منذ خلق الله البشر وهم في اتصال مستمر، لأن الاتصال من العمليات الأساسية والمهمة لتحقيق السعادة والنجاح في هذه الحياة بعد توفيق الله، بل إن الاتصال من أهم المهارات في هذه الحياة، فنحن نقضي معظم ساعات يومنا في اتصال.
ويعرف الاتصال بأنه: العملية التي يتم عن طريقها انتقال المعارف والمهارات والحاجات والتجارب والمشاعر بين الناس. وتكمن أهمية الاتصال التربوي في المؤسسة التربوية - المدرسة - بين المعلم وطلابه لعددٍ من الأسباب أهمها: أن نجاح المعلم في عمله التربوي والتعليمي مرهون بقدراته الاتصالية مع طلابه، كذلك فإن استخدام المعلم لمهارات الاتصال التربوي يتضمن تأثيراً أعمق وأطول في نفوس الطلاب. ولتحقيق اتصال تربوي فاعل في المدرسة لابد من ممارسة العديد من المهارات، التي من أهمها ما يلي:
أولاًـ أن يقدّر المعلم شعور طلابه ويستمع إليهم، فإذا لم يفعل ذلك فلا يتوقع أن يقدروا شعوره ويستمعوا إليه، إذ أن البعد العاطفي ( الشعور، الإحساس، التأثر...الخ ) يعتبر هو العقل الأول الذي يوجه عقلنا المفكر.
ثانياًـ لكي يحقق المعلم اتصالاً فاعلاً يجب أن يتقن فن الاستماع إلى طلابه، وذلك باستخدام تعابير الوجه وإيماءات الجسم وحركات اليدين، وتجنب الاستعجال أو المقاطعة لحديث الطالب ولو كان حديثه يخالف رأيه، وأن يسأل بعض الأسئلة التي تشجع الطالب على الحديث والمناقشة، وتساعده على توضيح نقاط أكثر في الحديث.
ثالثاًـ عملية الاتصال هي عملية مشاركة في: الآراء والمشاعر والاحتياجات...الخ وليست إلزاماً للآخرين وفرضاً، وهذا يدعو المعلم إلى تحاشي العبارات التقريرية في حديثه مع طلابه، فقل: " أعتقد أنك مخطئ" ولا تقل: " أنت مخطئ".
رابعاًـ أن يلاحظ المعلم سلوكيات الطالب وردود أفعاله أثناء الاتصال معه: طريقة كلامه، نظراته، تعبيرات وجهه، حركة جسمه، فإن هذا يدعوه إلى الاستمرار في الاتصال أو قطعه أو تغيير أسلوب الاتصال.
خامساًـ كل مكالمة ( هاتفية أو جوالية ) و رسالة جوالية أو بريدية أو إلكترونية يقوم بها المعلم مع شخص آخر في المدرسة تمنحه فرصة لتقوية اتصاله الإنساني معه.
سادساًـ أن يسيطر المعلم على مشاعره وانفعالاته، ويحافظ على هدوء أعصابه وألا يتسرع في إخراج العبارات، ذلك أن المعلم الذي يمتلكه الغضب تصل إليه المعاني الخاطئة قبل الكلمات.
سابعاًـ قد يجد المعلم نفسه يعمل مع أشخاص سلبيين، فالمهارة أن يتقبل العمل معهم دون أن يتأثر بهم، وأن يقلل من صراعاته الشخصية في المدرسة، وأن يقدم كسب القلوب على المواقف فإن ذلك يجعله إنساناًً يستحق التقدير من الجميع.
ثامناًـ قد يصدر من المعلم الخطأ ولا معصوم إلا من عصمه الله، فالواجب تصحيح أي خلل أو خطأ يحدث في علاقاتك مع الآخرين بأقرب فرصة وأسرع طريق، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
تاسعاًـ الفكاهة فن لا يتقنه إلا الناجحون في اتصالهم الإنساني وعلاقاتهم، لذا على المعلم أن يستخدم الفكاهة المناسبة في حينها ولا يكن دائم العبوس.
ليست هذه جميع مهارات الاتصال التربوي وإنما هي إشارات بسيطة إليها. ولا يمكن تحقيق الفائدة الكبرى منها بالقراءة فقط بل لابد من أن يتدرب المعلم ويدرّب نفسه على هذه المهارات لتحقيق ثمار الاتصال التربوي في مدارسنا.
وتتحقق نتائج مهارات الاتصال التربوي بتجنب المعوقات التي تعيق ذلك الاتصال أو تضعفه، ويقصد بمعوقات الاتصال التربوي جميع المؤثرات التي تؤثر سلباً أو تمنع عملية تبادل المعلومات أو المشاعر بين الطالب والمعلم أو تعطلها أو تؤخر وصولها أو تشوه معانيها، فهي تقلل من كفاءة وفاعلية الاتصال، وبالتالي تسهم في عدم وصول العملية التربوية والتعليمية إلى أهدافها المنشودة،
ومن أهم معوقات الاتصال التربوي ما يلي:
1ـ سوء أو توتر العلاقة بين طرفي عملية الاتصال: المعلم (المرسل) والطالب (المستقبل) وعدم توافر الثقة بينهما، فالعلاقات الإنسانية الإيجابية داخل المدرسة بين المعلم وطلابه تؤدي دوراً أساسياً في نجاح عملية الاتصال، فعندما تكون علاقة المعلم بطلابه علاقة طيبة وحميمة لا يشوبها شيء من التوتر أو الكراهية يحقق تأثيراً أعمق في نفوس طلابه، بخلاف المعلم الذي تكون علاقته بطلابه متوترة فمهما بذل فإن الاتصال بينهما يكون ضعيفاً.
2ـ عدم اختيار الوقت أو المكان المناسبين لإجراء الاتصال، إذ يجب أن يختار المعلم وقتاً مناسباً لإرسال رسالته إلى طلابه، وكلما كان الوقت أكثر مناسبة للمرسل والمستقبل فإن نتائج الاتصال تكون أكثر فاعلية، فإرسال الرسالة في وقت النشاط والحيوية ليس كإرسالها في وقت الكسل والخمول. أيضاً المكان له دور في تحقيق فاعلية الاتصال، فالفصل الدراسي ذو البيئة المتكاملة من جميع النواحي (التكييف، التهوية، الإنارة، السعة) تكون نتائج الاتصال فيه أكثر فاعلية.
3ـ اللفظية الزائدة، وتعني تلقي الطالب لعديد من الرسائل (المعلومات) في وقت قصير وبشكل متواصل مما يدفعه إلى الاهتمام ببعضها وإهمال الآخر، فعندما يقوم المعلم بإرسال سيل من المعلومات على هيئة كلمات وألفاظ إلى الطالب يصاب بالملل، وعدم القدرة على التركيز، ثم انقطاع الاتصال.
4ـ المواقف الطارئة التي تحدث أثناء عملية الاتصال الإنساني، مثل: دخول وخروج أحد أطراف الاتصال أو غيرهما من وإلى الصف الدراسي، وكانقطاع التيار الكهربائي أو سقوط طالب، وغيرها من المواقف التي تقطع الاتصال وتتطلب من المعلم إعادة الاتصال واسترجاع جزء مما سبق منه.
5ـ أن يكون هناك ضعف في أجهزة الإرسال أو الاستقبال للطالب أو المعلم، بمعنى أن يكون هناك ضعف في صوت المعلم أو الطالب أو ضعف في سمعهما ما يعيق وصول الصوت إلى أحدهما.
6ـ التشويش، وهو إما أن يكون خارجياً بسبب أصوات مزعجة خارج الصف الدراسي، مثل: أصوات الطائرات والسيارات والأصوات البشرية المرتفعة، وإما أن يكون تشويشاً داخلياً من الطلاب أنفسهم ينتج غالباً بسبب عدم قدرة المعلم على إدارة الصف.
7ـ الحالة الصحية والنفسية لطرفي الاتصال، فإذا كان أحد طرفي الاتصال (المعلم أو الطالب) مريضاً أو مرهقاً بدنياً أو كان قلقاً ومتوتراً فإن الاتصال بينهما يكون ضعيفاً أو معدوماً.
8ـ هناك معوقات أخرى للاتصال التربوي، مثل: التهكم والسخرية بين طرفي الاتصال، وشعور أحدهما بأن هناك أسئلة استدراجية، أو عدم رغبة أحد الأطرف في الاتصال، وشرود الذهن وأحلام اليقظة.
أخيراً: قد لا نستطيع تفادي جميع المعوقات وخصوصاً المعوقات الخارجة عن سيطرتنا، ولكن كلما قللنا منها كلما كان اتصالنا بطلابنا أكثر تفاعلاً وأطيب ثماراً وأحسن إنتاجية
منقول