حقيقة التنمية البشرية ومنهج الجهمية
في البرمجة اللغوية العصبية وأثرها في هدم العقيدة الإسلامية
☼ أصل البرمجة اللغوية من وضع غير المسلمين لعلاج بعض المجانين .
البرمجة اللغوية العصبية عبارة عن مدرسة نفسية ظهرت كي تعالج بعض الأمراض النفسية للمرضى وليس للأصحاء للخروج بالمريض من أزمته إلى حالة سليمة، بعد ذلك طوروا الموضوع وبدءوا يقدموا هذه البرمجة اللغوية العصبية للأصحاء بحثا عن التميز والتفوق.
والذي أنشأ هذا العلم أمريكيان هما ريتشارد باندلر، وجون جندر سنة 1973، خلطوه بدراسة لاثنين من العلماء أحدهما أمريكي يهودي والأخر بولندي يهودي أيضا أخذوا دراستهم وعملوا منها هذا العلم، ثم أنشئوا الإتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية سنة 1993بعد عشرين سنة من ظهور هذه المادة، ثم انتقلت إلى العالم العربي وأنشئ الإتحاد العربي للبرمجة اللغوية العصبية سنة2000م.
والبرمجة هي إعادة تفكيك المعتقدات الموجودة عند الإنسان لكي يضع معتقدات أخرى جديدة، سواء كانت معتقدات دينية أو غيرها وإن كان هذا أمر يحاولون تجنبه حتى لا يصيبوا المسلمين بالحساسية، لكن هي عملية تفكيك للمعتقدات، فالشخص الذي يعتقد أنه ضعيف، يعاد تفكيك اعتقاداته ويبرمج من جديد ليعتقد أنه قوي، ولو وجد من يعتقد أنه فاشل، يفكك هذا المعتقد ويوضع مكانه معتقد أنه ناجح وهكذا، تفكيك المعتقدات القديمة ليعاد برمجتها على معتقدات جديدة من وضع غير المسلمين.
وكلمة البرمجة توحي بأن الإنسان يعامل كآلة أو جهاز كمبيوتر يعاد تهيئته لكل جديد من البرامج الوافدة، فننزع المواد التي بداخله ونضع مواد جديدة بغض النظر عن المشاعر الإنسانية أو المعتقدات الإيمانية، أو حب الله ورسوله أو الإيمان بالغاية من وجود الإنسان وعبادته لله، فيتعاملون مع الإنسان كجهاز كمبيوتر ويسقطون الجانب الوهبي الذي منحه الله لمن شاء من عباده.
ويزعمون أن سعيهم إنما هو برمجة الإنسان ليستطيع تحقيق النجاح مثل إسحاق نيوتن أو إديسون أو في سيرة عالم من العلماء الموجودين عندهم، وننظر كيف نجح هذا الشخص فنحاكي طريقته في النجاح، وهذا منطلق لا يراعي الحكم العليا في تحقيق معاني الابتلاء التي خلق الإنسان من أجلها،
قال تعالى:﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ الملك:2
وقال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ المائدة:48.
وقال تعالى: َ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ ٌالأنعام:165 .
وقال تعالى: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾ الإنسان:1/2.
وأصحاب البرمجة اللغوية العصبية يسقطون من حساباتهم التنوع الذي ابتلى الله به العبادة وجعلهم مختلفين آجالا وأرزاقا، وألوانا وأخلاقا، فجعل منهم الغني والفقير، والأعمى والبصير، والجاهل والخبير، منهم الظالم والمظلوم، والحاكم والمحكوم، والمالك والمعدوم، فلن يكونوا سواسية في المسكن والملبس والمطعم، ولن يكمن للبرمجة العصبية أن تجعل كلهم على حد سواء في النجاح المزعوم لو طبقها جميع أفراد البشرية لأنها تتعارض مع الغاية الأساسية التي خلق الله الكون من أجلها، وهي الابتلاء والامتحان، فابتلى الله الرسل بأممهم وابتلى الأمم برسلهم، وابتلى الحكام بشعوبهم، وابتلى المحكومين بحكامهم، وهكذا في المجتمع الواحد تتنوع المستويات وتتعدد أنواع الابتلاءات تحقيقا للحكمة التي أراد الله تعالى أن يخلقهم من أجلها، ولن ينجح أي فكر يحاول العبث بها لأن الله نظم الكون على إثرها، وبنى على ذلك تفاوت الدرجات وتنوع القدرات.
كما أن مفهوم النجاح والفشل ضابطه التقوى والإتباع، وليس كثرة المال والغني أو الشهرة والمكانة كما يصورها أصحاب البرمجة اللغوية العصبية، لأن النجاح عند المصدرين لهذه البرمجة هو نجاح دنيوي زائف، أما النجاح في الإسلام فأمر آخر، بل قد تكون منزلة الفقراء الصابرين توازى منزلة الأغنياء الشاكرين كما قال رب العالمين عن شكر سليمان لربه في غناه وصبر أيوب في مرضه :﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ ص44: . فالأتقى عند الله هو الأفضل وإن كان غنيا شاكرا أو كان فقيرا صابرا، لأن الله أسقط الغنى والفقر من ميزان الكرامة والإهانة وجعل الميزان ميزان الأمانة، فالفقر والغنى فعل الله وابتلاؤه للإنسان، والحساب عند الله على مدى كسب العبد للإيمان وقد قال رسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنّ أمْرهُ كُلّهُ خيْرٌ، وليْس ذاك لأحدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أصابتْهُ سرّاءُ شكر فكان خيْرا لهُ وإِنْ أصابتْهُ ضرّاءُ صبر، فكان خيْرا لهُ) .
ومن ثم فإن الابتلاء في الحقيقة له علاقة دقيقة بحياة الإنسان وما حوله من الكائنات، أما الدورة التي يقيمها أصحاب البرمجة اللغوية العصبية والمسماة بالتنمية البشرية، فربما يوجد بها مائة شخص أو مائتين كلهم يرغبون في النجاح ولا يعلمون في أي شيء سينجحون وبنفس الكلام بنفس الطريقة وكأنهم أجهزة يضعون داخلها المعلومات ويبرمجوها كما يقولون برمجة لغوية عصبية وهذا يبين لنا النظرة المادية عند الغرب للإنسان والمادية في كل شيء في الحياة وفي الكون ليس عندهم أي نوع من النظر إلى الجوانب الدينية.
وإذا أردنا أن نعرّفها تعريفا موضوعيا بعيدا عن غرور المنبهرين وجهل الجاهلين ومنظور الغربيين، فلا بد من تفكيكها والنظر في حقيقتها من منظورنا الشرعي وثوابتنا العقائدية والعلمية، فظاهر البرمجة اللغوية العصبية ملبّس بمجموعة منتقاة من النظريات والفرضيات من علوم شتى إدارية ونفسية ولغوية، مع بعض الممارسات والتقنيات لمجموعة من الناجحين، أما لبها وحقيقة باطنها فهو إحداث حالات وعي مغيّرة لدى الإنسان بهدف إطلاق قوى النفس الكامنة، ومخاطبة العقل الباطن لإيصاله إلى النجاح والتميز، فيستطيع تغيير واقعه ومستقبله حسبما يريد بقدرات تتجاوز محدودية قدراته إلى قوى نفسه وعقله الباطن بحسب فلسفاتهم، فهي علم انتقائي قائم على ما تم جمعه من فروع العلم الأخرى المستقلة على الوحي الإلهي، كعلم النفس السلوكي والمعرفي وشيء من الإدارة وغيرها؛ فإنها تشمل بعض التقنيات السلوكية الصحيحة غير أنها ليست منها وإنما انتحلتها من غيرها وقد بيّن ذلك بوضوح أحد أبرز مدربيها تاد جيمس في أحد مقالاته عن ماهية البرمجة اللغوية العصبية، كما أكده ودسمول بقوله: ليس في البرمجة شيء جديد.
ومن هنا فإنا نستطيع تعريف البرمجة اللغوية العصبية إذا بأنها علم باطني له ظاهر يدعي أهله أنه يحسن قدرة الفرد على التعامل مع الآخرين وقدرته على محاكاة المتميزين، وله باطن يركز على التنويم بإحداث حالات وعي مغيّرة لزرع بعض الأفكار إيجابية كانت أو سلبية فيما يسمونه اللاواعي بعد تغييب إدراك العقل والوعي.
وعلى هذا فإن تتبع مضامين وتقنيات البرمجة بالنقد واحدة واحدة منهج غير صحيح فالبرمجة العصبية مستويات متعددة وبرنامج متكامل ينبغي أن يلاحظ وينقد بحسب طبيعته المتكاملة، ولا يفصّل النقد في تقنياته وقد جمعت معا في برنامج واحد إذ قد تكون منها واحدة جيدة مع بعض تنبيهات، والتقنية الأخرى مقبولة إلى حد ما لو وجدت وحدها أو في إطار آخر، أما وجودهما معا في برنامج واحد يبرز الإشكال الذي لم يكن واضحا في كل واحدة على حدة وخذ مثالا على هذا ما أسماه بعض النقاد الفضلاء: عبادة العقل الباطن، أو إلغاء التوكل على الله، أو تعزيز الذاتية والاعتماد على القدرات تجده أمر من العسير نسبته لتقنية بعينها، أو تحديده بفرضية معينة من فرضيات البرمجة، ولكنك إذا فحصت برنامج البرمجة اللغوية العصبية كاملا وجدته يؤدي إلى هذه النتيجة، وهي نتيجة موجودة بوضوح في واقع كثير من المتدربين عليها وكلما كان الالتزام بتدريبات البرمجة أكبر كانت النتيجة أوضح.
وسأذكر فقط ما لمسته بنفسي من شدة الغفلة عن الدعاء والافتقار والعبودية تحت التدريب المتواصل على مخاطبة اللاواعي وبرمجة الباطن وتنمية الذاتية والتوكل على النفس والقدرات وهو ما عبّرت عنه إحدى الحاصلات على شهادة ممارس معتمد في البرمجة اللغوية العصبية بقولها: إذا أردنا التعبد ندعو الله ونرجوه فيجيب دعاءنا سواء أعطانا سؤلنا أو لم يعطنا إياه، ولكن إذا أردنا تحقيق مطلبنا كما هو تماما، وبلوغ مرادنا مباشرة فلابد من الجزم والحسم عبر رسائل اللاواعي البرمجية دون ترجي أو سؤال! وهي نفسها بعد أن عرفت الحق حرمتني البرمجة اللغوية العصبية لذة العبودية، وقلّ الدعاء في حياتي تدريجيا فقناعتي الداخلية بقدرات عقلي الباطن أزالت كل معاني الافتقار لقوة خارجية، فهي فتنة، لم أكن ألتفت لكونها هكذا أبدا لكثرة ما تلقيت من مدربي هداه الله عن مشروعيتها وتوافقها مع منهج الدين الحنيف.
وذات ليلة وأنا أقرأ كتاب الله، استيقظ قلبي وأنكرت نفسي وبحثت لطلب الحق فأبصرت بفضل الله الفرق الشاسع بين منهج العبودية ومنهج البرمجة العصبية، فالحمد لله الذي هداني وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله.
ومن هنا فالنقد الذي يوجه لمضمون البرمجة اللغوية العصبية وتقنياتها هو نقد عام يشمل برنامج البرمجة اللغوية العصبية بجميع دوراتها ومستوياتها وملحقاتها، وليس نقدا مفصلا لكل تقنية على حدة، وهذا يشكل نقطة من أكثر النقاط خطورة في قضية التدريب على البرمجة اللغوية العصبية.
☼ المطورون والناشرون لبدعة البرمجة اللغوية في الساحة الإسلامية.
انتقلت بدعة البرمجة اللغوية العصبية من المؤسسين والمؤثرين الكبار في تكوينها إلى الساحة العربية والإسلامية عن طريق بعض المدربين الأكثر تأثيرا ، ومن أشهر هؤلاء رجل يسمى وايت ودسمول، وهو مخترع تقنية العلاج بخط الزمن والتعامل مع الأرواح، ويعرفون العلاج بخط الزمن بأنه عملية إعادة تكوين عالية المستوى تجعل الفرد قادرا على إعادة التحكم في نفسه بسرعة، وتحجم معتقداته التي تحد من قدراته لتمكنه من الوصول لأهدافه من النجاح والتميز، ويفسرون قوة هذه التقنية بأنها تمسح المحدوديات المنطبعة في أذهاننا التي وجدت في ماضينا من قناعات أو اعتقادات غير عقلانية بتعبيرهم، وطريقة هذا العلاج تتلخص في إدخال الفرد في حالات وعي مغيرة متنوعة المستويات، ثم تطبيق تمارين معينة بالذهاب للماضي والمستقبل، وقد يكون ذلك بقوة الخيال، وقد يصاحبه تعامل مع الجن، أدرك ذلك المدربون أو لم يدركوا، حيث كثيرا ما تعتري العميل حالات هلوسة أو تخيل صور وغيرها، وهذا يفسره المعالجين بنشاط القدرات النفسية والقوى الروحية بسبب خروج الإنسان من قيد الوعي عبر حالات الوعي المغيرة إلى الوعي الكامل اللاواعي.
وقد صرح تاد جيمس للمتدربات المسلمات معه أن فعالية هذه التقنية تتم عندما يكون المدرب قادرا على إرجاع العميل لحياته السابقة حسب عقيدة تناسخ الأرواح، كما صرح أحد المتدربين المسلمين مع ودسمول بأنه تعجب كثيرا من فعالية هذه التقنية لأنه قابل أثناء تنويمه أشخاص سابقين في حياته ومنهم موتى وتخاطب معهم، وتُعد مدرسة ودسمول في عالمنا العربي وفي السعودية من أكبر مدارس البرمجة ولها ممثل خاص بدول الخليج لاتحادها العالمي للبرمجة العصبية يرأسه أحد أهل الدعوة والعلم الشرعي هداه الله.
ويعد تاد جيمس من أشهر مدربي البرمجة للمدربين المسلمين ، ومدرسته من أشهر مدارس البرمجة التي ينتمي لها كثير من المدربين السعوديين إذ أنه مع ود سمول يتنافسان على السوق السعودية، وفي أوقات متقاربة عام 2001م قدمت أول دورة على مستوى مدرب لهما في العالم الإسلامي في كل من مصر والبحرين ومن بعدها توالت دوراتهما في البلاد.
ويعتير تاد جيمس هو صاحب جامعة أميركان باسيفك الجامعة الوحيدة التي اعتمدت البرمجة اللغوية العصبية ضمن مناهجها، وتعد الجامعة الرئيسة للعلوم الباطنية في أمريكا، وتقدم برنامجين فقط لمرحلتي البكالوريوس والدكتوراة، البرنامج الأول في العلاج بالتنويم ومن ضمن مقرراته التنويم الشخصي، تنويم الآخرين، التنويم الحديث، علم تناسخ الأرواح عبر التنويم، الأنظمة الرئيسة للبرمجة اللغوية العصبية، تقنيات حديثة للبرمجة اللغوية العصبية.
والبرنامج الثاني في الدراسات الباطنية يدرسون عددا من المقررات من ضمنها مقدمة للدراسات الباطنية، الطب الذبذبي، الانعكاسي، الهوائي، الشمان، تانترا التبت، التانترا الطاوية، الهونا، الترانيم القديمة، الريكي، التارو، العلوم الباطنية الغربية، القبالة، الفينج شوي، تاريخ السحر، الراجا يوجا، التنجيم، العلاج بالطاقة، وتشريح الروح.
كما أنه مبتكر دورات الهونا التي تصوغ فلسفة دين هواي الوثني وعقيدة وحدة الوجود في صورة مستويات متدرجة تدريبية تتميز بتفعيل أسرع وإطلاق أكثر لما يسمونه قوى النفس باستخدام الترانيم والطقوس الوثنية والرقصات الدينية لأهل جزر هواي لأنهم نشئوا بعيدين عن تأثير الأديان السماوية، فعقائدهم كما يزعمون هي الصحيحة لأنها تعتمد على حاجاتهم وقدراتهم الروحية لا على مصدر خارجي عنهم، وكان ضمن المتدربين في دورته للهونا عام 2003 م أحد الدعاة وحفظة القرآن الكريم من الخليجيين.
وهناك رجل آخر ممن نقلوا بدعة البرمجة اللغوية العصبية إلى العالم العربي يسمى أنتوني روبنز الذي يدرب بشكل جماهيري على البرمجة، وتنظم بعض المؤسسات التدريبية في السعودية ودول الخليج رحلات تدريبية للمسلمين معه في بريطانيا وأمريكا، وهو المشهور بدورات أيقظ العملاق في داخلك وأطلقه، وتتضمن تدريبات المشي على النار منفصلة أو متصلة بالبرمجة اللغوية العصبية.
☼ صلاح الراشد لم يكتف بنقل البدعة وإنما ناصرها بنصوص الإسلام .
يعتبر صلاح الراشد أحد الثلاثة المسلمين الذين أدخلوا البرمجة اللغوية العصبية لدول الخليج، وهو من الدعاة وطلبة العلم الشرعي وحفظة كتاب الله، ولكنه في الآونة الأخيرة أفصح بجلاء عن تبنيه لنفس الفكر وفلسفاته، فبقراءة متأنية لما يوزع في كافة مراكز الراشد يظهر بوضوح بثه لتصورات وحدة الأديان، والوعي الكامل والعقل الكلي، والتأكيد على أن الدنيا احتمالات كثيرة كلها في مستوى واحد، وليس هناك حق وباطل وإيمان وكفر، وإنما هي مجرد نظرات مختلفة من زوايا مختلفة بثقافة وبيئة مختلفة لا أكثر.
وتتضمن دعوات متكررة للتأمل التجاوزي والقراءة في نبوءات الكهنة، وكتب الديانات المختلفة باعتبارها علم وتراث من رؤية خاصة كما أن القرآن والحديث علم من رؤيا خاصة، والقرآن يمثل العهد الأخير من بعد العهد القديم والعهد الجديد.
وصلاح الراشد لم يكتف بنقل بدعة البرمجة العصبية بما تحمله من فلسفات وثنية بل قام بمزجها بنصوص إسلامية وابتدع التقنية التطبيقية لما أسماه قانون الجذب، وتغيير المستقبل مستدلا بالنصوص الشرعية على منهج وطقوس وفلسفة الطاوية والبوذية في قوى النفس.
ولد الدكتور صلاح الراشد بالكويت عام 1963م، وحصل على الثانوية الأمريكية وكذلك البريطانية، ثم درس علم الاجتماع في جامعة ميتشيجان بالولايات المتحدة وحصل على ماسجتير في الدراسات الإسلامية من باكستان وحصل على دكتوراه في علم النفس الإدراكي من ميتشيجان، وحصل على دبلومي الطب النفسي والعلاج النفسي من بريطانيا. والدكتور ممارس مرخص في البرمجة اللغوية العصبية والتنويم والعلاج به من بريطانيا.
ويعمل رئيسا لمجلس إدارة شركة فانشايز الراشد منذ عام 1998، كما كان أمينا عاما للجنة التعريف بالإسلام منذ عام 1989 حتى 1995، وقد بدأ العمل بشخصين وميزانية لا تزيد عن 45 ألف دولار حتى وصل إلى ميزانية تفوق المليون دولار وتسعين عاملا باللجنة.
وصلاح الراشد الذي يعدونه من الكفاءات العربية والإسلامية المشهود لها في مجال تفعيل دور الشباب العربي والإسلامي في المجتمع من خلال البرمجة اللغوية العصبية وتأسيس مركز الراشد للتنمية الاجتماعية الذي يؤهلهم حسب زعمهم في العديد من مجالات الحياة، من خلال عقد العديد من الدورات والندوات التثقيفية والتدريبية للبرمجة اللغوية العصبية، وقيامة برحلات شبابية تعليمية تربوية تؤهلهم للاعتماد على النفس حول العديد من دول العالم، ويمتلك قناة سمارت الفضائية والتي بها العديد من برامج البرمجة اللغوية العصبية في العديد من مجالات الحياة.
ولكن على حد تعبير أحد المتأثرين به المعجبين ببرمجته يقول: مما أحزنني وأساء إلى كثير من جمهور الدكتور بارك الله فيه، كما أنه أساء بالدرجة الأولى إلى هذا الصرح من صروحنا التربوية العربية أنني وأثناء مشاهدتي للقناة المذكورة، ومتابعة برنامج عن أحد رحلات دكتورنا العزيز في جزر المالديف بالأخص، شاهدت في هذه الرحلة التي كانت تعرض على شاشة القناة اختلاط بين شباب وشابات ورجال ونساء مع ارتداء النساء ما يخل بالأدب من ملابس ضيقة وقصيرة، وهذا لا يليق بديننا ولا عاداتنا ونربأ بدكتورنا العزيز عن مثل هذه التصرفات التي أعيد وأكرر أنها ساءت جمهوره المحب له، كما أسأت إليه بالدرجة الأولى، كما أننا نذكره بما كان يذكرنا به هو دائما من الأسوة في التربية والتقيد بما جاء في الكتاب والسنة والاقتداء بنبينا محمد ﷺ الذي نهى عن اختلاط الرجال بالنساء حتى أثناء خروجهن من الصلاة، مع الأخذ في الاعتبار أنهن يرتدين النقاب وكن يصلين خلف خير البرية محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، أي في عبادة، وليس في رحلة ترفيهية ولا حتى تربوية، فما نقل عن حمزة أبن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه عن أبية أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خارج من المسجد، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله ﷺ للنساء: استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق، عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به([1]).
ثم يتابع قائلا: فنتمنى من دكتورنا العزيز أن يتقي الله في نفسه ويتقي الله في من معه من الشباب وأن لا ينشأهم على غير ما كان يدعونا له.
ثم تحول صلاح الراشد من إمام مسجد في الكويت منذ أكثر من 15 عاما ويفاجأ جميع من حوله بطرح ألبوم موسيقي مع شركة روتانا للصوتيات يضم 11 أغنية ويحمل اسم كن كما تشاء منها ما هو عربي وآخر باللغة الإنجليزية جميعها من كلماته وألحانه مستخدما فيها جميع الآلات الموسيقى صراحة خلاف ما يلجأ إليه البعض في استخدام الدفوف أو الصدى في التمويه، واتصلت قناة الجزيرة بالدكتور الراشد الذي تحدث لقناة لجزيرة من مقر إقامته في بلده قائلا: جميع أغاني ألبومي ترمي إلى أهداف ومضمون أطمح لها لتتحدث واحدة منها عن غزة وأخرى فيها رسالة موجهة للرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما وأغنية وحيدة تخص السعودية ومستثنيها عن باقي الدول العربية.
وحول ردود الفعل، قال الراشد: إن هناك ردود فعل متنوعة منها ما هو مؤيد وآخر معارض، لكن الألبوم لقي قبولا واسعا وكبيرا بين الجمهور رغم أن طرحه في الأسواق لم يتجاوز الأسبوعين وقد نفذ في الكثير من مراكز البيع، ولكم أن تسألوا روتانا عن هذا الإقبال وأنا سعيد بهذه الأصداء، وبكل شجاعة ووسط أجواء متأزمة طرح إمام المسجد سابقا ألبومه الغنائي الأول، الدكتور صلاح الراشد وجد بالغناء الوظيفة الأنسب له من وظيفة إمام مسجد.
صلاح الراشد الذي أبدع بمؤلفاته عن القيم الإنسانية بالبرمجة اللغوية العصبية والمحاضرات الأخلاقية والمساهمات في الجمعيات الخيرية، قدم هديته الإضافية إلى محبيه ومريديه في التنمية البشرية وهي ألبوم غنائي في روتانا أغاني.
☼ صلاح الراشد يمثل الجعد بن درهم في نقل ثقافة الفكر اليهودي .
لقد كان الجعد سفير الفكر اليهودي إلى بلاد المسلمين عندما أخذ مقالته في التعطيل وتقديم العقل على النقل بغير دليل عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي، الساحر الذي سحر النبي ﷺ. وكان الجعد بن درهم هذا فيما قيل: من أهل حران، وكان فيهم خلق كثير من الصابئة والفلاسفة، بقايا أهل دين نمرود والكنعانيين، الذين صنف بعض المتأخرين في سحرهم .
وهو بذاته ما يفعل صلاح الراشد في نقل البرمجة اللغوية العصبية عن فلسفات الديانات الوثنية الشرقية التي بنيت عليها فلسفة البرمجة اللغوية العصبية والتي رفعوا لها شعار التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية والثقافية.
قال ابن تيمية: (أصل مقالة التعطيل للصفات، إنما هو مأخوذ عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين، فان أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام، أعنى أن الله سبحانه وتعالى ليس على العرش حقيقة، وأن معنى استوى بمعنى استولى، ونحو ذلك، هو الجعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم بن صفوان وأظهرها، فنسبت مقالة الجهمية إليه. وقد قيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي، الساحر الذي سحر النبي ﷺ. وكان الجعد بن درهم هذا فيما قيل: من أهل حران. وكان فيهم خلق كثير من الصابئة والفلاسفة، بقايا أهل دين نمرود والكنعانيين، الذين صنف بعض المتأخرين في سحرهم) .
وكان قد تجلى حقد اليهود بعد هزيمتهم، والقضاء عليهم، في إقدامهم على إيذاء النبي ﷺ بسحرهم، وطرقهم المعهودة في الغدر، والوقيعة بين أبناء الأمة حتى حدثت الفتنة التي قتل فيها الخليفة الراشد أمير المؤمنين عثمان بن عفان t.
♦ روى الإمام البخاري من حديث عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا أنها قَالتْ: (سَحَرَ رَسُول اللهِ ﷺ رَجُل مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، يُقَال لهُ لبِيدُ بْنُ الأعْصَمِ، حتى كَانَ رَسُول اللهِ ﷺ يُخَيَّل إِليْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَل الشَّيْءَ، وَمَا فَعَلهُ، حتى إِذا كَانَ ذاتَ يَوْمٍ، أَوْ ذاتَ ليْلةٍ وَهُوَ عِنْدِي، لكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا، ثمَّ قَال: يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَـيْـتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجُلانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْليَّ، فَقَال أَحَدُهُمَا لصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُل؟ فَقَال: مَطْبُوبٌ، قَال: مَنْ طَبَّهُ؟ قَال: لبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَال: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَال: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلعِ نَخْلةٍ ذكَرٍ، قَال: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَال: فِي بِئْرِ ذرْوَانَ، فَأَتَاهَا رَسُول اللهِ ﷺ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ فَقَال: يَا عَائِشَةُ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، قُلتُ: يَا رَسُول اللهِ، أَفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ؟ قَال: قَدْ عَافَانِي اللهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثوِّرَ على النَّاسِ فِيهِ شَرًّا، فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ) .
ذلك السحر إنما صدر عن حقد يهودي، امتد ليفرق كلمة الأمة بظهور عبد الله بن سبأ اليهودي، ثم امتد ليصل إلى الجعد بن درهم وتلميذه الجهم بن صفوان، فعقائد الجهم ونظرياته إنما هي تشكيك في العقيدة، واعتراض على الوحي، استقاها من أسس يهودية بعيدة كل البعد عن منهج الصحابة في العقيدة الإسلامية.
وصلاح صالح الراشد من مواليد الكويت 1963م، وحاصل على بكالوريس علم الاجتماع، وماجستير في الدراسات الإسلامية وحاصل على دكتوراه الفلسفة في علم النفس، يشبه الجعد بن درهم إذا نظرت إلى أفعاله، فهو ممارس أول في البرمجة اللغوية العصبية، وممارس مرخص بالتنويم المغناطيسي ودبلوم العلاج بالتنويم وممارس مرخص في العلاج بخط الزمن، ورئيس مركز الراشد للتنمية الاجتماعية والنفسية، وله إصدارات عدة منها، كن مطمئنا البرنامج العلمي للتغلب على القلق، وكن شجاعا البرنامج العلمي المواجهة المخاوف، وبرنامج السعادة في ثلاثة شهور، ومئة فكرة للحصول على السعادة الحقيقية، وكيف تصبح متفائلا؟ وكتاب مجددو الإسلام، وغيرها من الكتب.
يقول في كتابه كيف تخطط لحياتك: (فجمعت مجموعة من المعلومات والتجارب القيمة لأناس مهتمين بتطور حياتهم بالفعل, وتكمن الأهمية لهذا البرنامج في كونه برنامجا علميا مكتوبا ينفع الناس الراغبة في وضع رسالة ورؤية لحياتهم، وهو يعالج مشكلة كيفية الانطلاق في حياة بما فيها من عقبات ومشاكل لابد من تحديد رسالة لحياتك ووضع أهداف وسوف تتعلم عدة أمور منها، كيف تكتشف رسالتك الحالية في الحياة؟ كيف تضع أو تغير في هذه الرسالة وفق ما تتمناه؟ وكيف ترسم خطة استراتيجية وبعيدة المدى لحياتك؟ وكيف تضع خطة قصيرة المدى وسريعة التنفيذ؟ وكيف تطبق الخطة؟ وكيف تكون شخصا منجزا وفعلا ؟ .. على أن قال: إن كل ما أود أن أسمعه منك هو أنك فعلا مستعد لذلك، وبعدما تضع خطتك لحياتك ورؤيتك وتتبع بعض الإرشادات التي سأذكرها لك سوف تفاجأ من التغييرات التي ستطرأ على حياتك سترى أبواب التوفيق تتفتح لك، وستشعر بأن لحياتك معنى، ستحب الحياة، ولن تهاب الممات سيتساوى لك الأمران، وستثري جوانب حياتك المتنوعة وستترك لمن بعدك إرثا ماليا أو علميا أو خلقيا أو غير، أو كل ذلك، إن هذا البرنامج ليس لعمر معين فقد تكون في سن المراهقة، وقد يكون عمرك في السبعين إن كلا الأمرين متساويان، هذا البرنامج ليس لثقافة معينة أيضا، فقد تكون أستاذ دكتور في الجامعة، وقد تكون من حملة الشهادات الابتدائية حتى إذا كنت لا تقرأ ولا تكتب، فيمكنك متابعة البرنامج من خلال من يقرأ ويكتب لك هذا البرنامج، لكل إنسان يود أن يضع لحياته معنى، وأن يتعلم كيف يحقق أمانيه بطريقة تضمن له بعون الله ذلك) .
ثم يمزج مصطلحات بدعة البرمجة التي استوردها من فلسفة المدربين الكافرين ويضع تحتها المعاني التي وردت في كلام رب العالمين على بعض الألفاظ المتوافقة، فتناول المعنى المختصر لكل من الرسالة والرؤية فذكر أن الرسالة ويحلو للبعض أن يسميها المهمة أو الدور، وهي ما تود أن تسير عليه في الحياة وتقول لشخص: ما رسالتك في الحياة؟ أو ما دورك في الحياة؟ أو ما مهمتك في هذه الحياة؟. والرؤية هي النتيجة النهائية التي تسعى شخصيا لصنعها يعني هو ما تود الوصول إليه، والرؤية كلمة عامة للأهداف بما أن الأهداف تنقسم إلى بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدى.
ثم يقحم الرؤية الرسالة بالمعنى القرآني النبوي في الرؤية والرسالة كمصطلحات أنشئها في بدعة البرمجة العصبية وقول بأن الرؤية والرسالة وردت في القرآن الكريم بالمعنى الذي نريد هذا، مرارا منها في قوله تعالى:﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيبا ﴾ ًالفتح:27. وفي قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ المائدة:67.
ثم يوحي للناس أن قواعد البرمجة التي يبتدعها تنطبق على الأنبياء والرسل والقادة الذين غيروا في أممهم ومجتمعاتهم، فذكر أن الناس أربعة أنواع في الرسالة والرؤية:
1- رسالة ورؤية: فهؤلاء يعرفون مسارهم وتخصصهم فيه ولديهم أهداف واضحة فهؤلاء العظماء المؤثرون السعداء الأقوياء المنتجون الواضحون المقدامون مثلهم مثل الأنبياء والرسل والقادة الذين غيروا في أممهم ومجتمعاتهم وأروع الأنبياء محمد ﷺ وأروع القادة الخلفاء.
2- رسالة دون رؤية، فهؤلاء يعرفون مسارهم لكن ليس لديهم خطة مكتوبة فهؤلاء صالحون نافعون والقادة وهؤلاء جيدون غير أنهم غير واضحين في تحقيق الرسالة ليس لديهم خطة ومتابعة.
3- رؤية دون رسالة، فهؤلاء يعرفون ما يريدون دون أن يحددوا مسار حياتهم مثلهم مثل العاملين في مؤسسات هادفة والتجار المركزين في تجارتهم فقد من أجل المال والنجاح وهؤلاء جيدون في الخطوط الثانية في سير الحياة لكن عادة ما يحققون النجاح ولا يحققون السعادة.
4- لا رسالة ولا رؤية، فهؤلاء لا يعرفون مسارهم في الحياة ولا يعرفون ما يريدون فهم أنواع منهم الحائرون الخ.
ثم تكلم عن الرسالة الشخصية، وكيف تضع رسالتك في الحياة، وما رسالتك الحالية؟ ثم استعرض صلاح الراشد طريقة البرمجة العصبية، في الصعود وأخذ القارئ بتسلسل للوصول إلى اكتشاف رسالته، وتكلم عن محتويات مهمة في الرسالة، ربك. نفسك. الآخرين. غايات أخرى. وبين أنه يمكن التعديل والتغير في الرسالة ولكن ليس بشكل مستمر، وأنه إذا عجزت عن ذلك يمكنك أن ترجع إلى سير الناجحين.
ثم يستشهد بنصوص من الكتاب والسنة لكل ما يلقى في خواطره من أفكار وشبهات يعتقدها حقا وهي من نزغ الشيطان وتلبيسه حتى يظن الظان أن البرمجه العصبية التي تكونت من ملل الكافرين والملحدين هي الأصل الذي يرفع الإيمان في نفوس المؤمنين.
☼ ما أحدثه إبراهيم الفقي من البدع يماثل ما أحدثه الجهم بن صفوان.
ومن مشاهير مدربي البرمجة اللغوية العصبية في العالم الإسلامي دكتور إبراهيم الفقي وهو مصري هاجر إلى كندا لدراسة الإدارة، وبدأ هناك في وظيفة غسيل الأطباق، وفي وظيفة حارس لمطعم وحمال كراسي وطاولات في فندق بسيط، وتدرج في الوظائف الفندقية حتى درجة مدير قسم في قطاع الفنادق بفندق فلسطين بالإسكندرية ووصل إلى الدرجة الثالثة وهو في سن الخامسة والعشرون.
حاصل على مرتبة الشرف الأولى في السلوك البشري من المؤسسة الأمريكية للفنادق، وحاصل على مرتبة الشرف الأولى في الإدارة والمبيعات والتسويق من المؤسسة الأمريكية للفنادق، وحاصل على 23 دبلوم وثلاث من أعلى التخصصات في علم النفس والإدارة والمبيعات والتسويق والتنمية البشرية، وشغل منصب المدير العام لعدة فنادق خمسة نجوم في مونتريال كندا، وله عدة مؤلفات ترجمت إلى ثلاث لغات الإنجليزية والفرنسية والعربية حققت مبيعات لأكثر من مليون نسخة في العالم، درب أكثر من ستمائة ألف شخص في محاضراته حول العالم وهو يحاضر ويدرب بثلاث لغات الإنجليزية والفرنسية والعربية، وبطل مصر السابق في تنس الطاولة وقد مثل مصر في بطولة العالم في ألمانيا الغربية عام 1969.
ولو رجعنا إلى الوراء لوجدنا أن أساس البلاء والشقاء، وحامل لواء مقدمي العقل الباطن والآراء على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، رجل يدعى الجهم بن صفوان الخرساني الذي توفى في نهاية الربع الأول من القرن الثاني الهجري ([5]).
وكان الجهم (ت:128هـ) في شخصيته كشخصية إبراهيم الفقي متحذلقا كثير الكلام والجدال، ولم يكن له علم بالشرع، ولا مجالسة لأهل العلم، بل كلامه وجداله أساسه التفلسف في الرأي، والسفسطة بالهوى، وأنت ترى في شخصية الفقي رجلا تربي بين الفنادق السياحية وما فيها من مناظر يعف اللسان عن ذكرها.
كانت عقائد الجهم بن صفوان ونظرياته إنما هي تشكيك في العقيدة، وبرمجة الوحي الإسلامي بحسن نية طبعا كما يحدث من رائد التنمية البشرية إبراهيم الفقي، وقد استقاها الجهم من أسس يهودية بعيدة كل البعد عن منهج الصحابة في العقيدة الإسلامية، كذلك استقى إبراهيم الفقي البرمجة العصبية عن خليط من الفلسفات الكفرية بعيدة كل البعد عن منهج الصحابة في العقيدة الإسلامية وحسن صورتها وسماها دورات التنمية البشرية.
استمد الجهم بن صفوان فكره فهو طريق وثني، ظهر إثر احتكاكه بالمشركين، فالجهم لقي أناسا من المشركين، يقال لهم السمنية، نسبة إلى قرية بالهند تسمى سُومَنَات. وهي فرقة تعبد الأصنام، وتقول بتناسخ الأرواح، وتنكر الوحي والدين، جرت بينهم وبين الجهم مناظرة عقلية. لما عرفوا الجهم قالوا له: نكلمك ونناظرك، فإن ظهرت حجتنا عليك، دخلت في ديننا، وإن ظهرت حجتك علينا، دخلنا في دينك، فكان مما كلموا به الجهم أن قالوا له: ألست تزعم أن لك إلها؟ قال الجهم: نعم. قالوا له: فهل رأيت إلهك؟ قال: لا. قالوا: فهل سمعت كلامه؟ قال: لا. قالوا: فهل شممت له رائحة؟ قال: لا. قالوا: فوجدت له حسا؟ قال: لا. قالوا: فما يدريك أنه إله؟ فتحير الجهم، فلم يدر من يعبد أربعين يوما
وقد استدرك الجهم بن صفوان حجة كحجة النصارى، الذين يزعمون أن الروح الذي في عيسى هو الله، وأن الله يحل فيه، فإذا أراد الله أمرا، دخل في عيسى فتكلم على لسانه، فيأمر بما يشاء، وينهى عما يشاء، وهو روح غائبة عن الأبصار، فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة، وقال لمن ناظره من السمنية: ألست تزعم أن فيك روحا؟ قال السمني: نعم، فقال له: هل رأيت روحك؟ قال: لا. قال: فسمعت كلامها؟ قال: لا، قال: فوجدت لها حسا؟ قال: لا. قال: فكذلك الله لا يرى له وجه، ولا يسمع له صوت، ولا يشم له رائحة، وهو غائب عن الأبصار، وهو في كل مكان، فالمخلوقات بمثابة الجسد، والله تعالى في داخلها بمثابة الروح .
قال أبو معاذ البلخي: (كان جهم على معبر ترمذ ـ بلد من نواحي إيران ـ وكان رجلا كوفي الأصل، فصيح اللسان، لم يكن له علم، ولا مجالسه لأهل العلم، وكان قد تناقل كلام المتكلمين، وكلمه السمنية، فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده؟ فدخل البيت لا يخرج كذا وكذا، ثم خرج عليهم بعد أيام فقال: هو هذا الهواء، مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلو منه شيء)
بهذا الفكر العقلي الخبيث الذي زعم به الجهم بن صفوان أن الله تعالى حل في مخلوقاته، وهو بذاته في كل مكان، نظر في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فما توهم بظنه السيئ أنه يوافق رأيه من النصوص احتج بها، وما توهم أنه يخالف مذهبه منها، أنكرها وعطلها عن مدلولها، وإن كانت تلك النصوص من السنة الصحيحة فالويل لها منه، فقد اتهمها بأنها أمور ظنية وآحاد مروية لا تدل على اعتقاد، فوجد قوله تعالى: چﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ چ الحديد:4. فأخذه حجة لرأيه في الحلول والاتحاد. وكذلك قول الله تعالى: چ ﭥ ٹ ٹ ٹ ٹﭪﭫ چ الأنعام:103. فبنى عليه نفي صفات الله وتعطيلها.
لقد كان إبراهيم متخوفا من تدريب الناس على البرمجة اللغوية العصبية في العالم العربي في البداية، لكنه فوجئ بالسوق الرائجة للبرمجة، بل والطلب الشديد على الطاقة والتأمل والتنفس، مما جعله ينقل إليه كثيرا من تجارته، ويتعاون مع دكتور صلاح الراشد الذي يماثل الجعد بن درهم في تقديم دورات المستويات العليا في ما يسمى الطاقة البشرية يدرب فيها على أكثر الطقوس ومفاهيم الأديان الشرقية مخلوطة بتقنيات إدارية وسلوكية تحت اسم البرمجة الغوية العصبية والطاقة البشرية وغيرها.
☼ التنمية البشرية مبنية على تقديس العقل والمبالغة في القدرة البشرية.
إن المتتبع لمسلمات برمجة اللغة العصبية أو فلسفة هذا العصر في التنمية البشرية يجدها تزعم كسابقيها أن بمقدور العقل واللغة عمل العجائب والمعجزات في حياة الإنسان، وقسمت العقل إلى: عقل واعي وعقل باطن أو لاواعي. وتزعم أن العقل الباطن هو مصدر قوة الإنسان. فقد ذكر ميرفي في كتابه قوة عقلك الباطن توضيحا لمفهوم العقل الظاهر والعقل الباطن، حيث أشار أن الأول هو الواعي الذي هو يكمن فيه القرار، ويتعامل مع الأمور الظاهرية والخارجية؛ فيكتسب منها الإدراك والمعرفة من خلال حواسه الخمس ووظيفة التفكير.
أما الثاني العقل اللاواعي الذي هو مصدر الذكاء، يكتسب علمه ومعرفته من البيئة المحيطة به بواسطة الحدس والبديهة، وهو مركز العواطف والانفعالات، ومخزن للذاكرة. ومن تقرير ميرفي بأن العقل الباطن يؤدي أعظم وظائفه في حال غياب الحواس الخمس، وذلك في حالة النعاس أو النوم أو الهدوء، يتبين سبب استخدامهم للتنويم المغناطيسي؛ وذلك لتعطيل العقل الواعي. ويزعم ميرفي أن هذا العقل الباطن بإمكانه أن يرى كل ما هو واقع خارج نطاق البصر، وبإمكانه مغادرة الجسد ويرحل إلى أماكن بعيدة لجلب معلومات مهمة عن الشخصية أو النمط المُراد. ويزعم أن العقل الباطن بإمكانه قراءة أفكار الآخرين، وتقدير محتويات الخطابات والخزائن المغلقة. ويؤكدون أهل هذه المهنة أن العقل الباطن يتقبل أي افتراضات أو إيحاءات مهما كانت خادعة أو غير صادقة. ولذلك فإن العقل الواعي يستجيب وفقا لطبيعة الافتراض المُوحى إليه من قِبل العقل الباطن.
وهذا من قبيل التأثير الإيحائي والتخييلي وإدخال الشعور في اللاشعور عن طريق التخاطب مع العقل الباطن بإملاء أو إرسال رسائل متواصلة وهمسات متكررة وتخييلات حتى يستوعبها وتستقر فيه. وبذلك يتحكم اللاشعور أو اللاواعي في هذا الإيحاء فيستلم زمام الأمر ويستمر ليوحي ويذكر ويقرر كما يزعم أهل البرمجة.
والتأثير الإيحائي والتخييلي في الأصل يرتكز على تأثير وقوة الكلمات والألفاظ والعبارات وتمويجها وزخرفتها ولحنها ورنين ونبرة الصوت وهمسه؛ لتؤثر على العقل الباطن اللاواعي. وكذلك جُعل للعقل الباطن قوانين تخالف النقل الصحيح والعقل الصريح كقوانين الجذب والحسم والتحكم والتنبؤ وغيرها.
وهذه الفلسفة أو تقنية البرمجة اللغوية العصبية وُلدت من رحم التنويم المغناطيسي، كما أقر بذلك المتخصصون بها، إلا إنها فاقتها في كونها تتعامل مع حواس الإنسان جميعا عند إدارة عقل الإنسان وذلك من خلال عمل وتجارب علمية منظمة ومقننة: سمع، وبصر، ومذاق، ولمس، وشم. وأما التنويم المغناطيسي الكلاسيكي فهو كان يعتمد فقط على حاسة السمع من خلال الموسيقى الهادئة والاسترخاء، وتسجيل التجربة. ويُستخدم هذا العقل الباطن في طلب الشفاء، والثروة، والسعادة، والزواج، وجذب الأشخاص، وغيرها من الأمور الدنيوية.
ويزعمون أن سبب الشفاء هو الحالة الذهنية التي سيرت الإيحاء بالصحة من خلال العقل الباطن، والتي قبِلها العقل الظاهر للمريض، وهذا الأمر أيضا يتجلى بوضوح في ممارسة التنويم الإيحائي أو الإريكسوني. ولذلك فإن المُنوم سوف يقوم بما يُملي عليه المعالج بدقة متناهية كما يزعمون، وسوف تتغير شخصيته في خلال هذه العملية.
ويذكر ريتشارد باندلر أحد مطوري البرمجة اللغوية العصبية في برامجه التعليمية والتدريبية لهذه البرمجة: أن برنامجه لتعليم هذا التقنية يخضع لعدة مراحل منها التدريبية والممارسية وغيرها متقدمة. فمثلا يقدم برنامج ممارس وبرنامج ممارس متقدم ضمن دورات البرمجة اللغوية العصبية. فبرنامج الممارس يتم تقديم طرق الاتصال المتعددة المستويات، والصيغ والتعامل مع الإطارات، ومُشغلات وتعاقبات النمذجات، والاستدراج والملاحقة المركزية والإستراتيجية عن طريق استخدام تطابق النميطات للوصول لهذه الإستراتيجيات. وعمليات النغمات والترنيمات والنبرات والإرساء وتسلسل الحالة ونظم القوى والدفع تتم عن طريق عمليات وتقنيات متقدمة كالتنويم الإيحائي والاتصال الحالي التداخلي والتخدير والتغييب والاسترخاء بتكاملها مع نموذج ملتون وطرق بدائية من البرمجة اللغوية العصبية؛ لصنع التغيير المطلوب والتأثير وتسلم وتنبأ الطاقة أو الحالة مع تخدير عميق إستراتيجي. ويقول أما بالنسبة لبرنامج الممارس المتقدم فيتم تقديم أساليب وقواعد التأثير المتطورة، وإستراتيجيات الواقع والمحيط، وكمية مكثفة وكبيرة من مهارات التأثير والسحر المتقدمة. وماهية كلمة السحر في البرمجة عند ممارسيها وغيرهم قد اضطربت واختلطت على البعض، فمنهم من أطلقها على ماهية التأثير والسحر بذاته، ومنهم من أطلقها كاستعارة ومجاز للإشادة بإمكانية فعل المعجزات من خلال تقنيات البرمجة.
☼ اعترافات بضلال من تلقى دورات البرمجة العصبية والتنمية البشرية.
وذكرت متدربة تحكي تجربتها حضرت كمن حضر بعض الدورات عن البرمجة اللغوية العصبية التي أصبحت منتشرة في مجتمعنا اليوم بموضوعات مختلفة وتحت عناويين متنوعة وإني بمقالي هذا لا أهاجم هذا العلم المسمى البرمجة اللغوية العصبية ولا أقف ضد أصحابه فلكل منا يوم القيامة بين يدي ربه شأن يغنيه، ولكني وكل مسلم ينبغي أن نقف في وجه كل علم كائنا ما كان إن تطاول بعنقه على كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم برأي يخالف قولهما.
في إحدى الدورات قال لنا المدرب: من أراد الخشوع في صلاته فلينظر ببصره إلى هذه الجهة وحددها وسيزداد خشوعا، وبدأ يبرر ويشرح عمل فصي الدماغ وكيف أن هذا التدريب يوصلك إلى درجات عالية من الخشوع، فاعترضت وقلت: ولكن الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يتجه ببصره موضع سجوده وهو القائل عن نفسه فداه أبي وأمي: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له وقال أيضا: صلوا كما رأيتموني أصلي وقال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. فأراد المحاضر المبرمج أن يوضح لي الأمر ويثبت صحة ما يقول وليته لم يوضح فقال: جربي بنفسك وسترين النتائج، واستمر النقاش بيننا ومدربنا يؤكد صحة ما يقول مستدلا بما جاء في علم البرمجة اللغوية العصبية وفلسفات الطاقة الكونية. تمنيت لو قلت له: غفر الله لك يا أخي، إن رجلا أكل بشماله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كل بيمينك. فقال: لا أستطيع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا استطعت. فما رفع الرجل يده، وأنا أقول لك كان نظر النبي صلى الله عليه وسلم موضع سجوده فتستدل بالتجربة. أخشى والله إن رددت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولك ألا يرتد إلي بصري. أجزم أنه قال ما قال بجهل وربما حسن نية، ولكن كم من كلمة أوردت صاحبها المهالك وضلت وأضلت. أن تصل قناعات مسلم بهذا الأمر إلى هذا الحد فنسأل الله له الهداية وأمره إلى الله، ولكن أن يتصدر لتعليم الناس هذه القناعات فلا والله ما يرضى مسلم واحد أن يرد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الهراء.
وفي دورة أخرى حضر معي ابني، تحدث المدرب عن العقل الواعي والعقل اللاواعي وكيف أن العقل اللاواعي يحذف النهي وينفذ ما بعده وشرح وأفاض، واقتنع ولدي وكثير من الحاضرين بهذا الكلام؛ فحاورت المحاضر ولكنه أصر على قوله واستدل بأنه استقصى كل آيات النهي في القرآن ولكنه لم يتمكن بعد من إجراء هذا الاستقصاء على أحاديث المصطفى ﷺ. ودخلت معه في حوار طويل مفاده، إن أول ما يتعلمه المسلم من الدين بالضرورة معنى الإسلام وهو الاستسلام والانقياد لله فيما أمر واجتناب ما نهى، ولن تهدم هذه القناعات الواهية هذا الأساس الجليل، فلن يكون هناك استسلام ولا انقياد مادام لكل منا عقل لاواعي يقرر ويحذف دون أن نعرف.
من يقبل أن تربى أجيالنا على هذا الخواء، ليقبل عقلك اللاواعي أو لا يقبل أنت كلك من أنت حتى ترفض؟ أو يسع المسلم أن يقول غير سمعنا وأطعنا بلا استقصاء ولا تفكير ولا تردد ولعل الله أن يقبل منه قوله وعمله،
ضدان يا أمتي لا يجتمعان، منهج جيل رباه النبي ﷺ على قوله تعالى: ﴿ ُيؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ (المؤمنون : 60 ) ، وتربى على أن إذا سمعت قول الله تعالى:﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ ، فارعه سمعك فإنما هو خير يأمرك به أو شر ينهاك عنه. جيل رباهم النبي ﷺ على الانقياد الحق فكانوا كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لم أكن أدع سنة رسول الله ﷺ لقول أحد من الناس،
قال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِينا ﴾ ًالأحزاب: 36.
وسار سلفنا الصالح على سيرهم فكان الأوزاعي يقول: اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم.
ومنهج يراد أن تربي عليه أجيالنا اليوم معتمده عقول لا واعية تحذف النهي أو تستقصي لتبحث عن سبب وإيضاح بعده، أخشى أن تجيب الملائكة على عقولنا اللاواعية بقولها: لا وعيت ولا دريت.
لم نقرأ يوما أن أحدا من الصحابة استقصى آية أو حديثا ليعرف سبب النهي فيها حتى يقبلها عقله اللاواعي فينتهي حيث نهي، لقد كان عبقري هذه الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقافا إذا قرأ الآية لم يتجاوزها، ويدرب اليوم دعاة الإصلاح بمهارات البرمجة اللغوية عقولنا اللاواعية لتبحث عن سبب النهي في كل أمر وإلا فإن النهي سيحذف، فلنحذر من أن نفسد على الناس أمر دينهم من حيث نريد أن نصلح قال تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
وهذه متدربة أخرى تقول عن تجربتها بل وجميع المتدربات الراغبات في السؤال أو التعقيب يسألن ويعقبن إلا واحدة هي أنا، لماذا؟ لأني كما سبق أخالف أهوائهم، أقف أمام إعجاب واندهاش الحاضرين باختراعهم وعلمهم؟ لأنهم لا يملكون الرد على ما أضعه أمامهم من نقد يُظهر ضحالة برمجتهم وسخفها ومخالفتها لمراد الله ورسوله، ولما تعلمناه من أمور دينا من قواعد وقوانين في التعامل مع النفس والآخرين، وسنن الله في خلقه؟ وخذ مثلا أنهم لا يجعلون للمعاصي أدنى تأثير في حياة المرء، فلو أن أحدنا أمر الله بعقوبة تحل عليه لذنب ارتكبه، فإن البرمجيين يجزمون لك بقدرتك على تخطي هذه العقوبة إما بخط الزمن أو نموذج ميلتون أو غيرها من الشعوذات وصكوك الغفران، وينسون﴿ َوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ آل عمران: 165 . وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ويزعمون قدرتهم على التسوية بين الناس في قدرتهم على استجلاب السعادة والنجاح، وأن الأمر يخضع لسعي المرء فقط أي لتطبيقه نظريات البرمجة وينسون قوله تعالى: ﴿ أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ﴾ الجاثية:21.
ومن أين يستمدون طاقاتهم وقوتهم في مواجهة الصعاب؟ من العقل والنفس فيعليان من شأنهما فبدلا من ترديد يا حي يا قيوم يرددون أنا قوي أنا ناجح، ويوجبون عليك إحسان الظن حتى بالشيطان في قاعدتهم التي يطلق عليها البعض استتارا فرضية وهي كالدستور لديهم وراء كل سلوك نية إيجابية، ويقضون على الولاء والبراء وكأنه لا تصنيف أنزله الله للناس مؤمن وكافر ومنافق حين يدرسونك قاعدتهم احترام وتقبل الآخرين كما هم، وينفون تفضيل الله لبعض الناس على بعض وحكمته وقضاءه وقدره وتصريفه في عباده بقاعدتهم إذا كان أي إنسان قادرا على فعل أي شيء فمن الممكن لأي إنسان آخر أن يتعلمه ويفعله ولا يعقبونها بإن شاء الله ولا يجرؤون على تغيير هذه المنكرات ولو في دوراتهم، باختصار، هم لا يجعلون لله أي تأثير في عباده تماما مثل كهنتهم الكفرة الذين أخذوا عنهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله فأي استسلام وانهزامية وتبعية هذه، وغير هذا كثير مما لا يطول تفنيده.
قلت ومن خرافات بعض المبرمجين قولهم: اتخذ القرار لتسير على النار لمن يتدرب عنده، وكأنه إما نبي كالخليل عليه السلام أو ولي صالح أكرمه الله بذلك وأين الاعتماد على القوة الذاتية من آية لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ﴿ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾ التوبة:25 .
يقول أحد الأفراد: كنت مع شخص قد تعلم البرمجة وكنت أبدي الندم على شيء فعلته فقال لي بفخر: إن من قواعد البرمجة لا تندم على شيء فعلته بالأمس لأنه خير أمر فعلته في ذلك الوقت، فأين محاسبة النفس.
☼ اعترافات بضلال من تلقى دورات البرمجة العصبية والتنمية البشرية.
ذكر دكتور استشاري أخصائي نفسي أنه لدي عيادة خاصة نستخدم فيها الأساليب الإسلامية في معالجة كثير من الأمراض العقلية والنفسية، وكثير من الذين يزورونا في العيادة يشكون من الغش الذي تعرضوا له من جراء المنادين بالبرمجة العصبية والتنويم المغناطيسي والعلاج بخط الزمن والإيحاء وللأسف إنهم يتميزون بصفتين الصفة الأولى أنهم غير متخصصين، والصفة الثانية أنهم متدينون درسوا في أوروبا وأمريكا يحملون كثيرا من العلم الأوروبي وقليل من العلم الشرعي فرجعوا ومعهم هذا الأفكار، وتكلمنا كثيرا معهم ومع من يهرولون وراء هذا النوع من الدورات ولكن دون جدوى، والادهى والأمر وما يجب محاربته، هو التنويم المغناطيسي وخط الزمن والإيحاء، فقد جاءت إلى العيادة وحده ممن وقع في هذا الطريق تعرض خدماتها لتنضم إلى فريق العيادة وعندما سألتها عن الأدوات التي تحتاجها لتنويم المغناطيسي والعلاج بخط الزمن والإيحاء قالت أريد إضاءة خافته وبخور وأشياء وهي تريد أن تحويل الغرفة إلى مكان يشبه مكان السحرة والمشعوذين والعياذ بالله.
لقد بلغت خطورة انتشار هذا التجاه البدعي عند المتدربين بالبرمجة اللغوية العصبية إلى درجة أن الكويت فيها أكثر من ثلاثة آلاف مدرب معتمد بالبرمجة اللغوية العصبية في غضون بضع سنوات وللأسف أنهم تخرجوا من مركز صلاح الراشد للاستشارات النفسية والاجتماعية علي يد د.صلاح الراشد ود. إبراهيم الفقي، ومعهد د.نجيب الرفاعي والملاحظ أنهم كلهم متدينون. مجلة الفرقان مجلة الفرقان الكويتية العدد رقم313 .
ويذكر الدكتور صالح بن علي أبو عراد أن هذه النوعية من البرامج دائما ما تكتسي بزي العلم والمعرفة، وهي في واقع الأمر كذب وخداع وزيف لا فائدة منه ولا نفع فيه لاسيما وأن بعض الكتابات المعنية بهذا الشأن تُشير إلى أن هذه البرامج على اختلاف أنواعها مما يمتزج فيه الشرك بالوثنية من الفلسفات القديمة في الصين والهند؛ فهي بذلك ذات جذور فلسفية شرقية قديمة تعتمد على فكر فلسفي مادي يقوم على كثير من المغالطات التي تُعظم شأن الإنسان، وتعمل على تضخيم قدراته العقلية بصورة مُبالغ فيها حتى أنها قد تصل إلى إعطاء الإنسان كما يزعم بعض دعاة هذه البرامج قدرات حتمية يمكن له من خلالها تحقيق النجاح في كل شأنه متى ما عرف ما يُسمى بوصفة النجاح التي يُمكنه من خلالها تحقيق كل ما يريد من أهداف ومقاصد مهما كانت عظيمة أو مستحيلة، اعتمادا على تلك القدرات المزعومة التي يأتي من أبرزها عندهم ما يُسمى بالقوة المعجزة والفاعلة للعقل الباطن الذي يجعل منه أصحاب هذه البرامج ركيزة أساسية تصنع المعجزات وتُحقق المستحيل في حياة الإنسان وعلى الرغم من انتشار هذه البرامج بطريقة لافتة للنظر حتى ضج بها المجتمع، وانتشرت فيه انتشار النار في الهشيم لتكون بمثابة الموضة العصرية التي تدعي وتزعم أنها علم يطور مهارات الإنسان ويزيد من جودة الأداء في مختلف المجالات الحياتية؛ إلا أن هناك العديد من المآخذ التي يمكن للجميع ملاحظتها على هذه البرامج المزعومة، والتي يأتي من أبرزها ما يلي:
1-أن تسمية هذه البرامج بالبرمجة اللُغوية العصبية أو برمجة الأعصاب لُغويا تدل دلالة واضحة على الغموض الذي يكتنفها والضبابية التي تحول دون معرفة حقيقتها لاسيما وأن عملية نقل المصطلح من لغة أو ثقافة إلى أُخرى لا بُد وأن يكون متلائما مع البيئة المنقول إليها لأن اللفظ قد يكون مشحونا كما يُشير إلى ذلك بعض الكُتاب بدلالات غير مناسبة في هذه البيئة، أو أن يكون غامضا وغير واضح المعنى، وهو ما يتوافر ويتحقق بوضوح في هذا المصطلح المشوه.
2- أن هذه البرامج المزعومة أصبحت عند الكثيرين ممن فُتنوا بها تُمثل الحل الأمثل والمخرج الوحيد لجميع مشكلات الناس على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم الاجتماعية، وأنها بمثابة السبيل الذي لا بديل عنه لتحقيق آمالهم وزيادة نجاحاتهم.
3- أن هذه البرامج عبارة عن خليط من العلوم المختلفة التي تقوم على التخيل والإيحاء والمنطق وغيرها من العلوم التي لم يُنزل الله بها من سلطان، ولذلك فهي تُشكِل في مجموعها تلاعبا بالعقل وعبثا بالمشاعر والأحاسيس عند الإنسان.
4- أنها تعتبر الإنسان في كثير من الحالات مجرد آلة صماء يمكن إعادة برمجتها حسب الطلب، ومن ثم تشغيلها وفقا لتلك البرمجة؛ ولذلك فإن كثيرا من المهتمين بها يعدونها برامج لهندسة النفس الإنسانية، أو هندسة النجاح الإنساني على حد تعبيرهم.
5- أن هذه البرامج تعتمد في المقام الأول على طرائق التفكير وأنماطه عند الإنسان حيث تعد التفكير بمثابة الموجه الوحيد للإنسان، وعندما يختل التفكير فإن الإنسان كله يختل معه فلا بد من التنبه الواعي لخطر هذه البرامج التي لا تقل في خطورتها عن غيرها من المظاهر والدعوات التغريبية التي أفرزتها العولمة، والتي تعمل بهدوء على سلب هوية الأمة، ومسخ فكرها، والطعن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في عقيدتها ومبادئها وقيمها ومنطلقاتها الرئيسة.
ومن المؤسف أن بعض الدعاة كالدكتور عوض القرني طعن فيمن يلمس حمى البرمجة اللغوية العصبية وراح يتطاول عليهم وكأنهم نقضوا ركنا من أركان الإسلام فقال عنهم: (ولئن كان بعض الناس يشككون في هذا العلم فإنما أتوا من جهلهم بالشرع أو جهلهم بالبرمجة اللغوية العصبية أو جهلهم بالأمرين معا أو لأغراض في نفوسهم، وفي كل مجتمع أناس عقولهم منغلقة وتفكيرهم سطحي يقفون ضد كل جديد لأنه جديد فقط ويرفعون لافتة الغيرة على الدين والشريعة وهم في الحقيقة إنما يدافعون عن أهوائهم وينفسون عن نظراتهم السوداوية لكل شيء، لا يوجد على كلامهم أثارة من علم وليس لديهم ذرة من إنصاف، يجهلون كل من سواهم ويتهمون نيات من لا ينظر بمنظارهم الأسود، أصحاب عبارات متأججة بالحماس الانفعالي وكلمات متدثرة بالتعميم الخاطئ، لا منهج علمي صريح ولا حجاج عقلي صحيح، كالخشب المسندة التي نخرها السوس حين تراها تظنها صحيحة سليمة فإذا وضعت يدك عليها تهاوت فارغة من كل حقيقة، عارية من كل حق والعياذ بالله).
وهذا الكلام يعد في غاية الخطورة ففيه اتهام للنيات ومحاكمة للسرائر على غرار محاكم التفتيش التي حذر الدكتور من الوقوع فيها. بعد ذلك تطاول دكتور عوض على الداعية الفاضلة فوز كردي، وبطريقة مستهجنة عند أهل الفضل والعلم والأدب الذين يعرفون قدرها وجهودها الدعوية في الساحة كما يعرفون قدرك وجهودك وبقالب من السخرية لا ينبغي أن يصدر من داعية مثلك، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ الحجرات: 11 .
وقد رد د. خالد الغـيـث فوجه إلى الدكتور عوض بصفته مدربا معتمدا في البرمجة اللغوية العصبية، وأقول له: إنك تعد أحد منتقدي البرمجة دون أن تدري؛ لأنك قد كسرت أبسط قواعد البرمجة اللغوية العصبية مع إنك مدرب ولست ممارسا، ولا أدري كسرك لهذه القواعد يعد ثورة منك على البرمجة أو حركة تصحيحية لهذه الفلسفة، على أية حال إليك أبرز تلك القواعد التي قمت بإسقاطها بالضربة القاضية الفنية، احترام وتقبل الآخرين كما هم، وراء كل سلوك توجد نية إيجابية، الشخص الأكثر مرونة يمكنه التحكم في الأمور، معنى الاتصال هو النتيجة التي تحصل عليها، والخارطة ليست المنطقة. كذلك قمت بكسر استراتيجية التوافق وبناء الألفة وهي من صميم فلسفة البرمجة، وبعد كل ما سبق يتضح لمحبي البرمجة أن المدافعين عنها هم أنفسهم الذين يكتبون شهادة وفاتها. كذلك فإني أستغرب سكوتك عما في البرمجة من مخالفات عقدية وشرعية وقولك عنها إنها من العلوم المحايدة، فهل عبادة العقل الباطن وهو أحد ركائز البرمجة تعد من الأمور المحايدة؟ وهل المشي على الجمر الذي بات ينتشر في دورات البرمجة يعد من الأمور المحايدة أم من الطقوس الوثنية التي لا يجوز للمسلم أن يتعلمها وينشرها بين المسلمين؟
وتذكر الدكتورة نجاح الظهار في موقفها من هذه البرمجة أنه لن يهدأ أعداء الإسلام، ولن تغمض عيونهم؛ حتى يروا الإسلام وقد ذهبت عنه هيبته، وانمحى أثره من النفوس؛ لذا، نجدهم يتقلبون على جمر الغضى، ويشحذون عقولهم وفكرهم لاختراع الأساليب الماكرة، التي في ظنهم ستحقق مآربهم، ولكن هيهات هيهات، فهم كلما شقوا طريقا للفساد، واعتقدوا أنهم وصلوا إلى النهاية، وشارفوا على حصد النتائج والثمار، يُفاجئون بأن الطريق قد رُدم, وأُوصد دونهم، فيرتدون على أعقابهم خاسرين، لذا نجد أساليبهم دائمة التجدد، وفيها من الخفايا والخبايا مالا يعلمه إلا الله. فأخطر ما تفتقت عنه أذهانهم الخبيثة، هو الدخول على أبناء الإسلام بخديعة التجديد والتطور، وتنمية القدرات والأداء البشري، وتطوير الذات، وإكسابها القوة والثقة، وفي سبيل ذلك استخدموا تقنيات حديثة، فيها من التزييف والتزويق ما يخدع الألباب، وسموها بفلسفة البرمجة اللغوية العصبية.
وإن أخبث ما قاموا به، أنهم أفلحوا في تصيد عدد من خيرة الأفراد الذين يتمتعون بسمعة طيبة، ويظهر عليهم التمسك بالدين والعقيدة، واتخذوهم مدخلا للتدليس على البقية، وأوهموهم بأن علم البرمجة اللغوية العصبية لا يتعارض مع الدين الإسلامي، بل إن كثيرا من مبادئه وتقنياته موجودة في القرآن والسنة، وعلى هذا الأساس شرعوا يؤسلمون تلك المبادئ، ويبحثون لها عن وجهة إسلامية غير مبالين بلي أعناق النصوص وتأويلها، بما يخدم أغراضهم، حتى أصبح أبناء الإسلام أشد خطرا من أعدائه عليه.
فقد غفل أولئك عن باطن هذه الفلسفة، وفرحوا بظاهرها، وبالمصطلحات المشتركة بين هذه الفلسفة ,وبين المصطلحات الإسلامية، وتناسوا أنه اشتراك في ظاهر اللفظ فقط، أما المضمون فإنه يختلف تماما لاختلاف العقيدة. لقد اغتر أبناؤنا بالأهداف المعلنة البراقة، التي لا يدل ظاهر معظمها على أي خطر، وبالتالي لا يجرؤ أحد على رفضها، وانشغلوا بها عن البحث الجاد عن حقيقة هذه الأهداف والوقوف على خفاياها، ولم يلتفتوا إلى الطرق والممارسات التي تتحقق من خلالها تلك الأهداف، وما فيها من مخالفات للدين والشرع.
لقد حق لمن أدرك خطر هذا الاتجاه البدعي المسمى بالتنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية أن يسميها الوثنية في ثوبها الجديد لأن هذه الفلسفة تدعو إلى عبادة العقل والذات، عن طريق تعظيم قدرات الإنسان، التي يحققها عقله الباطن، فصارت النفس والعقل صنما يُعبد من دون الله.
وكذلك فُتن الناس بالمال، فأصبحوا يلهثون وراء تحقيق المكاسب العظيمة والسريعة التي أخذت تتدفق إلى جيوبهم من خلال إقامة هذه الدورات، حتى أصبحوا عبدة للدينار والدرهم، وضحوا في سبيل ذلك بعقيدتهم ودينهم من حيث لا يعلمون.
فوثنية هذا العصر قد تزينت بأثواب كثيرة خادعة وبراقة، وأخطر تلك الأثواب التي تلبسها هو ثوب الإسلام؛ لتجتذب به أكبر شريحة من أبنائه، الذين ما إن رأوا آياته وأحاديثه تتصدر تلك الفلسفة، حتى ظنوا بها خيرا، فتسابقوا إليها.ولم يخطر ببالهم أن هذه الفلسفة تهدف في باطنها إلى جعلهم يقيمون العبادات ويزدادون فيها، ولكن بعد تجريدها من مضمونها الإسلامي فتصبح مجرد حركات لا تعود بالنفع على صاحبها.