وصلنا باب الحديقة وتقدمت من بائع التذاكر، خمس ألعاب بمائتا دينار، تذكرة مدون عليها الأرقام من واحد إلى خمسة، كلما شغلت لعبة وضع المكلف بتلك اللعبة علامة على رقم،
استلمت التذكرة و دخلت فإذا بعون الأمن يخاطبني؛ لا لا، ممنوع دخول الشباب اليوم،
تفاجأت، فأنا لا أبدو شابا بل رجلا شابّا، و كل من يصادفنا يظن رُؤى ابنتي،
حملقت إليه فقال : أهما بصحبتك ؟
استدرت فإذا بشابين تتراوح أعمارهما بين السادسة عشر و الثامنة عشر،
لا، ليسا بصحبتي،
ممنوع دخول الشباب اليوم، يكرر رجل الأمن،
زال عجبي و واصلت المسير،
يمنعون دخول الشباب بمفردهم لأن هؤلاء الشباب غالبا ما يتخذون مثل هذه الأماكن لمواعيد لا ترضي الرب و لا العبد، غير أن أعوان الأمن في حديقة الأحلام غيروا سياستهم اليوم لتوافد جموع لا تُحصى على الحديقة جراء زيارتهم لمعرض الكتاب، أغلبهم عوائل محافظون، يظهر هذا جليا عليهم،
يُمنَع التسكع اليوم و لا يُمنع في غيره !
لم يرضَ أعوان الأمن أن ترى العوائل مناظر تحرجهم، و رضوا بذلك الواقع الأليم سائر الأيام،
كأن الله لا يرانا،
نستحي من العباد و لا نستحي من رب العباد،
هدانا اله،
سرنا ...
بم تبدئين اللعب ؟
لعبة السيارات لكن ليست هذه الخاصة بالصغار، الأخرى أسفل هذه الطريق،
سرنا ...
سلسلة طويلة من المنتظرين، تأخذ رؤى مكانها في السلسلة،
تخرج مجوعة و تدخل أخرى، تخرج مجوعة و تدخل أخرى، ها هو دور مجموعة رؤى،
الجميع سعيد، الصغار سعداء باللعب و كلما ابتسم الصغار ترى الأولياء تشع وجوههم بالابتسامات سعادة بسعادة أبنائهم،
قادت مجموعة رُؤى و خرجنا فتصرخ رُؤى، انظر إلى التذكرة؛ لقد شطب رقمين و لم ألعب إلا مرة واحدة،
هيا نرجع إليه، ستلعبين مجددا اللعبة ذاتها، خذي مكانك في سلسلة المنتظرين،
توجهت إلى ذلك الشاب؛ أخي؛ لعبت الصغيرة مرة و شطبت رقمين، انظر إلى التذكرة،
دُلني على الصغيرة، لتأخذ مكانها في السلسة،
دخلت مجموعة و دخل كل صغير سيارة، تبقت سيارة فطلب الموظف من رُؤى دخولها، جرت نحوها بينما غيرت مكاني إلى جهة أخرى منزويا لأتابع الأطفال و رُؤى يقودون السيارات دونما إزعاج،
وجهت ناظريّ نحو رُؤى فإذا بالجزء العلوي منها داخل السيارة لا يُرى وجهها و الموظف أمامها يساعدها على النهوض، نهضت فإذا بها تبكي بشدة ممسكة ذراعها تنظر إليّ و الموظف يوجهها نحو باب الخروج،
يُتْبَع ...