اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اياد27
إرادة الحياة.......
[ إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ *** فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي *** وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـــــر
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ *** تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَــــر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ *** مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر
كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ *** وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِــر
وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ *** وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر
إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ *** رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر
وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ *** وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِــــــر
وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ *** يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَــــر
فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ *** وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَــر
وَأَطْرَقْتُ ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ *** وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْــعِ المَطَـر
وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا سَأَلْتُ : *** " أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟"
"أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ *** وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَــر
وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ *** وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَـر
هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ *** وَيَحْتَقِرُ الْمَيْــتَ مَهْمَا كَـبُــر
فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ *** وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْــــــتَ الزَّهَــر
وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم *** لَمَا ضَمَّتِ المَيْـــتَ تِلْكَ الحُفَــــر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الحَيَـاةُ *** مِنْ لَعْنَةِ العَـدَمِ المُنْتَصِــــر!"
وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ *** مُثَقَّلَــــةٍ بِالأََسَـى وَالضَّجَــــر
سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ *** وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر
سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاةُ *** لِمَا أَذْبَلَتْـهُ رَبِيعَ العُمُـر؟
فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَـاهُ الظَّلامِ *** وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى السَّحَر
وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ في رِقَّـةٍ *** مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَــــر
يَجِيءُ الشِّتَاءُ ، شِتَاءُ الضَّبَابِ *** شِتَاءُ الثُّلُوجِ ، شِتَاءُ الْمَطَـر
فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ ، سِحْرُ الغُصُونِ *** وَسِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر
وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ *** وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر
وَتَهْوِي الْغُصُونُ وَأَوْرَاقُـهَا *** وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر
وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في كُلِّ وَادٍ *** وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر
وَيَفْنَى الجَمِيعُ كَحُلْمٍ بَدِيـعٍ *** تَأَلَّـقَ في مُهْجَـــةٍ وَانْدَثَـــر
وَتَبْقَى البُـذُورُ التي حُمِّلَـتْ *** ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيـــلٍ غَـبَــر
وَذِكْرَى فُصُول ٍ ، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ *** وَأَشْبَاح دُنْيَا تَلاشَتْ زُمَـر
مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ *** وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَـــدَر
لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ *** وَقَلْبَ الرَّبِيعِ الشَّذِيِّ الخَضِر
وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ *** وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ الثَّمَـر
"ويًَمشيْ الزَّمانُ، فتنموْ صُروفٌ *** وتذْوي صُروفٌ، وتحْيا أُخَر
وتُصبح ُ أحلامُها يَقْظةً، *** مُوَشَّحةً بغُمـوضِ السَّحـــــر
تُسائِلُ: أينَ ضَبابُ الصَّباحِ، *** وَسِحْرُ المساءِ؟ وضوْئُ القَمر؟
وَأسْرابُ ذاكَ الفَراشِ الأنيقِ؟ *** ونَحْلٌ يُغَنيْ ، وغَيــــمٌ يَمُـــرّ
وأينَ الأشِعَّةُ والكائِناتُ؟ *** وأينَ الحياةُ الَّتي أنْتظِـــــر؟
ظمِئتُ إلى النُّور، فوقَ الغُصونِ! *** ظمِئتُ إلى الظِلِّ تحْتَ الشَّجار!
ظَمِئتُ إلى النَّبْعِ، بَيْنَ المُروجِ *** يُغَنّين ويّرْقُــصُ فَوْقَ الزّهَــــر!
ظَمِئتُ إلى نَغَمَتِ الطُّيورِ، *** وهَمسِ النَّسيم، ولَحْنِ المَطر!
ظَمِئتُ إلى الكونِ! أيْنَ الوُجودُ *** وأنَّي أرَى العالَمَ المنتظر
هو الكَوْنُ، خَلْفَ سُباتِ الجُمود *** وفي أثفُقِ اليَقَظاتِ الكُبَر"
وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ *** حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر
فصدّعت الأرض من فوقـها *** وأبصرت الكون عذب الصـور
وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه *** وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـــــر
وقبلّـها قبـلاً في الشفـاه *** تعيد الشباب الذي قد غبـر
وقالَ لَهَا : قد مُنحـتِ الحياةَ *** وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر
وباركـكِ النـورُ فاستقبـلي *** شبابَ الحياةِ وخصبَ العُمر
ومن تعبـدُ النـورَ أحلامـهُ *** يباركهُ النـورُ أنّـى ظَهــــر
إليك الفضاء ، إليك الضيـاء *** إليك الثـــرى الحالِمِ الْمُزْدَهِر
إليك الجمال الذي لا يبيـد *** إليك الوجود الرحيــب النضر
فميدي كما شئتِ فوق الحقول *** بِحلو الثمــار وغـض الزهـر
وناجي النسيم وناجي الغيـوم *** وناجي النجوم وناجي القمـر
وناجـي الحيـاة وأشواقـها *** وفتنـة هذا الوجـود الأغــــر
وشف الدجى عن جمال عميقٍ *** يشب الخيـال ويذكي الفكر
ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ *** يُصَــــرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَــــدِر
وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء *** وَضَاعَ البَخُورُ ، بَخُورُ الزَّهَر
وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ *** بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَــــاءِ الْقَمَـر
وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ *** في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِـــر
وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ *** لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَــــر
إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ *** فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيـــبَ الْقَـدَرْ
الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي
|
هذه القصيدة كفيلة باحياء قلوب الموتى الا من اراد ان يبقى في عداد الموتى
فلاحياة مع الياس ولاياس مع الحياة
ولابد من ابقاء الابتسامة على الوجه مهما كانت الظروف قاسية
فالله يختبر كل انسان في حياتو اذاكان يستطيع ان يصبر على العوائق التي تواجهه اويستسلم لها ويقول الظروف فعلت بي ذلك
وربي يجيب الخير
شكرا على الموضوع