طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع - الصفحة 116 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم المتوسط > قسم النشاطات الثقافية والبحوث واستفسارات الأعضاء > قسم البحوث و الاستفسارات و طلبات الأعضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-02-07, 11:12   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي


الأمير عبد القادر
من خلال مخطوط نادر
عبد المنعم القاسمي الحسني



بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبيينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



مداخلة خاصة بالملتقى الدولي الخاص بالأمير عبد القادر بالحامة الجزائر العاصمة مايو 2005.


إعداد الأستاذ عبد المنعم القاسمي الحسني, أستاذ بجامعة ورقلة, مكلف بالإعلام والاتصال بنفس الجامعة.

يتضمن نص المداخلة ما يلي:...




تمهيد،
التعريف بصاحب المخطوط,
التعريف بالمخطوط,
أهميته,
النص,
أهم النقاط التي جاءت فيه,
خاتمة.


تمهيد:


إن الكتابة عن الأمير عبد القادر وتاريخه أمر مدهش وصعب في نفس الآن, أن نقول كلمة تستوفيه حقه أمر مستحيل, وإلى الآن وبالرغم من ظهور مئات الدراسات والكتابات التاريخية التي تناولت جوانب متعددة من حياته المليئة بالبطولات والمواقف الإنسانية الخالدة, لم نجد من قال الكلمة الفصل في تاريخ هذا الرجل العظيم عظمة هذا البلد, الصامد صمود هذا البلد الوفي وفاء هذا البلد.


تاريخ الأمير عبد القادر تاريخ عظيم مشرف وهي حقيقة لا يستطيع إنكارها إلا جاحد مكابر, عطرت سيرته تاريخ هذا البلد المليء بالبطولات والأمجاد, ولا يحتاج منا إلى تشريف أو تكريم.


الناظر والمتفحص في تاريخ الأمير عبد القادر, يخرج بحقيقة واحدة هي إيمانه بالإنسان وما يمكن أن يقدمه للإنسانية، تاريخ غني ثري يحتاج إلى سنوات جهد طويل للكشف عن كل حقائقه وخباياه, فها نحن إلى يوم الناس هذا لا نزال نكتشف كل يوم حقيقة أخرى وفكرة أخرى كنا نجهلها.

إنني بمداخلتي البسيطة هذه أحاول أن ألفت الانتباه إلى مسألة تكتسي أهمية كبرى في تاريخنا المعاصر, وذلك من خلال تاريخ الأمير عبد القادر نفسه, وهي أن كتابة تاريخنا المعاصر تعتمد في مجملها على المصادر والبحوث والدراسات الأجنبية, وقلما ونادرا ما نجد مصدرا عربيا تناول بالحديث الفترة التي نتكلم عنها( [1]), فتاريخ عبد القادر أخذنا معظمه من مصادر أجنبية, وهي حقيقة يجب أن نقبلها ونعمل على عدم الإبقاء عليها, فقد ولى الزمن الذي كنا نعتمد فيه على الغير في كتابة تاريخنا, ورجعت السيادة إلى أصحابها الحقيقيين, ولهذا قد لا أكون مبالغا إذا قلت إننا اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالبحث الجاد والعلمي والمسئول عن تاريخنا بأنفسنا نحن, وبأقلامنا نحن, إذ مهما كانت قدرة هذا الأجنبي فلن يستطيع فهم الحقائق كما يفهمها أصحاب الشأن الحقيقيين.

يقول الأستاذ أسد رستم في كتابه مصطلح التاريخ: " إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ معها, هذه قاعدة عامة لا موضع للجدال فيها, وذلك أن التاريخ لا يقوم إلا على الآثار التي خلفتها عقول السلف أو بأيديهم, فإذا سطت محن الدهر أو عوادي الزمن على بعض هذه الآثار وأزالت معالمها فقدها التاريخ, وكانت كأنها لم توجد, وبفقدها يجهل تاريخ عصرها ورجالها, أما إذا بقيت وحفظت فقد حفظ التاريخ فيها"( [2]).


ومن هنا أيضا تتجلى لنا أهمية هذه المداخلة والتي تحمل عنوان: الأمير عبد القادر من خلال مخطوط نادر.


وهو مخطوط ((ذخيرة الأواخر والأول في ما ينتظم من أخبار الدول)), للمؤرخ والفقيه الجزائري أبو حامد العربي المشرفي الغريسي دفين فاس, المتوفى سنة 1893م.


وقبل المضي في تحليل هذا النص الذي أخذناه من الباب المتعلق بتاريخ الجزائر, يحسن بنا أن نعرف بالمؤلف ثم بالكتاب.



التعريف بصاحب المخطوط:


أبو حامد العربي بن عبد القادر المشرفي، عالم, فقيه، مؤرخ، لغوي وأديب جزائري، عاش في القرن التاسع عشر، وهو ما يعني بالنسبة للعالم العربي عصر النهضة والصحوة، ويعني بالنسبة للجزائر فترة الاحتلال والاضطهاد، عاصر نهاية الوجود التركي وبداية الوجود الفرنسي وهو بذلك ينتمي إلى ذلك الجيل المخضرم الذي شهد الفترة الأخيرة من الوجود العثماني وبداية الاحتلال الفرنسي، ومن الطبقة المثقفة التي صدمت بوجود المحتل الأجنبي

ينتمي إلى أسرة المشارف المعروفة بالغرب الجزائري, وهي إحدى الأسر العلمية العريقة في الجزائر والتي أدت دورا كبيرا في الحركة العلمية والثقافية ببلادنا نهاية القرن الثامن عشر وطيلة القرن التاسع عشر، وقد برز منها عدد كبير من العلماء والفقهاء، وتولوا مناصب عالية في الدولة، خصوصا القضاء، قال صاحب "القول الأعم": "ولم تتعد الرئاسة فيما علمناه دار الشيخ المشرفي وأولاده، فإنهم الذين كانوا معتبرين عند الأتراك، وكانت لهم ولاية في خطة الشريعة ( القضاء ) أيام الأتراك وأيام ابن عمنا الأمير عبد القادر". ويقول المشرفي: "وكان بها ( غريس ) من علماء المشارف جم غفير ونفير كثير.... منهم بن عبد الله سقط، مصطفى بن الطاهر، والحاج عبد القادر الأحمر والسيد بن عبو بن مصطفى ".

وعبد القادر والده، ليس هو عبد القادر عالم الراشدية المعروف، إذ أن هذا الأخير قد توفي سنة 1192 ه = 1778 م، وهو تاريخ يبعد أن يكون تاريخ ميلاد أبي حامد، ثم أن عبد القادر المشرفي عالم الراشدية هو عبد القادر بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن أبي الجلال، وهذا نسب يختلف عن الذي ذكره أبو حامد المشرفي.


ولد بقرية الكرط الواقعة بسهل غريس، ولا نعرف بالضبط تاريخ ميلاده لأن المصادر لا تسعفنا بذلك، إلا أننا نستطيع أن نضع احتمال مولده في بداية القرن التاسع عشر، لأنه قد بلغ مرحلة الرجولة أو الشباب على الأقل عند دخول الاستعمار الفرنسي سنة 1830.


شرع في طلب العلم منذ الصغر على عادة أهل بلده ، فدرس العلوم المعروفة في عصره, فتعلم أولا في مسقط رأسه بمعسكر، وأخذ عن بن عبد الله سقط، الشيخ أحمد بن التهامي والد مصطفى بن التهامي خليفة الأمير عبد القادر، الطيب بن عبد الرحمن, وعن السنوسي بن عبد القادر...وغيرهم من علماء معسكر الراشدية.


انتقل بعدها إلى مستغانم حيث درس على يد كل من: السيد محمد بن صابر، محمد بن عامر البرجي، محمد بن عاشر، عبد القادر بن القندوز، خليل الفرندي( [3]).


ولا تزال حياة المشرفي يسودها نوع من الغموض بالرغم من محاولتنا تكوين صورة واضحة عنه، ولا نملك معلومات كثيرة عنها للأسف الشديد، فلم نجد مصدرا يمدنا بتفاصيل دقيقة عن حياته إلا ما تناثر في مؤلفاته أو كنانيشه، أو بعض المؤلفات التي ردت عليه.


ومع هذا فسنحاول تقديم عرض سريع موجز عن محطات حياته:


شارك في المقاومة في بدايتها مع والده الذي يظهر أنه كان من قادتها الكبار قبل مبايعة الأمير عبد القادر، وقام بإنشاء رباط حول وهران، وجاء في ((طرس الأخبار)): "وضممنا إلينا الإخوان الذين خرجوا من وهران بعد احتلالها وزودناهم بما قدرنا وكسوناهم بما وجدنا، بعد أن تركوا متاعهم ونهب المحاربون بضائعهم"، وفي موضع آخر يقول:" وشاهدنا في تجهيز موتاهم فوران المسك من قبور روضاتهم، وصحبتهم في القتال تزيد لذة الرجال", عند الحديث عن المعارك التي خاضها المواطنون في بداية المقاومة.


هاجر إلى المغرب بعد انتهاء مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري، ويبدو أنه كان قد تجاوز فترة الشباب عند مغادرته أرض الوطن.


عرف باهتمامه بالتاريخ وحبه لرواية الأحداث التاريخية، ويظهر لنا ذلك من خلال سرده للأحداث والوقائع التي مرت بها البلاد، وكتاباته العديدة في مجال التاريخ، والتي تمثل معظم مؤلفاته التي وقفنا على عناوينها، حتى أنه لقب ب"جهينة الأخبار"، ثم أنه قد كان على اتصال بابن خالته محمد الزروالي ، الذي كان مهتما بجمع الأخبار عن الجزائر أثناء فترة الاحتلال.


في مدينة فاس اشتعل بالتعليم، تعليم الصبيان القرآن الكريم، أو معلم من الطبقة الثانية كما يقول هو عن نفسه " وكل هذا إني معدود من حزب الغرباء وإن كنت عندهم من جملة الأدباء وفي الطبقة الثانية من المدرسين". وقد استنتج الدكتور سعد الله من ذلك: " أن مستواه العلمي لم يكن عاليا، إنما كان من الطبقة المتوسطة من المتعلمين"، لكنا نجده يدافع عن نفسه بأن هذا الأمر نتيجة عدم اعتراف بسعة المغاربة علمه، وأنهم كانوا يعتبرونه أجنبيا عنهم، وقد كان دائم الشكوى من معاملة المغاربة له لذا لم يولوه أرفع المناصب العلمية، وهو كلام قد يكون على جانب كبير من الصحة.


زار الجزائر مرتين بعد هجرته وذلك في أثناء طريقه إلى الحج، وكانت الزيارة الأولى سنة 1265 ه = 1849م والثانية سنة 1294 ه = 1877 م، وهو ما ذهب إليه جميع من أرَّخ لحياته مثل" بيريس" و" ابن سودة "، وهو ما يؤكده قوله: "...فقد زرت ضريحه المبارك ( الإمام الثعالبي ) في رمضان عام خمسة وستين في سفري لحجة الضرورة، وزرته زورة أخرى أربع وتسعين ومائتين وألف"( [4]). توفي المشرفي سنة 1313 ه الموافق لسنة 1895م( [5])، بمدينة فاس وبها دفن( [6]).


مؤلفاته:


كتب المشرفي في مجالات متنوعة من أدب وفقه ولغة وتاريخ وتصوف وسيرة وما إليها من العلوم والفنون، وهو ما يعكس اهتماماته المتنوعة وإطلاعه الواسع على مختلف علوم عصره. وترك العديد من المؤلفات، بلغت واحدا وعشرين مصنفا على الأقل.


تحتل مؤلفاته أهمية كبيرة في التاريخ الثقافي للمنطقة، ويمكننا تقسيمها على حسب الموضوعات:


أ التاريخ:
على اعتبار أنه اشتهر بالتاريخ أكثر من غيره من العلوم: تاريخ الدولة العلوية، ذخيرة الأواخر والأول، رحلة إلى شمال المغرب، الرحلة الجزائرية، الرحلة العريضة لأداء الفريضة، رحلة القبائل الجبلية، طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار في عتو الحاج عبد القادر وأهل دائرته الفجار: وقد ذكره المشرفي ضمن قائمة مؤلفاته التي أوردها في نهاية مخطوطه، وتناول فيه أحوال الجزائر في عهد الأمير عبد القادر، وما جرى من الأحداث والمواقف، ويبدو فيه أنه كان ضد الأمير، ويتبنى وجهة نظر مخالفة لطريقة الأمير، ذكر فيه تولية الأمير، والأعمال التي قام بها.

(ب ) اللغة والأدب:
تقاييد على شرح المكودي، ديوان المشرفي، شرح القصيدة الشمقمقية، مشموم عرار النجد والغيطان المعد لاستنشاق الوالي وأنفاس المولى السلطان.

(ج) الردود والكنانيش وغيرها:
الآيات الحوادث، أثمد الأبصار فيمن بعهد الله يوفون، أقوال المطاعين في الطعن والطواعين، تقييد في ذم البلديين أهل فاس، الحسام المشرفي لقطع لسان الشاب العجرفي، الدر المكنون في الرد على العلامة جنون، عجيب الذاهب والجائي في فضيحة الغالي اللجائي.

التعريف بالمخطوط:


((ذخيرة الأواخر والأول فيما ينتظم من أخبار الدول)) ألفه الشيخ أبو حامد العربي المشرفي، في التاريخ العام من أيام سيدنا آدم عليه السلام إلى يوم التاريخ 1299 ه= 1881م، يتألف من مقدمة، ستة أبواب وخاتمة، وضعه تلبية لطلب أحد أقاربه وطلبته، أجاب فيه عن السؤال المركزي والمحوري الذي كان يشغل بال الجالية الجزائرية المهاجرة في المغرب والتي لم تكن تعرف شيئا عن أوضاع الجزائر أواخر العهد التركي وبداية الاحتلال الفرنسي، وهي الفترة التي كان المشرفي معاصرا لها، والسؤال هو: ما هي الأوضاع السائدة في تلك الفترة، وماذا كانت معاملة الأتراك للجزائريين وأعمالهم بالجزائر؟ كما سأله أن يضع تاريخا للدولة العلوية التي كان يعيش في كنفها هذه الجالية المهاجرة، على أساس أن المشرفي قد عايش تلك الفترة وله بها علم ومعرفة، وأنه أيضا كان معتنيا بعلم التاريخ وذو دراية به.


جاء رد الشيخ المشرفي كتابا في 660 صفحة من القطع المتوسط، بخط نسخي رفيع، تضمن تاريخ البشرية كلها منذ عهد سيدنا آدم عليه السلام إلى أيامه.


يقول في المقدمة: "فقد ورد عليَّ مكتوب من لا تسعني مخالفته، وتتأكد علي بالقرابة إجابته، أن أضع تقييدا قاصرا على سيرة ملوك الأتراك بالأيالة الجزائرية، وذكر ما شاهدناه أو سمعناه من فعالهم الممدوحة، أو التي على الضد مقدوحة، مما لا يجد المؤرخ عن سبيله مندوحة، وعلى مدة ملكهم، ووفاه جري فلكهم، وأسباب خراب الدولة، بحيث لم تبق لهم في الرعايا جولة.


كما طلب مني ما نعلمه من سيرة ملوك الدولة العلوية ونسبتهم الشريفة النبوية وتاريخ وفاة ملوكهم، ومن انضم في ملك سلوكهم، من غير إهمال للحكايات المتعلقة بقوادهم وقضاتهم، وفي ضمن ذلك ذوو الجاه المستشفعين عند ولاتهم على سبيل الاختصار المقل، وعدم البسط والتطويل الممل، فلبيَّته لما دعاه، وأجبته لمسعاه، وإن كنت لست أهلا لذلك، ولا ممن يسلك أوعر تلك المسالك..."، وفد تضمن الكتاب ستة أبواب هي:


1 الباب الأول: في بدء الخلق وتكوين آدم.

2 الباب الثاني: في أطوار الإنسان من أول خلقته إلى موته.
3 الباب الثالث: في دولة آدم ومدة حياته، وكم بينه وبين كل رسول.
4 الباب الرابع: في الدول التي قبل الإسلام إلى دولة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم.
5 الباب الخامس: في دول الإسلام من دولة نبينا صلى الله عليه و سلم والخلفاء الأعلام إلى الدولة العثمانية، والوجود التركي بالجزائر، ومن لحق عليه المؤلف من ملوك الأتراك في حدود الأربعين من القرن الثالث عشر الهجري (19 الميلادي) وبداية الاحتلال الفرنسي للجزائر.
6 الباب السادس: في الدولة العلوية بالمغرب الأقصى.


أهميته:


ويعتبر كتاب ذخيرة الأواخر من أهم المصادر التي تحدثت عن جزائر ما بعد الاحتلال، ومن المراجع العربية الجزائرية الأساسية للتعرف على الحياة العلمية والثقافية في تلك الفترة، فقد ترجم فيه لعدد كبير من العلماء ( أكثر من عشرين ترجمة )، وعرف بجماعة من العلماء لا نجد فيما بين أيدينا من المصادر ذكرا لهم مثل: أحمد بن البشير المختاري، محمد بن أبي سيف البحيري، الطاهر بن حسن المختاري... وهو مما يضفي على الكتاب أهمية خاصة، إذ حافظ على جزء هام من تاريخنا الثقافي والعلمي، كما تحدث فيه عن أهم القضايا الثقافية التي كانت محل نقاش وجدل: الهجرة، العدل، الرحلات، المسائل الفقهية...


اهتم المشرفي بالأحداث التاريخية التي عايش بعضها وسمع عن بعضها الآخر: ثورة درقاوة، ثورة التيجاني، دخول الاحتلال الفرنسي، مبايعة محي الدين، مقاومة الأمير عبد القادر، مما يضفي على كلامه أهمية خاصة باعتباره شاهد عيان على هذه الأحداث الجسام...الخ.


نقل عن والده وعن علماء الواسطة، نقل عن سابقيه، بناء الجزائر العاصمة، دخول الأتراك... الخ، وسجل لنا انطباعاته وآرائه حول الأوضاع السائدة آنذاك. بكل تحرر وعفوية مطلقة تحسب له، وتترك لنا المجال واسعا للتحليل والتركيب من جديد.


تضمن الكتاب معلومات مهمة تتعلق بمختلف أوجه الحياة مثل: العادات والتقاليد، اللباس، العمران تشييد المدن وبنائها، التجارة، المرافق العامة كالحمامات والفنادق، الزراعة أهم المحاصيل الزراعية...الخ، مما يجد فيها الباحث بغيته، ويسهل عليه مهمته العلمية.


يعبر الكتاب بصدق عن موقف مؤلفه من الأحداث والمواقف التي مرت بها البلاد فهو عند حديثه عن ثورة درقاوة لم يخف إعجابه الكبير بها، وعند حديثه عن ثورة أولاد سيدي الشيخ لم يخف معارضته الشديدة لها، وعند حديثه عن اهتمام الأتراك بالعلماء لم ينكر هذه الحقيقة بالرغم من موقفه المعادي لهم.


اعتمد المؤلف على بعض المؤلفات الجزائرية السابقة عنه مثل: نحلة اللبيب لابن عمار،كتب أبي راس المعسكري، حميدة العمالي، مسلم بن عبد القادر... وغيرهم من العلماء الجزائريين، ونقل من بعضها نصوصا كاملة كما حدث بالنسبة لرحلة ابن عمار.


عبَّر المشرفي عن عصره من حيث طريقة كتابته (إدراج الأمثال والحكم والأبيات الشعرية والقصص)، ومستوى لغته التي جمعت الأسلوب السهل والعبارات الواضحة مع الألفاظ العامية والتعابير الدارجة، واستعماله لكثير من الألفاظ العامية التي عرفت في تلك الفترة، دل على انجرافه مع التيار السائد في تلك الفترة وعدم تمكنه من الخلاص منه، وهي ألفاظ وعبارات كانت باستطاعته الاستغناء عن ادراجها باللغة الأجنبية أو اللهجة العامية، ومع هذا فقد ترك الحرية لقلمه يساير عصره. وهو ما نجده أيضا في كتابات معاصريه كالآغا المزاري، أحمد بن المبارك القسنطيني، العنتري، مسلم بن عبد القادر....


تفاعل المشرفي مع قضايا عصره وإحساسه القوي بما يعانيه قومه من التخلف والانحطاط والتفرق، ودعوته إلى التنظيم والاتحاد والأخذ بالأسباب، يجعله في مقدمة المؤرخين والكتاب الذي أحسوا بمسؤولياتهم تجاه وطنهم وشعبهم، ومن الذين دعوا إلى التحضر والاستعداد والتمسك بالأسباب الرقي لبلوغ القدرة على مواجهة العدو، ولم ينس يوما انتمائه إلى وطنه الأم، كما يعبر عليه في ثنايا كتابه.


المشرفي وثورة الأمير:


كتب المشرفي عن ثورة الأمير كثيرا, وخصها بتأليفين هما:


طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار في عتو الحاج عبد القادر وأهل دائرته الفجار: ذكره المشرفي ضمن قائمة مؤلفاته التي أوردها في نهاية المخطوطة، وتناول فيه أحوال الجزائر في عهد الأمير عبد القادر، وما جرى من الأحداث والمواقف، ويبدو فيه أنه كان ضد الأمير، ويتبنى وجهة نظر مخالفة لطريقة الأمير، ذكر فيه تولية الأمير، والأعمال التي قام بها, والمعارك التي دارت بين الجزائريين وجيش الاحتلال الفرنسي قبل تولية الأمير...


توجد منه عدة نسخ واحدة بالمكتبة الوطنية بالحامة مصورة على الميكروفيلم، نسخة أخرى بالمكتبة الملكية بالرباط تقع في 60 ورقة، تحت رقم 1467. ونسخة أخرى بالمكتبة نفسها، مبتورة الوسط، تحت رقم 6533 ( [7]).


عجيب الذاهب والجائي في فضيحة الغالي اللجائي: رد فيه على الغالي بن محمد العمراني الحسني اللجائي، حيث كان يتنطع على الأمير عبد القادر" والمشرفي كان ينتصر له"( [8]) حسب ما ذكر بن سودة. ولم نقف على هذا التأليف لنعرف محتواه بالضبط, لكن الظاهر أنه في الدفاع عن ثورة الأمير, وهو موقف اتخذه المشرفي على ما يبدو بعد هجرته إلى المغرب, إذ أننا نجده قبل ذلك اتخذ موقفا مغايرا, وذلك أثناء وجوده في الجزائر, تحت نير الاحتلال الفرنسي.


وفي هذا المخطوط تحدث عن ثورته باختصار على أساس أنه قد سبق له أن تناول الموضوع في كتب أخرى, وأشار إلى ما كتبه.


ومن هنا نستطيع القول أن موقف المشرفي من ثورة الأمير مر بمرحلتين:


أ المعارضة والدعوة إلى الإصلاح:


وباطلاعنا على طرس الأخبار نجد أن جل انتقاداته للأمير عبد القادر مبنية على عدم الاختيار الحسن للأعوان والحكام الذين ينوبون عنه.

أما في شخصه أو سيرته فلم نجد ما يشير إلى أن الرجل لم يكن يحبذ حكمه, أو يدعو إلى مناهضته, وإن كانت لفظة عتو في حد ذاتها قد تعطي انطباعا عن موقف معارض عنيف, والمعروف عن المشرفي أنه كان رحمه الله سليط اللسان.

بدا عليه التسرع في الأحكام, ووصف الأوضاع التي كان يعانيها الشعب تحت حكم الاحتلال, التفاصيل الدقيقة عن المعارك التي جرت. أسلوب الحجاج واللجاج.


ب التأييد والدفاع:


وهو ما نجده في كتابيه عجيب الذاهب والجائي وذخيرة الأواخر في النص الذي بين أيدينا، وقد بدا الكاتب هادئا ثابتا بلغ من العمر مبلغا سمح له برؤية الأشياء بكل موضوعية ونزاهة ويبدو أنه قد تخلى عن مواقفه السابقة, ويبدو أن العامل الذي حمله على تغيير موقفه من الأمير عبد القادر, هو وضوح الصورة لديه, وأن الحقيقة التي كان عليه أن يدركها هي أن الأمير فعلا كان مجاهدا مدافعا عن دينه وشرفه وشرف بلاده, ولم يكن طالب جاه أو سلطة أو مال.


النص:


خصص الكاتب أكثر من خمس صفحات في باب دولة الأتراك, تناول فيها مقاومة الأمير عبد القادر, ورسم لنا صورة كتابية عنه وقد كان معاصرا له, وشاهدا على وقائع كثيرة حدثت في بداية الاحتلال, إذ كان من الذين شاركوا في المقاومة الشعبية بقيادة الشيخ محي الدين قبل تولي الأمير, وذلك في منطقة وهران, كما يذكر ذلك بنفسه في كتابه الآخر عن المقاومة الجزائرية: (( طرس الأخبار)).


كما يستشف من كلامه أنه لم يشارك في ثورة الأمير عبد القادر, لكنه يعرف عنها الكثير بحكم إقامته بفاس التي كانت ملجأ لكثير من الجزائريين الذين فروا من نير الاحتلال الفرنسي, وهم من المصادر الأساسية التي أخذها عنها معلوماته.


كتب النص في حياة الأمير عبد القادر, وبعد انتهاء المقاومة, ونفيه إلى الشام, 1881م. وينقسم إلى جزئين:


جزء جاء عرضا أثناء الحديث عن المقاومة الشعبية, والتاريخ لها.


والثاني لخص فيه ما ذكره في كتابه عجيب الذاهب والجائي, كما يذكر هو نفسه, وأضاف إليه هجرة الأمير إلى الشام, إذ أن الكتاب الأول قد توقف عند هجرة الأمير إلى بروسة. وقد تعرض المشرفي في هذا النص لمختلف مراحل مقاومة الأمير:


1 مرحلة الانتصارات:
"وسل عن تردده في الميدان "بيجو" وأحبار الرهبان، وسل عن تردده في الصفوف أودية "سيك" وشعاب"خروف"، وسل نصارى مستغانم، وكم أخذ لهم من أسارى في الغنائم، وسل ثنية "مُزايا" ..."

2 المرابطة على الحدود:
"ودائرة أميرنا الحاج عبد القادر انتقلت إلى نواحي وجدة بخيلها ورجلها، ولم تترك غزوا على عدوها، وكانت تغنم من الروم الغنائم بحيث لا تخلو غزوة من قتلى وأسرى...".

يتبع...








 


رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 11:14   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

تابع للمخطوط النادر 2
أهم النقاط الواردة في النص:


ولعل من أهم النقاط التي تناولها المؤرخ, وأضاف لنا فيها الجديد:


1 البيعة:


"فتعلقت أهل العقد والحل بأذيال شيخ الوسيلة سيدي "محي الدين بن المصطفى بن المختار القادري المختاري الحسني"( [9])، واختاروه للإمامة لخوفه من ربه وصلاحه ودينه فلم يجبهم لما طلبوا بعد أن راودوه كثيرا وهو يمتنع حتى هددوه، فأخرج لهم ولده عبد القادر وهو يومئذ صغير وبايعه بخط يده، فتبعه العلماء وأعيان الرعية من الحشم وغيرهم...". وقد حضر البيعة آل المشرفي وقد يكون أبو حامد معهم, سواء في البيعة الخاصة أو البيعة العامة.


2 إشارة إلى بعض معاركه:


تحدث المشرفي عن بعض انتصارات الأمير عبد القادر, وأشار إلى بعض معاركه الحربية التي قادها ضد جيوش الاحتلال وذلك قبل خروجه إلى الأراضي المغربية, ويكون بذلك قد قسم المقاومة إلى مرحلتين:


أ قبل إقامة الدائرة:


"وسل عن تردده في الميدان "بيجو"( [10]) وأحبار الرهبان، وسل عن تردده في الصفوف أودية "سيك" وشعاب"خروف"، وسل نصارى مستغانم، وكم أخذ لهم من أسارى في الغنائم، وسل ثنية "مُزايا" وما نال في قتالها من المزايا، وسل بسيط "متيجة" وكم ظهرت لهم فيه من نتيجة، معارك سهل متيجة، وسل"وادي الزيتون" وكم سفك من دم في روضة الهتون، وسل جبال"زواوة" الشوامخ والأطواد الرواسخ، عن دخوله على العدو فيها دخول النواسخ، وسل جبال أحواز "الجزائر" و"شرشال"..."


ولا بأس من التذكير ببعض المعارك الهامة التي ورد ذكرها هنا:


في شهر نوفمبر 1839, وفي أواخر ديسمبر 1839 كان الأمير قد سيطر على كل المناطق المجاورة للجزائر العاصمة.


27 مارس 1840 هجومات جيش الأمير على المراكز الفرنسية المقامة بشرشال.


وقعة موزايا:
17 ماي 1840: خرج الماريشال فالي, على رأس جيش عدده 12 ألف مقاتل, باتجاه مدينة المدية لاحتلالها, وفي مضيق موزايا, هاجمهم الأمير عبد القادر, وأسفر القتال عن هزيمة الجيش الفرنسي وقتل المئات من الجنود.

وقد حاصرت قوات الأمير بقيادة مصطفى بن التهامي المدينة, واستطاعت الوصول إلى سور المركز الفرنسي, وأسرت العديد من الجنود الفرنسيين, وأثارت هذه الأحداث ردود فعل كبيرة في الأوساط الاستعمارية.


ب بعد إقامة الدائرة:
وتحدث فيها عن المعارك التي كان يقوم بها الأمير من حين إلى آخر, كما سيأتي معنا في موضعه.

3 موقف أهل تلمسان من الأمير:


لعل من أهم النقاط التي تعرض لها المؤلف هي موقف كراغلة تلمسان من الأمير عبد القادر, وموقف قبائل بني عامر من خليفته البوحميدي، وجعله من الأسباب الرئيسة في انهيار المقاومة, وذلك في قوله:"لكن أبى الله أن يمضي له أمر الخلافة في أمة نبيه صلى الله عليه و سلم بسبب رجل أمّره على قبائل "بني عامر" وجعله نائبا عليهم وخليفة في مدينة تلمسان، وأحوازها فخيَّم بها، وأجرى أحكامه في جبال "بني سنوس" وجبال" تراره" والسواحل التي بعدها، ومدَّ يده في قبائل بني عامر بحكم التفويض، فرموه بعشق امرئ القيس، وجار في حكمه وعسفهم وخفض رتبة أكابرهم وصناديدهم، فركّب ونزّل وولىّ وعزل ورفعوا به الشكوى إليه فلم يزل شكواهم، فصبت قلوبهم إلى الخروج عنه مقدمة بأن اجتمع أكابرهم ورؤساؤهم على تأمير رجل بوشيخي يقال له "محمد بن عبد الله" فأمَّروه عليهم بواسطة أكابر الدوائر وصاروا يتحاكمون عنده، وكان بليد الطبع لا يحسن الحكم إلى أن قضى الله باضمحلال "البوحميدي" ومن والاه رجع الحكم للإفرنج وسلم الحد لمحدوده".


وهنا نستطيع القول أنه يسجل موقف القبائل التي تسبب البوحميدي في إخراجها من دائرة الأمير عبد القادر وهي قبائل بني عامر, وقد اضطرت إلى الذهاب إلى فاس, وإلا فالمعروف عنه البوحميدي أنه من خلفاء الأمير عبد القادر الأشداء والذين وقفوا معه إلى آخر أيام المقاومة حتى وفاته بسجن السلطان عبد الرحمن مسموما. وهو الأمر الذي يؤكده الأمير محمد باشا من أنه كان "سببا في نزوح بني عامر إلى المغرب، بما بثه فيهم من الرعب وبتحريضهم على إعلان العصيان على الخليفة مصطفى بن التهامي"( [11]).


وهو ما يذهب إليه أيضا المؤرخ عبد الرحمن الجيلالي في تاريخ الجزائر العام( [12]).


4 دائرة الأمير عبد القادر:


تحدث المشرفي عن الدور البارز الذي لعبته دائرة الأمير في مقاومة المحتل الأجنبي.، فقال: "و((دائرة)) أميرنا الحاج عبد القادر انتقلت إلى نواحي وجدة بخيلها ورجلها، ولم تترك غزوا على عدوها، وكانت تغنم من الروم الغنائم بحيث لا تخلو غزوة من قتلى وأسرى".


فبعد سقوط الزمالة وهي عاصمة الأمير المتنقلة, يوم 16 ماي 1843, وبقي معه عدد قليل من القبائل ومن المقاتلين, أعاد تكوين عاصمته المتنقلة وصارت تسمى "الدائرة", ولكن سكانها لم يتجاوزوا الألف نسمة, بينما كان سكان الزمالة ييجاوزون 60 ألف نسمة, وتمتد خيامها من نبع طاقين إلى سفح جبل عمور( [13]).


ولما اشتدت محاصرة الجيش الفرنسي لتحركات الأمير انتقل بدائرته إلى الحدود المغربية, أين أقام حول نهر ملوية وراء جبل بني يزناس. وظلت من هناك تقوم بعمليات هجوم على الجيش الفرنسي, ويحاول من خلالها تخفيف الضغط عن خلفائه داخل الوطن.


وهي دليل آخر على إيمان الأمير عبد القادر بتمسكه بشعبه وإيمانه أنه سيعيد ترتيب الجيش من جديد, وأنه بإمكانه أن يعطي نفسا جديدا للمقاومة المسلحة, وأن النصر سيأتي بإذن الله.


5 معركة سيدي إبراهيم:


"تعرض يوما لغزوة الحاج عبد القادر بطريق من بطارقة الفرنسيس يقال له "القريني"( [14]) وهو من أبطالهم وفرسانهم مشهور عندهم بالشجاعة، ولقي الحاج عبد القادر في بلاد الأعشاش فالتقى الجمعان، فلم تمض ساعة من النهار حتى لم يبق من جيش البطريق إلا عشرة رجال أو أقل من جنده دخلوا قبة ولي وتحصنوا بها في أرض خالية من العمران ومن حام حولهم من المسلمين يرمونه من باب القبة، ولما جنَّ عليهم الليل خرجوا فأخذوا وقتلوا وبقيت أجسادهم مطعمة للرخم وللنسور وما مات جيش القريني حتى مات بطريقه. يقال أن الحاج عبد القادر بارزه فكانت رمية الحاج عبد القادر في مقتله، ولم تصب رمية البطريق مقتل الحاج عبد القادر بل أصابت عضوا من أعضاء جسده فجرحته والله أعلم".


في إشارة إلى معركة "سيدي إبراهيم" قرب الغزوات، والتي انهزم فيها العدو، بتاريخ 25 أكتوبر 1845، وكان على رأس الجيش الفرنسي الكولونيل "دومونتنياك", وقد قضى الأمير فيها على كبار ضباطه منهم: كوربي وهو ربما الذي تناقلته الألسن العربية فأصبح القريني وكونيار وكوسط( [15]), ولم ينج من القتل سوى ثمانين جنديا، التجأ كلهم إلى ضريح الولي الصالح سيدي إبراهيم، وأحاطت بهم جنود الأمير من كل جهة وضيقت عليهم الحصار وقتلت منهم نحو السبعين جنديا وأسرت العشرة الباقية، ولأول مرة منذ أشهر الأمير سلاحه مسته رصاصة، وذلك في شحمة أذنه( [16]).


6 معركة عين تيموشنت:


"وغدوة صباح هذه الوقعة زاد الحاج عبد القادر بمن معه من الفرسان مجدا في السير إلى أن دخل أرض "بني عامر"، فصادف جيشا للروم خرج في طلبه أو ذاهبا إلى تلمسان فوقف السيد المذكور ليتهيأ لمحاربته، فقلب الجيش راية المكاحل وأسلم نفسه للانقياد، جرَّده الحاج عبد القادر من السلاح وساقه بدوابه ومئونته أسيرا إلى أن أتى به للموضع الذي هو مخيم به قتل من قتل وأبقى من أبقى".


الحديث هنا عن قافلة عين تموشنت, بقيادة الملازم أول "ماران", يوم 28 أيلول, التي استسلمت للأمير: وهي القافلة التي أرسلها كافينياك بحراسة 204 من عناصر بإمرة الملازم أول ماران, لتعزيز حامية عين تموشنت, فأسرع الأمير إلى سيدي موسى حيث فاجأها في 28 أيلول, واستسلمت دون مقاومة, وأرسل الأمير جميع عناصرها وهم ثلاث ضباط, و10 رتباء, و20 عريف, و171 جندي إلى دائرته وضمهم إلى أسرى واقعة سيدي إبراهيم( [17]), ويبدو أنهم قتلوا مع من قتل في قضية مقتل أسرى سيدي إبراهيم الذي أمر بقتلهم مصطفى بن التهامي, كما هو معروف تاريخيا.


ويؤكد المشرفي حقيقة سيطرة الأمير على الجيش الفرنسي في هذه الفترة فيقول: "واشتدت وطئته على الفرنسيس"، وذلك بعد تطبيق طريقة الكر والفر التي اعتمدها الأمير ضد قوات الاحتلال, إذ كان يهاجم سراياها ثم ينسحب من أمامها ليتمركز في موقع آخر, يشرف على تحركاتها, وهو ما يتجلى في مراسلة كافينياك بتاريخ 30 أيلول 1844 إلى لامورسيار الحاكم العام بالوكالة, إذ قال: "لقد أصبح عبد القادر سيد البلاد التي تمتد بين الحدود الشمالية وأعلي نهر التافنة, إنه لنجاح هائل لعبد القادر, وأنا أشعر أنني عاجز عن وضع عوائق في طريق زحفه"( [18]).


7 الصراع بين المغاربة والفرنسيين:


ثم يرجع المشرفي إلى الوراء ليتحدث عن الخلاف الواقع بين المغاربة والفرنسيين, والذي أدى في الأخير إلى قيام الحرب بين الطرفين, ونتج عنها اتفاقياتي الصلح المعروفتين: طنجة, للا مغنية.


"إلى أن خرج ابن أمير المؤمنين مولانا محمد بن مولانا عبد الرحمن بن هشام العلوي لمحاربة الفرنسيس في قضية وجدة، وفاجأه المارشال "بيجوا" وهو بساحة المدينة نازلا على ضفتي الوادي عند طلوع الشمس فحصل الروع لمحله الشريف فمنها من ركب لملاقاة العدو، ومنها من صار يجمع حوائجه وافتتن خوفا من الهزيمة وجيش الروم بساحة المحلة.... وانهزمت الركبان مجردة عن أمتعتها وفساطيطها وأخبيتها وخيامها، وتبعت خيل الفرنسيس من أعراب الدجن وغيرهم خيل الهزيمة. وآخر المنهزمين أمير المحلة لأنه لم يظن من قومه أنهم يولون عدوهم الأدبار".


يعود فيتحدث عن الخلاف المغربي الفرنسي, وبالضبط عن معركة وادي سلي 19 جوان 1844 م، التي وقعت بين الجيوش المغربية بقيادة ولي العهد مولاي محمد والجيوش الفرنسية بقيادة "بيجو"، وقد كانت هذه المعركة حاسمة في تقرير مصير الأحداث التاريخية في المنطقة، إذ جعلت حدا للتضامن الذي كان سائدا بين الجزائريين والمغاربة, وقد نتج عنها احتلال بيجو منطقة وادي أيسلي, وتمكن من طرد قوات الأمير محمد في أقل من 10 ساعات.


وبعد هزيمة جيش ولي العهد, أرسل بيجو إلى السلطان المغربي يطلب الهدنة: "...وبهذا كله إن أردت الهدنة بيني وبينك تقبل كذا وكذا, ومن جملة الشروط التي لابد منها إخراج الحاج عبد القادر بن محي الدين من أرضك فإنه مستند عليك. فقبل مولاي عبد الرحمن الشروط وارتفع النزاع بينهما".


وفعلا تمت الهدنة بين الطرفين، فبعد هزيمة ولي العهد المغربي, طلب السلطان المغربي من حكومة سولت الفرنسية توقيع معاهدة صلح لوضع حد لخلافاتهما, وألف المسئولون في كل من باريس وفاس وفدين للتباحث, وبعد مفاوضات عدة في مدينة كاديكس وافق أعضاء الفريقين, على ثمانية شروط ووقعا معاهدة بتاريخ 10 سبتمبر 1844 سميت معاهدة طنجة, أهم شرط هو اعتبار الأمير عبد القادر خارجا عن القانون أينما وجد, وبذلك يجب على السلطتين الفرنسية والمراكشية ملاحقته والقبض عليه, ومن سجنه في إحدى المدن الساحلية المغربية على المحيط الأطلسي( [19]).


8 الصراع بين السلطان عبد الرحمن والأمير:


"وكان يراصد السلطان عبد الرحمن الحاج عبد القادر بسُبة يعتمد عليها ويخرجه من بلاده لأجلها حتى أوقع بفئة "أرغنغان"( [20]) من "ريف قلعية" وقتل منهم عددا عديدا في ما أخذوه له من الماشية التي كاتبهم مولاي عبد الرحمن على ردها له، فلم يمتثلوا أمره ثالث مرة فأصبحوا يقولون السلطان هذا يريد منا بيعته ونصرته".


وفئة "ارغنغان" من ريف قلعية, وقد جاء عن هذه الواقعة في تحفة الزائر ما يلي: "... ولما اتصل الخبر بالأمير وهو بمخيمه ببلاد مكناسة رجع إلى الدائرة ووجد قبيلة "قلعية" أغاروا على كراع الدائرة، فأخذوا منها عددا وفيرا فأسرها في نفسه، وبعد أيام نزل على قبيلة قلعية وبعث إليهم برد ما اختطفوه من الدائرة فأبوا ذلك، وأصروا على بغيهم، فحينئذ سار إليهم في جموعه فأثخن فيهم بالقتل والأسر وأذاقهم شديد النكال ورجع إلى دائرته، وكان أكثر الأسارى من أعيانهم فتعهدوا برد جميع ما أخذته قبيلتهم من الدائرة، وبعد الوفاء بذلك أطلق سراحهم، واشتهرت الواقعة."


وبعد ذلك قامت الحرب بين الجيش المحمدي وجيش السلطان:"...فجهز له السلطان للأمير محلتين عليهما ابناه فقاتلاه وأخرجاه من بلاد السلطان، ونزل بأهله في جبل "بني يزناس" بعد افتراق جمعه".


والمعروف تاريخيا أن السلطان عبد الرحمن قد جهز بناء على طلب الفرنسيين ثلاثين ألف مقاتل بقيادة ولديه محمد وسليمان, وقائد منطقتي الريف ووجدة, وقرر مساعدة الفرنسيين في إلقاء القبض على الأمير, الذي أرسل خليفته البوحميدي إلى السلطان للسماح لهم بالانسحاب إلى الصحراء إلا أن السلطان قتل رسول الأمير.


وبدأت المعارك بين الطرفين يوم 10 ديسمبر 1847، وذلك بالقرب من قلعة سلوان القريبة من بلدة مليلة في الريف المغربي, وهو مكان إقامة الأمير بمخيمه, وكان فرسان الأمير لا يتجاوز عددهم الألفين, وخسر الأمير 150 من جنده, وانسحب إلى نهر الملوية, الذي حاصرته القوات الفرنسية والمغربية, مما أدى إلى استسلام الأمير, بعد نفاذ كل الوسائل والسبل.


9 (استسلام) الأمير:


سجل لنا أحداث (الاستسلام), والمشاورة التي وقعت بين الأمير وكبار القادة ومن بينهم مصطفى بن التهامي, وقد كان الأمير يريد الخروج إلى الصحراء كما مر معنا ولكن غلبه وزيره المصطفى, مما يدل على استعداد الأمير لقبول الآراء والتشاور في القضايا المصيرية, ونحن نعلم أنه قبل ذلك قد تم (استسلام) أخويه محمد السعيد, فصاحب فكرة التوجه إلى الفرنسيين هو مصطفى بن التهامي.


"وأراد الخروج لأرض الصحراء يخيم بها، فغلبه "الحاج مصطفى"( [21]) خليفته ووزيره الأعظم وقال له: "الرأي عندي أن نكتب للفرنسيس يحملنا للإسكندرية، فإن وفى بما نشترطه عليه فذاك، وإن استشعرنا خيانته نبذنا أمره ونظرنا لأنفسنا الموضع الذي يصلح بنا"، فكاتبوه وانتظروا بما يرجع المرسلون فرجعوا بمكتوب جلناراتهم ورؤوسائهم مختومة بخواتمهم وأشهدوا على أنفسهم أن يجيبوهم لما طلبوه منهم، وعاملوا رسل الحاج عبد القادر معاملة التعظيم والتقريب وأعطوهم عهدا وميثاقا بوفاء ما طلب منهم، فوثق الحاج عبد القادر برسلهم وأسلم نفسه بأهله والطائفة التي معه، (واستسلم) لقضاء الله فواجهوه عند ملاقاته بهم بالترحيب والتعظيم، وظن في ركوبه البحر بمن معه أنهم يخرجوه للإسكندرية ويوفوا بالعهد والميثاق الذي واثقوه به، فإذا بهم كاتبوا "رايهم"( [22]) أنهم ظفروا بالحاج عبد القادر وجاءوا به وبأهله وبطائفته أسيرا وأخرجوه لباريس بعد أن طافوا به على مدائن "طلون".


10 منفاه بالشام:


"فها هو بمن معه في حرم القدس، وفي جوار الأنبياء، مطهرا من الرجس وحسد الأنس، مكرَّما عند الناس، معظما بين الأجناس، يذكر ويتذكر، ويتعرف ولا يتنكر، يأمر ويأتمر، ويحج ويعتمر، يشكر ربه ويستغفر ذنبه، نصب نفسه للعبادة، وجعل التقوى ذخيرته وزاده، يصلي الرغائب والغيب يكشف عن العجائب، والله على أمره غالب، ويجمع بين الحاضر والغائب".


النتائج:


يبدو على الكاتب الإعجاب الشديد بشخص الأمير, وقد شبه جهاده بجهاد الصحابة الكرام: "بعد أن جرَّد سيفه على الأعداء وناضلهم مناضلة الصحابة الأشداء، فمشاهد قتالهم أمام وهران عديدة، جاءهم فيها بجنود عريضة طويلة مديدة، وخيله كم لها من غارة على السواحل والثغور فكانت تصهل عليهم في النجد والغور، وكم فرَّق من جموع وأخلى لهم من أماكن وربوع".


قارن بينه وبين الثورات الأخرى, وذلك في ما نستشفه من خلال حديثه عن بقية الثورات التي قامت بالبلاد: كثورة بوعمامة مثلا, التي لم يكن راضيا عنها, واعتبرها مجازفة ومغامرة, فهو يقول عنهم:" وأولاد سيدي الشيخ( [23]) لهم عصبية وحمية، وكمات وأنصار سمية، ولكن ليس لهم عقول تعقلهم عن الرذائل وترشدهم إلى أسنى المقاصد والوسائل، بل قادهم الجهل إلى المهالك، وتدبيرهم تدبير المفالس والصعالك، فالدولة لا تقابلها إلاَّ الدولة، وربما كانت صولة إحداها لا تقابل الصولة، وإن أرادوا التشبه بالصحابة فمطر الديمة لا يشبه السحابة، وأين رأيت المشبه يقوى قوة المشبه به ؟ ".


لم تكن الكتابة بذلك العمق أو الدقة التي نجدها عند الكتاب الغربيين لكن أهم ما ميزها هو الصدق والعفوية في الطرح والتعبير, فهو عند حديثه عن المعارك التي قادها يتحدث بإطلاق وإسهاب, دون ذكر التفاصيل أو الدقائق التي يحتاج إليها المؤرخ, فكتابته كتابة هاوي للتاريخ, أراد أن يدافع عن موقف الأمير تجاه خصومه سواء من الفرنسيين أو من المغاربة أو من الذين خانوه, وأظهر في الأخير أن نية الأمير كانت صادقة إنما الأعمال بالنيات, وهو ما يجازى عليه الإنسان يوم القيام, فنحن مطالبون بالعمل والله يتولى النتائج.


وقد أرجع المشرفي سبب الهزيمة إلى عوامل ثلاثة: أ البوحميدي, ب محاصرة السلطان عبد الرحمن: ج تخلي العرب عنه.


ولعل من الحقائق التي نستفيدها من هذه الكلمة عن الأمير عبد القادر هو وصف المشرفي للشيخ محي الدين والد الأمير, وهو يذكرنا لنا حقائق لم نجدها في غيره من المصادر, مثل: بلوغ محي الدين درجة أمير المؤمنين في الحديث, وأن الأتراك كانوا يتلمحون فيه المهدوية, مما يدل على شيوع هذه العقيدة لدى الأتراك, حتى لدى الجزائريين أنفسهم, وهو ما يفسر لنا اتخاذ هذه الدعوى لدى بعض من قاد الجهاد في الجزائر, في بداية الاحتلال.


وأن سبب منعه من الحج هو خوف السلطات التركية من التفاف القبائل والأعراش حول الشيخ, مما سيؤثر حتما على مكانتهم, أو مما يثير ثورة أخرى مثل التي قادها الشريف بن الأحرش أو الشيخ التيجاني في بداية القرن التاسع عشر ضد الأتراك وهي الثورات التي قمعتها السلطات التركية بشدة وقسوة.


خاتمة:


هذه أهم النقاط التي جاءت في هذا النص النادر لمؤرخ جزائري عاصر تلك الفترة, وعايش أحداث ثورة الأمير, سجل لنا اعتزازه بثورة هذا القائد البطل, وتمجيده لها, وما كان ينتظرها من تحرير واستقلال. ثم شعوره باليأس والمرارة بعد فشلها, وأنه يجب الإعداد الجيد والتحضير السليم للقيام بثورة أخرى تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي أما هذه الحركات والانتفاضات من غير استعداد ولا تحضير فقد يؤدي إلى نتائج عكسية, لا تحمد عقباها والموقف نفسه نجده عند صاحب القول الأوسط في تاريخ المغرب الأوسط .


ويتضح لنا من خلال هذا النص اعتزاز المثقف الجزائري بثورته, واحترامه التام لما قام به الأمير من أعمال ومواقف. أرجو أن يكون قد وضح بعض النقاط الهامة في تاريخ ثورة الأمير وأنه فتح تساؤلات أخرى, عن مواقف كل من القبائل التي ساندت الثورة, وخلفاء الأمير, موقف بيجو من السلطات المغربية...وما إليها من النقاط التي إن واصلنا البحث والتنقيب, سنصل إلى فك رموزها وألغازها بحول الله.


النص:


"....فتعلقت أهل العقد والحل بأذيال شيخ الوسيلة سيدي "محي الدين بن المصطفى بن المختار القادري المختاري الحسني"( [24])، واختاروه للإمامة لخوفه من ربه وصلاحه ودينه فلم يجبهم لما طلبوا بعد أن راودوه كثيرا وهو يمتنع حتى هددوه، فأخرج لهم ولده عبد القادر وهو يومئذ صغير وبايعه بخط يده، فتبعه العلماء وأعيان الرعية من الحشم وغيرهم، فجلس للإمارة وأعطاها حقها، فتح الأصداف وجمع الأصناف وركب الأكتاف ومنح الأعراف ونجع الأكتاف ومرى الأخلاف، فلم يدرك من تولى الإمارة شأوه ولا قاربه أو حاذى حذوه، قام بالأمر واستبد به وهجر اللذات وأحوال الصبا والتفنن في الشهوات، وجاهد وأحسن السيرة وأمسك نفسه، فكانت لديه أسيرة.

لكن أبى الله أن يمضي له أمر الخلافة في أمة نبيه صلى الله عليه و سلم بسبب رجل أمّره على قبائل "بني عامر" وجعله نائبا عليهم وخليفة في مدينة تلمسان، وأحوازها فخيَّم بها، وأجرى أحكامه في جبال "بني سنوس" وجبال" تراره" والسواحل التي بعدها، ومدَّ يده في قبائل بني عامر بحكم التفويض، فرموه بعشق امرئ القيس، وجار في حكمه وعسفهم وخفض رتبة أكابرهم وصناديدهم، فركّب ونزّل وولىّ وعزل ورفعوا به الشكوى إليه فلم يزل شكواهم، فصبت قلوبهم إلى الخروج عنه مقدمة بأن اجتمع أكابرهم ورؤساؤهم على تأمير رجل بوشيخي يقال له "محمد بن عبد الله" فأمَّروه عليهم بواسطة أكابر الدوائر وصاروا يتحاكمون عنده، وكان بليد الطبع لا يحسن الحكم إلى أن قضى الله باضمحلال "البوحميدي" ومن والاه رجع الحكم للإفرنج وسلم الحد لمحدوده.

وكانت عاقبة الشيخ "البوشيخي" هذا خسرا، خرج بأهله للصحراء التي هي بلاد آبائه وأجداده وثار في أحواز واركللا على الإفرنج فاستولوا عليه بواسطة بعض الأعراب وأسروه لباريس، ولما طال أسره عندهم في تلك العدوة قيل أنه ارتد لدين النصرانية وخرج من دين الإسلام خروج السهم من الرمية ودخل في دين المسيح العليل ورشوه بماء العمودية، واستشهد عليه بقول خليل: " وإن تنصر أسير فعلى الطوع "، وذلك آخر العهد به والله أعلم.

ولما كانت نية الحاج عبد القادر خالصة في دينه وملة نبيه صلى الله عليه و سلم لم يعاقبه الله في الدنيا، فكانت معيشته ومعيشة أهله على يد عدوه وصديقه، وأسكنه الله الأرض المقدسة فصار يمشي بأرض تردد فيها جبريله على كل نبي ورسول فيا لها من مشية بين قبور الأنبياء وأهل الصلاح والأولياء، بعد أن جرَّد سيفه على الأعداء وناضلهم مناضلة الصحابة الأشداء، فمشاهد قتالهم أمام وهران عديدة، جاءهم فيها بجنود عريضة طويلة مديدة، وخيله كم لها من غارة على السواحل والثغور فكانت تصهل عليهم في النجد والغور، وكم فرَّق من جموع وأخلى لهم من أماكن وربوع.

وسل عن تردده في الميدان "بيجو" وأحبار الرهبان، وسل عن تردده في الصفوف أودية سيك وشعاب"خروف"، وسل نصارى مستغانم، وكم أخذ لهم من أسارى في الغنائم، وسل ثنية"مُزايا" وما نال في قتالها من المزايا، وسل بسيط "متيجة" وكم ظهرت لهم فيه من نتيجة، وسل"وادي الزيتون" وكم سفك من دم في روضة الهتون، وسل جبال"زواوة" الشوامخ والأطواد الرواسخ، عن دخوله على العدو فيها دخول النواسخ، وسل جبال أحواز "الجزائر" و"شرشال"، وكم نال العدو في بلاد "جندل"معه أتراح وأوجال، وسل "مليانة" وجبال "بني أمناصر" وكم فلَّ فيها من جيوش للفراعنة والقياصر، وسل أحواز "المدية" و"البغار"، وكم نال العدو فيها من الصغار، وسل مدائن "الزاب"( [25]) وكل موضع تحزبت فيه الأحزاب، فجل الوقائع له لا عليه، والله فيها وليه وسائق النصر إليه.

فكانت مدة ولايته اثني عشر سنة( [26])، وإذا عددت وقائعه الجهادية وجدتها أكثر من أيام عمره، فضلا عن أيام ولايته وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. فبسبب سنة الجهاد التي أحياها في آخر الزمان أحيا الله ذكره وبتقديم والده المذكور وحاز حمد الله وشكره.

أبوه كان أمير المؤمنين في الحديث( [27])والسيرة النبوية، وكان يلقن الناس الأوراد القادرية( [28])، وكان الأتراك يتلمحون فيه المهدوية المنتظرة، فقد شدَّ الرحلة للحجاز يغنم حجة التطوع فتبعته الحواضر والبوادي، وبنت فساطيطها في محلته وجندت عليه الجنود في حلته ورحلته ففزعوا من ذلك وخافوا منه فردوه عن وفاء مراده، ولما انصرف الناس عنه جاءوا به من زاويته وعقلوه بوهران( [29]).




يتبع...










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 11:14   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

هنا عاش أسد الجزائر بقية أيام حياته
قصر الأمير عبد القادر الجزائري... حكاية طويلة وتفاصيل مثيرة عن منزل عاثت فيه الأقدام فسادا منذ سنة 1948، فاستوطنته العائلات المهجرة وسرقت منه أهم القطع التاريخية المصنفة، وهربت بعض الآثار إلى وجهات غير معلومة، فتحول القصر إلى خراب، وإلى ركن منسي هناك في أعالي دمر، وتحولت الأراضي التابعة للقصر إلى مساحات صفراء ميتة. حفيدة الأمير عبد القادر الأميرة بديعة الحسني الجزائري عادت بالذاكرة إلى أسباب هذا المصير فقالت.

*******
•رئيس الحكومة السوري وسفير الاتحاد الأوروبي يفتتحانه
• أخيرا، وبعد إعادة تشكيل القصر بطريقة حديثة مع المحافظة على شكله الأصلي وبمساعدة عائلته التي سكنت المكان ولازالت تتذكر المرافق ومواضع الأشياء، تمكن فريق العمل السوري الدانمركي من وضع اللمسات الأخيرة عليه، حيث تحول إلى قصر فخم شكله أنيق وباطنه ثري بمقتنيات الأمير التي جمعت من هنا وهناك، ولازالت عملية البحث جارية. إفتتحه رسميا رئيس الحكومة السوري وسفير الاتحاد الأوروبي بسوريا ليصبح مركزا للتنمية المستدامة.

•تفرقت عائلة الأمير بسبب تقسيم الإرث
•في لقائنا مع الحفيدة، أكدت أن القصر كان بيت جميع العائلة، ولكن بعد وفاة الأمير طالب الأحفاد بتقسيم الإرث، وعندها اشترى بعضهم ممن يملكون المال الكافي نصيب بعضهم فيه. ومرت الأيام واختلفت مشاريع العائلات الصغيرة، حيث غادر بعضهم إلى دول عربية أخرى للدراسة والعمل، وتنقلت العائلات الأخرى إلى قلب دمشق لتيسير أمور العيش من تنقل ودراسة على أبنائهم، ذلك أن مكان تواجد القصر بعيد عن المنشآت القاعدية في العاصمة دمشق.
••الشروق تدخل قصر الأمير عبد القادر
•بعد أن أثار تعجبنا تكفل المفوضية الأوروبية بعملية ترميم القصر، أثار فضولنا دخوله بعد انتهاء جميع الأشغال به، ذلك أن الصور التي شاهدناها لم توح لنا إلا بمنزل قديم متهرئ آيل للسقوط في أي لحظة، وكأن صاروخا اخترقه فدمره عن آخره.
•سهل لنا المكلف بالإعلام على مستوى السفارة الجزائرية بدمشق، الأستاذ سعيدي، كل الأمور مسبقا، وقام باتصالاته التي أثمرت قبولا للزيارة، خاصة وأن القصر لم يدشن بعد، وعليه كان من الصعب دخوله قبل ذلك.
••الواجهة... قصر فخم ونافورة وحدائق
•بعد أن قطعنا عدة كيلومترات عن مركز العاصمة دمشق وصلنا إلى بلدية دمر، وليس بعيدا عن مدخلها بادرت باستقبالنا بناية كبيرة غاية في الأناقة... توقفت السيارة ونزلنا أمام قصر الأحلام.. نعم هو أصدق وصف يمكن أن نطلقه على قصر مؤسس الدولة الجزائرية بعد عملية ترميم واسعة.. درج طويل محفوف بالورود يؤدي في مؤخرته إلى باب كبيرة هي مدخل القصر. ولأنه لم يدشن بعد، فقد دخلناه من بابه الثانية مرورا بنافورة تتوسط المكان وتتدفق منها المياه.
••ثريات حقيقية تبرعت بها حفيدات الأمير
•أول ما يلفت الانتباه عند الدخول هو تلك الثريات الضخمة المعلقة على امتداد رواق طويل.. سألنا أحد المهندسين، فأكد أنهم وجدوا صعوبات في تجميع حاجيات الأمير من عائلته، كما أكد المساعدة الكبيرة التي قدمتها الأميرة بديعة التي لم تبخل ــ حسبه ــ حتى بأثمن المفردات من ملابس وأدوات منزلية.
••"قاعة الذكرى" حيث مات الأمير
•نهاية الرواق تقود إلى عدة غرف، أهمها كانت غرفة الذكرى أو القاعة التي لفظ فيها الأمير أنفاسه الأخيرة.. دخلنا بكل حذر وكأن روحه لازالت تسكن المكان لامتلاء الغرفة بأغلب ما كان الأمير يستعمل في الوضوء والأكل والشرب واللباس والمجلس وحتى الهدايا التي كان يبعثها إليه الآخرون من ملوك أو حاشية.
••ميدالية أوتون والملكة فيكتوريا
•ما يلفت الانتباه أيضا هو وجود الميداليات الحقيقية التي قلدوها للأمير، على غرار ميدالية الملك اليوناني أوتون والملكة فيكتوريا والسلطان العثماني، وكلها كانت مرفوقة بكلمات احترام وتسامح عن الحماية الدينية وعن التعايش، إضافة إلى رسومات ونقوشات للأمير.
••صور للرئيس بوتفليقة عند تسلم رفاة الأمير
•صور حقيقية أيضا للرئيس بوتفليقة الذي كان يومها وزيرا للخارجية وهو يلقي خطابه بمناسبة تسلم رفاة الأمير عبد القادر رفقة عدة وجوه سياسية ودبلوماسية.
••حتى الأرمن والمسيحيين مشوا وراء الرفاة
•الصور كشفت بوضوح عن شخصيات من الأرمن والمسيح والشيعة، وهي الطوائف المتعايشة في سوريا، والتي كانت تمشي يوم تسليم الرفاة، مما يؤكد حسب ما قاله مدير البرنامج عرفن علي للشروق "الأمير عبد القادر شخصية إنسانية تركت أثرها على الجميع".
••قطع ذهبية علقت على مدخل القصر
•عمدت محافظة البرنامج إلى تخصيص قطع ذهبية كبيرة كتب عليها "برنامج تحديث الإدارة البلدية" علقت على مدخل قصر الأمير عبد القادر الذي افتتح رسميا يوم الثلاثاء المنصرم بحضور رئيس الحكومة السوري وسفير الاتحاد الأوروبي، وكان من المفروض أن تفتتحه فنيا فرقة أنانا، لكن ارتباطاته حالت دون ذلك.
••الجبل تحول إلى منطقة عمرانية
•عند فتح نافذة غرفة نوم الأمير عبد القادر تقابلك منطقة عمرانية جديدة استوطنها السكان منذ فترة، في حين تدل الصور الموجودة للقصر سابقا أن الإطلالة الحقيقية كانت على منطقة جبلية خالية، وهو ما وصفه مدير البرنامج بالتغير الجذري، بدءا من طريقة تعامل فريق المهندسين مع البناء ووصولا إلى المحيط الجديد للقصر.









رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 11:15   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

حقائق جديدة عن الأمير عبد القادر الجزائري


من أمام قبر الأمير عبد القادر الجزائري في العاصمة السورية دمشق تتفجر ينابيع الأسرار صورة تترجم أبعادها احتراما وتبجيلا لرجل أنقذ أهل الشام من مصير مروع ورسم مستقبل شعوب أبت أن تمحي ذاكرتها سيرة منقذها أما البعد الثالث لتلك الصورة فهو اعتزاز بالأرض التي وارت يوما جثمان الأمير لكن الغريب أن السوريين يرفضون الاقتناع بأن الرفات نقلت من أراضيهم لتستقر في بلده الأصلي الجزائر وحتى اليوم يتوافدون بالمئات يوميا لزيارة القبر الفارغ والترحم عليه في مشهد غريب ومثير

- نشر الفكر الصوفي في الشام وقضى على فتنة لبنان
المشارقة يؤكدون أنه من نسل الرسول "صلى الله عليه وسلم"

جميع أهل الشام يعرفون جيدا الطريق إلى حي "الشيخ محيي الدين"، فلا يكاد يمر أسبوع على أحدهم حتى يشد الرحال إلى مسجد شيخ الطرق الصوفية العلامة "محيي الدين بن عربي" حيث يوجد ضريحه، وعلى بعد مترين وفي نفس الغرفة التي تحوي رفات بن عربي وأبناءه، يوجد قبر الأمير عبد القادر الجزائري، الذي دفن في هذا المكان تحديدا بناء على وصيته، ويقول المشرف على المكان الشيخ "سعيد يحياوي": "لم يوصي الأمير بهذا الأمر طمعا في شهرة أو خلود بعد الممات، مثلما فعل الكثير من السياسيين والقادة الشاميين الذين حرصوا على تشييد قبورهم على مقربة من قبور الصحابة والعلماء، وإنما بدافع الحب الكبير الذي حمله الأمير في قلبه طيلة حياته للشيخ الجليل محيي الدين بن عربي، حب أبى ألا يقتصر على الحياة الدنيا، فطالما اقتدى الأمير ببن عربي، وطالما تمنى استكمال حياة ما بعد الموت برفقته"، ويضيف الشيخ "سعيد": "من هذا المكان جدد الأمير عبد القادر الفكر الصوفي، وعلى منبر هذا المسجد حمل شعلة الجهاد والعلم حتى استحق أن يكون خليفة الشيخ محيي الدين بن عربي، فرحمة الله على علماء الأمة المخلصين"

الجثمان غائب لكن الروح حاضرة
يقع مسجد الشيخ محيي الدين بن عربي في أحد أحياء دمشق القديمة الواقعة في سفح جبل قاسيون، وبين الأزقة الضيقة والمباني القديمة والأسواق العتيقة، تتحرك أقدام الزائرين ببطء وسط الزحام لتصل إلى هذا المسجد القديم، وعبر سلم رخامي يؤدي إلى غرفة أسفل هذا المسجد، تتدافع الوفود الصوفية القادمة من كل أنحاء العالم الإسلامي، وبالأخص من باكستان ودول شرق آسيا يرافقها الكثير من أبناء طوائف الإسلام الأخرى، باحثة عن المكان الذي رقد فيه الأمير عبد القادر، في تلك الأثناء انتابتني مشاعر متضاربة، وتساءلت في حيرة: كيف عرفت هذه الشعوب الأمير الجزائري المجاهد؟، وأي سيرة تركها الرجل في نفوس هؤلاء؟، ولماذا الإصرار على زيارة القبر رغم خلوه من جثمان صاحبه؟، فقالت مواطنة سورية انتهت لتوها من قراءة فاتحة الكتاب: "أعلم أن الجثمان غائب.. لكن الروح حاضرة"، إجابة لم تضع حدا لحيرتي، بل فجرتها أكثر، فهي تحمل أكثر من معنى، لكنها تؤكد عشق وإخلاص أهل الشام للأمير، الذي أحب الشام ودافع عن أهلها وعن مستقبلهم مثلما دافع عن الجزائر وتاريخها، ففي عام 1964 تم نبش هذا القبر، لتنقل طائرة جزائرية رفات الأمير عبد القادر إلى مقبرة الشهداء بالجزائر العاصمة، حقيقة يعرفها الجميع، لكن فرط الحب للأمير الذي أثر أيما تأثير في حياة السوريين يدفعهم لعدم نسيانه، حتى وإن استقر به المقام في الجزائر، لدرجة أن السلطات السورية تعتني بالقبر عناية خاصة لمكانة صاحبه الكبيرة في التاريخ السوري، لكن ثمة حكايات أخرى يتداولها أهل المشرق حول الفترة التي قضاها الأمير هناك.
رجل السلاح والقلم
وعلى الرغم من مرور قرن وربع القرن على وفاة الأمير عبد القادر، قائد الثورة الأولى في الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، فلا تزال الأسرار المحيطة بذلك الرجل تتكشف كل يوم، فلا نكاد نجد في الكتب التي تؤرخ للنهضة العربية ذكرا للأمير إلا وهو مرتبط بثورته ضد فرنسا، أو بتصديه للحرب الطائفية بالشام عام 1860 م، أو زياراته العلمية والدعوية المتعددة إلى الأستانة ومصر وباريس، وحصوله على الأوسمة والمنح، فقد كان رجل فكر متبحر في علوم الدنيا والدين، وكانت له آراء خاصة في قضايا العقل والأخلاق واللغة والتصوف، مما يجعله أحد أبرز رجالات النهضة الدينية المبكرين.
خيانة قضت على الدولة الإسلامية الكبرى
يؤمن أهل المشرق أن الأمير عبد القادر أسس دولة إسلامية قوية في الجزائر، حيث نظم جيشا وطنيا قويا وقف موقف الند في وجه أكبر دولة برية في العالم في ذلك الزمن، وكبد الغزاة خسائر فادحة أفقدتهم الأمل بالسيطرة على البلاد، وكاد الأمير ينتصر، فعمد الغزاة إلى تفتيت الوحدة الوطنية التي أسسها الأمير تحت راية "الله أكبر" لمدة سبعة عشر عاما -مدة حكمه-، واتبعوا أيضا سياسة الأرض المحروقة والجيوش الجرارة والأسلحة المتطورة، وحينما لم تجد كل تلك الخطط نفعا، لجأت فرنسا إلى سلطان المغرب، وبالترغيب تارة وبالتهديد باحتلال مدنه تارة أخرى، أجبروه على عقد اتفاقية معه لمنع وصول أي مساعدات لقوات الأمير، وللأسف كتب سلطان المغرب رسائل بخط يده إلى زعماء القبائل لتحذيرهم من مساندة الأمير، مما اضطر الأمير لخوض معارك دفاعية دامية خارجة عن نطاق مخططاته، دفاعا عن حصنه المتنقل وقواته المجاهدة، فكانت أشرس وآخر معركة دفاعية خاضها الأمير ضد قوات نظامية مغربية، وحينما وجد الأمير أن الأشقاء يقاتلونه على نفس روح الغزاة المستعمرين، قرر وقف الحرب ليحقن دماء المسلمين، ويضع حدا لقتل الأخ لأخيه في الدين والجوار، ووافق العدو على وقف الحرب بعد أن حققت مبتغاها، فشوكة الأمير أخيرا انكسرت، وأبرمت معاهدة تكفل بنفي الأمير من الجزائر متجها إلى عكا، ولكن أثناء الطريق جاء أمر لربان الباخرة بتغيير وجهتها نحو فرنسا، فقد كانت فرنسا متأكدة من عودة الأمير إلى الجزائر لاستكمال الجهاد، فألغت الاتفاقية وغدرت بالأمير، لتضع وصمة سوداء في تاريخها الاستعماري الذي لم يحترم عقودا أو مواثيق.
رحلة السجن والموت والعذاب
رحلة مؤلمة، سجن فيها الأمير وأتباعه في تولو بفرنسا، ومن هناك تم نقله إلى بو، ثم إلى قصر أمبواز الذي قضى فيه أكثر من أربعة أعوام، من نوفمبر 1848 م حتى ديسمبر 1852 م، وقبل ذلك ببضعة أسابيع، وتحديدا في 16 أكتوبر عام 1852 م، استقبل الأمير الرئيس لويس نابليون الثالث، الذي جاءه ليمنحه صك حريته، وكان الأمير يعيش مع عائلته تحت مراقبة قاسية وفي حالة حرمانٍ كبيرة، حتى أصابت الصدمة أقارب الأمير، الذين توفى منهم 25 فردا بسبب البرد والمرض، بعدما قضوا حياتهم تحت الخيام في وسط سهول الجزائر الواسعة.
إحياء الإسلام في بلاد الشام
بعد الإفراج عنه، اختار الأمير مدينة بروصة كمكان لهجرته، ولكن عندما كثرت فيها الزلازل، اختار دمشق التي دخلها تحت مظلة احتفال كبير شعبي ورسمي كأحد كبار الفاتحين الأقدمين، وعاش فيها مكرما مبجلا كمهاجر وليس كمنفي مثلما هو سائد، داعيا لنشر العلم الشرعي واللغة العربية، محاربا للبدع، متخذا من كتاب صحيح البخاري ومسلم وموطأ مالك منهجية تربوية لخدمة المجتمع الإسلامي وتعميق الأيمان، وفي دمشق التي عاش ودفن فيها الأمير، تذكره شعوب بلاد المشرق بعظيم خصاله وأخلاقه السامية، دمشق التي لا يزال يقطن بها بعض أحفاد الأمير، لأن جدهم الراحل لا يزال ينال الاحترام والتقدير من قبل أهل الشام، الأمير وجد أهل الشام يعشقون الدين، لكنهم متخبطون بين الآراء والمذاهب المختلفة، فاستشعر الأمير الخطر، وبدأ بنشاط وهمة يقوم برسالته الجهادية التي لا تقل قيمة عن جهاده العسكري ضد المستعمر، فبدأ الرجل في إنشاء المدارس العلمية، وبدأ يعلم الناس أمور دينهم، حتى صار أشهر علماء الشام وأعظم علماء عصره، وبقي هناك حتى وفاته بعد سبعة وعشرين عاما قضاها جهادا في سبيل الله، وكان ذلك في عام 1883.
إخماد نار الفتنة وحماية النصارى
لم يكن التاريخ والدعوة فقط رصيد محبة الأمير، فثمة حدث جلل برز فيه اسم الأمير ليترك علامة فاصلة في تاريخ الشام ستظل باقية أبد الدهر، ففي تلك الأثناء اندلعت الفتنة في لبنان، فحصدت أرواح الآلاف وكادت تقضي للأبد على اللبنانيين وشعوب المنطقة، لكن الأمير تدخل ليضع حدا لتلك المأساة، حتى أنه أنقذ أكثر من خمسة عشر ألفا من النصارى لاذوا بمنزله، فلم يستطع أحد التعرض لهم احتراما وتبجيلا للرجل الذي لاذوا بحماه.
الأمير عبد القادر اتخذ إجراءات كبيرة وجريئة لوأد الفتنة، حتى أنه أخذ مفاتيح قلعة دمشق، ليضع فيها كافة نصارى البلد، يقدم لهم الطعام والشراب على حسابه الخاص لمدة خمسة عشر يوما، وكان لذلك دور كبير في وقف الفتنة وإطفاء نارها، ورجع عند ذلك عشرة آلاف جندي فرنسي إلى فرنسا بعد أن كانوا في مراكبهم يستعدون لنسف بيروت بالقنابل المدمرة، فما أشبه اليوم بالبارحة، وقتها جند الله الأمير لإنقاذ الأمة من شبح الفتنة، أما اليوم فقد سخر الشيطان الآلاف ينفخون في كيرها .
المؤرخون يؤكدون أن الأمير عبد القادر تصرف على هذا النحو، وقرر حماية النصارى التزاما بتعاليم الدين الإسلامي الذي يأمر المسلمين بحماية أهل الذمة الذين يقطنون في بلاد المسلمين، فالأمير عبد القادر كان عالم دين بكل ما تحمله الكلمة، وليس متطفلا أو مندسا على الدين، علم وتفقه في حدود ما أنزل الله، فحقن دماء البشر، ووضع اتفاقية لا تزال سارية المفعول حتى يومنا هذا، وبفضل هذه الاتفاقية انتهت إلى غير رجعة مظاهر التطرف والتعصب في بلد مثل سوريا، التي تعد الدولة العربية الأولى التي تشهد تعايشا طائفيا سلميا .
الأمير عبد القادر حفيد الرسول "صلى الله عليه وسلم"
الكتب المنشورة في دمشق عن الأمير عبد القادر تكشف الكثير من الحقائق الغائبة، فهي تقول أن الأمير عبد القادر ولد عام1807 م، ونشأ في مزرعة أجداده "القيطنة" بوادي الحمام الخصيب بضواحي مدينة وهران، وأنه درس اللغة العربية وحفظ القرآن في مدرستها، ثم أرسله والده للالتحاق بإخوته بمعاهد وهران وتونس والزيتونة، وتقول هذه المؤلفات العديدة التي أسهبت في التعرض لحياة الأمير عبد القادر: أن الأخير يمتد نسبه للإمام إدريس الأكبر ابن عبد الله بن الحسن حفيد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، الذي دخل المغرب العربي عام 172 هجرية وبايعته القبائل، فأقام مملكة قوية، وشيد مدينة فاس كعاصمة لمملكة امتدت حتى عام 459 هجرية حينما كثرت المنافسة على الحكم، فانتصر بني الأغلب على محمد المستعلي بن عبد الله حفيد إدريس الأصغر وانتزعوا منه حكم البلاد، فانقرضت دولة الأدارسة والتعاقب على الملك.









رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 11:16   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

الامير خالد الهاشمي بن عبد القادر الجزائري



المولد والنشأة

ولد خالد الهاشمي بن عبد القادر (الأمير) يوم 20 فيفري 1875 بدمشق. تلقّى تعليمه الأول بمسقط رأسه ودرس اللغتين العربية والفرنسية، واصل دراسته الثانوية بباريس بثانوية لويس الأكبر بعد أن عادت عائلته إلى الجزائر سنة.1892 انضم إلى الكلية الحربية الفرنسية المعروفة بسان سير saint- cyr التي تخرّج منها عام.1897 شارك في حملات عسكرية بالمغرب سنة 1907 برتبة ملازم أول قبل أن يرقّى إلى نقيب سنة.1908 بعد أن استفاد من عطلة خاصة لمدة 03 سنوات عام 1913 شارك من جديد في الحرب العالمية الأولى كضابط صبايحي، وانسحب من الجيش الفرنسي سنة 1919 واستقر بالجزائر
النشاط السياسي

يعتبر الأمير خالد مؤسس للحركة الإصلاحية حسب الدكتور سعد الله، فقد استغل الرصيد النضالي لجده الأمير عبد القادر ومعرفته للحضارة العربية الإسلامية للوقوف في وجه السياسة الاستعمارية. بدأ نشاطه السياسي بعد تقاعده من الجيش الفرنسي على جبهتين الأولى: التصدّي لدعاة الإدماج والداعين إلى التجنّس بالجنسية الفرنسية، والثانية ضد غلاة المعمرين والنوّاب الفرنسيين. وقد بعث الأمير خالد بعريضة إلى الرئيس الأمريكي ولسن يطرح فيها مطالب الجزائريين. أسس الأمير خالد جريدة الإقدام سنة 1920 للتعبير عن أفكاره والدفاع عن فكرة المساواة بين الجزائريين والفرنسيين في الحقوق السياسية. ونشط الأمير في كل الاتجاهات فبعد عريضته إلى الرئيس الأمريكي ولسن ترشح للانتخابات البلدية وصار عضوا بالمجلس البلدي للجزائر العاصمة، وأنشأه جمعية الأخوة الجزائرية.- وعند زيارة الرئيس الفرنسي ميليران millerand إلى الجزائر في مارس 1923 خطب الأمير خالد أمامه مجددا مطالب الجزائريين.
- هذا النشاط المكثف والمطالب المحرجة بالنسبة للسلطات الفرنسية جعلت الحكومة الفرنسية تصدر أمرها بنفي الأمير خالد إلى خارج الجزائر في شهر جويلية 1923، حيث حلّ بــمصر واستقبل بحفاوة.
- لكن نفي الأمير إلى خارج الجزائر لم ينه نشاطه السياسي فقد شارك في مؤتمر باريس للدفاع عن حقوق الإنسان وبذلك نقل المعركة إلى فرنسا نفسها.
و من منفاه وصلت رسالة الأمير خالد إلى هيريو رئيس الوزراء الفرنسي سنة 1924 أكدّ فيها من جديد على المطالب الأساسية للجزائريين.كما كان له نشاط متميز مع الوطنيين السوريين بعد عودته إليها سنة 1926. ومع العالم الإسلامي بدعوته إلى عقد مؤتمر إسلامي بأفغانستان الدولة الوحيدة المستقلة آنذاك. و رغم محاولاته المتكررة العودة إلى الجزائر إلاّ أن السلطات الفرنسية وقفت له بالمرصاد إلى غاية وفاته بدمشق بتاريخ 09 جانفي 193









رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 12:29   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
benhamed1993
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية benhamed1993
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يا أخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي اين هو بحثي؟؟؟؟؟؟؟؟










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 13:12   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
sabrina zed
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sabrina zed
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا وجزاك الله راسكنك فسح الجنات










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 16:15   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

ثلاث صفحات وكل هذا عن الامير عبد القادر وتقول اين بحثي !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 17:56   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
benhamed1993
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية benhamed1993
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يا أخي لم تفهم قصدي كنت أكلمك في بحث التحضير النفسي وفهمته أنت غلط ..لا تغضب فالرسول أوصانا وقال الحلم عند الغضب










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-07, 18:01   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
benhamed1993
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية benhamed1993
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا فقدوجدت بحثي ...عذرا لأني أتعبتك...أسأل الله لك الجنة..وزوجة صالحة....و راك " تسالنا" مهراس زفيطي ..
وشكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــرا










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-08, 19:05   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
sola 17
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

هل من جدديد حول مذكرتي عقد التسيير في القانون المدني الجزائري فانا في عجلة من امري










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-09, 12:31   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
sola 17
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

هل من جدديد حول مذكرتي عقد التسيير في القانون المدني الجزائري فانا في عجلة من امري










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-09, 16:27   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

// التسيير الحر, بحث كامل //



مقدمة:
يمكن للتاجر التخلي عن استغلال المحل التجاري الذي يعد مالا منقول معنوي هذه الأموال التي تكون من العناصر المادية مثل العتاد و مخزون البضائع و العناصر المعنوية كالاسم و السمعة و الحق في الإيجار و علامات الشهرة و الحكمة من إقرار المشرع بوجود المحل، يكمن في إضفاء قيمة تجارية لإقامة النشاط التجاري من طرف التاجر لحسابه فيؤجره لشخص أخر ليقوم باستغلاله كمصلحة نفعية و يلتزم مقابل ذلك بدفع أجرة للمالك و أسباب هذا التخلي كثيرة منها انتقال المحل التجاري إلى الورثة القصر، و حالة تواجد مالك المحل إلى التنافي مع ممارسة التجارة و كذا حالات المرض فهنا كان عقد الإيجار الحر هو العلاقة القانونية الأنسب لهذه الفترة الانتقالية حتى يتمكن المؤجر من المحافظة على محله
و على ضوء هذه المقدمة نطرح الإشكالية التالية:
ما المقصود بعقد التسيير الحر؟، و ما هي الآثار التي يرتبها؟.
متبعين في ذلك الخطة المقترحة:


 المبحث الأول: تعريف التسيير الحر و الشروط الخاصة به

المطلب الأول: تعريف التسيير الحر
المطلب الثاني: الشروط الخاصة بالتسـيـير الحر

 المبحث الثاني: أثار التسيير الحر و انقضاؤه

المطلب الأول: أثار التسيير الحر بالنسبة للأطراف المتعاقدة و للغير
المطلب الثاني: انقضاء عقد تسيير التأجير


المبحث الأول: تعريف التسيير الحر و الشروط الخاصة به

المطلب الأول: تعريف التسيير الحر
لكي نعرف التسيير الحر يجب التميز بين شكلين مختلفين من العقود المبرمة بين صاحب المحل التجاري و المستثمر الجديد و هما تسيـير المستأجر و التسيير الحر المسمى كذلك تأجير التسيير أو عقد إدارة التسيير.
ــ حيث أنه من الملاحظ في الحالة الأولى أن صاحب المحل التجاري يبقى تاجرا و المستخدم المكلف بتسيير المحل التجاري يمارس التجارة باسم المالك الحقيقي و لحسابه ( أي المالك) و لأن مالك المحل يظل تاجرا فهو مسؤول تجاه الغير عن أعمال المستخدم و هذا الأخير لا يكتسب صفة التاجر و هذا راجع للعلاقة التبعية الموجودة بينه و بين صاحب المحل، و يترتب من ذلك أن المستخدم يستفيد من التشريع الخاص بالعمل.
بينما يعتبر التسيير الحر "عقد يستأجر بمقتضاه شخص المحل التجاري من مالكه لأجل استغلاله لحسابه الخاص و على عهدته متحملا مسؤولية هذا الاستغلال وحده دون أن يلتزم مالك المحل بنتائجه"(1)
ــ بأسلوب أخر تأجير التسيـير أو عقد إجارة التسيير عقد إيجار حقيقي و لهذا يسمى بعقد الإدارة الحرة أو عقد التسيـير الحر حيث يقوم المستأجر بإدارة المحل التجاري لأجل استثماره لحسابه الخاص و تبعا لها يتحمل أعباء التسيـير، و يسمى بالإدارة الحرة لأن المستأجر له الحرية التامة في التسيير فلا يخضع لرقابة مالك المحل التجاري و لا لإشرافه و يترتب عليه حصول صاحب المحل على مقابل.
و منه فالطبيعة القانونية لإيجار التسيـير هي إيجار منقول معنوي بمقتضاه يتنازل صاحب المحل التجاري كليا أو جزئيا في استغلال المحل المسير(2)، و المواد المتعلقة به 203 214 من القانون التجاري.


(1)محمد الصالح فنينيش، ملخص محاضرات للقانون التجاريc.a.p.a،ص49
(2) مطبوعة الأستاذ عبد القادر البقيرات، محاضرات تجاريc.a.p.a،ص62
المطلب الثاني: الشروط الخاصة بالتسـيـير الحر
بالإضافة إلى الشروط العمة المتمثلة في الرضا و المحل و السبب هناك شروط موضوعية و شروط شكلية يتميز بها عقد التسيير الحر:
أ ــ الشروط الموضوعية: ــ المؤجر
ــ المستأجر المسير
ــ العين المؤجرة
1- الشروط الخاصة بالمؤجر:
طبق للمادة 205 من القانون التجاري يجب على الأشخاص الذين يقدمون المحل التجاري في إطار إيجار التسيير سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين أن يكونوا قد مارسوا التجارة لمدة 05 سنوات و بذلك يكونوا قد اكتسبوا صفة التاجر منذ 05 سنوات على الأقل، أو يكونوا قد مارسوا نفس المدة أعمال المسير أو مدير تجاري أو تقني و اشتغلوا لمدة سنتين على الأقل في المتجر الخاص بالتسيير.
و أجازت المادة 206 من القانون التجاري الإعفاء من هذه المدة بأمر من رئيس المحكمة بناءا على طلب المعني، و بعد الاستماع إلى النيابة العامة عندما يقوم مبرر شرعي يمنع المؤجر من هذه الممارسة و المسألة تقديرية بالنسبة للمحكمة من الجانب الموضوعي و الواقعي لكنها من النظام العام بدليل وجوب إطلاع النيابة العامة على هذا الطلب و إبداء رأيها.
كما استبعدت المادة 207 من القانون التجاري تطبيق حكم المادة 205 عندما يكون مؤجر المحل هو الدولة أو البلدية أو الولاية أو المؤسسة العمومية أو مؤسسة مالية أو أحد الأشخاص المحجور عليهم لعارض من عوارض الأهلية على أن يكون المحل هو موضوع التسيير الحر مملوكا لهم كما أعفت نفس المادة ورثة التاجر و الموصى لهم من تاجر أو حرفي من ضرورة ممارسة التجارة خلال المدة المذكورة سابقا.
2- الشروط الخاصة بالعين المؤجرة
يشترط أن يكون موضوع الإيجار محلا تجاريا طبقا لأحكام المادة 78من القانون التجاري و أن تتوفر فيه العناصر المعنوية و المادية لا سيما الاتصال بالعملاء و الشهرة التجارية و ذلك لا يتحدد إلا باستغلال النشاط موضوع التسيير الحر من طرف المؤجر خلال سنتين على الأقل(1).


(1) مطبوعة الأستاذ عبد القادر البقيرات،مرجع سابق،ص63

3- الشروط الخاصة بالمستأجر:
يجب أن يكون المستأجر تاجرا أي يمارس الأعمال التجارية و يتخذها مهنة معتادة له و أن تتوفر فيه الأهلية لممارسة التجارة و أن يكون مقيد في السجل التجاري.

ب ــ الشروط الشكلية:
على خلاف القانون الفرنسي الذي يجيز تحرير عقد التسيـير الحرفي في محرر عرفي فإن القانون الجزائري، يشترط في الفقرة الثالثة من المادة 203 من القانون التجاري أن يحرر عقد التسيـير الحر في عقد رسمي و يترتب عن تخلفه بطلان العقد و هي القاعدة المعمول بها في التصرفات القانونية الواردة في المحلات التجارية طبقا للمادة 324 مكرر1 من القانون المدني إذ نصت على ضرورة الرسمية في عقود تسيير المحلات التجارية، و رتب البطلان على تخلفها بصراحة النص
كما يجب شهر التسيير الحر للمحل التجاري خلال 15 يوم من إبرام العقد في مستخرج أو إعلان في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية زيادة على نشره في جريدة مختصة في الإعلانات القانونية.

و يجب على المستأجر أن يسجل نفسه في السجل التجاري مصطحبا وثائقه من فواتير أو السجلات بأنه يمارس التجارة في شكل التسيير الحر.
بالإضافة إلى أن المؤجر ملزم بتسجيل نفسه في السجل التجاري أو تعديل قيده الخاص مع البيان صراحة على تأجير التسيير(1).

المبحث الثاني: أثار التسيير الحر و انقضاؤه

المطلب الأول: أثار التسيير الحر بالنسبة للأطراف المتعاقدة و للغير

الفرع1: أثار التسيير الحر بالنسبة للأطراف
أ/ أثر العقد بالنسبة للمستأجر المسير:
ــ يخضع المستأجر المسير لعدة التزامات لكنه في نفس الوقت يتمتع ببعض الحقوق

(1) مطبوعة الأستاذ عبد القادر البقيرات،مرجع سابق،ص62-63.
فهو يلزم بدفع بدل الإيجار، إلى صاحب المتجر، على أن يجوز النظر في بدل الإيجار كل ثلاث سنوات ( حسب المادة 213من القانون التجاري)، و يجب على الذي يرغب في طلب إعادة النظر في الإيجار أن يبلغ الطرف الأخر بموجب رسالة موصى عليها مع طلب العلم بالوصول أو بموجب إجراء غير قضائي ( المادة 214 من القانون التجاري)
ــ و يخضع أيضا المستأجر إلى نفس التزامات التاجر
كضرورة القيد في السجل التجاري و علاوة على ذلك يجوز إشهار إفلاسه متى توقف عن دفع ديونه التجارية.
و يخضع كذلك للقيود الواردة في العقد " كالحفاظ على عناصر الاتصال بالعملاء، و عدم تغيـير نشاط المحل"، و لا يجوز له أن يتصرف في المحل كبيعه أو رهنه، إذ ليس له الحق في إعارته، و يلتزم المستأجر في كثير من الأحيان بدفع ضمان يعادل بدل إيجار ثلاثة أشهر، و لا يجوز للمستأجر أن يتوقف عن النشاط التجاري بالمحل، أو أن يقوم بعمل ينقص من قيمة المحل التجاري بالإضافة تعهده بعدم تأجير المحل التجاري من الباطن .

ب/ أثار العقد بالنسبة للمؤجر:
و تتمثل في ضرورة تسليم المتجر للمستأجر بكافة عناصره ( أي وضع العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر) و يتعين عليه أيضا تسجيل نفسه في السجل التجاري أو تعديل قيده الخاص مع البيان صراحة على تأجير التسيير حيث يقوم بالتعديل لدى ملحقة المركز الوطني للسجل التجاري، المختص إقليميا.
و أن يمنع المؤجر أي تعرض من طرف الغير على المستأجر سواء ماديا أو قانونيا من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة " عدم التعرض المادي كأن يلتزم بعدم إنشاء محل تجاري جديد قرب المتجر ينافسه منافسة غير شرعية"
و لا يحق للمؤجر أن يقرر بإرادته المنفردة تغيير شروط استئجار تسيير المحل التجار المحدد بالعقد المبرم بين الطرفين.

الفرع 2: أثار التسيير الحر بالنسبة للغير
أ/ أثار العقد إزاء دائني المؤجر:
يتعرض دائني المؤجر إلى الخطر إذا أساء المستأجر المسير استغلال المحل،وفي حالة فقد هذا الأخير أحد عناصره فإنهم يتعرضون في هذه الحالة إلى انخفاض قيمة ضمانهم الأمر الذي يستلزم حمايتهم. و هذا ما فعل المشرع بمنحهم حق رفع دعوى أمام المحكمة التي يوجد بدائرة اختصاصها المحل التجاري طالبين منها الحكم بأن الديون واجبة الأداء فورا، و يتوجب عليه رفع هذه الدعوى خلال ثلاث أشهر من تاريخ نشر قيد التسيير في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية، تحت طائلة سقوط الحق فيها( أي في رفع الدعوى).مع العلم أنه يجوز للمحكمة إما القبول أو الرفض حسب درجة وجود الخطر من عدمه.( المادة 208من القانون التجاري).
ب/الآثار بالنسبة لدائني المسير المستأجر:
نميز بين حالتين
الحالة الأولى:
يكون مؤجر المحل التجاري مسؤولا بالتضامن مع المستأجر المسير عن الديون التي يعقدها هذا الأخير بمناسبة استغلال المتجر ذلك إلى غاية نشر عقد تسير التأجير و طيلة مدة 6 أشهر من تاريخ النشر.( المادة 209 من القانون اتجاري)
الحالة الثانية:
إن انتهاء تأجير التسيير تجعل الديون التي قام بها المستأجر المسير طيلة مدة التسيير و الخاصة باستغلال المحل التجاري أو المؤسسة الحرفية حالة الأداء فور ( المادة211 من القانون التجاري) أتت هذه المادة لدرأ الخطر الذي قد يتعرض له دائني المستأجر و حماية لهم فالمسير حين تنتهي مدة التأجير لأن في هذه الحالة لا يكون للمستأجر أي دخل تجاري و من هنا يصبح تسديد الديون احتماليا.
المطلب الثاني: انقضاء عقد تسيير التأجير

ينتهي عقد تأجير التسيير بمجرد انقضاء المدة المحددة بين المتعاقدين في الاتفاق، و لا يجوز المستأجر المطالبة أو أن يتمسك بحق البقاء في العقار، لكن يجوز له تمديد صلاحية العقد بتجديده ضمنيا لما ينتهي تأجير التسيير بسبب ظروف معين كوفاة المستأجر المسير أو إفلاسه.
وانتهاء عقد تأجير التسيير ينتج عنه إتباع نفس إجراءات وقت إبرامه أي الإعلام في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية و غيرها من الإجراءات المذكورة سابقا و التي تمكن الغير من معرفة انتهاء عقد التسيير الحر(1).

(1) محمد الصالح فنينيش،مرجع سابق، ص51-52-53

خاتمة أو حوصلة:



نظرا للطبيعة الخاصة لعقد التسيير الحر للمحل التجاري نظمه المشرع من خلال القانون التجاري و ذلك بتخصيص باب مستقل تحت عنوان التسيير الحر أو تأجير التسيير معطيا لكلا طرفيه حقوقا و واجبات تضمن تحقيق مصالحهما و كذا مصالح الغير اتجاههما.




المراجع المعتمدة

1- القانون التجاري الجزائري حسب أخر تعديلاته
2- مطبوعة الأستاذ عبد القادر البقيرات، محاضرات تجاريc.a.p.a
3- محمد الصالح فنينيش، ملخص محاضرات للقانون التجاريc.a.p.a










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-09, 18:06   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
sabrina zed
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sabrina zed
 

 

 
إحصائية العضو










B2

merci trés bein










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-09, 18:08   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
hanouna25
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اسم العضو: hanouna25
الطلب:بحث بعنولن الحساب المابي والميزانية .
المستوى: موظفة نائبة مقتصد.
أجل التسليم: هذا الأسبوع رجاءا.
وشكرا مسبقا










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المستطاع, اوامر, تريدونه, تقدر, طلباتكم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc