شرح املاء الشيخ عبد الحميد بن باديس في مصطلح الحديث - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها ..

قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها .. يعنى بجميع المتون من نظم و قصائد و نثر و كذا الكتب و شروحاتها في جميع الفنون على منهج أهل السنة و الجماعة ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شرح املاء الشيخ عبد الحميد بن باديس في مصطلح الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-12-03, 20:39   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
محمد بن العربي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

_ الحديث الحسن لغيره

قال الشيخ عبد الحميد رحمه الله في تعريف الحسن لغيره
(الحسن لغيره
ومنها الحسن لغيره : وهو ما كان في روايته مستور الحال ، ولم يعرف بفسق ولا كذب ، ولا بغفلة ، ولا بكثرة خطأ
والخبر يتعدّد بتعدّد طرقه ، ولولا ذلك لكان ضعيفا)


هكذا عرف رحمه الله الحسن لغيره

قوله_ ما كان في روايته مستور الحال _ اي من من كان في رواته من هو مستور الحال

مستور الحال هو من عدالته الباطنة غير معلومة بعكس العدالة الظاهرة، وهو من روى عنه اثنان فصاعداً ولم يوثق

انظر ( - علوم الحديث ص 101 ، وروضة الطالبين للنووي 7/46 ) و، فتح المغيث للسخاوي . ج 1 ص 322.)
وتقدم تعريف العدالة والكلام عليها
والعدالة الظاهرة هي الإسلام وعدم العلم بالمفسق
والعدالة الباطنة : الإسلام والعلم بعدم المفسق . وتعرف من خلال الخبرة الطويلة أو القوية .
وﻟﻤﺭﺍﺩ بها معرفة ﺴﻠﻭﻜﻪ ﺍﻟﺒﺎﻁﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻴﻌﺭﻑ ﺒﺎﻻﺨﺘﺒﺎﺭ ﻤﻥ ﺃﺌﻤـﺔ ﻫـﺫﺍ. ﺍﻟﺸﺄﻥ .
فالأولى : نعلم ونتيقن بعدم وجود أمر يفسق الراوي به ، أما الثانية : فلا نعلم عن الراوي شيئاً يفسق به.
وليس المقصود بالعدالة الباطنة خفايا القلوب والنوايا ، فهذه لا يعلمها إلا عالم ما في الصدور سبحانه وتعالى .
حكم رواية مستور الحال
اختلف اهل العلم في قبول رواية مستور الحال او ردها او التوقف فيها .
قال الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى _
( وقد قبل روايته جماعة بغير قيد وردها الجمهور كما في " شرح النخبة " ( ص 24 ) (اي ابن حجر) :
والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها بل يقال : هي موقوفة إلى استبانة حاله كما جزم به إمام الحرمين " .
قلت : وإنما يمكن أن يتبين لنا حاله بأن يوثقه إمام معتمد في توثيقه وكأن الحافظ أشار إلى هذا بقوله : إن مجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق " وإنما قلت : " معتمد في توثيقه " لأن هناك بعض المحدثين لا يعتمد عليهم في ذلك لأنهم شذوا عن الجمهور فوثقوا المجهول منهم ابن حبان وهذا ما بينته في القاعدة التالية .
نعم يمكن أن تقبل روايته إذا روى عنه جمع من الثقات ولم يتبين في حديثه ما ينكر عليه وعلى هذا عمل المتأخرين من الحفاظ كابن كثير والعراقي والعسقلاني وغيرهم .)
انظر مقدمة تمام المنة في التعليق على فقه السنة للالباني رحمه الله

وقوله _اي الشيح عبد الحميد _ولم يعرف بفسق ولا كذب _

تاكيد وتفسير لما سبق من قوله مستور الحال.. فان مستور الحال ينبغي ان لايعرف عنه فسق ولا كذب
والفسق في الشرع: الخروج عن طاعة الله عز وجل(تفسير القرطبي 1/245 . ).


الفاسق قسمان:
1-الفاسق المتأوّل بشبهة وهم طوائف المبتدعة، وهذا القسم تقدم الكلام على حكم روايته في مباحث تعريف الحديث الصحيح فيرجع اليه .

2-الفاسق غير المتأول وهو الفاسق بالمعصية – وهو المراد هنا –وهو المخل بشيء من أحكام الشرع من ترك واجب أو ارتكاب محرم.
فالاول فاسق متاول بشبهو وهو المبتدع وهو الذي لا يعرف فسق نفسه
والثاني هو الفاسق غير المتأول وهو الفاسق بمعصية
والمراد بالفاسق هنا: المتلبس بمعصية دون الكفر؛ لأن الكلام في الراوي المسلم(- روح المعاني 26/ 147 . ).
حكم رواية الفاسق:
والفاسق غير المتأول – وهو المراد هنا – المخل بشيء من أحكام الشرع من ترك واجب أو ارتكاب محرم.
وهذا القسم اي الفاسق بالمعصية قد اتفق العلماء على عدم قبول روايته، لأن الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانة ودين، والفسق يبطلها لاحتمال كذب الفاسق على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن العربي: من ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار إجماعاً، لأن الخبر أمانة والفسق قرينة تبطلها( - أحكام القرآن لابن العربي 4/1703 ، وتفسير القرطبي 16 / 312 . ).
وقال العلامة الشنقيطي في تفسير قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا )) ( الحجرات : 6 ) هي تدل على عدم تصديق الفاسق في خبره، وصرَّح تعالى في موضع آخر بالنهي عن قبول شهادة الفاسق وذلك في قوله : (( وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) ( النور : 4 )). ولا خلاف بين العلماء في رد شهادة الفاسق وعدم قبول خبره( - أضواء البيان 7/ 626 – 627 . ). أهـ.

والكذب لغةً: نقيض الصدق

واصطلاحاً: هو الأخبار عن الشيء على خلاف ما هو عمداً كان أو سهواً( - شرح النووي على مسلم 1/69 ، 8/ 92 ، وفتح الباري 1/ 201 . ). فلا يشترط لتسمية الكلام كذباً كونه صدر من قائله عمداً بل مجرد الإخبار على خلاف الواقع يسمّى كذباً بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )).
ووجه الاستدلال من الحديث حيث قيّد الكذب بالتعمُّد، فدل على أن هناك كذباً
والمراد هنا الكذب المتعمد .
حكم رواية الكذاب
وترد رواية من تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكذلك ترد رواية من يكذب في حديث الناس ولو لم يثبت عنه الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه مجروح العدالة غير مؤتمن .
قال الإمام مالك _رحمه الله_ (لا تأخذ العلم من أربعة، وخذ ممن سوى ذلك: لا تأخذ من سفيه معلن بالسفه، وإن كان أروى الناس، ولا تأخذ من كذاب يكذب في أحاديث الناس إذا جُرب ذلك عليه، وإن كان لا يتهم أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث)
"الكفاية في علم الرواية" ( 1/ 356 )
يقول الإمام أحمد إمام أهل السنَّة: (يكتب الحديث عن الناس كلهم إلا عن ثلاثة: صاحب هوى يدعو إليه، أو كذاب، أو رجل يغلط في الحديث فيرد عليه فلا يقبل) ذكر هذا ونقله عنه العلَّامة ابن مفلح في الآداب الشرعية.
وقال الإمام الشافعي في رسالته (369): «ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا: منها أن يكون مَنْ حدَّثَ به ثقة في دينه، معروفاً بالصّدق في حديثه».
قال الأمير الصنعاني في (توضيح الأفكار (2/241): «واعلم أنه يلتحق بتعمّد الكذب في هذا الحكم من أخطأ ثم أصرّ على خطئه، وصمّم بعد بيان ذلك له مما يوثق بعلمه مجرّد عناد».
وعطفه الكذب على الفسق من باب عطف الخاص على العام لزيادة التاكيد فان الكذب سبب من اساب الفسق
والفسق قد يكون بالكذب وقد يكون بغيره .

_وقوله_ ولا بغفلة _

الغفلة من اسباب القدح في الراوي لانه يشترط في رواي الحديث الثقة ان يكون يقضا غير مغفل
لان الغفلة تنافي الحفظ والضبط الذي تكلمنا عنه في مبحث الثقة .
الغفلة اصطلاحاً: غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكُّره له( - المصباح المنير مادة ( غفل ) . ). كذا في المصباح.
وعرّفه الفيروزآبادي في البصائر: بأنه سهو يعتري عن قلة التحفُّظ والتيقُّظ( - بصائر ذوي التمييز 4/140 . ).
والمغفل في المصطلح هو الذى لا يُميز ما حدث به عما حدث به غيره .
فإذا جاءه رجل وقال له: أنت حدثتنا بالحديث الفلاني -يعني من غير الأحاديث التي هي من أحاديثه- فيقول نعم أنا حدثتك , فلا يميز حديثه من حديث غيره
ولا بد من تقييد الغفلة بالكثرة؛ لأن مجرد الغفلة ليست سبباً للطعن لقلة من يعافيه الله منها( - شرح شرح النخبة للملا علي القاري ص 121 )
ذكر الخطيب عن الحميدي مثالا للغفلة التي يرد بها حديث العدل فقال: أن يكون في كتابه غلط فيقال له في ذلك فيترك ما في كتابه ويحدث بما قالوا، أو بغيره في كتابه بقولهم لا يعقل فرق ما بين ذلك( الكفاية ص 233 . ).
وحديث المغفل مردود لانه غير ضابط ولايؤمن معه كذبه من حيث لا يشعر.

قوله _ ولا بكثرة خطأ_

ذلك بأن يكون غلط الراوي أكثر من صوابه أو يتساويان. أما إذا كان الغلط قليلاً فإنه لا يؤثر، إذ لا يخلو الإنسان من الغلط والنسيان.
وإذا كَثُر غلط الراوي تُرك حديثه.
روى الخطيب البغدادي عن عبد الرحمن بن مهدي أنه كان لا يترك حديث رجل إلا رجلاً متهماً بالكذب أو رجلاً الغالب عليه الغلط( - الكفاية ص 227 ، وشرح علل الترمذي 1/190 . ).

_قوله _والخبر يتعدّد بتعدّد طرقه ، ولولا ذلك لكان ضعيفا_
معناه ان هذا الحديث الذي تقدم وصفه بانه _ ما كان في روايته مستور الحال ، ولم يعرف بفسق ولا كذب ، ولا بغفلة ، ولا بكثرة خطأ_

اذا تعددت طرقه صار حسنا ولولا ذلك لكان ضعيفا .
فان الحديث الذي في رواته من هو مستور الحال ضعيف لكنه خفيف الضعف ينجبر اذا جاء من طرق اخرى تقويه فيصير حسنا لغيره .
وتعريف الحسن لغيره الذي ذكره الشيخ عبدالحميد هو تعريف ابن الصلاح في "علوم الحديث " مع " التقييد " ( ص 46 – 47 )
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : "ومتى توبع السيئ الحفظ بمعتبر، كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه، وكذا المختلط الذي لم يتميز، والمستور والإسناد المرسل، وكذا المدلس إذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم حسناً لا لذاته، بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع؛ لأن كل واحد منهم احتمال أن تكون روايته صواباً أو غير صواب على حد سواء، فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم، رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين، ودل ذلك على أن الحديث محفوظ، فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول"[نزهة النظر (ص: 105).].
وباختصار الحسن لغيره هو الحديث الضعيف خفيف الضعف اذا تعددت طرقه ينجبر فيصير حسنا لغيره.
فوصف الحسن جاء من امر خارج وهو تعدد الطرق التي ضعفها يسير فيقوي بعضها بعضا فيصير حسنا لغيره لا لذاته .
وعلى هذا يحمل تعريف الامام الترمذي للحسن.
( انظر جامع الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي ـ كتاب العلل في آخر جامعه جـ 10 ـ ص 519)
وقولنا خفيف الضعف اي ليس ضعفه شديدا
والضعف الخفيف هو ماكان ضعف رواته في مختلف طرقه ناشئا من سوء حفظهم او ناشئا من إرسالٍ ونحوه .
اما اذا كان الضعف شديدا كان يكون ناشئا عن طعن في عدالة الرواي كفسق الراوي ، أو كذبه او جهالة في رجاله
اوكان شاذا او منكرا فإنه لا يتقؤى مهما كثرت طرقه بل يزداد ضعفا إلى ضعف.

مثال الحسن لغيره:

ما رواه الترمذي عن عاصم بن عبيد الله قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ ))، قالت: نعم. فأجاز(- الترمذي 1113 ، وابن ماجه 1888 ، وأحمد 3/ 445 – 466 . ).
قال الترمذي: وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وأبي حدرد الأسلمي، وعاصم بن عبيد الله ضعيف لسوء حفظه(- المجروحين 2/127 . )، وقد حسّن الترمذي له هذا الحديث لمجيئه من غير وجه.

والحسن لغيره من قسم الحديث المقبول .

وبهذا نكون قد اتممنا الكلام على اقسام الحديث المقبول وهي اربعة أقسام:
1 ـ الصحيح لذاته
2 ـ الصحيح لغيره
3 ـ الحسن لذاته
4 ـ الحسن لغيره
وكلها من قسم المقبول وان تفاوتت رتبها وقوتها
فأعلاها واقواها الحديث الصحيح لذاته ثم الصحيح لغيره ثم الحسن لذاته ثم الحسن لغيره









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-12-03, 20:42   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
محمد بن العربي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

فائدة
_قاعدة تقوية الحديث الضعيف بكثرة طرقه ليست على إطلاقها

من المشهور عند أهل العلم أن الحديث إذا جاء من طرق متعددة فإنه يتقوى بها ويصير حجة وإن كان كل طريق منها على انفراده ضعيفا ولكن هذا ليس على إطلاقه كما قد يتوهم البعض بل هذا مقيد عند المحقيقين بما إذا كان ضعف الحديث يسيرا خفيفا كأن يكون ضعف رواته في مختلف طرقه ناشئا من سوء حفظهم او ناشئا من إرسالٍ ونحوه .
اما اذا كان الضعف شديدا كأن يكون ناشئا من طعن في عدالة الرواي كفسق الراوي ، أو كذبه او كان الحديث شاذا او منكرا ونحوه.
فانه لا ينجبر ولا يحسن بتعدد الطرق مهما كثرة طرقه بل لا تزيده في هذه الحال كثرة الطرق الا ضعفا على ضعف .

فهناك ضعف ينجبر وهو الخفيف وضعف لاينجبر وهو الشديد

قال الامام احمد رحمه الله، لما ذكر له الفوائد: "الحديث عن الضعفاء قد يحتاج إليه في وقت، والمنكر أبداً منكر"اهـ([العلل ومعرفة الرجال عن أحمد بن حنبل رحمه الله (رواية المروذي وغيره) ص163.]).

وقال الترمذي (ت279هـ) رحمه الله: "وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن، فإنما أردنا حسن إسناده عندنا: كل حديث يروى:
لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب.ولا يكون الحديث شاذا .ويروى من غير وجه نحو ذلك.
فهو عندنا حديث حسن"اهـ([العلل الصغير المطبوع آخر السنن له. وانظر شرح العلل الصغير لابن رجب /العتر/ (1/340).]).

وقال الامام ابن الصلاح: "ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت، فمنه ضعف يزيله ذلك، بأن يكون ضعفه ناشئاً من ضعف حفظ راويه مع كونه من أهل الصدق والديانة، فإذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر، عرفنا أنه مما قد حفظه ولم يختل فيه ضبطه له. وكذلك إذا كان ضعفه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ، إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر، ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك؛ لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته، وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب، أو كون الحديث شاذ"[علوم الحديث لابن الصلاح (ص: 34).].

وقد بين الحافظ ابن عبد الهادي - رحمه الله - ان العبرة ليست بكثرة الطرق وانما بنوع الضعف الحاصل فيها
فقال وهو يضعف حديثاً أورد له السبكي طرقاً ضعيفة وواهية لا تصلح لتقويته قال: "وكم من حديث له طرق أضعاف هذه الطرق التي ذكرها المعترض وهو موضوع عند أهل هذا الباب، فلا يعتبر بكثرة الطرق وتعددها، وإنما الاعتماد على ثبوتها وصحتها، والحاصل أن ما سلكه المعترض من جميع الطرق في هذا الشأن وتصحيح بعضها واعتماده عليه، وجعل بعضها شاهداً لبعض ومتابعاً له، هو مما تبين خطؤه فيه"[الصارم المنكي (ص: 243).].

وقال أيضاً: "وكم من حديث كثرت طرقه وهو حديث ضعيف، بل قد لا يزيد الحديث كثرة الطرق إلا ضعفاً..."
[ينظر: نصب الراية (1 / 360)، تنقيح التحقيق (2 / 831).].

وقال الإمام النووي :[ إذا روي الحديث من وجوه ضعيفة لا يلزم أن يحصل من مجموعها حسن بل ما كان ضعفه لضعف حفظ راويه الصدوق الأمين زال بمجيئه من وجه آخر وصار حسناً وكذا إذا كان ضعفها لإرسال زال بمجيئه من وجه آخر وأما الضعف لفسق الراوي فلا يؤثر فيه موافقة غيره ] التقريب مع شرحه تدريب الراوي 1/176-177 .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
(( وَمَتَى تُوبِعَ سَيِّئُ الحِفْظِ بِمُعْتَبَرٍ، وَكَذَا المَسْتُورُ، وَالمُرْسَلُ وَالمُدَلَّسُ صَارَ حَدِيثُهُم حَسَناً لاَ لِذَاتِه؛ بَلْ بِالْمَجْمُوعٍ ))
وقال الامام السيوطي :[ وأما الضعيف لفسق الراوي أو كذبه فلا يؤثر فيه موافقة غيره له إذا كان الآخر مثله لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر ، نعم يرتقي بمجموع طرقه عن كونه منكراً أو لا أصل له صرح به شيخ الإسلام (يعني: ابن حجر) قال : بل ربما كثرت الطرق حتى أوصلته إلى درجته المستور سيء الحفظ بحيث إذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب محتمل ارتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن ] تدريب الراوي 1/177 .

ويقول الحافظ ابن كثير: "قال الشيخ أبو عمرو - وهي كنية ابن الصلاح: "لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة؛ كحديث «الأذنان من الرأس» - أن يكون حسنا؛ لأن الضعف يتفاوت، فمنه ما لا يزول بالمتابعات، يعني لا يؤثر كونه تابعا أو متبوعا، كرواية الكذابين والمتروكين، ومنه ضعف يزول بالمتابعة، كما إذا كان راويه سيء الحفظ، أو روي الحديث مرسلا، فإن المتابعة تنفع حينئذ"
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث،ت أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، مصر، ط3، 1399هـ/ 1979م، ص33 بتصرف.

ثم علق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - على ما قاله ابن كثير بقوله: "وبذلك يتبين خطأ كثير من العلماء المتأخرين في إطلاقهم أن الحديث الضعيف إذا جاء من طرق متعددة ضعيفة ارتقى إلى درجة الحسن أو الصحيح، فإنه إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي أو اتهامه بالكذب، ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع ازداد ضعفا إلى ضعف؛ لأن تفرد المتهمين بالكذب، أو المجروحين في عدالتهم بحيث لا يرويه غيرهم، يرفع الثقة بحديثهم، ويؤيد ضعف روايتهم وهذا واضح"[ الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، مصر، ط3، 1399هـ/ 1979م، هامش ص34.].

و قال ابن الهمّام في التحرير: حديث الضعيف بالفسق لا يرتقى بتعدد الطرق إلى الحجة وبغيره مع العدالة يرتقي (- التحرير ص 318 ، والتقريب ص 104 . ) اهـ .

وقال العلامة المحدث الألباني :[ من المشهور عند أهل العلم أن الحديث إذا جاء من طرق متعددة فإنه يتقوى بها ويصير حجة وإن كان كل طريق منها على إنفراده ضعيفاً ولكن هذا ليس على إطلاقه بل هو مقيد عند المحققين منهم بما إذا كان ضعف رواته في مختلف طرقه ناشئاً من سوء حفظهم لا من تهمة في صدقهم أو دينهم وإلا فإنه لا يتقوى مهما كثرت طرقه وهذا ما نقله المحقق المناوي في ( فيض القدير ) عن العلماء قالوا :[ وإذا قوي الضعف لا ينجبر بوروده من وجه آخر وإن كثرت طرقه ومن ثم اتفقوا على ضعف الحديث :[ من حفظ على أمتي أربعين حديثاً ] مع كثرة طرقه لقوة ضعفه وقصورها عن الجبر خلاف ما خف ضعفه ولم يقصر الجابر عن جبره فإنه ينجبر ويعتضد .
وراجع لهذا " قواعد التحديث " ( ص 90 )، و " شرح النخبة " (ص25) وعلى هذا فلا بد لمن يريد أن يقوي الحديث بكثرة طرقه أن يقف على رجال كل طريق منها حتى يتبين له مبلغ الضعف فيها ، ومن المؤسف أن القليل جدا من العلماءمن يفعل ذلك ، ولا سيما المتأخرين منهم ، فإنهم يذهبون إلى تقوية الحديث لمجرد نقلهم . عن غيرهم أن له طرقا دون أن يقفوا عليها ، ويعرفوا ماهية ضعفها ! والأمثلة على ذلك كثيرة ، من ابتغاها وجدها في كتب التخريج ، وبخاصة في كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة "]
.انظر تمام المنة في التعليق على فقه السنة ص31-32 .
___










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-05, 07:09   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
عبد الرزاق الوهيبي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عبد الرزاق الوهيبي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مصطلح, المال, الحمدي, الحديث, الشيخ, باديس


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc