2010/10/05
21:34
جنون
كان الجنون أول محطة توجهت إليها
حينما أردت السفر إلى دنيا العشق
و حسب ما أذكر يومها
أن الزحام كان على سيارات الأجرة
و أن من يتواكب أفئدة غادرة
ترغب سلوك الطريق الملتوي ..
فاستأنفت رحلتي على قطار التوق
قيل أنه يشق عباب الوجع بقوة
و أن وقوده لا ينفذ
و أن محطاته كثيرة
أما سككه ، فهي غالبا مباشرة و صريحة
يتخللها المناخ الحزين من حين لآخر ..
نفس المسار يقطعه ذهابا
حاملا ببطنه ركابا جددا كل مرة
و لكنه حين يعود يمرّ بطريق أخرى
فلا هو و لا الراكب يختار
و إنما يختار القدر ..
لم تكن المحطة التالية و لا اللواتي بعدها وجهتي
كنت أريد الوصول إلى الأخيرة
لأرى إن كان حظي سيكون ذاك الحدث النادر بتلك البلاد
أم عثرة تدحرجني إلى السفوح المميتة ..
و مضت سنة ، كانت الأصعب بعمري
سنة من المناخ المتقلب
و الذكريات التي حاولت أن أقبرها طوال مدة السفر
لأدخل نفقا ينتهي إلى مشارف العشق المنشود ..
صفير مرتفع نبهني من إحدى غفوات الإرهاق
و لاحت محطة كتب عليها : مرحلة التعلق
بدأت أستعد لأنزل ، حسبت أن هذا يكفي
حملت كل حقائبي في حرص
متهالكة على السلم شيئا فشيئا
و ساعدتني في ذلك إحدى الأرواح
تناولت مني أثقالي كمن يرحب بحلولي
و لكن الأرض لم تتناولني أنا
أغلقت الأبواب بإحكام
قبل أن أستطيع الوقوف بسعادة ..
شهور أخرى تحرمني الإستقرار
و ليال بيضاء أعد النجوم كم أحببته
و كم تخيلت يوم أطأ قلبه : وطني الجديد
يوم ألتقي به ليغمرني الخجل من أحضانه
فابتسمت ثم بكيت ثم صمتّ في صبر
نفس ما أفعله دوما حين أعجز ..
لم يعد لدي شيء لأتدارك حالي
الآن فهمت أنه من شروط الجنون
أن تكون معدما إلا من جنونك ...
و سحقا لكل سراق النصوص الأدبية