كلام يشفي الغليل عن الدروس الخصوصية
بسم الله أما بعد ، يكثر دائما عن موضوع " الدروس الخصوصية " ( les cours ) انطلاقا من تجرنتي المهنيةالمتواضعة و عملي كأستاذ قديم جدا ( أكثر من 32 سنة ) و كذلك مما رأيته من زملائي ، أقول :
أولا: بالنسبة للأستاذ الذي يؤدي رسالته بتفان و إتقان و إخلاص و يعطي كل ما عنده ، أي يعصر خلاصة ما يملكه من علم و أخلاق ثم يكمل بقية الأعمال المنزلية ( تصحيح الكراريس ، تصحيح الواجبات و الوظائف الدورية ، تصحيح الفروض و الاختبارات الفصلية ، تحضير الدرس و المتبوع بإنجاز المذكرة التقنية ، ثم يختمها بتحضير المعدلات و صبها في أوراق خاصة تسلم للإدارة ثم ملأ الكشوف ...) و كل هذه إذا أتقنها و بشكل جيد و لا ننسى العمل التدريسي اليومي و المتابعة ...فإن قام و عمل هذه الأعمال التي وكلت له حسب المهام المنوط بها ، أقول إنه و أعيد فأقول فيعود إلى البيت منهك القوى الفكرية تعبان و متعب ( فشلان و مدقدق و..) حتى أنه لا يكاد يصل إلى البيت إلا بشق النفس يتمنى لو يوصله زميل أو صديق بسيارة ، و يريد شيئا واحدا الراحة و الراحة ثم الراحة و الهدوء لاسترجاع قواه الفكرية و العضلية داخل بيت ويفضل أن يكون وحيدا بدون ضجيج حتى من أقرب مقربيه الزوجة أو الأبناء، ، إن الأستاذ يبذل جهدا و طاقة عقلية فكرية هي أشد و أرهق من الجهد العضلي السريع الإستجاع بمجرد راحة بسيطة ( فالسؤال المطروح من أين لبعض الزملاء و ليس الكل من هذه الطاقة و القوة و المجهود بعد القيام بعمله في المؤسسة و البيت أن يزيد تدريس لا أقول فوجا و لكن ما نراه هو تدريس جحافل من الأفواج هذه تروح و الأخرى تغدو (خماصا و لا نراها بدانا للأسف ) هذا يا إخواني تساؤل و ليس تحامل علي أحد .
ثانيا: إن التدريس خارج أوقات العمل أو ما يسمى في عصرنا هذا الدروس الخصوصية ، كنا نحن جيل السبعينات ندرس ساعات إضافية قديما و عندما كان العلم علما و عندما كنا نقدس التدريس و للدراسة قيمة علمية و معنوية كنا ندرسها في حالتين ، هما: 1 - قبيل الامتحانات بأيام داخل المؤسسة التربوية ببرنامج محكم لكل التلاميذ و خاصة ضعاف المستوى مجانا أقول بالمجان ./ 2 - تعطى دروس خصوصية أخرى دائما قبيل الامتحانات الرسمية أقول قبل bac أو bem و تدرس إما في المراكز الثقافية و ما شابهها أو داخل المساجد تحت وصاية الشؤون الدينية و كانت بالمجان ،( و للتذكير كنا نتقاضى كأساتذة في تلك الأيام الخوالي مرتباتنا الرسمية من الدولة ما بين 1000 و 1500 دينار شهريا )و كانت كل الدروس الخصوصية في سبيل الله و ثم في سبيل العلم و التلاميذ الفقراء و حتى الأغنياء منهم ) و كنا في أسعد أيامنا و اليوم نلتقي بهم أي بأولئك الذين كنا ندرسهم و منهم الدكتور و منهم الطبيب و المهندس و..و.. فيعانقوننا عناقا عفويا برئا فنحس أنهم الآن دفعوا لنا أجرة و أتعاب تلك الأيام و الدروس الخصوصية و نلنا حقنا المعنوي أما المادي فربما كما يقول آبائنا ) (ربي يخلف عليكم ) و و الله قد تحقق هذا القول لمعظمنا ، أما اليوم فإننا لا نلوم من يدرس الدروس الخصوصية إذا كان يعطي أولا حق التلاميذ في المؤسسة الرسمية بشكل كامل و إن بقيت له طاقة فلما لا يستغلها في الدروس الخصوصية و يأخذ عليها حقه و الله هو الوحيد الذي يعلم و يرى و يسمع، أليس الله هو الخبير العليم بنوايانا ويكون الجزاء من جنس العمل أي إذا أعطينا الحق لأبناء الناس يعطينا الله في أولادنا و العكس إذا......... وهذه رؤيتي الشخصية و قناعة بعض ممن أعرف .
الخلاصة : لا ننكر على من يدرس الدروس الخصوصية و لا نبارك لهم أي نوافقهم و كل شخص مسؤول على نفسه هو أدرى و أعلم من بعد علم الله طبعا ، فالقضية فيها كل ألوان الآراء و المواقف وقد أكون أخطأت أو أصبت و تحياتنا للجميع