفسه ) قال: ( وليس في الحديث انشراح النفس) (2).


2ـ ومن العلماء من اشترط انشراح الصدر مطلقا منهم النووي حيث قال: (وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره) (3) واستدل بحديث رواه بن السني من حديث أنس مرفوعا بلفظ: ((إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه)) قال العراقي: (لكن الحديث ساقط لا حجة فيه) (4)، وقال ابن حجر في الفتح: (وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد لكن سنده واه جدا) (5).


وممن قال بانشراح الصدر ابن عثيمين رحمه الله حيث قال: (ثم بعد ذلك إن انشرح صدره بأحد الأمرين بالإقدام أو الإحجام فهذا المطلوب يأخذ بما ينشرح به صدره فإن لم ينشرح صدره لشيء وبقى مترددا أعاد الاستخارة مرة ثانية وثالثة) (6).


3ــ ومنهم من فصّل وجمع بين القولين وهو الراجح والله أعلم، وذلك أنه لابد مع انشراح الصدر أن يقترن معه خلو النفس من الذي تهواه، والقيد الأخير هو الذي جعل المانعين من نفي الانشراح وعدم الاعتبار به، وبهذا يكون هذا القول وسط بين القولين الماضيين.


ولهذا عرّف العلماء انشراح الصدر بقولهم: (عِبَارَةٌ عَنْ مَيْل الإِْنْسَانِ وَحُبِّهِ لِلشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ هَوًى لِلنَّفْسِ ، أَوْ مَيْلٍ مَصْحُوبٍ بِغَرَضٍ ، عَلَى مَا قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ) (7).

قال القرطبي في تفسيره : (قال العلماء: وينبغي له أن يفرغ قلبه من جميع الخواطر حتى لا يكون مائلا إلى أمر من الأمور، فعند ذلك ما يسبق إلى قلبه يعمل عليه، فإن الخير فيه إن شاء الله) (8).

قال ابن تيمية: (فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسّر له من الأمور هو الذي اختاره) (9).

قال ابن حجر: (والمعتمد انه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة) (10).

قال علي القاري: (ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحا خاليا عن هوى النفس فإن لم ينشرح لشيء فالذي يظهر أنه يكرر الصلاة حتى يظهر له الخير) (11).

وقال الشوكاني: (فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة ، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً ، وإلا فلا يكون مستخيراً لله بل يكون مستخيراً لهواه) (12).


(الخلاصة):

فتبين من اختلاف العلماء أن ضابط معرفة المضي في الأمر بعد الاستخارة يكون بعد انشراح الصدر انشراحا خاليا من هوى النفس حتى لا يكون اختياره تابعا لهوى في نفسه، لأن فيه جمعا بين كلام العلماء وهو مقتضى الحال، والله أعلم.

الحواشي:

(1) الفتح (11/223).

(2) طبقات الشافعية الكبرى (9/206).
(3) الفتح (11/187).
(4) تحفة الأحوذي (2/593).
(5) الفتح (11/187).
(6) شرح رياض الصالحين (1/792).
(7) حاشية العدوي على الخرشي (1 / 38)، وابن عابدين (1 / 643)، والفتوحات الربانية (3 / 357)، والمغني (1 / 769).
(8) تفسير القرطبي (13/307).
(9) مجموع الفتاوى (10/539).
(10) الفتح (11/187).
(11) مرقاة المفاتيح (4/470).
(12) نيل الأوطار (3/ 317).


ـ يتبع ـ









قديم 2008-11-13, 23:37   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المسألة الثالثة عشرة: هل يصح الفصل بين الصلاة ودعاء الاستخارة؟

والمراد بالمسألة:
أن من صلى صلاة الاستخارة ثم فصل بينها وبين الدعاء بفاصل قليل (49)، أو ذكر الله وحمده قبل الشروع في الدعاء فهل جائز وتصح به الاستخارة أم لا؟

ذكر أهل العلم أنه إن كان الفاصل قليلاً ولم يطل لا يضر ذلك، كما أن الفصل بين الصلاة والدعاء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إشكال فيه أيضاً، لأنه دعاء والدعاء يفتح بحمد الله والثناء عليه قبل الشروع فيه.


قال محي الدين النووي - رحمه الله-: ( ويستحب افتتاح الدعاء المذكور (50) وختمه بالحمد لله والصلاة والتسليم على رسول الله (51).


وقال بدر الدين العيني رحمه الله مبيناً قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة:
" ثم ليقل اللهم..." قال: (دليل على أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل) (52).
وقال الشوكاني - رحمه الله -: (قوله: "ثم ليقل" فيه أنه لا يضر تأخير دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل، وأنه لا يضر الفصل بكلام آخر يسير خصوصاً إن كان من آداب الدعاء لأنه أتى بـ (ثم) المقتضية للتراخي) (53).

المسألة الرابعة عشرة: ما حكم تكرار صلاة الاستخارة؟


قد يستخير المسلم ربه في أمر ما، ثم يشعر أن الأمور لم تنجل جيداً، ولم تتضح له الصورة ولا وجه الخير فيما عزم عليه، فيحتاج إلى تكرار وإعادة الاستخارة مرة أخرى فهل يشرع له ذلك؟


قال بدر الدين العيني - رحمه الله -: ( فإن قلت: هل يستح تكرار الاستخارة في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصواب في الفعل أو الترك ما لم ينشرح صدره لما يفعل. قلت: بلى، يستحب تكرار الصلاة والدعاء لذلك) (54).


وقال علي القاري - رحمه الله -: ( ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحاً خالياً عن هوى النفس، فإن لم ينشرح لشيء فالذي يظهر أن يكرر الصلاة حتى يظهر له الخير) (55).


وقال الشوكاني (56) - رحمه الله -: ( وهل يستحب تكرار الصلاة والدعاء؟ قال العراقي: الظاهر يستحب) (57).

إذن من أهل العلم من قال إنه يستحب فضلاً عن الجواز، مما يؤكد جواز تكرار الاستخارة.
وبجواز التكرار - أيضاً - أفتى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى وسماحة الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني (58)، وقُيُد التكرار بقيد من لم تطمئن نفسه لصلاته الأولى.

والدليل على جواز تكرار الاستخارة ما يلي:

أولاً:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، والاستخارة دعاء بصورة مخصوصة فهي صلاة ثم دعاء، بمعنى أنها إلى الدعاء أقرب.

ثانياً:
ما أخرجه مسلم في صحيحه، في قصة غزو أهل الشام الكعبة واحتراقها في زمن معاوية، وأراد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن ينقض بناءها قبل إصلاحها ثم يبنيها على قواعد إبراهيم عليه السلام فقال ابن الزبير: (يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة: أنقضها ثم ابني بناءها، أو أصلح ما وهي منها؟) قال ابن عباس: (فإني قد فرق لي رأي فيها، أي أن تصلح ما وهي منها، وتدع بيتاً أسلم الناس عليه، وأحجاراً أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي صلى الله عليه سولم، قال ابن الزبير: ( لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده (59) فكيف بيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثاً ثم عازم على أمري ...) (60).

والشاهد من الأثر والقصة قول الزبير:
(إني مستخير ربي ثلاثاً) فهو دليل على جواز تكرار صلاة الاستخارة لأنه قول وفعل صحابي، فهو حجة إذا لم يعارض بل الأدلة العامة في مشروعية تكرار الدعاء والإلحاح فيه تؤيد هذا العمل.

ثالثاً: ( إن صلاة الاستخارة أشبه ما تكون بصلاة الاستسقاء من حيث إنها صلاة حاجة، وتشابهاً من حيث ارتباط الصلاة بالدعاء، وهذا النوع من الصلاة أشبه ما يكون دعاء بصورة مخصوصة، فإذا انضم إلى هذا المعنى اللغوي للصلاة - وهو الدعاء وكان الإكثار من الدعاء مطلوباً - فلا نرى مانعاً من تكرارها.... ومهما قيل فهي دعاء، والدعاء يستحب تكراره، والإلحاح فيه، سواء كان مخصوصاً أو غير مخصوص) (61).
وأما حديث أنس رضي الله عنه الذي فيه تكرار الاستخارة سبع مرات فلا يصح ولا يجوز الاحتجاج به على أنها تكرر سبع مرات (62).

الحواشي:

(49) مثل أن يناديه أحد فيرد عليه بقوله: لحظة سآتيك بعد قليل.
(50) يعني: دعاء صلاة الاستخارة الذي جاء في حديث جابر رضي الله عنه.
(51) الأذكار (ص 112)، حاشية ابن عابدين (2/28).
(52) عمدة القارئ (7/234).
(53) نيل الأوطار (3/89).
(54) عمدة القارئ (7/235).
(55) مرقاة المفاتيح (3/406). وبينت آنفاً أنه يستخير ويمضي فيها عزم ولا ينتظر انشراح الصدر.
(56) هو العلامة القاضي محمد بن علي بن محمد الشوكاني، من علماء اليمن رحمه الله تعالى.
(57) نيل الأوطار (3/89).

(58) نقل ترجيحهما الشيخ عدنان عرعور في كتابه: ثلاث صلوات مهجورة (ص33).
(59) يجده: يجدده، انظر شرح مسلم للنووي (5/105).
(60) أخرجه مسلم في الشواهد والمتابعات (1333/402) في كتاب الحج، باب: نقض الكعبة.
(61) ثلاث صلوات مهجورة (ص 32-33) عدنان عرعور، وأثر ابن الزبير استفدته من كتابه.
(62) وهو حديث النضر بن أنس بن مالك حدثنا أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه). لكنه ضعيف جداً وأشبه بالموضوع، قال الحافظ عن هذا الحديث في الفتح (11/223): (سنده واه جداً).
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص: (281-282)، أنظر كتاب المجروحين لابن حبان (1/118)، انظر الكامل لابن عدي (1/411 - 412)، الميزان للذهبي (1/139).

ـ تبع ـ









قديم 2008-11-16, 19:15   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


المسألة الخامسة عشرة: من لم يتمكن من الصلاة فهل يجوز له أن يقتصر
على دعاء الاستخارة وحده دون أن يصلي ركعتين؟



معلوم أن الاستخارة تكون بركعتين، ثم الدعاء بعد الصلاة، ولكن إن لم يستطع المسلم الصلاة فهل يستخير بالدعاء الوارد فقط دون الصلاة؟


وذلك كالمرأة الحائض مثلاً، إذا طرأت لها حاجة وأرادت أن تستخير فهي لا تستطيع الصلاة، فهل يشرع لها الاستخارة بالدعاء فقط؟


الجواب: نعم تجوز الاستخارة بالدعاء دون الصلاة لمن لا يمكنه الصلاة، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، حيث أجازوا الاستخارة بالدعاء فقط من غير صلاة إذا تعذرت الاستخارة بالصلاة والدعاء معاً(63).


قال النووي رحمه الله تعالى: " ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء"(64).


المسألة السادسة عشرة: ما الحكمة من تقديم صلاة ركعتين على دعاء الاستخارة؟


إن الله سبحانه وتعالى موصوف بالحكمة، وديننا الإسلامي دين حكمة وتدبر. وقد يحاول الإنسان التوصل إلى شيء من الحكم التي في النصوص الشرعية، فيعرف حكمة التشريع فيزداد إيماناً وثباتاً، وإن لم تظهر لنا الحكمة قلنا سمعنا وأطعنا.
ودعاء الاستخارة مسبوق بصلاة ركعتين، فحاول بعض أهل العلم معرفة الحكمة من ذلك.


فقالوا: إن الهدف من الاستخارة أن يجمع بين خيري الدنيا والآخرة، وأن يبعد الله عنه شر ما يريد الإقدام عليه، فهذا الطلب نوع دعاء يحتاج إلى مقدمة فيها ذل وخشوع ومناجاة واعتراف يقرع بها باب الملك قبل الشروع في الطلب وليس أفضل وأنجح لذلك من الصلاة.


قال الحافظ ابن حجر: ( قال ابن أبي جمرة: الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلاً وحالاً ) (65).


وقال العلامة ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: ( ثم انظر رحمنا الله وإياك إلى حكمة أمره عليه الصلاة والسلام المكلف بأن يركع ركعتين من غير الفريضة، وما ذاك إلا لأن صاحب الاستخارة يريد أن يطلب من الله قضاء حاجته.


وقد قضت الحكمة أن من الأدب قرع باب من تريد حاجتك منه، وقرع باب المولى سبحانه وتعالى إنما هو بالصلاة...، ولأنها جمعت بين آداب جمة فمنها خروجه عن الدنيا كلها وأحوالها بإحرامه بالصلاة، ألا ترى إلى الإشارة برفع اليدين عند الإحرام إلى أنه خلف الدنيا وراء ظهره، وأقبل على مولاه يناجيه، ثم ما فيها من الخضوع والندم والتذلل بين يدي المولى الكريم بالركوع والسجود؟ إلى غير ذلك مما احتوت عليه من المعاني الجليلة ليس هذا موضع ذكرها.


فلما أن فرغ من تحصيل هذه الفضائل الجمة حينئذ أمره صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام بالدعاء ) (66).


الحواشي:
(63) ابن عابدين (1 / 643)، وحاشية العدوي والخرشي (1 / 38)، والفتوحات الربانية (3 / 348).
(64) الأذكار (ص 112)، حاشية ابن عابدين ( 2/28).
(65) فتح الباري (11/222).
(66) المدخل (4/38 - 39) بتصرف يسير.

ـ يتبع ـ










قديم 2008-11-19, 18:34   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجمع بين الاستخارة والاستشارة

إن الله سبحانه بكرمه وحكمته امتن على بعض عباده بعقل راجح، ونظر ثاقب وحكمة بليغة، وتجارب في الحياة كبيرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لذا كان الأسعد للمسلم أنه إذا اختار ربه في أمر ما، استشار ذوي العقول الناصحة فالجمع بين الاستخارة والاستشارة من كمال الحكمة والفهم والسلامة.

ومن أحسن ما قيل:
شاور سواك إذا نابتك نائبة =======فالعين تلقى كفاحاً من نأى ودنا
يوماً وإن كنت من أهل المشورات=====ولا ترى نفسها إلا بمرآة (68).

وقال ابن الحجاج المالكي - رحمه الله-: " والجمع بين الاستخارة والاستشارة من كمال الامتثال للسنة، فينبغي للمكلف أن لا يقتصر على إحداهما، فإن كان ولابد من الاقتصار فعلى الاستخارة لما تقدم من قول الراوي: (كان رسول الله ( يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها ما يعلمنا السورة من القرآن). والاستخارة والاستشارة بركنهما ظاهرة بينة لما تقدم ذكره من الأمثال للسنة والخروج عما يقع في النفوس من الهواجس والوساوس وهي كثيرة متعددة.، وقال بعض السلف: ( من حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العلماء ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فالرأي الفذ ربما زل، والعقل الفرد ربما ضل) (69).

وقال أبو الحسن المارودي الشافعي - رحمه الله -: (ومن الحزم لكل ذي لب أن لا يبرم أمراً ولا يمضي عزماً إلا بمشورة ذي الرأي الناصح ومطالعة ذي العقل الراجح؛ فإن الله أمر بالمشورة نبيه ( مع ما تكفل به من إرشاده وعونه وتأييده فقال تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) ) (70).

وقال النووي - رحمه الله-: ( يستحب أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم من حاله النصيحة والشفقة، والخبرة، ويثق بدينه ومعرفته... وإذا استشار وظهر أنه مصلحة، استخار الله في ذلك) (71).

وقال ابن حجر الهيثمي: ( حتى عند التعارض - ( أي تقديم الاستشارة) - لأن الطمأنينة إلى قول المستشار أقوى منها إلى النفس لغلبة حظوظها وفساد خواطرها، وأما لو كانت نفسه مطمئنة صادقة إرادتها متغلبة عن حظوظها قدم الاستخارة) (72).

وقال شيخ الإسلام: (ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وتثبت في أمره، وقال تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) (آل عمران: من الآية159) (73).

وقال قتادة: ( ما تشاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم) (74).

الحواشي:
(68) انظر كشف الخفا للعجلوني (2/185 - 186).
(69) المدخل (4/40 - 41) بتصرف يسير.
(70) نقله ابن الحاج في المدخل (4/41).
(71) الموسوعة الكويتية (3/243).
(72) الموسوعة الكويتية (3/243).
(73) الوابل الصيب (ص247).

ــ يتبع ــ









قديم 2008-11-26, 21:05   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خصال من يُستشار:

فإذا علمت أهمية الاستشارة فاعلم أن من يستشار وتطلب منه المشورة له خصال وصفات حميدة، ذكرها بعض أهل العلم، فرأيت نقلها إتماماً للفائدة، وليعلم المسلم على من يطرح أمره، ولمن يفشي سره.

قال ابن الحاج المالكي رحمه الله في هذا الصدد:

( فإذا عزم على المشورة ارتاد لها من أهلها من استكملت فيه خمس خصال:
إحداهن: عقل كامل مع تجربة سابقة، فإن بكثرة التجارب تصح الروية، وقال عبد الله بن الحسن لابنه محمد: احذر مشورة الجاهل وإن كان ناصحاً كما تحذر عداوة العاقل إن كان عدواً، فإنه يوشك أن يورطك بمشورته فيسبق إليك مكر العاقل وتوريط الجاهل.

وكان يقال: إياك ومشاورة رجلين: شاب معجب بنفسه قليل التجارب في غرة، وكبير قد أخذ الدهر من عقله كما أخذ من جسمه، وقيل في منثور الحكم: كل شيء محتاج إلى العقل، والعقل محتاج إلى التجارب.

وقال الشاعر:
ألم تر أن العقل زين لأهله====ولكن تمام العقل طول التجارب

والخصلة الثانية: أن يكون ذا دين وتقى فإن ذلك عماد كل صلاح وباب كل نجاح، ومن غلب عليه الدين فهو مأمون السريرة موفق العزيمة.
والخصلة الثالثة: أن يكون ناصحاً ودوداً فإن النصح والمودة يصدقان الفكرة ويمحصان الرأي.
وقال بعض الحكماء: لا تشاور إلا الحازم غير الحسود، واللبيب غير الحقود، وإياك ومشاورة النساء فإن رأيهم إلى الأفن (75)، وعزمهن إلى الوهن.
وقال بعض الأدباء: مشورة المشفق الحازم ظفر، ومشورة غير الحازم خطر.

وقال بعض الشعراء:
أضف ضميراً لمن تشاوره====وارض من المرء في مودته
واسكن إلى ناصح تشاوره====بما يؤدي إليك ظاهره


والخصلة الرابعة:
أن يكون سليم الفكر من هم قاطع وغم شاغل. فإن من عارضت فكرته شوائب الهموم لم يسلم له رأي ولم يستقم له خاطر. وقد قيل في منثور الحكم: بترداد الفكر ينجاب لك العكر.
والخصلة الخامسة: أن لا يكون له في الأمر المستشار فيه غرض يتابعه ولا هوى يساعده، فإن الأغراض جاذبة، والهوى صاد، والرأي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسد.

وقال الفضل بن العباس:


وقد تحكم الأيام من كان جاهلاً ====ويحمد في الأمر الفتى وهو مخطئ
ويردي الهوى ذا الرأي وهو لبيب====ويعذل في الإحسان وهو مصيب

فإذا استكملت هذه الخصال الخمس في رجل كان أهلاً للمشورة، ومعدناً للرأي فلا تعدل عن استشارته اعتماداً على ما توهمه من فضل رأيك وثقة بما تستشعره من صحة رويتك، فإن رأي غير ذي الحاجة أسلم، وهو من الصواب أقرب؛ لخلوص الفكر وخلو الخاطر مع عدم الهوى وارتفاع الشهوة (76).


وقال بعض الحكماء: " الناس ثلاثة: فواحد كالغذاء لا يستغنى عنه، وواحد كالدواء يحتاج إليه في بعض الأوقات، وواحد كالداء لا يحتاج إليه أبداً" (77).

ونقل الخطيب في تلخيص المتشابه عن قتادة قال: " الرجال ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا شيء. فأما الذي هو رجل فرجل له عقل ورأي يعمل به وهو يشاور، وأما الذي هو نصف رجل؛ فرجل له عقل ورأي يعمل به وهو لا يشاور، وأما الذي هو لا شيء: فرجل له عقل وليس له رأي يعمل به وهو لا يشاور" (78).

الذي يترك الاستخارة والاستشارة يخاف عليه من الخطأ والتعب:

فإذا علمت أهمية الاستخارة وبركتها وضرورة الاستشارة والاستعانة بآراء الرجال فإن الذي يدعهما يخاف عليه من الخطأ ومجانبة الصواب والزلل في متاعب لا طاقة له بها، ومصائب لا حل لها.

قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله -: " فمن ترك الاستخارة والاستشارة يخاف عليه من التعب فيما أخذ بسبيله لدخوله في الأشياء بنفسه دون الامتثال للسنة المطهرة، وما أحكمته في ذلك، إذ أنها لا تستعمل في شيء إلا عمته البركات، ولا تترك من شيء إلا حصل فيه ضد ذلك، نسأل الله السلامة بمنه " (79). اهـ.

الحواشي:

(75) الأفَن: بالفتح ضعف الرأي، حاشية المدخل (4/43)، وهذا الكلام ليس على إطلاقه بل ينطبق على بعض النساء فقط، فكم من نساء مؤمنات مشورتهن فلاح، وأكبر دليل على ذلك خديجة رضي الله عنها، وقصة النبي ( مع أم سلمة حين أشارت عليه بحلق رأسه في قصة الحديبية.
(76) المدخل (4/42 - 43) بتصرف يسير.
(77) انظر كشف الخفاء للعجلوني (2/186).
(78) المدخل (2/43).
(79) المدخل (2/43).

ـ يتبع ـ









قديم 2008-11-29, 15:25   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
**ولد مزغنة**
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية **ولد مزغنة**
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بيان وذكر الاستخارات المبتدعة


مع أن دعاء صلاة الاستخارة نطق به خير البشر بوحي من رب البشر والعالم بأحوالهم وما يصلحهم، ومع أن ألفاظ حديثه مانعة جامعة، مع ذلك اختار بعض الناس استخارة لنفسه مبتدعة بعيدة كل البعد عن الصحة والصواب، فحرم نفسه الخير، بل ربما أوقعها في الشرك والخرافة.


قال العلامة أبو عبد الله محمد العبدري الشهير بابن الحاج - رحمه الله -: ( وليحذر مما يفعله بعض الناس ممن لا علم عنده أو عنده علم وليس عنده معرفة بحكمة الشرع الشريف في ألفاظه الجامعة للأسرار العلية؛ لأن بعضهم يختارون لأنفسهم استخارة غير الاستخارة المتقدمة الذكر، وهذا فيه ما فيه من اختيار المرء لنفسه غير ما اختار له من هو أرحم به وأشفق عليه من نفسه ووالديه، العالم بمصالح الأمور المرشد لما فيه الخير والنجاح والفلاح صلوات الله عليه وسلامه) (80).

ومن تلك الاستخارات المبتدعة المصنوعة:



1-اشتراط الرؤية المنامية: ( كأن يشترط فيها: أن يرى المستخير في منامه ما نواه، أو يرى خضرة أو بياضاً إن كان ما يقصده خيراً، ويرى حمرة أو سواداً إن كان ما يقصده لا خير فيه ) (81).


قال ابن الحاج المالكي - رحمه الله - : ( وبعضهم يستخير الاستخارة الشرعية ويتوقف بعدها حتى يرى مناماً يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه، أو يراه غيره له. وهذا ليس بشيء؛ لأن صاحب العصمة ( قد أمر بالاستخارة والاستشارة لا بما يرى في المنام ) (82).


2-استخارة السبحة: وصورتها: " أن يأخذ الشخص مسبحة فيتمتم عليها بحاجته، ثم يحصر بعض حباتها بين يديه، ويعدها، فإن كانت فردية عدل عما نواه، وإن كانت زوجية، اعتبر ما نواه خيراً وسار فيه".


3- استخارة الفنجان: " يعملها عادة غير صاحب الحاجة، ويقوم بعلمها رجل أو امرأة، وطريقتها، أن يشرب صاحب الحاجة القهوة المقدمة إليه، ثم يكفئ الفنجان، وبعد قليل، يقدمه لقارئه، فينظر فيه، بعد أن أحدثت فضلات القهوة به رسوماً وأشكالاً مختلفة، شأنها في ذلك شأن كل راسب في أي إناء إذا انكفأ ، فيتخيل ما يريد، ثم يأخذ في سرد حكايات كثيرة لصاحب الحاجة، فلا يقوم من عنده إلا وقد امتلأت رأسه بهذه الأسطورة".


4-استخارة المندل: " وطريقتها: أن يوضع الفنجان مملوءاً ماء على كف شخص مخصوص في كفه تقاطيع مخصوصة، ويكون ذلك في يوم معلوم من أيام الأسبوع، ثم يأخذ صاحب المندل (العرّاف) في التعزيم والهمهمة بكلام غير مفهوم وينادي بعض الجن ليأتوا بالمتهم السارق". (83)



الحواشي:
(80) المدخل (4/37).
(81) القول المبين في أخطاء المصلين (ص 409) مشهور حسن.
(82) المدخل (4/37).
(83) انظر ما سبق نقله من الرقم واحد إلى أربعة في كتاب القول المبين (ص 409 -410) قال الشيخ مشهور.


ـ يتبع ـ










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:32

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc