![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الجديد وما لم يُنشَر من سيرة الإمام المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني (1333 - 1420 هـ)
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 16 | ||||
|
![]() الشيخ محمد موسى نصر يتحدّث عن جوانب من سيرة الإمام الألباني الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه . أما بعد، فهذه جوانب من سيرة الإمام الألباني رحمه الله ذكرها الشيخ محمد موسى نصر أثناء محاضرة ألقاها في بيروت بتاريخ 14 شعبان 1431 هـ ( الموافق 26 تموز 2010 )، وكنتُ موجوداً في المحاضرة وسجّلتُ على جوّالي جزءاً منها، وهاكم مقتطفات منها : الشيخ الألباني رحمه الله إمامٌ ربّاني، وكان الشيخ رحمه الله متمسكاً بالكتاب والسنة تمسّكاً صحيحاً كاملاً، فلم يكن يقول شيئاً ثم يخالفه في مجالسه الخاصة وإذا اختلى بنفسه، بل كان رحمه الله السنّة بين عينيه ومنهج السلف مطبق في حياته؛ في بيته وخارج بيته، وكان رحمه الله أكثر ما يصرف وقته في العلم، ومدارسة العلم، والبحث والمطالعة، حتى كنا إذا زرنا الشيخ، ووجدنا لا نسأله - بعد أن يقدِّم الضيافة – يقول : ما عندك من سؤال يا فلان ؟ فإذا استنفدنا الأسئلة وجلسنا ننظر إليه هكذا فإنه كان رحمه الله – حرصاً على الوقت – يقول : انصرفوا راشدين، لأن الأوقات ضيقة والواجبات كثيرة، كان الشيخ رحمه الله حريصاً على الوقت حرصه على عينيه، وكان رحمه الله تعالى يؤذيه ما يسمع من خلافات بين المسلمين وبين السلفيين، وكثيراً ما كنت أسمع شيخنا يقول : أزمتنا أزمة أخلاق، وكثيراً ما كنا نسمع شيخنا يقول : ( حبّ الظهور يقصم الظهور )، وكثيراً ما كنا نسمع شيخنا يذكر قول الله : ( أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) . كان شيخنا رحمه الله لا يبالي بأهل الدنيا، يتعامل مع المليونير كما يتعامل مع الفقير الذي يسأل الناس، وإذا جلسنا إليه لا تشعر أنك غريب، يعامل الجميع معاملة واحدة، الشيخ رحمه الله تعالى كان قوّام صوّام بكّاء، كم مِن رؤيا قُصَّت عليه فبكى رحمه الله تعالى وقال : ( اللهم اجعلني خيراً ممّا يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون )، قد رأيتُ شيخنا رحمه الله في رؤيا قصصتها عليه فتأثر واغرورقت عيناه بالدموع، قلتُ له : يا شيخنا، رأيتُ فيما يرى النائم جمعٌ كبيرٌ، وهذا الجمع الكبير كانوا ينظرون إلى باب يطل على شرفة يُصعَد إليه بدرج، فقلت له : يا شيخنا، فجِئتُ فقلتُ للناس : ( ماذا تنظرون ؟ ) قالوا : سيخرج الرسول من هذا الباب، فاخترقتُ صفوفهم وصعدتُ الدرج ووقفتُ قبالة الباب أنتظر خروج النبي صلى الله عليه وسلّم، فإذْ بالباب يُفتَح ورأيت يطل منه شيخنا الألباني رحمه الله، فأوّلت الحديث على أن الألباني هو العالم الرباني الذي يسير على خطى النبي صلى الله عليه وسلّم، ويعمل بهدي النبي صلى الله عليه وسلّم، وأن مَن أراد هدي النبي صلى الله عليه وسلّم فعليه بمنهج الألباني وعليه بالسير على منهج الألباني ومدرسة الألباني . الشاهد أن الشيخ له في حياته مواقف جليلة وعظيمة، يكفي أنه كان يصدع بالحق ولا يخشى في الله لومة لائم، إذا تبنّى الحق أو مسألة، فإنه لو وقفت الجبال أمامه فإنه لا يرجع عمّا يعتقد، وكان كالطود العظيم، وكان رحمه الله تعالى ابتُلِي ابتلاءات كثيرة، ولكنه صبر، وربُّنا عز وجل مكَّن له، ومكَّن لدعوته، الآن الدعوة السلفية بفضل الله في الأردن من أقوى الدعوات، ولها حضورٌ عظيم، وقد سمعت الشيخ – في أواخر حياته – يقول : ( إذا مات الألباني عرفه الناس ) . فالناس الآن عرفوا الألباني بعد موته، بيت الألباني في منطقة، وجيرانه لا يعرفونه، يأتي السائل عنه فيقولون : الشيخ الألباني لا نعرفه، لما مات الشيخ بعدها الناس عرفته . واحد ذهب إلى جزر البهاما – بلد في حدود كوبا – فوجد هناك مئتين وخمسين أسرة مسلمة في هذه الجزيرة كلّهم سلفيّون، من أين وصلهم الألباني ؟ أشرطة الألباني وصلت إليهم، ما رأوا الألباني بعينهم ولكنهم عاشوا على أشرطته، فكلهم كانوا على الكتاب والسنة، ما في واحد منهم من الجماعات الحزبية أو الصوفية، فهذا يدل على أن صدق الألباني وإخلاصه نشر دعوته في العالم . وهكذا وجدنا شباب يتبعون هذا المنهج المبارك من خلال أشرطة شيخنا الألباني في أمريكا وفي بريطانيا وفي أستراليا وفي كندا وفي بلدان كثيرة، حتى في جزر بعيدة غريبة – جزيرة ترينيغاد ( قال أبو معاوية البيروتي : هكذا فهمتها من كلام الشيخ ) –، هذه الجزيرة ست ساعات من نيويورك إلى هذه الجزيرة، وجدنا فيها سبعة من السلفيين، وبنوا مسجداً سمّوه " مسجد الغرباء "، وبعضهم خرّيجو الجامعة الإسلامية، كلهم على الكتاب والسنة . فهذه الدعوة بحمد الله ستصل ما وصل إليه بإذن الله، ولكن كما قلت، أهلها مدعوون إلى أن يتقوا الله فيها، ويتقوا الله في أنفسهم، وأن يتقوا الله في إخوانهم، وأن يكونوا ... ( قال أبو معاوية البيروتي : هنا جملة لم أفهمها )، هذه الاختلافات، وهذه الطعونات، وهذا التبديع والتفسيق قد آذى هذه الدعوة، ونفّر الناس منها، ودينُكم بين الغالي فيه والجافي عنه، فما أحوجنا إلى أن نكون على وسطيّة السلف الصالح واعتدالهم ولطفهم ورفقهم . اهـ .
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 17 | |||
|
![]() الإمام الألباني – في نشأته ولشدّة فقره – يكتب أبحاثه على الأوراق الملقاة في الطريق !! فيا طالب العلم، لا تجعل الفقر والحاجة مانعاً من تحصيلك للعلم قال الشيخ مشهور حسن حفظه الله : أوكلني شيخنا رحمه الله أن أراجع أجزاء من السلسلة الضعيفة قبل أن تطبع، فناولني المجلد الخامس من الضعيفة، فأخذت الكتاب بخطه قبل أن يُطبع، فلما أخرجته من الكيس ونظرت بكيت، فسألني الشيخ رحمه الله : ما لَك َ؟ قال الشيخ مشهور: فما تكلمت ، ورأى الشيخ الدموع في عيني . الشيخ رحمه الله يكتب الضعيفة الخامس على أوراق هدايا ، وعلى ظروف السكر والأرز، الظروف الحمراء التي كانت الناس تزن فيها السكر والأرز . فقال لي الشيخ : كان عندي خيوط أضعها في الحبر، ثم أجعل الخيوط على ورق، فتصبح الورقة مسطرة، وقال الشيخ رحمه الله : ما كان عندي مال اشتري ورق .اهـ . استمع اليه من كلام الشيخ أبي عبيدة حفظه الله وهذا الرابط : دقيقة 67 ثانية 20 https://www.mashhoor.net/inside/Lesso...m/m11-1-13.mp3 نقله أيمن خليفة =========== قال أبو معاوية البيروتي : وأضيف ما ذكره الشيباني في " حياة الألباني " ( 1 / 43 )، قال : ومن شدّة العنت والفقر الذي عاشه الشيخ أنه كان لا يملك ورقة يشتريها ليسوِّدها بما مَنَّ الله تعالى عليه من علمٍ فيها، فكان يطوف في الشوارع والأزقة يبحث عن الأوراق الساقطة فيها من هنا وهناك ليكتب على ظهرها، وذلك لأن وجه الورقة يكون عادة مكتوباً فيه إما دعوة لافتتاح معرض أو حفلة زواج أو دعاية لمصنوعة من المصنوعات، وقد أطلعني الشيخ على بعض الكتب المخطوطة التي كُتِبَت بها بهذه الأوراق، وأغلبها قد تقطّعت أطرافها وتساقطت . وقال لي مرّة : كنتُ أشتري الأوراق ( سقط المتاع ) بالوزن لرخصه . اهـ |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 18 | |||
|
![]() لقاءٍ الشيخ عبد الله آدم ابن أخ العلاّمة الألباني مع مجلة الفرقان الكويتية بداية اللقاء : في البداية نود أن تحدّثنا عن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بصفتك ابن أخيه . قال الشيخ عبد الله آدم ابن أخ العلاّمة الألباني : الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو من مواليد مدينة شكودار في شمال ألبانيا، وعاش فيها مدة ثلاثة عشر سنة مع والده، إذ كان والده إماماً لمسجد من المساجد هناك، وكان عالماً من علماء المذهب الحنفي، وفي بدايات هذا القرن هبَّت رياح الحرية كما يزعمون على البلاد التي كانت تحت سيطرة الدولة العثمانية؛ ومنها ألبانيا، فقام الملك أحمد زوغو بالعمل على استقلال هذه الدولة عن الدولة العثمانية، وكان له ما أراد، ولم يقتصر الأمر على الاستقلال فقط، وإنما تعدّاه إلى تغريب الدولة، والأخذ بها في طريق الدول الغربية الكافرة، فألزم الناس مثلاً بلبس القبعة الغربية، وأيضاً ألزمهم بأن يؤذّنوا باللغة الألبانية بدلاً من العربية . وهنا شعر والد الشيخ – واسمه نوح – بخطورة الأمر، وأنه لا يقف عند هذا الحد، فصار يجمع حاجاته لأجل الهجرة، فسأله الناس هناك : يا شيخ نوح، أتخشى على نفسك من الكفر ؟ قال : لا أخشى على نفسي، ولكن أخشى على أولادي من الكفر . وهكذا جمع متاعه وحاجاته المهمة وركب البحر قاصداً بلاد الشام، فنزل بيروت، ثم من بيروت إلى الشام، واختار الشام من بين سائر البلاد مع أن مكة والمدينة أشرف منها، لكنها كانت موافقة لمناخ ألبانيا، وهناك أيضاً أصبح راعياً لمسجد من مساجد الشام، وافتتح دكاناً لإصلاح الساعات، لأنه كان قد تعلّم هذه المهنة في فيينا عاصمة النمسا . لماذا هاجر الشيخ من الشام قاصداً الأردن ؟ قال الشيخ عبد الله آدم ابن أخ العلاّمة الألباني : في أوائل 1960 م كان الشيخ يقع تحت مرصد من الحكومة، وقد سبّب له ذلك نوعاً من الإعاقة، واستمر هذا الوضع حتى أواخر عام 1970 ، ثم فكّر الشيخ في الهجرة إلى الأردن – عمان بعد أن كان مهّد لذلك، واستقر به المقام في الأردن، لا سيما أن هناك حرية نسبية، ممّا أعطى الشيخ فرصة ليجتمع بطلبة العلم، وظهر له تلاميذ ولهم الآن العديد من المؤلفات . من المعروف عن الشيخ أنه كان بعيداً عن السياسة، فهل تعرّض الشيخ للاعتقال ؟ قال الشيخ عبد الله آدم ابن أخ العلاّمة الألباني : تعرّض الشيخ للاعتتقال مرتين؛ الأولى كانت قبل 67 حيث اعتُقِل لمدّة شهر في نفس القلعة التي اعتُقِل فيها شيخ الإسلام ابن تيمية؛ قلعة دمشق، وعندما قامت حرب 67 رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين، ولكن بعدما اشتدّت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية، ولكن هذه المرة ليس في سجن القلعة، بل في سجن الحسكة شمال شرق دمشق، وقد قضى فيه الشيخ ثمانية أشهر، وخلال هذه الفترة حقّق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري واجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل . ================= " منشورات مشروع النشر الإسلامي – مجلة الفرقان ( 3 / 96 – 97 ) " |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 19 | |||
|
![]() بين الشيخين الألباني وحمّاد الأنصاري رحمهما الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد فإن من الصعوبة بمكان أن يجمع شخص ثناء أهل العلم على الشيخ المحدث الألباني وذلك لكثرة من عرف قدره وعلمه من أهل الفضل والعلم أمثال الشيخ ابن باز وابن عثيمين وعبد العزيز آل الشيخ .. وغيرهم كثير فزكوه عن معرفة به واطلاع على ما قام به من نصرة السنة والذب عنها وقد جمع أخونا نفح الطيب الشئ الكثير منها . ومن أهل العلم والفضل الشيخ العلامة حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله فقد جمع ابنه عبد الأول نقولاً عديدة عن الشيخ حماد يثني على الألباني رحمه الله فيها .. في كتابه (المجموع..) وقد وجدت منها ما يلي : قال الشيخ حماد رحمه الله : 1 - إن الشيخ الألباني قد سهّل لنا المسند تسهيلاً جيداً جداً حيث عمل فهرساً للصحابة المذكورين فيه , وكنا قبل ذلك نتعب تعباً كبيراً في الحصول على الحديث . (2/617) 2 - إن الشيخ الألباني خرج من المدينة المنورة قبل أن أسكن بها ودرس في الجامعة قبلي وما اجتمعت به )) . قال عبد الأول ابن الشيخ حماد :علق الوالد رحمه الله تعالى بقوله ( وقد تعرفت عليه بعد ذلك وعرفته حق المعرفة.(2/618) 3 - إن الشيخ ناصر الألباني أعرفه جيداً، ولم أدركه في الجامعة الإسلامية لأني لما جئت إليها كان قد خرج منها ).(2/622 ) 4 - ما كنت في دمشق كنت أزور الألباني في بيته في سفح جبل قاسيون , أسهر عنده بعد العشاء حتى يذهب الليل , وذلك لأنظر في كتبه , ومكتبته لا بأس بها . وإن الشام حُرمت من الشيخ ناصر الألباني فهو لا يوجد مثله في الشام , خاصة في تخصصه )). (2/625 ) 5 - لما كنا بدمشق سهرنا عند الشيخ ناصر الألباني في مكتبته للاطلاع عليها لعلنا أن نجد شيئا نصوره منها , وكان الشيخ الألباني نشيطا واشتغل معنا )).(2/750) 6 - الألباني كان حنفيًّا , ثم دخل في علم الحديث حتى وصل فيه إلى الغاية , وهو ممن يقال في مثله دَرَس بنفسه )).(2/597 ) 7 - قال عبد الأول ابن الشيخ حماد وفي عام 1400ه خاطب مركزُ الملك فيصل للبحوث الوالدَ رحمه الله يستشيره من يرشح لجائزة الملك فيصل في علم الحديث وعلومه ؟ فكتب الوالد لهم جوابا أنه يرشح الشيخ العلامة : محمد ناصر الدين الألباني , ولكن لم يرشح في هذه السنة , ثم رشح بعد وفاة الوالد عام 1419هـ ).(2/598) 8 - إن الشيخ الألباني درس العلم دراسة وافية , واتخذ اصلاح الساعات معيشة له كما كان يفعل الأئمة الأوائل , فإن كل واحد منهم له صنعة لمعيشته , فمثلا أبي حنيفة - كذا - كان قماشاً .(2/623) 9 - أول مرة رأيت الألباني فيها سنة 1374ه عند الشيخ عبد العزيز بن باز في الرياض , وكان عندما رأيته يحمل معه تخريج سنن أبي داود له , وهو يقرأ منه على الشيخ , فقال له الشيخ عبد العزيز : هذا الكتاب ينبغي أن يقرأ كله ثم يطبع . ثم انفض المجلس ولم أر الشيخ الألباني بعدها إلا لما أصبح يدرس في الجامعة الإسلامية )) . (2/623 ) قال عبد الأول : ( لعل الوالد زار المدينة تلك الفترة فرأى الشيخ الألباني فيها ) . 10 - إن صاحب كتاب "تنبيه المسلم على تعدي الألباني على صحيح مسلم ليس له ذوق ولا علم )) (2/623) والحمد لله رب العالمين . =============== نقله العوضي |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 20 | |||
|
![]() قال الاخ الفاضل
أبو معاوية البيروتي مواجهة الإمام الألباني في حلب لصوفي مخرّف يدّعي كرامة ضرب الشيش !! قال الشيخ الألباني رحمه الله : كنتُ سافرتُ إلى حلب / دمشق في سبيل الدعوة، ألقينا الدرس وانفض الناس، ويطلع عادةً أربعة أو خمسة من إخواننا الأصدقاء، تأخّر معهم شخص ما رأيته البتة قبل تلك الساعة، جالس هناك بعيد عني ... ( قال أبو معاوية البيروتي : هنا كلمة لم أستطع تحديدها )، ما هو بالبدين؛ نحيف، ومع ذلك كرشه هيك، قلتُ له : إيه هذا يعني ؟ قال : هذه الرحمانية ! أنا أول مرة أسمع كلمة الرحمانية هناك في حلب، قلتُ : إيش يعني هذه الرحمانية ؟ قال : يعني الشيش ! قلت : يعني، أنت جئت به لماذا ؟ أنا عارف . قال : نُوَرِّيكُم كراماتنا ! قلت له : الأمر سهل . كنتُ أحمل يومئذ موسى ذات نصلين، كل نصل هيك طوله، ... مشان براية القلم، قلت له : إذاً، أنا أضربك بهذه الموسى بيدي ! فقال : بيدي . يعني هو يضرب حاله بالموس التي أعطيه إياها بيده . قلت له : لا، بيدي . قال : بيدي . فالناس بدأوا يتفرّجوا على هالكلمة التي تتكرر من الفريقين، أنا أقول : بيدي، وهو يقول : بيدي . بيدي، بيدي، بيدي ! وأنا بطبيعة الحال أصبر منه، أولاً محق، وثانياً مضى عليَّ ما شاء الله من سنين وأنا أدعو الناس أشكالاً وألواناً إلى دين الله الحق . فكَلَّ ومَلَّ، ولذلك طُلِعْ منه آخر كلمة : أشو الفرق ؟! أنا أقول : بيدي، وهو يقول : بيدي . بيدي، بيدي، بيدي ! وبعدين ملَّ وكلَّ وقال : إيش الفرق ؟! فقلت له : ما دام ما في فرق، بيدي ! فبُهِتَ الذي ضلَّ، وحوَّل الموضوع رأساً ( أي فوراً )، وهذا من تدجيلهم، ونادى صاحب الدار – واسمه كمان أبو أحمد -، قال له : أبو أحمد، هات المِنقَل . تقولوا مِنقَل إنتو تَبَع الفحم . فهمتُ أنا ماذا يريد، قلتُ له : يا أبو أحمد، لا تجيب ( أي تجلب ) المنقل، هات الكبريتة . كان هو من الصوفية اللِّي يعتادوا يحُطُّوا حَطَّة بيضاء بدون ... ( قال أبو معاوية البيروتي : هنا كلمة لم تتضح لي، ولعلها العقال )، فجاء الكبريت، أشعلت الكبريت وقلتُ له : ارجع عن دعواك الباطلة أو أحرقك ! المسكين، وجم، يعني خرس وما عاد يحكي كلمة، وأنا أتقدّم إليه خطوة خطوة حتى اقتربت منه فعلاً، حَطّيت الكبريت على الحَطّة تَبَعو وبدأت تلتهب، ثم أخذتها هيك، فركتها خشية أن يزداد الشرر، ..... قلت له : عُقبال عند الشيوخ تَبَعكم، قُل لهم : هَيْ كرامات السلفيين !! =========== وأرفقت الملف الصوتي الذي فرّغته . من كرامات الألباني.zip |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 21 | |||
|
![]() اتصال العلاّمة الفقيه ابن عثيمين بالإمام الألباني رحمهما الله، وبعض كلام ابن عثيمين فيه قال العلامة ابن عثيمين في اللقاء الشهري أثناء إجابة سؤال رقم 290 : إننا نسمع ما ينسب إلينا وما ينسب إلى شيخنا عبد العزيز بن باز وما ينسب إلى الشيخ ناصر الدين الألباني أشياء إذا محصناها وجدنا أنها كذب، قد تكون متعمدة وقد يكون الذي نقلها أخطأ في الفهم، أو أخطأ في صيغة السؤال الذي بني عليه الجواب، أو ما أشبه ذلك. اتصلت بالشيخ الألباني أسأل عن صحته فقال: إنه بخير، وقال: إن رجلاً من الناس قال لي إن معه كتاباً منك إليَّ، وإني قد قلت له: صلِّ معي يوم الجمعة الماضية، فقال: لا أستطيع، ولكن آتيك به يوم السبت، يقول الشيخ: فهل كتبت إليَّ شيئاً؟ قلت له : ما كتبت لك شيئاً، وإذا جاءك هذا الكتاب فليس مني، فأنا لا أدري ما في هذا الكتاب! وقد يكون فيه طامات كثيرة لا تقوى على حملها السيارات ولا السفن ولا الطائرات . فقال : لكن هو قال لي هذا . فقلت له: يا شيخ ! الناس يكذبون عليّ ويكذبون على غيري، وأنا قد كذبوا عليّ ! وقالوا: إن الشيخ الألباني مات!! فقلت له: لعلهم يريدون وفاة النوم؛ أن الله توفاك بالليل وأيقظك بالنهار . ثم قال ابن عثيمين : فالمهم أن الناس يتقولون على العلماء؛ لكن أوصيكم بكل شيء تسمعونه عني وأنتم تستنكرونه أن تتصلوا بي حتى تتحققوا هل هو صحيح، أو غير صحيح فقد يكون كذباً، وقد يكون حقاً صدقاً ولكن لي وجهة نظر لا يعرفها، وإذا سمعتم أيضاً ما تستنكرونه عن العلماء الآخرين أن تتصلوا بهم، وألا تشيعوا كل ما يقال، فنسأل الله السلامة، قال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم دعاء القنوت: ( وعافني فيمن عافيت ) ، قال: لا أجد عافية أكمل من أن يعافيك الله من الناس ويعافي الناس منك. ابن عثيمين و الدفاع عن الألباني رحمه الله : في لقاء إدارة الدعوة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر مع فضيلته ، بتاريخ :7/5/2000م سئل ابن عثيمين يقول البعض : عن الشيخ الألباني -رحمه الله- أن قوله في مسائل الإيمان قول المرجئة ، فما قول فضيلتكم في هذا؟! فكان جواب فضيلة الشيخ ابن عثيمين ما نصه : ( أقول كما قال الأول : أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم ...... من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدّوا و الألباني -رحمه الله- عالم ، محدث ، فقيه - وإن كان محدثاً أقوى منه فقيهاً ، ولا أعلم له كلاما يدل على الإرجاء - أبدا - لكن الذين يريدون أن يكفروا الناس يقولون عنه ، وعن أمثاله : إنهم مرجئة ! فهو من باب التلقيب بألقاب السوء ، وأنا أشهد للشيخ الألباني -رحمه الله- بالاستقامة ، وسلامة المعتقد ، وحسن المقصد،ولكن مع ذلك ؛ لا نقول : إنه لا يخطئ ؛ لأنه لا أحد معصوم إلا الرسول - عليه الصلاة والسلام . ) وقال في موضع آخر : " من رمى الشيخ الألباني بالإرجاء فقد أخطأ ، إما أنه لا يعرف الألباني ؛ وإما أنه لا يعرف الإرجاء ، الألباني رجل من أهل السنة -رحمه الله- مدافع عنها ، إمام في الحديث ، لانعلم أن أحدا يباريه في عصرنا، لكن بعض الناس -نسأل الله العافية- يكون في قلبه حقد ؛ إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيء ؛ كفعل المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ، والذين لا يجدون إلا جهدهم؛ يلمزون المتصدق المكثر من الصدقة ، والمتصدق الفقير! الرجل -رحمه الله- نعرفه من كتبه ، وأعرفه -بمجالسته -أحيانا- : سلفي العقيدة ، سليم المنهج؛ لكن بعض الناس يريد أن يكفر عباد الله بما لم يكفرهم الله به ، ثم يدعي أن من خالفه في هذا التكفير فهو مرجئ -كذبا وزورا وبهتانا- ؛ لذلك لاتسمعوا لهذا القول من أي إنسان صدر ". شريط " مكالمات هاتفية مع مشايخ الدعوة السلفية " رقم : 4- إصدار : مجالس الهدى للإنتاج والتوزيع - الجزائر ، وكان ذلك بتاريخ : 12/ 6/ 2000م كتبه عبد العزيز بن أحمد العباد الكويت 15 رمضان 1431 هـ الموافق 25 / 8 / 2010 |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 22 | |||
|
![]() تدوين الشيخ الألباني لوفاة زوجته الأولى وكيف ماتت على حالةٍ تُبَشِّر بحُسْنِ خاتمتها كتب الشيخ الألباني رحمه الله : ... كان وفاتها ليلة الجمعة في 14 شهر المحرّم سنة 72 هـ = 3 تشرين أول سنة 52 م ، عند الساعة الثانية والربع عربية بعد العِشاء، متأثّرة بمرضها " السّل " الذي صبرت عليه صبراً جميلاً حتى جاءها الأجل المحتوم، وقد ماتت ( رح ) في حالةٍ تُبَشِّر بحُسْنِ خاتمتها حيث كان آخر كلامها ( لا إله إلا الله ) و ( الله، الله، ... ) وذلك حين عجزت عن إتمام الشهادة بلسانها، ثم أشارت إلى التوحيد بأنْ رفعت إصبعها المسبّحة، وذلك كلّه بعد أنْ أوْصَت ببعض الوصايا، ثم انتفضت انتفاضة الموت وأسلمت الروح، وكان موتها بعرق جبينها، وهذه بشارة أخرى كما جاء في الحديث " موت المؤمن بعرق جبينه "، رحمها الله تعالى وغفر لها وأوسع لها في قبرها، وجمعني وإيّاها في جنة الفردوس " مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً "، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، وإنا لله وإنا إليه راجعون . ضحى الأحد 16 محرم سنة 72 هـ =============== قال أبو معاوية مازن البحصلي البيروتي : كلام الشيخ الألباني رحمه الله موجود ضمن بضعة أوراق دوَّنها الشيخ داخل إحدى الكتب في مكتبته في " الجامعة الإسلامية "، صوّرتها منذ سنتين أثناء اعتماري، وقد خطر ببالي أن الشيخ لعلّه نوى تدوين مذكراته والأحداث المهمة في حياته فلهذا كتب ما كتب، ولكني أرجِّح أنه اقتدى بفعل بعض العائلات التي تدوّن ولادات ووفيات أفرادها والأحداث المهمة التي وقعت لها فيما يُسَمّى بـ ( دفتر العائلة )، وهو شيء طيّب ومفيد في الوثائق العائلية، بل هو من السنّة، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلّم : " قيّدوا العلم بالكتاب " . ( رواه الطبراني والحاكم وصححه بمجموع طرقه الألباني في السلسلة الصحيحة 2026 ) . |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 23 | |||
|
![]() بين الإمام الألباني والشيخ محمد حامد الفقي كتب أبو تيمية إبراهيم الميلي في شهر 9 / 2002 : وكنتُ قبل ثمان سنوات وقفتُ على كتاب " نظرية العقد " لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي قام بطبعه محمد حامد الفقي، ونسخته موجودة بالمكتبة الظاهرية، فوجدتُ فيه ما لم أرَ أحداً نقله في ترجمة العلاّمة الألباني رحمه الله تعالى . ففيه قول الفقي رحمه الله : ( فكتبتُ إلى الأخ السلفي البحّاثة ناصر الدين الأرنؤوطي بدمشق أطلب إليه معونتي في العثور على نسخة أخرى، فكتب إليّ أن عند آل الشطي الأمجاد نسخة جيدة سليمة، فأرسلتُ إليه النسخة بالطائرة فراجعها مراجعة دقيقة وكمل مواضع النقص فيها، وعندئذٍ اطمأننت أني أستطيع أن أخرج الكتاب النفيس باسم " نظرية العقد " ... ) كتب هذا في شوال سنة 1368 هـ / أغسطس 1949 . وفي آخر الكتاب : ( انتهى مقابلة وتصحيحاً يوم الثلاثاء 8 شوال سنة 1368 / 2 آب 1949 على يد محمد ناصر الدين الأرنؤوطي ) . فهذا النص وسن الشيخ رحمه الله 35 سنة، وانظر كيف وصفه حامد الفقي بالسلفي والبحّاثة، وقوله قابله مقابلة دقيقة .. ممّا يدلّك على ما وصل إليه الشيخ رحمه الله تعالى وهو في تلك السن، فرحمه الله . اهـ . |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 24 | |||
|
![]() بين الشيخين الألباني وعبد الرزاق عفيفي رحمهما الله قال الدكتور محمد الصباغ : " كان الشيخ عبد الرزاق عفيفي ( ت 1415 هـ ) - رحمه الله - يتصف بسعة الصدر وحسن المناقشة والحلم وإلانة القول لمن يألفه ويناقشه فقد ذكر لي الشيخ ناصر الدين الالبانى - حفظه الله - أنه في أول قدمه جاء فيها إلى المملكة من بضع وأربعين سنة قابل عدداً من المشايخ وذاكرهم في مسألة قررها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، وهى مشكلة في نظره، وقد أنكرها، فاشتدّوا عليه إلا واحداً، وكان هو الشيخ عبد الرزاق عفيفي الذي تلطّف به، وناقشه في الموضوع، وكان الشيخ الألباني يذكر هذه القصة مشيداً بالصفات الكريمة التي تميز بها الشيخ - رحمه الله - " . وقال الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله - عن الشيخ عبد الرازق عفيفي - رحمه الله -: " إنه من أفاضل العلماء ومن القلائل الذي نرى منهم سمت أهل العلم وأدبهم ولطفهم وأناتهم وفقههم ." . وقال فيه :" التقيت به غير مرة في مراسم الحج، وكنتُ أستمع أحياناً إلى إجابته العلمية على استفتاءات الحجاج المتنوعة، فكانت إجابات محكمة تدل على فقه دقيق واتباع ظاهر لمنهج السلف " . ================ " إتحاف النبلاء بسيرة العلامة عبد الرزاق عفيفي "، تأليف : محمد بن أحمد سيد أحمد |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 25 | |||
|
![]() لقاء الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف الشنقيطي الوحيد بالإمام الألباني قال الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف الشنقيطي ( ت 1429 هـ ) : كنت متجهاً إلى مسجد أنصار السنة بعابدين، حين رأيت رجلاً أبيض مشرباً بحمرة، له لحية بيضاء، والناس مجتمعون حوله، وهو يتكلم عن حديث السبعين ألفاً، فقال: ( وفي رواية: ( الذين لا يرقون ولا يسترقون ) وزيادة لا يرقون شاذة والشذوذ من سعيد بن منصور - رحمه الله -... ) يقول الشيخ محمد عمرو: ( وبعدها بمدة عرفت أن هذا الكلام لشيخ الإسلام، أنه حكم على زيادة يرقون بالشذوذ. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي أرى فيها الشيخ، والطريف أنني رأيته ثم بعد ذلك عرفت أن هذا هو الشيخ الألباني.. كان عمري حينها 20 أو 21 ) لقاء ٌ واحد ؟! نعم هو كذلك، وكان عمر الشيخ محمد يومها عشرين عاماً أو واحدا وعشرين.. لكن العلاقة بين الشيخين لم تكن هكذا وفقط.. فإنه ليس بمقدور أحد أن ينكر استفادة أهل العلم وطلبته، وبخاصة أهل الحديث، من كتب وتحقيقات الشيخ الألباني - رحمه الله -. والذي أعلمه أن شيخنا محمداً - حفظه الله - قد أكثر من مطالعة كتب الشيخ - رحمه الله - ودراستها، والذي سمعته أن الشيخ محمداً يجل الشيخ الألباني ويوقره. إذا علمت ذلك أيها القارئ الكريم، فتعجب معي من شخصٍ يحط من قدر الشيخ محمدٍ لأنه يخالف الشيخ الألباني في أشياء !! وما علم هذا المتهوك أن أهل السنة بعضهم لبعضٍ كاليدين، تغسل إحداهما الأخرى، وأنه ليس ثَمَّ عالم إلا وهو مستدرك عليه، وأن الشيخ الألباني نفسه هو الذي علّمنا أنه ( كم ترك الأول للآخر ). ... وذكر الشيخ محمد عمرو أنه سمع في بعض الأشرطة المسجلة بين الشيخ أبي إسحق والشيخ الألباني، والشيخ أبو إسحق يسأله عن كتاب: ( القسطاس في تصحيح حديث الأكياس ) للشيخ محمد عمرو، فقال الشيخ الألباني: باحث جيد، له مستقبل جيد في اعتقادي . اهـ . وهذا الكتاب من كتب الشيخ القديمة التي لا يرضى عنها . ... عكف الشيخ عمرو على دراسة كتب الشيخ الألباني وكان به مغرماً، محبًّا معظِّماً، وهكذا كل طلبة علم الحديث في هذا العصر، ما من أحد إلا وهو عالة على الشيخ الألباني في فهم العلم وحبه والتعمق فيه.. ولا أعد مغالياً إنْ قلت إنه لولا مؤلفات الشيخ الألباني وما قدره الله تعالى لعمله من الانتشار ما كان لعلم الحديث أن تقوم له قائمة في هذا العصر الحديث ... فجزى الله الشيخ الألباني خير الجزاء ... ================= " القول اللطيف في التعريف بالشيخ محمد عمرو عبد اللطيف "، تأليف : محمود محمد محمود |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 26 | |||
|
![]() اللقاء الأخير بين الإمامين ابن باز والألباني رحمهما الله كان سماحة الشيخ عبد العزيز محباً للعلّامة المحدّث الألباني، عالماً بفضله، كثير الثناء عليه، كثير السؤال عنه، كثير الرجوع إلى تحقيقاته وكتبه. وكان لا يرضى أن يذكر عنده إلا بكل خير، وكان يشرف على صرف مستحقاته التي تجرى له من الجامعة الإسلامية، ويتابعها بنفسه. وكان يقول: الشيخ ناصر من خواص إخواننا. وكان سماحة الشيخ عبد العزيز يكنُّ للشيخ العلامة الألباني التقدير، والمودة، ويعرف فضله وعلمه منذ زمن طويل، وكان يرسل السلام إليه على البعد، ومما يشهد لذلك ما جاء في رسالة كتبها وأرسلها سماحة الشيخ في 2/5/1377هـ للشيخ عبد الفتاح الإمام من أهل العلم في الشام، حيث جاء في آخرها قول سماحته : وأرجو إبلاغ سلامي لمن حولكم من خواص المشايخ والإخوان، وأخص منهم فضيلة أخينا، ومحبوبنا في الله الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني . ... وفي عام 1410هـ تقريباً جاء الشيخ الألباني إلى مكة، واجتمع بسماحة الشيخ بعد صلاة الجمعة، وكان من عادة الشيخ يوم الجمعة أن يكون له درس في تفسير ابن كثير، ويستمر الدرس إلى الساعة الثانية تقريباً، فلما انتهى الدرس أخذ سماحته بيد الشيخ الألباني، وجلسا في ناحية من المجلس، وأخذ يناقش الشيخ ناصراً في بعض المسائل، والشيخ ناصر منصت لسماحته، متأدب معه غاية الأدب، وبعد أن انتهى الحديث قال له الشيخ عبد العزيز: والله يا شيخ ناصر إنني لا أحب أن أسمع عنكم إلا ما يسر، ففرح الشيخ ناصر بما سمع من سماحته، ودعا للشيخ، رحمهما الله جميعاً . =============== " جوانب من سيرة الإمام عبدالعزيز بن باز"، رواية : الشيخ محمد بن موسى الموسى إعداد : محمد بن إبراهيم الحمد . |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 27 | |||
|
![]() العلاقة بين الإمام الألباني والشيخ عبد العظيم بن بدوي كان للشيخ عبد العظيم بن بدوى حفظه الله علاقة وثيقة بالشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله، وقد تكلم الشيخ عن ذلك في الحوار الذي أجراه معه سكرتير التحرير بمجلة التوحيد ( عدد صفر 1422 هجرية ) فقال حفظه الله : ( من فضل الله عز وجل أن الشيخ عليه رحمة الله ، بدأ بالإقامة في عمان بالأردن في سنة ألف وتسع مئة وثمانين ميلادية ، وهي نفس السنة التي قدر الله لي فيها الدخول إلى الأردن ، وقد تشرفت بزيارة الشيخ في بيته ، وصارت بعد ذلك لنا مودات وزيارات ولقاءات مع الشيخ في بيته ، وخارج بيته أحياناً ندعوه إلينا ، وأحياناً نأخذ معه زيارات ، وكان الشيخ ربما صلى الجمعة في المسجد الذي كنت أخطب فيه في عمان ، وكنا دائمي الصلة بالشيخ عليه رحمة الله ، وكان للشيخ الفضل - بعد الله عز وجل - علينا في العلم والفقه ، وخاصة في الرفق ، وفي الصبر والنهي عن الاستعجال والتأني ، وعدم استعجال الشيء قبل أوانه ، وكان دائماً يدعو إلي الحلم والرحمة ، وينهى عن الشدة والغلظة والقسوة 0 تعلمنا من الشيخ في الحقيقة كثيرا من الأخلاق ، فضلا عن العلم الذي تعلّمناه منه مما آتاه الله ، ووضع الله له القبول في الأرض . =============== موقع " صيد الفوائد " |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 28 | |||
|
![]() أبو عمير اليماني ![]() وفقه الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه ومَنْ تبِعَهُ بإحسان إلى يوم الدِّين، وبعد: فإليك بعض أقوال الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي مجدد الدعوة السلفية في اليمن ومؤسس [دار الحديث بِـ(دماج) - أكبر صرح علمي سلفي في اليمن] قال الشيخ مقبل الوادعي (رحمه الله تعالى): والألباني خدم السنة خدمة عجيبة (حفظه الله)، فمن أراد أن يبحث ويستطيع فليبحث، ومن لم يستطع وأخذ بتصحيح الألباني فهذا من باب قبول رواية الثقة. وقال الشيخ مقبل الوادعي (رحمه الله تعالى): ومما ينبغي أن يُعلم أن من الكتب التي يُستفاد منها في علم الحديث كتب الشيخ ناصر الدين الألباني، لا ينبغي لطالب علم أن تخلو مكتبته من كتب الشيخ ناصر الدين الألباني غير مقلّد له في المسائل التي يستنبطها، أما إذا قبلت قوله في التصحيح والتضعيف فهو ثقة، لك أن تقبل قوله، وإذا احتطت لنفسك وبحثت عن الحديث وعن صحته وعن ضعفه فهو أفضل، وإن قبِلتَ حُكمَه على الأحاديث فذاك، أما استنباطه وفهمه من كتب الحديث كغيره من العلماء، فإننا نستعين بالله سبحانه وتعالى ثم بفهم الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين وأئمة المذاهب وغيرهم من المؤلفين. قال أبو همام: قلت: ومع هذا فشيخنا رحمه الله تعالى كان يُجلُّ الشيخ الألباني رحمه الله فقد قدم شيخنا لرسالة لبعض طلبة العلم كان يرد على الشيخ الألباني رحمه الله ثم قال في بعض دروسه: (لا أقرظ لأحد يرد عليه). وقال في (7 جماد الأولى 1419 هـ): (إذا رأيتَ الرجلَ يتكلم في ابن باز والألباني فاتهمه على الإسلام). انتهى من (ترجمة الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى) لأبي همام محمد بن علي بن أحمد فرج الصومعي البيضاني. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 29 | |||
|
![]() أبو معاوية البيروتي
![]() وفقه الله بدر التمام في ترجمة الشيخ الإمام للشيخ أبي إسحاق الحويني الشيخ الألباني وإحياء السنة أول معرفتي بشيخنا -رحمه الله- كانت سنة (1395هـ) كنت أصلي في مسجد (عين الحياة) خلف الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله، وبعد انتهاء الصلاة كنت أطوف على البائعين الذين يبيعون الكتب، ففي يوم من الأيام وقفت على كتاب (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التسليم إلى التكبير كأنك تراه) فأخذت الكتاب بيدي وقلبته، ولكنه كان باهظ الثمن، فتركته ومضيت أبحث عن كتاب آخر، فإذا بي أجد كتيباً لطيفاً بعنوان (تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الألباني ) فاشتريته بخمسة قروش، وتصفحته وأنا في طريقي إلى مسكني، فوجدت ما فيه يخالف ما ورثته من الصلاة عن آبائي؛ إذ أن كثيراً من هيئات الصلاة لا تمت إلى السنة بصلة؛ فندمت ندامة الكسعي أنني لم أشتر الآخر. و الكسعي هذا رجل يضرب به المثل في الندم، وقصته أنه كان رجلاً رامياً، وكان لا يخفق في رميه، فرمى بالليل ظباء، فظن أن السهم لم يصب الظباء فكسر قوسه، وقيل: قطع إصبعه، فلما أصبح وجد الظباء ميتة وسهمه فيها، فندم أنه كسر السهم، وصار مثلاً يقال: ندامة الكسعي ومنه قول الفرزدق : ندمتُ ندامةَ الكُسَعِيّ لما غدت منّي مُطلَّقةً نوار فندمت ندماً شديداً أنني لم أشتر ذلك الكتاب، وظللت أبحث عن ثمن الكتاب طيلة الأسبوع حتى وفقني الله عز وجل لشرائه في الجمعة التي بعدها، فلما قرأت الكتاب كنت كما قال القائل: (ألقيت الألواح، ولاح لي المصباح من الصباح) ووجدت نموذجاً فريداً في التصنيف، مع أنني ما كنت أفهم شيئاً قط من الحاشية التي كتبها الشيخ رحمه الله، ولكنني أحسست بفحولة وجزالة لم أعهدها في كل ما قرأته من قبل، فملك عليَّ هذا الكتاب حواسي، وكنت في كل جمعة أبحث عن مصنفات الشيخ ناصر الدين الألباني ، حتى وقفت على كتاب (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة) وقفت على المائة الحديث الأولى، وهذا الكتاب هو الذي فتح عيني وأنار بصيرتي. وكان لهذا الشيخ رحمه الله الفضل ليس عليَّ فقط، ولكن على أبناء جيل الإسلام، فإن هذا الشيخ المبارك كان له من الأثر ما لم يفعله كثير من العلماء، فما من رجل ينسب إلى السنة في هذا الزمان إلا وللشيخ عليه فضل، دق أو جل. ومن بعدها لم أكن أصلي في مسجد عين الحياة خلف الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله؛ لأن الشيخ رحمه الله كان على رغم ما له من فضل، فكل المنتسبين إلى الصحوة هو الذي أجج فيهم نار الالتزام والحمية للإسلام، إلا إن أكثر من ستين أو سبعين بالمائة من الأحاديث التي يذكرها الشيخ رحمه الله كانت من الأحاديث الضعيفة والموضوعة. وللشيخ كشك رحمه الله عذر في ذلك؛ لأنه حفظ أحاديث كتاب (إحياء علوم الدين) لـ أبي حامد الغزالي ، و أبو حامد الغزالي كان تام الفقر في علم الحديث، وكتابه من أكثر الكتب كذباً على النبي صلى الله عليه وسلم، وتستطيع أن تدرك ذلك بالنظر إلى حاشية الكتاب، وإلى تخريج الحافظ زين الدين العراقي المسمى بـ(المغني عن الأسفار في الأسفار بتخريج ما في الإحياء من الأخبار) فإن الحافظ زين الدين العراقي حكم على كل أحاديث هذا الكتاب، وأكثر من ستين أو سبعين بالمائة من أحاديث هذا الكتاب إما موضوع أو باطل أو منكر أو ضعيف أو لا أصل له، والقليل منها صحيح. وقد ذكر الشيخ الألباني رحمه الله في الجزء الأول من السلسلة الضعيفة الأحاديث المشهورة على ألسنة الناس، وإذا بي أفاجأ أن أغلب الأحاديث التي حفظتها من الخطباء في الجمعة تدور ما بين المكذوب على النبي عليه الصلاة والسلام والموضوع والباطل والضعيف والشاذ والمنكر . إلى آخر هذه الأقسام التي هي من نصيب الأحاديث الضعيفة. فعكر عليَّ كتاب الشيخ الألباني هذه الخطب، حتى أنني أصبحت أشك في كل حديث أسمعه، وفي يوم من الأيام سمعت الشيخ يقول على المنبر حديثاً وهو: ( إن الله تبارك وتعالى يتجلى للناس عامة، ويتجلى لـ أبي بكر خاصة ) لأول مرة أشك في حديث أسمعه وأقول في نفسي: ترى هل هذا الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ ومع ذلك فقد انفعلت له لما أسمعه من صراخ الجماهير من حولي إعجاباً واستحساناً. فلما رجعت إلى بيتي نظرت في سلسلة الأحاديث الضعيفة للشيخ ناصر الدين فلم أجد هذا الحديث، فواصلت بحثي فوجدت هذا الحديث في كتاب (المنار المنيف في الصحيح والضعيف) لـ ابن القيم رحمه الله، وقد حكم عليه ابن القيم بأنه موضوع على النبي عليه الصلاة والسلام. وكان قد استقر عندي ببركة القراءة في كتب الشيخ الألباني أن التحذير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة واجب أكيد، فقلت في نفسي: لابد أن أذهب إلى الشيخ وأبلغه أن هذا الحديث مكذوب. وكان للشيخ كشك رحمه جلسات في مسجده بين المغرب والعشاء، فلحقت بالصف الأول حتى أكون في أوائل الناس الذين يسلمون عليه، فسلمت عليه وهمست في أذنه إلى أن الحديث الذي ذكره في الجمعة الماضية وسميته قال عنه ابن القيم رحمه الله: إنه موضوع على النبي عليه الصلاة والسلام، فقال لي الشيخ: بل هو صحيح، وقال لي كلاماً لا أضبطه الآن، لكن خلاصة هذا الكلام أن ابن القيم لم يكن مصيباً في حكمه على هذا الحديث بالوضع، ولم يكن هناك وقت للمجادلة؛ لأن هناك طابوراً طويلاً خلفي، وكلهم يريد أن يسلم على الشيخ ويسر إليه بما يريد. وكان مما حز في نفسي أن الشيخ كشك رحمه الله سألني عن العلة في وضع هذا الحديث، فقلت له: لا أدري. فقال لي: يا بني! تعلم قبل أن تعترض. فمشيت من أمامه مستخزياً، وخرجت من عنده وكلي إصرار أن أدرس هذا العلم، حتى أعلم ما هو السبب في أن الحديث موضوع أو ضعيف أو باطل. فكان من بركات الشيخ الألباني عليَّ وعلى كثير من أمثالي أنني تمذهبت بمذهب أهل الحديث؛ لأن التمذهب بمذهب أهل الحديث بمثابة طوق النجاة، ولم أتقلب يميناً ولا شمالاً، ولا تعدد انتمائي للجماعات المختلفة أبداً، وكان الفضل في ذلك بعد الله للشيخ الألباني رحمه الله. فطفقت أسأل إخواني عن شيخ يدرس هذا العلم، فدللت في ذلك الوقت على شيخنا الشيخ محمد نجيب المطيعي رحمه الله، وكان يعقد هذه المجالس في بيت طلبة ماليزيا، وكان يدرس كتباً أربعة: كان يشرح صحيح البخاري، والمجموع للنووي ، وإحياء علوم الدين للغزالي ، والأشباه والنظائر للسيوطي . فوجدت في هذه المجالس ضالتي المفقودة، ودرست عليه نبذاً كثيرة من علم الحديث، ولكن قلبي متعلق بكتب الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله. الحويني ورحلته إلى الشيخ الألباني حتى منَّ الله تبارك وتعالى بأول رحلة إليه، وكانت في شهر محرم (1407) من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كنت التقيت قبلها بصهره وزوج ابنته الأخ نظام ، فقلت له: إن كان هناك إمكانية للدراسة عند الشيخ وملازمته، فذكر لي أن المسألة في غاية الصعوبة، وأن ملازمة الشيخ مسألة صعبة، ولكن تعال وجرب، فكتبت للشيخ رسالة قلت له فيها كلاماً معناه: (إنني علمت أنكم تطردون الطلبة عن داركم، وأنا عندي أكثر من مائتي سؤال في علل الأحاديث و معانيها، ولست أقنع إلا بجوابكم دون غيركم) أو كلاماً نحو هذا المعنى، وسلمها الأخ للشيخ، وقرأها عليه، وكان مما تألم منه الشيخ في هذه الرسالة كلمة (الطرد). وكنت قبلها قد صنفت ثلاثة كتب، وكانت جميعها قد وصلت إلى الشيخ الألباني قبل أن أذهب إليه، فذهبت في الثاني من محرم، وكان ذلك في سنة (1407هـ)، ونزلت في عمَّان، وكلمت الشيخ بالهاتف، وقد هيأت نفسي على الرضا بالطرد إذا فعل الشيخ ذلك، فباغتني بأن بدأ، فألقى عليَّ السلام، فرددت عليه السلام بمثل قوله، فقال لي: لم تحسن الرد. فقلت: لم يا شيخنا؟! قال: اجعل هذا بحثاً بيني وبينك إذا التقينا غداً. وظللت طوال الليل أتأمل لم أسأت الرد، فهو قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقلت: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ولم أكتحل بنوم حتى أذن المؤذن للفجر، وقررت في نفسي أن الذي يرد السلام يزيد شيئاً على الملقي، يعني: أن أزيد بعد: (وبركاته) لفظ: (ورضوانه) (ومغفرته) ولم أكن وقفت على بحث الشيخ في سلسلة الأحاديث الصحيحة (الجزء الثالث) لماذا؟ لأنه لم يصلنا في ذلك الوقت. وراح عليَّ لقاء الفجر مع الشيخ بسبب أنني نمت قبل الفجر بقليل ولم أستيقظ إلا بعد الفجر، فأخذت منه موعداً آخر بعد صلاة العشاء في يوم الثالث من محرم، فبعد صلاة العشاء التقيت بالشيخ، وإن لساني ليعجز عن وصف شعوري عندما رأيته لأول مرة. وقد كتبت ترجمة للشيخ الألباني سميتها (الثمر الداني في الذب عن الألباني ) وقد نشرت قبل سنتين وحتى هذه اللحظة أشعر أنني عاجز عن وصف الشيخ مع أنني أمهلت نفسي كثيراً حتى أكتب ما شعرت به أول مرة رأيت الشيخ فيها، وكأني رأيت رجلاً من القرون الثلاثة الأول، عليه نضارة أهل الحديث، والشيخ ناصر كان بهي الوجه أبيضه، مشرباً بحمرة، ربعة من الرجال، خفيف اللحية أبيضها -لحيته بيضاء- عيناه زرقاوان، وزرقتهما رائقة كأنها بحر، ثم هو قوي البنية، فلما صافحني صافحني بقوة، وظل قوياً إلى آخر حياته رحمه الله، وكان شاباً فتياً بهمته، وكان يقود السيارة بسرعة عالية، ويحكي لي بعض الإخوة الذين كانوا يذهبون معه إلى العمرة بسياراتهم، فكانوا يتبادلون القيادة، فكان الشيخ أكثرهم قيادة، وكان التعب والملل يدركهم، وأما الشيخ فكان يقود سبع ساعات متواصلة لا يمل ولا يكل، مع ما كان عليه من الشيخوخة وكبر سنه. وفي الحقيقة أني لما رأيته تذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( نضر الله امرأ سمع منا مقالة فوعاها، فأداها كما سمعها ). قال ابن حبان رحمه الله بعد رواية هذا الحديث: (وإني لأرجو أن تدرك بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم كل من نقل عنه حديثاً، فترى تلك النضرة في وجهه) ولقد كانت نضرة الحديث على وجه الشيخ باهرة ظاهرة. فلما اقتربت منه -اقتربت منه على حذر؛ لأن له هيبة شديدة- ففوجئت بأنه يعانقني وكان لقاءً حاراً، ولم أتوقع أن يتلقى الشيخ تلميذاً صغيراً بمثل هذه الحفاوة، فتكلمت معه ساعتين، وكانت هذه هي أول جلسة مع الشيخ الألباني رحمه الله، وبعد هذه الجلسة تنحيت به جانباً وأخبرته أنني لم أخرج من بلدي إلا للقائه والاستفادة من علمه، فلو أذن لي أن أخدمه، وأكون معه سنداً له أقضي له حاجياته، فاعتذر بعدم وجود الوقت الكافي، فقلت له: إذاً أعطني قليلاً من الوقت أسألك عن الأسئلة التي جئت من أجلها، فاعتذر أيضاً؛ لضيق وقته. فقلت له: أعطني شيئاً من وقتك ولو كان قليلاً، فاعتذر أيضاً؛ فأحسست برغبة حارة في البكاء، وأحسست أن رحلتي ضاعت، وأنا لم أخرج من بلدي إلا بأعجوبة، وكان حلماً لا أستطيع تحقيقه، فخروجي إلى الأردن كان معجزة، فقد كابدت فيه الأهوال وذقت المر حتى وصلت إلى الشيخ الألباني . فقلت له -وقد خنقتني العبرة-: يا شيخنا! والله ما خرجت إلا لطلب العلم، فإن كنت أخلصت نيتي؛ فإن الله عز وجل سيفتح لي، وإن كانت الأخرى فحسبي عقاباً عاجلاً أن أرجع إلى بلدي بخفي حنين، وسأدعو الله عز وجل. فافترقنا ولم أذق طعم النوم في تلك الليلة، وكاد رأسي أن ينفجر من الصداع. فلما صليت الفجر معه في اليوم التالي قابلني، فصافحته وقبلت يده، فقال لي مبادراً: لعل الله استجاب دعاءك. ففرحت فرحاً عظيماً بأن الشيخ رحمه الله قد سمح لي بالجلوس، وأنه سيأذن لي بالاستفادة منه وسؤاله. الألباني ورحلته إلى بلاد الشام فكان من جملة فوائد الرحلة أنني سألته عن ترجمة لحياته، ولا أعلم أحداً سبقني إلى هذه الترجمة إلا الأخ محمد بن إبراهيم الشيباني ، وهو أحد إخواننا من الكويت، وقد ألف في ذلك كتاباً وهو (حياة الألباني ) ويقع في مجلدين، وهذا هو الذي سبقني في سؤال الشيخ الألباني ولكن لا أعلم أحداً سبقني في تسجيل حياة الشيخ رحمه الله بتوضيح، وهذه الترجمة موجودة في خمسة أشرطة. فحياته رحمه الله -كما سردها لي- أنه ولد عام (1914م) أي: أن الشيخ الألباني رحمه الله توفي عن خمس وثمانين سنة. قال: وكنا في ألبانيا، وكان الحاكم أحمد سوغو بدأ يفرض على الألبانيين (القبعة) بدلاً من العمامة، وكان يضايق النساء في لباسهن، وكان والد الشيخ الألباني رحمه الله شيخ الحنفية في بلده، وكان هو المفتي الذي يرجع إليه، فلما رأى والده هذا النذير -نذير الشؤم- بفرض (القبعة) بدلاً من العمامة، وهذا هو شأن العلماء النابهين، فالمسألة ليست مجرد عمامة أو قبعة كما يتصور بعض الناس الذين يهمشون المسائل الخطيرة، ويقولون: المهم القلب لا، فالعمامة مظهر إسلامي والدين الإسلامي أصيل، بينما القبعة من أزياء أعدائنا، والقبعة إنما توضع على الرأس، وأعلى ما في المرء رأسه، فأنت حين تضع شيئاً على رأسك فكأنما وضعت عنواناً، وأعلى ما فيك هو الرأس، فلا يرى الناس إلا (القبعة). وهذه الغفلة قد سرت إلى بلادنا، وحتى في بعض الناس الذين يوصفون بالالتزام، فتجد ابنه يلبس (فنيلة) -مثلاً- عليها العلم الإمريكي، ويوضع العلم على صدر أبنائنا، وأنت تعلم أنه لا يوضع على الصدر إلا الوسام، فعندما أضع علم عدوي اللدود على صدر ابني، فكأنني أعطيته وساماً، أو يكون على ظهره، والولد يتحرك ليلاً ونهاراً وهو يرفع العلم الأمريكي مجاناً، ويصير لون العلم لوناً مستأنساً بالنسبة له، وليس غريباً، وهذا له تأثير خطير في مسألة الانتماء. فالمسألة ليست مسألة قماش يوضع على الرأس وإنما هو رمز تحمله، وأنت ترى كل دولة لها علم يرفرف باسمها، تكون حريصة على أن يظل العلم مرفوعاً، وأكبر جريمة أن شخصاً يمسك هذا العلم وينظف به الحذاء؛ لأن هذا يدل على أنه ليست له قيمة عنده. فلما رأى والد الشيخ الألباني هذا قرر أن يرحل إلى بلاد الشام لما كان قد قرأه من الأحاديث في فضائل الشام عامة وفي فضائل دمشق خاصة، فرحل إلى دمشق واستوطنها، وكان عمر الشيخ الألباني آنذاك تسع سنوات، ولم يكن يعرف عن العربية شيئاً، فبدأ تعليمه في جمعية اسمها ( جمعية الابتعاث الخيري ) وكان كما يقول: كأن الله عز وجل فطرني على محبة اللغة العربية، فتفوقت على أقراني من العرب السوريين من أول سنة، وقال: وأخذت الابتدائية في سنتين، وكان المدرس يعير الطلبة السوريين بي؛ لأنني رجل أعجمي، ومع ذلك أتقنت العربية خلال سنتين. ولم يواصل الشيخ رحمه الله تعليمه فخرج من المدرسة، وكان أبوه يمارس مهنة تصليح الساعات، فلما خرج من المدرسة بدأ يعمل مع خال له، وكان نجاراً يصنع البيوت التي سقفها من الخشب على نحو ما هو موجود في باريس. قال: فجئت ذات يوم مبكراً. فقال: ما جاء بك؟ فقلت: لأعمل، فقال: هذه المهنة لا تصلح لك، تعال معي، وبدأ الشيخ ناصر الدين رحمه الله يعمل مع والده في تصليح الساعات، حتى برع فيها، وكان الشيخ رحمه الله يقول: إن مهنة تصليح الساعات علمتني الدقة. وهو حقاً كان دقيقاً جداً، فعندما ذهبت إليه في بيته إلى (الفيلا) التي يسكن فيها في مازدا الجنوبية في الأردن، ودخلت الحديقة لمست أثر مهنته عليه. شدة الشيخ الألباني على المخالفين للدليل فالشيخ ناصر مشهور عند الناس أنه صارم، نعم كان الشيخ صارماًً؛ لأن أكثر الذين خالطوه ما كانوا يتأدبون مع الدليل، ولا أقول: يتأدبون معه؛ فالشيخ لم يكن يهتم بذلك، وقد رأيت أناساً في مجلس الشيخ الألباني وأحدهم نائم على ظهره وهو واضع إحدى رجليه على الأخرى أمام الشيخ الألباني ! وآخر قدمه موجهة إلى وجه الشيخ الألباني . وأما أن يعترض أحدهم على الشيخ بعد ظهور الدليل، ويجادل بالباطل، فكان يصير قاسياً جداً. بعض إخواننا أراد أن يناظره في مسألة في (كتاب المحلى) فجمع بحثاً وذهب إلى الشيخ ناصر وظن أنه سيقيم عليه الحجة، وقد سمعت الأشرطة، ولما سمعتها تعجبت من طريقة الشيخ الألباني في إقامة الدليل وإقامة الحجة، ولقد سأله عن أشياء في بحثه لم يستطع أن يرد عليها، وجعل يناظره فيها، وكانت المناظرة حامية جداً، فعندما أحرج الأخ قال وهو يسأل الشيخ: يا شيخنا! قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس منا من لا يرحم صغيرنا )، فكانت لفتة طيبة، فضحك الشيخ ناصر ضحكة تشعر أنها من القلب، قال له: هات ما عندك. رقة الشيخ الألباني في آخر حياته ورؤيا رؤيت له فالشيخ الألباني كان صارماً، ولكن في المناظرات مع المخالفين، ولكنه كان رقيقاً جداً في آخر حياته، وغلب عليه الزهد، ورق قلبه كثيراً، وكان سريع الدمعة في آخر حياته، وقد حدثني إخواني كثيراً عنه، وسمعته في أشرطة مع أخت جزائرية اتصلت به، وقالت: يا شيخ! أنا رأيت في المنام أنا وأخت لي -وكنا في شرفة- أن النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الطريق، وبعد ذلك بقليل رأيت شيخاً يمشي خلفه، فسألتني صاحبتي: من هذا؟ قلت: الشيخ الألباني ، فرأيتك تمشي خلف النبي صلى الله عليه وسلم على نفس الطريق. فالشيخ لم يتمالك نفسه من البكاء، وبكى وانتحب بصوت عال، وفض المجلس الذي كان معقوداً آنذاك لطلبة العلم في بيته أو في بيت أحد إخوته، فكان سريع الدمعة غزير العبرة في آخر حياته. نسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم الشيخ الكبير، وأن يجزيه عما فعل من تنقية لسنة النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة، ومن تعظيم الدليل، ومن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، أن يجزيه عنا خير الجزاء، وأن يخلف على المسلمين في مصابهم الجلل، لاسيما وقد فقدنا ركناً رشيداً أيضاً بوفاة شيخ جليل قبل أربعة أشهر وهو سماحة شيخنا الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله، فمات أكبر علمين من علماء المسلمين في هذا العصر، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم من مضى، وأن يبارك فيمن بقي. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين. الشيخ الألباني والتمذهب وكان من الأسئلة المهمة التي سألتها الشيخ في هذا اليوم سألته عن التمذهب؛ لأنه شاع بين الناس أن الشيخ ناصر الدين الألباني يحارب المذاهب الأربعة، ويحارب التقليد، وكانت -في الحقيقة- شائعة قوية جداً وصلتنا إلى مصر، وكنت أريد أن أعرف رأي الشيخ فيها، فلما تكلم الشيخ في هذه المسألة تكلم بكلام هو الذي عليه الأئمة الأربعة، فالشيخ ناصر لا يقول للمسلمين: لا تتمذهبوا وإنما يقول: لا تتخذوا المذهب ديناً، بمعنى: أن تجمد على المذهب، وإذا علمت الحق في غيره تقول: لا، أنا لا أخالف المذهب، فهذا هو الذي كان الشيخ ناصر ينكره، وقد أنكره العلماء المتقدمون، وتبرءوا من مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم أحياءً وأمواتاً، وقالوا قولتهم المشهورة: ( إذا صح الحديث فهو مذهبي). فالشيخ ناصر كان يقول: إذا كنت أنا شافعي المذهب، وظهر الحق في المسألة عند المالكية أو الحنابلة أو الحنفية، فليس معنى ذلك على الإطلاق أن أجمد على مذهبي وأقول: أنا شافعي ولا أخالف المذهب، وأترك الحق الذي قامت عليه الدلائل وأخالفه. فالشيخ ناصر كان يحارب هذا أشد المحاربة، كما كان الأئمة المتقدمون أيضاً يحاربون هذا أشد المحاربة. قال رجل للشافعي رحمه الله: (إذا جاءك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالف قولاً لبعض العلماء الذين من قبلك، أتأخذ بالحديث؟ قال: فصاح الشافعي وعلا صوته وغضب وقال: تراني في كنيسة؟! تراني في بيعة؟! ترى على وسطي زناراً؟! إذا قلت بقول على خلاف الحديث فاعلم أن عقلي قد ذهب). فالأئمة كلهم كانوا يحذرون من مخالفة النبي عليه الصلاة والسلام، فجاء الشيخ الألباني وأخذ هذا ومضى على نفس المنوال، ولكن الحياة العلمية كانت جامدة، وقد كان الناس ركنوا إلى التقليد، وأصحاب المذاهب كلهم لا يتركون المذهب، حتى لو كان على خلاف الحديث الصحيح، بل كانوا يأخذون بفتاوى بعض المتأخرين التي لا يجوز أن تكتب في كتب الفقه أبداً، فمثلاً هناك كتاب من أهم كتب الأحناف المتأخرة ذكر فيه الإمامة في الصلاة ومن أحق الناس بها، ووصل به الحال أن يقول بعدما يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فأكبرهم سناً، فأقدمهم هجرة، فأجملهم زوجة، فأكبرهم رأساً، فأصغرهم عضواً! وهذا مكتوب في كتب الفقه، فهل هذا الكلام يكتب في كتب الفقه ويكون عمدة؟! (أجملهم زوجة) ولا يتأتى هذا إلا إذا كشفنا عن وجوه النساء وقلنا: أجمل واحدة هي امرأة الشيخ الفلاني، إذاً فهو الذي يؤم الناس، ولماذا أجملهم زوجة؟ قالوا: هذا يدل على أنه عفيف. ولا ينظر إلى النساء لأنها تكفيه، فهل يعقل هذا الكلام؟! وهل هذه الآراء تسمى فقهاً؟ وهناك كثير من الآراء التي لا تصل في الفساد إلى هذا، ولكنها آراء تعتمد على أحاديث ضعيفة موضوعة ومنكرة باتفاق علماء الحديث، ومع ذلك جاء الفقهاء الذين لا يعلمون الصحيح من الضعيف، فأسسوا عليها أقوالاً وأحكاماً فقهية، ولقد وقف الشيخ ضد هؤلاء وقفة قوية صامدة، ولذلك فإن أعداءه كثيرون، لماذا؟ لأنه فل جموعهم بالحجة القوية البالغة. فالشيخ ناصر لا يقول: بأنه لا يجوز لأحد أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة، بل يقول: تمذهب، ولا بأس أن تتخذ المذهب وسيلة لدراسة الفقه، ولكن إذا علمت أن الحق في مذهب آخر فإنه يجب عليك أن تتبع الحق مهما كان. ولقد سألته: أي المذاهب تختار -أي: لو أن هناك طالب علم أراد أن يدرس الفقه ويتخذ المذهب سُلماً لدراسة الفقه، مع الشرط الذي ذكرناه، وهو أنه إذا علم الحق في مذهب آخر فيجب عليه أن يتبع الحق حيث كان. قلت له: فأي المذاهب تفضل لطالب العلم؟ قال: المذهب الشافعي، هو أثرى المذاهب جميعاً، ثم المذهب الحنبلي، ثم المذهب المالكي، ثم المذهب الحنفي، وهذا مع رعاية الدليل والنظر إليه. تواضع الشيخ الألباني وبساطته فلما كان في اليوم الثاني لم يأت الشيخ الألباني رحمه الله لصلاة الفجر، وكان يأتي من على بعد (خمسة عشر كيلو) ليصلي في هذا المسجد الذي كان يؤخر الصلاة نصف ساعة، وكان الشيخ الألباني يرى أن الصلاة تصلى قبل الوقت بحوالي نصف ساعة في بقية المساجد، فكان لأجل هذا يأتي من سكنه إلى هذا المسجد ليصلي فيه. فالشيخ لم يأت لصلاة الفجر في هذا اليوم، فخشيت على ضياع هذا اليوم بلا استفادة، فقررت أن أذهب إليه، فاستشرت إخواني فأجمعوا ألا أذهب، وقالوا: الشيخ لا يفتح الباب لأحد ليس له موعد سابق. وأنت بعد المكانة التي وصلت إليها لا يليق بك أن يقول لك: ارجع، فلا عليك أن يضيع عليك اليوم، ولكن لا تحرج نفسك، وكذلك رفيقي في هذه الرحلة، استشرته قلت: ما رأيك؟ قال: أنا رأيي أن تذهب، فقوى من عزمي أمران: الأمر الأول: أن صاحبي -الذي كان معي- أشار عليّ بالذهاب. الأمر الثاني: أنني تذكرت وقتها قصة وقعت لـ ابن حبان مع شيخه ابن خزيمة ، وذكرها ياقوت الحموي في مادة (بست) -المدينة التي كان منها ابن حبان البستي - فلما ذكر مدينة بست، وذكر من فيها من العلماء ذكر ابن حبان وذكر له هذه الواقعة مع شيخه كليب، أما ابن حبان رحمه الله كان بعثه لسفر لهما، وكان ابن حبان يكثر من سؤال ابن خزيمة ويخزيه، فسأله سؤالاً: فقال له ابن خزيمة : يا بارد ! تنح عني -أي: اتركني- قال: فكتبها ابن حبان (يا بارد تنح عني)، فقالوا له: أي فائدة في هذه العبارة؟ قال: لا أدع لفظة تخرج من فم الشيخ إلا كتبتها. فأنا قلت: ومالي لا أفعل مثلما فعل ابن حبان ، وحتى لو قال لي: ارجع كما قال ابن خزيمة لـ ابن حبان لعددت هذه من فوائد هذا اليوم، وانطلقنا، وكانت المفاجأة أنه الذي فتح الباب واستقبلنا هاشاً باشاً، وجلسنا في حديقة منزله. وأنا أوصي إخواننا المتصدرين للدعوة أن يتبسطوا في معاملة الغرباء، فأنت لا تعلم ظروف هذا الغريب، ولا تدري كيف وصل إليك. فأجلسنا الشيخ وأصر على أن نفطر معه، فكان يأتي بالطعام، فكنت أريد أن أقوم بمساعدته، فكان يأبى عليَّ ويقول: اجلس. فأقول: يا شيخ! هذا من سوء الأدب أنني أجلس وأنت الذي تخدمني. فقال لي عبارة حفرت في ذهني قال: (الامتثال هو الأدب، بل هو خير من الأدب) الامتثال: أي أن تمتثل أمره، أفضل من سلوكك الذي تظنه أدباً؛ لأن الطاعة والامتثال هنا هي الأدب بعينه. ومرة شخص من الذين يقولون: أشهد أن سيدنا محمداً رسول الله في التشهد والأذان جرى بيني وبينه مناقشة، فقلت: إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعلم الصحابة التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن، وكل صيغ التشهد ليس فيها (سيدنا) أبداً، وهو سيدنا بلا شك، ولكن علينا أن نقف عند حدود ما علمنا، فقال: لا، الرسول كان لا يقول: سيدنا؛ لأنه كان متواضعاً. فقلت له: حسناً الصحابة بعدما مات النبي صلى الله عليه وسلم هل ظلوا على سوء أدبهم معه صلى الله عليه وسلم؟ ولماذا لم يقولوا: أشهد أن سيدنا محمداً رسول الله؟! فأحد الذين معه قال: يا أخي! يقول الرسول: ( لا تسيدوني في الصلاة )، وهذا حديث لا أصل له، وتصحيح الكلمة: (لا تسودوني) من السؤدد، فانظر إلى سيء الأدب، الذي ليس عنده رائحة الأدب بماذا يرد، يقول: هو قال: لا تسيدوني وأنا سأسيده. إذاً هذا سيئ الأدب؛ لأنه إذا سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تسيدوني في الصلاة ) فلا يجوز لأحد أن يخالف أمره؛ لأنه إذا خالف أمره لم يدع له اعتباراً، فمسألة الوقوف عند الأمر والنهي هي التي تبين أن الإنسان يجعل للآمر الناهي اعتباراً عنده. فكان يقول: (الامتثال هو الأدب، بل هو خير من الأدب) وكان هذا اليوم هو أفضل أيام الرحلة على الإطلاق، ففيه تلطف الشيخ رحمه الله، ولقد كنا متعودين من الشيخ الألباني الصرامة العلمية في الكلام، ولا تحس أن فيه لطفاً ووداً، والأشرطة التي سجلتها في ترجمة الشيخ ناصر فيها أن الشيخ ضحك وتبسم، حتى إن الشيخ محمد إسماعيل المقدم حفظه الله لما سمع الأشرطة في أول مرة قال لي: كنت أتمنى أن تحذف ضحكات الشيخ الألباني . فقلت له: لماذا؟ قال: لأننا ما تعودنا هذا من الشيخ، ونحن متعودون أن نسمع كلاماً علمياً، وما تعودنا على مسألة الرقة ومسألة الضحك. علاقة الشيخ الألباني مع طلابه الغرباء وقد كنت أصحبه في زياراته فكان يقدمني لعلمه بأنني غريب، وكان يواسيني، ومرة دعاه جماعة من الأثرياء في منطقة جبل عمان، وهذه المنطقة يسكن فيها الناس الأثرياء، فقلت له: يا شيخنا! هل يمكن أن أصحبك؟ قال: نعم، انتظرني تحت الجسر الفلاني في الساعة الفلانية، وكان دقيقاً في مواعيده، فجاء وكان معه زوجته أم الفضل في الكرسي الخلفي، فجلست بجانبه وشعرت بالحرج أنني أركب معه وامرأته في السيارة، فلاحظ ذلك فجعل يسري ذلك عني ويسألني عن حياتي الشخصية، مثلاً: (هل تزوجت؟ هل عندك سيارة؟ موديل كم؟ كيف تعلمت القيادة؟ وفي كم أيام تعلمتها؟ كيف تأكل؟ وكيف تشرب؟ ومن أين تكسب قوتك؟) لا تتصور كيف كان وقع هذا الكلام وما له من الأثر عليَّ! وأنت إذا شاء الله سبحانه وتعالى وجعل لك في القلوب مكاناً، وجعل لك في الأفئدة وداً فأعظم ما ترقق به هذا الود أن تهتم بالحياة الشخصية لمريدك، فلا تجعل العلاقة بينك وبينه علاقة محاضرة أو تدريس كتاب لا، ليس هذا هو الذي يربطك به، والنبي صلى الله عليه وسلم كان كثيراً ما يهتم بمثل هذا، ولعلكم تعلمون الحوار الذي دار بينه وبين جابر بن عبد الله الأنصاري لما رجع هو و جابر من غزوة من الغزوات بعدما أعيا جمل جابر ، فجعل يقول له: ( ما أعجلك يا جابر ! قلت: يا رسول الله! أنا حديث عهد بعرس. قال: بكراً تزوجت أم ثيباً؟ قال: قلت: بل ثيباً، قال: فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك! فقلت: يا رسول الله! إن أبي ترك لي تسع نسوة حمق، فكرهت أن آتيهن بحمقاء مثلهن، فقلت: هذه أجمع لأمري وأرشد. قال: أصبت. قال: ما ترك عبد الله من الدين؟ قلت: يا رسول الله! ترك ألف ألف وسبعمائة ألف، -على والده عبد الله بن حرام (مليون وسبعمائة ألف درهم)- فسأله: كيف سيرد هذا الدين؟ قال: إن عندنا حائطاً -بستاناً- فيه نخل. فقال صلى الله عليه وسلم: إذا جاء جذاذ نخلكم فأتني -إذا طلع الثمر فادعني- ثم قال له: بعني جملك يا جابر . فقال: هو لك يا رسول الله. قال: لا، بعنيه. قال: هو لك. قال: بعنيه. فباعه بثنتي عشرة أوقية، واشترط ظهره إلى المدينة -أي: بشرط أن يركبه مجاناً إلى المدينة- فلما وصلوا إلى المدينة ووصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته جاء جابر بالجمل إلى النبي، فقال له: خذ الجمل والدراهم ) إنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يسهم في قضاء دين عبد الله بن حرام والد جابر بن عبد الله . فكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يفعل ذلك، فمثلاً: قال يوماً في مجلس فيه عمر بن الخطاب : ( دخلت الجنة البارحة -أي: في المنام- فرأيت قصراً، ورأيت على القصر جارية تتوضأ -في بعض الروايات: جارية وضيئة تتوضأ- فقلت: لمن هذا القصر؟ فقيل: لـ عمر ، قلت: ومن هذه؟ قيل: جارية لـ عمر . قال: فلما ذكرت غيرتك وليت مدبراً. فبكى عمر وقال: يا رسول الله! أعليك أغار؟! ) فمثلك في وفائه لأصحابه حتى في المنام لا يغار منك، فقد كان رسول الله وفياً لأصحابه حتى في المنام، قال: ( فلما ذكرت غيرتك وليت مدبراً ). وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة : ( بينما رجل يسوق بقرة إذ ركب عليها، فالتفتت إليه البقرة وقالت: ما لهذا خلقنا، إنما خلقنا للحرث. فقال الناس: سبحان الله بقرة تتكلم! فقال صلى الله عليه وسلم: فإني أومن بهذا أنا و أبو بكر و عمر ، وليسا ثم -أي: لم يكونا موجودين في المجلس- قال: وبينما راع في غنمه إذ عدا الذئب على غنمه فأخذ شاة، فطلبه الراعي حتى أخذها منه، فأقعى الذئب على ذنبه وقال للراعي: أما تتقي الله؟! تأخذ مني رزقاً ساقه الله إليَّ؟! فقال الراعي: ما رأيت كاليوم عجباً: ذئب يتكلم! وقال الصحابة: سبحان الله ذئب يتكلم! قال: فإني أومن بهذا أنا و أبو بكر و عمر ). فهذه المحاورة التي جرت بيني وبين الشيخ كنت أحس فيها بالدهشة، فالأصل أنك إذا رأيت الرجل مندهشاً مستغرباً أن تسكن من روعه. وقال لي: كم عندك من الولد؟ وكانت ابنتي الأولى -التي رزقت بها- رزقت بها قبل أن أسافر بيومين، فقلت له: رزقت ابنة. قال: ما اسمها؟ قلت: سلمى . قال: سلمها الله. فاستبشرت بيني وبين نفسي لعل دعوة الشيخ تدركها، وظل يسألني في ذلك حتى وصلنا إلى الباب، فقال لي: أنا أعلم حرصك على السؤال، ولكن أنا وأنت ضيوف، وليس من الأدب أن تنتزع الوقت لنفسك من صاحب البيت، ولكن إذا انتهى من الأسئلة فلا بأس؛ فهو يعلم أنني جئت من بلدي وأنا حريص على طلب العلم، فيرشدني ويدلني كيف أستثمر الوقت، وفعلاً لم يسأل صاحب البيت غير سؤال واحد؛ لأن صاحب البيت كان يريد أن يحظى ببركة دخول الشيخ عنده وزيارة الشيخ لبيته، وكان هذا اليوم من أظرف الأيام التي قضيتها. الشيخ الألباني في المكتبة الظاهرية قال: وخرجت من البيت وليس معي درهم ولا دينار، ولا أدري إلى أين أذهب، حتى استأجرت من بعض إخواننا، وكان الشيخ الألباني رحمه الله له أيضاً دروس يعقدها في دمشق، وكان يشرح في تلك الأيام كتاب (زاد المعاد) لـ ابن القيم ، وكان من ثمرة تدريسه هذا الكتاب الذي وضعه على زاد المعاد باسم (التعليقات الجياد على زاد المعاد) خرج فيه أحاديثه، ونقحه، واعترض عليه في بعض المسائل وأدلى بحجته، وما لم يظهر دليله أظهر دليله، ولكن الشيخ -كما أخبرني- لم يتم هذا الكتاب ولم يطبعه حتى الآن. ودرَّس أيضاً كتاب الباعث الحثيث في شرح اختصار علوم الحديث للشيخ أحمد شاكر رحمه الله. قال: وتزوجت ولم يساعدني أبي بشيء إلا بمائتي (ليرة) سورية، قال: ولكني كنت دقيقاً في مهنتي فبسط الله علي الرزق، فكثرت الزبائن وتحسن الحال. ثم بدأ الشيخ يرتاد المكتبة الظاهرية، والمكتبة الظاهرية تساوي دار الكتب المصرية، فهي مكتبة عامرة بنفائس المخطوطات النادرة، فكان يذهب إلى هذه المكتبة ويمضي يومه كاملاً إلى وقت متأخر من الليل، حتى إن الموظفين في المكتبة إذا أرادوا كتاباً ولم يعلموا بمكانه كانوا يسألون الشيخ الألباني عنه وهم الموظفون المختصون بالمكتبة! حتى وصل به الحال إلى أن أخذ مزية لا أعلم أحداً في الدنيا أخذها غير الشيخ الألباني ، وهي أن مدير المكتبة الظاهرية أعطاه مفتاح المكتبة، مع أنها مؤسسة حكومية، وأنت تعلم أن المخطوطات ثمينة، فالمخطوطة الواحدة تباع بمليون (جنيه) وهذه المخطوطات هي تراث أمتنا الذي جاء المستعمرون وسرقوه ومضوا، والحملة الفرنسية لما أتت شغلونا بالكلام الفارغ، يقولون: اللغة الهيروغليفية ! ماذا فعلت لنا هذه اللغة؟ عرفنا ماذا كان يأكل القدماء، وماذا كانوا يشربون، وكيف كانوا ينامون فما قيمة هذا الكلام؟ ولكن المستعمرين لما رحلوا إلى فرنسا سرقوا آلاف المخطوطات معهم وذهبوا لينصبوا المكتبات في باريس، ويوجد في العالم مئات المكتبات التي تضم آلاف المخطوطات الإسلامية. فمدير المكتبة الظاهرية أعطى الشيخ ناصر الدين الألباني المفتاح، وأعطاه غرفة خاصة في المكتبة، ولم يشغل نفسه كثيراً بالبحث عن القوت. فيا ليت طلاب العلم يتأسون به في ذلك، فالشيخ ناصر الدين الألباني لم يصل إلى هذه الرتبة بسهولة، إنما وصل إليها بعد جهد جهيد وعناء شديد وعزم لا يلين. الشيخ الألباني وتجرده للحق وبعض ما لقي من الإيذاء وكان هذا العزم واضحاً حتى في تصميمه على آرائه الشكلية التي خالف فيها الناس، فعندما كان يقتنع بمسألة فقهية فلا يتركها أبداً إلا إذا ظهر له دليل آخر يرجعه عنها، حتى ولو أوذي بسببها، وهذا فيه دلالة على صلابة الشيخ رحمه الله في الحق، وحسبك أنه مع نباهته ومع شدة تأثيره في الناس عاش غريباً إلى أن مات، فالشيخ الألباني قبل أربع سنوات كاد أن يطرد من الأردن بسبب فتوى له حرفتها بعض الجماعات الإسلامية ممن يسيطرون على مجلس الأمة الأردني، وزعموا أن الشيخ الألباني يوجب على الفلسطينيين الهجرة من فلسطين وتركها لليهود. وحتى أن بعض إخواني سمع هذه الفتوى في إذاعة إسرائيل، فالمذيع في إذاعة إسرائيل ذكر الشيخ الألباني وترجم له ترجمة لطيفة وظريفة وقال: إنه أكبر محدث في العالم الإسلامي، وقد أفتى بوجوب هجرة الفلسطينيين من فلسطين. مع أن الشيخ الألباني ما أفتى بذلك، وإنما الفتوى خرجت على مقتضى السؤال الذي وجه إليه، وأنت تعلم أن العالم أسير السؤال، والجواب إنما يخرج على مقتضى السؤال. السؤال الذي سمعته بأذني من السائل أنه قال للشيخ: إننا نعاني من الاضطهاد في الأرض المحتلة، ونخاف على أنفسنا، حتى لا يستطيع الواحد منا أن يقيم الصلاة في المسجد خوفاً على أهله؟ فقال له الشيخ: إذا لم تستطع أن تقيم الصلاة فيجب عليك أن تهاجر، فإن هذا النوع من الهجرة أوجبه جميع علماء المسلمين، وهذا النوع لم ينقطع: الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، ومن بلاد المعصية إلى بلاد الطاعة، ومن بلاد البدعة إلى بلاد السنة، فهذه الهجرة الواجبة ينبغي على المسلم أن يسعى إليها ولا تسقط عنه إلا بعجزه عن الهجرة. فالجواب واضح، قال: إذا عجزتم عن عبادة الله فاخرجوا من دياركم وارجعوا إليها فاتحين. وكاد الشيخ رحمه الله أن يطرد بسبب هذه الفتوى، لولا تدخل بعض كبار تلاميذه، مثل الشيخ: أبي مالك محمد بن إبراهيم الشقرة ، وهو مدير المسجد الأقصى في الأردن، وخطيب مسجد صلاح الدين ومن أفضل تلاميذ الشيخ ومن أشدهم وفاءً له، وكان هذا الشيخ له حظوة عند الملك حسين ، ودخل إلى الملك حسين أكثر من مرة، بل ما دخل الشيخ الألباني الأردن إلا بضمان الشيخ أبي مالك ؛ لأنهم رفضوا أيضاً استقباله في الأردن، وظل الشيخ ثلاثة أشهر على الحدود لا يدري إلى أي بلد يدخل؛ لأن كل بلد ترفض دخوله. ولما عقد مؤتمر السنة والسيرة النبوية عام (1400هـ) هنا في مصر دعي إليه كل الناس إلا الشيخ الألباني ، مع أن أغلب هؤلاء المؤتمرين الذين حضررا المؤتمر ليس لهم أي جهد يشكر في خدمة هذه الأمة فيما يتعلق بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف لا يدعى مثل هذا الشيخ العظيم؟ وظل هذا التجاهل الرسمي للشيخ الألباني حتى العام الماضي، فأعطوه جائزة الملك عن خدمة الحديث، وهو الذي شرف الجائزة، والجائزة لم تشرفه يوماً من الأيام، ولقد ظل الشيخ يخدم السنة أكثر من ستين عاماً وهو إمام للسنة وإمام للعقيدة وإمام في الفقه وفي تعظيم النبي، وظل رد الفعل الرسمي هذا ضعيفاً جداً، ولكن الله عز وجل جعل له من المحبة في قلوب المسلمين ما ظهر مقتضاه حين مات، فيوم موته كانت فجيعة، وكثير من الناس لم يصدق أن الشيخ الألباني رحمة الله عليه مات، ولقد وصلت كتبه إلى آخر مكان في الدنيا، وجعل الله تبارك وتعالى لها القبول في الأرض، ورزقه الله عز وجل حسن التصنيف، بحيث أنه لو عرض مسألة ما، فإنك تقتنع بها ولو كان الشيخ مخطئاً فيها، وإنك إذا قرأت كلامه وقع في قلبك أنه الحق، وهذا لم يبدع فيه إلا قليل من أهل العلم ممن رزق حسن العبارة في التصنيف. فالشيخ رحمه الله ظل غريباً، ولم يتحرك بعز الدولة -أي دولة- إلى أن مات، وكان رأيه في حرب الخليج رأياً واضحاً، وقد أوذي بسببه أيضاً، ولم يتراجع فيه لأنه يعتقد أنه الحق في المسألة. والشيخ الألباني رحمه الله كان إذا اعتقد مسألة أنها حق لا يفارقها أبداً ولو أدى ذلك إلى حرمانه من سكنى آمنة، أو إلى طرد من البلد، وكان ذلك أيضاً سبباً في محنته لما سجن في سوريا فإنه كان متزعماً للتدريس، وجمع الله عز وجل حوله الأفئدة، وكان رجلاً نابهاً، قال لي: كان عندي سيارة قديمة وكنت أطوف سوريا كلها بهذه السيارة، ومرة اختلف إخواني السلفيون في حلب -وكان هو يسكن في دمشق- فقالوا: إن لم تتدارك إخوانك تفرقوا. وذهب إلى هناك وسهر الليل كله، وظل هناك أكثر من أسبوع حتى فصل النزاع بين إخوانه ورجع. فكان قد أوقف حياته كلها لهذه الدعوة المباركة، ولما سجنوه استثمر وقته في السجن وأخرج لنا كتاباً وهو (مختصر صحيح الإمام مسلم رحمه الله) درس الكتاب دراسة دقيقة، وجرد الكتاب من أسانيده، وجمع وضم الروايات بعضها إلى بعض، وأخرج مختصر صحيح مسلم بقلمه، ولا أظن أن هذا الكتاب قد طبع حتى الآن. والذي طبع هو مختصر صحيح مسلم بتحقيق الشيخ الألباني ، أما (مختصر صحيح مسلم) للشيخ الألباني نفسه فلم يطبع. الشيخ الألباني وبداية الطريق إلى علم الحديث أول مرة يبدأ الشيخ ناصر فيها يقرأ في علم الحديث، كان سببها أنه قرأ مقالةً في مجلة المنار التي كان يصدرها آنذاك الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله، وكان الشيخ محمد رشيد رضا استوطن أهله الشام، ثم رحل إلى مصر، وأي شخص يريد أن يبرز في أي فن حتى المغنين ويريد أن يكون له صيت، وله شهرة، وأن يكون له احترام في مهنته يأتي إلى مصر. فنزح الشيخ محمد رشيد رضا ، والشيخ محب الدين الخطيب من الشام إلى مصر. وكان الشيخ محمد رشيد رضا يكتب في مجلة المنار، وكان قد كتب مقالاً عن كتاب (إحياء علوم الدين) وعن تخريج الحافظ زين الدين العراقي له، وهذه كانت أول مرة الشيخ الألباني يقرأ عن علم الحديث. قال الشيخ: فجعلت أبحث عن هذا الكتاب كالعاشق الولهان، حتى ظفرت به عند رجل كان يؤجر الكتب، لأنه لم يكن أحد يهتم بعلم الحديث؛ لأن علم الحديث من أصعب العلوم في ذلك الوقت، ويضاف إلى صعوبته أن دارسه لا يحصل على وظيفة بعد ذلك، والإنسان لو درس الفقه فربما يكون مفتياً، أو واعظاً، أو خطيباً، ولكن إن كان محدثاً -كما قال ابن معين وقال أحمد بن حنبل وقال الدارقطني - فأين يبيع بضاعته؟! فلم يكن أحد يقبل على دراسة علم الحديث. والناظر إلى المدارس التي بنيت في بلاد المسلمين قديماً يعلم غربة علم الحديث، فإذا نظرت إلى مدرسة نظام المفتي في بغداد، وكل المدارس التي جرت على هذا المنوال حتى الأزهر، فإنهم كانوا يهتمون بشيئين: الشيء الأول: الفقه وأصوله. والشيء الثاني: علم الكلام. بينما الحديث لا يدرس، فكان الذي يقبل على دراسة علم الحديث يدفع من جيبه، ولا يقبل عليه إلا إذا كان له هدف وكان محتسباً. فالشيخ الألباني بحث عن هذا الكتاب عند رجل فأجره منه لمدة سنة؛ لأنه لم يكن يستطيع شراءه، فبدأ الشيخ الألباني يفتح عينيه على علم الحديث. بين الشيخ الألباني ووالده فبدأ يحصل بينه وبين والده مجادلات، فوالده كان حنفياً جلداً، (جلد) أي: لا يخالف مذهب الأحناف في قليل أو كثير، ومن المعروف أن مذهب الأحناف يخالف كثيراً من الأحاديث الصحيحة، حتى إن العلماء أخرجوا كتباً في الرد على أبي حنيفة منهم الأوزاعي ، ومنهم أبو بكر بن أبي شيبة له في كتاب المصنف كتاب كبير اسمه (الرد على أبي حنيفة فيما خالف فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم) فكانت تحصل مجادلات بين الشيخ وبين أبيه. يقول الشيخ الألباني : فكان والدي كلما عجز عن الإتيان بحجة في مقابلي كان يرفع صوته ويقول: علم الحديث صنعة، ويأبى عليه أن يعارضه في شيء من الحديث، حتى كثرت مخالفته مع أبيه. ثم في يوم من الأيام، كان والد الشيخ الألباني على سفر، فجعل الشيخ البرهاني -وهو أحد مشايخ الشيخ الألباني - خلفاً له في صلاة الجماعة، وكان الشيخ الألباني في ذلك الوقت تبنى كراهة الجماعة الثانية في المسجد الذي له إمام راتب، وعلم مع دراسة الأدلة أن هذه المسألة مكروهة، وكان من شؤم تفرق المسلمين إلى شيع وأحزاب أن المسجد الواحد كان فيه أربعة محاريب: محراب للمالكية، ومحراب للحنفية، ومحراب للشافعية، ومحراب للحنابلة، وكان إمام الشافعية يصلي أولاً، لأن الشافعية يصلون الفجر بغلس -أي: في أول الوقت- والحنفية يصلون الفجر بإسفار -أي: في آخر وقت صلاة الصبح بعدما يسفر الفجر- فلما علم الشيخ الألباني أن الجماعة الثانية في المسجد لا تجوز وأراد خليفة والده أن يستخلفه إماماً؛ لأنه يريد السفر أبى ذلك، وقال: أنا لا أخالف ما أعتقده، فأنتم تؤخرون الصلاة، وإمام الشافعية يصلي قبلكم وكل هذا في مسجد واحد!! وقد قال الشيخ أحمد سالم رحمه الله: ولقد رأيت هذه المحاريب الأربعة في الجامع الأزهر، وكانت هذه المسألة جارية ومسألة عادية لا تعارض فيها ولا إشكال، وكل هذا بسبب غياب الدليل وعدم الرجوع إلى النص، وعدم الوقوف عند حدود ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبدأت هذه المخالفات تظهر في رفض الشيخ الألباني أن يصلي بدل الشيخ البرهاني ، بل كان يصلي مع الشافعية؛ لأنها أول جماعة تقام، فلما رجع والده من السفر حكى له الشيخ البرهاني الذي كان من ابنه، فأضمرها الوالد في نفسه، ولكنه بدأ يحصل نوع من الشقاق والنزاع بين الشيخ وبين أبيه. ولقد قرأ الشيخ الألباني -وهو يواصل القراءة في عقيدة السلف- أن الصلاة في المسجد الذي فيه قبر لا تجوز، وشاع في دمشق أن المسجد الأموي دفن فيه سبعون نبياً، قال الشيخ ناصر : فجعلت أفتش عن أصل هذا الكلام، فإذا سنده ضعيف جداً ولا أصل له، وأن هذه الحكاية لا تصح عن أحد من أئمة المسلمين ولا من المؤرخين. قال: فجمعت بعض ورقات في هذا الباب كانت نواة لكتابي (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) قال: ورفعت هذه الأوراق إلى الشيخ البرهاني وكان شيخي، وقلت له: في هذا البحث حرمة الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فقال: هات الأوراق، وقال: سأرد عليك بعد العيد. فلما كنا بعد العيد قال: لم تصنع شيئاً، ونحن إنما نأخذ الدين من كتب الفقه لا من كتب الحديث. قال الشيخ: وفي يوم من الأيام وبعد أن تعشينا قال لي والدي بلسان عربي مبين: إنك أكثرت مخالفتي ومخالفة الموروث من المذهب، فإما أن توافق وإما أن تهاجر. فقلت له: أمهلني ثلاثة أيام حتى أنظر في أمري. قال: ولما مضت الأيام قلت لوالدي: أنا لا أستطيع أن أترك ما أعتقد أنه الحق، ولا أستطيع أيضاً أن أزعجك، فسأهاجر. وهذا هو الذي نقوله لإخواننا الذين يتعرضون للضغط والإرهاق في بيوتهم من قبل آبائهم المناوئين لهم في التزامهم وإن كثيراً من الآباء يحلف بالطلاق إن لم يحلق ابنه لحيته ونحن نقول لهذا الولد: أطع ربك وأطع أباك، أطع ربك لأنه هو الذي أمرك على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أن تعفي لحيتك، وأطع أباك إذا أمرك بالخروج من البيت، فلا تحلق لحيتك واخرج من البيت، وبذلك تكون قد أطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكون قد أطعت أباك أيضاً الذي أمرك بالخروج. =================== انتهت محاضرة " بدر التمام في ترجمة الشيخ الإمام " |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 30 | |||
|
![]() أبو معاوية البيروتي
![]() وفقه الله الشيخ محمد المختار الشنقيطي يذكر موقفاً طريفاً حصل مع الإمام الألباني يدل على تواضعه قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي : أذكر موقفاً طريفاً : ذات مرة الشيخ ناصر الألباني حفظه الله، حصلت حادثة في المدينة -حريق- بسوق بجوار المسجد وقام رجل من العوام بجوار باب السلام -لا زلت أذكر ذلك بعد صلاة الظهر- فقام يتكلم ويعظ الناس، عامي ولكنه رجل محافظ على الصف الأول وأراه صاحب سنة؛ لما ترى -سبحان الله- فيه من الوقار، وتلك اللحية البيضاء الجميلة الوقورة، والمحافظة على الصف الأول، والمحافظة على حلق العلم، شخص صالح وفيه خير، فقام هذا الرجل وأظنه كان رجلاً باكستانياً عامياً من العوام؛ فتكلم كلاماً عامياً وكنا جالسين، لكن مع أنه عامي وعادي ينفذ إلى القلوب والله أعلم بقلب الرجل، وقد تُوفي رحمة الله عليه، والله -أيها الأحبة- يكاد يكون المجلس كله بكى، تكلم كلاماً لامس شغاف القلوب، فما شعرنا فجأة إلا به يضع يديه على رأسه وقال: الشيخ ناصر - الشيخ ناصر كان موجود في الحلقة - فاستعظم أن الشيخ موجود، فقال له الشيخ وكان بعيداً عني قليلاً تكاد تكون فيه عبرة، يقول له : استمر، بالله استمر، ما قال: أنا الشيخ ناصر ، ولا افتخر، ولا قام من الحلقة، هكذا صنيع أهل الفضل؛ لأن الله عز وجل إذا رفعك بالهداية فتذلل لهذه الهداية لله جل وعلا، لا تستنكف عن مجلس خير، لا يكن جلوسك في مجالس الخير للمشهورين، ولكن اجلس لكلام الله رب العالمين، حتى ولو حلقة قرآن، وثق أنك إذا حضرت مجالس الذكر، أنك لا تجد -بإذن الله- تغيراً إلا إلى كمال، حتى ولو كان عند الإنسان نقص وعيوب لعل الله أن يسترها ويغفرها بمثل هذه المجالس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الله تعالى : ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ) . ================= أحد دروس الشيخ محمد المختار الشنقيطي المفرّغة من موقع الشبكة الإسلامية |
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الألباني, الجديد, يُنشَر, شجرة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc