"دروس رمضـانية للشيــخ " سلمــان بن فهـد العــودة - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > أرشيف قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

"دروس رمضـانية للشيــخ " سلمــان بن فهـد العــودة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-08-19, 01:17   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فريدرامي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية فريدرامي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي الطاهر
وجزاك خير الجزاء
وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام









 


قديم 2010-08-17, 16:58   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي الــوقفة الســابعة

بسم الله الرحمان الرحيم
الــوقفة الســابعة
رُخَـصُ الصـوم


ثمة رخص عديدة امتن الله بها على الصائمين؛ رفعًا للحرج والمشقة عن العباد، منها :
أولاً: من أكل أو شرب ناسيًا، وهو صائم؛ فصومه صحيح، ولا قضاء عليه، وهذا هو الراجح عند جمهور العلماء، خلافًا لمالك -رحمه الله-، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه "(39).
لكن يجب عليه إذا تذكر وفي فمه شيء أن يلفظه، وكذلك يجب على الذي يراه وهو يأكل أن يذكِّره أنه في نهار رمضان؛ لأن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى.
ثانيًا: أن من أصبح جنبًا من جماع أو احتلام في الليل؛ فإنه يصوم ولا شيء عليه، ويغتسل بعد ذلك، أي أنه يصح أن ينوي الصيام وهو جنب، خلافًا لما أفتى به أبو هريرة رضي الله عنه في أول الأمر، فإن هذا كان أول الأمر ثم نسخ.
ثالثًا: السواك بعد الزوال : فإنه مرخص فيه للصائم بعد الزوال، بل هو مستحب في المواضع التي يستحب فيها في سائر الأحوال، وسيأتي حديث مستقل عن هذا الأمر (40).
رابعًا: المضمضة والاستنشاق، ينبغي ألا يبالغ فيهما؛ خشية أن يصل شيء من الماء إلى حلقه؛ فيفطر بذلك. ففي حديث لقيط بن صبرة صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا"(41)، وفي بعض الروايات: "وبالِغْ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائمًا"(42).
خامسًا: جواز الفطر في نهار رمضان للمسافر، وهو أفضل من الصوم إن كان الصوم يشق عليه، حتى لو كان سفره في الطائرة، أو في سيارة مريحة، أو نحو ذلك.
ـــــــــ

(
39) البخاري (6669)، ومسلم (1155).
(
40) انظر ص 91 فما بعدها.
(41) أخرجه أحمد (15946)، والدارمي (705)، وأبو داود (2366)، والترمذي (788)، والنسائي (144)، وابن ماجه (407) من حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(42) أخرجه الدولابي في جزء من حديث الثوري كما في نصب الراية (1/16)، وتلخيص الحبير (1/81) وغيرهما.



كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله









قديم 2010-08-18, 17:57   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي الــوقفة الثامنة

بسم الله الرحمان الرحيم

الــوقفة الثامنة
أخطـاء الصائمين


لا ريب أن الصائمين من خير عباد الله تعالى، ولكن ثمة أخطاء يقع فيها بعض الصائمين، فلا بد من التنبيه إليها، والتحذير منها، فمن ذلك :
أولاً: أن بعض الناس يقبلون على العبادة في رمضان ، و يدعونها في غيره، فترى المساجد تمتلئ في رمضان فقط، بل إن من المحزن أن تراها تمتلئ في وقت المغرب بالذات بشكل أكبر، ويكون ذلك في اليوم الأول أبرز منه في اليوم الثاني، ولا يزال الناس يتناقصون، حتى يكون آخر شهر رمضان مثل غيره من الشهور تقريبًا. وهذا أمر خطير، وظاهرة مرضية، كأن هذا الصنف لا يعرفون الله إلا في رمضان- والعياذ بالله-.
فيجب على الدعاة، والوُعَّاظ، وأئمة المساجد؛ أن يستغلوا فرصة خروج أولئك الناس من بيوتهم إلى المساجد؛ لينبهوهم إلى خطورة هذا العمل، وفداحة أمر التهاون بالصلاة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم : "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"(43).
ثانيًا: أن بعض الناس يصومون عن : الأكل، والشرب، والجماع، وغيره من المفطرات، ولا يصومون عن أشياء محرمة : كالغيبة، والنميمة، وقول الزور، وشهادة الزور، والكذب، والسب، والشتم، والغش، والاعتداء… وغير ذلك من المخالفات القولية أو الفعلية. وهذا لا شك أنه انتكاس في مفهوم الصيام؛ لأن الصوم تربية للصائم، فليس من المعقول أن يربيك الله على الإمساك عن بعض المباح، ثم لا تمسك عن المحرمات. ولقد قال صلى الله عليه وسلم :" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه "(44) ولقد ذهب بعض العلماء إلى أن الصائم يفطر بارتكابه لشيء من هذه المحرمات؛ من غيبة ونميمة وغيرها، وممن ذهب إلى ذلك ابن حزم، وقد احتجوا بحديث المرأتين اللتين غلبهما الصيام، فعن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأتين صامتا، وأن رجلاً قال: يا رسول الله، إن هاهنا امرأتين قد صامتا وإنهما قد كادتا أن تموتا من العطش فأعرض عنه، أو سكت، ثم عاد وقال: يا نبي الله، إنهما والله قد ماتتا أو كادتا أن تموتا، قال: ادعهما. قال: فجاءتا، قال: فجيء بقدح أو عس، فقال لإحداهما: قيئي، فقاءت قيحًا أو دمًا وصديدًا ولحمًا، حتى قاءت نصف القدح، ثم قال للأخرى: قيئي، فقاءت من قيح ودم وصديد ولحم عبيط (45) وغيره حتى ملأت القدح، ثم قال: إن هاتين صامتا عما أحل الله، وأفطرتا على ما حرم الله تعالى عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس" (46).
لكن هذا الحديث ضعيف، والصحيح أن الصائم لا يفطر بالغيبة والنميمة ونحوها، لكنه قد ارتكب جرمًا عظيمًا، وخالف مقاصد الصيام.
ثالثًا: أن بعض المتحدثين عن فضائل الصيام، يركزون في حديثهم على الفوائد الدنيوية للصوم؛ كالفوائد الصحية - مثلاً-، وينسون أو يقصرون في تنبيه الناس إلى الجانب الأخروي في الصيام، وأنه عبادة لله تعالى حتى لو فرض أنه كان غير صحي؛ ولهذا فإن المؤمن يخوض المعارك وقد تذهب روحه فيها؛ لأن ذلك طاعة وعبادة لله تعالى.
إذن فليس المقصود الأول من الصوم أن يصح الجسد، ويسلم من الآفات، أو أن يحصل الصائم على منفعة عاجلة، وإنما المقصود التعبد لله تعالى، وتأتي الفوائد الدنيوية تبعًا.
رابعًا: سوء الخلق: فبعض الصائمين يبدو سيئ الخلق؛ بسبب امتناعه عن الأكل والشرب، فتراه قاسيًا فظًا غليظًا على أهله، وعلى الناس الذين يعاملهم ويحتك بهم، يستعمل الألفاظ النابية، ويتصرف تصرفات متشنجة، وهذا خلاف ما يجب أن يكون عليه الصائم من حسن الخلق الذي أوصاه به الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه: "الصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم"(47).
فما بال بعض الناس إذا صام اشتدت أعصابه، وطار صوابه، وطفق يرمي بالعبارات الجافية القاسية أهلَه وأولاده، وجيرانه وزملاءه ومعامليه، وربما كان في غير حال الصوم هادئًا وديعًا، خلوقًا لطيفًا!!
خامسًا: أن بعض الصائمين يتخذ رمضان فرصة للكسل والخمول، في حين أن المسلمين الأوائل كانوا على عكس ذلك، فكثير من المعارك الإسلامية الشهيرة كانت في رمضان.
وبعض الذين يجعلون رمضان فرصة للإكثار من النوم ويحتجون بأحاديث ضعيفة، مثل حديث: "نوم الصائم عبادة"(48)، وعلى فرض صحته فإنه لا يدل على مرادهم، فإن الذي ينبغي للصائم هو أن يغتنم رمضان للاستزادة من العمل الصالح بهمة ونشاط.
سادسًا: التوسع في المآكل والمشارب، فإن كثيرًا من الناس يستعدون لاستقبال شهر رمضان بألوان المطعومات والمشروبات، مما قد لا يعرفونه في غير رمضان، وهذا - بلا ريب- ينافي الحكمة من مشروعية الصيام . ( فقد جعله الله للقلب والروح فجعلوه للبطن والمعدة ، جعله الله للحلم والصبر فجعلوه للغضب والطيش ، جعله الله للسكينة والوقار فجلعوه شهر السباب والشجار ، جعله الله ليغيروا فيه من صفات أنفسهم فما غيروا إلا مواعيد أكلهم ، جعله الله تهذيباً للغني الطاعم ، ومواساة للبائس المحروم فجعلوه معرضاً لفنون الأطعمة والأشربة ، تزداد فيه تخمة الغني بقدر ما تزداد حسرة الفقير ! فلعل المسلمين يصومون الصيام الذي يعدهم لتقوى الله كما أمر القرآن حتى يخرجوا من رمضان مطهرين مغفوري الذنوب )(49)
ــــــــــ
(43) أخرجه أحمد (22428)، والترمذي (2621)، والنسائي (463)، وابن ماجه (1079) من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
(44) أخرجه البخاري (1903) من حديث أبي هريرة
(45) دم عبيط: طرِيّ. المعجم الوسيط (2/602).
(46) أخرجه الطيالسي (2107)، وأحمد (23141)، والروياني (729) والبيهقي في شعب الإيمان (6722)، من حديث شيخٍ عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 171): فيه رجل لم يسم.اهـ
(47) أخرجه البخاري (2216)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(48) أخرجه ابن صاعد في مسند ابن أبي أوفى (43)، والبيهقي في شعب الإيمان (3937، 393،3939) من حديث عبد الله بن أبي أوفى. قال المناوي في فيض القدير (12740): قال البيهقي فيه معروف بن حسان ضعيف، وسليمان بن عمر النخعي أضعف منه. اهـ، وقال الحافظ العراقي: فيه سليمان النخعي أحد الكذابين اهـ وأقول: فيه أيضاً عبد الملك بن عمير أورده الذهبي في الضعفاء، وقال أحمد: مضطرب الحديث، وقال ابن معين: مختلط، وقال أبو حاتم: ليس بحافظ. اهـ، وأخرجه أبو نعيم في الحلية (5/83) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والسهمي في تاريخ جرجان (1/370) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وانظر ضعيف الجامع (5972).
(49) العبادة في الإسلام للقرضاوي ص 279،280 .

كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله









قديم 2010-08-18, 18:07   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ب.علي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ب.علي
 

 

 
الأوسمة
وسام الوفاء 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2010-08-18, 18:12   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوحسين مشاهدة المشاركة

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بوركت أستاذنا الكبير أبـو حسين

نتعلم منكم الكثير أخي ... و شكرا لك على متابعتك
تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام و صالح الأعمال









قديم 2010-08-20, 11:07   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي الـوقفـة التــاسعة

بسم الله الرحمان الرحيم

الـوقفـة التــاسعة
مع بعض الأحاديث الضعيفة


هناك عدة أحاديث يتداولها الناس في رمضان، وهي ضعيفة لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها :
— حديث: "نوم الصائم عبادة"(50) الذي سلف ذكره قريبًا ، و قد رواه ابن منده عن ابن عمر، ورواه البيهقي عن عبد الله بين أبي أوفى، وهو ضعيف، ضعفه الحافظ العراقي في تعليقه على كتاب "إحياء علوم الدين" للغزالي.
— حديث: "من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر لم يجزه صيام الدهر كله ولو صامه"(51).
هذا حديث مشهور على الألسنة ، و قد ذكره البخاري تعليقًا، ورواه الأربعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق أبي المطوّس عن أبيه عن أبي هريرة، وهو حديث ضعيف، فيه ثلاث علل : فأبو المطوّس هذا مجهول ، وفيه احتمال الانقطاع بينه و بين أبي هريرة، وفيه كذلك اضطراب.
— حديث: "صوموا تصحوا"(52)، رواه ابن عدي، والطبراني في معجمه الأوسط، وهو حديث ضعيف، بل لعله ضعيف جدًا.
— حديث سلمان الفارسي الطويل المشهور، الذي كثيرًا ما قرأه أئمة المساجد على المصلين في مطلع رمضان من بعض كتـب الوعظ و الفضائل، وهو ما روي عن سلمان – رضي الله عنه – قال (خطبنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في آخر يوم من شعبان فقال :" أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ، وقيام ليله تطوعاً ، من تقرب فيه بخصلة من الخير ، كان كمن أدّى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة ، كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه ، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة ، وشهر المواساة ، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن ، من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه ، وعتق رقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء " . قالوا . ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم . فقال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن ، وهو شهر أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ، من خفف عن مملوكه غفر الله له وأعتقه من النار واستكثروا فيه من أربع خصال : خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غنى بكم عنهما ، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه ، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله الجنة ، وتعوذون به من النار ، ومن أشبع فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة )(53) .و هو حديث ضعيف ، في سنده علي بن زيد بن جدعان: و هو ضعيف، بل قال أبو حاتم: هذا حديث منكر، وكذلك نقل غيره تضعيفه عن أئمة آخرين.
ــــــــــ
(50) تقدم تخريجه قريبًا.
(51) أخرجه ابن أبي شيبة (9783)، وعبد الرزاق (7475)، وأحمد (9730)، والدارمي (1714)، وذكره البخاري (2/683) تعليقًا بصيغة تفيد التمريض، وأبوداود (2396)، والترمذي (723)، وابن ماجه (1672)، والبيهقي في الكبرى (7854) من حديث أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال المناوي في فيض القدير (12240): فيه أبو المُطوِّس يزيد بن المُطوِّس تفرد به، قال الترمذي في العلل عن البخاري: لا أعرف له غيره، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا، وقال القرطبي:حديث ضعيف لا يحتج بمثله وقد صحَّت الأحاديث بخلافه، وقال الدميري: ضعيف، وإن علقه البخاري، وسكت عليه أبو داود، وممن جزم بضعفه: البغوي، وقال ابن حجر: فيه اضطراب قال الذهبي في الكبائر: هذا لم يثبت. اهـ
(52) أخرجه ابن عدي في الكامل (2/357) من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس، ونهشل بن سعيد قال فيه إسحاق: كذاب، وقال النسائي: متروك الحديث. وأخرجه الطبراني في الأوسط(8312) من طريق زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وقد ذكر العقيلي هذا الحديث في ترجمة زهير في الضعفاء (549) وقال: لا يتابع عليه إلا من وجه فيه لين.اهـ وذكره السيوطي في الجامع الصغير (7944) وعزاه لأبي نعيم وابن السني في كتاب الطب النبوي لهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال العراقي: كلاهما سنده ضعيف.اهـ
(53) أخرجه ابن خزيمه ( 1887) والمحاملي في أماليه (293) ، والبيهقي في شعب الإيمان (3608) وأبو الشيخ في كتاب الثواب من حديث سلمان الفارسي – رضي الله عنه- قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (1436): حديث ضعيف اهـ .

كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله









قديم 2010-08-20, 15:14   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
بقداد
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










قديم 2010-08-20, 18:06   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي الــوقفة العـاشرة

بسم الله الرحمان الرحيم

الــوقفة العـاشرة
مع قـول الله تعالى :

(شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ)

عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ل حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"(54).
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقرؤا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه"(55).
وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران"(56).
وقد أمر الله بتلاوة كتابه، وبين أن هذا هو دأب الصالحين الصادقين، فقال سبحانه: (إِنَّ الذَّيِنَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرََّا وَعَلانِيَة ًيَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ، لِيُوَفيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِه إنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ) [ فاطر: 29، 30].
فقراء القرآن هي التجارة الرابحة التي لا تبور ، و ذلك في جميع الدهور، وعلى مدى الأيام والشهور، لكنَّ لها في رمضان شأنًا أعظم وآكد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تزيد عنايته بالقرآن في رمضان، وذلك لأسباب:
— السبب الأول: أن ابتداء نزول القرآن كان في رمضان، فإن الليلة التي نزل فيها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِكَ الَّذي خَلَقْ ، خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُكَ الأَكْرَمُ ، الذي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ )[العلق: 1- 4] كانت في شهر رمضان. وقصة نزول جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم جاءت في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها-، أنها قالت:" أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح (57)، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه- وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينـزع (58) إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملَكُ، فقال: اقرأ، قـال: ما أنا بقارئ (59). قال: فأخذني فغطني (60) حتى بلغ مني الجهد(61)، ثم أرسلني (62) فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِكَ الذي خَلَقْ ، خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُكَ الأَكْرَمُ ) [العلق: 1 – 3].
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -فقال: زمَّلوني زمَّلوني(63)، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلاّ، والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ (64)، وتكسب المعدوم (65)، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت به خديجة، حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أومخرجيَّ هم؟" قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصُرْك نصرًا مؤزرًا. ثم لم ينشب (66) ورقة أن تُوفَّي، وفتر الوحي
"(67).
هذه الحادثة كانت في رمضان، كما هو مقتضى ما ذكره ابن إسحاق، وأبو سليمان الدمشقي، فيما نقله ابن الجوزي في كتابه "زاد المسير في علم التفسير"(68) عند تفسير قول الله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْءَان ُ} [البقرة: 185]. أي: ابتدأ إنزاله فيه.
ويحتمل أيضًا أن يكون هذا هو معنى قول الله تعالى ( إنَّا أَنزَلْناهُ في لَيْلَةٍٍ مُبَارَكَةٍِ إنَّا كُنَّا مُنْذِِرِينَ ) [ الدخان:3]، وقوله تبارك وتعالى ( إنَّا أَنزَلْناهُ في ليلة القَدْرِ ) [القدر:1]. إلى آخر السورة ، ذلك أن ليلة القدر من رمضان.
— السبب الثاني: أن رمضان هو الذي أنزل فيه القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا. كما جاء ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما-، وكما أطبق السلف على أن القرآن فُصِل من اللوح المحفوظ، وأُنزِل إلى بيت العزة في سماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان، ثم كان ينـزل على الرسول صلى الله عليه وسلم نجومًا بحسب الوقائع والأحوال، كما هو معروف في أسباب النـزول.
وقد نقل هذا المعنى عن جماعة من الصحابة، كواثلة بن الأسقع، وعائشة - رضي الله عنهما-، وجاء مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وموقوفًا.
ونُقِلَ – أيضًا- أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما- لما قتل أبوه - وكان ذلك في رمضان سنة 40هـ -قام فخطب الناس وقال: "لقد قتلتم رجلاً في ليلة نزل فيها القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، ورفع فيها عيسى إلى السماء، وقتل فيها يوشع بن نون، وتيب على بني إسرائيل ".
والآثار في ذلك عن السلف كثيرة جدًا ، وخلاصتها ما تقدم من أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، التي هي من رمضان.
— السبب الثالث : أن جبريل كان يأتيه صلى الله عليه وسلم في رمضان فيدارسه القرآن كل ليلة، كما في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة"(69).
وفي العام الذي توفي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عارضه جبريلُ القرآنَ مرتين (70).
إذن، فقد كان رمضان بالذات مخصصًا لتدارس القرآن بين جبريل عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم في كل سنة، بحيث يتم في كل رمضان مراجعة ما أُنزل من القرآن فيقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل يستمع إليه، ومن خلال المعارضة يتم إثبات ما أمر الله تعالى بإثباته، ونسخ ما أمر بنسخه ( يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتابِ ) [الرعد: 39]. كما أنه قد يتم – أيضًا- شرح معاني القرآن ، وتدارسها بين جبريل والرسول صلى الله عليه وسلم .
— وقد أخذ أهل العلم من ذلك : مشروعية ختم القران في رمضان ؛ لأن جبريل والنبي عليهما صلوات الله وسلامه ، كانا يُنْهِيَان في كل رمضان ما سبق نزوله من القرآن، وفي آخر سنة أنهياه مرتين بالمدارسة والمعارضة -كما تقدم-، فهذا دليل على أنه يستحب للمسلم أن يقرأ القرآن الكريم كاملاً في رمضان مرة أو أكثر ؛ بل إن السُّنة أن يختم القرآن في كل شهر مرة، وإن استطاع ففي كل أسبوع مرة بل إن استطاع ففي كل ثلاث ليال مرة، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم (71)؛ ولذلك كان السلف يخصصون جزءًا كبيرًا من وقتهم في رمضان لقراءة القرآن، حتى قال الزهري - رحمه الله-: إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام.
وكان الإمام مالك - رحمه الله- إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث، وأقبل على قراءة القرآن الكريم من المصحف.
إذن، ففي رمضان أنزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، وفيه ابتدأ إنزال القرآن على المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وفيه كان جبريل يدارسه القرآن ويعارضه إياه؛ ولهذه الأسباب مجتمعة لابد أن تكون عناية المسلم بالقرآن مضاعفة في هذا الشهر الكريم، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالحين من بعده.
وحول موضوع العناية بالقران أود أن أشير إلى ملحوظات جوهرية :
الملحوظة الأولى: أن بعض الناس يظنون أن ختم القرآن مقصود لذاته، فَيَهُذُّ (72) الواحد منهم القرآن هَذَّ الشَّعر، بدون تدبر، ولا خشوع، ولا ترقيق للقلب، ولا وقوف عند المعاني؛ بل همه الوصول إلى آخر السورة أو آخر الجزء، أو آخر المصحف.
ولا شك أن القرآن ليس لهذا أُنزل؛ فإن الله تعالى يقول في هـذا الكتاب الكريم نفسه( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَتِـهِ)[ص: 29]، وقال تعالى: (وَرَتّلِ القُرْآنَ تَرْتيِلاً ) [المزمل: 4]، وقال تعالى: ( فَبِأيّ حَديث بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ )[الأعراف:185، المرسلات:50]. ( فَبِأيِ حَدِيث بَعْدَ اللهِ وَءَاياتِهِ يُؤْمِنُونَ )[الجاثية:6]. فمن الخطأ أن يحمل أحدَنَا الحماسُ إذا سمع بعض الآثار عن السلف التي تفيد أنهم يختمون القرآن كل يومين مرة، أو كل يوم مرة؛ فيقول: لابد أن أقتدي بهم، ويمضي يهذُّ القرآن هذًّا، غير متمعَّن ولا متدبر، ولا مراعٍ لأحكام التجويد، أو مخارج الحروف الصحيحة.
إن كون العبد يقرأ بعضًا من القرآن: جزءًا، أو حزبًا، أو سورة - بتدبر وتفكر - خير من أن يختم القرآن كاملاً بدون أن يعي شيئًا منه.
وقد ثبت - في الموطأ- عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- أنه أخذ في تحصيل سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها (73).
وهل كان ابن عمر - رضي الله عنهما- محتاجًا أن يمكث ثماني سنين ليستظهر سورة البقرة؟ كلا، فإن صبيان الكتاب يحفظون القرآن كله في سنة أو سنتين، ولكنه رضي الله عنه استغرق ثماني سنين في سورة البقرة: يحفظها، ويتعلم معانيها، وأحكامها، وناسخها، ومنسوخها، وخاصها، وعامها، ويقف عند ما ورد فيها… إلى غير ذلك، وهذا الذي جعله يفني في ضبطها هذا الوقت الطويل.
الملحوظة الثانية: أن هناك عادات شكلية في قراءة القرآن في بعض البلاد والبيئات، ففي بعض البيئات المصرية - مثلاً- عادة تسمى (المساهر) وكانت موجودة في الماضي بخاصة، ولعلها اندثرت، وهي أن يجلس الناس في شهر رمضان خاصة بعد صلاة التراويح إلى السحور في بيت أحد ذوي اليسار والغنى، فيستأجر لهم قارئًا يقرأ عليهم من كتاب الله، ويرفع الحاضرون أصواتهم بعد قراءة القارئ لكل آية قائلين: الله.. الله، أو: الله يكرمك، ربنا يكرمك.
ولا شك أن هذا العمل مخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم من عدة جهات، منها :
أولاً: أن قراءة القرآن بالأجر لا أصل لها، وهذا الذي يقرأ القرآن بالأجرة المادية ليس له ثواب عند الله تعالى، مادام قصدُه هذه الأجرة الدنيوية.
ثانيًا: أن جمع الناس بهذه الطريقة لا تتم به الفائدة، وَلأَنْ يقرأ الإنسان وحده؛ ليتدبر ويتمعن ويخشع خير من اجتماع على زعق (74) وضجيج وأصوات، ولقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الذي يذكر الله خاليًا فيبكي، حيث قال صلى الله عليه وسلم : "ورجل ذكر الله خاليًا؛ ففاضت عيناه"(75).
ثالثًا: أن رفع الأصوات عند قراءة القرآن ليس من سمت المؤمنين، بل هو منكر لا يجوز؛ لأن فيه سوء أدب مع كلام الله تعالى، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك، ولا أصحابه - رضوان الله عليهم-، وإنما كان هديه صلى الله عليه وسلم حسن التأدب مع القرآن، ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ عليَّ. قال: قلت: أقرأُ عليك، وعليك أُنزِلَ؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري. قال: فقرأت (النساء)، حتى إذا بلغت: (فَكَيْفَ إذَا جئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَجِئنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا)[النساء: 41]. قال لي: كُفّ أو أمْسِكْ. فرأيت عينيه تذرفان"(76).
هذا هو الخشوع ، و التأثر والاعتبار، وهذا هو الأدب الواجب مع القرآن، فصلى الله وسلم على معلم الناس الخير.
الملحوظة الثالثة: حول ما يسمى (الختمة) ، والمراد بها: قراءة القرآن في صلاة التراويح والقيام ، ثم الدعاء المعروف عند إتمام القرآن الكريم.
والناس في هذه القضية طرفان ووسط :
فمنهم من يقول: إن هذه بدعة، ولا يفصَّل.
ومنهم من يقول: إنها سنة، ويعمل بها بدون تفصيل أيضًا.
والذي أراه صوابًا أنه لابد من التفصيل في ذلك ،كما يلي:
أولاً: إتمام القرآن الكريم - في صلاة التراويح والقيام - مشروع كما سبق-.
ثانيًا: الدعاء عند ختم القرآن الكريم – أيضًا- مشروع، فقد ثبت من حديث جابر رضي الله عنه عند أحمد وأبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقرؤا القرآن، وابتغوا به الله من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القِدْح (77)، يتعجلونه ولا يتأجلونه"(78) أي يتعجلوه أجره.
ومن حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عند أحمد والطبراني: "من قرأ القرآن فليسأل الله به..."(79).
وفي سنن الدارمي بسند جيد أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن الكريم جمع أهل بيته فدعا بهم (80).
إذن ، فالدعاء عند ختم القرآن مستحب.
ثالثًا: هذا الدعاء - الذي يقال عند ختم القرآن -إن كان في صلاة فينبغي أن يكون في صلاة الوِتْر، سواء في التراويح أو في القيام؛ وذلك لأن الوتر هو الموضع الذي ثبت شرعًا أنه مكان الدعاء، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقنت في وتره، وعلَّم الحسن -كما في سنن الترمذي بسند حسن- أن يقول في الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولَّني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذِلُّ من واليت، تباركت ربنا وتعاليت "(81).
إذن، فالسنة أن يكون الدعاء في الوتر، سواء كان ذلك قبل الركوع أو بعده، فكلاهما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان أكثر دعائه بعد الركوع (82).
رابعًا: هذا الدعاء لا مانع من إطالته بمناسبة ختم القرآن ، وإضافة أدعية تتعلق بالقرآن الكريم، مثل ما يقول بعض الأئمة: اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم. اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصَّتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل القرآن لنا شفيعًا… إلى غير ذلك من هذه الأدعية، وهذه ملاءمة جيدة.
أما الدعاء الشائع عند الناس، الذي يبدأ بقولهم: "صدق الله العظيم الذي لم يزل عليمًا قديرًا، صدق الله ومن أصدق من الله قيلاً، صدق الله العظيم، وبلَّغ رسولُه الكريم، ونحن على ما قال ربنا من الشاهدين، ولما أوجب وأنزل غير جاحدين.." إلخ؛ فهذا لا أصل له، والأولى تجنُّبه، وبخاصة أنه انتشر عند الناس، حتى ظنه بعضهم من السنن، فلو تركه أحد لأنكروا عليه، وقالوا: خالفْتَ السنة.
ولا ريب أن مما يدخل في المنع أن بعض الناس يزيد في دعاء ختم القرآن مواعظ تتعلق بذكر القبر، وما يقع فيه من عذاب، والصراط، والبعث، والجزاء، والحساب، والجنة والنار وما يقع فيهما.
ولا شك أن هذا ليس محله؛ بل هذا من الاعتداء المنهي عنه، وربما أوصل بعضهم إلى بطلان صلاته؛ لأن هناك من يحول الدعاء إلى موعظة وتذكير.
إذن، فالتفصيل في مسألة الختمة أمر جيد، وهو قول وسط بين المانعين بإطلاق أو المجيزين بإطلاق.
على أن الأمر لا ينبغي التشديد فيه- فيما يبدو-، فحتى الذين يقرؤون دعاء الختمة في غير الوتر- أي يقرؤونه في صلاة ثنائية من التراويح- يقولون: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الفجر"(83)، كما ثبت ذلك عنه مرات، بل ثبت عنه القنوت في غير صلاة الفجر: في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء (84)، في أحاديث عديدة، فيقول هؤلاء: هذا من هذا. وإن كانت العبادات ليس فيها مجال للقياس، وإنما مبناها على النص والتوقيف .
ــــــــــ
(54) رواه الترمذي (2910) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
(55) رواه مسلم (804) من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
(56) رواه البخاري (4937)، ومسلم (798) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(57) فلق الصبح: ضياؤه .
(58) ينـزع: يرجع. لسان العرب (8/351).
(59) ما أنا بقارئ: لا أعرف القراءة ولا أحسنها.
(60) فغطَّني: ضمني وعصرني حتى حبس نفسي. لسان العرب (7/362).
(61) الجهد: غاية وُسعي. لسان العرب (3/133).
(62) أرسلني: أطلقني. لسان العرب (11/283).
(63) زملوني: لفوني وغطوني لسان العرب (11/311).
(64) تحمل الكلَّ: تقوم بشأن من لا يستقل بأمره، كاليتيم ونحوه. مختار الصحاح (1/240).
(65) تكسب المعدوم: تتبرع بالمال لمن عدمه. لسان العرب (12/393).
(66) لم ينشب: لم يلبث. لسان العرب (1/757).
(67) البخاري (4)، ومسلم (160) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(68) انظر زاد المسير (1/187) ط المكتب الإسلامي 1407هـ.
(69) البخاري (6)، ومسلم (2308) من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
(70) أخرجه البخاري (2624)، ومسلم (2450) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(71) انظر البخاري (5052)، ومسلم (1159)، والترمذي (2949)، وأبو داود (1390).
(72) الهذّ: سرعة القراءة. لسان العرب (3/517).
(73) الموطأ (479).
(74) الزَّعْقَ: الصياح. المعجم الوسيط (1/408).
(75) البخاري (660)، ومسلم (1031) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(76) البخاري (4582)، ومسلم (800) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(77) إقامة القِدْح: القِدْح هو السهم قبل أن يراش، وقوله: إقامة القدح كناية عن أنهم يصلحون ألفاظه وكلماته، ويتكلفون في إقامة مخارجه وصفاته. انظر عون المعبود (3/42).
(78) أخرجه أحمد (14441)، وأبوداود (830)، وأبو يعلى (2197)، والبيهقي في شعب الإيمان (2645) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه. وقد حسنه الألباني في صحيح الجامع (1167).
(79) أخرجه ابن أبي شيبة (30002)، وأحمد (19384)، والترمذي (2917)، والبزار (3553)، (370)، والروياني (81)، والطبراني في الكبير (370)، والبيهقي في شعب الإيمان (2628) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، قال الترمذي: حديث حسن ليس إسناده بذاك. اهـ، وقد حسنه السيوطي في الجامع الصغير (11413)، والألباني في صحيح الجامع (6467).
(80) سنن الدارمي (3473،3474) من حديث ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه.
(81) أخرجه أحمد (1178)، والدارمي (1591)،وأبوداود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي (1745)، وابن ماجه (1178) من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه . قال الترمذي: حديث حسن.
(82) انظر البخاري (1001)، ومسلم (677).
(83) انظر البخاري (1001)، ومسلم (677).
(84) انظر البخاري (797)، ومسلم (392).

كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله









قديم 2010-08-21, 16:44   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي الوقفة الحادية عشرة

بسم الله الرحمان الرحيم

الوقفة الحادية عشرة
مــع القيــام

كما أن رمضان شهر الصيام ، فهو كذلك شهر القيام ، و قد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( يا أيُّها المُزَّمِلُ قُمْ الَّيْلَ إلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً وَرَتّلِ القُرْءَان تَرْتِيلاً إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً )[المزمل: 1-5 ].
و يقول سبحانه في صفة عباده المحسنين: ( كَانُوا قَلِيلاً مِنَ الَّيْلِ مَا يَهُجَعُونَ وبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )[الذاريات: 17، 18].
و في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"(85).
و في سنن الترمذي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفَلَ (86) الناس إليه، وقيل: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما اسْتَبَنْتُ وجهَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول شيء تكلم به أن قال: "يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"(87)، إذن ، ففضل قيام الليل – عمومًا- فضل عظيم، بدلالة تلك النصوص.
و في قيام رمضان خاصة يقول النبي صلى الله عليه وسلم ،كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه"(88).
و قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بأصحابه في رمضان، كما في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل ، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا؛ فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهّد، ثم قال: " أما بعد، فإنه لم يخفَ عليَّ مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها"(89).
وروى أهل السنن بسند صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئًا منه، حتى بقي سبع ليال، فقام بنا ليلة السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل، ثم كانت الليلة السادسة التي تليها، فلم يقمها، حتى كانت الخامسة التي تليها، ثم قام بنا حتى مضى نحو من شطر الليل. فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا (90) بقية ليلتنا هذه. فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف؛ فإنه يعدل قيام ليلة، ثم كانت الرابعة التي تليها، فلم يقمها، حتى كانت الثالثة التي تليها، قال: فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور. قال: ثم لم يقم بنا شيئًا من بقية الشهر"(91).
وحول قيام رمضان لنا عدة تنبيهات:
— التنبيه الأول: حول عدد صلاة التراويح:
فالناس مختلفون اختلافًا كبيرًا في عددها من إحدى عشرة ركعة إلى تسع وأربعين ركعة، وما بين هذين العددين، والذي يعنينا في هذا المقام أمور، منها:
أولاً: كم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
أصح ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ما رواه الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة"(92).
لكنه صلى الله عليه وسلم كان يطيلها ويحسنها، كما ذكرت عائشة - رضي الله عنها - في هذا الحديث نفسه.
ثانياً: ما الذي فعله الصحابة ؟
لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم زال الخوف أن تفرض صلاة التراويح؛ فأمر عمر رضي الله عنه المسلمين أن يجتمعوا على الصلاة، حيث دخل المسجد فوجدهم أوزاعًا (93) : يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرجل والرجلان والرهط ..؛ فرأى عمر أن يجمعهم على إمام واحد، فأمر أبي بن كعب وتميم بن أوس الداري رضي الله عنهما أن يصليا بالناس. فكم- يا ترى- صليا بالناس؟
ورد في ذلك روايتان كلتاهما صحيحة ، و هما من طريق السائب بن يزيد.
الرواية الأولى: أن عمر رضي الله عنه أمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة.
والرواية الثانية: أن تميم بن أوس الداري وأبي بن كعب -رضي الله عنهما - صليا بالناس إحدى وعشرين، وفي رواية ثلاثًا وعشرين ركعة.
أما رواية إحدى عشرة فهي في موطأ مالك (94)، وسندها صحيح.
وأما رواية إحدى وعشرين فهي في مصنف عبد الرزاق (95)، وسندها صحيح أيضًا.
وأما رواية ثلاث وعشرين فهي في سنن البيهقي (96)، وسندها صحيح كذلك.
فما الموقف من ذلك؟
بعض أهل العلم حكموا على رواية إحدى وعشرين وثلاث وعشرين بالشذوذ.
ولكن لا داعي للحكم بالشذوذ ما دام الجمع ممكنًا، فنجمع بينها بما جمع به الحافظ ابن حجر - رحمه الله- حيث قال: "إنه يحمل على التنوع والتعدد بحسب الأحوال وحاجة الناس، فأحيانًا كانوا يصلون إحدى عشرة، وأحيانًا إحدى وعشرين، وأحيانًا ثلاثا وعشرين، بحسب نشاط الناس وقوتهم. فإن صلوا إحدى عشرة أطالوا حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام ".
وإن صلوا ثلاثًا وعشرين خففوها، بحيث لا يشق ذلك على الناس. وهذا جمع حسن.
وانقدح في نفسي جمع آخر لعله يكون معقولاً أيضًا ، وهو أن عمر رضي الله عنه أمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة - وهذا لم تختلف فيه الروايات-، ولكن أبيًّا وتميمًا - رضي الله عنهما - صليا بالناس إحدى وعشرين أو ثلاثًا وعشرين؛ فالأمر من عمر بإحدى عشرة، والفعل منهما كان بإحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، وذلك قد يكون بناء على أمر عرض لهما، رَأَيَا فيه أن المصلحة أن يصليا إحدى وعشرين أو ثلاثا وعشرين؛ لحاجة الناس إلى ذلك، كأن يكون الناس يستطيلون القيام والركوع والسجود وغيره حينما يصلون إحدى عشرة ركعة، فرأوا أن تكون الصلاة إحدى وعشرين، أو ثلاثًا وعشرين ركعة، يخففون فيها القيام، والركوع، والسجود؛ ليكون أمكنَ لهم في العبادة. وهذا الجمع ممكن أيضًا، وبذلك تأتلف النصوص.
وسواء صلَّى الناس إحدى عشرة، أو إحدى وعشرين، أو ثلاثًا وعشرين؛ فإن الأمر الذي ينبغي التنبيه إليه أن ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أنه لا تجوز الزيادة في التراويح على إحدى عشرة ركعة ؛ قول ضعيف جدًا، لا ينبغي الالتفات إليه، لسببين:
الأول: لأن الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن صلاة الليل؛ قال له النبي صلى الله عليه وسلم : "مثنى مثنى.."(97) وهذا الأعرابي ما كان يعرف صفة صلاة الليل، فضلاً عن أن يعرف عددها، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم مع ذلك: مثنى مثنى أي: تسلم من كل ركعتين، ولم يحدد له في ذلك عددًا محدودًا؛ بل أطلق الأمر.
الثاني: أن النوافل المطلقة جائزة على الإطلاق ليلاً ونهارًا، إلا في أوقات النهي، فلو صلى الإنسان قبل الظهر، أو بعد الظهر، أو بعد المغرب، أو بعد العشاء، أو في الضحى ما تيسر له: ركعتين، أو أربعًا، أو عشرًا، أو عشرين؛ فلا بأس، فهذه نوافل مطلقة، وجماهير الأمة - بما فيهم الأئمة الأربعة- على أنها لا تُحدَّ بعدد لا تجوز الزيادة عليه، وإن كان منهم من يقول: إن هناك عددًا أفضل من عدد آخر.
— التنبيه الثاني:
أن الصلاة عمومًا - بما في ذلك النافلة- إنما شرعت؛ لتهذيب النفوس، وتصفية القلوب وتطهيرها من الحقد والحسد والبغضاء، وجعلها متآخية متحابة متقاربة، وهذا من أعظم مقاصد العبادات، وهذا أمر ملحوظ؛ فإن العبد إذا أقبل على صلاته رقَّ قلبه، وسمت نفسه، فكيف يجوز أو يسوغ شرعًا أو عقلاً أن يكون هذا الأمر الذي شرع لهذه المقاصد السامية مجالاً للخصام والتنافر والتباغض بين بعض طلبة العلم، حينما يسوِّدون الصفحات الكثيرة خصامًا في صلاة التراويح، وهجومًا على بعض، وردًّا على بعض، وتشهيرًا ببعض؟! كما قد يقع ذلك - أيضًا- من العامة في المساجد إذا دخل رمضان، فهم بين قائل للإمام: صلَّ إحدى عشرة، وقائل: صلَّ عشرين، وقائل: خفف الصلاة، وقائل: أسرع فيها، وقائل: أبطئ.. وهكذا يختلفون على الإمام، وتتحول العبادة التي شرعها الله تعالى لتهذيب الأمة أفرادًا ومجتمعات، ولجمع الكلمة؛ تتحول في هذا الزمان إلى ميدان لأضداد مقاصدها، فنسأل الله أن يرد الأمة إلى الفقه في دينه، والاجتماع عليه.
إن جمع الكلمة، وسلامة القلب، وطهارة النفس، من مقاصد الشرع المُجمع عليها عند جميع المسلمين، أما عدد الركعات فمن المختلف فيه، فكيف نقدِّم العناية بالمختلف فيه على العناية بالمجمع عليه؟
— التنبيه الثالث:
أن من المهم التوسعة في هذه الأمور على الناس ، فإننا نعلم من هدي الإسلام أنه دين يسر وسماحة، ومن نماذج ذلك ما جاء في الحديث المتفق عليه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح، قال: "اذبح ولا حرج". فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال: "ارم ولا حرج". فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج"(98).
فكان صلى الله عليه وسلم يحب التوسعة على أمته، وهذا المسلك نجد علماء أهل السنة يسلكونه عبر العصور، وهكذا يجب علينا في هذا العصر أن نبتعد عن المشقة على الناس في صلاة التراويح وفي غيرها، ومن الابتعاد عن المشقة أن يراعي الإمام حال المأمومين، فإن كان يشق عليهم، -مثلاً- أن يصلي بهم عشرين ركعة؛ فليصل بهم عشرًا، وهذا أوفق وأقرب للسنة.
وإن كان أكثرهم اعتادوا على عشرين ركعة، وهي أخف عليهم من عشر يطول الوقوف فيها؛ فليصل بهم عشرين ولا حرج، إذ ليس ثمة حدٌّ لصلاة التراويح، وإنما الذي تجب مراعاته أن تكون مَثْنى مَثْنى.
فالحاصل أنه ينبغي مراعاة حال الناس في شأن صلاة التراويح كما تبيَّن، وإن كان الأصل أن يكون العامة تبعًا لعلمائهم وأئمتهم، وطلاب العلم منهم، وليس الأصل أن يفرض العامة على الإمام عدد صلاة التراويح، وإنما يراعى حالهـم؛ إزالة للمشـقة، ودفعًا للخلاف بين المصلين.
ــــــــــ
(85) مسلم (1163) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(86) انجفل: أسرع. المعجم الوسيط (1/132).
(87) أخرجه الترمذي (2485) من حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال الترمذي: حديث صحيح.
(88) البخاري (37)، ومسلم (760) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(89) البخاري (924)، ومسلم (761) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(90) لو نفلتنا: لو أعطيتنا قيام بقية الليل وزدتنا إياه؛ كان أحسن.
(91) أخرجه الدارمي (1777)، الترمذي (806)، وأبو داود (1375)، والنسائي (1364)، وابن ماجه (1327)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(92) البخاري (2013)، ومسلم (738) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(93) أوزاع: متفرقون غير مجتمعين على إمام واحد. لسان العرب (8/391)، النهاية (5/180).
(94) أخرجه مالك في الموطأ (248)، والفريابي في كتاب الصيام (174)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/293)والبيهقي في السنن الكبرى (4392).
(95) مصنف عبد الرزاق (7730) من طريق محمد بن يوسف الكندي عن السائب بن يزيد.
(96) سنن البيهقي (3270) من حديث مالك عن يزيد بن رومان.
(97) رواه البخاري (472)، ومسلم (749) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-.
(98) أخرجه البخاري (83)، ومسلم (1306) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه. وأخرجه البخاري (84)، ومسلم (1307) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله









قديم 2010-08-22, 18:00   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي الوقفــة الثـــانية عشـــرة

بسم الله الرحمان الرحيم

الوقفة الثانية عشرة
رمضان شهر الجهاد


الجهاد ذروة سنام الإسلام ، و فضله جدّ عظيم ، كما جاء ذلك في عدة نصوص من الكتاب والسنة ، كالحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة مئة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة - أراه - فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة"(99).
و لقد كان شهر رمضان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح هو شهر الجهاد ، فإن أعظم معركتين في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانتا في هذا الشهر الكريم ، شهر الجهاد والتضحيات والهمم.
أولاهما: معركة بدر الكبرى ، التي كانت فرقانًا فرق الله تعالى به بين عهد الذل والاستضعاف وعهد العزة والتمكين للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ولأنها كانت فرقانًا وفيصلاً ومنعطفًا خطيرًا في مسيرة الدعوة؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر يرفع يديه إلى السماء، ويبتهل إلى الله سبحانه وتعالى حتى سقط رداؤه عن منكبيه وهو يقول: "اللهم نصرَك الذي وعدتني، اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعد اليوم في الأرض" حتى أشفق أبو بكر على الرسول صلى الله عليه وسلم فالتزمه ووضـع
رداءه على منكبيه، وقال: يا رسول الله، كفاك مناشدتَك ربَّك، فإن الله تعالى منجِزٌ لك ما وعد
(100).
فنصر الله -جل وعلا- رسوله صلى الله عليه وسلم نصرًا مؤزرًا في تلك المعركة الحاسمة: ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ ببَدْرٍ وَأنتُم ْأذِلَّة فَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [آل عمران: 123].
الثانية: فتح مكة، وهي – أيضًا- من أخطر وأهم المعارك في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن مكة كانت مركز الجزيرة العربية، ومكان الحج والعمرة، ومهوى أفئدة الناس من كل مكان.
وكانت الوثنية مسيطرة عليها على مدى ثماني سنوات بعد هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، حتى لقد منع المشركون النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية من دخولها وأداء العمرة، فلما دخلها فاتحًا في السنة الثامنة دانت له الجزيرة كلها؛ ولهذا جاءت الوفود في السنة التالية مباشرة (التاسعة) من أنحاء الجزيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام.
ولذلك يصح أن يقال : إن فتح مكة هو الوقت الذي زالت فيه غربة الإسلام ، وأصبح عزيزًا في أرجاء الجزيرة العربية، وسقطت سلطة الوثنية فيها.
والتاريخ الإسلامي مليء بالمعارك العظيمة التي كانت في رمضان، منها -مثلاً- معركة (عين جالوت)(101)، التي نصر الله فيها المسلمين، بقيادة المماليك على التتار؛ فانكسرت شوكتهم، وانحسر مدهم، ولم تقم لهم بعدها قائمة.
والحديث عن الجهاد في رمضان يحتَّم علينا الوقوف عند أمرين لابد من إبرازهما:
الأول: أن كثيرًا من المسلمين اليوم انعكست هذه المفهومات في نفوسهم؛ فلم يعد رمضان عندهم شهر الجهاد والعمل والتضحية، وإنما أصبح شهر الكسل والبطالة وفضول النوم، وهذا - بلا ريب- خطأ كبير، وانتكاس خطير، فالواجب أن يصحح هؤلاء الناس نظرتهم، ويسعوا لإحياء الجهاد في ذلك الشهر خاصة، وفي سائر الأوقات عامة.
والجهاد باب واسع يدخل تحته أعمال كثيرة: فهو يكون بالسلاح، ويكون بالمال، ويكون باللسان: أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، وتعليمًا للخير، ونشرًا للدعوة… إلى غير ذلك من سبل الجهاد.
الثاني: أننا نعلم أن كثيرًا من المسلمين الآن يحملون السلاح، مدافعين عن الحوزة (102) ، ومنافحين عن الملة ، يحدث هذا في فلسطين، وكشمير، وبلاد إسـلامية أخرى. وفي جميع هذه البلاد التي ذكرت توجد طوائف من أهل السنة والجماعة المشهود لهم بسلامة المعتقد، وبالورع والصلاح والتقوى، يقاتلون عدوًا كافرًا خاسرًا، يهوديًا أو نصرانيًا أو شيوعيًا، أو غير ذلك.
وهؤلاء المجاهدون في أمسِّ الحاجة إلى أن يكون إخوانهم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها معهم بالدعاء، وبالنصرة بالمال، وبغيره من الوسائل التي يملكونها قبل أن يحل بغيرهم ما حل بهم، والله المستعان.
ـــــــــــ
(99) البخاري (2790) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(100) أخرجه مسلم (1763) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(101) مكان بالشام وقعت فيه المعركة المشهورة بين الملك المظفر سيف الدين قطز والتتار في رمضان عام 658هـ. انظر البداية والنهاية (13-218-225).
(102) الحوزة : الناحية : لسان العرب (5/342). صحيح.

كتاب دروس رمضانية .... د.سلمان بن فهد العودة
... يتبع إن شاء الله









قديم 2010-08-23, 23:03   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*الراجي عفو الله*
عضو متألق
 
الصورة الرمزية *الراجي عفو الله*
 

 

 
الأوسمة
وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم



دروس في الصميم

في ميزان حسناتك

سلام










 

الكلمات الدلالية (Tags)
"دروس\, للشيــخ\", رمضـانية\


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc