تعريف المراهقة :
1-لغتا: تفيد كلمة مراهقة الاقتراب من النضج كما تعني كلمة * الرهق * التعب و الطغيان و الزيادة و قد يكون هذا المعني يشير إلى الحالة الانفعالية للمراهق و لذلك فهو يقترب من المعني العلمي السيكولوجي .
2-اصطلاحا: هي مرحلة من مراحل النمو تظهر فيها تغيرات جسمية واضحة تفرض على الفرد المراهق مطالب عضوية و اجتماعية قد لا يتناسب معها و يساند مرحلة المراهقة النمو الاجتماعي و العقلي اللذان يتأخران كثيرا على النمو الجسمي.
و المراهقة هي تلك الفترة التي تقع بين الطفولة المتأخرة و سن الرشد أي بين 12 ,18 سنة بالنسبة للإناث و 20,14 سنة بالنسبة للذكور و تبدأ هذه المرحلة بالبلوغ أي عند ظهور المميزات الجنسية نتيجة نضج الغدد التناسلية .
دراسة مراحل المراهقة :
من الصعب جدا التمييز بين مراحل المراهقة و كذلك تحديد بدايتها و نهايتها و ذلك أن تحديد بداية و نهاية النضج العقلي أو الانفعالي أو الاجتماعي أمرا عسيرا لأنه يتوقف على عدة عوامل أهمها:
1- الطفولة و خبراتها.
2- الثقافة التي يعيش فيها المراهق
3- الظروف الفردية للمراهق
و من الأفكار الشائعة في تحديد مراحل المراهقة تقسيمها إلى ثلاثة مراحل:
-أ-مرحلة المراهقة المبكرة :
و تكون بين 12 و 14 سنة و تدعى * مرحلة الاتجاه السلبي * و ذلك أن سلوك الفتى أو الفتاة يتجه نحو السلبية و الاعتراض على التفاعل الكامل و يصعب على الفتى المراهق في هذه المرحلة التحكم في سلوكه الانفعالي بالدرجة التي تتيح له الفرصة لاكتساب القيم و العادات و الاتجاهات السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه و ذلك نتيجة التغيرات الفيزيولوجية و الغددية التي تجعله مفرط الحساسية بذاته .
- ب-المراهقة الوسطى 14-16 سنة :
و تسمي بمرحلة * الغرابة و الارتباك * و ذلك أنه في هذا السن تصدر عن المراهق أنواع من السلوك تبرز لنا ما يعانيه من ارتباك و حساسية مفرطة خاصة حين يزداد النضج الجسمي و عندما يكون غير مهيئا للتكيف مع مقتضيات الثقافة العامة التي يعيش فيها .
-ج-المراهقة المتأخرة 16-18-20 سنة :
تعرف بمرحلة * اللياقة و الوجاهة و حب الظهور * و ذلك بما يشعر به المراهق من متعة و سعادة عندما يكون محاطا بأنظار الآخرين و أهم مظاهر التطور في هذه المرحلة توافق الفرد مع نوع الحياة و أشكالها و أوضاعها السائدة بين الراشدين بما في ذلك الاتجاهات نحو مختلف الموضوعات و المثل و معايير السلوك كما ينظر إليها الراشدون, و هو لهذا يسعى و يتصرف من أجل تحقيق الهدف الذي ظل فترة طويلة يسعى إلى تحقيقه و هو الوصول إلى اكتمال الرجولة بالنسبة للذكور و الأنوثة بالنسبة للبنت .
البلوغ و العوامل المؤثرة فيه :
-1- المعنى العام للبلوغ :
يتمثل في التغيرات و التقلبات الفيزيولوجية العنيفة التي تصحبها تغيرات ثانوية تطرأ على مختلف أعضاء الجسم فتنموا على نحو يخلو في بادئ الأمر من التناسق و التوازن .
-2- معنى البلوغ الجنسي :
هو نمو من الناحية السيكولوجية و يبدأ بظهور المميزات الجنسية نتيجة لنضج الغدد التناسلية و غالبا ما يكون هذا ما بين 11 ,13 سنة من العمر لدى البنات و ما بين 12 ,14 سنة عند البنين .
العوامل المؤثرة في البلوغ :
-1- الوراثة : - من الصعب جدا الفصل بين العوامل الوراثية و العوامل البيئية في النمو ,من جهة أخرى يمكن اعتبار شخصية المراهق عبارة عن حوصلة للتفاعل بين العوامل الوراثية و العوامل البيئية و قد ينجم عن هذا التفاعل نوعين من التفاعلات :
-أ- أن البيئة قد تغنى الوراثة كما قد تفقرها.
-ب- أن الصفات الموروثة تؤثر على الاستجابة للبيئة ثم أن بعض الصفات الموروثة تبرز عند الطفولة في حين يتأثر بروز بعض الصفات الأخرى حتى مرحلة متأخرة من الطفولة أو حتى المراهقة و هناك صفات لا تبرز حتى سن الرشد أو النضج .
إن كثيرا من وجوه وراثة الكائن الإنساني لا تبرز قبل بلوغه مرحلة المراهقة و من هذه الوجوه أثر الوراثة في النمو الجسمي , فالعوامل الوراثية تؤثر على نمو الهيكل العظمي كمل تأثر على نمو الشعر و على الطول
و الوزن الخ و هناك ما يشير إلى أثر الوراثة في الضعف العقلي .
-2- الغدد : يطرأ في مرحلة المراهقة تطور على النمو و الإفراز بالنسبة للغدد الصماء و يبدو هذا في ظهور كل من الغدتين الصنوبرية و التيموسية أما بالنسبة للغدد النخامية فإن هرمون النمو الذي تفرزه هذه الغدد يزداد و يبدو أثره واضحا في النمو العظمي إلا أن بدء الغدد الجنسية لفاعليتها و إفرازاتها تحد من نشاط الإفراز للغدد النخامية أما الغدد الدرقية فإن إفرازاتها تزداد في بداية المراهقة إلا أن النضج الجنسي يقلل من شدة الإفراز و يعود بها إلى حالتها السوية .
أما الغدتين الكظريتين فإن وزن كل غدة يصل إلى نهايته القصوى عند الميلاد ثم تضمر قليلا في مرحلة الطفولة و ينقض وزنها بالتدريج حتى أخر مرحلة الطفولة المتأخرة تم تسترجع نشاطها في المراهقة حتى تبلغ نصف حجمها الأول عند منتصف هذه المرحلة و تستمر في نموها حتى تصل إلى نفس حجمها الأول عند الرشد.
أما الغدة التناسلية فإن الأنثوية تختلف عما هو عليه الحال عند الذكر فيبلغ وزن الغدة التناسلية الأنثوية 40 % من وزنها الكامل في 12 من عمر الفتاة ثم يزداد نموها بسرعة فيما بين 15-17 سنة حتى تصل إلى
50 % من وزنها و تصل إلى وزنها الكامل في سن الرشد أما وزن الغدد التناسلية الذكرية فتصل إلى 10 % من وزنها الكامل في سن 14 ثم تنمو سريعا ما بين 14-16 سنة و بعد هذا السن تهدأ سرعتها ليكتمل نضجها عند الرشد .
-3- البيئة : هي مجموعة الصفات المكتسبة التي تعتمد في جوهرها على البيئة فقط مثل الخلق و المعايير
و القيم الاجتماعية و الثقافية و تمثل العوامل البيئية الخارجية التي يبدأ تأثيرها مباشرة بعد الولادة .
إن المراهقة تتأثر إلى حد كبير بالبيئة , و اختلاف البيئات هو الذي يؤدى إلى ظهور تغير في أنماط المراهقة
أما تأثير الثقافة في سلوك المراهق فيتجلى في كونه في مرحلة المراهقة يجد نفسه مدفوع في الثقافة النوعية
و هي ثقافة الأقران حيث أنه من المعروف أن المراهق يكون أكثر تأثيرا بأقرانه و أكثر رغبة في الابتعاد عن القيم و المعايير و اتجاهات الآباء و الأسرة التي تمثل في حياته مرحلة يريد التخلص منها و مع ذلك فالثقافة العامة لها تأثيرها و نزعة الميل لدى المراهق لإكمال النضج و لها أثرها أيضا بحيث تجده في نهاية المراهقة يسير تحت لواء عناصر الثقافة العامة إلا أنه أثناء المراهقة يخضع المراهق إلى تأثير الأقران إلى درجة كبيرة بحيث إذا تعارضت قيمها و معاييرها مع قيم و معايير الأسرة ,المصدر الأول للقيم و الاتجاهات و المعايير التي اكتسبها في طفولته فإنه يميل إلى ثقافة الأقران و خاصة في الأنماط الثقافية التي لا تهز علاقته الاجتماعية هزا عنيفا لهذا يلاحظ قبول قبول أغلب المراهقين للقيم و المبادئ و المثل و الاتجاهات السائدة بين المراهقين على أنها بديهيات مسلم بها لا تحتاج إلى نقد أو مناقشة .
بعض مظاهر النمو عند المراهق :
- النمو الجسمي : يظهر النمو الجسمي عند المراهق في ناحتين :
ناحية النمو الجسمي العام و تشمل الزيادة في الطول و الحجم و الوزن و الناحية الفزيولوجية و تشمل نمو و نشاط بعض الغدد و الأجهزة الداخلية .
التغيرات الجسمية العامة : و تتم في المظاهر الجسمية العامة حيث أن الزيادة في النمو قوية بين بداية المراهقة و سن 16 و هذه الزيادة تسبق البلوغ عند البنات . بينما تحدث أثناء فترة البلوغ عند البنين و نلاحظ أن هناك زيادة سريعة في الطول لدى البنين في السابعة من العمر ثم في 14-15 سنة أما عند البنات فتظهر في حوالي الثامنة و في الحادية عشر و يزداد الوزن عند المراهق مع نمو العظام و العضلات و الأبحاث التي أجريت في هذا المجال بينت ما يلى :
• زيادة سريعة في الوزن في الفترة ما بين الولادة و العام الرابع ثم تتلوها زيادة أخرى بين 14 ,16 سنة بالنسبة للبنين أما بالنسبة للبنات فإن الزيادة الثانية تكون بين 12 , 14 سنة .
• إن سرعة النمو في المراهقة تؤدى إلى زيادة قدرها من 10 إلى 13 سم في الطول في عام واحد و في الوقت نفسه يكبر الأنف و يزداد حجم اليدين و القدمين كما يمكن أن يزيد الوزن في سنة واحدة و يقرب من 11 كلغ و لابد من مرور وقت حتى تبدو هذه التغيرات مألوفة و ينبه هذا النمو السريع إهتمام المراهق لحالته الجسمية و نلاحظ بأن شهوته للطعام تزداد و تتغير نظرات الآخرين إليه كما يبدأ بإجراء المقارنة بين أبعاد جسمه و أبعاد جسم الأخريين
النمو الفيزيولوجي : يتضمن ما يلي :
• نمو الخصائص الجنسية الأولية لتكامل الجهاز التناسلي ثم ظهور الخصائص الجنسية الثانوية
و الصفات التي تميز الشكل الخارجي للرجل على الشكل الخارجي للمرأة .
• تغيرات في الغدد الصماء التي تؤدي إلى استثارة النمو بوجه عام و تنظيم الشكل الخارجي للإنسان .
• تغيرات في الأجهزة الداخلية , فالقلب ينمو و الشرايين تتسع و يزداد ضغط الدم من 8 سم للطفل في 6 سنين من عمره إلى 12 سم عند البنات في أوائل المراهقة ثم يعود إلى 10,5 سم في 19 سنة و عند البنين يصل إلى 12 سم في أوائل المراهقة ثم يعود إلى 11,5 سم في منتصف التاسعة عشر
و لهذا التغيير أثر بعيد في انفعال المراهق و حساسيته كما أن الاختلاف في الضغط الدموي بين الجنسين أثر في إيجاد الفروق الجنسية في الانفعالات.
النمو الجسمي و تقبل الذات :
إن التغيرات الجسمية العنيفة و السريعة التي تظهر عند المراهق يصحبها تحول يطرأ على حياته الانفعالية كالخجل الذي يظهر عليه بسبب نموه الجسمي و الذي يظنه مرضا أو شذوذا .
إن الاضطراب الجسمي الذي يحدث لدى المراهق يجلب اهتمامه بنفسه و هذا ما يؤدى به خاصة في بادئ الأمر إلى الانزعاج و القلق . إن النمو الجسمي السريع الذي يطرأ على المراهق ينتج عنه تغيرات في سلوكه مما يؤدى إلى تغير في مفهوم الذات عند المراهق .
إن اكتشاف المراهق لذاته سرعان ما يولد فيه الرغبة في تحليل و تأمل ما يجرى في نفسه من أمور و قد يهم إلى تسجيل خواطره ووصف حالته في مذكرات خاصة حيث أن كتابة المذكرات الخاصة تعتبر من أهم الظواهر النفسية التي لها دلالة في حياة المراهق و هي مظهر لعزلته و لقدرته على التحليل الذاتي و برغبته في الابتعاد عن القلق النفسي ,و قد تبدأ كتابة المذكرات بعد الثالثة عشر بتسجيل الحوادث اليومية و هذا يدل على اعتزاز المراهق بنفسه و اهتمامه بكل تصرف من تصرفاته ثم تزداد قدرة المراهق على التحليل الذاتي في حوالي 15 سنة حيث يصف مشاعره و قد لا يبدأ الكتابة من تلقاء نفسه و إنما تدفعه إلى ذلك خبراته الخاصة كالوقوع في حبه الأول أو وقوعه في حادثة كالرسوب في امتحان أو وفاة أو التنبؤ فجأة بجمال الطبيعة فيحس بحاجة لتناول القلم و تحرير هذه المشاعر , و تعتبر المذكرات وسيلة لتأكيد الذات .
النمو الإجتماعي :
يحاول المراهق أن يمثل رجل المستقبل فهو و إن كان يملك جسم الرجل بين 13 -17 من عمره إلا أنه لا يزال يتصرف تصرفات غير ناضجة لذلك فإن المجتمع يتأخر في إعطائه حقوق الإنسان الراشد و واجباته الاجتماعية فيؤدى التعارض بين الرغبتين إلى المظاهر الانفعالية التي تكلمنا عنها و إلى بعض المشكلات التى تختلف من مجتمع إلى آخر و سنعرف خصائص السلوك الاجتماعي للمراهق بوجه عام كدليل لاستقصاء مشكلات المراهق في مجتمعه .
إن المراهق في الفترة الأولى يفضل العزلة بعيدا عن صحبة الراشدين و هذا الاتجاه حصيلة لحالة القلق و انسحاب الانتباه من الموضوعات المحيطة إلى الذات نفسها و السلوك الانعزالي هذا هو حالة طبيعية و عابرة في سلم النمو و قد يؤدي تطاولها إلى حالة مرضية . ثم يرتبط المراهق بمجموعة محدودة يتبادل مع أفرادها النصائح و المساعدة و يسود علاقتها الصراحة التامة و الإخلاص و ينمي هذا في المراهق الاستعداد للتعاطف و المشاركة الوجدانية و بالتالي الحس الأخلاقي .
في منتصف المراهقة يسعى المراهق إلى أن يكون له مركز بين جماعته و يقوم بأعمال تلفت النظر و تستهدف الحصول على اعتراف الجماعة بشخصيته و تتعدد الوسائل في هذا السبيل فنجده يقحم نفسه في مناقشات تفوت مستواه و يطيل الجدل فيما يكون بعيدا كل البعد عن خبراته و لا يفعل ذلك عن قناعة و إنما حبا في المجادلة و تارة يلبس ملابس زاهية الألوان وحديثه النموذج و يحاول التصنع في كلامه و ضحكه و مشيته .
و يشعر المراهق أن له مسؤوليات نحو الجماعة أو المجتمع الذي ينتمي إليه و يحاول أن يتعاون مع الآخرين لقيام ببعض الخدمات و إذا لم يجد تقديرا من الجماعة لآرائه يأخذ في الاعتقاد أن الجماعة تريد أن تحطم عبقريته .
دراسة الحاجة الأساسية للمراهق :-
-الحاجة إلى المكانة : من أهم حاجات المراهق أنه يطمح أن يكون شخصا مهما له مكانة بين أفراد جماعته و يسلك المراهق سلوك الراشدين حتى ينال احترامهم و تقديرهم و نلاحظ ذلك في لجوئه إلى التدخين و لجوء الأنثى إلى استعمال الزينة .
-الحاجة إلى الاستقلالية : يريد المراهق أن يستقل عن أسرته و أن يعيش حياته بعيدا عن قيود الآخرين و أن يصبح مسؤولا عن نفسه .
-الحاجة إلى فلسفة في الحياة : يظهر المراهق اهتماما كبيرا بالحياة و الكون و تساؤلاته تصبح غريبة عن الحقيقة و الدين و المثل العليا .
-الحاجة إلى التربية الجنسية : لابد أن تقدم للمراهق تربية جنسية تساعده على التعرف أو الإجابة على تساؤلاته العديدة من مصادر موثوقة و هذا أفضل من أن يلجأ إلى أقرانه فيزودونه بمعلومات مبالغ فيها أو خاطئة الأمر الذي يوقعه في صراعات نفسية و سلوكات شاذة .
دور المربي في تهذيب سلوك المراهق :
- عدم لفت انتباه المراهق إلى مظاهر نموه الجسمية .
- عدم الإكثار من الواجبات المنزلية .
- تعويد المراهق تحمل المسؤولية .
- الاهتمام قد الإمكان بآراء المراهق .
- إعطاء المراهق تربية جنسية سليمة .
- عدم مقابلة ثورة المراهق بثورة مماثلة .
- إحاطته بجو مملوء بالمثل العليا .
- عدم الإسراف في النصائح و القيود الشديدة .
- جعله يصحح أخطاءه بنفسه فالخبرة و التجربة أحسن معلم .
- إشعاره بالاحترام و تعويده سماع نقد غيره .
- تنمية تفكيره العلمي و قدرته على الاستدلال و البرهنة خلال الدرس .
- استغلال ميوله و توجيهها في المجال المعرفي مثل الاستطلاع و البحث العلمي