السلام عليكم ..
حين لا يجد المعلم حرجا في تكرار فوج من المتعلمين لا ذنب لهم إلا أنهم تحصلوا على معدل أقل من الخمسة، وكأن به قد أجاد وتيقن من:
1- توفيقه المطلق في تمكين المتعلمين من المعارف المقررة
2- قدرته الفائقة على بناء اختبار يفي بشروطه من موضوعية وصدق وشمولية ...
3- فهمه الواسع لمعنى الاختبار على أنه ما هو إلا حكم معياري لا يعكس بأي حال قدرات ومدى تحكم المتعلم في مهاراته ...
4- إشراكه لكل الأطراف الفاعلة في المؤسسة عند الحكم على هذا المتعلم بالفشل أو النجاح
...
فعندها ليعلم المعلم أنه يعيش حالة من العبثية لا يعلم حدود ظلمه لطفولة بريئة إلا الله تعالى، وعليه الإقلاع عن ذلك فورا قبل أن يستفحل عبثه فيأتي على أجيال وأجيال يسلب منها على الأقل سنة من عمرها في إعادة بناء تعلمات كان المفروض عليه هو من يتمكن من الاجتهاد في اختيار عن علم طرائق بنائها معهم.
حينما يصل الحال إلى تكرار عدد من المتعلمين ذنبهم أنهم لم يتمكنوا من تحصيل معدل أكبر أو يساوي الخمسة، فهذا يعني أن هناك خلل في فهم التقييم فما البال بالتقويم! وضع يدعو للتعجب منه للتساؤل.
عجبا لأمرنا كيف لكفاءاتنا الهائلة في التعليم أمكنتنا من التفريق في القدرات والمهارات بين متعلمين أحدهما تحصل على معدل 5,00 والآخر على 4,50!؟
هل الفارق 0,50 بين المعدلين أعطى لنا كل الحق في الحكم على الأول بالانتقال والثاني بالرسوب؟
لندرك زملائي كم نظلم كل سنة من الطاقات؟ ذنبها أننا عاجزين كل العجز على اكتشافها، أو لم نفلح في تفجيرها لترى الوجود، فبدلا أن نبحث عن الخلل ونتقصده بالمعالجة الموسومة بالاهتمام نقوم بصب جام قصورنا على المتعلم لنقصية من سنة هي عمر بالنظر لطولها، وبجرة من قلم نكتب: "يكرر السنة"، غير واعين بحجم الجريمة التي نقترفها.
لست ناقما على كل من يقوم بالحكم على متعلم على أنه لابد من تكراره لمستوى من المستويات، طبعا إن كان الحكم نابعا عن رؤية سليمة بعد تمحيص ودراسة لا فقط لأن هذا الطفل الذي لا حول له ولا قوة على مناقشتنا والطعن في أحكامنا لم يحصل معدلا يفوق أو يساوي 5,00.
لقد شهدت على امتداد ممارستي التربوية كيف ببعض من الزملاء بدافع من النفس المعبرة عن العجز يقومون بسلب المتعلم حقوقه في نشاطات كالتربية البدنية والموسيقية والتشكيلية فقط حتى لا يلامس المتعلم سقف 5,00، وفي المقابل كان لنا الشرف أن مارس على مرآنا معلمون أكفاء فنون فتح أبواب الفرص للمتعلمين غير آخذين الأحكام المعيارية كأسس لتكرار هذا أو انتقال ذاك، ليثبتوا بعد ذلك حسن تصرفهم ومدى تمكنهم من فنون التعامل مع الفروق الفردية في إنجاح من كان سيؤول إلى الإقصاء والتهميش على أيدي زملاء آخرين.
إن الهدف مما جاء أعلاه أعني به تحديدا إعادة النظر في أحكامنا قبل استصدارها في حق أولادنا، ولنحاول استكشاف موضع الخلل، لا التمسك بأسهل الطرق خوفا من تجشم أتعاب التمحيص والتدقيق والتي هي من مهامنا وليست تقمصا لأدوار لا نتقنها بالنظر لكوننا نحن المعلمين المسؤولين عنهم، غير ناسين أننا في حضرة المتعلمين نحن "المعلم" بكسر اللام لا بفتحها، أي نحن نقف موقف الفاعل في تمكين المتعلم من التعلم فإن أخفقنا في تحديد السبل السليمة الكفيلة بضمان ذلك أخفق المسكين بالضرورة.
بقلم صاحبه السيد chelak71