تنسب أسرة بن قانة إلى إحدى نساء قرية كوكو بجبال جرجرة تدعى قانة وهو ما أكده عدد من شيوخ منطقة القبائل للباحث "شارل فيرو" وتقول الرواية: أن امرأة تدعى قانة كانت تعيش في بداية القرن 12هـ 18م بقرية كوكو بجبال جرجرة طردتها جماعة القرية لتصارع شباب القرية عليها، فالتجأت إلى قرية فليسة وكان معها إبنها يحي 'إبن قانة، وهناك تزوجها أحد الإقطاعيين من بني عمران وهو عبد العزيز، الذي منح ابن زوجته قطعة أرض كانت بداية لغنى الأسرة وبروزها داخل تلك القبيلة، وتضيف الرواية أن يحي بن قانة بقي بالقبيلة إلى أن توفي بها وظل قبره يشاهد قرب قرية تيكنالتي بالقبيلة إلى وقت متأخر من العهد العثماني، وبعد وفات يحي تفرق أبناؤه بين قرى المنطقة للاسترزاق، على غرار بقية القبائل البربرية، وكان استقرار أهم فرع منهم بوادي سباو ضمن قبيلة فناية حيث بنى أبناء الفرع ضيعة بقيت تعرف باسم آيت قانة، وقد اشتهر أولاد بن قانة بالعمل في مهنة الحدادة في قريتهم فناية وبعد انصرافهم للعمل خارج قريتهم استقر أحدهم وهو محمود بقرية رجاس قرب ميلة شمال غرب قسنطينة، حيث تزوج وكون أسرة كبيرة، توارث أبناؤها مهنة الحدادة ومنهم سليمان بن محمود الذي عرف 'بسليمان الحداد' ثم إبنه قانة بن سليمان الذي كان له الحظ في الالتقاء بالانكشاري أحمد القلي، والذي كان سببا في تغيير مجرى حياة أسرة بن قانة. فقد كان أحمد القلي يقوم بوظيفة باش سيار ' رئيس البريد بين القل وقسنطينة، وأثناء رحلاته المتكررة كان يحتاج إلى خدمات الحداد قانة، فكان ينزل عنده كلما أراد إصلاح حدوة جواده، وجياد أتباعه، أو الاختباء من قطاع الطرق والتقلبات الجوية، وكان الحداد قانة يكرم ضيفه كلما نزل عليه ويسامره، وبذلك تكونت بين الرجلين صداقة متينة سرعان ما تحولت إلى مصاهرة بزواج أحمد القلي بابنة صديقه قانة.
كانت هذه المصاهرة فاتحة خير بالنسبة للصديقين، إذ ارتقى أحمد القلي إلى آغا القل، ثم خليفة باي قسنطينةُ، ثم إلى باي قسنطينة، وكانت استفادة صديقه وأسرته كبيرة من هذا الارتقاء، إذا ما إن وصل أحمد القلي إلى حكم بايليك قسنطينة، حتى عمل كل ما في وسعه لرفع مكانة أصهاره إلى مرتبة الأسر الحاكمة بالبايلك، وفعلا استطاع أن يدخل هذه الأسرة التاريخ، ويجعلها تزاحم أعرق الأسر بالمنطقة أسرة بو عكاز شيوخ العرب وحكام الصحراء منذ أن أقرهم على هذه المكانة الخليفة الحفصي الرابع أبو إسحق إبراهيم سنة 1270م، وبذلك يمكن القول :أن أسرة بن قانة كانت من صنع السياسة العثمانية لا في النسب المتواضع، ولا في حكم المنطقة.
لمزيد من التفاصيل الرجوع إلى: جميلة معاشي الأسر الحاكمة في بايليك الشرق الجزائري رسالة ماجستير جامعة قسنطينة 1990/1991