بسم الله الرحمن الرحيم
مما لا يختلف فيه اثنان هو أن العقاب و الثواب شيآن متلازمان لا ينفكان عن بعضهما ، و إذا نظرنا إلى القرآن و جدنا أنه كلما ذكر الترغيب إلا و ذكر الترهيب ، و كلما ذكر الثواب ذكر العقاب .
فلا يمكن سيدي الكريم أن يكون هناك لا عقاب فهذه فلسفة أكل عليها الدهر و شرب و لم تعد صالحة في زماننا هذا و هي فكرة أراد من ورائها فلاسفة الغرب أن يقولوا للإنسان أنت حر طليق ، لا حق لأحد أن يمسك بسوء مهما فعلت .
و لكن متى يكون العقاب ياترى ؟ ما هي المواقف التي نعاقب بسببها ؟ و ما نوع هذا العقاب الذي نمارسه ؟ إذا استطعنا أن نجيب على هذه الأسئلة فإنه بإمكاننا تحديد الأفعال التي تستحق العقاب و كذا نوعية هذا العقاب ، و أنا هنا لست بصدد إثبات أن العقاب لا بد منه بل هو أمر من البداهة بمكان ، فمادام هناك شر و خير فهناك عقاب و ثواب ، لكن المشكلة هي تحديد نوع العقاب الذي نمارسه على تلامذتنا .
إن الضرب في المؤسسات التعليمية هو أسلوب من أساليب العقاب البدني و ليس كل العقاب ، و نحن نعلم أن هناك عقابا بدنيا و عقابا معنويا و لكل موضعه .
فالمشكلة في اعتقادي ليست في الضرب بحد ذاته و لكن في الهدف من الضرب ، و الغاية التي نجنيها من ضربنا لأي طفل أو تلميذ ، لأنه في كثير من الأحيان يكون ضربنا ليس في صالح التلميذ و إنما انتقاما من تصرفاته و حقدا عليه ، و من ثم يحس هو بالإهانة و الإستصغار فيزداد شغبه و طيشه محاولة منه لإثبات ذاته أمام زملائه التلاميذ ، أما إذا أحس بأننا نضربه - إن اقتضى الأمر - شفقة عليه أو رحمة به فأن سلوكه سيتغير لا محالة ، و هذا الكلام لا أقوله هكذا اعتباطا و إنما هو من صميم التجربة التي عشتها منذ أكثر من ثلاثين سنة في التعليم الإبتدائي ، حيث لم أتذكر و لو مرة واحدة أن وليا جاء إلى الإدارة ليشتكي ضرب ابنه من طرفي ، بالرغم من أنني كنت أضرب مثل زملائي ، لكن الإختلاف ربما في كوني لا أترك التلميذ يخرج من القسم إلا و هو مقتنع أنني عادل معه و لا أحب له إلا الخير مثل أبيه أو أكثر .
و الخلاصة هي أن المشكلة ليست في الضرب بقدر ما هي في أسلوب التعامل مع الطفل ، لأن الطفل حساس جدا و أي تصرف تجاهه يحسسه بالإهانة فهو عندي أعمق جرحا و أكثر إيلاما من الضرب .فلنتعامل مع تلامذتنا و كأنهم أبناؤنا و عندها سنرى التغيير في سلوكهم .