الردّ على شبه القائلين بأن الله معنا بنفسه بالأدلة النقلية والعقلية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الردّ على شبه القائلين بأن الله معنا بنفسه بالأدلة النقلية والعقلية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-10-26, 20:25   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










B8 الردّ على شبه القائلين بأن الله معنا بنفسه بالأدلة النقلية والعقلية

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الردّ على شبه القائلين بأن الله معنا بنفسه بالأدلة النقلية والعقلية
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فقد تضافرت أدلة الشرع على علو الله فوق سماواته ، و الفطر السليمة على ذلك و السلف الصالح على ذلك ، ومع هذا وجد من يؤول هذه النصوص ، و يحملها على غير محملها الصحيح مخالفا صريح الكتاب و السنة و كلام السلف الصالح ،و قد تصفحت منذ بضعة أيام كتاب يدعى إن الله معنا حقا فصعقت مما به من أدلة يتوهم منها أن الله معنا بنفسه في الأرض ،و حمل نصوص الكتاب و السنة على غير ظاهرها و نحسن ظنا بالكاتب أنه أراد بيان الحق الذي غلب على ظنه أنه حق لكن كم من مريد للحق لا يبلغه لذلك أحببت في كتابة شيئا من الحق الذي عليه أهل السنة و الجماعة ، و أسميته كتائب السلفية تقتل أدلة القائلين بأن الله معنا بنفسه بالأدلة النقلية والعقلية و كان مكونا من ثلاثة فصول :

الفصل الأول : الأدلة على علو الله
الفصل الثاني : مناقشة استدلالات من قال الله معنا بنفسه
الفصل الثالث :فصل : كلام الصحابة و السلف و من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين في علو الله
الخاتمة .

فصل : من أدلة علو الله فوق خلقه ، والرد على من رد على هذه الأدلة :


الدليل الأول :

آيات الاستواء على العرش كقوله تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾[1] و استوى على العرش أي علا على العرش و العرش أعلى المخلوقات و الله علا على العرش فالله فوق جميع المخلوقات وليس معهم بذاته و من أقوال علماء السلف في أن الاستواء على العرش بمعنى العلو قول الطبري في قوله تعالى : ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾[2]: وقوله: ﴿ في ستة أيام ﴾قيل: كان ابتداء ذلك يوم الأحد، والفراغ يوم الجمعة ﴿ ثم استوى على العرش الرحمن ﴾ يقول: ثم استوى على العرش الرحمن وعلا عليه، وذلك يوم السبت فيما قيل. وقوله: ﴿ فاسأل به خبيرا ﴾ يقول: فاسأل يا محمد خبيرا بالرحمن، خبيرا بخلقه، فإنه خالق كل شيء، ولا يخفى عليه ما خلق. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل[3] ، و قال قتيبة بن سعيد : نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه كما قال تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [4] ، قال ابن بطال : وأما تفسير استوى علا فهو صحيح وهو المذهب الحق وقول أهل السنة لأن الله سبحانه وصف نفسه بالعلي [5].




رد القائلين بأن الله معنا بنفسه على الاستدلال بآيات الاستواء على علو الله فوق خلقه :





قالوا : هذه الآيات إثبات لوجود الله فوق العرش امتدادًا لإثبات وجوده فى أرضه وسماواته ، حيث لا يجوز تفسير استواء الله على العرش بمفهوم مغادرته للأرض والسماوات !! ، لأن فى ذلك تحجيمًا له وتحييزًا وتغييبًا ، وهو فهم يتعلق بكيفية مبنية على تشبيه الله بغيره من المحدودات !، وهذا يتصادم مع أسماء الله الأول والآخر والظاهر والباطن والواسع والمتعال والقريب كما فسرها النبى صلى الله عليه وسلم باتساع الله المطلق معنا ومع كل شيء وفوقنا وفوق كل شيء ، بمعنى استواء وجود الله نفسه فى كل جهة ومكان دون تحدد أو تحيز ، وبالتالى دون غياب من أى مكان ، ولا مانع من هذا التفسير لغة وشرعا ، وبه قال الكثيرون ، وبغيره لم يقل النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه و أورد الإمام القرطبى أهم أقوال العلماء فى معنى الاستواء على العرش حيث قال : (( هذه مسألة الاستواء ، وللعلماء فيها كلام ، و الأكثر من المتقدمين و المتأخرين أنه إذا وجب تنزيه الباري سبحانه عن الجهة و التحيز فمن ضرورة ذلك و لواحقه اللازمة عليه عند عامة العلماء المتقدمين و قادتهم من المتأخرين تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة ، فليس يتحيز بجهة فوق عندهم ؛ لأنه يلــزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان أو حيز ، و يلزم على المــكــان و الحيــز الحركة و الســكون للمتحــيز ، و التغـــير و الحــدوث )) .









 


آخر تعديل علي الجزائري 2008-10-26 في 23:02.
قديم 2008-10-26, 20:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة الرد :

الاستواءفي اللغة العربية إذا عُدى بـحرف الجر على فلا يقتضي إلا الارتفاع و العلو فيكون معنى قوله
تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾علا على عرشه عزّ وجل علواً يليق به ليس كعلو المخلوقين : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[6] فلا يشبه علو الإنسان على السرير و لا علو الإنسان على الأنعام ، ولا علو الإنسان على الفلك ، و مادام الله على العرش فهو علو المكان إذ الظاهر من العلو علو المكان ، والعلو إنما يكون علو الشيء نفسه فالله نفسه فوق العرش ، والعلو المطلق لله علو المكان بفوقيته فوق عرشه و العرش أعلى المخلوقات فمن علا عليه فقد علا على جميع المخلوقات ، وعلو الصفات فالله جميع صفات الكمال و يمتنع عنه جميع صفات النقص و من يقول استوى على العرش أي استولى على العرش لقول الشاعر : استوى بشر على العراق، والجواب على ذلك : قال ابن
تيمية : لم يثبت نقل صحيح أنه شعر عربي وكان غير واحد من أئمة اللغة أنكروه وقالوا : إنه بيت مصنوع لا يعرف في اللغة وقد علم أنه لو احتج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحتاج إلى صحته فكيف ببيت من الشعر لا يعرف إسناده وقد طعن فيه أئمة اللغة ; وذكر عن الخليل كما ذكره أبو المظفر في كتابه ( الإفصاح ) قال : سئل الخليل هل وجدت في اللغة استوى بمعنى استولى ؟ فقال : هذا ما لا تعرفه العرب ; ولا هو جائز في لغتها وهو إمام في اللغة على ما عرف من حاله فحينئذ حمله على ما لا يعرف حمل باطل[7] ، و أيضا استوى بشر على العراق ليس صريحًا في أنه استولى على العراق ، فاستوى بشر على العراق، يعني: علا على عرشه، صار سلطانًا عليه ، وأيضًا من جهة المعنى، لا يصح، فإن الاستيلاء يشعر بأنه كان قبل ذلك غير مستول عليه، وأنه صار مستوليا عليه بعد أن لم يكن، أو يشعر أيضًا بالمغالبة، استولى عليه ،و لو صح هذا البيت وصح أنه غير محرف، لم يكن فيه حجة، بل هو حجة عليهم، وهو على حقيقة الاستواء، فإن بشراً هذا كان أخا عبد الملك بن مروان ، وكان أميراً على العراق ، فاستوى على سريرها كما هو عادة الملوك ونوابها، أن يجلسوا فوق سرير الملك مستوين عليه، وهذا هو المطابق لمعنى هذه اللفظة في اللغة، كقوله تعالى: ﴿ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ﴾[8]، ولو كان المراد بالبيت استيلاء القهر والملك، لكان المستوي على العراق عبد الملك بن مروان لا أخوه بشر ، فإن بشراً لم يكن ينازع أخاه عبد الملك ولم يكن ملكاً مثله، وإنما كان نائباً له عليها ووالياً من جهته، فالمستولي عليها هو عبد الملك لا بشر ، بخلاف الاستواء الحقيقي وهو الاستقرار فيها والجلوس على سريرها، فإن نواب الملوك تفعل هذا بإذن الملوك ،و لا يقال لمن استولى على بلدة ولم يدخلها ولم يستقر فيها بل بينه وبينها بعد كثير: أنه قد استوى عليها، فلا يقال: استوى أبو بكر على الشام ولا استوى عمر على مصر والعراق ، ولا قال أحد قط: استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن ، مع أنه استولى عليها واستولى خلفاؤه على هذه البلاد، ولم يزل الشعراء يمدحون الملوك والخلفاء بالفتوحات، ويتوسعون في نظمهم واستعاراتهم، فلم يسمع عن قديم منهم -جاهلي ولا إسلامي- ولا محدث أنه مدح أحداً قط أنه استوى على البلد الفلاني الذي فتحه واستولى عليه، فهذه دواوينهم وأشعارهم موجودة ، و من يقول إنه يلزم من تفسير الاستواء بالعلو أن يكون الله جسماً فجواب هذه الشبهة أن كل شيء يلزم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو حق، ويجب علينا أن نلتزم به، ولكن الشأن كل الشأن أن يكون هذا من لازم كلام الله ورسوله، لأنه قد يمنع أن يكون لازماً، فإذا ثبت أنه لازم، فليكن، ولا حرج علينا إذا قلنا به. ثم نقول: ماذا تعنون بالجسم الممتنع ؟إن أردتم به أنه ليس لله ذات تتصف بالصفات اللازمة لها اللائقة بها، فقولكم باطل، لأن لله ذاتاً حقيقية متصفة بالصفات، وأن له وجهاً ويداً وعيناً وقدماً، وقولوا ما شئتم من اللوازم التي هي لازم حق. وأن أردتم بالجسم الذي قلتم يمتنع أن يكون الله جسماً: الجسم المركب من العظام واللحم والدم وما أشبه ذلك، فهذا ممتنع على الله، وليس بلازم من القول بأن استواء الله على العرش علوه عليه[9] ، ومن يقول تفسير استواء الله على العرش بعلوه فوق العرش يستلزم أن يكون الله محدودا فجواب هذه الشبهة : ماذا تعنون بالحد؟إن أردتم أن يكون محدوداً، أي: يكون مبايناً للخلق منفصلاً عنهم، كما تكون أرض لزيد وأرض لعمر، فهذه محدودة منفصلة عن هذه، فهذا حق ليس فيه شيء من النقص. وإن أردتم بكونه محدوداً: أن العرش محيط به، فهذا باطل، وليس بلازم، فإن الله تعالى مستوى على العرش، وإن كان عز وجل أكبر من العرش ومن غير العرش، ولا يلزم أن يكون العرش محيطاً به بل لا يمكن أن يكون محيطاً به، لأن الله سبحانه وتعالى أعظم من كل شيء وأكبر من كل شيء والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه[10] و من يقول تفسير استواء الله على العرش بعلوه فوق العرش يستلزم أن يكون الله محتاجا إلى العرش فجواب هذه الشبهة : لا يلزم، لأن معنى كونه مستوياً على العرش: أنه فوق العرش، لكنه علو خالص، وليس معناه أن العرش يقله أبداً، فالعرش لا يقله، والسماء لا تقله، وهذا اللازم الذي ادعيتموه ممتنع، لأنه نقص بالنسبة إلى الله عز وجل، وليس بلازم من الاستواء الحقيقي، لأننا لسنا نقول: إن معنى﴿ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾يعني: أن العرش يقله ويحمله، فالعرش محمول ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾[11] وتحمله الملائكة الآن، لكنه ليس حاملاً لله عز وجل، لأن الله سبحانه وتعالى ليس محتاجاً إليه ، و لا مفتقراً إليه [12] و من يقول علو الله على العرش علو المكانة لا المكان يجاب على هذه الشبهة أن القول بأن الاستواء على العرش علو مكانة الله على العرش من جنس قول القائل السماء فوقنا و الأرض تحتنا و الجبل أثقل من الحصى فهذا الكلام تحصيل حاصل ليس فيه تمجيد ولا تعظيم بل تنقص إلا إذا كان الكلام يقتضي ذلك كما في الاحتجاج على مبطل قال تعالى : ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ ، و الأصل في العلو على المكان فالذي يصرفه عن المعنى الظاهر يحتاج لدليل ، ولا دليل صحيح خال من معارض معتبر ، ومن يقول تفسير استواء الله على العرش بعلوه فوق العرش يستلزم أن التحيز فالجواب على هذه الشبهة إن كان المراد أن الله تحوزه المخلوقات فهذا باطل قطعاً ، و إن أراد أن الله منحاز عن المخلوقات ، أي : مباين لها فهذا حق ، ومن يقول تفسير استواء الله على العرش بعلوه فوق العرش يستلزم أن يكون الله في جهة من الجهات ومكان من الأماكن ، والجواب على هذه الشبهة لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتاً ولا نفياً، ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء. و أما معناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو لا تحيط به. فالأول باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة، والعقل والفطرة ، و الإجماع . و الثاني باطل أيضاً؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته. والثالث حق ؛ لأن الله تعالى العلي فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته[13] فنقول إثبات المكان لله إما أن يراد بالمكان أمر وجودي وهو الذي يتبادر لأذهان جماهير الناس اليوم ويتوهمون أنه المراد بإثباتنا لله تعالى صفة العلو . و الله تعالى منزه عن أن يكون في مكان بهذا الاعتبار فهو تعالى لا تحوزه المخلوقات إذ هو أعظم وأكبر بل قد وسع كرسيه السموات والأرض و أما أن يراد بالمكان أمر عدمي وهو ما وراء العالم من العلو فالله تعالى فوق العالم وليس في مكان بالمعنى الوجودي كما كان قبل أن يخلق المخلوقات .









قديم 2008-10-26, 20:38   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

شيهة أخرى حول استواء الله على العرش :

قالوا الله ليس فوق مخلوقاته لقوله تعالى : ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾[14] ولدينا أي عندنا فاللوح المحفوظ مع الله فليس الله فوق المخلوقات ؛ لأن أحد المخلوقات معه ، و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما قضى اللهالخلق كتب في كتابه ، فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي[15] و قوله صلى الله عليه وسلم "عنده فوق العرش" يدل على أن مع الله أحد المخلوقات فبطل أن الله فوق جميع المخلوقات ، والجواب على هذه الشبهة كون الكتاب عند الله والله فوق العرش فهذا يدل على أن اللوح المحفوظ فوق العرش و اللوح المحفوظ يكون مستثنى من عموم الأدلة الدالة على أن العرش فوق جيع المخلوقات ، و إخراج بعض أفراد العام عن حكم العام ( التخصيص )لا ينهي الحكم عن جميع أفراد العام، بل لا بد من بقاء بعض من الأفراد ينتهي إليه التخصيص ، و التخصيص لا يفقد العام صلاحية الاحتجاج مطلقا في مستقبل الزمان ، بل يعمل به في غير صورة التخصيص ؛ لأنه لا بد من بقاء بعـض أفراد العام بعد تخصيصه، ولا يمكن أن يتناول التخصيص كل أفراده نأيا للـعام عن اللغو ودلالة العام على أفراده الباقية تحته بعد التخصيص باقية، و التخصيص لا يبطلها بل يبقيها، و كون اللوح المحفوظ عند الله و فوق العرش فهذا لا يبطل أن الله مستو على العرش و لا ينافي علوه ، و لا يلزم من قول أحد هذا الشيء عند فلان أن يكون الشيء وفلان في مكان واحد وفي علو واحد فعندما أقول القلم عند أحمد لا يعني بالضرورة أن القلم و أحمد في مكان واحد ، و في علو واحد فقد يكون أحمد في غرفة والقلم في غرفة وعندما أقول الراديو عند محمد لا يعني بالضرورة أن يكون الراديو و محمد في نفس المكان .



الدليل الثاني :


الآيات التي فيها التصريح بالعلو المطلق كقوله تعالى : ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾[16] ، و قوله تعالى : ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾[17]، و مادام الله وصف نفسه بالعلو و العلو عند الإطلاق يشمل علو الذات و علو الصفات و علو الذات فمعناه أن الله بذاته فوق جميع خلقه . وأما علو الصفات فمعناه أنه ما من صفة كمال إلا ولله تعالى أعلاها وأكملها سواء أكانت من صفات المجد والقهر أم من صفات الجمال والقدر فالله متصف بالعلو المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله فذاته أعلى الذوات فالله فوق العالم ولا شيء فوقه، وصفاته وأفعاله أعلى الصفات والأفعال وأرفعها جمالا وحسنا وكمالاً ، والعلو أيضا يشمل علو المكان و علو المكانة ، وعلو المكان يستلزم أن يكون الله فوق جميع خلقه ، وليس معهم بذاته . رد القائلين بأن الله معنا بنفسه على الاستدلال بالآيات المصرحة بالعلو على علو الله فوق خلقه : الــمراد بالعلو علـــو المكانة و علو الله في القلـــوب لأن الله معنــا أينما كنا .










قديم 2008-10-26, 20:43   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة الرد :

العلو المطلق علو المكان والمكانة والقدرة والقهر و الصفات و الأصل في كلمة العلو علو المكان ، و من يصرف اللفظ عن ظاهره يحتاج لدليل ، وإلا فالأصل في الكلام الحقيقة ، و إنما يثبت معنى علو المكانة و العلو في القلوب ضمن ثبوت العلو المطلق من كل وجه فلله سبحانه علو الأسماء وعلو القدر وعلو الذات و علو الصفات فمن أثبت البعض ، و نفى البعض فقد تناقض و علو مكانة الله وعلوه في القلوب يستلزم علوه بنفسه فوق خلقه فإن لم يكن عاليا بنفسه على كل شبء كان علوه في القلوب غير مطابق كمن جعل ما ليس بأعلى أعلى[18] و كون الله معنا فهذا لا يستلزم نفي علو المكان ؛ لأن المعية لا تقتضي الاجتماع في المكان إلا بدليل عندما يقول القائد لجنوده سيروا و أنا معـــكم هل يلزم أنه معهم بنفسه أم أنا معكم بتأييدي لكم بتشجيعــي لكم برؤيتي لكم .



الدليل الثالث :
الآيات التي فيها التصريح بأن الله فوق خلقه كقوله تعالى : ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾[19] ، وقوله تعالى : ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾[20] ، و مادام الله فوق خلقه فهذا يستلزم علوه عليهم و أنه ليس معهم بذاته .

رد القائلين بأن الله معنا بنفسه على الاستدلال بالآيات المصرحة بفوقية الله على خلقه على علو الله فوق خلقه بنفسه :

المراد بفوقية الله على خلقه فوقية المكانة لا فوقية المكان ، و فوقية القهر والغلبة لا فوقية الذات ، و هذا كما إذا قلت : الملك فوق الوزير، أي: أعلى منه درجة ، و أيضا الفوقية تحيط بالأرض كلها، أى أن ( العلو ) هو الاتساع المطلق و ليس هو البُعْد المطلق . والأرض تدور دائما ، و ما هو فوقنا الآن يكون تحتنا بعد ساعات ولكنه فوق نصف الكرة الأرضية المقابل ،وكروية الأرض ودورانها دليل على أن الله في كل مكان ، و السماء محيطة بالكرة الأرضية دليل على أن الله في كل مكان .

مناقشة الرد :
فوقية الله على خلقه مطلقة تشمل فوقية المكان والمكان ،و الأصل في كلمة فوق العلو على المكان ، ومن يصرف اللفظ عن ظاهره يحتاج لدليل ، و إلا فالأصل في الكلام الحقيقة ، و إنما يثبت معنى فوقية المكانة و ضمن ثبوت الفوقية المطلقة من كل وجه فلله سبحانه فوقية الأسماء وفوقية القدر وفوقية الذات و فوقية الصفات فمن أثبت البعض و نفى البعض فقد تناقض ، وما المانع من أن يكون المراد بالفوقية فوقية المكان والمكانة معا ، و كون فوقية الملك على الوزير فوقية درجة فلا يمنع من أن تكون الفوقية أيضا فوقية مكان فكون الملك فوقه من حيث المكانة والمنزلة لا ينفي أن يكون فوقه في المكان ، و الأرض تحت السماء و هي تدور تحت السماء ولا تأتي مرة فوقها ومرة تحتها ، و لو أحضرنا كرة في غرفة من الغرف و أدرنا الكرة حول نفسها نجد الكرة تدور حول نفسها و سقف الغرفة فوق الكرة ، والقول بأن السماء محيطة بالأرض لا يستلزم أن يكون الله في كل مكان فالله فوق السماوات ، ولو كنا في غرفة ووضعنا كرة في كرة و أدرنا الكرة الداخلية الصغيرة فنجد سقف الغرفة فوق الكرتين .














قديم 2008-10-26, 20:45   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

الدليل الرابع :

التصريح بنزول الأشياء منه ، و النزول لا يكون إلا من علو كقوله تعالى : ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾[21] ، و لو كان الله في كل مكان بذاته ، لما كان لزول الأشياء منه معنى .





الدليل الخامس :
التصريح بصعود الأشياء إليه كقوله تعالى : ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾[22] ، و عن أبي موسى الأشعري قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات . فقال : " إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام . يخفض القسط ويرفعه . يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار . وعمل النهار قبل عمل الليل . حجابه النور . ( و في رواية أبي بكر : النار ) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه "[23] ، و الصعود إنما يكون من سفل لعلو ، و لو كان الله في كل مكان بذاته ، لما كان لصعود الأشياء إليه معنى .



الدليل السادس :
التصريح بأن الله في السماء كقوله تعالى : ﴿ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾[24]، و السماء ليس ظرفا حَاوٍ لَهُ محيط به سبحانه و إذا كان كرسي الله قد وسع السماء والأرض فكيف يقال أن السماء ظرف حَاوٍ لَهُ سبحانه ؟!!! وهو الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه؟ و حرف الجر " في " إما أن يكون بمعنى (على) كما قاله كثير من أهل العلم والمعرفة واللغة ، و" في " تكون بمعنى ( على) في مواضع كثيرة، مثل قوله تعالى ﴿ لأصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النخل ﴾[25]، و إذا قال أحد : الناس في الأرض، فليس معنى ( في الأرض) أنهم داخل الأرض ، أي في جوفها وفي بطنها ، أما إذا قال: الذهب والبترول في الأرض ، فُهِم منه أنها في الباطن ؛ لكن إذا قال : الناس في الأرض ، فُهِم من ذلك أنهم فوقها، و السماء بلغة العرب تطلق على الجرم المشهود، ، و تطلق على العلو مطلقاً، فسماء كل شيء علوه، فإذا نظرنا إلى المراوح نقول: المراوح في سماء البيت، أي في أعلاه، وهذا معروف أيضاً في لغة العرب؛ كما قال ابن الأعرابي : كل ما علاك فهو سماء ، فكل ما كان فوقك فهو سماء، فالبيت سقفه سماء، وأعلى الخيمة سماء كما كانت العرب تقول ذلك، وإذا رأى العرب شيئاً في الفضاء قالوا: هذا في السماء؛ كما في قوله تعالى : ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾[26]و السماء في قوله تعالى : ﴿ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾ إذا كانت في بمعنى على تعني السقف المحفوظ المرفوع ، يعني: الأجرام السماوية ،و إما أن يكون حرف الجر في كما هو معناه ، و يكون المراد من السماء جهة العلو، وعَلى الوجهين فالآية نص في علو الله على خلقه .

الدليل السابع :
التصريح بنزول الله إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟[27] ، و النزول يكون من علو لسفل ، ولو كان الله في الأرض و في السماء بذاته لما كان لنزوله إلى السماء الدنيا معنى .










قديم 2008-10-26, 20:48   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

الدليل الثامن :

لازم فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما أشار إلى الله حسا إلى العلو فعندما خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس في حجة الوداع واستشهدهم على البلاغ، فقالوا : " نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت " فقال: بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها – ويخفضها - إلى الناس، اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات[31] فلو لم يكن الله في السماء ، وفوق خلقه ما كان لرفع النبي صلى الله عليه وسلم سبابته إلى السماء معنى ، ولو كان الله في كل مكان ،ومع النبي صلى الله عليه وسلم بذاته لكان رفعه صلى الله عليه وسلم سبابته إلى السماء تضليلا للأمة و هذا باطل



الدليل التاسع :

قول النبي صلى الله عليه وسلم : الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء [32] فلو لم يكن الله في السماء ، وفوق خلقه ما كان لقول النبي صلى الله عليه وسلم من في السماء معنى ، ولو كان الله في السماء و الأرض جميعا لقال يرحمكم من في السماء و الأرض ، ولو كان الله معنا بذاته لقال يرحمكم من معكم بنفسه .



الدليل العاشر :

دل العقل على إثبات صفة العلو الذاتي لله تعالى فعلو الشيء بنفسه عندما تسأل أهي صفة كمال أم صفة نقص ؟ فكل عاقل يجيب بأن العلو صفة كمال فإذا ثبت أنها صفة كمال في حق المخلوق ، فهي في حق الله تبارك وتعالى أولى وأولى على ما تليق بجلاله وعظمته وجبروته سبحانه وتعالى, لأن كل صفة كمال مطلقة, فهي ثابتة لله تعالى من باب أولى ،و الله كان ولا شيء معه لا عرش و لا كرسي و لا سماء و لا أرض ثم خلق الله تعالى الخلقفمخلوقاته تعالى إما أن يكون خلقها في ذاته تعالى فهي حالة فيه و هو حال فيها و هذا كفر لا يقول به مسلم ، و إذا كان الأمر كذلك فمخلوقاته تعالى بائنة عنه غير مختللطة به . و حينئذ فإما أن يكون الله تعالى فوق مخلوقاته و إما أن تكون مخلوقاته فوقه تعالى و هذا باطل بداهة فلم يبق إلا أن الله تبارك و تعـــالى فوقها ، و العقول التي لم تلــــوث بالاعتقادات الخاطئة تشهـد بأن الله فوق خلقه .




الدليل الحادي عشر :

دلت الفطرة على علو الله الفطرة ، و لا تجد عاقلاً في أي مكان وفي أي ملة إلا و هو يثبت أن الله سبحانه وتعالى فوق المخلوقات ؛ إلا من أُفْسِدَتْ فطرته و كل من لديه فطرة سليمة يتوجه بقلبه وذهنه حال ذكر الله تعالى إلى السماء, و هذا ملاحظ لا سيما في الشدائد, فترى الواحد بفطرته يمد يديه, ويرفع بصره إلى السماء يدعو الله تبارك وتعالى ،ووالمسلمون في سجودهم يقول القائل منهم: سبحان ربي الأعلى فلا يجد من قلبه إلا الاتجاه نحو السماء .
رد القائلين بأن الله معنا بنفسه على الاستدلال بدليل الفطرة على علو الله فوق خلقه :
إن الشرع جعل السماء قبلةً للدعاء ؛ كما جعل الكعبة قبلة للصلاة فقد قال ابن بطال: أجمعوا على كراهة رفع البصر في الصلاة ، واختلفوا فيه خارج الصلاة فيالدعاء، فكرهه شريح وطائفة، وأجازه الأكثرون، لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة[33] .
مناقشة الرد :
الذي يدعو الله مسلما كان أو كافرا يرفع يديه للسماء ، وليس شرطا أن يكون مسلما أو حتى كتابي مما يدل على أنهم مفطرون على ذلك دون أن يعلموا ذلك من كتاب سماوي ،فقد يكون هؤلاء الذين يتوجهون إلى السماء في دعائهم غير متعبدين بأي شرع ، و إنما تحركت فطرهم نفسها بدون إرادة منهم واتجهت إلى الله خالقها سبحانه وتعالى، وفي تلك اللحظة لا يوجد مجال للمكابرة والعناد، ولذلك يتجه الناس حينها إلى الله، ويدعونه الله سبحانه وتعالى بجميع اللغات، وكلهم يتجهون إلى جهة واحدة وهي العلو. و حتى فرعون و هو عدو الله لما أراد أن يجادل موسى في ربه قال لوزيره هامان أن يبني له بناء عظيما كي يصل إلى الله قال تعالى : ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ﴾[34] .










قديم 2008-10-26, 20:47   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

رد القائلين بأن الله معنا بنفسه على الاستدلال بحديث نزول الله إلى السماء على علو الله فوق خلقه بنفسه :
القول بأن النزول نزول الله من علو لسفل كلام باطل ؛ لأن الليلَ يختلفُ باختلافِ البلاد فعلى قولِهم يلزمُ أن يكونَ اللهُ تبارك وتعالى في السماء الدنيا طالعاً منها إلى العرش كلَّ لحظة من لحظات الليل والنهار هذه سخافةُ عقل ،و هذا النزولُ ليس نزولاً حسياً بل عبارة عن نزولِ ملائكة الرحمة إلى السماء الدنيا بأمر الله على حَسَب ليلِ كلِ أرض فهؤلاء ينزلون ثم يبلّغون عن الله يقولون " إن ربكم يقول هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه " هم يبلّغون عن الله بأمره ذلك إلى أن يطلع الفجر و هذا شىء يقبله العقل أما ما يقوله المشبهةُ فهو شىء لا يقبلُه الشرعُ ولا العقل ، و هذا التأويلُ أخذه أهل السنة من رواية النَّسائي : " إن الله يمهل حتى يمضيَ شطرُ الليلِ الأول ثم يأمر منادياً ينادي هل من داعٍ فيستجابَ له وهل من سائلٍ فيعطيَه " هذه الروايةُ و هي الصحيحةُ تفسر الروايةَ الأخرى .
مناقشة الرد :
ونزوله تعالى إلى السماء الدنيا من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيئته وحكمته، وهو نزول حقيقي يليق بجلاله وعظمته ، و لا يصحّ تحريف معناه إلى نزول أمره ، أو رحمته ، أو ملك من ملائكته، فإن هذا باطل فهو خلاف ظاهر الحديث ؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، أضاف النزول إلى الله ، و الأصل أن الشيء إنّما يُضاف إلى من وقع منه أو قام به ، فإذا صرف إلى غيره كان ذلك تحريفاً يُخالف الأصل ،و تفسير النزول بنزول الرحمة أو نزول ملك يقتضي أن يكون في الكلام شيء محذوف، والأصل عدم الحذف و نزول أمر الله أو رحمته لا يختص بهذا الجزء من الليل، بل أمره ورحمته ينزلان كل وقت. فإن قيل: المراد نزول أمر خاصّ، ورحمة خاصة، وهذا لا يلزم أن يكون كل وقت. فالجواب: أنه لو فرض صحة هذا التقدير والتأويل، فإن الحديث يدل على أن منتهى نزول هذا الشيء هو السماء الدنيا، وأي فائدة لنا في نزول رحمة إلى السماء الدنيا حتى يخبرنا النبي صلّى الله عليه وسلّم عنها؟! و الحديث دلّ على أن الذي ينزل يقول : "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" . ولا يمكن أن يقول ذلك أحد سوى الله سبحانه وتعالى أما حديث أمر الله مناديا ينادي فهذا لا يتعارض مع كون الله ينزل ، والملك إذا أمره الله أن ينادي يكون كلامه إن الله يأمرك بكذا ، ويقول كذا، ولا يمكن أن يقول ملك من الملائكة (( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي )) ، و لا أن يقول : (من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟)، ولا يقول : ( لا يسأل عن عبادي غيري) كما رواه النسائي و ابن ماجة وغيرهما وسندهما صحيح. وهذا أيضاً مما يبطل حجة بعض الناس، فإنه احتج بما رواه النسائي في بعض طرق الحديث أنه يأمر منادياً يناديه، فإن هذا إن كان ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الرب يقول ذلك، ويأمر منادياً بذلك، جمعاً بين الحديثين، لا أن المنادي هو الذي يقول: (من يدعوني فأستجيب له) .



الدليل السابع :
إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن يقول أن الله في السماء فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للجارية : أين الله ؟ قالت: في السماء. قال : من أنا؟ قالت : أنت رسول الله. قال : أعتقها فإنها مؤمنة[28] ، و قد أقرها على ذلك ، ولو كان الله في السماء و الأرض ، أو كان في كل مكان و هي قالت في السماء دون ذكر و في الأرض أ لكانت مخطئة و النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر الخطأ فإن قيل ليس في الحديث دليل فأين المانع في أن يكون سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن مكانة الله لأن كلمة "أين ؟" كما هو معروف تأتي بمعنى السؤال عن المكان كما تأتي بمعنى السؤال عن القدروالمكانة ، والرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يقل بأن الله في السماءو إنما الأمر أنه سأل الجارية "أين الله ؟" فقالت "في السماء" فسألها "من أنا؟" قالت "رسول الله" فقال صلى الله عليه وسلم: "أعتقها فإنها مؤمنة".. فهل حكم الرسول صلى الله عليه عليها بالإيمان لمجرد قولها عن الله "في السماء" مع أناعتقاد أن الله في السماء مشترك بين اليهود والنصارى، اليهود الذين قالوا إن اللهتعب فاستلقى على العرش والنصارى الذين يقولون "أبانا الذي في السماء" والعياذبالله.. هل تظنّ أن اعتقاد وجود الله في السماء يكفي ليكون الإنسان مؤمنًا؟؟من هنا يمكنهم أن يتأكدوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون قصد بقوله "أين؟" السؤال عن المكان والجهة.. و الجواب على هذه الشبهة أن الجارية أقرت بالشهادتين و هي إنما وصفت كون ربها في السماء و أن محمداً عبده ورسوله ،فقرنت بينهما فيالذكر فجعل الصادق المصدوق مجموعهما هو الإيمان ، و القول بأن اليهود والنصارى لم يكونوا ينكرون أن الله تعالى في السماء فصحيح ؛ لكنهم لا يعبدون الله بماشرع لأنهم لا يؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم أما الجارية فقالت أن محمد صلى الله عليه و سلم رسول الله ، و إن قالوا إذا كان الله في السماء أي فوق السماء فماذا تقولون في قوله تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴾[29] ، وقوله تعالى : ﴿ و َهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾[30]،و الجواب: قوله تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴾ ، فالظرف هنا لألوهيته، يعني: أن ألوهيته ثابتة في السماء وفي الأرض، كما تقول: فلان أمير في المدينة ومكة، فهو نفسه في واحدة منهما، وفيهما جميعاً بإمارته وسلطته، فالله تعالي ألوهيته في السماء وفي الأرض، وأما هو عز وجل ففي السماء مستو على عرشه بائن من خلقه .أما قوله تعالى : ﴿ و َهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ فمعناه : وهو الإله الذي ألوهيته في السماوات وفي الأرض، أما هو نفسه، ففي السماء. فيكون المعنى: هو المألوه في السماوات المألوه في الأرض، فألوهيته في السماوات وفي الأرض .











قديم 2008-10-26, 20:51   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

[1] - طه الآية 5[2] - الفرقان الآية 59
[3] - تفسير الطبري 19/287
[4] - اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة لابن القيم
[5]- فتح الباري لابن حجر 13/406 دار المعرفة بيروت 1379هـ
[6] - الشورى من الآية11
[7]- مجموع الفتاوى لابن تيمية 5/146
[8] - الزخرف من الآية 13
[9] - شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين 310 - 311
[10] - - شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين 311
[11]- الحاقة من الآية 17
[12] - شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين 311 - 312
[13]- القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لابن عثيمين ص 50 - 51
[14] - الزخرف الآية 4
[15] - رواه البخاري في صحيحه
[16] - البقرة من الآية 255
[17]- الأعلى آية 1
[18] - تهذيب شرح الطحاوية للدكتور الصاوي ص 127 دار الفرقان الطبعة الأولى 1410 هـ 1990 م
[19]- النحل الآية 50
[20] - الأنعام من الآية 18
[21] - الحجر الآية 9
[22]- فاطر من الآية 10
[23] - رواه مسلم في صحيحه رقم 179
[24]- الملك الآية 16
[25] - طه من الآية 71
[26] - النحل الآية 79
[27] - رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما
[28]- رواه مسلم في صحيحه
[29] - الزخرف الآية 84
[30]- الأنعام الآية 3
[31]- رواه مسلم في صحيحه
[32]- صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 4941
[33]- فتح الباري لابن حجر العسقلاني 2/296
[34] - غافر الآية 36 - 37









قديم 2008-10-26, 22:03   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله.

جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم .العباد والبلاد.










قديم 2008-10-26, 21:35   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة chafailitim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله

أظن خطأ كتابى الدليل السادس والعشرون
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيك على الانتباه ..لكن اين الخطأ حتى أعود و أصححه فيما بعد ربي يحفظك









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc