الدرس السابع عشر: التحذير من الشرك وأنواع المعاصي:
"الدرس السابع عشر: التحذير من الشرك وأنواع المعاصي" الشرك هو أعظم ما عصي الله به -سبحانه وتعالى-، وهذا هو الظلم العظيم {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[(13) سورة لقمان] وهو أعظم الموبقات، المهلكات السبع، ومن صوره السحر، والسحر ملازم للشرك غالباً، وأفرد للاهتمام بشأنه، كثير من الناس يتساهل بأمره وهو عظيم، هو شرك.
"وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق" قتل النفس عمداً عدواناً {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ}[(93) سورة النساء]نسأل الله العافية، حتى ذكر عن ابن عباس أن توبته لا تقبل، توبة القاتل العمد وإن كان جمهور العلماء على أنه تقبل توبته.
"أكل مال اليتيم" أكل أموال الناس بالباطل كله حرام، لكن اليتيم الذي ليس له من يدافع عنه أشد، ولذا جاءت النصوص في التشديد في مال اليتيم.
"أكل الربا"{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}[(275) سورة البقرة]جمع من المفسرين يقولون: إن آكل الربا يبعث مجنوناً يوم القيامة، يبعث مجنوناً يوم القيامة، وهو محارب لله ورسوله {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ}[(279) سورة البقرة] هل له يدان بمحاربة الله؟ العبد الضعيف المسكين؟! حمله الطمع والجشع على أن يرابي، هل يستطيع أن يحارب الله؟ الله المستعان.
"التولي يوم الزحف" يعني إذا التقى الصفان في الجهاد فيهرب واحد، هذه كبيرة، موبقة من كبائر الذنوب، قبل أن يحضر إلى الصف أمره أسهل، لكن إذا حضر يفتح باب لغيره، فالتولي يوم الزحف كبيرة وموبقة من كبائر الذنوب، ويقصد بذلك الهرب عند التقاء الصفين في القتال، الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله.
"قذف المحصنات الغافلات المؤمنات" رمي المرأة العفيفة بالزنا، نسأل الله العافية، هذا موبقة من الموبقات، وقد جاء في بعض الأخبار أن قذف محصنة يحبط عبادة ستين سنة، الأمر ليس بالسهل ولا بالهين، أن ترمي المحصنة الغافلة العفيفة بالزنا، ومن ذلكم الزوجات؛ لأن بعض الناس يتساهل ويقذف زوجته نسأل الله العافية هذا أمره عظيم، فإذا قذفها إما أن يجلد الحد ثمانين جلدة، أو يلاعن ليدرأ عنه الحد.
"من الكبائر عقوق الوالدين" عقوق الوالدين قطيعة الأرحام سبق الحديث عنهما.
"شهادة الزور" ((ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور..)) ما زال يكررها ((ألا وقول الزور)) تشهد لزيد من الناس بأن له حق على فلان، والأمر على خلاف ذلك، أو تشهد أن هذه الأرض لفلان وهي ليست له، هذه شهادة الزور، ((والمتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور)) الذي يزعم أن عنده وعنده وعنده وفعل وترك كلابس ثوبي زور، لكن شهادة الزور أمرها عظيم، ما زال النبي -صلى الله عليه وسلم- يكررها حتى قالوا: "ليته سكت".
"الأيمان الكاذبة"{وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ}[(224) سورة البقرة] هذا في حال الصدق، في كل عمل أو في كل مقال تذكره تقول: والله وبلى والله وتالله، لكن إذا كان اليمين كاذب فالأمر أشد، إذا ترتب على هذه اليمين الكاذبة اقتطاع حق امرئ مسلم فالأمر أعظم، هذه اليمين الغموس، إذا حلف على السلعة لينفقها من أجل أن تدرج أيضاً هذا أمره ليس بالهين.
"وإيذاء الجار" تقدم الإلماح إلى ما للجار من حق، وأن الشرع اعتنى به، وأكد على حقه، وظلم الناس في الدماء والأموال والأعراض وغير ذلك كل هذا حرام، في حديث أبي ذر الإلهي القدسي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)) الله -سبحانه وتعالى- حرم الظلم على نفسه، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، والاعتداء على الناس إما على دمائهم أو أعراضهم أو أموالهم، قل ذلك أو كثر، كله ظلم، نسأل الله العافية، وغير ذلك مما نهى الله عنه أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
طالب:.......
أما بالنسبة للصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء الأمر بها في الكتاب والسنة {إيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[(56) سورة الأحزاب] فلا بد أن يُصلى عليه ويُسلم، ولا يتم امتثال هذا الأمر إلا بالصلاة والسلام، يعني ما تكفي عليه الصلاة، أو عليه السلام فقط، لكن إذا جمعت بينما تارة وأفردت السلام تارة لا بأس، أما أن تلتزم الصلاة فقط، أو السلام فقط، لا يتم امتثالك للأمر الوارد في قوله تعالى: {إيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[(56) سورة الأحزاب] لا بد من الصلاة عليه والسلام.
امتثال الأمر واجب، هذا الأصل في الأمر، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}[(63) سورة النــور] فامتثال الأمر واجب، لكن كل ما ذكر -عليه الصلاة والسلام- يصلى عليه استحباباً عند أكثر العلماء، وإن قال بعضهم بوجوبه، تجب الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في مواطن مثل: التشهد الأخير على ما تقدم، وما عدا ذلك سنة.
الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه:
ومع الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه، وهو آخر الدروس.
الموت نهاية كل حي، فلا بد أن يمر على كل مخلوق ذي روح، ولذا وجب على المتعلمين تعلمه، والمعلمين تعليمه؛ لأن ما يتعلق بالموت من فروض الكفايات، من تجهيز الميت وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وغير ذلك مما يتعلق به.
يقول: "وإليك تفصيل ذلك" تجهيز الميت "إذا تيقن الموت أغمضت عيناه، وشد لحياه"، لا بد من تيقن خروج الروح، ولا يكفي موت الدماغ، وإن قرر الأطباء أنه في حكم الميت، لكنه ليس بميت، حتى تخرج روحه، وعلى هذا لا يجوز أن يفعل به أي شيء مما يتعلق بالأموات، أو يتسبب في موته، ما دامت الروح باقية، ولو قرر الأطباء أنه قد مات دماغياً، فإذا تيقن الموت بخروج الروح والعلامات ظاهرة، يعرفها من زاولها.
يقول: "إذا تيقن الموت أغمضت عيناه" لأن العين إذا خرجت الروح تتبع الروح، فإذا خرجت الروح تبعها البصر وشخص، وحينئذ تغمض عيناه، ليكون شكله مقبولاً، ولئلا يدخل في هذه العين شيء من الهوام، "وشد لحياه" لئلا ينفتح فمه، وهذا كله من حرمة المسلم، ليكون شكله بعد وفاته مقبولاً كشكله حال حياته، وعند تغسيله "تستر عورته" وجوباً، لا يجوز أن تكشف عورة الميت؛ لأن حرمة الميت كحرمة الحي، لا يجوز أن تكشف العورة، بل على غاسله أن يستر عورته ولا يباشر شيئاً منها، "ثم يرفع قليلاً" لكي يخرج ما في بطنه، "ويعصر بطنه عصراً رفيقاً" لا بشدة وقوة، بل يكون برفق، لكي يخرج ما يمكن خروجه من بطنه، "ثم يلف الغاسل على يده خرقة أو نحوها فينجيه بها" ينجيه يزيل ما على مخرجه، أو ما علق، أو ما في مخرجه من نجاسة، هذا الاستنجاء، إزالة أثر النجاسة من المخرج، "ثم يوضئه وضوء الصلاة" يوضئه وضوء الصلاة، وقد جاء في حديث أم عطية أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لهن وهن بصدد غسل ابنته زينب: ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) فيوضأ الميت وضوء الصلاة، كما يفعل الحي إذا أراد الاغتسال المشروع، يتوضأ وضوءاً كاملاً ثم يغتسل، "ثم يغسل رأسه ولحيته بماء وسدر أو نحوه" السدر ينظف البدن، يقوم مقامه المنظفات الأخرى مما يزيل الأوساخ كالصابون والأشنان، والشامبو وما أشبه ذلك، المقصود التنظيف، "ثم يغسل شقه الأيمن" ((ابدأن بميامنها)) "ثم الأيسر، ثم يغسله كذلك مرة ثانية وثالثة" يغسل الميت أولى وثانية وثالثة، فإن رأى الغاسل الزيادة على ذلك فلا بأس إلى السبع، للحاجة ((إن رأيتن ذلك)) ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن ذلك)) وليس مرد هذه الرؤية إلى التشهي، إن كان قريباً يزاد في غسله ليزداد التنظيف، لا، إن كانت الحاجة داعية إلى الزيادة على ثلاث فليزاد عليها، وليقطع على وتر.
"يمر في كل مرة يده على بطنه، فإن خرج منه شيء غسله وسد المحل بقطن" يعني إذا انتهى من هذه الغسلات "سد المحل بقطن أو نحوه، فإن لم يستمسك" بالقطن خرج مع وجود القطن "فبطين حر" طين حر، أو ما يقوم مقامه.
يقول: "أو بوسائل الطب الحديثة كاللزق ونحوه" وهناك أمور يسد بها هذا المخرج لئلا يخرج منه شيء، وموجود في المستشفيات والصيدليات وغيرها، فلا يلزم أن يكون بالطين، كان هذا معمول به عند المتقدمين ما عندهم إلا طين أو شبهه، الطين الحر: يعني يشبه الأسمنت في قوته وتماسكه "ويعيد وضوئه" يعني إن خرج منه شيء؛ لأنه في حكم المنتقض، "وإن لم ينقي بثلاث زيد إلى خمس أو إلى سبع" كما سمعنا في حديث أم عطية: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن ذلك)) يعني إن كانت الحاجة داعية إلى سبع "ثم ينشف بثوب، ويجعل الطيب في مغابنه، ومواضع سجوده" ((اجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) الكافور: طيب، نوع من الطيب، فيه خاصية أيضاً يطرد الهوام، ويصلب الجسد، الكافور يقوم مقامه الأطياب الأخرى، سواء كانت سائلة أو بخور، "يجعل الطيب في مغابنه" يعني الأماكن التي يغطي بعضها بعضاً، هذه المغابن، "ومواضع سجوده" لشرفها، "وإن طيبه كله كان حسناً" يعني إذا كان الطيب يستوعب البطن كله أفضل، "ويجمر أكفانه بالبخور، وإن كان شاربه أو أضافره طويلة أخذ منها... ولا يسرح شعره" لئلا يسقط منه شيء، فيبقى الشعر كما هو، والمرأة يظفر شعرها ثلاثة قرون، ويستل من ورائها، يجعل شعر المرأة ثلاث ظفائر، ثلاث ظفائر تجعل خلف المرأة، ثلاث، كما جاء في حديث أم عطية.
ثم بعد ذلكم تكفين الميت.
يقول: "الأفضل أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة" كما ثبت في الصحيح من حديث عائشة: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن بثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة" هذا ما فعله الصحابة بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، وبعضهم يرى أنه لا بأس أن يكفن في قميص، بل الأفضل أن يكفن بالقميص؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن ابن أبي بالقميص، ولا يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا الأفضل، النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيح كُفن بثلاثة أثواب، وجاء النص على أنه ليس فيها قميص ولا عمامة، فكيف يقال: إنه يكفن في القميص أفضل؟ نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن ابن أبي في قميصه مكافئة له، لما أعطى العباس قميصاً كافأه النبي -عليه الصلاة والسلام- فكفنه بقميصه، وجبراً لخاطر ولده، "يدرج فيه إدراجاً" يعني لف لف، "وإن كف في قميص وإزار ولفافة فلا بأس" المقصود أن يستر البدن، لكن الأفضل أن تكون ثلاثة أثواب، إيش معنى أثواب؟ لها أكمام ولها أزار وإلا لا؟ نعم، لا، ثلاث قطع من القماش، فالقطعة يقال لها: ثوب.
يقول: "وإن كفن في قميص وإزار ولفافة فلا بأس" يجوز ذلك، لكن الأفضل أن تكون ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة، "والمرأة تكفن في خمسة أثواب" لأن المرأة بحاجة إلى الستر أكثر من الرجل، فيزاد في كفنها، فتكفن في خمسة أثواب في "درع وخمار وإزار ولفافتين، ويكفن الصبي في ثوب واحد إلى ثلاثة أثواب، وتكفن الصغيرة في قميص ولفافتين" يعني الصبي الذي لم يكلف، أمره أخف من المكلف، فإذا كان الرجل المكلف يكفن في ثلاثة أثواب فالصبي من الذكور في ثواب واحد إن احتيج إلى ثاني لا بأس، إن احتيج إلى ثالث فلا بأس، لكن الأصل واحد، وتكفن الصغيرة في قميص ولفافتين، بدل من أن تكفن المكلفة بخمسة أثواب.
من أحق الناس بغسل الميت؟
أحق الناس بغسل الميت –يعني عند المشاحة– ما هو إذا جيء الميت إلى مغسلة يقال: لا، لا تغسله، انتظر حتى يأتي الوصي، يأتي الأب، يأتي الابن، يأتي القريب، لا، يغسل في المغاسل، لكن عند المشاحة، إذا قال: أنا وصاني الميت، أو فلان يشهد وفلان أن الميت قال: لا يغسلني إلا فلان، فهو أولى من غيره، وهذا عند المشاحة كما هو معروف.
"أحق الناس بغسله والصلاة عليه ودفنه وصيه في ذلك" يعني إذا قال الميت قبل وفاته: يغسلني فلان، ويصلي عليّ فلان، ويدفنني فلان، فهو أولى الناس بذلك، "ثم الأب ثم الجد" يعني بحثوا عن الوصي ما وجدوا، ينتظر حتى يأتي الوصي؟ لا، يقال للأب: أنت لك المرتبة الثانية بعد الوصي غسل ابنك، "ثم الجد، ثم الأقرب فالأقرب من العصبات" الأخ والعم وابن الأخ وما أشبه ذلك.
"والأولى بغسل المرأة وصيتها" يعني من النساء، الأول وصيه من الرجال، والأولى بغسل المرأة وصيتها يعني من النساء، لو أوصت بأن يغسلها ولدها أو أبوها تنفذ الوصية وإلا لا؟ لا، لا تنفذ الوصية؛ لأن الرجال ليس لهم أن يغسلوا النساء، ليس للرجال أن يغسلوا النساء، ولا العكس، إلا الزوجين، يجوز أن يغسل أحدهما الآخر، وما عدا ذلك فلا، هذا بالنسبة إذا كان الميت تجاوز السبع من الرجال أو النساء، "ثم الأم -بعد الوصية- ثم الجدة" يعني مثلما قيل: الوصي، ثم الأب، ثم الجدة، "ثم الأقرب فالأقرب من نسائها" وهناك الأقرب فالأقرب من الرجال العصبات، وهنا الأقرب فالأقرب من نسائها.
"وللزوجين أن يغسل أحدهما الآخر" لأن الصديق -رضي الله عنه- غسلته زوجته، زوجته من؟ اسمها إيش؟ أسماء بنت عميس غسلت أبا بكر الصديق -رضي الله عنه-؛ ولأن علياً -رضي الله عنه- غسل زوجته فاطمة -رضي الله عنها-، فيجوز للزوج أن يغسل زوجته، وللزوجة أن تغسل زوجها.
الصلاة على الميت:
أما الصلاة على الميت فيكبر الإمام "ويقرأ بعد -التكبيرة- الأولى الفاتحة"، دون دعاء للاستفتاح، فيقول: الله أكبر، ثم يتعوذ، ويسمي، ويبسمل، ثم يقرأ الفاتحة، "إن قرأ معها سورة قصيرة أو آية فلا بأس" لا بأس بذلك، وإن لم يقرأ كفت الفاتحة، "للحديث الوارد في ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-" في قراءة الفاتحة وسورة، "ثم يكبر الثانية فيصلي على النبي كصلاته عليه في التشهد" فيقول: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، يعني كما يقول في التشهد، "ثم يكبر الثالثة -فيدعو للميت- فيقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا" إنك تعلم منقلبنا ومثوانا، "اللهم من أحيته منا فأحييه على الإسلام، ومن توفيته فتوفه على الإيمان".. إلى آخر الدعاء المشهور وذكره الشيخ -رحمه الله-.
يقول: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، وأوسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وجازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً ورضواناً.." المقصود أنه يدعو للميت، ويخلص الدعاء له، يخلص الدعاء له، وهذا من حق المسلم على المسلم، والصلاة على الميت فرض كفاية، إذا حصل من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
للإنسان إذا قام الواجب بغيره ألا يصلي، لكن كونه لا يصلي حرمان؛ لأن له بكل صلاة على جنازة قيراط، وهنا التفريط في القراريط، القيراط ليس أمره بالسهل، القيراط من الذهب كم؟ خمسة ريال أو ستة؟ القيراط بأربعين، بأربعين، الجنيه كان بأربعين، ثم صار القيراط بأربعين، الله المستعان.
القيراط مثل جبل أحد من الحسنات، فمن ترك الصلاة على الجنازة فهو محروم لا سيما مع يسرها وقربها منه، إذا عرفنا هذا الأجر، والثواب العظيم المرتب على الصلاة على الجنازة فعلينا أن نقصدها للصلاة عليها، وإذا كان هناك أكثر من جنازة أحياناً خمس جنائز ست، خمسة قراريط ستة قراريط في ثلاث دقائق، يعني ما يعوق الإنسان من مصالحه، فالمحروم من حرم، من حرم التوفيق، وليس هذه علامة توفيق أن يزهد الإنسان في مثل هذه الأمور فضلاً عن أن يسعى في قراريط السيئات، وأن ينقص من أجره كل يوم قيراط، كما يقتني الكلب {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[(4) سورة الليل] بعض الناس يقصد المساجد التي يصلى فيها على الجنائز ليحصل هذه القراريط، ومن الناس من يبتلى بكلب ينقص من أجره كل يوم قيراط، لا شك أن الناس يتفاوتون تفاوتاً بيناً، ونرى بعض الناس يُصلى على ميت وهو جالس، تنتهي الصلاة وهو جالس، ما عنده شيء وليست فيه علة، لكن الحرمان، الحرمان لا نهاية له، هذا مشاهد لا سيما في بلاد الحرمين، يمل بعض الناس إذا قيل الصلاة الميت قام فصلى ثم مرة ثانية خلاص صلينا يا أخي إيش تدور؟ استكثروا فالله أكثر، كل صلاة فيها قيراط، كل ميت له قيراط، وفضل الله لا يحد، لكن الإنسان.. ((كل الناس يدخلون الجنة إلا من أبى؟)) قالوا: كيف يأبى يا سول الله؟! قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) يُتصور الإنسان يقال له: تعال إلى الجنة فيقول لا؟ يعني عقلاً ما يتصور، لكن حقيقة وواقع الناس كثر، يقال لهم: هلموا إلى الجنة فيقولون: لا، ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) فكيف بمن تقام صلاة الجنازة وهو جالس؟! لا يهتم لذلك، ويعرف أن الصلاة فيها قيراط، وقد تكون جنائز في آن واحد، ولكل واحدة قيراط.
"اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، وافسح له في قبره، ونور له فيه.."، وإن زاد على ذلك مما جاء في السنن "اللهم أنت ربه، وأنت خلقته، وأنت هديته للإسلام جئناك شفعاء فشفعنا فيه، اللهم إنه في ذمتك وحبل جوارك، فاقه فتنة القبر وعذاب النار" كل هذا لا بأس به.
ثم بعد التكبيرة الرابعة إن قال: "اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله فحسن" وإن قال ذلك تبعاً للدعاء بعد الثالثة فلا بأس، "ثم يكبر الرابعة ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه" والتكبيرات أربع، والخلاف موجود بين الصحابة والتابعين في عدد التكبيرات، من ثلاث إلى تسع، فإذا كبر على ميت ثلاث، وعلى آخر خمس وسبع وتسع هذا الخلاف موجود بين أهل العلم، لكنه استقر قول جماهير أهل العلم على الأربع، على أربع تكبيرات، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك، فلا ينبغي أن يزاد على الأربع.
"ويستحب أن يرفع يديه مع كل تكبيرة" يقول: الله أكبر، يعني مثلما يرفع في الصلاة، وفي ذلك الخبر الثابت عن ابن عمر موقوفاً عليه خرجه البخاري معلقاً مجزوماً به، وفيه خبر مرفوع، لكنه ضعيف، صح عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه، وجاء خبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يرفع يديه، لكنه ضعيف، فلذا المتجه رفع اليدين في تكبيرات الجنازة.