|
|
|||||||
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
| آخر المواضيع |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
رقم المشاركة : 16 | ||||
|
أركان الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية للطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية أركان سبعة، تحدث عنها بالإجمال شيخنا العارف بالله الشيخ خير الدين الشريف كمنهج تربوي يومي للسالك. وفي التزام هذه الأركان اعتقاداً وتطبيقاً تتحقق السالك مراتب النفس التي تحدثنا عنها. ونقول في تفصيل هذه الأركان وبالله التوفيق: الركن الأول: الحب: اختار أشياخنا الحب ليكون الركن الأول من أركان الطريق، لأن أي مقام يُدرَك، ما هو إلا ثمرة من ثمار الحب، كمقام الشوق والرضا والتسليم. وأي مقام يسبق الحب ما هو إلا مقدمة من مقدماته، كمقام الإيمان والتوبة والتحمل والزهد. ونعني الحب الإلهي، الذي من ثماره ينبثق الحب النبوي، وحب أنبياء الله وأوليائه وأحبابه. ومن أدرك مقام الحب أدرك حقيقة الإيمان لقوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ} (165 البقرة). وأبلغ ما يقال في تعريف الحب ما قاله الإمام الجنيد رحمه الله عندما سئل عن علامات المحبة، فكان جوابه: "فيضان الدموع من عينيه وخفقان القلب بالهيام والشوق". وقد افترى بعض المغرضين من الكفرة والملاحدة فريةً مفادها أن العلاقة بين الخالق والمخلوق تقوم على الرهبة والبطش والعنف والتخويف. وأترك الجواب على هذه الفرية لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فيهما من الأدلة في الرد على ذلك، وإثبات حقيقة الحب وفضله: قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (54 المائدة). قال تعالى {وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ} (165 البقرة). قال تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ} (31 آل عمران). قال تعالى {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (76 آل عمران) قال تعالى {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (146 آل عمران). قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (42 المائدة). قال تعالى {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (93 المائدة). قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159 آل عمران). قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (222 البقرة). أما الفرية التي افتراها من لا خلاق لهم، فهي على أمثالهم من الزنادقة والملاحدة، لا على المؤمنين الصادقين. ودليله: قوله تعالى {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ} (205 البقرة). قوله تعالى {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (77 القصص). قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(32 الحديد). قوله تعالى {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (141 الأنعام). قوله تعالى {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (57 آل عمران). وقبل أن نورد الأحاديث النبوية المتعلقة بالحب، لا بد من الإشارة إلى لامعة لطيفة وهي أن علاقة الحب بين العبد وربه أمرٌ لا يكون إلا بمحبـة رسـول الله صلى الله عليه وسـلم، ومحبة أوليائه. وهي شرط من شرائط الإيمان. ودليل ذلك في الأحاديث التالية: أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثٌ من كُن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلاّ لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار). وروى البخاري، ومسلم في صحيحيهما في كتاب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين). وروى البخاري في صحيحه في كتاب الرقاق باب التواضع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه). وأخرج البخاري في صحيحه في كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أحب الله العبد نادى جبريل أن الله يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل. فينادي جبريل في أهل السماء أن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض). وقد ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة الله ومحبة رسوله بوضوح، وبأمرٍ جازمٍ حيث قال فيما رواه الترمذي في كتاب المناقب (أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا آل بيتي بحبي). ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم وعد المحبين بالحشر مع من أحبوا، فيما رواه البخاري في صحيحه في كتاب المناقب، ومسلم في كتاب البر، عن أنس رضي الله عنه قال (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة يا رسول الله؟ قال ما أعددت لها؟ قال ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال: أنت مع من أحببت. قال أنس: فقلنا ونحن كذلك؟ قال: نعم. ففرحنا بها فرحاً شديداً). والأحاديث في هذا الباب كثيرة. فيا أيها السالك، إذا أردت أن تحظى بشرف الحب الإلهي وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب أوليائه، وشعرت أن هذا الحب لم يتمكن في قلبك فأكثر من تلاوة القرآن الكريم، وتدبر معانيه، وأكثر من ذكر الله تعالى بكل أنواعه، وتقرب إلى مولاك بالنوافل وليكن هواك تبعاً لما جاء به رسول الله صلى اله عليه وسلم، وتأمل في صفات الله تعالى وأسمائه، وراقب آلاء الله ونعمه عليك، وليكن التواضع قرينك، وقم الليل بجد واجتهاد، واستغفر الله في الأسحار، وجالس الصالحين الصادقين من عباده وإياك ثم إياك أن تدعي المحبة ادعاءً ظاهراً، وإذا حصل لك أُنْس فاكتم حبك إجلالاً لمولاك، وتحول عن القواطع التي تبعدك عن كل ذلك. فإذا فعلت ذلك وجدت لهذه المحبة حلاوة في قلبك تغنيك عن ملذات الدنيا وشهواتها. مراتب الحب: ذكر العلماء للمحبة مراتب عشراً، ذكرها الشيخ عبد القادر عيسى في كتابه «حقائق عن التصوف»: · أولها: العلاقة: وسميت بذلك لتعلق القلب بالمحبوب. · الثانية: الإرادة: وهي ميل القلب إلى محبوبه وطلبه له. · الثالثة: الصبابة: وهي انصباب القلب إلى المحبوب بحيث لا يملكه صاحبه، كانصباب الماء في المنحدر. · الرابعة: الغرام: وهو الحب اللازم للقلب، لا يفارقه بل يلازمه كملازمة الغريـم لغريمـه. · الخامسة: الوداد: وهو صفو المحبة وخالصها ولبها. · السادسة: الشغف: وهو وصول الحب إلى شغاف القلب. · السابعة: العشق: وهو الحب المفرط الذي يُخاف على صاحبه منه. · الثامنة: التتيم: وهو التعبد والتلذذ. يقال تيّمه الحب أي أذله وعبّده. · التاسعة: التعبد: وهو فوق التتيم، فإن العبد لم يـبق له شيء من نفسه. · العاشرة: الخلة: انفرد بها الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وهي المحبة التي تخللت روح المحب وقلبه حتى لم يبق موضع لغير المحبوب. وأختم الموضوع بلطيفة ذكرت أن أحد الصوفية مر على رجلٍ يبكي على قبر فسأله عن سبب بكائه فقال: إن لي حبيباً قد مات. فقال لقد ظلمت نفسك بحبك لحبيب يموت، فلو أحببت حبيباً لا يموت لما تعذبت بفراقه. الحب الصادق ينقل المريد إلى الركن الثاني من أركان الطريق وهو: الركن الثاني: الامتثال: فُطر الإنسان على طاعة من يحب. فكيف إذا كان المحبوب هو الله وكيف إذا كان المحبوب هو حبيب الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فنعني بالامتثال من الناحية الشرعية: إتباع أوامر الله ورسوله وأولياء الأمور. قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (59 النساء). ذكر ابن كثير في تفسيره، المجلد الأول، صفحة 528 في تفسير هذه الآية قال: "أخرج الشيخان من حديث يحيى القطان قال: قال أبو داود حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن عبد الله حدثنا نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وفيما كره ما لم يؤمر بمعصية. فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)". فالأصل هو الشرع. والامتثال له هو الواجب. ولذلك جـاءت صيغة عهـد طريقتنا (أن طاعة الله والرسول تجمعنا، وأن معصية الله والرسول تفرقنا). وأخرج الشيخان عن عبادة بن الصامت قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وألاّ ننازع الأمر أهله. قال: إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان). وروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له. ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية). وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما {وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُم} يعني أهل الفقه والدين. وكذا قال مجاهد وعطاء والحسن البصري وأبو العالية {وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُم} يعني العلماء. يقول ابن كثير بعد ذلك: "والظاهر والله أعلم أنها عامةٌ في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء". وفي الحديث المتفق على صحته، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (من أطاعني فقد أطاع الله. ومن عصاني فقد عصى الله. ومن أطاع أميري فقد أطاعني. ومن عصى أميري فقد عصاني). فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء، ولهذا قال تعالى {أَطِيعُوا اللَّهَ} أي اتبعوا كتابه. {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} أي خذوا سنته. {وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُم} أي فيما أمروكم به من طاعة الله في غير معصية. فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لحديث (إنما الطاعة في المعروف). وقال تعالى{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّنَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (69 النساء). وقال أيضاً {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (52 النور). وفي هذا بشرى من الله لعباده بالفوز بالجنة وصحبة عباده المخلصين {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (71 الأحزاب). ثم إن هناك أمراً مباشراً بالطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأنها من طاعة الله تعالى. قال تعالى {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (80 النساء). ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله). وهناك وعيد من الله لعباده المخالفين لأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بقوله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (63 النور). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى!. قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة. ومن عصاني فقد أبى) رواه البخاري. إن التحقق الصحيح من معاني هذا الركن (الامتثال) لا يتم إلا بمتابعة شيخ عارف وعهد على الطاعة وصحبة وأخوة. فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة إتباع أوامر الشرع الشريف، وإلى تحري الجماعة العاملة بأحكام الشرع، بعيداً عن أدعياء السلوك الذين ابتلي بهم أهل الله. وفي هذا المعنى أنقل نص «الرسالة الخيرية» لحضرة سيدنا ومرشدنا العارف بالله تعالى الشيخ خير الدين الشريف، حيث قال: "الحمد لله ولي التوفيق، الهادي إلى أقوم طريق، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله القائل (تخلقوا بأخلاق الله) وعلى آله وأصحابه ومن والاه، ومن اتبع سنته وعمل بشريعته إلى يوم يلقاه. وبعد: فإني أعرض على مسامع إخواني بعض كُليمات لتكون سبباً لنجاحهم وفلاحهم إن شاء الله في الدارين إن قبلوها وعملوا بمقتضاها، وإلا فلا. والسلام على من اتبع الهدى. من المعلوم لدى العموم أن سلوك طريقتنا الخلوتية الجامعة الرحمانية التي تلقيناها عن حضرة سيدنا المرشد المتصل سنده الطاهر بحضرة المرشد الأعظم صلى الله عليه وسلم، على نهج الشريعة المحمدية الغراء على خط مستقيم لا اعوجاج فيه. إذ قامت الآثار والأدلة القوية والبراهين القطعية العقلية والنقلية أن رجال السند جميعهم مرشدون. ومن علائم الإرشاد المتابعة لأمر الشارع الأعظم صلى الله عليه وسلم. فإنه لا يمكن لوصول هذه الدرجة الرفيعة وارثٌ إلا بالعبادة. ولا تسمى عبادة إلا إذا كانت منطبقة على الكتاب والسنة. لأن شريعته صلى الله عليه وسلم ناسخة لجميع الشرائع. انظر قولـه تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (31 آل عمران). فإن اتِّباعه صلى الله عليه وسلم فيه الرقي الأعلى من محبٍ إلى محبوبٍ لما في ذلك من الدلالة على كيفية العبادة المخصوصة المطلوبة. ومن هنا تُعلم الشريعة والطريقة والحقيقة. فإن الشريعة هي الأقوال الواردة في الكتاب والسنة. والطريقة هي المتابعة لها بالفعل. ونتيجة الأفعال المشاهدة الحقيقية. فامتثال الأوامر والنواهي هو الركن الحقيقي إذن في الطريق. قال تعالى {وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (7 الحشر). وإن أركان الإسلام خمسة، جميعها داخـلة ضمن قوله {وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وكل أمر يخالف خط الشرع الشريف: أي الكتاب والسنة داخل ضمن قوله:{وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}. وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ما تركت مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئاً مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه). فإن خطاب الله موجه إليه صلى الله عليه وسلم، وهو الآمر والناهي. وعلى ذلك فلا جدال ولا خلاف في أن الطريقة هي المتابعة للشريعة المحمدية. قال تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (153 الأنعام). وقال سيدي العارف بالله الشيخ مصطفى البكري: واتبع شريعة أحمدٍ خير الورى من حـاد عنها ربـنا أرداهُ وإن سَيْر إخواننا وسلوكهم في سائر الأماكن على هذه الخطة المستقيمة، كما هو مُشاهَدٌ للعام والخاص، والحمد لله. ولا ريب في أن تلك الخطة مرتبةٌ عظيمةٌ قلَّ من يصل إليها إلا من سبقت له السعادة في الدارين. غير أني الآن أحيط إخواني علماً بأن قوماً في هذا الزمان ابتدعوا طرقاً مخالفةً لطريق القوم، ويزعمون أنها طريقة الرحمن، كلا بل هي طريقة أبيهم الشيطان: منها الخلوة بالنساء الأجنبيات، ومعهن ربما زاد بعضهم المعانقة والقبلة والملامسة. وسلك آخرون مع الشباب مثل ذلك. وهذه مما لا يخفى أنها من تحيّل الشيطان ومكايده، ومن حبائله ومصائده. قال تعالى في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع علو مرتبتهن وكونهن أمهات المؤمنين في الحرمة والتحريم، بل أعظم منهن في الوقار والتعظيم. {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (53 الأحزاب). فمن ادعى أنه أقوى من الصحابة وأن النساء اللاتي يخلو بهن أطهر قلوباً وأملك نفوساً من نساء الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أعظم الافتراء وأكبر الاجتراء. هذا في حديث الخلوة وحـدها، فكيف بمن زاد على ذلك؟ وفي الصـحيح (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معتكفاً في رمضان فدخلت عليه حفصة بنت عمر رضي الله عنهما فتحدثت عنده ساعة ثم خرجت فرأى رجلين في الطريق. فقال صلى الله عليه وسلم: هي أمكما حفصة فقالا: سبحان الله يا رسول! فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً). وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف أن يوقع الشيطان في قلوب الناس أنه كان عنده امرأة أجنبية، فكيف نسلم لغيره أن لا يوقع الناس في ذلك. فقد روي عن رسول الله صلى اله عليه وسلم أنه قال (لا تخلون بامرأة أجنبية ولو أقرأتها القرآن). وقد ورد في الخبر عن سيد البشر (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء). وروي أن النساء اجتمعن عنده، وطلبن منه أن يعاهدنه باليد، فقال لا تمس يدي امرأة، ولكن قَوْلي لامرأة كقولي لمائة. فبايعهن بالكلام من غير ملامسة. وأنه لما طلبن منه البركة وضع يده في ماء ثم نُقل إليهن فوضعن أيديهن فيه. فإذا كان سيد الأولين والآخرين يجتنب هذه الأمور، وغيره يقتحمها، أهو أعظم منه؟ فكيف يخفى على عاقل قُبح ما يتعاطون؟ نسأل الله السلامة بمنه وكرمه. لهذا أُعلن لعموم إخواني الكرام، أن يفروا من هؤلاء القوم فرارهم من الأسد أو الموت. وأن يجتنبوا كل ما يخالف الشرع الشريف. فإن مرضى القلوب أهل الغفلة يجب بترهم بتراً أزلياً من هذا المجمع الطاهر امتثالاً للأمر التشريعي. قال تعالى {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (199 الأعراف) {فأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} (29 النجم) {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (28-29 الكهف). وليكن معلوماً لدى العموم أنه ليس منا من يخالف الكتاب والسنة، وليس منا من يخالف نهج وخط أوامر الشارع الأعظم صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (103-104 الكهف). فالحذر الحذر أيها الإخوان الكرام. وفي الختام اقبلوا مني فائق الاحترام، سائلاً منه تعالى أن يسلك بي وبكم طريق أهل الصفا، ويجملني وإياكم بجمال حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا من أهل الاختصاص، ويحلنا من قيد الأقفاص، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين". الركن الثالث: الذكر: الذكر هو الركن الثالث من أركان الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية. وكلمة الذكر في القرآن الكريم لها معان كثيرة. فعني بها في معظم النصوص التسبيح والتكبير والتهليل والذكر بالأسماء، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك. كما جاء ذلك في قوله تعالى {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} (102 النساء). وفي قوله تعالى {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} (8 المزمل). وعني بها مرة القرآن الكريم نفسه في قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (9 الحجر). وعني بها أخرى صلاة الجمعة بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (9 الجمعة). وعني بها مرة أخرى العلم في قوله تعالى {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (7 الأنبياء). وعندنا كما فهمنا من أشياخنا أن الذكر هو جميع ذلك. لكن المعتبر فيه ما غلب استعماله عرفاً. ولفظ الذكر قد غلب استعماله في ذكر الله حقيقة، وهو: الإكثار من ذكر الله تسبيحاً وتهليلاً وتكبيراً وغير ذلك من الصيغ. والذاكر عندنا لا يكون ذاكراً إلا إذا كان مكثراً في ذكره، لأن الإقلال من الذكر صفة المنافقين بدليل قوله تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} (142 النساء). فالأصل هو الإكثار من الذكر. وفي كثير من الآيات ورد الذكر مقروناً بكلمة كثيراً: قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (41-42 الأحزاب). وقـال تعالى {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (35 الأحزاب). وقال تعالى {وَاذْكُرْ رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} (41 آل عمران). وقال تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (10 الجمعة). قال مجاهد: "لا يكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، حتى يذكر الله تعالى قائماً وقاعداً ومضجعاً". وقال ابن عباس رضي الله عنهما "المراد يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدواً وعشياً، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منـزله ذكر الله تعالى". وعلى هذا فالذكر هو الدواء النافع لكل أمراض النفس، وهو الصاقل للقلوب، الدافع للبلاء والحزن والهم والغم، الجالب للسكينة والأنس والصبر والرضى والحب وغير ذلك. قال تعالى {الَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28 الرعد) ولأن وقع الذكر على قلوب المنافقين ثقيل، فكثيراً ما تجدهم ينكرون على الذاكرين ذكرهم. فلا يلتفت أحد إلى ما يقال من أهل الغفلة عن الذكر والذاكرين. ومصداق ذلك ما أخرجه مسلم في باب الذكر، والترمذي في كتاب الدعوات عن ابي هريرة رضي الله عنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له جُمدان فقال: سيروا هذا جُمدان سبق المفَرِّدُون، قيل وما المفردون يا رسول الله؟ قال المُسْتَهتَرون بذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون الله يوم القيامة خفافاً) والمستهتَرون هم المولعون بالذكر، المكثرون منه، ولا يبالون بما قيل فيهم، ولا بما فعل بهم. وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرٌ من الأحاديث في فضل الذكر أذكر بعضها اختصاراً: أخرج الترمذي في كتاب الدعوات وحسّنه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل وما رياض الجنة قال حِلَقُ الذكر). وروى الطبراني بإسناد حسن عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليبعثن الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء. قال فجثا أعرابي على ركبتيه فقال: يا رسول الله حِلْهُم لنا نعرفهم (أي صفهم لنا) قال هم المتحابون في الله من قبائل شتى، وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكرونه). وروى أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله عز وجل يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع من أهل الكرم. فقيل ومن هم أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: أهل مجالس الذكر في المساجد). وأخرج الترمذي في كتاب فضائل القران وقال حديث حسن، والدارمي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يقول الرب تبارك وتعالى: من شغله قراءة القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين). الجهر والإسرار بالذكر: شرع الذكر سراً وجهراً، بأدلة كثيرة. إلا أن الذي عليه العلماء العاملون أن الجـهر بالذكر أفضل، إذا خـلا من إيذاء قارئ أو نائمٍ أو مصلٍ، وإذا خلا من حب الشهرة والرياء. ومن الأدلة الشرعية النبوية التي تَرُدُّ على من ينكر الجهر بالذكر: أخرج البخاري في صحيحه (باب التوحيد) والترمذي والنسائي وابن ماجة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه، إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي (وهذا دليل على ذكر السر)، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم (وهذا دليل على ذكر الجهر)). والذكر في الملأ لا يكون إلا جهرياً. وروى البيهقي كما في الحاوي للفتاوي للسيوطي عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال: قال ابن الأدرع رضي الله عنه: (انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر برجل في المسجد يرفع صوته. قلت يا رسول الله عسى أن يكون مرائياً.قال: لا، ولكنه أوَّاه). وأخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته). وروى أحمد وأبو داود والترمذي وصححه السيوطي في كتابه «الحاوي للفتاوي» عن السـائب رضي الله عنـه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (جاءني جبريل قال: مُر أصحابك يرفعوا أصواتهم بالتكبير). أما الذين يستدلون بالآية الكريمة {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} (205 الأعراف) فللعلماء آراء واضحة في ذلك: منها ما أشار إليه ابن كثير في تفسيره أن هذه الآية مكية كآية الإسراء {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} (110 الإسراء) وقد نزلت حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقرآن فيسمعه المشركون فيسبون القرآن ومن أنزله، فأُمر بترك الجهر سداً للذريعة، كما نُهي عن سب الأصنام لذلك في قوله تعالى {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (108 الأنعام) وقد زال هذا المعنى، كما كان الحال في قصة الفاروق رضي الله عنه في توزيع الصدقات على المؤلفة قلوبهم، فقد أبى ذلك في المدينة عندما قويت شوكة الإسلام، وقال كنا نؤلف قلوبهم لما كان الإسلام طريداً. ثم إن جماعة من المفسرين منهم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم شيخ مالك، وابن جرير حملوا الآية على الذاكر حال قراءة القرآن، وأنه أمر بالذكر على هذه الصفة تعظيماً للقرآن أن ترفع عنه الأصوات. وقد ذكر بعض العارفين في ذلك أن الأمر في الآية خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم الكامل المكمل، وأما غيره ممن هم محل الوساوس، فمأمورون بالجهر لأن الجهر أشد تأثيرًا في دفعها. ويؤيد ذلك هذه الرواية المدنية والله أعلم: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة من أصحابه مختلفي الأحوال، فمر على أبي بكر رضي الله عنه وهو يخافت فسأله عن ذلك فقال إن الذي أناجيه هو يسمعني. ومر على عمر رضي الله عنه وهو يجهر فسأله عن ذلك فقال أوقظ الوسنان وأزجر الشيطان. ومر على بلال وهو يتلو آياً من هذه السورة وآياً من هذه السورة، فسأله عن ذلك فقال: أخلط الطيب بالطيب. فقال صلى الله عليه وسلم كلكم أحسن وأصاب. ويستدل البعض على كـراهية الـذكر بالجهـر بالآية الكريمة {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (55 الأعراف). ولم يتنبه هؤلاء إلى أن هذه الآية تتكلم عن الدعاء (ادعوا) لا عن الذكر. والإسرار في الدعاء أفضل لأنه أقرب للإجابة {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} (3 مريم). وروى مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ومواقع الصلاة، والترمذي في كتاب الصلاة عن ابن الزبير رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم من صلاته قال بصوته الأعلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله... الحديث). وعلى هذا فلا بأس بأنواع الذكر وأشكاله كلها، سرها وجهرها. وقد تميزت طريقتنا الخلوتية الجامعة الرحمانية بحرصها على أداء الذكر بكل أشكاله وألوانه ضمن أورادها الصباحية والمسائية.
|
||||
|
|
رقم المشاركة : 17 | |||
|
سُئِلَ شيخ الإسلام ـ قدسَ اللَّه روحَهُ ـ عن (الصوفية) سُئِلَ شيخ الإسلام ـ قدسَ اللَّه روحَهُ ـ عن (الصوفية) وأنهم أقسام و(الفقراء) أقسام، فما صفة كل قسم؟ وما يجب عليه ويستحب له أن يسلكه ؟ فأجاب : الحمد للّه.أما لفظ (الصوفية): فإنه لم يكن مشهورًا في القرون الثلاثة، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك، وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ؛ كالإمام أحمد ابن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما. وقد روى عن سفيان الثوري أنه تكلم به، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري، وتنازعوا في المعنى الذي أضيف إليه الصوفي، فإنه من أسماء النسب؛ كالقرشي، والمدني، وأمثال ذلك. فقيل: إنه نسبة إلى (أهل الصفة) وهو غلط؛ لأنه لو كان كذلك لقيل: صُفِّيّ. وقيل: نسبة إلى الصف المقدم بين يدي اللّه، وهو أيضًا غلط؛ فإنه لو كان كذلك لقيل: صَفِّيّ. وقيل: نسبة إلى الصفوة من خلق اللّه وهو غلط؛ لأنه لو كان كذلك لقيل: صفوي. وقيل: نسبة إلى صوفـة بن بشر بن أدِّ بن طابخـة، قبيلة من العرب كانوا يجاورون بمكة من الزمن القديم، ينسب إليهم النساك، وهذا وإن كان موافقًا للنسب من جهة اللفظ، فإنه ضعيف أيضًا؛ لأن هؤلاء غير مشهورين، ولا معروفين عند أكثر النساك، ولأنه لو نسب النساك إلى هؤلاء لكان هذا النسب في زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم أولى، ولأن غالب من تكلم باسم (الصوفى) لا يعرف هذه القبيلة، ولا يرضى أن يكون مضافًا إلى قبيلة في الجاهلية لا وجود لها في الإسلام. وقيل ـ وهو المعروف ـ : إنه نسبة إلى لبس الصوف؛ فإنه أول ما ظهرت الصوفية من البصرة، وأول من بنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد[عبد الواحد بن زيد أبو عبيدة البصرى شيخ الصوفية وواعظهم، لحق الحسن البصرى وغيره. قال البخارى: تركوه. وقال النسائى: متروك الحديث. وقال الجوزجانى: سيئ المذهب، ليس من معادن الصدق. توفى بعد الخمسين ومائة من الهجرة. [ سير أعلام النبلاء 7178 ـ 180، ميزان الاعتدال 2372، 376]. وعبد الواحد من أصحاب الحسن، وكان فى البصرة من المبالغة فى الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك، مالم يكن في سائر أهل الأمصار؛ ولهذا كان يقال : فقه كوفي، وعبادة بصرية. وقد روى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده عن محمد بن سيرين أنه بلغه أن قوما يفضلون لباس الصوف، فقال: إن قوما يتخيرون الصوف، يقولون: أنهم متشبهون بالمسيح ابن مريم، وهدي نبينا أحب إلينا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس القطن وغيره، أو كلاما نحوا من هذا. ولهذا غالب ما يحكي من المبالغة في هذا الباب إنما هو عن عباد أهل البصرة، مثل حكاية من مات أو غشى عليه في سماع القرآن، ونحوه. كقصة زرارة بن أوفى قاضي البصرة فإنه قرأ في صلاة الفجر: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [ المدثر: 8 ] فخر ميتا، وكقصة أبي جهير الأعمى الذي قرأ عليه صالح المري فمات، وكذلك غيره ممن روى أنهم ماتوا باستماع قراءته، وكان فيهم طوائف يصعقون عند سماع القرآن، ولم يكن في الصحابة من هذا حاله؛ فلما ظهر ذلك أنكر ذلك طائفة من الصحابة والتابعين: كأسماء بنت أبي بكر، وعبد اللّه بن الزبير، ومحمد بن سيرين، ونحوهم والمنكرون لهم مأخذان: منهم من ظن ذلك تكلفا وتصنعا. يذكر عن محمد بن سيرين أنه قال: ما بيننا وبين هؤلاء الذين يصعقون عند سماع القرآن إلا أن يقرأ على أحدهم وهو على حائط فإن خر فهو صادق. ومنهم من أنكر ذلك لأنه رآه بدعة مخالفا لما عرف من هدى الصحابة، كما نقل عن أسماء، وابنهاعبد اللّه. والذي عليه جمهور العلماء أن الواحد من هؤلاء إذا كان مغلوبا عليه لم ينكر عليه، وإن كان حال الثابت أكمل منه؛ ولهذا لما سئل الإمام أحمد عن هذا. فقال: قرئ القرآن على يحيى بن سعيد القطان فغشي عليه ولو قدر أحد أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى ابن سعيد، فما رأيت أعقل منه، ونحو هذا. وقد نقل عن الشافعي أنه أصابه ذلك، وعلي بن الفضيل بن عياض قصته مشهورة، وبالجملة فهذا كثير ممن لا يستراب في صدقه لكن الأحوال التي كانت في الصحابة هي المذكورة في القرآن، وهي وجل القلوب، ودموع العين، واقشعرار الجلود، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23]. وقال تعَالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِم آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}[مريم: 58]، وقال: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ}[المائدة: 83 ] وقال: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109]. وقد يذم حال هؤلاء من فيه من قسوة القلوب والرين عليها، والجفاء عن الدين، ماهو مذموم، وقد فعلوا، ومنهم من يظن أن حالهم هذا أكمل الأحوال وأتمها وأعلاها، وكلاطرفي هذه الأمور ذميم. : أحدها: حال الظالم لنفسه الذي هو قاسي القلب، لا يلين للسماع والذكر، وهؤلاء فيهم شبه من اليهود. قال اللّه تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [ البقرة: 74 ] وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [ الحديد: 16] . والثانية: حال المؤمن التقي الذي فيه ضعف عن حمل ما يرد على قلبه، فهذا الذي يصعق صعق موت، أو صعق غشي، فإن ذلك إنما يكون لقوة الوارد، وضعف القلب عن حمله، وقد يوجد مثل هذا في من يفرح أو يخاف أو يحزن أو يحب أمورا دنيوية، يقتله ذلك أو يمرضه أو يذهب بعقله. ومن عباد الصور من أمرضه العشق أو قتله أو جننه، وكذلك في غيره، ولا يكون هذا إلا لمن ورد عليه أمر ضعفت نفسه عن دفعه، بمنزلة ما يرد على البدن من الأسباب التي تمرضه أو تقتله، أو كان أحدهم مغلوبا على ذلك. فإذا كان لم يصدر منه تفريط ولا عدوان، لم يكن فيه ذنب فيما أصابه، فلا وجه للريبة. كمن سمع القرآن السماع الشرعي، ولم يفرط بترك ما يوجب له ذلك، وكذلك ما يرد على القلوب مما يسمونه السكر والفنا، ونحو ذلك من الأمور التي تغيب العقل بغير اختيار صاحبها؛ فإنه إذا لم يكن السبب محظورا لم يكن السكران مذموما، بل معذورا فإن السكران بلا تمييز، وكذلك قد يحصل ذلك بتناول السكر من الخمر والحشيشة فإنه يحرم بلانزاع بين المسلمين، ومن استحل السكر من هذه الأمور فهو كافر، وقد يحصل بسبب محبة الصور وعشقها كما قيل: سكران: سكر هوى، وسكر مدامة**ومــتى إفاقــة من به سكـــــران |
|||
|
|
رقم المشاركة : 18 | |||
|
وهذا مذموم، لأن سببه محظور، وقد يحصل بسبب سماع الأصوات المطربة التي تورث مثل هذا السكر، وهذا أيضًا مذموم، فإنه ليس للرجل أن يسمع من الأصوات التي لم يؤمر بسماعها ما يزيل عقله؛ إذ إزالة العقل محرم. ومتي أفضى إليه سبب غير شرعي كان محرما، وما يحصل في ضمن ذلك من لذة قلبية أو روحية، ولو بأمور فيها نوع من الإيمان، فهي مغمورة بما يحصل معها من زوال العقل، ولم يأذن لنا اللّه أن نمتع قلوبنا ولا أرواحنا من لذات الإيمان ولا غيرها بما يوجب زوال عقولنا؛ بخلاف من زال عقله بسبب مشروع، أو بأمر صادفه لا حيلة له في دفعه. |
|||
|
|
رقم المشاركة : 19 | |||
|
حكم الذكر بالإسم المفرد (الله): |
|||
|
|
رقم المشاركة : 20 | |||
|
فمن جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء، أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة فهو مخطئ، ضال مبتدع، ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا، فهو مخطئ ضال مبتدع. |
|||
|
|
رقم المشاركة : 21 | |||
|
الركن السادس: العزلة (الخلوة) العهد (أدلته وكيفية تلقينه في الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية) أخذا بأمر الله تعالى، واقتداء بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، استمر مشايخنا رجال سند الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية في إعطاء عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخلق من بعده، لما في هذه العهود من أثر واضح في تزكية نفوس السالكين، وهو المنهج القويم الذي استمروا عليه لما في ذلك من ميثاق غليظ يربط المخلوق بخالقه. فكان لا بد للسالك بعد تدرجه في أبجديات السلوك أن يجلس إلى شيخ وارث، متصل السند برسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا عن عهد وشيخا عن شيخ ووارثا عن وارث حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يكن لأحد من الناس زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل في دين الله إلا ببيعة واضحة بينتها السنة النبوية الشريفة، وكذا الأمر من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلفائه وأوليائه من بعده. واختلفت صور البيعة من شأن إلى شأن، فمنها ما كان بيعة حكم وسياسة، ومنها ما كان بيعة طاعة وعبادة، ومنها ما كان للنصرة والإيواء، ومنها ما كان لاجتناب النواهي وامتثال الأوامر، وغير ذلك من أنواع العهود. ولما كان أمر البيعة في طريقتنا من الأصول الثابتة التي لم تتغير ولم تتحول خلال القرون، أسوق لإخواننا الأدلة الشرعية على أصل هذه العهود وأنها من صُلب العقيدة الإسلامية السمحة وأنها في الرجال والنساء أفرادا وجماعات. أدلة العهد من القرآن الكريم: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (10 الفتح). وقال تعالى: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (10 الفتح). وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} (91 النحل). وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} (34 الإسراء). أدلة العهد من السنة النبوية الشريفة: أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتون ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفَّى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك). وأخرج الإمام أحمد والطبراني والبزار ورجاله موثوقون عن يعلى بن شداد قال حدثني أبي شداد بن أوس رضي الله عنه وعبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (هل فيكم غريب يعني من أهل الكتاب فقلنا: لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب فقال ارفعوا أيديكم وقولوا لا إله إلا الله فرفعنا أيدينا وقلنا لا إله إلا الله ثم قال صلى الله عليه وسلم الحمد لله أنك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة وأنك لا تخلف الميعاد، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا ابشروا فإن الله قد غفر لكم). وأما بيعته صلى الله عليه وسلم للإمام علي كرم الله وجهه فإنها كانت فردية خاصة به لما رواه الطبراني والبزار بإسناد حسن أن عليا كرم الله وجهه سأل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (يا رسول الله دلني على أقرب الطرق إلى الله وأسهلها على عباده وأفضلها عنده تعالى فقال صلى الله عليه وسلم عليك بمداومة ذكر الله سرا وجهرا فقال علي كل الناس ذاكرون فخُصني بشيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله ولو أن السماوات والأرضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهم ولا تقوم القيامة وعلى وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله ثم قال علي فكيف أذكر قال النبي صلى الله عليه وسلم غمض عينيك واسمع مني لا إله إلا الله ثلاث مرات ثم قلها ثلاثا وأنا أسمع ثم فعل ذلك برفع الصوت). وأخرج الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اشترط عليّ فأنت أعلم بالشرط، قال صلى الله عليه وسلم: (أبايعك على أن تعبد الله وحده ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتنصح لكل مسلم وتبرأ من الشرك). وتسهيلا على المسلم، وحتى يدخل في هذه العهود من كان ذا همة عالية ومن هو دن ذلك، أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الأحكام ومسلم في كتاب الإمارة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيما استطعتم). وأما بيعته صلى الله عليه وسلم للنساء: روى أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات عن سلمى بنت قيس رضي الله عنها وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلت معه القبلتين وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار قالت: (جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته في نسوة من الأنصار فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف، قال: ولا تغششن أزواجكن، قالت: فبايعناه ثم انصرفنا، فقلت لامرأة منهن: ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حرم علينا من مال أزواجنا، قالت: فسألته فقال: تأخذ ماله فتحابي غيره). وأخرج الترمذي في كتاب السير باب بيعة النساء ورواه النسائي في الباب نفسه وإسناده حسن عن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة يبايعنه فقلن: نبايعك يا رسول الله على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، فقال صلى الله عليه وسلم: (فيما استطعتن وأطقتن) فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول الله فقال: (إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة). أما بيعته صلى الله عليه وسلم للصبيان الذين لم يبلغوا الحلم: فقد أخرج الطبراني عن محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم (أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم وهم صغار ولم يبقلوا ولم يبلغوا ولم يبايع صغيرا إلا منا) يعني إلا من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. وهكذا استمر العهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وخلفائه من بعده وأوليائه بصيغ وعبارات ومعان شتى وكان كل خليفة يخلف خليفة تؤخذ له البيعة فورا. عن أنس رضي الله عنه قال: (قدمت المدينة وقد مات أبو بكر رضي الله عنه واستخلف عمر رضي الله عنه، فقلت لعمر ارفع يدك أبايعك على ما بايعت عليه صاحبك قبلك على السمع والطاعة فيما استطعت). واستمرت هذه العهود في الأولياء من أمة الرسول صلى الله عليه وسلم وفي الورَّاث من آل بيته الأطهار. وكتب التاريخ تشهد لهذه العهود من أئمة آل البيت الأطهار علي والحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق… الخ، مرورا بالعارفين بالله الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أحمد الرفاعي والشيخ إبراهيم الدسوقي والشيخ أحمد البدوي… الخ. واستمر مشايخنا رجال سند الطريقة على هذا النهج حتى زماننا هذا. نقض العهود: لقد حذر الله تعالى من نقض العهود لأنها عهود هي في حقيقتها مع الله ويشهد عليها الحق سبحانه وتعالى طالما أنه في طاعته وامتثال أمره. قال تعالى: {وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (7 الأحزاب). وقال أيضا: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} (91-92 النحل). وقال أيضا: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (10 الفتح). فنقض العهد يعود ضرره على الناقض، ونقض العهد في الطريقة يخرج السالك من الطريق كما تخرج الردة الرجل من الإسلام. قال بعض العلماء إن هؤلاء لم يرتدوا عن أصل الدين وإنما ارتدوا عن فعل شيء من فروعه بدليل أنه صلى الله عليه وسلم يشفع فيهم إذا سكن الغضب الإلهي. روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية). فليحرص كل سالك على الوفاء بعهده ولا يتقدم لأخذه أصلا إلا حين يجد في نفسه القدرة على الوفاء به حتى لا يقع في مخالفة تغضب الله ورسوله. ومن هنا كانت حكمة مشايخنا في التريث في إعطاء العهود لطلابها حتى يتمكن الإيمان في قلوبهم ويكونوا أهلا لأخذها قادرين على الوفاء بها. كيفية تلقين العهد: بعد فترة من المجاهدة والتزكية للمريد، وبعد أن تتعمق فيه بعض مراتب السلوك والالتزام، وبعد أن يتدرب على مقاومة شهواته وملذاته، ويقوى على آفات نفسه، فيحيل القبيح منها إلى الحسن، يتقدم لأخذ عهد الطريقة القائم على أن الطاعة لله تجمع، والمعصية تفرق. وكيفية تلقين العهد أن يجلس الشيخ جاثياً على ركبتيه، والمريد أمامه، ويضع الشيخ يده اليمنى في يد المريد اليمنى، ويده اليسرى بين كتفيه، ويقرأ هو والمريد الفاتحة ثلاث مرات، ثم يقول الشيخ والمريد يردد خلفه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله، وعلى ملة الصادق رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه (ثلاث مرات). تبت إلى الله ورجعت إلى الله. تبت إلى الله توبة نصوحاً لا أنقض عهدها أبداً. والله على ما أقول وكيل. رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن كتاباً، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، وبشيخك شيخاً ودليلاً إلى الله تعالى، وعاهدتك بالله العظيم على أن طاعة الله والرسول تجمعنا، وأن معصية الله والرسول تفرقنا. والله على ما نقول وكيل. ثم يقول الشيخ للمريد: أغمض عينيك واسمع مني لا إله إلا الله ثلاث مرات، ثم قل أنت لا إله إلا الله ثلاث مرات وأنا أسمع. وبعد فراغهما يقول الشيخ: سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً وصدقاً. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}. {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (ثلاثاً). {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً}. {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}. {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الأَخِرَةِ} (ثلاثاً). ثم يقول الشيخ: (أجزتك بطريقتنا الخلوتية الجامعة الرحمانية. وأذنتك بقراءة أورادها كما أجازني وأذنني بذلك شيخي إجازة لنفسك. قبلت؟) فيقول: قبلت. ثم يقرأ الفاتحة. ثم يعظه موعظة تنفعه في آخرته. |
|||
|
|
رقم المشاركة : 22 | |||
|
فقه المريد أولاً: أحكام الطهارة أنواع المياه التي يصح التطهر بها: يصح التطهر بكل ماء نزل من السماء أو نبع من الأرض ما دام باقياً على أصل الخلقة كماء المطر و الينابيع و الأنهار و البحار و الآبار ومياه الأودية وماء الثلج والبرد لقوله تعالى{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ} (11 الأنفال). وسئل رسول الله صلى الله عليه وسـلم عن البحـر (فقال هو الطهور ماؤه، الحل ميتته). أهمية الطهارة في الإسلام: بمقدار ما نُعنى في طريقتنا الخلوتية الجامعة الرحمانية بطهارة القلب والباطن فإن ذلك لابد وأن تسبقه طهارة الظاهر، فقد حث الإسلام أولاً على العناية بنظافة وطهارة ظاهر المرء من جسده إلى ثيابه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم (الطهور شطر الإيمان) ومن ثَمَّ فإن طهارة القلب الشطر الثاني. وروى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا ثيابكم وأصلحوا رحالكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله يكره الفحش والتفحش). ولذلك جعل الإسلام الطهارة الظاهرية شرطاً للصلاة كما جعل أشياخنا طهارة الباطن شرطاً للقبول، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الطهارة الظاهرة - من الحدث والخبث - مفتاح الصلاة، كما روى ذلك أبو داود والترمذي وابن ماجة. ولأجل ذلك نرى الرسول صلى الله عليه وسلم يشدد على المسلم في أمور الطهارة، وأخص ذلك الاستنجاء والتنـزه من بقايا البول وأثره. فنراه صلى الله عليه وسلم يجعل الاستخفاف واللامبالاة بهذا الأمر سبباً من أسباب عذاب القبر. فقد روى الدارقطني والحاكم في المستدرك قوله صلى الله عليه وسلم (استنـزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر فيه). كما روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم مرّ بقبرين فقال (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بل إنه كبير. أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستنـزه من بوله). ثم هناك سنن سماها الشرع سنن الفطرة لا بد للمؤمن أن يحرص عليها تراعي قيمة جمال الظاهر المؤسس عليه جمال الباطن، وأعني قص الأظافر، والختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، والاستنجاء بالماء، وحف الشارب، وتنظيف الثياب. ويكمل ذلك بمراعاة شعر الرأس واللحية بالتنظيف والتطييب والتسريح، لقوله صلى الله عليه وسلم (من كان له شعر فليكرمه)، حتى يحظى العبد بشرف الوقوف بين يدي الله كامل الزينة ظاهراً وباطناً {يَا بَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (31 الأعراف). وحتى يكون أهلاً للحب الإلهي {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (222 البقرة)، ولذلك أثنى الله على أهل مسجد قباء بقوله {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (108 التوبة). ولابد من مراعاة أن طهارة الجسد والثوب لابد أن تتبعها طهارة القلب وتعميره بالإخلاص والتوحيد والذكر وتخليصه من آفات الكبر والعجب والحقد والنفاق إلى آخر آفات الباطن التي حث الشرع على التخلص منها بقوله تعالى {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} (120 الأنعام). المواضع التي تزال عنها النجاسات الحسية: أجمع علماء الشرع الشريف على أن المواضع التي تزال عنها النجاسات هي: 1. الأبدان 2. الثياب 3. مواطن الصلاة. وتزال هذه النجاسات من هذه المواضع بالماء الطاهر المطهر لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري (ثم اغسليه بالماء). ثانياً: أحكام الوضوء والوضوء شرط لصحة الصلاة لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (6 المائدة). وروى البخاري ومسلم عن الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم قوله (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ). فرائض الوضوء: الأول:غسل الوجه لقوله تعالى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}. وحدّه طولاً من مبدأ سطح الجبهة إلى أسفل الذقن، وحدّه عرضاً من بين شحمتي الأذنين. ويشمل ذلك الحاجبين والشاربين. وأما اللحية فإن كانت خفيفة تُرى بشرتها فيفترض إيصال الماء إلى بشرتها، وإن كانت كثيفة لا تُرى بشرتها فيفترض غسل ظاهرها. الثاني: غسل اليدين إلى المرفقين لقوله تعالى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}. الثالث: مسح الرأس لقوله تعالى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُم}. الرابع: غسل الرجلين إلى الكعبين لقوله تعالى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن}. هذه هي الفرائض الأربعة المجمع على فرضيتها، أما الفرائض المختلف عليها فهي النية والترتيب والموالاة والتدليك. وللخروج من الخلاف ننصح بالتزامها جميعاً. سنن الوضوء: وهي التي يثاب فاعلها، ويلام ويعاتب تاركها. ولقد واظب الرسول صلى الله عليه وسلم على سنن الوضوء وأمرنا بالتزامها وهي: ·النية. ·التسمية: لقوله صلى الله عليه وسلم (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) ويقـول: بسم الله الرحمن الرحيم. ·غسل اليدين إلى الرسغين فهما أداة التطهير. فيبدأ الوضوء بذلك. ·المضمضة والاستنشاق. ·الاستياك: لقوله صلى الله عليه وسلم (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء). ·تخليل اللحية: لما روي (أنه صلى الله عليه وسـلم كان يخلل لحيته). وهذا في اللحية الكثّة. ·تخليل الأصابع. ·تـثليث الغَسْل. ·استيعاب الرأس بالمسح مرة واحدة. كما فعله صلى الله عليه وسلم. ·مسح الأذنين، ولو بمـاء الرأس لقـوله صلى الله عليه وسلم (الأذنان من الرأس). ·البدء بالميامن، في غسل اليدين والرجلين لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في تنعُّلِه وترجُله وطهوره وفي شأنه كله. ·الترتيب والموالاة والدلك. ·مسح الرقبة. آداب الوضوء: التي يثاب فاعلها، ولا يلام تاركها، وهي: ·استقبال القبلة. ·عدم التكلم بكلام الناس، لما فيه من الانشغال عن الدعاء المأثور. ·عدم الاستعانة بغيره إلاّ بعذر مرض ونحوه. ·الجمع بين نية القلب ومعقل اللسان، لأن الوضوء عبادة. ·الدعاء بالمأثور: فعند غسل الوجه يقول: اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوهٌ و تسود وجوه. وعند غسل اليد اليمنى يقول: اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حساباً يسيراً. وعند غسل اليد اليسرى يقول: اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري. وعند مسح رأسه يقول: اللهم أظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك. وعند مسح الأذنين يقول: اللهم اجعلني ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وعند مسح الرقبة يقول: اللهم اعتق رقبتي من النار. وعند غسل الرجلين يقول: اللهم ثبتي على الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة. ·تحريك الخاتم الواسع، أما الخاتم الضيق فيفترض تحريكه. ·الاستنشاق باليمنى والامتخاط باليسرى. ·أن يقول بعد الانتهاء من الوضوء: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. ·ترك التجفيف إبقاءً على آثار الوضوء. مكروهات الوضوء: ·الإسراف في صب الماء لقوله تعالى: {وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (141 الأنعام). ·التقتير باستعمال الماء، بحيث يصير الغَسل كالمسح. ·الزيادة على القدر المسنون، وهو الثلاث في الغسل. ·ضرب الوجه بالماء. نواقض الوضوء: أولا: النواقض المتفق عليها وهي: · كل خارج من السبيلين من بول أو غائطٍ أو ريحٍ أو مذيٍ أو وديٍّ، سواءٌ أكان قليلاً أم كثيراً، لقوله تعالى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ} (43 النساء). ·النوم المستغرق. ·الإغماء والجنون والسكر. ثانيا: النواقض المختلف فيها وهي: · خروج الدم أو القيح أو الصديد من غير السبيلين. ·القيء. ·القهقهة في الصلاة. ·مس المرأة بإلتقاءٍ بشرتي الذكر والأنثى ولمس أحد الزوجين صاحبه. ثالثاً: الغُسل قال تعالى {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (6 المائدة). الأسباب الموجبة للغسل: 1. خروج المني إلى ظاهر الجسد في اليقظة والنوم باحتلام أو نظرٍ أو فكرٍ أو نحو ذلك. كما يجب الغسل إذا رأى المني ولم يذكر احتلاماً. أما إذا احتلم ولم يجد بللاً فلا يلزمه الغسل. 2. الوطء: وهو المباشرة الجنسية بالتقاء الختانين ولو بلا إنزال. 3. الحيض: ويجب فيه الغسل، بعد الطهر من نجاسته، بانقطاعه. 4. النفاس: ويجب فيه الغسل، بعد الطهر من نجاسته، بانقطاعه. 5. الميت: ويفترض على الأحياء تغسيله، فرض كفاية. الأغسال المسنونة: 1. غسل الجمعة. 2. غسل العيدين. 3. غسل الإحرام للحج. 4. غسل يوم عرفة. فرائض الغُسل: 1. النية. 2. المضمضة والاستنشاق. 3. تعميم الماء على سائر الجسد: · غسل داخل القلفة وهو ما يستر الحشفة من الجلد. · غسل داخل السرة. · غسل داخل المضفور من شعر الرجل ويلزمه حلّه. · غسل بشرة اللحية وشعرها ولو كانت كثيفة. · غسل الجلد تحت كل شعر لقوله صلى الله عليه وسلم (تحت كل شعرة جنابة). · غسل مخرج الغائط ومخرج فرج المرأة الخارج. 4. إزالة النجاسة وغسلها قبل البدء بالغُسل. سنن الغُسل وكيفيته: 1. النية: نويت الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر. 2. التسمية. 3. غسل اليدين إلى الرسغين. 4. غسل النجاسة عن البدن حتى لا تنـتشر إلى الجسد. 5. الوضوء قبل الاغتسال وبعد النية، والتسمية وغسل اليدين والنجاسة. ويؤخر غسل الرجلين للنهاية. 6. إفاضة الماء على الجسد ثلاثاً. 7. البدء بإفاضة الماء على الرأس ثم إفاضة الماء على منكبه الأيمن ثم الأيسر. 8. موالاة الغُسل. |
|||
|
|
رقم المشاركة : 23 | |||
|
ثالثاً : أحكام الصـلاة |
|||
|
|
رقم المشاركة : 24 | |||
|
رابعاً : أحكام الجنائز سلسلة العارفين رجال سند الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية التي تلقى عنها الإرشاد الشيخ حسني حسن خير الدين الشريف فيا أيها السالك في طريق القوم، اعلم أن الله تعالى إذا أراد بك خيراً دلك على بابه، وجمعك بأحبابه، فإن نلت ذلك (فاصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تُطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً) وامتثل أمر الله بقوله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، واقصد في سيرك تخليص نفسك من آفاتها وتحويل القبيح منها إلى الحسن، واعلم أنه لا يتم لك ذلك إلا من خلال شيخ عارفٍ مرشدٍ عالمٍ بعيوب النفس وآفاتها، مطلع على مداخل الشيطان على قلب الإنسان، قادر بأمر الله على السير بك نحوالآخرة بما يرضي الله رب العلمين. ثم اعلم بأن ذلك لا يكون إلا بصحبة وارثٍ محمدي عبر سندٍ متينٍ متصلٍ برسول الله صلى الله عليه وسلّم، يرقى بروحك في عليين عبر صحبة قومٍ همهم آخرتهم ورضى ربهم. ثم اعلم أن طريقتنا الخلوتية الجامعة الرحمانية هي من أحسن الطرق، وأثبتها وأقواها سنداً، زكّت في تاريخها ملايين النفوس، وصفّت سرائرهم، ونوّرت أفئدتهم، لاسيما وأن مرشدها الحالي ووارث علومها شيخ الشريعة والطريقة والحقيقة الشيخ حسني بن الشيخ حسن بن الشيخ خير الدين بن الشيخ عبد الرحمن الشريف الحسيني، الذي تلقينا عنه إقتداء بمن سلف من هذه السلسلة الشريفة الممتدة نسباً ومسلكاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عسى أن تزكونفوسنا وترتقي في عالم المعرفة والنجاة. سند الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية : وشيخنا السيد حسني حسن الشريف حفظه الله تلقى هذه الطريقة من سندين : الأول : عن والده الشيخ حسن عن والده الشيخ خير الدين عن والده عبد الرحمن الشريف الكبير. والثاني : عن الشيخ حسين عن الشيخ عبد الرحمن الثاني الذي تلقى عن الشيخ خير الدين الشريف عن الشيخ حسن حسين عمروعن الشيخ عبد الرحمن الشريف من جهة، وعن الشيخ حسين عن الشيخ عبد الرحمن الشريف الكبير من جهة ثانية. الذين تلقوا جميعاً هذه الطريقة عن الإمام العارف بربه الشيخ محمود أفندي الرافعي العمري الطرابلسي الشهير بأبي الأنوار رضي الله عنه، وهوعن سيدي أحمد الصاوي، وهوعن سيدي أحمد بن محمد الدردير العدوي، وهوعن سيدي شمس الدين محمد بن سالم الحفناوي، وهوعن سيدي مصطفى البكري (صاحب ورد السحر)، وهوعن سيدي عبد اللطيف الحلبي، وهوعن سيدي مصطفى أفندي الأدرَنوي، وهوعن سيدي علي قِرا باشا أفندي، وهوعن سيدي إسماعيل الجرومي، وهوعن سيدي عمر الفؤادي، وهوعن سيدي محي الدين القسطموني، وهوعن سيدي شعبان القسطموني، وهوعن سيدي خير الدين التوقادي، وهوعن سيدي جَلبي سلطان الأقسدائي الشهير بجمال الخلوتي، وهو عن سيدي محمد بهاء الدين الأرذنجاني، وهوعن سيدي يحيى الباكوبي، وهو عن سيدي صدر الدين الخياني، وهوعن سيدي عز الدين، وهوعن سيدي محمد مبرام الخلوتي، وهو عن سيدي عمر الخلوتي، وهو عن سيدي أخي محمد الخلوتي، وهو عن سيدي إبراهيم الزاهد التكلاني، وهو عن سيدي جمال الدين التبريزي، وهوعن سيدي شهاب الدين محمد الشيرازي، وهوعن سيدي ركن الدين محمد النجاشي، وهو عن قطب الدين الأبهري، وهو عن أبي النجيب السهروردي، وهوعن سيدي عمر البكري، وهوعن سيدي وجيه الدين القاضي، وهوعن سيدي محمد البكري، وهو عن سيدي محمد الدنيوري، وهو عن سيدي ممشاد الدنيوري وهو سيدي سيد الطائفتين أبي القاسم الجنيد محمد البغدادي. وللجنيد رضي الله عنه في الطريقة سندان : أحدهما عن سيدي سري السقطي عن سيدي معروف الكرخي عن سيدي حبيب العجمي عن سيدي داود الطائي عن سيدي الحسن البصري عن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسند الثاني هوعن سيدي سري السقطي وهوعن سيدي معروف الكرخي وهوعن الإمام علي بن موسى الرضي وهوعن الإمام موسى الكاظم وهوعن والده الإمام حعفر الصادق وهوعن والده الإمام محمد الباقر وهوعن والده علي زين العابدين وهوعن عمه الإمام الحسن وهوعن والده الإمام علي بن أبي طالب وهوعن سيد الكائنات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. نسب السيد الشيخ حسني حسن الشريف أطال الله عمره شيخ الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية هوالشريف الحسيني السيد حسني (الخليل) بن السيد حسـن (الخليل) بن السيد خير الدين (الخليل) بن السيد عبد الرحمن شيخ الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية (الخليل) بن السيد حسين (الخليل) ابن السيد يوسف (الخليل) بن السيد صالح (القدس) بن السيد يوسف (القدس) بن السيد صالح (القدس) بن السيد صلاح الدين زعتر (تولى قلعة الخليل بعد أبيه ودفن فيها) (الخليل) بن الأمير شرف الدين زعتر (تولى أمارة الخليل في بداية العهد العثماني وتوفي في الخليل سنة 1050 هجـرية) (الخليل) بن السيد محمد شمس الدين (ذكرين) بن السيد عبد الله (القدس) بن السيد أحمد شهاب الدين (الحجاز) بن السيد محمد حميـد الديـن (أبوحامد) قاضي القضاة (كان يحفظ القرآن الكريم ويتقنه بالروايات) (طرابلس) بن السيد بدر الدين (الخليل) بن السيد شعيب (الخليل) بن السيد محمود (الخليل) بن العارف بالله محمد السقواتي (الخليل) بن السيد عبد الله (تونس) بن السيد عز الدين القاسم (شارك في جميع فتوحات صلاح الدين) (المدينة المنورة) بن السيد جعفر المهنـا (أميـر المدينـة المنـورة) (المعلمة بمكة) بن السيد عبد الله (السويس) بن السيد عمر (الساقية الحمراء) بن السيد علي (مطرطه) بن السيد عثمان (أمير الساقية الحمراء من سنة 345 إلى 399 هجرية) (المغرب) بن السيد الحسين الفاسي بن السيد محمد بن السيد موسى بن السـيد يحيـى بن السيد عيسى بن السيد علي التقي (البصرة) بن السيد محمد الأكبر بن سيدنا الإمام علي الهادي (سُرّمن رأى) بن سيدنا الإمام محمد الجواد (بغداد) بن سيدنا الإمام علي الرضا (خراسان) بن سيدنا الإمام موسى الكاظم (بغداد) بن سيدنا الإمام جعفر الصادق (البقيع) بن سيدنا الإمام محمد الباقر (البقيع) بن سيدنا الإمام علي زين العابدين (البقيع) بن سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه (كربلاء) بن سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه وسيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. |
|||
|
|
رقم المشاركة : 25 | |||
|
بارك الله فيك أخي الكريم وأحسن إليك |
|||
|
|
رقم المشاركة : 26 | |||
|
بحث رائع هذا ما كنت أبحث عنه ولكن سأتابع قراءته شيئا فشيئا حتى أستوعب كل محتوياته فالموضوع شيق |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc